المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سلسلة بعنوان : الاله الجديد


ساحر القرن الأخير
02-27-2017, 11:50 PM
يسرني أن أقدم للزملاء الكرام رواد هذا المنتدى سلسلة تدور رحاها حول الاله الاسلامي , وهي بعنوان "الاله الجديد"
وتجدر الاشارة الى أن هذه السلسلة كتبت قبل أزيد من سنة , أي قبل أن أقوم بالتسجيل في هذا المنتدى المحترم
ستصدر السلسلة في أجزاء متعاقبة في موضوع موحد هو هذا الموضوع
أتمنى أن تكون ذات اضافة لهذا القسم ولهذا المنتدى
https://i1.wp.com/www.arageek.com/wp-content/uploads/fascism.jpg

ساحر القرن الأخير
02-28-2017, 12:07 AM
الجزء الأول :

صدق من قال أن الاغريق أطفال أزليون .انه لا نظير للعفوية التي يتميزون بها. لقد أوجدوا لأنفسهم ديانة وآلهة , لكن عبادتهم لها تختلف كثيرا عن عبادتنا للإله في الديانات الابراهيمية.لم يكونوا يتحرجون في ابداء سخطهم على آلهتهم و معاتبتها . ربما نكتشف يوما أن ما كنا نسميه اهانة في حق الآلهة والألوهية بصفة عامة, لم يكن سوى صراحة واحتجاج مظلوم .
أما نحن , الراشدون لا الأطفال ,فقد تعلمنا قواعد وأصول التعامل مع الله , ونزن الكلمة مائة مرة قبل أن نتحدث بها عنه . لقد استفدنا من الدروس السابقة, تجاوزنا مرحلة الطفولة تلك التي تميزت بالطيش واللعب . نحن الراشدون ,الخاضعون خضوعا لامشروطا ,الذين غلب عليهم التصنع والاختلاق والتحايل على الذات . كان الاغريق يخشعون للآلهة , يحترمونها ,يهابونها ,يقدمون لها القرابين, يلتجؤون اليها ساعات الشدة ويشكرونها على مساعدتها لهم ,تماما كما نفعل نحن . لكنهم كانوا يثورون عليها بين الحين والآخر , ويقفون شامخين وجها لوجه أمام آلهتهم ,وهذا ما لا نفعله نحن ولا نفكر فيه أصلا. يا لطيشهم!
ان المتأمل في علاقة الاغريقي باله ما سيجدها مختلفة عن أختها في الديانة الابراهيمية بامتياز.ذلك أن عنوانها هو اللااستقرار.
لقد صارت آلهة الاغريق التي تهان بذلك الشكل شيئا من الماضي ,وحل محلها الاله الذي ليس في امكان البشر أن يطالوه بإهانة .
ننظر الى تلك الآلهة الغابرة نظرة اشمئزاز , نراها تشويها وتلويثا لمفهوم الألوهية الأصلي والنقي : آلهة تأكل وتشرب وتتزاوج ؟؟ آلهة تتصارع مع البشر ويصل بها الأمر أحيانا حد الانهزام أمامهم ؟؟ هكذا نردد في سخرية . لقد اكتشفنا في الأخير أنها لم تكن أبدا فوقنا بالمعنى الحقيقي للكلمة , لذلك جمعناها في كيس بلاستيكي أسود ورميناها في مزبلة التاريخ الى الأبد .وما بقي منها سوى آثار خافتة هنا وهناك في ميدان الفنون والمآثر التاريخية , يأتي السياح ليلتقطوا صورا معها .لقد نزعنا صفة الألوهية عن هذه الآلهة بعد أن أثبتت عدم جدارتها بها , وقررنا وضعها في مكان آخر .
لم تكن آلهة اليونان وحدها التي تخلي عنها ,فحتى آلهة الشرق في آسيا وفي أفريقيا تراجعت شعبيتها بشكل كبير بعد أن هجرها جزء كبير من أتباعها, منها من انقرض نهائيا شأنه شأن آلهة الاغريق ليدرس في الفنون وعلم الأساطير وأخبار الشعوب القديمة, ومنها من بقيت له كمشة من الأتباع تواعده كل ليلة بطقوس سرية في عمق غابة استوائية أو من على قمة جبل , ومنها خلاف كل ما سبق من أثبت مقاومته وظل له أتباع كثر, وان كان قد فقد العديد منهم . كل هذه الآلهة القديمة داس عليها الاله الجديد القادم بقوة ,فسحق العديد منها وترك من بقي منها معطوبا وقد فقد الكثير من الدماء ."صوت صارخ في البرية , أعدوا طريق الرب ,اجعلوا سبله مستقيمة " .

لقد كانت قوته تتمثل أساسا في استفادته من أخطاء من سبقوه . أول ما يتميز به هذا الاله أنه يستفرد بكل السلطات ,في الوقت الذي كانت فيه آلهة الاغريق الساذجة تتقاسم الأدوار فيما بينها, وحتى لو كان بينهم اله مسيطر كزوس مثلا ,فانه يظل محتاجا للمعونة والتحالف مع آلهة أخرى و يضطر الى تقاسم السلطات معها .المثال على ذلك ما فعله مع اخوته بعد ازاحة أبيه كرونوس عن عرش العالم .أبدع الاغريق اذن ديموقراطية شعبية (على مستوى الشعب) و ربانية (على مستوى الآلهة ) . وان كان هذا التقسيم جعل النزاعات والثورات تندلع ضد الآلهة فيما بينها ,فقد كان لكل اله قدرة خاصة يمكنه بها خلق المتاعب للآلهة الأخرى ,حتى أقلهم حظوة .ويمكننا القول بأن هذه النقطة بالتحديد هي التي تسببت أساسا في انقراض آلهة الاغريق .ذلك أن هذا التقسيم للسلطات وهذه التعددية جعلتهم جميعا ضعفاء ,حتى زوس نفسه لم يكن قويا في واقع الأمر .
أما الاله الجديد فهو واحد , متفرد بالألوهية , جامع لكل السلطات بلا استثناء . وهو نفسه يؤكد على فكرة "التعدد = الصراع و الضعف" بقوله في القرآن :"لو كان فيهما آلهة الا الله لفسدتنا" .

يتبع

كولومبو
02-28-2017, 12:21 AM
تحياتى ساحر القرن رائع وجميل واصل
واسجل متابعتى .
وإذا أردت الرد عليك سأضعه فى شريط منفصل .حتى يظل الشريط كبحث أكاديمى يستفيد منه الأعضاء
تحياتى الغاليه .:9:

ساحر القرن الأخير
02-28-2017, 05:00 PM
الجزء الثاني :

http://idata.over-blog.com/0/17/71/72/copie-1-poseidon.gif

هنالك سبب آخر دفع الى انقراض تلك الآلهة , لا يقل أهمية عن السبب الأول : كشفت تلك الآلهة عن نفسها أمام الناس ,على خشبة مسرح الاغريق ,على اللوحات الفنية المرسومة , على المنحوتات الرخامية و في القصائد الملحمية ... فظهرت عيوبها بوضوح أمام الجميع ولا يقف الأمر عند مستوى الكشف عن نفسها , بل يتعداه الى مستوى التعري أمام الناس .
انني أرى في تعري آلهتهم الجسدي على اللوحات الفنية و منحوتات الرخام اشارة مدهشة الى تعر أعظم هو تعري الذات بكل خصائصها و نقاط ضعفها وقوتها. لم يكن بين الاغريق وآلهتهم حجاب. من رأى منا الاله الجديد ؟ لا أحد رأى حقيقته رؤية نفسية فبالأحرى عينية . ثم انه أخبرنا هو بنفسه أنه خارج الادراك الإنساني , فما ان تجلى الرب لموسى حتى خر هذا الأخير صعقا.
حتى تلك الخصائص التي يدعي تميزه بها لم نرها يوما عليه بشكل مباشر(رؤية نفسية فبالأحرى عينية) وظلت أمامنا منفصلة عنه : العالم بكل شيء, الأبدي, الجميل ,المطلق ,اللامادي ,وغيرها من الصفات تظل هنا والاله هناك, نحاول جاهدين الربط بينها وبينه وإسقاطها عليه بكل ما أوتينا من قوة . يحرص الاله الجديد أشد الحرص على الاخبار عن نفسه بدل الكشف عن نفسه . لم يرد تكرار خطأ من سبقوه ؟
من أسباب انقراض هذه الآلهة أيضا أنها منحت الحرية أكثر من اللازم للاغريق ,فلم تثقل كاهلهم بصلوات وبأدعية يكررونها صباح مساء .كانت الفرص التي يعبد فيها الآلهة قليلة وموسمية . لقد كانوا أقل تدينا منا بكثير , ومن يقول" تدين أقل" يقول بالضرورة ارتباط أقل بالآلهة وبالتالي درجة حرية أكبر .هذا القدر من الحرية جعل الانسان الاغريقي أكثر تجرؤا على الآلهة منا على الأٌقل ,ومنحه الوقت الكافي للتحديق في هذه الآلهة عن بعد . صحيح أن أبطال الاغريق هم من كانوا يبرزون بشكل واضح في هذا الصدد, لكن عامة الاغريق لم تكن تخفي اعجابها بهؤلاء الأبطال و تضامنها مع قضياهم النبيلة ,وكانت تتغنى بجرأتهم وشجاعتهم أمام الآلهة .
أما الاله الجديد فقد فرض علينا واجبات كثيفة تجاهه ملأت وقتنا و زادتنا ارتباطا به , بل انه روج بين صفوفنا فكرة مفادها أن الذي هو أشدنا ارتباطا به واستحضارا له هو الفائز السعيد, فكان ذلك المجال مجال تنافس بيننا... طوبى لمن تقرب الى ربه بالفرائض ثم بالنوافل .
الطابع التجريدي الذي يتميز به الاله الجديد عن الآلهة القديمة لم يجعله فقط متخفيا عن الناس غير ظاهر ,بل أيضا لغزا عجيبا لا يظفر به أحد ,وهذا في حد ذاته زاد من درجة الاعجاب والافتتان به ... كل مجهول بالنسبة الينا تحيطه هالة من الجلال.
كل ما يمكن أن يقال عن تلك الآلهة أنها لم تكن في الحقيقة تسكن السماء ,وان ادعى بعضها ذلك . لقد كانت مع البشر على هذه الأرض ,تعيش معهم و تشاركهم قضاياهم , صراعاتهم , حروبهم , أفراحهم وأحزانهم .ثم ان منهم من أعلن بصراحة أنه يسكن الأرض مثل بوزيدون الذي اتخذ من أعماق البحر سكنا له .
أما الاله الجديد فقد اتخذ السماء مسكنا له بحق , و عمل على عدم التناقض مع نفسه في هذا الصدد بأن بقي بعيدا عن صراعات البشر وحماقاتهم و آلامهم .واذا حصل و قرر التدخل في حرب من الحروب لصالح هذا الطرف أو ذاك فان تدخله يكون بدون توسيخ يده , اما بإرسال من ينفذ المهمة بدلا عنه من ملائكة و طير أبابيل ,أو يحصل تأثيره بشكل سحري بكلمة منه:" كن" فيكون , دون أن يزيده واقع الأرض أو ينقصه من شيء .
هل يسمى هذا مشاركة للبشر في تجاربهم الأرضية ؟؟ عرف الاله الجديد اذن كيف يسكن السماء بحق .ولقد كانت آلهة الاغريق ساذجة بحق .لكنها سذاجة تعكس البراءة ,براءة الاغريق الذين تصوروهم.

