المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كتاب التصميم العظيم الحلقة الثانية جزء اول


freethinking
05-09-2016, 09:32 AM
2_ دور القانون
في ميثولوجيا الفايكنك سكول وهاتي يطاردان الشمس والقمر وعندما يصطاد اي منهما احدهما يحدث الكسوف او الخسوف. وعندما يحدث الخسوف او الكسوف كان الناس يسارعون الى عمل اكبر ضوضاء ممكنة بامل اخافة الذئاب لتترك الشمس او القمر. وهنالك اساطير اخرى مشابهة في باقي الحضارات. ولكن مع مرور الوقت لابد ان الناس قد لاحظو ان الشمس والقمر يبزغان من الكسوف بغض النظر عن ركضهم هنا وهناك وقيامهم بالصراخ والضرب على الاشياء. ومع مرور الوقت اكثر فاكثر لابد ان الناس لا حظو ايضا ان الكسوف والخسوف لا يحدث بشكل عشوائي: بل انهما يحدثان بانماط منتظمة تكرر نفسها. هذه الانماط كان اكثر وضوحا بالنسبة لكسوف القمر وتمكنت الحضارات القديمة كالبابليين ان تتنبأ بالخسوف القمري بدرجة عالية من الدقة رغم انهم لذلك الوقت لم يعلمو بعد ان الخسوف سببه حجب الارض لضوء الشمس عن القمر. بينما كسوف الشمس كان اكثر صعوبة للتنبؤ به لانه يلاحظ فقط على شريط على الارض عرضه 30 ميلا (45 كيلومتر) . مع ذلك ما ان قبض الانسان على نمط الكسوف حتى اصبح واضحا ان الكسوف لا يعتمد على نزوات اعتباطية لكائنات فوق طبيعية ولكنه محكوم بقوانين.
https://www.google.com/url?sa=i&rct=j&q=&esrc=s&source=images&cd=&cad=rja&uact=8&ved=0ahUKEwjLkOrxrszMAhUrKpoKHbKUAHcQjRwIBw&url=https%3A%2F%2Fimaginecosmos.com%2Fcategory%2Fn ews%2Fpage%2F4%2F&psig=AFQjCNE_W_zMr-jnWNQwZMt8gpzMvLlLEQ&ust=1462861270860297 على الرغم من بعض النجاحات الاولية في التنبؤ بحركة الاجرام السماوية, فقد كان يبدو لاسلافنا ان معظم الاحداث الطبيعية مستحيل التنبؤ بها. كالبراكين والزلازل والعواصف و الاوبئة بل وحتى ظفر القدم المنغرز في اصابع القدم , كلها كانت تبدو وكأنها تحدث من دون سبب او نمط ظاهرين. في الماضي كان من الطبيعي ان تنسب لمجلس الالهة المؤذية او الشريرة ان تنسب لها الاحداث العنيفة في الطبيعة. لذا كانت المصائب غالبا ما تعتبر اشارة باننا بشكل ما اغضبنا الالهة. على سبيل المثال, في حوالي 5600 قبل الميلاد انفجر بركان جبل مازاما في اوريغون وامطر حجارة ورمادا حارقا لسنوات . وبعد سنين طويلة ملأت الامطار فوهة البركان واصبحت تسمى اليوم ببحيرة فوهة البركان. هنود الكالاماث الحمر في اوريغون لديهم ملحمة تطابق بصدق كل التفاصيل الجيولوجية لذلك الثوران البركاني ولكن تضيف اليها قليلا من الدراما بتصوير الانسان كسبب لهذه الكارثة. قدرة الناس على ارتكاب الذنوب هي ما كان الناس يجدوه كطريقة لالقاء اللوم على انفسهم. وكما تقول الملحمة ان لالو حاكم العالم السفلي, وقع في حب امرأة بشرية هي بنت زعيم قبيلة الكالاماث. ولكنها ازدرته , فانتقم لالو بمحاولة تدمير قبيلة الكالاماث بالنار. ولكن لحسن الحظ , كما تقول الاسطورة, سكيل وهو حاكم العالم العلوي , اشفق على البشر وقاتل خصمه التحت ارضي. في النهاية جرح لالو وسقط في داخل جبل مازما مخلفا حفرة كبيرة , وبالنهاية هذه الحفرة امتلأت بالماء.
