المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لما أعبث بالأفكار (2)


طاعون
12-31-2016, 05:45 PM
كنت أشاهد الماضي في كأس ويسكي، رأيت ذاك الطفل ذو الإثني عشر عاما، ثائر و غاضب، بحثت عنه في الزمن و وجدته، لم يتغير ! كان يتخيل نفسه في المستقبل و يبحث عنها في الزمن و وجدني كذلك لكنه لم يعرفني، كنت أراه في الزقاق يحمل كرته و كان يراني في الحانة أحمل كأسي، لم نكن نفس الشخص و لا يجمعنا شيء سوى ذكرياتي و التي هي نفسها تخيلاته، لم أستطع استيعاب فكرة الزمن و ماهيته، افترضت أن ذاك الطفل ذو الإثني عشر عاما لم يكبر بل لا يزال هناك في زمانه و مكانه و أنني، هذا الإنسان ذو الإثني و الثلاثون عاما كنت هنا في نفس الوقت الذي كنت فيه رضيعا و طفلا و رجلا و أن هذه اللحظة ثابثة و أنني مع كل لحظة و في كل ساعة و يوم أنتقل في الزمن و أن هناك نسخة مني في الماضي و الحاضر و المستقبل في نفس المكان، افترض أن الزمن ثابت و أنه كله حاضر و أن الفرد لا يكبر و إنما يتبدل في كل لحظة و مع مرور الزمن يبتعد الفرد عن ما كان عليه في لحظة في الماضي ثم افترضت أنني غير موجود و أنني مجرد وهم، أو أني لست سوى فكرة من أفكار فيلسوف أو شخصية في رواية لمؤلف فاشل. أحببت جنون التأمل و أطلقت العنان لأفكاري بدون هدف.
مع كل كأس كنت أشربه كنت أحاول أن أواجه واقع أنه هنالك أناس يعتبرونني مجنونا مع أني لا أهتم لذلك، لكن ما يزعجني هو أنهم يعتبرون أنفسهم عقلاء، و أنهم يملكون الحقيقة المطلقة، منهم من ينصب نفسه ولي أمر و ينصحني برؤية طبيب نفسي إن لم ينصب نفسه دكتورا، و منهم من ينصب نفسه أعلى مكانة و يعطيني دروسا من خلال حكاياتهم و تجاربهم مقتنعين أنها هي الصواب و أنها أسلوب حياة و على الجميع أن يتخذ هذا الهراء على دستورا، عدا عن من يعتقدون أنهم أنبياء الساعة، ينصحوني بأن أصلي و أن أكف عن شرب الخمر و أن أتزوج لكي أنعم بالإستقرار و السكينة مفترضين مسبقا أن ما أفكر به و كل شيء أقوم به ذنوبا أو أنني معاقب في الأرض، و كل الهرطقات الممكنة، لا ! إني لسعيد بما أنا عليه، متبول على العالم و على كل القيم و المعاني لأني حر ببساطة، لست عبدا لفكر، أو رغبة أو حتى جسد أنثى.
واصلت الشرب إلى أن وصلت صديقتي و التي ابتسمت ما إن رأتني أحدق في الكأس، ابتسمت كذلك لأنه كان قد حان الوقت لأن أحظى برفقة، لكنها سألتني عن فيما كنت أفكر، قلت أنني لا أفكر في شيء معين و إنما هي أفكار تأتيني و لست من يذهب إليها، ضحكت ثم سألتني عن ما إذا كنت أود أن نذهب لمكان آخر يكون أكثر أقل كآبة...

لؤي عشري
01-02-2017, 12:08 AM
ربما بصقة في وجه الحياة أو التبول عليه بتعبيرك فلسفة لا بأس بها، نبذ القيم الدينية الرجعية شيء عظيم وتقدم وعقلانية، أؤمن شخصيا بالأخلاق العلمانية المدنية الإنسانية فقط فلا أرى رأي نبذ كل القيم، ولا أرى الزواج أو الصداقة بين الجنسين فكرة سيئة طالما توافق الطرفان على نحوٍ قويٍّ.

طاعون
01-02-2017, 09:15 AM
ربما بصقة في وجه الحياة أو التبول عليه بتعبيرك فلسفة لا بأس بها، نبذ القيم الدينية الرجعية شيء عظيم وتقدم وعقلانية، أؤمن شخصيا بالأخلاق العلمانية المدنية الإنسانية فقط فلا أرى رأي نبذ كل القيم، ولا أرى الزواج أو الصداقة بين الجنسين فكرة سيئة طالما توافق الطرفان على نحوٍ قويٍّ.

الفكرة مستوحاة من فلسلة العبث، عبثية الحياة، اللامعنى و اللامغزى و اللاجدوى، حيث أن جميع القيم الإنسانية تعتبر مجرد محاولة لفهم أو إثبات الوجود، محاولات تنتهي دائما بالفشل، لكنها فلسفة تشجع على الحياة و الإستمتاع ما دام الإنسان حيا دون التقيد بأي قيم و مبادئ حتى لو كانت علمانية، على عكس العدمية ذات نفس التوجه الفلسفي لكنها فلسفة تشاؤمية تشجع على الإنتحار مثلا...