يتبع

ساحر القرن الأخير
02-28-2017, 09:23 PM
الجزء الثالث :

http://agoras.typepad.fr/.a/6a00d8341ce44553ef01b7c7efdb0a970b-600wi

لقد عبنا على الاغريق تصويرهم للآلهة على هيأتهم ,وادعينا أننا , خلافا لهم , نجرد الاله عن كل هيئة وننزهه عن التشبيه بالإنسان الناقص .اننا نكذب في ذلك , عن وعي أو عن غير وعي . ذلك أن كلمة الله نفسها تحيل بالنسبة لنا على ذات واعية عاقلة ,أي أنها تحيل على شخصية ,وليس لنا في أعماق نفسيتنا أية صورة للتشخص مخالفة لتلك التي نراها في الانسان ,أي تلك التي نرى بها ذواتنا . لنأخد خشبة المسرح مثالا في هذا الصدد : تعتليها شخصيات بأقنعة مختلفة , هذا يتقنع بوجه الفيل , وذاك بوجه الذئب , والآخر بوجه كائن فضائي , لكنني وأنا أنظر اليهم , لا أجد لا الفيل ولا الذئب ولا الكائن الفضائي... أجد الإنسان, الانسان وفقط ! ذلك أنهم مهما تقنعوا سيظلون شخصيات , و"الشخصية" و "الانسان" مترادفان بالنسبة لي أنا الانسان الذي لم يسبق له أن اطلع على هيئة تشخص مخالفة لتلك التي يوجد عليها .وحتى عندما أنظر الى القط أو الكلب أو الفيل في اواقع لا على خشبة المسرح , لا أستطيع منع نفسي من رؤية الانسان في تلك الكائنات.
كل محاولة لسلخ مفهوم الانسان عن مفهوم الشخصية هي الى الفشل ما دام الانسان في وضعه الوجودي الذي هو عليه الآن . نظرتنا الحسية التي تقع على العالم المادي أو نظرتنا الفكرية التي تقع على العالم التجريدي لا تخلو من الأنسنة .ما الذي يخطر في بالكم عندما تنظرون الى لوحة فنية تصور الطبيعة الراقصة ,الغاضبة ,أو المستكينة الهادئة ؟ كيف سيمكن لكم ادراك هذه الأعمال الفنية ان لم تستحضروا صورة الانسان الغاضب ,الراقص أو المستكين ؟ ذلك أن هذه الصفات انسانية محضة بالنسبة لنا. ان الفنان نفسه لم يكن ليوفق في رسم تلك اللوحات لو لم يكن في لا وعيه صورة مرجعية للغضب والرقص والسكون , ولا نعرف لهم صورا معاشة فعليا إلا عند الانسان.
حتى الحيوانات التي ننظر اليها في الغابة , نؤنسنها بشكل تلقائي ومباشر ,فحين نتصور الثور غاضبا نستحضر بشكل تلقائي صورة الانسان الغاضب...وحين نقف متأملين اللبؤة التي تداعب شبلها برفق وحنان ,تحظر في نفسيتنا صورة الأم تداعب طفلها.
خلاصة القول أن صورة الانسان هي المرجع الوحيد الذي نملكه . لهذا فالإغريق أو حتى الهنود ليسوا مذنبين في رؤية الآلهة على شاكلتهم .
ندعي تجريد الاله وعدم أنسنته فيؤول بنا الأمر الى شبح غير محدد الملامح فنقع في نفس الخطأ الذي عبناه عليهم. ذلك أن الشبح مهما بلغ في غموضه وتجرده ,لن يظهر لنا الا كشخصية في نهاية المطاف .انكم مدانون أيها الاغريق ,وذنبكم الوحيد هو :صدقكم مع ذواتكم الذي تمثل في هذه الأنسنة المعلنة .جاء بعدكم بشر حاربوا الأنسنة بشدة, استطاعوا القضاء عليها في عالم الظواهر , لكنها ما تزال حاضرة في نفسيتهم و لاوعيهم .
يتبع

ساحر القرن الأخير
03-01-2017, 11:13 PM
الجزء الرابع :

http://ekladata.com/2TDUXsj1Dgv_crl60cUN8q9Sp1o.jpg
صورة من أحد مخيمات الاعتقال النازية (جهنم الفوهرر)

ان من يقارن بين الديانات التوحيدية , وعلى رأسها الاسلام من جهة , والأنظمة الشمولية من جهة ثانية , سيجد نقاط تشابه متعددة . " أنا من يعرف كل شيء, أنا من يملك الحكمة كلها , أنا القادر على كل شيء , كلكم ملك لي , مصيركم بين يدي وحدي , أنتم أمامي لا متناهون في الصغر وأنا أمامكم لا متناه في الكبر , عليكم أن تنفدوا أوامري بالحرف الواحد وتجتنبوا ما أنهى عنه , كل زفرة تقومون بها , كل خاطرة تخطر ببالكم , كل نية مبيتة من طرفكم أعرفها مسبق , كل ورقة أو حبة تسقط في ظلمات البر و البحر الا وسبق علمها عندي. توجهوا الي وحدي , لا لأحد غيري , أنا مآلكم ومنتهاكم " . لمن هذا الخطاب يا ترى ؟ قد يكون لموسوليني , أو لهتر , أو لستالين , كما وقد يكون للإله الجديد , اله الديانات التوحيدية . انه خطاب تسلطي بامتياز , ينفي امكانية وجود فعلي للآخر إلا بوصفه عبدا : "لا وجود إلا للعباد , و لي طبعا . فلينحني لي الجميع . فليحييني الجميع . فليخشع لي الجميع . فليخف من بطشي الجميع . ". وبعد كل هذا لا بد للقائد الروحي أن يتصالح مع قطيعه بعد أن يدين له هذا الأخير فيقول في لطف : " فليحبني الجميع " .لكنه حب بلغ أقصى درجات الجنون , اذ ينبغي على المحب فيه أن يحب محبوبه ذاك , القائد , حبا أشد من حبه لأي شيء ,أشد من حبه لنفسه ولأبويه ولأبناءه ولأي شيء آخر في هذا العالم , بحيث يصير من الممكن التضحية بهم جميعا , دفعة واحدة أو على دفعات , في سبيل القائد , الفوهرر .
" لن يؤمن أحدكم بقضيتنا العادلة , ألمانيا , إلا بعد أن أكون أحب اليه من أمه وأبيه ونفسه ". لا شك أن الفوهرر قالها يوما ما جهرا أو سرا .
أما أولئك الذين يتكبرون عن الخضوع للقائد – عن عبادة الاله الجديد- من يتكبرون عن عبادته ,فينالون العذاب الشديد ويطردون من دائرة الرحمة , ويتم التنكيل بهم حتى يرضخوا للأمر الواقع ويعترفوا بحقارتهم , ولن يكف عنهم العذاب ولن يغفر لهم ولو توسلوا و جاءوا بملء الأرض ذهبا ليفتدوا به , بكل بساطة لأن الأوان قد فات , ولأن الخطيئة المرتكبة (أي التكبر عن العبادة أو لنقل عن تقمص دور العبد ) هي أم الخطايا وأكبر الكبائر , لقد ألحقت بالفوهرر (الاله الجديد) ضررا معنويا خطيرا , وجرحت كبرياءه جرحا عميقا , لقد طعنت في رتبته الوجودية كسيد مطلق , فما كان له من سبيل للانتقام من هذا الضرر إلا بعذاب أبدي للمتسبب فيه .
شأنه شأن كل الأنظمة الشمولية , بطش النظام الشمولي للاله الجديد لا يطال فقط الذين يقولون "لا", بل حتى أولئك الذين يقولون "نعم" , أي أكثر المخلصين والأوفياء للزعيم. كم من مرة وجد هتلر أو ستالين نفسه ملزمين بالتضحية بأقرب المقربين اليهما , لا لشيء إلا لأنه تقرر أن يلعب أولئك الأقرباء دور الضحية , تقرر أن يموتوا , "قدر عليهم" ذلك بطريقة ما , امتحان أخير ليؤكدوا اخلاصهم الأبدي للفوهرر . وبالمثل فان الاله الجديد لا يترك المخلصين ينعمون في حياة سعيدة خالية من المصائب , بل يبلوهم بالشرور ليمتحن ايمانهم به كقائد, و في الأخير , كلهم مطالبون بالموت , وعليهم أن يتقبلوا هذا المصير المحتوم - تماما كما تقبله المخلصون لهتلر وستالين – كل ذلك مقدم في طابق اسمه : القضاء والقدر . وعندما يتساءل المؤمن : لماذا يحصل لي هذا كله, ولماذا قدر علي هذا كله ؟ لماذا ينبغي أن أعاني , أن أتعذب , ثم أموت ؟ عندما يسأل مثل هذه الأسئلة تكون الاجابة سريعة : ارادة الله في خلقه , ارادة ستالين في شعبه , ولا بد من الخضوع لهذه الارادة الشخصية التي تمتد على العالم , وإلا فالعقوبة وخيمة : مخيمات اعتقال جماعية تلعب دور الجحيم في عالم الاله الجديد .

يتبع

كولومبو
03-02-2017, 12:53 AM
تحياتى ساحر رائع جدا
https://www.il7ad.org/vb/showthread.php?t=10139
هذا رابط التعقيب على هذه السلسله من مقالات الإله الجديد
وقد وضعت لك مداخله
و تحياتى لك مره أخرى على هذه السلسله الرائعه :9:

ساحر القرن الأخير
03-02-2017, 01:24 AM
تحياتى ساحر رائع جدا
https://www.il7ad.org/vb/showthread.php?t=10139
هذا رابط التعقيب على هذه السلسله من مقالات الإله الجديد
وقد وضعت لك مداخله
و تحياتى لك مره أخرى على هذه السلسله الرائعه :9:

شكرا زميلي كولومبو
تشرفني متابعتك ومتابعة الزملاء
وكلي شوق لسماع تعقيباتكم في الموضوع الذي تفضلتَ بانشاءه مشكورا
دونت الكتاب الذي اقترحته علي وسأقرؤه في أقرب فرصة
تحياتي
:17:

ساحر القرن الأخير
03-02-2017, 09:51 PM
الجزء الخامس :

http://www.maxforums.net/uploaded/20467/1219006017.jpg

"لا حاجة لأن يحتج أحد المحكوم عليهم يوم الحساب , بكل بساطة لأن الله لا يظلم أحدا مثقال ذرة , فاحتجاجه ذاك سيكون مضيعة للوقت لا غير" . أقسم أن هذا ما كان يقوله أنصار هتلر وموسوليني وستالين عن زعمائهم كلما احتج الناس عليهم . على الأقل في هذه الأنظمة الشمولية الدنيوية , و رغم القمع الشديد , كان المعارضون يستطيعون الانفلات من قبضة الصمت المحكمة بين الفينة والأخرى وقول ما يريدون الى حين . أما في النظام الشمولي الالهي , فان الصمت المطلق هو السائد , لا أحد يستطيع النطق بكلمة , لسنا ندري كيف سيتحقق ذلك ... ربما بمجرد ما يريد الانسان الكلام يجد لسانه مشلولا لا يطاوعه , أو تعقد الألسنة في الأفواه , وبحركة سحرية من الله , تتحرر ألسنة من يؤذن لهم بالكلام ... لسنا ندري كيف, ففي النهاية , لا يحتاج الاله الجديد الى طرق أو وسائل لتحقيق غاياته , يكفيه ن يقول قول :"كن" فيكون .هذا الأمر شبيه الى حد ما بقدرة الزعماء الشموليين, فكلمة من فمهم تكفي لهدم مدن بكاملها وقطع رقاب شعب بأطفاله ونسائه , كلمة واحدة فقط . لكن تلك الكلمة أمر بشري قد يواجه بالعصيان , أو بحيلة أو مكيدة تمنع تحققه , وان كان هذا مستبعدا وضعيف الاحتمال لكنه حصل مرات عديدة , الأمر الذي –نظريا- لا يمكن ان يقع بالنسبة لكلمة الاله و أمره الذي يتحقق لا محالة : انها قمة الشمولية , وأمامها يقف المرء عاجزا , لا يملك من أمره شيئا , الأمر كله لله , يقص الحق , وهو خير الحاكمين . هذه الشمولية الالهية تقول لك مرددة : " اننا نتحكم في الماضي والحاضر والمستقبل ببساطة , في البر والبحر والفضاء, في الشجر والحيوان والحجر " . انها شمولية زمانية و مكانية , شمولية بالمعنى الحرفي للكلمة , شمولية تشمل كل شيء ... أجل كل شيء . ومن هنا سنكتشف أنه لم يوجد يوما نظام شمولي- بالمعنى الحقيقي للكلمة- على سطح الأرض , وكل الأنظمة التي ادعت الشمولية لنفسها , كان هنالك شيء من ذلك "الكل شيء" ليس تحت يدها , ناهيك عن أنها لم تنل الشمولية المكانية ولا الزمانية , فامتدادها الجغرافي كان محصورا, كما هو الشأن بالنسبة لامتدادها الزماني في التاريخ .
ليس هنالك سوى نظام شمولي حقيقي واحد : نظام الاله الجديد في هذا الكون : كان و ما يزال وسيبقى . ماذا بقي لنا نحن ؟ الانسحاق أو التفجير الذاتي أمام هذه القوة المطلقة . ذلك أنه لا أمل , لا مجال لتغيير هذا القدر المقدر. انه قدر فوق الجميع , ولا يملك أحد تغييره . ينبغي التعايش معه, مع الحقيقة , أو الانصراف فورا. المشكلة أنه لا مفر من هذا الفوهرر حتى عند اختيار الموت , لأن الموت بدوره سيقذفك في أحضانه من جديد . لا مفر ! بالمعنى المطلق للكلمة . أنت اذن محاصر من كل جهة ... لا وجود حتى لثقب صغير في جدران هذه الزنزانة...تقول لخزنة الاله الجديد : "بالله عليكم أعدموني " وتقول لله : " بك عليك أعدمني " فيجيب وعلى وجهه ابتسامة ساخرة : " أمامك خيار واحد ووحيد , واحد ووحيد , أن تركع " . كيف تستغربون اذن من هؤلاء الملايير الذين قرروا الركوع ؟؟؟ أمام كل نظام شمولي , كثيرون منهم سيستعصمون , لكن ليس أمام هذا النظام الشمولي , بكل بساطة لأنه ينفي امكانية وجود أي مخرج !
هكذا قرر الجميع الركوع , في مشهد مهيب , أمام الاله الجديد , الذي انتفخ أكثر فأكثر وهو يشاهد الكل ينحنون له في ايقاع موحد , و تحققت ذاته تحققا وجوديا مذهلا , وشعر بها فعليا عبر طرحه السؤال التالي : "لمن يركع هذا الحشد الغفير ؟ لمن ؟ من الذي يستحق كل هذا التبجيل و الخضوع ؟ التفت يمينا ويسارا فلم يجد أي اله يزاحمه – لقد قضى على جميع الآلهة منذ زمن ليس بالهين– فاستنتج أنهم يركعون له وتيقن من ذلك تيقنا مطلقا . انها " الأنا " الالهية وهي تعيش أجمل لحظاتها , قمة اللذة والانتشاء بالنسبة لها , ماذا بقي ؟ أن تزأر قائلة : "لمن الملك اليوم ؟ لمن الملك اليوم ؟" فيرد الجميع في تناغم :" لك ,لك أيها الاله " .
تلك هي اللحظة التي خلق لها الجميع , لهذا المشهد خلق البشر و أعدت العدة ...لأجل هذه اللحظة ....