الجهل بطرق الطبيعة قادت البشر في الازمان القديمة الى اختراع الالهة وجعلها حاكمة وسيدة على كل شيء في حياة الانسان. فكان هنالك الهة للحب والحرب وللشمس وللقمر وللسماء والهة للمحيطات والانهار والامطار والعواصف الرعدية وحتى الزلازل والبراكين كان لها الهة. وعندما تكون الالهة راضية يتعم الانسان بالطقس الحسن والسلام والحرية من الكوارث الطبيعية والامراض. ولكن عندما تغضب الالهة يحل الجفاف والحرب والاوبئة والجائحات. ولان الناس لم يعلمو بعد العلاقة السببية بين الاحداث الطبيعية تلك ومسبباتها, بدا لهم ان تلك الالهة غامضة وانهم تحت رحمتها. ولكن مع طاليس المالطي (624-546 ق م ) اي منذ حوالي 2600 سنة مضت, هذا الامر بدأ بالتغير. بدأت تنشا فكرة ان الطبيعة تتبع مبادي متسقة يمكن فك شفرتها ومنذ ذلك الوقت بدأت عملية استبدال فكرة حكم الالهة الى فكرة ان الكون محكوم بقوانين الطبيعة, وان لهذه القوانين خريطة اصلية يمكن يوما ما ان نتعلم كيفية قراءتها.
بالنظر الى الخط الزمني لتاريخنا البشري, نرى ان التحقيق العلمي محاولة حديثة على تاريخنا. فنوعنا , الهوموسابيان , نظم نفسه في جنوب الصحراء الكبرى في افريقيا حوالي 200000 ق م . بينما يعود تاريخ اللغة المكتوبة الى 7000 سنة ق م فقط, وهي نتاج المجتمعات التي تمركزت حول مزترع الحبوب.( بعض اقدم هذه الكتابات تشير الى الحصة اليومية من البيرة المسموحه للمواطنين ). الكتابات الاولى للحضارة اليونانية العظيمة سجلت منذ القرن التاسع ق م , ولكن عظمة هذه الحضارة ( الفترة الكلاسيكية) جاءت بعد ذلك بمئات السنين, حيث بدات بوقت قليل قبل عام 500 ق م.وحسب ارسطو (384-322 ق م ) فان طاليس بدا بتطوير فكرته خلال ذلك الوقت وهي ان العالم يمكن فهمه, وان هذه الاحداث المعقدة من حولنا يمكن اختزالها الى مباديء بسيطة ويمكن تفسيرها دون اللجوء الى تفسيرات اسطورية او دينية.
يسجل لطاليس انه قام باول تنبؤ لكسوف الشمس عام 585 ق م , بالرغم من ان تنبؤه الدقيق كان من المحتمل ان يكون مجرد تخمين محظوظ. كان طاليس اشبه بالاشباح اذ لم يترك ورائه كتابات من عنده. كان بيته واحدا من مراكز الثقافة في المنطقة المسماة ايونيا, والتي استعمرت من قبل الاغريق والتي كان لها تاثير وصل بالنهاية بعيدا الى تركيا وايطاليا. العلم الايوني كان محاولة وجهها الاهتمام الشديد لكشف القوانين الاساسية التي تفسر الظواهر الطبيعية, وقد كانت معلما تاريخيا في تاريخ الافكار البشرية. كانت مقارباتهم (الايونيين) عقلانية وفي حالات عديدة توصلو لنتائج تشبه بشكل مثير للدهشة ما توصلت اليه وسائلنا الراقية اليوم. العلم الايوني مثل بداية عظيمة ولكن مع مرور الوقت معظم هذا العلم قد نسي فقط ليتم اعادة اكتشافه او اعادة اختراعه لاكثر من مرة.
استنادا للملحمة التاريخية فان اول صيغة رياضية لما نسميه اليوم قانونا طبيعيا تعود الى عالم ايوني يدعى فيثاغورس (580-490 ق م ) وقد اشتهر بالنظرية التي سميت باسمه : طول الوتر في مثلث يساوي الجذر التربيعي لمجموع مربعي الضلعين . يقال ان فيثاغورس قد اكتشف العلاقة العددية بين طول الاوتار المستخدمة في الالات الموسيقية والتركيب التجانسي للاصوات. يعني بلغة الحاضر ان تردد الوتر المهتز يتناسب عكسيا مع طول الوتر. من وجهة النظر العملية هذا يفسر لماذا يجب ان يكون وتر غيتار البيس اطول من وتر الغيتار العادي . ربما فيثاغورس لم يكتشف هذه الحقيقة بل ايضا ربما لم يكتشف النظرية التي تحمل اسمه. ولكن هنالك ادلة على ان هنالك علاقة ما بين طول الوتر و التردد كانت امرا معروفا في ذلك الوقت.