يتبع

ساحر القرن الأخير
03-03-2017, 03:10 PM
الجزء السادس :

http://fpnp.net/uploads/albums/news/1443952430.jpg
عندما تندلع انتفاضة العبد على السيد ...تشعل النيران في كل مكان

لكن مهلا , ها هو أحد الراكعين يرفع رأسه , ثم تلاه آخر , وآخر , وآخر ... نظر اليهم الاله الجديد بنظرة يتطاير منها الغضب و الوعيد . انهم يفسدون المشهد المهيب , بالرغم من أنهم قلة قليلة . انهم يصرخون قائلين : " الويل لك منا , لن نركع بعد اليوم , سنحارب , سنتعارك , لن تسلم بعد اليوم من مجانيقنا ... أقبل ان كنت تقوى على العراك , أظهر نفسك". صراخهم يذوب في تسونامي التكبير والتسبيح والحمد الذي يساهم فيه الملايير ,لذلك لم يسمعه أحد , ومن سمعه منهم لم يعره اهتماما . لكنهم هناك , يخططون للطريقة التي سيلحقون بها الاله الجديد بمن سبقوه الى مقبرة الآلهة.

الاله الجديد, وان أبدى غضبا و عداوة لهم فانه لم يتفاجئ أبدا بتصرفهم ذاك , وأغلب الظن أنه كان يتوقعه بل و يريده , أليس هو نفسه يقول : " فلو شاء لهداكم أجمعين " ؟ ان الاله , ككل سيد , لا يروقه ركوع العبد الى الأبد , لأن ذلك يجعله سيدا أمام الفراغ . يريد السيد أن يبرهن هذا العبد على أنه ما يزال موجودا , وبالتالي على أنه ما يزال عبدا ,وهكذا يستمر السيد في أن يكون سيدا . على العبد أن ينتفض وتقمع انتفاضته باستمرار ليستمر السيد سيدا.
الخضوع , التسليم , العبودية , التذلل , الانسحاق , الركوع ... كلها كلمات تنتمي الى معجم أسود قبيح عندما يتعلق الأمر بالعلاقات بين البشر. تلك الكلمات, وهي تسقط على مسامع الانسان الحر منا , تثير غضبه و حفيظته , ويثور عليها قبل أن يعيشها حتى , تنطلق ارادته الحرة مدوية في الأفق تصرخ ضدها . لكن بمجرد ما يدخل الاله على الخط , تتلون تلك الكلمات بأحلى الألوان وتصير مقبولة , بل ومطلوبة في ذاتها ... تصير مجالات للتنافس بين الناس : من يستطيع أن يكون أكثر الناس عبودية , من يستطيع أن يكون أكثرهم تذللا و انسحاقا وخضوعا ... من يستطيع أن يكون العبد رقم 1 ؟ وكأن تلك الكلمات تعرضت لنوع من الترويض , تلك الوحوش الشريرة قلمت أظافرها و انتزعت أنيابها لتصير كائنات لطيفة و جميلة نمسح على رأسها ونداعبها بعد أن كنا نرتعب ونشمئز منها . ما سبب هذه الطفرة يا ترى ؟ هذا التغير في النظرة الى نفس اللفظ بمقدار 180 درجة ؟ انه الشعور بالفضل , بفضل الله عليك , الله الذي منحك الوجود , الذي منحك الكرامة التي تتبجح بها أيها الأحمق , الذي منحك انسانيتك التي تبذل كل جهدك لصونها . هذا الشعور بالفضل العظيم يدفع الانسان الى قول ما يلي : " أنى لي الحديث عن كرامة أمام من منحني اياها ؟؟" فلا يجد بدا من الركوع ثم السجود مرددا : "العبودية لك يا الهي هي مطلق التحرر, التحرر من الشهوات , من الناس , من الذات...". يا لها من محاولة للاستساغة هذه العبودية ! يا له من احتيال مفضوح ...انه بحق اعتراف ينبع من موقف ضعف و وهن , اعتراف بالفضل يخرج في ساعة احساس بالنقص والاحتياج الأزلي لهذا الاله .
لكن , بمجرد ما يطرح الانسان هذا السؤال ينهار الصنم الذي تم نصبه بسرعة البرق : " هذا الاله الذي أوجدني بملء ارادته , لماذا يطالبني بحقوق له علي ؟ هل استشارني أصلا في أن أوجد أو لا أوجد ؟ ان كان قد أوجدني فليتحمل المسؤولية كاملة , و كل نعمه تلك ليست الا واجبات لا يملك حق المن بها علي ولا أجد أنه من الواجب علي شكره عليها . ان العبودية تظل عبودية , أكانت للبشر أم للآلهة أم للأبالسة , وستعني دائما علاقة غير متكافئة تعلي من شأن طرف على حساب الطرف الآخر الذي سيجد نفسه ملزما باحتقار نفسه و انكارها جزئيا أو كليا. وحتى ان أنكرها جزئيا فقط فلن يحتفظ إلا بالجزء من ذاته أو بالأجزاء التي يرغب بها الطرف الآخر . أتسمون هذا وجودا فعليا ؟؟ أن توجد لأجل الآخر ؟ أليس مانح الحرية هو أول طرف ينبغي له تغديتها و تعزيزها عوض حدها و قضم جزء كبير منها ؟
هذا الاله يقول لكم بالحرف الواحد : " أيها البشر , كونوا أحرارا أمام بعضكم البعض , لكن ليس أمامي " . لقد أعطى للبشر عطية عظيمة بحق : أعطاهم حرية و نآى بنفسه عنها .هكذا هو شأن الأسياد دائما عبر التاريخ, فما من سيد قال لعبد له:" كن عبدا لعبد آخرغيري أنا" فذلك سيخلق سيدا آخر بجانبه يزاحمه على سيادته. على العبيد أن يبقوا أحرارا فيما بينهم كي لا يصعد سادة جدد يزاحمون السيد الأكبر والأول . السيد الضامن لحرية العبيد : يالها من فكرة مضحكة ! الاله جالس على عرشه مرتاح في سلام أبدي والعبيد أحرار : من يمكنه تصور وضعية أفضل من هذه ؟؟

يتبع ...

ساحر القرن الأخير
03-05-2017, 01:09 AM
الجزء السابع :

https://beautyy.org/wp-content/uploads/2016/08/20160816-57.jpg

وقف مشرع أمام الناس من على منصته قائلا :" أيها الناس , انكم أحرار ,ولا وجود حقيقي لكم بلا حرية , عليكم أن تدافعوا عنها بالغالي والنفيس, ولا تسمحوا لشخص أن يستعبدكم !" . لكن شخصا من الحاضرين باغته قائلا : " أتعلم أن الحرية التي تتحدث عنها ستعطيني الحق في انتقاد تصرفاتك وأقوالك أيها المشرع , والسخرية منها ان رأيت فيها داعيا لذلك ؟"
امتقع وجه المشرع و بدأ يتمتم ,ثم قال : "كيف خولت لك نفسك أن تقحمني في الموضوع ؟؟ أنا بعيد عن كل هذا ! أنا هو المشرع وينبغي أن أكون فوق الجميع ". انهار الحاضرون من الضحك وانصرفوا من أمامه بعد أن رموه بحبات الطماطم !!
احذروا أيها الذين أعلنتم الحرب على الاله الجديد , انه متمرس في الدخول من النافدة بعد أن يطرد من الباب . وأعظم سلاح أراه ضده هو عدم الكف عن لعنه. وحتى اذا وجدتم يوما أنفسكم مرغمين داخليا على ابداء الاعجاب به و بقوته , فأبدوا اعجابكم داخل نطاق اللعن , ذلك وحده الكفيل بإبقائكم خارج مستنقع العبادة.

ليس من السهل أبدا تدمير أزيد من ألفي سنة اشتغلت فيها الديانات التوحيدية ليل نهار لإرساء تصوراتها بكل الطرق ,المشروعة (ابداء الرأي و نشر التصورات بشكل سلمي ) وغير المشروعة (العنف , التخويف والإغراء). في كل بقعة من هذا العالم , تم الاشهار لمفهوم الاله الجديد , الاله الذي لا يرى , الواحد الأحد , اللطيف المحب , لكن الشرس والقاسي أيضا .انه عمل جبار قام به رجال الدين حقا . اذا كان الفلاسفة يأتون ويلقون كلمة ثم يذهبون , فان رجال الدين لا يلقون الكلام ثم يذهبون , بل يلقونه ويحرصون على تحقق محتواه بين العامة بكل الوسائل ,وهم في أتم الجهوزية للتدخل في كل مرة لتدارك الأمور عندما تخرج عن الطريق الذي سطروه لها . انها امبراطورية عالمية بحق , امبراطورية الدين أو امبراطورية رجال الدين, أخطبوط يلف العالم بأطرافه . لقد نشأت امبراطوريات عظيمة خاصة في العالم المعاصر لمضاهاة هذا الشبح (الماسونية , الصهيونية , ...) وردعه , لكنها لم تبلغ حجمه لحد الآن , ولا يزال هو المنتصر .الناس يزدادون تعلقا بشكل مهول بهذا الاله الجديد يوما بعد يوم , و الذي ما ينفك يظهر بأبهى الحلل أمامهم , ومستويات التدين تحقق أرقاما قياسية . صحيح أن الالحاد يعرف أيضا صعودا ملحوظا في الآونة الأخيرة , لكنه يبقى بعيدا كل البعد عن مضاهاة ظاهرة الايمان في نفوذها.
أيها الاله الجديد ,لقد أثبت قوتك بحق . ان من ينظر الى ملكوتك على الأرض لا يجد فيه شيئا يوحي باندثارك قريبا , بل كل المؤشرات تزف لك الحياة الطويلة على هذا الكوكب, الحياة الأبدية : أنت خالد . فحتى بعد أن يسقط الجميع أعلامك من أمام أنظارهم , ستظل في مخيلتهم , ذكرى من وقت مضى , ذكرى لمحارب عنيد صمد أمام الضربات المتتالية , ذكرى لذات حملتها البشرية كل أحلامها خاصة حلم الحياة الأبدية وحلم الحياة السعيدة و حلم العدالة والحق . ستكون مثيرا لحنين الكثيرين حتى من صفوف أعدائك. أعدك أيها الاله أننا لن ننساك , و أن ذكراك ستظل حاضرة في أذهاننا . ستظل أيضا ذك الشبح الذي لم يبرع أحد مثله قط في الترهيب والتخويف , كلما تذكرناه اقشعرت جلودنا ورأينا كوابيس في أحلامنا . الظاهر أن الكثيرين استبقوا موتك , فأسسوا لأخلاق جديدة و لقيم من نوع آخر , و وضعوا للبشرية مشاريع بعيدة كل البعد عن طريق الجنة , لكنك قوي , وقوتك تظهر كما تقول عن نفسك : لا متناهية . أما آن لك أن تتوارى عن الأنظار ؟ أما سئمت من الساحة الوجودية ؟ ألا تريد أن تفسح المجال لآلهة أخرى ؟

يتبع

ساحر القرن الأخير
03-06-2017, 01:19 AM
الجزء الثامن :

https://encrypted-tbn0.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcTNuCOxMMeVMjK1987eo7BpHOqL-XrAN8FlPnHp5vfkkQAxzslo

ماذا يقول لنا الاله الجديد بخصوص المعاناة في هذا العالم ؟ انه يقول لهم بالضبط ما يلي : " قد اقتضتها إرادتي,عليكم أن تتقبلوا هذه المعاناة , وبذلك تكونون قد تقبلتم ارادتي . انها امتحان لمدى ارتباطكم وإيمانكم بي ".لم يرد الله لهذا العالم السعادة والتناغم والهداية , والدليل على ذلك أنه لو كان قد أراد ذلك لحصل فعلا , فإما أن يريد ذلك فيحصل , أو لا يريده فلا يحصل . ان من يحاولون تبرير الشر على وجه الأرض يلجأون الى الفكرة القائلة بأن من أعظم الشرور يخرج الخير على الناس , وبأن شر البركان مثلا يخصب , بفضل الحمم المقذوفة من البازلت , العديد من الأراضي فتنبت نباتات ما كانت لتنبت في السابق , وبأن الغازات المنبعثة من جوفه تنفس عن باطن الأرض المحتقن كالقنبلة الموقوتة , فيجنبنا ذلك انفجار الكوكب كله...هكذا يقول أتباع الدكتور مصطفى محمود . والحال أن كل هذا صحيح ما فيه شك , وكل هذا يدخل في اطار جدلية هيجل التي تقول بأن الأشياء تتولد عن أضدادها , بما في ذلك مفهوما الخير والشر . وخلاصة القول ان الشر ليس شيئا يمكن تبريره فقط , بل ينبغي الاعتراف له بالضرورة الوجودية .
ليست لدي أية مشكلة مع الشر في حد ذاته , المشكلة كل المشكلة هي في نظرة الاله الجديد لهذا الشر . انه يرى فيه تارة تحققا لإرادته أي ارضاء محضا له , وتارة أخرى امتحانا لمن يفترض بهم ارضاؤه ("ونبلوكم بالخير والشر فتنة"). الشر مقرون عند هذا الاله بغاية الرضى : كل ما في الأمر أن هنالك ارادة أرادت ما حصل فحصل ,وهو يحصل , وسيحصل . أين تعايش المتناقضات من كل هذا ؟
يغرد الله بعيدا عن سرب الفلاسفة , ما يضطر البعض منهم الى تكبد العناء للالتحاق به حيث هو . ان قول جملة : " الشر ضروري في هذا العالم " مقبول أو على الأقل يمكن مناقشته , أما قول أن " الشر ارادة الهية ( أو ارادة كائن من كان )" فقول لا يمكن أبدا أن يقبله الانسان , وحتى لو قيل أن تلك الارادة مرفقة بحكمة فليس ذلك مقنعا ما لم تتضح الحكمة من لسان صاحبها لا من لسان المحامين عنه .
كأننا نحن البشر نقبل أن نعاني اذا كانت المعاناة ليست من مسؤولية أحد وليست مرادة من طرف أحد .

كل شيء كان معروفا بشكل مسبق عند هذا الاله بل وحتى عند ملائكته التي قالت : "كيف تجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء " فكان الجواب العظيم منه الذي لا بد و أن يكرره على مسامعنا – نحن المحتجون على ارادة الله – أنصاره المخلصون : " اني أعلم ما لا تعلمون " . أمام هذا الجواب , يقفون خاشعين و تغطي أنفسهم حالة من الرضى الذي ليس بعده رضى : "لا شك أن لله أسبابه التي لا نعلمها نحن الجهلة , فلم القلق ولم الاحتجاج ؟؟ " هكذا يقولون . ونحن نقول أن هذا ,مرة أخرى, جواب الأنظمة الشمولية التي تقول أنها تعرف دون أن تقول ما تعرف , وتدعي الحكمة دون الكشف عنها وعلى الجميع أن يصدقها في ذلك . ما الذي يمنع الاله من البوح بأسبابه كلما طلب منه ذلك ؟ . عصر الآلهة التي تكشف أسبابها قد ولى .
هنالك خياران : اما أنه يعلم أنها مثيرة للضحك والسخرية , أو لأن عقولنا لا تقوى على استيعابها حاليا , فكيف لعقول الفئران أن تستوعب مبرهنات البشر الرياضية المعقدة مثلا ؟؟ الخيار الثاني هو الأرجح اذا ما تأملنا خطاب هذا الاله الحكيم , فهو في كل مرة يذكرنا بقصور عقولنا عن فهمه والإحاطة به : "ويسألونك عن الروح , قل الروح من أمر ربي , وما أوتيتم من العلم إلا قليلا" .
ألم تفهموا بعد أيها البشر الحمقى الذين تطالبون الله بتوضيح أسبابه بأنه "لا يسأل عما يفعل وهم يسألون "( جملة مقتبسة من كتاب مقدس لنظام شمولي ) ,ألم تفهموا بعد أن ذلك انما جعل لمصلحتكم و أن كشفه عن سبب واحد من أسبابه- المخبأة لحد الآن- سيجعلكم تضربون رؤوسكم مع الجدران و تهرولون في كل الاتجاهات , و قد يصل بكم الأمر الى الارتماء على الأرض واللف حول أنفسكم بعد أن تفقدوا صوابكم وتصابوا بالجنون جراء سماعكم لأسبابه و تفسيراته التي لا تقوى على سماعها العقول البشرية الصغيرة ؟؟ العقل المطلق يخاطبكم .

يتبع

ساحر القرن الأخير
03-08-2017, 12:22 AM
الجزء التاسع :

اذا لم تكن التفسيرات بأيدينا , فليس أمامنا سوى التخمين:

-لعل الاله سئم من تلك المخلوقات التي لا تبرع في شيئا غير قول "نعم " (الملائكة ) والتي أحاط نفسه بها لمدة هي وحدها ,سئم من السلام السائد حوله في هذا العالم و من النظام الكامل الذي أرسى صمتا كليا على أركانه , فأراد أن يكسر ذلك الروتين فأتى بمخلوقات ( هي نحن , المساكين ) مبرمجة مسبقا على الأقل على امكانية قول" لا" ويعلم يقينا أنها ستقول "لا" , وستخلق شيئا من الفوضى يكسر النظام القاتل , شيئا من الصراخ يمزق الصمت , حروبا تنهي عهد السلام الطويل . من خلال هذه الفرضية تكون وظيفتنا الأولية والأساسية كبشر في هذا الوجود هي افتعال قدر كاف من الفوضى لكسر الروتين الذي أصاب الاله , شيء من التسلية : لقد جئنا لنسلي الاله الذي بدأ يشعر بالملل. المشكلة في هذه الفرضية أن كل الفوضى التي افتعلناها, الله هو مفتعلها الأصلي والحقيقي, فهي كانت في داخله(كرغبة) , وتقيأها على شكل مخلوقات فوضاوية كثيرة و مختلفة بعضها عن بعض , تلك المخلوقات طبعا هي نحن . العملية في الاصطلاح يطلق عليها اسم "الخلق" , لكنني فضلت استعمال كملة "التقيؤ" بالنظر الى الطابع الفوضوي التي خرجت به هذه المخلوقات منذ البداية و من المصدر . ثم ان المتأمل في النوع البشري و حماقاته و جنونه و صورته المقززة (في هذه الفرضية ) سيقسم أنه لم يخرج إلا عبر عملية تقيؤ.

-لعل الاله كان في خضم تجريب كل الامكانات المتاحة أمامه : كالاستلقاء والإنصات لوحده الى الفراغ الشامل من حوله , أو الانتحار , أو خلق آلهة أخرى تكون مساوية له ... ومن بين ما جربه خلق غبار وغازات بمختلف الألوان تضم الهيدروجين كعنصر أساسي . كذلك جرب خلق كائنات تشع بالبياض ولها أجنحة , و كائنات تشع بالحمرة ولها قرون , ثم كائنات تمشي على اثنين ولها رأس كبير , ثم جرب خلق تلك التي تمشي على أربع أو تزحف , وهكذا ... مثل الفنان الجالس أمام لوحته يجرب كل الامكانات والأشكال المتاحة أمامه في حماس , ويزداد حماسه عندما يستحضر في ذهنه أن كل ما جربه لحد الآن – على كثرته - ليس سوى جزء صغير من ملايير الامكانات المتاحة الواعدة والخصبة . أو لنقل مثل طفل يلعب بكل بساطة . وهنا عندما نسأل الاله عن أسبابه سيجيب ببساطة : " انني ألعب" .

ان المعارض للديانات الثائر عليها , يجد نفسه أمام ثلاثة خيارات:
اما أن يرفض الايمان بكل فكرة الهية , لأن كل الآلهة عبر العصور , متوجة بالإله الجديد , قد أثبتت قبحها , ولأن فكرة الألوهية في حد ذاتها - على المستوى النظري- تعتبر اهانة للبشر. أو يقطع مع كل أصناف الآلهة و يشرع في بناء الهه الخاص حسب المعايير التي اختارها هو له , أي التوصل الى اله " مستحق للألوهية " , اله حقيقي (موجود أو غير موجود , لا يهم ) يكون مثيرا للإعجاب والاحترام . أو يلزم الحياد فلا يثبت ولا ينفي امكانية وجود اله من الآلهة , لكن مع ضربه كل مفاهيم الألوهية المطروحة لحد الآن عرض الحائط .

قد يغفر البشر للإله الجديد كل أخطائه , لكنهم لن يغفروا له أبدا احتقاره لهم . ان كان الانسان من صنع الله , فان الله قد صنع مدمره بنفسه , وبذلك يكون هو مدمر نفسه بنفسه : منتحرا.
قال الانسان لملوك العصر الوسيط في أوربا :لا ! قال للنبلاء الذين يستعبدون الناس ولرجال الدين : لا ! قال للبورجوازيين المتعسفين : لا ! قال لكل سيد على وجه هذه الكرة الأرضية : لا! فهل سيظل دوما يقول للإله : نعم ؟ على السلسلة أن تكتمل , وعلى الانسان أن يخرج من هذا التناقض ويحقق المصالحة والتطابق مع ذاته , ويحققها فعليا في هذا الوجود .

يتبع...

أفلاطون
03-09-2017, 01:20 AM
الله كلتا يديه يمين

ساحر القرن الأخير
03-14-2017, 12:28 AM
الجزء العاشر :

https://encrypted-tbn0.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcRyq2brOer2a0OPKhmn7aJPbq9OzGl_c BNZKEmPI_v29wU7HGCb
آريس اله الحرب


سيتحرر الانسان من عبودية هذا الاله ! هل قولنا هذا محض نبوءة خرقاء تنضاف الى تلك النبوءات التي عاب عليها الفيلسوف الفرنسي كاموس كونها تنزل من السماء الى الأرض بلا دليل أو برهان علمي ,و تنبع عن حماس داخلي أعمى , دون مراعاة للشروط الواقعية للإنسان ؟ تلك النبوءات التي بعد أن كانت تقول بحتمية وصول التاريخ لها , صارت تدفعه دفعا قسريا و عنيفا , لاجئة لكل الوسائل المشروعة وغير المشروعة , لتحقق نفسها بنفسها بعد أن يئست من السير البشري العادي , نبوءات العقلية الألمانية في أرقى مراحلها : نبوءة هيجل و نبوءة ماركس و نبوءة نيتشه !

يبقى المستقبل مفتوحا على جميع الاحتمالات , ويمكن بدل كل ما قيل أن يعود الاله أقوى مما كان أكثر فأكثر, و تزداد قيوده حولنا اشتدادا, ويزداد خضوعنا واذعاننا له حقارة , و نركن الى جانب ضيق من هذا الوجود مختبئين الى الأبد من مواجهته , نسبح و نقدس له ... الى ما لا نهاية !
ما نقوم به هو الاستباق المدفوع بالأمل لا غير, ففي الوقت الذي يتسم فيه الانسان بالواقعية القائلة بأن كل الاحتمالات ممكنة حتى أسوءها , يأتي ذلك الأمل ليخفف عنا محنتنا , وليذكرنا بأن أجمل الاحتمالات أيضا ممكنة , وبحيلة جميلة منه يضخم امكانيتها تلك لتصير الأوفر حظا من بين كل الاحتمالات , وقد يأخذنا الأمل على حين غرة ويجعل منها لا "الأوفر حظا" فقط ,بل " الواقعة التي لا بد لها أن تقع " . تماما كلاعب خفة محترف , وفي رمشة عين , ضرب الأمل بعصاه السحرية على تلك الاحتمالات الجميلة فتحولت من "احتمالات " الى "أمور ستقع في المستقبل"! ما أجمل الأمل و خفة حركاته!