https://www.google.com/url?sa=i&rct=j&q=&esrc=s&source=images&cd=&cad=rja&uact=8&ved=0ahUKEwiWw97zrczMAhXDFZoKHWJCDp0QjRwIBw&url=https%3A%2F%2Fcommons.wikimedia.org%2Fwiki%2FF ile%3AIonia%2C_Asia_Minor_Map%2C_Classical_Atlas%2 C_1886%2C_Keith_Johnston.jpg&psig=AFQjCNHFWscE_of7Ijmgk88bw-CTSdyAUg&ust=1462861192549634 باستثناء قانون فيثاغورس للاوتار, فان القوانين الفيزيائية الوحيدة والمعروفة بشكل جيد للقدماء هي قوانين ارخميدس (284-212 ق م ) الثلاث وهو ابرز فيزيائي العصور القديمة. بمصطلحات اليوم فان قانون العتلة يوضح ان قوة صغيرة يمكنها ان ترفع اوزانا كبيرة لان العتلة تضخم القوة استنادا الى النسبة بين المسافات من نقطة استناد العتلة. وقانون الطفو يوضح ان اي جسم يغمر في سائل سيواجه قوة للاعلى مساوية لوزن السائل المزاح. واخيرا قانون الانعكاس الذي ينص على ان الزاوية بين الشعاه الساقط والمراة مساوي للزاوية بين الشعاع المنعكس والمرأة. ولكن ارخميدس لم يدعها بالقوانين , ولم يقم بتفسيرها استنادا الى مرجعية الملاحظات والقياسات. بدلا من ذلك فانه عاملها كما لو انها نظريات رياضية خالصة في نظام بديهي يشابه كثيرا الهندسة الاقليدية.
ومع انتشار التأثير الايوني, ظهر ان هنالك آخرون رأو ايضا ان العمليات في الكون ذات نظام داخلي, وانه يمكن فهمها من خلال الملاحظة والعقل . اناكسيمندر (610-546 ق م ) صديق وربما تلميذ طاليس حاجج بانه بما ان الطفل البشري الرضيع عاجز عند الولادة فان هذا يعني ان الانسان الاول على الارض لو وجد طفلا لما كتبت له النجاة, وهذه المحاججة تبدو وكأنها اول معرفة محدودة بالتطور في التاريخ البشري, البشر اذن حسب منطق اناكسيماندر يجب ان يكونو قد تطورو عن حيوانات اطفالها اقوياء (قابلون للبقاء) . في صقلية امبيدوكليس (490-430 ق م ) لاحظ استعمال الساعة المائية والتي تستعمل احيانا كمغرفة , وانها مكونة من كرة برقبة مفتوحة وفتحات صغيرة في قعرها. وعند غمرها بالماء ستمتليء وان تم غلق رقبتها المفتوحة ورفع الكرة من الماء فان الماء الذي بداخلها لن يسقط منها من خلال الثقوب. ولاحظ ايضا انه اذا اغلقت رقبة الكرة قبل غمرها بالماء فانها لن تمتليء عند غمرها فيه, فاستنتج ان شيئا غير مرئي لابد انه ما يمنع الماء من دخول الكرة من خلال الثقوب – اكتشف الوسط المادي الذي ندعوه الان بالهواء.
وفي نفس هذا الوقت فان ديمقريطس ( 460-370 ق م ) من مستعمرة ايونية شمال اليونان , تامل فيما يحدث لو قطعت جسما ما الى اجزاء. وقد جادل بانه يجب ان تستمر بعملية التقسيم الى ما لا نهاية وهذا يجعل العملية غير معرفة . بدلا من ذلك افترض ان كل شيء وبضمنه كل الكائنات الحية مصنوعة من جسيمات اساسية لا يمكن شطرها او تكسيرها الى اجزاء. وسمى تلك الجسيمات النهائية بالذرات, وهي صفة يونانية تعني " غير القابل للقطع" . لقد آمن ديمقريطس ان كل ظاهرة طبيعية هي نتاج تصادم الذرات. ومن وجهة نظره , ويطلق عليها اسم المذهب الذري, ان كل الذرات تتحرك في الكون وان لم يتم اعتراضها ستستمر بالحركة الى الامام بلاحدود. اليوم هذه الفكرة تسمى بقانون عزم القصور الذاتي.