يا من على العرش استوى
يا من يدعي الكمال والقوة
اقطع لساني اللعان
اخسف بي الأرض بلا هوان
أتدعي الرأفة ؟
يا مبدل الجلود ...من لي بشربة ؟
وأنتم ...
أيها الناجون !
أتنعمون في الجنان
و أناس في صرير أسنان؟
أتدعون الصفاء ؟
يا كارهي كل أثيم كفاء
أبانا الذي في السماء
لبنيه أعد ...عقابا أبديا وهلاك
ملعون اسمك ... ملعون ملكوتك ...
ملعونة مشيئتك , كذلك حكمتك
أنك اله .... ونحن بنو انسان
اليك عنا ... ما لك و لنا ؟
يا رب الصباؤوت
قتلت الآلهة ...و على قبورها
جلست تقهقه في سلام
أخبروني عنك
كيف كنت في أول الأزمان ...
قالوا لي أنك كنت : اله بركان

ساحر القرن الأخير
03-16-2017, 12:08 AM
الجزء الحادي عشر :

https://www.makalcloud.com/a/95ce9486c88070141d3d51b5e7ed3072/5y2oo6g92/06.09.42-72a72b84c437a9ca3c0a7d74745d6f54.jpeg

" لمن الملك اليوم ؟ لمن الملك اليوم ؟ لمن الملك اليوم ؟ " ... لماذا تكررها يا الله ؟ ألا ترى أنك أفنيت الجميع ؟ لم تسأل ؟ ما فائدة السؤال بعد أن أفرغت الساحة من كل ما من شأنه أن يجيب ؟ ان صراخك ذاك ملأ الدنيا , والذي يسمع ذلك الصراخ دون أن يعرف مصدره الحقيقي, سيقول بلا شك :" انه صراخ مجنون قريب من هنا ". ان هذا النوع من الاعتراف الذي يظفر به الاله في ذلك اليوم المستقبلي لا يصح حتى أن يقال عنه أنه اعتراف منتزع بالقوة , لأن هذا الأخير يفترض أولا أن يبقى الطرف الآخر على قيد الحياة , وأن ينتزع منه اعتراف باستخدام العنف. أما في هذه الحالة, فان الطرف الآخر تم اعدامه ببساطة , وتم مع اعدامه اعدام أي اعتراف وأية امكانية للاعتراف. وكأن الاله يعرف حق المعرفة , هو العارف بكل شيء ,أن بقاء آدمي واحد على وجه الأرض قد يعكر جو تلك اللحظة العظيمة بالنسبة له ,والتي يبرهن فيها لنفسه على فردانيته المتفردة في هذا الكون , وعلى سيادته المطلقة عليه , في غياب أي منافس محتمل . ان الأمر هو أشبه بتصفية المنازلين المحتملين لملاكم ما قبل بداية البطولة, لكي يعلن انتصاره تلقائيا على الحلبة أمام الجمهور, بعد أن ينادي الحكم على المنافسين ثلاث مرات دون مجيب , مع فارق واحد هو أن الاله هنا هو الحكم وهو الفائز وهو الجمهور . " الملك لله الواحد القهار " : هكذا سيجيب الاله الجديد نفسه . لم ينل الاله هذا الاعتراف يوما في تاريخ البشرية بشكل جماعي مطلق , كان هنالك دائما من يمارسون حق الفيتو ضد هذا القرار الأممي , سواء أ كانوا مشركين أم ملحدين أم أتباعا لآلهة أخرى غير الاله الجديد . ان الخيار الوحيد المتبقي للذات الالهية أمام هذه المعارضة هو تصفيتها , على الأقل للحظة معينة من الزمن . ولا ضير في أن يتم معها تصفية المؤيدين, فتلك خاصية من خصائص كل نظام توليتاري "يصفي الذين يقولون لا وكذلك الذين يقولون نعم " كما تقول حنا أرندت , لا لشيء الا لأن ارادة عليا اقتضت ذلك , ارادة الفوهرر أو الزعيم الأممي . لقد تجاهل الاله ما وضحه هيجل عن جدلية العبد والسيد , حيث يسهر السيد على استمرارية العبد في الحياة (بتوفير الشروط الدنيوية لعيش عبده) حتى يستمر معه وصفه "عبدا", وبالتالي يستمر وصفه هو "سيدا" . ومتى كان هذا الاله الجديد يلتفت لأقوال الفلاسفة الحمقى ؟ انه العقل المطلق ,وهم العقول الجزئية التي قد تتيه عن مصدرها الأول لتهيم في خزعبلاتها.

انها حقا نفسية بالغة التطرف تلك التي يلجأ اليها في الأخير الهنا العزيز هذا , نفسية صار هدفها الغاء الطرف المعارض ,اعدامه فلا يبقى مكانه الا لهبوب الرياح , بعد فشل كل الوسائل العنفية وغير العنفية في تطويعه. ان كل واحد منا قد يتحسس هذه الرغبة الشريرة ,عندما تقف معارضة طرف ما أمام إرادته ,وخاصة عندما تصبح هذه المعارضة مؤرقة , فيتمنى بكل بساطة ويرغب من كل قلبه أن يلغى هذا الآخر نهائيا , هذا القطب المنافس الذي يقف أمامي في كل مرة ويحد من توسعي الحر . وشأن كل عمل يحركه التطرف (صرنا نطلق على مثل هذه الأعمال في عصرنا أعمالا ارهابية) , فان وقوع ضحايا من الأبرياء لا يضير.

يا للغرابة ! فالناس لا يبدون أدنى اشمئزاز أو تحفظ عندما يسمعون هذه القصة المعروفة التي تحكي ما سيرتكبه الاله الجديد بحق البشرية جمعاء من تصفية جماعية . بل على العكس , تخشع قلوبهم ويزداد اعجابهم بهذا الاله القوي العظيم وهو في ذلك الموقف, يدوي صوته في الأرجاء وما من مجيب . و سيوجه اشمئزازهم وتحفظهم ضدنا, نحن من نتكلم بكلام لا يقبله "الحس السليم" . سيقولون : " أيها الحمقى ... ألم تدركوا بعد من ذاك ؟ انه الله , خالق كل شيء ,خالق عباده يفعل بهم ما يشاء ,ان يشأ يذهبهم ويأت بآخرين , لا يسأل عما يفعل , ولا يعني له هذا الخطاب الحقوقي الانساني شيئا, خطاب منظمات حماية حقوق الانسان و رعاية المسنين والأيتام , وخطاب جمعيات حماية حقوق الحيوان . توقفوا عن الاحتجاج عليه فلن تظفروا منه بشيء " .

يتبع ...

كولومبو
03-16-2017, 03:35 AM
لن أطيل ولكنى لم أتمالك نفسى
إلا أن أوجه لك عميق شكرى وأمتنانى لك بتلك السلسله الرائعه .
ولابد من تثبيتها .فهى تستحق أكثر من التثبيت وسيكون لنا بعد أنتهائها كلام كثير

تحياتى الغاليه ساحر القرن :17:

ساحر القرن الأخير
03-17-2017, 10:48 PM
الجزء 12 :

http://static.islamway.net/uploads/scholars/abdolhamid-kisk.jpg

فلنتأمل ذلك الشعور بالخشوع والهيبة ,ذلك الشعور الذي ينتاب المسلمين بعد سماعهم ما سيحصل في "التدمير الكوني" أو ما يسمى بنهاية العالم , لك الكارثة الكونية التي سيكون الله عز وجل هو مفتعلها , ولننقب عن البواعث الحقيقية التي تغدي وتؤجج هذا الشعور في نفسية المسلم .

صحيح أن من بين تلك البواعث الخوف والاحترام والهيبة والتقديس الذي يكنه كل متدين لإلهه , لكن الى جانب كل تلك العوامل , هنالك أكثر أهمية . وما دفعنا الى افتراض وجود عوامل اضافية الا سبب واحد يتمثل أساسا في كون هذه المشاعر كلها (مشاعر التقديس والهيبة والاحترام والخوف) تكون حاضرة في العديد من الصور التي يتواجد فيها الله (صورة الاله يعذب المذنبين ,أو صورة الاله يبعث من في القبور مثلا) دون أن تعطي تلك الصور الخشوع والرهبة اللذين تتسم بهما صورة " الله لوحده يصرخ بعد تدميره للعالم " . ان هذه الصورة توحي بالكثير من المعاني والأفكار للمتدين المسكين .

"لن يبقى شيء حي على وجه الكون " :هذه الفكرة لوحدها تبث في النفس رعبا و راحة , وللراحة النصيب الأكبر . وانني متيقن من أن هذه الرغبة في العدمية تختلج كل انسان ,خاصة جنس الانسان المتأخر (المعاصر) الذي عاش من الحروب والكوارث والآلام ما دفعه في الأخير الى أن يطلب انتهاء كل شيء دفعة واحدة . هذا العامل الأول هو عامل مشترك بين المتدين وغير المتدين .

أما العامل الثاني الذي سنذكره الآن ,فهو حكر على المتدين . ان هذا المتدين قد ضاق درعا بتلك الأصوات العاصية لربها , التي تعكر جو الايمان البشري على وجه الكرة الأرضية , وقد وصل كرهه لها مقاييس خيالية , الى درجة أنه صار يتمنى زوالها كلها في لحظة معينة , ولا ضير في أن يذهب هو أيضا معها (نجد هذه النزعة خاصة عند الانتحاريين): المهم أن يرتاح العالم منها .

نضيف عاملا ثالثا لا يقل أهمية عن العاملين السابقين يتمثل في كون صورة الله الصارخ في الأثير أبلغ صورة تبرهن على انتصار هذا الاله في عين أتباعه , تماما كالبطل الذي يصرخ في ساحة المعركة على جثث أعدائه منتشيا بنشوة الانتصار.ان تلك الصورة تعني انتصار الله وقد تحقق أخيرا بشكل كامل . وهذا يدخل السرور في قلوب الأتباع الذين أفنوا حياتهم في البرهان على أن الله هو المنتصر وأن أعداءه هم الخاسرون , دون أن يحققوا هدفهم ذاك يوما بشكل كامل ونهائي . ذلك أن أتباع الشيطان انتصروا في العديد من الفرص التاريخية و مازالوا ينتصرون . وان كان انتصارهم كما يقول أتباع الله انتصارا مؤقتا تعقبه هزيمتهم ,فان التاريخ يبين أنهم, بعد هزيمتهم, يعاودون الانتصار مرة أخرى على أتباع الله وهكذا في حلقة مستمرة . هذه الحلقة المستمرة أعيت ولا تزال تعيي أتباع الله الذين ينتظرون القول الفصل , ثم انها تتسبب في تسلل الشك الى قلوبهم في كثير من الفرص بخصوص قوة حزبهم و تعاليه , لذلك فان صورة الاله الصارخ بين الدمار هي بمثابة القول الفصل المنتظر لمدة طويلة , الخاتمة التي كان الجميع ينتظرها ويعلق عليها العبرة بقوله : "العبرة بالخواتم" . ان ذلك المشهد هو اشباع لتلك الرغبة المتمثلة في الالتفات تجاه الأعداء والقول بابتسامة منتصرة :" الآن ظهر الحق". وانه لأمر عجيب, فالطرفان معدمان غائبان عن الساحة عند تلك اللحظة بعد الفناء , لكن المتدينين والكفار موجودون رغم ذلك في عمق المشهد وبشكل رمزي : المتدينون موجودون مع الله , وكأنهم هم من يتساءلون : "لمن الملك اليوم ؟" , و الكفار موجودون في ذلك الدمار والخراب , دمار وخراب العالم , يعترفون بخشوع قائلين : "لله الواحد القهار" .
هذا ما يحصل على مستوى لاشعور المتدين وهو يستحضر تلك الصورة المهيبة.
هذه أبرز البواعث التي تقف ,في نظري ,وراء الخشوع الذي ينتاب المتدين أمام صورة "الاله الذي يصرخ بين الدمار" , أضف اليها مشاعر الخوف والتقديس والاجلال والحب الاعتيادية التي يكنها المتدين لإلهه في كل وقت و حين , وستحصل على شخص متخشع أمام تلك الصورة , شارد الذهن , يردد متلذذا جملة : "لمن الملك اليوم ؟" دون أن ينسى أن يخفض صوته تدريجيا في كل مرة يرددها , ويطأطئ رأسه بالإيجاب في كل مرة ينطقها , ويطلق في الأخير زفرة طويلة مسترسلة : "آآآآآآه". ولا تتفاجأ ان رأيته ينهال بالبكاء بعدها , وما أرى تلك الدموع بعد كل ما قيل سوى دموع هيبة و خوف , لكن أيضا وهذا هو الأهم, دموع فرح.

ان هذه الواقعة المستقبلية ما انفكت تذكر على لسان رجال الدين المسلمين , ذلك أنها سلاح فعال ل"تخشع القلوب وتتواضع و ترجع عن تكبرها بعد أن تدرك عظمة الله " . لكن الداعية الذي علق في ذهني في هذا الصدد هو الشيخ كشك , الذي يرويها بالتفصيل الممل , دون أن يغفل شيئا, والأهم من ذلك الطريقة التي يرويها بها, فعندما يصل الى السؤال العظيم :" لمن الملك اليوم ؟" ترتفع حدة نبرة صوته و كأنه هو الصارخ في ذلك الموقف , كأنه هو الله نفسه! وبعد أن يرددها ثلاث مرات بصوت مهيب تهتز له النفس , يجيب قائلا : "للــــــــــــــــــــــــــــــــــــه " مطولا النطق في هذه الكلمة بقدر ما تستحمله رئتاه ,حتى أن السامع لها يظن أن عاصفة ستخطفه . لقد مثل كشك الموقف كما ينبغي ...

يتبع ...

ساحر القرن الأخير
03-18-2017, 10:33 PM
الجزء 13 :


بصورته المثيرة للهيبة وصوته المزلزل , أعطانا كشك صورة طبق الأصل (تناسب مداركنا البشرية) عن الإله الصارخ بين الدمار . لقد لعب كشك هنا, كما هو الحال في مواقف أخرى , دور الناقل لأقوال الله الى البشر بالطريقة التي يمكن أن يتصور الله وهو يقولها .
كان ذلك الرجل , ولا يزال بالنسبة لكثيرين في العالم الاسلامي , الشخص الذي يرى ما لا يرونه و اطلع على ما لم يطلعوا عليه , شأنه شأن كل بصير.هذه النقطة بالذات ,نقطة فقدان البصر , لها تأثير كبير في نظرة الناس اليه : البصير بالنسبة لنا شخص لا يرى ما نراه , لكننا ومع ذلك نتساءل : ما الذي يراه ؟ وكيف يدرك العالم من حوله . البصير لا يرى ما نراه , لكنه يرى ما لا نراه . هذا وحده عنصر يشجعنا على النظرة اليه نظرة احترام وتقدير ,فكل مجهول ينال منا غريزيا التقدير والاحترام . وسيزيد هذا الاحترام بعد أن ننتبه الى أن شخصا بتلك الاعاقة قد بلغ من العلوم الدينية ما لم يبلغه ذوو العيون السليمة المعافاة ,و ناضل في الدفاع عن قضيته رغم كل الضغوط وسنوات السجن ,بل و صار نابغة في ميدانه, وأكثر من كل هذا : مات ساجدا !

لم يخطب ذلك الشيخ يوما الا وهو يصرخ , ويتخلل الصراخ فترات هدوء وفتور ,الهدوء الذي يسبق العاصفة . بالله عليكم , كيف لا ينال شخص كهذا احترام الناس واعجابهم حتى قبل أن يشرع في الكلام ؟؟ ان كشك ومن اتبع منهجه يصلح أن يطلق عليهم اسم "جوقة الله" (بالمماثلة مع جوقة الاله ديونيزوس التي تعتبر أصل الجوقات المسرحية بل أصل ظاهرة المسرح نفسها) , لأنهم يتحدثون الى الله وعن الله أمام الناس وهم يمثلون مضمون أقوالهم بالأصوات والحركات التي تتفاعل مع القصة وتطورات أحداثها , تماما كما يفعل الممثل على خشبة المسرح . ان ما يحسب لهؤلاء وعلى رأسهم الشيخ كشك , أنهم مثلوا لنا دور الله المسرحي ,في جلاله وعظمته و جبروته وعطفه و محبته. كان كشك بالنسبة لي التمثل المادي العياني لله ...

لنترك كشك ينعم في قبره بروضة من رياض الجنة , ولنعد الى خوضنا الذي نهيئ لأنفسنا به حفرة من حفر النار , بل النار نفسها ستلفظنا من كثرة اتساخنا... لحسن الحظ !

أرى أننا تحدثنا بما يكفي عن موقعة "الاله الصارخ بين الدمار", الاله الجديد .والحال أن هذه التسمية لم تعد صالحة لتطلق عليه الآن , بعد مرور أزيد من 3 ألاف سنة على ميلاده , لكننا مع ذلك نسمح لأنفسنا باستعمالها ,أولا بالنظر الى التصور الذي يحمله هذا الاله نفسه عن نفسه كمعطى جديد جاءت به الديانات الابراهيمية للشعوب القديمة , وثانيا لأنه ما يزال محتلا الصدارة في محيطنا الاسلامي كآخر صيحة في عالم الموضة , وحيث أنه "رجل المرحلة" بامتياز , ولم يطله القدم بعد ,في عيون أتباعه على الأقل , يحق لنا تسميته بذلك الاسم.

الله جالس على عرشه , ينظر الى هذا العالم والى هؤلاء البشر . لكن كل ما سيحصل مستقبلا قد سبق في علمه : انه كمن يشاهد فيلما للمرة الثانية أو لنقل لعاشر مرة , ويعرف كيف ستتطور الأحداث وكيف ستنتهي.
بذلك يكون الله فاقدا لكل متعة مشاهدة, لأنه بكل بساطة لا يتتبع الأحداث ... تتبع الأحداث يقتضي السير معها بشكل مواز لا استباقها ... اللهم تلك المتعة التي سببها أن ما كان منتظرا هو الذي تحقق وأن "الظن لم يخب". ولكن هذه المتعة نفسها لا ينالها الا من كان يساوره شك في تحقق ما كان يظنه , أما الله , الذي يعلم ما سيحصل ويعلم أن ما سيحصل هو بالذات ما يظنه (كلمة الظن هنا أصلا غير مناسبة في حقه ) ,فهو محروم من تلك المتعة أيضا . ان الذات الالهية تعيش في الماضي بشكل سرمدي , ولا معنى للمستقبل والحاضر بالنسبة لها . كل شيء يحصل الآن أو سيحصل في"المستقبل" قد "حصل" مسبقا في علمها . انه جالس على عرشه "يستحضر ذكرياته" بكل بساطة . كيف لا وكل شيء "جديد" يطرأ في هذا العالم الا و يقول بينه وبين نفسه تجاهه :"قد رأيت حصول هذا من قبل " .
ما فائدة النظر الينا اذن يا الله ؟ ما الفائدة من مشاهدة الفيلم مرة ثانية ؟ ان الواحد منا ,نحن بنو البشر , يعيد مشاهدة الفيلم اذا نسيه ونسي تفاصيله بعد مرور مدة زمنية معينة , أو اذا أعجبه كثيرا و وجد أنه يتسلى بمشاهدته مرة أخرى . لكن هذين التفسيرين غير جائزين على من لا ينسى ولا يتسلى . فما فائدة الجلوس طيلة هذه الملايين من السنين لمشاهدتنا ؟

يتبع ...

haithem
03-19-2017, 05:29 PM
قرأت الموضوع من اوله الى اخره
فلم اجد اي فائدة له
اتعبت اناملك عزيزي

كولومبو
03-19-2017, 11:14 PM
قرأت الموضوع من اوله الى اخره
فلم اجد اي فائدة له
اتعبت اناملك عزيزي
هذا رابط التعقيب على الموضوع فهو موضوع مسلسل
https://www.il7ad.org/vb/showthread.php?t=10139
وقد أتعب الرجل أنامله ليسعد عقولنا .فهنيئا لنا بأنامله وعقله .فلا داعى لتشويهه بردود خارجه عن الموضوع ويمكنك قول ما تريد فى الرابط الذى وضعته لك
لنناقشك فيه براحتنا

ساحر القرن الأخير
03-21-2017, 01:58 AM
الجزء 14 :


http://cdn.elbilad.net/media/images/video/thumbs/%D8%AA%D8%B5%D8%B1%D9%81-%D8%BA%D9%8A%D8%B1-%D8%B1%D9%8A%D8%A7%D8%B6%D9%8A-%D9%85%D9%86-%D8%A8%D9%84%D9%82%D8%B1%D9%88%D9%8A-%D8%B7%D8%B1%D8%AF-%D8%A8%D8%B3%D8%A8%D8%A8%D9%87-713b7.jpg

لم نعد بحاجة الى آلهة . تلك هي الجملة التي سنقتل بها كل اله ينصب نفسه علينا من جديد . تصوروا أن تقال تلك الجملة لله ,الهنا الذي يناقش قليلا ويتوعد كثيرا , لا شك أنه سيرد : " أنا الذي خلقكم و وهبكم النعم ولو زالت عنكم رعايتي للحظة واحدة تهلكون . أ لمثلي تقولون هذا الكلام الذي تكاد السماوات يتفطرن له ؟ انتهوا يك خيرا لكم !" . بماذا سنجيب نحن ؟ بماذا سنجيب هذا الاله الذي نكن له الكثير من الفضل و الذي ما ينفك يذكرنا بفضله في كل مرة ؟ بماذا سنجيب هذا الاله الذي أثقل كاهلنا بما له من نعم لو جلسنا أبد الدهر نعدها ما أحصيناها ؟ انه اله لن يتوانى عن تذكيرك بمسارك الوجودي مد كنت مضغة في رحم أمك الى أن صرت شابا قويا يستند على ساقين قويتين . بماذا سنجيبه ؟ لن ننكر فضله ذاك على كل حال , لكننا ببساطة سنقول : " من طلب منك أن تمنحنا كل ما منحته ايانا أصلا ؟ هل طلب أحدهم منك ذلك؟ لقد أعطيت قبل الطلب كما يقول أتباعك الأوفياء بكل اعجاب وكما تغني لك أم كلثوم , دون أن ينتبهوا الى أن الذي يعطي بلا طلب , وان استحق الاعجاب والتنويه , فانه لا يلزم المعطى له بأي حق تجاهه , حتى الشكر ليس واجبا عليه . لست ملزما بأن أشكر الله أو أعبده على ما أعطاني من نعم, لأنه بكل بساطة أعطانيها دون أن آخذها , دون أن أختار أخذها , وعلى رأس هذه النعم نعمة الوجود نفسها التي فرضت علي فرضا . ان الأمر هو أشبه ب"تزويد" و ليس بأخد , "تزويد الصنعة بخصائص وقدرات حسب شهية الصانع و ذوقه" . وبعد أن صنع الصانع صنعته حسب ارادته وذوقه الخاص , قال للصنعة : "اسجدي لي لأنني منحتك كذا وكذا " . أهذا اله أحمق أم تراه يتحامق ؟ هل نحتاج لجهد كي نبين له أن الصنعة لا ناقة لها ولا جمل , لا خف لها ولا حافر في هذه المنظومة الانتاجية ؟؟ ان جوابنا على جرد النعم الالهية سيكون اذن , لا بالإنكار, وانما بادراك ما يجب وما لا يجب عن مقدمات معينة . " و بعد ؟" هذه اجابتنا .
الذي يقود معارك مع الله سيجد نفسه منتصرا في كل المعارك : معركة القانون , معركة العقل والمنطق ,معركة الوجدان ولعاطفة , .... الا معركة واحدة سيكون الله رابحا فيها وهي : معركة القوة . ان الله جبار , حتى وان تبين في الأخير أنه أحمق و مطلوب للعدالة , سيبقى قويا , اليه المنتهى واليه المصير. ان القوة هي أول شيء يعرف في الحقيقة هذا الاله , شأنه شأن كل زعيم شمولي , ولا نعني هنا قوة موقف بطبيعة الحال ,أو قوة معنوية من نوع ما , وانما القوة المادية الفعلية , أي القدرة على جعل الآخرين تحت رحمة ارادتك تفعل بهم ما تشاء . ولهذا ستجد أتباعه يقولون لنا دائما : " تكلموا كما يحلو لكم , سنرى في نهاية المطاف " . ان أعظم شيء يؤثر في نفسية الأتباع هو كون هذا الاله هو نقطة الوصول مهما طالت الرحلة و تفرقت الطرق. انه ينطبق انطباقا تاما مع مفهوم "النهاية". انه البداية والنهاية ...الألف والياء .
يتبع ...

Edd
03-21-2017, 02:47 AM
مجهود يعترف به وتستحق الشكر عليه، لكن لدي ملا حظة واحدة،
ارى بانك تتعامل مع الله (الاله الجديد) كانه كيان منفصل عن الكون او عن الانسان بصفة خاصة، وليس هذا هو الله الذي نعرفه من خلال القران ، فالله هو الحي القيوم ، وما من حركة تحدث الا من بعد اذنه،

فاذا منع الله اذنه عن الانسان فانه يصبح لا شيء. فروح الله تملا الكون وصلواته على خلقه لا تنقطع ابدا ، فالله واجب الوجود.

شكرا.

Gama Odena
03-21-2017, 03:16 AM
مجهود يعترف به وتستحق الشكر عليه، لكن لدي ملا حظة واحدة،
ارى بانك تتعامل مع الله (الاله الجديد) كانه كيان منفصل عن الكون او عن الانسان بصفة خاصة، وليس هذا هو الله الذي نعرفه من خلال القران ، فالله هو الحي القيوم ، وما من حركة تحدث الا من بعد اذنه،

فاذا منع الله اذنه عن الانسان فانه يصبح لا شيء. فروح الله تملا الكون وصلواته على خلقه لا تنقطع ابدا ، فالله واجب الوجود.

شكرا.