الفكرة الثورية التي تقول اننا لسنا مجرد سكان عاديين في الكون, وانما متميزين بوجودنا في مركز الكون, هذه الفكرة بطلها ارسطو (310-230 ق م ) احد آخر العلماء الايونيين. فقط واحدة من حساباته صمدت للوقت, وهي تحليل هندسي معقد لمشاهدات متمعنة اجراها لمساحة ظل الارض على القمر خلال الخسوف. واستنتج من خلالها ان الشمس لابد تكون اكبر بكثير من الارض ربما الهم بفكرة ان الاجسام الصغيرة يجب ان تدور حول الاجسام الكبيرة وليس العكس, فكان اول شخص حاجج بان الارض ليست مركزا لمجموعتنا الكوكبية, وبدلا من ذلك فان الارض وباقي الكواكب تدور حول الشمس الهائلة الحجم. كانت هذذه خطوة صغيرة نحو ادراك ان الارض ليست سوى كوكب آخر وفيما بعد الى فكرة ان شمسنا ليست شيئا مميزا ايضا. شك ارسطو ان تكون هذه هي القضية وآمن ان النجوم التي نراها في سماء الليل ليست سوى شموس بعيدة.
الايونيون كانو واحدة من مدارس فلسفية اغريقية عديدة , لكل منها تقاليد تختلف وغالبا تتناقض مع بعضها البعض. لسوء الحظ, ان وجهة النظر الايونية للطبيعة والتي ترى انه يمكن تفسير الطبيعة من خلال قوانين عامة تختزل الى مجموعة بسيطة من المباديء , ان تاثيرها لم يدم سوى لبضعة قرون. احد الاسباب ان النظريات الايونية تبدو وكأنها لا تترك مجالا لفكرة الارادة الحرة او الغاية, او ان الالهة تتدخل في عمل العالم. وعد هذا الامر سهوا مذهلا ومقلقا بشكل عميق لمعظم المفكرين الاغريق كما هو الامر لمعظم الناس اليوم. فالفيلسوف ابيقور (341-270 ق م ) على سبيل المثال عارض المذهب الذري على ارضية انه " من الافضل اتباع الاساطير عن الالهة عن التحول الى عبيد لفلاسفة الطبيعة " . ارسطو كذلك عارض فكرة الذرات لانه لم يستطع ان يتقبل ان الانسان مكون من جمادات لا روح فيها. الفكرة الايونية القائلة بان الانسان ليس مركز الكون كانت معلما تاريخيا في فهمنا للكون, ولكنها فكرة كان سيتم القائها ولايتم التقاطها مرة اخرى, الا بعد مرور عشرين قرنا على يد غاليلو.
رغم ان بعض تخمينات قدماء الاغريق عن الطبيعة كانت ثاقبة, الا ان افكارهم لم تعتبر باجمعها صحيحة في وقتنا الحاضر. بسبب ان الاغريق لم يخترعو المنهج العلمي بعد, ولم تكن نظرياتهم توضع بهدف التحقق منها تجريبيا. فمثلا اذا قال عالم ان الذرة تتحرك في خط مستقيم حتى تتصادم بذرة اخرى بينما قال عالم اخر بان الذرة تسير في خط مستقيم حتى تصطدم بالسيكلوب ( عملاق اسطوري ذو عين واحدة .. المترجم ) فلا توجد طريقة موضوعية لحسم هذا الجدال بينهما. اضافة الى ذلك انه لم يكن هنالك وقتها تمييز واضح بين الانسان وقوانين الطبيعة. فعلى سبيل المثال اناكسمييندر كتب في القرن الخامس قبل الميلاد ان كل الاشياء تنشا من مادة اولية وتعود اليها خشية دفع غرامات او عقوبات بسبب اثامها. واستنادا الى الفيلسوف الايوني هيراكليطوس (535-475 ق م ) فان الشمس تتصرف كما هي عليه لان الهة العدل سوف تطاردها. بعد بضعة قرون الرواقيون , وهي مدرسة فلسفية اغريقية نشات حوالي القرن الثالث ق م , وضعت تمييزا واضحا بين الحالة البشرية والقوانين الطبيعية, ولكنهم وضعو ضمن هذه القوانين الطبيعية قواعد السلوك البشري والتي اعتبروها كونية مثل تبجيل الالهة واطاعة الوالدين وجعلوها بمرتبة القوانين الطبيعية. والعكس بالعكس فانهم غالبا ما وصفو العمليات الفيزيائية بمصطلحات قانونية وامنو انه حتى الاشياء الجامدة يجب ان " تطيع" القانون. فاذا كنت تعتقد ان من الصعب اليوم جعل الناس يتبعون قوانين المرور, فتخيل محاولة اقناع كويكب بالتحرك في مدار اهليليجي.