الله هو صنم لايسمع و لا يرى و لا يتكلم و لا يملك حولا و لا قوة فهو صنم

ساحر القرن الأخير
03-23-2017, 12:50 AM
الجزء 15 :


واحدة من الصفات التي يتميز بها الله هي صفة الصمت . نزل قرآن من السماوات العليا في شخص لأنه قال لمحمد : "تبت يداك يا محمد" , ونزل قرآن من السماوات العليا في شخص عير محمد بالأبتر . لن لم ينزل قرآن فيمن قال" مات الاله" , لم ينزل فيمن قال "الانسان أصله قرد" , لم ينزل في خضم النقاش العلمي حول نشأة الكون , و حول وجود حياة على كواكب أخرى , و حول وجود كائنات فضائية ...ربما يرى الله أن أبا لهب والنضر بن الحارث كانوا أحق بأن يرد عليهم من نيتشه و ستيفن هوجينغ وداروين وكبار الفلاسفة الملحدين ... لم ينزل قرآن في هتلر وعقب الحربين العالميتين ... كنا نحب أن يرسل لنا الله تعليقا ولو صغيرا يعني ليس بالضرورة كتابا مقدسا جديدا ...فقط كلمتين أو ثلاثة حول ما وقع في عالمه هذا ...لم ينطق ببنت شفة ! نريد رأي الله في المسائل الفلسفية والعلمية المستجدة التي وقعت طيلة 1400 سنة ! كان القرآن في عهد النبي مسايرا للصغيرة والكبيرة . كان الناس يتكلمون والقرآن يرد ... ثم فجأة انقطع الخط .
تكلموا بقدر ما تشاؤون , سبوه , العنوه ,اسخروا منه ,احتجوا عليه , تمردوا عليه , لن يواجهكم الا بالصمت (حاليا على الأقل , في السابق كان يرد بالخسف و طير الأبابيل لكنه غير من منهجيته بعد موت محمد , بل قبل ذلك بكثير) . واذا نطق ردا على تلك الأصوات ففي أغلب الأحوال ليعلمهم أن موعدهم قريب , وبأن لهم أجلا لن يخلفوه . ليس هو ممن يطيل المحاجة والنقاش والجدال . انه اله مقتصد في أقواله , اله أفعال وليس اله أقوال . التلهف الذي يلتهم المسلم وهو مقبل على قراءة رد لله على شبهة للمشركين في القرآن , ما هو في الأخير سوى تعطش للردود الالهية القليلة والنادرة, والتي لا تتسم بالوضوح الا ناذرا. وهنا بالضبط يأتي دور رجال الدين , خدام الله الأوفياء الذين وكلهم عنه ,و الذين سيأخذون على عاتقهم مهمة تضخيم ذلك القليل الغامض من الردود الالهية لتصطبغ بصبغة "الردود الشافية الوافية ,القاطعة والمانعة ,الظاهرة والساطعة " .بالله عليكم , أي سطوع ذاك ؟ أرد مثل " قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا ,ان تتبعون الا الظن وان أنتم الا تخرصون " أو مثل " كذلك قال الذين من قبلهم مثل قولهم " أو مثل "قل فلو شاء لهداكم أجمعين " من الردود الساطعة الشافية ؟؟ ان من يقرأ مثل هذه الفقرات في القرآن , أقصد تلك التي تتضمن حوارات بين المشركين والله , سيكتشف رويدا رويدا أن أسئلة المشركين كانت أسئلة عظيمة , ترفع التحدي في وجه الاله , أسئلة مشوقة وحماسية للقارئ , لكن الردود الالهية قلما كانت تصل الى المستوى المطلوب: انها ردود "مخيبة للآمال" بحق.
تسلسل الأحداث الراهنة وما يقع الآن لا يهم الله أبدا , ما يهمه هو النتيجة النهائية , العاقبة التي سيؤول اليها كل هذا ... الخاتمة . ولذلك فانه يواجه ب"معطيات " من المستقبل كل من يستدل بمعطيات من الحاضر أو من الماضي . على سبيل المثال , عندما يقدم المشركون الواقع الحاضر والماضي الذي لا يوحي بأية ساعة أو فناء كوني , يقدم الاله مقابل هذا المعطى وعدا مستقبليا بالساعة . ومن الطبيعي أن يقدم دليلا على الساعة من المستقبل في غياب أي دليل عليها من الحاضر أو الماضي . لله مستقبله وللناس حاضرهم وماضيهم , و مستقبل الله ذاك غالبا ما يقدم كزمن سبق وأن أخبر الناس به وأنكروه فوقع .
وانكارهم ذاك مبني و معلل , وهو بعيد كل البعد عن أن يكون مكابرة و تعنتا . انه مبني على الحاضر وعلى الماضي (وهل من شيء آخر يبنون عليه حكمهم على المستقبل) . فالمشركون ينكرون وحدانية الله في ظل ماض كله شرك وحاضر لا يختلف عن ذلك . وينكرون البعث من القبور لأنه ما من أحد تأتى له ذلك يوما في التاريخ . وينكرون اليوم الآخر , يوم الحساب , وانكارهم ذاك تحصيل حاصل ونتيجة للإنكار السابق.

حقا انها الكوميديا الالهية تلك التي ترسم ملامحها على شفاه رجال الدين الأوفياء . و شأنها شأن كل كوميديا , فانها تضحك . لكنها في نفس الوقت تبكي . تغلغل الله في صدور فئة عريضة من الناس الى درجة صار شغلهم الشاغل الدفاع عن رايته ومعسكره . الغريب في الأمر أن المتأمل في هذه الكوميديا لن يجد فيها سوى رجال الدين على الخشبة , يعارك بعضهم بعضا تارة , ويرفعون التحدي تارة أخرى ضد خصوم خارجيين . ليس لله حضور فيها : ان الهنا غائب عن الساحة منذ مدة طويلة , ولم يشرفنا يوما بحضوره . هذا أمر طبيعي , ذلك أن الله ليس من الشخصيات التي تلعب طور الاستهلال أو تسلسل الأحداث أو العقدة . وكما هو الشأن بالنسبة للمسرح القديم الذي" يصعد فيه الاله من الآلة " في نهاية المسرحية ليحل العقدة , فان الهنا "سينزل من الآلة" في نهاية المسرحية يوم القيامة ليحل العقدة و"يحكم بين الناس فيما كانوا فيه يختلفون".

يتبع ...

ساحر القرن الأخير
03-27-2017, 10:31 PM
الجزء 16 :

أطلب من الله أن يجلس مستقيما في مكانه ... ويضم يدا الى يد ...ويكف عن الكلام مع الملائكة حملة العرش ...وليفتح جيدا أذنيه ...لأن هذا الدرس موجه اليه بالخصوص...وعنوانه : "كيف ينبغي أن يكون العقاب ؟"

الانسانية ...هذه الصفة الجميلة التي ابتكرها البشر وجعلوها خاصية تعريفية لهم , مع أنها لم تتوفر فيهم يوما بشكل واضح ونهائي .. ماذا تعني يا ترى ؟ سيفهمها كثيرون على أنها ضرب من ضروب الرحمة والشفقة , أو المحبة , أو الاحسان...لكنها في نظري أعمق من ذلك بكثير... انها تعبير عن كبرياء انساني , عن غرور انساني , عن مشترك انساني نأبى الا أن نراه في الأعالي . حيثما عومل الانسان دون تلك الصورة , حيثما احتقر الانسان وأهين , ستصرخ في داخلي الانسانية احتجاجا .
لأننا انسانيون لا نعذب المجرم ... لا نسعى الى اهانته و جعله ينظر الى نفسه كحشرة حقيرة , لكن في نفس الوقت -ولأننا انسانيون مرة أخرى- لا نتركه بلا عقاب ... كيف ؟
لا بد من العقاب , لأن المجرم انسان . وبهذا سيكون العقاب هو الضامن لبقاء المجرم في دائرة الانسانية . ان الحيوان لا يعاقب على أفعاله السيئة , وفي هذا رد على أولئك الذين ينعتون المجرمين بالحيوانات والوحوش الضارية , دون أن يدركوا أنهم في الحقيقة يخلصونهم من أية مسؤولية تستوجب العقاب .
فما الذي أضافه هذا التفهم يا ترى الى سلوكنا تجاه المجرم , اذا كنا في الأخير سنحمله مسؤولية فعله ونقوده الى العقاب ؟ لقد أزاح ذلك الاشمئزاز و التحقير و الكره الذي ننظر به اليه .هذا من جهة , ومن جهة ثانية , لن نختار لعقابه طرقا تجد أصلها في ذلك الحقد وفي ذلك الاشمئزاز .
بعد أن كان المجرم يقاد الى العقاب بعبوس و تكشير على الأسنان , سنقوده الى العقاب وعلى محيانا ابتسامة.سبق لنيتشه أن طالب القضاة في هذا الصدد بإصدار أحكامهم ضد المجرم بعيدا عن كل رغبة انتقامية . ان العقاب الانساني ينبغي له أن يحفظ كرامة الانسان أولا وأخيرا , وأن يخلو من كل رغبة انتقامية .
العقاب ليس لتفادي اعادة الجريمة من طرف المجرم , و ليس لردع الآخرين لكي لا يقترفوا نفس الفعل. انه عقاب تمليه الضرورة الانسانية كما بينا أعلاه .
العقاب الذي سنفرضه عليه لن يكون الا نتيجة لكونه انسانا يعرف القانون , يعرف شروط الوضع البشري وما يستلزمه من قواعد والتزامات . "لست في الغابة" , بهذا ,وبهذا فقط ,سيعاقب المجرم . واذا أمعنا النظر في العبارة السابقة لن نجدها سوى مطابقة للعبارة التالية : " أنت انسان " .
العقاب هنا يأخد منحى آخر, مخالف تماما للعقاب السائد ,ذلك أنه يضطلع بوظيفة حيوية ليست بأي حال هي وظيفة الردع , وانما هي : تذكير المجرم بوضعه البشري , اعادته الى فضاء الانسانية , احتضانه . هذا هو العقاب الانساني , وغيابه أو تعطيله يعني دخول المجرم الى فضاء الغاب . ان العقاب الانساني عقاب احتضاني , خلافا للعقاب السائد الذي هو عقاب انتقامي بامتياز .
لكل انسان شرف عظيم يتمثل في انتمائه الى ما نسميه بالإنسانية , و العقاب هو بمثابة الحامي لذلك الشرف عند كل انسان ارتكب خطأ يجز به في عالم الغاب . هكذا ينبغي أن ينظر الى العقاب ...
انتهى الدرس

يتبع ....

ساحر القرن الأخير
03-28-2017, 09:35 PM
الجزء 17 (ما قبل الأخير) :

يقول الفيلسوف لوكريس : "الآلهة تنعم في سعادة أبدية , لا تهتم لمشاكلنا ولا لحروبنا و لا لأمراضنا... بل انها ليست هي من خلقت هذا العالم وليست هي من تسهر على ضبط قوانينه الكونية ". ومن الطبيعي , بعد أن يسمع أحدنا هذا الكلام , أن يتساءل : " ماذا تفعل آلهة لوكريس هذه اذن ؟ وما محلها من الاعراب في هذا الوجود ؟" . سيجيبك الحكيم بأن لها" شؤونها الخاصة " كما لنا نحن شؤوننا الخاصة . واذا دخلت في علاقة مع البشر , فلتلهم أحدهم مثلا لينظم شعرا , كما حصل مع لوكريس نفسه الذي اعترف لنا بأن كتابته لقصيدته الشعرية الفلسفية المشهورة "عن الطبيعة" كانت بالهام من الهة الحب الاغريقية : أفروديت . لقد كان كل عمل لوكريس , وقبله عمل أبيقور, يهدف الى تخليص البشر من الخوف الذي سكن قلوبهم بخصوص الحياة بعد الموت , بخصوص الجحيم (كان يسمى عندهم بالعالم السفلي أو التارتار), بخصوص تربص الآلهة بالبشر في هذه الحياة و تسليطها البلايا عليهم . لقد جرد الآلهة من كل سلطاتها محاولا انقاذ البشر من كوابيسهم ليعيشوا حياة مطمئنة سعيدة تشبه تلك التي تعيشها الآلهة الى حد ما , مع فارق واحد يتمثل في كون حياة البشر حياة منتهية بينما حياة الآلهة أبدية .
لقد أنقد البشر من الآلهة, لكنه أيضا أنقذ الآلهة أيضا , أجل ... فكما بين هو نفسه في بداية قصيدته "عن الطبيعة" , بفلسفته الطبيعية المستمدة من فلسفة أبيقور , تجنب الكفر بالآلهة والالحاد.
اننا في أشد الحاجة الى شخص مثل لوكريس في زمن ساد فيه علينا اله جمع كل السلطات في يده , بل و زاد عليها سلطة عظيمة لم تكن موجودة حتى عند أكبر آلهة الاغريق ألا وهي سلطة القدر . أمدنا الاله الجديد بكوابيس تؤرق حياة الكثيرين , كوابيس جهنم و تبديل الجلود وصرير الأسنان و عذاب القبر ...فأين أنت يا لوكريس ؟ اذا أردنا أن نلخص عمل لوكريس في جملة واحدة فلن تكون الا هذه : " لا داعي لأن تفزعنا الآلهة بعد الآن ".
----------------------------------------------------------------------
مات الله مند زمن طويل , مع مختلف تيارات التمرد التي عرفتها أواخر الحقبة الحديثة و المعاصرة , لكنه ما يزال"حيا في قلوب الملايين" . ولا نرى قربا لموته هناك . اماتة الله في القلب لا يمكن لأحد القيام بها عوضا عن الآخر . الشخص المعني وحده هو القادر على ذلك . انها مسألة ايمانية يبقى فيها الحسم لصاحب السفينة . ذلك أنه لا يكفي أن تسرد أمامه الحجج والبراهين على أن الهه ميت منذ زمن طويل . لا بد وأن يقوم هو بخطوة . ان الله ليس من نوع تلك المقولات الرياضية الخاطئة التي يكفي أمامها البرهان المنطقي لتحطيمها , أو تلك المقولات التجريبية التي تستطيع التجربة تبيان زيفها . انه في قلوب الأتباع مصان من كل امكانية للتخطيء ,يتمتع بحصانة أبدية . حتى بعد تواتر الأدلة والحجج ضده, لن يزيد ذلك من شيء أو ينقص بالنسبة للأتباع. أليس هذا هو الوفاء بحق ؟ أن تتمسك به بعد انهيار كل شيء ؟ بغض النظر عن الزمان والمكان و عن مجريات الأحداث و نتائج الأمور ؟ أليس الوفاء أن تقف مع هذا الاله في السراء والضراء ؟ الأتباع الأوفياء عاهدوا الله عهدا أبديا , لا امكانية لاخلافه . يقطع الله العهود , والمتعاهدان , الله وعبده , يرعيان هذه الشراكة الى الأبد . وبندها الأول : " مهما تبينت لك الأمور ملتبسة بخصوص الاله , و أيا تكن الظنون التي تنتابك بخصوصه , تمسك به , ولا ترتب أبدا " . ان هذا النوع من الضرورات التي نقيد بها أنفسنا تثير الضحك حقا . لقد كنت مرة , في ذروة الايمان , أتصور امكانية أن يحصل أي أمر , الا الالحاد بإلهي العزيز , فقد كنت أقول في نفسي بخصوصه : " يقطع رأسي , بل أفنى قبل أن يحصل ذلك , لا أستطيع العيش بدونك يا الله ".لقد كانت مسألة الله (وجوده , نزاهته ,...) مسألة مصيرية بالنسبة لي , مسألة حياة أو موت . ثم ما ان عشت التجربة حتى اكتشفت حماقتي , وكل ذلك التهويل الذي كنت أتصوره ما كان له أساس من الصحة , وتبدت أمامي آفاق جديدة للتفكير ومسائل عظيمة , جاء عليها الدور لتكون مصيرية , وتعالى داخلي صوت يقول : "ليست المشكلة الوجودية هي الله".