هذا التقليد الفكري استمر بتأثيره على خلف الاغريق من المفكرين لقرون عديدة منذ ذلك الوقت. في القرن الثالث عشر الميلادي الفيلسوف المسيحي توما الاكويني (1225-1247 م) تبنى وجهة النظر هذه واستعملها للمحاججة بوجود الاله, حيث كتب " من الواضح ان الجمادات لا تصل نهايتها بالصدفة بل بالقصد ... وعليه فان هنالك كائنا شخصيا ذكيا والذي كل يأمر كل شيء في الطبيعة الى غايته النهائية" ولاحقا حتى القرن السادس عشر ميلادي, حتى الفلكي الالماني العظيم يوهان كبلر (1571-1630 م ) آمن ان الكواكب لديها حس ادراكي وتتبع بوعي قوانين الحركة التي التقطتها "عقولها".
فكرة ان قوانين الطبيعة يجب اطاعتها بقصد تعكس التركيز القديم على لماذا تتصرف الطبيعة كما تفعل, بدلا من ان يتم التركيز على كيف تتصرف الطبيعة. ارسطو كان مؤيدا لوجهة النظر تلك, رافضا فكرة ان العلم يجب ان يبنى بشكل اساسي على الملاحظة.باي حال القياسات الدقيقة والحسابات الرياضية كانت صعبة في الازمان القديمة. فالارقام العشرة التي نجدها اعتيادية للاستعمال في الحسابات اليوم تعود فقط الى حوالي عام 700 ميلادي, الهنود قامو بالخطوات العظيمة اولى لجعل الاعداد اداة فعالة. رموز الجمع والطرح لم تستعمل الا في القرن الخامس عشر. ولم توجد علامة المساواة ولا الساعات القادرة على اظهار الثواني قبل القرن السادس عشر ميلادي.
ارسطو, على كل حال لم ير مشكلة في القياسات والحسابات كعائق اما تطوير فيزياء يمكنها ان تنتج تنبؤات كمية. لكنه راى ان ليس هنالك حاجة لتلك القياسات والحسابات. وبدلا من ذلك بنى ارسطو فيزيائه على مباديء ناشدته فكريا. هو كبت الحقائق التي لم يجدها تناشده فكريا وركز جهوده على اسباب حدوث الاشياء. مع استثمار القليل من الطاقة في تفصيل مالذي يحدث بالفعل. ارسطو قام بتعديل استنتاجاته التي لاتتفق بشكل صارخ ولا يمكن تجاهله مع المشاهدات. ولكن هذه التعديلات كانت غالبا من نوع مغالطة " لهذا الغرض " ( اقحام فرضية دخيلة على نظرية لمنع دحضها ... المترجم) ولم تكن اكثر من طلاء يغطي التناقضات. في هذه الحال, لا يهم مدى انحراف النظرية عن الواقعية , لانه دائما يغيرها بشكل كاف لرفع التناقض ظاهريا. مثلا, نظريته في الحركة والتي تقول ان الاجسام الثقيلة تسقط بسرعة ثابتة متناسبة مع اوزانها.و ليشرح كيفية اكتساب الاجسام للسرعة عند سقوطها, اخترع مبدا جديدا ان الاجسام تزداد بهجتها وعليه تتسارع عندما تكون قريبة من مكانها الطبيعي للاستراحة. مثل هذا المبدأ يبدو اليوم وصفا ملائما لبعض الاشخاص لا الاجسام الجامدة. ورغم ان نظريات ارسطو تملك القليل من القيمة التنبؤية, ولكن مقاربته للعلم سادت الفكر الغربي لما يقرب من الفي عام.
وقد رفض خلفه من المسيحيين الاغريق فكرة ان الكون محكوم بواسطة قوانين طبيعية غير مختلفة. وهم ايضا رفضو فكرة ان البشر لا يملكون مكانا مميزا في الكون. وعلى الرغم من ان القرون الوسطى لم تشهد نظاما فلسفيا متشاكها, لكن الفكرة العامة انذاك عن الكون انه بيت العاب الاله. وبالنهاية في عام 1277 م اصدر بيشوب باريس تيمبيير قائمة على ضوء توجيهات البابا بوب جون الحادي والعشرين تضم 219 خطأ وهرطقة يدان كل من يقول بها. واحدة من تلك الهرطقات كانت فكرة ان الطبيعة تتبع القوانين, لان هذا يتعارض مع قدرة الاله الكلية. من المثير ان البابا جون قتل بتأثير قانون الجاذبية عندما انهار سقف قصره عليه.