يتبع ...

ساحر القرن الأخير
03-29-2017, 11:57 PM
الجزء 18 (الأخير) :

dI25KCY9-Gg


موجود هذا الاله أم غير موجود , لم يعد الأمر مهما . خير له ألا يوجد , أو كما قال أحدهم : "ان العذر الوحيد للإله هو أنه غير موجود" . ذلك أنه ان وجد فسيكون عرضة لاحتجاجات صاخبة ...
اذا سلمنا بنظرية التطور في ميدان الآلهة , أو لنقل في ميدان "صناعة الآلهة" , فان الوقت قد حان للبحث عن اله جديد حقا هذه المرة , بكل ما تحمله كلمة الجدة من معنى , يجلس مكان" الاله الجديد " القديم . ينبغي النظر في مكامن الحمق التي تضمنها المفهوم القديم وتجاوزها في البناء الجديد ... صناعة اله جديد مع الاستفادة من أخطاء الصناعة السابقة . اننا لا نطلب من الاله الجديد أن يكون كاملا بقدر ما نطلب منه أن يكون مثيرا للاحترام والاعجاب والشموخ .

على كل حال , عندما أتأمل صمت هذا الكون الشاسع , أشتم رائحة اله ما ...اله شامخ , عظيم , لا يريد عبادتنا , لا يريد شكرنا أو تسبيحنا أو طاعتنا , انه يطلب منا شيئا واحدا : يطلب التحدي . انه الاله الذي أشتم رائحته بين الفينة والأخرى, اله مستفز بامتياز , تظهر على وجهه ابتسامة سرية ملغزة , يطلب بإلحاح أن تتم مصارعته على جميع المستويات . وما دمنا في حرب معه , فكل الوسائل مشروعة , ولذلك فمن غير المستبعد أن يلجأ الى الخداع , فيكون الها مخادعا (الأمر الذي سيجعل ديكارت يحمل حقائبه ويرحل مبتعدا عنا) . من غير المستبعد أن يضعنا هذا الاله في الزيف ,في الوهم , من غير المستبعد أن نكون الآن مغبونين في كل ما يتعلق بوجودنا و وضعنا البشري ! انني أشتم رائحة اله يبتسم ...

هل هذا اله موجود حقا , أم أنه اله جديد سننتجه , كما أنتجنا أسلافه , لملء الفراغ الحالي ؟ والحال أنه ينبغي أن نعترف أننا في فراغ ,فراغ فعلي وقاتل يتمثل في الاحساس بالوحدة في هذا العالم : "نحن الموجودون وفقط " .هذه هي الفكرة التي تؤرق داخليا الانسان المعاصر بعد أن أتيح له القيام بنظرة خارجية , نظرة الى هذا السواد الصامت المحيط به . لا مؤشرات تدل على العكس , وكل اللغط القائم حاليا بخصوص الحياة على كواكب أخرى يبقى مدفوعا بالأمل . ان الاحساس بتلك الوحدة يرافقه احساس بعدم جدوى الاستمرار , وبالدوران في حلقة مفرغة , وأي تقدم ستحرزه البشرية سيكون تقدما في نظرها هي , أي تقدما بلا تقييم الا من عندها .
لقد زاد الاحساس بالفراغ والوحدة اذن مع الحقبة المعاصرة واستكشافات الفضاء , وبذلك زادت الحاجة الى تنصيب طرف يقف مقابلنا , ويحمسنا للمضي قدما وللاستمرار . لن يملأ هذا الطرف الفراغ الا اذا كان أذكى من الانسان , فالحيوانات موجودة معنا ليل نهار دون أن ترفع في وجهنا أي تحد يذكر . انها بالنسبة لنا كائنات تم تجاوزها والانتصار عليها منذ مدة طويلة . ان الطرف الآخر ينبغي أن يكون مستحقا لصفة : المتحدي , في نفس مستوى ذكاء الانسان أو فوقه , والمستحب أن يكون فوقه, ليشتد التحدي بالنسبة لنا نحن البشر , أي أن يكون الها.
اننا نأمل اذن في وجود اله , يكون ندا فعليا وحافزا للاستمرار.

النهاية
:17:

كولومبو
03-30-2017, 12:23 AM
:15409::15409:

كل كلمات الشكر لا تفى هذا المجهود الجبار الذى قمت به فى تلك السلسله الرائعه
أطلب بجديه من الأدراه . أن تقوم الأدراه بتثبيت الموضوع .فهو موضوع يستحق أن يثبت ولا يضيع فى دهاليز الأرشيف
لهذ نطلب له النجاه ووضعه فى الواجهه

كل تحياتى الغاليه والصادقه لك دوما ساحرنا المميز :17::17:

ساحر القرن الأخير
03-30-2017, 12:51 AM
:15409::15409:

كل كلمات الشكر لا تفى هذا المجهود الجبار الذى قمت به فى تلك السلسله الرائعه
أطلب بجديه من الأدراه . أن تقوم الأدراه بتثبيت الموضوع .فهو موضوع يستحق أن يثبت ولا يضيع فى دهاليز الأرشيف
لهذ نطلب له النجاه ووضعه فى الواجهه

كل تحياتى الغاليه والصادقه لك دوما ساحرنا المميز :17::17:

شكرا عزيزي كولومبو على متابعتك وشكرا لكل من تابع هذه السلسلة
أتمنى أن تكون قد حققت المتعة والفائدة المنتظرة
تحياتي
:17:

كولومبو
03-30-2017, 09:33 PM
شكرا عزيزي كولومبو على متابعتك وشكرا لكل من تابع هذه السلسلة
أتمنى أن تكون قد حققت المتعة والفائدة المنتظرة
تحياتي
:17:

لقد حققت المتعه والفائده المرجوه منها بأمتياز لا يفعله غير ساحر كساحرنا
ولكنى جاد بشأن التثبيت .فالمواضيع المثبته تقريبا ماتت وشبعت موت من قرائتها ولابد من تجديد دمائها بدم جديد يعيد للقسم بهائه
ولا يوجد أفضل من هذا الموضوع المشوق ( الإله الجديد ) ومسيرته معنا ليتصدر قائمة التثبيت
وبعد أذنك سأناشد الأداره بذلك سواء وافقت أم لم تشأ .فطالما خرج الموضوع من رأسك أصبح ملكيه عامه يجوز تأميمها لصالح الأغلبيه :15: .والتى بلا شك ستستفيد من هذه الدراسه العميقه والمتأنيه .والممتعه أيضا فى قرائتها .فشكرنا العميق لك عليها


وتحياتى الغاليه والصادقه لك دوما

صفا علي
03-30-2017, 10:34 PM
لقد حققت المتعه والفائده المرجوه منها بأمتياز لا يفعله غير ساحر كساحرنا
ولكنى جاد بشأن التثبيت .فالمواضيع المثبته تقريبا ماتت وشبعت موت من قرائتها ولابد من تجديد دمائها بدم جديد يعيد للقسم بهائه
ولا يوجد أفضل من هذا الموضوع المشوق ( الإله الجديد ) ومسيرته معنا ليتصدر قائمة التثبيت
وبعد أذنك سأناشد الأداره بذلك سواء وافقت أم لم تشأ .فطالما خرج الموضوع من رأسك أصبح ملكيه عامه يجوز تأميمها لصالح الأغلبيه :15: .والتى بلا شك ستستفيد من هذه الدراسه العميقه والمتأنيه .والممتعه أيضا فى قرائتها .فشكرنا العميق لك عليها


وتحياتى الغاليه والصادقه لك دوما
أؤيد الفكرة جدا كولمبو، الموضيع المثبتة اصبحت قديمة وفعلا بحاجة للتجديد، وموضوع زميلنا الساحر، ساحر مثله، أدعم تثبيت الموضوع.
وحبيت فكرة فطالما خرج الموضوع من رأسك أصبح ملكيه عامه يجوز تأميمها لصالح الأغلبيه :15:
تقبلوا تحياتي.

ساحر القرن الأخير
03-30-2017, 11:05 PM
لقد حققت المتعه والفائده المرجوه منها بأمتياز لا يفعله غير ساحر كساحرنا
ولكنى جاد بشأن التثبيت .فالمواضيع المثبته تقريبا ماتت وشبعت موت من قرائتها ولابد من تجديد دمائها بدم جديد يعيد للقسم بهائه
ولا يوجد أفضل من هذا الموضوع المشوق ( الإله الجديد ) ومسيرته معنا ليتصدر قائمة التثبيت
وبعد أذنك سأناشد الأداره بذلك سواء وافقت أم لم تشأ .فطالما خرج الموضوع من رأسك أصبح ملكيه عامه يجوز تأميمها لصالح الأغلبيه :15: .والتى بلا شك ستستفيد من هذه الدراسه العميقه والمتأنيه .والممتعه أيضا فى قرائتها .فشكرنا العميق لك عليها


وتحياتى الغاليه والصادقه لك دوما

تشكر على تقييمك زميلي كولومبو أنت والزميل صفا علي
ويسرني أن أسمع أن السلسلة أعجبتكم
وطبعا الموضوع ملكية عامة للجميع
:17:

ساحر القرن الأخير
03-30-2017, 11:19 PM
شكرا للزملاء الذين طلبوا تثبيت الموضوع :17:
وشكرا للادارة على التثبيت
يشرفني ذلك

fadi
03-31-2017, 08:25 PM
رائع
وانا اقرأ المقال كأن افكاري من تتحدث كل ما يجول بخاطري وجدته بهذا المقال
وقمت بأضافه سؤال جديد سؤال رائع
لماذا لم ينتصر هذا الاله يوما؟على مر العصور هناك ملحدون ومشككون وكفره وأناس لم تسمع ولم تقرأ هذا الدين(اسلام,مسيحيه,يهوديه)ايضا من نفس فصيله اي دين من هؤلاء طوائف كثيره قامت بتحريفه وتغيره وابداله بأراء وعبادات جديده

كولومبو
03-31-2017, 08:42 PM
شكرا للزملاء الذين طلبوا تثبيت الموضوع :17:
وشكرا للادارة على التثبيت
يشرفني ذلك

لا شكر على واجب فالموضوع لولا أنه يحمل قيمه كبيره لما طلبنا تثبيته .. إذن تثبيته هى خدمه لنا وليس لك
وأضم شكرى لشكرك للأداره ووعيها العالى بقيمة الموضوع وأستجابتها الفوريه لندائنا وقامت بتثبيت هذا الموضوع الرائع والذى يحمل قيمه كبيره للقارئ
وننتظر منك الكثير

وكل تحياتى الغاليه والصادقه لك دوما :17: