شبكة الإلحاد العربيُ

شبكة الإلحاد العربيُ (https://www.il7ad.org/index.php)
-   مواضيع مُثبتةْ (https://www.il7ad.org/forumdisplay.php?f=66)
-   -   آباء الكنيسة مصدر لمعتقدات الإسلام عن آخر الزمان الأسطوري والأخرويات (https://www.il7ad.org/showthread.php?t=15350)

لؤي عشري 10-10-2018 06:11 PM

آباء الكنيسة مصدر لمعتقدات الإسلام عن آخر الزمان الأسطوري والأخرويات
 
آباء الكنيسة مصدر لأساطير الإسلام عن أساطير أخر الزمان الأسطوري والأخرويات (الإسخاتولُجِيِ)
هيبولتُس الرومي وكيرلس الأورشليمي وإرنايوس أسقف ليون وأفرام السرياني الراهب الشاعر الملفان (العلامة، المعلم، المؤلف، الملقب بقيثارة الروح لدى المسيحيين وأحد أهم مظاهر التراث السرياني الأدبي)

مع استدراك سرد لنصوص أحاديث شيعية اثناعشرية عن أحداث آخر الزمان والأخرويات المشابهة لما أوردناه من الأحاديث السنية ومقارنتها بنصوص الأبوكريفا المسيحية

استدراك على كتاب: أصول أساطير الإسلام من الأبوكريفا المسيحية والهرطقات




أصول أساطير الإسلام من الأبوكريفا المسيحية والهرطقات وكتابات آباء الكنيسة أو للتحميل من هنا أو من هنا أو من هنا أو من هنا

أو من هنا ملف وورد غير كامل مخلوط ببعض ملفات بي دي إف للراغبين في النسخ والبحث

الفهرس

الهدف من هذه السلسلة
الإهداء
مراجع البحث
المقدمة
تواريخ تأليف الأسفار المسيحية القانونية والأبوكريفية
أصل أسطورة إغواء الشيطان للإنسان في الأبوكريفا برؤيا برثولماوس – لؤي عشري
مصدر أسطورة قصة سورة البقرة من سِفْر أعمال فيلِبْ بالسريانية – لؤي عشري
بدعة ماني مصدر لزعم محمد أنه الباركليتوس وغيرها – مقالات لعدة باحثين
أوجستين وخرافة لحظة نبوة محمد (اقرَأْ) - تهارقا
خرافة تعليمِ ملاكٍ كيفيةَ الصلاةِ لمحمد وخرافة القديس أنطونيوس المصري – مقتبَس من حامد عبد الصمد
قصة مريم في القرآن من أصل أبوكريفي- لؤي عشري
إنجيل الطفولة مصدر أساطير معجزات المسيح – سواح (ميلاد)
تأثيرات الفرق المسيحية المهرطقة – كلير تسدل
مذهب الدوسيتية الغنوسي مصدر اعتقاد عدم الصلب – سواح (ميلاد)
هرطقة باسيليدس الغنوسية عن صلب سمعان بدل المسيح، مع ترجمة نصين من مخطوطات نجع حمادي ومختصرات نصوص غنوسية أخرى– لؤي عشري
الجذور الأبيونية لنفي ألوهية المسيح – الغريب المنسي
الغنوسية والأبيونية- جذور الإسلام – د. سام مايكلز
أحاديث المسيح الدجال الإسلامية وأصولها الأبوكريفية المسيحية ومن كتابات آباء الكنيسة – لؤي عشري
من كتابات الآباء ومقاربات مع أساطير اليونان – إي جي جنكسن- ترجمة ابن المقفع – ملاحظات لؤي عشري
ضد المسيح الكذاب يأتي من المشرق – لؤي عشري
بعض الأخرويات وخرافة معراج محمد مأخوذة من الأبوكريفا المسيحية – لؤي عشري
قصة فتية الكهف وأصلها من الأدب السرياني – سامي المنصوري ولؤي عشري وأثير العاني ونبيل فياض أو فراس السواح
أصل خرافة نفخ الروح في اليوم الاثنين والأربعين – عدة بحوث لمجموعة من الباحثين
أصل مسيحي محتمل لأسطورة سورة الفيل – محمد المسيَّح ورفيق باباشي ود. سام مايكلز والنبي عقلي
خرافة الإسكندر ألكساندر المقدوني- ابن المقفع ولؤي عشري
أصل عقيدة التطهير في جهنم والأعراف – الموسوعة اليهودية- ترجمة لؤي عشري ومقارناته مع الإسلام
مما اقتبسه الإسلام من كتب القوانين "الرسولية" الكنسية – لؤي عشري
نماذج لاقتباسات أو تشابهات نصوص القرآن والأحاديث من أو مع بعض كتابات آباء المسيحية – لؤي عشري
قصة افتراء امرأة حامل على راهب بدعوى أنه أبو رضيعها- لؤي عشري
مما أخذ الشيعة في قصص الأنبياء عن المندائية – لؤي عشري
ابن إسحاق مؤلف السيرة المحمدية يقتبس من أعمال الرسل الأبوكريفية، وخاصة أعمال أندرواس ومتى (ماثياس) – لؤي عشري
تواريخ الأسفار التي استعملتها – لؤي عشري
مجموعة صور لبعض المخطوطات – لؤي عشري
ملحق نماذج لأحاديث الشيعة الاثناعشرية – لؤي عشري
الخاتمة

---------------------------------------------------------------------
أدناه التطويرات الجديدة على البحث:

السفر الزائف النسبة لـ هيبوليتُس الروميِّ
عمل تفسيري وعقدي مبكر يعود للقرن الثالث الميلادي على الأغلب

استدراك من لؤي عشري

جاء في مبحث Textological Notes on De Christo et Antichristo by Hippolytus of Rome in the Greek and Slavonic Manuscript Tradition أي ملاحظات نصية على مبحث عن المسيح وضد المسيح المكتوب من قِبَلِ هيبوليتُس الروميِّ في تقاليد المخطوطات الجريكية (اليونانية) والسلافية، من قبل الباحث الأكاديمي إيڤان إيڤانوڤ إلييڤ
Ivan Ivanov Iliev Иван И. Илиев who has received PhD from the Institute for Literature, Bulgarian Academy of Sciences) and now is an Assistant Professor at the Department of Bible Studies, Faculty of Theology, Sofia University “St Kliment Ohridski”. He has a degree in Classical philology and a Master’s degree in Old Church Slavonic from Sofia University, 1000 Sofia, 19 Sveta Nedelya Sq.

أنه يعتقد أنه أُلِّف فيما بين 200- 202م، وذلك وفقًا لمرجعه وهو أطروحة دكتوراة تخرج الكتاب بطبعة نقدية له وتدرسهnew critical edition of De Antichristo by Panagiotis C. Athanasopoulos (2013, 45–48 unpublished dissertation) available online:
http://thesis.ekt.gr/thesisBookReade...age/1/mode/2up
https://www.didaktorika.gr/eadd/hand...7275?locale=en

Pseudo- Hippolytus (السفر المنسوب زيفًا لهيبوليتُسْ) أو ما يُعرف بمقالة أو مبحث عن المسيح وعدو المسيح TREATISE ON CHRIST AND ANTICHRIST التي كتبها زعمًا هيبوليتُس الروميُّ HIPPOLYTUS OF ROME، ولو أن بعض المراجع تعتقد بصحة نسبته له، ويجمع كلا الفريقين على أنه نموذج لفكر واعتقادات آباء الكنيسة الأوائل الأخروية (الإسخاتولوجية)، وقد وُلِدَ هيبوليتُس عام 170م وتوفي عام 235م (حسب مراجع أخرى 180- 230).
النص منقول عن سلسلة آباء ما قبل مجمع نيقية ج5 Ante-Nicene fathers, volume 5, page 516 and after وهو مترجم عن نص وصلنا بصيغته الجريكية (اليونانية) الأصلية بعنوان De Christo et Antichristo، ويوجد نص آخر حكموا بأنه أقل موثوقية لم نستعمله إلا لمقارنة بالنص الوارد هنا، تجدونه في نفس المرجع المصدر ص 629 منه .

ورد في Pseudo- Hippolytus 25 (السفر المنسوب زيفًا لهيبوليتُسْ) أن عدو المسيح يهزم ممالك مصر وليبيا وإثيوبيا ويرفع شأن مملكة اليهود ويؤذي البشرَ، وهذا مماثل لتصور الإسلام له كيهودي إسرائيلي ينتصر لليهود:

...ولا يعني هذا القرن البازغ سوى ضد المسيح، الذي سوف يرفع أيضًا شأن [في ترجمة أخرى: يستعيد، يعيد إنشاء] مملكة اليهود. لقد قال [دانيال] أن ثلاثة قرون تُقتلَع من جذروِها، أيْ أن الملوك الثلاثة الخاصين بمصر وليبيا وإثيوبيا، الذي سوف يقطعهم (يقتلهم) في وسط صفوف المعركة. وبعد حصوله على سلطة رهيبة، لكونه أيضًا طاغيةً، فسوف يُنْزِلُ البلاءَ والاضطهاد ضد البشر، وسوف يمجد نفسه فوقهم. لأنه قد قال دانيال: "نظرت إلى القرن، ورأيت أن القرن قام بحرب ضد القديسين، وانتصر عليهم، إلى أن ذُبِحَ الوحشُ وهلكَ، وسُلِّمَ جسدُه للاحتراق في النار"

And under this was signified none other than Antichrist, who is also himself to raise the kingdom of the Jews (And by this offshoot horn none other is signified than the Antichrist that is to restore the kingdom of the Jews). He says that three horns are plucked up by the root by him, viz., the three kings of Egypt, and Libya, and Ethiopia, whom he cuts off in the array of battle. And he, after gaining terrible power over all, being nevertheless a tyrant, shall stir up tribulation and persecution against men, exalting himself against them. For Daniel says: "I considered the horn, and behold that horn made war with the saints, and prevailed against them, till the beast was slain and perished, and its body was given to the burning of fire."
وورد في نسخة أخرى للنص مشكوك في نسبتها لهيبوليتُس منشورة في سلسلة آباء ما قبل مجمع نيقية ج5 Ante-Nicene fathers, volume 5, page 604 and after تفسير لمقولات دانيال الغامضة على أنها تعني أن المسيح الكاذب يمكث ثلاثة سنوات ونصف، وأنه يعيد بناء مملكة اليهود وهيكلهم (معبدهم) في القدس، وأنه يدعي الألوهية ويظن أن ملكه يدوم إلى الأبد، لكن ملكه سيزول سريعًا، وأنه سيتصنع اللطف في البدء ثم لما يولونه الحكم يتحول إلى طاغية عنيف (كأنه كلام مستوحى من دروس أحداث التاريخ المتكررة):

XXV.
And at first, indeed, that deceitful and lawless one, with crafty deceitfulness, will refuse such glory; but the men persisting, and holding by him, will declare him king. And thereafter he will be lifted up in heart, and he who was formerly gentle will become violent, and he who pursued love will become pitiless, and the humble in heart will become haughty and inhuman, and the hater of unrighteousness will persecute the righteous. Then, when he is elevated to his kingdom, he will marshal war; and in his wrath he will smite three mighty kings,—those, namely, of Egypt, Libya, and Ethiopia. And after that he will build the temple in Jerusalem, and will restore it again speedily, and give it over to the Jews. And then he will be lifted up in heart against every man; yea, he will speak blasphemy also against God, thinking in his deceit that he shall be king upon the earth hereafter for ever; not knowing, miserable wretch, that his kingdom is to be quickly brought to nought, and that he will quickly have to meet the fire which is prepared for him, along with all who trust him and serve him. For when Daniel said, “I shall make my covenant for one week,”1959 he indicated seven years; and the one half of the week is for the preaching of the prophets, and for the other half of the week—that is to say, for three years and a half—Antichrist will reign upon the earth. And after this his kingdom and his glory shall be taken away. Behold, ye who love God, what manner of tribulation there shall rise in those days, such as has not been from the foundation of the world, no, nor ever shall be, except in those days alone. Then the lawless one, being lifted up in heart, will gather together his demons in man’s form, and will abominate those who call him to the kingdom, and will pollute many souls

ونعود للنص الأول الأكثر موثوقية، فورد في أصحاح 49 أنه يخادع الناس (نفس ما ورد في رؤيا يوحنا القانوني) وأنه أحيا وحشه الرابع المقتول الوارد في سفر رؤيا يوحنا وأن المقصود بذلك أنه يعيد جمع مملكة الروم بعد انقسامها إلى أربع ممالك تحت سلطته في مملكة واحدة:

49- وعنى بقوله ثم سيخرج الوحش من الأرض، مملكة عدو المسيح، وبالقرنين عناه هو والنبي الكاذب الذي وراءَه. وبقوله أن "القرون كانت شبيهة بالخاصة بالحمَل" عنى أنه سيتشبه بابن الرب وينصِّب نفسه ملكًا. بعد فترة "سيتحدث مثل تنين" عنى بذلك أنه مخادع، وغير صادق. وبكلامه (قوله): " فمارَسَ كُلَّ سُلطَةِ الوَحشِ الأوَّلِ بِمَحضَرٍ مِنهُ، فحمَلَ الأرضَ وسُكّانَها على السُّجودِ لِلوَحشِ الأوَّلِ الّذي شُفِيَ مِنْ جُرحِهِ المُميتِ" فيعني أنه _متبعًا لأسلوب قانون أغسطس، الذي أسس امبراطورية الروم_ سيحكم هو أيضًا ويمارس السلطة ويقرر كل شيء وفقًا له (لقانون أغسطس)، ويتحصل على مجد أكبر لنفسه.
لأن هذا هو الوحش الرابع، الذي جُرِحَت رأسُه وشُفِيَتْ مجدَّدًا، لكونها كُسِرَت أو حتى أُخْزِيَتْ وقُسِّمَت إلى أربع عروش، وسوف يشفيها ضد المسيح بمهارته في الخداع، كما كانت من قبل، ويستصلحها (يجددها). إذ هذا ما عناه الرسول حينما قال"سيمنح الحياة للصورة وصورة الوحش سوف تتكلم" [في الترجمة المعتمدة لرؤيا يوحنا 13: 15 يَنفُخَ في صُورَةِ الوَحشِ رُوحًا حتّى تتَكَلَّمَ]. لأنه سيتصرف بحيوية مجدَّدًا، ويَثْبُتُ أنه قوي بسبب القوانين التي وضعها، وسوف يجعل كل الذين لا يصلُّونَ لصورة الوحش يُقتَلُونَ. إلخ النص ويشبه المؤلف إجبارهم على يد عدو المسيح الكاذب على تقديم القرابين للوحش وعبادة ضد المسيح بما فعله أنطيوخس ملك سوريا المقدوني بإجبار اليهود على الطقوس الوثنية في عقر دارهم وتعذيب وإبادة من يرفض ويقاوم.

49. By the beast, then, coming up out of the earth, he means the kingdom of Antichrist; and by the two horns he means him and the false prophet after him. And in speaking of "the horns being like a lamb," he means that he will make himself like the Son of God, and set himself forward as king. And the terms, "he spake like a dragon," mean that he is a deceiver, and not truthful. And the words, "he exercised all the power of the first beast before him, and caused the earth and them which dwell therein to worship the first beast, whose deadly wound was healed," signify that, after the manner of the law of Augustus, by whom the empire of Rome was established, he too will rule and govern, sanctioning everything by it, and taking greater glory to himself.

For this is the fourth beast, whose head was wounded and healed again, in its being broken up or even dishonoured, and partitioned into four crowns; and he then (Antichrist) shall with knavish skill heal it, as it were, and restore it. For this is what is meant by the prophet when he says, "He will give life unto the image, and the image of the beast will speak." For he will act with vigour again, and prove strong by reason of the laws established by him; and he will cause all those who will not worship the image of the beast to be put to death. Here the faith and the patience of the saints will appear, for he says: "And he will cause all, both small and great, rich and poor, free and bond, to receive a mark in their right hand or in their forehead; that no man might buy or sell, save he that had the mark, the name of the beast, or the number of his name." For, being full of guile, and exalting himself against the servants of God, with the wish to afflict them and persecute them out of the world, because they give not glory to him, he will order incense-pans to be set up by all everywhere, that no man among the saints may be able to buy or sell without first sacrificing; for this is what is meant by the mark received upon the right hand. And the word--"in their forehead"--indicates that all are crowned, and put on a crown of fire, and not of life, but of death. For in ibis wise, too, did Antiochus Epiphanes the king of Syria, the descendant of Alexander of Macedon, devise measures against the Jews. He, too, in the exaltation of his heart, issued a decree in those times, that "all should set up shrines before their doors, and sacrifice, and that they should march in procession to the honour of Dionysus, waving chaplets of ivy;" and that those who refused obedience should be put to death by strangulation and torture. But he also met his due recompense at the hand of the Lord, the righteous Judge and all-searching God; for he died eaten up of worms. And if one desires to inquire into that more accurately, he will find it recorded in the books of the Maccabees.

وورد في أصحاح 53 أنه يدعي أنه الرب الله (ولو أن هذا مذكور كذلك في سفر رؤيا يوحنا الشرعي في الكتاب المكدس)، وأنه يجمع شعب اليهود من كل المدن بمناداتهم وهي أسطورة أبوكريفية شبيهة بما نقلته الأحاديث المحمدية، ولنلاحظ أن اقتباسات كاتب هذا السفر الأبوكريفي من الأسفار الكتابية كأشعيا ودانيال وحزقيال المعتمَدة القانونية ليست دقيقة بحروفها وفق النسخ المعتمدة المعروفة، بل هي روايات بالمعنى ومختلفة عن النص المعتمد:

53- هذه الأمور إذن _أيها الحبيبُ_ ستكون في المستقبل؛ وعندما تُقطَع (تُقتَلَعُ) الثلاثة قرون، سيبدأ في الادعاء بأنه الله، كما قال حزقيال في زمن أقدم: "لأنَّ قلبَكَ تكبَّرَ فقُلتَ: أنا إلهٌ" [حزقيال 28: 2، اقتباس محرف قليلًا]، وبنفس الفحوى قال أشعيا: "لأنك كُنتَ تقولُ في قلبِكَ: سأصعَدُ إلى أعالي السَّماءِ وأرفَعُ عرشي فَوقَ نجوم السماء وأكونُ شَبيهًا بالعليِّ، لكنَّكَ ستنحدر إلى الهاديس (الهاويةِ، عالم الأموات)، إلى أسس الأرض." [أشعيا 14: 13- 15، اقتباس محرَّف جدًّا]، وعلى نحو مماثل قال حزقيال أيضًا: "هل ستقول أيضًا للذين سيذبحونك: أنا إلهٌ؟ بل ستكون بشرًا، وليس إلهًا" [حزقيال 28: 9].
54- لأن قبيلته _من ثَمَّ_ وظهوره وهلاكه قد قُدِّمَتْ في هذا الكلام، وقد أشيرَ إلى اسمه كذلك على نحو ملغَّزٍ (سرَّانيٍّ)، ولننظر أيضًا إلى فعله. لأنه سيدعو كل الشعب لنفسه، من كل مدينة للشتات، جاعلًا إياهم له [شعبَه]، كما لو كانوا أبناءَهُ، وسيعِدُهم باسترجاع بلدهم، وأنه سيؤسِّس مجدَّدًا مملكتَهم وأُمَّتَهم، وذلك لكي يصلُّوا له على أنه الله، كما قال النبي: "سوف يجمع كل مملكته، من مشرق الشمس وحتى مغيبها، من سيستدعيهم ومن لن يستدعيَهم سيسيرون معه"؟ وتحدث عن إرميا هكذا في حكاية رمزية (مثَلٍ): "صاحت الحَجلةُ وجمعت ما لم تفقسه، جاعلةً نفسها غنية بلا حكمة، في وسط أيامها سوف يتركونها، وفي نهايتها ستكون حمقاءَ" [إرميا 17: 11 بنص مختلف]

55- لن يضر بالتالي في سياق جدالنا الحالي، لو شرحنا طبيعة هذا المخلوق، وبرهنا على أن النبي لم يكن يتحدث بدون غرض في استعمال الحكاية الرمزية (أو التشبيه) بهذا المخلوق. إذ لأن الحجلة مخلوق مغرور، فإنها عندما ترى بالقرب عشًّا خاصًّا بحجلة أخرى به صغار (فروخ)، وعندما تبتعد الطائرة الأم (أو الوالد) طائرًا (ةً) بحثًا عن الطعام، فإنها تقلد صياحَ الطائر(ة) الأخر(ى) (الأمَّ)، وتنادي الصغار لنفسها، وهم لكونهم يحسبونها أمهم يهرعون إليها. وهي تبهج نفسَها بفخر بالفروخ الغريبة عنها كما لو كانت أفراخَها الخاصةَ بها. لكن عندما تعود الأم الحقيقية، وتناديهم بصوتها المألوف، يعرفها الصغار، ويهجرون المخادع، ويذهبون للأم (للوالد) الحقيقي(ة). اتخذ النبي إذن هذا الأمر تشبيهًا، مطبقًا إياه على نحو مشابه على عدو المسيح. لأنه سوف يجذب البشرية إلى نفسه، متمنيًا أن يحوز من ليسوا ملكًه، ويعدُ بالخلاص للكل، بينما هو غير قادر على تخليص نفسه.

53. These things, then, shall be in the future, beloved; and when the three horns are cut off, he will begin to show himself as God, as Ezekiel has said aforetime: "Because thy heart has been lifted up, and thou hast said, I am God." And to the like effect Isaiah says: "For thou hast said in thine heart, I will ascend into heaven, I will exalt my throne above the stars of heaven: I will be like the Most High. Yet now thou shall be brought down to hell (Hades), to the foundations of the earth." In like manner also Ezekiel: "Wilt thou yet say to those who slay thee, I am God? But thou (shall be) a man, and no God."

54. As his tribe, then, and his manifestation, and his destruction, have been set forth in these words, and as his name has also been indicated mystically, let us look also at his action. For he will call together all the people to himself, out of every country of the dispersion, making them his own, as though they were his own children, and promising to restore their country, and establish again their kingdom and nation, in order that he may be worshipped by them as God, as the prophet says: "He will collect his whole kingdom, from the rising of the sun even to its setting: they whom he summons and they whom he does not summon shall march with him." And Jeremiah speaks of him thus in a parable: "The partridge cried, (and) gathered what he did not hatch, making himself riches without judgment: in the midst of his days they shall leave him, and at his end he shall be a fool."

55. It will not be detrimental, therefore, to the course of our present argument, if we explain the art of that creature, and show that the prophet has not spoken without a purpose in using the parable (or similitude) of the creature. For as the partridge is a vainglorious creature, when it sees near at hand the nest of another partridge with young in it, and with the parent-bird away on the wing in quest of food, it imitates the cry of the other bird, and calls the young to itself; and they, taking it to be their own parent, run to it. And it delights itself proudly in the alien pullets as in its own. But when the real parent-bird returns, and calls them with its own familiar cry, the young recognise it, and forsake the deceiver, and betake themselves to the real parent. This thing, then, the prophet has adopted as a simile, applying it in a similar manner to Antichrist. For he will allure mankind to himself, wishing to gain possession of those who are not his own, and promising deliverance to all, while he is unable to save himself.

قارن مع ما جاء في كتب الأحاديث الإسلامية، روى البخاري:

1881 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَيْسَ مِنْ بَلَدٍ إِلَّا سَيَطَؤُهُ الدَّجَّالُ إِلَّا مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ لَيْسَ لَهُ مِنْ نِقَابِهَا نَقْبٌ إِلَّا عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ صَافِّينَ يَحْرُسُونَهَا ثُمَّ تَرْجُفُ الْمَدِينَةُ بِأَهْلِهَا ثَلَاثَ رَجَفَاتٍ فَيُخْرِجُ اللَّهُ كُلَّ كَافِرٍ وَمُنَافِقٍ

ورواه مسلم 2942 وأحمد 1593، وراجع ص 146 من الكتاب فهي أسطورة وردت كذلك في سفر صعود أشعيا وسفر وصية الرب.

وروى أحمد بن حنبل:

5353 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَنْزِلُ الدَّجَّالُ فِي هَذِهِ السَّبَخَةِ بِمَرِّقَنَاةَ، فَيَكُونُ أَكْثَرَ مَنْ يَخْرُجُ إِلَيْهِ النِّسَاءُ، حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لَيَرْجِعُ إِلَى حَمِيمِهِ وَإِلَى أُمِّهِ وَابْنَتِهِ وَأُخْتِهِ وَعَمَّتِهِ، فَيُوثِقُهَا رِبَاطًا ، مَخَافَةَ أَنْ تَخْرُجَ إِلَيْهِ، ثُمَّ يُسَلِّطُ اللهُ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِ، فَيَقْتُلُونَهُ وَيَقْتُلُونَ شِيعَتَهُ ، حَتَّى إِنَّ الْيَهُودِيَّ، لَيَخْتَبِئُ تَحْتَ الشَّجَرَةِ أَوِ الْحَجَرِ فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوِ الشَّجَرَةُ لِلْمُسْلِمِ: هَذَا يَهُودِيٌّ تَحْتِي فَاقْتُلْهُ "

إسناده ضعيف، فيه محمد بن إسحاق وهو مدلس، وقد عنعن. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (13197) من طريق عبد العزيز بن يحيى، عن محمد بن سلمة، بهذا الإسناد .
وسيأتي قتال اليهود فقط بأسانيد صحيحهَ برقم (6032) و (6147) و (6186) و (6366) من طريق الزهري، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه.
ولبعض حديث ابن إسحاق شواهد من حديث جابر، سيرد 3/292 و367-368. ومن حديث عثمان بن أبي العاص، سيرد 4/2160. ومن حديث سمرة، سيرد 5/160. ومن حديث أبي أمامة الباهلي عند ابن ماجه (4077) . ومن حديث حذيفة عند ابن منده في "الإيمان" (1033) ، وأسانيد هذه الأحاديث كلها ضعيفة.
ويشهد لقَتال اليهود فقظ حديث أبي هريرة، سيرد 2/398، وهو صحيح.
قوله: "في هذه السَبَخَة" ، قال السندي: هي بفتحات: أرض تعلوها الملوحة، ولا تكاد تنبت إلا بعض الشجر. "بمر قناة ": هو واد بالمدينة، وقد يقال فيه: وادي قناة، وهو غير مصروف. "إلى حَمِيمِه "في " القاموس": الحميم: القريب، وقد يكون الحميم للجمع والمؤنث.
----------------------------------------------------------

كيرلس الأورشليمي قال بأن المسيح الكاذب سيتظاهر بالخداع بإحياء الموتى، والأحاديث الإسلامية نقلت هذه الأسطورة
عظات كيرلس الأورشليمي (315- 386م) لطالبي التعميد/ عظة رقم 15 (22 في الترجمة العربية)
Cyril of Jerusalem, Catechetical Lecture 15, On the Clause, And Shall Come in Glory to Judge the Quick and the Dead; Of Whose Kingdom There Shall Be No End.

مقارنة للؤي عشري مع مراجعته الترجماتِ المتوفرة للكتاب

عظات كيرلس الأورشليمي لطالبي التعميد أي المتنصرين/ عظة رقم 15 (22 في الطبعة العربية)/ بعنوان: مجيئ المسيح الثاني، أو في العنوان الأصلي: سيأتي في مجده ليدين الأحياء والأموات، الذي ليس لملكه انقضاء (الترجمة العربية نقلًا عن: القديس كيرلس الأورشليمي-حياته ومقالاته لطالبي العماد-ترجمة يعقوب تادرس الملطي- 2006)، والإنجليزية في
Catechetical Lectures, Translated by Edwin Hamilton Gifford. From Nicene and Post-Nicene Fathers, Second Series, Vol. 7. Edited by Philip Schaff and Henry Wace

وُلد قديس المسيحيين كيرلس الأورشليمي بأورشليم أو بإحدى قراها عام 315 م. سيم شمّاسا سنة 335 م. ثم قسّا سنه 345 م. وبالرغم من حداثة القس كيرلس عهد إليه الأسقف مهمة تعليم الموعوظين لتأهيلهم لنوال سرّ المعمودية، كما جُعِل يعظ في أيام الآحاد والأعياد. واشتملت حياته على قصة صراع كبير مع رجال الدين وخاصة أكاكيوس أسقف قيصرية (مع أنه كان هو الذي اختاره كأسقف لكن في ظل آريوسية أكاكيوس واشتباهه في ثالوثية كيرلس) ومع الأباطرة الروم الآريوسيين ونفوه ثلاث مرات في حياته، ويمكن العودة لقصة حياته في المراجع المتوفرة لسيرته، وتوفي سنة 386 م. بالتالي كتب السفر محل الكلام والمبحث قبل الإسلام بقرون طوال، فلا نزاع على نسبته لكيرلس الأورشليمي. وتذكر كتب التاريخ أنه كان يسلِّم (يعلِّم) المتنصرين تلك المحاضرات في الكنيسة التي كان قد بناها الامبراطور قنسطنطين كضريح تذكاري لشهداء المسيحية. ويعتقد البعض على أساس دليل محدود أنه كتبها عندما كان لا يزال قسا ونائبًا لأسقفه ماكسيمُس، حيث يذكر في موضع من المحاضرات (المحاضرة 6: فقرة 20) (Catechetical 6.20) أن عمر هرطقة ماني سبعون عامًا.
المصادر:
- https://st-takla.org/Saints/Coptic-O...tory_1491.html
(ترجمة أي: سيرة كيرلس الأوشليمي في موقع الأنبا تكلا)

- https://en.wikipedia.org/wiki/Cyril_of_Jerusalem

Andrew Louth, 'Palestine', in Frances Young et al., The Cambridge History of Early Christian Literature, (2010), p284

- Hellemo, Geir. Adventus Domini: Eschatological Thought in 4th Century Apses and Catecheses, BRILL, 1989 ISBN 9789004088368

- The Penguin Dictionary of Saints, 3rd Edition", Donald Attwater and Catherine Rachel John, New York: Peguin Putnam Inc., 1995, p. 101

- The main evidence for this dating is that at one point Cyril casually refers to the heresy of Mani as being seventy years old (Cat 6.20). Andrew Louth, 'Palestine', in Frances Young et al., The Cambridge History of Early Christian Literature, (2010), p284

في حين نفت أسفار أبوكريفية مسيحية مثل سفر رؤيا إيليا الأبوكريفي: أصحاح 3 ويعود للقرن الرابع الميلادي نفت أن يكون لعدو المسيح (الكاذب، الدجال) قدرة على إحياء الموتى، وقالت أنه يفعل كل الخوارق والمعجزات عدا إحياء الموتى:

(5 وسيتهيأ ابن الإثم من جديد للوقوف في المكان المقدس. سيقول للشمس: "اسقطي!" وستسقط. 6 وسيقول: "أضيئي!" وستفعل ذلك، وسيقول" "صيري مظلمة" وستفعل ذلك. 7 وسيقول للقمر: صر دمًا! وسيفعل ذلك. وسيجوب السماء معهما. 8 وسيمشي على البحر وعلى الأنهار كما على أرض يابسة. وسيجعل الكسحاءَ يمشون، والصم يسمعون والبكم يتكلمون والعميان يبصرون والبرص سيطهرهم، 9 وسيشفي المرضى، والذين بهم شياطين سيحررهم. وسيضاعف علاماته وآياته أمام كل شخص. 10 وسيفعل الأشياء التي قام بها المسيح ما عدا إقامة الموتى،11 فبهذا تعلمون أنه ابن الإثم إذ ليس له سطان على الروح." رؤيا إيليا 3: 5- 11 ترجمة كتابات ما بين العهدين ج3- ترجمة موسى ديب الخوري

30 سوف يستمع الستون صالحًا المُعَدِّين لهذه الساعة، 31 وسيلبسون درع الصدرة (لباس كهنوتي مزين بالجواهر_م) الخاص بيهوه، وسيهرعون إلى أورشليم ويتقاتلون مع الوقح، قائلين له: "كل القدرات التي قام بها الأنبياء منذ بدء الزمن أنت قد فعلتها، لكنك لم تقدر على إحياء الموتى لأنك لا سلطان لك على منح الحياة. لذلك عرفنا أنك ابن الإثم. 32 سيسمع ذلك، وسيغضب ويأمر بإضرام النار على المذابح. 33 وسيقيَّد الصالحون، ويُرفَعونَ [عليها] ويُحْرَقُون.)

5: 1 وفي هذا اليوم ستتقوى [بديلة: ترتعب] قلوب كثيرين وسيهربون منه، قائلين: "هذا ليس المسيح، فالمسيح لا يقتل الصالحين. إنه لا يطارد [بديلة: يضطهد] البشر [بديلة: الصالحينٍ] لكي يتبعوه، بل يقنعهم بالآيات والمعجزات.

رؤيا إيليا 4: 3- 33 و5: 1 الترجمة الإنجليزية (ترجمة عربية مختلفة قليلًا عن ترجمتي وأسلوبي ص 666 من كتابات ما بين العهدين ترجمة موسى ديب الخوري، 3: 51 إلى 55)

وهي أسطورة واعتقاد نقلته عظة منسوبة لأفرام السرياني Pseudo-Ephraim السريانية المسماة كذلك "عظة عن نهاية العالم" Sermon on the end of the world أو "عن الأزمنة الأخيرة وعدو المسيح ونهاية العالم" On the Antichrist and on the end of the world تحتوي على مواد أبوكريفية، وهي كما يبدو ليست له حيث شكك باحثون معاصرون في نسبتها التقليدية له، فهي تعود إلى ما بين القرن الخامس والسابع الميلاديين، لكن نوردها كشاهد على الرأي السائد في المسيحية القويمة التقليدية:

" وحينما يزعج ابن الضلالة كل الخليقة، ومتى أخضع ابن الضلالة2 الكون كله لسلطانه، يُرْسَلْ إيليا وأخنوخ لفضح [لدحض] الدجال [ترجمة بديل: ليُقنِعوا] بسؤال ملؤه الوداعة، فسيأتي القديسان إليه، هذان الرجلان المقدسان، لكي يفضحا ابن الإثم أمام الحشود المحيطة به، سيقولان [له]: ان كنت الله حقًّا فأظهر لنا ما نسألك عنه الآن: أين خبَّأْتَ أخنوخ وإيليَّا الرجلان اللذان من الزمن القديم [ترجمة بديلة: الكبيرين]؟" فسيجيبهما الشرير فورًا: "عندما أريد يكونان في السماء أو لو شئتُ يكونان في أعماق البحر، (لا فرق) لأن سلطتي على كل الأماكن. حيث أنه لا إله سواي، وأستطيع فعل كل شيء على الأرض وأيضًا في السماء". فسيردانِ على ابن الضلالة:" إن كنت اللهَ حقًّا فادعُ الموتى وسينهضون، لأنه مكتوب في سفر الانبياء وأيضا كتَبَ الرسل [رسل الإنجيل] أنه عندما يظهر المسيح سوف يقيم الموتى من قبورهم، فإن لم تستطِ

النبي عقلي 10-10-2018 07:14 PM

موضوع فوق الرائع
 
عزيزي لؤي عشري موضوع رائع ومتقن
وقد شدني فيما يخص ما نسب لافرام السرياني خصوصا وان مؤسس الاسلام تأثر كثيرا بمواعظه وحتى طريقته السجعية والشعرية في الموعظة، وفيما نسب اليه عن وجود شخصيتي اخنوخ وايليا في عهد الدجال او ضد المسيح ولعل المتتبع عن الاثار الواردة عن مؤسس الاسلام انه كان يظن ان يوم القيامة قريب من ظهور محمد وقريب منه جداً فهذا ما يعتقده المسلمون جعلوا شخصيتين ستعاصر عدو المسيح او الدجال وهما الخضر والمهدي الذي يكون من نسل علي بن ابي طالب واحد اسماءه ايليا وهذا يصرح به الشيعة، اما الاحاديث فقد شرحت كثيرا انها تحوي الغث والسمين بغض النظر عن اكذوبة الاسانيد فمنها ما هو نقل لوقائع حقيقية ومنها نقل مع التدليس والتحريف ومنها اختلاقات بعد ما انفتح المسلمون على كتابات اليهود والطوائف المسيحية بعد ان استعمروا بلدانهم لذا ستجد المتناقضات الرهيبة في هذا الميدان ومن الاحاديث ايضا ترقعيعات واختلاقات من اجل مصالح اخرى، نقطة اخرى مؤلف النفيس في الرد على عثمان الخميس هو الشيخ الشيعي عبدالله دشتي وهذه ضيفها لمعلوماتك

لؤي عشري 10-10-2018 08:01 PM

تحياتي. لا يزال لدي ما أريد نشره هنا مما أنهيته وما أفرغ مسوداته. لكن هناك مشكلة فنية في الموقع تعرقل نشري لأي مادة الآن. فلا يزال لدي كلام كثير عن افرام السرياني
---------------------------------------------

أحداث آخر الزمان وما يفعله المسيح الدجال وصفاته عند إِريناؤس أبي الكنيسة وعلم اللاهوت والهرطقات
(أسقف ليون في فرانس بلاد الغال، ولد 140م وتوفي 202م تقريبًا، نصوص منقولة من كتابه الموسوعي ضد الهرطقات Against heresies or in Latin Adversus haereses)

تعريفه ومقدمة سيرته عند المسيحيين:

يعد القديس إيرناؤس أهم لاهوتي القرن الثاني، وتاريخ ميلاده بالتحديد غير معروف، لكنه في الغالب ما بين عام 140 وعام 160 م، وقد ولد في سيمرنا (أزمير) في آسيا الصغرى، إذ أنه يخبرنا في رسالته إلى الكاهن الروماني فلورينوس Florinus انه استمع في شبابه المبكر إلى عظات القديس بوليكاربوس اسقف سميرنا، وتكشف هذه الرسالة عن معرفة دقيقة ببوليكاربوس لا يمكن أن تكون إلا نتيجة لعشرة ومعرفة شخصية:

"لأني عندما كنت صبيا، كنت أعرفك (يا فلورينوس) في أسيا الصغرى في منزل بوليكاربوس، عندما كنت رجلا ذا مكانة في البلاط الملكي، وكنت تسعى لكي تكون لك علاقة قوية معه (أي مع بوليكاربوس)، أني أتذكر أحداث هذه الأيام بوضوح أكثر من تلك التي حدثت قريبا، لأن ما نتعلمه في طفولتنا ينمو مع النفس ويتحد بها، لذا استطيع أن أصف حتى المكان الذي كان المبارك بوليكاربوس يجلس فيه وهو يعظ، وطريقة دخوله وخروجه، وأسلوب حياته، وهيئته الجسمانية، وعظاته للشعب، والوصف الذي قدمه عن عشيرته مع يوحنا والآخرين الذين رأوا الرب، وكيف أنه كان يتذكر كلماتهم وما سمعه منهم عن الرب، ومعجزاتهم وتعاليمهم، وكيف أن بوليكاربوس استلمها من شهود عاينوا ورأوا كلمة الحياة، وروى كل شيء بما يتفق مع الأسفار المقدسة، وقد أصغيت بشغف لهذه الأمور برحمة الله التي وهبت لي، وسجلتها، لا على ورق، بل في قلبي، وصرت أتأمل وأتفكر فيها وأرددها بنعمة الله".

من الواضح من هذه الكلمات أن ايريناؤس اتصل بالعصر الرسولي من خلال معلمه بوليكاربوس، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. ولأسباب غير معروفة ترك ايريناؤس أسيا الصغرى وذهب إلى بلاد الغال (فرنسا)، وسيم كاهنًا على كنيسة ليون، وفي عام 177 م. أرسل إلى البابا إلقثيروس Eleutherus في روما من قبل كنيسة ليون ليتوسط لديه ويراجعه في موضوع المونتانية Montanism، التي كان يحتضن أتباعها.

ترجمة لأهم نصوص اعتقادات أسقف ليون إريناؤس Irenaeus (140 -202 م) عن أحداث آخر الزمان الأسطوري وعدو المسيح (المسيح الكاذب) في كتابه "ضد الهرطقات"/ الكتاب 5/ الفصول 25 و28 و30

ترجمة لؤي عشري

ضد الهرطقات، فقرات من الكتاب الخامس/ الفصل 25 (المملكة القائمة على الزيف والتكبر والطغيان الخاصة بعدو المسيح، كما وصفها دانيال ويوحنا)

1- وليس فقط بهذه الطرق المعيَّنة المشار إليها سابقًا [سيمحقُ اللهُ الضلالَ_م]، بل وأيضًا من خلال الأحداث التي ستحدث في زمن ضد المسيح، والتي ستُثْبِتُ أنه _لكونه مرتدًّا ولصًّا_ سيهتم بأن يُعْبَدَ على أنه اللهُ. ورغم كونِه مجردَ عبدٍ، سيرغبُ أنْ يُعْلَنَ عنه كملكٍ. إذْ لكونِهِ ممنوحًا كلَّ قوى الشر، سيأتي ليس كلمكٍ صالحٍ، وليس كملك شرعيٍّ مطيعٍ لله، بل كملكٍ فاسقٍ ظالمٍ غير متبعٍ للشرع، وكمرْتَدٍّ جائرٍ وقاتلٍ، وكسارقٍ، تتركَّزُ فيه الردة الشيطانية، وسيزيح الأوثانَ ليُقْنِعَ الناسَ أنه هو نفسُه اللهً. حيث فيه هو نفسه الأخطاء المتنوعة للأصنام، وهو سيفعل هذا لكي يعبده من يبعدون الشيطان بوسائل بغيضة عديدة فقط صنم وحيد، والذي تحدث عن الرسول [بولس] في الرسالة الثانية إلى تسالونيكي: (والعَدُوُّ الّذي يَرفَعُ نَفسَهُ فَوقَ كُلِّ ما يَدعوهُ النّاس ُ إلَهًا أو مَعبودًا، فيَجلِسُ في هَيكَلِ اللهِ ويَحاوِلُ أنْ يُثبِتَ أنَّهُ إلَهٌ.). لذلك أشار الرسولُ بولسْ بوضوحٍ إلى ردَّتِهه [كفرِهِ]، وأنَّهً سيرفعُ نفسَهُ فوقَ كلِّ ما يُدْعى إلهًا (آلهةً)، لكنها ليسَتْ آلهةً في الحقيقةِ، وأنه سيسعى بطريقة الطغيان [الاستبداد] إلى أنْ يُنصِّبَ نفسَهُ كإلهٍ.

2- علاوةً على ذلك، فقد أشارَ [الرسولُ] أيضًا إلى ما قد برهَنْتُ عليهِ بطرقٍ عديدةٍ، أن المعبد (الهيكل) في أورشليم قد شُيِّدَ بتوجيهِ الإلهِ الحقِّ. لأنَّ الرسولَ نفسَهُ [بولس] _متحدِّثًا بشخصِهِ_ دعاهُ بوضوحٍ هيكلَ اللهِ. وبعدُ، فقط برهنتُ في الكتابِ الثالثِ أنَّ الرسلَ لا يسمُّونَ أحدًا بالإله [بالله] عندَ حديثِهم بأنفسِهِم، ما عدا الذي هو الإله حقًّا، أبو ربِّنا، الذي بتوجيهاتِهِ أُنْشِئَ المعبدُ الذي في أورشليم للأغراضِ التي قد أشرتُ إليها من قبل، وفيهِ [في المعبد] لإظهارِ نفسِهِ على أنهُ المسيحُ، كما أعلنَ ربنُا أيضًا: (15((فإذا رَأيتُم ((نَجاسَةَ الخَرابِ)) الّتي تكلَّمَ علَيها النَّبـيُّ دانيالُ قائِمةً في المكانِ المُقَدَّسِ? (إفهَمْ هذا أيُّها القارئُ)، 16فَلْيَهرُبْ إلى الجِبالِ مَنْ كانَ في اليهودِيَّةِ. 17ومَنْ كانَ على السَّطحِ، فلا يَنزِلْ لِـيأخُذَ مِنَ البَيتِ حوائجَهُ. 18ومَنْ كانَ في الحَقْلِ فلا يَرجِـــعْ ليَأخُذَ ثَوبَهُ. 19الوَيلُ لِلحَبالى والمُرضِعاتِ في تِلكَ الأيّامِ. 20صَلُّوا لِـئلاَّ يكونَ هرَبُكُم في الشِّتاءِ أو في السَّبتِ. 21فسَتَنزِلُ في ذلِكَ الوقتِ نكبةٌ ما حدَثَ مِثلُها مُنذُ بَدءِ العالَمِ إلى اليومِ، ولن يَحدُثَ.) متى 24: 15- 21

3- ملخص للفقرة: يتحدث إيرِناؤس عن التفسير التقليدي لخرافة نبوءة سفر دانيال، وأن الدجال سيهزم ويقتل ثلاثة ملوك ويُخِضِع سبعةً آخرين، وأن وفقًا للنص زمن وزمنين ونصف زمان الوارد في سفر دانيل فإن المسيح الكاذب سيمكث في الحكم ثلاثة سنوات وستة شهور (اثنين وأربعين شهرًا).

...أي ثلاث سنوات ونصف، التي خلالها يحكُمُ، عندما يجيءُ إلى الأرضِ. الذي عنه أيضًا يقول الرسولُ بولسْ مرةً أخرى، متحدِّثًا في [الرسالة] الثانية إلى التسالونيكيين، ومعلنًا في الوقتِ نفسِه سببَ قدومِهِ [قدومِ ضدِّ المسيحِ]، هكذا: 8حتّى يَنكَشِفَ رَجُلُ المَعصيَةِ فيَقضِيَ علَيهِ الرَّبُّ يَسوعُ بِنَفَسٍ مِنْ فمِهِ ويُبيدُهُ بِضياءِ مَجيئِهِ. 9ويكونُ مَجيءُ رَجُلِ المَعصيةِ بِقُدرَةِ الشَّيطانِ على جميعِ المُعجِزاتِ والآياتِ والعَجائِبِ الكاذِبَةِ، 10وعلى جميعِ ما يُغري بالشَّرِّ أولَئِكَ الّذينَ مَصيرُهُم إلى الهَلاكِ، لأنَّهُم رَفَضوا مَحبَّةَ الحَقِّ الّذي يَمنحُهُمُ الخلاصَ. 11لذلِكَ يُرسِلُ اللهُ إلَيهِم قُوَّةَ الضَّلالِ حتّى يُصَدِّقوا الكَذِبَ، 12فيَدينُ جميعَ الّذينَ رَفَضوا أنْ يُؤمِنوا بِالحَقِّ ورَغِبوا في الباطِلِ. ) تسالونيكي 2: 8- 11

4- لقد تحدثَ الربُّ كالتالي لمن لم يؤمنوا به: :43أَنَا قَدْ أَتَيْتُ بِاسْمِ أَبِي وَلَسْتُمْ تَقْبَلُونَنِي. إِنْ أَتَى آخَرُ بِاسْمِ نَفْسِهِ فَذلِكَ تَقْبَلُونَهُ." (يوحنا 5: 43) داعيا ضد المسيح بـ "الآخر" لأنَّهُ مُبْعَدٌ من الرب. هذا هو أيضًا القاضي الظالم الذي ذكره الرب بأنه "لا يخاف الله ولا يهاب إنسان " (لوقا 18: 2) الذي لجأت إليه المرأة في نسيانها الله، أي (التي هي): أورشليم الأرضية، لكي يُنتقَمَ من خصومَتِها [لله]، وهو ما سيفعلُهُ عدوُ المسيحِ أيضًا في زمنِ ملكِهِ، فسوف ينقل مُلْكَه إلى تلك المدينة ويجلس في معبد [هيكل] الله، ليضل من يتعبَّدونَه، كما لو أنه المسيح، ولهذا السبب يقول دانيال أيضا .... " ثم ينقل إريناؤس ما جاء في (دانيال 8: 12، 13 – 25 ؛ و9: 27) عن ضد المسيح.

5- من كل هذه الفقراتِ يُكْشَفُ لنا ليس صفاتُ الكفر [الكافر- الردة: عدو المسيح] فحسبْ، وأفعاله هو الذي يتركز فيه كل ضلال شيطاني، بل وأيضًا أن هناك إلهًا واحدًا، وهو نفس الرب الآب، الذي أعلنَ عنه الأنبياء، لكنه تجلَّى عن طريق المسيح. لأنه إذا كان ما تنبأ به دانيال بخصوص النهاية قد أكَّدَه ربُّنا، عندما قال: "15 فإذا رَأيتُم ((نَجاسَةَ الخَرابِ)) الّتي تكلَّمَ علَيها النَّبـيُّ دانيالُ"، وقد أعطى الملاك جبرائيل تفسير الرؤى، وإنه الملاك الرئيس الخاص بالخالق، الذي [الملاك] أعلن لمريم عن القدوم المرئي وتجسد المسيح، فبالتالي فإنه يشار إلى إله واحد ونفس الإله بوضوح للغاية، الذي أرسل الأنبياء وأقام عهدَ الابنِ، ودعانا إلى معرفته .

ملخص الفصل 26 (يوحنا ودانيال تنبآ بانهيار وخراب الامبراطورية الرومية، وهو ما سيسبق نهاية زمان العالم وقدوم مملكة المسيح الأبدية)

كالكثير من المفسرين الكنسيين يفسر إريناؤس المملكة الرابعة في خرافة نبوءة سفر دانيال على أنها مملكة الروم المسيحية، وأنها لا بد أن ستنهار وتنقسم لعشرة أجزاء بعشرة ملوك، ويأتي الدجال ليحكمها ويحكم العالم.

فقرات من الفصل 28 (التمييز والفصل الذي سيُقامُ بين الصالحين والأشرار، الردة المستقبلية في زمن ضد المسيح، ونهاية العالم)

1- نظرًا لذلك _بالتالي_ فإن بعض الأشخاص يذهبون إلى النور، ويوحدون بالإيمان نفوسهم مع الله، لكن آخرين يتجنبون النور، ويبعدون نفوسهم عن الله، كلمة الله تعد مثوىً مناسبًا لكلا الفريقين. فلمن هم في النور حقًّا، لكي يستمدوا البهجةَ منها ومن الأمور الطيبة المتضمَّنةِ فيها، لكن لمن هم في الظلام، لكي يشاركوا في مصائبها. ولذلك قال أن من هم على اليد اليمنى يُدعَوْنَ إلى مملكة السماوات، وأما من هم على اليد اليسرى فسيُرْسِلُهُم [اللهُ] إلى النارِ الأبديةِ لأنهم حرفوا نفوسَهم من كلِّ الخير .

2- ولهذا السبب يقولُ الرسولُ [بولس]: "10وعلى جميعِ ما يُغري بالشَّرِّ أولَئِكَ الّذينَ مَصيرُهُم إلى الهَلاكِ، لأنَّهُم رَفَضوا مَحبَّةَ الحَقِّ الّذي يَمنحُهُمُ الخلاصَ. 11لذلِكَ يُرسِلُ اللهُ إلَيهِم قُوَّةَ الضَّلالِ حتّى يُصَدِّقوا الكَذِبَ، 12فيَدينُ جميعَ الّذينَ رَفَضوا أنْ يُؤمِنوا بِالحَقِّ ورَغِبوا في الباطِلِ." تسالونيكي الثانية 2: 10- 12. لأنه عندما سيأتي [عدو المسيح]، وبطبيعته طوعًا يتركَّزُ في شخصه الردةُ (الكفرُ)، وينجز أيًّا ما يفعله وفقًا لرغبته واختياره، ويجلس أيضًا في هيكل الله لكي يجعل مغفليه يعبدونه على أنه المسيح. لذلك أيضًا باستحقاقٍ "سوف يُلْقَى في بحيرة النار" رؤيا يوحنا 19: 20. هذا سوف يحدث وفقًا للتقدير الإلهي، فالله بعلمه المسبَقِ يرى كل هذا، وسوف يرسِل في الزمنِ المناسبِ ذلكَ الرجلَ...إلخ.....لا يتصورنَّ أحدٌ أنه يمارس هذه الخوارقَ [العجائبَ] بقوةٍ إلهيةٍ، بل بعملِ السحرِ. ويجب ألا نندهشَ _بما أن الشياطينَ وأرواحِ الكفرِ تخدمه_ إذا قامَ من خلالِهم بالخوارقِ، التي سيُضِلُّ من خلالِها سكانَ الأرضِ....إلخ

فقرات من الفصل 30

4 ..... لكن عندما يخرِّب عدوُ المسيحِ هذا كلَّ الأشياءِ في العالمِ، سيحكم لثلاث سنواتٍ وستة شهورٍ، وسيجلس في معبد أورشليم، ثم سيأتي الرب من السماء في السحاب، في مجد الأبِ، ويرسِل هذا الرجلَ ومن يتَّبِعونَهُ إلى بحيرة النار، ويجلِبُ للصالحين أزمنةَ مملكة السماء، التي هي الراحة، اليوم السابع المقدس، ويسترد لإبراهيم الإرثَ الموعودَ، الذي فيه المملكةُ التي أعلنَها اللهُ، إذْ أنًّ "كَثِيرِينَ سَيَأْتُونَ مِنَ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِب وَيَتَّكِئُونَ مَعَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ" متى 8: 11

ملاحظة: ويرى إريناؤس والقديس كيرلس الكبير أن ضد المسيح سيقوم بتجديد الهيكل اليهودي في أورشليم ليكون مركزا لعمله، على عكس ذهبي الفم وأغسطينوس وغيرهم الذين يرون أنه سيتربع في هيكل الكنيسة المسيحية!!

ويتوافق كلام إِرناؤس عن قتل المسيح الكذاب لثلاثة ملوك وخضوع سبعة آخرين له وحكمه لمدة ثلاثة سنوات ونصف وكلام آخر طويل تافه خرافي عن سر حساب حروف اسمه في العموم مع كلام الآباء الآخرين كهيبوليتُس الرومي وكيرلس الأورشليمي وغيرهما.

من تشابهات النص مع الإسلام:

1- أن المسيح الدجال يهودي إسرائيلي ويقود وينصر شعب اليهود وأتباع اليهودية، وهو نفس اعتقاد الأحاديث الإسلامية السنية والشيعية الاثناعشرية.
2- استعانته بالشياطين وقوى السحر الخرافية أيضًا ذكرتها الاحاديث السنية والشيعية الاثناعشرية، وقد ذكرنا نصوص الأحاديث بالمواضع الأخرى مطولًا بما فيه الكفاية وزيادة.
3- قصة أن الجنة على اليمين والجحيم على اليسار، ترد كذلك في نصوص هاجادية، راجع ص 31 من بحث (أصول أساطير الإسلام من الهاجادة والأبوكريفا اليهودية)، وترد هذه الفكرة كذلك في سفر (عهد إبراهيم) من الأسفار الأبوكريفية، وجاء في القرآن:

{وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ (27) فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ (28) وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ (29) وَظِلٍّ مَمْدُودٍ (30) وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ (31) وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (32) لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ (33) وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ (34) إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً (35) فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا (36) عُرُبًا أَتْرَابًا (37) لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ (38) ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (39) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآَخِرِينَ (40) وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ (41) فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ (42) وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ (43) لَا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ (44) إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ (45) وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ (46) وَكَانُوا يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (47) أَوَآَبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ (48)} الواقعة

{فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (8) وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (9)} الواقعة

{ وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (90) فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (91) وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ (92) فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ (93) وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ (94)} الواقعة

وقد اقتبس محمد مثلًا من سفر عهد إبراهيم حينما قال عن آدم أبي البشر الأسطوري، كما في صحيح البخاري:

349 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ أَبُو ذَرٍّ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فُرِجَ عَنْ سَقْفِ بَيْتِي وَأَنَا بِمَكَّةَ فَنَزَلَ جِبْرِيلُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَفَرَجَ صَدْرِي ثُمَّ غَسَلَهُ بِمَاءِ زَمْزَمَ ثُمَّ جَاءَ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مُمْتَلِئٍ حِكْمَةً وَإِيمَانًا فَأَفْرَغَهُ فِي صَدْرِي ثُمَّ أَطْبَقَهُ ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي فَعَرَجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَلَمَّا جِئْتُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا قَالَ جِبْرِيلُ لِخَازِنِ السَّمَاءِ افْتَحْ قَالَ مَنْ هَذَا قَالَ هَذَا جِبْرِيلُ قَالَ هَلْ مَعَكَ أَحَدٌ قَالَ نَعَمْ مَعِي مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أُرْسِلَ إِلَيْهِ قَالَ نَعَمْ فَلَمَّا فَتَحَ عَلَوْنَا السَّمَاءَ الدُّنْيَا فَإِذَا رَجُلٌ قَاعِدٌ عَلَى يَمِينِهِ أَسْوِدَةٌ وَعَلَى يَسَارِهِ أَسْوِدَةٌ إِذَا نَظَرَ قِبَلَ يَمِينِهِ ضَحِكَ وَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ يَسَارِهِ بَكَى فَقَالَ مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالِابْنِ الصَّالِحِ قُلْتُ لِجِبْرِيلَ مَنْ هَذَا قَال هَذَا آدَمُ وَهَذِهِ الْأَسْوِدَةُ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ نَسَمُ بَنِيهِ فَأَهْلُ الْيَمِينِ مِنْهُمْ أَهْلُ الْجَنَّةِ وَالْأَسْوِدَةُ الَّتِي عَنْ شِمَالِهِ أَهْلُ النَّارِ فَإِذَا نَظَرَ عَنْ يَمِينِهِ ضَحِكَ وَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ شِمَالِهِ بَكَى....إلخ

ورواه مسلم 163 وانظر أحمد (21288) 21613 وغيرهم من اصحاب كتب الحديث أخرجوه.
وروى أحمد بن حنبل:

(22077) 22427- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْمُثَنَّى ، حَدَّثَنَا الْبَرَاءُ الْغَنَوِيُّ ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ : أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَلاَ هَذِهِ الآيَةَ : {أَصْحَابُ الْيَمِينِ} {وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ} فَقَبَضَ بِيَدَيْهِ قَبْضَتَيْنِ فَقَالَ : هَذِهِ فِي الْجَنَّةِ وَلاَ أُبَالِي وَهَذِهِ فِي النَّارِ وَلاَ أُبَالِي. (5/239)

(17660) 17810- حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سَوَّارٍ ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ ، يَعْنِي ابْنَ سَعْدٍ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ ، عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ قَتَادَةَ السُّلَمِيِّ ، أَنَّهُ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ ، ثُمَّ أَخَذَ الْخَلْقَ مِنْ ظَهْرِهِ ، وَقَالَ : هَؤُلاَءِ فِي الْجَنَّةِ وَلاَ أُبَالِي ، وَهَؤُلاَءِ فِي النَّارِ وَلاَ أُبَالِي ، قَالَ : فَقَالَ قَائِلٌ : يَا رَسُولَ اللهِ فَعَلَى مَاذَا نَعْمَلُ ؟ قَالَ : عَلَى مَوَاقِعِ الْقَدَرِ.(4/186).

(27488) 28036- حَدَّثَنَا هَيْثَمٌ ، (وَسَمِعْتُهُ أَنَا (1) مِنْهُ) ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ ، عَنْ يُونُسَ ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ حِينَ خَلَقَهُ ، فَضَرَبَ كَتِفَهُ الْيُمْنَى ، فَأَخْرَجَ ذُرِّيَّةً بَيْضَاءَ ، كَأَنَّهُمُ الذَّرُّ ، وَضَرَبَ كَتِفَهُ الْيُسْرَى ، فَأَخْرَجَ ذُرِّيَّةً سَوْدَاءَ كَأَنَّهُمُ الْحُمَمُ ، فَقَالَ لِلَّذِي فِي يَمِينِهِ : إِلَى الْجَنَّةِ ، وَلاَ أُبَالِي وَقَالَ : لِلَّذِي فِي كَفِّهِ الْيُسْرَى : إِلَى النَّارِ وَلاَ أُبَالِي. (6/441)
(1) القائل : "وَسَمِعْتُهُ أنا" ، هو عبد الله بن أحمد بن حنبل ، راوي "المُسنَد" عن أبيه. (6/441)

وروى البخاري:

3813 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَزْهَرُ السَّمَّانُ عَنْ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ قَالَ كُنْتُ جَالِسًا فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ فَدَخَلَ رَجُلٌ عَلَى وَجْهِهِ أَثَرُ الْخُشُوعِ فَقَالُوا هَذَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ تَجَوَّزَ فِيهِمَا ثُمَّ خَرَجَ وَتَبِعْتُهُ فَقُلْتُ إِنَّكَ حِينَ دَخَلْتَ الْمَسْجِدَ قَالُوا هَذَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ قَالَ وَاللَّهِ حَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ مَا لَا يَعْلَمُ وَسَأُحَدِّثُكَ لِمَ ذَاكَ رَأَيْتُ رُؤْيَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَصَصْتُهَا عَلَيْهِ وَرَأَيْتُ كَأَنِّي فِي رَوْضَةٍ ذَكَرَ مِنْ سَعَتِهَا وَخُضْرَتِهَا وَسْطَهَا عَمُودٌ مِنْ حَدِيدٍ أَسْفَلُهُ فِي الْأَرْضِ وَأَعْلَاهُ فِي السَّمَاءِ فِي أَعْلَاهُ عُرْوَةٌ فَقِيلَ لِي ارْقَ قُلْتُ لَا أَسْتَطِيعُ فَأَتَانِي مِنْصَفٌ فَرَفَعَ ثِيَابِي مِنْ خَلْفِي فَرَقِيتُ حَتَّى كُنْتُ فِي أَعْلَاهَا فَأَخَذْتُ بِالْعُرْوَةِ فَقِيلَ لَهُ اسْتَمْسِكْ فَاسْتَيْقَظْتُ وَإِنَّهَا لَفِي يَدِي فَقَصَصْتُهَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تِلْكَ الرَّوْضَةُ الْإِسْلَامُ وَذَلِكَ الْعَمُودُ عَمُودُ الْإِسْلَامِ وَتِلْكَ الْعُرْوَةُ عُرْوَةُ الْوُثْقَى فَأَنْتَ عَلَى الْإِسْلَامِ حَتَّى تَمُوتَ وَذَاكَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ و قَالَ لِي خَلِيفَةُ حَدَّثَنَا مُعَاذٌ حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ عُبَادٍ عَنْ ابْنِ سَلَامٍ قَالَ وَصِيفٌ مَكَانَ مِنْصَفٌ

رواه أحمد (23787) 24196 وغيره من أصحاب كتب الحديث كذلك.


من مقولات يوحنَّاس كريسوستوم St. Iohannes or John Chrysostom
347م- 407م

جاء في عظته وتفسيره لرسالة تسالونيكي الثانية 1: 9- 10، المترجمة إلى الإنجليزية في آباء ما قبل وما بعد مجمع نيقية، السلسلة الأولى، مجلد 13، ص 682 (387)
Nicen and post-Nicene fathers, Series 1. volume 13, p. 682 (387)

"هاهنا يعلِّمُنا [الرسول بولس] بخصوص عدو المسيح، ويكشف لنا أسرارًا كبيرةً، ما هو "السقوط"؟ إنه يسميه بالردة، لكون سيهلِك الكثيرين، ويجعلهم يسقطون. لدرجة أنه لو أمكن _كما يقول_ لأضل المختارين أنفسهم أيضًا (من متى 24: 24). وهو يسميه "رجل الإثم" لأنه سيقوم بأعمال أذى [شرور] لا حصر لها وسيجعل آخرين يفعلونها. لكنه يدعوه أيضًا "ابن الهلاك" لأنه سيُهْلَكُ أيضًا. لكن من هو؟ هل هو الشيطان إذن؟ بأي حال هو ليس كذلك، بل رجل ما، والذي يسمح لأعمال الشيطان الكاملة فيه. لأنه رجل و "يَرفَعُ نَفسَهُ فَوقَ كُلِّ ما يَدعوهُ النّاس ُ إلَهًا أو مَعبودًا". إذْ أنه لن يدعُوَ إلى عبادة الأصنامِ، بل سيكون من النوع المخاصم [المعادي] لله، وسيزيل [سيُبْطِلُ] كلَّ الآلهةِ، وسيأمر البشرَ بعبادتِهِ بدلًا من الله، وسيجلس في هيكل الله، ليس الذي في أورشليم فقط، بل أيضًا في كل كنيسةٍ. "واضعًا أو رافعًا نفسه"، إنه [الرسول بولس] يقول أنه لا يقول ذلك فحسب، بل يحاول إثباتَ ذلك. لأنه سيقوم بعجائب عظيمة، وسيُظهِر علاماتٍ كاذبةً مروِّعة.

تعليق: باستثناء تصوير حديث تميم الداري للمسيح الدجال كشيطان حبيس مقيد بالأغلال منذ الزمن القديم على جزيرة مهجورة، وهو مستوحى من سفر رؤيا برثولماوس كما قلتُ، فكل الأحاديث الأخرى تقول على النقيض أنه إنسان له صفات بشرية ويولد من رجل وامرأة أب وأم له ومن اليهود. راجع الأحاديث في كتابنا هذا في المواضع الأخرى. وقد رفض يوحنِّس كريسوستوم كثيرًا من الخرافات عن المسيح الدجال في كتب عظاته وتفاسيره، لذلك لم نورد هنا الخرافات التي في الكتب المزيفة المنسوبة له زورًا Pseudo- Chrysostom والمتأخرة الكتابة زمنيًّا والتي أوردتها بعض مواقع النت على أنها مقولات له ولا تبدو لي أنها له ولم يذكروا مراجعهم لها ويظهر عليها سمة الوضع واختلافها عن منهجه الملتزم بعدم الأخذ بنصوص غير الكتاب المكدس فقط. وأغلب آباء الكنيسة ومفسريها القدماء بل كل من طالعت كلامهم في الموضوع الأسطوري هم أيضًا على أن عدو المسيح بشر يستعمله الشيطان ويصير شرَّا مطلقًا ووعاءً للشيطان كنقيض للمسيح، وليس أنه هو الشيطان نفسه.

المنتصرر 10-10-2018 08:21 PM

لؤي ليس لديك عمل؟؟ هل لديك الوقت لكتابة كل هذا

لؤي عشري 10-10-2018 08:49 PM

منتصر بدبل راء ههه. اهلا بك. عملي حارس بسيط. اترجم في اوراق ثم افرغها صباحا بجهد ومشقة على اللاب. ثم اجري لالحق مواصلة للعمل. طبعا انت تقول صمنا اننا بلا عمل عاطلون عواطلية او نقبض من تنظيم ماسوني او صهيوني. نحن نريدكم بني شعبنا متقدمين مستنيرين تلحقون بركب الأمم بدل تخلفكم والعدو لن يدعم تقدمكم وتحضركم فلن يدعمنا في العموم. وكما قال سيد محمود القمني سأقول لك مازحا: شوفنا حد نقبض منه وحياة والديك ههههه

العرب يرحبون بمن يلوث عقولهم بالافكار الدينية الشاذة والارهابية ويتعاملون ببارانويا وتشكك مع من بنيرون عقولهم وينشرون العلوم والدراسات. حقا انتم استحققتم ما انتم فيه من حضيض وارهاب. ترى هل لدى شيوخكم الذين كتبوا ونطقوا بالهراء وإفساد عقول الناس بالكتب والتسجيلات الصوتية والتلفزيونية عمل حقيقي مفيد هم أيضًا؟ لماذا لا تسأل نفسك وتفكر؟ عملهم هو الضحك عليكم وتلقينكم الجهل والسفاهات والرجعية الظلامية والتعصب والإرهاب والاستسلام الخنوعي القدري.
----------------------

وعلى غرار ما ذكرته كتابات آباء الكنيسة كهيبوليتُس الرومي (نسخة أخرى للنص مشكوك في نسبتها لهيبوليتُس منشورة في سلسلة آباء ما قبل مجمع نيقية ج5 Ante-Nicene fathers, volume 5, page 604 and after) وكيرلس الأورشليمي في العظة 15 للمتنصرين/ فقرة 12، وراجع نصيهما في موضعهما من كتابي هذا، وغيرهما من آباء الكنيسة، أنه يتظاهر بالصلاح والطيبة والإحسان والاستقامة حتى يتوصل للمُلك والشعبية ثم يظهر شره ووحشيته وفجوره، فكذلك اقتبست هذه الأسطورة بعض نوادر الروايات السنية المعتبرة ضعيفة عندهم والروايات الشيعية الاثناعشرية (والشيعة الاثناعشرية أعلم المسلمين وأكثرهم اطلاعًا على الأبوكريفا والتراث الكتابي وكانوا الأكثر تواصلًا وتعلمًا من أهل الكتاب وتعلمًا للغاتهم):

فروى الهيثمي في مجمع الزوائد (7/ 340-341، تبويب 77- بابان في علامات الساعة- 4- ما جاء في الدجال- حديث رقم 12518) واللفظ له، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (4542)):

12518 - وعن سليمان بن شهاب قال : نزل علي عبد الله بن معتم وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم فحدثني عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال: الدجال ليس به خفاء إنه يجيء من قبل المشرق فيدعو لي فيتبع وينصب للناس فيقاتلهم ويظهر عليهم فلا يزال على ذلك حتى يقدم الكوفة فيظهر دين الله ويعمل به فيتبع ويحب على ذلك ثم يقول بعد ذلك : إني نبي فيفزع من ذلك كل ذي لب ويفارقه فيمكث بعد ذلك حتى يقول : أنا الله فتغشى عينه وتقطع أذنه ويكتب بين عينيه كافر فلا يخفى على كل مسلم فيفارقه كل أحد من الخلق في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان ويكون أصحابه وجنوده المجوس واليهود والنصارى وهذه الأعاجم من المشركين ثم يدعو برجل فيما يرون فيؤمر به فيقتل ثم يقطع أعضاءه كل عضو على حدى فيفرق بينها حتى يراه الناس ثم يجمع بينها ثم يضرب بعصاه فإذا هو قائم فيقول : أنا الله أحيي وأميت وذلك كله سحر يسحر به أعين الناس ليس يعمل من ذلك شيئا
رواه الطبراني وفيه سعيد بن محمد الوراق وهو متروك

وفي مصنف ابن أبي شيبة:

38673- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ، قَالَ : حدَّثَنَا حَلاَّمُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ شِهَابٍ الْعَبْسِيِّ، قَالَ : أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مغنم وَذَكَرَ الدَّجَّالَ، فَقَالَ : إِنَّ الدَّجَّالَ لَيْسَ بِهِ خَفَاءٌ، وَمَا يَكُونُ قَبْلَهُ مِنَ الْفِتْنَةِ أَخْوَفُ عَلَيْكُمْ مِنَ الدَّجَّالِ، إِنَّ الدَّجَّالَ لاَ خَفَاءَ فِيهِ، إِنَّ الدَّجَّالَ يَدْعُو إِلَى أَمْرٍ يَعْرِفُهُ النَّاسُ حَتَّى يَرَوْنَ ذَلِكَ مِنْهُ.

وجاء في فتح الباري في شرح صحيح البخاري، لابن حجر العسقلاني، ج13، كتاب الفتن/ باب ذكر الدجال:

وَأَمَّا الَّذِي يَدَّعِيهِ فَإِنَّهُ يَخْرُجُ أَوَّلًا فَيَدَّعِي الْإِيمَانَ وَالصَّلَاحَ ثُمَّ يَدَّعِي النُّبُوَّةَ ثُمَّ يَدَّعِي الْإِلَهِيَّةَ كَمَا أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ سُلَيْمَانَ بْنِ شِهَابٍ قَالَ: نَزَلَ عَلَيَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُعْتَمِرِ وَكَانَ صَحَابِيًّا فَحَدَّثَنِي عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ الدَّجَّالُ لَيْسَ بِهِ خَفَاءٌ يَجِيءُ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ فَيَدْعُو إِلَى الدِّينِ فَيُتَّبَعُ وَيَظْهَرُ فَلَا يَزَالُ حَتَّى يَقْدَمَ الْكُوفَةَ فَيُظْهِرَ الدِّينَ وَيَعْمَلَ بِهِ فَيُتَّبَعَ وَيَحُثَّ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ يَدَّعِي أَنَّهُ نَبِيٌّ فَيَفْزَعُ مِنْ ذَلِكَ كُلُّ ذِي لُبٍّ وَيُفَارِقُهُ فَيَمْكُثُ بَعْدَ ذَلِكَ فَيَقُولُ أَنَا اللَّهُ فَتُغْشَى عَيْنُهُ وَتُقْطَعُ أُذُنُهُ وَيُكْتَبُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ فَلَا يَخْفَى عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فَيُفَارِقُهُ كُلُّ أَحَدٍ مِنَ الْخَلْقِ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ (1)

تخريج الحديث الضعيف المذكور:

قال الهيثمي في مجمع الزوائد (7/ 340- 341): رواه الطبراني وفيه سعيد بن محمد الوراق، وهو متروك. وقال الألباني في كتابه قصة المسيح الدجال: قلت: لكن قال الحافظ في التقريب: ضعيف، ولذلك قال في الفتح (13/ 77): سنده ضعيف، فلم يبالغ في تضعيفه، ولكل وجهة وسلف، والله أعلم. ومن طريقه أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق 1/ 217- 218 (2/ 299). ثم وجد له شاهدًا قويًّا من حديث أبي هريرة مرفوعا بلفظ: "بين يدي الساعة قريب من ثلاثين دجالين كذابين كلهم يقول: أنا نبي، أنا نبي". أخرجه أحمد (2/ 429) بهذا اللفظ، والشيخان وغيرهما بنحوه وإسناد أحمد صحيح.

وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (2/229) : أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد بن محمد بن ماهان، أنبأ شجاع بن علي بن شجاع، أنبأ محمد بن إسحاق بن مندة، أنا محمد بن قريش المرورودي، نا إسماعيل بن أبي كثير الفارسي، نا يحيى بن موسى البلخي، نا سعيد بن محمد الوراق، نا حلام بن صالح نا سليمان بن شهاب العبسي قال : نزل علي عبد الله بن مغنم رجل من أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) فزعم أنه ذكر عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه قال إن الدجال ليس به خفاء يجئ من قبل المشرق فيدعو إلى نفسه فيتبع ويقاتل ناسا فيظهر عليهم لا يزال على ذلك حتى يقدم الكوفة فيظهر عليهم

قال ابن منده : رواه علي بن المديني عن سعيد بن محمد الوراق هذا مختصر .

قلت : وقد أخرجه أيضا الطبراني، قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/340-341) : " رواه الطبراني، وفيه سعيد بن محمد الوراق وهو متروك "

قلت : يُروي خطأ ب "سعيد بن محمد الجرمي" بدلا من الوراق، أخطأ فيه أبو نعيم الأصبهاني الحافظ، وتبعه على ذلك الحافظ ابن كثير.

-----------
قال أبو نعيم في "معرفة الصحابة" (4542) : حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا أبو شعيب الحراني، حدثنا إسحاق بن موسى، ح وحدثنا محمد بن أحمد بن حمدان، ثنا الحسن بن سفيان، قال يحيى بن موسى الخثي، ح وحدثنا سليمان بن أحمد، قال : ثنا محمد بن شعيب الأصبهاني، ثنا سعيد بن عنبسة، قالوا : ثنا سعيد بن محمد الجرمي الكوفي، ثنا سلام بن صالح، قال : أخبرني سليمان بن شهاب العبسي، قال: نزل علي عبد الله بن معتم، وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فحدثني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " الدجال ليس به خفاء إنه يجيء من قبل المشرق ، فيدعو إلى حق فيتبع، وينصب للناس فيقاتلهم، فيظهر عليهم، فلا يزال على ذلك حتى يقدم الكوفة، فيظهر دين الله، ويعمل به فيتبع، ويحث على ذلك، ثم يقول بعد ذلك: إني نبي، فيفزع من ذلك كل ذي لب ويفارقه، فيمكث بعد ذلك حتى يقول : أنا الله فتغمس عينه اليمنى، وتقطع أذناه، ويكتب بين عينيه كافر، فلا يخفى على كل مسلم، فيفارقه كل أحد من الخلق في قلبه مثقال حبة من خردل من الإيمان، ويكون أصحابه وجنوده المجوس واليهود والنصارى، وهذه الأعاجم من المشركين، ثم يدعو برجل فيما يرون فيأمر به، فيقتل، ثم تقطع أعضاؤه كل عضو على حدة، فيفرق بينها، حتى يراه الناس ثم يجمع بينها، ثم يضربه بعصاه، فإذا هو قائم، فيقول : أنا الله الذي أحيي وأميت، وذلك سحر، يسحر به أعين الناس، ليس يصنع من ذلك شيئا "

قال ابن كثير في "جامع المسانيد والسنن" (5/395/ رقم 6716) : " روى الحسن بن سفيان، والطبرانى، وأبو نعيم من طرق عن محمد بن سعيد الجرمى الكوفى ..." ، ومن الواضح أنه خرجه بواسطه كتاب أبي نعيم رحمهم الله جميعا .

قلت : والخطأ قد ظهر لي من عدة وجوه :

1- سعيد بن محمد الجرمي الكوفي : طبقته متأخرة عن سعيد بن محمد الوراق هذا، لذا نجد أنه لم يذكر في من روى عن حلام بن صالح، لأنه ليس من شيوخه .

2- أن ابن عساكر قد روى الحديث من طريق الحسن بن سفيان، فقال في "تاريخه" (2/229-230) : وأخبرناه بتمامه أبو القاسم هبة الله بن عبد الله بن أحمد أنا أبو بكر الخطيب، أنبأ أبو بكر البرقاني، نا أبو بكر الإسماعيلي، أخبرني الحسن بن سفيان، قال ذكر يحيى بن موسى الختلي، نا معبد بن محمد الوراق الكوفي، نا حلام أبو صالح أخبرني سليمان بن شهاب العبسي، قال نزل علي عبد الله بن مغنم من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فزعم أنه ذكر عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنه قال إن الدجال ليس بذي خفاء إنه يجئ ....الحديث .وان كان المذكور هو "معبد بن محمد الوراق الكوفي" فهو حتما خطأ من الناسخ أو المحقق لتشابه الرسم، الا أنه يدل على أنه الوراق ...

3- أن أحد الرواة عن سعيد بن محمد، والذي ذكرهم أبو نعيم وهو يحيى بن موسى خت (ثقة) قد روى عن سعيد بن محمد الوراق هذا الحديث [أخرجه ابن عساكر في "تاريخه" (2/229)] .

4- أن الهيثمي قد أعل الحديث ب(سعيد بن محمد الوراق)، مما يدل على أنه كذلك في نسخة الطبراني .

وسبب هذا الخطأ : في أن هذين الراويان قد ائتلفا في : الاسم، واسم الأب، وفي البلد، واختلفا في : اللقب والطبقة، فخفي ذلك على من لم يبحث عنهم بحثا شديدا .

قلت : وبهذا يكون الحديث مذكورا في المصادر الآتية مع ما عزاه ابن حجر في "الاصابة" (4/207) :
1- تاريخ البخاري .
2-كتاب ابن السكن .
3- كتاب الحسن بن سفيان [أظنه في مسنده]، وعنه الاسماعيلي في "معجم الصحابة"، ومن طريقه الخطيب البغدادي في "المؤتنف" [وذُكر خطأ ب"المؤتلف"]، ومن طريقهما أخرجه ابن عساكر في "تاريخه" (2/229-230) .
4- كتاب محمد بن إسحاق بن منده [وغالبا هو كتاب "معرفة الصحابة" حيث أن المطبوع ناقص، الى حد حرف السين، بينما هذه الترجمة في حرف العين]، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخه" (2/229) .

قلت : وهذا اسناد ضعيف فيه :
1- سعيد بن محمد الوراق :
البخاري : قال ابن معين : ليس بشيء [التاريخ الكبير (3/515) للبخاري].
النسائي ويحيى بن معين – رواية ابن الغلابي – قالا : " ليس بثقة" .
معاوية بن صالح بن أبي عبيد الله عن يحيى بن معين قال: "ضعيف".
ابن أبي خيثمة والدوري : سمعنا يحيى بن معين يقول: "ليس حديثه بشيء" [تاريخ بغداد + التاريخ الكبير – السفر الثالث (3/181) لابن أبي خيثمة + الجرح والتعديل (4/59) لابن أبي حاتم].
أبو داود : يحيى بن معين : "ليس بشىء" .
إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني قال: " غير ثقة " .
ابن سعد: "كان ضعيفا" .
الدارقطني : "متروك" [سؤالات البرقاني له (رقم 178)[كل هذا موجود في "تاريخ بغداد" (9/74-75) للخطيب البغدادي] .
وقال البخاري : "يتكلمون فيه" [التاريخ الكبير (2/115)] .
وقال أبو حاتم الرازي : " ليس بقوى " [الجرح والتعديل (4/59) لابنه].
وذكره يعقوب بن سفيان الفسوي في "المعرفة والتاريخ" (3/45)، تحت باب : " باب من يرغب عن الرواية عنهم، وكنت أسمع أصحابنا يضعفونهم، من الكوفيين ومن في عدادهم من سائر الآفاق "

خلاصة مرتبته : ضعيف الحديث .

--------------------
2- المخالفة : فان سعيد بن محمد هذا قد خولف، خالفه عبد الله بن نمير :
أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (6/233/ رقم 2154) : أخبرنا محمد بن عبد الله بن نمير قال : حدثنا أبي، عن حلام بن صالح، عن سليمان بن شهاب العبسي، عن عبد الله بن معتم العبسي حديثا في الدجال طويلا .
وقال ابن أبي شيبة في "المصنف" (7/497) : حدثنا عبد الله بن نمير قال، حدثنا حلام بن صالح، عن سليمان بن شهاب العبسي، قال أخبرني عبد الله بن نعيم، وذكر الدجال ، فقال : " ليس به خفاء , وما يكون قبله من الفتنة أخوف عليكم من الدجال , إن الدجال لا خفاء فيه , إن الدجال يدعو إلى أمر يعرفه الناس حتى يرون ذلك منه " .

قلت : وعبد الله بن نمير ثقة حافظ، وقد رواه موقوفا على عبد الله بن معتم العبسي، وهو الصواب
------------

وفيما يلي دراسة أحوال رجال مدار الحديث :
1- حلام بن صالح العبسي الكوفي الأزدي :
ووقع في كتاب "معرفة الصحابة" لأبي نعيم، طبعة دار الوطن للنشر، بتحقيق الشيخ عادل بن يوسف العزازي : "سلام بن صالح"، وهو خطأ، ويبدو أنه من المخطوط .

ووقع في كتاب "جامع المسانيد والسنن" لابن كثير، طبعة دار خضر للطباعة والنشر، بتحقيق الدكتور عبد الملك بن عبد الله بن دهيش : " صالح بن خالد " ، وهو خطأ واقلاب، والصواب ما أثبتنا ....
روى عن :
أصحاب حذيفة : سعر بن مالك العبسي - فائد بن بكير .
أصحاب عمر بن الخطاب : سالم بن ربيعة - ومسعود بن حراش - سعد بن مالك العبسي.أصحاب عبد الله بن المعتم أو المعتمر أو مغنم : سليمان بن شهاب العبسي .
أصحاب عبد الله بن مسعود : قال ابن سعد : "روى عن أصحاب عمر بن الخطاب وعبد الله بن مسعود " [الطبقات (6/335)]

روى عنه :
من أهل الكوفة : عبد الله بن نمير - مروان بن معاوية- عبد الملك بن أبي سليمان - مسعر بن كدام - حفص بن غياث - سعيد بن محمد الوراق (ضعيف) .
من أهل البصرة : عبد الواحد بن زياد .
من أهل واسط : العلاء بن راشد الواسطي الجرمي .

أقوال العلماء :
قال علي بن المديني : " كتبنا عن عبد الله بن نمير قديما، فربما لا يذكر الحارث بن حصيرة الأزدي ولا أبا يعفور ولا حلام بن صالح وإنما كان يحدث عن هؤلاء الضعفاء ثم حدث عن هؤلاء بعد " ثم قال : " لو كان غير بن نمير لكان ولكنه صدوق " [التعديل والتجريح (1/287) لأبي الوليد الباجي]
وذكره البخاري في "التاريخ الكبير" (3/131)، وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (3/308) وسكتا عنه .
وذكره ابن حبان في كتاب "الثقات" (6/248) .
وقد رفع أبو حاتم الرازي عنه الجهالة، فقال في "الجرح والتعديل" لابنه (4/123/ ترجمة سليمان بن شهاب العبسي) : "هم مجهولون لا يعرف من بينهم إلا حلام بن صالح " .
خلاصة مرتبته : صدوق لا بأس به .

2- سليمان بن شهاب العبسي :
روى عنه اثنان : حلام بن صالح (صدوق لا بأس به)، وحصين [الطبقات لابن سعد (6/233)] .
قال البخاري في "التاريخ الكبير" (4/19) : " سليمان بن شهاب العبسي : سمع عبد الله بن مغنم، روى عنه : حلام، ولم يصح " .
وقال ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (4/123) : " سليمان بن شهاب العبسي : روى عن عبد الله بن معتمر، روى عنه حلام بن صالح، سمعت ابى يقول ذلك ويقول : هم مجهولون لا يعرف من بينهم إلا حلام بن صالح " .
وذكره ابن حبان في "الثقات" (6/384) .
وقال الذهبي في "ميزان الاعتدال" (2/212/ رقم 3479) : " سليمان بن شهاب : عن عبد الله بن معتمر، لا يدري من هو، وقال أبو حاتم : مجهول " .

خلاصة مرتبته : مجهول الحال، روى عنه اثنان، وذكره ابن حبان في الثقات .

3- عبد الله بن معتم العبسي : وقع اختلاف شديد في اسم أبيه، وفيما يلي عرض أقوال العلماء :

محمد بن اسحاق :
قال : " عبد الله بن المعتم كان على إحدى المجنبتين يوم القادسية، وسيره سعد بن أبي وقاص من العراق إلى تكريت، ومعه عرفجة بن هرثمة، وربعي بن الأفكل، وفيها جمع من الروم والعرب، ففتح تكريت، وأرسل عبد الله بن المعتم ربعي بن الأفكل إلى نينوي والموصل، ففتحهما وجعل عبد الله على الموصل ربعي بن الأفكل، وعلى الخراج عرفجة بن هرثمة " .
قال ابن الأثير : "هذا قول ابن إسحاق" ["أسد الغابة" (3/393)]
ثم استدرك ابن الأثير : " وقيل: إن الذي فتحها عتبة بن فرقد، أرسله عمر بن الخطاب إلى الموصل، ففتحها سنة عشرين، وقيل غير ذلك، وكان عبد الله على مقدمة سعد بن أبي وقاص من القادسية إلى المدائن، وهو وزهرة بن الحوية " .

-----------------
ابن سعد :
قال: " وقال لي بعض أهله : هو ابن معتم ممن شهد القادسية . ويرون أن له صحبة " [الطبقات الكبرى (6/233)] .

البخاري :
قال في "التاريخ الكبير" (5/27) : " عبد الله بن مغنم : له صحبة، لم يصح إسناده " ، وذكره أيضا في ترجمة سليمان بن شهاب العبسي (4/19) .

ابن أبي حاتم :
قال : " سليمان بن شهاب العبسي روى عنعبد الله بن معتمر، روى عنه حلام بن صالح " [الجرح والتعديل (4/123)] .

ابن حبان :
قال في الثقات (6/384) ترجمة سليمان بن شهاب العبسي : " يروي عن عبد الله بن المعتمر روى عنه حلام بن صالح " .

أبو نعيم الأصبهاني :
قال : " عبد الله بن معتم وقيل: ابن مغنم، له صحبة" ["معرفة الصحابة" (4/1791)] .

ابن ماكولا :
قال في "الاكمال" (7/210) : " باب معتم ومغنم ومعتمر:أما معتم بضم الميم وبالتاء المعجمة باثنتين من فوقها وبالميم المشددة، فهو عبد الله بن معتم كان على إحدى المجنبتين يوم القادسية، قاله سيف .وأما مغنم بفتح الميم وسكون الغين المعجمة، وبعدها نون مفتوحة وميم خفيفة فهو عبد الله بن مغنم، قيل له صحبة ورواية عن النبي صلى الله عليه وسلم وروى عنه سليمان بن شهاب العبسي.وأما معتمر بعين مهملة وتاء وآخره راء فجماعة " .

أبو أحمد العسكري :
قال : عبد اللَّه بن معتمر له صحبة. كذا ذكره بسكون المهملة وكسر الميم الخفيفة بعدها راء، وقيل المعتم بغير راء ["أسد الغابة" (3/393) لابن الأثير، و"الاصابة" (4/205) لابن حجر] .

ابن عبد البر :
قال في "الاستيعاب" (3/995/1665) : " عبد الله بن المعمر العبسي، له صحبة، وهو ممن تخلف عن علي رضي الله عنه في قتال أهل البصرة " .
وقال في (3/997/1668) : " عبد الله بن مغنم الكندي، ويقال ابن المعتمر: روى عنه سليمان بن شهاب العبسي، له حديث واحد في الدجال ، لا أعرف له غيره " .

قال ابن حجر في "الاصابة" (4/205) : " وأما ابن عبد البر فقال: عبد اللَّه بن المعمّر- بتشديد الميم بعدها راء، فصحفه " .

الخطيب البغدادي : قال الخطيب في "المؤتنف" : " مغنم بفتح الميم وسكون الغين المعجمة وبنون" [تاريخ ابن عساكر (2/230)]
قال ابن حجر في "الاصابة" (4/207/ عبد الله بن مغنم) : " ذكره الخطيب في المؤتلف، وأخرج حديثه من معجم الصحابة للإسماعيلي، وضبطه بالمعجمة والنون " .

ابن منده : قال ابن الأثير في "أسد الغابة" (3/393) : " قال ابن منده، وأبو نعيم هكذا بالتاء فوقها نقطتان، والميم المشددة، وقال أبو عمر: المعتمر، في آخره راء ..." . أي : عبد الله بن معتم .

أبو زكريا يزيد بن إياس الموصلي :
قال في تاريخ الموصل: هو الّذي فتح الموصل. وذكر ذلك سيف بن عمر في الردة، وكان عبد اللَّه على مقدمة سعد بن أبي وقاص من القادسية إلى المدائن، وسيّره سعد من العراق إلى تكريت «2»، ومعه عرفجة بن هرثمة، وربعي بن الأفكل، ففتح تكريت. ["الاصابة" (4/205) لابن حجر] .
وقال أيضا : " عبد الله بن المعتم العبسي، هو الذي افتتح الموصل، وروى ذلك عن سيف بن عمر " ["أسد الغابة" (3/393) لابن الأثير] .

ابن حجر :
قال في "لسان الميزان" (4/161) مستدركا : " سليمان بن شهاب، عن عبد الله بن معتمر ..وصوابه مغنم " .
وقال في "الاصابة في تمييز الصحابة" (4/205/ ترجمة عبد الله بن المعتم) : " بضم الميم وسكون المهملة وفتح المثناة وتشديد الميم: العبسيّ، ضبطه ابن ماكولا ... وقد تقدم ذكر عبد اللَّه بن مالك بن المعتمّ العبسيّ، فما أدري أهو هذا نسب إلى جده أو غيره ؟ "
------------------
أخطاء مطبعية :

وقع في طبعتي "مصنف ابن أبي شيبة" طبعة مكتبة الرشد، بتحقيق كمال يوسف الحوت (7/497)، وطبعة الفاروق الحديثة بتحقيق أسامة بن ابراهيم (13/333-334) " .... عن سليمان بن شهاب العبسي، قال : أخبرني عبد الله بن نعيم، وذكر الدجال ، فقال : " ليس به خفاء ..." .

قلت : وهو تصحيف وخطأ ظاهر، وقد أتى به المحقق محمد عوامة في طبعة دار القبلة على الصورة الصحيحة (21/228) : ...أخبرني عبد الله بن مغنم وذكر الدجال ...

الخلاصة في اسم الصحابي :
عبد الله بن معتم : واختاره ابن اسحاق وأبو نعيم الأصبهاني وابن منده .
عبد الله بن معمر : صحفه ابن عبد البر .
عبد الله بن معتمر : واختاره ابن أبي حاتم وابن حبان وأبو أحمد العسكري
عبد الله بن مغنم : واختاره الخطيب وابن عبد البر وابن حجر .
عبد الله بن نعيم : خطأ مطبعي .

قلت : والذي أرجحه مما سبق هو "عبد الله بن مغنم" رضي الله عنه، وسائر الأسماء تصحيف، ثم تصحيف مركب، والله أعلم .

أقوال العلماء في الحديث :
1- قال البخاري : " ولم يصح " ["التاريخ الكبير" (4/19)]، وفي موضع آخر : " لم يصح إسناده " ["التاريخ الكبير" (5/27)] .

2- قال ابن حجر في "فتح الباري" (13/91) : "وأما صفته فمذكورة في أحاديث الباب وأما الذي يدعيه فإنه يخرج أولا فيدعي الإيمان والصلاح ثم يدعي النبوة ثم يدعي الإلهية كما أخرج الطبراني من طريق سليمان بن شهاب قال نزل علي عبد الله بن المعتمر وكان صحابيا فحدثني عن النبي صلى الله عليه وسلم ... " فذكره، ثم قال الحافظ : "وسنده ضعيف" .

3- وقال الصالحي الشامي في "سبل الهدي والرشاد" (10/177) : " سند واه " .
الخلاصة : الحديث ضعيف مرفوعا وموقوفا، لأجل جهالة سليمان بن شهاب العبسي . والله أعلم
وجاء في لوامع الأنوار البهية للسفاريني: وَاعْلَمْ أَنَّ الْعُلَمَاءَ قَدِ اخْتَلَفُوا فِي الدَّجَّالِ فَقِيلَ إِنَّهُ لَيْسَ بِإِنْسَانٍ وَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ مُوثَقٌ بِسَبْعِينَ حَلْقَةً فِي بَعْضِ جَزَائِرِ الْيَمَنِ لَا يُعْلَمُ مَنْ أَوْثَقَهُ أَهُوَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَوْ غَيْرُهُ فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ ظُهُورَهُ فَكَّ عَنْهُ كُلَّ عَامٍ حَلْقَةً وَإِذَا أُبْرِزَ أَتَتْهُ أَتَانٌ عَرْضُ مَا بَيْنَ أُذُنَيْهَا أَرْبَعُونَ ذِرَاعًا فَيَضَعُ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْبَرًا مِنْ نُحَاسٍ فَيَقْعُدُ عَلَيْهِ وَتَتْبَعُهُ قَبَائِلُ الْجِنِّ وَيَخْرُجُونَ إِلَيْهِ بِخَزَائِنِ الْأَرْضِ وَأَوَّلُ خُرُوجِهِ يَدَّعِي الْإِيمَانَ وَالصَّلَاحَ وَيَدْعُو إِلَى الدِّينِ فَيُتَّبَعُ وَيَظْهَرُ فَلَا يَزَالُ حَتَّى يَقْدَمَ الْكُوفَةَ فَيُظْهِرُ الدِّينَ وَيَعْمَلُ بِهِ فَيُتَّبَعُ وَيُحَبُّ عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ يَدَّعِي الْإِلَهِيَّةَ فَيَقُولُ أَنَا اللَّهُ فَتُغْشَى عَيْنُهُ وَتُقْطَعُ أُذُنَاهُ وَيُكْتَبُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ فَلَا يَخْفَى عَلَى مُسْلِمٍ فَيُفَارِقُهُ كُلُّ أَحَدٍ مِنَ الْخَلْقِ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنَ الْإِيمَانِ. هَكَذَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.
وَقَالَ كَعْبُ الْأَحْبَارِ: يَتَوَجَّهُ الدَّجَّالُ فَيَنْزِلُ عِنْدَ بَابِ دِمَشْقَ الشَّرْقِيِّ ابْتِدَاءً قَبْلَ خُرُوجِهِ، ثُمَّ يُلْتَمَسُ فَلَا يُقْدَرُ عَلَيْهِ ثُمَّ يُرَى عِنْدَ الْمِيَاهِ الَّتِي عِنْدَ نَهْرِ الْكُسْوَةِ فَيُطْلَبُ فَلَا يُدْرَى أَيْنَ تَوَجَّهَ، ثُمَّ يَظْهَرُ بِالْمَشْرِقِ فَيُعْطَى الْخِلَافَةَ ثُمَّ يُظْهِرُ السِّحْرَ ثُمَّ يَدَّعِي النُّبُوَّةَ فَيَنْصَرِفُ النَّاسُ عَنْهُ يَعْنِي الْمُسْلِمِينَ فَيَأْتِي النَّهْرَ فَيَأْمُرُهُ أَنْ يَسِيلَ فَيَسِيلُ ثُمَّ يَأْمُرُهُ أَنْ يَرْجِعَ فَيَرْجِعَ ثُمَّ يَأْمُرُهُ أَنْ يَيْبَسَ فَيَيْبَسَ - الْحَدِيثَ. رَوَاهُ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ.

وجاء في كتاب الفتن والملاحم لنعيم بن حماد (توفي 228هـ، ضعيف الحديث، روى ما يعتبره السنة مناكير، لكنه من شيوخ البخاري لم يخرج له إلا في موضعين مقرونا بغيره، وروى له مسلم في مقدمة الصحيح موضعًا واحدًا فقط)، وهو كتاب أحاديث ضعيفة عند أهل السنة، ويستعمله على مضض بعض الشيعة الاثناعشرية لاحتوائه على روايات تعتبر ضمن الثقافة الشيعية الاثناعشرية، لكن الفريقين لا يقبلانه عمومًا (على عكس قبول الشيعة لمختصر إثبات الرجعة):

1522 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْقُدُّوسِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ الْغَسَّانِيِّ، حَدَّثَنِي الْهَيْثَمُ بْنُ مَالِكٍ الطَّائِيُّ، رَفَعَ الْحَدِيثَ قَالَ: " يَلِي الدَّجَّالُ بِالْعِرَاقِ سَنَتَيْنِ، يُحْمَدُ فِيهَا عَدْلُهُ، وَتَشْرَئِبُ النَّاسُ إِلَيْهِ، فَيَصْعَدُ يَوْمًا الْمِنْبَرَ فَيَخْطُبُ بِهَا، ثُمَّ يُقْبِلُ عَلَيْهِمْ فَيَقُولُ لَهُمْ: مَا آنَ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا رَبَّكُمْ؟ فَيَقُولُ لَهُ قَائِلٌ: وَمَنْ رَبُّنَا؟ فَيَقُولُ: أَنَا، فَيُنْكِرُ مُنْكِرٌ مِنَ النَّاسِ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ قَوْلَهُ، فَيَأْخُذُهُ فَيَقْتُلُهُ، وَيَنْزِلُ عَلَيْهِ مَلَكَانِ مِنَ السَّمَاءِ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا لَهُ، حِينَ يَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمُ،: كَذَبَ، وَيَقُولُ لَهُ صَاحِبُهُ: صَدَقَ، مُصَدِّقًا لِصَاحِبِهِ، فَمَنْ أَرَادَ اللَّهُ بِهِ الْهُدَى ثَبَّتَهُ، وَعَلِمَ أَنَّ الْمَلَكَ إِنَّمَا يُصَدِّقُ صَاحِبَهُ، وَمَنْ أَرَادَ اللَّهُ ضَلَالَتَهُ شُبِّهَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: إِنَّ الْمَلَكَ حِينَ يُصَدِّقُ صَاحِبَهُ إِنَّمَا يُصَدِّقُ الدَّجَّالَ تَرْتِيبًا لِضَلَالَتِهِ، ثُمَّ يَسِيرُ الدَّجَّالُ، فَمَنْ أَجَابَهُ أَمَرَ السَّمَاءَ فَأَمْطَرَتْهُمْ، وَمَنْ خَالَفَهُ أَصْبَحُوا وَقَدْ تَبِعَتْ أَمْوَالُهُمْ كُلُّهَا الدَّجَّالَ، وَجُلُّ تَبَعِهِ الْيَهُودُ وَالْأَعْرَابُ، وَيُقْتَرُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَيُضَيَّقُ عَلَيْهِمْ حَتَّى يَبْلُغَهُمُ الْجَهْدُ، وَحَتَّى أَنَّ أَهْلَ الْبَيْتِ لَهُمُ الْعَدَدُ تُعَشِّيهِمُ الْعَنْزُ الْوَاحِدَةُ "

1526 - قَالَ الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ: وَحَدَّثَنِي جَرَّاحٌ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْ كَعْبٍ، قَالَ: " الدَّجَّالُ بَشَرٌ وَلَدَتْهُ امْرَأَةٌ، وَلَمْ يَنْزِلْ شَأْنِهِ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ، وَلَكِنْ ذُكِرَ فِي كُتُبِ الْأَنْبِيَاءِ، يُولَدُ فِي قَرْيَةٍ بِمِصْرَ يُقَالُ لَهَا قُوصُ، يَكُونُ بَيْنَ مَوْلِدِهِ وَمَخْرَجِهِ ثَلَاثُونَ سَنَةً، فَإِذَا ظَهَرَ خَرَجَ إِدْرِيسُ وَخُنُوكُ يَصْرُخَانِ فِي الْمَدَائِنِ وَالْقُرَى: إِنَّ الدَّجَّالَ قَدْ خَرَجَ، فَإِذَا أَقْبَلَ أَهْلُ الشَّامِ لِخُرُوجِهِ تَوَجَّهَ نَحْوَ الْمَشْرِقِ، ثُمَّ يَنْزِلُ عِنْدَ بَابِ دِمَشْقَ الشَّرْقِيِّ، ثُمَّ يُلْتَمَسُ فَلَا يُقْدَرُ عَلَيْهِ، ثُمَّ يُرَى عِنْدَ الْمَنَارَةِ الَّتِي عِنْدَ نَهَرِ الْكِسْوَةِ، ثُمَّ يُطْلَبُ فَلَا يُدْرَى أَيْنَ سَلَكَ، فَيُنْسَى ذِكْرُهُ، ثُمَّ يَأْتِي الْمَشْرِقَ فَيَظْهَرُ وَيَعْدِلُ، ثُمَّ يُعْطَى الْخِلَافَةَ، فَيُسْتَخْلَفُ، وَذَلِكَ عِنْدَ خُرُوجِ الْمَسِيحِ، وَيُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ، حَتَّى يَتَعَجَّبَ النَّاسُ، ثُمَّ يُظْهِرُ السَّحَرَ، وَيَدَّعِي النُّبُوَّةَ، فَيَفْتَرِقُ عَنْهُ النَّاسُ وَيُفَارِقُهُ أَهْلُ الشَّامِ، فَيَفْتَرِقُ عَلَيْهِ أَهْلُ الْمَشْرِقِ ثَلَاثَ فِرَقٍ: فِرْقَةٌ تَلْحَقُ بِالشَّامِ، وَفِرْقَةٌ تَلْحَقُ بِالْأَعْرَابِ، وَفِرْقَةٌ تَلْحَقُ بِهِ، فَيُقْبِلُ بِمَنْ مَعَهُ " قَالَ كَعْبٌ: وَهُمْ أَرْبَعُونَ أَلْفًا، وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: سَبْعُونَ أَلْفًا، وَيَأْتِي الْأُمَمَ فَيَسْتَمِدُّهُمْ عَلَى أَهْلِ الشَّامِ فَيُجِيبُونَهُ، وَتُجْمَعُ إِلَيْهِ الْيَهُودُ جَمِيعًا، فَيَسِيرُ نَحْوَ الشَّامِ، مُقَدِّمَتُهُ الْعِصَابَةُ الْمَشْرِقِيَّةُ، مَعَهُمْ أَعْرَابُ جَدِيسٍ، عَلَيْهِمُ الطَّيَالِسَةُ، فَيَفْزَعُ أَهْلُ الشَّامِ فَيَهْرُبُونَ إِلَى الْجِبَالِ، وَمَأْوَى السِّبَاعِ، اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا مِنَ الرِّجَالِ، وَسَبْعَةُ آلَافِ امْرَأَةٍ، عَامَّتُهُمْ إِلَى جَبَلِ الْبَلْقَاءِ، قَدِ اعْتَصَمُوا بِهِ، لَا يَجِدُونَ مَا يَأْكُلُونَ غَيْرَ شَجَرِ الْمِلْحِ، وَتَهْرُبُ عَنْهُمُ السِّبَاعُ إِلَى السَّهْلِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَأْتِي الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ فَيَسْكُنُهَا، ثُمَّ يَتَرَاسَلُونَ فَيُقْبِلُونَ سِرَاعًا، حَتَّى يَنْزِلُوا غَرْبِيَّ الْأُرْدُنِّ، عِنْدَ نَهَرِ أَبِي فُطْرُسٍ، يَنْطَوِي إِلَيْهِمْ كُلُّ فَارٍّ مِنَ الدَّجَّالِ، وَيُعَبِّئُونَ مَسْلَحَةً عِنْدَ الْمَنَارَةِ الَّتِي غَرْبِيَّ الْأُرْدُنِّ، وَيُقْبِلُ الدَّجَّالُ فَيَهْبِطُ مِنْ عَقَبَةِ أَفِيقَ، فَيَنْزِلُ شَرْقِيَّ الْأُرْدُنِّ، فَيَحْصُرُهُمْ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، فَيَأْمُرُ نَهَرَ أَبِي فُطْرُسٍ فَيَسِيلُ إِلَيْهِ، ثُمَّ يَقُولُ: ارْجِعْ فَيَرْجِعْ إِلَى مَكَانِهِ، وَيَقُولُ: أَيْبِسْ فَيَيْبَسْ، وَيَأْمُرُ جَبَلَ ثَوْرٍ وَجَبَلَ طُورِ زِيتَا أَنْ يَنْتَطِحَا فَيَنْتَطِحَانِ، وَيَأْمُرُ الرِّيحَ فَتُثِيرُ السَّحَابَ مِنَ الْبَحْرِ، فَتُمْطِرُ الْأَرْضَ فَتُنْبِتُ، وَيَأْمُرُ إِبْلِيسَ الْأَكْبَرَ ذُرِّيَّتَهُ بِاتِّبَاعِهِ، فَيُظْهِرُونَ لَهُ الْكُنُوزَ، فَلَا يَمُرُّونَ بِخَرِبَةٍ وَلَا أَرْضٍ فِيهَا كَنْزٌ إِلَّا نُبِذَ إِلَيْهِ كَنْزُهُ، وَمَعَهُ قَبِيلٌ مِنَ الْجِنِّ، فَيَتَشَبَّهُونَ بِمَوْتَى النَّاسِ، وَيَقُولُ: أَنَا أَبْعَثُ مَوْتَاكُمْ فَيُشَبَّهُونَ بِمَوْتَاهُمْ، فَيَقُولُ الْحَمِيمُ لِحَمِيمِهِ: أَلَمْ أَمُتْ وَقَدْ حَيِيتُ؟، وَيَخُوضُ الْبَحْرُ فِي الْيَوْمِ ثَلَاثَ خَوْضَاتٍ، فَلَا يَبْلُغُ حِقْوَيْهِ، فَيُمَيَّزُ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُنَافِقُونَ وَالْكَافِرُونَ، وَالْهَرَبُ عَنْهُ خَيْرٌ مِنَ الْمَقَامِ بَيْنَ يَدَيْهِ، لِلْمُتَكَلِّمِ يَوْمَئِذٍ بِكَلِمَةٍ يُخْلِصُ بِهَا مِنَ الْأَجْرِ كَعَدَدِ رَمْلِ الدُّنْيَا، وَيُقَاتِلُ النَّاسَ عَلَى الْكُفْرِ، فَمَنْ قُتِلَ مِنْهُمْ أَضَاءَتْ قُبُورُهُمْ فِي اللَّيْلَةِ الْمُظْلِمَةِ وَاللَّيْلِ الدَّامِسِ قَالَ كَعْبٌ: فَإِذَا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ أَنَّهُمْ لَا يَسْتَطِيعُونَ قَتْلَهُ، وَلَا أَصْحَابَهُ، سَارُوا غَرْبِيَّ الْأُرْدُنِّ الَّتِي بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَيُبَارَكُ لَهُمْ فِي ثَمَرِهَا، وَيَشْبَعُ الْآكِلُ مِنَ الشَّيْءِ الْيَسِيرِ لَعَظِيمِ بَرَكَتِهَا، وَيَشْبَعُونَ فِيهَا مِنَ الْخُبْزِ وَالزَّيْتِ، وَيَتْبَعُهُمُ الدَّجَّالُ، وَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيَقُولُ: أَنَا الرَّبُّ، فَيَقُولُ لَهُ أَحَدُهُمَا: كَذَبْتَ، وَيَقُولُ الْآخَرُ لِصَاحِبِهِ: صَدَقْتَ، وَصِفَتُهُ أَنَّهُ أَفْحَجُ، أَصْهَبُ، مُخْتَلِفُ الْحَلْقِ، مَطْمُوسُ الْعَيْنِ الْيُمْنَى، إِحْدَى يَدَيْهِ أَطْوَلُ مِنَ الْأُخْرَى، يَغْمِسُ الطَّوِيلَةَ مِنْهَا فِي الْبَحْرِ فَيَبْلُغُ قَعْرَهُ، فَتُخْرِجُ مِنَ الْحِيتَانِ، يَسِيرُ أَقْصَى الْأَرْضِ وَأَدْنَاهَا فِي يَوْمَيْنِ، خُطْوَتُهُ مَدُّ بَصَرِهِ، وَتُسَخَّرُ لَهُ الْجِبَالُ وَالْأَنْهَارُ وَالسَّحَابُ، وَيَأْتِي الْجَبَلَ فَيَقُودُهُ، وَيُدْرِكُ زَرْعُهُ فِي يَوْمٍ، وَيَقُولُ لِلْجِبَالِ: تَنَحَّيْ عَنِ الطَّرِيقِ، فَتَفْعَلُ، وَيَجِيءُ إِلَى الْأَرْضِ فَيَقُولُ: أَخْرِجِي مَا فِيكَ مِنَ الذَّهَبِ، فَتَلْفَظُهُ كَالْيَعَاسِيبِ، وَكَأَعْيُنِ الْجَرَادِ، وَمَعَهُ نَهَرُ مَاءٍ، وَنَهَرُ نَارٍ، جَنّتُهُ خَضْرَاءُ، وَنَارُهُ حَمْرَاءُ، فَنَارُهُ جَنَّةٌ، وَجَنَّتُهُ نَارٌ، وَجَبَلٌ مِنْ خُبْزٍ، مَنْ أَلْقَاهُ فِي نَارِهِ لَمْ يَحْتَرِقْ، يَظْهَرُ عِنْدَ عَالِيَةَ مَرَّةً، وَعَلَى بَابِ دِمَشْقَ مَرَّةً، وَعِنْدَ نَهَرِ أَبِي فُطْرُسٍ مَرَّةً، وَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ "

وفي تراث الشيعة الاثناعشرية، انفرد الشيخ الفضل بن شاذان من بين كتبة كتب الحديث والرواة بهذا الحديث:

قال الشيخ الفضل بن شاذان: حدَّثنا محمَّد بن أبي عمير رضي الله عنه، قال: حدَّثنا جميل بن درَّاج قال: حدَّثنا زرارة بن أعين، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ( استعيذوا بالله من شرِّ السفياني، والدَّجَّال، وغيرهما من أصحاب الفتن). قيل له: يا ابن رسول الله! أما الدجَّال فعرفناه وقد بيِّن من مضامين أحاديثكم شأنه، فمن السفياني، وغيره من أصحاب الفتن، وما يصنعون؟ قال عليه السلام: ( أوَّل من يخرج منهم رجلٌ يقال له: أصهب بن قيس يخرج من بلاد الجزيرة له نكاية شديدة في النَّاس، وجور عظيم. ثمَّ يخرج الجرهميّ من بلاد الشام. ويخرج القحطانيّ من بلاد اليمن. ولكلِّ واحدٍ من هؤلاء شوكة عظيمة في ولايتهم، ويغلب على أهلها الظلم، والفتنة منهم؛ فبينما هم كذلك إذ يخرج عليهم السَّمرقندي من خراسان مع الرَّايات السود، والسفياني من الوادي اليابس من أودية الشام، وهو من ولد عتبة بن أبي سفيان، وهذا الملعون يُظهر الزهد قبل خروجه، ويتقشَّف، ويتقنَّع بخبز الشعير، والملح الجريش، ويبذل الأموال، فيجلب بذلك قلوب الجهَّال والأرذال؛ ثمَّ يدَّعي الخلافة فيبايعونه، ويتَّبعهم العلماء الذين يكتمون الحقَّ ويظهرون الباطل، فيقولون: إنَّه خير أهل الأرض. وقد يكون خروجه، وخروج اليماني من اليمن مع الرَّايات البيض في يومٍ واحدٍ، وسنة واحدة؛ فأوَّل مَنْ يقاتل السفياني القحطانيُّ فينهزم ويرجع إلى اليمن، فيقتله اليماني. ثمَّ يفرُّ الأصهب، والجرهميّ بعد محاربات كثيرة من السفياني، فيتبعهما، ويقهرهما، ويقهر كلَّ من ينازعه، ويحاربه إلاّ اليمانيّ. ثمَّ يبعث السفيانيّ جيوشاً إلى الأطراف، ويسخِّر كثيراً من البلاد، ويبالغ في القتل، والفساد، ويذهب إلى الرُّوم لدفع الملك الخراسانيّ ويرجع منها متنصِّراً في عنقه صليب. ثمَّ يقصد اليمانيّ، فينهض اليمانيّ لدفع شرِّه، فينهزم السفياني بعد محاربات عديدة، ومقاتلات شديدة، فيتبعه اليمانيُّ، فتكثر الحروب وهزيمة السفياني، فيجده اليماني في آخر الأمر مع ابنه في الأسارى فيقطّعهما إرباً إرباً. )

الرواية من مختصر إثبات الرجعة للشيخ الفضل بن شاذان (توفي سنة 260 هـ في نيسابور)، ومن مؤيّدات (شواهد) هذا الحديث ما ونقله أبو جعفر الطوسي عنه في كتاب الغيبة بهذا الطريق: عنه، عن سيف بن عميرة، عن بكر بن محمّد الأزدي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: خروج الثلاثة: الخرساني، و السفياني، واليماني في سنة واحدة، في شهر واحد، في يوم واحد، فليس فيها راية بأهدى من راية اليماني تهدي إلى الحق- الغيبة للطوسي: 446 و447/ فقرة 443 ونقلها عن الفضلِ بنِ شاذان المؤلفُ محمّد صادق الخاتون آبادي في كشف الحق أو الأربعون/ الحديث 29 .

لؤي عشري 10-10-2018 08:49 PM

وصف الملفان الشاعر أفرام السرياني (الملقب بقيثارة الروح) للفردوس (الجنة) في منظومة أو ديوان الفردوس مصدر لبعض عقائد محمد عن الجنة، بالإضافة إلى المصدر اليهودي الربيني (الهاجادي)
القرن الرابع الميلادي- دراستان واحدة للؤي عشري الأخرى لأبي موسى الحريري

تعريف بسيرة أفرام السرياني ومكانته في الأدب السرياني:

الأديب المؤلف المعلم (الملفان بالسريانية) أفرام السرياني (306- 373م)، أحد أهم رموز التراث السرياني الشرقي القديم من تراث منطقتنا الشرق أوسطية في عالم الأدب والفكر المسيحيين الشرقيين. جاء عنه في ويكيبيديا

الملفان مار أفرام السرياني بالسريانية (ܡܪܝ ܐܦܪܝܡ ܣܘܪܝܝܐ: مور إفرم سوريويو)، (نصيبين 306 م ـ الرها 373 م)، وراهب سرياني من رواد كتاب وشعراء المسيحية ويعده بعض المؤرخين واللاهوتيين أعظم من كتب القصيدة والترنيمة الدينية في الشرق المسيحي، ولفصاحة لسانه وبلاغة أدبه وطهارة سيرة حياته لقب بألقاب عدة كقيثارة الروح القدس وشمس السريان، والملفان وتعني الأديب المؤلف المعلم. وهو على كل حال أحد آباء ومعلمي الكنيسة الذي تجمع على قداسته جميع الطوائف المسيحية الرسولية.

ولد عام 306 م في مدينة نصيبين من أسرة مسيحية (ذكرت مصادر أخرى أنه وُلِد لأبوين وثنيين وتنصَّر)، وتتلمذ على يد خاله مار يعقوب النصيبيني أسقف نصيبين. انخرط بالسلك الرهباني واختار البقاء في رتبة الشمامسة حتى وفاته حيث لم يكن يحسب نفسه أهلا لان يقلد مهام الكهنوت، أسس مدرسة لاهوتية في نصيبين ذاع صيتها واشتهرت بين أبناء ذاك الزمان.

أُجْبِرَ على النزوح من مدينة نصيبين بعد سقوطها بيد الساسانيين عام 363 م، وانتقل إلى مدينة الرها التي كانت آنذاك خاضعة للحكم الروماني وتنيح (توفي) هناك عام 373 م.

برع القديس أفرام السرياني بتفسير الكتاب المقدس وعقائد الإيمان "القويم" واتبع في ذلك الطريقة الشعرية حيث أبدع أجمل ما كتب في شرح وإيضاح المعاني الروحية لكلمة الله، إضافة إلى ذلك اهتم بالكرازة وعاش حياة المتصوفين، جميع مؤلفاته كتبها باللغة السريانية وترجمت لمختلف لغات العالم وتعد من روائع الأدب المسيحي السرياني، وتمتاز مؤلفاته الكثيرة بالرقة وبجمال التفكير والتعبير وما زالت تتلى حتى اليوم كجزء من ليتورجيات (طقوس) الكنائس السريانية المختلفة، كتب الكثير في مدح السيدة العذراء. كما يعزى إليه تطوير الموسيقى الكنسية السريانية المستخدمة في القداديس السريانية.

مقدمة من القس بولس فغالي نعلم بها لماذا شدَّدَ أفرام السرياني على القيامة (البعث) الجسدية وليس بالروح الخرافية فقط، وبالغ في ذكر متع الطعام والجسد إلى حد ما في الجنة، مواجهة عقائد برديصان الغنوسي:

جاءَ في (من الكتاب المقدس إلى الآباء السريان/ الفصل العشرون: الأزمنة الأخيرة عند أفرام السرياني) بقلم القس المثقف المطلِّع بولس فغالي:

..... صور لافتة قدَّمها أفرام لكي يتحدَّث عن قيامة الأجساد: «الأموات قاموا لدى الأحياء، والمقبورون لدى القابرين، والراقدون لدى الماشين، والصامتون لدى المتكلِّمين». ولكن لماذا هذا التشديد على القيامة؟ لأنَّ برديصان الرهاويّ (154-222) رفض قيامة المسيح وبالتالي قيامة البشر بشكل عامّ. ومع أنَّه سبق أفرام، إلاَّ أنَّ تأثيره لبث كبيرًا في نصيبين والرها. وسوف يكرِّس له أفرام مع مرقيون وماني عددًا من القصائد جُمعَت في ما يُسمّى: «مدارش تردُّ على التعاليم الضالَّة». ثمَّ كانت ميامر ردَّ فيها أفرام بشكل خاصٍّ على برديصان. أمّا النقطة الأولى التي يعرضها فهي أنَّ المسيح عاد مع جسده من سفرته إلى الشيول:
ما فهم برديصان أنَّ المسيح أحيا الجسد الذي مات في آدم. فالمسامير تشهد على موته. والملاكان يشهدان على قيامته. والمسامير التي خرجت من الأتون هي أتون لإيماننا. وآثارها بيَّنت لتوما أنَّ النفس لم تقُم وحدها.

قبِل تبّاع برديصان برهان أفرام، ولكنَّهم راحوا يجادلون ليدافعوا عن نظريَّتهم بأنَّ الأجساد لا تقوم. فردَّ أفرام: «إذ رأى برديصان أنَّ جسد ربِّنا وحده قام، دون جميع أجساد المائتين، ظنَّ، ضالاًّ، أنَّ الربَّ أقام النفوس فقط». وتابع أفرام كلامه:

«شدَّد برديصان بهذه الطريقة فقال: إذا كانت هذه الأجساد ماتت في آدم، وجب على المسيح، في مجيئه، أن يقيم الأجساد من القبر. ولكن إن كان لم يُقم الأجساد، فمن الواضح أنَّ آدم أدخل، بخطيئته، موت النفس، وأنَّ النفوس التي أنزلها آدم إلى الشيول، أصعدها ربُّنا معه».
حين أراد أفرام أن يردَّ على هذه الضلالات، رفض أن يدخل إلى حقل خصومه، وما أراد أن يقدِّم ردًّا مباشرًا على براهينهم، بل اكتفى بأن يشرح نقطة أساسيَّة: العلاقة الحقيقيَّة بين موت آدم وقيامة المسيح. نلاحظ هنا أنَّ أفرام لا ينكر بأن الأنفس كانت في الشيول، إلاَّ أنَّه يشرح أنَّ عمل الفادي لم يكن نصف عمل، فأقام النفوس دون الأجساد. عمل الفادي كامل هو، فأقام النفس مع الجسد.
ما دمَّرَ آدمُ كلَّ شيء حين مات وسقط في الشيول، بل مات ساعةَ خطئ ومات العالم معه ساعة أُطلق الحكم. وكذلك ربُّنا أقام كلَّ شيء. لا ساعةَ قام، ولكنَّه يحيا بانتصاره، والعالم يحيا بالعربون الذي أعطانا.

في هذا النصّ، نشهد موازاة بين عمل آدم ونتائجه على البشر، وعمل المسيح ونتائجه على الذين آمنوا به. وانتصار يسوع يعني إقامة عالم جديد. فبالخطيئة مات العالم، وبقيامة المسيح قام العالم. في الماضي عملَ خمير الموت، والآن هو خميرُ الحياة. آدم هو البرهان على الفساد، والمسيح هو نموذج الحياة الجديدة وكافلها.

ونعود هنا إلى أناشيد نصيبين حيث تُعلَن قيامةُ آدم. جاءت الردَّة في النشيد 36، في فم آدم:
مبارك من نصرني
وأحيا الموتى ليمجِّدوه.
ويبدأ النشيد في مقابلة بين ما حصل على الجلجلة وما حصل في جنَّة عدن:
أخضع ربُّنا قدرته، أمسكها،
لكي يُحيي آدم بموته الحيّ
وهب يديه لغرز المسامير
بدل اليد التي قطفت الثمرة
في المحكمة ضُرب على فكِّه
بدل الفم الذي أكل في عدن.
ولأنَّ آدم أفلت رجلَه، ثبَّت (يسوع) رجليه
عُرِّي ربُّنا لنتعلَّم الحياء
بالمرِّ والخلِّ حلّى
مرارة الحيَّة التي تسرَّبت إلى البشر.
وتنتهي هذه القصيدة بنداء إلى يسوع الملك يُطلقه الموت:
أيُّها الملك يسوع، إقبل دعائي
ومع دعائي خذ لك رهينة،
تدبَّرْ لك آدم، الرهينة الكبيرة
الذي فيه طُمر كلُّ المائتين،
كما (كان) حين استقبلتُه
فيه يختفي كلُّ الأحياء
وهبت لك رهينةً أولى، جسد آدم،
فاصعدْ واملك على الجميع
وحين أسمع بموتك (1 تس 4: 16)
أنا، بيدي، أخرج الموتى في مجيئك.

وللكلام عن قيامة آدم، ربطَها أفرام بدخول موسى إلى أرض الموعد. قال عن موسى إنَّه رأى أرض الموعد ووقف عندها، بعد أن صدَّه نهر الأردنّ. وكذلك آدم، صدَّه الكروبيم: دفن ربُّنا آدم وموسى، والاثنان قاما. واحد دخل إلى هذه الأرض، وآخر إلى الفردوس. ونحن لا ننسى أنَّ موسى قام حقًّا، لأنَّه لاقى ربَّنا يسوع بجسده في وقت التجلّي:

وأيضًا كيف تكلَّم معه،
مع غريب على الجبل
موسى وإيليّا.
فإن تكلّما بالجسد معه،
فها هو انبعاث جسديهما.

ذاك ما قرأناه في المدراش 48 من الردَّ على التعاليم الضالَّة. وفي تفسير الإنجيل الرباعيّ كان كلام عن التجلّي في المعنى ذاته: «وأتى (الربّ) بموسى وإيليّا لكي نؤمن بالقيامة الأخيرة. فالذين ماتوا مثل موسى وإيليّا يقومون...».

مقارنة للؤي عشري بين ديوان أو منظومة الفردوس لأفرام السرياني واعتقادات القرآن

هذه النصوص مأخوذة من: سلسلة أقدم النصوص المسيحية- سلسلة النصوص اللاهوتية- مار أفرام السرياني- منظومة الفردوس- ترجمة الأب روفائيل مطر اللبناني- رابطة الدراسات اللاهوتية في الشرق الأوسط- الكسليك 1980م. وهي ترجمة أدبية لرجل بليغ فصيح أجاد وأحسن الترجمة بدقة، وإن كانت دقة الترجمة تعني عدم إمكانية الشعور بالجمالية اللفظية الشكلية السريانية، لكن نستطيع استشعار جمال المعاني الشعرية السريانية، مهما كان نقدنا العقلاني لها كملحدين.

ثمار وطعام أهل الجنة في الفردوس (الجنة)

لكأنَّهم لم يَلْقَوْا ولا لَوَتْهُم شِدَّةٌ
وكأنَّ صومَهم حلمٌ
واستيقظوا كما من نومٍ فوجدوا الفردوسَ
مائدةَ الملكوتِ مبسوطةً أمامَهم

وفي ص 26:

لكني رأيت في سياجِهِ التيناتِ الصوامتَ

وفي ص32- 33 من النشيد الثاني:

كلما أكثر مفاتَنَه أكثَرَ أنواعَها
فكلُّ نوعٍ أبدعُ من نوعٍ

وفي ص 82- 83 من النشيد السادس:

ولما دخل العقلُ، وهو روحانيٌّ، بُهِتَ ودَهِشَ
لقد تاهَ العقلُ وأعْيا لأنه لا حواسَّ يمكنُها
أن تحصُرَ كنوزَهُ المجيدةَ
ولا أن تتذوَّقَ طعمَهُ ولا أنْ تَسْبُرَ ألوانَهُ
ولا أن تحوشَ جمالَه، وتحكي قصتَهُ
يَجْمَعُ الحواسَّ بلذاتِهِ على اختلافِ ألوانِها:
الأحداقَ بِحَلْيِهِ والسمعَ بأصواتِهِ
الفمَ والأنفَ بطعمِهِ ورائحتِهِ
تباركَ الذي جمعَ لنفسِهِ
الساهرين والصائمين، يَنْهَمونَ،
بعدَ أصوامِهِم، يَرْعَوْنَ في مروجِ الطيباتِ
وفي ص 76، من النشيد الخامس:

إنه لَسِرُّ مَوْلِدٍ، يبكي المولودونَ
من الأرضِ أمِّ الآلامِ لجنةِ الطيِّباتِ

وفي النشيد السابع، ص 118

إن الأشجار _بدلًا من الملوك_ يُعظِّمنَ الصائمينَ
خاشعاتٍ داعياتٍ لهم بجمالِهنَّ
أنْ يَعرُجوا إلى منازلِهِنَّ ويَحِلَّوا في مَظالِّهِنَّ
يستحمَّونَ في أندائِهِنَّ ويلذُّون أثمارهن
واليد التي امتدت تمدَّ المعوزينَ
إليها تتعطَّفُ أثمارُ الفِرْدَوْس
والرِجلُ التي عادَتْ المرضى
إليها تَهرَعُ الأزاهيرُ تُكلِّلُ عقِبيها
فيتزاحمنَ أيَّهنَّ تسبِقُ فتَلْثُمُ مواطِئَها

وفي النشيد 6، ص 88- 90:

قوةُ ولا جَهْدَ ذراعٌ ولا عناءَ،
غرَسَتْ الفردوسَ، زيَّنَتْهُ ولم تَتْعَبْ
جَهْدُ حُرِّيَّةٍ زيَّنَ البَيْعةَ بمختَلِفِ الأثمارِ
****

حملَ الأفاضلُ أثمارَهم وخرجوا
إلى لقاءِ الفردوسِ مزهوًّا بضروب الأثمارِ:
دخلوا الجنةَ البهيةَ بروائع مآتيهِم
فرأتْ الجنةُ أثمارَ الصالحينَ
إنها لَتعلُوا أثمارَ أشجارِها
***

طوبى للذي استحقَّ أنْ يَرى في الفِرْدَوْس
كيفَ تباهت أثمارُ أشجارِه المجيدةِ
وخُذِلَتْ لمَّا رأتْ أثمارَ الظافرينَ
والأزهارُ أخذَتها نشوةُ ظَفَرٍ ثم انكفأتْ مهزومةً
وقد رأَتْ أزاهيرَ، بُتُلًا وقدِّيسين
بإكليلِهم فرِحَتْ البريَّةُ وبارئُها

وفي النشيد السابع، ص 107:

أما جوعك فتشبعه ثمرةٌ
تُطهِّر آكلَها وعطشك يرويه
شرابٌ سماويٌّ يُحْكِمُ شاربيهِ

وفي النشيد السابع، ص 121- 122:

إن خيرَ ذلكَ المكانِ لَيُفَرِّحُ المُتعبَاتِ
اللائي خَدَمْنَ القديسين حين يشاهْدنَ الأرملةَ
التي تلقَّتْ إيليَّا تتنعَّمُ في عدنٍ
وبدلًا من الينبوعين اللذين قاتاهما
بدلًا من الجَرَّةِ والقارورةِ تقوتُهُنَّ في عَدْنٍ
فروعُ الأشجارِ لأنهنَّ قُتْنَ المعوزينَ
***

لا شيء هناك ضائع
نبته ذَوْبُ هناءٍ، سعدُهُ وفْرُ غِنَىً
من يذُقْه تعد له الفتوة ومن يستنشقه يجلِّلْهُ الجَمالُ
زهرُهُ وعبيرُهُ ذخيرةٌ
مكنونةٌ فيه يُهديها إلى جامعِهِ
ثمره يحتوي كنزًا يُقدِّمُه إلى قاطفِهِ

وفي النشيد التاسع، ص 148- 155:

إن شئتَ أنْ تترقَّى الشجرةَ
تحدَبَتْ أغصانُها دَرَجًا (سُلَّمًا) أمامَ قدميكَ،
تُغْريكَ بالاتكاءِ إلى صدرِها
مضطَجَعِ أغصانِها ذاتِ الظَهِرِ
المتينِ الخفيضِ الحافلِ المتموِّج بالأزاهيرِ
يكونُ للمستغرِق فيه كما يكونُ للطفلِ الحضنُ والسرير
***

من رأى وليمة في لبِّ شجرة!
وثمارًا من كلِّ طعم في مَطالِ اليد
نُظمت واحدةً إلى أخرى تدنو على مزياتها:
الثمارُ للمأكل والمشرب
وللغسل الندى، والأوراق للنشف،
هو كنز لا ينضب لسيِّدٍ هو الغني
***
من سمِعَ قط أو رأى
غمامةً فوقَ الرؤوسِ مظلةً من ثَمَرٍ
وبساطًا تحتَ الأقدامِ مُنْبَسَطًا من زَهَر!
***

أيُّ سيلٍ من طيِّباتِ! فما تصرفُكَ الواحدةُ
حتى تدعوَكَ الأخرى، على جميعهِنَّ تتألَّقُ البهجةُ
من ثمرِ هذه تأكلُ ومن شراب تلك ترتوي
بندى تلك تستحم وتتطهر
بصمغِ تلك تَدَّهِنُ وأرَجَ هذه تستنشقُ
وشدوُ أخرى يدغدغ سمعك تبارَكَ الذي أبهجَ آدمَ

وفي النشيد 10، ص 179، قال أفرام السرياني:

هناك الشهورُ لا يَنْضَبُ مَعِيِنُ إيلادِها
فشهرٌ يحمِلُ الثَّمَرَ وجارُه الزَّهَرَ
هناكَ تتفجَّرُ وتتدفَّقُ ينابيعُ اللذَّاتِ
الخمرُ واللبنُ والعسلُ والزبدُ

وجاء في النشيد 11، ص 192:

أما قوارسُ البردِ ولواهبُ الحرِّ
فلا وجودَ لها في ذلك الموضعِ المبارَكِ الشهيِّ
إنه لَميناءُ المسرَّاتِ ومحطُّ اللذاتِ،
النور والبهجةُ يحِلَّانِ فيهِ

قارن مع القرآن:

{وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ (27) فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ (28) وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ (29) وَظِلٍّ مَمْدُودٍ (30) وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ (31) وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (32) لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ (33) وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ (34)} الواقعة

{مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آَسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ (15)} محمد

{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ (51) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (52) يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ (53) كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (54) يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آَمِنِينَ (55) لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (56)} الدخان
{إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ (55) هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ (56) لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ (57) سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ (58)} يس
{هَذَا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآَبٍ (49) جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ (50) مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ (51) وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ (52) هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسَابِ (53) إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ (54)} ص

{يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (71) وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (72) لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا تَأْكُلُونَ (73)} الزخرف

{وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (22) يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لَا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ (23) وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ (24)} الطور

وقارن قول أفرام (في مطال اليد)، بقول محمد في القرآن:

{فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (21) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (22) قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ (23) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ (24)} الحاقة

وأتوا به متشابها

جاء في النشيد 11، ص 196- 197:

لا أخَذَ عقلكَ اضطرابٌ من الألقابِ!
فإنَّ الفِرْدَوْس قد لَبِسَ أسماءً ألِفْتَها
ما لَبِسَ شِبْهَكَ لأنَّه فقيرٌ،
فإن طبعَكَ لحقيرٌ لا يستطيعُ
أن يكافئَ جلالَهُ، فإنْ مُثِّل بالألوانِ
الحقيرةِ التي ألِفْتَها نَصَلَ جمالُهُ
لا تستطيعُ العيونُ الكليلةُ
أن تُحدِّقَ إلى أشعةِ جمالِه السماويِّ
فألبَسَ أشجارَه أسماءَ أشجارِنا،
وبأسماءِ تينِنا سُمِّيَ تينُهُ،
وأوراقه الروحية لبِسَتْ جسمًا ملموسًا
فأشبَهَ اللباسُ اللابسَ
إن أزاهير تلك الأرض لأكثَرُ وأشرفُ
من كواكبِ هذه السماءِ المنظورةِ

قارن مع القرآن:

{وَبَشِّرِ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (25)} البقرة

وروى البخاري:

4780 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ ذُخْرًا بَلْهَ مَا أُطْلِعْتُمْ عَلَيْهِ ثُمَّ قَرَأَ {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ قَرَأَ أَبُو هُرَيْرَةَ قُرَّاتِ أَعْيُنٍ

أنهار المواد الغذائية على حسب أفرام (مماثل لما في الهاجادة وبعض أسفار الأبوكريفا)

في النشيد 10، ص 179، قال أفرام السرياني:

هناك الشهورُ لا يَنْضَبُ مَعِيِنُ إيلادِها
فشهرٌ يحمِلُ الثَّمَرَ وجارُه الزَّهَرَ
هناكَ تتفجَّرُ وتتدفَّقُ ينابيعُ اللذَّاتِ
الخمرُ واللبنُ والعسلُ والزبدُ

قارن مع ما ورد عن أربعة أنهار خمر وعسل ولبن وبلسم (بدل السمن عند أفرام) في رؤيا بولس 25- 27، وانظر في بحثي (أصول أساطير الإسلام من الهاجادة والأبوكريفا اليهودية) ص 493، الوصف المنسوب للربي يشوع بن لاوي للجنة في مدراش يلقوت المتأخر التأليف، وسدر أو سفر جَنْ عَدْنِ، ففي مدراش يلكوت أو يلقوت ذكر مشابه لأربعة أنهار من عسل ولبن وخمر وبلسم، موافقًا لما قاله أفرام السرياني، وبما أننا نعلم أن كتابات أفرام السرياني الصحيحة النسبة له المتسمة بروعة الأسلوب الأدبي كمنظومة الفِرْدَوْس مكتوبة قبل الإسلام بقرون، فهذا يبرهن لنا الآنَ بالإضافة إلى قدم سفر رؤيا أو صعود بولس الأقدم كتابة من كلا الكتابتين كتابة أفرام وكتابة مدراش يلقوت، فهذا يؤكد لنا ويبرهن على قدم الأصل المنقول عنه هذه الفقرة الأسطورية في مدراش يلقوت أيضًا وأنها أقدم من تاريخ نشوء الإسلام وحياة محمد، وكان متاحًا لمحمد أن ينقل هذه الخرافة من أيٍّ مما توفر له من المصادر اليهودية أو المسيحية أو ربما الغنوسية حتى المتوفرة له آنَذاكَ أو منها جميعًا.

وقارن مع القرآن:

{مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آَسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ (15)} محمد

الفردوس (الجنة) عند أفرام درجات، والعصاة الآثمون أو الجهنميَّون الذين يدخلون الجحيم (جهنم) للتكفير عن ذنوبهم الدينية الخرافية ثم يخرجون، وتصور أفرام لتجاور الجنة والنار مشابهًا لما في الهاجاديات وفي القرآن وبينهما الأعراف أو المطهر

جاء في النشيد الأول، في ص 15 وبعدها:
حَسْبُ جرأتي ما حكيتُ
إلا أن يكون ذو جرأةٍ يتخطَّى إلى القولِ:
إن السُذَّجَ والبُلْهَ الذين على جهلٍ خَطِؤوا،
متى أُدِّبُوا وكَفَّروا
أحلَّهَمُ الكريمُ بجانبِ الفردوسِ
في ذلك المَرعى المبارَك يَقْضِمُونَ الفضلاتِ
ذلك الموضعُ الذي يراهُ آلُ الفِرْدَوْسٍ دنيئًا وحقيرًا
قد سَغَبَ إليه اشتهاه المحترِقونَ في جَهَنَّم
إن عذابهم ليتفاقم وهم إلى ينابيعه ينظرون
وهي قُبالتَهم تهدُرُ هدْرًا
والغنيًّ أيضًا يَسأَلُ فلا مُرَطِّبَ
النارُ في داخلِهم والماءُ قُبالتَهُم

وفي ص 77، من النشيد الخامس:

لتتلهَّفْ عليَّ نفسُكَ يا سيدَ الفردَوْسِ
وإن لم يكن لي حيلةٌ في دخولِ فردوسِكَ
فأهِّلْني، ولو من خارجٍ أنْ أَرْعَى في سِياجِهِ
لِيَكُنْ داخلُهُ مائدةً للأفاضلِ
أمَّا على الخطاةِ فلتفِضْ ثمارُ سياجِهِ
كالفتاتِ، من خارجٍ فيحيُوُا بنعمتِكَ

وجاء في النشيد السابع، ص 126- 128:

وإنْ مُنِعَ ذو لطخةٍ منْ أنِ يدخُلَ ذلكَ المكانَ،
فَأَسْكِنِّي في سياجِهِ، في ظلالِهِ أَقِمْني
وبما أن الفردوس مثل المائدة
فهب لي أن آكل في الخارج
نُثارةَ ثمارِهِ فيجري عليَّ مثلُ
الكلابِ تشبعُ من فضلاتِ أربابِها
***

أنزِلْني في سِياجِ تلك الجنةِ،
جارَ الداخلين محسودَ الخارجين
من له بأنْ ينظر إلى النعيم والشقاء
أن يُحَدِّقَ إلى جَهنَّم والجنةِ
إنَّ إكليلَ الداخلينَ يُخْجِلُني كم خَطِئْتُ
عذاب الخارجين يُعْلِمُني كم رَحِمْتَني!
***
من يُطيقُ أنْ ينظُرَ إلى كِلا الجانبينِ
وتحتملُ أذناهُ قصفَ أصواتِهِم:
الأشرارُ في جهنم يُزَكُّونَ العادلَ
والأبرارُ يُمجِّدونَه في الجنة
يُحَدِّقون كلُّ واحدٍ إلى صاحبِهِ مدهوشين
ويكشفون كلُّ واحدِ أعمالَ صاحبِهِ موبِّخينَ
لا كُشِفَتْ آثامي في ذلك اليومِ لرفاقي
فإن في هذا _يا مولاي_ لكبيرُ احتقارٍ لنا

قارن مع ما أوردتُه في بحث الهاجادة، نقلًا عن الموسوعة اليهودية الإنجليزية:

...وكذلك ذكر سفر عزرا الرابع الأبوكريفي [القديم أقدم من الإسلام] وجود حاجز رفيع 7: 97 بين الجنة والنار بحيث يرى أهلاهما بعضهم البعض. ویقول سفر أخنوخ [الأقدم من الإسلام] أيضًا في 27: 3، 48: 9، 62: 12 أن الصالحین یبتھجون بعذابات الآثمین في الجحیم، ویعید مدراش اللاویین ربا ٣٢(مكتوب بما يقدر أو يخمَّن ما يتراوح بين القرنين الخامس والتاسع الميلادي) صیاغة ھذا المعتقد، فیقول أن نعیم الصالحین في الفردوس يغيظ الآثمین الناظرین له عندما يخرجون من الجحيم.

بشكل غریب تتجاور جهنم والجنة، یقول الربي یوحنان أن حاجزاً مساحته عرض ید فقط، أو أربع بوصات يفصلهما، وقال الربيون أن العرض إصبعان فقط (بوصتان)
(Midr. Ḳohelet; Yalḳ., 976)

وردت الفكرة في نصوص أبوكريفية يهودية ويهومسيحية أبوكريفية أقدم من الإسلام ومن نصوص أفرام السرياني الذي هو الأقدم من الإسلام أيضًا، أما مدراش كوهوليث فمكتوب في القرن السابع الميلادي أو بعده، ومدراش يلكوت في فرانس فيما يتراوح بين القرنين التاسع والحادي عشر الميلادي، فهما مكتوبان متأخرًا بعد نشوء الإسلام، لكن النصوص الأقدم تبرهن لنا قدم بعض محتوياتهما وعقائدهما، وأنها أقدم من الإسلام). والحق أن المراجع الإنجليزية وصف أفرام السرياني بوريث الثقافة الربينية اليهودية الشرقية (وقد نضيف والأبوكريفية بشكل عام).

قارن مع القرآن:

{وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (44) الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُمْ بِالْآَخِرَةِ كَافِرُونَ (45) وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ (46) وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ قَالُوا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (47) وَنَادَى أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ رِجَالًا يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ قَالُوا مَا أَغْنَى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ (48) أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لَا يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ (49) وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ (50) الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُوا بِآَيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (51)} الأعراف

{كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (38) إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ (39) فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ (40) عَنِ الْمُجْرِمِينَ (41) مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (44) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (45) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (46) حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ (47)} المدثر

وروى البخاري:

806 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَعَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ اللَّيْثِيُّ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَخْبَرَهُمَا أَنَّ النَّاسَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ هَلْ تُمَارُونَ فِي الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ لَيْسَ دُونَهُ سَحَابٌ قَالُوا لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَهَلْ تُمَارُونَ فِي الشَّمْسِ لَيْسَ دُونَهَا سَحَابٌ قَالُوا لَا قَالَ فَإِنَّكُمْ تَرَوْنَهُ كَذَلِكَ يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ شَيْئًا فَلْيَتَّبِعْ فَمِنْهُمْ مَنْ يَتَّبِعُ الشَّمْسَ وَمِنْهُمْ مَنْ يَتَّبِعُ الْقَمَرَ وَمِنْهُمْ مَنْ يَتَّبِعُ الطَّوَاغِيتَ وَتَبْقَى هَذِهِ الْأُمَّةُ فِيهَا مُنَافِقُوهَا فَيَأْتِيهِمْ اللَّهُ فَيَقُولُ أَنَا رَبُّكُمْ فَيَقُولُونَ هَذَا مَكَانُنَا حَتَّى يَأْتِيَنَا رَبُّنَا فَإِذَا جَاءَ رَبُّنَا عَرَفْنَاهُ فَيَأْتِيهِمْ اللَّهُ فَيَقُولُ أَنَا رَبُّكُمْ فَيَقُولُونَ أَنْتَ رَبُّنَا فَيَدْعُوهُمْ فَيُضْرَبُ الصِّرَاطُ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ جَهَنَّمَ فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يَجُوزُ مِنْ الرُّسُلِ بِأُمَّتِهِ وَلَا يَتَكَلَّمُ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ إِلَّا الرُّسُلُ وَكَلَامُ الرُّسُلِ يَوْمَئِذٍ اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ وَفِي جَهَنَّمَ كَلَالِيبُ مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ هَلْ رَأَيْتُمْ شَوْكَ السَّعْدَانِ قَالُوا نَعَمْ قَالَ فَإِنَّهَا مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ قَدْرَ عِظَمِهَا إِلَّا اللَّهُ تَخْطَفُ النَّاسَ بِأَعْمَالِهِمْ فَمِنْهُمْ مَنْ يُوبَقُ بِعَمَلِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يُخَرْدَلُ ثُمَّ يَنْجُو حَتَّى إِذَا أَرَادَ اللَّهُ رَحْمَةَ مَنْ أَرَادَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ أَمَرَ اللَّهُ الْمَلَائِكَةَ أَنْ يُخْرِجُوا مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَيُخْرِجُونَهُمْ وَيَعْرِفُونَهُمْ بِآثَارِ السُّجُودِ وَحَرَّمَ اللَّهُ عَلَى النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ أَثَرَ السُّجُودِ فَيَخْرُجُونَ مِنْ النَّارِ فَكُلُّ ابْنِ آدَمَ تَأْكُلُهُ النَّارُ إِلَّا أَثَرَ السُّجُودِ فَيَخْرُجُونَ مِنْ النَّارِ قَدْ امْتَحَشُوا فَيُصَبُّ عَلَيْهِمْ مَاءُ الْحَيَاةِ فَيَنْبُتُونَ كَمَا تَنْبُتُ الْحِبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ ثُمَّ يَفْرُغُ اللَّهُ مِنْ الْقَضَاءِ بَيْنَ الْعِبَادِ وَيَبْقَى رَجُلٌ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَهُوَ آخِرُ أَهْلِ النَّارِ دُخُولًا الْجَنَّةَ مُقْبِلٌ بِوَجْهِهِ قِبَلَ النَّارِ فَيَقُولُ يَا رَبِّ اصْرِفْ وَجْهِي عَنْ النَّارِ قَدْ قَشَبَنِي رِيحُهَا وَأَحْرَقَنِي ذَكَاؤُهَا فَيَقُولُ هَلْ عَسَيْتَ إِنْ فُعِلَ ذَلِكَ بِكَ أَنْ تَسْأَلَ غَيْرَ ذَلِكَ فَيَقُولُ لَا وَعِزَّتِكَ فَيُعْطِي اللَّهَ مَا يَشَاءُ مِنْ عَهْدٍ وَمِيثَاقٍ فَيَصْرِفُ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنْ النَّارِ فَإِذَا أَقْبَلَ بِهِ عَلَى الْجَنَّةِ رَأَى بَهْجَتَهَا سَكَتَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَسْكُتَ ثُمَّ قَالَ يَا رَبِّ قَدِّمْنِي عِنْدَ بَابِ الْجَنَّةِ فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ أَلَيْسَ قَدْ أَعْطَيْتَ الْعُهُودَ وَالْمِيثَاقَ أَنْ لَا تَسْأَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنْتَ سَأَلْتَ فَيَقُولُ يَا رَبِّ لَا أَكُونُ أَشْقَى خَلْقِكَ فَيَقُولُ فَمَا عَسَيْتَ إِنْ أُعْطِيتَ ذَلِكَ أَنْ لَا تَسْأَلَ غَيْرَهُ فَيَقُولُ لَا وَعِزَّتِكَ لَا أَسْأَلُ غَيْرَ ذَلِكَ فَيُعْطِي رَبَّهُ مَا شَاءَ مِنْ عَهْدٍ وَمِيثَاقٍ فَيُقَدِّمُهُ إِلَى بَابِ الْجَنَّةِ فَإِذَا بَلَغَ بَابَهَا فَرَأَى زَهْرَتَهَا وَمَا فِيهَا مِنْ النَّضْرَةِ وَالسُّرُورِ فَيَسْكُتُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَسْكُتَ فَيَقُولُ يَا رَبِّ أَدْخِلْنِي الْجَنَّةَ فَيَقُولُ اللَّهُ وَيْحَكَ يَا ابْنَ آدَمَ مَا أَغْدَرَكَ أَلَيْسَ قَدْ أَعْطَيْتَ الْعُهُودَ وَالْمِيثَاقَ أَنْ لَا تَسْأَلَ غَيْرَ الَّذِي أُعْطِيتَ فَيَقُولُ يَا رَبِّ لَا تَجْعَلْنِي أَشْقَى خَلْقِكَ فَيَضْحَكُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْهُ ثُمَّ يَأْذَنُ لَهُ فِي دُخُولِ الْجَنَّةِ فَيَقُولُ تَمَنَّ فَيَتَمَنَّى حَتَّى إِذَا انْقَطَعَ أُمْنِيَّتُهُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ كَذَا وَكَذَا أَقْبَلَ يُذَكِّرُهُ رَبُّهُ حَتَّى إِذَا انْتَهَتْ بِهِ الْأَمَانِيُّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لَكَ ذَلِكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ لِأَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ قَالَ اللَّهُ لَكَ ذَلِكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ لَمْ أَحْفَظْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا قَوْلَهُ لَكَ ذَلِكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ إِنِّي سَمِعْتُهُ يَقُولُ ذَلِكَ لَكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ

7510 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا مَعْبَدُ بْنُ هِلَالٍ الْعَنَزِيُّ قَالَ اجْتَمَعْنَا نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ فَذَهَبْنَا إِلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَذَهَبْنَا مَعَنَا بِثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ إِلَيْهِ يَسْأَلُهُ لَنَا عَنْ حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ فَإِذَا هُوَ فِي قَصْرِهِ فَوَافَقْنَاهُ يُصَلِّي الضُّحَى فَاسْتَأْذَنَّا فَأَذِنَ لَنَا وَهُوَ قَاعِدٌ عَلَى فِرَاشِهِ فَقُلْنَا لِثَابِتٍ لَا تَسْأَلْهُ عَنْ شَيْءٍ أَوَّلَ مِنْ حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ فَقَالَ يَا أَبَا حَمْزَةَ هَؤُلَاءِ إِخْوَانُكَ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ جَاءُوكَ يَسْأَلُونَكَ عَنْ حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ فَقَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ مَاجَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ فَيَأْتُونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ فَيَقُولُ لَسْتُ لَهَا وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِإِبْرَاهِيمَ فَإِنَّهُ خَلِيلُ الرَّحْمَنِ فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ فَيَقُولُ لَسْتُ لَهَا وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِمُوسَى فَإِنَّهُ كَلِيمُ اللَّهِ فَيَأْتُونَ مُوسَى فَيَقُولُ لَسْتُ لَهَا وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِعِيسَى فَإِنَّهُ رُوحُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ فَيَأْتُونَ عِيسَى فَيَقُولُ لَسْتُ لَهَا وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَأْتُونِي فَأَقُولُ أَنَا لَهَا فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي فَيُؤْذَنُ لِي وَيُلْهِمُنِي مَحَامِدَ أَحْمَدُهُ بِهَا لَا تَحْضُرُنِي الْآنَ فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ الْمَحَامِدِ وَأَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا فَيَقُولُ يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ وَسَلْ تُعْطَ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ فَأَقُولُ يَا رَبِّ أُمَّتِي أُمَّتِي فَيَقُولُ انْطَلِقْ فَأَخْرِجْ مِنْهَا مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ شَعِيرَةٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَنْطَلِقُ فَأَفْعَلُ ثُمَّ أَعُودُ فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ الْمَحَامِدِ ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا فَيُقَالُ يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ وَسَلْ تُعْطَ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ فَأَقُولُ يَا رَبِّ أُمَّتِي أُمَّتِي فَيَقُولُ انْطَلِقْ فَأَخْرِجْ مِنْهَا مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ أَوْ خَرْدَلَةٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَخْرِجْهُ فَأَنْطَلِقُ فَأَفْعَلُ ثُمَّ أَعُودُ فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ الْمَحَامِدِ ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا فَيَقُولُ يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ وَسَلْ تُعْطَ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ فَأَقُولُ يَا رَبِّ أُمَّتِي أُمَّتِي فَيَقُولُ انْطَلِقْ فَأَخْرِجْ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ أَدْنَى أَدْنَى أَدْنَى مِثْقَالِ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَخْرِجْهُ مِنْ النَّارِ فَأَنْطَلِقُ فَأَفْعَلُ فَلَمَّا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ أَنَسٍ قُلْتُ لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا لَوْ مَرَرْنَا بِالْحَسَنِ وَهُوَ مُتَوَارٍ فِي مَنْزِلِ أَبِي خَلِيفَةَ فَحَدَّثْنَاهُ بِمَا حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ فَأَتَيْنَاهُ فَسَلَّمْنَا عَلَيْهِ فَأَذِنَ لَنَا فَقُلْنَا لَهُ يَا أَبَا سَعِيدٍ جِئْنَاكَ مِنْ عِنْدِ أَخِيكَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فَلَمْ نَرَ مِثْلَ مَا حَدَّثَنَا فِي الشَّفَاعَةِ فَقَالَ هِيهْ فَحَدَّثْنَاهُ بِالْحَدِيثِ فَانْتَهَى إِلَى هَذَا الْمَوْضِعِ فَقَالَ هِيهْ فَقُلْنَا لَمْ يَزِدْ لَنَا عَلَى هَذَا فَقَالَ لَقَدْ حَدَّثَنِي وَهُوَ جَمِيعٌ مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً فَلَا أَدْرِي أَنَسِيَ أَمْ كَرِهَ أَنْ تَتَّكِلُوا قُلْنَا يَا أَبَا سَعِيدٍ فَحَدِّثْنَا فَضَحِكَ وَقَالَ خُلِقَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا مَا ذَكَرْتُهُ إِلَّا وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُحَدِّثَكُمْ حَدَّثَنِي كَمَا حَدَّثَكُمْ بِهِ قَالَ ثُمَّ أَعُودُ الرَّابِعَةَ فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ الْمَحَامِدِ ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا فَيُقَالُ يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ وَقُلْ يُسْمَعْ وَسَلْ تُعْطَهْ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ فَأَقُولُ يَا رَبِّ ائْذَنْ لِي فِيمَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَيَقُولُ وَعِزَّتِي وَجَلَالِي وَكِبْرِيَائِي وَعَظَمَتِي لَأُخْرِجَنَّ مِنْهَا مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ

7511 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبِيدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ آخِرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ دُخُولًا الْجَنَّةَ وَآخِرَ أَهْلِ النَّارِ خُرُوجًا مِنْ النَّارِ رَجُلٌ يَخْرُجُ حَبْوًا فَيَقُولُ لَهُ رَبُّهُ ادْخُلْ الْجَنَّةَ فَيَقُولُ رَبِّ الْجَنَّةُ مَلْأَى فَيَقُولُ لَهُ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَكُلُّ ذَلِكَ يُعِيدُ عَلَيْهِ الْجَنَّةُ مَلْأَى فَيَقُولُ إِنَّ لَكَ مِثْلَ الدُّنْيَا عَشْرَ مِرَارٍ
44 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَخْرُجُ مِنْ النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ شَعِيرَةٍ مِنْ خَيْرٍ وَيَخْرُجُ مِنْ النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ بُرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ وَيَخْرُجُ مِنْ النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ قَالَ أَبَانُ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ حَدَّثَنَا أَنَسٌ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إِيمَانٍ مَكَانَ مِنْ خَيْرٍ

7450 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَيُصِيبَنَّ أَقْوَامًا سَفْعٌ مِنْ النَّارِ بِذُنُوبٍ أَصَابُوهَا عُقُوبَةً ثُمَّ يُدْخِلُهُمْ اللَّهُ الْجَنَّةَ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ يُقَالُ لَهُمْ الْجَهَنَّمِيُّونَ وَقَالَ هَمَّامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ حَدَّثَنَا أَنَسٌ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

6560 - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ وَأَهْلُ النَّارِ النَّارَ يَقُولُ اللَّهُ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَخْرِجُوهُ فَيَخْرُجُونَ قَدْ امْتُحِشُوا وَعَادُوا حُمَمًا فَيُلْقَوْنَ فِي نَهَرِ الْحَيَاةِ فَيَنْبُتُونَ كَمَا تَنْبُتُ الْحِبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ أَوْ قَالَ حَمِيَّةِ السَّيْلِ وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَمْ تَرَوْا أَنَّهَا تَنْبُتُ صَفْرَاءَ مُلْتَوِيَةً

ومما وروى مسلم في صحيحه:

[ 191 ] وحدثنا حجاج بن الشاعر حدثنا الفضل بن دكين حدثنا أبو عاصم يعني محمد بن أبي أيوب قال حدثني يزيد الفقير قال كنت قد شغفني رأي من رأي الخوارج فخرجنا في عصابة ذوي عدد نريد أن نحج ثم نخرج على الناس قال فمررنا على المدينة فإذا جابر بن عبد الله يحدث القوم جالس إلى سارية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فإذا هو قد ذكر الجهنميين قال فقلت له يا صاحب رسول الله ما هذا الذي تحدثون والله يقول { إنك من تدخل النار فقد أخزيته } و { كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها } فما هذا الذي تقولون قال فقال أتقرأ القرآن قلت نعم قال فهل سمعت بمقام محمد عليه السلام يعني الذي يبعثه الله فيه قلت نعم قال فإنه مقام محمد صلى الله عليه وسلم المحمود الذي يخرج الله به من يخرج قال ثم نعت وضع الصراط ومر الناس عليه قال وأخاف أن لا أكون أحفظ ذاك قال غير أنه قد زعم أن قوما يخرجون من النار بعد أن يكونوا فيها قال يعني فيخرجون كأنهم عيدان السماسم قال فيدخلون نهرا من أنهار الجنة فيغتسلون فيه فيخرجون كأنهم القراطيس فرجعنا قلنا ويحكم أترون الشيخ يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجعنا فلا والله ما خرج منا غير رجل واحد أو كما قال أبو نعيم

[ 192 ] حدثنا هداب بن خالد الأزدي حدثنا حماد بن سلمة عن أبي عمران وثابت عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يخرج من النار أربعة فيعرضون على الله فيلتفت أحدهم فيقول أي رب إذ أخرجتني منها فلا تعدني فيها فينجيه الله منها

[ 193 ] حدثنا أبو الربيع العتكي حدثنا حماد بن زيد حدثنا معبد بن هلال العنزي ح وحدثناه سعيد بن منصور واللفظ له حدثنا حماد بن زيد حدثنا معبد بن هلال العنزي قال انطلقنا إلى أنس بن مالك وتشفعنا بثابت فانتهينا إليه وهو يصلي الضحى فاستأذن لنا ثابت فدخلنا عليه وأجلس ثابتا معه على سريره فقال له يا أبا حمزة إن إخوانك من أهل البصرة يسألونك أن تحدثهم حديث الشفاعة قال حدثنا محمد صلى الله عليه وسلم قال إذا كان يوم القيامة ماج الناس بعضهم إلى بعض فيأتون آدم فيقولون له اشفع لذريتك فيقول لست لها ولكن عليكم بإبراهيم عليه السلام فإنه خليل الله فيأتون إبراهيم فيقول لست لها ولكن عليكم بموسى عليه السلام فإنه كليم الله فيؤتى موسى فيقول لست لها ولكن عليكم بعيسى عليه السلام فإنه روح الله وكلمته فيؤتى عيسى فيقول لست لها ولكن عليكم بمحمد صلى الله عليه وسلم فأوتى فأقول أنا لها فأنطلق فأستأذن على ربي فيؤذن لي فأقوم بين يديه فأحمده بمحامد لا أقدر عليه الآن يلهمنيه الله ثم أخر له ساجدا فيقال لي يا محمد ارفع رأسك وقل يسمع لك وسل تعطه واشفع تشفع فأقول رب أمتي أمتي فيقال انطلق فمن كان في قلبه مثقال حبة من برة أو شعيرة من إيمان فأخرجه منها فأنطلق فأفعل ثم أرجع إلى ربي فأحمده بتلك المحامد ثم أخر له ساجدا فيقال لي يا محمد ارفع رأسك وقل يسمع لك وسل تعطه واشفع تشفع فأقول أمتي أمتي فيقال لي انطلق فمن كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان فأخرجه منها فأنطلق فأفعل ثم أعود إلى ربي فأحمده بتلك المحامد ثم أخر له ساجدا فيقال لي يا محمد ارفع رأسك وقل يسمع لك وسل تعطه واشفع تشفع فأقول يا رب أمتي أمتي فيقال لي انطلق فمن كان في قلبه أدنى أدنى أدنى من مثقال حبة من خردل من إيمان فأخرجه من النار فأنطلق فأفعل هذا حديث أنس الذي أنبأنا به فخرجنا من عنده فلما كنا بظهر الجبان قلنا لو ملنا إلى الحسن فسلمنا عليه وهو مستخف في دار أبي خليفة قال فدخلنا عليه فسلمنا عليه فقلنا يا أبا سعيد جئنا من عند أخيك أبي حمزة فلم نسمع مثل حديث حدثناه في الشفاعة قال هيه فحدثناه الحديث فقال هيه قلنا ما زادنا قال قد حدثنا به منذ عشرين سنة وهو يومئذ جميع ولقد ترك شيئا ما أدري أنسي الشيخ أو كره أن يحدثكم فتتكلوا قلنا له حدثنا فضحك وقال { خلق الإنسان من عجل } ما ذكرت لكم هذا إلا وأنا أريد أن أحدثكموه ثم أرجع إلى ربي في الرابعة فأحمده بتلك المحامد ثم أخر له ساجدا فيقال لي يا محمد ارفع رأسك وقل يسمع لك وسل تعط واشفع تشفع فأقول يا رب ائذن لي فيمن قال لا إله إلا الله قال ليس ذاك لك أو قال ليس ذاك إليك ولكن وعزتي وكبريائي وعظمتي وكبريائي لأخرجن من قال لا إله إلا الله قال فأشهد على الحسن أنه حدثنا به أنه سمع أنس بن مالك أراه قال قبل عشرين سنة وهو يومئذ جميع

[ 193 ] وحدثنا محمد بن منهال الضرير حدثنا يزيد بن زريع حدثنا سعيد بن أبي عروبة وهشام صاحب الدستوائي عن قتادة عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ح وحدثني أبو غسان المسمعي ومحمد بن المثنى قالا حدثنا معاذ وهو بن هشام قال حدثني أبي عن قتادة حدثنا أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن شعيرة ثم يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن برة ثم يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن ذرة زاد بن منهال في روايته قال يزيد فلقيت شعبة فحدثته بالحديث فقال شعبة حدثنا به قتادة عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم بالحديث إلا أن شعبة جعل مكان الذرة ذرة قال يزيد صحف فيها أبو بسطام

[ 182 ] حدثني زهير بن حرب حدثنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا أبي عن بن شهاب عن عطاء بن يزيد الليثي أن أبا هريرة أخبره أن ناسا قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر قالوا لا يا رسول الله قال هل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب قالوا لا يا رسول الله قال فإنكم ترونه كذلك يجمع الله الناس يوم القيامة فيقول من كان يعبد شيئا فليتبعه فيتبع من كان يعبد الشمس الشمس ويتبع من كان يعبد القمر القمر ويتبع من كان يعبد الطواغيت الطواغيت وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها فيأتيهم الله تبارك وتعالى في صورة غير صورته التي يعرفون فيقول أنا ربكم فيقولون نعوذ بالله منك هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا فإذا جاء ربنا عرفناه فيأتيهم الله تعالى في صورته التي يعرفون فيقول أنا ربكم فيقولون أنت ربنا فيتبعونه ويضرب الصراط بين ظهري جهنم فأكون أنا وأمتي أول من يجيز ولا يتكلم يومئذ إلا الرسل ودعوى الرسل يومئذ اللهم سلم سلم وفي جهنم كلاليب مثل شوك السعدان هل رأيتم السعدان قالوا نعم يا رسول الله قال فإنها مثل شوك السعدان غير أنه لا يعلم ما قدر عظمها إلا الله تخطف الناس بأعمالهم فمنهم المؤمن بقي بعمله ومنهم المجازى حتى ينجى حتى إذا فرغ الله من القضاء بين العباد وأراد أن يخرج برحمته من أراد من أهل النار أمر الملائكة أن يخرجوا من النار من كان لا يشرك بالله شيئا ممن أراد الله تعالى أن يرحمه ممن يقول لا إله إلا الله فيعرفونهم في النار يعرفونهم بأثر السجود تأكل النار من بن آدم إلا أثر السجود حرم الله على النار أن تأكل أثر السجود فيخرجون من النار وقد امتحشوا فيصب عليهم ماء الحياة فينبتون منه كما تنبت الحبة في حميل السيل ثم يفرغ الله تعالى من القضاء بين العباد ويبقى رجل مقبل بوجهه على النار وهو آخر أهل الجنة دخولا الجنة فيقول أي رب اصرف وجهي عن النار فإنه قد قشبني ريحها وأحرقني ذكاؤها فيدعو الله ما شاء الله أن يدعوه ثم يقول الله تبارك وتعالى هل عسيت إن فعلت ذلك بك أن تسأل غيره فيقول لا أسألك غيره ويعطي ربه من عهود ومواثيق ما شاء الله فيصرف الله وجهه عن النار فإذا أقبل على الجنة ورآها سكت ما شاء الله أن يسكت ثم يقول أي رب قدمني إلى باب الجنة فيقول الله له أليس قد أعطيت عهودك ومواثيقك لا تسألني غير الذي أعطيتك ويلك يا بن آدم ما أغدرك فيقول أي رب ويدعو الله حتى يقول له فهل عسيت إن أعطيتك ذلك أن تسأل غيره فيقول لا وعزتك فيعطي ربه ما شاء الله من عهود ومواثيق فيقدمه إلى باب الجنة فإذا قام على باب الجنة انفهقت له الجنة فرأى ما فيها من الخير والسرور فيسكت ما شاء الله أن يسكت ثم يقول أي رب أدخلني الجنة فيقول الله تبارك وتعالى له أليس قد أعطيت عهودك ومواثيقك أن لا تسأل غير ما أعطيت ويلك يا بن آدم ما أغدرك فيقول أي رب لا أكون أشقى خلقك فلا يزال يدعو الله حتى يضحك الله تبارك وتعالى منه فإذا ضحك الله منه قال ادخل الجنة فإذا دخلها قال الله له تمنه فيسأل ربه ويتمنى حتى إن الله ليذكره من كذا وكذا حتى إذا انقطعت به الأماني قال الله تعالى ذلك لك ومثله معه قال عطاء بن يزيد وأبو سعيد الخدري مع أبي هريرة لا يرد عليه من حديثه شيئا حتى إذا حدث أبو هريرة إن الله قال لذلك الرجل ومثله معه قال أبو سعيد وعشرة أمثاله معه يا أبا هريرة قال أبو هريرة ما حفظت إلا قوله ذلك لك ومثله معه قال أبو سعيد أشهد أني حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله ذلك لك وعشرة أمثاله قال أبو هريرة وذلك الرجل آخر أهل الجنة دخولا الجنة

وفي ص 29-30، النشيد الثاني:

وما علت درجةٌ على درجةٍ
علا مجدُها على مجدِ سالفتِها
فهو يصنِّفُه أسفلَهُ للسفليين،
ووسَطَه للأوساطِ وقمتَه للعُلويين.
إذْ يصعدُ الأبرارُ في درجاته ليُحرِزوا الميراثَ فيهِ،
بالبر يرفَعُ كلَّ واحدٍ بحسبِ جهادِهِ
في الدرجةِ التي يستحُّها كلُّ واحدٍ فيها يقيمُ
لأنَّ درجاتِهِ تكفي الجميعَ
أرضُه للتائبين ووسطَه للصدِّيقين
وقمتُه للمُجَلِّيِنَ وقُبَّتُه سُكنَى اللهِ!

قارن مع القرآن:

{أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (162) هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (163)} آل عمران

{أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4)} الأنفال

{ تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآَتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آَمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ (253) } البقرة

وروى البخاري:

3256 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ يَتَرَاءَوْنَ أَهْلَ الْغُرَفِ مِنْ فَوْقِهِمْ كَمَا يَتَرَاءَوْنَ الْكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ الْغَابِرَ فِي الْأُفُقِ مِنْ الْمَشْرِقِ أَوْ الْمَغْرِبِ لِتَفَاضُلِ مَا بَيْنَهُمْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ تِلْكَ مَنَازِلُ الْأَنْبِيَاءِ لَا يَبْلُغُهَا غَيْرُهُمْ قَالَ بَلَى وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ رِجَالٌ آمَنُوا بِاللَّهِ وَصَدَّقُوا الْمُرْسَلِينَ
وروى أحمد بن حنبل:

10087 - حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَوْ عَنِ أَبِي سَعِيدٍ - شَكَّ الْأَعْمَشُ - قَالَ: " يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (2) : اقْرَهْ وَارْقَهْ ، فَإِنَّ مَنْزِلَك عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا "
إسناده صحيح على شرط الشيخين، وهو في حكم المرفوع، فمثله لا يقال بالرأي.
وأخرجه ابن أبي شيبة 10/498، وابن الضريس في "فضائل القرآن" (111) من طريق وكيع، بهذا الإسناد.
وأخرجه الترمذي بإثر الحديث (2915) من طريق محمد بن جعفر، عن شعبة، عن عاصم بن بهدلة، عن أبي صالح، عن أبي هريرة موقوفاً.
وأخرجه الترمذي (2915) ، والحاكم 1/552 من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث، عن شعبة، عن عاصم بن بهدلة، عن أبي صالح، عن أبي هريرة مرفوعاً. وسنده حسن من أجل عاصم، وصحح الترمذي الموقوف على المرفوع.
ولفظ الترمذي والحاكم: "يجيءُ القرآن يوم القيامة فيقول: يا رب حَلهِ، فيلبس تاج الكرامة، ثم يقول: يا رب زِده، فيلبس حُلَّةَ الكرامة، ثم يقول: يا ربِّ ارضَ عنه، فيرضى عنه، فيقال له: اقرأ وارقَ، ويزاد بكل آية حسنة".
ولفظ الحاكم دون قوله: "يا رب زده، فيلبس حلة الكرامة".
وأخرجه الطبراني في "الأوسط" ضمن حديث (5760) من طريق شريك النخعي، عن عبد الله بن عيسى، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظ: "... وإن صاحب القرآن يقال له يوم القيامة: اقرأ وارقَ في الدرجات، ورتِّلْ كما كنت ترتِّلُ في الدنيا، فإن منزلك عند آخر آية معك".
والحديث في مسند أبي سعيد الخدري عنه وحده مرفوعاً برقم (11360) بمسند أحمد، لكن في إسناده عطية العوفي، وهو ضعيف.
وفي الباب عن عبد الله بن عمرو، في مسند أحمد برقم (6799) ، وسنده حسن.

تصور أفرام الكوني الأسطوري للجنة مشابه لتصور القرآن والأحاديث الإسلامية

جاء في النشيد 11، ص 192:

السياجُ المُحْدِقُ بهِ هو الأمْنُ يُطمئِنُ الجميعَ
السورُ وظاهرُه هو السلامُ يُوَفِّقُ بينَ الجميعِ
الكَرُوبُ الذي يحرسُه يتبسَّمُ للذينَ في داخلٍ
ويُقَطِّبُ للذين في خارجٍ وقد نُبِذُوا
قارن مع القرآن:

{يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آَمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ (13) يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (14)} الحديد

وجاء في النشيد الثاني، ص 30:

أرضُه للتائبين ووسطَه للصدِّيقين
وقمتُه للمُجَلِّيِنَ وقُبَّتُه سُكنَى اللهِ!

قارن مع رواه البخاري وغيره:

بَاب دَرَجَاتِ الْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُقَالُ هَذِهِ سَبِيلِي وَهَذَا سَبِيلِي قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ {غُزًّا} وَاحِدُهَا غَازٍ {هُمْ دَرَجَاتٌ} لَهُمْ دَرَجَاتٌ
2790 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ عَنْ هِلَالِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَصَامَ رَمَضَانَ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ جَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ جَلَسَ فِي أَرْضِهِ الَّتِي وُلِدَ فِيهَا فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا نُبَشِّرُ النَّاسَ قَالَ إِنَّ فِي الْجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا بَيْنَ الدَّرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَاسْأَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ وَأَعْلَى الْجَنَّةِ أُرَاهُ فَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ عَنْ أَبِيهِ وَفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ

ذكر أفرام لخيام ومظال في الجنة ومنازل الجنة وقصورها

من النشيد أو القصيدة 6، ص 69:

ولقد رأيتُ هناك مظالَّ الأبرار
مضمَّخةً بالأطيابِ فوَّاحةً بالرياحينِ
مشبَّكةً بالأثمار مكلَّلةً بالأزاهيرِ
كما هو عناءً الإنسانِ فكذلك مظلَّتُه:
فمنها الوضيعةُ بحَلْيِها ومنها المتألِّقةُ بحُسنِها
منها الباهتةُ اللونِ ومنها الوضَّاءةُ المجدِ

وفي النشيد 6، ص 94

هناك متكآت الأبرار المشتهاة، مجلوّةٌ بهيَّةٌ
في عينِ العقلِ، إنهم يدْعُوننا
لأنْ نكونَ لهم إخوةً وصحبانًا وأعضاءً،
فلا نفصل عنهم أيها الإخوة،
بل فلنكن إخوةً لهم، وإلا فجيرانَم
أو إن لم نكُنْ في ديارِهِم، فحولَ مظالِّهم
تباركَ من استحقَّ ندَى غِناهم
أهِّلني لقسمةِ ضئيلةٍ من ذلكَ

من النشيد السابع، ص 124:

إنهم أنفسَهم يُطوِّبون
كلَّ حينِ لأن حربهم قد همدَتْ
نالوا أكاليلَهم وفي منازلهم خلَدُوا

وفي النشيد الثامن، ص 130:

هناكَ رأيتُ مسكنًا ومظلةَ [نورٍ؟]

وفي النشيد 8، ص 143:

ففي المنازلِ الشهيةِ التي في سياجِهِ
تحِلُّ نفوسُ الأبرارِ والقدِّيسين

وفي النشيد السابع، ص 118

إن الأشجار _بدلًا من الملوك_ يُعظِّمنَ الصائمينَ
خاشعاتٍ داعياتٍ لهم بجمالِهنَّ
أنْ يَعرُجوا إلى منازلِهِنَّ ويَحِلَّوا في مَظالِّهِنَّ
يستحمَّونَ في أندائِهِنَّ ويلذُّون أثمارهن

قارن مع القرآن:

{حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ (72)} الرحمن

{أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا (75)} الفرقان

{تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُورًا (10)} الفرقان

{وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آَمِنُونَ (37)} سبأ

{وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (74)} الزمر

{وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ (27) فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ (28) وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ (29) وَظِلٍّ مَمْدُودٍ (30) وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ (31) وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (32) لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ (33) وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ (34)} الواقعة

وروى البخاري:

2791 - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا جَرِيرٌ حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ عَنْ سَمُرَةَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أَتَيَانِي فَصَعِدَا بِي الشَّجَرَةَ فَأَدْخَلَانِي دَارًا هِيَ أَحْسَنُ وَأَفْضَلُ لَمْ أَرَ قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهَا قَالَا أَمَّا هَذِهِ الدَّارُ فَدَارُ الشُّهَدَاءِ

4674 - حَدَّثَنَا مُؤَمَّلٌ هُوَ ابْنُ هِشَامٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا عَوْفٌ حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ حَدَّثَنَا سَمُرَةُ بْنُ جُنْدَبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَنَا أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتِيَانِ فَابْتَعَثَانِي فَانْتَهَيْنَا إِلَى مَدِينَةٍ مَبْنِيَّةٍ بِلَبِنِ ذَهَبٍ وَلَبِنِ فِضَّةٍ فَتَلَقَّانَا رِجَالٌ شَطْرٌ مِنْ خَلْقِهِمْ كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ وَشَطْرٌ كَأَقْبَحِ مَا أَنْتَ رَاءٍ قَالَا لَهُمْ اذْهَبُوا فَقَعُوا فِي ذَلِكَ النَّهْرِ فَوَقَعُوا فِيهِ ثُمَّ رَجَعُوا إِلَيْنَا قَدْ ذَهَبَ ذَلِكَ السُّوءُ عَنْهُمْ فَصَارُوا فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ قَالَا لِي هَذِهِ جَنَّةُ عَدْنٍ وَهَذَاكَ مَنْزِلُكَ قَالَا أَمَّا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَانُوا شَطْرٌ مِنْهُمْ حَسَنٌ وَشَطْرٌ مِنْهُمْ قَبِيحٌ فَإِنَّهُمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا تَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهُمْ

7047 - حَدَّثَنِي مُؤَمَّلُ بْنُ هِشَامٍ أَبُو هِشَامٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا عَوْفٌ، حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ، حَدَّثَنَا سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ لِأَصْحَابِهِ: «هَلْ رَأَى أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ رُؤْيَا» قَالَ: فَيَقُصُّ عَلَيْهِ مَنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُصَّ، وَإِنَّهُ قَالَ ذَاتَ غَدَاةٍ: «إِنَّهُ أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتِيَانِ، وَإِنَّهُمَا ابْتَعَثَانِي، وَإِنَّهُمَا قَالاَ لِي انْطَلِقْ، وَإِنِّي انْطَلَقْتُ مَعَهُمَا، وَإِنَّا أَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُضْطَجِعٍ، وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِصَخْرَةٍ، وَإِذَا هُوَ يَهْوِي بِالصَّخْرَةِ لِرَأْسِهِ فَيَثْلَغُ رَأْسَهُ، فَيَتَدَهْدَهُ الحَجَرُ هَا هُنَا، فَيَتْبَعُ الحَجَرَ فَيَأْخُذُهُ، فَلاَ يَرْجِعُ إِلَيْهِ حَتَّى يَصِحَّ رَأْسُهُ كَمَا كَانَ، ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ المَرَّةَ الأُولَى» قَالَ: " قُلْتُ لَهُمَا: سُبْحَانَ اللَّهِ مَا هَذَانِ؟ " قَالَ: " قَالاَ لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ " قَالَ: " فَانْطَلَقْنَا، فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُسْتَلْقٍ لِقَفَاهُ، وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِكَلُّوبٍ مِنْ حَدِيدٍ، وَإِذَا هُوَ يَأْتِي أَحَدَ شِقَّيْ وَجْهِهِ فَيُشَرْشِرُ شِدْقَهُ إِلَى قَفَاهُ، وَمَنْخِرَهُ إِلَى قَفَاهُ، وَعَيْنَهُ إِلَى قَفَاهُ، - قَالَ: وَرُبَّمَا قَالَ أَبُو رَجَاءٍ: فَيَشُقُّ - " قَالَ: «ثُمَّ يَتَحَوَّلُ إِلَى الجَانِبِ الآخَرِ فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ بِالْجَانِبِ الأَوَّلِ، فَمَا يَفْرُغُ مِنْ ذَلِكَ الجَانِبِ حَتَّى يَصِحَّ ذَلِكَ الجَانِبُ كَمَا كَانَ، ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ فَيَفْعَلُ مِثْلَ مَا فَعَلَ المَرَّةَ الأُولَى» قَالَ: " قُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ مَا هَذَانِ؟ " قَالَ: " قَالاَ لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ، فَانْطَلَقْنَا، فَأَتَيْنَا عَلَى مِثْلِ التَّنُّورِ - قَالَ: فَأَحْسِبُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ - فَإِذَا فِيهِ لَغَطٌ وَأَصْوَاتٌ " قَالَ: «فَاطَّلَعْنَا فِيهِ، فَإِذَا فِيهِ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ، وَإِذَا هُمْ يَأْتِيهِمْ لَهَبٌ مِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ، فَإِذَا أَتَاهُمْ ذَلِكَ اللَّهَبُ ضَوْضَوْا» قَالَ: " قُلْتُ لَهُمَا: مَا هَؤُلاَءِ؟ " قَالَ: " قَالاَ لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ " قَالَ: «فَانْطَلَقْنَا، فَأَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ - حَسِبْتُ أَنَّهُ كَانَ [ص:45] يَقُولُ - أَحْمَرَ مِثْلِ الدَّمِ، وَإِذَا فِي النَّهَرِ رَجُلٌ سَابِحٌ يَسْبَحُ، وَإِذَا عَلَى شَطِّ النَّهَرِ رَجُلٌ قَدْ جَمَعَ عِنْدَهُ حِجَارَةً كَثِيرَةً، وَإِذَا ذَلِكَ السَّابِحُ يَسْبَحُ مَا يَسْبَحُ، ثُمَّ يَأْتِي ذَلِكَ الَّذِي قَدْ جَمَعَ عِنْدَهُ الحِجَارَةَ، فَيَفْغَرُ لَهُ فَاهُ فَيُلْقِمُهُ حَجَرًا فَيَنْطَلِقُ يَسْبَحُ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِ كُلَّمَا رَجَعَ إِلَيْهِ فَغَرَ لَهُ فَاهُ فَأَلْقَمَهُ حَجَرًا» قَالَ: " قُلْتُ لَهُمَا: مَا هَذَانِ؟ " قَالَ: " قَالاَ لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ " قَالَ: «فَانْطَلَقْنَا، فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ كَرِيهِ المَرْآةِ، كَأَكْرَهِ مَا أَنْتَ رَاءٍ رَجُلًا مَرْآةً، وَإِذَا عِنْدَهُ نَارٌ يَحُشُّهَا وَيَسْعَى حَوْلَهَا» قَالَ: " قُلْتُ لَهُمَا: مَا هَذَا؟ " قَالَ: " قَالاَ لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ، فَانْطَلَقْنَا، فَأَتَيْنَا عَلَى رَوْضَةٍ مُعْتَمَّةٍ، فِيهَا مِنْ كُلِّ لَوْنِ الرَّبِيعِ، وَإِذَا بَيْنَ ظَهْرَيِ الرَّوْضَةِ رَجُلٌ طَوِيلٌ، لاَ أَكَادُ أَرَى رَأْسَهُ طُولًا فِي السَّمَاءِ، وَإِذَا حَوْلَ الرَّجُلِ مِنْ أَكْثَرِ وِلْدَانٍ رَأَيْتُهُمْ قَطُّ " قَالَ: " قُلْتُ لَهُمَا: مَا هَذَا مَا هَؤُلاَءِ؟ " قَالَ: " قَالاَ لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ " قَالَ: «فَانْطَلَقْنَا فَانْتَهَيْنَا إِلَى رَوْضَةٍ عَظِيمَةٍ، لَمْ أَرَ رَوْضَةً قَطُّ أَعْظَمَ مِنْهَا وَلاَ أَحْسَنَ» قَالَ: " قَالاَ لِي: ارْقَ فِيهَا " قَالَ: «فَارْتَقَيْنَا فِيهَا، فَانْتَهَيْنَا إِلَى مَدِينَةٍ مَبْنِيَّةٍ بِلَبِنِ ذَهَبٍ وَلَبِنِ فِضَّةٍ، فَأَتَيْنَا بَابَ المَدِينَةِ فَاسْتَفْتَحْنَا فَفُتِحَ لَنَا فَدَخَلْنَاهَا، فَتَلَقَّانَا فِيهَا رِجَالٌ شَطْرٌ مِنْ خَلْقِهِمْ كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ، وَشَطْرٌ كَأَقْبَحِ مَا أَنْتَ رَاءٍ» قَالَ: " قَالاَ لَهُمْ: اذْهَبُوا فَقَعُوا فِي ذَلِكَ النَّهَرِ " قَالَ: «وَإِذَا نَهَرٌ مُعْتَرِضٌ يَجْرِي كَأَنَّ مَاءَهُ المَحْضُ فِي البَيَاضِ، فَذَهَبُوا فَوَقَعُوا فِيهِ، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَيْنَا قَدْ ذَهَبَ ذَلِكَ السُّوءُ عَنْهُمْ، فَصَارُوا فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ» قَالَ: " قَالاَ لِي: هَذِهِ جَنَّةُ عَدْنٍ وَهَذَاكَ مَنْزِلُكَ " قَالَ: «فَسَمَا بَصَرِي صُعُدًا فَإِذَا قَصْرٌ مِثْلُ الرَّبَابَةِ البَيْضَاءِ» قَالَ: " قَالاَ لِي: هَذَاكَ مَنْزِلُكَ " قَالَ: " قُلْتُ لَهُمَا: بَارَكَ اللَّهُ فِيكُمَا ذَرَانِي فَأَدْخُلَهُ، قَالاَ: أَمَّا الآنَ فَلاَ، وَأَنْتَ دَاخِلَهُ " قَالَ: " قُلْتُ لَهُمَا: فَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُ مُنْذُ اللَّيْلَةِ عَجَبًا، فَمَا هَذَا الَّذِي رَأَيْتُ؟ " قَالَ: " قَالاَ لِي: أَمَا إِنَّا سَنُخْبِرُكَ، أَمَّا الرَّجُلُ الأَوَّلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يُثْلَغُ رَأْسُهُ بِالحَجَرِ، فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَأْخُذُ القُرْآنَ فَيَرْفُضُهُ وَيَنَامُ عَنِ الصَّلاَةِ المَكْتُوبَةِ، وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ، يُشَرْشَرُ شِدْقُهُ إِلَى قَفَاهُ، وَمَنْخِرُهُ إِلَى قَفَاهُ، وَعَيْنُهُ إِلَى قَفَاهُ، فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَغْدُو مِنْ بَيْتِهِ، فَيَكْذِبُ الكَذْبَةَ تَبْلُغُ الآفَاقَ، وَأَمَّا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ العُرَاةُ الَّذِينَ فِي مِثْلِ بِنَاءِ التَّنُّورِ، فَإِنَّهُمُ الزُّنَاةُ وَالزَّوَانِي، وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يَسْبَحُ فِي النَّهَرِ وَيُلْقَمُ الحَجَرَ، فَإِنَّهُ آكِلُ الرِّبَا، وَأَمَّا الرَّجُلُ الكَرِيهُ المَرْآةِ، الَّذِي عِنْدَ النَّارِ يَحُشُّهَا وَيَسْعَى حَوْلَهَا، فَإِنَّهُ مَالِكٌ خَازِنُ جَهَنَّمَ، وَأَمَّا الرَّجُلُ الطَّوِيلُ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ فَإِنَّهُ إِبْرَاهِيمُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَمَّا الوِلْدَانُ الَّذِينَ حَوْلَهُ فَكُلُّ مَوْلُودٍ مَاتَ عَلَى الفِطْرَةِ " قَالَ: فَقَالَ بَعْضُ المُسْلِمِينَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَأَوْلاَدُ المُشْرِكِينَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَأَوْلاَدُ المُشْرِكِينَ، وَأَمَّا القَوْمُ الَّذِينَ كَانُوا شَطْرٌ مِنْهُمْ حَسَنًا وَشَطْرٌ قَبِيحًا، فَإِنَّهُمْ قَوْمٌ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا، تَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهُمْ»

الخمر في الجنة على حسب أفرام

جاء في النشيد 6، ص 87

فيها _أيها الإخوة_ تُقطَف كلَّ يومٍ الثمرةُ مُحْيِيَةُ الجميع
فيها يُعتَصَرُ العنقودُ محيي الجميع

وفي النشيد السابع، ص 107:

أما جوعك فتشبعه ثمرةٌ
تُطهِّر آكلَها وعطشك يرويه
شرابٌ سماويٌّ يُحْكِمُ شاربيهِ

وفي النشيد السابع، ص 119:

من صامَ عن الخمرِ زاهِدًا
هفَّتْ إليه دوالي (عناقيد) الفردوس
واحدةً واحدةً تُنِيلُهُ عُنقودَها
وإن زادَ فكانَ بتولًا جعلَتهُ
في حِضنِها (صدورِها) الطاهر(ة) لأنه _من أجل الواحد_
لم يرْتَمِ في حِضْنٍ ولا في مضجعِ زواجٍ

وفي النشيد 10، ص 179، قال أفرام السرياني:

هناك الشهورُ لا يَنْضَبُ مَعِيِنُ إيلادِها
فشهرٌ يحمِلُ الثَّمَرَ وجارُه الزَّهَرَ
هناكَ تتفجَّرُ وتتدفَّقُ ينابيعُ اللذَّاتِ
الخمرُ واللبنُ والعسلُ والزبدُ

ملاحظة: ونلاحظ أن أبا موسى الحريري في (قس ونبي) وفيليب حتَّى في (تاريخ سوريا ولبنان) وغيرهم حرَّفوا بعض نصوص منظومة الفِرْدَوْس ورؤيا يوحنا اللاتينية الأبوكريفية، مثلًا في (قس ونبي) ذكر أبو موسى الحريري: (وإلى هذا العمر يشير كتاب رؤيا يوحنا المنحول ويقول لهن من العمر ثلاثون وكل البشر سيقوم يوم القيامة العامة بهذا العمر)، وهذا كلام باطل وترجمة غير أمينة فليس في النص ذكر لنساء جوارٍ للمتعة في رؤيا يوحنا الأبوكريفية ولا سائر الأدب القانوني والأبوكريفي المسيحي عمومًا، وفيليب حتى في تاريخ سورية ولبنان ج2/ ص 145 يحرف النص محل الكلام الخاص بأفرام السرياني عمدًا إلى: (وكل من عاش عفيفًا تستقبله الحوريات بصدور نقية طاهرة)وليس من الأمانة العلمية ولا الصالح العام تحوير التراث المسيحي الأبوكريفي لجعله نسخة مطابقة من الإسلام.

تشبيهات أفرام التجسيدية للأشجار والثمار كأنها سيدات في شعر شرقي مجازي وأصل الحور العين في الإسلام

في النشيد السابع، ص 119:

من صامَ عن الخمرِ زاهِدًا
هفَّتْ إليه دوالي (عناقيد) الفردوس
واحدةً واحدةً تُنِيلُهُ عُنقودَها
وإن زادَ فكانَ بتولًا جعلَتهُ
في حِضنِها (صدورِها) الطاهر(ة) لأنه _من أجل الواحد_
لم يرْتَمِ في حِضْنٍ ولا في مضجعِ زواجٍ

واضح جدًّا هنا أن مقصود أفرام السرياني مجازي تصويري في صورة تؤنسن الأشجار والجمادات، واتسم شعره بتيمة علمانية حسية أحيانًا، ويقول باحثون كلوكسمبورج أن كلمة حور تعني عنبًا في السريانية، لكنها تعني في العربية نساء حسانًا واسعات الأعين، واضح من وجهة نظري أن محمدًا أو من ساعدوه في صياغة القرآن تعمد تحريف معاني الشعر السرياني المسيحي وتصور جنة فيها نساء بلا حصر للرجال الأغبياء المتبعين له المشاركين في الحروب الإجرامية، لكني لا أتفق مع لوكسمبورج وغيره في فكرة أن نقرأ اللغة العربية القرآنية على أنها لغة سريانية أو آرامية، فهذا طرح خيالي وغير علمي، لقد استعارت العربية عموما وعربية القرآن كلماتٍ وتعابير مما جاورها من لغات الحضارات والأديان، لكن تصوره لأن النص مكتوب أصلًا بلغة لا يعرفها أغلب العرب طرح خيالي للغاية.

وهذه أمثلة لأسلوب أفرام السرياني الشعري المجازي في تشبيهات تجسيدية مؤنسنة أخرى:

في النشيد السابع، ص 118

إن الأشجار _بدلًا من الملوك_ يُعظِّمنَ الصائمينَ
خاشعاتٍ داعياتٍ لهم بجمالِهنَّ
أنْ يَعرُجوا إلى منازلِهِنَّ ويَحِلَّوا في مَظالِّهِنَّ
يستحمَّونَ في أندائِهِنَّ ويلذُّون أثمارهن
واليد التي امتدت تمدَّ المعوزينَ
إليها تتعطَّفُ أثمارُ الفِرْدَوْس
والرِجلُ التي عادَتْ المرضى
إليها تَهرَعُ الأزاهيرُ تُكلِّلُ عقِبيها
فيتزاحمنَ أيَّهنَّ تسبِقُ فتَلْثُمُ مواطِئَها

وفي النشيد التاسع، ص 148- 149:

إن شئتَ أنْ تترقَّى الشجرةَ
تحدَبَتْ أغصانُها دَرَجًا (سُلَّمًا) أمامَ قدميكَ،
تُغْريكَ بالاتكاءِ إلى صدرِها
مضطَجَعِ أغصانِها ذاتِ الظَهِرِ
المتينِ الخفيضِ الحافلِ المتموِّج بالأزاهيرِ
يكونُ للمستغرِق فيه كما يكونُ للطفلِ الحضنُ والسرير

وجاء في النشيد التاسع، ص 152- 153:

نسمَات الرُّوحِ يُرِضِعْنَ الرُّوحيِّين

وفيه، في ص 151:

أيُّ سيلٍ من طيِّباتِ! فما تصرفُكَ الواحدةُ
حتى تدعوَكَ الأخرى، على جميعهِنَّ تتألَّقُ البهجةُ
من ثمرِ هذه تأكلُ ومن شراب تلك ترتوي
وجاء في النشيد الثالث، ص 36:

لعل الشجرةَ المبارَكَةَ شجرةَ الحياةِ
بأشعتِها هي شمسُ الفردوسِ
لقد صقَلَ أوراقَها وطبَعَها بطابِعِهِ
الجمالُ الروحيُ الضافي على الجنةِ
تنسِمُ الريحُ على الأشجارِ فكأنَّكَ بالجيشِ يسجُدُ
أمام قائِدِه، ينحني أمامَ مليِكَةِ الأشجارَ
وفي النشيد 3، ص 47:

إذا كانَتْ أشجارُ الفردوسِ كافةً،
كل واحدةٍ منهنَّ تَلْبَسُ المجدَ، وتتعطَّفُ بالبهاءِ،
السرافون [السيرافيم] بأجنحتهم والأشجارُ بأغصانهنَّ
يتحجَّبُون لئلَّا ينظُروا إلى سيِّدِهم،
فإنهم جميعَهم استحيوا بآدمَ وقد عُرِّيَ فجأةً
لقد سَرَقَتْ الحيةُ الثيابَ، فَتَرَكَتْها الثيابُ بلا أرجُلٍ

وفي النشيد 7، ص 109- 110:

هناكَ البتوليةُ تَطْرَبُ؛ لأن الحيَّةَ
التي نَفَثَتْ السُمَّ في أذنيها سرًّا، قد طُرِدَتْ
فهفَتْ التينةُ مبتَهِجةً وقالت لها:
لقد نَسِيَتْ طفولتُكِ البريئةُ
يومَ عُرِّيتِ فاختبَأْتِ في حِضْني
المجد لِلذي خَلَعَ على عُرْيِكِ حُلَّةً [ثوبًا]

وفي النشيد السابع، ص 118

إن الأشجار _بدلًا من الملوك_ يُعظِّمنَ الصائمينَ
خاشعاتٍ داعياتٍ لهم بجمالِهنَّ
أنْ يَعرُجوا إلى منازلِهِنَّ ويَحِلَّوا في مَظالِّهِنَّ
يستحمَّونَ في أندائِهِنَّ ويلذُّون أثمارهن
واليد التي امتدت تمدَّ المعوزينَ
إليها تتعطَّفُ أثمارُ الفِرْدَوْس
والرِجلُ التي عادَتْ المرضى
إليها تَهرَعُ الأزاهيرُ تُكلِّلُ عقِبيها
فيتزاحمنَ أيَّهنَّ تسبِقُ فتَلْثُمُ مواطِئَها
***

من صام عن الخمر زاهدًا .....إلخ
(سبق ذكره في حديثنا عن الحور والعنب)

وفي نشيد 9، ص 166

فإنْ كانَ في اللذة فرحٌ وَسِمَنٌ
فأحرى بالنفسِ أنْ تَسْمَنَ على أمواجِ اللذةِ
وهي تَرْضَعُ ثديَ الحكمةِ!

لا جنس في الجنة حسب أفرام والمسيحية

في النشيد السابع، ص 110، قال أفرام السرياني:

هناك الشبابُ يفرَحُ لأنه قد ظَفِرَ
وهو في الفردوسِ يرى يوسُفَ قد نَبَذَ
واطَّرَحَ الشهوةَ الملتهبةَ في الحمْقَى ،
الشاب قد ظفر على الرقطاء في جحرها
إن شمشمون قد ظفر على الأسد، والأفعى قد ظفرت عليه ،
لدغَتْه فانتثَرَ شعرُ نُسْكِهِ [نَذْرِه]

وفي النشيد السابع، ص 117، قال:

والبتولُ التي مَقَتَتْ الإكليلَ الزائلَ
تُشرِق في الخِدْرِ المُشِعِّ الذي يُحِبُّ بني النور
لأنها مققت أعمالَ الظُلْمَةِ
والتي أوحَدَها البيتُ وأوحشَها،
فالعُرسُ يؤنِسُها لأنَّ الملائكةَ يهِشُّون بهِ،
والأنبياءُ يبتهِجون والرُسُلُ يتألَّقون

وفي النشيد 7، ص 108- 109:

ذكورٌ وإناثٌ يشتملون بلباسٍ من نورٍ
يحجُب ألْقُهُ ملامِحَ السوْءاتِ
يُسكِتُ الحواسَّ، حركاتِها النابعةَ
يُنْضِبُ منابعَ الشهوةِ يُخْمِدُ الحقدَ
ويُطَهِّرُ النفسَ، وكالحِنْطَةِ [القمحِ] في عَدْنٍ،
كذلكَ النفسُ تَنمي لا شوكَ يَخْنُقُها!
هناك البتوليَّةٌ تطْرَبُ؛ لأن الحيَّةَ
التي نَفَثَتْ السُّمَّ في أُذُنَيْها سِرًّا قد طُرِدَتْ

وفي النشيد 6، ص 88- 90 مثال للتعابير المجازية المؤنسة للأشجار الغير عاقلة والعديمة الوعي:

حملَ الأفاضلُ أثمارَهم وخرجوا
إلى لقاءِ الفردوسِ مزهوًّا بضروب الأثمارِ:
دخلوا الجنةَ البهيةَ بروائع مآتيهِم
فرأتْ الجنةُ أثمارَ الصالحينَ
إنها لَتعلُوا أثمارَ أشجارِها
***

طوبى للذي استحقَّ أنْ يَرى في الفِرْدَوْس
كيفَ تباهت أثمارُ أشجارِه المجيدةِ
وخُذِلَتْ لمَّا رأتْ أثمارَ الظافرينَ
والأزهارُ أخذَتها نشوةُ ظَفَرٍ ثم انكفأتْ مهزومةً
وقد رأَتْ أزاهيرَ، بُتُلًا وقدِّيسين
بإكليلِهم فرِحَتْ البريَّةُ وبارئُها

شدة جمال وحسن الجنة

جاء في النشيد الرابع، ص 58- 59:

لكن الفمَ لا يقدرُ أنْ يكفِّيَ الداخليَّ أوصافَهُ،
ولا يُوَفِّي حتى الخارجيَّ محاسنَهُ،
بل يقصُر حتى عنْ أنْ يُوَفِّيَ زِيَنَ سياجِهِ الساذِجةِ
حق وصفها، فإن ألوانه لزاهية وعطورُه لَمدهِشةٌ
ومحاسنه لمشتهاةٌ وطعمُهُ لَفاخرٌ

وفي النشيد 11، ص 198- 199:

وإن بعضَ ذلك الأريجِ الفوَّاحِ من النعمةِ
لهو بمثابةِ رسولٍ طيِّبٍ لأمراضِ
أرضِ اللعنةِ بأريجِهِ الشاي
يزيل المرضَ الذي نَفَثَتْهُ الحيَّةُ
***

نفحةٌ من أيِّ زاويةٍ مبارَكةٍ في الفردوسِ
تهُبُّ فتُحَلِّي مرارةَ هذا الموضعِ
تُلَطِّفُ لعنةَ أرضِنا
تلك الجنةُ هي نسَمَةُ
هذا العالمِ العليل مُزْمِنِ العِلَلِ

قارن مع البخاري وغيره:

6415 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَهْلٍ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَوْضِعُ سَوْطٍ فِي الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا وَلَغَدْوَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ رَوْحَةٌ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا
4780 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ ذُخْرًا بَلْهَ مَا أُطْلِعْتُمْ عَلَيْهِ ثُمَّ قَرَأَ {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ قَرَأَ أَبُو هُرَيْرَةَ قُرَّاتِ أَعْيُنٍ

وفي القرآن: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (17)} السجدة

المتكآت والزرابي والنمارق المبثوثة في الجنة

في النشيد 6، ص 94

هناك متكآت الأبرار المشتهاة، مجلوّةٌ بهيَّةٌ
في عينِ العقلِ، إنهم يدْعُوننا
لأنْ نكونَ لهم إخوةً وصحبانًا وأعضاءً،

وفي النشيد السابع، ص 107:

فطَلُّه يغسِلُ وضَرَكَ وعلى طيبِهِ تتنعَّمُ
مُتَّكَأُه _يعد النَصَبِ_ يريحكَ وإكليلُه يُعزِّيكَ

قارن مع القرآن:
{أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا (31)} الكهف

{إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ (55) هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ (56)} يس

{وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآَبٍ (49) جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ (50) مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ (51) وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ (52) هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسَابِ (53)} ص

{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ (8) لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ (9) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (10) لَا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً (11) فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ (12) فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ (13) وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ (14) وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ (15) وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ (16)}

النمارق والزرابي من لوازم المكتآت كالوسائد ونحوه.

{وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ (27) فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ (28) وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ (29) وَظِلٍّ مَمْدُودٍ (30) وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ (31) وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (32) لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ (33) وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ (34)} الواقعة


لا حقد ولا حسد ولا كره في الجنة {ونزعنا ما في قلوبهم من غل}

لا إثمَ فيهم فلا عيبَ
لا حقدَ فلا غضبَ
لا غشَّ فلا هُزْءَ
لا يَعْجَلُوُنَ إلى الأذى فلا يؤْذَوْنَ
هناك لا يَحْسِدون فهناك لا يُبْغِضُوُنَ
هناك لا يظلِمونَ فهناك لا يَدينون [يُدانون]

قارن:

{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (45) ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آَمِنِينَ (46) وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ (47) لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ (48)} الحجر

{وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (43)} الأعراف

النسيم وليس الولدان المخلدون يخدمون البشر

جاء في النشيد التاسع، ص 152- 153:

تهِبُّ النُّسَيماتُ الطَيِّباتُ من كلِّ لونٍ
يحملن الأطباقَ، مثل مرتا ومريمَ،
والمدعوُّون المولَمون لا يبرَحُونَ
أما مرتا فقد تعَبَتْ، وتجرأت
فتذمرت على ذلك الذي يدعو إلى فردوسه
حيث الخُدَّامُ يخدِمونَ ولا يتعبون
***

النسيمات في الفردوس يتنقَّلْنَ أمام الأبرار
تخِفُّ الواحدة بالطعام والأخرى تصُبُّ الشرابَ
هبوب تلك سِمَنٌ ومَهَبُّ هذه رواءٌ
من رأى قط نسماتٍ يأتيِنَ
بنفحات تؤكَل وأخرى بنفحاتٍ تُشْرَب
واحدة تنفَحُ بندىً وأخرى بطيب
***

نسمَات الرُّوحِ يُرِضِعْنَ الرُّوحيِّين
مأدبةٌ لا عناءَ فيها، لا اليد تتعَبُ
ولا الأسنان تَضْنَكُ ولا الجوفُ يُتْخَمُ
من اتَّكَأَ والتذَّ ولم يتعبْ؟
من شبِعَ ولم يأكلْ؟ فرِحَ ولم يَشرَب؟
نفحةٌ تُرْوِيِهِ ونفحةٌ تُشبِعُهُ

أفرام يرضي كل الأذواق ويعود للتنصل والقول بمعانٍ مجازية وأن نعيم الجنة روحي وليس جسديًّا

وبعدما يذكر أفرام السرياني متعًا حسيةً واضحة تتمثَّل في الطعام والشراب والخمر والمتكآت وروائح الأشجار والزهور، يعود كأنما محاولةً لإدراك ما لا يُدرَك من المنظور الديني البشري، أو ربما إرضاءً لميول وأذواق وآراء الجمهور القارئ باختلاف فئاته ومشاربه، فيقول بمتع روحية ومعانٍ مجازية لما سبق وقاله، رغم وضوح حسيته تمامًا:

فجاء في النشيد التاسع، ص 152- 162:

من رأى قط نسماتٍ يأتيِنَ
بنفحات تؤكَل وأخرى بنفحاتٍ تُشْرَب
واحدة تنفَحُ بندىً وأخرى بطيب
***

نسمَات الرُّوحِ يُرِضِعْنَ الرُّوحيِّين
مأدبةٌ لا عناءَ فيها، لا اليد تتعَبُ
ولا الأسنان تَضْنَكُ ولا الجوفُ يُتْخَمُ
من اتَّكَأَ والتذَّ ولم يتعبْ؟
من شبِعَ ولم يأكلْ؟ فرِحَ ولم يَشرَب؟
نفحةٌ تُرْوِيِهِ ونفحةٌ تُشبِعُهُ
***

تأمَّلْ وضوحَ الرمزِ في الزروعِ
إذا كان الهواء مرضِعًا لسنابلِ الحنطةِ،
يغذوها بأنفاسِه ويسمِّنها بقوَّتِهِ
فلأًنْ تكونَ رياحُ البَرَكةِ أغذى
لزروعِ الفردوس الروحانيةِ الناطقة!
لأنَّ للروحانيين الغذاءَ الروحيَّ
***

الرياح الذكية [الطاهرة] تقُوُتُ الأذكياءَ [الطاهرين]
نسيمٌ يُرَفِّهُكَ ونفْحٌ يُلَذِّذُكَ
واحد يُسَمِّنُكَ وآخَرُ يُنَعِّمُكَ
منْ تذوَّقَ قطُّ
أنْ يأكلَ بلا يدين ويشربَ بلا فمٍ؟!
إنما ساقيه وطاهية نفْحٌ عذْبٌ!
***

إنك لترى حتى اليومَ في أرضِ الأشواكِ
أنَّ سُنبلةَ الحقلِ الممنوحةِ، رغمَ اللعنةِ
تولَدُ من روُحِ النسمة حنطةً في حِضْنِهِ،
بإرادةِ العليِّ القديرِ
تُرْضِعُها النَسَمَةُ لكأنَّها ثديٌ يَلبَأًها ويُنمِّيها
فتكونُ صورةً لغذاء الرُّوُحيِّين
***

لئنْ كانت الحنطةُ، طعامُ الجسديِّينَ
ومعظمُها نُفايةٌ تُلقَى
يغذوها الهواءُ وتُسمِّنُها الريحُ
فلأنْ يكونَ للنفحاتِ الصافيةِ
أنْ تُمِدَّ الروحيين من أهراء عدْنٍ
بالعصارةِ الشفَّافةِ، الطعامِ الروحيِّ
***

تعلَّمْ من النار أن تلك النسمة تقوت الجميع
فإنْ حُصِرَـ في مكان لا هواءَ فيه
نوَّص ضياؤها وخمدَتْ أنفاسُها
من رأى قطُّ أمًّا تُرْضِعُ الجميعَ
جميعَ كيانِها وبها يتعلق الجميعُ
وهي تتعلق بالأحدِ المهيبِ الذي يقوتُ الجميعَ
***

كرَّمَ المجوسُ النيِّراتِ
باعتبارِ أنها تقوتُ الجميعَ بكلِّ شيءٍ
فإذا بهم يُبهَتون لأن الهواءَ هو الذي يُرْضِعُ بيغر شحٍّ
الكواكبَ والزروعَ، والشمسَ والدَّبى والبشرَ
فقد أعلمَتنا النارُ أنها تقتات من الهواء
وإنها لرفيقة النيِّراتِ ونسيبتهنَّ!

نلاحظ هنا لجهل أهل عصر أفرام السرياني بعملية التمثيل أو البناء أو التركيب الضوئي القائم على أشعة الشمس ومكونات التربة الكافية وثاني أكسيد الكربون، فقد افترض أن النبات يتغذى بالهواء والهواء فقط تقريبًا! واعتبره مثالًا لغذاء الروحيين في الفِرْدَوْس!

إذا كانت النفسُ _حتى النفُسُ_ تَزْهَق [تموتُ] إنْ حُبِسَ عنها الهواءُ
وإنها لَرُكْنُ جسدِنا مُستَنَدٌ له
وهي هي خُبُز خُبزنا بها خِصَبُ حقلِنا
فلأحرى أنْ يكونَ ذلكَ الهواءُ المباركُ
نعيمَ الروحيينَ يأكلونه ويشربونه
يسبحون فيه ويستحمون لأنه بحر المناعم!
***

نَفْحُ الفردوسِ يُغنِي عن الخبزِ
وذلك النسيمُ الحيُّ عن الشرابِ
إذْ إنَّ الحواسَّ تتنعَّمُ في أمواجِ الطيِّباتِ،
تقذِفُ بهنَّ من كلٍّ لونٍ
بقوة الأفراح تنتصب الحواسُّ، لا يلويها ثِقَلٌ
تلتهِم إلى الأبدِ ذهولَها أمامَ ذي الجَلالةِ!
***

هنا الأجساد تجوع وتقتات
وهناك تجوع النفوس لا الأجساد
تنال النفسُ الطعام الذي يشبهها
فهي أشد تنعمًا بالقائتِ الجميعَ
مما هي عليه بأي قوتٍ كان وهي تَرْعَى في جمالِه
وهي أمام كنوزه يأخذها الدَهَشُ
هنالك الأجساد ذوات المجاري الدموية
تَشِفُّ [تَرِقُّ] على مثالِ النفوسِ
والنفسُ المُثْقَلَةُ يُطْلَقُ جناحاها

وفي النشيد 9، ص 170:

من رأى جَمْعًا من الناسِ طعامُهم المجدُ
ولباسُهم النورُ ووجُهُهم الضِّياء
يجترُّون ويتجشَّؤون شِبَعًا من العطاء؛
إنَّ في أفواهِهم ينابيعَ الحكمةِ،
في فكرِهِم الأمان وفي عقلِهِم الحقُّ

وجاء في النشيد 9، ص 171، عن رؤية المسيح المؤلَّه عند المسيحيين:

إن رؤيةَ حبيبِكَ مَعِيِنُ الأطاييبِ
من استحقَ أن يتمتَّعَ بها لم يَشْتَهِ بعدَها طعامًا،
فقد تنعَّمَ بجمالِكَ! تمجَّدَ بهاؤُكَ!

وفي النشيد 11، ص 194- 198:

حتى لو بدا بالأسماء أرضيًّا
فهو بالقوةِ روحيٌّ خالصٌ
فإنَّ أسماءَ الرياحِ جميعًا تتساوى
إلا أنَّ خبيثَها يباين مُقدَّسها
***

لا بدَّ للمتكلِّمِ
من أسماءِ المرئيَّاتِ
ليمُثِّل للسامعين مثالَ المحجوباتِ
فإذا كان خالقُ الجنةِ
قد أَلبَسَ جلالَهُ أسماءَ دُنيانا
فلأَنْ نُعبِّرَ نحن عن جنتِهِ بالأمثالِ أولَى!
***

فإنْ شطَّ أحدٌ بفهمِ الأسماءِ
المُستعارةِ للجَلالِ فقد جدَّفَ وافترى عليهِ
بها، وهو قد لَبِسَها ليُعيِنَهُ!
وكَفَرَ بالنعمةِ التي حَنَتْ....
..عظمَتَها لصِغَرهِ! فلبِسَتْ شِبْهَهُ
ولا تلاؤمَ بينهُما لِتَخْلَعَ عليهِ شبْهَها!
***

لا أخَذَ عقلكَ اضطرابٌ من الألقابِ!
فإنَّ الفِرْدَوْس قد لَبِسَ أسماءً ألِفْتَها
ما لَبِسَ شِبْهَكَ لأنَّه فقيرٌ،
فإن طبعَكَ لحقيرٌ لا يستطيعُ
أن يكافئَ جلالَهُ، فإنْ مُثِّل بالألوانِ
الحقيرةِ التي ألِفْتَها نَصَلَ جمالُهُ
لا تستطيعُ العيونُ الكليلةُ
أن تُحدِّقَ إلى أشعةِ جمالِه السماويِّ
فألبَسَ أشجارَه أسماءَ أشجارِنا،
وبأسماءِ تينِنا سُمِّيَ تينُهُ،
وأوراقه الروحية لبِسَتْ جسمًا ملموسًا
فأشبَهَ اللباسُ اللابسَ
إن أزاهير تلك الأرض لأكثَرُ وأشرفُ
من كواكبِ هذه السماءِ المنظورةِ

وفي النشيد 11، ص 191:

هواءُ الفردوسِ مَعِيِنُ الطَّيِّباتِ
منه كانَ آدَمُ يرضَعُ في طفولتِهِ
لكأنَّ النَسَمَةَ ثديٌ مُسَمِّنٌ لنشوئِهِ

وفي النشيد 11، ص 203:

أهِّلْني بنعمتِكَ أنْ ألقَى موهبةَ الفردوس؛
كنزَ العطورِ وَحِرْزَ الطُّيوبِ
فيتنعَّمَ جوعي على نَفِحِ طيوبِهِ
إن أَرَجَهُ يُغَذِّي الكلًّ في كلِّ حينٍ
من استنشقه طرِبَ وسَها عن خُبزِهِ
إنه مائدةُ الملكوتِ تبارَكَ الذي بَسَطَها في عَدْنٍ
الأطفال في الجنة

جاء في النشيد السابع، ص 111:

هناك يرتاحً الزواجُ وقد سَحَقَهُ
حبلُ اللعنةِ وولادةُ المشقَّةِ ،
حين يرى الأطفالَ الذين دفنَهُم على العويلِ،
يَرْعَوْنَ كالحُملانِ في أرجاءِ عَدْنٍ
في المراتبِ العُلى وأضواءِ المجدِ،
فإنَّهُم لَأَنْسِباءُ الملائكةِ، لا تعلوهم شائبةٌ
الشكرُ للحنَّانِ على أنَّهُ قطَفَهُم أطفالًا
ثمارًا لمْ تنضجْ
لكي يصبحُوا بواكيرَ في فردوسِهِ
مشهدٌ جديدٌ للنظرِ فالثمارُ
تقطِفُ الفاكهةَ والأبكارُ البواكيرَ
فتلاقى على النقاوةِ المقطوفون والقاطفون

قارن ما وردَ عن دخول الأطفال للجنة وأنهم يظلون أطفالًا بها، في ترجمتي العربية عن الإنجليزية في هذا الكتاب لرؤيا بولس/ قطعة أخميم المصرية/ 26، وفي النص الإثيوبي ص 421 من كتابي هذا، وعنه نقلها واستشهد بها كلُّ من كتاب مقتطفات ثيودوتُس 41: 1- 2، و48 :1، وميثوديوس في كتابه عظة عن العفة أو مائدة العذارى العشر 6: 2، وورد ذكر أطفال الجنة في رؤيا بولس 26، ورؤيا بولس ينقل الكثير من رؤيا بطرس الأقدم منه. وراجع هناك إيرادَنا لنصوص الأحاديث عن الأطفال في الجنة، وانظر بحث (أصول أساطير الإسلام من الهاجادة والأبوكريفا اليهودية) في مبحث جهنم، ص 690، موضوع "نصوص الإسلام مثل الھاجادة تناقضت في مصیر الوثنیین الذین كانوا قبل الإسلام، وفي مصیر الأطفال الوثنیین" ففيه نصوص إسلامية عن الأطفال في الحياة الأخرى الخرافية.

تبرؤ وشجار وجدال أهل الجحيم مع بعضهم البعض

جاء في النشيد السابع، ص 128:

من يُطيقُ أنْ ينظُرَ إلى كِلا الجانبينِ
وتحتملُ أذناهُ قصفَ أصواتِهِم:
الأشرارُ في جهنم يُزَكُّونَ العادلَ
والأبرارُ يُمجِّدونَه في الجنة
يُحَدِّقون كلُّ واحدٍ إلى صاحبِهِ مدهوشين
ويكشفون كلُّ واحدِ أعمالَ صاحبِهِ موبِّخينَ
لا كُشِفَتْ آثامي في ذلك اليومِ لرفاقي
فإن في هذا _يا مولاي_ لكبيرُ احتقارٍ لنا

قارن مع القرآن:

{وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ (21)} إبراهيم

{قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآَتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ (38) وَقَالَتْ أُولَاهُمْ لِأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (39)} الأعراف

{هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآَبٍ (55) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمِهَادُ (56) هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ (57) وَآَخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ (58) هَذَا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ لَا مَرْحَبًا بِهِمْ إِنَّهُمْ صَالُوا النَّارِ (59) قَالُوا بَلْ أَنْتُمْ لَا مَرْحَبًا بِكُمْ أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا فَبِئْسَ الْقَرَارُ (60) قَالُوا رَبَّنَا مَنْ قَدَّمَ لَنَا هَذَا فَزِدْهُ عَذَابًا ضِعْفًا فِي النَّارِ (61) وَقَالُوا مَا لَنَا لَا نَرَى رِجَالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرَارِ (62) أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ (63) إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ (64)} ص

{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ (165) إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ (166) وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ (167)} البقرة

{يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا (66) وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا (67) رَبَّنَا آَتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا (68)} الأحزاب

وجاء في النشيد السادس، ص 95
أو إن لم نكُنْ في ديارِهِم، فحولَ مظالِّهم
تباركَ من استحقَّ ندَى غِناهم
أهِّلني لقسمةِ ضئيلةٍ من ذلكَ
ليرَني العدوُّ ويغتمَّ
فقد ظنَّ أنْ يراني في المكانِ الذي أعدَّه لي
فيرَني في ذلك المكانِ الذي هيَّأَتْه لي رحمتُكَ

يحتمَل أن مقصود أفرام بالعدو أي الشيطان، فتأثرًا بإله الموتى الجريكي (اليوناني) في الهاديس اعتبرت نصوص دينية يهودية ومسيحية الشيطان خازنًا أو قائمًا على أعمال الجحيم، وسموه في التراث الربيني اليهودي سامائيل.

وفي إنجيل لوقا القانوني:

(9وَقَالَ لِقَوْمٍ وَاثِقِينَ بِأَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ أَبْرَارٌ، وَيَحْتَقِرُونَ الآخَرِينَ هذَا الْمَثَلَ: 10«إِنْسَانَانِ صَعِدَا إِلَى الْهَيْكَلِ لِيُصَلِّيَا، وَاحِدٌ فَرِّيسِيٌّ وَالآخَرُ عَشَّارٌ. 11أَمَّا الْفَرِّيسِيُّ فَوَقَفَ يُصَلِّي فِي نَفْسِهِ هكَذَا: اَللّهُمَّ أَنَا أَشْكُرُكَ أَنِّي لَسْتُ مِثْلَ بَاقِي النَّاسِ الْخَاطِفِينَ الظَّالِمِينَ الزُّنَاةِ، وَلاَ مِثْلَ هذَا الْعَشَّارِ. 12أَصُومُ مَرَّتَيْنِ فِي الأُسْبُوعِ، وَأُعَشِّرُ كُلَّ مَا أَقْتَنِيهِ. 13وَأَمَّا الْعَشَّارُ فَوَقَفَ مِنْ بَعِيدٍ، لاَ يَشَاءُ أَنْ يَرْفَعَ عَيْنَيْهِ نَحْوَ السَّمَاءِ، بَلْ قَرَعَ عَلَى صَدْرِهِ قَائِلاً: اللّهُمَّ ارْحَمْنِي، أَنَا الْخَاطِئَ. 14أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ هذَا نَزَلَ إِلَى بَيْتِهِ مُبَرَّرًا دُونَ ذَاكَ، لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَرْفَعُ نَفْسَهُ يَتَّضِعُ، وَمَنْ يَضَعُ نَفْسَهُ يَرْتَفِعُ».) من أصحاح 18

قارن مع القرآن:

{قَالُوا رَبَّنَا مَنْ قَدَّمَ لَنَا هَذَا فَزِدْهُ عَذَابًا ضِعْفًا فِي النَّارِ (61) وَقَالُوا مَا لَنَا لَا نَرَى رِجَالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرَارِ (62) أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ (63)} سورة ص

مفهوم حياة البرزخ

جاء في النشيد الثامن، ص 143:

جاء السارقُ الخبيثُ يسرِق
فعدَّى عن الثمارِ التي يبادر إلى سرقتِها كلُّ لصٍّ
وسرقَ ساكنَ الجنةِ [السماواتِ]
خرَجَ سيَّدُهُ يطلبُه دخَلَ فوجدَه في الجحيمِ
نشلَهُ وأخرجَهُ منهُ وأدْخَلَهُ الفردوسَ
***

ففي المنازلِ الشهيةِ التي في سياجِهِ
تحِلُّ نفوسُ الأبرارِ والقدِّيسين
ينتظرْنَ هناكَ أجسادَهُنَ الحبيسةَ
فإذا فُتِحَ بابُ الجنةِ
هَتَفَتْ الأجسادُ والنفوسُ بهوشعنا

تكلمتُ عن مفهوم البرزخ أو حياة الروح الخرافية قبل قيامة الأجساد الخرافية في التراث الربيني اليهودي والأبوكريفي اليهودي والمسيحي ومقارنته بنصوص الإسلام، في كتاب (أصول أساطير الإسلام من الهاجادة وأبوكريفا العهد القديم) وقد وضعت هذا المبحث في هذا الكتاب أيضًا.

الشيطان اتخذ الحية لباسًا له ليدخل الجنة وليتكلم من خلالها

جاء في النشيد 15، ص 270:

كانت الحية لباسًا تلبَّسَهُ الشِرِّيرُ
عندما رأى البريئين امتلَأَ خَتْلًا [مكرًا]
فَطَيَّبَ الحيلةَ في أُذُنِ الطفولةِ
فتلَقَّتْ السذاجةُ كلمَتَهُ
لأنَّهُ أعلنَ غَيْرةً وأَضْمَرَ مَكْرًا

هذا اقتبسه أفرام السرياني بوضوح من سفر حياة آدم وحواء الأبوكريفي، وقد استعرضت في كتاب (الهاجادة) كيفية تطور الفكر الديني من الحية إلى الشيطان، في مبحثي عن أسطورة آدم، وفي العهد الجديد المسيحي ترد توصيفات الشيطان بأنه التنين والأفعى القديمة. والإسلام أخذ القصة بشكلها وتطورها الأخير، وراجع كذلك رؤيا برثولماوس الأبوكريفية.

رؤية الله في الجنة

جاء في النشيد 9، ص 171، عن رؤية المسيح المؤلَّه عند المسيحيين:
إن رؤيةَ حبيبِكَ مَعِيِنُ الأطاييبِ
من استحقَ أن يتمتَّعَ بها لم يَشْتَهِ بعدَها طعامًا،
فقد تنعَّمَ بجمالِكَ! تمجَّدَ بهاؤُكَ!
وفي النشيد 9، 167:

من رأى جياعًا يَشْبَعون
يتنعَّمون ويَسْكَرونَ في أمواجِ المجدِ
تتفجَّرُ من جَمالِ ذلكَ الجميلِ الأزليِّ؟!

وفكرة الرؤية للمسيح المؤله ترد في رؤيا يوحنا مثللًا في الإنجيل،أما اليهود فعلى الأغلب رغم عدم اطلاعي على المسألة فما كانوا في العموم ليخطر في بالهم فكرة وعقيدة كرؤية الإله على الأرجح.

قارن مع قوله في القرآن:

{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23)} القيامة

وقارن مع صحيح مسلم، مثلًا في باب (إثبات رؤية المؤمنين في الآخرة ربهم سبحانه وتعالى) :

[ 181 ] حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة قال حدثني عبد الرحمن بن مهدي حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن صهيب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا دخل أهل الجنة الجنة قال يقول الله تبارك وتعالى تريدون شيئا أزيدكم فيقولون ألم تبيض وجوهنا ألم تدخلنا الجنة وتنجينا من النار قال فيكشف الحجاب فما أعطوا شيئا أحب إليهم من النظر إلى ربهم عز وجل

[ 181 ] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا يزيد بن هارون عن حماد بن سلمة بهذا الإسناد وزاد ثم تلا هذه الآية { للذين أحسنوا الحسنى وزيادة}

[ 180 ] حدثنا نصر بن علي الجهضمي وأبو غسان المسمعي وإسحاق بن إبراهيم جميعا عن عبد العزيز بن عبد الصمد واللفظ لأبي غسان قال حدثنا أبو عبد الصمد حدثنا أبو عمران الجوني عن أبي بكر بن عبد الله بن قيس عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال جنتان من فضة آنيتهما وما فيهما وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن

وانظر الأحاديث في مسند أحمد طبعة الرسالة أرقام 18935 و 18936 و 18941 و 23925، وتخريجاتها من باقي كتب الحديث.

تشبيه العمل الصالح بالتجارة باعتبار أنها تربح فاعليه الجنةَ

جاء في النشيد 14، ص 243 وما بعدها:

كلنا مجهودون كلَّ يومٍ بكلِّ شيءٍ
حتى نتعلَّمَ بالمحنةِ ألا نؤسَر هُنا
ولكنَّا _على وطأةِ محنتنا_ لا يبرَحُ عقلُنا هاهنا
طوبى لمن عَرَف أيُّ نافعٍ [كم هو نافعٌ]
أنْ يُوَفِّرَ زادَهُ لمواجهةِ ربِّنا
طوبى لمن فرَّحَ سيدَه بتجارتِهِ
***

في جُبِّ [بئرِ] الأرباحِ طرحُوا إرميا
وإنه _على كبيرِ أجرِهِ_ لم يشتَهِ أنْ يُطيلَ مَكْثَهُ فيها

هنا يشبه قصة إلقاء اليهود للنبي الخرافي إرميا في بئر موحل جاف (إرميا 37: 15- 16، إرميا 38)، ولعله ما يذكره القرآن بأصحاب الرِسِّ وهي البئر، بأنه بئر أرباح أخروية خرافية ثمنًا للابتلاء والمعاناة.

وفي النشيد 14، ص 250- 251:

من لنا بأنْ نطرَحَ الغشاءَ عن عيونِنا،
ونتأمَّلَ ذلكَ الموضِعَ فنتأسَّفَ على إبطائِنا
لأننا تأخَّرْنا هاهنا في ميناءِ الإفلاسِ
حيث التجارُ كلَّ يومٍ خاسرونَ
والسفنُ منهوكةٌ وأوساقُها مسلوبةٌ
طوبى للأطفالِ الذين عبروا الميناءَ بغير عناءٍ!

هذا قيل لحث الناس الضعيفي الأخلاق من الدهماء لفعل الأخلاقيات والإحسان والأمانة، ولا يوجد ما يحقِّر وينتقص من قيمة الأخلاق الذاتية في حد ذاتها أكثر من معتقد تجاري سخيف كهذا، لأننا نرى أن المؤمنين حالما يهتز إيمانُهم بالخرافة في لحظات ومع عدم إيمانهم وقناعتهم بالأخلاق نفسها يرتكبون أبشع الجرائم المدنية والدينية المنطلق

لكنْ ورد في إنجيل متى القانوني، أصحاح 25:

14«وَكَأَنَّمَا إِنْسَانٌ مُسَافِرٌ دَعَا عَبِيدَهُ وَسَلَّمَهُمْ أَمْوَالَهُ، 15فَأَعْطَى وَاحِدًا خَمْسَ وَزَنَاتٍ، وَآخَرَ وَزْنَتَيْنِ، وَآخَرَ وَزْنَةً. كُلَّ وَاحِدٍ عَلَى قَدْرِ طَاقَتِهِ. وَسَافَرَ لِلْوَقْتِ. 16فَمَضَى الَّذِي أَخَذَ الْخَمْسَ وَزَنَاتٍ وَتَاجَرَ بِهَا، فَرَبحَ خَمْسَ وَزَنَاتٍ أُخَرَ. 17وَهكَذَا الَّذِي أَخَذَ الْوَزْنَتَيْنِ، رَبِحَ أَيْضًا وَزْنَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ. 18وَأَمَّا الَّذِي أَخَذَ الْوَزْنَةَ فَمَضَى وَحَفَرَ فِي الأَرْضِ وَأَخْفَى فِضَّةَ سَيِّدِهِ. 19وَبَعْدَ زَمَانٍ طَوِيل أَتَى سَيِّدُ أُولئِكَ الْعَبِيدِ وَحَاسَبَهُمْ. 20فَجَاءَ الَّذِي أَخَذَ الْخَمْسَ وَزَنَاتٍ وَقَدَّمَ خَمْسَ وَزَنَاتٍ أُخَرَ قَائِلاً: يَا سَيِّدُ، خَمْسَ وَزَنَاتٍ سَلَّمْتَنِي. هُوَذَا خَمْسُ وَزَنَاتٍ أُخَرُ رَبِحْتُهَا فَوْقَهَا. 21فَقَالَ لَهُ سَيِّدُهُ: نِعِمَّا أَيُّهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ وَالأَمِينُ! كُنْتَ أَمِينًا فِي الْقَلِيلِ فَأُقِيمُكَ عَلَى الْكَثِيرِ. اُدْخُلْ إِلَى فَرَحِ سَيِّدِكَ. 22ثُمَّ جَاءَ الَّذِي أَخَذَ الْوَزْنَتَيْنِ وَقَالَ: يَا سَيِّدُ، وَزْنَتَيْنِ سَلَّمْتَنِي. هُوَذَا وَزْنَتَانِ أُخْرَيَانِ رَبِحْتُهُمَا فَوْقَهُمَا. 23قَالَ لَهُ سَيِّدُهُ: نِعِمَّا أَيُّهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ الأَمِينُ! كُنْتَ أَمِينًا فِي الْقَلِيلِ فَأُقِيمُكَ عَلَى الْكَثِيرِ. اُدْخُلْ إِلَى فَرَحِ سَيِّدِكَ. 24ثُمَّ جَاءَ أَيْضًا الَّذِي أَخَذَ الْوَزْنَةَ الْوَاحِدَةَ وَقَالَ: يَا سَيِّدُ، عَرَفْتُ أَنَّكَ إِنْسَانٌ قَاسٍ، تَحْصُدُ حَيْثُ لَمْ تَزْرَعْ، وَتَجْمَعُ مِنْ حَيْثُ لَمْ تَبْذُرْ. 25فَخِفْتُ وَمَضَيْتُ وَأَخْفَيْتُ وَزْنَتَكَ فِي الأَرْضِ. هُوَذَا الَّذِي لَكَ. 26فَأَجَابَ سَيِّدُهُ وَقَالَ لَهُ: أَيُّهَا الْعَبْدُ الشِّرِّيرُ وَالْكَسْلاَنُ، عَرَفْتَ أَنِّي أَحْصُدُ حَيْثُ لَمْ أَزْرَعْ، وَأَجْمَعُ مِنْ حَيْثُ لَمْ أَبْذُرْ، 27فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَضَعَ فِضَّتِي عِنْدَ الصَّيَارِفَةِ، فَعِنْدَ مَجِيئِي كُنْتُ آخُذُ الَّذِي لِي مَعَ رِبًا. 28فَخُذُوا مِنْهُ الْوَزْنَةَ وَأَعْطُوهَا لِلَّذِي لَهُ الْعَشْرُ وَزَنَاتٍ. 29لأَنَّ كُلَّ مَنْ لَهُ يُعْطَى فَيَزْدَادُ، وَمَنْ لَيْسَ لَهُ فَالَّذِي عِنْدَهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ. 30وَالْعَبْدُ الْبَطَّالُ اطْرَحُوهُ إِلَى الظُّلْمَةِ الْخَارِجِيَّةِ، هُنَاكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ.

وفي إنجيل لوقا القانوني كذلك بنحوه، أصحاح 19:

11وَإِذْ كَانُوا يَسْمَعُونَ هذَا عَادَ فَقَالَ مَثَلاً، لأَنَّهُ كَانَ قَرِيبًا مِنْ أُورُشَلِيمَ، وَكَانُوا يَظُنُّونَ أَنَّ مَلَكُوتَ اللهِ عَتِيدٌ أَنْ يَظْهَرَ فِي الْحَالِ. 12فَقَالَ:«إِنْسَانٌ شَرِيفُ الْجِنْسِ ذَهَبَ إِلَى كُورَةٍ بَعِيدَةٍ لِيَأْخُذَ لِنَفْسِهِ مُلْكًا وَيَرْجعَ. 13فَدَعَا عَشَرَةَ عَبِيدٍ لَهُ وَأَعْطَاهُمْ عَشَرَةَ أَمْنَاءٍ، وَقَالَ لَهُمْ: تَاجِرُوا حَتَّى آتِيَ. 14وَأَمَّا أَهْلُ مَدِينَتِهِ فَكَانُوا يُبْغِضُونَهُ، فَأَرْسَلُوا وَرَاءَهُ سَفَارَةً قَائِلِينَ: لاَ نُرِيدُ أَنَّ هذَا يَمْلِكُ عَلَيْنَا. 15وَلَمَّا رَجَعَ بَعْدَمَا أَخَذَ الْمُلْكَ، أَمَرَ أَنْ يُدْعَى إِلَيْهِ أُولئِكَ الْعَبِيدُ الَّذِينَ أَعْطَاهُمُ الْفِضَّةَ، لِيَعْرِفَ بِمَا تَاجَرَ كُلُّ وَاحِدٍ. 16فَجَاءَ الأَوَّلُ قَائِلاً: يَا سَيِّدُ، مَنَاكَ رَبحَ عَشَرَةَ أَمْنَاءٍ. 17فَقَالَ لَهُ: نِعِمَّا أَيُّهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ! لأَنَّكَ كُنْتَ أَمِينًا فِي الْقَلِيلِ، فَلْيَكُنْ لَكَ سُلْطَانٌ عَلَى عَشْرِ مُدْنٍ. 18ثُمَّ جَاءَ الثَّانِي قَائِلاً: يَا سَيِّدُ، مَنَاكَ عَمِلَ خَمْسَةَ أَمْنَاءٍ. 19فَقَالَ لِهذَا أَيْضًا: وَكُنْ أَنْتَ عَلَى خَمْسِ مُدْنٍ. 20ثُمَّ جَاءَ آخَرُ قَائِلاً: يَا سَيِّدُ، هُوَذَا مَنَاكَ الَّذِي كَانَ عِنْدِي مَوْضُوعًا فِي مِنْدِيل، 21لأَنِّي كُنْتُ أَخَافُ مِنْكَ، إِذْ أَنْتَ إِنْسَانٌ صَارِمٌ، تَأْخُذُ مَا لَمْ تَضَعْ وَتَحْصُدُ مَا لَمْ تَزْرَعْ. 22فَقَالَ لَهُ: مِنْ فَمِكَ أَدِينُكَ أَيُّهَا الْعَبْدُ الشِّرِّيرُ. عَرَفْتَ أَنِّي إِنْسَانٌ صَارِمٌ، آخُذُ مَا لَمْ أَضَعْ، وَأَحْصُدُ مَا لَمْ أَزْرَعْ، 23فَلِمَاذَا لَمْ تَضَعْ فِضَّتِي عَلَى مَائِدَةِ الصَّيَارِفَةِ، فَكُنْتُ مَتَى جِئْتُ أَسْتَوْفِيهَا مَعَ رِبًا؟ 24ثُمَّ قَالَ لِلْحَاضِرِينَ: خُذُوا مِنْهُ الْمَنَا وَأَعْطُوهُ لِلَّذِي عِنْدَهُ الْعَشَرَةُ الأَمْنَاءُ. 25فَقَالُوا لَهُ: يَا سَيِّدُ، عِنْدَهُ عَشَرَةُ أَمْنَاءٍ! 26لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ لَهُ يُعْطَى، وَمَنْ لَيْسَ لَهُ فَالَّذِي عِنْدَهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ. 27أَمَّا أَعْدَائِي، أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِيدُوا أَنْ أَمْلِكَ عَلَيْهِمْ، فَأْتُوا بِهِمْ إِلَى هُنَا وَاذْبَحُوهُمْ قُدَّامِي».

للأسف لست مطلعًا جيدًا على الأدبيات المسيحية الشعرية والوعظية، فقصارى علمي اقتصر على نص الكتاب المكدس اليهومسيحي وأسفار الأبوكريفا، لكنْ يتضح لي الآن أن تشبيه العمل الصالح بالتجارة كان معروفًا مألوفًا في الأدبيات المسيحية كشعر أفرام السرياني، ومنه اقتبس محمد تعبيره القرآني، في قوله:

{إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ (29) لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ (30)} فاطر

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (11) يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12)} الصف

وفي مسند أحمد بن حنبل:

(9603) 9601- حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : كَانَ رَجُلٌ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ تَاجِرًا ، وَكَانَ يَنْقُصُ مَرَّةً وَيَزِيدُ أُخْرَى ، قَالَ : مَا فِي هَذِهِ التِّجَارَةِ خَيْرٌ ، لأَلْتَمِسُ تِجَارَةً هِيَ خَيْرٌ مِنْ هَذِهِ ، فَبَنَى صَوْمَعَةً ، وَتَرَهَّبَ فِيهَا ، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ : جُرَيْجٌ فَذَكَرَ نَحْوَهُ.

(22950) 23338- حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ ، حَدَّثَنَا بَشِيرُ بْنُ الْمُهَاجِرِ ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ بُرَيْدَةَ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ : كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ : تَعَلَّمُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ ؛ فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ ، وَلاَ يَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ . قَالَ : ثُمَّ سَكَتَ سَاعَةً ، ثُمَّ قَالَ : تَعَلَّمُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ ، وَآلِ عِمْرَانَ ؛ فَإِنَّهُمَا الزَّهْرَاوَانِ يُظِلاَّنِ صَاحِبَهُمَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ ، أَوْ غَيَايَتَانِ ، أَوْ فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ ، وَإِنَّ الْقُرْآنَ يَلْقَى صَاحِبَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِينَ يَنْشَقُّ عَنْهُ قَبْرُهُ كَالرَّجُلِ الشَّاحِبِ . فَيَقُولُ لَهُ : هَلْ تَعْرِفُنِي ؟ فَيَقُولُ : مَا أَعْرِفُكَ فَيَقُولُ : أَنَا صَاحِبُكَ الْقُرْآنُ الَّذِي أَظْمَأْتُكَ فِي الْهَوَاجِرِ وَأَسْهَرْتُ لَيْلَكَ ، وَإِنَّ كُلَّ تَاجِرٍ مِنْ وَرَاءِ تِجَارَتِهِ ، وَإِنَّكَ الْيَوْمَ مِنْ وَرَاءِ كُلِّ تِجَارَةٍ فَيُعْطَى الْمُلْكَ بِيَمِينِهِ ، وَالْخُلْدَ بِشِمَالِهِ ، وَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ تَاجُ الْوَقَارِ ، وَيُكْسَى وَالِدَاهُ حُلَّتَيْنِ لاَ يُقَوَّمُ لَهُمَا أَهْلُ الدُّنْيَا فَيَقُولاَنِ : بِمَ كُسِينَا هَذَا ؟ فَيُقَالُ : بِأَخْذِ وَلَدِكُمَا الْقُرْآنَ . ثُمَّ يُقَالُ لَهُ : اقْرَأْ وَاصْعَدْ فِي دَرَجِ الْجَنَّةِ وَغُرَفِهَا ، فَهُوَ فِي صُعُودٍ مَا دَامَ يَقْرَأُ ، هَذًّا كَانَ ، أَوْ تَرْتِيلاً.(5/348).

نماذج لمقولات التشديد على البعث الجسدي في منظومة الفردوس، ومحاولته لمنطقة وفلسفة اعتقاد كتاب العهد الجديد المسيحي القانوني عن القيامة الجسدية

قال أفرام السرياني في النشيد الثامن، ص 136- 142 في الترجمة العربية:

فحسبتُ أنه هناكَ وفكَّرْتُ
أنَّ لا طاقةَ للنفْسِ أنْ تُحِسَّ الفِرْدَوْسَ
وهي مفصولةٌ عن شريكِها، أداتِها وكنَّارتِها
***

بسبب اللصِّ أحاطَ بي مدارُ بحثٍ:
فإنْ كانَتْ النفسُ تَرى وتسمع
وهي مفصولةٌ عن الجسدِ فلِمَ تُحبَسُ فيه؟
وإنْ كانت تحيا من دونِهِ فلِمَ تُقتَلُ فيهِ؟
***

عجُزُ النفْسِ عن أنْ ترى بغيرِ جِسْمٍ
يُبَرْهِنُ عليهِ الجَسَدُ إنْ عَمِيَ
عَمِيَتْ بهِ وخبَطَتْ معه
كلُّ واحدٍ منهما يطلُبُ الآخرَ ويشْهَدُ له:
كما أنَّ الجسدَ يحتاجُ إلى النفْسِ ليحيا بها،
فكذلكَ تحتاجُ إليه لِترَى به وتَسْمَعُ
***

إنْ صَمَّ الجسدُ صَمَّتْ النفسُ معَهُ
أخذَتْها سِنةٌ إنْ أخذَهُ بُحْرانُ مرَضٍ
ولو أنَّ للنفسِ أنْ تكونَ وحدَها
فلا قِوامَ لها بغيرِ شريكِها
فهي أشبهُ بالجنينِ في الحشا
لا نُطقَ لحياتِهِ ولا عقلَ
***

فإنْ كانَتْ وهي في الجسدِ شبيهةً بالجنينِ
لا قِبَلَ [قدرةَ] لها بأنْ تعرِفَ ذاتَها وشريكَها،
فلأنْ تكونَ أضعفَ وقد فارقَتْهُ
ولم يبقَ لها حواسُّ تَصْلُحُ
أنْ تكونَ أدواتٍ لخدمتِها
لأنه _بحواسٍّ شريكِها_ تبدو وتُرَى
***

لا نقصَ يَشُوبُ ذلك المكانَ المبارَكَ
إنه لَمكانٌ قائمٌ على كمالِهِ في جميعِ أرجائِهِ
فلذلك لا تستطيعُ النفسُ وحدَها أنْ تدخلَه
لأنها على نقصٍ منْ كلِّ شيءٍ
من الحواسِّ والمعرفةِ أمَّا في القيامةِ
يكون يومَ يسترجِعُ الجسمُ جميعَ حواسِّهِ، فيدخُلُهُ
***

لما جَبَلَتْ يدُ الخالقِ
الجسدَ، وركَّبَتْهُ ليُرَنِّمَ لصانعِهِ،
لم يكنْ من صوتٍ والكنَّارةُ ساكتةٌ،
وأخيرًا نفَخَ فيها النفْسَ
فرنَّمَتْ فيها وكانَ الصوتُ لأوتارِها
وبالكنَّارة اكتسَبَتْ النفسُ كلامَ الحكمةِ
***

لما بلَغَ آدمُ ذُرْوَةَ كمالِهِ
حينئذٍ أخاه الربُّ ووضعَه في الفردوسِ
لم تستطعُ النفسُ وحدَها أنْ تدخُلَ
بل دخلا معًا طاهرَيْنِ
كاملَيْنِ، ذلك الموضعَ الكاملَ وخرجا معًا مُلَوَّثَيْنِ
ذلكَ يُوَضِّحُ أنهما يدخلانِ معًا يومَ القيامةِ

قارن مع ما أوردته تحت عنوان خلود الروح من الموسوعة اليهودية في بحث (أصول أساطير الإسلام من الهاجادة والأبوكريفا اليهودية) :

بناءً على الاعتقاد بأن للروح حياة خاصة بها بعد الموت، تقوم القصة التالية (التلمود في سنهدرين 91أ، ومدراش اللاوين ربا 4) عندما سأل الامبراطور أنتونيوس الربي يهودا هاناسي : "يمكن لكل من الروح والجسد أن ينكرا مسؤوليتهما عن الذنب، حيث لا أحد منهما أثم بدون الآخر." لكن الربي يهودا رد عليه: "يعيد الرب اتحادهما للدينونة، محملاً إياهما كلهما المسؤولية عن الإثم المرتكب، كالقصة الرمزية عن الأعمى والمقعد الذين عوقبا كلاهما لمساعدتهما بعضهما البعض في سرقة بستان فاكهة."
ارتأى فريق من الربيين وفقاً لتصورهم أن طبيعة الروح عندما تتحرر من الجسد ستظل روحية صرفة بلا جسد، فلا أكل ولا شرب ولا أي لذة جسدية ولا نزاع سيكون في الحياة الأخرى، بل سيجلس الصالحون بتيجانهم على مائدة الرب، يتغذون من بهاء جلاله. الجملة السابقة هي للربي راب Rab في التلمود براكوث 17أ.
يقول الربي Meïr : "عندما يموت المرء، تتقدم ثلاث مجموعات من الملائكة للترحيب به." التكوين ربا 12، وها يمكن أن يشير فقط إلى روح صافية.
بينما اعتقد ربيون آخرون وهم الأغلبية، بوجود وليمة تنتظر الصالحين من لحم لوياثان، وأن الروح تتحد بالجسد، ولا تكون روحاً صرفة فقط، وهو المعتقد الشائع لدى اليهود.
اعتقد بعض الربيين أن فاكهة عصر المسيح (كما جاء في إشعيا وإرميا وأسفار الأنبياء الصغار) يُقصَد بها أن ذلك في العالم الآخر.
التفسير المغالط لنص إشعيا 64: 4 الذي نراه في كورنثوس الأولى 2: 9 من العهد الجديد المسيحي، نراه كذلك في التلمود براكوث 34ب.
رغم ذلك، فالتصور الربيني السائد عن العالم المستقبلي أنه عالم البعث الجسدي، لا الخلود الروحي الصرف.
لقد صار البعث الجسدي عقيدة لليهودية، ذًكِر في المشنة من التلمود (سنهدرين 10: 1) وفي الصلاتين إلوهاي نشمة و شِمونيه إسرِه ("Elohai Neshamah" and "Shemoneh 'Esreh")، وكذلك تعرف المسيحية فقط عالماً مستقبلياً قائماً على البعث الجسدي (معتقد الأجساد الممجدة حسب رسائل بولس، وتذكر القيامة الجسدية في سفر رؤيا يوحنا والأناجيل الأربع ورسائل تلاميذ المسيح_المترجم)
بينما بقي خلود الروح الصرفة فرضية فلسفية، لذا عندما قال الفيلسوف الربي الأندلسي موسى بن ميمون أن العالم المستقبلي روحي صرف، ونفى مشاركة الجسد في ملذاته ("Yad," Teshubah, viii. 2) ، نظراً لمذهبه الفلسفي الأفلاطوني المتشدد الذي أعطاه صبغة دينية، مستشهداً ببراكوث 17أ السالف الذكر، قوبل باعتراض شديد من إبراهيم الـبسكويري Abraham of Posquières الذي أشار في حواشيه النقدية المسماة (هاساجوت راباد) Hassagot Rbad إلى عدة جمل تلمودية (Shab. 114a; Ket. 111a; Sanh. 91b) لا تترك مجالاً للشك لتعريف العالم الآتي (عولم هابا) بأنه البعث الجسدي.

وقارن ما أوردته هناك في موضوع الجنة عن بعض تصورات الربيين اليهود للمتع الحسية في الجنة التي تشمل الطعام والشراب والشباب....إلخ

لؤي عشري 10-10-2018 08:50 PM

ملحق دراسة: نماذج لأحاديث الشيعة الاثناعشرية عن سمات آخر الزمان الأسطوري من انحطاط في الأخلاق من منظور ديني وصفات الدجال والسفياني وقائد جيشه والمهدي

من بحار الأنوار ج 25، نقلًا من المجلسي عن كتب الشيعة الاثناعشرية

2 - قرب الإسناد : هارون ، عن ابن صدقة ، عن جعفر ، عن أبيه عليهما السلام أن النبي صلى الله عليه واله قال : كيف بكم إذا فسد نساؤكم ، وفسق شبانكم ، ولم تأمروا بالمعروف ولم تنهوا عن المنكر ، فقيل له : ويكون ذلك يا رسول الله ؟ قال : نعم وشر من ذلك ؟ كيف بكم إذا أمرتم بالمنكر ، ونهيتم عن المعروف ، قيل يا رسول الله ويكون ذلك ؟ قال : نعم ، وشر من ذلك كيف بكم إذا رأيتم المعروف منكرا والمنكر معروفا .

6 - قرب الإسناد : ابن عيسى ، عن البزنطي ، عن الرضا عليه السلام قال : قدام هذا الامر قتل بيوح قلت : وما البيوح ؟ قال : دائم لا يفتر .
بيان : قال الفيروز آبادي : " البوح " بالضم الاختلاط في الامر وباح ظهر و بسره بوحا وبؤوحا أظهره ، وهو بؤوح بما في صدره ، واستباحهم استأصلهم وسيأتي تفسير آخر للبيوح ( 1 ) .
( 1 ) سيجيء انه اليوم الشديد الحر تحت الرقم 112 .

14 - تفسير علي بن إبراهيم القمي : " سأل سائل بعذاب واقع " قال : سئل أبو جعفر عليه السلام عن معنى هذا ، فقال : نار تخرج من المغرب ، وملك يسوقها من خلفها ، حتى يأتي من جهة دار بني سعد بن همام ، عند مسجدهم ، فلا تدع دارا لبني امية إلا أحرقتها وأهلها ، ولا تدع دارا فيها وتر لآل محمد إلا أحرقتها وذلك المهدي عليه السلام .
بيان : أي من علاماته أو عند ظهوره عليه السلام .

ملاحظة من لؤي عشري: هذه تشبه الأسطورة التي في رؤيا بطرس الأبوكريفية الغير غنوسية، التي تقول بأن نارًا ستحشر العصاة وتسوقهم إلى جهنم، واقتبست أحاديث مذهب السنة من ذلك السفر على نحو قريبٍ، راجع ص 411 و424 من كتابي هذا الذي بين يديك. وأدناه أحاديث أخرى شيعية مشابهة ومقتبسة لبعض أساطير إسخاتولُجِيِ (أخرويات) رؤيا بطرس:

85 - الإرشاد للمفيد : الحسين بن زيد ، عن منذر الجوزي ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : سمعته يقول : يزجر الناس قبل قيام القائم عليه السلام عن معاصيهم بنار تظهر لهم في السماء.

107 - الغيبة للنعماني : ابن عقدة ، عن أحمد بن يوسف ، عن إسماعيل بن مهران ، عن ابن البطائني ، عن أبيه ، ووهيب ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال : بينا الناس وقوفا بعرفات إذ أتاهم راكب على ناقة ذعلبة يخبرهم بموت خليفة ، عند موته فرج آل محمد عليهم السلام ، وفرج الناس جميعا ، وقال عليه السلام : إذا رأيتم علامة في السماء : نارا عظيمة من قبل المشرق تطلع ليال ، فعندها فرج الناس وهي قدام القائم بقليل .

115 - الغيبة للنعماني : محمد بن همام ، عن الفزاري ، عن ابن أبي الخطاب ، عن الحسين ابن علي : عن صالح بن سهل ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام في قوله " سأل سائل بعذاب واقع " فقال تأويلها يأتي عذاب يقع في الثوية يعني نارا حتى ينتهي إلى الكناسة كناسة بني أسد حتى يمر بثقيف لا يدع وترا لآل محمد إلا أحرقته ، وذلك قبل خروج القائم عليه السلام .
الغيبة للنعماني : أحمد بن هوذة ، عن النهاوندي ، عن عبد الله بن حماد ، عن عمروبن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام مثله .

96 - الغيبة للنعماني ابن عقدة ، عن أحمد بن يوسف ، عن ابن مهران ، عن ابن البطائني عن أبيه ، ووهيب ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال : إذا رأيتم نارا من المشرق شبه الهروي ( 2 ) العظيم تطلع ثلاثة أيام أو سبعة فتوقعوا فرج آل محمد عليهم السلام إن شاء الله عز وجل إن الله عزيز حكيم .
ثم قال : الصيحة لا تكون إلا في شهر رمضان شهر الله وهي صيحة جبرئيل إلى هذا الخلق .
ثم قال : ينادي مناد من السماء باسم القائم عليه السلام فيسمع من بالمشرق ومن بالمغرب لا يبقى راقد إلا استيقظ ، ولا قائم إلا قعد ، ولا قاعد إلا قام على رجليه فزعا من ذلك الصوت ، فرحم الله من اعتبر بذلك الصوت فأجاب ، فان الصوت الاول هو صوت جبرئيل الروح الامين .
وقال عليه السلام : الصوت في شهر رمضان في ليلة جمعة ليلة ثلاث وعشرين فلا تشكوا في ذلك واسمعوا وأطيعوا ، وفي آخر النهار صوت إبليس اللعين ينادي ألا إن فلانا قتل مظلوما ليشكك الناس ويفتنهم ، فكم ذلك اليوم من شاك متحير قد هوى في النار ، وإذا سمعتم الصوت في شهر رمضان فلا تشكوا أنه صوت جبرئيل وعلامة ذلك أنه ينادى باسم القائم واسم أبيه حتى تسمعه العذراء في خدرها فتحرض أباها وأخاها على الخروج .
وقال عليه السلام : لابد من هذين الصوتين قبل خروج القائم عليه السلام : صوت من السماء وهو صوت جبرئيل ، وصوت من الارض ، فهو صوت إبليس اللعين ، ينادي باسم فلان أنه قتل مظلوما يريد الفتنة ، فاتبعو ! الصوت الاول وإياكم والاخير أن تفتتنوا به .
وقال عليه السلام لا يقوم القائم إلا على خوف شديد من الناس ، وزلازل ، وفتنة وبلاء يصيب الناس ، وطاعون قبل ذلك ، وسيف قاطع بين العرب ، واختلاف شديد بين الناس ، وتشتيت في دينهم ، وتغيير في حالهم ، حتى يتمنى المتمني ( الموت ) صباحا ومساء ، من عظم ما يرى من كلب الناس ( 1 ) وأكل بعضهم بعضا .
فخروجه عليه السلام إذا خرج يكون عند اليأس والقنوط من أن يروا فرجا ، فيا - طوبى لمن أدركه وكان من أنصاره ، والويل كل الويل لمن ناواه وخالفه ، وخالف أمره ، وكان من أعدائه .
وقال عليه السلام : يقوم بأمر جديد ، وكتاب جديد ، وسنة جديدة وقضاء ( جديد ) على العرب شديد ، وليس شأنه إلا القتل ، لا يستبقي أحدا ، ولا يأخذه في الله لومة لائم .
ثم قال عليه السلام : إذا اختلف بنو فلان فيما بينهم ، فعند ذلك ( فانتظروا ) الفرج وليس فرجكم ( 2 ) إلا في اختلاف ( بني ) فلان ، فاذا اختلفوا فتوقعوا الصيحة في شهر رمضان بخروج القائم ، إن الله يفعل ما يشاء ، ولن يخرج القائم ولا ترون ما تحبون حتى يختلف بنو فلان فيما بينهم ، فاذا كان ذلك طمع الناس فيهم واختلفت الكلمة ، وخرج السفياني وقال : لابد لبني فلان أن يملكوا ، فإذا ملكوا ثم اختلفوا تفرق كلهم ( 3 ) وتشتت أمرهم حتى يخرج عليهم الخراساني والسفياني : هذا من المشرق ، وهذا من المغرب ، يستبقان إلى الكوفة كفرسي رهان : هذا من هنا ، وهذا من هنا حتى يكون هلاك بني فلان على أيديهما ، أما إنهما لا يبقون منهم أحدا .
ثم قال عليه السلام : خروج السفياني واليماني والخراساني في سنة واحدة وفي شهر واحد في يوم واحد ونظام كنظام الخر زيتبع بعضه بعضا فيكون البأس من كل وجه ، ويل لمن ناواهم .
وليس في الرايات أهدى من راية اليماني هي راية هدى لانه يدعو إلى صاحبكم ، فاذا خرج اليماني حرم بيع السلاح على ( الناس و ) كل مسلم وإذا خرج اليماني فانهض إليه ، فإن رأيته راية هدى ، ولا يحل لمسلم أن يلتوي عليه ، فمن فعل فهو من أهل النار ، لانه يدعو إلى الحق وإلى طريق مستقيم .
ثم قال لي : إن ذهاب ملك بني فلان كقصع الفخار ، وكرجل كانت في يده فخارة وهو يمشي إذ سقطت من يده وهو ساه عنها فانكسرت ، فقال حين سقطت : هاه - شبه الفزع ، فذهاب ملكهم هكذا أغفل ما كانوا عن ذهابه .
وقال أمير المؤمنين عليه السلام على منبر الكوفة : إن الله عز وجل ذكره قدر فيما قدر وقضى بأنه كائن لابد منه ، أخذ بني امية بالسيف جهرة وأن أخذ بني فلان بغتة .
وقال عليه السلام : لابد من رحى تطحن ، فاذا قامت على قطبها وثبتت على ساقها البرية والبحرية جزاء بما عملوا وما ربك بظلام للعبيد .

( 1 ) الشعراء : 4 .
( 2 ) كذا في الاصل المطبوع وقد فسره المؤلف على ما يجئ في البيان بالثياب الهروى ، وهو سهو والصحيح ما في المصدر ص 134 " الهردى " ، قال الفيروز آبادى : " والهرد بالضم : الكركم - يعنى الاصفر - ، وطين أحمر ، وعروق يصبغ بها ، والهردى المطبوغ به " .
ونقل عن التكملة أن الهرد بالضم عروق وللعروق صبغ اصفر يصبغ به ، وكيف كان فالتشبيه من حيث الصفرة أوالحمرة ، وهكذا يقال : ثوب مهرود .
أى مصبوغ أصفر بالهرد ومنه ما مر في ج 51 ص 98 ان عيسى ينزل بين مهرودتين .
( 1 ) يقال : دفعت عنك كلب فلان - بالتحريك - أى أذاه وشره .
( 2 ) في الاصل المطبوع : وليس حلم ، وهو تصحيف .
( 3 ) أى جمعهم ، وفى المصدر : ملكهم . ويحتمل أن يكون مصحف " كلمتهم " .
بيان : لعل المراد بالهروي الثياب الهروية ، شبهت بها في عظمها وبياضها قوله " أن فلانا قتل مظلوما " أي عثمان .

20 - ثواب الأعمال : أبي ، عن علي ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله : سيأتي على امتي زمان تخبث فيه سرائرهم ، وتحسن فيه علانيتهم طمعا في الدنيا ، لا يريدون به ما عند لله عز وجل يكون أمرهم رياء لا يخالطه خوف ، يعمهم الله منه بعقاب فيدعونه دعاء الغريق فلا يستجاب لهم .
21 - ثواب الأعمال : بهذا الاسناد قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله : سيأتي زمان على امتي لا يبقى من القرآن إلا رسمه ، ولا من الاسلام إلا اسمه ، يسمون به وهم أبعد الناس منه ، مساجدهم عامرة ، وهي خراب من الهدى ، فقهاء ذلك الزمان شر فقهاء تحت ظل السماء ، منهم خرجت الفتنة وإليهم تعود .

22 - إكمال الدين : ابن المغيرة بإسناده ، عن السكوني ، عن الصادق ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله : ( إن ) الاسلام بدا غريبا وسيعود غريبا كما بدا ، فطوبى للغرباء .
الغيبة للنعماني : ابن عقدة ، عن محمد بن المفضل بن إبراهيم ، عن محمد بن عبد الله بن زرارة عن سعد بن عمر الجلاب ، عن جعفر بن محمد عليهما السلام مثله.

23 - إكمال الدين : المظفر العلوي ، عن ابن العياشي ، عن أبيه ، عن جعفر بن أحمد ، عن العمر كي ، عن ابن فضال ، عن الرضا ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله : إن الاسلام بدا غريبا وسيعود غريبا فطوبى للغرباء.

بيان : قال الجزري فيه إن الاسلام بدا غريبا وسيعود كما بدا فطوبى للغرباء أي إنه كان في أول أمره كالغريب الوحيد الذي لا أهل له عنده لقلة " المسلمين يومئذ وسيعود غريبا كما كان أي يقل المسلمون في آخر الزمان فيصيرون كالغرباء فطوبي للغرباء أي الجنة لاولئك المسلمين الذين كانوا في أول الاسلام ، ويكونون في آخره ، وإنما خصهم بها لصبر هم على أذى الكفار أولا وآخرا ولزومهم دين الاسلام .

24 - إكمال الدين : ابن عصام ، عن الكليني ، عن القاسم بن العلا ، عن إسماعيل بن علي القزويني عن اسماعيل بن على الفزارى، عن عاصم بن حميد ، عن محمد بن مسلم قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : القائم منصور بالرعب مؤيد بالنصر ، تطوى له الارض وتظهر له الكنوز ، ويبلغ سلطانه المشرق والمغرب ، ويظهر الله عز وجل به دينه ولو كره المشركون . فلا يبقي في الارض خراب إلا عمر ، وينزل روح الله عيسى بن مريم عليهما السلام فيصلي خلفه ، فقلت له يا ابن رسول الله متى يخرج قائمكم ؟ قال : إذا تشبه الرجال بالنساء ، والنساء بالرجال ، واكتفى الرجال بالرجال ، والنساء بالنساء وركب ذوات الفروج السروج ، وقبلت شهادات الزور ، وردت شهادات العدل واستخف الناس بالدماء ، وارتكاب الزناء ، وأكل الربا ، واتقي الاشرار مخافة ألسنتهم ، وخرج السفياني من الشام واليماني من اليمن ، وخسف بالبيداء ، وقتل غلام من آل محمد صلى الله عليه واله بين الركن والمقام اسمه محمد بن الحسن النفس الزكية وجاءت صيحة من السماء بأن الحق فيه ، وفي شيعته ، فعند ذلك خروج قائمنا . فاذا خرج أسند ظهره إلى الكعبة ، واجتمع إليه ثلاث مائة وثلاثة عشر رجلا وأول ما ينطق به هذه الآية " بقية الله خير لكم إن كنتم مؤمنين " ثم يقول : أنا بقية الله في أرضه فاذا اجتمع إليه العقد ، وهو عشرة آلاف رجل خرج فلا يبقى في الارض معبود دون الله عز وجل ، من صنم وغيره إلا وقعت فيه نار فاحترق ، وذلك بعد غيبة طويلة ، ليعلم الله من يطيعه بالغيب ويؤمن به .

28 - إكمال الدين : أبي ، عن الحميري ، عن أحمد بن هلال ، عن ابن محبوب عن أبي أيوب والعلا معا ، عن محمد بن مسلم قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : إن لقيام القائم علامات تكون من الله عز وجل للمؤمنين قلت : وما هي جعلني الله فداك ؟ قال : قول الله عز وجل " ولنبلونكم " يعني المؤمنين قبل خروج القائم عليه السلام " بشئ من الخوف والجوع ونقص من الاموال والانفس والثمرات وبشر الصابرين " قال : نبلوهم بشئ من الخوف من ملوك بني فلان في آخر سلطانهم والجوع بغلا أسعارهم " ونقص من الاموال " قال كساد التجارات وقلة الفضل ، ونقص من الانفس : قال موت ذريع ونقص من الثمرات قلة ريع ما يزرع وبشر الصابرين عند ذلك بتعجيل الفرج .
ثم قال لي : يا محمد هذا تأويله إن الله عز وجل يقول " وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم ".

الغيبة للنعماني : محمد بن همام ، عن الحميري ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن محمد بن مسلم مثله .
بيان : الذريع السريع .

11 - تفسير علي بن إبراهيم القمي : في رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى " ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت " ( النبأ: 51) قال : من الصوت ، وذلك الصوت من السماء وقوله : " واخذوا من مكان قريب " قال : من تحت أقدامهم خسف بهم .
بيان : قال البيضاوي " ولو ترى إذ فزعوا " عند الموت أو البعث أو يوم بدر و جواب " لو " محذوف : لرأيت أمرا فظيعا .
" فلا فوت " فلا يفوتون الله بهرب ولا تحصن " واخذوا من مكان قريب " من ظهر الارض إلى بطنها أو من الموقف إلى النار أومن صحراء بدر إلى القليب " وأنى لهم التناوش " ومن أين لهم أن يتناولوا الايمان تناولا سهلا .

أقول : قال صاحب الكشاف : روي عن ابن عباس أنها نزلت في خسف البيداء .
وقال الشيخ أمين الدين الطبرسي - رحمه الله - : قال أبوحمزة الثمالي : سمعت علي بن الحسين والحسن بن علي عليهم السلام يقولون : هو جيش البيداء يؤخذون من تحت أقدامهم .
قال : وحدثني عمرو بن مرة ، وحمران بن أعين أنهما سمعا مهاجرا المكي يقول : سمعت ام سلمة تقول : قال رسول الله صلى الله عليه واله : يعوذ عائذ بالبيت ، فيبعث إليه جيش حتى إذا كانوا بالبيداء بيداء المدينة خسف بهم .

وروي عن حذيفة بن اليمان أن النبي صلى الله عليه واله ذكر فتنة تكون بين أهل المشرق والمغرب ، قال : فبيناهم كذلك يخرج عليهم السفياني من الوادي اليابس في فور ذلك حتى ينزل دمشق فيبعث جيشين جيشا إلى المشرق وآخر إلى المدينة حتى ينزلوا بأرض بابل من المدينة الملعونة ، يعني بغداد ، فيقتلون أكثر من ثلاثة آلاف ، ويفضحون أكثر من مائة امرأة ، ويقتلون ( بها ) ثلاثمائة كبش من بني العباس .
ثم ينحدرون إلى الكوفة فيخربون ما حولها ، ثم يخرجون متوجهين إلى الشام فتخرج راية هدى من الكوفة ، فتلحق ذلك الجيش فيقتلونهم ، لا يفلت منهم مخبر ، ويستنقذون ما في أيديهم من السبي والغنائم ، ويحل الجيش الثاني بالمدينة فينتهبونها ثلاثة أيام بلياليها .
ثم يخرجون متوجهين إلى مكة ، حتى إذا كانوا بالبيداء ، بعث الله جبرئيل، فيقول : يا جبرئيل ! اذهب فأبدهم ، فيضربها برجله ضربة يخسف الله بهم عندها ولا يفلت منها إلا رجلان من جهينة ، فلذلك جاء القول " وعند جهينة الخبر اليقين " ( 1 ) فذلك قوله : " ولو ترى إذ فزعوا " إلى آخرها ، أورده الثعلبي في تفسيره .
وروى أصحابنا في أحاديث المهدي عليه السلام ، عن أبي عبد الله وأبي جعفر عليهما السلام مثله .
" وقالوا " أي ويقولون في ذلك الوقت وهو يوم القيامة ، أو عند رؤية البأس أو عند الخسف ، في حديث السفياني " آمنا به وأنى لهم التناوش " أي ومن أين لهم الانتفاع بهذا الايمان الذي الجئوا إليه ، بين سبحانه أنهم لا ينالون به نفعا كما لا ينال أحد التناوش من مكان بعيد ( 2 ) .

وعلى غرار تصور أسفار التوراة والإنجيل كأشعيا وإرميا ودانيال وحزقيال ومتى ورؤيا يوحنا لكثرة الحروب والصراعات في آخر الزمان، واعتبار آباء الكنيسة هذه الأمور هي والانقسامات والصراعات المذهبية والسلطوية داخل الكنيسة والدين المسيحي علامة على نهاية الزمان، كما رأينا في ترجمتنا لنص من عظة للمتنصرين رقم 15 لكيرلس الأورشليمي، وكما هو في حديث آباء آخرين كإيريناوس وغيره من الآباء، فكذلك قالت الأحاديث الشيعية الاثناعشرية بذلك، وإن احتوت نصوصهم على ما نعتبره بمقاييس متغيرات العصر الحديث وحتى العصور التي قبله اللاحقة على كتابتهم لنصوصهم خطأ وغير موجود، كذكرهم وجود مستقبلي لكيانات تفككت ولم يعد لها وجود كقبيلة وعشيرة بني أمية الأمويين وبني العباس بن عبد المطلب العباسيين وقبائل قديمة تفككت وذابت ككندة وكلب وغطفان وقيس وغيرهن والروم البيزنطيين المسيحيين (مسلمي تركيا اليوم!) ووجود عبيد واستعباد وقتال بالسيوف (وهي ظاهرة نجد مثلها طبعًا في نصوص أهل السنة وكتاب اليهود المقدس أيضًا مع اختلاف النصوص واختلاف الأخرويات أو الإسخاتولوجيات عندهم):

45 - الغيبة للطوسي : قرقارة ، عن نضربن الليث المروزي ، عن ابن طلحة الجحدري قال : حدثنا عبد الله بن لهيعة ، عن أبي زرعة ، عن عبد الله بن رزين ، عن عمار ابن ياسر أنه قال : إن دولة أهل بيت نبيكم في آخر الزمان ، ولها أمارات فاذا رأيتم فالزموا الارض وكفوا حتى تجيئ أماراتها. فاذا استثارت عليكم الروم والترك ، وجهزت الجيوش ومات خليفتكم الذي يجمع الاموال ، واستخلف بعده رجل صحيح ، فيخلع بعد سنين من بيعته ويأتي هلاك ملكهم من حيث بدا ، ويتخالف الترك والروم وتكثر الحروب في الارض .
وينادي مناد عن سور دمشق : ويل لاهل الارض من شر قد اقترب ، ويخسف بغربي مسجدها حتى يخر حائطها ويظهر ثلاثة نفر بالشام كلهم يطلب الملك رجل أبقع ، ورجل أصهب ورجل من أهل بيت أبي سفيان ، يخرج في كلب ، ويحضر الناس بدمشق ، ويخرج أهل الغرب إلى مصر .
فاذا دخلوا فتلك أمارة السفياني ، ويخرج قبل ذلك من يد عو لآل محمد عليهم السلام وتنزل الترك الحيرة ، وتنزل الروم فلسطين ، ويسبق عبد الله حتى يلتقي جنود هما بقرقيسا على النهر ، ويكون قتال عظيم ، ويسير صاحب المغرب فيقتل الرجال ويسبي النساء ثم يرجع في قيس حتى ينزل الجزيرة السفياني فيسبق اليماني ويحوز السفياني ما جمعوا .
ثم يسير إلى الكوفة فيقتل أعوان آل محمد صلى الله عليه واله ويقتل رجلا من مسميهم ثم يخرج المهدي على لوائه شعيب بن صالح فاذا رأى أهل الشام قد اجتمع أمرها على ابن أبي سفيان التحقوا بمكة فعند ذلك ، يقتل النفس الزكية وأخوه بمكة ضيعة ، فينادى مناد من السماء : أيها الناس ! إن أميركم فلان وذلك هو المهدي الذي يملا الارض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا

42 - إكمال الدين : ابن الوليد عن ابن أبان، ، عن الاهوازي ، عن صفوان ، عن عبدالرحمان بن الحجاج ، عن سليمان بن خالد قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : قد ام القائم عليه السلام موتان : موت أحمر وموت أبيض ، حتى يذهب من كل سبعة خمسة فالموت الاحمر السيف ، والموت الابيض الطاعون .

46 - الغيبة للطوسي : جماعة ، عن التعلكبري ، عن أحمد بن علي الرازي ، عن محمد ابن علي ، عن عثمان بن أحمد السماك ، عن إبراهيم بن عبد الله الهاشمي ، عن يحيى بن أبي طالب ، عن علي بن عاصم ، عن عطاء بن السائب ، عن أبيه ، عن عبد الله ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله : لا تقوم الساعة حتى يخرج نحو من ستين كذابا كلهم يقولون أنا نبي .
الإرشاد للمفيد : يحيى بن أبي طالب ، عن علي بن عاصم مثله .

47 - الغيبة للطوسي : الفضل بن شاذان ، عن الوشاء عن أحمد بن عائذ ، عن أبي خديجة قال : قال أبو عبد الله عليه السلام لا يخرج القائم حتى يخرج اثنى عشر من بني هاشم كلهم يدعو إلى نفسه .
الإرشاد للمفيد : الوشاء مثله .

هنا نراهم تصوروا حدوث صراع بين بني هاشم، وهي غالبًا تكنية وإشارة إلى بني العباس الذين لم يعد لهم وجود.

50 - الغيبة للطوسي : الفضل بن شاذان ، عن نصر بن مزاحم ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، قال : ( قلت ) لابي جعفر عليه السلام متى يكون هذا الامر ؟ فقال : أنى يكون ذلك يا جابر ولما تكثر القتلى بين الحيرة والكوفة .
الإرشاد للمفيد : عمرو بن شمر مثله .

راجع غيبة الشيخ ص 286 ، الارشاد ص 339 .

52 - الغيبة للطوسي : الفضل ، عن سيف بن عميرة ، عن بكر بن محمد الازدي ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : خروج الثلاثة الخراساني والسفياني واليماني في سنة واحدة في شهر واحد في يوم واحد ، وليس فيها راية بأهدى من راية اليماني يهدي إلى الحق
الإرشاد للمفيد : ابن عميرة مثله .

55 - الغيبة للطوسي : الفضل ، عن محمد بن علي ، عن سلام بن عبد الله ، عن أبي بصير عن بكر بن حرب ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال ، لا يكون فساد ملك بني فلان حتى يختلف سيفي بني فلان فاذا اختلفوا كان عند ذلك فساد ملكهم .

57 - الإرشاد للمفيد ، الغيبة للطوسي : الفضل ، عن ابن فضال وابن أبي نجران ، عن حماد بن عيسى ، عن إبراهيم بن عمر اليماني ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : لا يذهب ملك هؤلاء حتى يستعرضوا الناس بالكوفة يوم الجمعة وكأني أنظر إلى رؤوس تندر فيما بين المسجد (1) وأصحاب الصابون .
بيان : قوله : " حتى يستعرضوا الناس " أي يقتلوهم بالسيف يقال : عرضتهم على السيف قتلا .
(1) وفي الارشاد ص 340 : فيما بين باب الفيل وأصحاب الصابون *
ونعود لاحاديث بحار الأنوار ج25 و26:

59 - الغيبة للطوسي : الفضل ، عن علي بن أسباط ، عن محمد بن أبي البلاد ، عن علي ابن محمد الاودي ، عن أبيه ، عن جده قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام بين يدي القائم موت أحمر وموت أبيض وجراد في حينه وجراد في غير حينه أحمر كألوان الدم فأما الموت الاحمر فالسيف ، وأما الموت الابيض فالطاعون

60 - الغيبة للطوسي : الفضل ، عن نصر بن مزاحم ، عن أبي لهيعة ، عن أبي زرعة ، عن عبد الله بن رزين ، عن عمار بن ياسر رضي الله عنه أنه قال : دعوة أهل بيت نبيكم في آخر الزمان ، فالزموا الارض وكفوا حتى تروا قادتها ، فإذا خالف الترك الروم ، وكثرت الحروب في الارض ، وينادي مناد على سور دمشق : ويل لازم من شر قد اقترب ، ويخر( ب) حائط مسجدها .

وعلى غرار ما ذكره كيرلس الأورشليمي وإيريناؤس وغيره من آباء الكنيسة أن الخلاف المذهبي لأتباع العقيدة علامة من علامات آخر الزمان الأسطوري، فكذلك قالت روايات الشيعة الاثناعشرية بأن الخلاف بينهم والانشقاق والشقاق علامة على نهاية الزمان:

58 - الغيبة للطوسي : الفضل ، عن عبد الله بن جبلة ، عن أبي عمار ، عن علي بن أبي المغيرة ، عن عبد الله بن شريك العامري ، عن عميرة بنت نفيل قالت : سمعت بنت الحسن بن علي عليه السلام يقول : لا يكون هذا الامر الذي تنتظرون حتى يبرأ بعضكم من بعض ، ويلعن بعضكم بعضا ، ويتفل بعضكم في وجه بعض ، وحتى يشهد بعضكم بالكفر على بعض ، قلت : ما في ذلك خير قال : الخير كله في ذلك عند ذلك يقوم قائمنا فيرفع ذلك كله .

وجاء في كتاب المقنع في الغيبة:

11- وأخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد قال: حدثنا علي بن الحسن التيملي، قال: حدثنا محمد وأحمد ابنا الحسن عن أبيهما، عن ثعلبة بن ميمون، عن أبي - كهمس، عن عمران بن ميثم، عن مالك بن ضمرة قال: قال أميرالمؤمنين(عليه السلام): " يا مالك بن ضمرة كيف أنت إذا اختلفت الشيعة هكذا - وشبك أصابعه وأدخل بعضها في بعض - فقلت: يا أميرالمؤمنين ما عند ذلك من خير، قال: الخير كله عند ذلك، يا مالك عند ذلك يقوم قائمنا فيقدم سبعين رجلا يكذبون على الله وعلى رسوله(صلى الله عليه واله وسلم)، فيقتلهم، ثم يجمعهم الله على أمر واحد ".

8 - وأخبرنا علي بن أحمد، قال: حدثنا عبيد الله بن موسى العلوي العباسى، عن أحمد بن محمد عن الحسن بن علي بن زياد، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي - بصير قال: سمعت أبا جعفر محمد بن علي(عليهما السلام) يقول: " الله لتميزن، والله لتمحصن، والله لتغربلن كما يغربل الزؤان من القمح ".

9 - أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد قال: حدثنا القاسم بن محمد بن الحسن بن حازم، قال: حدثنا عبيس بن هشام، عن عبدالله بن جبلة، عن مسكين الرحال عن علي بن أبي المغيرة، عن عميرة بنت نفيل قالت: سمعت الحسين بن علي(عليهما السلام) يقول: " لا يكون الامر الذي تنتظرونه حتى يبرأ بعضكم من بعض، ويتفل بعضكم في وجوه بعض، ويشهد بعضكم على بعض بالكفر، ويلعن بعضكم بعضا، فقلت له: ما في ذلك الزمان من خير، فقال الحسين(عليه السلام): الخير كله في ذلك الزمان، يقوم قائمنا، ويدفع ذلك كله ".

10 - أخبرنا علي بن أحمد قال: أخبر نا عبيد الله بن موسى العلوي، عن الحسن بن علي، عن عبدالله بن جبله، عن بعض رجاله، عن أبى عبدالله(عليه السلام) أنه قال: " لا يكون ذلك الامر حتى يتفل بعضكم في وجوه بعض، وحتى يلعن بعضكم بعضا، وحتى يسمي بعضكم بعضا كذابين ".

13 - وأخبرنا علي بن أحمد قال: أخبرنا عبيدالله بن موسى، عن رجل، عن العباس بن عامر، عن الربيع بن محمد المسلي - من بني مسلية - عن مهزم بن أبى بردة الاسدي وغيره، عن أبي عبدالله(عليه السلام) أنه قال: " والله لتكسرن تكسر الزجاج، وإن الزجاج ليعاد فيعود [كما كان]، والله لتكسرن تكسر الفخار، فإن الفخار ليتكسر فلا يعود كما كان، [و] والله لتغربلن [و] والله لتميزن [و] والله لتمحصن حتى لا يبقى منكم إلا الاقل، وصعر كفه ".

91 - الغيبة للنعماني : محمد بن همام ، عن حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد بن سماعة عن أحمد بن الحسن ، عن زائدة بن قدامة ، عن عبد الكريم قال : ذكر عند أبي عبد الله عليه السلام القائم فقال : أنى يكون ذلك ولم يستدر الفلك ، حتى يقال مات أوهلك ، في أي واد سلك ، فقلت : وما استدارة الفلك ؟ فقال : اختلاف الشيعة بينهم.

4 - تفسير علي بن إبراهيم القمي : في رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله : " إن الله قادر على أن ينزل آية " (الأنعام: 37) وسيريك في آخر الزمان آيات منها دابة الارض والدجال ، ونزول عيسى بن مريم ، وطلوع الشمس من مغربها .
وعنه عن أبي جعفر عليه السلام في قوله : " قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم " ( 1 ) قال : هو الدجال والصيحة " أو من تحت أرجلكم " وهو الخسف " أو يلبسكم شيعا " وهو اختلاف في الدين ، وطعن بعضكم على بعض " ويذيق بعضكم بأس بعض " وهو أن يقتل بعضكم بعضا وكل هذا في أهل القبلة .

وبعض الوارد في هذا الحديث مطابق لعلامات الساعة الخرافية (اقتراب يوم القيامة) في أحاديث السنة، والدابة والدخان مما ورد في القرآن فتتفق عليهما أحاديث المذهبين، ويتفقان على خرافات المسيح الدجال والمهدي المنتظر ورجوع المسيح عيسى بن مريم.

96 - الغيبة للنعماني ابن عقدة ، عن أحمد بن يوسف ، عن ابن مهران ، عن ابن البطائني عن أبيه ، ووهيب ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال : إذا رأيتم نارا من المشرق شبه الهروي العظيم تطلع ثلاثة أيام أو سبعة فتوقعوا فرج آل محمد عليهم السلام إن شاء الله عز وجل إن الله عزيز حكيم .........، وسيف قاطع بين العرب ، واختلاف شديد بين الناس ، وتشتيت في دينهم ، وتغيير في حالهم ، حتى يتمنى المتمني ( الموت ) صباحا ومساء ، من عظم ما يرى من كلب الناس وأكل بعضهم بعضا.....إلخ

159 - أقول : وروى في كتاب سرور أهل الايمان عن السيد علي بن عبدالحميد باسناده ، عن جابر ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : الزم الارض ولا تحرك يدا ولا رجلا حتى ترى علامات أذكرها لك ، وما أراك تدرك ذلك ، اختلاف بين العباد ، ومناد ينادي من السماء ، وخسف في قرية من قرى الشام بالجابية ، ونزول الترك الجزيرة ونزول الروم الرملة ، واختلاف كثير عند ذلك في كل أرض حتى تخرب الشام ويكون سبب ذلك اجتماع ثلاث رايات فيه : راية الاصهب وراية الابقع وراية السفياني .

قارن مع قول كيرلس الأورشليمي في العظة الـ15 للمتنصرين طالبي التعميد:

7- لكننا نبحث عن علاماتنا الخاصة لمجيئه. نحن الذين ننتسب للكنيسة نبحث عن علامة الكنيسة. يقول المخلص: "وحينئذ يعثر كثيرون ويسلمون بعضهم بعضًا ويبغضون بعضهم بعضًا" (مت 24: 10). إن سمعتم عن أساقفة في خلاف مع أساقفة، وإكليروس ضد إكليروس، وعلمانيين ضد علمانيين حتى الدم، فلا تضطربوا، لأنه سبق وتنبأ بهذا.
ركزوا انتباهكم لا للأحداث ذاتها، بل لحقيقة أنه قد سبق وتنبأ عنها. فحتى لو هلكت أنا نفسي الذي أعلمكم، يجب أن لا تهلكوا أنتم أيضًا معي. أنه من الممكن أن يفوق التلميذ معلمه، والآخر يكون أولاً، إذ أن الرب يقبل حتى أصحاب الساعة الحادية عشرة.
إذا كانت الخيانة قد وجدت بين الرسل، فهل تتعجبون إن وُجد بين الأساقفة كراهية؟!
لكن هذه العلامة لا تخص القادة فقط بل الشعب أيضًا، لأنه يقول "لكثرة الإثم تبرد محبة الكثيرين" (مت 24: 12)
هل يتباهى أحد من الحاضرين بأن لديه صداقة مخلصة مع جاره؟ أليس صحيحاً أنه في كثير من الأحيان، الشفتين تقبل، والطلعة تبتسم، والعيون تبتهج، بينما القلب الخبيث يخطط بمكر مستخدماً كلمات ناعمة؟

والحديث التالي مطابق تقريبًا لما عند مذهب السنة عن خرافات كوارث الزمن الأخير، عن تحطيم بعض الحبشة للكعبة (وهو تصور عجيب مستمد من تراث خرافة سورة الفيل وجيش الحبشة، ومن مقولة أن جند الحجاج الثقفي الذين رموا مكة والكعبة التي اعتصم بها عبد الله بن الزبير بالمنجنيق، وإلا فإثيوبيا حوالي نصها اليوم مسلمون وهي دولة مسالمة):

70 - الغيبة للطوسي : الفضل ، عن أحمد بن عمربن سالم ، عن يحيى بن علي ، عن الربيع ، عن أبي لبيد قال : تغير الحبشة البيت ، فيكسرونه ، ويؤخذ الحجر فينصب في مسجد الكوفة .

72 - الغيبة للطوسي : الفضل ، عن إسماعيل بن مهران ، عن عثمان بن جبلة ، عن عمر بن أبان الكلبي ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : كأني بالسفياني أو بصاحب السفياني قد طرح رحله في رحبتكم بالكوفة ، فنادى مناديه من جاء برأس شيعة علي فله الف درهم ، فيثب الجار على جاره ، ويقول : هذا منهم ، فيضرب عنقه ويأخذ ألف درهم. أما إن إمارتكم يومئذ لا يكون إلا لاولاد البغايا وكأني أنظر إلى صاحب البرقع ، قلت : ومن صاحب البرقع ؟ فقال : رجل منكم يقول بقولكم يلبس البرقع فيحوشكم ( 1 ) فيعرفكم ولا تعرفونه ، فيغمز بكم رجلا رجلا أما إنه لا يكون إلا ابن بغي .

( 1 ) قال الفيروز آبادى : حاش الصيد : جاءه من حواليه ليصرفه إلى الحبالة و قال في الاقرب : غمز بالرجل وعليه : سعى به شرا وطعن عليه وأهل المغرب يقولون غمز فلان بفلان اذا كسر جفنه نحوه ليغريه به أوليلتجئ اليه أوليستعين به ، هذا والحديث في المصدر ص 288 .

73 - الغيبة للطوسي : جماعة ، عن أبي المفضل الشيباني ، عن أبي نعيم نصربن عصام ابن المغيرة العمري ، عن أبي يوسف يعقوب بن نعيم بن عمرو قرقارة الكاتب ، عن أحمد ابن محمد الاسدي ، عن محمد بن أحمد ، عن إسماعيل بن عباس ، عن مهاجربن حكيم عن معاوية بن سعيد ، عن أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام قال : قال لي علي بن أبي طالب : إذا اختلف رمحان بالشام فهو آية من آيات الله تعالى. قيل: ثم مه ؟ قال : ثم رجفة تكون بالشام ، تهلك فيها مائة ألف يجعلها الله رحمة للمؤمنين وعذابا على الكافرين فاذا كان ذلك فانظروا إلى أصحاب البراذين الشهب ( 1 ) والرايات الصفر ، تقبل من المغرب حتى تحل بالشام فاذا كان ذلك فانتظروا خسفا بقرية من قرى الشام ، يقال لها : خرشنا ، فاذا كان ذلك فانتظروا ابن آكلة الاكباد بوادي اليابس .

( 1 ) البرذون ضرب من الدواب ، دون الخيل وأقدر من الحمر ، يقع على الذكر والانثى ، وربما قيل في الانثى البرذونة والجمع براذين .

ومن مرويات بحار الأنوار ج25 و26:

80 - كشف اليقين : وجدت بخط المحدث الاخباري محمد بن المشهدي باسناده عن محمد بن القاسم ، عن أحمد بن محمد ، عن مشايخه ، عن سليمان الاعمش ، عن جابر بن عبد الله الانصاري قال : حدثني أنس بن مالك وكان خادم رسول الله صلى الله عليه واله قال : لما رجع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام من قتال أهل النهروان نزل براثا وكان بها راهب في قلايته وكان اسمه الحباب ، فلما سمع الراهب الصيحة والعسكر أشرف من قلايته إلى الارض فنظر إلى عسكر أمير المؤمنين عليه السلام فاستفظع ذلك ، ونزل مبادرا فقال : من هذا ؟ ومن رئيس هذا العسكر ؟ فقيل له : هذا أمير المؤمنين وقد رجع من قتال أهل النهروان .
فجاء الحباب مبادرا يتخطى الناس حتى وقف على أمير المؤمنين عليه السلام فقال : السلام عليك يا أمير المؤمنين حقا حقا فقال له : وما علمك بأني أمير المؤمنين حقا حقا ؟ قال له : بذلك أخبرنا علماؤنا وأحبارنا ، فقال له : يا حباب ! فقال له الراهب : وما علمك باسمي ؟ فقال : أعلمني بذلك حبيبي رسول الله صلى الله عليه واله فقال له الحباب : مد يدك فأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأنك علي بن أبي طالب وصيه .
فقال له أمير المؤمنين عليه السلام : وأين تأوي ؟ فقال : أكون في قلاية لي ههنا فقال له أمير المؤمنين عليه السلام : بعد يومك هذا لا تسكن فيها ، ولكن ابن ههنا مسجدا وسمه باسم بانيه ، فبناه رجل اسمه براثا فسمى المسجد ببراثا باسم الباني له .
ثم قال : ومن أين تشرب ياحباب ! فقال : يا أمير المؤمنين من دجلة ههنا قال : فلم لا تحفر ههنا عينا أو بئرا ، فقال له : يا أمير المؤمنين كلما حفرنا بئرا وجدناها مالحة غير عذبة ، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام : احفر ههنا بئرا فحفر فخرجت عليهم صخرة لم يستطيعوا قلعها ، فقلعها أمير المؤمنين عليه السلام فانقلعت عن عين أحلى من الشهد وألذ من الزبد .
فقال له يا حباب : يكون شربك من هذه العين أما إنه ياحباب ستبنى إلى جنب مسجدك هذا مدينة وتكثر الجبابرة فيها وتعظم البلاء حتى أنه ليركب فيها كل ليلة جمعة سبعون ألف فرج حرام ، فإذا عظم بلاؤهم شدوا على مسجدك بفطوة ثم - وابنه بنين ثم وابنه لا يهدمه إلا كافر ثم بيتا - فإذا فعلوا ذلك منعوا الحج ثلاث سنين واحترقت خضرهم وسلط الله عليهم رجلا من أهل السفح لا يدخل بلدا إلا أهلكه وأهلك أهله ثم ليعد عليهم مرة اخرى ثم يأخذهم القحط والغلا ثلاث سنين حتى يبلغ بهم الجهد ثم يعود عليهم. ثم يدخل البصرة فلا يدع فيها قائمة إلا سخطها ، وأهلكها ، وأسخط أهلها ، وذلك إذا عمرت الخربة وبني فيها مسجد جامع ، فعند ذلك يكون هلاك البصرة ، ثم يدخل مدينة بناها الحجاج يقال لها واسط ، فيفعل مثل ذلك ثم يتوجه نحو بغداد ، فيدخلها عفوا ثم يلتجئ الناس إلى الكوفة ، ولا يكون بلد من الكوفة تشوش ( 1 ) الامر له ثم يخرج هو والذي أدخله بغداد نحو قبري لينبشه فيتلقاهما السفياني فيهزمهما ثم يقتلهما ويوجه جيشا نحو الكوفة ، فيستعبد بعض أهلها ، ويجئ رجل من أهل الكوفة فيلجئهم إلى سور فمن لجأ إليها أمن ، ويدخل جيش السفياني إلى الكوفة فلا يدعون أحدا إلا قتلوه وإن الرجل منهم ليمر بالدرة المطروحة العظيمة فلا يتعرض لها ويرى الصبي الصغير فيلحقه فيقتله .
فعند ذلك يا حباب يتوقع بعدها ، هيهات هيهات وامور عظام وفتن كقطع الليل المظلم فاحفظ عني ما أقول لك ياحباب .

بيان : قال الفيروز آبادي : القلى رؤوس الجبال ، والفطوا السوق الشديد .
اعلم أن النسخة كانت سقيمة فأوردت الخبر كما وجدته .

الرواية السابقة مثال للتخليط وذكر أقوام لم يعد لها وجود. ومثلها الكثير مما قبلها وبعدها. وتفترض هذه الروايات المحكية قبل انهيار الدولة العباسية أن السفياني القادم في المستقبل سيقتل بني العباس الحكام، أعداء الشيعة والأمويين على السواء، قبل أن يحارب المهدي المنتظر (القائم، الإمام الثاني عشر المنتظر) قائد الشيعة (الاثناعشرية) حسب اعتقادهم، وهذا كله خطأ تاريخيًّا فالعباسيون انتهت دولتهم بالاضمحلال وتولي الأيوبيين والممالك السلطة وانتزاعها منهم بعدما صار مقرها في مصر بدلًا من بغداد.

139 - الغيبة للنعماني : علي بن أحمد ، عن عبيدالله بن موسى ، عن محمد بن موسى ، عن أحمد بن أبي أحمد ، عن محمد بن علي القريشي ، عن الحسن بن إبراهيم قال : قلت للرضا عليه السلام : أصلحك الله إنهم يتحدثون أن السفياني يقوم وقد ذهب سلطان بني العباس ؟ فقال : كذبوا إنه ليقوم وإن سلطانهم لقائم .

87 - تفسير العياشي : عن جابر الجعفي ، عن أبي جعفر عليه السلام يقول : الزم الارض لا تحركن يدك ولا رجلك أبدا حتى ترى علامات أذكرها لك في سنة ، وترى مناديا ينادي بدمشق ، وخسف بقرية من قراها ، ويسقط طائفة من مسجدها فإذا رأيت الترك جازوها ، فأقبلت الترك حتى نزلت الجزيرة ، وأقبلت الروم حتى نزلت الرملة ، وهي سنة اختلاف في كل أرض من أرض العرب. وإن أهل الشام يختلفون عند ذلك على ثلاث رايات : الاصهب والابقع و السفياني مع بني ذنب الحمار مضر ، ومع السفياني أخواله من كلب فيظهر السفياني ومن معه على بني ذنب الحمار ، حتى يقتلوا قتلا لم يقتله شئ قط. ويحضر رجل بدمشق فيقتل هو ومن معه قتلا لم يقتله شئ قط وهو من بني ذنب الحمار وهي الآية التي يقول الله تبارك وتعالى : " فاختلف الاحزاب من بينهم فويل للذين كفروا من مشهد يوم عظيم "

92 - الغيبة للنعماني : ابن عقدة ، عن حميد بن زياد ، عن علي بن الصباح ، عن أبي علي الحسن بن محمد ( 2 ) عن جعفر بن محمد ، عن إبراهيم بن عبدالحميد ، عن ابن طريف عن ابن نباته ، عن علي عليه السلام أنه قال : يأتيكم بعد الخمسين والمائة امراء كفرة وامناء خونة ، وعرفاء فسقة ، فتكثر التجار وتقل الارباح ، ويفشو الربا ، وتكثر أولاد الزناء ( وتعمر السباخ ) ( 3 ) ، وتتناكر المعارف ، وتعظم الاهلة ( 4 ) وتكتفي النساء بالنساء ، والرجال بالرجال .
فحدث رجل عن علي بن أبي طالب عليه السلام أنه قام إليه رجل حين يحدث بهذا الحديث فقال له : يا أمير المؤمنين وكيف نصنع في ذلك الزمان ؟ فقال : الهرب الهرب وإنه لا يزال عدل الله مبسوطا على هذه الامة مالم يمل قراؤهم إلى امرائهم ومالم يزل أبرارهم ينهى فجارهم ، فإن لم يفعلوا ثم استنفروا فقالوا : لا إله إلا الله قال الله في عرشه : كذبتم لستم بها صادقين .

( 2 ) الحسن بن محمد الحضرمى ابن اخت أبى مالك الحضرمى روى عنه النعمانى بهذا السند ص 127 وكناه بأبى على وهكذا ص 93 وص 164 كما سيجئ تحت الرقم 146 وأما في ص 171 " أبوالحسن على بن محمد الحضرمى " وفى ص 131 وهو هذا الحديث " أبوعلى بن الحسن ( الحسين ) بن محمد الحضرمى فهو تصحيف كما أن نسخة المصنف كانت مصحفة ولذلك تراه في ص 162 من طبعة الكمبانى " عن على بن الحسين بن محمد " .
فراجع وتحرر .
( 3 ) راجع المصدر ص 131 .
( 4 ) اما جمع هلال ومن معانيها الغلام الجميل ، أو كفاعلة : الدار بها أهلها ، فتحرر .

82 - الإرشاد للمفيد : قد جاءت الآثار بذكر علامات لزمان قيام القائم المهدي عليه السلام وحوادث تكون أمام قيامه وآيات ودلالات فمنها خروج السفياني ، وقتل الحسني و اختلاف بني العباس في الملك الدنياوي ، وكسوف الشمس في النصف من شهر رمضان ، وخسوف القمر في آخره على خلاف العادات ، وخسف بالبيداء ، وخسف بالمغرب ، وخسف بالمشرق ، وركود الشمس من عند الزوال إلى أوسط أوقات العصر وطلوعها من المغرب ، وقتل نفس زكية بظهر الكوفة في سبعين من الصالحين ، وذبح رجل هاشمي بين الركن والمقام ، وهدم حائط مسجد الكوفة ، وإقبال رايات سود من قبل خراسان ، وخروج اليماني ، وظهور المغربي بمصر وتملكه الشامات ، و نزول الترك الجزيرة ، ونزول الروم الرملة . وطلوع نجم بالمشرق يضيئ كما يضيئ القمر ثم ينعطف حتى يكاد يلتقي طرفاه ، وحمرة يظهر في السماء وينشر في آفاقها ، ونار تظهر بالمشرق طويلا وتبقى في الجو ثلاثة أيام أو سبعة أيام ، وخلع العرب أعنتها وتملكها البلاد ، وخروجها عن سلطان العجم ، وقتل أهل مصر أمير هم ، وخراب الشام ، واختلاف ثلاث رايات فيه ، ودخول رايات قيس والعرب إلى مصر ، ورايات كندة إلى خراسان ، وورود خيل من قبل العرب حتى تربط بفناء الحيرة ، وإقبال رايات سود من المشرق نحوها ، وبثق في الفرات حتى يدخل الماء أزقة الكوفة . وخروج ستين كذابا كلهم يدعي النبوة ، وخروج اثنا عشرمن آل أبي طالب كلهم يدعي الامامة لنفسه ، وإحراق رجل عظيم القدر من شيعة بني العباس بين جلولاء وخانقين ، وعقد الجسر مما يلي الكرخ بمدينة السلام ، وارتفاع ريح سوداء بها في أول النهار ، وزلزلة ، حتى ينخسف كثير منها ، وخوف يشمل أهل العراق وبغداد وموت ذريع فيه ونقص من الاموال والانفس والثمرات .
وجراد يظهر في أوانه وفي غير أوانه ، حتى يأتي على الزرع والغلات وقلة ريع لما يزرعه الناس ، واختلاف صنفين من العجم وسفك دماء كثيرة فيما بينهم وخروج العبيد عن طاعات ساداتهم وقتلهم مواليهم ، ومسخ لقوم من أهل البدع حتى يصيروا قردة وخنازير ، وغلبة العبيد على بلاد السادات ، ونداء من السماء حتى يسمعه أهل الارض كل أهل لغة بلغتهم ، ووجه وصدر يظهران للناس في عين الشمس وأموات ينشرون من القبور حتى يرجعواإلى الدنيا فيتعارفون فيها ويتزاورون. ثم يختم ذلك بأربع وعشرين مطرة يتصل فتحيى به الارض بعد موتها و تعرف بركاتها ، ويزول بعد ذلك كل عاهة عن معتقدي الحق من شيعة المهدي عليه السلام ، فيعرفون عند ذلك ظهوره بمكة فيتوجهون نحوه لنصرته كما جاءت بذلك الاخبار .
ومن جملة هذه الاحداث محتومة ، ومنها مشروطة ، والله أعلم بما يكون وإنما ذكرناها على حسب ما ثبت في الاصول ، وتضمنها الاثر المنقول ، وبالله نستعين

137 - الغيبة للنعماني : محمد بن همام ، عن الفزاري ، عن الحسن بن علي بن يسار عن الخليل بن راشد ، عن البطائني قال : رافقت أبا الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام من مكة إلى المدينة ، فقال يوما لي : لو أن أهل السماوات والارض خرجوا على بني العباس لسقيت الارض دماء هم حتى يخرج السفياني قلت له : ياسيدي أمره من المحتوم ؟ قال من المحتوم ثم أطرق ثم رفع رأسه وقال : ملك بني العباس مكر وخدع يذهب حتى لم يبق منه شئ ويتجدد حتى يقال : مامر به شئ .

138 - الغيبة للنعماني : محمد بن همام ، عن محمد بن ( أحمد بن ) عبد الله الخالنجي ، عن داود بن أبي القاسم قال : كنا عند أبي جعفر محمد بن علي الرضا عليهما السلام فجرى ذكر السفياني وما جاء في الرواية من أن أمره من المحتوم ، فقلت لابي جعفر عليه السلام : هل يبدو لله في المحتوم ؟ قال : نعم ، قلنا له : فنخاف ( 2 ) أن يبدو لله في القائم قال :القائم من الميعاد .
بيان : لعل للمحتوم معان يمكن البداء في بعضها وقوله " من الميعاد " إشارة إلى أنه لا يمكن البداء فيه لقوله تعالى : " إن الله لا يخلف الميعاد " ( 1 ) .
والحاصل أن هذا شئ وعد الله رسوله وأهل بيته ، لصبرهم على المكاره التي وصلت إليهم من المخالفين ، والله لا يخلف وعده .
ثم إنه يحتمل أن يكون المراد بالبداء في المحتوم البداء في خصوصياته لا في أصل وقوعه كخروج السفياني قبل ذهاب بني العباس ونحو ذلك .

105 - الغيبة للنعماني : ابن عقدة ، عن محمد بن المفضل ، وسعدان بن إسحاق ، وأحمد ابن الحسين بن عبدالملك ، ومحمد بن أحمد جميعا ، عن ابن محبوب ، قال ، وقال الكليني : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، ومحمد بن يحيى ، عن ابن عيسى ، وعلي بن محمد وغيره ، عن سهل جميعا ، عن ابن محبوب قال : وحدثنا عبدالواحد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن أبي ياسر ، عن أحمد بن هليل ، عن عمروبن أبي المقدام ، عن جابر قال : قال أبو جعفر عليه السلام : يا جابر الزم الارض ولا تحرك يدا ولا رجلا حتى ترى علامات أذكرها لك إن أدركتها .
أولها اختلاف بني العباس ، وما أراك تدرك ذلك ، ولكن حدث به ( من ) بعدي عني ، ومناد ينادي من السماء ويجيئكم الصوت من ناحية دمشق بالفتح ، وتخسف قرية من قرى الشام تسمى الجابية ، وتسقط طائفة من مسجد دمشق الايمن ، ومارقة تمرق من ناحية الترك ، ويعقبها هرج الروم ، وسيقبل إخوان الترك حتى ينزلوا الجزيرة ، وستقبل مارقة الروم حتى ينزلوا الرملة ، فتلك السنة يا جابر اختلاف كثير في كل أرض من ناحية المغرب .
فأول أرض المغرب ( 1 ) أرض الشام يختلفون عند ذلك على ثلاث رايات : راية الاصهب ، وراية الابقع ، وراية السفياني ، فيلتقي السفياني بالابقع فيقتتلون و يقتله السفياني ومن معه ويقتل الاصهب ، ثم لا يكون له همة إلا الاقبال نحو العراق ويمر جيشه بقرقيسا ، فيقتتلون بها فيقتل من الجبارين مائة ألف ، ويبعث السفياني جيشا إلى الكوفة ، وعدتهم سبعون ألفا ، فيصيبون من أهل الكوفة قتلا وصلبا وسبيا .
فبيناهم كذلك إذ أقبلت رايات من قبل خراسان ، تطوي المنازل طيا حثيثا ومعهم نفر من أصحاب القائم ، ثم يخرج رجل من موالي أهل الكوفة في ضعفاء فيقتله أمير جيش السفياني بين الحيرة والكوفة ، ويبعث السفياني بعثا إلى المدينة فينفرا لمهدي منها إلى مكة ، فيبلغ أمير جيش السفياني أن المهدي قد خرج إلى مكة ، فيبعث جيشا على أثره فلا يدركه حتى يدخل مكة خائفا يترقب على سنة موسى بن عمران .
قال : وينزل أمير جيش السفياني البيداء فينادي مناد من السماء : يابيداء أبيدي القوم فيخسف بهم فلا يفلت منهم إلا ثلاثة نفر ، يحول الله وجوههم إلى أقفيتهم وهم من كلب وفيهم نزلت هذه الآية " ياأيها الذين اوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها " الآية ( 1 ) .
قال : والقائم يومئذ بمكة ، وقد أسند ظهره إلى البيت الحرام ، مستجيرا به ينادي يا أيهاالناس إنا نستنصرالله ومن أجابنا من الناس ، وإنا أهل بيت نبيكم محمد ونحن أولى الناس بالله وبمحمد صلى الله عليه واله .
فمن حاجني في آدم فأنا أولى الناس بآدم ، ومن حاجني في نوح فأنا أولى الناس بنوح ، ومن حاجني في إبراهيم فأنا أولى الناس بابراهيم ، ومن حاجني في محمد صلى الله عليه وآله فأنا أولى الناس بمحمد ، ومن حاجني في النبيين فأنا أولى الناس بالنبيين ، أليس الله يقول في محكم كتابه " إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم ( 2 ) .
فأنا بقية من آدم ، وذخيرة من نوح ، ومصطفى من إبراهيم ، وصفوة من محمد صلى الله عليه واله ، ألا ومن حاجني في كتاب الله فأنا أولى الناس بكتاب الله ، ألا ومن حاجني في سنة رسول الله صلى الله عليه واله ، فأنا أولى الناس بسنة رسول الله ، فأنشد الله من سمع كلامي اليوم لما بلغ الشاهد منكم الغائب .
وأسألكم بحق الله ورسوله وبحقي - فان لي عليكم حق القربى من رسول الله - إلا أعنتمونا ، ومنعتمونا ممن يظلمنا ، فقد اخفنا وظلمنا وطردنا من ديارنا وأبنائنا وبغي علينا ، دفعنا عن حقنا فأوتر ( 1 ) أهل الباطل علينا .
فالله الله فينا لا تخذلونا وانصرونا ينصركم الله .
قال : فيجمع الله عليه أصحابه ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا ، ويجمعهم الله على غير ميعاد ، قزعا كقزع الخريف ( وهي ) يا جابر الآية التي ذكرها الله في كتابه " أينما تكونوا يأت بكم الله جميعا إن الله على كل شئ قدير " ( 2 ) .
فيبايعونه بين الركن والمقام ، ومعه عهد من رسول الله صلى الله عليه واله قد توارثته الابناء عن الآباء ، والقائم رجل من ولد الحسين يصلح الله له أمره في ليلة فمأ اشكل على الناس من ذلك يا جابر ، فلا يشكل عليهم ولادته من رسول الله ، ووراثته العلماء عالما بعد عالم ، فان أشكل هذا كله عليهم فان الصوت من السماء لا يشكل عليهم إذا نودي باسمه واسم أبيه وامه .
الاختصاص:عمرو بن أبي المقدام مثله .

113 - الغيبة للنعماني : محمد بن همام ، عن الفزاري ، عن معاوية بن جابر ، عن البزنطي قال : سمعت الرضا عليه السلام يقول : قبل هذا الامر بئوح فلم أدرما البئوح فحججت فسمعت أعرابيا يقول : هذا يوم بئوح فقلت له : ما البئوح ؟ فقال : الشديد الحر .

114 - الغيبة للنعماني البطائني ( 3 ) عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال علامة خروج المهدي كسوف الشمس في شهر رمضان ليلة ثلاث عشرة وأربع عشرة منه .

115 - الغيبة للنعماني : محمد بن همام ، عن الفزاري ، عن ابن أبي الخطاب ، عن الحسين ابن علي : عن صالح بن سهل ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام في قوله " سأل سائل بعذاب واقع " ( 1 ) فقال تأويلها يأتي عذاب يقع في الثوية يعني نارا حتى ينتهي إلى الكناسة كناسة بني أسد حتى يمر بثقيف لا يدع وترا لآل محمد إلا أحرقته ، وذلك قبل خروج القائم عليه السلام .
الغيبة للنعماني : أحمد بن هوذة ، عن النهاوندي ، عن عبد الله بن حماد ، عن عمروبن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام مثله .

118 - الغيبة للنعماني : ابن عقدة ، عن علي ، عن الحسن ومحمد ابنا علي بن يوسف عن أبيهما ، عن أحمد بن عمر الحلبي ، عن صالح بن أبي الاسود ، عن أبي الجارود قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : إذا ظهرت بيعة الصبي قام كل ذي صيصية بصيصيته .

124 - الغيبة للنعماني : ابن عقدة ، عن علي بن الحسن التيملي ، عن محمد بن عمر بن يزيد ومحمد بن الوليد بن خالد جميعا ، عن حماد بن عثمان ، عن عبد الله بن سنان ، عن محمد بن إبراهيم بن أبي البلاد ، عن أبيه ، عن ابن نباتة ، قال : سمعت عليا عليه السلام ( 1 ) يقول : إن بين يدي القائم سنين خداعة ، يكذب فيها الصادق ويصدق فيها الكاذب ويقرب فيها الماحل ( وفي حديث ) وينطق فيها ( 2 ) الرويبضة .
قلت : وما الرويبضة وما الماحل ؟ قال : أما تقرؤن القرآن قوله " وهو شديد المحال " ( 3 ) قال : ( يريد المكر ) فقلت : وما الماحل ؟ قال : يريد المكار .
بيان : لعل في الخبر سقطا ( 4 ) وقال الجزري : في حديث أشراط الساعة وأن ينطق الرويبضة في أمر العامة ، قيل : وما الرويبضة يا رسول الله ؟ فقال : الرجل التافه ينطق في أمر العامة ، الرويبضة تصغير الرابضة وهو العاجز الذي ربض عن معالي الامور ، وقعد عن طلبها ، وزيادة التاء للمبالغة ( 1 ) و " التافه " الخسيس الحقير .

( 1 ) في الاصل المطبوع " قال : قال على عليه السلام يقول " وهو تصحيف راجع المصدر ص 148 .
( 2 ) في الاصل المطبوع يتعلق بدل ينطق وهو تصحيف .
( 3 ) الرعد : 14 .
( 4 ) يعنى تفسير " الرويبضة " حيث سأل الراوى ما الرويبضة ؟ وما الماحل ؟ .
فنقل في الحديث تفسير الماحل ولم ينقل تفسيرالرويبضة .

بعض ألفاظ الحديث وردت ورويت في كتب أهل السنة.

127 - الغيبة للنعماني : علي بن أحمد ، عن عبيدالله بن موسى ، عن عبدالرحمن بن القاسم ، عن محمد بن عمر بن يونس ( عن إبراهيم بن هراسة ، عن أبيه ) ، عن علي بن الحزور ( 3 ) ، عن محمد بن بشير ، قال : سمعت محمد بن الحنفية رحمه الله يقول : إن قبل راياتنا راية لآل جعفر ، واخرى لآل مرداس ، فأما راية آل جعفر فليست بشئ ولا إلى شئ ، فغضبت وكنت أقرب الناس إليه ، فقلت : جعلت فداك إن قبل راياتكم ( رايات ) ؟ قال : إي والله إن لبني مرداس ملكا موطدا لا يعرفون في سلطانهم شيئامن الخير سلطانهم عسر ليس فيه يسر ، يدنون فيه البعيد ، ويقصون فيه القريب حتى إذا أمنوا مكرالله وعقابه ، صيح بهم صيحة لم يبق لهم ( راع يجمعهم و ) مناد يسمعهم ولا جماعة يجتمعون إليها وقد ضربهم الله مثلا في كتابه : " حتى إذا أخذت الارض زخرفها وازينت " الآية ( 1 ) ثم حلف محمد بن الحنفية بالله أن هذه الآية نزلت فيهم .
فقلت : جعلت فداك لقد حدثتني عن هؤلاء بأمرعظيم ، فمتى يهلكون ؟ فقال : ويحك يا محمد إن الله خالف علمه وقت الموقتين ، وإن موسى عليه السلام وعد قومه ( ثلاثين يوما ) وكان في علم الله عز وجل زيادة عشرة أيام لم يخربها موسى فكفر قومه ، واتخذوا العجل من بعده لما جاز عنهم الوقت .
وإن يونس وعد قومه العذاب ، وكان في علم الله أن يعفو عنهم ، وكان من أمره ما قد علمت ولكن إذا رأيت الحاجة قد ظهرت ، وقال الرجل : بت الليلة بغير عشاء وحتى ( يلقاك الرجل بوجه ثم ) يلقاك بوجه آخر .
قلت : هذه الحاجة قد عرفتها والاخرى أي شي ء هي ؟ قال : يلقاك بوجه طلق ، فاذا جئت تستقرضه قرضا لقيك بغير ذلك الوجه ، فعند ذلك تقع الصيحة من قريب .

( 2 ) بيان : بنو مرداس كناية عن بني العباس إذ كان في الصحابة رجل كان يقال له عباس بن مرداس .

129 - الغيبة للنعماني : علي بن الحسين المسعودي ، عن محمد العطار ، عن محمد بن الحسن الرازي ، عن محمد بن علي الكوفي ، عن عبدالرحمن بن أبي حماد ، عن يعقوب بن عبد الله الاشعري ، عن عتيبة بن سعد ( ان ) بن يزيد ، عن الاحنف بن قيس قال : دخلت على علي عليه السلام في حاجة لي فجاء ابن الكوا وشبث بن ربعي فاستاذنا عليه ، فقال لي علي عليه السلام : إن شئت أن آذن لهما فانك أنت بدأت بالحاجة ؟ قال : فقلت : يا أمير المؤمنين فائذن لهما .
فدخلا فقال : ما حملكما على أن خرجتما علي بحرورا ؟ قالا : أحببنا أن تكون من الغضب ، فقال : ويحكما وهل في ولايتي غضب ؟ أويكون الغضب حتى يكون من البلاء كذا وكذا ( 1 ) .
( 1 ) رواه النعمانى وكذا ما قبله في باب ما جاء في ذكر جيش الغضب ص 168 وبعده : ثم يجتمعون قزعا كقزع الخريف من القبائل ما بين الواحد والاثنين - إلى - العشرة .

144 - الغيبة للنعماني : علي بن أحمد ، عن عبيدالله بن موسى ، عن محمد بن موسى عن أحمد بن أبي أحمد ، عن إسماعيل بن عياش ، عن مهاجر بن حليم ، عن المغيرة ابن سعد ، عن أبي جعفر الباقر عليه السلام ( أنه قال ) إذا اختلف رمحان بالشام لم تنجل ( 1 ) إلا عن آية من آيات الله ، قيل : وما هي يا أمير المؤمنين قال : رجفة تكون بالشام يهلك فيها أكثر من مائة ألف ، يجعله الله رحمة للمؤمنين ، وعذابا على الكافرين فإذا كان كذلك فانظروا إلى أصحاب البراذين الشهب المخذوفة والرايات الصفر تقبل من المغرب ، حتى تحل بالشام ، وذلك عند الجزع الاكبر ، والموت الاحمر .
فاذا كان ذلك فانظروا خسف قرية من قرى دمشق يقال لها حرشا ( 2 ) ، فاذا كان ذلك خرج ابن آكلة الاكباد من الوادي حتى يستوي على منبر دمشق فاذا كان ذلك فانتظروا خروج المهدي .

توضيح: لعل المراد بالمحذوفة مقطوعة الآذان أو الاذناب أو قصيرتهما .
( 1 ) ضبطه في الاصل المطبوع بجزم اللام من النجل يقال نجل فلانا بالرمح : طعنه به ، ويحتمل أن يكون من الانجلاء وهو الانكشاف فليقرء بكسر اللام .
( 2 ) في المصدر ص 164 : " مرمرسا " وخريشا " خ ل .

147– الكافي: في الروضة - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن بعض أصحابه، وعلي بن إبراهيم، عن أبيه عن ابن أبي عمير جميعا، عن محمد بن ابي حمزة، عن حمران قال: قال أبوعبد الله (ع) و ذكر هؤلاء عنده وسوء حال الشيعة عندهم فقال: إني سرت مع أبي جعفر المنصور(5) وهو في موكبه وهو على فرس وبين يديه خيل ومن خلفه خيل وأنا على حمار إلى جانبه فقال لي: يا أبا عبد الله قد كان فينبغي لك أن تفرح بما أعطانا الله من القوة وفتح لنا من العز ولا تخبر الناس أنك أحق بهذا الامر منا وأهل بيتك فتغرينا بك وبهم(1)، قال: فقلت: ومن رفع هذا إليك عني فقد كذب فقال: لي أتحلف على ما تقول؟ فقلت: إن الناس سحرة(2) يعني يحبون أن يفسدوا قلبك علي فلا تمكنهم من سمعك فإنا إليك أحوج منك إلينا فقال لي: تذكر يوم سألتك هل لنا ملك؟ فقلت: نعم طويل عريض شديد فلا تزالون في مهلة من أمركم وفسحة من دنياكم حتى تصيبوا منا دما حراما في شهر حرام في بلد حرام، فعرفت أنه قد حفظ الحديث، فقلت: لعل الله عز وجل أن يكفيك(3) فإني لم أخصك بهذا وإنما هوحديث رويته ثم لعل غيرك من أهل بيتك يتولى ذلك فسكت عني، فلما رجعت إلى منزلي أتاني بعض موالينا فقال: جعلت فداك والله لقد رأيتك في موكب أبي جعفر وأنت على حمار وهو على فرس وقد أشرف عليك يكلمك كأنك تحته، فقلت بيني وبين نفسي: هذا حجة الله على الخلق وصاحب هذا الامر الذي يقتدي به وهذا الآخر يعمل بالجور ويقتل أولاد الانبياء ويسفك الدماء في الارض بما لا يحب الله وهو في موكبه وأنت على حمار فدخلني من ذلك شك حتى خفت على دينى ونفسي، قال: فقلت: لو رأيت من كان حولي وبين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي من الملائكه لاحتقرته واحتقرت ما هو فيه فقال: الآن سكن قلبي، ثم قال: إلى متى هؤلاء يملكون أو متى الراحة منهم؟ فقلت: أليس تعلم أن لكل شئ مدة؟ قال: بلى فقلت: هل ينفعك علمك أن هذا الامر إذا جاء كان أسرع من طرفة العين؟ إنك لو تعلم حالهم عند الله عز وجل وكيف هي كنت لهم أشد بغضا ولو جهدت أو جهد أهل الارض أن يدخلوهم في أشد ما هم فيه من الاثم لم يقدروا فلا يستفزنك الشيطان(4) فإن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون ألا تعلم أن من أنتظر أمرنا وصبر على ما يرى من الاذى والخوف هو غدا في زمرتنا فإذا رأيت الحق قد مات وذهب أهله، ورأيت الجور قد شمل البلاد، ورايت القرآن قد خلق واحدث فيه ما ليس فيه ووجه على الاهواء، ورأيت الدين قد انكفى كما ينكفي الماء(1)، ورايت أهل الباطل قد استعلوا على أهل الحق، ورأيت الشر ظاهرا لا ينهى عنه ويعذر أصحابه، ورأيت الفسق قد ظهر واكتفى الرجال بالرجال والنساء بالنساء، ورأيت المؤمن صامتا لا يقبل قوله، ورأيت الفاسق يكذب ولا يرد عليه كذبه وفريته(2)، ورأيت الصغير يستحقر بالكبير، ورأيت الارحام قد تقطعت، ورأيت من يمتدح بالفسق يضحك منه ولا يرد عليه قوله، ورأيت الغلام يعطى ما تعطى المرأة، ورأيت النساء يتزوجن النساء، ورأيت الثناء قد كثر(3) ورأيت الرجل ينفق المال في غير طاعة الله فلا ينهى ولا يؤخذ على يديه، ورأيت الناظر يتعوذ بالله مما يرى المؤمن فيه من الاجتهاد، ورأيت الجار يؤذي جاره وليس له مانع، ورأيت الكافر فرحا لما يرى في المؤمن، مرحا لما يرى في االارض من الفساد(4)، ورأيت الخمور تشرب علانية ويجتمع عليها من لا يخاف الله عز وجل، ورأيت الامر بالمعروف ذليلا، ورأيت الفاسق فيما لا يحب الله قويا محمودا، ورأيت اصحاب الايات يحتقرون ويحتقر من يحبهم(5)، ورأيت سبيل الخير منقطعا وسبيل الشر مسلوكا، ورأيت بيت الله قدعطل ويؤمربتركه، ورأيت الرجل يقول ما لا يفعله، ورأيت الرجال يتسمنون(6) للرجال والنساء للنساء، ورأيت الرجال معيشته من دبره ومعيشة المرأة من فرجها، ورأيت النساء يتخذن المجالس كما يتخذها الرجال، ورأيت التأنيث في ولد العباس قد ظهر وأظهروا الخضاب وامتشطوا كما تمتشط المرأة لزوجها واعطوا الرجال الاموال على فروجهم وتنوفس في الرجل(1) وتغاير عليه الرجال، وكان صاحب المال أعز من المؤمن، وكانت الربا ظاهرا لا يعير، وكان الزنى تمتدح به النساء، ورأيت المرأة تصانع زوجها(2) على نكاح الرجال، ورأيت أكثر الناس وخير بيت من يساعد النساء على فسقهن، ورأيت المؤمن محزونا محتقرا ذليلا، ورأيت البدع والزنى قد ظهر، ورايت الناس يعتدون بشاهد الزور، ورأيت الحرام يحلل ورأيت الحلال يحرم، ورأيت الدين بالرأى وعطل الكتاب وأحكامه، ورأيت الليل لا يستخفى به من الجرأة على الله(3)، ورأيت المؤمن لا يستطيع أن ينكر إلا بقلبه، ورأيت العظيم من المال ينفق في سخط الله عز وجل، ورأيت الولاة يقربون أهل الكفر ويباعدون أهل الخير، ورأيت الولاة يرتشون في الحكم، ورأيت الولاية قبالة لمن زاد، ورأيت ذوات الارحام ينكحن ويكتفى بهن ورأيت الرجل يقتل على التهمة وعلى الظنة ويتغاير على الرجل الذكر فيبذل له نفسه و ماله، ورأيت الرجل يعير على إتيان النساء، ورأيت الرجل يأكل من كسب امرأته من الفجور، يعلم ذلك ويقيم عليه، ورأيت المرأة تقهر زوجها، وتعمل ما لا يشتهي وتنفق على زوجها، ورأيت الرجل يكري امرأته وجاريته ويرضى بالدني من الطعام والشراب، ورأيت الايمان بالله عز وجل كثيرة على الزور، ورأيت القمار قد ظهر، ورأيت الشراب يباع ظاهرا ليس له مانع، ورأيت النساء يبذلن أنفسهن لاهل الكفر، ورأيت الملاهي قد ظهرت يمر بها، لا يمنها أحد أحدا ولا يجترئ أحد على منعها، ورأيت الشريف يستذله الذى يخاف سلطانه، ورأيت أقرب الناس من الولاة من يمتدح بشتمنا أهل البيت، ورأيت من يحبنا يزور ولا تقبل شهادته، ورأيت الزور من القول يتنافس فيه، ورأيت القرآن قد ثقل على الناس استماعه وخف على الناس استماع الباطل، ورأيت الجار يكرم الجار خوفا من لسانه، ورأيت الحدود قد عطلت وعمل فيها بالاهواء، ورأيت المساجد قدزخرفت، ورأيت أصدق الناس عند الناس المفتري الكذب ورأيت الشر قد ظهر والسعي بالنميمة، ورأيت أصدق البغي قد فشا، ورأيت الغيبة تستملح(1) و يبشر بها الناس بعضهم بعضا، ورأيت طلب الحج والجهاد لغيرالله، ورأيت السلطان يذل للكافر المؤمن، ورأيت الخراب قد أديل من العمران(2)، ورأيت الرجل معيشته من بخس المكيال والميزان ورأيت سفك الدماء يستخف بها، ورأيت الرجل يطلب الرئاسة لعرض الدنيا ويشهر نفسه بخبث اللسان ليتقى وتسند إليه الامور، ورأيت الصلاة قد استخف بها، ورأيت الرجل عنده المال الكثير ثم لم يزكه منذ ملكه، ورأيت الميت ينبش من قبره(3) ويؤذى وتباع أكفانه، ورأيت الهرج قد كثر، ورأيت الرجل يمسي نشوان(4) ويصبح سكرانالا يهتم بماالناس فيه، ورأيت البهائم تنكح، ورأيت البهائم يفرس بعضها بعضا ورأيت الرجل يخرج إلى مصلاه ويرجع وليس عليه شئ من ثيابه، ورأيت قلوب الناس قد قست وجمدت أعينهم وثقل الذكر عليهم، ورأيت السحت قد ظهر يتنافس فيه، ورأيت المصلي إنما يصلى ليراه الناس، ورأيت الفقيه يتفقه لغير الدين، يطلب الدنيا والرئاسة، ورأيت الناس مع من غلب، ورأيت طالب الحلال يذم ويعير وطالب الحرام يمدح ويعظم، ورأيت الحرمين يعمل فيهما بما لا يحب الله، لا يمنعهم مانع ولا يحول بينهم وبين العمل القبيح أحد ورايت المعازف ظاهرة في الحرمين، ورأيت الرجل يتكلم بشئ من الحق ويامر بالمعروف وينهى عن المنكر فيقوم إليه من ينصحه في نفسه فيقول: هذا عنك موضوع، ورأيت الناس ينظر بعضهم إلى بعض ويقتدون بأهل الشرور، ورايت مسلك الخير وطريقه خاليا لا يسلكه أحد، ورأيت الميت يهزأ به فلا يفزع له أحد، ورايت كل عام يحدث فيه من الشر والبدعة أكثر مما كانت، ورأيت الخلق والمجالس لا يتابعون إلا الاغنياء، ورأيت المحتاج يعطى على الضحك به ويرحم لغير وجه الله، ورأيت الآيات في السماء لا يفزع لها أحد، ورأيت الناس يتسافدون(5) كما يتسافد البهائم لا ينكر أحد منكرا تخوفا من الناس، ورأيت الرجل ينفق الكثر في غير طاعة الله ويمنع اليسير في طاعة الله، ورأيت العقوق قد ظهر واستخف بالوالدين وكانا من أسوء الناس حالا عند الولد ويفرحبأن يفتري عليهما، ورأيت النساء وقد غلبن على الملك وغلبن على كل أمر لا يؤتى إلا مالهن فيه هوى، ورأيت ابن الرجل يفتري على أبيه ويدعو على والديه ويفرح بموتهما، ورأيت الرجل إذا مر به يوم ولم يكسب فيه الذنب العظيم من فجور أو بخس مكيال أو ميزان أو غشيان حرام أو شرب مسكر كئيبا حزينا يحسب أن ذلك اليوم عليه وضيعة(1) من عمره، ورأيت السلطان يحتكر الطعام، ورأيت أموال ذوي القربى تقسم في الزور ويتقامر بها وتشرب بها الخمور، ورأيت الخمر يتداوى بها ويوصف للمريض ويستشفى بها، ورأيت الناس قد استووا في ترك الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وترك التدين به، ورأيت رياح المنافقين(2) وأهل النفاق قائمة ورياح أهل الحق لا تحرك، ورأيت الاذان بالاجر والصلاة بالاجر، ورأيت المساجد محتشية ممن لا يخاف الله، مجتمعون فيها للغيبة وأكل لحوم أهل الحق ويتواصفون فيها شراب المسكر، ورأيت السكران يصلي بالناس وهو لا يعقل ولا يشان(3) بالسكر وإذاسكر أكرم واتقى وخيف وترك، لا يعاقب ويعذر بسكره، ورايت من أكل أموال اليتامى يحمد بصلاحه، ورأيت القضاة يقضون بخلاف ما أمر الله، ورأيت الولاة يأتمنون الخونة للطمع ورأيت الميراث قد وضعته الولاة لاهل الفسوق والجرأة على الله(4)، يأخذون منهم ويخلونهم وما يشتهون ورأيت المنابر يؤمر عليها بالتقوى ولا يعمل القائل بما يأمر، ورأيت الصلاة قد استخف بأوقاتها، ورأيت الصدقة بالشفاعة(5) لا يراد بها وجه الله ويعطى لطلب الناس، ورأيت الناس همهم بطونهم وفروجهم، لا يبالون بما أكلوا وما نكحوا، ورأيت الدنيا مقبلة عليهم، ورأيت أعلام الحق قد درست فكن على حذر واطلب إلى الله عز وجل النجاة وأعلم أن الناس في سخط الله عز وجل وإنما يمهلهم لامر يراد بهم فكن مترقبا واجتهد ليراك الله عز وجل في خلاف ما هم عليه فإن نزل بهم العذاب وكنت فيهم عجلت إلى رحمة الله وإن أخرت ابتوا وكنت قد خرجت مما هم فيه من الجرأة على الله عز وجل وأعلم أن الله لا يضيع أجر المحسنين وأن رحمة الله قريب من المحسنين.

___________________________________
(5) أبو جعفر المنصور الذي لقبه الشيعة بالدوانيقي.
(1) (تغرينا) في بعض النسخ (تعزينا) والاغراء: التحريص على الشر.
(2) في بعض النسخ (شجرة) ولعله تصحيف. والسحر في كلامهم صرف الشئ عن وجهه.
(3) اي يصونك من ان يقع منك هذا الامر.
(4) اي لا يستخفنك الشيطان.
(1) اي انقلب، كفأت الاناء اي قلبته.
(2) الفرية: الكذب والبهتان.
(3) في بعض النسخ (رايت البناء قد كثر).
(4) المرح بالتحريك: شدة الفرح والنشاط.
(5) اصحاب الايات اي اصحاب العلامات والمعجزات او الذين نزلت فيهم الايات وهم الائمة أو المفسرون. وفى بعض النسخ (اصحاب الاثار) وهم المحدثون؛ (آت).
(6) اي يستعملون الاغذية والادوية للسمن ليعمل معهم القبيح، قال في النهاية: فيه: (يكون في آخر الزمان قوم يتسمنون) اي يتكثرون بما ليس فيهم ويدعون ما ليس لهم من الشرف، وقيل: اراد جمعهم الاموال، وقيل: يحبون التوسع في المآكل والمشارب وهي اسباب السمن، ومنه الحديث الاخر (ويظهر فيهم السمن) وفيه: (ويل للمسمنات يوم القيامة من فترة في العظام) اي اللاتي يستعملن السمنة وهو دواء يتسمن به النساء انتهى؛ (آت).
(1) اي فروج نسائهم للدياثة ويمكن ان يقرء الرجال بالرفع واعطوا على المعلوم او المجهول من باب اكلوني البراغيث والاول اظهر. والتنافس: الرغبة في الشئ والافراد به والمنافسة: المغالبة على الشئ وهي المراد ههنا؛(آت) وفي بعض النسخ (وتغار عليه الرجال).
(2) المصانعة: الرشوة والمداهنة.
(3) اي لا ينتظرون دخول الليل ليستتروا به المعاصي بل يعملونها في النهار علانية؛ (آت).
(1) استملح أي عده مليحا.
(2) الادالة: الغلبة.
(3) في بعض النسخ (ينشر من قبره).
(4) نشوان اي سكران.
(5) السفاد: نزو الذكر على الانثى. اي جهرة في الطرق والشوارع.
(1) اي خسران ونقص.
(2) تطلق الريح على الغلبة والقوة والرحمة والنصرة والدولة والنفس والكل محتمل و الاخير اظهر؛ (آت).
(3) من الشين اي العيب.
(4) اي ميراث اليتيم بان تولوا عليها خائنا يأكل بعضها ويعطيهم بعضها. او يحكمون لكل ميراث للفاسق من الورثة لما ياخذون منه من الرشوة؛ (آت).
(5) اي لا يتصدقون الا لمن يشفع له شفيع فيعطون لوجه الشفيع لا لوجه الله. او يعطون لطلب الناس وابرامهم؛ (آت).

بيان : " الموكب " جماعة الفرسان " والاغراء " التحريص على الشر ، قوله عليه السلام " إن الناس سحرة " قال الجزري : فيه إن من البيان لسحرا أي منه ما يصرف قلوب السامعين وإن كان غير حق ، والسحر في كلامهم صرف الشئ عن وجهه .
أقول : وفي بعض النسخ " شجرة بغي " .
و " الفسحة " بالضم السعة قوله " حتى تصيبوا منادما " لعل المراد دم رجل من أولاد الائمة عليهم السلام سفكوها قريبا من انقضاء دولتهم ، وقد فعلوا مثل ذلك كثيرا ويحتمل أن يكون مراده عليه السلام هذا الملعون بعينه ، والمراد بسفك الدم القتل ولو بالسم مجازا ، و " بالبلد الحرام " مدينة الرسول صلى الله عليه واله فانه عليه السلام سم بأمره فيها على ماروي ولم يبق بعده إلا قليلا .
قوله عليه السلام : " أومتى الراحة " الترديد من الراوي ، قوله " إن هذا الامر " أي انقضاء دولتهم ، أو ظهور دولة الحق .
وقال الجوهري : استفزه الخوف استخفه و " الزمرة " الجماعة من الناس و " الانكفاء " الانقلاب .
قوله عليه السلام : " يمتدح " أي يفتخر ويطلب المدح " والمرح " شدة الفرح والنشاط فهو مرح بالكسر .
قوله عليه السلام : " ورأيت أصحاب الآيات " أي العلامات والمعجزات أو الذين نزلت فيهم الآيات ، وهم الائمة عليهم السلام أو المفسرين والقراء ، وفي بعض النسخ " أصحاب الآثار " وهم المحدثون .
قوله عليه السلام : رأيت الرجال يتسمنون أي يستعملون الاغذية والادوية للسمن ليعمل بهم القبيح ، قال الجزري فيه يكون في آخر الزمان قوم يتسمنون أي يتكثرون بماليس فيهم ، ويدعون ما ليس لهم ، من الشرف ، وقيل : أراد جمعهم الاموال وقيل : يحبون التوسع في المآكل والمشارب وهي أسباب السمن ، ومنه الحديث الآخر : ويظهر فيهم السمن ، وفيه : ويل للمسمنات يوم القيامة من فترة في العظام أي اللاتي يستعملن السمنة وهي دواء يتسمن به النساء .
قوله عليه السلام " وأظهروا الخضاب " أي خضاب اليد والرجل فان المستحب لهم إنما هو خضاب الشعر كما سيأتي في موضعه .
قوله عليه السلام : " وأعطوا الرجال " أي أعطى ولد العباس أموالا ليطؤوهم أو أنهم يعطون السلاطين والحكام الاموال لفروجهم أو فروج نسائهم للدياثة ويمكن أن يقرء الرجال بالرفع وأعطوا على المعلوم أو المجهول من باب أكلوني البراغيث والاول أظهر " والمنافسة " المغالبة على الشئ .
قوله عليه السلام : " تصانع زوجها " المصانعة الرشوة والمداهنة ، والمراد إما المصانعة لترك الرجال ، أوللاشتغال بهم لتشتغل هي بالنساء ، أو لمعاشرتها مع الرجال قوله عليه السلام " يعتدون " من الاعتداد أو الاعتداء قوله عليه السلام " لا يستخفى به " أي لا ينتظرون دخوله لارتكاب الفضائح ، بل يعملونها في النهار علانية .
قوله عليه السلام : " ورأيت الولاية قبالة " أي يزيدون في المال ويشترون الولايات و " الزور " الكذب والباطل والتهمة " والزخرفة " النقش بالذهب المشهور تحريمها في المساجد ويقال : استملحه أي عده مليحا قوله عليه السلام " ويبشربها الناس " كما هو الشائع في زماننا يأتي بعضهم بعضها يبشره بأني أتيتك بغيبة حسنة ، قوله عليه السلام : " قد اديل " الادالة الغلبة ، والمراد كثرة الخراب وقلة العمران قوله عليه السلام " ورأيت الميت " لعل بيع الاكفان بيان للايذاء أي يخرج من قبره لكفنه ، ويحتمل أن يكون المراد أنه يخرجه من عليه دين فيضربه ويحرقه ويبيع كفنه لدينه .
قوله " كما تتسافد البهائم " أي علانية على ظهرالطرق ، قوله : " ورأيت رياح المنافقين " تطلق الريح على الغلبة والقوة والرحمة والنصرة والدولة والنفس ، والكل محتمل والاخير أظهر كناية عن كثرة تكلمهم وقبول قولهم قوله عليه السلام " لاهل الفسوق " أي للذين يولونهم على ميراث الايتام أوالفاسق من الورثة ، حيث يعطيهم الرشوة ، فيحكمون بالمال له .
قوله عليه السلام : " بالشفاعة " أي لا يتصدقون إلا لمن يشفع له شفيع ، فيعطونها لوجه الشفيع لا لوجه الشفيع لا لوجه الله ، أو يعطون لطلب الفقراء وإبرامهم ، قوله عليه السلام : " لا يبالون بما أكلوا " أي من حل أو حرام .

153 - الكافي : حميد بن زياد ، عن عبيدالله الدهقان ، عن الطاطري ، عن محمد بن زياد ، عن أبان ، عن صباح بن سيابة ، عن ابن خنيس قال : ذهبت بكتاب عبدالسلام بن نعيم ، وسدير وكتب غير واحد إلى أبي عبد الله عليه السلام حين ظهرت المسودة قبل أن يظهر ولد العباس بأنا قد قدرنا أن يؤول هذا الامر إليك ، فما ترى ؟ قال : فضرب بالكتب الارض ، ثم قال : اف اف ما أنا لهؤلاء بامام أما يعلمون أنه إنما يقتل السفياني.
154 - نص الكفاية : بالاسناد المتقدم في باب النص على الاثني عشر ، عن جابر الانصاري عن النبي صلى الله عليه واله قال : منا مهدي هذه الامة إذا صارت الدنيا هرجا ومرجا ، وتظاهرت الفتن ، وتقطعت السبل ، وأغار بعضهم على بعض ، فلا كبير يرحم صغيرا ، ولا صغير يوقر كبيرا ، فيبعث الله عند ذلك مهدينا ، التاسع من صلب الحسين يفتح حصون الظلالة ، وقلوبا غفلا يقوم في الدين في آخر الزمان كما قمت به في أول الزمان ويملا الارض عدلا كما ملئت جورا.

159 - أقول : وروى في كتاب سرور أهل الايمان عن السيد علي بن عبد الحميد باسناده ، عن جابر ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : الزم الارض ولا تحرك يدا ولا رجلا حتى ترى علامات أذكرها لك ، وما أراك تدرك ذلك ، اختلاف بين العباد ، ومناد ينادي من السماء ، وخسف في قرية من قرى الشام بالجابية ، ونزول الترك الجزيرة ونزول الروم الرملة ، واختلاف كثير عند ذلك في كل أرض حتى تخرب الشام ويكون سبب ذلك اجتماع ثلاث رايات فيه : راية الاصهب وراية الابقع وراية السفياني .

وروى في كتاب سرور أهل الايمان عن السيد علي بن عبد الحميد باسناده ، عن جابر ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ....إلخ 164 - وبإسناده ، عن ابن محبوب ، عن ابن عاصم الحافظ ، عن أبي حمزة الثمالي قال : سمعت أباجعفر عليه السلام يقول : إذا سمعتم باختلاف الشام فيما بينهم فالهرب من الشام فان القتل بها والفتنة ، قلت : إلى أي البلاد ؟ فقال : إلى مكة ، فانها خير بلاد يهرب الناس إليها ، قلت : فالكوفة ؟ قال : الكوفة ما ذا يلقون ؟ يقتل الرجال إلا شامي ولكن الويل لمن كان في أطرافها ، ماذا يمر عليهم من أذى بهم ، وتسبى بها رجال ونساء وأحسنهم حالا من يعبر الفرات ، ومن لايكون شاهدا بها ، قال : فما ترى في سكان سوادها ؟ فقال بيده يعني لا .
ثم قال : الخروج منها خير من المقام فيها ، قلت : كم يكون ذلك ؟ قال : ساعة واحدة من نهار ، قلت : ما حال من يؤخذ منهم ؟ قال : ليس عليهم بأس أما إنهم سينقذهم أقوام ما لهم عند أهل الكوفة يومئذ قدر ، أما لا يجوزون بهم الكوفة .

24 - نوادر الراوندى : بأسناده عن موسى بن جعفر بن محمد ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله : القرون أربعة : أنا في أفضلها قرنا ، ثم الثاني ، ثم الثالث ، فإذا كان الرابع اتقى الرجال بالرجال ، والنساء بالنساء ، فقبض الله كتابه من صدور بني آدم ، فيبعث الله ريحا سوداء ثم لا يبقى أحد - سوى الله تعالى - إلا قبضه الله إليه .

25 - وبهذا الاسناد قال رسول الله صلى الله عليه واله : لا يزداد المال إلا كثرة ، ولا يزداد الناس إلا شحا ، ( 1 ) ولا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق .

26 - وبهذا الاسناد قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله : بعثت والساعة كهاتين - وأشار بإصبعيه صلى الله عليه واله : السبابة والوسطى - ثم قال : والذي بعثني بيده إني لاجد الساعة بين كتفي .

27 - وبهذا الاسناد قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله : بعثت والساعة كفرسي رهان يسبق أحدهما صاحبه باذنه إن كانت الساعة لتسبقني إليكم .
28 - وبهذا الاسناد قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله : لا تقوم الساعة حتى يطفر الفاجر ، ( 2 ) ويعجز المنصف ، ويقرب الماجن ، ( 3 ) ويكون العبادة استطالة على الناس ، ويكون الصدقة مغرما ، والامانة مغنما ، والصلاة منا .
29 - وبهذا الاسناد قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله : اذا طففت امتي مكيالها و ميزانها واختانوا وخفروا الذمة وطلبوا الآخرة فعند ذلك يزكون أنفسهم ويتورع منهم .
30 - وبهذا الاسناد قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله : لا تقوم الساعة حتى يذهب الحياء من الصبيان والنساء ، وحتى تؤكل المغاثير كما تؤكل الخضر .

وفي بحار الأنوار ج 7/ أبواب المعاد وما يتبعه ويتعلق به/ باب 1 : أشراط الساعة ، وقصة يأجوج ومأجوج:

الحديثان التاليان مطابقان لما ورد في نصوص أهل السنة:

3 - الخصال : محمد بن أحمد بن إبراهيم ، عن أبي عبد الله الوراق محمد بن عبد الله بن الفرج عن علي بن بنان المقري ، عن محمد بن سابق ، عن زائدة ، عن الاعمش قال : حدثنا فرات القزاز ، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة ، عن حذيفة بن أسيد الغفاري قال : كنا جلوسا في المدينة في ظل حائط ، قال : وكان رسول الله صلى الله عليه واله في غرفة فاطلع علينا فقال فيم أنتم ؟ فقلنا : نتحدث ، قال : عم ذا ؟ قلنا : عن الساعة ، فقال : إنكم لا ترون الساعة حتى تروا قبلها عشر آيات : طلوع الشمس من مغربها ، والدجال ، ودابة الارض وثلاثة خسوف تكون في الارض : خسف بالمشرق ، وخسف بالمغرب ، وخسف بجزيرة العرب ، وخروج عيسى بن مريم عليه السلام ، وخروج يأجوج ومأجوج ، وتكون في آخر الزمان نار تخرج من اليمن من قعر الارض لا تدع خلفها أحدا تسوق الناس إلى المحشر كلما قاموا قامت لهم تسوقهم إلى المحشر .

4 - الخصال : الحسن بن عبد الله بن سعيد العسكري ، عن محمد بن عبد الله البزاز ، عن أحمد بن محمد بن إبراهيم العطار ، عن أبي الربيع سليمان بن داود ، عن فرج بن فضالة ، عن يحيى بن سعيد ، عن محمد بن الحنفية ، عن أبيه علي بن أبي طالب عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله : إذا عملت امتى خمسة عشر خصلة حل بها البلاء ، قيل : يارسول الله وما هي ؟ قال : إذا كانت المغانم دولا ، والامانة مغنما ، والزكاة مغرما ، وأطاع الرجل زوجته ، وعق امه ، وبر صديقه ، وجفا أباه ، وكان زعيم القوم أرذلهم ، وأكرمه القوم مخافة شره ، وارتفعت الاصوات في المساجد ، ولبسوا الحرير ، واتخذوا القينات ، وضربوا بالمعازف ( 1 ) ولعن آخر هذه الامة أولها فليرتقب عند ذلك ثلاثة الريح الحمراء ، أو الخسف ، أو المسخ .

( 1 ) القينات جمع القينة وهى المغنية ، وكثيرا ما تطلق على المغنية من الاماء ، قال في النهاية نهى عن بيع القينات أى الاماء المغنيات .
وقال : المعازف هى الدفوف وغيرها مما يضرب .
قلت تشمل الطنبور والعود والقيثارة وغيرها من آلات الطرب .

وهي نفس النصوص المشؤومة المحرمة للغناء والموسيقى والمغنيات والتمتع بمتع الحياة العادية التي يتمتع بها كل البشر الطبيعيين.
النص التالي ذكرناه من كتب السنة وذكرنا أصله من أسطورة جيش سنحاريب الهاجادية:

8 - الأمالي للشيخ المفيد ابن الصلت ، عن ابن عقدة ، عن القاسم بن جعفر المعروف بابن الشامي ، عن عباد بن أحمد القزويني ، عن عمه ، عن أبيه ، عن جابر ، عن الشعبي ، عن أبي رافع ، عن حذيفة بن اليمان ، عن النبي صلى الله عليه واله عن أهل يأجوج ومأجوج قال : إن القوم لينقرون بمعاولهم دائبين ، فإذا كان الليل قالوا : غدا نفرغ فيصبحون وهو أقوى من الامس حتى يسلم منهم رجل حين يريد الله أن يبلغ أمره فيقول المؤمن : غدا نفتحه إن شاء الله فيصبحون ثم يغدون عليه فيفتحه الله ، فوالذي نفسي بيده ليمرن الرجل منهم على شاطئ الوادي الذي بكوفان وقد شربوه حتى نزحوه فيقول : والله لقد رأيت هذا الوادي مرة وإن الماء ليجري في أرضه ، قيل : يارسول الله ومتى هذا ؟ قال : حين لا يبقى من الدنيا إلا مثل صبابة الاناء .

( 3 ) بيان : قال الجزري : الصبابة : البقية اليسيرة من الشراب تبقى في أسفل الاناء .

وذكرنا أصل خرافة طلوع الشمس من مغربها حيث هي على الأغلب تعود إلى تفصيلة في النسخة الهاجادية الموسَّعة الموشَّاة لقصة نوح:

13 - تفسير العياشي : عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم ، عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام في قوله تعالى : " يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها " قال : طلوع الشمس من المغرب ، وخروج الدابة ، والدخان ، والرجل يكون مصرا ولم يعمل على الايمان ثم تجئ الآيات فلا ينفعه إيمانه .

16- الكافي للكليني : علي ، عن أبيه والقاساني جميعا ، عن الاصفهاني ، عن المنقري ، عن فضيل بن عياض ، عن أبي عبد الله ، عن أبيه عليهما السلام قال : بعث الله محمدا صلى الله عليه واله بخمسة أسياف ثلاثة منها شاهرة فلا تغمد حتى تضع الحرب أوزارها ، ولن تضيع الحرب أوزارها حتى تطلع الشمس من مغربها ، فإذا طلعت الشمس من مغربها أمن الناس كلهم في ذلك اليوم ، فيؤمئذ لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا .

نلاحظ هنا فكرًا إرهابيًّا إسلاميًّا، فهو سائد عند كل مذاهب الإسلاميين ومنبعه القرآن وفكره الإسلامي.

نماذج لأحاديث المسيح الدجال وصفاته عند الشيعة الاثناعشرية (وصفات السفياني الأموي وقائد جيشه القادم في المستقبل حسب اعتقادهم لمحاربة الإمام المهدي الحسيني المقتبسة المستعارة من صفات المسيح الدجال الأسطورية كرجل مشوه الشكل أعور أو مشوه شكل إحدى العينين) من بحار الأنوار ج25 و26:
26- الكافي: الطالقاني ، عن الجلودي ، عن الحسين بن معاذ ، عن قيس بن حفص ، عن يونس بن أرقم ، عن أبي سيار الشيباني ، عن الضحاك بن مزاحم ، عن النزال بن سبرة قال : خطبنا علي بن أبي طالب فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : سلوني أيها الناس قبل أن تفقدوني ـ ثلاثا ـ فقام إليه صعصعة بن صوحان ، فقال : يا أمير المؤمنين متى يخرج الدجال؟ فقال له علي : اقعد فقد سمع الله كلامك وعلم ما أردت ، والله ما المسؤول عنه بأعلم من السائل ، ولكن لذلك علامات وهيئات يتبع بعضها بعضا كحذو النعل بالنعل وإن شئت أنبأتك بها قال : نعم يا أمير المؤمنين.
فقال : احفظ فان علامة ذلك إذا أمات الناس الصلاة ، وأضاعوا الامانة واستحلوا الكذب ، وأكلوا الربا ، وأخذوا الرشا ، وشيدوا البنيان ، وباعوا الدين بالدنيا ، واستعملوا السفهاء ، وشاوروا النساء ، وقطعوا الارحام ، واتبعوا الاهواء ، واستخفوا بالدماء.
وكان الحلم ضعفا ، والظلم فخرا ، وكانت الامراء فجرة ، والوزراء ظلمة والعرفاء خونة ، والقراء فسقة ، وظهرت شهادات الزور ، واستعلن الفجور ، وقول البهتان ، والاثم والطغيان. وحليت المصاحف ، وزخرفت المساجد ، وطولت المنار ، واكرم الاشرار وازدحمت الصفوف ، واختلفت الاهواء ، ونقضت العقود ، واقترب الموعود وشارك النساء أزواجهن في التجارة حرصا على الدنيا ، وعلت أصوات الفساق واستمع منهم ، وكان زعيم القوم أرذلهم ، واتقي الفاجر مخافة شره ، وصدق الكاذب واؤتمن الخائن ، واتخذت القيان والمعازف ، ولعن آخرهذه الامة أولها ، وركب ذوات الفروج السروج. وتشبه النساء بالرجال والرجال بالنساء ، وشهد شاهد من غير أن يستشهد وشهد الآخر قضاء لذمام بغير حق عرفه ، وتفقه لغير الدين ، وآثروا عمل الدنيا على الآخرة ، ولبسوا جلود الضأن على قلوب الذئاب ، وقلوبهم أنتن من الجيف ، وأمر من الصبر ، فعند ذلك الوحا الوحا ، العجل العجل ، خير المساكن يومئذ بيت المقدس بيأتين على الناس زمان يتمنى أحدهم أنه من سكانه.
فقام إليه الاصبغ بن نباتة فقال : يا أمير المؤمنين من الدجال؟ فقال : ألا إن الدجال صائد بن الصيد فالشقي من صدقه ، والسعيد من كذبه ، يخرج من بلده يقال لها إصبهان من قرية تعرف باليهودية ، عينه اليمنى ممسوحة والاخرى في جبهته ، تضيئ كأنها كوكب الصبح ، فيها علقة كأنها ممزوجة بالدم ، بن عينيه مكتوب « كافر » يقرأه كل كاتب وامي. يخوض البحار ، وتسير معه الشمس ، بين يديه جبل من دخان ، وخلفه جبل أبيض يرى الناس أنه طعام ، يخرج في قحط شديد ، تحته حمار أقمر خطوة حماره ميل ، تطوى له الارض منهلا منهلا ولا يمر بماء إلا يوم القيامة. ينادي بأعلى صوته يسمع ما بين الخافقين ، من الجن والانس والشياطين يقوم : إلي أوليائي أنا الذي خلق فسوى ، وقد رفهدى ، أنا ربكم الاعلى. وكذب عدو الله إنه الاعور يطعم الطعام ، ويمشي في الاسواق ، وإن ربكم عز وجل ليس بأعور ، ولا يطعم ولا يمشي ولا يزول [ تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ].
ألا وإن أكثر أشياعه يومئذ أولاد الزنا وأصحاب الطيالسة الخضر ، يقتله الله عز وجل بالشام على عقبة تعرف بعقبة أفيق لثلاث ساعات من يوم الجمعة ، على يدي من يصلي المسيح عيسى بن مريم خلفه.
ألا إن بعد ذلك الطامة الكبرى ، قلنا : وما ذلك يا أمير المؤمنين؟ قال : خروج دابة من الارض ، من عند الصفا ، معها خاتم سليمان ، وعصى موسى ، تضع الخاتم على وجه كل مؤمن ، فيطبع فيه « هذا مؤمن حقا » وتضعه على وجه كل كافر فيكتب فيه « هذا كافر حقا » حتى أن المؤمن لينادي : الويل لك يا كافر وإن الكافر ينادي طوبى لك يا مؤمن! وددت أني اليوم مثلك فأفوز فوزا ثم ترفع الدابة رأسها ، فيراها من بين الخافقين باذن الله عزو جل ، بعد طلوع الشمس من مغربها فعند ذلك ترفع التوبة فلا توبة تقبل ، ولا عمل يرفع « ولا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا" ...إلخ


وروى الكافي في الكليني ج8/ حديث الصيحة:

256 - على بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: كنت مع أبي جعفر (ع) جالسا في المسجد إذا أقبل داود بن علي وسليمان بن خالد وأبو جعفر عبد الله بن محمد أبوالدوانيق فقعدوا ناحية من المسجد فقيل لهم: هذا محمد بن علي جالس، فقام إليه داود بن علي وسليمان بن خالد(1) وقعد أبوالدوانيق مكانه حتى سلموا على أبي جعفر (ع) فقال لهم أبو جعفر (ع): ما منع جباركم من أن يأتيني فعذروه عنده(2) فقال عند ذلك أبو جعفر محمد بن علي (ع): أما والله لا تذهب الليالي والايام حتى يملك ما بين قطريها(3)، ثم ليطان الرجال عقبه ثم لتذلن له رقاب الرجال ثم ليملكن ملكا شديدا، فقال له داود بن علي: وإن ملكنا قبل ملككم؟ قال: نعم يا داود إن ملككم قبل ملكنا وسلطانكم قبل سلطاننا، فقال له داود: أصلحك الله فهل له من مدة؟ فقال: نعم يا داود والله لا يملك بنو أمية يوما إلا ملكتم مثليه ولا سنة إلا ملكتم مثليها(4) وليتلقفها الصبيان منكم كما تلقف الصبيان الكرة، فقام داود بن علي من عند أبي جعفر (ع) فرحا يريد أن يخبر أبا الدوانيق بذلك فلما نهضا جميعا هو وسليمان بن خالد ناداه أبو جعفر (ع) من خلفه يا سليمان بن خالد لا يزال القوم في فسحة من ملكهم مالم يصيبوا منا دما حراما - وأومأ بيده إلى صدره - فإذا أصابوا ذلك الدم فبطن الارض خير لهم من ظهرها فيومئذ لا يكون لهم في الارض ناصر ولا في لاسماء عاذر، ثم انتطلق سليمان بن خالد فأخبر أبا الدوانيق فجاء أبوالدوانيق إلى أبى جعفر (ع) فسلم عليه ثم أخبره بما قال له داود بن علي وسليمان بن خالد، فقال له: نعم يا أبا جعفر دولتكم قبل دولتنا وسلطانكم قبل سلطاننا، سلطانكم شديد عسر لا يسر فيه.
وله مدة طويلة والله لا يملك بنو امية يوما إلا ملكتم مثليه ولا سنة إلا ملكتم مثليها ليتلقفها صبيان منكم فضلا عن رجالكم كما يتلقف الصبيان الكرة أفهمت؟ ثم قال: لا تزالون في عنفوان الملك ترغدون فيه ما لم تصيبوا منا دما حراما(1) فإاذ اصبتم ذلك الدم غضب الله عز وجل عليكم فذهب بملككم وسلطانكم وذهب بريحكم(2) وسلط الله عز وجل عليكم عبدامن عبيده أعور(3) - وليس بأعور من آل أبي سفيان - يكون استيصالكم على يديه وأيدي أصحابه ثم قطع الكلام.

___________________________________
(1) داود بن على هو عم السفاح وسليمان بن خالد في بعض النسخ (سليمان بن مخالد) وفي بعضها (مجالد) وفي بعضها (مخلد).
(2) بالتخفيف اي اظهر واعذره وبالتشديد اي ذكروا في العذر اشياء لا حقيقة لها فان المعذر بالتشديد هو المظهر للعذر اعتلالا من غير حقيقة له في العذر كما ذكره الجوهري؛ (آت).
(3) اي الارض المعلومة بقرينة المقام.
(4) لعل المراد اصل الكثرة والزيادة لا الضعف الحقيقي كما يقال في كرتين ولبيك اذ كان ملكهم اضعاف ملك بني امية وفي هذا الابهام حكم كثيرة منها عدم طغيانهم ومنها عدم يأس اهل الحق.
وتلقف الشئ: تناوله بسرعة اي يسهل لهم تناول الخلافة بحيث يتيسر لصبيانهم من غير منازع؛ (آت).
(1) (عنفوان) بضم العين والفاء اي أوله. وقوله: (ترغذون) يقال: رغد اي واسعة طيبة. وقوله: (ما لم تصيبوا منا دما حراما) المراد قتل اهل البيت عليهم السلام ولو كان بالسم مجازا ويكون قتل الائمة عليهم السلام سببا لسرعة زوال ملك كل واحد منهم فعل ذلك او قتل السادات الذين قتلوا في زمان ابي جعفر الدوانيقي وفي زمان الرشيد على ما ذكره الصدوق في العيون وكذا ما قتلوا في الفخ من السادات ويحتمل ان يكون اشارة إلى قتل رجل من العلويين قتلوه مقارنا لانقضاء دولتهم؛ (آت).
(2) الريح قد تكون بمعنى الغلبة والقوة ومنه قوله تعالى: (وتذهب ريحكم) (الصحاح).
(3) (اعور) اي الدني الاصل، السئ الخلق وهو اشارة إلى هلا كوخان. قال الجزري: فيه: لما اعترض ابولهب على النبي صلى الله عليه وآله عند اظهاره الدعوة قال له ابوطالب: يا اعور ما انت وهذا لم يكن ابولهب اعور لكن العرب تقول لمن ليس له اخ من ابيه وامه: اعور و قيل: انهم يقولون للردى من كل شئ من الامور والاخلاق: اعور وللمؤنث عوراء. وقوله: (ليس باعور من آل ابي سفيان) اي ليس ذلك الاعور من آل ابي سفيان بل من طائفة الترك؛ (آت).
(*)
وروى الكافي ج8/ حَدِيثُ أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى ( عليه السلام )

95- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورٍ الْخُزَاعِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ سُوَيْدٍ وَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ بَزِيعٍ عَنْ عَمِّهِ حَمْزَةَ بْنِ بَزِيعٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ سُوَيْدٍ وَ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ النَّهْدِيِّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ سُوَيْدٍ قَالَ كَتَبْتُ إِلَى أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى ( عليه السلام ) وَ هُوَ فِي الْحَبْسِ كِتَاباً أَسْأَلُهُ عَنْ حَالِهِ وَ عَنْ مَسَائِلَ كَثِيرَةٍ فَاحْتَبَسَ الْجَوَابُ عَلَيَّ أَشْهُراً ثُمَّ أَجَابَنِي بِجَوَابٍ هَذِهِ نُسْخَتُهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ الَّذِي بِعَظَمَتِهِ وَ نُورِهِ أَبْصَرَ قُلُوبَ الْمُؤْمِنِينَ وَ بِعَظَمَتِهِ وَ نُورِهِ عَادَاهُ الْجَاهِلُونَ وَ بِعَظَمَتِهِ وَ نُورِهِ ابْتَغَى مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ بِالْأَعْمَالِ الْمُخْتَلِفَةِ وَ الْأَدْيَانِ الْمُتَضَادَّةِ فَمُصِيبٌ وَ مُخْطِئٌ وَ ضَالٌّ وَ مُهْتَدٍ وَ سَمِيعٌ وَ أَصَمُّ وَ بَصِيرٌ وَ أَعْمَى .........إلخ.....فَإِذَا رَأَيْتَ الْمُشَوَّهَ الْأَعْرَابِيَّ فِي جَحْفَلٍ جَرَّارٍ فَانْتَظِرْ فَرَجَكَ وَ لِشِيعَتِكَ الْمُؤْمِنِينَ وَ إِذَا انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ فَارْفَعْ بَصَرَكَ إِلَى السَّمَاءِ وَ انْظُرْ مَا فَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِالْمُجْرِمِينَ فَقَدْ فَسَّرْتُ لَكَ جُمَلًا مُجْمَلًا وَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الْأَخْيَارِ .

ونعود لأحاديث بحار الأنوار ج25:

الحديث التالي مطابق عمومًا لمحتوى تراث مذهب السنة، بل هو مروي عن أبي يعلى الموصلي من كتبة كتب الحديث السنية بل وهو عن عبد الله بن عمر بن الخطاب، وفيه الخرافة السخيفة المهووسة بالطفل المولود مشوهًا ابن صياد، وأوصاف المسيح الدجال كرجل مشوه أعور حسب الأبوكريفا المسيحية، والحديث سبق وأوردنها من البخاري وغيره أيضًا من كتب مذهب السنة:

27 - إكمال الدين : محمد بن عمر بن عثمان بهذا الاسناد عن مشايخه ، عن أبي يعلى الموصلي عن عبدالاعلى بن حماد ، عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : إن رسول الله صلى الله عليه واله صلى ذات يوم بأصحابه الفجر ، ثم قام مع أصحابه حتى أتى باب دار بالمدينة فطرق الباب فخرجت إليه امرأة فقالت : ما تريد ياأباالقاسم ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه واله : يا ام عبد الله استأذني لي على عبد الله ، فقالت : يا أبا القاسم ! وما تصنع بعبد الله ، فوالله إنه لمجهود في عقله ، يحدث في ثوبه ، وإنه ليراودني على الامر العظيم .
قال : استأذني لي عليه ، فقالت : أعلى ذمتك ؟ قال : نعم ، قال : ادخل ، فدخل فاذا هو في قطيفة يهينم فيها فقالت امه : اسكت واجلس هذا محمد قد أتاك ، فسكت وجلس فقال للنبي صلى الله عليه واله : مالها لعنها الله لو تركتني لاخبرتكم أهو هو ؟ ثم قال له النبي صلى الله عليه واله ماترى ؟ قال : أرى حقا وباطلا وأرى عرشا على الماء فقال : اشهد أن لا اله الا الله وأني رسول الله ! فقال : بل تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ، فما جعلت الله بذلك أحق مني .
فلما كان في اليوم الثاني صلى عليه السلام بأصحابه الفجر ، ثم نهض فنهضوا معه حتى طرق الباب فقالت امه : ادخل فدخل فاذا هو في نخلة يغرد فيها فقالت له امه اسكت وانزل ، هذا محمد قد أتاك ، فسكت فقال للنبي صلى الله عليه واله : مالهالعنها الله لو تركتني لاخبرتكم أهو هو ؟ فلما كان في اليوم الثالث صلى عليه السلام بأصحابه الفجر ، ثم نهض فنهضوا معه حتى أتى ذلك المكان ، فاذا هو في غنم ينعق بها ، فقالت امه : اسكت واجلس هذا محمد قد أتاك وقد كانت نزلت في ذلك اليوم آيات من سورة الدخان فقرأهابهم النبي صلى الله عليه واله في صلاة الغداة ثم قال : اشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ، فقال : بل تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله وما جعلك الله بذلك أحق مني .
فقال النبي صلى الله عليه واله : إني قد خبأت لك خباء ، فقال : الدخ الدخ ( 1 ) فقال النبي صلى الله عليه واله : اخسأ فانك لن تعدو أجلك ، ولن تبلغ أملك ، ولن تنال إلا ما قدر لك .
ثم قال لاصحابه : أيهاالناس ! ما بعث الله نبيا إلا وقد أنذر قومه الدجال وإن الله عز وجل قد أخره إلى يومكم هذا ، فمهما تشابه عليكم من أمره فان ربكم ليس بأعور ، إنه يخرج على حمار عرض ما بين اذنيه ميل ، يخرج ومعه جنة ونار ، وجبل من خبز ونهر من ماء ، أكثر أتباعه اليهود والنساء والاعراب يدخل آفاق الارض كلها إلا مكة ولا بتيها ، والمدينة ولا بتيها ( 1 ) .

بيان : قولها " إنه لمجهود في عقله " أي أصاب عقله جهد البلاء فهو مخبط يقال جهد المرض فلانا هزله ، وكأن مراودته إياها كان لاظهار دعوى الالوهية أو النبوة ولذا كانت تأبى عن أن يراه النبي صلى الله عليه واله " والهينمة " الصوت الخفي وفي أخبار العامة ( 2 ) " يهمهم " قوله " أهوهو " أي اما تقولون بالوهية إله أم لا .
( 3 ) أقول : روى الحسين بن مسعود الفراء في شرح السنة بإسناده ، عن أبي سعيد الخدري أن في هذه القصة قال له رسول الله صلى الله عليه واله : ما ترى ؟ قال : أرى عرشا على الماء ، فقال رسول الله صلى الله عليه واله : ترى عرش ابليس على البحر فقال : ما ترى ؟ قال : أرى صادقين وكاذبا أو كاذبين وصادقا فقال رسول الله صلى الله عليه واله : لبس عليه دعوه .
ويقال : غرد الطائر كفرح وغرد تغريدا وأغرد وتغرد ، رفع صوته وطرب به ، قوله : " قد خبأت لك خباء " أي أضمرت لك شيئا أخبرني به ، قال الجزري : فيه أنه قال لا بن صياد خبأت لك خبيئا قال : هو الدخ .
بضم الدال وفتحها الدخان ، قال : " عند رواق البيت يغشى الدخان " وفسر الحديث أنه أراد بذلك يوم تأتي السماء بدخان مبين .
وقيل : إن الدجال يقتله عيسى بجبل الدخان ، فيحتمل أن يكون المراد تعريضا بقتله لان ابن الصياد كان يظن أنه الدجال .
قوله صلى الله عليه واله " اخسا " يقال : خسأت الكلب أي طردته وأبعدته قوله " فانك لن تعدو أجلك " قال في شرح السنة - : قال الخطابي يحتمل وجهين أحد هما أنه لا يبلغ قدره أن يطالع الغيب من قبل الوحي الذي يوحى به إلى الانبياء ، ولا من قبل الالهام الذي يلقى في روع الاولياء ( 1 ) وإنما كان الذي جرى على لسانه شيئا ألقاه الشيطان حين سمع النبي صلى الله عليه واله يراجع به أصحابه قبل دخوله النخل .
والاخر أنك لن تسبق قدر الله وفي أمرك .
وقال أبوسليمان : والذي عندي أن هذه القصة إنما جرت أيام مهادنة رسول الله صلى الله عليه واله اليهود وحلفاءهم وكان ابن الصياد منهم أو دخيلا في جملتهم ( 2 ) وكان يبلغ رسول الله صلى الله عليه واله خبره وما يدعيه من الكهانة ، فامتحنه بذلك ، فلما كلمه علم أنه مبطل ، وأنه من جملة السحرة أوالكهنة أو ممن يأتيه رئي الجن ( 1 ) أو يتعاهده شيطان فيلقي على لسانه بعض ما يتكلم به ، فلما سمع منه قوله " الدخ " زبره وقال : اخسأ فلن تعد وقدرك .
يريد أن ذلك شئ ألقاه إليه الشيطان ، وليس ذلك من قبل الوحي وإنما كانت له تارات يصيب في بعضها ويخطئ في بعضها ، وذلك معنى قوله : يأتيني صادق وكاذب فقال له عند ذلك : خلط عليك .
والجملة من أمره أنه كان فتنة قد امتحن الله به عباده " ليهلك من هلك عن بينة ، ويحيى من حي عن بيتة " وقد افتتن قوم موسى في زمانه بالعجل فافتتن به قوم واهلكوا ، ونجا من هداه الله وعصمه انتهى كلامه .
أقول : اختلفت العامة في أن ابن الصياد هل هو الدجال أو غيره ، فذهب جماعة منهم إلى أنه غيره ، لما روي أنه تاب عن ذلك ، ومات بالمدينة ، وكشفوا عن وجهه حتى رأوه الناس ميتا ورووا عن أبي سعيد الخدري أيضا ما يدل على أنه ليس بدجال .
وذهب جماعة إلى أنه هوالدجال ، رووه عن ابن عمر وجابر الانصاري ( 2 )
__________________________________________________ _________
( 1 ) في مشكاة المصابيح ص 478 وسنن أبى داود ج 2 ص 434 : قال رسول الله صلى الله عليه وآله انى خبأت لك خبيئا - وخبأله : " يوم تأتى السماء بدخان مبين " - فقال * هو الدخ ، والدخ بالضم والفتح : الدخان ونقل الشرتونى في ذيل اقرب الموارد عن التاج أنه فسر الدخ بنبت يكون في البساتين وقال وبه فسر حديث ابن الصياد وفسره الحاكم بالجماع ، ووهموه .
( 1 ) راجع المصدر ص 209 .
( 2 ) كما في المصدر المطبوع ( ط - الاسلامية ) ج 2 ص 209 .
( 3 ) لم نعرف له معنى محصلا .
( 1 ) الروع : القلب .
ومنه قوله صلى الله عليه وآله " ان روح القدس نفث في روعى ان نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلها وتستوعب رزقها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب " .
وفي الاصل المطبوع " روح الاولياء " وله وجه .
( 2 ) وقيل : كان حاله في صغره حال الكهان يصدق مرة ويكذب مرارا ، ثم أسلم لما كبر ، فظهرت منه علامات من الحج والجهاد مع المسلمين ، ثم ظهرت منه أحوال وسمعت منه أقوال تشعر بانه الدجال .
وقيل انه تاب ومات بالمدينة وقيل بل فقد يوم الحرة ، والظاهر من قصة تميم الدارى انه ليس هو الدجال .
( 1 ) رئى الجن : جنى يرى نفسه للكهنة ويلقى اليهم آراءه وأخباره .
ومثله رئى القوم لصاحب رأيهم الذى يرجعون اليه .
( 2 ) ترى تلك الروايات في كتب القوم ابواب الفتن والملاحم باب خروج الدجال كما في سنن أبى داود ج 2 ص 430 - إلى - 435 ومشكاة المصابيح ( ط - كراجى ) ص 472 إلى - 479 .
فما نقله المصابيح عن أبى سعيد الخدرى : انه قال صحبت ابن صياد إلى مكة فقال لى : ما لقيت من الناس ؟ يزعمون انى ادجال ! ألست رسول الله صلى الله عليه وآله يقول انه لا يولد له ، وقد ولد لى ، أليس قد قال هو كافر ؟ وأنا مسلم ، أو ليس قد قال لا يدخل المدينة ولا مكة وقد أقبلت من المدينه وأنا اريد مكة .
ومات نقله عن ابن عمر : أنه قال : عن نافع قال كان ابن عمر يقول : والله ما أشك أن المسيح الدجال هو ابن صياد ، رواه أبوداود والبيهقى في كتاب البعث والنشور .

الحديث التالي أيضًا شبه مطابق لأحاديث مذهب السنة، خلا إضافاتٍ شيعيةً (خرافة السفياني ومصطلح القائم كتعبير عن المهدي):

48 - الغيبة للطوسي : ابن فضال، عن حماد ، عن الحسين بن المختار ، عن أبي نصر عن عامر بن واثلة ، عن أمير المؤمنين عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله : عشر قبل الساعة لا بد منها : السفياني والدجال والدخان والدابة وخروج القائم وطلوع الشمس من مغربها ، ونزول عيسى عليه السلام ، وخسف بالمشرق ، وخسف بجزيرة العرب ونار تخرج من قعر عدن تسوق الناس إلى المحشر .

الحديث التالي ينسب لقائد جيش السفياني الأموي القادم في المستقبل صفات رجل مشوَّه ذكرتها الأسفار الأبوكريفية المسيحية أصلًا كصفات لعدو المسيح الكاذب، ونقلها كتبة كتب أهل السنة كصفات للمسيح الدجال الكذاب:

167 - وبإسناده عن إسحاق يرفعه إلى الاصبغ بن نباتة قال : سمعت أمير المؤمنين عليه السلام يقول للناس : سلوني قبل أن تفقدوني لاني بطرق السماء أعلم من العلماء ، وبطرق الارض أعلم من العالم ، أنا يعسوب الدين ، أنا يعسوب المؤمنين وإمام المتقين ، وديان الناس يوم الدين ، أنا قاسم النار ، وخازن الجنان ، وصاحب الحوض والميزان ، وصاحب الاعراف فليس منا إمام إلا وهو عارف بجميع أهل ولايته ، وذلك قوله عز وجل " إنما أنت منذر ولكل قوم هاد " ( 1 ) .
ألا أيها الناس سلوني قبل أن تفقدوني فان بين جوانحي علما جما فسلوني قبل أن ( 2 ) تشغر برجلها فتية شرقية وتطأ في خطامها بعد موتها وحياتها وتشب نار بالحطب الجزل من غربي الارض ، رافعة ذيلها ، تدعو يا ويلها لوحله ومثلها ، فإذا استدار الفلك ، قلتم مات أو هلك ، بأي واد سلك ، فيومئذ تأويل هذه الآية " ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا " ( 1 ) .
ولذلك آيات وعلامات ، أو لهن إحصار الكوفة بالرصد والخندق ، وتخريق الروايا في سكك الكوفة ، وتعطيل المساجد أربعين ليلة ، وكشف الهيكل ، وخفق رايات حول المسجد الاكبر تهتز ، القاتل والمقتول في النار ، وقتل سريع ، وموت ذريع ، وقتل النفس الزكية بظهرالكوفة في سبعين ، والمذبوح بين الركن والمقام وقتل الاسقع صبرا في بيعة الاصنام .
وخروج السفياني براية حمراء أميرها رجل من بني كلب واثني عشر ألف عنان من خيل السفياني يتوجه إلى مكة والمدينة أميرها رجل من بني امية يقال له : خزيمة ، أطمس العين الشمال ، على عينه ظفره غليظة ( 2 ) يتمثل بالرجال لا ترد له راية حتى ينزل المدينة في دار يقال لها : دار أبي الحسن الاموي ويبعث خيلا في طلب رجل من آل محمد وقد اجتمع إليه ناس من الشيعة يعود إلى مكة ، أميرها رجل من غطفان إذا توسط القاع الابيض خسف بهم فلا ينجو إلا رجل يحول الله وجهه إلى قفاه لينذرهم ، ويكون آية لمن خلفهم ، ويومئذ تأويل هذه الآية " ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت واخذوا من مكان قريب " ( 3 ) .
ويبعث مائة وثلاثين ألفا إلى الكوفة ، وينزلون الروحاء والفارق ، فيسير منهاستون ألفا حتى ينزلوا الكوفة موضع قبر هود عليه السلام بالنخيلة ، فيهجمون إليهم يوم الزينة وأمير الناس جبار عنيد ، يقال له : الكاهن الساحر ، فيحرج من مدينة الزوراء إليهم أمير في خمسة آلاف من الكهنة ، ويقتل على جسرها سبعين ألفا حتى تحمي الناس من الفرات ثلاثة أيام من الدماء ونتن الاجساد ، ويسبى من الكوفة سبعون ألف بكر ، لا يكشف عنها كف ولا قناع ، حتى يوضعن في المحامل ، ويذهب بهن إلى الثوية وهي الغري .
ثم يخرج من الكوفة مائة ألف ما بين مشرك ومنافق ، حتى يقدموا دمشق لا يصد هم عنها صاد ، وهي إرم ذات العماد ، وتقبل رايات من شرقي الارض غير معلمة ، ليست بقطن ولا كتان ولا حرير ، مختوم في رأس القناة بخاتم السيد الاكبر يسوقها رجل من آل محمد تظهر بالمشرق ، وتوجد ريحها بالمغرب كالمسك الاذفر يسير الرعب أمامها بشهر حتى ينزلوا الكوفة طالبين بدماء آبائهم .
فبينما هم على ذلك إذ أقبلت خيل اليماني والخراساني يستبقان كأنهما فرسي رهان شعث غبر جرد أصلاب نواطي وأقداح إذا نظرت أحدهم برجله باطنه ( 1 ) فيقول : لا خير في مجلسنا بعد يومنا هذا اللهم فانا التائبون ، وهم الابدال الذين وصفهم الله في كتابه العزيز " إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين " ( 2 ) ونظراؤهم من آل محمد .
ويخرج رجل من أهل نجران يستجيب للامام ، فيكون أول النصارى إجابة فيهدم بيعته ، ويدق صليبه ، فيخرج بالموالي وضعفاء الناس ، فيسيرون إلى النخيلة بأعلام هدى ، فيكون مجمع الناس جميعا في الارض كلها بالفاروق فيقتل يومئذ ما بين المشرق والمغرب ثلاثة آلاف ألف يقتل بعضهم بعضا فيومئذ تأويل هذه الآية " فمازالت تلك دعواهم حتى جعلنا هم حصيدا خامدين " ( 3 ) بالسيف .
وينادي مناد في شهر رمضان من ناحية المشرق عند الفجر : يا أهل الهدى اجتمعوا ! وينادي مناد من قبل المغرب بعد ما يغيب الشفق : يا أهل الباطل اجتمعوا !
ومن الغد عند الظهر تتلون الشمس وتصفرفتصير سوداء مظلمة ، ويوم الثالث يفرق الله بين الحق والباطل ، وتخرج دابة الارض ، وتقبل الروم إلى ساحل البحر عند كهف الفتية ، فيبعث الله الفتية من كهفهم ، مع كلبهم ، منهم رجل يقال له : مليخا وآخر خملاها ، وهما الشاهدان المسلمان للقائم عليه السلام .

( 2 ) الطمس : ذهاب ضوء العين ، والظفرة : جليدة : تغشى العين نابتة من الجانب الذى يلى الانف على بياض العين إلى سوادها حتى تمنع الابصار ، وهى كالظفر صلابة وبياضا وقد روى شبه ذلك مسلم في حديث الدجال " انه ممسوح العين ، عليها ظفرة غليظة " راجع مشكاة المصابيح ص 473 .
( 3 ) سبأ : 51 .
( 1 ) فيه تصحيف ولم يتيسر لنا أصل نصححه عليه .
( 2 ) البقرة : 222 .
( 3 ) الانبياء : 15 .

ونلاحظ في الحديث السابق ذكره لأسطورة الشاهدين التي في رؤيا يوحنا بالإنجيل، والتي في أساطير الأبوكريفا المسيحية والتقاليد الكنسية المقتبسة منها زيد عليها أنهما سيكونان إيليا وأخنوخ، لكن الرواية الشيعية حرفت شخصيتيهما، فجعلتهما من فتية أهل الكهف الأسطوريين (فيبعث الله الفتية من كهفهم ، مع كلبهم ، منهم رجل يقال له : مليخا وآخر خملاها ، وهما الشاهدان المسلمان للقائم ).

ويلاحظ في الحديث السابق أيضًا يذكر أقوامًا وقبائل ذابت واضمحلت وانتهت كياناتها كغطفان وسكان نجران القدماء المسيحيين الذين أجلاهم عمر بن الخطاب في عصره هم وكل أهل الكتاب والصابئة والزردشتيين من شبه جزيرة العرب أصلًا، فواضح أن مؤلف الحديث لا يعرف ذلك! ولم ينجُ من إجلاء عمر سوى جيوب يهودية قليلة في اليمن والبحرين بشكل ما.

ويكاد السفياني _في شخصيته الأسطورية المحاربة للمهدي المنتظر الأسطوري وشره ووصفه هو وقائد جيشه بنفس التشوهات الموصوف بها المسيح الدجال في الأبوكريفا المسيحية وكتب السنة_ يكون نسخة مضاعفة مكررة من شخصية المسيح الدجال، اخترعتها الأسطورة الشيعية لكرههم لبني أمية الذين اضطهدوهم وقتلوا وظلموا وسجنوا كثيرين من بني علي ومن الشيعة.

4 - تفسير علي بن إبراهيم القمي : في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله : "إن الله قادر على أن ينزل آية" ( الأنعام: 37 ) وسيريك في آخر الزمان آيات منها دابة الارض والدجال، ونزول عيسى بن مريم ، وطلوع الشمس من مغربها .
وعنه عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: "قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم" ( الأنعام: 65 ) قال : هو الدجال والصيحة "أو من تحت أرجلكم" وهو الخسف "أو يلبسكم شيعا" وهو اختلاف في الدين ، وطعن بعضكم على بعض" ويذيق بعضكم بأس بعض" وهو أن يقتل بعضكم بعضا وكل هذا في أهل القبلة .

5 - قرب الإسناد : ابن عيسى ، عن ابن أسباط قال : قلت لابي الحسن عليه السلام : جعلت فداك إن ثعلبة بن ميمون حدثني عن علي بن المغيرة ، عن زيد العمي ، عن علي بن الحسين عليهما السلام قال : يقوم قائمنا لموافاة الناس سنة قال : يقوم القائم بلا سفياني ؟ إن أمر القائم حتم من الله ، وأمر السفياني حتم من الله ، ولا يكون قائم إلا بسفياني ، قلت : جعلت فداك فيكون في هذه السنة ، قال : ما شاء الله قلت : يكون في التي يليها قال : يفعل الله ما يشاء .

الوصف التالي للسفياني مشابه نوعًا ما كذلك لوصف المسيح الدجال في الأبوكريفا المسيحية وكتب مذهب السنة، وواضح أنه مقتبَس منها:

36 - الكافي : ما جيلويه ، عن عمه ، عن الكوفي ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن اذينة قال أبوعبد الله عليه السلام : قال أبي عليه السلام : قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : يخرج ابن آكلة الأكباد من الوادي اليابس ، وهو رجل ربعة ، وحش الوجه ، ضخم الهامة بوجهه أثر الجدري إذا رأيته حسبته أعور اسمه عثمان وأبوه عنبسة وهو من ولد أبي سفيان حتى يأتي أرض " قرار ومعين " فيستوي على منبرها .

بيان : وحش الوجه : أي يستوحش من يراه ولا يستأنس به أحد ، أو بالخاء المعجمة وهو الردي من كل شئ ، والارض ذات القرار الكوفة أو النجف كما فسرت به في الاخبار .

والحديث التالي يقتبس من أوصاف قاتل ناقة قوم عاد الأسطورية في نصوص أحاديث السنة ونصوص تراث الوثنيين قبل الإسلام التي رووها لنا والتي نرى بعضها في مسند أحمد وقصص الأنبياء لابن كثير، فيوصف السفياني بأنه أشقر، والتشاؤم أو كره الشقر وحمر الشعر مصدره تفكير عنصري كريه لأنه نادر في عرب شبه جزيرة العرب:

37 - إكمال الدين : الهمداني ، عن علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن عمر بن يزيد ، قال : قال لي أبوعبد الله الصادق عليه السلام : إنك لو رأيت السفياني رأيت أخبث الناس ، أشقر أحمر أزرق ، يقول : يا رب يارب يارب ثم للنار ولقد بلغ من خبثه أنه يدفن ام ولد له وهي حية مخافة أن تدل عليه .

بيان : قوله : ثم للنار أي ثم مع إقراره ظاهرا بالرب يفعل ما يستوجب للنار ويصير إليها ، والاظهر ما سيأتي يا رب ثاري والنار مكررا

146 - الغيبة للنعماني : ابن عقدة ، عن حميد بن زياد ، عن علي بن الصباح ، عن أبي علي الحسن بن محمد ، عن جعفر بن محمد ، عن إبراهيم بن عبدالحميد ، عن أبي أيوب الخزاز ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر الباقر عليهما السلام قال : السفياني أحمر أشقر أزرق لم يعبد الله قط ولم ير مكة ولا المدينة قط يقول : يارب ثاري والنار ، يا رب ثاري والنار ( 1 ) .

( 1 ) يعنى يارب انى أطلب ثأرى ، ولوكان بد خول النار .

بل وحديث قاتل الناقة الأسطورية ورد في الكافي للكليني أيضًا، ج8/ حديث 214:

214- عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْعَبَّاسِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ( عليه السلام ) قَالَ قُلْتُ لَهُ كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ فَقالُوا أَ بَشَراً مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذاً لَفِي ضَلالٍ وَ سُعُرٍ أَ أُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ قَالَ هَذَا كَانَ بِمَا كَذَّبُوا بِهِ صَالِحاً وَ مَا أَهْلَكَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ قَوْماً قَطُّ حَتَّى يَبْعَثَ إِلَيْهِمْ قَبْلَ ذَلِكَ الرُّسُلَ فَيَحْتَجُّوا عَلَيْهِمْ فَبَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِمْ صَالِحاً فَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ فَلَمْ يُجِيبُوا وَ عَتَوْا عَلَيْهِ وَ قَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تُخْرِجَ لَنَا مِنْ هَذِهِ الصَّخْرَةِ نَاقَةً عُشَرَاءَ وَ كَانَتِ الصَّخْرَةُ يُعَظِّمُونَهَا وَ يَعْبُدُونَهَا وَ يُذَبِّحُونَ عِنْدَهَا فِي رَأْسِ كُلِّ سَنَةٍ وَ يَجْتَمِعُونَ عِنْدَهَا فَقَالُوا لَهُ إِنْ كُنْتَ كَمَا تَزْعُمُ نَبِيّاً رَسُولًا فَادْعُ لَنَا إِلَهَكَ حَتَّى تُخْرَجَ لَنَا مِنْ هَذِهِ الصَّخْرَةِ الصَّمَّاءِ نَاقَةٌ عُشَرَاءُ فَأَخْرَجَهَا اللَّهُ كَمَا طَلَبُوا مِنْهُ ثُمَّ أَوْحَى اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى إِلَيْهِ أَنْ يَا صَالِحُ قُلْ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ جَعَلَ لِهَذِهِ النَّاقَةِ [مِنَ الْمَاءِ] شِرْبَ يَوْمٍ وَ لَكُمْ شِرْبَ يَوْمٍ وَ كَانَتِ النَّاقَةُ إِذَا كَانَ يَوْمُ شِرْبِهَا شَرِبَتِ الْمَاءَ ذَلِكَ الْيَوْمَ فَيَحْلُبُونَهَا فَلَا يَبْقَى صَغِيرٌ وَ لَا كَبِيرٌ إِلَّا شَرِبَ مِنْ لَبَنِهَا يَوْمَهُمْ ذَلِكَ فَإِذَا كَانَ اللَّيْلُ وَ أَصْبَحُوا غَدَوْا إِلَى مَائِهِمْ فَشَرِبُوا مِنْهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ وَ لَمْ تَشْرَبِ النَّاقَةُ ذَلِكَ الْيَوْمَ فَمَكَثُوا بِذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ إِنَّهُمْ عَتَوْا عَلَى اللَّهِ وَ مَشَى بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ وَ قَالُوا اعْقِرُوا هَذِهِ النَّاقَةَ وَ اسْتَرِيحُوا مِنْهَا لَا نَرْضَى أَنْ يَكُونَ لَنَا شِرْبُ يَوْمٍ وَ لَهَا شِرْبُ يَوْمٍ ثُمَّ قَالُوا مَنِ الَّذِي يَلِي قَتْلَهَا وَ نَجْعَلَ لَهُ جُعْلًا مَا أَحَبَّ فَجَاءَهُمْ رَجُلٌ أَحْمَرُ أَشْقَرُ أَزْرَقُ وَلَدُ زِنًى لَا يُعْرَفُ لَهُ أَبٌ يُقَالُ لَهُ قُدَارٌ شَقِيٌّ مِنَ الْأَشْقِيَاءِ مَشْئُومٌ عَلَيْهِمْ فَجَعَلُوا لَهُ جُعْلًا فَلَمَّا تَوَجَّهَتِ النَّاقَةُ إِلَى الْمَاءِ الَّذِي كَانَتْ تَرِدُهُ تَرَكَهَا حَتَّى شَرِبَتِ الْمَاءَ وَ أَقْبَلَتْ رَاجِعَةً فَقَعَدَ لَهَا فِي طَرِيقِهَا فَضَرَبَهَا بِالسَّيْفِ ضَرْبَةً فَلَمْ تَعْمَلْ شَيْئاً فَضَرَبَهَا ضَرْبَةً أُخْرَى فَقَتَلَهَا وَ خَرَّتْ إِلَى الْأَرْضِ عَلَى جَنْبِهَا وَ هَرَبَ فَصِيلُهَا حَتَّى صَعِدَ إِلَى الْجَبَلِ فَرَغَى ثَلَاثَ مَرَّاتٍ إِلَى السَّمَاءِ وَ أَقْبَلَ قَوْمُ صَالِحٍ فَلَمْ يَبْقَ أَحَدٌ مِنْهُمْ إِلَّا شَرِكَهُ فِي ضَرْبَتِهِ وَ اقْتَسَمُوا لَحْمَهَا فِيمَا بَيْنَهُمْ فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ صَغِيرٌ وَ لَا كَبِيرٌ إِلَّا أَكَلَ مِنْهَا فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ صَالِحٌ أَقْبَلَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ يَا قَوْمِ مَا دَعَاكُمْ إِلَى مَا صَنَعْتُمْ أَ عَصَيْتُمْ رَبَّكُمْ فَأَوْحَى اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى إِلَى صَالِحٍ ( عليه السلام ) أَنَّ قَوْمَكَ قَدْ طَغَوْا وَ بَغَوْا وَ قَتَلُوا نَاقَةً بَعَثْتُهَا إِلَيْهِمْ حُجَّةً عَلَيْهِمْ وَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمْ فِيهَا ضَرَرٌ وَ كَانَ لَهُمْ مِنْهَا أَعْظَمُ الْمَنْفَعَةِ فَقُلْ لَهُمْ إِنِّي مُرْسِلٌ عَلَيْكُمْ عَذَابِي إِلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَإِنْ هُمْ تَابُوا وَ رَجَعُوا قَبِلْتُ تَوْبَتَهُمْ وَ صَدَدْتُ عَنْهُمْ وَ إِنْ هُمْ لَمْ يَتُوبُوا وَ لَمْ يَرْجِعُوا بَعَثْتُ عَلَيْهِمْ عَذَابِي فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ فَأَتَاهُمْ صَالِحٌ ( عليه السلام ) فَقَالَ لَهُمْ يَا قَوْمِ إِنِّي رَسُولُ رَبِّكُمْ إِلَيْكُمْ وَ هُوَ يَقُولُ لَكُمْ إِنْ أَنْتُمْ تُبْتُمْ وَ رَجَعْتُمْ وَ اسْتَغْفَرْتُمْ غَفَرْتُ لَكُمْ وَ تُبْتُ عَلَيْكُمْ فَلَمَّا قَالَ لَهُمْ ذَلِكَ كَانُوا أَعْتَى مَا كَانُوا وَ أَخْبَثَ وَ قَالُوا يا صالِحُ ائْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ [الصَّادِقِينَ] قَالَ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ تُصْبِحُونَ غَداً وَ وُجُوهُكُمْ مُصْفَرَّةٌ وَ الْيَوْمَ الثَّانِيَ وُجُوهُكُمْ مُحْمَرَّةٌ وَ الْيَوْمَ الثَّالِثَ وُجُوهُكُمْ مُسْوَدَّةٌ فَلَمَّا أَنْ كَانَ أَوَّلُ يَوْمٍ أَصْبَحُوا وَ وُجُوهُهُمْ مُصْفَرَّةٌ فَمَشَى بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ وَ قَالُوا قَدْ جَاءَكُمْ مَا قَالَ لَكُمْ صَالِحٌ فَقَالَ الْعُتَاةُ مِنْهُمْ لَا نَسْمَعُ قَوْلَ صَالِحٍ
وَ لَا نَقْبَلُ قَوْلَهُ وَ إِنْ كَانَ عَظِيماً فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّانِي أَصْبَحَتْ وُجُوهُهُمْ مُحْمَرَّةً فَمَشَى بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ فَقَالُوا يَا قَوْمِ قَدْ جَاءَكُمْ مَا قَالَ لَكُمْ صَالِحٌ فَقَالَ الْعُتَاةُ مِنْهُمْ لَوْ أُهْلِكْنَا جَمِيعاً مَا سَمِعْنَا قَوْلَ صَالِحٍ وَ لَا تَرَكْنَا آلِهَتَنَا الَّتِي كَانَ آبَاؤُنَا يَعْبُدُونَهَا وَ لَمْ يَتُوبُوا وَ لَمْ يَرْجِعُوا فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ أَصْبَحُوا وَ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ فَمَشَى بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ وَ قَالُوا يَا قَوْمِ أَتَاكُمْ مَا قَالَ لَكُمْ صَالِحٌ فَقَالَ الْعُتَاةُ مِنْهُمْ قَدْ أَتَانَا مَا قَالَ لَنَا صَالِحٌ فَلَمَّا كَانَ نِصْفُ اللَّيْلِ أَتَاهُمْ جَبْرَئِيلُ ( عليه السلام ) فَصَرَخَ بِهِمْ صَرْخَةً خَرَقَتْ تِلْكَ الصَّرْخَةُ أَسْمَاعَهُمْ وَ فَلَقَتْ قُلُوبَهُمْ وَ صَدَعَتْ أَكْبَادَهُمْ وَ قَدْ كَانُوا فِي تِلْكَ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ قَدْ تَحَنَّطُوا وَ تَكَفَّنُوا وَ عَلِمُوا أَنَّ الْعَذَابَ نَازِلٌ بِهِمْ فَمَاتُوا أَجْمَعُونَ فِي طَرْفَةِ عَيْنٍ صَغِيرُهُمْ وَ كَبِيرُهُمْ فَلَمْ يَبْقَ لَهُمْ نَاعِقَةٌ وَ لَا رَاغِيَةٌ وَ لَا شَيْ‏ءٌ إِلَّا أَهْلَكَهُ اللَّهُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ وَ مَضَاجِعِهِمْ مَوْتَى أَجْمَعِينَ ثُمَّ أَرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَعَ الصَّيْحَةِ النَّارَ مِنَ السَّمَاءِ فَأَحْرَقَتْهُمْ أَجْمَعِينَ وَ كَانَتْ هَذِهِ قِصَّتَهُمْ .

ومع ذلك ذكرت نصوص مذهب السنة أن الدجال رجل أحمر، ولعل هذه إشارة للشقرة والبياض الشديد، ومنبع الفكرة الخرافية التشاؤمية العنصرية واحد وهو خرافات وبلاهات الوثنيين العرب القدماء في شبه جزيرة العرب الصحراوية، راجع مثلًا البخاري 7128 و مسلم 171.

وعند الشيعة أن السفياني يدخل مسجد دمشق ليصعد على منبره، لكنه لا يدعي الألوهية، فيخرج له المهدي ليحاربه، وهناك شبه بعيد هنا مع قصة دخول عدو المسيح الهيكل واستقراره به:

144 - الغيبة للنعماني : علي بن أحمد ، عن عبيدالله بن موسى ، عن محمد بن موسى عن أحمد بن أبي أحمد ، عن إسماعيل بن عياش ، عن مهاجر بن حليم ، عن المغيرة ابن سعد ، عن أبي جعفر الباقر عليه السلام ( أنه قال ) إذا اختلف رمحان بالشام لم تنجل إلا عن آية من آيات الله ، قيل : وما هي يا أمير المؤمنين قال : رجفة تكون بالشام يهلك فيها أكثر من مائة ألف ، يجعله الله رحمة للمؤمنين ، وعذابا على الكافرين فإذا كان كذلك فانظروا إلى أصحاب البراذين الشهب المخذوفة والرايات الصفر تقبل من المغرب ، حتى تحل بالشام ، وذلك عند الجزع الاكبر ، والموت الاحمر . فاذا كان ذلك فانظروا خسف قرية من قرى دمشق يقال لها حرشا، فاذا كان ذلك خرج ابن آكلة الاكباد من الوادي حتى يستوي على منبر دمشق فاذا كان ذلك فانتظروا خروج المهدي .

توضيح : لعل المراد بالمحذوفة مقطوعة الآذان أو الاذناب أو قصير تهما .

وورد أن السفياني يملك تسعة شهور، وهذا مقتبَس من أسطورة هاجادية كما ذكرنا عن ملك الروم أو مملكة الشر في آخر الزمان الأسطوري، وفي بحار الأنوار ج25:

74 - الغيبة للطوسي : قرقارة ، عن محمد بن خلف ، عن الحسن بن صالح بن الاسود عن عبدالجبار بن العباس الهمداني ، عن عمار الدهني قال : قال أبو جعفر عليه السلام : كم تعدون بقاء السفياني فيكم ؟ قال : قلت : حمل امرأة تسعة أشهر قال : ما أعلمكم يا أهل الكوفة .

بيان : يحتمل أن يكون بعض أخبار مدة السفياني محمولا على التقية لكونه مذكورا في رواياتهم ، أوعلى أنه مما يحتمل أن يقع فيه البداء فيحتمل هذه المقادير ، أويكون المراد مدة استقرار دولته ، وذلك مما يختلف بحسب الاعتبار ويؤمئ إليه خبر موسى بن أعين الآتي وخبر محمد بن مسلم الذي سبق .

130 - الغيبة للنعماني : ابن عقدة ، عن محمد بن المفضل بن إبراهيم ، عن ابن فضال ، عن ثعلبة ، عن عيسى بن أعين ( 2 ) عن أبي عبد الله عليه السلام قال : السفياني من المحتوم وخروجه من أول خروجه إلى آخره خمسة عشر شهرا : سته أشهر يقاتل فيها فإذا ملك الكور الخمس ملك تسعة أشهر ولم يزد عليها يوما .

141 - الغيبة للنعماني : ابن عقدة ، عن علي بن الحسن التيملي ، عن العباس بن عامر ابن رباح ، عن محمد بن الربيع الاقرع ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله جعفر ( ابن محمد ) عليهما السلام أنه قال : إذا استولى السفياني على الكور الخمس فعدوا له تسعة أشهر ، وزعم هشام أن الكور الخمس دمشق وفلسطين والاردن وحمص وحلب .

142 - الغيبة للنعماني : علي بن أحمد ، عن عبيدالله بن موسى ، عن عبد الله بن محمد ، عن محمد بن خالد ، عن الحسن بن المبارك ، عن أبي إسحاق الهمداني ، عن الحارث عن علي عليه السلام أنه قال : المهدي أقبل ، جعد ، بخده خال ، يكون مبدأه من قبل المشرق ، وإذا كان ذلك خرج السفياني فيملك قدر حمل امرأة تسعة أشهر يخرج بالشام فينقاد له أهل الشام إلا طوائف من المقيمين على الحق ، يعصمهم الله من الخروج معه ، ويأتي المدينة بجيش جرار ، حتى إذا انتهى إلى بيداء المدينة خسف الله به وذلك قول الله عز وجل في كتابه : " ولو ترى إذ وقفوا فلا فوت واخذوا من مكان قريب ".

ذكره لحمل المرأة كتشبيه يؤكد لنا الأصل من الهاجادة المفسرة لنص كتابي أوردناهما كليهما النص الكتابي التفسير الهاجادي واعتراض الرابي راشي شلمو يتسحاقي عليه في الموضوع عن أصل مكوث السفياني تسعة شهور في نصوص الشيعة الاثناعشرية.

38 - إكمال الدين : أبي وابن الوليد معا ، عن محمد بن أبي القاسم ، عن الكوفي ، عن الحسين بن سفيان ، عن قتيبة بن محمد ، عن عبد الله بن أبي منصور ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن اسم السفياني فقال : وما تصنع باسمه ؟ إذا ملك كنوز الشام الخمس : دمشق وحمص وفلسطين والاردن وقنسرين ، فتوقعوا عند ذلك الفرج قلت : يملك تسعة أشهر ؟ قال : لا ولكن يملك ثمانية أشهر لا يزيد يوما .

لؤي عشري 10-10-2018 08:50 PM

وإذا كانت الأسطورة المسيحية الأبوكريفية قالت أن عدو المسيح الكاذب يستولي على امبراطورية الروم ويصير ملكًا عليها، فإن أحد أحاديث الشيعة الاثناعشرية جعلت السفياني يذهب للروم ويتنصر ويصير حليفًا لهم بحسب الأسطورة الشيعية، لكن الفارق بين التراث الأبوكريفي والشيعي أنه في الأبوكريفي وفي رؤيا يوحنا والأناجيل القانونية لا يتنصر ولا يتبع أي دين بل يدعي أنه إله الكون:

75 - الغيبة للطوسي : قرقارة ، عن إسماعيل بن عبد الله بن ميمون ، عن محمد بن عبدالرحمن ، عن جعفر بن سعد الكاهلي ، عن الاعمش ، عن بشير بن غالب قال: يقبل السفياني من بلاد الروم متنصرا ، في عنقه صليب وهو صاحب القوم .

- وفي (مختصر بصائر الدرجات للحسن بن سليمان الحلي: ص199«وخروج السفياني براية خضراء وصليب من ذهب»).
- ومن خطبة منسوبة لعلي بن أبي طالب تسمى المخزون: .... وخروج السفياني براية خضراء ، وصليب من ذهب ، أميرها رجل من كلب واثني عشر ألف عنان من يحمل السفياني متوجها إلى مكة والمدينة، أميرها أحد من بني أمية يقال له: خزيمة أطمس العين الشمال على عينه ، طرفة يميل بالدنيا فلا ترد له راية حتى ينزل المدينة فيجمع رجالا ونساء من آل محمد ص فيحبسهم في دار بالمدينة يقال لها : دار أبي الحسن الأموي .
ويبعث خيلا في طلب رجل من آل محمد ص قد اجتمع عليه رجال من المستضعفين بمكة أميرهم رجل من غطفان ، حتى إذا توسطوا الصفائح الأبيض بالبيداء ، يخسف بهم ، فلا ينجو منهم أحد إلا رجل واحد يحول الله وجهه في قفاه لينذرهم، وليكون آية لمن خلفه ، فيومئذ تأويل هذه الآية " ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت وأخذوا من مكان قريب " ويبعث السفياني مائة وثلاثين ألفا إلى الكوفة فينزلون بالروحاء والفاروق، وموضع مريم وعيسى عليهما السلام بالقادسية ويسير منهم ثمانون ألفا حتى ينزلوا الكوفة موضع قبر هود عليه السلام بالنخيلة فيهجموا عليه يوم زينة وأمير الناس جبار عنيد يقال له : الكاهن الساحر فيخرج من مدينة يقال له : الزوراء في خمسة آلاف من الكهنة ، ويقتل على جسرها سبعين ألفا حتى يحتمي الناس الفرات ثلاثة أيام من الدماء ، ونتن الأجساد ، ويسبي من الكوفة أبكارا لا يكشف عنها كف ولا قناع ، حتى يوضعن في المحامل يزلف بهن الثوية وهي الغريين .

وعلى غرار ما ذكرته كتابات آباء الكنيسة كهيبوليتُس الرومي (نسخة أخرى للنص مشكوك في نسبتها لهيبوليتُس منشورة في سلسلة آباء ما قبل مجمع نيقية ج5 Ante-Nicene fathers, volume 5, page 604 and after) وكيرلس الأورشليمي في العظة 15 للمتنصرين/ فقرة 12، وراجع نصيهما في موضعهما من كتابي هذا، وغيرهما من آباء الكنيسة، أنه يتظاهر بالصلاح والطيبة والإحسان والاستقامة حتى يتوصل للمُلك والشعبية ثم يظهر شره ووحشيته وفجوره، فكذلك اقتبست هذه الأسطورة رواية شيعية اثناعشرية (والشيعة الاثناعشرية أعلم المسلمين وأكثرهم اطلاعًا على الأبوكريفا والتراث الكتابي وكانوا الأكثر تواصلًا وتعلمًا من أهل الكتاب وتعلمًا للغاتهم):

قال الشيخ الفضل بن شاذان: حدَّثنا محمَّد بن أبي عمير رضي الله عنه، قال: حدَّثنا جميل بن درَّاج قال: حدَّثنا زرارة بن أعين، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ( استعيذوا بالله من شرِّ السفياني، والدَّجَّال، وغيرهما من أصحاب الفتن). قيل له: يا ابن رسول الله! أما الدجَّال فعرفناه وقد بيِّن من مضامين أحاديثكم شأنه، فمن السفياني، وغيره من أصحاب الفتن، وما يصنعون؟ قال عليه السلام: ( أوَّل من يخرج منهم رجلٌ يقال له: أصهب بن قيس يخرج من بلاد الجزيرة له نكاية شديدة في النَّاس، وجور عظيم. ثمَّ يخرج الجرهميّ من بلاد الشام. ويخرج القحطانيّ من بلاد اليمن. ولكلِّ واحدٍ من هؤلاء شوكة عظيمة في ولايتهم، ويغلب على أهلها الظلم، والفتنة منهم؛ فبينما هم كذلك إذ يخرج عليهم السَّمرقندي من خراسان مع الرَّايات السود، والسفياني من الوادي اليابس من أودية الشام، وهو من ولد عتبة بن أبي سفيان، وهذا الملعون يُظهر الزهد قبل خروجه، ويتقشَّف، ويتقنَّع بخبز الشعير، والملح الجريش، ويبذل الأموال، فيجلب بذلك قلوب الجهَّال والأرذال؛ ثمَّ يدَّعي الخلافة فيبايعونه، ويتَّبعهم العلماء الذين يكتمون الحقَّ ويظهرون الباطل، فيقولون: إنَّه خير أهل الأرض. وقد يكون خروجه، وخروج اليماني من اليمن مع الرَّايات البيض في يومٍ واحدٍ، وسنة واحدة؛ فأوَّل مَنْ يقاتل السفياني القحطانيُّ فينهزم ويرجع إلى اليمن، فيقتله اليماني. ثمَّ يفرُّ الأصهب، والجرهميّ بعد محاربات كثيرة من السفياني، فيتبعهما، ويقهرهما، ويقهر كلَّ من ينازعه، ويحاربه إلاّ اليمانيّ. ثمَّ يبعث السفيانيّ جيوشاً إلى الأطراف، ويسخِّر كثيراً من البلاد، ويبالغ في القتل، والفساد، ويذهب إلى الرُّوم لدفع الملك الخراسانيّ ويرجع منها متنصِّراً في عنقه صليب. ثمَّ يقصد اليمانيّ، فينهض اليمانيّ لدفع شرِّه، فينهزم السفياني بعد محاربات عديدة، ومقاتلات شديدة، فيتبعه اليمانيُّ، فتكثر الحروب وهزيمة السفياني، فيجده اليماني في آخر الأمر مع ابنه في الأسارى فيقطّعهما إرباً إرباً. )

الرواية من مختصر اثبات الرجعة للشيخ الفضل بن شاذان، ومن مؤيّدات (شواهد) هذا الحديث ما ونقله أبو جعفر الطوسي عنه في كتاب الغيبة بهذا الطريق: عنه، عن سيف بن عميرة، عن بكر بن محمّد الأزدي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: خروج الثلاثة: الخرساني، و السفياني، واليماني في سنة واحدة، في شهر واحد، في يوم واحد، فليس فيها راية بأهدى من راية اليماني تهدي إلى الحق- الغيبة للطوسي: 446 و447/ فقرة 443 ونقلها عن الفضلِ بنِ شاذان المؤلفُ محمّد صادق الخاتون آبادي في كشف الحق أو الأربعون/ الحديث 29 .

وقصة خروج المسيح الدجال من خراسان في فارس (إيران) ذكرنا في بحث (أصل زردشتي لأسطورة قدوم المسيح الدجال من المشرق) أن لها أصلًا معكوسًا من اعتقاد الزردشتيين بأن حفيد زردشت المنتظَر عندهم في آخر الزمان لنصرة دين زردشت يأتي في آخر الزمان، فلكون المسلمين سنة وشيعة قاوموا الأسطورة بأسطورة مضادة جعلوا مسيح اليهود المنتظر في دينهم ومنتظر الزردشتيين هو المسيح الدجال في الإسلام، وهذه الأسطورة كما وردت في كتب السنيين، وردت عند الشيعة الاثناعشرية، ففي بحار الأنوار، نقلًا عن كتبهم:
19 – بصائر الدرجات : معاوية بن حكيم ، عن محمد بن شعيب بن غزوان ، عن رجل عن أبي جعفر عليه السلام قال : دخل عليه رجل من أهل بلخ فقال له : يا خراساني تعرف وادي كذا وكذا ؟ قال : نعم ، قال له : تعرف صدعا في الوادي من صفته كذا وكذا ؟ قال : نعم ، ( قال : ) من ذلك يخرج الدجال .
قال : ثم دخل عليه رجل من أهل اليمن ، فقال له : يا يماني أتعرف شعب كذا وكذا ؟ قال : نعم ، قال له : تعرف شجرة في الشعب من صفتها كذا وكذا ؟ قال له : نعم ، قال له : تعرف صخرة تحت الشجرة ؟ قال له : نعم ، قال : فتلك الصخرة التي حفظت ألواح موسى على محمد صلى الله عليه واله .

172 - كتاب المحتضر: للحسن بن سليمان نقلا من كتاب المعراج للشيخ الصالح أبي محمد الحسن ، باسناده عن الصدوق ( 1 ) ، عن ابن إدريس ، عن أبيه ، عن سهل ، عن محمد بن آدم النسائي ، عن أبيه آدم بن أبي أياس ، عن المبارك بن فضالة عن وهب بن منبه رفعه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله : إنه لما عرج بي ربي جل جلاله ، أتاني النداء : يامحمد ! قلت : لبيك رب العظمة لبيك فأوحى إلى : يا محمد ! فيم اختصم الملا الاعلى ؟ قلت : إلهي لا علم لي ، فقال لي : يامحمد ! هل اتخذت من الآدميين وزيرا وأخا ووصيا من بعدك ؟ فقلت : إلهي ومن أتخذ ؟ تخير أنت لي يا إلهي .
فأوحى إلي : يا محمد ! قد اخترت لك من الادميين علي بن أبي طالب فقلت : إلهي ابن عمي ؟ فأوحى إلي : يا محمد ! إن عليا وارثك ووارث العلم من بعدك ، وصاحب لوائك لواء الحمد يوم القيامة ، وصاحب حوضك ، يسقي من ورد عليه من مؤمني امتك .
ثم أو حى إلي أني قد أقسمت على نفسي قسما حقا لا يشرب من ذلك الحوض مبغض لك ولاهل بيتك وذريتك الطيبين ، حقا ( حقا ) أقول يا محمد ! لا دخلن الجنة جميع امتك إلا من أبى .
فقلت : إلهي وأحد يأبى دخول الجنة ؟ فأوحى إلي : بلى يأبى ، قلت : وكيف يأبى ؟ فأوحى إلي يامحمد اخترتك من خلقي واخترت لك وصيا من بعدك وجعلته منك بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لانبي بعدك ، وألقيت محبته في قلبك ، وجعلته أبا لولدك ، فحقه بعدك على امتك ، كحقك عليهم في حياتك فمن جحد حقه جحد حقك ، ومن أبى أن يواليه فقد أبى أن يدخل الجنة .
فخررت لله عز وجل ساجدا شكرا لما أنعم علي ، فاذا مناد ينادي : يا محمد ! ارفع رأسك ! سلني اعطك ، فقلت : إلهي أجمع امتي من بعدي على ولاية علي بن أبي طالب ، ليردوا علي جميعا حوضي يوم القيامة .
فأوحى إلي : يا محمد ! إني قد قضيت في عبادي قبل أن أخلقهم ، وقضائي ما ض فيهم ، لاهلك به من أشاء ، وأهدي به من أشاء ، وقد آتيته علمك من بعدك وجعلته وزيرك ، وخليفتك من بعدك على أهلك وامتك ، عزيمة ، مني : لا يدخل الجنة من أبغضه وعاداه وأنكر ولايته من بعدك ، فمن أبغضه أبغضك ، ومن أبغضك أبغضني ، ومن عاداه فقد عاداه فقد عاداك ، ومن عاداك فقد عاداني ، ومن أحبه فقد أحبك ، ومن أحبك فقد أحبني .
وقد جعلت ( له ) هذه الفضيلة ، وأعطيتك أن اخرج من صلبه أحد عشر مهديا ، كلهم من ذريتك ، من البكر البتول ، آخر رجل منهم يصلي خلفه عيسى ابن مريم ، يملا الارض عدلا كما ملئت جورا وظلمنا .
انجي به من الهلكة واهدي به من الضلالة ، وابرئ الاعمى ، واشفي به المريض .
قلت : إلهي فمتى يكون ذلك ؟ فأوحى إلي عز وجل : يكون ذلك إذا رفع العلم ، وظهر الجهل ، وكثر القراء ، وقل العمل ، وكثر الفتك ( 1 ) وقل الفقهاء الهادون ، وكثر فقهاء الضلالة الخونة ، وكثر الشعراء .
واتخذ امتك قبور هم مساجد ، وحليت المصاحف ، وزخرفت المساجد ، وكثر الجور والفساد ، وظهر المنكر ، وأمر امتك به ، ونهوا عن المعروف ، واكتفى الرجال بالرجال ، والنساء بالنساء ، وصارت الامراء كفرة ، وأولياؤهم فجرة وأعوانهم ظلمة ، وذووالرأي منهم فسقه .
وعند ( ذلك ) ثلاثة خسوف : خسف بالمشرق ، وخسف بالمغرب ، وخسف بجزيرة العرب ، وخراب البصرة على يدي رجل من ذريتك يتبعه الزنوج ، وخروج ولد من ولد الحسن بن علي عليهما السلام وظهور الدجال يخرج بالمشرق من سجستان ، وظهور السفياني .
فقلت : إلهي وما يكون بعدي من الفتن ؟ فأوحى إلي وأخبرني ببلاء بني امية ، وفتنة ولد عمي ، وما هو كائن إلى يوم القيامة ، فأوصيت بذلك ابن عمي حين هبطت إلى الارض ، وأديت الرسالة ، فلله الحمد على ذلك ، كما حمده النبيون ، وكما حمده كل شئ قبلي ، وما هو خالقه إلى يوم القيامة .

( 1 ) وقد رواه الصدوق في كمال الدين ج 1 ص 361 - 364 وفيه : عن محمد بن آدم الشيبانى وقد أخرجه المصنف رحمه الله فيما سبق ج 51 ص 68 وكتب له بيانا وجعلناه تحت الرقم 11 فراجع .
( 1 ) في نسخة كمال الدين ج 1 ص 363 وهكذا فيما مر عليك في ج 51 ص 70 : " القتل " .

وذكرت نصوص أخرى على نحو عشوائي _بلا تنسيق مع رواة الأسطورة الأولى عن المسيح الدجال اليهودي_ ما قد يكون مسمى آخر لحفيد زردشت الأسطوري المنتظر في أسطورة معاكسة مضادة إسلامية شيعية تصفه بالزنديق الذي سيخرج من قزوين:

61 - الغيبة للطوسي : الفضل ، عن ابن أبي نجران ، عن محمد بن سنان ، عن أبي الجارود عن محمد بن بشر ، عن محمد بن الحنفية قال : قلت له : قد طال هذا الامر حتى متى ؟ قال : فحرك رأسه ثم قال : أنى يكون ذلك ولم يعض الزمان ؟ أنى يكون ذلك ولم يجفوا الاخوان ؟ أنى يكون ذلك ولم يظلم السلطان ؟ أنى يكون ذلك ولم يقم الزنديق من قزوين ، فيهتك ستورها ، ويكفر صدورها ، ويغير سورها ، ويذهب ببهجتها ؟ من فر منه أدركه ، ومن حاربه قتله ، ومن اعتزله افتقر ، ومن تابعه كفر حتى يقوم باكيان : باك يبكي على دينه ، وباك يبكي على دنياه .

66 - الغيبة للطوسي : روي عن النبي صلى الله عليه واله أنه قال : يخرج بقزوين رجل اسمه اسم نبي يسرع الناس إلى طاعته ، المشرك والمؤمن، يملا الجبال خوفا.

لكن الشيعة احتفظوا بأسطورة قدوم المنتظَر الصالح من الشرق من إيران أيضًا:

142 - الغيبة للنعماني : علي بن أحمد ، عن عبيدالله بن موسى ، عن عبد الله بن محمد ، عن محمد بن خالد ، عن الحسن بن المبارك ، عن أبي إسحاق الهمداني ، عن الحارث عن علي عليه السلام أنه قال : المهدي أقبل ، جعد ، بخده خال ، يكون مبدأه من قبل المشرق ، وإذا كان ذلك خرج السفياني فيملك قدر حمل امرأة تسعة أشهر يخرج بالشام فينقاد له أهل الشام إلا طوائف من المقيمين على الحق ، يعصمهم الله من الخروج معه ، ويأتي المدينة بجيش جرار ، حتى إذا انتهى إلى بيداء المدينة خسف الله به وذلك قول الله عز وجل في كتابه : " ولو ترى إذ وقفوا فلا فوت واخذوا من مكان قريب ".
167 - وبإسناده عن إسحاق يرفعه إلى الاصبغ بن نباتة قال : سمعت أمير المؤمنين عليه السلام يقول للناس : سلوني قبل أن تفقدوني لاني بطرق السماء أعلم من العلماء ، وبطرق الارض أعلم من العالم ، أنا يعسوب الدين ، أنا يعسوب المؤمنين وإمام المتقين ، وديان الناس يوم الدين ، أنا قاسم النار ، وخازن الجنان ، وصاحب الحوض والميزان ، وصاحب الاعراف فليس منا إمام إلا وهو عارف بجميع أهل ولايته ، وذلك قوله عز وجل " إنما أنت منذر ولكل قوم هاد "....إلخ.......ثم يخرج من الكوفة مائة ألف ما بين مشرك ومنافق ، حتى يقدموا دمشق لا يصد هم عنها صاد ، وهي إرم ذات العماد ، وتقبل رايات من شرقي الارض غير معلمة ، ليست بقطن ولا كتان ولا حرير ، مختوم في رأس القناة بخاتم السيد الاكبر يسوقها رجل من آل محمد تظهر بالمشرق ، وتوجد ريحها بالمغرب كالمسك الاذفر يسيرالرعب أمامها بشهر حتى ينزلوا الكوفة طالبين بدماء آبائهم. .........

وأوردت هنا في الكتاب النصوص التي تذكر خروج رايات سود من خراسان تدعم وتناصر المهدي المنتظر حسب التراث الشيعي وبعض الأحاديث السنية المنقولة عن الشيعة، وذكرت في موسوعة القبر المحفور للإسلام/ باب المصادر الوثنية والحنيفية والزردشتية والصابئية أصلًا زردشتيًّا لأسطورة الرايات السود التي سيدعم من هم تحتها من جنود حفيدَ زردشت المنتظَر.

وانظر بعض أحاديث الشيعة الاثناعشرية عن عقائد المسيح الدجال في بحار الأنوار ج 52، باب 25: علامات ظهوره (المهدي) صلوات الله عليه من السفياني والدجّال وغير ذلك وفيه ذكر بعض أشراط الساعة

وتذكر النصوص الشيعية الاثناعشرية ومعها كتاب الفتن لنعيم بن حماد خروج شخصيات منشقة كثيرة تحارب وتعادي السفياني هي الخراساني (الهاشمي الحسني) واليماني والقحطاني، والاثنان الأولان مؤيدان للشيعة والمهدي المنتظر ويمهدان له، وكثرة الحروب والفرق علامة على نهاية الزمان حسب خرافات كل الأديان عموما ومنها كتابات آباء المسيحية، جاء في بحار الأنوار ج25 و26:

96 - الغيبة للنعماني ابن عقدة ، عن أحمد بن يوسف ، عن ابن مهران ، عن ابن البطائني عن أبيه ، ووهيب ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال....... ثم قال عليه السلام : إذا اختلف بنو فلان فيما بينهم ، فعند ذلك فانتظروا الفرج وليس فرجكم إلا في اختلاف بني فلان ، فاذا اختلفوا فتوقعوا الصيحة في شهر رمضان بخروج القائم ، إن الله يفعل ما يشاء ، ولن يخرج القائم ولا ترون ما تحبون حتى يختلف بنوفلان فيما بينهم ، فاذا كان ذلك طمع الناس فيهم واختلفت الكلمة ، وخرج السفياني وقال : لابد لبني فلان أن يملكوا ، فإذا ملكوا ثم اختلفوا تفرق كلهم وتشتت أمرهم حتى يخرج عليهم الخراساني والسفياني : هذا من المشرق ، وهذا من المغرب ، يستبقان إلى الكوفة كفرسي رهان : هذا من هنا ، وهذا من هنا حتى يكون هلاك بني فلان على أيديهما ، أما إنهما لا يبقون منهم أحدا .
ثم قال عليه السلام : خروج السفياني واليماني والخراساني في سنة واحدة وفي شهر واحد في يوم واحد ونظام كنظام الخر زيتبع بعضه بعضا فيكون البأس من كل وجه ، ويل لمن ناواهم .
وليس في الرايات أهدى من راية اليماني هي راية هدى لانه يدعو إلى صاحبكم ، فاذا خرج اليماني حرم بيع السلاح على ( الناس و ) كل مسلم وإذا خرج اليماني فانهض إليه ، فإن رأيته راية هدى ، ولا يحل لمسلم أن يلتوي عليه ، فمن فعل فهو من أهل النار ، لانه يدعو إلى الحق وإلى طريق مستقيم . ...........

أما اليماني الأسطوري فنجد تعاطفًا وتأييدًا نسبيًّا له في نصوصهم، وأنه لو اضطر المضطر فليدخل تحت لوائه لا لواء غيره لأنه يناصر الحق، ويبدو أن اليماني يرمز أسطوريًّا للشيعة الزيديين في اليمن، أو الأقلية الاثناعشرية فيهم:

52 - الغيبة للطوسي : الفضل ، عن سيف بن عميرة ، عن بكر بن محمد الازدي ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : خروج الثلاثة الخراساني والسفياني واليماني في سنة واحدة في شهر واحد في يوم واحد ، وليس فيها راية بأهدى من راية اليماني يهدي إلى الحق الإرشاد للمفيد : ابن عميرة مثله .

53 - الغيبة للطوسي : الفضل ، عن ابن فضال ، عن ابن بكير ، عن محمد بن مسلم قال : يخرج قبل السفياني مصري ويماني .

96 - الغيبة للنعماني ابن عقدة ، عن أحمد بن يوسف ، عن ابن مهران ، عن ابن البطائني عن أبيه ، ووهيب ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال....... ثم قال عليه السلام : إذا اختلف بنو فلان فيما بينهم ، فعند ذلك فانتظروا الفرج وليس فرجكم إلا في اختلاف بني فلان ، فاذا اختلفوا فتوقعوا الصيحة في شهر رمضان بخروج القائم ، إن الله يفعل ما يشاء ، ولن يخرج القائم ولا ترون ما تحبون حتى يختلف بنوفلان فيما بينهم ، فاذا كان ذلك طمع الناس فيهم واختلفت الكلمة ، وخرج السفياني وقال : لابد لبني فلان أن يملكوا ، فإذا ملكوا ثم اختلفوا تفرق كلهم وتشتت أمرهم حتى يخرج عليهم الخراساني والسفياني : هذا من المشرق ، وهذا من المغرب ، يستبقان إلى الكوفة كفرسي رهان : هذا من هنا ، وهذا من هنا حتى يكون هلاك بني فلان على أيديهما ، أما إنهما لا يبقون منهم أحدا .
ثم قال عليه السلام : خروج السفياني واليماني والخراساني في سنة واحدة وفي شهر واحد في يوم واحد ونظام كنظام الخر زيتبع بعضه بعضا فيكون البأس من كل وجه ، ويل لمن ناواهم .
وليس في الرايات أهدى من راية اليماني هي راية هدى لانه يدعو إلى صاحبكم ، فاذا خرج اليماني حرم بيع السلاح على ( الناس و ) كل مسلم وإذا خرج اليماني فانهض إليه ، فإن رأيته راية هدى ، ولا يحل لمسلم أن يلتوي عليه ، فمن فعل فهو من أهل النار ، لانه يدعو إلى الحق وإلى طريق مستقيم . ...........

29 - إكمال الدين : أبي ، عن الحميري ، عن إبراهيم بن مهزيار ، عن أخيه علي ، عن الاهوازي ، عن صفوان ، عن محمد بن حكيم ، عن ميمون البان، عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال : خمس قبل قيام القائم عليه السلام : اليماني والسفياني والمنادي ينادي من السماء وخسف بالبيداء وقتل النفس الزكية .

ومما جاء في الكتب الشيعية الاثناعشرية، وكتاب الفتن لنعيم بن حماد:
عن أبي جعفر الباقر عليه السلام ( أنه سمعه يقول: لابد أن يملك بنو العباس فإذا ملكوا واختلفوا وتشتتأمرهم خرج عليهم الخراساني والسفياني: هذا من المشرق، وهذا من المغرب، يستبقان أيديهما أما إنهما لايبقون منهم أحدا(أبدا)) البحار ج52 ص235 عن الغيبة للنعماني

عن جعفر الصادق عليه السلام قال: ( خروج الثلاثة الخراساني والسفياني واليماني في سنة واحدة ، في شهر واحد ، في يوم واحد ، فليس فيها راية بأهدى من راية اليماني، تهدي إلى الحق ). معجم أحاديث الامام المهدي ج3: ص 472 الحديث 1037 (13 مصدر واخرى).

حدثنا محمد بن عبد الله التيهرتي عن معاوية بن صالح عن شريح بن عبيد وراشد بن سعد وضمرة بن حبيب ومشايخهم قالوا ( يبعث السفياني خيله وجنوده فيبلغ عامة الشرق من أرض خراسان وأرض فارس فيثور بهم أهل المشرق فيقاتلونهم ويكون بينهم وقعات في غير موضع فإذا طال عليهم قتالهم إياه بايعوا رجلا من بني هاشم وهو يومئذ في آخر الشرق فيخرج بأهل خراسان على مقدمته رجل من بني تميم مولى لهم أصفر قليل اللحية يخرج إليه في خمسة آلاف إذا بلغه خروجه فيبايعه فيصيره على مقدمته لو استقبلته الجبال الرواسي لهدها فيلتقي هو وخيل السفياني فيهزمهم ويقتل منهم مقتلة عظيمة ...). كتاب الفتن- نعيم بن حماد المروزي\ ج 5

عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال (إذا خرجت خيل السفياني إلى الكوفة، بعث في طلب أهل خراسان،ويخرج أهل خراسان في طلب المهدي، فيلتقي هو والهاشمي برايات سود، على مقدمته شعيب بن صالح، فيلتقي هو وأصحاب السفياني بباب إصطخر، فتكون بينهم ملحمة عظيمة، فتظهر الرايات السود، وتهرب خيل السفياني، فعند ذلك يتمنى الناس المهدي ويطلبونه). معجم أحاديث الامام المهدي ج3: ص 77 الحديث 621 (10 مصدر)

وإذا كان إنجيل متى وغيره نقلوا وصية أسطورية ليسوع الناصري بالهرب من الدجال الساحر لخطورة فتنته الدينية (15((فإذا رَأيتُم ((نَجاسَةَ الخَرابِ)) الّتي تكلَّمَ علَيها النَّبـيُّ دانيالُ قائِمةً في المكانِ المُقَدَّسِ? (إفهَمْ هذا أيُّها القارئُ)، 16فَلْيَهرُبْ إلى الجِبالِ مَنْ كانَ في اليهودِيَّةِ. 17ومَنْ كانَ على السَّطحِ، فلا يَنزِلْ لِـيأخُذَ مِنَ البَيتِ حوائجَهُ. 18ومَنْ كانَ في الحَقْلِ فلا يَرجِـــعْ ليَأخُذَ ثَوبَهُ. 19الوَيلُ لِلحَبالى والمُرضِعاتِ في تِلكَ الأيّامِ. 20صَلُّوا لِـئلاَّ يكونَ هرَبُكُم في الشِّتاءِ أو في السَّبتِ. 21فسَتَنزِلُ في ذلِكَ الوقتِ نكبةٌ ما حدَثَ مِثلُها مُنذُ بَدءِ العالَمِ إلى اليومِ، ولن يَحدُثَ.) متى 24: 15- 21 ، وهي الوصية التي نقلتها احاديث محمد أيضًا (مثلًا مسلم 2945)، فقد أوصت أحاديث الشيعة الاثناعشرية كذلك بالهرب من السفياني وعدم مواجهته بدون قيادة المهدي القائم المنتظر:

135- الغيبة للنعماني : محمد بن همام ، عن الفزاري ، عن عباد بن يعقوب ، عن خلاد الصائغ ، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال : السفياني لابد منه ، ولا يخرج إلا في رجب ، فقال له رجل : يا أباعبد الله ! إذا خرج فما حالنا ؟ قال : إذا كان ذلك فالينا .

161 – كتاب سرور أهل الإيمان.... وبإسناده ، عن عثمان بن عيسى ، عن بكربن محمد الازدي ، عن سدير قال : قال لي أبوعبد الله عليه السلام : ياسدير الزم بيتك وكن حلسا من أحلاسه واسكن ما سكن الليل والنهار فاذا بلغ أن السفياني قد خرج فارحل ( 1 ) إلينا ولو على رجلك قلت : جعلت فداك هل قبل ذلك شئ ؟ قال : نعم ، وأشار بيده بثلاث أصابعه إلى الشام وقال : ثلاث رايات : راية حسنية ، وراية اموية ، وراية قيسية ، فبيناهم ( على ذلك ) إذ قد خرج السفياني فيحصدهم حصد الزرع ما رأيت مثله قط ( 2 ) .
(1) وروى ذلك عن أبي جعفر عليه السلام كما في ص 185 تحت الرقم 9 .

166 - وبإسناده عن إسماعيل بن مهران ، عن ابن عميرة ، عن الحضرمي قال : قلت : لابي عبد الله عليه السلام كيف نصنع إذا خرج السفياني قال : تغيب الرجال وجوهها منه ، وليس على العيال بأس ، فإذا ظهر على الاكوار الخمس يعنى كور الشام فانفروا إلى صاحبكم .

170 - الأمالي للشيخ المفيد: الحسين بن إبراهيم القزويني ، عن محمد بن وهبان ، عن أحمد بن إبراهيم ، عن الحسن بن علي الزعفراني ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم قال : قال أبوعبد الله عليه السلام وذكر السفياني فقال : أما الرجال فتواري وجوهها عنه ، وأما النساء فليس عليهن بأس .

كتاب الغيبة لمحمد بن إبراهيم النعماني: ص311 – 312: عن الإمام الباقر عليه السلام: «أن الفاسق لو قد خرج لمكثتم شهرا أو شهرين بعد خروجه لم يكن عليكم بأس حتى يقتل خلقا كثيرا دونكم. فقال له بعض أصحابه: فكيف نصنع بالعيال إذا كان ذلك؟ قال: يتغيب الرجل منكم عنه، فإن حنقه وشرهه فإنما هي على شيعتنا وأما النساء فليس عليهن بأس إن شاء الله تعالى. قيل: فإلى أين يخرج الرجال ويهربون منه؟ فقال: من أراد منهم أن يخرج، يخرج إلى المدينة أو إلى مكة أو إلى بعض البلدان، ثم قال: ما تصنعون بالمدينة، وإنما يقصد جيش الفاسق إليها، ولكن عليكم بمكة فإنها مجمعكم، وإنما فتنته حمل امرأة: تسعة أشهر، ولا يجوزها إن شاء الله».

وما ذكر عن تقصير تلك الأيام للصالحين كما في متى 24: 22 وبتفصيل أسطوري تفصيلي في رؤيا يوحنا اللاتينية الأبوكريفية ورؤيا عزرا اللاتينية من الأبوكريفا وأدق اقتباس منها في مسند أحمد من كتب السنة حديث رقم 26290، فعند الشيعة الاثناعشرية أيضًا، من بحار الأنوار ج25:

102 - الغيبة للنعماني : ابن عقدة ، عن القاسم ، عن عبيس بن هشام ، عن ابن جبلة عن أبيه ، عن محمد بن الصامت ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قلت له : ما من علامة بين يدي هذا الامر ؟ فقال : بلى ، قلت : ما هي ؟ قال : هلاك العباسي ، وخروج السفياني ، وقتل النفس الزكية ، والخسف بالبيداء ، والصوت من السماء فقلت : جعلت فداك أخاف أن يطول هذا الامر ، فقال : لا إنما ( هو ) كنظام الخرز يتبع بعضه بعضا .

وفي بحار الأنوار ج 36، ص 366:
أقول : فيما عندنا من تفسير الثعلبي في سياق قصة الدجال : وإن أيامه أربعين يوما ، فيوم كالسنة ويوم دون ذلك ، ويوم كالشهر ويوم دون ذلك ، ويوم الجمعة ويوم دون ذلك ، ويوم كاليوم ويوم دون ذلك ، وآخر أيامه يصبح الرجل بباب المدينة فلا يبلغ بابها الآخر حتى تغرب الشمس ، قال : يا رسول الله فكيف نصلي ، إلى آخر الخبر والوطيب كأنه اسم موضع في بعض النسخ : الطيوب .

وإذا كانت النصوص المسيحية كرؤيا يوحنا وبعض رسائل الحواريين وبولس ومثلها تبعًا لها النصوص السنية ذكرت قتل المسيح ابن مريم لمسيح الضلالة الدجال، فإن الشيعة الاثناعشرية تمجيدًا لأسطورتهم عن المهدي المنتظر بنسخته الشيعية الصافية جعلوه هو من سيقتل السفياني الأموي والدجال، نذكر هذين الحديثين كمثال:

171 - أقول : روى الشيخ أحمد بن فهد في كتاب المهذب وغيره في غيره بأسانيدهم ، عن المعلى بن خنيس ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : يوم النيروز هو اليوم الذي يظهر فيه قائمنا أهل البيت وولاة الامر ، ويظفره الله تعالى بالدجال فيصلبه على كناسة الكوفة .

153 – الكافي للكليني : حميد بن زياد ، عن عبيدالله الدهقان ، عن الطاطري ، عن محمد بن زياد ، عن أبان ، عن صباح بن سيابة ، عن ابن خنيس قال : ذهبت بكتاب عبدالسلام بن نعيم ، وسدير وكتب غير واحد إلى أبي عبد الله عليه السلام حين ظهرت المسودة قبل أن يظهر ولد العباس بأنا قد قدرنا أن يؤول هذا الامر إليك ، فما ترى ؟ قال : فضرب بالكتب الارض ، ثم قال : أف أف ما أنا لهؤلاء بامام أما يعلمون أنه إنما يقتل السفياني ( 2 ) .

( 1 ) راجع روضة الكافى ص 126 وما نقله المصنف رحمه الله هو ذيل الحديث وصدره مفصل من ص 124 - 126 ولذلك يقول عليه السلام : " جملا جملا " .
( 2 ) تراه في الروضة ص 331 .

والمسودة أصحاب أبى مسلم المروزى الخراسانى حيث جعلوا ألبستهم وأعلامهم سودا ، وقد كانوا أولا كتبوا كتبا إلى سادات بنى هاشم للتوافق والتواطؤ فكتبوا إلى أبى عبد الله عليه السلام أيضا يدعونه إلى البيعة والخروج فلم يجبه عليه السلام حتى يئسوا منه فتوافقوا مع بنى العباس
قال الكلينى في الروضة ص 274 : محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن عبدالرحمن بن أبى هاشم ، عن الفضل الكاتب قال : كنت عند أبى عبد الله عليه السلام فأتاه كتاب أبى مسلم فقال : ليس لكتابك جواب اخرج عنا ، فجعلنا يسار بعضنا بعضا فقال : أى شيء تسارون يا فضل ؟ ان الله عز ذكره لا يعجل لعجلة العباد ، ولازالة جبل عن موضعه أيسر من زوال ملك لم ينقض أجله .
ثم قال : ان فلان بن فلان بلغ السابع من ولد فلان ، قلت : فما العلامة فيما بيننا وبينك جعلت فداك ؟ قال : لا تبرح الارض يا فضل حتى يخرج السفيانى ، فاذا خرج السفيانى فأجيبوا إلينا - يقولها ثلاثا - وهو من المحتوم .

وذكرت روايات أخرى أنه إنما يقتله الله نفسه بالخسف لجيشه:

142 - الغيبة للنعماني : علي بن أحمد ، عن عبيدالله بن موسى ، عن عبد الله بن محمد ، عن محمد بن خالد ، عن الحسن بن المبارك ، عن أبي إسحاق الهمداني ، عن الحارث عن علي عليه السلام أنه قال : المهدي أقبل ، جعد ، بخده خال ، يكون مبدأه من قبل المشرق ، وإذا كان ذلك خرج السفياني فيملك قدر حمل امرأة تسعة أشهر يخرج بالشام فينقاد له أهل الشام إلا طوائف من المقيمين على الحق ، يعصمهم الله من الخروج معه ، ويأتي المدينة بجيش جرار ، حتى إذا انتهى إلى بيداء المدينة خسف الله به وذلك قول الله عز وجل في كتابه : " ولو ترى إذ وقفوا فلا فوت واخذوا من مكان قريب ".

وذكرت رواية لعلها شاذة أنه إنه إنما يقتله اليماني حليف المهدي:

قال الشيخ الفضل بن شاذان: حدَّثنا محمَّد بن أبي عمير رضي الله عنه، قال: حدَّثنا جميل بن درَّاج قال: حدَّثنا زرارة بن أعين، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ( استعيذوا بالله من شرِّ السفياني، والدَّجَّال، وغيرهما من أصحاب الفتن). قيل له: يا ابن رسول الله! أما الدجَّال فعرفناه وقد بيِّن من مضامين أحاديثكم شأنه، فمن السفياني، وغيره من أصحاب الفتن، وما يصنعون؟ قال عليه السلام: ( أوَّل من يخرج منهم رجلٌ يقال له: أصهب بن قيس يخرج من بلاد الجزيرة له نكاية شديدة في النَّاس، وجور عظيم. ثمَّ يخرج الجرهميّ من بلاد الشام. ويخرج القحطانيّ من بلاد اليمن. ولكلِّ واحدٍ من هؤلاء شوكة عظيمة في ولايتهم، ويغلب على أهلها الظلم، والفتنة منهم؛ فبينما هم كذلك إذ يخرج عليهم السَّمرقندي من خراسان مع الرَّايات السود، والسفياني من الوادي اليابس من أودية الشام، وهو من ولد عتبة بن أبي سفيان، وهذا الملعون يُظهر الزهد قبل خروجه، ويتقشَّف، ويتقنَّع بخبز الشعير، والملح الجريش، ويبذل الأموال، فيجلب بذلك قلوب الجهَّال والأرذال؛ ثمَّ يدَّعي الخلافة فيبايعونه، ويتَّبعهم العلماء الذين يكتمون الحقَّ ويظهرون الباطل، فيقولون: إنَّه خير أهل الأرض. وقد يكون خروجه، وخروج اليماني من اليمن مع الرَّايات البيض في يومٍ واحدٍ، وسنة واحدة؛ فأوَّل مَنْ يقاتل السفياني القحطانيُّ فينهزم ويرجع إلى اليمن، فيقتله اليماني. ثمَّ يفرُّ الأصهب، والجرهميّ بعد محاربات كثيرة من السفياني، فيتبعهما، ويقهرهما، ويقهر كلَّ من ينازعه، ويحاربه إلاّ اليمانيّ. ثمَّ يبعث السفيانيّ جيوشاً إلى الأطراف، ويسخِّر كثيراً من البلاد، ويبالغ في القتل، والفساد، ويذهب إلى الرُّوم لدفع الملك الخراسانيّ ويرجع منها متنصِّراً في عنقه صليب. ثمَّ يقصد اليمانيّ، فينهض اليمانيّ لدفع شرِّه، فينهزم السفياني بعد محاربات عديدة، ومقاتلات شديدة، فيتبعه اليمانيُّ، فتكثر الحروب وهزيمة السفياني، فيجده اليماني في آخر الأمر مع ابنه في الأسارى فيقطّعهما إرباً إرباً. )

الرواية من مختصر اثبات الرجعة للشيخ الفضل بن شاذان، ومن مؤيّدات (شواهد) هذا الحديث ما ونقله أبو جعفر الطوسي عنه في كتاب الغيبة بهذا الطريق: عنه، عن سيف بن عميرة، عن بكر بن محمّد الأزدي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: خروج الثلاثة: الخرساني، و السفياني، واليماني في سنة واحدة، في شهر واحد، في يوم واحد، فليس فيها راية بأهدى من راية اليماني تهدي إلى الحق- الغيبة للطوسي: 446 و447/ فقرة 443 ونقلها عن الفضلِ بنِ شاذان المؤلفُ محمّد صادق الخاتون آبادي في كشف الحق أو الأربعون/ الحديث 29 .


وروى النعماني في الغيبة عن الباقر عليه السلام قال: (السفياني... لم يعبد الله قط ولم يرَ مكّة ولا المدينة قط..(

وإذا كان كيرلس الأورشليمي قال في عظته الخامسة عشر للمتنصرين طالبي التعميد: (10 المسيح الحقيقي، ابن الله الوحيد، لن يأتي بعد من الأرض، فإن جاء أحد بأعمال مزيفة في الصحراء لا تذهبوا وراءه. إن قيل "هوذا المسيح هنا أو هناك فلا تصدقوا". لا تعودوا تنظروا بعد إلى أسفل إلى الأرض، لأن الرب يأتي من السماوات، ليس وحده كما حدث من قبل، لكنه يأتي محاطًا بربوات الملائكة، ليس بشكل سري "كالمطر على الجزاز" (مزمور 72: 6). بل كالبرق المتوهج، إذ قال بنفسه: "لأنه كما أن البرق يخرج من المشارق ويظهر إلى المغارب، هكذا أيضًا يكون مجيء ابن الإنسان". وأيضًا "يبصرون ابن الإنسان آتيا على سحاب السماء بقوةٍ ومجدٍ كثيرٍ، فيرسل ملائكته ببوقٍ عظيم الصوت" (متى 24: 30).)، فكذلك استعان الشيعة الاثناعشرية بأسطورة تأييد سماوي من السماء بصوت يؤيد ويثبت ولاية وأحقية المهدي المنتظر، فروى الكليني في الكافي/ باب حديث الفقهاء والعلماء:

483 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن أبي أيوب الخزاز، عن عمر بن حنظلة قال: سمعت أبا عبد الله (ع) يقول: خمس علامات قبل قيام القائم: الصيحة والسفياني والخسف وقتل النفس الزكية واليماني، فقلت: جعلت فداك إن خرج أحد من أهل بيتك قبل هذه العلامات أنخرج معه؟ قال: لا، فلما كان من الغد تلوت هذه الآية " إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين" فقلت له: أهي الصيحة؟ فقال: أما لو كانت خضعت أعناق أعداء الله عز وجل.

484 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن أبي جميلة، عن محمد بن علي الحلبي قال: سمعت أبا عبد الله (ع) يقول: اختلاف بني العباس من المحتوم والنداء من المحتوم وخروج القائم من المحتوم، قلت: وكيف النداء؟ قال: ينادي مناد من السماء أول النهار: ألا إن عليا وشيعته هم الفائزون، قال: وينادي مناد [في] آخر النهار: ألا إن عثمان وشيعته هم الفائزون.

وفي بحار الأنوار ج25:

31 - إكمال الدين : ابن الوليد ، عن ابن أبان ، عن الاهوازي ، عن النضر ، عن يحيى الحلبي ، عن الحارث بن المغيرة ، عن ميمون البان ، قال : كنت عند أبي جعفر عليه السلام في فسطاطه ، فرفع جانب الفسطاط فقال : إن أمرنا لوقد كان لكان أبين من هذا الشمس ! ثم قال : ينادي مناد من السماء إن فلان بن فلان هو الامام باسمه وينادي إبليس من الارض كما نادى برسول الله صلى الله عليه واله ليلة العقبة .

35 - إكمال الدين : أبي ، عن سعد ، عن ابن أبي الخطاب ، عن جعفر بن بشير ، عن هشام بن سالم ، عن زرارة ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ينادي مناد باسم القائم عليه السلام قلت : خاص أوعام ؟ قال : عام يسمع كل قوم بلسانهم ، قلت : فمن يخالف القائم عليه السلام وقد نودي باسمه ؟ قال : لا يدعهم إبليس حتى ينادي في آخر الليل فيشكك الناس .
39 - إكمال الدين : ما جيلويه ، عن عمه ، عن الكوفي ، عن أبيه ، عن أبي المغرا ، عن المعلى بن خنيس ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : صوت جبرئيل من السماء وصوت إبليس من الارض فاتبعوا الصوت الاول وإياكم والاخير أن تفتنوا به .

40 - إكمال الدين : ابن المتوكل ، عن الحميري ، عن ابن عيسى ، عن ابن محبوب عن الثمالي قال : قلت لابي عبد الله عليه السلام : إن أباجعفر عليه السلام كان يقول : إن خروج السفياني من الامر المحتوم ( 3 ) قال لي : نعم ، واختلاف ولد العباس من المحتوم وقتل النفس الزكية من المحتوم وخروج القائم عليه السلام من المحتوم .
فقلت له : فكيف يكون النداء ؟ قال : ينادي مناد من السماء أول النهار ألا إن الحق في علي وشيعته ، ثم ينادي إبليس لعنه الله في آخر النهار ألا إن الحق في السفياني وشيعته فيرتاب عند ذلك المبطلون .

96 - الغيبة للنعماني ابن عقدة ، عن أحمد بن يوسف ، عن ابن مهران ، عن ابن البطائني عن أبيه ، ووهيب ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال : إذا رأيتم نارامن المشرق شبه الهروي ( 2 ) العظيم تطلع ثلاثة أيام أو سبعة فتوقعوا فرج آل محمد عليهم السلام إن شاء الله عز وجل إن الله عزيز حكيم .
ثم قال : الصيحة لا تكون إلا في شهر رمضان شهر الله وهي صيحة جبرئيل إلى هذا الخلق .
ثم قال : ينادي مناد من السماء باسم القائم عليه السلام فيسمع من بالمشرق ومن بالمغرب لا يبقى راقد إلا استيقظ ، ولا قائم إلا قعد ، ولا قاعد إلا قام على رجليه فزعا من ذلك الصوت ، فرحم الله من اعتبر بذلك الصوت فأجاب ، فان الصوت الاول هو صوت جبرئيل الروح الامين .
وقال عليه السلام : الصوت في شهر رمضان في ليلة جمعة ليلة ثلاث وعشرين فلا تشكوا في ذلك واسمعوا وأطيعوا ، وفي آخر النهار صوت إبليس اللعين ينادي ألا إن فلانا قتل مظلوما ليشكك الناس ويفتنهم ، فكم ذلك اليوم من شاك متحير قد هوى في النار ، وإذا سمعتم الصوت في شهر رمضان فلا تشكوا أنه صوت جبرئيل. وعلامة ذلك أنه ينادى باسم القائم واسم أبيه حتى تسمعه العذراء في خدرها فتحرض أباها وأخاها على الخروج .
وقال عليه السلام : لابد من هذين الصوتين قبل خروج القائم عليه السلام : صوت من السماء وهو صوت جبرئيل ، وصوت من الارض ، فهو صوت إبليس اللعين ، ينادي باسم فلان أنه قتل مظلوما يريد الفتنة ، فاتبعو ! الصوت الاول وإياكم والاخير أن تفتتنوا به .
وقال عليه السلام لا يقوم القائم إلا على خوف شديد من الناس ، وزلازل ، وفتنة وبلاء يصيب الناس ، وطاعون قبل ذلك ، وسيف قاطع بين العرب ، واختلاف شديد بين الناس ، وتشتيت في دينهم ، وتغيير في حالهم ، حتى يتمنى المتمني ( الموت ) صباحا ومساء ، من عظم مايرى من كلب الناس ( 1 ) وأكل بعضهم بعضا .
فخروجه عليه السلام إذا خرج يكون عند اليأس والقنوط من أن يروا فرجا ، فيا - طوبى لمن أدركه وكان من أنصاره ، والويل كل الويل لمن ناواه وخالفه ، وخالف أمره ، وكان من أعدائه .
وقال عليه السلام : يقوم بأمر جديد ، وكتاب جديد ، وسنة جديدة وقضاء ( جديد ) على العرب شديد ، وليس شأنه إلا القتل ، لا يستبقي أحدا ، ولا يأخذه في الله لومة لائم .

( 2 ) كذا في الاصل المطبوع وقد فسره المؤلف على ما يجئ في البيان بالثياب الهروى ، وهو سهو والصحيح ما في المصدر ص 134 " الهردى " ، قال الفيروز آبادى : " والهرد بالضم : الكركم - يعنى الاصفر - ، وطين أحمر ، وعروق يصبغ بها ، والهردى المطبوغ به " .
ونقل عن التكملة أن الهرد بالضم عروق وللعروق صبغ اصفر يصبغ به ، وكيف كان فالتشبيه من حيث الصفرة أوالحمرة ، وهكذا يقال : ثوب مهرود .
أى مصبوغ أصفر بالهرد ومنه ما مر في ج 51 ص 98 ان عيسى ينزل بين مهرودتين

نلاحظ هنا إرهابية الأفكار والتصورات عن المهدي وإجباره الناس على المذهب الشيعي وإبادة كل المخالفين.

105 - الغيبة للنعماني : ابن عقدة ، عن محمد بن المفضل ، وسعدان بن إسحاق ، وأحمد ابن الحسين بن عبدالملك ، ومحمد بن أحمد جميعا ، عن ابن محبوب ، قال ، وقال الكليني : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، ومحمد بن يحيى ، عن ابن عيسى ، وعلي بن محمد وغيره ، عن سهل جميعا ، عن ابن محبوب قال : وحدثنا عبدالواحد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن أبي ياسر ، عن أحمد بن هليل ، عن عمروبن أبي المقدام ، عن جابر قال : قال أبو جعفر عليه السلام : يا جابر الزم الارض ولا تحرك يدا ولا رجلا حتى ترى علامات أذكرها لك إن أدركتها .
أولها اختلاف بني العباس ، وما أراك تدرك ذلك ، ولكن حدث به ( من ) بعدي عني ، ومناد ينادي من السماء ويجيئكم الصوت من ناحية دمشق بالفتح ، وتخسف قرية من قرى الشام تسمى الجابية ، وتسقط طائفة من مسجد دمشق الايمن ، ومارقة تمرق من ناحية الترك ، ويعقبها هرج الروم ، وسيقبل إخوان الترك حتى ينزلوا الجزيرة ، وستقبل مارقة الروم حتى ينزلوا الرملة ، فتلك السنة يا جابر اختلاف كثير في كل أرض من ناحية المغرب .
فأول أرض المغرب ( 1 ) أرض الشام يختلفون عند ذلك على ثلاث رايات : راية الاصهب ، وراية الابقع ، وراية السفياني ، فيلتقي السفياني بالابقع فيقتتلون و يقتله السفياني ومن معه ويقتل الاصهب ، ثم لا يكون له همة إلا الاقبال نحو العراق ويمر جيشه بقرقيسا ، فيقتتلون بها فيقتل من الجبارين مائة ألف ، ويبعث السفياني جيشا إلى الكوفة ، وعدتهم سبعون ألفا ، فيصيبون من أهل الكوفة قتلا وصلبا وسبيا .
فبيناهم كذلك إذ أقبلت رايات من قبل خراسان ، تطوي المنازل طيا حثيثا ومعهم نفر من أصحاب القائم ، ثم يخرج رجل من موالي أهل الكوفة في ضعفاء فيقتله أمير جيش السفياني بين الحيرة والكوفة ، ويبعث السفياني بعثا إلى المدينة فينفرا لمهدي منها إلى مكة ، فيبلغ أمير جيش السفياني أن المهدي قد خرج إلى مكة ، فيبعث جيشا على أثره فلا يدركه حتى يدخل مكة خائفا يترقب على سنة موسى بن عمران .
قال : وينزل أمير جيش السفياني البيداء فينادي مناد من السماء : يابيداء أبيدي القوم فيخسف بهم فلا يفلت منهم إلا ثلاثة نفر ، يحول الله وجوههم إلى أقفيتهم وهم من كلب وفيهم نزلت هذه الآية " ياأيها الذين اوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها " الآية ( 1 ) .
قال : والقائم يومئذ بمكة ، وقد أسند ظهره إلى البيت الحرام ، مستجيرا به ينادي يا أيها الناس إنا نستنصر الله ومن أجابنا من الناس ، وإنا أهل بيت نبيكم محمد ونحن أولى الناس بالله وبمحمد صلى الله عليه واله .
فمن حاجني في آدم فأنا أولى الناس بآدم ، ومن حاجني في نوح فأنا أولى الناس بنوح ، ومن حاجني في إبراهيم فأنا أولى الناس بابراهيم ، ومن حاجني في محمد صلى الله عليه وآله فأنا أولى الناس بمحمد ، ومن حاجني في النبيين فأنا أولى الناس بالنبيين ، أليس الله يقول في محكم كتابه " إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم ( 2 ) .
فأنا بقية من آدم ، وذخيرة من نوح ، ومصطفى من إبراهيم ، وصفوة من محمد صلى الله عليه واله ، ألا ومن حاجني في كتاب الله فأنا أولى الناس بكتاب الله ، ألا ومن حاجني في سنة رسول الله صلى الله عليه واله ، فأنا أولى الناس بسنة رسول الله ، فأنشد الله من سمع كلامي اليوم لما بلغ الشاهد منكم الغائب .
وأسألكم بحق الله ورسوله وبحقي - فان لي عليكم حق القربى من رسول الله - إلا أعنتمونا ، ومنعتمونا ممن يظلمنا ، فقد اخفنا وظلمنا وطردنا من ديارنا وأبنائنا وبغي علينا ، دفعنا عن حقنا فأوتر ( 1 ) أهل الباطل علينا .
فالله الله فينا لا تخذلونا وانصرونا ينصركم الله .
قال : فيجمع الله عليه أصحابه ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا ، ويجمعهم الله على غير ميعاد ، قزعا كقزع الخريف ( وهي ) يا جابرالآية التي ذكرها الله في كتابه " أينما تكونوا يأت بكم الله جميعا إن الله على كل شئ قدير " ( 2 ) .
فيبايعونه بين الركن والمقام ، ومعه عهد من رسول الله صلى الله عليه واله قد توارثته الابناء عن الآباء ، والقائم رجل من ولد الحسين يصلح الله له أمره في ليلة فمأ اشكل على الناس من ذلك يا جابر ، فلا يشكل عليهم ولادته من رسول الله ، ووراثته العلماء عالما بعد عالم ، فان أشكل هذا كله عليهم فان الصوت من السماء لا يشكل عليهم إذا نودي باسمه واسم أبيه وامه .
ختص : عمرو بن أبي المقدام مثله .

( 1 ) في المصدر : ص 150 فافترى .
( 2 ) البقرة : 148 .

120 - الغيبة للنعماني : وبهذا الاسناد ، عن هشام ، عن زرارة قال : قلت لابي عبد الله عليه السلام : النداء حق ؟ قال : إي والله ، حتى يسمعه كل قوم بلسانهم ، وقال أبوعبد الله عليه السلام : لا يكون هذا الامر حتى يذهب تسعة أعشار الناس .

ولا شك أن آية الشمس المذكورة في الأحاديث التالية أدناه قد تكون مشابهة من بعيد للنص الرؤوي العجيب في رؤيا يوحنا 12، من الإنجيل القانوني:

79 - الغيبة للطوسي : قرقارة ، عن العباس بن يزيد البحراني ، عن عبدالرزاق بن همام ، عن معمر ، عن ابن طاووس ، عن علي بن عبد الله بن عباس قال : لا يخرج المهدي حتى تطلع مع الشمس آية.

82 - المفيد في الارشاد في أول باب علامات قيام: قد جاءت الآثار بذكر علامات لزمان قيام القائم المهدي عليه السلام وحوادث تكون أمام قيامه وآيات ودلالات فمنها خروج السفياني ، وقتل الحسني و اختلاف بني العباس في الملك الدنياوي ، وكسوف الشمس في النصف من شهر رمضان ، وخسوف القمر في آخره على خلاف العادات ، وخسف بالبيداء ، وخسف بالمغرب ، وخسف بالمشرق ، وركود الشمس من عند الزوال إلى أوسط أوقات العصر وطلوعها من المغرب ، وقتل نفس زكية بظهر الكوفة في سبعين من الصالحين ، وذبح رجل هاشمي بين الركن والمقام ، وهدم حائط مسجد الكوفة ، وإقبال رايات سود من قبل خراسان ، وخروج اليماني ، وظهور المغربي بمصر وتملكه الشامات ، و نزول الترك الجزيرة ، ونزول الروم الرملة .
وطلوع نجم بالمشرق يضيئ كما يضيئ القمر ثم ينعطف حتى يكاد يلتقي طرفاه ، وحمرة يظهر في السماء وينشر في آفاقها ، ونار تظهر بالمشرق طويلا وتبقى في الجو ثلاثة أيام أو سبعة أيام ، وخلع العرب أعنتها وتملكها البلاد ، وخروجها عن سلطان العجم ، وقتل أهل مصر أمير هم ، وخراب الشام ، واختلاف ثلاث رايات فيه ، ودخول رايات قيس والعرب إلى مصر ، ورايات كندة إلى خراسان ، وورود خيل من قبل العرب حتى تربط بفناء الحيرة ، وإقبال رايات سود من المشرق نحوها ، وبثق في الفرات حتى يدخل الماء أزقة الكوفة .
وخروج ستين كذابا كلهم يدعي النبوة ، وخروج اثنا عشرمن آل أبي طالب كلهم يدعي الامامة لنفسه ، وإحراق رجل عظيم القدر من شيعة بني العباس بين جلولاء وخانقين ، وعقد الجسر مما يلي الكرخ بمدينة السلام ، وارتفاع ريح سوداء بها في أول النهار ، وزلزلة ، حتى ينخسف كثير منها ، وخوف يشمل أهل العراق وبغداد وموت ذريع فيه ونقص من الاموال والانفس والثمرات .
وجراد يظهر في أوانه وفي غير أوانه ، حتى يأتي على الزرع والغلات وقلة ريع لما يزرعه الناس ، واختلاف صنفين من العجم وسفك دماء كثيرة فيما بينهم وخروج العبيد عن طاعات ساداتهم وقتلهم مواليهم ، ومسخ لقوم من أهل البدع حتى يصيروا قردة وخنازير ، وغلبة العبيد على بلاد السادات ، ونداء من السماء حتى يسمعه أهل الارض كل أهل لغة بلغتهم ، ووجه وصدر يظهران للناس في عين الشمس وأموات ينشرون من القبور حتى يرجعواإلى الدنيا فيتعارفون فيها ويتزاورون .
ثم يختم ذلك بأربع وعشرين مطرة يتصل فتحيى به الارض بعد موتها و تعرف بركاتها ، ويزول بعد ذلك كل عاهة عن معتقدي الحق من شيعة المهدي عليه السلام ، فيعرفون عند ذلك ظهوره بمكة فيتوجهون نحوه لنصرته كما جاءت بذلك الاخبار .
ومن جملة هذه الاحداث محتومة ، ومنها مشروطة ، والله أعلم بما يكون وإنما ذكرناها على حسب ما ثبت في الاصول ، وتضمنها الاثر المنقول ، وبالله نستعين ( 1 )

83 - الإرشاد للمفيد : علي بن أبي حمزة ، عن أبي الحسن موسى عليه السلام في قوله عز وجل " سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم " ( فصلت: 53 ) قال : الفتن في آفاق الارض والمسخ في أعداء الحق .

84 - الإرشاد للمفيد : وهيب بن حفص ، عن أبي بصير قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول في قوله تعالى : " إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين " (المفيد في الارشاد في أول باب علامات قيام) سيفعل الله ذلك بهم قلت : من هم ؟ قال : بنوامية وشيعتهم قال : ( قلت : ) وما الآية ؟ قال : ركود الشمس من بين زوال الشمس إلى وقت العصر وخروج صدر رجل ووجه في عين الشمس يعرف بحسبه ونسبه ، وذلك في زمان السفياني وعندها يكون بواره وبوار قومه .

( 1 ) ذكره المفيد في الارشاد في أول باب علامات قيام القائم ص 336 ثم نقل لكل علامة ما يثبتها من الروايات وقد ذكرها المؤلف قبل ذلك .

تصورات شيعية اثناعشرية للمهدي المنتظر كإرهابي مسلم يجبر كل البشر على الإسلام وفق المذهب الشيعي الاثناعشري (بطريقة مشابهة للتصور الإرهابي له عند السنة أيضًا)

ومن الأفكار الإرهابية الشيعية التي نرى لها موازيات مطابقة عند السنة (هذه أساطير تطورت بالتشارك بين المذهبين، والتلاقح بينهما، بل لعل أسطورة المهدي في أصلها شيعية، وإن كتب السنة كتبهم قبل الشيعة بزمن طويل، لكنها واضحة الأصل الشيعي بدرجة كبيرة)

ففي بحار الأنوار ج25:

24 - إكمال الدين : ابن عصام ، عن الكليني ، عن القاسم بن العلا ، عن إسماعيل بن علي القزويني عن اسماعيل بن على الفزارى، عن عاصم بن حميد ، عن محمد بن مسلم قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : القائم منصور بالرعب مؤيد بالنصر ، تطوى له الارض وتظهر له الكنوز ، ويبلغ سلطانه المشرق والمغرب ، ويظهر الله عز وجل به دينه ولو كره المشركون . فلا يبقي في الارض خراب إلا عمر ، وينزل روح الله عيسى بن مريم عليهما السلام فيصلي خلفه ، فقلت له يا ابن رسول الله متى يخرج قائمكم ؟ قال : إذا تشبه الرجال بالنساء ، والنساء بالرجال ، واكتفى الرجال بالرجال ، والنساء بالنساء وركب ذوات الفروج السروج ، وقبلت شهادات الزور ، وردت شهادات العدل واستخف الناس بالدماء ، وارتكاب الزناء ، وأكل الربا ، واتقي الاشرار مخافة ألسنتهم ، وخرج السفياني من الشام واليماني من اليمن ، وخسف بالبيداء ، وقتل غلام من آل محمد صلى الله عليه واله بين الركن والمقام اسمه محمد بن الحسن النفس الزكية وجاءت صيحة من السماء بأن الحق فيه ، وفي شيعته ، فعند ذلك خروج قائمنا .
فاذا خرج أسند ظهره إلى الكعبة ، واجتمع إليه ثلاث مائة وثلاثة عشر رجلا وأول ما ينطق به هذه الآية " بقية الله خير لكم إن كنتم مؤمنين " ثم يقول : أنا بقية الله في أرضه فاذا اجتمع إليه العقد ، وهو عشرة آلاف رجل خرج فلا يبقى في الارض معبود دون الله عزو جل ، من صنم وغيره إلا وقعت فيه نار فاحترق ، وذلك بعد غيبة طويلة ، ليعلم الله من يطيعه بالغيب ويؤمن به .

25 - المحاسن : محمد بن علي ، عن المفضل بن صالح الاسدي ، عن محمد بن مروان عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله : من أبغضنا أهل البيت بعثه الله يهوديا قيل : يا رسول الله وإن شهد الشهادتين ؟ قال : نعم إنما احتجب بهاتين الكلمتين عند سفك دمه أو يؤدي الجزية وهو صاغر ثم قال : من أبغضنا أهل البيت بعثه الله يهوديا قيل : وكيف يا رسول الله ؟ قال : إن أدرك الدجال آمن به.

16- الكافي للكليني : علي ، عن أبيه والقاساني جميعا ، عن الاصفهاني ، عن المنقري ، عن فضيل بن عياض ، عن أبي عبد الله ، عن أبيه عليهما السلام قال : بعث الله محمدا صلى الله عليه واله بخمسة أسياف ثلاثة منها شاهرة فلا تغمد حتى تضع الحرب أوزارها ، ولن تضيع الحرب أوزارها حتى تطلع الشمس من مغربها ، فإذا طلعت الشمس من مغربها أمن الناس كلهم في ذلك اليوم ، فيؤمئذ لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا .

لا تختلف هذه الأفكار عن عقيدة الفرقة الناجية عند مذهب السنة.

وفي بحار الأنوار ج26:

34 - الغيبة للطوسي - : الفضل ، عن علي بن عبد الله ، عن عبدالرحمان بن أبي عبد الله عن أبي الجارود قال : قال أبو جعفر عليه السلام : إن القائم يملك ثلاثمائة وتسع سنين كما لبث أهل الكهف في كهفهم يملا الارض عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا ، ويفتح الله له شرق الارض وغربها ، ويقتل الناس حتى لا يبقى إلا دين محمد صلى الله عليه واله يسير بسيرة سليمان بن داود تمام الخبر.

10- تفسير علي بن إبراهيم القمي : في رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله : " قل أرأيتكم إن أتيكم عذابه بياتا - يعني ليلا - أو نهارا ماذا يستعجل منه المجرمون " ( 3 ) فهذا عذاب ينزل في آخرالزمان على فسقه أهل القبلة ، وهم يجحدون نزول العذاب عليهم .

192 – تهذيب الأحكام : الصفار ، عن ابن أبي الخطاب ، عن جعفر بن بشير ومحمد بن عبد الله بن هلال ، عن العلا ، عن محمد قال : سألت أبا جعفر عليه السلام عن القائم إذا قام بأي سيرة يسير في الناس ؟ فقال : بسيرة ماسار به رسول الله صلى الله عليه واله حتى يظهر الاسلام قلت : وما كانت سيرة رسول الله صلى الله عليه واله ؟ قال : أبطل ما كانت في الجاهلية ، واستقبل الناس بالعدل ، وكذلك القائم عليه السلام إذا قام يبطل ما كان في الهدنة مما كان في أيدي الناس ويستقبل بهم العدل ( 2 ) .

( 2 ) تراه في التهذيب ج 2 ص 51 .

" ( تذييل ) " قال شيخنا الطبرسي في كتاب إعلام الورى : فان قيل : إذا حصل الاجماع على أن لانبي بعد رسول الله صلى الله عليه واله ، وأنتم قد زعمتم أن القائم عليه السلام إذا قام لم يقبل الجزية من أهل الكتاب ، وأنه يقتل من بلغ العشرين ولم يتفقه في الدين ، وأمر بهدم المساجد والمشاهد ، وأنه يحكم بحكم داود عليه السلام لا يسأل بينة ، وأشباه ذلك مما ورد في آثاركم ، وهذا تكون نسخا للشريعة وإبطالا لاحكامها ، فقد أثبتم معنى النبوة ، وإن لم تتلفظوا باسمها ، فما جوابكم عنها ؟ .
الجواب أنا لم نعرف ما تضمنه السؤال من أنه عليه السلام لا يقبل الجزية من أهل الكتاب ، وأنه يقتل من بلغ العشرين ولم يتفقه في الدين ، فان كان ورد بذلك خبر فهو غير مقطوع به ، فأما هدم المساجد والمشاهد ، فقد يجوزأن يختص بهدم ما بني من ذلك ، على غير تقوى الله تعالى ، وعلى خلاف ما أمرالله سبحانه به وهذا مشروع قد فعله النبي صلى الله عليه واله .
وأما ماروي من أنه عليه السلام يحكم بحكم آل داود لا يسأل عن بينة ، فهذا أيضا غير مقطوع به وإن صح فتأويله أن يحكم بعلمه فيما يعلمه ، وإذا علم الامام أو الحاكم أمرا من الامور فعليه أن يحكم بعلمه ، ولا يسأل عنه ، وليس في هذا نسخ الشريعة .
على أن هذا الذي ذكروه : من ترك قبول الجزية ، واستماع البينة إن صح لم يكن نسخا للشريعة ، لان النسخ هو ما تأخر دليله عن الحكم المنسوخ ، ولم يكن مصطحبا ، فأما إذا اصطحب الدليلان ، فلا يكون ذلك ناسخا لصاحبه وإن كان مخالفه في المعنى ، ولهذا اتفقنا على أن الله سبحانه لو قال : " الزموا السبت إلى وقت كذا ثم لا تلزموه " لا يكون نسخا لان الدليل الرافع مصاحب الدليل الموجب ، وإذا صحت هذه الجملة وكان النبي صلى الله عليه واله قد أعلمنا بأن القائم من ولده يجب اتباعه وقبول أحكامه ، فنحن إذا صرنا إلى ما يحكم ( به ) فينا ، وإن خالف بعض الاحكام المتقدمة ، غير عاملين بالنسخ لان النسخ لا يدخل فيما يصطحب الدليل انتهى .

193 - أقول : روى الحسين بن مسعود في شرح السنة باسناده عن النبي صلى الله عليه واله أنه قال : والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلا يكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية فيفيض المال حتى لا يقبله أحد ( 1 ) ثم قال : قوله " يكسر الصليب " يريد إبطال النصرانية ، والحكم بشرح الاسلام ومعنى قتل الخنزير تحريم اقتنائه وأكله وإباحة قتله ، وفيه بيان أن أعيانها نجسة لان عيسى إنما يقتلها على حكم شرع الاسلام ، والشئ الطاهر المنتفع به لا يباح إتلافه .
وقوله " ويضع الجزية " معناه أنه يضعها من أهل الكتاب ويحملهم على الاسلام فقد روى أبوهريرة ، عن النبي صلى الله عليه واله في نزول عيسى عليه السلام ( 2 ) " ويهلك في زمانه الملل كلها إلا الاسلام ، ويهلك الدجال فيمكث في الارض أربعين سنة ثم يتوفى فيصلي عليه المسلمون " .
وقيل معنى " وضع الجزية " أن المال يكثر حتى لا يوجد محتاج ممن يوضع فيهم الجزية يدل عليه قوله عليه السلام : " فيفيض المال حتى لا يقبله أحد " وروى البخاري بإسناده عن أبي هريرة ( 3 ) قال : " قال رسول الله صلى الله عليه واله : كيف أنتم إذا نزل ابن مريم وإمامكم منكم " وهذا حديث متفق على صحته انتهى .
أقول : وقد أورد هو وغيره أخبارا اخر في ذلك ، فظهرأن هذه الامور المنقولة من سير القائم عليه السلام لا يختص بنا ، بل أوردها المخالفون أيضا ونسبوه إلى عيسى عليه السلام لكن قد رووا أن إمامكم منكم ، فما كان جوابهم فهو جوابنا ، والشبهة مشتركة بينهم وبيننا .

يعني تساووا وتوافقوا في الإرهاب كنهج وعقيدة، وكما قال الشاعر: تساوت في ضلالها الأديان.

أحاديث أخرى عن السفياني من بحار الأنوار ج 26:

149 – الروضة من الكافي للكليني : علي ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : لا ترون ما تحبون حتى يختلف بنو فلان فيما بينهم ، فإذا اختلفوا طمع الناس وتفرقت الكلمة وخرج السفياني

13 - كتابا كنز جامع الفوائد، وتأويل الآيات الظاهرة : محمد بن العباس ، عن محمد بن الحسن بن علي بن الصباح المدائني عن الحسن بن محمد بن شعيب ، عن موسى بن عمر بن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن منصور بن يونس ، عن إسماعيل بن جابر ، عن أبي خالد الكابلي ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : يخرج القائم فيسير حتى يمر بمر ، فيبلغه أن عامله قد قتل فيرجع إليهم فيقتل المقاتلة ، ولا يزيد على ذلك شيئا ، ثم ينطلق فيدعو الناس حتى ينتهي إلى البيداء فيخرج جيشان للسفياني فيأمرالله عز وجل الارض أن تأخذ بأقدامهم وهو قوله عز وجل : " ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت واخذوا من مكان قريب وقالوا آمنا به - يعني بقيام القائم - وقد كفروا به من قبل - يعني بقيام آل محمد صلى الله عليهم - ويقذفون بالغيب من مكان بعيد - إلى قوله - في شك مريب " .

14 - تفسير علي بن إبراهيم القمي : " سأل سائل بعذاب واقع " قال : سئل أبو جعفر عليه السلام عن معنى هذا ، فقال : نار تخرج من المغرب ، وملك يسوقها من خلفها ، حتى يأتي من جهة دار بني سعد بن همام ، عند مسجدهم ، فلا تدع دارا لبني امية إلا أحرقتها وأهلها ، ولا تدع دارا فيها وتر لآل محمد إلا أحرقتها وذلك المهدي عليه السلام .

بيان : أي من علاماته أو عند ظهوره عليه السلام .

15 - إكمال الدين : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن معروف ، عن ابن فضال ، عن ظريف بن ناصح ، عن أبي الحصين قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : سئل رسول الله صلى الله عليه وآله عن الساعة فقال : عند إيمان بالنجوم ، وتكذيب بالقدر .

16 - الأمالي للشيخ المفيد: عن أحمد بن محمد بن عيسى العلوي ، عن حيدر بن محمد السمرقندي ، عن أبي عمرو الكشي ، عن حمدويه بن بشر ، عن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن خالد قال : قلت لابي الحسن الرضا عليه السلام : إن عبد الله بن بكير يروي حديثا ويتأوله وأنا احب أن أعرضه عليك ، فقال : ما ذاك الحديث ؟ قلت : قال ابن بكير : حدثني عبيد بن زرارة ، قال : كنت عند أبي عبد الله عليه السلام أيام خرج محمد بن عبد الله بن الحسن ( 1 ) إذ دخل عليه رجل من أصحابنا فقال له : جعلت فداك إن محمد بن عبد الله قد خرج وأجابه الناس ، فما تقول في الخروج معه ؟ فقال أبوعبد الله عليه السلام : اسكن ما سكنت السماء والارض ، فقال عبد الله بن بكير : فاذا كان الامر هكذا فلم يكن خروج ما سكنت السماء والارض ، فما من قائم وما من خروج .
فقال أبوالحسن : صدق أبوعبد الله عليه السلام وليس الامر على ما تأوله ابن بكير إنما قال أبوعبد الله عليه السلام : اسكن ما سكنت السماء من النداء والارض من الخسف بالجيش .

17 - معاني الأخبار : أبي ، عن أحمد بن إدريس ، عن سهل ، عن علي بن الريان عن الدهقان ، عن الحسين بن خالد ، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال : قلت : جعلت فداك ، حديث كان يرويه عبد الله بن بكير ، عن عبيد بن زرارة قال : فقال لي : وما هو ؟ قال : قلت له : روى عن عبيد بن زرارة أنه لقي أبا عبد الله عليه السلام في السنة التي خرج فيها إبراهيم بن عبد الله بن الحسن ( 2 ) فقال له : جعلت فداك إن هذا قد آلف الكلام وسارع الناس إليه ، فما الذي تأمربه ؟ فقال : اتقوا الله واسكنوا ما سكنت السماء والارض .
قال : وكان عبد الله بن بكير يقول : والله لئن كان عبيد بن زرارة صادقا فما من خروج وما من قائم .
قال : فقال لي أبوالحسن عليه السلام : الحديث على مارواه عبيد ، وليس على ما تأوله عبد الله بن بكير إنما عنى أبوعبد الله عليه السلام بقوله : ما سكنت السماء من النداء باسم صاحبك ، وما سكنت الارض من الخسف بالجيش .

18 – معاني الأخبار ، الأمالي للشيخ المفيد: عن ابن الوليد، عن محمد العطار وأحمد بن إدريس معا، عن الاشعري، عن السياري، عن الحكم بن سالم ، عمن حدثه ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إنا وال أبي سفيان أهل بيتين تعادينا في الله ، قلنا : صدق الله وقالوا : كذب الله .
قاتل أبوسفيان رسول الله صلى الله عليه واله وقاتل معاوية علي بن أبي طالب عليه السلام وقاتل يزيد بن معاوية الحسين بن علي عليهما السلام والسفياني يقاتل القائم عليه السلام.

( 1 ) بعده : وانى لهم التناوش من مكان بعيد الاية في سبأ : 51 و 52 .
( 2 ) المعارج : 1 .
( 3 ) يفسر رحمه الله معنى قوله عليه السلام " وذلك المهدى " .
( 1 ) هو محمد بن عبد الله المحض بن الحسن المثنى بن الحسن بن على بن أبي طالب قد لقبوه بالمهدى رجاء أن يكون هوالمهدى الموعود لما روى على رسول الله صلى الله عليه وآله " المهدى رجل من أهل بيتى يواطئ اسمه اسمى واسم أبيه اسم أبى " كما توهم ذلك في المهدى العباسى وقد مر تحقيق ذلك في ج 51 ص 86 فراجع .
ومحمد هذا خرج في أيام المنصور ، وبعد ما قتل لقبوه بالنفس الزكية .
( 2 ) هو أخو محمد الملقب بالنفس الزكية خرج بعد أخيه وقتل بباخمرى .
وترى الحديث في المصدر ص 266 .
والذى بعده ص 346 .

ولا يخفى على اللبيب أن أصل قصة الخسف بالجيش كما ذكرت في مواضع من موسوعة القبر المحفور للإسلام هو إشاعة وأسطورة حاول نشرها عبد الله بن الزبير بن العوام وخالته عائشة لتخويف الجيش الأموي، ولم تفلح الحيلة وانهزم ابن الزبير، لكن الأسطورة استمرت وغطوا عليها ونسبوها للمهدي المنتظَر، وهنا الشيعة الاثناعشرية نقلوا الأسطورة من التراث الإسلامي المتشارَك مع مذهب السنة.

نموذج لقصة شيعية منقولة من أسفار الأبوكريفا، قصة محورة من سفر حياة أعمال النساء المقدسات إكزانثيب وبوليكسينا ورفقة Life and conduct of the holy women Xanthippe, Polyxena, and Rebecca

الشيعة الاثناعشرية لهم علم واقتباس أكثر من أسفار الأبوكريفا اليهودية والمسيحية في كتبهم مما لدى كتب مذهب السنة، وهذا مثال من الكافي للكليني:

(10380) - 10 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن الحكم بن مسكين، عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله (ع) قال: كان ملك في بني إسرائيل وكان له قاض وللقاضي أخ وكان رجل صدق وله امرأة قدولدتها الانبياء فأراد الملك أن يبعث رجلا في حاجة، فقال للقاضي: ابغني رجلا ثقة فقال: ما أعلم أحدا أوثق من أخي فدعاه ليبعثه فكره ذلك الرجل وقال لاخيه: إني أكره أن اضيع امرأتي، فعزم عليه فلم يجدبدا من الخروج، فقال لاخيه: يا أخي إني لست اخلف شيئا أهم علي من امرأتي فاخلفني فيها وتول قضاء حاجتها، قال: نعم فخرج الرجل وقد كانت المرأة كارهة لخروجه فكان القاضي يأتيها ويسألها عن حوائجها ويقوم لها فأعجبته فدعاها إلى نفسه فأبت عليه فحلف عليها لئن لم تفعلي لنخبرن الملك أنك قد فجرت، فقالت: اصنع ما بدالك لست اجيبك إلى شئ مما طلبت فأتى الملك فقال: إن امرأة أخي قد فجرت وقد حق ذلك عندي، فقال له الملك: طهرها، فجاء إليها فقال: إن الملك قد أمرني برجمك فما تقولين؟ تجيبني وإلا رجمتك، فقالت: لست اجيبك فاصنع ما بدالك فأخرجها فحفرلها فرجمها ومعه الناس، فلما ظن أنها قد ماتت تركها وانصرف وجن بها الليل وكان بهارمق فتحركت وخرجت من الحفيرة ثم مشت على وجهها حتى خرجت من المدينة فانتهت إلى دير فيه ديراني فباتت على باب الدير فلما أصبح الديراني فتح الباب ورآها فسألها عن قصتها فخبرته فرحمها وأدخلها الدير وكان له ابن صغير لم يكن له ابن غيره وكان حسن الحال فداواها حتى برئت من علتها واندملت ثم دفع إليها ابنه فكانت تربيه وكان للديراني قهرمان(1) يقوم بأمره فأعجبته فدعاها إلى نفسه فأبت فجهد بها فأبت، فقال: لئن لم تفعلي لاجهدن في قتلك فقالت: اصنع ما بدالك فعمد إلى الصبي فدق عنقه وأتى الديراني فقال له: عمدت إلى فاجرة قد فجرت فدفعت إليها ابنك فقتلته فجاء الديراني فلما رآه قال لها: ما هذا فقد تعلمين صنيعي بك فأخبرته بالقصة فقال لها: ليس تطيب نفسي أن تكوني عندي فاخرجي فأخرجها ليلا ودفع إليها عشرين درهما وقال لها: تزودي هذه الله حسبك، فخرجت ليلا فأصبحت في قرية فإذا فيها مصلوب على خشبة وهوحي، فسألت عن قصته فقالوا: عليه دين عشرون درهما ومن كان عليه دين عندنا لصاحبه صلب حتى يؤدي إلى صاحبه فأخرجت العشرين درهما ودفعتها إلى غريمه وقالت: لا تقتلوه فأنزلوه عن الخشبة، فقال لها: ما أحد أعظم علي منة منك نجيتني من الصلب ومن الموت فأنامعك حيث ما ذهبت فمضى معها ومضت حتى انتهيا إلى ساحل البحر فرآى جماعة وسفنا فقال لها: اجلسي حتى أذهب أنا أعمل لهم و استطعم وآتيك به فأتاهم فقال لهم: ما في سفينتكم هذه؟ قالوا: في هذه تجارات وجوهر وعنبر وأشياء من التجارة وأما هذه فنحن فيها قال: وكم يبلغ ما في سفينتكم؟ قالوا: كثير لا نحصيه، قال: فإن معي شيئا هو خير مما في سفينتكم، قالوا: وما معك؟ قال: جارية لم تروا مثلها قط، قالوا: فبعناها، قال؟ نعم على شرط أن يذهب بعضكم فينظر إليها ثم يجيئني فيشتريها ولا يعلمها ويدفع إلي الثمن ولايعلمها حتى أمضي أنا، فقالوا: ذلك لك فبعثوا من نظر إليها، فقال: ما رأيت مثلها قط فاشتروها منه بعشرة آلاف درهم ودفعوا إليه الدراهم فمضى بها، فلما أمعن(2) أتوها فقالوا لها: قومي وادخلي السفينة قالت: ولم؟ قالوا: قد اشتريناك من مولاك، قالت: ما هو بمولاي قالوا: لتقومين أو لنحملنك فقامت ومضت معهم فلما انتهوا إلى الساحل لم يأمن بعضهم بعضا عليها فجعلوها في السفينة التي فيها الجوهر والتجارة وركبواهم في السفينة الاخرى فدفعوها(1) فبعث الله عز وجل عليهم رياحا فغرقتهم وسفينتهم ونجت السفينة التي كانت فيها حتى انتهت إلى جزيرة من جزائر البحر وربطت السفينة ثم دارت في الجزيرة فإذا فيها ماء وشجر فيه ثمرة فقالت: هذا ماء أشرب منه وثمر آكل منه أعبد الله في هذا الموضع فأوحى الله عز وجل إلى نبي من أنبياء بني إسرائيل أن يأتي ذلك الملك فيقول: إن في جزيرة من جزائر البحر خلقا من خلقي فاخرج أنت ومن في مملكتك حتى تأتوا خلقي هذه وتقروا له بذنوبكم ثم تسألوا ذلك الخلق أن يغفر لكم فإن يغفر لكم غفرت لكم فخرج الملك بأهل مملكته إلى تلك الجزيرة فرأوا امرأة فتقدم إليها الملك فقال لها: إن قاضي هذا أتاني فخبرني أن امرأة أخيه فجرت فأمرته برجمها ولم يقم عندي البينة فأخاف أن أكون قد تقدمت على ما لا يحل لي فاحب أن تستغفري لي، فقالت: غفر الله لك اجلس، ثم أتى زوجها ولا يعرفها فقال: إنه كان لي امرأة وكان من فضلها وصلاحها(2)، وإني خرجت عنها وهي كارهة لذلك فاستخلفت أخي عليها فلما رجعت سألت عنها فأخبرني أخي أنها فجرت فرجمها وأنا أخاف أن أكون قد ضيعتها فاستغفري لي، فقالت: غفر الله لك، اجلس فأجلسته إلى جنب الملك.
ثم أتى القاضي فقال: إنه كان لاخي امرأة وإنها أعجبتني فدعوتها إلى الفجور فأبت فأعلمت الملك أنها قد فجرت وأمرني برجمها فرجمتها وأنا كاذب عليها فاستغفري لي، قالت: غفر الله لك، ثم أقبلت على زوجها فقالت: اسمع، ثم تقدم الديراني وقص قصته وقال: أخرجتها بالليل وأنا أخاف أن يكون قد لقيها سبع ففتلها، فقالت: غفر الله لك اجلس ثم تقدم القهرمان فقص قصته؟ فقالت للديراني: اسمع غفر الله لك، ثم تقدم المصلوب فقص قصته فقالت: لا غفر الله لك، قال: ثم أقبلت على زوجها فقالت: أنا امرأتك وكلما سمعت فإنما هو قصتي وليست لي حاجة في الرجال وأنا احب أن تأخذ هذه السفينة وما فيها وتخلى سبيلي فأعبد الله عز وجل في هذه الجزيرة فقدترى مالقيت من الرجال ففعل وأخذ السفينة وما فيها فخلى سبيلها وانصرف الملك وأهل مملكته.
(1) دمل - كسمع -: برئ كاندمل. والقهرمان هو الذى يقوم بأمر المرء وباشر اموره أو الخازن والوكيل الحاذق لما تحت يده.
(2) امعن الفرس: تباعد في عدوه.
(1) أى اجروا السفينة في الماء. (آت)
(2) أى كذا وكذا واسم كان وخبرها مقدر. (آت)

هذه القصة مقتبسة ومحورة من سفر أعمال وحياة النساء المقدسات إكزانثيب وبوليكسينا ورفقة، راجع الفصول أو الأصحاحات 26 و35 إلى 38 بالترجمة الإنجليزية
Life and conduct of the holy women Xanthippe, Polyxena, and Rebecca
ففيها بعض عناصر الشبه مع القصة الشيعية، منها هربها من زوجها الوثني وتقابلها مرتين مع لبوءة لا تأكلها وخطف والٍ أو حاكم لها ليستعبدها وهروبها، والرسول الذي أنقذ إحداهن كان فيليب قادمًا بسفينة بناء على وحي،....إلخ. أما قصة اتهامها بالفجور ورجمها فخيال إسلامي وتحوير لا وجود له في السفر الأصلي، بل السفر أبوكريفي هرطوقي يدعو لعدم ممارسة الجنس ولا الزواج إضافة إلى تغير دين المرأة عن زوجها الوثني وهو ما جعله يحبسها ويضطهدها وتهرب منه، حسب القصة البلهاء.
Life and conduct of the holy women Xanthippe, Polyxena, and Rebecca

ومن يتأمل ما نقله المجلسي في بحار الأنوار من كتبهم يجد نقلًا غزيرًا جدًّا كثيفًا من المواد الهاجادية والأبوكريفية بتوسع.

لؤي عشري 10-10-2018 08:51 PM

أحوال الجنة – أبو موسى الحريري

جاء في كتاب قس ونبي/ باب حق القس على النبي/ أحوال الجنة:

أحوال الجنة

في القرآن العربي كما في التقاليد النصرانية جنة واحدة في أوصافها وأحوالها ومحتوياتها وأول ما يتوقف عنده الباحث في الجنة تلك المادية المفرطة من شهوات حسية متطرفة ومآكل متنوعة وملذات جسدية صاخبة وما يسترعى منا الاهتمام والانتباه تلك المقابلة القريبة بين جنة القرأن وفردوس مار أفرام السرياني 379 م
ترتفع الجنة القرآنية عن الأرض في مكان عال حيث يتكـئ الصديقون في جنة عالية 69 : 22 88 : 10 ويرون الهالكين تحتهم وهم فوق 7
: 44 ويحدد مار أفرام فردوســـــه في قوله أن قمم الجبال كلها تحت شرفـــة قمته ... يقبل قدمي الفردوس ويطأ الرؤوس كافة النشيد الأول 40 مار أفرام السرياني
ومساحة الجنة القرآنية لا تحد بل عرضها كعرض السماء والأرض 57 : 21 3 : 133 لها طبقات ودرجات المؤمنون حقا لهم درجات عند ربهم 8 : 4 واعتـــمد القرآن تصنيفا مبتدئا بالنبيين والصديقين والشهداء والصالحين 4 : 69
ويحدد التلمود درجات الجنة بسبع وعند مار أفرام ثلاثة أرضه ( الفردوس ) للتائبين ووسطه للصديقين وقمته للمنتصريين الشهداء وقبته سكنى الله النشيد الثاني 11 وعند القديس بولس ثلاثة كو 12 : 2
يقول القرآن الذين أتقوا ربهم لهم غرف من فوقها وغرف مبنية تجرى من تحتها الأنهار 39 : 20
وفي الانجيل ما يشابه هذا القول في بيت أبي منازل كثيرة يوحنا 14 : 2
وللجنة أبواب يدخلها المتقون المؤمنون جنات مفتحة لهم الأبواب 38 : 50 سيق الذين أتقوا ربهم إلى الجنة زمرا حتى إذا جاءوها فتحت لهم أبوابها 39 : 73 والملائكة يدخلون عليهم من كل باب 13 : 23 وفي مقر الرؤيا لأورشليم السمائية سور شامخ له 12 بابا عليها 12 ملاكا وفي التلمود هناك بابان فقط للفردوس وعهد لاوي لا يحدد العدد
ومار افرام يؤكد وجود باب في قوله لأن الباب قد فتح فيا طوبى لمن يقدم منظومة القردوس 13 : 13 خذ مفتاح الفردوس لأن الباب لمبـادر إليك يتألق ويضحك لك الباب الفهامة يقيس الداخلين المرجع نفسه 2 : 2
أما السعادة القصوى في جنة القرآن كما في فردوس النصارى فتقوم على رؤية الله ومعرفته ورضوانه على المؤمنين الأبرار لهم جنات رضى الله عنهم وذلك الفوز العظيم 3 : 15 9 : 21 58 : 22
وسعادة الدنيا بمقابل سعادة الآخرة ليست سوى بهجة عابرة وخـــادعة والآخرة خير لك من الأولى ولسوف يعطيك ربك فترضى 93 : 4 - 5 أعلموا أن الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد ... وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور 57 : 20 هذه هي كنوز الأرض حيث يرعى السوس والعث وينقب اللصوص بمقابل كنوز السماء حيث لا يرعى السوس والعث ولا ينقب السارقون
هذه السعادة تقوم على الفرح والسلام الدائمين إذ الجنة هي دار الســلام 6 : 127 حيث لا خوف ولا حزن أدخلوها بسلام آمنيين 15 : 46 ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون 7 : 49
وهكذا هو فردوس مار أفرام حيث لا عناء فيه الفردوس 1 : 5 يسكنه الجمال لا عيب فيه والأمان لا القلق المرجع نفسه 5 : 12
لا يسمع الأبرار في الجنة أية كلمة كاذبة أو باطلة بل سلاما وأمانا لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما إلا قول سلاما سلاما الفرآن 56 : 25 وكل ضحكة صغيرة أو كبيرة تجر الويل والتعاسة ابن عباس يفسر 54 : 53 وهي لا توجد في الجنة ومن قول القرآن كل صغير وكبير مستطر القرآن 54 : 53
ويصف مار أفرام فردوسه الويل لمن يضيع في الضحك والثرثرة هذا اليوم الصالح للتوبة لأن التعاسة ستكون مجازاة الضاحكين
لا شمس حارقة ولا برد قارس في جـــنة القـــرآن بل وجوه يومئذ ناعمة وجوه ناضرة 75 : 23 مسفرة ضاحكة مستبشرة 80 : 38 لكـــآنك تعرف في وجوههم نضرة النعيم 83 : 24 وسبب ذلك أنهم لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا 76 : 13
وهو حال أصحاب الفردوس فقوارس البرد ولواهب الحر لا وجـــود لها في ذلك الموضع المبارك الشهي منظومة الفردوس 11 : 2
وفي سفر الرؤيا لن تلفحهم الشمس ولا السموم رؤيا 7 : 16 في ذلك اليـوم لا يكون نور بل قر وجليد زكريا 14 : 6 عكس ما هي عليه الجنة
أن أصحاب الجنة يصرخون ليل نهار بحمد الله ودعواهم فيها سبحانــك الله وتحيتهم فيها سلام وأخر دعواهم الحمد لله رب العالمين 10 : 10 35 : 34 وأصحاب الفردوس يصيحون بصوت جهير النصر لإلهنا .. الحمد والمجد والحكمة والشكر والاكرام والقوة والقدرة أبد الدهور رؤيا 7 : 9 - 12
أما وصف الجنة القرآنية وما فيها من ملذات فهي كما يلي للأبرار جنات تجري من تحتها الأنهار وترد هذه الصيغة في القرآن أكثر من 50 مرة وعيون ماء ترد هذه العيون حوالي 10 مرات ويعدد القرآن الأنهار بأربعة
واحد من ماء والثاني من لبن والثالث من خمر والرابع عسل مصفى 47 : 15 وهذه الأنهار الأربعة تذكرنا بأنهار سفر التكوين الأربعة وهي بحسب القـــرآن تعطي أحسن ما تنتجه الأرض كما هو حال أرض ميعاد العبرانيين التي يغزر فيها العسل واللبن والمياه .. تثنية 8 : 7 6 : 3 خروج 3 : 8 13 : 5
وتختلف خيرات الأنهار بحسب المصادر ففي التلمود لبن وعطر وعسل وخمر وفي رؤيا بولس الزيت بدل الماء وفي اسراء موسى العطـر بدل الماء وفي رؤيا يشوع بن لاوي الزيت والعطور بدل الماء واللبن وفي فردوس مار أفرام الخمر واللبن والعسل والزبد منظومة الفردوس 10 : 6
وتعود سعادة الجنة القرآنية إلى ما فيها من خيرات ومآكل شهية أكلها دائم 13 : 35 ومن فواكه كثيرة 43 : 73 38 : 51 يشتهونها 77 : 42 52 : 22 ويتخيرون منها ما يطيب لهم 56 : 20 فيها من كل الثمرات 47 : 15 يدنيها الله من يد المتقين ليسهل عليهم القطاف والأكل قطوفها دانية 69 : 23
وذللت قطوفها تذليلا 76 : 14 فسره الجلالان بينالها القائم والقاعد والمضطجع
هكذا حال فردوس مار أفرام فالثمار من كل طعم في مطال اليد المنظـومة 9 : 4 وأخص فواكه الجنة الأعناب القرآن 78 : 32 والنخل والرمان القرآن 55 : 68 ولحم الطيور 56 : 21 52 : 22 لكأنها وليمة مبسوطة أمام الأبـرار حيث الأكل الدائم 13 : 35 ويصفها مار أفرام أيضا أن الـأبرار ... وجدوا الفردوس مائدة الملكوت مبسوطة أمامهم أو هي وليمة الملكوت طوبى لمن استحقـــها المنظومة 2 : 5 7 : 24 7 : 26 11 : 15
مشروب الجنة القرآنية المفضل هي الخمر وتشرب في أكواب وكؤوس وأباريق وصحاف من ذهب وآنية من فضة 43 : 71 56 : 18 76 : 15 78 : 34 ..... إلخ يشربها الصالحون كأسا من معين بيضــاء لذة للشاربين لا تغتال عقل الانسان ولا تسكره كخمرة الدنيا
يقول القرآن يطاف عليهم بكأس من معين بيضاء لذة للشاربين لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون 37 : 45 - 47 لا تعرض الأبـــرار إلى الكلام الباطل أو إلى الأثم والكذب 52 : 23 أنها خمرة طيبة من رحيق مختوم 83 : 25 أى من قدم الدنيا في عتقها أنها شراب طهور 76 : 21
مزاجه الزنجبيل والكافور 76 : 17 لقد أصبحت الخمرة في الجنة حلالا طيبا بعدما كانت على الأرض محرمة على المؤمنين
وخمرة الفردوس الأفرامي لا تقل جودة عنها في جنة القرآن ومن يمتنـع عنها هنا نالها هناك بسخاء من صام عن الخمر زاهدا هفت إليه دوالــي الفردوس واحدة فواحدة تنيله عنقودها منظومة 7 : 18 وهي كخمرة التلمود التي احتفظ بها الله منذ اليوم السادس للخليقة
يستريح الأبرار في جنة القرآن على سرر مرفوعة ومصفوفة متقابلين بعضهم تجاه بعض 37 : 44 لكل منهم غرفة يلقون فيها تحية وسلاما 25 : 75 وغرف مبنية تجري من تحتها الأنهار 39 : 20 هم فيها آمنون 34 : 37 يتكئون على الأرائك مع أزواجهم 36 : 56 وهم ينظرون منها نضرة النعيم 83 : 23 ينبسطون على فرش مرفوعة 56 : 34 بطانتها من استبرق 55 : 54 ويلبسون ثيابا نضرة خضراء من سندس واستبرق وحريــــر ويحــلون بأساور من ذهب ولؤلؤ 18 : 31 44 : 53 76 : 21 22 : 23 35 : 33
ويتوسدون رفرف خضر وعبقري حسان أى أوسدة خضراء وطنافس جميلة 55 : 76
وهو حال المخلصين في فردوس مار أفرام يتنعمون بمآكل وألبسة ولذات لا حدود لها ولا نهاية وهم بعد آدم وحواء اللذين أضاعا ثيابهما قد استرداها جديدة بيضاء منظومة الفردوس 6 : 9 يستحقون الطوبى والحلل الزاهية البيضاء طوبى لمن استحق أن يرى حلتهم ذكور وأناث يشتمــلون بلباس من نور يحجب ألقه ملامح السوءة
وكل واحد منهم التحف الضياء المنظومة 6 : 23 ولبس النور هؤلاء المخلصون ويصفهم مار أفرام يولون الأشجار خلال الهواء الطلق تحتهم الأزاهير وفوقهم الثمار سماءهم تمر وأرضهم زهر ... غمامة فوق الرؤوس مظلة من تمر وبساط تحت الأقدام منبسط من زهر 9 : 5 ثم يوجز النعيم بقوله أثمار قدسية حلل نورية أكاليل مشعة مناعم ولا عناء لذة بلا رعب عرس أبدي ولا نهاية 14 : 8
وما يزيد في البهــــجة في جنة القرآن جمالها الفتان وملذاتها العارمة حوريات خلقهن الله حديثا وخصيصا للمتقــــين الأبرار 56 : 35 هن أبكار على الدوام 56 : 36 لهن من العمر 33 سنة لا يكبرن عنها أبدا تفسير البخارى والزمخشري
وإلى هذا العمر يشير كتاب رؤيا يوحنا المنحول [ويقول أن كلالبشر سيقومون يوم القيامة العامة بعمر الثلاثين]
ويقوم في خدمة اصحاب جنة القرآن وأزواجهم غلمان وولدان مخلدون 56 : 17 76 : 19 كأنهم لؤلؤ مكنون 52 : 24 إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا 76 : 19
أما الخدمة عند مار أفرام تناط بنسيمات الهواء يقول تهب النسيمات الطيبات من كل لون يحملن الأطباق ... والمدعوون المولمون لا يبرحون ... حيث الخدام يخدمون ولا يتعبون النسيمات يتنقلن أمام الأبرار تخف الواحدة بالطعام والأخرى تصب الشراب هبوب تلك سمن ومهب هذا رواء
من رأى قط نسمات يأتين بنفحات تؤكل وأخرى بنفحات تشرب واحدة تنفح بندى وأخرى بطيب ... نفحة ترويه ونفحة تشبعه نسيم يرفهك وآخر يلذذك واحد يسمنك وأخر ينعمك .. المنظومة 9 : 6
لا أقول أن القرآن العربي نقل مباشـــرة عن مار أفــرام السرياني أو من سواه ولا أقول أن محمدا كان مطلعا على شوارد الجنة النصرانية أو ألم بأوصافها كلية
بل نقول أن كتابات مار أفرام كانت شائعــة في الكنيسة الســريانية النصرانية ومعروفة كتاباته لدى جميع آباءها وكتابها والصلة بين القرآن ومؤلفات الكنيسة السريانية لم تكن فقط نتيجة جو عام عاشه محمد وأخذ عنه
بل كانت بواسطة تعاليم ونصوص عرفها شفهيا وكتابة بواسطة معارفه الشخصية واحتكاكه المباشر ببعض مؤلفات السريان
وكان الكلام على الجنة وأحوالها من أبرز ما اهتمت به الكنيسة السـريانية في كرازتها وتقواها
وجاءت تقوي القرآن في الآخرة والميعاد قريبة الصلة يالمفاهيم الدينية التي كانت مسيطرة في الكنيسة السريانية في زمن محمد وقبله

وجاء في بحث لباحث مسيحي بعنوان أثر النصرانية في المعرفة المحمدية:

والحديث في المصادر السريانية يطول جداً، لذا أختصرها بذكرها أهمها، وهي أفكار مار أفرام السرياني، ولاسيما تلك المتعلقة بالجنة والخلود. إن الدارس لهذه الأفكار لن تفوته التشابهات الكبيرة والقاسم المشترك مع الفكر المحمدي المعلن في القرآن. ولعل الأسباب التي استدعت إلى ظهور أفكار أفرام عند محمد تعود إلى أن الرهبان المنتشرون في الجزيرة العربية قدموا بغالبيتهم من بلاد النهرين، حيث ولد أفرام وعاش وعلم في مدرسة الرها ونصيبين وترك فكره مبلغ الأثر في تلامذته.
برهن المستشرق تور أندري في أبحاثه ببراعة القرابة بين الفكر الأفرامي والنص القرآني فيما يتعلق بالبعث والجنة وما فيها من أطايب.[119] وفي هذه التشابهات يقول جعيط: "أنه يصعب على المؤرخ أن يعتبر أنها من محض الصدفة... ذلك أن التشابهات ليست فقط في الفكر بل في التعابير والصور والاستعارات". [120] وبهذا الصدد يقول الأب جوزيف قزي: "لا أقول إن القرآن العربي نقل مباشرة عن مار أفرام السرياني أو عن سواه ... بل إن أفكار مار أفرام كانت شائعة في الكنيسة السريانية...والصلة بين القرآن ومؤلفات الكنيسة السريانية لم تكن نتيجة جو عام عاش فيه محمد وأخذ عنهن بل كانت بواسطة تعاليم ونصوص عرفها شفهيا وكتابة على السواء".[121]

لعل اهتمام محمد الزائد بالمصادر السريانية هو ماحث زيد على تعلم اللغة السريانية، ليترجم مابين يدي محمد من كتب وضعت بهذه اللغة. ونظراً لما جاء في قرآنه من تعبيرات تشتق أصلاً من هذه اللغة، جعل الباحثين يقرؤون القرآن بعيون سريانية آرامية، ليبينوا دور أفرام فيما نزل على محمد من قرآن بلسان سرياني مبين، ويضيفوا رأيا هاما إلى جملة الآراء التي قالت بنصرانية الإسلام. [122]
------------------------------
119–
Tor Andrae, Les Origines de l Islam et Christanisme, Trad. J. Roche, Paris 1955
Tor Andrae, tr. Theophil Menzil, Mohammad: the Man and his Faith, N.Y.1936.
هنا عينة مما كتبه أفرام للمقارنة: "شاهدت مقامات الأبرار، وإذا الطيوب تقطر منهم، والروائح العطرة تفوح من أعطافهم، وأكاليل الزهور تزين رؤوسهم ... حين يتكئ الأبرار إلى المائدة تجود عليهم الأشجار بأظلالها ... تهب النسيمات الطيبات، من كل لون. يحملن الأطباق ... والمدعوون الملمون لا يبرحون ... حيث الخدم يخدمون لا يتعبون ... النسيمات في الفردوس يتنقلن أمام الأبرار، تخف الواحدة بالطعام، والأخرى تصب الشراب. هبوب تلك مسمن، ومهب هذه رواء ... نسيم يرفهك، ونفح يلذذك. واحد يسمنك، وآخر ينعمك ... من امتنع عن الخمور في الدنيا تتوق إليه الخمور في الفردوس، وتمتد إليه كل نبتة من الكرمة بعنقود عنب. ومن عاش عفيفا استقبلته العناقيد (الحور) بحضن نقي طاهر". (عن كتاب "قس ونبي" ص 162 – 164 و تاريخ سوريا ولبنان وفلسطين، فيليب حتي، ج2 ص 144 – 145)

[هنا يشبه أفرام بأسلوبه الشعري الشاعري الشرقي السرياني العناقيد بإناث لها صدور دافئة طاهرة، ولعله ما حوره محمد إلى نساء (حور) كواعب أترابًا أي لهن أثداء مكتملة النمو، والتعفف في اللغة العربية يعني الترفع عن الصغائر والرذائل والمعايب وليس العفة الجنسية بمفهومها الديني فقط- لؤي عشري]
120 - هشام جعيط – تاريخية الدعوة المحمدية في مكة، ص 167 – 172
121 - قس ونبي"- حق القس على النبي- التشابه- في أمر الجنة 163
122 - منهم مؤلف كتاب "قراءة سريانية آرامية للقرآن" "Die syro-aramäische Lesart des Koran". C. Luxenbergويفترض الكاتب، أن القرآن كتب بداية بمزيج من العربية والسريانية، اللغة المنطوقة والمكتوبة السائدة عند العرب حتى القرن الثامن. لذا احتوى على الكثير من اللغة الغامضة وغير القابلة للتفسير، وأن الكثير مما جاء به هو وفقا للنحو السرياني وليس النحو العربي، الذي وُضعت قواعده فيما بعد عن يد أعاجم لم يلمّوا بأصول لغة القرآن. وعليه يؤكد لزوم قراءة النص القرآني وتفسيره وفهمه في إطاره الزمني مجردا من المؤثرات السياسية اللاحقة، وفي انسجام عناصر اللغتين العربية والسريانية. القرآن عنده بالسريانية هو"قريانا"، أي "كتاب الفصول"، الذي ترجمت محتوياته ليس لتأسيس ديانة جديدة، وإنما لنشر ديانة قديمة. يعطي المؤلف لبعض من آيات القرآن قراءة جديدة، برفع أخطاء التنقيط وإرجاع الدلالة إلى الجذور السريانية. من جملة المفاهيم التي تصححها قراءته "حور الجنة". ففي تحليل للآيات يبيّن لغويا وموضوعيا نسبة المصطلحات إلى نصوص سريانية معروفة بالـ "ميامر" ألفها أفرام السرياني عن الجنة، وأن لفظة "حـور" صفة سريانية للعنب الأبيض، كما أن "عين" صفة اسمية تعبر عن صفاء وبريق الحجارة الكريمة التي ينعت بها القرآن نصاعة العنب الأبيض، فيشبهه باللؤلؤ المكنون. أما في أمر "الولدان المخلدون"، فقد تبيّن أن المراد بالولـدان هي "ثمار"، وفقا للمرادف السرياني "يلـدا". فتوجّب قراءة "مجلدون" بدلا من "مخلدون". وهكذا أصبحت الآية تفيد بأن ثمار الجنة تؤكل مجلدة (باردة)، بخلاف أهل الجحيم "الآكلون من شجر من زقوم … فشربون عليه من الحميم".

وجاء في بحثٍ للقس بولس فغالي بعنوان (من الكتاب المقدس إلى الآباء السريان/ الفصل العشرون: الأزمنة الأخيرة عند أفرام السرياني) :

والفردوس وليمة، تحمل فيها الريحُ الطعامَ من شجرة إلى شجرة (9/9)
من رأى وليمة في لبِّ شجرة!
وثمارًا من كلِّ طعم في مطال اليد
نُظمت واحدةً إلى أخرى
تدنو على مزياتها:
الثمارُ للمأكل والمشرب
وللغسل الندى، والأوراق للنشف،
هو كنز لا ينضب لسيِّدٍ هو الغني (9/4).
وتجتمع في هذه الوليمة صورة الغمامة والمظلَّة (أو: الخيمة)، خيمة البرِّيَّة حيث يقيم الربُّ مع شعبه.
يُولمون في الأشجار خلَلَ الهواء الطلق
تحتهم الأزاهير وفوقهم الأثمار
فسماؤهم ثمر وأرضهم زهَر
من سمع قطُّ أو رأى
غمامةً فوق الرؤوس، مظلَّةً من ثمر
وبساطًا تحت الأقدام منبسَطًا من زهر (9/5).

أقول (لؤي عشري): قارن قول القرآن {إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ (20) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (21) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (22) قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ (23) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ (24)} الحاقة

{مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آَسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ (15) } سورة محمد

{فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (21) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (22) قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ (23) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ (24) } الحاقة

... فالفردوس جنَّة. والفردوس وليمة، والفردوس مائدة، والفردوس ملكوت. وأخيرًا الفردوس خيام ومظالّ.
أمّا الخيام في الفردوس فهي الأشجار
موسى علَّم الجميع أسفاره السماويَّة
زعيمُ العبرانيّين لقَّننا دروسه
التوراةَ كنز الوحي.
من خلالها تكشَّفت قصَّة الجنَّة
موصوفًا مرئيُّها، ممدوحًا خفيُّها
مقتضبًا خبرُها، مذهلةً أشجارُها (1/1).
أيَّ أشجار يذكر أفرام؟ التينة أوّلاً. هي حاضرة في أرض الرها كما هي حاضرة في أرضنا: مرآها، رائحتها، طعهما، لـمْسها.
لكنّي رأيتُ في سياجه (= الفردوس)
التينات الصوامت
وقد كنَّ لرأس الأثيمين الأوَّلين إكليلين بهيَّين
لكأنَّ أوراقهنَّ، على العريان، يعلوهنَّ الخجل.
وعاد أفرام إلى سفر التكوين (3: 7) وإلى ما فعله آدم وحوّاء بعد أن خطئ: «فخاطا من ورق التين وصنعا لهما مآذر». فالتينة ثمرها حلو، وقيل في الأمثلة القديمة: خلقتُ لكم كلَّ شيء حتّى التين. والأرض التي أعطاها الربُّ لشعبه: «أرض... تين ورمّان» (تث 8: 8). وحين تململ الشعب من الحياة في البرِّيَّة، قال: «في هذه الأرض، لا تينَ ولا كرم ولا رمّان» (عد 20: 5).
لا تستطيع العيون الكليلة
أن تحدِّق إلى أشعَّة جماله السماويّ
فالتين أشجاره أسماء أشجارنا
وبأسماء تيننا سُمِّي تينُه
وأوراقه الروحيَّة لبست جسمًا ملموسًا
فأشبه اللباسُ اللابسَ (11/8).
«الأوراق الروحيَّة». منذ البداية ينبِّهنا الشاعر القدّيس أن لا نتوقَّف عند الصور المادِّيَّة، بل نرتفع إلى الأعالي، إلى «الجمال السماويّ». فجمال الأرض يوجِّهنا إلى خالق ذلك الجمال، إلى الله.
لكنَّ الفم لا يقدر أن يكفي الداخليَّ أوصافَه
ولا يوفّي حتّى الخارجيَّ محاسنَه
بل يقصر حتّى أن يوفّي زيَنَ سياجه الساذجة
حقَّ وصفها:
فإنَّ ألوانه لزاهية وعطوره لمدهشة
ومحاسنه لمشتهاة وطعمه لفاخر.
وفي وسط هذه الجنَّة، شجرة الحياة التي هي صورة عن المسيح، ذاك الشمس بأوراقها المشعَّة، والتي تنحني قدَّامها كلُّ الأشجار كما أمام ملكها. ونستعين بأغصانها كما استعان السرافيم بأجنحتهم قدَّام الله. ذاك ما رواه إشعيا حين دعاه الربّ: «السرافيم قائمون، ولكلِّ واحد ستَّة أجنحة، باثنين يستر وجهه، وباثنين يستر رجليه...» (إش 6: 2).
لعلَّ الشجرة المباركة، شجرة الحياة
بأشعَّتها هي شمس الفردوس.
لقد صقل أوراقَها وطبعها بطابعه،
الجمالُ الروحيّ الضافي على الجنَّة
تنسَّم الريحُ على الأشجار كأنَّك بالجنس يسجد
أمام قائده، ينحني أمام مليكة الأشجار (3/2).
* * *
إذا كانت أشجار الفردوس كافَّة،
كلُّ واحدة منهنَّ تلبس المجد،
وتتعطَّفُ بالبهاء،
السرافون بأجنحتهم، والأشجار بأغصانهنَّ
يتحجَّبون لئلاَّ ينظروا إلى سيِّدهم... (3/15).

أقول (لؤي عشري): قارن مع ذكر القرآن للخيام في الجنة، وهو تصور بدائي بدوي، والتصوير الشعري عند أفرام السرياني أرقى وأروع، فقد شبه تظليل الأشجار الكبيرة للبشر بالخيام.

لؤي عشري 10-16-2018 08:51 PM

تنويه
 
قمت بتحديث الموضوع والإضافة عليه. وفي موضوع القبر المحفور ومواضيع عرض كتبي غيرت رابط كتاب أصول أساطير الإسلام من الأبوكريفا المسيحية والهرطقات وكتابات آباء الكنيسة، إلى الاصدارة الأحدث المتضمنة هذه البحوث الجديدة

لؤي عشري 10-21-2018 11:23 AM

رابط تحميل الكتاب في إصداره الجديد
 

أصول أساطير الإسلام من الأبوكريفا المسيحية والهرطقات وكتابات آباء الكنيسة أو للتحميل من هنا أو من هنا أو من هنا أو من هنا

لؤي عشري 10-26-2018 05:43 PM

مما اقتبسه الإسلام من القوانين الكنسية المسماة بالرسولية زعمًا
 
مما اقتبسه الإسلام من كتب القوانين "الرسولية" الكنسية
الدسقولية القرن الثالث الميلادي حوالي 230م- قوانين الرسل القرن الرابع الميلادي حوالي 380م- هيوبوليتُس الرومي 215م- قوانين البابا أثناسيوس بطريرك الإسكندرية (و293- ت 373م) لكن أثبت الباحث أثناسيوس المقاري أنه منقول من عناصر أقدم من كل القوانين الرسولية سابقة الذكر.

كتب قوانين الرسل هي كتب مكتوبة قبل الإسلام بقرون طوال، جاء في الويكيبديا الإنجليزية عن الدسقولية في مادة Didascalia Apostolorum، ما ترجمتي له:

دسقولية أو تعاليم الرسل، أو الدسقولية فحسب، هو مقال مسيحي ينتمي لجنس كتب التنظيمات الكنسية. أنه يقدم نفسه على أنه كتبه الرسل الاثنا عشر تلاميذ المسيح في زمن اجتماع أورشليم، رغم ذلك يتفق الباحثون أنه في الحقيقة مؤلف يعود إلى القرن الثالث الميلادي، ربما حوالي سنة 230م. لقد صيغت الدسقولية بوضوح على شاكلة الديداكي الأقدم منها. إن مؤلفها غير معروف، لكنه كان على الأرجح أسقفًا، ويعتقَد أنه كان من إقليم سوريا الشمالية، ربما قرب أنطاكية.

Woolfenden, Gregory W. (2004). Daily liturgical prayer: origins and theology. Ashgate Publishing. p. 26. ISBN 978-0-7546-1601-6.

Bradshaw, Paul F. (2002). The Search for the Origins of Christian Worship. Oxford University Press. pp. 78–80. ISBN 978-0-19-521732-2.

Johnson, Lawrence J. (2009). Worship in the Early Church: An Anthology of Historical Sources. Vol 1. Liturgical Press. p. 224. ISBN 978-0-8146-6197-0.
Didascalia et Constitutiones Apostolorum, ed. F. X. Funk (2 vols. Paderborn, 1906).

وعن تاريخ القوانين الرسولية جاء في ويكيبيديا الإنجليزية، تحت عنوان Apostolic Constitutions، ما ترجمته:
القوانين الرسولية أو قوانين الرسل الاثني عشر المقدِّسين، باللاتينية Constitutiones Apostolorum، هي مجموعة مسيحية من ثمانية مباحث تنتمي إلى التنظيمات الكهنوتية، من تصنيفات الأدب المسيحي الملكر، والتي وصايا ذات سلطة [زعمتها] "رسولية" حول السلوك الأخلاقي والشعائر (الليتورجي) وتنظيم الكنيسة. يمكن تأريخ العمل بما يترواح بين 375 و 380 م. بلد مَنْشَئه تعتبَر عادة سوريا، على الأرجح أنطاكية. المؤلف غير معروف، حتى لو كان منذ اقتراح James Ussher يُعتبَر نفسَ مؤلفِ الرسائل الزائفة النسبة لأغناطيوس، وربما كان الأسقف جوليان الإيونومي Eunomian [مذهب آريوسي متشدد] القلقيلي bishop Julian of Cilicia من القرن الرابع الميلادي.

Bradshaw, Paul F. (2002). The Search for the Origins of Christian Worship. Oxford University Press. pp. 85–87. ISBN 978-0-19-521732-2.
Jasper, Ronald Claud Dudley; Cuming, G. J. (1990). Prayers of the Eucharist: early and reformed. Liturgical Press. p. 100. ISBN 978-0-8146-6085-0.

وقوانين البابا أثناسيوس بطريرك الإسكندرية (وُلِدَ 293- توفي 373م) – نشرة الراهب القس أثناسيوس المقاري للمخطوطات العربية مع العلم أن له شذرات مخطوطة من المخطوطات القبطية المترجمة عن الأصل اليوناني تعود للقرن السادس أو السابع الميلادي (W. Riedel and W. Crum, the canons of Athnasius of Alexandria, London, 1904, p.x)، وقد أثبت المقاري في مبحثه بنشرته للكتاب (شواهد قدم هذه القوانين، ص 48) أن هذه القوانين أقدم في عناصرها من كل القوانين الرسولية المعروفة، وأدلته جيدة عقلانية متعلقة بتطورات العوائد والطقوس والتقاليد المسيحية كذكر السماح بزواج الأسقف فيها عكس التحريم اللاحق لذلك، وذكرها مكوث كل المرضى أغنياء وفقراء وليس فقراء فقط في موضع من الكنيسة إن شاؤوا وغيرها من أدلة قوية على قدم النص عن غيره من النصوص، وأن مصدرها منه اقتبس هيبولتُس نفسه، وهي أقدم منه وأقل تطورًا.

وهي كتب زعمت الكنائس التقليدية نسبتها للرسل الاثني عشر أنفسهم تلاميذ المسيح الناصري، وهي تُنسب في معظمها إلى كلمنت (إكليمنتس) الرومي على أنه راويها وناقلها عن التلاميذ (الحواريين)، ولو أن هذه النسبة يشكك فيها اليوم الباحثون المدققون المسيحيون أنفسهم من الأوربيين والغربيين وبعض العرب الأعلى ثقافة من باحثي اللاهوت والنصوص من المسيحيين العرب، إلا أن مسيحيي الكنائس التقليدية الغير بروتستنتية يعتبرونها عامة ممثلة صحيحة لقوانينهم التنظيمية الكنسية العتيقة المتوارثة للعامة والإكليروس (رجال الدين). ومن هذه الكتب الدسقولية أو تعاليم الرسل (الديداسكاليا أي التعاليم) المكتوبة في أوائل القرن الثالث الميلادي وبعض نسخها تنسب كتابته لكلمنت الرومي (وأستعمل هنا ترجمة د. وليم سليمان قلادة، دار الثقافة - مصر، وتوافقها نشرة القمص مرقس داوود، مكتبة المحبة - مصر)، وقوانين الرسل أو القوانين الرسولية المنسوب كتابته لكلمنت الرومي والمكتوبة أواخر القرن الثالث الميلادي (وأستعمل هنا القوانين الرسولية- ترجمة الأب جورج منصور- نشر جامعة الروح القدس- الكسليك- جونيه- لبنان- بالتعاون مع رابطة معاهد اللاهوت في الشرق الأوسط التابعة لمجلس كنائس الشرق الأوسط)، وإنجيل الديداخي أو الديداكي المعروف بتعاليم الرسل الاثني عشر وهو أقدمها حيث يعود للقرن الثاني الميلادي (استعملت له سلسلة أقدم النصوص الليتورجية، ج1، ترجمة الأبوين جورج منصور ويوحنا ثابت، نشر رابطة الدراسات اللاهوتية في الشرق الأوسط- الكسليك- لبنان)، وتقليد هيبوليتُس الرومي الذي كتبه هيبوليتُس، وإن سفر (عهد ربنا) أو (عهد الرب) [وترجمته في نفس المرجع سالف الذكر] الذي تقر به بعض الكنائس التقليدية يقول بأنه كتاب بعد موت المسيح نقله المسيح بنفسه للتلاميذ لتنظيم الكنيسة حينما خرج من القبر قبل صعوده، فهو أبوكريفا في الحقيقة بصورة واضحة: مقولات منسوبة للناصري بغير صحة لها وخارج الأناجيل بحيث تكون واضحة التلفيق ولا يمكن اعتبارها أبيجرافا قانونية. ويقول "الأب" جورج منصور عن نسبة (القوانين الرسولية) لكلمنت والرسل الاثني عشر:

"....هذه القوانين تقسم إلى ثمانية كتب، وتضم شرائع الكنيسة ومراسيمها كما وضعها _على ما يُقال_ القديس إقليمندس تلميذ القديس بطرس وخليفته على كرسي روما. وفي الواقع، ينطوي الكتاب على مؤلفات سابقة حررت في القرون المسيحية الأولى، وقد استعان المؤلف المجهول لوضع كتبه الثمانية بالديداكية (القرن الثاني) وبالتقليد الرسولي للقديس هيبوليتُس الروماني (سنة 215م) وبالديداسكاليا أي الدسقولية تعاليم الرسل الاثني عشر، التي يرجع تأليفها إلى أوائل القرن الثالث. وقد قام بجمع هذه القوانين الرسولية أسقف من شمال سوريا متضلع بالشريعة والعادات اليهودية لفائدة المسيحيين الذي تحولوا من الوثنية، وذلك سنة 380م على وجه التقريب.

....وفي وسط المراسيم والصلوات لسيامة الأسقف نجد نص القداس المعروف لدى الليتورجيين بالقداس الإقليمندي نسبة إلى إقليمندس المزعوم أن يكون مؤلف القوانين الرسولية جريًا عل عادة كُتَّابِ ذلك العهد." (اهـ)

ويعترف وليم سليمان قلادة رغم اشتهار المصريين باختلاف مللهم بالتعصب واللاعقلانية، على مضض، ص 12:

(ولكن الحماس للمراسيم أصابه الفتور تحت تأثير موجة الدراسات النقدية).

وقد أحسن البروتستنت وسائر المسيحيين العلمانيين الغربيين من بعدهم عامةً بنبذ هذه التعاليم الرجعية التخلفية القرونوسطية، حيث تحتوي هذه القوانين على تعاليم ظلامية من القرون الوسطى كتحريم لبس الذهب والملابس الفاخرة الحسنة وتمشيط الشعر وتحريم لعب النرد (الدومينو الطاولة الدومَنة ويشبهه الشطرنج وغيره) وغيرها من تعاليم مشؤومة ظلامية معادية للحضارة، تبناها لاحقًا محمد أو أحاديثه وهي تعاليم ظلامية جهلية نفاقية لقوم أترعوا بأموال نهب الشعوب بالحروب والتجارات والإقطاعيات الإسلامية.

وانطوت أيضًا تعاليم تلك الكتب على تحريم قراءة كتب العلوم باعتبارها كتبًا وثنية كافرة وأنه لا يجوز قراءة غير أسفار الكتاب المكدس اليهومسيحي، وتحريم حضور المسارح والسيرك والعروض، وتحريم التمثيل والغناء وعامة معاداة كل أشكال الحضارة الرومانية اليونانية والتمدن. انظر مثلًا نشرة الدسقولية لوليم سليمان قلادة ص 365 وبعدها، وص426، وص 375- 379، والقوانين الرسولية ترجمة جورج منصور، ص 14- 16، وانظر التقليد الرسولي للقديس هيبوليتوس الروماني- ترجمة الراهب القس أثناسيوس المقاري، ص 30 و32 (ص129 و130) المواد 12- 15 ومثله قوانين المجامع الكنيسة بتعاليمها المحرمة للمسرح والتمثيل والسيرك، انظر مجموعة الشرع الكنسي او قوانين الكنيسة المسيحية الجامعة، ترجمة الأرشمنديت حنانيا إلياس كسَّاب.

ومما اقتبسه الإسلام منها في الأحاديث، تحريم لبس الحرير والذهب على الرجال من التعاليم التقشفية النفاقية المشؤومة الظلامية (راجع باب التشريعات الشاذة من موسوعة القبر المحفور، وباب مصادرة الحريات من الموسوعة)، فجاء في الدسقولية بترجمة د. وليم سليمان قلادة- الطبعة الثانية- ص 361 وبعدها (وننقلها باختلافات النسخ المترجَمة العربية القديمة):

تحريم الذهب والحرير وتمشيط الشعر وتهذيبه وقص اللحى

تعاليم العلمانيين/ من باب (وصايا للرجال)
33- فلا تُضِفْ بقنيتِكَ [نسخة أ: بما أعطاه الله لكَ] شيئًا جميلًا على الجمال الذي أعطاه اللهُ لكَ [نسخة د: منذ ولادتك]. بل ليكن هذا الآخِرُ ضعيفًا قدامَ الناسِ بتواضع. هكذا لا تربِّ شعرَ رأسِكَ ليطولَ، بل بالحَرِيِّ [بالأحرى] احلقْه، ونقِّ رأسَكَ، لكي لا تخدمه ولا تحفظه لئلا تُنْزَعَ منه [ولا] [في النسخة أ: أو] تبتَلَّ بطيبِ لتجذبَ إليكَ النساءَ المستريحات [د، و: القريب صيدهن، ب: المحتبِلات] لتصيدهن بهذا الشكل، أو الأخريات اللواتي يُصَدْنَ أيضًا من جهة هذا الشكل غيرِ المفلِحِ.

34- ولا تستعملْ أيضًا لباسًا [ب، و، س: ثيابًا، ح: حُلَّةً] حسنًا [ب، ح: فاخرة، و: رفيعة، س: جميلة] يُدْخِلُ إلى الطغيانِ [و: فإنها تجلب الخديعة، ب: لتُغْوِي بعضًا، ح: لتقودَ النساءَ في الضلال]، ولا تلبَسْ لرجلِكَ أخفافًا ولا أحذيةً لرجليك منتخَبةً [ب: فاخرة، و: مصبوغة، س: مصنوعة] بصناعات [و: بصبغةٍ، س: بحذَقٍ] رديَّةٍ [و: سوءٍ، س: لتثير شهواتٍ جاهلةً]، بل اهتمَّ بالعفةِ [ب: بالوقار، ح: بالطهارة] و [د: وبما تدعو إليه] الحاجةِ [ب: النفع] فقط، ولا تلبَسْ خواتمَ ذهبٍ في أصابعِكَ، لأن هذه كلها علامات الزناة [ب: الفسق، س: الزنا]. وإذا استعملتها [ب: كنتَ مولعًا بها] خارجًا [ب: خارجًا بطريقة قليلة الاحتشام] عما ينبغي [س: عن الطبيعة بدلا من كلمة عما ينبغي] فإنك لا تعمل البِرَّ [ب: لا تعمل كما يليق برجل صالح].

35- لأنك إذا كنت مؤمنًا (ب:كمؤمن، س: أيها الإنسان الأمين) ورجلًا (ب: كرجل، ابنًا) لله، فلا يجب (ب: ليس جائزًا، س: ليس مسوحًا، د: فهو عارٌ) لك أنْ تخدم (أ: تربي، س: تترك) شعر رأسك (ب: + أن ينمو طويلًا) أو تزينه (س: تمشطه ولا أن تساويه، ب: تفرجنَهُ معًا)، لأن هذه علامة بذخ وانحلال. ولا تحفظه (ب: تجعله، س: ترتبَّنَه) مبلَّلًا (ب: ينتشر خارجًا)، ولا تضفره (ب: ترتبه عاليًا، س: تزيِّنه) ولا تخلطه (أ: تخالطه، ب: تجعله، س: تُنَظِّمَنَّه) بحُسْنٍ (ب: مُمَوَّجًا، س: ليكون جميلًا)، ولا تُرَبِّهِ (ب: ترتِّبه عاليًا) ليكون مضفورًا (ب: مموَّجًا ولامعًا) واحدة واحدة (د: ضفائرَ أو منثورًا)، ولا ليحمَر (ب، و: بتمشيط جميل وطلاء). لأن [ب: ما دام أن هذا مخالف] الناموس أيضًا يطرح (د: ينهى عن كل) هذه الأفعال التي بهذا الشبه، قائلًا في سفر الناموس (ح: التثنية، ب: وصاياه المضافة): "لا تعملوا لك طررًا (ب: عقائصَ) ولا أصداغًا" (ب: ضفائر مستديرة. ويحيل ناشر ب إلى سفر اللاويين 19: 27، و21: 5).

36- يجب أيضًا أن لا (و: ولا يجوز للرجال) تنزعَ شعرَ لحيتِكَ لتفسدَها، أو أن تغيِّرَ شكل الإنسانِ إلى غيرِ طبيعتِهِ (س: غير ما خلقه الله)، لأن الناموس * قال: "لا تأخذوا (د: تحلقوا، ب: تشوِّهوا) شعرَ لحاكم" (نسخة ب أحالت إلى اللاويين 19: 27 و21: 5) لأن الله خالقَنا خلقَهُ. إن هذا العمل يليق بالنساء. فأما الذكور فإنه (د: فحسبهم أن هذا العمل) بالحقيقة لا يليق بهم. وأنت إذا صنعتَ هذا (أ: هذه، ب: هذه الأشياء) فإنما تريد أنْ تُرْضِيَ الناسَ وتقاومَ (ب: على خلاف) الناموس، فتصير ممقوتًا قدام الله الذي خلقَهُ (أ،ح،د: خلقك) كصورته (لا توجد هذه الكلمة في س).

وجاء في القوانين الرسولية- ترجمة الأب جورج منصور- نشر جامعة الروح القدس- الكسليك- جونيه- لبنان- بالتعاون مع رابطة معاهد اللاهوت في الشرق الأوسط التابعة لمجلس كنائس الشرق الأوسط، الكتاب الأول/ تعاليم الكنيسة الجامعة للعلمانيين/ 3- على الرجل أن يُرضيَ زوجتَه فقط:

7- ....واعلم أنه ليس المطلوب منك أن تسترضي الناس بالخطيئة، ولكنْ أنْ تُرضيَ الله بالطهارة، وذلك لتحصل على الحياة وعلى راحة أبدية.

8- إن جمالك الطبيعي هبة من الله، فلا تتصنَّعْ في تزيينِهِ، بل كن متَّزِنًا ومعتدلًا أمام الناس. فلا تُرِخَ شعرَكَ ولا تُرسلْه كشعر المرأةِ بل قصَّهُ، كيلا تجذبَ إليكَ النساءَ أو تُجذَبَ أنتَ إليهنَّ.
9- لا تلبس ثيابًا أنيقة بقصد الإغراء، ولا تنتعل حذا مزركشًا يلفت النظر، بل احتذِ ببساطة وبما هو ضروريٌّ. ولا تجعل في أصابعك خاتمًا من الذهب، لأن كل هذه الأشياء مدعاة للفساد، وليس من البر في شيء أن نسعى وراءها.

10- باعتبارك مؤمنًا ورجلَ اللهِ، فلا يحق لك أم تُرخي شعر رأسك وترسله خصلًا، ولا أن تجدله أو تسدله، فذلك يثير الغرائز. كما لا يحق لك أن تُجمِّلَ شكلَ لحيتِكَ، أو أنْ تغيِّر ملامحَ وجهِكَ، لأن الناموس يحذِّر بقوله في تثنية الاشتراعِ: "لا تحلقوا رؤوسكم حلقًا مستديرًا، ولا تُحفِ عارضيكَ" [اللاويين 19: 27، 21: 5]
11- يجب ألا تُعنى برونق لحيتك فيتغيَّر فيك شكل الإنسان الطبيعي، لأن الناموس يقول: "لا تحلقوا شعر لحيتكم" [اللاويين 19: 27]، فهذا يليق بالنساء لا بالرجال. تلك إرادة الله الخالق. فإذا أردتَ أنتَ أن تحلق لترضي النساء، فأنت تتعدى الشريعةَ وتكون مُزْدَرَىً في نظر اللهِ، هو الذي خلقَكَ على صورتِهِ.

نقارن مع نصوص الأحاديث الإسلامية

النهي عن تمشيط (تسريح) الشعر يوميًّا

روى النسائي في السنن الكبرى:

9318 - أخبرنا إسماعيل بن مسعود قال حدثنا خالد بن الحارث عن كهمس عن عبد الله بن شقيق قال: كان رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عاملا بمصر فأتاه رجل من أصحابه فإذا هو أشعث الرأس مشعان فقال ما لي أراك مشعانا وأنت أمير قال كان نبي الله صلى الله عليه و سلم ينهانا عن الإرفاه قلنا وما الإرفاه قال الترجل كل يوم قال أبو عبد الرحمن سماه سعيد بن إياس الجريري

إسناده صحيح

9319 - أخبرنا يعقوب بن إبراهيم قال ثنا بن علية عن الجريري عن عبد الله بن بريدة أن رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم يقال له عبيد قال: إن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان ينهانا عن كثير من الإرفاه سئل بن بريدة عن الإرفاه فقال منه الترجل

وفي المجتبى:

5054 - أخبرنا قتيبة قال حدثنا أبو عوانة عن داود الأودي عن حميد بن عبد الرحمن الحميري قال: لقيت رجلا صحب النبي صلى الله عليه وسلم كما صحبه أبو هريرة أربع سنين قال نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمتشط أحدنا كل يوم


قال الألباني: صحيح

وروى أحمد:

17011 - حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرُّؤَاسِيُّ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْأَوْدِيِّ، عَنْ حُمَيْدٍ الْحِمْيَرِيِّ، قَالَ: لَقِيتُ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَحِبَهُ مِثْلَ مَا صَحِبَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ، فَمَا زَادَنِي عَلَى ثَلَاثِ كَلِمَاتٍ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا يَغْتَسِلُ الرَّجُلُ مِنْ فَضْلِ امْرَأَتِهِ، وَلَا تَغْتَسِلُ بِفَضْلِهِ، وَلَا يَبُولُ فِي مُغْتَسَلِهِ، وَلَا يَمْتَشِطُ فِي كُلِّ يَوْمٍ "

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير داود بن عبد الله الأودي، فمن رجال أصحاب السنن، حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي: هو حميد بن عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي، وزهير: هو ابن معاوية، وحُمَيد الحميري: هو ابن عبد الرحمن.//وأخرجه أبو داود (28) و (81) ، ومن طريقه البيهقي في "السنن" 1/98 و190، ويعقوب بن سفيان مختصراً في "المعرفة والتاريخ" 2/739 عن أحمد ابن يونس، عن زهير بن معاوية، به.//قال البيهقي: وهذا الحديث رواته ثقات، إلا أن حميداً لم يُسَمِّ الصحابي الذي حدثه، فهو بمعنى المرسل، إلا أنه مرسل جيد، لولا مخالفتُه الأحاديثَ الثابتةَ الموصولةَ قبله.//فقال الحافظ في "الفتح" 1/300: ولم أقف لمن أعلَّه على حجة قوية، ودعوى البيهقي أنه في معنى المرسل مردودة، لأنَّ إبهام الصحابي لا يضر، وقد صرح التابعي بأنه لقيه. وانظر أحمد 17012 و إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير داود بن عبد الله الأودي، فمن رجال أصحاب السنن، وهو ثقة. وأخرجه أبو داود (81) ، والنسائي في "المجتبى" 1/130، وفي "الكبرى" (240) ، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 2/739، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/24 من طرق عن أبي عوانة، بهذا الإسناد، ولم يسق يعقوب بن سفيان متنه.وأحمد 23132 و23132.



16793 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ هِشَامٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُغَفَّلٍ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ التَّرَجُّلِ إِلَّا غِبًّا"

صحيح لغيره، رجاله ثقات رجال الشيخين لكن فيه عنعنة الحسن. يحيى: هو ابن سعيد القطان، وهشام: هو ابن حسان الأزدي القردوسي. وأخرجه أبو داود (4159) ، والترمذي في "جامعه" (1756) ، وفي "الشمائل" (34) ، والحربي في "غريب الحديث" ص415، وابن حبان (5484) ، والبغوي في "شرح السنة" (3165) من طريق يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.//وأخرجه الترمذي (1756) ، والنسائي في "المجتبى" 8/132، والطبراني في "الأوسط" (2457) ، وأبو نعيم في "الحلية" 6/276، والبيهقي في "الآداب" (697) من طريقين، عن هشام بن حسان، به.//وأخرجه ابن أبي شيبة 8/580 من طريق أبي خزيمة، و8/580، والنسائي 8/132 من طريق قتادة، كلاهما عن الحسن، به مرسلاً دون ذكر الصحابي.//وله شاهد من حديث رجل من أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، من طريق حميد بن عبد الرحمن الحميري عنه، عند أحمد 4/111 بإسناد صحيح، ولفظه: نهانا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يمتشط أحدنا كل يوم. وهو جزء من حديث.//وآخر من حديث رجلِ من أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عند النسائي 8/132 أخرجه عن إسماعيل بن مسعود- وهو الجحدري-، عن خالد بن الحارث، عن كهمس - وهو ابن الحسن البصري التميمي-، عن عبد الله بن شقيق قال: كان رجل من أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عاملاً بمصر، فأتاه رجل من أصحابه، فإذا هو شَعث الرأس مُشْعانٌ ، قال: ما لي أراك مُشعاناً وأنت أمير؟ قال: كان نبي الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينهانا عن الإرفاه، قلنا: وما الإرفاه؟ قال: الترجل كل يوم. وإسناده صحيح.
قال ابن الأثير في "النهاية" 2/203: الترجل والترجيل: تسريح الشعر وتنظيفه وتحسينه، كأنه كره كثرة الترفه والتنعم.

23969 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَحَلَ إِلَى فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ وَهُوَ بِمِصْرَ فَقَدِمَ عَلَيْهِ وَهُوَ يَمُدُّ نَاقَةً لَهُ فَقَالَ: إِنِّي لَمْ آتِكَ زَائِرًا إِنَّمَا أَتَيْتُكَ لِحَدِيثٍ بَلَغَنِي عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجَوْتُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَكَ مِنْهُ عِلْمٌ فَرَآهُ شَعِثًا فَقَالَ: مَا لِي أَرَاكَ شَعِثًا وَأَنْتَ أَمِيرُ الْبَلَدِ ؟ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ " يَنْهَانَا عَنْ كَثِيرٍ مِنَ الْإِرْفَاهِ " وَرَآهُ حَافِيًا، فَقَالَ: مَا لِي أَرَاكَ حَافِيًا ؟ قَالَ: " إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَنَا أَنْ نَحْتَفِيَ أَحْيَانًا "

إسناده صحيح إن كان عبد الله بن بريدة سمعه من أحد صحابيَّيه، وإلا فهو مرسَل، والجريري -وهو سعيد بن إياس- كان قد اختلط، ورواية يزيد بن هارون عنه بعد الاختلاط، لكن تابعه إسماعيل ابن عليَّة وحماد بن سلمة عن سعيد، وروايتهما عنه قبل الاختلاط. وأخرجه أبو داود (4160) ، ومن طريقه البيهقي في "شعب الإيمان" (6468) من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد.// وأخرجه البيهقي في "الشعب" (6469) ، وفي "الآداب" (698) من طريق حماد بن سلمة، عن الجريري، به.// وأخرجه مختصراً النسائي 8/185 عن يعقوب بن إبراهيم، عن إسماعيل ابن عليَّة، عن الجريري، عن عبد الله بن بريدة: أن رجلاً من أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقال له: عُبيد، قال: إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان ينهى عن كثيرٍ من الإرفاه. سُئِل ابن بريدة عن الإرفاه، قال: منه الترجُّل. كذا قال فيه: عبيد عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال المزي في "تحفة الأشراف" 7/226: وهو وهمٌ، والصواب: فضالة بن عبيد.//قال البيهقي في "الشعب" بإثر الحديث (6469) : رواه في الاحتفاء زهير بن حرب عن ابن علية عن الجريري عن عبد الله بن بريدة: أن رجلاً سمع من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حديثاً، وقد سمعه معه رجلٌ يقال له: عبيد، فأتاه فقال: إن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يأمرنا بالاحتفاء.//وأخرج نحوه النسائي 8/132 من طريق خالد بن الحارث، عن كهمس بن الحسن، عن عبد الله بن شقيق قال: كان رجل من أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عاملاً بمِصر، فأتاه رجل من أصحابه فإذا هو شَعِثُ الرأس مُشعانٌّ (أي: ثائر الرأس) ، قال: ما لي أراك مشعانّاً وأنت أمير؟! قال: كان نبي الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينهانا عن الإرفاه، قلنا: وما الإرفاه؟ قال: الترجُّل كلَّ يومٍ .//وفي الباب عن عبد الله بن مغفل: أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن الترجُّل إلا غِبّاً. وقد سلف برقم (16793) ، ورجاله ثقات.//وعن رجل من أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: نهانا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يمتشط أحدنا كل يوم. وقد سلف برقم (17012) ، وإسناده صحيح.
قوله. "وهو يمدُّ ناقة له" أي: يسقيها المَديد، وهو ماء يُخلَط به دقيق أو سمسم أو شعير، ثم يسقاه البعير. وقيل: المديد: العلف. "اللسان" (مدَّ) .

24009 / 58 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ زُهَيْرٍ يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ، عَنْ صَالِحٍ يَعْنِي ابْنَ كَيْسَانَ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ أَبِي أُمَامَةَ أَخْبَرَهُ، أَنَّ أَبَا أُمَامَةَ أَخْبَرَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " الْبَذَاذَةُ مِنَ الْإِيمَانِ، الْبَذَاذَةُ مِنَ الْإِيمَانِ "

قوله: "البذاذة" قال الخطابي: هي سوء الهيئة والتجوز في الثياب ونحوها.
وفي قاموس لسان العرب: قوله « بذذاً » كذا بالأصل وفي القاموس بذاذا ) وبَذاذةً وبُذُوذَةً رثَّت هيئتُك وساءت حالتك وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم البَذاذةُ من الإِيمان البذاذة رثاثة الهيئة قال الكسائي هو أَن يكون الرجلُ مَتَقَهِّلاً رثَّ الهيئة يقال منه رجل باذّ الهيئة وفي هيئته بذاذة وقال ابن الأَعرابي البَذّ الرجل المُتَقَهِّل الفقير قال والبذاذة أَن يكون يوماً متزيناً ويوماً شَعِثاً ويقال هو ترك مداومة الزينة وحال بَذَّة أَي سيئة وقد بَذِذتَ بعدي بالكسر فأَنت باذُّ الهيئة أَي ورثُها بَيِّن البذاذة والبُذوذة قال ابن الأَثير أَي رثّ اللِّبْسَة أَراد التواضعَ في اللباس وتركَ التَّبَجُّجِ به وهيئة بَذَّةٌ.
( قهل ) القَهَل كالقَرَهِ في قَشَف الإِنسان وقَذَر جلدِه ورجل مُتَقَهِّل لا يتعهَّد جسده بالماء والنظافة وفي الصحاح رجل مُتَقَهِّل يابس الجلد سيِّء الحال مثل المُتَقَحِّل وفي حديث عمر رضي الله عنه أَتاه شيخ مُتَقَهِّل أَي شِعث وسِخ يقال أَقْهَل الرجلُ وتَقَهَّل المحكم قَهِلَ جلدُه وقَهَلَ وتَقَهَّل يِبس فهو قاهِل قاحِل وخص بعضهم به اليُبْس من العبادة قال من راهِبٍ مُتَبَتِّلٍ مُتَقَهِّلٍ صادِي النهارِ لليلِه مُتَهَجِّد والقَهَل في الجسم القشَف واليُبس القَرَهُ وقَهِل قَهَلاً وتَقَهَّل لم يتعهَّد جسمه بالماء ولم ينظفه والتَّقَهُّل رَثاثة الملبَس والهيئةِ ورجل مُتَقَهِّل إِذا كان رَثَّ الهيئة متقشِّفاً وأَقْهَل الرجل دنَّس نفسه وتكلَّف ما يَعِيبه وأَنشد خَلِيفة الله بلا إِقْهال والقَهْل كُفران الإِحسان وقَهَلَه يَقْهَلُه قَهْلاً أَثنى عليه ثناء قبيحاً.

إسناده حسن، رجاله ثقات رجال الصحيح غير عبد الله بن أبي أمامة فقد روى له أبو داود وابن ماجه، وهو صدوق حسن الحديث، وقد صرَّح بسماعه من أبيه عند المصنِّف وغيره، وقد اختلف عليه في هذا الحديث بما لا يقدح.//وهو في "الزهد" للمصنِّف ص7، ومن طريقه أخرجه الحاكم 1/9، والبيهقي في "الشعب" (8136) لكن وقع عند الأخيرين: صالح بن أبي صالح بدل صالح ابن كيسان، وهو خطأ. وقال أحمد عقب روايته في "الزهد": البذاذة: التواضع في اللباس. ونقل البيهقي عن عبد الرحمن بن مهدي بأنها التواضع.//وأخرجه البيهقي (6173) من طريق محمد بن إبراهيم، عن أحمد بن حنبل، به. وجاء عنده على الصواب: صالح بن كيسان.//وأخرجه القضاعي في "مسند الشهاب" (157) ، والبيهقي في "الآداب" (240) ، وفي "الشعب" (8136) من طريق عبد الرحمن بن محمد بن منصور، عن عبد الرحمن بن مهدي، به. ووقع في رواية البيهقي في "الآداب": صالح بن أبي صالح، وهو خطأ أيضاً.//وأخرجه الطبراني (790) ، وأبو أحمد الحاكم في "الكنى" 2/13، والمزي في ترجمة أبي أمامة من "التهذيب" 33/51 من طريق سعيد بن سلمة بن أبي الحسام، عن صالح بن كيسان، به.//وأخرجه ابن ماجه (4118) من طريق أيوب بن سويد، وأبو أحمد الحاكم 2/12-13 من طريق عبد الله بن المبارك، كلاهما عن أسامة بن زيد، عن عبد الله ابن أبي أمامة، عن أبيه. وفُسِّر في رواية ابن ماجه بأنه التقشف.//وأخرجه الطحاوي في "شرح المشكل" (1531) و (3036) ، والطبراني (791) ، وأبو أحمد الحاكم 2/14-15، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (1361) من طريق عبد الله بن حمران، عن عبد الحميد بن جعفر، عن عبد الله بن ثعلبة، قال: قال لي عبد الرحمن بن كعب بن مالك: سمعت أباك يحدِّث عن النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.. فذكره. وعبد الله بن ثعلبة: هو عبد الله بن أبي أُمامة بن ثعلبة نسب إلى جدِّه.// قلنا: وعبد الحميد بن جعفر، وإن كان صدوقاً حسن الحديث عند الجمهور إلا أن النسائي قال. ليس بالقوي، وقال ابن حبان: ربما أخطأ. فإن كان عبد الرحمن بن كعب محفوظاً في هذا الإسناد فيكون من المزيد في متصل الأسانيد، لأن عبد الله بن أبي أمامة قد صرَّح بسماعه من أبيه كما في رواية "المسند" وغيرها.//وأخرجه الطبراني (789) من طريق عبد العزيز بن عبيد الله، عن عبد الله بن عُبيد الله بن حكيم، عن أبي المنيب بن أبي أمامة -وهو عبد الله-، عن عبد الله بن كعب، عن أبي أمامة، به. قلنا: عبد العزيز ضعيف، وعبد الله بن عبيد الله لم نقف على حاله.//وأخرجه البخاري في "الكنى" 9/3، وابن أبي الدنيا في "التواضع" (129) ، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (2002) ، والطبراني (788) من طرق عن عبد الله بن منيب بن عبد الله بن أبي أمامة، عن أبيه منيب، عن محمود بن لبيد، عن أبي أمامة، به. قلنا: ومنيب بن عبد الله مجهول الحال.//ورواه محمد بن إسحاق واختلف عليه في إسناده:// فأخرجه أبو داود (4161) ، والبيهقي في "الشعب" (6470) ، وفي "الآداب" (241) من طريق محمد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن أبي أمامة، عن عبد الله بن كعب بن مالك، عن أبي أمامة، به. قلنا: ابن إسحاق مدلِّس وقد عنعنه.//وأخرجه ابن أبي الدنيا في "التواضع والخمول" (128) ، والبيهقي في "الشعب" (8135) من طريق عباد بن العوام، عن محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن أبي أمامة، عن عبد الله بن كعب، عن أبيه. كذا قال: عن أبيه، قال البيهقي عقبه: يحتمل أن يكون المراد بقوله: "عن أبيه" أبا عبد الله بن أبي أمامة والله أعلم. قلنا: وابن إسحاق عنعنه أيضاً.//وأخرجه أبو يعلى الموصلي في "مسنده الكبير" كما في "إتحاف الخيرة" (250) ، عن إبراهيم بن الحجاج، عن حجاج، عن ابن إسحاق، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، عن عبد الله بن كعب الباهلي أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ... فذكره. وقال البوصيري عقبه: إسناده ضعيف لتدليس محمد بن إسحاق.//وأخرجه الحميدي (357) ، وابن أبي عمر العدني في "الإيمان" (46) عن سفيان بن عيينة، عن ابن إسحاق، عن معبد بن كعب -عند العدني: محمد بن كعب-، عن عمه أو أمه -عند العدني: عن أبيه أو عمه- أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ... فذكره. وابن إسحاق عنعنه أيضاً.

نموذج لتعاليم عدم الاهتمام بحسن المظهر والتحضر والتهذب، والتجمل.

الإلزام بتطويل اللحى

روى البخاري:

5893 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْهَكُوا الشَّوَارِبَ وَأَعْفُوا اللِّحَى

5892 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ وَفِّرُوا اللِّحَى وَأَحْفُوا الشَّوَارِبَ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا حَجَّ أَوْ اعْتَمَرَ قَبَضَ عَلَى لِحْيَتِهِ فَمَا فَضَلَ أَخَذَهُ

ورواه مسلم 259-260 وانظر أحمد 8785 بنحوه

وروى مسلم:

[ 259 ] حدثنا محمد بن المثنى حدثنا يحيى يعني بن سعيد ح وحدثنا بن نمير حدثنا أبي جميعا عن عبيد الله عن نافع عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى

[ 259 ] وحدثناه قتيبة بن سعيد عن مالك بن أنس عن أبي بكر بن نافع عن أبيه عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بإحفاء الشوارب وإعفاء اللحية

[ 259 ] حدثنا سهل بن عثمان حدثنا يزيد بن زريع عن عمر بن محمد حدثنا نافع عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خالفوا المشركين أحفوا الشوارب وأوفوا اللحى

[ 260 ] حدثني أبو بكر بن إسحاق أخبرنا بن أبي مريم أخبرنا محمد بن جعفر أخبرني العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب مولى الحرقة عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس

[ 261 ] حدثنا قتيبة بن سعيد وأبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب قالوا حدثنا وكيع عن زكريا بن أبي زائدة عن مصعب بن شيبة عن طلق بن حبيب عن عبد الله بن الزبير عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر من الفطرة قص الشارب وإعفاء اللحية والسواك واستنشاق الماء وقص الأظفار وغسل البراجم ونتف الإبط وحلق العانة وانتقاص الماء قال زكريا قال مصعب ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة زاد قتيبة قال وكيع انتقاص الماء يعني الاستنجاء

[ 261 ] وحدثناه أبو كريب أخبرنا بن أبي زائدة عن أبيه عن مصعب بن شيبة في هذا الإسناد مثله غير أنه قال قال أبوه ونسيت العاشرة

ورواه أحمد:

25060 - حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ شَيْبَةَ، عَنْ طَلْقِ بْنِ حَبِيبٍ، عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرَةِ : قَصُّ الشَّارِبِ، وَإِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ، وَالسِّوَاكُ، وَاسْتِنْشَاقٌ بِالْمَاءِ، وَقَصُّ الْأَظْفَارِ، وَغَسْلُ الْبَرَاجِمِ ، وَنَتْفُ الْإِبْطِ ، وَحَلْقُ الْعَانَةِ ، وَانْتِقَاصُ الْمَاءِ " يَعْنِي الِاسْتِنْجَاءَ قَالَ زَكَرِيَّا: قَالَ مُصْعَبٌ: وَنَسِيتُ الْعَاشِرَةَ، إِلَّا أَنْ تَكُونَ " الْمَضْمَضَةَ "

إسناده على شرط مسلم ، مصعب بن شيبة انفرد برفعه ، وقد وثقه ابن معين والعجلي ، وقال أحمد : روى أحاديث مناكير ، وقال أبو حاتم : لا يحمدونه ، وليس بقوي ، وقال النسائي : منكر الحديث ، وقال في موضع آخر: في حديثه شيء ، وقال ابن سعد : كان قليل الحديث ، وقال الدارقطني : ليس بالقوي ولا بالحافظ ، وقال ابن عدي : تكلموا في حفظه ، وقال الحافظ في "التقريب" : لين الحديث ، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين غير طلق بن حبيب فقد روى له البخاري في "الأدب المفرد" ، ومسلم وأصحاب السنن .// وأخرجه بتمامه ومختصراً ابن أبي شيبة 1 / 195 و8 / 567 - 568 ، وإسحاق (547) ، ومسلم (261) (56) ، وأبو داود (53) ، والترمذي (547) ، والنسائي في "المجتبى" 8 / 126 ، وفي "الكبرى" (9286) ، وابن ماجه (293) ، وأبو يعلى (4517) ، وابن خزيمة (88) ، وأبو عوانة 1 /190 و191 ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (685) ، والعقيلي في "الضعفاء" 4 / 197 ، والدارقطني في "السنن" 1 / 94 - 95 ، والبيهقي في "السنن" 1 / 36 و52 ، وفي "معرفة السنن والآثار" 1 / 442 ، وفي "الصغير" (82) ، والبغوي في "شرح السنة" (205) من طريق وكيع بهذا الإسناد ، وقال الترمذي : حديث حسن .//وأخرجه مسلم (261) (56) من طريق يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ، وابن خزيمة (88) من طريق عبد الله بن نمير ومحمد بن بشر ، ثلاثتهم عن زكريا ، به .// ورواه سليمان التيمي - فيما أخرجه النسائي في "المجتبى" 8 / 128 ، وفي "الكبرى" (9297) ، وأبو بشر جعفر بن إياس فيما أخرجه النسائي كذلك في "المجتبى" 8 / 128 ، وفي "الكبرى" (9288) كلاهما عن طلق بن حبيب قوله وقال النسائي : وحديث سليمان التيمي وجعفر بن إياس أشبه بالصواب من حديث مصعب بن شيبة ، ومصعب منكر الحديث ، وقال الدارقطني في "العلل" 5 / الورقة 24 : وهما أثبت من مصعب بن شيبة ، وأصح حديثاً . وانظر الحافظ في "التلخيص" 1 / 77 و"الفتح" 1 / 77 .//وفي الباب: عن عبد الله بن عمر ، وقد سلف (5988) ، وذكرنا هناك بقية أحاديث الباب ، ونزيد عليها : حديث عمار بن ياسر ، سلف (18327) .

تربية وإطالة اللحى كانت لعصور طوال إجبارية على المسلمين والعرب كلهم، وكانوا في العصور الوسطى "يجرّسون" ويعيبون من يرتكب خطأ بحلق لحيته، مع أن التمدن والأناقة في حلق اللحية. ولا يزال أصحاب الفكر السلفي المتعفن يحرصون على تطويل لحاهم، وهي حرية شخصية طبعًا. وحتى عهد قريب قبل تطور الأزهر كان حلق اللحية معناه خروجك من الأزهر وعدم إجازتك في أي اختبار، حاليًّا كثير من علماء الأزهر الكبار كالطنطاوي طيب الذكرى الذي كان أقرب إلى التسامح على حد ما عرفت عنه وغيره حليقو اللحى، أو خفيفو اللحى. فلا يربونها على طريقة السلفيين المضحكة، بعض هؤلاء تصل لحيته فعليًّا إلى نصف بطنه أو كرشه!


النهي عن لبس الحسن الجيد من الثياب، وأكل الجيد الشهيّ من الطعام

روى أحمد:

15631 - حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو مَرْحُومٍ عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ الْجُهَنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ تَرَكَ اللِّبَاسَ، وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ تَوَاضُعًا لِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، دَعَاهُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ، حَتَّى يُخَيِّرَهُ فِي حُلَلِ الْإِيمَانِ أَيَّهَا شَاءَ "

إسناده حسن. وأخرجه الترمذي (2481) والحارث بن أبي أسامة (567) (زوائد) ، وأبو يعلى (1484) و (1499) ، والحاكم 4/183-184، وأبو نعيم في "الحلية" 8/47-48، والبيهقي في "الشعب" (6148) ، وفي "الآداب" (595) من طريق أبي عبد الرحمن المقرئ، بهذا الإسناد، وقال الترمذي: هذا حديث حسن، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي. ورواه أحمد مطولاً برقم (15619) .

15619 - حَدَّثَنَا حَسَنٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، حَدَّثَنَا زَبَّانُ، عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " مَنْ كَظَمَ غَيْظَهُ، وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَنْتَصِرَ دَعَاهُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ، حَتَّى يُخَيِّرَهُ فِي حُورِ الْعِينِ أَيَّتَهُنَّ شَاءَ، وَمَنْ تَرَكَ أَنْ يَلْبَسَ صَالِحَ الثِّيَابِ، وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ تَوَاضُعًا لِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، دَعَاهُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ حَتَّى يُخَيِّرَهُ اللهُ تَعَالَى فِي حُلَلِ الْإِيمَانِ، أَيَّتَهُنَّ شَاءَ "

حديث حسن، وهذا إسناد ضعيف. وأخرجه الطبراني في "الكبير" 20/ (415) ، وأبو نعيم في "الحلية" 8/48 من طريق أسد بن موسى، عن ابن لهيعة، بهذا الإسناد. وأخرجه الطبراني 20/ (416) من طريق رشدين، والحاكم مختصراً 1/61، والبيهقي في "الشعب" (6149) من طريق يحيى بن أيوب، كلاهما عن زَبَّان، به. وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" 8/48 من طريق خير بن نُعيم، عن سهل بن معاذ، به. وأخرجه بنحوه الطبراني في "الأوسط" (9252) ، وفي "الصغير" (1112) ، ومن طريقه أبو نعيم في "الحلية" 8/47 من طريق كثير بن عُبيد الحَذَّاء، عن بقية بن الوليد، قال: حدثنا إبراهيم بن أدهم، عن محمد بن عجلان، عن فروة ابن مجاهد، عن سهل بن معاذ، به. وفيه زيادة: "ومن أنكح عبداً وضع الله على رأسه تاج الملك يوم القيامة" وهذا إسناد ضعيف، بقية مدلس تدليس تسوية، ولم يصرح بالسماع في جميع طبقات الإسناد، وقد اختلف عنه كذلك. فأخرجه أبو نعيم 8/47 من طريق محمد بن عمرو بن حَنَان الكلبي، عن بقية بن الوليد، عن إبراهيم بن أدهم أنه سمع رجلاً يحدث عن محمد بن عجلان، عن فروة بن مجاهد، عن سهل بن معاذ، به. فزاد رجلاً مبهماً بين إبراهيم بن أدهم ومحمد بن عجلان. وبهذه الزيادة أورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 4/276، وقال: رواه الطبراني في "الصغير" و"الأوسط"، وفيه بقية مدلس. وقوله: "من كظم غيظه.. إلخ "، سيرد (15637) بإسناد حسن. وقوله: "من ترك أن يلبس صالح الثياب".. إلخ، سيرد (15631) بإسنادٍ حسن.

وروى الطبراني:

6119- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بُنْدَارٍ الأَصْبَهَانِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ عَسْكَرٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْفِرْيَابِيُّ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ ، عَنْ سَلْمَانَ قَالَ : جَاءَ قَوْمٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُمْ : أَلَكُمْ طَعَامٌ ؟ قَالُوا : نَعَمْ ، قَالَ : فَلَكُمْ شَرَابٌ ؟ قَالُوا : نَعَمْ ، فَقَالَ : فَتُصَفُّونَهُ ؟ قَالُوا : نَعَمْ ، قَالَ : وَتُبَرِّدُونَهُ ؟ قَالُوا : نَعَمْ ، قَالَ : فَإِنَّ مَعَادَهُمَا كَمَعَادِ الدُّنْيَا ، يَقُومُ أَحَدُكُمْ إِلَى خَلْفِ بَيْتِهِ ، فَيُمْسِكُ عَلَى أَنْفِهِ مِنْ نَتْنِهِ.

أورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 10/288، وقال: رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح.

وروى أحمد:

15747 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ جُدْعَانَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ سُفْيَانَ الْكِلَابِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: " يَا ضَحَّاكُ مَا طَعَامُكَ ؟ " قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، اللَّحْمُ وَاللَّبَنُ ؟ قَالَ: " ثُمَّ يَصِيرُ إِلَى مَاذَا ؟ " قَالَ: إِلَى مَا قَدْ عَلِمْتَ، قَالَ: " فَإِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ضَرَبَ مَا يَخْرُجُ مِنْ ابْنِ آدَمَ مَثَلًا لِلدُّنْيَا "

صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف، لضعف علي بن زيد- وهو ابن جُدعان- ولانقطاعه، فالحسن-وهو البصري-لم يسمع من الضحاك بن سفيان، فيما نقل ابن أبي حاتم في"المراسيل"ص42 عن علي ابن المديني. وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الصحيح. أحمد بن عبد الملك: هو ابن واقد الحرّاني. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (8138) من طريق مسدّد، عن حماد بن زيد، بهذا الإسناد. وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 10/288، وقال: رواه أحمد والطبراني، ورجال الطبراني رجال الصحيح، غير علي بن زيد بن جُدعان، وقد وُثِّق.//وله شاهد من حديث سلمان، أخرجه يحيى بن صاعد في زوائد "الزهد" (492) ، والطبراني في "الكبير" (6119) من طرق عن محمد بن يوسف الفريابي، حدثنا سفيان- وهو الثوري-، عن عاصم- وهو الأحول-، عن أبي عثمان النهدي، قال سفيان: أراه عن سلمان- وجاء عند الطبراني عن سلمان من غير شك- قال: جاء رجلٌ إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: ألكم طعام؟ إلى أن قال: "فإن معادهما كمعاد الدنيا، يقوم أحدكم خلف بيته، فيُمسِكُ على أنفه من نتَن ريحه"، وإسناده صحيح على شرط الشيخين، فالحديث يصح به.وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 10/288، وقال: رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح.//وقد أخرجه ابن المبارك (491) عن سفيان، عن عاصم، عن أبي عثمان، مرسلاً. ثم نقل ابن المبارك عن يحيى بن صاعد قوله: وقد رُوي هذا الحديث عن أبي بن كعب، ووقفه بعض، ورفعه بعض.//قلنا: أخرجه موقوفاً ومرفوعاً يحيى بنُ صاعد أيضاً في زوائد "الزهد"، الموقوف برقم (493) من طريق هُشيم، عن يونس بن عبيد، عن الحسن، عن عُتَيّ السعدي، عن أُبي بن كعب قال: إن الله جعل مطعم ابنِ آدَمَ مثلاً للدنيا، وإن مَلَحَهُ وقَزَّحه، فقد علم إلى ما يصير". ورفعه الثوريُ وعبدُ السلام بنُ حرب برقمي (494) و (495) عن يونس بن عبيد، بالإسناد المذكور، وصححه مرفوعاً من طريق الثوري ابنُ حِبّان (702) "الإحسان"، وفي إسنادهم جميعاً الحسن البصري، وقد عنعن، إلا أن عنعنته هنا عن التابعي، وهي محتملة. وعنعنته في حديث الضحاك بن سفيان، إنما هي عن الصحابي، وهي أشد.

تعاليم فاسدة الغرض منها تزهيد الناس في الحياة لأجل أوهام ووعود زائفة أخروية لا وجود لها، وسيلة لجعل الفقراء يرتضون بالعيش في بؤسهم وقاذوراتهم دون أن يطالبوا بحقوقهم من الدولة في توفير فرص عمر ومرتبات كافية. ولم يعمل بوصايا بائسة زهدية سخيفة كهذه أي من حكام المسلمين عمومًا لا النزيهين منهم ولا الناهبين الجشعين، ربما عدا أبا بكر وعمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز كمتشددين متطرفين حقيقيين بأصالة، وحتى عمر ذكر أبو الفرج الجوزي في كتابه عن عمر عنه:

عن عتبة بن فرقد السلمي قال: قدمت على عمر رضوان الله عليه وكان ينحر جزورا ( جملًا) كل يوم يعطي أطيبها للمسلمين وأمهات المؤمنين ويأمر بالعنق والعلباء فيأكلها هو وأهله.

مما يقلل من مدى صحة قصة زهده الشديد هذه على الأقل من جهة الطعام وذبائح الصدقة. وعلى نقيض هذه الوصية توجد وصايا مناقضة:

{يَا بَنِي آَدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (31) قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (32) قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (33)} الأعراف

وروى أحمد:

15887 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ الْجُشَمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: رَآنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيَّ أَطْمَارٌ، فَقَالَ: " هَلْ لَكَ مَالٌ ؟ " قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: " مِنْ أَيِّ الْمَالِ ؟ " قُلْتُ: مِنْ كُلِّ الْمَالِ، قَدْ آتَانِي اللهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ الشَّاءِ ، وَالْإِبِلِ ، قَالَ: " فَلْتُرَ نِعَمُ اللهِ، وَكَرَامَتُهُ عَلَيْكَ " فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ شُعْبَةَ

إسناده صحيح على شرط مسلم، أبو الأحوص الجشمى: وهو عوف ابن مالك من رجاله، وبقية رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين غّير أن صحابيه لم يرو له إلا البخاري في "خلق أفعال العباد"، وأصحاب السنن. عبد الرزاق: هو ابن همام الصنعاني، ومعمر: هو ابن راشد الأزدي، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السَّبيعي.// وهو عند عبد الرزاق في "المصنف" (20513) ، ومن طريقه أخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (3043) ، والطبراني في "الكبير" 19/ (617) ، والبيهقي في "السنن" 10/10، والبغوي في "شرح السنة" (3118) .//وأخرجه مطولاً ومختصراً أبو داود (4063) ، والنسائي في "المجتبى" 8/180-181 و181 و196، والطبري في "التفسير" (12825) ، والطبراني في "الكبير" 19/ (610) و (612) و (613) و (615) و (616) و (617) و (618) و (619) و (620) و (621) ، والبيهقي في "الشعب" (6199) من طرق عن أبي إسحاق، به. ورواه أحمد من حديث شعبة برقم (15888) و (15891) ، وسيأتي مختصراً برقم (15889) و (15892) .

15888 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْأَحْوَصِ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا قَشِفُ الْهَيْئَةِ ، فَقَالَ: " هَلْ لَكَ مَالٌ ؟ " قَالَ: قُلْتُ: " نَعَمْ " قَالَ: " مِنْ أَيِّ الْمَالِ ؟ " قَالَ: قُلْتُ: مِنْ كُلِّ الْمَالِ مِنَ الْإِبِلِ وَالرَّقِيقِ وَالْخَيْلِ وَالْغَنَمِ، فَقَالَ: " إِذَا آتَاكَ اللهُ مَالًا فَلْيُرَ عَلَيْكَ " ثُمَّ قَالَ: " هَلْ تُنْتِجُ إِبِلُ قَوْمِكَ صِحَاحًا آذَانُهَا، فَتَعْمَدُ إِلَى مُوسَى فَتَقْطَعُ آذَانَهَا، فَتَقُولُ: هَذِهِ بُحُرٌ ، وَتَشُقُّهَا، أَوْ تَشُقُّ جُلُودَهَا، وَتَقُولُ: هَذِهِ صُرُمٌ وَتُحَرِّمُهَا عَلَيْكَ، وَعَلَى أَهْلِكَ " قَالَ: نَعَمْ قَالَ: " فَإِنَّ مَا آتَاكَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَكَ، وَسَاعِدُ اللهِ أَشَدُّ ، وَمُوسَى اللهِ أَحَدُّ - وَرُبَّمَا قَالَ: سَاعِدُ اللهِ أَشَدُّ مِنْ سَاعِدِكَ ، وَمُوسَى اللهِ أَحَدُّ مِنْ مُوسَاكَ - " قَالَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ رَجُلًا نَزَلْتُ بِهِ، فَلَمْ يُكْرِمْنِي، وَلَمْ يَقْرِنِي ، ثُمَّ نَزَلَ بِي أَجْزِيهِ بِمَا صَنَعَ، أَمْ أَقْرِيهِ؟ قَالَ: "اقْرِهِ"

إسناده صحيح على شرط مسلم كسابقه. وأخرجه الطبري في "تفسيره" (12826) من طريق محمد بن جعفر، بهذا الإسناد. وأخرجه مطولاً ومختصراً الطيالسي (1303) و (1304) ، وابن أبي الدنيا في "الشكر" (52) ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (3041) ، وابن حبان (5416) ، والطبراني في "الكبير" 19/ (608) ، والحاكم 1/24- 25 و4/181، والبيهقي في "الأسماء والصفات" ص 341-342 من طرق عن شعبة، به. وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي. وانظر أحمد بأسنايد أخرى 15889 و15891 و15892
قال السندي: قوله: وأنا قشف الهيئة، ضبط بفتح قاف وكسر شين معجمة، أي: تارك للتنظيف والغسل، والقَشَفَ: يبس العيش. قوله: "هل تنتج": على بناء المفعول. قوله: "بُحُر"، بضمتين: جمع بَحِيْرَة. قوله: "صُرُم"، بضمتين: جمع صريمة، وهي التي صرمت آذانها. قوله: "وتحرمها": من التحريم. قوله: "لك"، أي: لانتفاعك، لا لما تفعل فيه من قطع وتحريم. قوله: "أشد": من الشدة. قوله: "أَحَدّ'": من الحدة، وهذا كناية عن كونه أقدر على القطع منكم، فحيث ما قطع مع ذلك، فكيف لكم أن تقطعوا. قوله: "لم يقرني"، بفتح الياء، من القِرى- بكسر القاف- بمعنى الضيافة. وقال ابن الأثير: كانوا إذا ولدت إبلُهم سَقْباً بحروا أذنه، أي: شقوها، وقالوا: اللهم إن عاش فَفَتِيّ، وإن مات فَذَكيّ، فإذا مات كلوه وسمَّوْه البحيرة. وقيل: البحيرة هي بنت السائبة، كانوا إذا تابعت الناقة بين عشر إناث لم يركب ظهرها، ولم يُجَزَّ وبرها، ولم يَشْرَبْ لبنها إلا ولدُها أو ضيف، وتركوها مسيَّبة لسبيلها، وسمَّوها السائبة، فما ولدتْ بعد ذلك من أنثى شقُّوا أُذُنَها وخلَّوا سبيلها، وحَرُم منها ما حرم من أمها، وسموها البحيرة.

وحتمًا هذه كانت وصايا محمد الحقيقية، أما الأخرى فلفقوها عنه لتخدير الشعوب لكي لا تطالب بأي حقوق أو حياة كريمة.

تكريه معاوية للناس في حيواتهم والسعي لتحسينها

روى أحمد:

16853 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ رَبِّهِ، قَالَ: سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ، يَقُولُ عَلَى هَذَا الْمِنْبَرِ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " إِنَّ مَا بَقِيَ مِنَ الدُّنْيَا بَلَاءٌ وَفِتْنَةٌ، وَإِنَّمَا مَثَلُ عَمَلِ أَحَدِكُمْ كَمَثَلِ الْوِعَاءِ، إِذَا طَابَ أَعْلَاهُ، طَابَ أَسْفَلُهُ، وَإِذَا خَبُثَ أَعْلَاهُ، خَبُثَ أَسْفَلُهُ "

إسناده حسن، أبو عبد ربه- ويقال: أبو عبد رب، الدمشقي الزاهد، ويقال: أبو عبد رب العزة، واسمه عبد الرحمن، وقيل: عبد الجبار، وقيل: قسطنطين- روى عنه جمع، وذكره ابنُ حبان في "الثقات"، وترجم له البخاري في "التاريخ الكبير" 5/372، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، وباقي رجاله ثقات رجالُ الشيخين غير علي بن إسحاق- وهو السلمي- فمن رجال الترمذي، وهو ثقة. عبد الرحمن بن يزيد بن جابر: هو السلمي الدمشقي.//وهو عند ابن المبارك في "الزهد" (596) ، ومن طريقه أخرجه الطبراني في "الكبير" 19/ (866) ، وفي "مسند الشاميين" (607) و (608) ، والقضاعي في "مسند الشهاب" (1157) . وقد جعل الطبراني اسم أبي عبد رب في ترجمة هذا الحديث عبيدة بن المهاجر حيث روى له حديثاً آخر غير هذا صُرِّحَ فيه بهذا الاسم، وقد وهم في ذلك، فعبيدة بن المهاجر راوٍ آخر، ترجمه البخاري وابن حبان باسم عبيدة بن أبي المهاجر، ويروي عن معاوية كذلك، ويروي عنه عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وربما لهذا وقع الطبراني في هذا الوهم. والله أعلم.//وأخرجه مطولاً ومختصراً عبد بن حميد في "المنتخب" (414) ، وابن ماجه (4035) ، وابن أبي عاصم في "الزهد" (146) ، وأبو يعلى (7362) ، والدولابي في "الكنى" 2/70، وابن حبان (339) و (392) و (690) و (2899) ، والطبراني في "مسند الشاميين " (607) و (608) ، وأبو نعيم في "الحلية" 5/162 من طريق عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، به. وعند أبي يعلى وابن حبان (339) زيادة: "إنما الأعمال بخواتيمها".//وأخرجه ابن ماجه (4199) عن عثمان بن إسماعيل بن عمران الدمشقي، عن الوليد بن مسلم، عن ابن جابر، به، بلفظ: "... إذا طاب أسفله طاب أعلاه، وإذا فسد أسفله فسد أعلاه"، وعثمان بن إسماعيل روى عنه جمع، ولم يوثقه أحد.
وفي باب حسن الخواتيم عن سهل بن سعد عند البخاري (6493) ، وسيرد 5/332. وعن عائشة عند ابن حبان (340) ، بلفظ: "إنما الأعمال بالخواتيم". وانظر حديث ابن مسعود، السالف برقم (3624) .

من قرأ تاريخ معاوية وأفعاله الماكرة، هل يمكن أن يصدق أنه يؤمن حقًّا بهذا الكلام ويعمل به، بل هو يعظ به لخداع السذج وجعلهم يزهدون الحياة وضرورياتها، فيما يستبد هو والأمويون بالحكم والموارد. صور هنا الحياة على أنها لم يعد فيها خير وأن الناس على وشك وداعها كمؤقتة زائلة، وعليهم فقط إحسان خاتمتها ليدخلوا الجنة الوهمية، وعليهم أن يهملوا حيواتهم الحقيقية!

تحريم الحرير والذهب على الرجال، وتحريم الأواني الفضية والذهبية

تعليم تقشفي شاذَ مستمدّ من تعاليم الدسقولية المسيحية (المسمى تعاليم الرسل الاثني عشر)، لا يعمل به أحد في العالم سوى المسلمين ومتقشفي رهبان المسيحيين، نوع من الزهد السخيف

روى البخاري:

1239 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ الْأَشْعَثِ قَالَ سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ أَمَرَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْعٍ وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ أَمَرَنَا بِاتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ وَعِيَادَةِ الْمَرِيضِ وَإِجَابَةِ الدَّاعِي وَنَصْرِ الْمَظْلُومِ وَإِبْرَارِ الْقَسَمِ وَرَدِّ السَّلَامِ وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ وَنَهَانَا عَنْ آنِيَةِ الْفِضَّةِ وَخَاتَمِ الذَّهَبِ وَالْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ وَالْقَسِّيِّ وَالْإِسْتَبْرَقِ

5650 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِي أَشْعَثُ بْنُ سُلَيْمٍ قَالَ سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْعٍ وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ نَهَانَا عَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ وَلُبْسِ الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ وَالْإِسْتَبْرَقِ وَعَنْ الْقَسِّيِّ وَالْمِيثَرَةِ وَأَمَرَنَا أَنْ نَتْبَعَ الْجَنَائِزَ وَنَعُودَ الْمَرِيضَ وَنُفْشِيَ السَّلَامَ

وانظر مسلم 2066 وأحمد 18504 و18505 و18532 و18645 و18644 و1849 و8271 و8397 و5751 و4731

والإستبرق والحرير والديباج: كل ذلك من أنواع الحرير. والميثرة. بكسر ميم، فسكون ياءٍ : وِطَاؤٌ محشوَ، يُترك على رَحْل البعير، تحت الراكب، والحرمة إذا كان من حرير، أو أحمر، كذا قيل. والقَسي؛ بفتح قاف، وتشديد سين وياء: ثياب فيها حرير، يؤتى بها من مصر، ويقال: إنها منسوبة إلى بلاد يقال لها: القسّ، ويقال: النسبة إلى القزّ، بمعنى الحرير، والزاي والسين أختان.

2615 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ قَتَادَةَ حَدَّثَنَا أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ أُهْدِيَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُبَّةُ سُنْدُسٍ وَكَانَ يَنْهَى عَنْ الْحَرِيرِ فَعَجِبَ النَّاسُ مِنْهَا فَقَالَ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَمَنَادِيلُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي الْجَنَّةِ أَحْسَنُ مِنْ هَذَا
5426 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سَيْفُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ مُجَاهِدًا يَقُولُ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى أَنَّهُمْ كَانُوا عِنْدَ حُذَيْفَةَ فَاسْتَسْقَى فَسَقَاهُ مَجُوسِيٌّ فَلَمَّا وَضَعَ الْقَدَحَ فِي يَدِهِ رَمَاهُ بِهِ وَقَالَ لَوْلَا أَنِّي نَهَيْتُهُ غَيْرَ مَرَّةٍ وَلَا مَرَّتَيْنِ كَأَنَّهُ يَقُولُ لَمْ أَفْعَلْ هَذَا وَلَكِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا تَلْبَسُوا الْحَرِيرَ وَلَا الدِّيبَاجَ وَلَا تَشْرَبُوا فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَلَا تَأْكُلُوا فِي صِحَافِهَا فَإِنَّهَا لَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَنَا فِي الْآخِرَةِ

5833 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَخْطُبُ يَقُولُ قَالَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ لَبِسَ الْحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا لَمْ يَلْبَسْهُ فِي الْآخِرَةِ

بعد 5589: بَاب مَا جَاءَ فِيمَنْ يَسْتَحِلُّ الْخَمْرَ وَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ حَدَّثَنَا عَطِيَّةُ بْنُ قَيْسٍ الْكِلَابِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ غَنْمٍ الْأَشْعَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو عَامِرٍ أَوْ أَبُو مَالِكٍ الْأَشْعَرِيُّ وَاللَّهِ مَا كَذَبَنِي سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْحِرَ وَالْحَرِيرَ وَالْخَمْرَ وَالْمَعَازِفَ وَلَيَنْزِلَنَّ أَقْوَامٌ إِلَى جَنْبِ عَلَمٍ يَرُوحُ عَلَيْهِمْ بِسَارِحَةٍ لَهُمْ يَأْتِيهِمْ يَعْنِي الْفَقِيرَ لِحَاجَةٍ فَيَقُولُونَ ارْجِعْ إِلَيْنَا غَدًا فَيُبَيِّتُهُمْ اللَّهُ وَيَضَعُ الْعَلَمَ وَيَمْسَخُ آخَرِينَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ

5829 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا عَاصِمٌ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ قَالَ كَتَبَ إِلَيْنَا عُمَرُ وَنَحْنُ بِأَذْرَبِيجَانَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ إِلَّا هَكَذَا وَصَفَّ لَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِصْبَعَيْهِ وَرَفَعَ زُهَيْرٌ الْوُسْطَى وَالسَّبَّابَةَ

5830 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ قَالَ كُنَّا مَعَ عُتْبَةَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يُلْبَسُ الْحَرِيرُ فِي الدُّنْيَا إِلَّا لَمْ يُلْبَسْ فِي الْآخِرَةِ مِنْهُ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ وَأَشَارَ أَبُو عُثْمَانَ بِإِصْبَعَيْهِ الْمُسَبِّحَةِ وَالْوُسْطَى

5634 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الَّذِي يَشْرَبُ فِي إِنَاءِ الْفِضَّةِ إِنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ

5632 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ كَانَ حُذَيْفَةُ بِالْمَدَايِنِ فَاسْتَسْقَى فَأَتَاهُ دِهْقَانٌ بِقَدَحِ فِضَّةٍ فَرَمَاهُ بِهِ فَقَالَ إِنِّي لَمْ أَرْمِهِ إِلَّا أَنِّي نَهَيْتُهُ فَلَمْ يَنْتَهِ وَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَانَا عَنْ الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ وَالشُّرْبِ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَقَالَ هُنَّ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَهِيَ لَكُمْ فِي الْآخِرَةِ

وروى مسلم:

[ 2090 ] وفي حديث بن المثنى قال سمعت النضر بن أنس حدثني محمد بن سهل التميمي حدثنا بن أبي مريم أخبرني محمد بن جعفر أخبرني إبراهيم بن عقبة عن كريب مولى بن عباس عن عبد الله بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى خاتما من ذهب في يد رجل فنزعه فطرحه وقال يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده فقيل للرجل بعد ما ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم خذ خاتمك انتفع به قال لا والله لا آخذه أبدا وقد طرحه رسول الله صلى الله عليه وسلم

[ 2091 ] حدثنا يحيى بن يحيى التميمي ومحمد بن رمح قالا أخبرنا الليث ح وحدثنا قتيبة حدثنا ليث عن نافع عن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اصطنع خاتما من ذهب فكان يجعل فصه في باطن كفه إذا لبسه فصنع الناس ثم إنه جلس على المنبر فنزعه فقال إني كنت ألبس هذا الخاتم وأجعل فصه من داخل فرمى به ثم قال والله لا ألبسه أبدا فنبذ الناس خواتيمهم ولفظ الحديث ليحيى

[ 2065 ] حدثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك عن نافع عن زيد بن عبد الله عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الذي يشرب في آنية الفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم

[ 2065 ] وحدثني زيد بن يزيد أبو معن الرقاشي حدثنا أبو عاصم عن عثمان يعني بن مرة حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن عن خالته أم سلمة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من شرب في إناء من ذهب أو فضة فإنما يجرجر في بطنه نارا من جهنم

حتمًا كان النهي مناسبًا جدًّا لقوم معظمهم كانوا آنذاك قبل الفتوحات جوعى فقراء، وبحيث لا يلبسها أغنياؤهم التجار فيتزلزل السلام الاجتماعي الهش ويكثر الإجرام والسرقات والقتل.

وروى أحمد:

123 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ - يَعْنِي الرِّشْكَ – عَنْ مُعَاذَةَ ، عَنْ أُمِّ عَمْرٍو ابْنَةِ عَبْدِ اللهِ ، أَنَّهَا سَمِعَتْ عَبْدَ اللهِ بْنَ الزُّبَيْرِ ، يَقُولُ: سَمِعَتْ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ، يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ ، أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " مَنْ يَلْبَسِ الْحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا ، فَلا يُكْسَاهُ فِي الْآخِرَةِ ".

حديث صحيح ، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أم عمرو ابنة عبد الله بن الزبير فقد روى لها البخاري تعليقاً والنسائي ، وقد تابعها أبو ذبيان خليفة بن كعب ، وسيأتي برقم (251) . عبد الصمد : هو ابن عبد الوارث بن سعيد العنبري ، ويزيد الرِّشك : هو يزيد بن أبي يزيد الضبعي ، ومعاذة : هي بنت عبد الله العدوية . وانظر أحمد 16118 و11179 و5364

92 - حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ مُوسَى ، قَالَ : حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ ، قَالَ :
جَاءَنَا كِتَابُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَنَحْنُ بِأَذْرَبِيجَانَ : يَا عُتْبَةَ بْنَ فَرْقَدٍ ، وَإِيَّاكُمْ وَالتَّنَعُّمَ ، وَزِيَّ أَهْلِ الشِّرْكِ ، وَلَبُوسَ الْحَرِيرِ ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَانَا عَنْ لَبُوسِ الْحَرِيرِ ، وَقَالَ : " إِلَّا هَكَذَا " وَرَفَعَ لَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِصْبَعَيْهِ.

إسناده صحيح على شرط الشيخين . زهير : هو ابن معاوية بن حُديج ، وأبو عثمان : هو عبد الرحمن بن ملّ النهدي . وأخرجه البخاري (5829) ، ومسلم (2069) (12) عن أحمد بن عبد الله بن يونس ، عن زهير بن معاوية ، بهذا الإسناد . وأخرجه ابن أبي شيبة 8 / 348 و349 ، ومسلم (2069) (13) ، وأبو داود (4042) ، وابن ماجه (2820) و (3593) ، والبزار (307) ، وأبو يعلى (213) و (214) ، والبغوي في " الجعديات " (1031) من طرق عن عاصم الأحول ، به . وأحمد برقم (242) و (243) و (301) و (356) و (357) .

301 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ ، أَخْبَرَنَا عَاصِمٌ ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ : اتَّزِرُوا وَارْتَدُوا ، وَانْتَعِلُوا وَأَلْقُوا الْخِفَافَ وَالسَّرَاوِيلاتِ ، وَأَلْقُوا الرُّكُبَ وَانْزُوا نَزْوًا ، وَعَلَيْكُمْ بِالْمَعَدِّيَّةِ ، وَارْمُوا الْأَغْرَاضَ ، وَذَرُوا التَّنَعُّمَ وَزِيَّ الْعَجَمِ وَإِيَّاكُمْ وَالْحَرِيرَ ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قَدْ نَهَى عَنْهُ وَقَالَ : " لَا تَلْبَسُوا مِنَ الْحَرِيرِ إِلَّا مَا كَانَ هَكَذَا " وَأَشَارَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِصْبَعَيْهِ.

إسناده صحيح على شرط الشيخين . عاصم : هو ابن سليمان الأحول ، وأبو عثمان النهدي : هو عبد الرحمن بن ملّ . وقد تقدم برقم (92) . وقوله : " عليكم بالمعدِّية " : يريد خشونة العيش واللباس تشبهاً بمعد بن عدنان جد العرب . والرُّكُب : جمع رِكاب ، وهو موضع القدم من السَّرْج . وقوله : " انزوا نزواً " : أي : ثبوا على الخيل وثباً .

(18290) 18479- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ حُصَيْنٍ ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ ، عَنْ رَجُلٍ ، مِنَّا مِنْ أَشْجَعَ ، قَالَ : رَأَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيَّ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ ، فَأَمَرَنِي أَنْ أَطْرَحَهُ ، فَطَرَحْتُهُ إِلَى يَوْمِي هَذَا. (4/260).

إسناده صحيح. رجاله ثقات رجال الشيخين. وإبهام صحابيه لا يضر، حُصَين: هو ابن عبد الرحمن السلمي الكوفي. وأورده الحافظ في "تعجيل المنفعة" فيمن لم يسم، وقال: سنده صحيح. وسيرد بسياق آخر برقم 5/272. وانظر حديث أبي ثعلبة الخشني السالف برقم (17749)

17749 - حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا النُّعْمَانُ بْنُ رَاشِدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ، عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، رَأَى فِي أَصْبُعِهِ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ، فَجَعَلَ يَقْرَعُ يَدَهُ بِعُودٍ مَعَهُ، فَغَفَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ، فَأَخَذَ الْخَاتَمَ، فَرَمَى بِهِ، فَنَظَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ يَرَهُ فِي أَصْبَعِهِ، فَقَالَ: " مَا أُرَانَا إِلَّا قَدْ أَوْجَعْنَاكَ وَأَغْرَمْنَاكَ "

صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف النعمان بن راشد، وهو مع ضعفه قد خولف كما سيأتي في التخريج. عفان: هو ابن مسلم، ووهيب: هو ابن خالد الباهلي مولاهم. وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 7/416، والنسائي 8/171، والطبراني في "الكبير" 22/ (578) من طريق عفان بن مسلم، بهذا الإسناد.//وأخرجه ابن وهب في "جامعه" 98-99، ومن طريقه النسائي 8/171 عن يونس بن يزيد، عن الزهري، عن أبي إدريس الخولاني أن رجلاً ممن أدرك النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لبس خاتماً، فذكره. قال النسائي: وحديث يونس أولى بالصواب من حديث النعمان (يعني ابن رشد) .//وأخرجه النسائي 8/171 من طريق الأوزاعي، و8/171-172 من طريق إبراهيم بن سعد، كلاهما عن الزهري، عن أبي إدريس أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى في يد رجل.. فذكره مرسلاً: قال النسائي: والمراسيل أشبه بالصواب.//وقال الدارقطني في "العلل" 6/320: ورواه الحفاظ من أصحاب الزهري عنه، عن أبي إدريس الخولاني: أن رجلاً من أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لبس خاتماً. وهو الصحيح.//وسيأتي الحديث برقم (17751) من طريق النعمان بن راشد.//ويشهد له حديث الرجل الأشجعي الذي سيأتي 4/260، وإسناده صحيح.//وفي باب النهي عن خاتم الذهب عن ابن مسعود، سلف برقم (3582) ، وذكرت شواهده هناك.

17751 - حَدَّثَنَا وَهْبٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ النُّعْمَانَ، يُحَدِّثُ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ، قَالَ: جَلَسَ رَجُلٌ إِلَى نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي يَدِهِ خَاتَمٌ مِنْ ذَهَبٍ، فَقَرَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ بِقَضِيبٍ كَانَ فِي يَدِهِ، ثُمَّ غَفَلَ عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرَمَى الرَّجُلُ بِخَاتَمِهِ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " أَيْنَ خَاتَمُكَ ؟ " قَالَ: أَلْقَيْتُهُ . فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَظُنُّنَا قَدْ أَوْجَعْنَاكَ وَأَغْرَمْنَاكَ"

صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف النعمان بن راشد. وهب: هو ابن جرير بن حازم. وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/261، وابن حبان (303) ، والطبراني في "الكبير" 22/ (579) ، وأبو نعيم في "تاريخ أصبهان" 1/200 من طرق عن وهب بن جرير، بهذا الإسناد. وانظر (17749) . وقال ابن حبان: النعمان بن راشد ربما أخطأ على الزهري.

(22336) 22692- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ ، حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ ، عَنْ رَجُلٍ ، مِنْ قَوْمِهِ قَالَ : دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيَّ خَاتَمٌ مِنْ ذَهَبٍ ، فَأَخَذَ جَرِيدَةً فَضَرَبَ بِهَا كَفِّي وَقَالَ : اطْرَحْهُ . قَالَ : فَخَرَجْتُ فَطَرَحْتُهُ ، ثُمَّ عُدْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ : مَا فَعَلَ الْخَاتَمُ ؟ قَالَ : قُلْتُ : طَرَحْتُهُ . قَالَ : إِنَّمَا أَمَرْتُكَ أَنْ تَسْتَمْتِعَ بِهِ وَلاَ تَطْرَحَهُ.(5/272).

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف علي بن عاصم . حصين: هو ابن عبد الرحمن السلمي . وسلف مختصراً برقم (18290) بإسناد صحيح، ولفظه: رأى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عليَّ خاتماً من ذهب، فأمرني أن أطرحه، فطرحته إلى يومي هذا .

23364 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ حُذَيْفَةَ إِلَى بَعْضِ هَذَا السَّوَادِ فَاسْتَسْقَى، فَأَتَاهُ دِهْقَانٌ بِإِنَاءٍ مِنْ فِضَّةٍ، قَالَ: فَرَمَاهُ بِهِ فِي وَجْهِهِ، قَالَ: قُلْنَا اسْكُتُوا اسْكُتُوا، وَإِنَّا إِنْ سَأَلْنَاهُ لَمْ يُحَدِّثْنَا، قَالَ فَسَكَتْنَا، قَالَ: فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ: أَتَدْرُونَ لِمَ رَمَيْتُ بِهِ فِي وَجْهِهِ ؟ قَالَ: قُلْنَا: لَا، قَالَ: إِنِّي كُنْتُ نَهَيْتُهُ، قَالَ: فَذَكَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لَا تَشْرَبُوا فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ ـ قَالَ مُعَاذٌ: لَا تَشْرَبُوا فِي الذَّهَبِ ـ وَلَا فِي الْفِضَّةِ، وَلَا تَلْبَسُوا الْحَرِيرَ وَلَا الدِّيبَاجَ، فَإِنَّهَا لَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَكُمْ فِي الْآخِرَةِ"

إسناده صحيح على شرط الشيخين . معاذ: هو ابن معاذ العنبري، وابن عون: هو عبد الله، ومجاهد: هو ابن جبر المكي . وأخرجه البخاري (5633) ، ومسلم (2067) ، والبزار في "مسنده" (2950) من طريق محمد بن أبي عدي، بهذا الإسناد . وأخرجه الدارمي (2130) ، والنسائي في "الكبرى" (6870) ، وأبو عوانة (8448) و (8449) و (8450) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/246، وفي "شرح المشكل" (1419) ، والخطيب البغدادي في "تاريخه" 10/200 من طرق عن ابن عون، به. وأخرجه الحميدي بإثر الحديث (440) ، والبخاري (5426) و (5837) ، ومسلم (2067) ، وابن ماجه (3414) ، والبزار (2949) و (2951) ، والنسائي في "المجتبى" 8/198-199، وفي "الكبرى" (6631) ، وابن الجارود (865) ، وأبو عوانة (8446) و (8447) و (8452) و (8485) و (8487) ، وابن قانع 1/191، وابن حبان (5339) ، والدارقطني 4/293، والبيهقي في "السنن" 1/27 و28، وفي "الشعب" (6380) ، والبغوي (3031) من طرق عن مجاهد، به. وانظر (23269) و(23357) وتحريم الأواني الفضية والذهبية عند أحمد 18504 و26611 و26568 و24662 و23269 و23314 و23357 و23364 و23374 و23401 و23427 و23464 و11179 و16833 و6339 و750 و17310 و17431 وغيرها.

ديانة تقشف وخشونة وجهاد وقتال وعنف لا تناسب أناسًا طبيعيين متحضرين أسوياء النفوس. ونلاحظ كره العرب المنغلقين القدماء وعلى نهجهم الأصوليين لارتداء الملابس العصرية.

22248 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الْقَاسِمِ، مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَلْبَسْ حَرِيرًا وَلَا ذَهَبًا "
قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَبْدُ اللهِ بْنٌ أَحْمَدَ: وَسَمِعْتُهُ أَنَا مِنْ هَارُونَ بْنِ مَعْرُوفٍ

إسناده صحيح، رجاله ثقات . ابن وهب: هو عبد الله القرشي المصري وعمرو بن الحارث: هو الأنصاري المصري، وسليمان بن عبد الرحمن: هو الدمشقي الكبير المصري . وأخرجه الحاكم 4/191 من طريق بحر بن نصر، عن ابن وهب، بهذا الإسناد . وقال فيه: "عن عبد الله بن وهب، عن عمرو بن الحارث وغيره، عن سليمان" وسقط من إسناده: "القاسم مولى عبد الرحمن" . وقوله في إسناده: "وغيره" لعل المراد به عبد الله بن لهيعة، فقد رواه عن سليمان بن عبد الرحمن أيضاً كما سيأتي في الحديث التالي . وأخرجه الطبراني في "الكبير" (7769) ، وفي "الشاميين" (530) من طريق محمد بن عمر الواقدي، عن هشام بن سعد، عن عروة بن رويم، عن القاسم، به . وفيه محمد بن عمر الواقدي، وهو متروك الحديث، وهشام بن سعد المدني، وهو ضعيف يعتبر به . وأخرجه مسلم (2074) من طريق شعيب بن إسحاق الدمشقي، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 8/ورقة 8 من طريق الوليد بن مزيد، كلاهما عن الأوزاعي عبد الرحمن بن عمرو، عن شداد أبي عمار، عن أبي أمامة بلفظ: "من لبس الحرير في الدنيا، لم يلبسه في الآخرة" . هذا لفظ مسلم، ولفظه عند ابن عساكر: "لا يلبس الحرير في الدنيا إلا من لا خلاق له في الآخرة" . وانظر ما بعده، وما سيأتي برقم (22302) . وفي باب تحريم الذهب والحرير على الرجال، سلف عن علي بن أبي طالب برقم (750) . وانظر تتمة شواهده هناك . وفي باب تحريم لبس الحرير أيضاً، سلف عن أبي سعيد الخدري برقم (11179) . وانظر تتمة شواهده هناك .

وإذا كانت الدسقولية ذكرت تكريه لبس النساء للذهب والزينة وخاصة عند الذهاب للكنيسة للصلاة الجماعية القداسية والمواعظ، فقد ضربنا صفحًا في القبر المحفور للإسلام عن أحاديث لضعف إسنادها تنهى النساء عن الذهب وردت في غير الصحيحين، وهي من باب الزهد والرقائق مما قد يأخذ به السنة قليلًا كوصايا زهدية مثالية لا يعمل بها أحد وغير ملزمة.
تحريم التزين على النساء، وتعليم خضوع النساء للرجال

من التعاليم المتخلفة التي قال بها الإسلام لطبيعته البدوية الهمجية، ووُجِدَ البعض منها في كتاب اليهود التاناخ والأناجيل والعهد الجديد المسيحي وكذلك في الدسقولية، وإن يكن بدرجاتٍ ألطف وأكثر تحضرًا رغم ذكوريتها الواضحة بكثيرٍ عما في الإسلام من همجية فجة وعنف، فجاء في الدسقولية_ الطبعة الثانية ترجمة د. وليم سليمان قلادة، ص 375 وبعدها، الفصول الثاني/ لأجل أن (بخصوص أن) النساء يجب أن يخضعْنَ لأزواجِهِنَّ ويَسِرْنَ بحكمةٍ:

1- والمرأة فلتخضع لبعلها، لأن رأس المرأة هو بعلها، ورأس الرجل السائر في البر هو المسيح، ورأس المسيح هو الله وأبوه الذي على الكل. [من رسالة بولس إلى أهل أفسس 5: 23- 24]

2- خافي أيتها المرأة أيضًا _بعد الله الآب ضابط الكل رب هذا الدهر الكائن والآتي [ب: العالَم الحاضر والعالم الذي يأتي]، خالق كل نسمة [ب: صانع كل شيء يتنفس] وكل قوة، وابنه الحبيب المسيح ربنا الذي منْ قِبَلِهِ المجدُ للهِ [ب: وبعد ابنه المحبوب ربنا يسوع المسيح الذي به المجد لله] [ح: العالم الذي كان والذي يأتي خالق الكل، مع ابنه يسوع المسيح الذي له الإكرام والعظمة والجلال والمجد] [س: في إِثْرِ الرب ضابط الكل إلهنا وأب العالمين العالم الحاضر والمستقبل]_ بعلَكِ، واستحي منه (أ: استحيي، ب، س: وقِّريه)، ولتُرْضِيِهِ فقط (ب، د: وحدَه) بعدَ الله كمثلِ ما قلنا، ولتريحيه في خدمته (ب: أمور الحياة الكثيرة) لكي يطوِّبَكِ بعلُكِ أيضًا عندَهُ.

16- أما تعلَمْنَ أيتها النساءً أن المرأة الموافقةَ المحبةَ لبعلها كم تأخذ كرامةً من عند الرب الإله!

وفي ص 19 من القوانين الرسولية ترجمة جورج منصور:

1- لتخضع إذن المرأة لرجلها، لأن الرجل هو رأس المرأة، والرجل السائر في طريق العدل رأسه هو المسيح، ورأس المسيح هو الله الذي هو فوق الجميع وأبوه.
2- فارفعي أيتها المرأة أولًا آياتِ التمجيدِ والسجودِ إلى إلهنا وأبينا القدير رب الدهور، رب الحاضر والمستقبل، وخالق كل نسمة وقوة، واذكري بتبجيل ابنه الحبيب ربنا يسوع المسيح الإله المُمَجَّد. ثم بروح العبادة الواجبة لله، احترمي رجلك واخضعي له واعملي على إرضائه وحده، وافرحي عندما تخدمينه في كل ما يطلبه منكِ، حتى يُمتدَحَ زوجُكِ بسبِبكِ، كما جاؤ على لسان سليمان الحكيم في سفر الحكمة ....إلخ

16- تَعَلَّمْنَ كم من كرامةٍ تنالُ من الربِ الإلهِ المرأةُ الحكيمةُ المُحِبَّةُ لزوجِها.

قارن مع استعلاء الرجال الذكوريّ في الإسلام

{الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا (34)} النساء

قال الطبري:

قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: "الرجال قوّامون على النساء"، الرجال أهل قيام على نسائهم، في تأديبهن والأخذ على أيديهن فيما يجب عليهن لله ولأنفسهم ="بما فضّل الله بعضهم على بعض"، يعني: بما فضّل الله به الرجال على أزواجهم: من سَوْقهم إليهنّ مهورهن، وإنفاقهم عليهنّ أموالهم، وكفايتهم إياهن مُؤَنهنّ. وذلك تفضيل الله تبارك وتعالى إياهم عليهنّ، ولذلك صارُوا قوّامًا عليهن، نافذي الأمر عليهن فيما جعل الله إليهم من أمورهن.
* * *
وبما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
9300 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله:"الرجال قوّامون على النساء"، يعني: أمرَاء، عليها أن تطيعه فيما أمرَها الله به من طاعته، وطاعته: أن تكون محسنةً إلى أهله، حافظةً لماله. وفضَّله عليها بنفقته وسعيه.
9301 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا أبو زهير، عن جويبر، عن الضحاك في قوله:"الرجال قوّامون على النساء بما فضّل الله بعضهم على بعض"، يقول: الرجل قائمٌ على المرأة، يأمرها بطاعة الله، فَإن أبت فله أن يضربها ضربًا غير مبرِّح، وله عليها الفضل بنفقته وسعيه.
9302 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"الرجال قوامون على النساء"، قال: يأخذون على أيديهن ويُؤدّبونهن.
9303 - حدثني المثنى قال، حدثنا حبان بن موسى قال، أخبرنا ابن المبارك قال، سمعت سفيان يقول:"بما فضل الله بعضهم على بعض"، قال: بتفضيل الله الرجال على النساء.

وذُكر أنّ هذه الآية نزلت في رجل لطم امرأته، فخوصم إلى النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، فقضَى لها بالقصاص.
ذكر الخبر بذلك:
9304 - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الأعلى قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قال، حدثنا الحسن: أنّ رجلا لطمَ امرأته، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم، فأراد أن يُقِصّها منه، فأنزل الله:"الرجالُ قوّامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم"، فدعاه النبيّ صلى الله عليه وسلم فتلاها عليه، وقال: أردتُ أمرًا وأراد الله غيرَه.
....9306 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله:"الرّجال قوّامون على النساء"، قال: صك رجل امرأته، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم، فأراد أن يُقِيدَها منه، فأنزل الله:"الرجال قوامون على النساء".

.... 9309 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: أما"الرجال قوامون على النساء"، فإن رجلا من الأنصار كان بينه وبين امرأته كلامٌ فلطمها، فانطلق أهلها، فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فأخبرهم:"الرجال قوامون على النساء" الآية.

... وكان الزهري يقول: ليس بين الرجل وامرأته قصاص فيما دون النفس.
9310 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، سمعت الزهري يقول: لو أن رجلا شَجَّ امرأته أو جَرحها، لم يكن عليه في ذلك قَوَدٌ، وكان عليه العَقل، إلا أن يعدُوَ عليها فيقتلها، فيقتل بها.

"القود": القصاص. و"العقل" الدية وما أشبهها.

وأما قوله:"وبما أنفقوا من أموالهم"، فإنه يعني: وبما ساقوا إليهن من وأما قوله:"وبما أنفقوا من أموالهم"، فإنه يعني: وبما ساقوا إليهن من صداق، وأنفقوا عليهن من نفقة، كما:-
9311 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قال: فضله عليها بنفقته وسعيه.
9312 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا أبو زهير، عن جويبر، عن الضحاك مثله.
9313 - حدثني المثنى قال، حدثنا حبان بن موسى قال، أخبرنا ابن المبارك قال، سمعت سفيان يقول:"وبما أنفقوا من أموالهم"، بما ساقوا من المهر.
* * *
قال أبو جعفر: فتأويل الكلام إذًا: الرجال قوامون على نسائهم، بتفضيل الله إياهم عليهن، وبإنفاقهم عليهنّ من أموالهم.

لا أعتقد أن امرأة حرة عاقلة مثقفة بثقافة حقيقية مهمة ستقبل باتباع ديانة تحقّرها وتعتبرها أقل من الرجل، لمجرد أنه ذكر وهي أنثى، وأنه أفضل منها ومُشْرِف عليها وعلى حياتها وتصرفاتها ومانع لحرياتها وحقها في الاختيار في مسارات حياتها، النساء اليوم لهن وظائف ومال كالرجال فلا أفضلية مزعومة.

تحقير النساء: لو كنت آمرًا أحدًا أن يسجد

روى الترمذي:

1159 - حدثنا محمود بن غيلان حدثنا النضر بن شميل أخبرنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة: عن النبي صلى الله عليه و سلم قال لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها قال وفي الباب عن معاذ بن جبل و سراقة بن مالك بن جعشم و عائشة و ابن عباس و عبد الله بن أبي أوفي و طلق بن علي و أم سلمة و أنس و ابن عمر
قال أبو عيسى حديث أبي هريرة حديث حسن غريب من هذا الوجه من حديث محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة

قال الألباني: حسن صحيح

وروى البزار في مسنده:

8023- وحَدَّثنا إبراهيم بن سَعِيد الجوهري ، قَال : حَدَّثنا أَبُو أسامة عن مُحَمد بن عَمْرو ، عَن أبي سَلَمَة ، عَن أبي هُرَيرة ؛ أن النَّبِيّ صَلَّى الله عَلَيه وَسَلَّم دخل حائطا فجاء بعير فسجد له فقالوا : نحن أحق أن نسجد لك فقال : لو أمرت أحدًا يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها.
وهذا الحديث رواه عن مُحَمد بن عَمْرو أَبُو أسامة والنضر بن شميل.

حسنٌ

6452- حَدَّثنا محمد بن معاوية البغدادي بن مالج الأنماطي ثقة ، حَدَّثنا خلف بن خليفة , عن حفص ، عَن أَنَسٍ ، قال : كان بعير لناس من الأنصار كانوا يسنون عليه وإنه استصعب عليهم ومنعهم ظهره فجاءت الأنصار إلى النَّبِيّ صلي الله عليه وسلم فقالوا : يا رَسولَ اللهِ إنه كان لنا جمل نسني عليه وإنه استصعب علينا ومنعنا ظهره فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم لأصحابه : قوموا فقاموا معه ، فجاء إلى حائطٍ ، والجملُ في ناحيةٍ ، فجاء يمشي نحوه قالوا : يا رَسولَ اللهِ قد صار كالكلب وإنا نخاف عليك منه ، أو نخاف عليك صولته قال : ليس علي منه بأس فلما رآه الجمل جاء الجمل يسير حتي خر ساجدًا بين يديه فقال أصحابه : يا رَسولَ اللهِ هذه بهيمة لا تعقل ، ونحن نعقل ، نحن أحق أن نسجد لك ، فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم : لا يصلح شيء أن يسجد لشيء ، ولو صلح لشيء أن يسجد لشيء لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها.
وهذا الحديث لا نعلمه يروي بهذا اللفظ ، عَن أَنَس إلاَّ بهذا الإسناد وحفص ابن أخي أنس فلا نعلم حَدَّثَ عَنْهُ إلا خلف بن خليفة.

قال الهيثمي في المجمع9/ 4: رجاله رجال الصحيح، غير حفص بن أخي أنس، وهو ثقة. ورواه النسائي في الكبرى مختصرًا 9147.

وروى الطبراني في المعجم الكبير ج11:

12003- حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ الأَسْفَاطِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوْنٍ الزِّيَادِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَزَّةَ الدَّبَّاغُ ، عَنْ أَبِي يَزِيدَ الْمَدِينِيِّ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا : أَنَّ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ كَانَ لَهُ فَحْلاَنِ فاغَتَلَمَا ، فَأَدْخَلَهُمَا حَائِطًا فَسَدَّ عَلَيْهِمَا الْبَابَ ، ثُمَّ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَرَادَ أَنْ يَدْعُوَ لَهُ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاعِدٌ وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالَ : يَا نَبِيَّ اللهِ إِنِّي جِئْتُ فِي حَاجَةٍ وَإِنَّ فَحْلَيْنِ لِي اغْتَلَمَا فَأَدْخَلْتُهُمَا حَائِطًا ، وسَدَدْتُ الْبَابَ عَلَيْهِمَا ، فَأُحِبُّ أَنْ تَدْعُوَ لِي أَنْ يُسَخِّرَهُما اللَّهُ لِي فَقَالَ لأَصْحَابِهِ : قُومُوا مَعَنَا فَذَهَبَ حَتَّى أَتَى الْبَابَ فَقَالَ : افْتَحْ فَأَشْفَقَ الرَّجُلُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : افْتَحْ فَفَتَحَ الْبَابَ فَإِذَا أَحَدُ الْفَحْلَيْنِ قَرِيبٌ مِنَ الْبَابِ ، فَلَمَّا رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَجَدَ لَهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ائْتِنِي بِشَيْءٍ أَشَدُّ بِهِ رَأْسَهُ ، وأُمْكِنُكَ مِنْهُ فَجَاءَ بحطامٍ فَشَدَّ بِهِ رَأْسَهُ ، وأَمْكَنَهُ مِنْهُ ، ثُمَّ مَشَيَا إِلَى أَقْصَى الْحَائِطِ إِلَى الْفَحْلِ الآخَرِ ، فَلَمَّا رَآهُ وَقَعَ لَهُ سَاجِدًا فَقَالَ لِلرَّجُلِ : ائْتِنِي بِشَيْءٍ أَشَدُّ بِهِ رَأْسَهُ فَشَدَّ رَأْسَهُ وأَمْكَنَهُ مِنْهُ فَقَالَ : اذْهَبْ فَإِنَّهُمَا لاَ يَعْصيانِكَ فَلَمَّا رَأَى أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ قَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ ، هَذَانِ فَحْلاَنِ لاَ يَعْقِلاَنِ سَجَدَا لَكَ أَفَلاَ نَسْجُدُ لَكَ قَالَ : لاَ آمُرُ أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لأَحَدٍ وَلَوْ أَمَرْتُ أَحَدًا يَسْجُدُ لأَحَدٍ لأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا.

كما سيأتي في الهوامش فمرة قال محققو طبعة الرسالة لمسند أحمد مرة عنه: إسناده قويّ وفي موضع آخر قالوا الدباغ ضعيف! دليل على عدم موضوعية علم الإسناد وأنه من العلوم الزائفة الخزعبلية الخاضعة للآراء الذاتية غير الموضوعية. قال الهيثمي في المجمع9/ 5: وفيه أبو عزة الدباغ وثقه ابن حبان واسمه الحكم بن طهمان، وبقية رجاله ثقات.

وروى أحمد:

(19403) 19623- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ ، عَنِ القَاسِمِ الشَّيْبَانِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ : قَدِمَ مُعَاذٌ الْيَمَنَ ، أَوْ قَالَ : الشَّامَ ، فَرَأَى النَّصَارَى تَسْجُدُ لِبَطَارِقَتِهَا وَأَسَاقِفَتِهَا ، فَرَوَّى فِي نَفْسِهِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَقُّ أَنْ يُعَظَّمَ ، فَلَمَّا قَدِمَ ، قَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، رَأَيْتُ النَّصَارَى تَسْجُدُ لِبَطَارِقَتِهَا وَأَسَاقِفَتِهَا ، فَرَوَّأْتُ فِي نَفْسِي أَنَّكَ أَحَقُّ أَنْ تُعَظَّمَ ، فَقَالَ : لَوْ كُنْتُ آمُرُ أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لأَحَدٍ ، لأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا ، وَلاَ تُؤَدِّي الْمَرْأَةُ حَقَّ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهَا كُلَّهُ ، حَتَّى تُؤَدِّيَ حَقَّ زَوْجِهَا عَلَيْهَا كُلَّهُ ، حَتَّى لَوْ سَأَلَهَا نَفْسَهَا وَهِيَ عَلَى ظَهْرِ قَتَبٍ لأَعْطَتْهُ إِيَّاهُ. (4/381)

حديث جيد، وهذا إسناد ضعيف لاضطرابه، اضطرب فيه القاسم الشيباني، وهو ابن عوف. فقد رواه عنه أيوب، واختلف عنه: فرواه إسماعيل بن علية- في هذه الرواية- عن أيوب، عن القاسم، عن ابن أبي أوفى، قال: قدم معاذ... فجعله من مسند ابن أبي أوفى. ورواه معمر، عن أيوب،- عند عبد الرزاق (20596) - فقال: عن عوف ابن القاسم، أو القاسم بن عوف، أن معاذ بن جبل... فجعله من مسند معاذ. ورواه حماد بن زيد، عن أيوب، واختلف عنه: فرواه يحيى بن آدم وإسحاق بن هشام التمار وعفان، عن حماد، عن أيوب عن القاسم الشيباني، فقالوا: عن ابن أبي أوفى، عن معاذ... فجعلوه من مسند معاذ بن جبل، ومن طريق عفان أخرجه الشاشي (1332) ، وقرن بحماد وُهيباً. ورواه أزهر بن مروان عند ابن ماجه (1853) ، ومحمد بنُ أبي بكر المقدمي عند ابن حبان (4171) ، وسليمان بن حرب عند البيهقي في "السنن" 7/293، ثلاثتهم عن حماد، عن أيوب، عن القاسم، فقالوا: عن ابن أبي أوفى قال: لما قدم معاذ... جعلوه من مسند ابن أبي أوفى. ورواه إسحاقُ بنُ هشام، عن حماد- فيما ذكر الدارقطني في "العلل" 6/38- فقال: عن أيوب وابن عون، عن القاسم الشيباني، قال الدارقطني: فأغرب بذكر ابن عون، ولم يتابَع عليه. ورواه مؤمَّلُ بنُ إسماعيل، عن حماد، عن أيوب، عن القاسم الشيباني، فقال: عن زيد بن أرقم، عن معاذ. قال الدارقطني: جعله من رواية زيد بن أرقم، عن معاذ، ولم يُتابَع على هذه الرواية، عن حماد بن زيد. ورواه قتادة- عند البزار (1468) "زوائد"، والطبراني في "الكبير" (5116) و (5117) - عن القاسم بن عوف، فقال: عن زيد بن أرقم، قال: بعث النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ معاذاً... ورواه هشام الدَّسْتوائي، عن القاسم في الرواية (19404) ، فقال: عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبيه، عن معاذ. ورواه النَّهَّاس بن قَهْم- عند البزار (1470) "زوائد"- عن القاسم الشيباني، فقال: عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبيه، عن صهيب، أن معاذاً... قال البزار: وأحسب الاختلاف من جهة القاسم. وقال ابنُ أبي حاتم في "العلل" 2/252-253: وأخاف أن يكون الاضطراب من القاسم، وجزم الدارقطني في "العلل" 6/39 أن الاضطراب فيه من القاسم، فقال: والاضطراب فيه من القاسم بن عوف. وأخرجه أبو نعيم في "الدلائل" (286) ، والبيهقي في "الدلائل" 6/29 من طريق أبي الورقاء- وهو فائد بن عبد الرحمن- عن عبد الله بن أبي أوفى، قال: بينما نحن قعود مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذ أتاه آتٍ ، فقال: إنَّ ناضح آلِ فلان قد أَبَقَ عليهم، قال: فنهض رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ونهضنا معه، فقلنا: يا رسول الله، لا تقربْه، فإنَّا نخافه عليك، فدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من البعير، فلما رآه البعير سجد... إلى أن قال عليه الصلاة والسلام: "لو كنتُ آمِراً أحداً ..." وأبو الورقاء قال البخاري في "التاريخ الكبير" 7/132: منكر الحديث، وسيرد بعد الرقم (19411) أن أحمد ضرب على حديثه، وكان عنده متروكَ الحديث. وبنحو سياق حديثه هذا سلف من حديث أنس برقم (12614) . وسيرد برقم (19404) . وسيرد من حديث الأعمش، عن أبي ظَبْيان، عن معاذ بن جبل 5/227. وأبو ظَبيان لم يسمع من معاذ. قال الدارقطني: وهو الصحيح. قلنا: يعني من طريق حديث معاذ. وله شاهد من حديث أبي هريرة عند الترمذي (1159) ، وابن حبان (4162) ، وإسناده حسن من أجل محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي. وآخر من حديث أنس بن مالك، سلف برقم (12614) ، وفي إسناده خلف ابن خليفة، اختلط قبل موته، ومع ذلك جوَّد إسنادَه المنذريُّ في "الترغيب والترهيب" 3/55. وثالث من حديث عائشة سيأتي 6/7، وفي إسناده علي بن زيد بن جُدعان. ورابع من حديث قيس بن سعد عند أبي داود (2140) ، والحاكم 2/187، وفي سنده شريك النخعي، وحديثه حسن في الشواهد. وخامس من حديث ابن عباس عند الطبراني (12003) ، وفي إسناده أبو عزة الدباغ الحكم بن طهمان، وهو ضعيف، وأبو عون الزيادي، لم نعرفه.
وفقًا لهذا لو طلب الرجل (الإله المقدس جل علاه) من المرأة أن تعاشره فوق قتب جمل فعليها أن تسمع وتطيع! حتى لو لم يكن لها رغبة! هذا كلام بدوي جلف لا يعرف كيفية التودد للنساء! يريد رغباته ملبّاة فحسب. للأمانة هناك معضلة وتناقض في الحديث لأنه من الثابت تاريخيًّا أن إرسال معاذ لليمن كان في آخر حياة محمد وأنه لم يقابل محمد حتى توفى محمد بعد ذلك، والبعض كالسندي احتجوا بأنها كانت زيارة للشام كما في بعض الروايات، لكن لا يُعرف عادة كهذه عند مسيحيي الشام آنذاك على حد علمي.

(21986) 22335- فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ وَمِئَتَيْنِ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ ، عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ ؛ أَنَّهُ لَمَّا رَجَعَ مِنَ الْيَمَنِ ، قَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، رَأَيْتُ رِجَالاً بِالْيَمَنِ يَسْجُدُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ، أَفَلاَ نَسْجُدُ لَكَ ؟ قَالَ : لَوْ كُنْتُ آمِرًا بَشَرًا يَسْجُدُ لِبَشَرٍ ، لأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا. (5/227)

صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين إلا أن فيه انقطاعًا، أبو ظبيان -وهو حصين بن جندب الجَنْبي- لم يدرك معاذاً . وأخرجه ابن أبي شيبة 2/527 عن وكيع، به مختصراً بالمرفوع منه . وأخرجه الطبراني 20/ (373) من طريق جرير بن عبد الحميد، عن الأعمش، به . وأخرجه ابن أبي شيبة 4/305 عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن أبي ظبيان، قال: لما قدم معاذ من اليمن فذكره . وهذا مرسل . وانظر ما بعده . ويشهد له حديث ابن أبي أوفى سلف برقم (19403) و (19404) ، ووقع في الموضع الأول: أن معاذاً قدم اليمن -أو الشام- على الشك، وفي الموضع الثاني: أن معاذاً أتى الشام . وهو حديث جيد على اختلاف في إسناده . وانظر تتمة شواهد المرفوع منه هناك .
قال السندي: قوله: أنه لما رجع من اليمن، هكذا وقع في هذه الرواية، وقد ثبت أنه ما رجع من اليمن بعد أن بعثه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا بعد وفاته، فلعل هذه الرواية إن ثبتت تكون محمولة على أنه ذهب إلى اليمن قبل ذلك أيضاً، لكن قد صح في بعض روايات هذا الحديث الصحيح أن هذا الأمر إنما كان حين رجوعه من الشام، ويؤيد ذلك ما رواه ابن ماجه عن عبد الله بن أبي أوفى (1853) : لما قدم معاذ من الشام سجد للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... الحديث فالظاهر أن الصواب الشام، وإنما وقع اليمن موقع الشام من تصرف الرواة، والله تعالى أعلم .

12614 - حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ، حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ، عَنْ حَفْصٍ، عَنْ عَمِّهِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ أَهْلُ بَيْتٍ مِنَ الْأَنْصَارِ لَهُمْ جَمَلٌ يَسْنُونَ عَلَيْهِ، وَإِنَّ الْجَمَلَ اسْتُصْعِبَ عَلَيْهِمْ، فَمَنَعَهُمْ ظَهْرَهُ، وَإِنَّ الْأَنْصَارَ جَاءُوا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: إِنَّهُ كَانَ لَنَا جَمَلٌ نَسْنَى عَلَيْهِ، وَإِنَّهُ اسْتُصْعِبَ عَلَيْنَا، وَمَنَعَنَا ظَهْرَهُ، وَقَدْ عَطِشَ الزَّرْعُ وَالنَّخْلُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ: " قُومُوا " فَقَامُوا، فَدَخَلَ الْحَائِطَ وَالْجَمَلُ فِي نَاحِيَتِهِ، فَمَشَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ، فَقَالَتِ الْأَنْصَارُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهُ قَدْ صَارَ مِثْلَ الْكَلْبِ الْكَلِبِ، وَإِنَّا نَخَافُ عَلَيْكَ صَوْلَتَهُ ، فَقَالَ: " لَيْسَ عَلَيَّ مِنْهُ بَأْسٌ " . فَلَمَّا نَظَرَ الْجَمَلُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْبَلَ نَحْوَهُ، حَتَّى خَرَّ سَاجِدًا بَيْنَ يَدَيْهِ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَاصِيَتِهِ أَذَلَّ مَا كَانَتْ قَطُّ، حَتَّى أَدْخَلَهُ فِي الْعَمَلِ . فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ: يَا نَبِيَّ اللهِ، هَذِهِ بَهِيمَةٌ لَا تَعْقِلُ تَسْجُدُ لَكَ وَنَحْنُ نَعْقِلُ، فَنَحْنُ أَحَقُّ أَنْ نَسْجُدَ لَكَ، فَقَالَ: " لَا يَصْلُحُ لِبَشَرٍ أَنْ يَسْجُدَ لِبَشَرٍ، وَلَوْ صَلَحَ لِبَشَرٍ أَنْ يَسْجُدَ لِبَشَرٍ، لَأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا، مِنْ عِظَمِ حَقِّهِ عَلَيْهَا، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ كَانَ مِنْ قَدَمِهِ إِلَى مَفْرِقِ رَأْسِهِ قُرْحَةٌ تَنْبَجِسُ بِالْقَيْحِ وَالصَّدِيدِ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَتْهُ تَلْحَسُهُ مَا أَدَّتْ حَقَّهُ "

صحيح لغيره دون قوله: "والذي نفسي بيده لو كان من قدمه... الخ" ، وهذا الحرف تفرد به حسين المرُّوذي عن خلف بن خليفة، وخلف كان قد اختلط قبل موته. وأخرجه الضياء في "المختارة" (1895) من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه، بهذا الإسناد. وأخرجه البزار (2454) ، وأبو نعيم في "الدلائل" (287) من طريق محمد ابن معاوية بن مالج البغدادي، عن خلف بن خليفة، به -دون قوله "لو كان من قدمه..." ومحمد بن معاوية قال النسائي ومسلمة بن القاسم: لا بأس به، وقال أبو بكر البزار: ثقة. ويشهد لرواية محمد بن معاوية ويشدها حديث عبد الله بن عباس عند الطبراني في "الكبير" (12003) ، وإسناده قوي.// وحديث عبد الله بن أبي أوفى عند أبي نعيم (286) ، والبيهقي 6/29، كلاهما في "دلائل النبوة" وإسناده ضعيف.// وحديث أبي هريرة مختصراً عند البزار (2451) ، وابن حبان (4162) ، وإسناده حسن. وهو عند الترمذي (1159) ، والبيهقي 7/291 من حديثه دون قصة الجمل.// وحديث عائشة، سيأتي 6/76. إسناده ضعيف. وأخرج من حديث خلف بن خليفة قول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا يصلح لبشرٍ أن يسجد لبشر... الخ" دون قصة القرْحة: النسائيُّ في "الكبرى" (9147) عن محمد بن معاوية بن مالج، عن خلف، به.// ويشهد له حديث عبد الله بن أبي أوفى، وسيأتي في مسنده 4/381، وإسناده حسن، وصححه ابن حبان برقم (4171) .// وحديث معاذ بن جبل، وسيأتي 5/227، ورجاله ثقات لكن فيه انقطاع.// وانظر "مجمع الزوائد" للهيثمي 4/307-311.// ويشهد لقصة القرْحة حديث أبي سعيد عند ابن حبان (4164) وغيره، وفي إسناده مقال.
قوله: "يسنون عليه" ، قال السندي: أي: يستقون عليه. "نسني عليه" : هكذا في النسخ، ومقتضى كتب اللغة: نسْنُوا، بالواو كما في كتب الغريب، فإن أهل الغريب نقلوا لفظ الحديث بالواو. "لو كان" أي: الزوج. "قرحةً" بفتح قاف وسكون راءٍ ، حبَّة تخرج في البدن، وهذا خبر كان. "تتبجَّس" بموحَّدة وتشديد جيم وسين مهملة، أي: تتفجَّر.

22078 - حدثنا هاشم، حدثنا عبد الحميد، حدثنا شهر بن حوشب، حدثنا عائذ الله بن عبد الله: أن معاذا قدم عليهم اليمن فلقيته امرأة من خولان معها بنون لها اثنا عشر، فتركت أباهم في بيتها أصغرهم الذي قد اجتمعت لحيته، فقامت فسلمت على معاذ ورجلان من بنيها يمسكان بضبعيها فقالت: من أرسلك أيها الرجل ؟ قال لها معاذ: أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم . قالت المرأة: أرسلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنت رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ أفلا تخبرني يا رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال لها معاذ: " سليني عما شئت " . قالت: حدثني ما حق المرء على زوجته ؟ قال لها معاذ: " تتقي الله ما استطاعت وتسمع وتطيع " . قالت: أقسمت بالله عليك لتحدثني ما حق الرجل على زوجته ؟ قال لها معاذ: " أو ما رضيت أن تسمعي وتطيعي وتتقي الله ؟ " قالت: بلى . ولكن حدثني ما حق المرء على زوجته ؛ فإني تركت أبا هؤلاء شيخا كبيرا في البيت ؟ فقال لها معاذ: " والذي نفس معاذ في يده لو أنك ترجعين إذا رجعت إليه، فوجدت الجذام قد خرق لحمه، وخرق منخريه فوجدت منخريه يسيلان قيحا ودما، ثم ألقمتيهما فاك لكي ما تبلغي حقه ما بلغت ذلك أبدا "

إسناده ضعيف لضعف شهر بن حوشب. وأخرجه الطبراني 20/ (166) من طريق أبي الوليد الطيالسي، عبد الحميد بن بهرام، بهذا الإسناد. وانظر آخر حديث أنس السالف برقم (12614) .

وجاء في السيرة لابن هشام عن ابن إسحاق من كلام معاذ فقط:

قال ابن إسحاق : وحدثني عبد اللّه بن أبي بكر أنه حُدِّث: أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم حين بعث معاذا، أوصاه وعهد إليه ، تم قال له : يسِّر ولا تُعسِّر وبشر ولا تُنفر، وإنك ستقدم على قوم من أهل الكتاب ، يسألونك ما مفتاح الجنة، فقل : شهادة أن لا اله إلا اللّه وحده لا شريك له؛ فخرج مُعاذ، حتى إذا قدم اليمن قام بما أمره به رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ، فأتته امرأة من أهل اليمن ، فقالت : يا صاحبَ رسول اللّه ؛ ما حقُّ زوج المرأةِ عليها ؟ قال : ويحك ! إن المرأة لا تقدر على أن تؤدِّيَ حقَّ زوجِها فاجهدي نفسك في أداء حقه ما استطعت ، قالت : واللّه لئن كنتَ صاحب رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إنك لتعلم ما حقُّ الزوج على المرأة . قال : ويحك ؟ لو رجعت إليه فوجدته تَنْثَعب منخراه قيحا ودما، فمصصت ذلك حتى تذهبيه ما أديْت حقَّه.

بعث محمد لأبي موسى الأشعري ومعاذ بن جبل ثابت في البخاري 4341 و4342 ومسلم 1359 وما هنا في كنز العمال وعزاه إلى ابن عساكر وضعَّفَه.
أحاديث مقززة للنفس في عنصريتها، وبعضها حسن وصحيح كما ترى، وحتى الضعيف منها كالأخيرين وهما من أكثرها سوءً وقذارة، لنا أن نسأل كيف لم يربأ المسلمون عن أن تحتوي نصوصهم المقدسة وكتبهم المقدسة على قاذورات عنصرية ذكورية كهذه؟!

وروى أحمد:

19003 - حدثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا يحيى بن سعيد، عن بشير بن يسار، عن الحصين بن محصن، أن عمة له أتت النبي صلى الله عليه وسلم في حاجة، ففرغت من حاجتها، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: " أذات زوج أنت ؟ " قالت: نعم، قال: " كيف أنت له ؟ " قالت: ما آلوه إلا ما عجزت عنه، قال: " فانظري أين أنت منه، فإنما هو جنتك ونارك "

إسناده محتمل للتحسين. الحصين بن محصن، مختلف في صحبته، وقد رجح أنه تابعي البخاري وابن أبي حاتم وابن حبان، وقد روى عنه اثنان، ولم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين، غير عمة حصين، فلم يرو لها سوى النسائي. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (8967) ، والطبراني في "الكبير" 25/ (448) من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (8963) و (8964) و (8968) و (8969) ، والطبراني في "الكبير" 25/ (448) و (449) و (450) ، وفي "الأوسط" (532) ، والحاكم 2/189، والبيهقي في "الشعب" (8729) و (8730) و (8731) من طرق عن يحيى بن سعيد الأنصاري، به، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي! = وأخرجه النسائي في "الكبرى" (8962) من طريق الأوزاعي، عن يحيى بن سعيد، به، إلا أن فيه: عبد الله بن محصن بدلا من حصين بن محصن، وهو خطأ، نبه عليه المزي في "تحفة الأشراف" 13/ (18370) . وسيأتي 6/419 (27352).

27561 - حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، سَمِعَ شَهْرًا يَقُولُ: سَمِعْتُ أَسْمَاءَ بِنْتَ يَزِيدَ - إِحْدَى نِسَاءِ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ - تَقُولُ: مَرَّ بِنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ فِي نِسْوَةٍ فَسَلَّمَ عَلَيْنَا وَقَالَ: " إِيَّاكُنَّ وَكُفْرَ الْمُنَعَّمِينَ " فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا كُفْرُ الْمُنَعَّمِينَ؟ قَالَ: " لَعَلَّ إِحْدَاكُنَّ أَنْ تَطُولَ أَيْمَتُهَا بَيْنَ أَبَوَيْهَا، وَتَعْنُسَ فَيَرْزُقَهَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ زَوْجًا، وَيَرْزُقَهَا مِنْهُ مَالًا، وَوَلَدًا فَتَغْضَبَ الْغَضْبَةَ فَتَقُولُ: مَا رَأَيْتُ مِنْهُ يَوْمًا خَيْرًا قَطُّ وَقَالَ: مَرَّةً خَيْرًا قَطُّ ".

حديث حسن، شَهْر، وهو ابنُ حَوْشب -وإن كان ضعيفاً- قد توبع، وبقية رجال الإسناد ثقات. سفيان: هو ابن عيينة الهلالي، وابنُ أبي حُسين: هو عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين. وأخرجه الحميدي في "مسنده" (366) ، وابن سعد في "الطبقات" 8/10 و320، وابن أبي شيبة في "مصنفه" 8/634-635، وأبو داود (5204) ، وابن ماجه (3701) ، والطبراني في "المعجم الكبير" 24/ (436) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (8900) ، وفي "الآداب" (261) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. ورواية الجميع -سوى الطبراني- مختصرة بقصة السلام. وأخرجه الدارمي (2637) من طريق شعيب بن أبي حمزة، عن ابن أبي حسين، به. وأخرجه الطبراني 24/ (418) و (426) و (427) من طريقين عن شهر بن حوشب، به. وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 4/311، وقال: رواه أحمد، وفيه شَهْر بنُ حَوْشب، وهو ضعيف، وقد وُثّق. وسيرد برقم (27589) .
وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (1048) ، والطبراني في "الكبير" 24/ (464) ، وفي "مسند الشاميين" (1426) ، وتمَّام في "فوائده" (791) (الروض البسام) من طريق محمد بن مهاجر، عن أبيه مهاجر مولى أسماء بنت يزيد، عن أسماء بنت يزيد، به. وهذا إسناد حسن، مهاجر مولى أسماء روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في "الثقات".
قال السندي: قوله: "تطول أيمتها"، أي: جلوسها بلا زوج. "وتعنس ": من عنست الجارية، من باب نصر، إذا خرجت من عداد الأبكار، من طول مكثها في منزل أهلها.

وروى الترمذي:

360 - حدثنا محمد بن إسماعيل حدثنا علي بن الحسن حدثنا الحسين بن واقد حدثنا أبو غالب [ قال ] سمعت أبا أمامة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة لا تجاوز صلاتهم آذانهم العبد الآبق حتى يرجع وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط وإمام قوم وهم له كارهون
قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه وأبو غالب اسمه حزور

قال الألباني: حسن، وانظر ابن ماجه 971 والطبراني في الكبير ج11/ 12275

نفس الذكورية والتكبر الأجوف، واعتبار رضا الرجل على المرأة هو رضا الإله الخرافي ذاته، وتحقير المرأة والمبالغة في تعظيم الرجل في مجتمع لم تكن المرأة تعمل فيه فكانت معتمدة على الرجل في طعامها ومسكنها.

لؤي عشري 10-26-2018 05:45 PM

وروى أحمد عن عنصرية ذكورية في شكل أساطير:

22101 - حدثنا إبراهيم بن مهدي، حدثنا إسماعيل بن عياش، عن بحير بن سعد، عن خالد بن معدان، عن كثير بن مرة، عن معاذ بن جبل، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا تؤذي امرأة زوجها في الدنيا إلا قالت زوجته من الحور العين: لا تؤذيه قاتلك الله ؛ فإنما هو عندك دخيل يوشك أن يفارقك إلينا "

إسناده حسن من أجل إسماعيل بن عياش. وأخرجه ابن ماجه (2014) ، والترمذي (1174) ، والشاشي في "مسنده" (1374) ، والطبراني في "الكبير" 20/ (224) ، وفي "الشاميين" (1166) ، وأبو نعيم في "الحلية" 5/220، وفي "صفة الجنة" (86) ، والذهبي في "سير أعلام النبلاء" 4/47 من طرق عن إسماعيل بن عياش، بهذا الإسناد . وحسنه الترمذي، وصحح إسناده الذهبي .
.....وفي حين يحق للرجل الذكر باستعلاء حرمان ومنع زوجته الأنثى كل هذه المدة، أربعة شهور، لا يجوز للمرأة الامتناع عن زوجها ولو يومًا أو ليلة أو لحظة، حتى لو كانت في وقتٍ ليس لها فيه رغبة جنسية:

روى البخاري:

3237 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ فَأَبَتْ فَبَاتَ غَضْبَانَ عَلَيْهَا لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ تَابَعَهُ شُعْبَةُ وَأَبُو حَمْزَةَ وَابْنُ دَاوُدَ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ

5193 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ فَأَبَتْ أَنْ تَجِيءَ لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ

5194 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا بَاتَتْ الْمَرْأَةُ مُهَاجِرَةً فِرَاشَ زَوْجِهَا لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تَرْجِعَ

5192 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَصُومُ الْمَرْأَةُ وَبَعْلُهَا شَاهِدٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ

وروى مسلم:

باب تحريم امتناعها من فراش زوجها

[ 1436 ] وحدثنا محمد بن المثنى وابن بشار واللفظ لابن المثنى قالا حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة قال سمعت قتادة يحدث عن زرارة بن أوفى عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا باتت المرأة هاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى تصبح
[ 1436 ] وحدثنيه يحيى بن حبيب حدثنا خالد يعني بن الحار حدثنا شعبة بهذا الإسناد وقال حتى ترجع

[ 1436 ] حدثنا بن أبي عمر حدثنا مروان عن يزيد يعني بن كيسان عن أبي حازم عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشها فتأبي عليه إلا كان الذي في السماء ساخطا عليها حتى يرضى عنها

[ 1436 ] وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب قالا حدثنا أبو معاوية ح وحدثني أبو سعيد الأشج حدثنا وكيع ح وحدثني زهير بن حرب واللفظ له حدثنا جرير كلهم عن الأعمش عن أبي حازم عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فلم تأته فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح
ورواه أحمد 7471 و8579 و9013 و9671 و10045 و10731 و10946 و10225
وروى الترمذي:

1160 - حدثنا هناد حدثنا ملازم بن عمرو قال حدثني عبد الله بن بدر عن قيس بن طلق عن أبيه طلق بن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا الرجل دعا زوجته لحاجته فلتأته وإن كانت على التنور
قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب

قال الألباني: صحيح، قلنا: وبهذا اللفظ أخرجه ابن أبي شيبة 4/306-307، والترمذي (1160) ، والنسائي في "الكبرى" (8971) - وهو في "عشرة النساء" (85) وابن حبان (4165) ، والطبراني في "الكبير" ج8/ (8240) ، والبيهقي في "السنن" 7/294 وفي الباب عن زيد بن أرقم عند البزار (1472) (زوائد) .
التنور هو الموقد والمخبز، يعني ولو كانت تعمل في طبخ أو خبز والأكل سيفسد بتركه ويحترق.

غضب الرجل من غضب الله، لا تنسي يا عزيزتي المرأة أن واضعي الدين ذكور والدين ذكوريّ، يضطهد ويحتقر المرأة ويمجد الرجال، والله في كل هذه الأديان رجل ومذكَّر. وتأملوا أيها القراء قول عمر أن عادة القرشيين وطبعهم الاجتماعي الهمجي غير المتمدن هو عدم السماح للنساء بالكلام والنقاش والجدال ووجود آراء أو استقلال لهن، هذه هي صورة المجتمع الذي يريد المسلمون ويحلمون بتحويل كل مجتمعات العالم إليه، بما فيه الدول المتحضرة كأوربا وأمركا وأستراليا واليابان وهونج كونج وكوريا الجنوبية، إلى عالم ذكوري همجي استعلائي لا تحضر فيه ولا مساواة بين الجنسين، وأفكار استعلائية حمقاء مأفونة مشؤومة. بعض الدول كإندونيسيا رفضت النساء فيه تصريحات عنصرية لشخصيات عامة عن ضرورة احتشام والتزام النساء بملابس إجبارية أو محددة، مع كونها دولة إسلامية ولو متفتحة قليلا وفيها سلطة للنساء حتى رئاسة الدولة، فما بالك بفكرة تقبل الغرب لتخلف كتقاليد وتعاليم الإسلام ضد النساء؟!

وجاء في الدسقولية، ص 379 من الطبعة الثانية ترجمة د. وليم سليمان قلادة:

17- فإذا أردتِ أنْ تصيري مؤمنةً، وأن تُرْضِيِ اللهَ أيتها المرأةً، لا تتزيني (ب: تضيفي الزينات إلى جمالك) لترضي رجلًا غريبًا. ولا تشتهي (أ: ولا تريدي) أنْ تلبَسِيِ مَقَانِعَ1 (ب: تطاريز) وثيابًا (ح: حلة فاتنة، س: ثوب بَغِيٍّ، د: الثيابَ الخفيفةَ) وأخفافا (ب: أحذية فاخرة، ح: أحذية على رجليك للتظاهر)، هذه التي تليق بالزانيات ليتبعك (ب: لتغوي أولئك، س: لتجذبي لنفسك أولئك) الذين هكذا يُصادُون بهذه الأعمال.

1: المَقْنَع: هو ما تغطي المرأة رأسها به وهو أصغر من القناع.

18- وإن كنتِ (و: ولو أنكِ، س: وحتى لو) لم تعملي (د: لا تفعلين، س: لم تخطئي في) هذه الأعمالَ المُغضِبةَ لتخطئِيِ، لكن أيضًا (ب: فقط) لما تزينْتِ (ب: لما تزينتِ لأجل الزينة والجمال) فقط، فلن تفلتي من (ب: إلا أنكِ لن تفلتي هكذا من) الحكم، لأنكِ (ب: باعتبار أنكِ) من جهة هذا تُلْزْمِينَ (س: قد دفَعْتِ بالقوةِ) آخرَ (د: من يراكِ) ليتبعكِ (ب: لينظُر بثباتٍ إليكِ) ويشتهيكِ. فتحفظي لكي ما (11) تقعي في الخطية ولا أيضًا يتشكك آخرون لأجلكِ.

إذا أخطأتِ فأسلمتِ ذاتَكِ لهذا العمل، فإنكِ أنتِ أيضًا تسقطين، لأنك صرتِ موجِبةً لهلاكِ نفسِ ذاك.

26- وإذا مشيتِ في الأسواقِ [ب: الطُرُقِ، د: الطريقِ] فغطِّي رأسَكِ بردائِكِ. لأن من جهة تغطيتكِ بهدوء تسدِّينَ [ب: ستتحاشينَ، د: تُصانينَ] تطلع الناس كثيري الكلام.

27- لا تُزَوِّقي [ب: تُزَيِّني] وجهَكِ الذي خلق من قِبَلِ اللهِ [د: خلقَهٌ الله، هو صنعةُ اللهِ]، لأنه ليس فيكِ شيءٌ يعوزهُ [أ: يعوز، ب: يحتاج، د: ينقص] التزين، لأن كل شيء خلقَهُ اللهُ حسَنٌ جدًّا. وإذا زُيِّنَ [و: لكنْ الزينةُ الفاحشةُ] ما لا يعوزه التزين [د: وما زيدَ على الحُسْنِ، ب: المضافة على ما هو من قَبْلُ حَسَنٌ] تزيدون على الخير فتشتمون [د: فإنه يُغَيِّرُ، ب: هي إهانةٌ] نعمةَ [ب: لجَمالِ] الخالقِ.

28- إذا مشيتِ فاجعلي وجهكِ ينظر إلى أسفل وهو مغطى من كل ناحية كمما يليق بالنساء.

33- اقطعي عنك أنتِ أيتها المؤمنة الخصامَ [ب: بخصوص روح الخصام، كوني متأكدةً من كبحِها] مع كل أحدٍ بالجملة، بالأخص مع بعلك. لكي لا يشك زوجك لأجلك ، مؤمنًا كان أو أمميًّا [أ: لئلا إن كان غير مؤمن أو وثنيًّا تتاح له فرصةٌ للعَثَرةِ]، ويجدِّف على الله ويرث [ب: وتكونين مشاركةً في] اللعنةَ قدَّامَ الله. فإنه قال: "الويلُ لمن يُجدَّف على اسمِ اللهِ لأجله في الأمم [إشعيا 52: 5]"

وبنحوه في القوانين الرسولية ترجمة جورج منصور، ص 21 وبعدها:

17- أيتها المرأة، إذا أردتِ أن تكوني مؤمنةً وفاضلةً في عيني الربِّ، فأَعْرِضي عن الزينة التي تُغري الغرباء، ولا تصطنعي البهرجةَ وتلبسي رقيقَ الثيابِ، لأنكِ بذلك تستميلين إليكِ العشاقَ والزوانيّ.

18- قد يكون قصدُكِ حَسَنًا، وقد لا تفعلين ذلك بنيةٍ سيئةٍ، ولكنكِ لا تهربين من الدينونةِ، لأن ما يصدر عنكِ يحمل من يراكِ على الاشتهاءِ. فلم لا تحافظين على ذاتكِ اتقاءً من الوقوعِ في الخطيئة، وابتعادًا عن إيقاعِ الآخَرين؟ أما إذا أخطأتِ باستسلامِكِ، فإنك تُهلكين نفسَكِ ونفسَ الآخَر معكِ.
23- أيتها المسيحيات، لا تقتدين بهؤلاء النساء، وأنتِ أيتها المتزوجة، لعلكِ ترغبين في أن تكوني أمينة لزوجك، اعملي إذن على إرضائه وحده. وإذا سرتِ في الشارع، فغطِّي رأسَكِ لتَحْجُبي جمالَكِ عن الناظرينَ.

24- لا تضيفي إلى وجهكِ مسحةً زائفةً من الزينة، فالوجه هو من صنع الله، وليس شيءٌ فيكِ أجملَ منه. إن "كل ما صنعَهُ اللهُ حَسَنٌ" [التكوين]، فالتجمل في إفراطٍ يُفسِدُ الوجاهةَ. وعندما تمشين اُنظُري إلى أسفل وأنتِ محجَّبة، كما يليق بالنساءِ.

10- تجبني المنازعات، وبالأخص مع زوجكِ

1- تجبني المنازعات، وبالأخص مع زوجكِ، لأنكِ مؤمنةٌ. حتى لا يتشكَّكَ زوجكِ المؤمنُ أو الوثنيُّ فيجدِّف على الله، وحتى لا ترثي أنتَ لعنةَ القائلِ: "ملعونٌ 1اك الذي بسببه يُجَدَّفُ على اسمي بين الأمم".

وفي قوانين البابا أثناسيوس بطريرك الإسكندرية – نشرة الراهب القس أثناسيوس المقاري للمخطوطات والتي أثبت في مبحثه بنشرته للكتاب (شواهد قدم هذه القوانين، ص 48) أنها أقدم في عناصرها من كل القوانين الرسولية المعروفة ، نقرأ فيها ص 183- 184:

القانون الرابع والأربعون/ من أجل زينة نساء الكهنة

لا يدَعْ أحدٌ من الكهنةِ زوجتَهُ تتزيَّنُ بالذهب والفضة، أو بحجارة كريمة أو بكحل أو خلاخل أو بعصائب أو بقماش ثمين، لأن هذا الأشكال ليست هي لَبِناتِ الكنيسةِ. لأن بطرس رأس الرسل قد بغض هذا الأعمال التي من الزنا (1)، وبولس يكتب من أجل الذين يصنعون هذه الأعمال ويخرجهم قدام كل الناس (2). فكيف نحن الكهنة بالأكثر، لأن زوجة الكاهن تأكل من خبز المذبح، من أجل هذا ينبغي لها أن تسير بشكل مستقيم. لأن يعقوب رأس الآباء قد ندم من أجل نسائه اللواتي يتزيَّن مع أمهاتهن، فأخذ الحُلِيَّ الذهب ومصاغَ نسائه الذي في بيته وأفسدها وخبأها عند البطمة التي في ساجيم إلى يومنا هذا (3)، وموسى أيضًا أبغضَ هذه الأمورَ (4). فإن كان بطرس قد أبغض هذه الزينة، وبولس ازدرى بها، وموسى احتقرها، ويعقوب داسها وأفسدها ودفنها في التراب، فأنت أيضًا لا تضادَّ هؤلاء الرجال هكذا، هؤلاء الذين هم رؤوس البيعة، لكي تكون لهم ابنًا محبوبًا.

(1) بطرس الأولى 3: 3 (ولا تكن زينتكن الزينة الخارجية من ضفر الشعر والتحلي بالذهب ولبس الثياب)
(2) تيموثاوس الأولى 2: 9 (و كذلك أن النساء يزين ذواتهن بلباس الحشمة مع ورع وتعقل لا بضفائر أو ذهب أو لآلئ أو ملابس كثيرة الثمن)
(3) التكوين 35: 4
(4) انظر الخروج 33: 5، 35: 22

قارن:

تحريم الماكياج والزينة خارج المنزل في شرع الإسلام:

{وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآَتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33)} الأحزاب

{وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (60)} النور

تعاليم معادية للتمدن ومظاهر التحضر والبشرية ولا شك.
وروى البخاري:

2238 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِي عَوْنُ بْنُ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ رَأَيْتُ أَبِي اشْتَرَى حَجَّامًا فَأَمَرَ بِمَحَاجِمِهِ فَكُسِرَتْ فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ ثَمَنِ الدَّمِ وَثَمَنِ الْكَلْبِ وَكَسْبِ الْأَمَةِ وَلَعَنَ الْوَاشِمَةَ وَالْمُسْتَوْشِمَةَ وَآكِلَ الرِّبَا وَمُوكِلَهُ وَلَعَنَ الْمُصَوِّرَ
5932 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ عَامَ حَجَّ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَهُوَ يَقُولُ وَتَنَاوَلَ قُصَّةً مِنْ شَعَرٍ كَانَتْ بِيَدِ حَرَسِيٍّ أَيْنَ عُلَمَاؤُكُمْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى عَنْ مِثْلِ هَذِهِ وَيَقُولُ إِنَّمَا هَلَكَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ حِينَ اتَّخَذَ هَذِهِ نِسَاؤُهُمْ وَقَالَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَعَنَ اللَّهُ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ وَالْوَاشِمَةَ وَالْمُسْتَوْشِمَةَ

5934 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ قَالَ سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ مُسْلِمِ بْنِ يَنَّاقٍ يُحَدِّثُ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ جَارِيَةً مِنْ الْأَنْصَارِ تَزَوَّجَتْ وَأَنَّهَا مَرِضَتْ فَتَمَعَّطَ شَعَرُهَا فَأَرَادُوا أَنْ يَصِلُوهَا فَسَأَلُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَعَنَ اللَّهُ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ تَابَعَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ أَبَانَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ صَفِيَّةَ عَنْ عَائِشَةَ

5935 - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَتْنِي أُمِّي عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ إِنِّي أَنْكَحْتُ ابْنَتِي ثُمَّ أَصَابَهَا شَكْوَى فَتَمَرَّقَ رَأْسُهَا وَزَوْجُهَا يَسْتَحِثُّنِي بِهَا أَفَأَصِلُ رَأْسَهَا فَسَبَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ

5938 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ قَالَ قَدِمَ مُعَاوِيَةُ الْمَدِينَةَ آخِرَ قَدْمَةٍ قَدِمَهَا فَخَطَبَنَا فَأَخْرَجَ كُبَّةً مِنْ شَعَرٍ قَالَ مَا كُنْتُ أَرَى أَحَدًا يَفْعَلُ هَذَا غَيْرَ الْيَهُودِ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمَّاهُ الزُّورَ يَعْنِي الْوَاصِلَةَ فِي الشَّعَرِ

5939 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ لَعَنَ عَبْدُ اللَّهِ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ فَقَالَتْ أُمُّ يَعْقُوبَ مَا هَذَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ وَمَا لِي لَا أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ وَفِي كِتَابِ اللَّهِ قَالَتْ وَاللَّهِ لَقَدْ قَرَأْتُ مَا بَيْنَ اللَّوْحَيْنِ فَمَا وَجَدْتُهُ قَالَ وَاللَّهِ لَئِنْ قَرَأْتِيهِ لَقَدْ وَجَدْتِيهِ { وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا }

5940 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ لَعَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ وَالْوَاشِمَةَ وَالْمُسْتَوْشِمَةَ

5941 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَنَّهُ سَمِعَ فَاطِمَةَ بِنْتَ الْمُنْذِرِ تَقُولُ سَمِعْتُ أَسْمَاءَ قَالَتْ سَأَلَتْ امْرَأَةٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ ابْنَتِي أَصَابَتْهَا الْحَصْبَةُ فَامَّرَقَ شَعَرُهَا وَإِنِّي زَوَّجْتُهَا أَفَأَصِلُ فِيهِ فَقَالَ لَعَنَ اللَّهُ الْوَاصِلَةَ وَالْمَوْصُولَةَ

وانظر أحمد (4283) و(42849) و(4724) ومسلم 2122 إلى 2127

أليست تعاليم مشؤومة مصادرة للحريات حقا؟! نموذج لتشريعات محمد الفاسدة، فوفقًا لتشريعه الشاذ المتدخل في حيوات وحريات الناس، لا يجوز لامرأة صارت صلعاء بفعل المرض أن تتخذ باروكة أو شعرًا مستعارًا. والغلط غلط الناس الجاهلين لأنهم جعلوا هراءه وهو جاهل مثلهم وأكثر ظلاميةً مرجعية لكل شيء. إذا كان الإسلام حرم شيئًا بسيطًا كهذا فهو أحرى بالقياس بان يحرم عملية تجميل لامرأة مولودة بتشوه أو شديدة القبح. حقيقة إن عملية تجميل قد تجعل أحيانًا امرأة قبيحة حسنة الشكل وهذه فائدة علم طب التجميل. كثير من النساء المسلمات عمومًا يخففن حواجبهن (التنمص) ولا يهتممن بكلام محمد، حرية التزين والتجمل وعمل الأوشام والتَتُّو هي حرية شخصية بحتة سواء للنساء أو الرجال. ديانة ظلامية تحرم تجمل النساء والفن والرسم وكل شيء في الحياة، وتعادي التحضر والتمدن، ديانة نشأت في صحراء البدو حقًّا.

معاوية يشغل الناس والمعارضة السلفية الغثة بالترهات ليرضيها

روى البخاري:

3468 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ عَامَ حَجَّ عَلَى الْمِنْبَرِ فَتَنَاوَلَ قُصَّةً مِنْ شَعَرٍ وَكَانَتْ فِي يَدَيْ حَرَسِيٍّ فَقَالَ يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ أَيْنَ عُلَمَاؤُكُمْ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى عَنْ مِثْلِ هَذِهِ وَيَقُولُ إِنَّمَا هَلَكَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ حِينَ اتَّخَذَهَا نِسَاؤُهُمْ

3488 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ قَالَ قَدِمَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ الْمَدِينَةَ آخِرَ قَدْمَةٍ قَدِمَهَا فَخَطَبَنَا فَأَخْرَجَ كُبَّةً مِنْ شَعَرٍ فَقَالَ مَا كُنْتُ أُرَى أَنَّ أَحَدًا يَفْعَلُ هَذَا غَيْرَ الْيَهُودِ وَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمَّاهُ الزُّورَ يَعْنِي الْوِصَالَ فِي الشَّعَرِ * تَابَعَهُ غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ

5932 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ عَامَ حَجَّ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَهُوَ يَقُولُ وَتَنَاوَلَ قُصَّةً مِنْ شَعَرٍ كَانَتْ بِيَدِ حَرَسِيٍّ أَيْنَ عُلَمَاؤُكُمْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى عَنْ مِثْلِ هَذِهِ وَيَقُولُ إِنَّمَا هَلَكَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ حِينَ اتَّخَذَ هَذِهِ نِسَاؤُهُمْ
وَقَالَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَعَنَ اللَّهُ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ وَالْوَاشِمَةَ وَالْمُسْتَوْشِمَةَ

2003 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَوْمَ عَاشُورَاءَ عَامَ حَجَّ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ أَيْنَ عُلَمَاؤُكُمْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ هَذَا يَوْمُ عَاشُورَاءَ وَلَمْ يُكْتَبْ عَلَيْكُمْ صِيَامُهُ وَأَنَا صَائِمٌ فَمَنْ شَاءَ فَلْيَصُمْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيُفْطِرْ

ورواه مسلم 2127 والبخاري 5938 وأحمد 16829 و16843 و16851 و16934 و16865 و16891 و16867 و16868 و16927 و16934 وسنن النسائي الكبرى 9367 وغيرها

وروى أحمد:

16891 - حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، سَمِعَ مُعَاوِيَةَ، يَقُولُ بِالْمَدِينَةِ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيْنَ عُلَمَاؤُكُمْ يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ ؟ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْيَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ، وَهُوَ يَقُولُ: " مَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَصُومَهُ فَلْيَصُمْهُ " وَسَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى عَنْ مِثْلِ هَذَا . وَأَخْرَجَ قُصَّةً مِنْ شَعَرٍ مِنْ كُمِّهِ فَقَالَ: " إِنَّمَا هَلَكَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ حِينَ اتَّخَذَتْهَا نِسَاؤُهُمْ "

إسناده صحيح على شرط الشيخين. سفيان: هو ابن عيينة، وحميد ابن عبد الرحمن: هو ابن عوف. وقوله: "من شاء منكم أن يصومه فليصمه". أخرجه الشافعي في "مسنده" 1/264-265 (بترتيب السندي) ، والحميدي (600) ، والنسائي في "المجتبى" 4/204، وفي "الكبرى" (2854) ، والطبراني في الكبير 19/ (750) ، والبيهقي في "السنن" 4/290 من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (2853)

وروى مسلم:

[ 1129 ] حدثني حرملة بن يحيى أخبرنا بن وهب أخبرني يونس عن بن شهاب أخبرني حميد بن عبد الرحمن أنه سمع معاوية بن أبي سفيان خطيبا بالمدينة يعني في قدمه قدمها خطبهم يوم عاشوراء فقال أين علماؤكم يا أهل المدينة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لهذا اليوم هذا يوم عاشوراء ولم يكتب الله عليكم صيامه وأنا صائم فمن أحب منكم أن يصوم فليصم ومن أحب أن يفطر فليفطر

انتهت مشاكل معاوية بن أبي سفيان في الحكم وتحقيق العدالة الاجتماعية والسلام والمساواة بين الناس وتحقيق الكفاية وعدم استئثاره هو وحاشيته بالسلطة والمال والموارد والخيرات، بحيث صار يتكلم عن التدخل الجبري بأسلوب الحسبة الإسلامي الشمولي في حريات النساء والناس ووعظهم بهذه العظات السخيفة عديمة الطعم والمعنى عن التدخل في شؤون الناس وتحريم التزين بدون سبب وتعنتًا. كذلك انتهت كل المشاكل ليتناول الأسلوب الصحيح لأداء الطقوس والشعائر الخرافية.

قمع محمد لنسائه وقهرهن

{يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (30) وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا (31) يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا (32) وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآَتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33)} الأحزاب

لما كان محمد في الخمسينيات من عمره آنذاك، متزوجًا من نساء معظمهن شابّات حتمًا موفورات الرغبة الجنسية أكثر منه كرجل عجوز بكثير، فقد كان يتخوف بقلق أن تخونه إحداهن لأنه بالتأكيد لا يمكنه تحقيق إشباع جنسي لكل هذه النساء التي وصلن في زمن إلى 13، وتوفي هو عن تسع منهن جمع بينهن، مع أربع مستعبدات أخريات: مارية وريحانة والتي أهدتها له زينب وأخرى من سبايا حروبه. لا يوجد أي دليل على خيانة إحداهن له، قصة عائشة كاد هو فيها أن يأخذ بشبهة وكلام غرضه الإساءة، وقصة مارية القبطية مستعبدته ثبت فيها أن ابن عمها كان مجبوبًا. شرّع محمد نفس تشريع العوائد البدوية بعدم خروج النساء من البيوت والتضييق عليهن والشك الموسوس فيهن وقمعهن وحبسهن، وتحريم التزين والمكياج والملبس العادي غير المتشدد، وهو نموذج حسب النص ليس فقط لزوجات، بل لكل المجتمع الإسلامي لتقتدي به النساء في تأخير أنفسهن وحبسها وقمعها على أن ذلك بأمر الله، وقمع الذكور من الآباء والإخوان والأزواج للنساء ولو بالعنف والقهر، كمصادرة لحقوق وحريات النساء ولحيواتهن، وقال ابن كثير في تفسير الأحزاب:
هَذِهِ آدَابٌ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا نِسَاءَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنِسَاءُ الْأُمَّةِ تَبَعٌ لَهُنَّ فِي ذَلِكَ.... قَوْلُهُ: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} أَيِ: الْزَمْنَ بُيُوتَكُنَّ فَلَا تَخْرُجْنَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ. وَمِنِ الْحَوَائِجِ الشَّرْعِيَّةِ الصَّلَاةُ فِي الْمَسْجِدِ بِشَرْطِهِ، كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ، وَلْيَخْرُجْنَ وَهُنَّ تَفِلات" وَفِي رِوَايَةٍ: "وَبُيُوتُهُنَّ خَيْرٌ لَهُنَّ" [أبو داود في السنن برقم (565) من حديث أبي هريرة، وبالرواية الثانية برقم (567) من حديث ابن عمر، وَأَصْلُهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ.]

أما الخمار الإسلامي (غطاء شعر المرأة المسمى حجابًا) فله أصول وثنية عربية من شبه جزيرة العرب، وأصول أقدم بدلائل كتابات وتماثيل عراقية عتيقة بابلية وآشورية، ولدى الأنباط كذلك، وقد أثبتنا أدلة ذلك في باب (المصادر الوثنية) في موسوعة القبر المحفور للإسلام، لكن شعوب اليونانيين مثلًا في الوثنية ولاحقًا شعوب الغربيين المسيحية عادة تحشم النساء الزائد وتغطية النساء لشعورهن بغير تشدد كالمسلمات في الطرقات بأغطية، وإن كانت أغطية خفيفة وغير ملزِمة، إلا في حضور الصلوات المسيحية حسب نصوص العهد الجديد المسيحي.

المسيح جاء ليزيل إصر وأغلال الشرائع القديمة عن اليهود، وأنها كانت عقابًا عليهم

هذه فكرة مسيحية، استعملتها المسيحية لاتخاذ القرار الإنساني العقلاني الرائع بإلغاء تشريعات التوراة اليهودية الخرافية المعيبة، لكن اليهود أنفسهم بنصوصهم وتشريعهم ولاهوتهم لا يعتقدون أن شريعتهم الخرقاء الخرافية المعقدة المليئة بالتحريمات والتابوهات (التابوات) معيبة أو عقوبة من الله، وهذه الفكرة المسيحية الموجودة في كتب التقليد أخذها محمد في قرآنه، نبدأ أولًا بما جاء في الدسقولية، نشرة وتحقيق وليم سليمان قلادة، ص 367 وما بعدها، ويوازيه نشرة مرقس داوود ص 16، والنص للأول منهما:

9- بل إذا قرأت في الناموس الآخر [ب: التثنية، يعني قانون اليهود الوضعي]، فابعد خارجًا عن الكلام الكثير الذي أُتِيَ به إليه، وهكذا لا تتركه كله عنك، بل تترك عنك أشياء من الناموس الثاني (9). فاقرأه (10) فقط كسيرة لتعلم (12) وتمجد الله لأنه نجاك من الرباطات الكثيرة.

10- وهكذا فليكن هذا قدام عينيك لتعلم (ب: لتميِّزَ، س: أن تفصِل وأن تتعرَّفَ في الناموس) ما هو (ب: ما هي القواعد التي كانت من) الناموس (ب: ناموس الطبيعة) بالحق، وما هي الرباطات التي جاءت في الناموس الثاني (ب: وأيها زيدَ أو كانت بمثابة قواعدَ مضافةٍ أُدْخِلَتْ. س: من بين رُبَطِ التثنية. د: ما الذي أُدْخِلَ في الناموس الثاني) والوصايا التي أُعْطِيَتْ للذين عبدوا العجلَ في البرية (ب: في البرية للإسرائيليين بعد عمل العجل).

11- لأن الناموس هو ما تكلم به الرب الإله قبل أن يعبد الشعبُ الصنمَ (ب: عجلًا مثل المصري أبيس)، وهي هذه العشر كلمات (ب: الوصايا). أما الرباطات (ب: القيود) التي رُبِطُوا لما أخطأوا فأنت لا تجذبها (ب: تفرضها، د: تجذبها على نفسك بإرادتك) إليكَ.

12- لأن مخلِّصَنا لم يأتِ لأجل شيء آخر إلا ليكمل الناموس والأنبياء (في بعض النسخ زيادة لا توجد في مخطوطة ڤيينا: + ليخلص أولئك المطالَبين بتلك الفرائض من الغضب المذَّخَر لهم)، والرباطات (ب: القيود الثانوية) التي جاءت (ب: أُضيفَتْ) في سفر الناموس إما أن يمحوَها أو ينقلها إلى الروُحانيَّات (ح: تعليمٍ روحيٍّ)، ومن أجل هذا دعانا قائلًا: "تعالوا إليَّ يا جميعَ المُتعَبين والمُثقَلين بأحمالِهِم وأنا أريحُكُمْ "(متى 11: 28).

وفي ص 395، نشرة وليم سليمان قلادة، من صفات وشروط ومتطلبات الأسقف يرِدُ:

22- ولكنْ [أ، ب، س: ليكن] قبل كل شيءٍ، عليه أن يميز جيدًا الناموس الحقيقي (ب: الأصلي، س: -) في الناموس الثاني (بديلة: والوصايا المضافة)، ويُظْهِرَ ما هو الناموسُ قدام المؤمنين، وما هو رباط الناموس الثاني لغير المؤمنين، لكي لا يكون أحد تحت الرباطات (بديلة في س: لكي لا يأخذ واحد من أولئك الذين تحت يده هذه الرباطات على أنها الناموس، ولا يلقي على نفسه أحمالًا ثقيلة ولا يصير ابنًا للهلاك).

ويوازيه القوانين الرسولية، الكتاب الثاني، 4- 6، ص 32ـ ترجمة جورج منصور:

4- وليكن حليمًا رحيمًا حين يُوبِّخ، غزيرَ المعرفةِ، مواظبًا على التأمل في الكتب الإلهية، يقرؤها كثيرًا حتى يشرحَها باعتناءٍ. يشرح الأنبياء والناموس مقارنًا إياها بالإنجيل، كما يفسِّر الإنجيل بالناموس والأنبياء.

6- فليكن قبل كل شيءٍ شارحًا مدققًا يحسن التمييز بين الناموس والتقاليد اليهودية، موضِّحًا ما هو ناموس المؤمنين وما هي قيود لغير المؤمنين، لكيلا يرزح أحدٌ تحتَ هذه القيودِ.

وانظر القوانين الرسولية، الكتاب السادس، ص 262 إلى 278، ترجمة جورج منصور، عن إلغاء الشرائع الموسوية التوراتية. ومنه ص 264:

1- فالوصايا العشر هي الناموس الذي سار عليه الشعب قبل أن يصنع العجل المذهب، رمزًا لآبيس، إله المصريين، هذا الناموس عادل، ويُقرَأ لإثبات الرسوم العادلة. ....إلخ

وفي ص 263 يوصف تشريع موسى بأنه قيود بالية وعادات قديمة، وفي ص 264 وبعدها زعم تفسيري بأن ذبائح اليهودية كانت اختيارية وليسا فروضًا دينية، وفي ص 266 ورد:

....هذا الإله جحدوه قائلين لهارون: "اصنع لنا آلهةً تسيرُ أمامنا"، وصنعوا لهم العجلَ وقدموا الذبائح للصنم. فضغب الله وعاقبهم. كبَّلَهم بقيودٍ لا تنفك، وحمَّلَهم أحمالًا ثقيلةً، وربَطَهم برباطٍ قويٍّ.

وفي ص 267:

8- وبما أني لم أستفد من قدرتي، فإني أضطرُّكَ على احتمال الباقي. فأبعدتُ عنكَ الأطعمةَ، وقسمتُ الحيواناتِ إلى طاهرة وغير طاهرة، على الرغم من أن كل حي حسن، لأني أنا صانعه.

11- ولسبب قساوة قلوبهم قيدتهم حتى يبتعدوا عن طريق تقديم الذبائح والراحة والتطهيرات بالماء، وما يشبهها، فيخلصوا على الإيمان بالله الذي نظَّمَ لهم كلَّ هذه الأمورِ.
وفي ص 273: 6- إنه لم يُعفِنا من الناموس بل من قيوده. ...إلخ

لم يتخذ الإسلام القرار الثوري المسيحي بإلغاء تشريعات اليهودية المعيبة الخرافية، لكنه لحبه لليهود وتبنيه لدينهم وتعاليمه بشدة في أول دعوته، اتخذ وتبنى بعض الشرائع التوراتية اليهودية فقط، فمن بين التحريمات الكثيرة في التوراة للحيوانات لا يحرم سوى الخنزير والدم، وفي الأحاديث الحمار الأهلي والقنفذ والفأر والضفدع، فموقفه أقرب للمسيحية هنا، ومما جاء في القرآن مشابهًا لأطروحة المسيحيين الأوائل وآرائهم وادعاءاتهم حول الشريعة اليهودية كعقاب إلهي وشريعة فاسدة معيبة:

{كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (93) فَمَنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (94) قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (95)} آل عمران

{فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا (160) وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (161)} النساء

{قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (145) وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (146) فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (147)} الأنعام

{وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (49) وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (50) إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (51)} آل عمران

{لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286)} البقرة

ويتماثل ويتشبه محمد مع الناصري يسوع (يشوع) في كلامه مع اليهود فيقول في مزاعمه في القرآن:

{الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آَمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (157)} الأعراف

كون هذا الكلام الإسلامي أصله من أطروحات وآراء مسيحية عتيقة شيء لم يكن لي علم به، لكن مع بعض الاطلاع في الأدبيات المسيحية اكتشفته الآن، فهو لا يرد بهذه الصورة في الأناجيل وأعمال الرسل والرسائل.

تحريم النرد (الدومَنة، الدمينو) والشطرنج

جاء في قوانين الرسل الاثني عشر المنسوبة إلى كلمنت أسقف روما Apostolic Canons by Clement of Rome في القانونين 42 و43، وننقل ترجمتها العربية المعتمدة من كتاب (مجموعة الشرع الكنسي او قوانين الكنيسة المسيحية الجامعة) من كتابة وترجمة الأرشمنديت حنانيا إلياس كسّاب، ص 859:

القانون 42: إذا كان الأسقف أو القسُّ أو الشمّاس مدمنًا لعبَ النردِ أو شربَ المسكرِ فليَكُفَّ عن ذلك أو فليسقطْ.

القانون 43: والإيبوذياكون أو القارئ أو المرتل أو العاميّ الذي يدمن لعب النرد وشرب الخمر فليكف عن ذلك أو فليُقطَعْ من الشركة.

لقانون تحريم النرد في المرجع المذكور كذلك ذكر في المجامع الكنسية السادس في القانونين 9 و50، والسابع في 12، ومجمع اللاذقية في 24 و25، وقرطاجة في 42 و69، وترولو في 50.

وانظر ترجمة القوانين الرسولية لجورج منصور نفس القانونين في نفي السفر المذكور، ص 435، القانونان 42 و43:

42- الأسقف أو الكاهن أو الشمَّاس الذي يلعب بزهر النرد، أو يستسلم للسُّكْرِ، فليَكُفَّ أو يعزَلْ.

43- الشماس الرسائلي أو القارئ أو المرتِّل الذي يتعاطى مثلَ هذه الأشياءِ، فليكُفَّ أو يُفصَلْ. وكذلك العلماني.

انظر أيضًا نسخة معرَّبة قديمة لابن العسال لهذه القوانين الخاصة بالكتاب الثامن من قوانين الرسل، في Patrologia Orientalis-Tomus Octavus-Recueil de monographies, part four، ص 678، الكتاب الثاني/ الباب 33 (لأجل من يمضي إلى الملاعب ويدمن السكر والربا من أسقف وقسيس وشماس وسائر الكهنة والعلمانيين...إلخ). وانظر مصباح الظلمة في إيضاح الخدمة، لابن أكبر، ج1، ص 196، قانون 42 لكنه يترجم الترجمة حصرًا بالقمار (أيُّ كاهنٍ لا يكفّ عن قمارٍ أو سُكْرٍ فليُحَطَّ).

وفي قوانين البابا أثناسيوس بطريرك الإسكندرية – نشرة الراهب القس أثناسيوس المقاري للمخطوطات والتي أثبت في مبحثه بنشرته للكتاب (شواهد قدم هذه القوانين، ص 48) أنها أقدم في عناصرها من كل القوانين الرسولية المعروفة ، نقرأ فيها ص 177:

القانون السادس والعشرون/ من أجل ما لا ينبغي النظر إليه من أحدٍ من بني البيعة

(1) لا يمضي أحدٌ من أبناءِ الكنيسةِ إلى الملعب(1) أو المحفل (2) أو أحد مواضع الوثنيين (3). وإذا تجاسر واحد ومضى فليٌفْرَزْ ويُترَكْ خارجًا حتى يتوبَ.

(1) المقصود بالملعب هنا المسرح. (2) المحفل: مكان الاحتفال، حيث يجتمع المحتفلون. (3) الوثنيون: في المخطوطات العربية الأصلية كلمة الحنفاء، وهي مستعملة بمعناها السرياني الأصلي هكذا أي الكفار الغير مؤمنين، راجع ص 87- 88 من نشرة الراهب أثناسيوس المقاري للكتاب وتحقيقة وتحليله للكتاب.

(2) وإن كان كاهنًا فليُقْطَعْ ويقيم سنةً كاملةً خارجًا، يصوم في أثنائِها كلَّ يومٍ إلى المساء.
القانون السابع والعشرون/ من أجل من يضارب في المذبح من الشمامسة

إذا تضاربَ الشمامسة في المذبح أو قالوا كلامَ هُزءٍ أو لعبوا أو تحدثوا بحديثٍ رديءٍ بطَّالٍ، يقيمون شهرًا خارجًا، ويقيمون أسبوعًا صائمين إلى العشاء. ولا يتكلموا بشيءٍ من الكلامِ غير النافع بل يتكلموا بكلامِ الله.

ص 198

القانون الخامس والسبعون/ من أجل مَنْ يوجد من أولاد الكهنة في الملعب

إذا وجدوا ابن كاهن قد مضى إلى الملعب يخرجون الكاهن أسبوعًا لأنه لم يؤدب ابنه جيدًا. لأن عالي الكاهن كان هو أيضًا رجلًا قديسًا، لما وجدوا منه لومًا قليلًا بسبب أنه لم يعلم أولاده جيدًا كإرادة الله لم يتخلص من الهلاك، بل مات وإياهم في يوم واحد وهلكوا بموت رديء [صموئيل الأول 4: 18] .

قارن مع تحريم ألعاب الذكاء والتسلية في الإسلام

روى مسلم:
[ 2260 ] حدثني زهير بن حرب حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من لعب بالنردشير فكأنما صبغ يده في لحم خنزير ودمه

ورواه أحمد 22979 و23025 و23056

وروى أحمد:

19501 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَنْ لَعِبَ بِالْكِعَابِ فَقَدْ عَصَى اللهَ وَرَسُولَهُ "

حديث حسن، وهذا إسناد اختُلف فيه على سعيد بن أبي هند://فرواه ابنُه عبدُ الله بن سعيد بن أبي هند، كما في هذه الرواية، عنه، عن رجل، عن أبي موسى.//ورواه أسامة بن زيد الليثي كما في الرواية (19521) ، وموسى بنُ ميسرة كما في الرواية (19551) ، ونافع كما في الرواية (19580) ، ويزيدُ بنُ الهاد كما عند الحاكم في "المستدرك" 1/50 عن سعيد بن أبي هند، عن أبي موسى، لم يذكروا الرجل بينهما.//واختُلف فيه على أسامةَ بنِ زيد الليثي://فرواه وكيع كما في الرواية (19521) ، وابنُ وهب كما عند ابن عبد البَرّ في "التمهيد" 13/174، وأبو أسامة حمادُ بنُ أسامة كما عند البيهقي في "الشعب" (6498) ، و"الآداب" (771) عنه، عن سعيد بن أبي هند، عن أبي موسى.//وخالفهم ابنُ المبارك، فرواه كما في الرواية (19522) عن أسامة، عن سعيد بن أبي هند، عن أبي مرّة مولى عقيل، عن أبي موسى. بزيادة أبي مرة بين سعيد وأبي موسى. قال الدارقطني في رواية ابن المبارك هذه في "العلل" 7/240: وهو أشبه بالصواب، والله أعلم. ثم قال فيه 7/242: وهو الصحيح.//قلنا: نخشى أن يكون أسامةُ بنُ زيد الليثي قد اضطرب فيه، لأن الذين رووه عنه بذكر الرجل بين سعيد وأبي موسى، وبِتَرْك ذِكْره، كُلهم ثقات، غير أن الذين لم يذكروه عنه أكثر، وحينئذ فلا يُفرح بتصحيح الدارقطني للإسناد الذي ذُكر فيه أبو مُرَّة مولى عقيل، على أنه قد نُكر فيه على الشك، ففيه: عن أبي مُرَّة مولى عقيل، فيما أعلم. وقد قال عبدُ الله بن أحمد بن حنبل: سألتُ أبي عن أسامة بن زيد الليثي، فقال: نظرةٌ في حديثه يتبينُ لك اضطرابُ حديثه.//قلنا: فيترجح إسنادُ الجماعة، وهم: موسى بنُ ميسرة، ونافعٌ ، ويزيدُ ابنُ الهاد في روايته عن سعيد بن أبي هند عن أبي موسى، لم يذكروا رجلاً بينهما، وهو ما رجَّحه البيهقيُّ في "السنن" 10/215، فقال: وهو أولى. قلنا: وهو على ذلك إسناد منقطع، لأن سعيد بن أبي هند لم يسمع أبا موسى، كما ذكر أبو حاتم- فيما نقله عنه ابنه في "المراسيل" ص67- والدارقطني في "العلل" 7/242.//ولا يبعد أن يكون عبدُ الله بنُ سعيد بن أبي هند قد وهم في ذكر الرجل في هذا الإسناد، لأنه- وإن كان ثقةً- قال فيه ابنُ حبان- فيما نقله عنه المِزّي-: يخطئ. وصرح الحاكمُ في "المستدرك" 1/50 أنه هو الذي وهم بذكر الرجل في هذا الإسناد. قلنا: وقد اختُلف عليه فيه أيضاً، فقد رواه موسى بنُ ميسرة عند ابن عبد البَرّ في "التمهيد" 13/174، و"الاستذكار"27/129 عنه، عن أبيه سعيد، عن أبي موسى، دون ذكر الرجل.//وأخرجه الحاكم 1/50 من طريق الإمام أحمد، بهذا الإسناد. وقال: وهذا مما لا يُوهن حديث نافع، ولا يُعلّله، فقد تابع يزيدُ بنُ عبد الله بن الهاد نافعاً على رواية سعيد بن أبي هند.//قلنا: يُريد بحديث نافع روايته عن سعيد بن أبي هند عن أبي موسى، ليس بينهما رجل. فقد ذهب الحاكم إلى ترجيح رواية نافع لمتابعة يزيد ابن الهاد له. وسترد رواية نافع برقم (19580) .//وسيرد بإسناد يتقوى به في الرواية (19649) . وأخرجه عبد بن حميد (548) عن عبد الرزاق، به.//وسيرد بالأرقام (19521) و (19522) و (19551) و (19580) و (19649) .//وفي الباب عن بُريدة مرفوعاً، بلفظ: "من لعب بالنردشير، فكأنما صَبَغَ يده في لحم خنزير ودمه " رواه مسلم (2260) ، وسيرد 5/352 و357 و361.//وعن عبد الله بن مسعود كذلك بلفظ: "إياكم وهاتان الكعبتان الموسومتان، اللتان تزجران زجراً، فإنها ميسر العجم" سلف برقم (4263) وإسناده ضعيف، وصحّح الدارقطني وَقْفَه كما ذكرنا هناك.// وعن ابن عمر عند البيهقي 10/215 من طريق ابن وهب، عن معاوية بن صالح، عن يحيى بن سعيد، عن نافع، عنه كان يقول: النردُ هي الميسر. وإسناده صحيح.//وعن عثمان بن عفان عند البيهقي 10/215 من حديث زبيد بن الصلت أنه سمعه رضي الله عنه وهو على المنبر يقول: يا أيها الناس، إياكم والميسر، يُريد النَّرْد، فإنها قد ذُكرتْ لي أنها في بيوت ناس منكم، فمن كانت في بيته فليحرقها أو فيكسرها.//وعن ابن عمر عند ابن عبد البرّ في "الاستذكار" 27/130 من رواية يحيى ابن سعيد، قال: دخل عبدُ الله بن عمر داره، فإذا أناسٌ يلعبون فيها بالنرد، فصاح ابنُ عمر، وقال: ما لِداري يلعبون فيها بالأَرْن؟! قال: وكانت النرد تُدعى في الجاهية بالأرْن.//قال ابنُ عبد البَر: وقال عثمان بن أبي سليمان: أول من قدم بالنرد إلى مكة أبو قيس بنُ عبد مناف بن زهرة، فوضعها بفناء الكعبة، فلعب بها، وعلَّمها.
وقال في "التمهيد" 13/175: وهذا الحديث يُحرّم اللعب بالنرد جملة واحدة، لم يَستثن وقتاً من الأوقات، ولا حالاً من حال، فسواء شغل النَّردُ عن الصلاة أو لم يشغل... على ظاهر الحديث. والنرد هو الذي يُعرف بالطبل، ويُعرف بالكعاب، ويُعرف أيضاً بالأرن، ويُعرف أيضاً بالنردشير.

19521 - حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدِ فَقَدْ عَصَى اللهَ وَرَسُولَهُ "
حسن، وهذا إسناد منقطع، سعيدُ بن أبي هند لم يَلقَ أبا موسى الأشعري، فيما ذكر أبو حاتم، كما في "المراسيل" ص67، وقد اختُلف فيه على سعيد بن أبي هند، وبسطنا الاختلافَ عليه في الرواية السالفة برقم (19501) . ورجال الإسناد ثقاتٌ رجال الشيخين غير أسامة بن زيد- وهو الليثي- فمن رجال أصحاب السنن، وروى له البخاري استشهاداً، ونقل الحافظُ عن ابن القطان أن مسلماً لم يحتج به، إنما أخرج له استشهاداً، وهو صدوق يَهِمُ. وكيع: هو ابن الجراح الرؤاسي.وأخرجه ابن أبي شيبة 8/737 عن وكيع، بهذا الإسناد. وتحرف فيه اسم أسامة بن زيد إلى: "أبو أسامة بن يزيد". وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (6498) ، وفي "الآداب" (771) من طريق أبي أسامة حماد بن أسامة، وابنُ عبد البر في "التمهيد" 13/174 من طريق ابن وهب، كلاهما عن أسامة بن زيد، به. وانظر ما بعده.

19551 - حَدَّثَنَا أَبُو نُوحٍ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ مُوسَى بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدِ فَقَدْ عَصَى اللهَ وَرَسُولَهُ "

حديث حسن، وهذا إسناد منقطع، سعيدُ بن أبي هند لم يَلْقَ أبا موسى الأشعري فيما ذكر أبو حاتم، كما في "المراسيل" ص67، وبسطنا الاختلاف فيه على سعيد بن أبي هند في الرواية (19501) ، ورجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي نوح- وهو عبد الرحمن بن غزوان الخزاعي المعروف بقُرَاد- فمن رجال البخاري، وهو ثقة، له أفراد، وموسى بن ميسرة، فقد روى له البخاري في "الأدب المفرد"، وأبو داود، والنسائي في "مسند مالك"، وهو ثقة.وهو عند مالك في "الموطأ" 2/958، ومن طريقه أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (1274) ، وأبو داود (4938) ، وابن حبان (5872) ، والبيهقي في "السنن" 10/214، وفي "معرفة السنن" (20147) ، وفي "شعب الإيمان" (6498) ، والبغوي في "شرح السنة" (3414) . وأخرجه أحمد 19580 وأخرجه أبو يعلى (7290) ، والدارقطني في "العلل" 7/240، والحاكم من طريق يحيى القطان، بهذا الإسناد. وقرن أبو يعلى والدارقطنيُّ بيحيى بشرَ بنَ المفضل. وأخرجه عبدُ بنُ حميد (547) ، والحاكم 1/50، والبيهقي في "السنن" 10/215، وفي "السنن الصغير" (4263) من طريق محمد بن عبيد، به. قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين! ولم يخرجاه لوهمِ وقع لعبد الله بن سعيد ابن أبي هند لسوء حفظه. ووافقه الذهبي! مع أن إسناده منقطع كما أسلفنا.//وأخرجه ابن أبي شيبة 8/735- ومن طريقه ابن ماجه (3762) - من طريق عبد الرحيم بن سليمان وأبي أسامة حماد بن أسامة، والبخاري في "الأدب المفرد" (1277) من طريق زهير بن معاوية، والدارقطني في "العلل" 7/240 من طريق عبد الله ابن المبارك، أربعتهم عن عبيد الله العمري، به.//وأخرجه ابن عدي في "الكامل" 4/1441 من طريق يونس بن يزيد، عن الزهري، عن نافع، به.//وأخرجه الحاكم 1/50 من طريق يزيد بن عبد الله بن الهاد، عن سعيد بن أبي هند، به.//وأخرجه الطيالسي (510) ، ورواه أيوب السختياني- فيما ذكر البيهقي في "السنن" 10/215- كلاهما عن نافع، عن سعيد بن أبي هند، عن أبي موسى، موقوفاً. قال ابن عبد البر في "التمهيد" 13/175: الذين رفعوه ثقات يجب قبولُ زيادتهم، وفي قول أبي موسى: "فقد عصى الله ورسوله " ما يدل على رفعه.
19649 - حَدَّثَنَا مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا الْجُعَيْدُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ بَشِيرِ بْنِ الْمُحَرَّرِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " لَا يُقَلِّبُ كَعَبَاتِهَا أَحَدٌ يَنْتَظِرُ مَا تَأْتِي بِهِ إِلَّا عَصَى اللهَ وَرَسُولَهُ "

حديث حسن، ولهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين غير حُميد بن بشير بن المحرر، فقد أورده الحسيني في "الإكمال"، وقال: وثّقه ابنُ حبان، قلنا: ذكره ابنُ حبان في "الثقات" 6/191. لكن جاء فيه: حميد بن بكر، فذكر الحافظ في "التعجيل" أنه تحريف، والصواب بشير، كما في إسناد أحمد، وقد ذكره ابنُ حبان على الصواب في موضع آخر 4/150، لكن جاء فيه أنه يروي عن أبي موسى، والصوابُ أنه يروي عن محمد بن كعب، عن أبي موسى. قال ابن حبان 1/191: يُعتبر بحديثه إذا لم يكن في إسناده ضعيف. قلنا: وليس في هذا الإسناد ضعيف، فهو إذن لا بأس به في الشواهد. الجُعيد: هو الجَعْدُ بن عبد الرحمن بن أوس، وقد يُصَغَّر، ويزيد بن خصيفة: هو يزيد بن عبد الله بن خُصَيْفة، نُسِبَ إلى جده، ومحمدُ بنُ كعب: هو القُرَظي. وأخرجه أبو يعلى (7289) ، والبيهقي 10/215 من طريق مكي بن إبراهيم، بهذا الإسناد. وسلف بإسناد آخر برقم (19501) يحسن به الحديث.
قال السندي: قوله: لا يقلب كعباتها: هو جمع كعبة جمع سلامة، والضمير للعبة المسماة بالنرْد، والكعبات هي فصوص النرد.


هذه هي لعبة الدمينو (الدومنة) المعروفة التي نلعبها على المقاهي، وكما قلت الإسلام ديانة تزيل كل بهجة في الحياة، حتى أصغر المسرات والمباهج، وتعادي كل أوجه التحضر والتفكير، حتى ألعاب الحظ والذكاء التي لا قمار فيها.

وروى أحمد بن حنبل:

2476 - حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ بَذِيمَةَ، حَدَّثَنِي قَيْسُ بْنُ حَبْتَرٍ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنِ الْجَرِّ الْأَبْيَضِ، وَالْجَرِّ الْأَخْضَرِ، وَالْجَرِّ الْأَحْمَرِ ؟ فَقَالَ: إِنَّ أَوَّلَ مَنْ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ، فَقَالُوا: إِنَّا نُصِيبُ مِنَ الثُّفْلِ، فَأَيُّ الْأَسْقِيَةِ ؟ فَقَالَ: " لَا تَشْرَبُوا فِي الدُّبَّاءِ، وَالْمُزَفَّتِ، وَالنَّقِيرِ، وَالْحَنْتَمِ، وَاشْرَبُوا فِي الْأَسْقِيَةِ " ثُمَّ قَالَ: " إِنَّ اللهَ حَرَّمَ عَلَيَّ، أَوْ حَرَّمَ الْخَمْرَ وَالْمَيْسِرَ وَالْكُوبَةَ وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ ".
قَالَ سُفْيَانُ: قُلْتُ لِعَلِيِّ بْنِ بَذِيمَةَ: مَا الْكُوبَةُ ؟ قَالَ: " الطَّبْلُ "
كذا فسرها علي بن بَذيمة -وأصله فارسي، أبوه بَذِيمة من سبي المدائن-، وفي "غريب الحديث" لأبي عبيد 4/278: وأما الكوبة، فإن محمد بن كثير العبدي أخبرني أن الكوبة: النرْد في كلام أهك اليمن، وقال غيره: الطبل، وفي "المعرب" للجواليقي ص 295: والكوبة: الطبل الصغير المخضر، وهو أعجمي، وقال محمد بن كثير: الكوبة: النرد بلغة أهل اليمن.

إسناده صحيح، علي بن بذيمة ثقة روى له أصحاب السنن، وقيس بن حبتر روى له أبو داود، وهو ثقة، وباقي رجال السند ثقات رجال الشيخين. وأخرجه أحمد في "الأشربة" (192) و (193) و (194) ، وأبو داود (3696) ، وأبو يعلى (2729) ، والطحاوي 4/223، وابن حبان (5365) ، والبيهقي 10/221 من طريق أبي أحمد الزبيري، بهذا الإسناد. وبعضهم يزيد فيه على بعض. وأخرجه الطبراني (12598) و (12599) ، والبيهقي 8/303 من طريق إسرائيل، عن علي بن بذيمة، به. وانظر ما تقدم برقم (2020) . وأخرج قوله: "كل مسكر حرام" الطبراني (12600) من طريق موسى بن أعين، عن علي بن بذيمة، عن سعيد بن جبير، عن قيس بن حبتر، به. وسيأتي دون قصة الأسقَية برقم (2625) و (3274) من طريق عبد الكريم الجزري، عن قيس بن حبتر، عن ابن عباس. وفي الباب دون قصة الأسقية أيضاً عن عبد الله بن عمرو بن العاص سيأتي في "المسند" 2/158. وعن قيس بن سعد بن عبادة سيأتي أيضاً 3/422. قلنا: والمنع من الشرب في هذه الأوعية المذكورة في الحديث منسوخ بحديث بريدة الأسلمي الذي أخرجه أحمد 5/355، ومسلم (977) ، وصححه ابن حبان (5390) ، وفيه أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "ونهيتكم عن الأشربة في الأوعية، فاشربوا في أي وعاءٍ شئتم، ولا تشربوا مسكراً".
الدباء: هو القَرْع اليابس، والمراد هنا الوعاء منه. والمزفت: المطلي بالزفت. والنقير: جذع يُنقَر وسطُه. والحنتم: الجِرار الخُضْر. قلنا: والنهي عن الشرب في هذه الأوعية إنما هو عن شرب ما انتُبذ فيها. والثفْل، قال السندي: فيَ "القاموس": الثفْل -بضم مثلثة-: ما استقر تحت الشيء من كُدْرة، فكان المراد أنهم كانوا يشربون النبيذ أياماً إلى أن يشربوا ما بقي في آخر السقاء، ثم ينبذون ثانياً.

2625 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَعَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالا: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ يَعْنِي ابْنَ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ قَيْسِ بْنِ حَبْتَرٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِنَّ اللهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمِ الْخَمْرَ، وَالْمَيْسِرَ، وَالْكُوبَةَ "، وَقَالَ: " كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ"

إسناده صحيح، أحمد بن عبد الملك ثقة من رجال البخاري، وعبد الجبار بن محمد: هو ابن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب، روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في "الثقات" 8/418، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين غير قيس بن حبتر، فقد روى له أبو داود، وهو ثقة. عبيد الله بن عمرو: هو الرقي، وعبد الكريم: هو ابن مالك الجزري. وأخرجه الطحاوي 4/216 من طريق علي بن معبد، والبيهقي 10/221 من طريق يحيى بن يوسف الزمي، كلاهما عن عبيد الله بن عمرو الرقي، بهذا الإسناد.

يوجد معنيان للكوبة، الطبل فيكون معناه تحريم محمد للموسيقى والمرح وهو من ضمن معالم دينه الظلاميّ، أو تحريم ألعاب النرد كالدومينو والشطرنج وهذا ورد كذلك في أحاديث أخرى.

وروى البخاري في الأدب المفرد:
1273 - حدثنا إسماعيل قال حدثني مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان إذا وجد أحدا من أهله يلعب بالنرد ضربه وكسرها

صحيح الإسناد موقوفا

هذه الأفكار توجد كذلك في كتب الشيعة ولا تخلو منها، فمما ورد في كتبهم:

الخصال : عن أبيه ، عن سعد عن ابن عيسى عن ابن معروف ، عن أبي جميلة عن ابن طريف ، عن ابن نباتة قال : سمعت عليا عليه السلام يقول : ستة لا ينبغي أن يسلم عليهم وستة لا ينبغي أن يؤموا وسته في هذه الامة من أخلاق قوم لوط ، فأما الذين لا ينبغي السلام عليهم ، فاليهود ، والنصارى وأصحاب النرد والشطرنج وأصحاب الخمر والبربط والطنبور ، والمتفكهون بسب الامهات والشعراء وأما الذين لا ينبغي أن يؤموا من الناس فولد الزنا والمرتد ، والاعرابي بعد الهجرة وشارب الخمر والمحدود والاغلف ، وأما التي من أخلاق قوم لوط فالجلاهق وهو البندق والخذف ، ومضغ العلك ، وإرخاء الازار خيلاء وحل الازرار من القباء والقميس

وفي بحار الأنوار ج6/ ص306 نقلًا عن تفسير القمي في تفسير آية {فهل ينظرون إلا الساعة}: يا سلمان ذاك إذا انتهكت المحارم ، واكتسبت المآثم ، وسلط الاشرار على الاخيار ، ويفشو الكذب ، وتظهر اللجاجة ، ويفشو الحاجة ، ويتباهون في اللباس ويمطرون في غير أوان المطر ، ويستحسنون الكوبة والمعازف ، وينكرون الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ، حتى يكون المؤمن في ذلك الزمان أذل من الامة ويظهر قراؤهم وعبادهم فيما بينهم التلاوم ، فاولئك يدعون في ملكوت السماوات : الارجاس والانجاس ، قال سلمان : وإن هذا لكائن يا رسول الله ؟ فقال صلى الله عليه واله : إي والذي نفسي بيده .

[الأمالي للصدوق] في خبر مناهي النبي (ص) أنه نهى عن بيع النرد و الشطرنج و قال من فعل ذلك فهو كأكل لحم الخنزير و نهى عن بيع الخمر و أن تشترى الخمر و أن تسقى الخمر و قال (ص) لعن الله الخمر و عاصرها و غارسها و شاربها و ساقيها و بائعها و مشتريها و آكل ثمنها و حاملها و المحمولة إليه

[السرائر] من جامع البزنطي عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال بيع الشطرنج حرام و أكل ثمنه سحت و اتخاذها كفر

[تفسير القمي] في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر (ع) أنه قال أما الميسر فالنرد و الشطرنج و كل قمار ميسر و أما الأنصاب فالأوثان التي كانت تعبدها المشركون و أما الأزلام فالقداح التي كانت تستقسم بها مشركو العرب في الجاهلية كل هذا بيعه و شراؤه و الانتفاع بشي‏ء من هذا حرام من الله محرم و هو رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ و قرن الله الخمر و الميسر مع الأوثان

[فقه الرضا عليه السلام] اعلم أنه لا تجوز شهادة شارب الخمر و لا اللاعب بالشطرنج و النرد و لا مقامر و لا متهم و لا تابع لمتبوع و لا أجير لصاحبه و لا امرأة لزوجها و لا المشهور بالفسق و الفجور و لا المربي و يجوز شهادة الرجل لامرأته و شهادة الولد لوالده و يجوز شهادة الوالد على ولده و يجوز شهادة الأعمى إذا ثبت و شهادة العبد لغير صاحبه و لا يجوز شهادة المفتري حتى يتوب من الفرية و توبته أن توقف في الموضع الذي قال فيه ما قال يكذب نفسه

ابن عبدوس ، عن ابن قتيبة ، عن الفضل قال : سمعت الرضا عليه السلام يقول : لما حمل رأس الحسين إلى الشام أمر يزيد لعنه الله فوضع ونصب عليه مائدة فأقبل هو وأصحابه يأكلون ويشربون الفقاع ، فلما فرغوا أمر بالرأس فوضع في طست تحت سريره ، وبسط عليه رقعة الشطرنج وجلس يزيد لعنه الله يلعب بالشطر نج ويذكر الحسين وأباه وجده صلوات الله عليهم ، ويستهزئ بذكرهم فمتى قمر صاحبه تناول الفقاع فشربه ثلاث مرات ثم صب فضلته مما يلي الطست من الارض فمن كان من شيعتنا فليتورع عن شرب الفقاع واللعب بالشطرنج ، ومن نظر إلى الفقاع أوإلى الشطرنج فليذكر الحسين عليه السلام ، وليلعن يزيد وآل زياد يمحوالله عزوجل بذلك ذنوبه ، ولو كانت كعدد النجوم. (راجع عيون أخبار الرضا ج 6 ص 22 باب 30 الرقم 50 في حديث).

وفي مجمع البيان تفسير الطبرسي: ( وأن تستقسموا بالازلام ) موضعه رفع ، أي وحرم عليكم الاستقسام بالازلام ومعناه طلب قسم الارزاق بالقداح التي كانوا يتفألون بها في أسفارهم وابتداء امورهم وهي سهام كانت للجاهلية مكتوب على بعضها : أمرني ربي ، وعلى بعضها : نهاني ربي وبعضها غفل لم يكتب عليها شئ فاذا أرادوا سفرا أو أمرا يهتمون به ضربوا تلك القداح فان خرج السهم الذي عليه : ( أمرني ربي ) مضى الرجل لحاجته ، وإن خرج الذي عليه ( نهانى ربي ) لم يمض ، وإن خرج ماليس عليه شئ أعادوها ، فبين الله تعالى أن العمل بذلك حرام عن الحسن وجماعة من المفسرين ، ثم ذكر ما سيأتي عن علي بن إبراهيم ، ثم قال : وقيل : هي كعاب فارس والروم التي كانوا يتقامرون بها عن مجاهد ، وقيل : الشطرنج عن سفيان بن وكيع

الخصال : عن محمد بن موسى بن المتوكل عن عبدالله بن جعفر الحميري عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن محبوب عن خالد بن جرير عن أبى الربيع الشامي عن أبى عبدالله عليه السلام قال : سئل عن الشطرنج والنرد قال : لا تقربهما ، قلت : فالغناء ؟ قال : لا خير فيه لا تفعلوا ، قلت : فالنبيذ : قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن كل مسكر ، وكل مسكر حرام ، قلت : فالظروف التي تصنع فيها ؟ قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن الدباء والمزفت والحنتم والنقير ، قلت : وما ذاك قال : الدباء القرع ، والمزفت الدنان ، والحنتم جرار الاردن ، والنقير خشبة كان أهل الجاهلية ينقرونها حتى يصير لها أجواف ينبذون فيها ، وقيل : إن الحنتم الجرار الخضر

الخصال : ابن الوليد ، عن أحمد بن إدريس ، عن الاشعري رفعه إلى أمير المؤمنين عليه السلام قال : نهي رسول الله صلى الله عليه وآله أن يسلم على أربعة : على السكران في سكره ، وعلي من يعمل التماثيل ، وعلى من يلعب بالنرد ، وعلى من يلعب بالاربعة عشر ، وأنا أزيدكم الخامسة : أنهاكم أن تسلموا على أصحاب الشطرنج

وفي بحار الأنوار ج64/ ص135: قوله : " حنفاء لله " إشارة إلى قوله سبحانه في سورة الحج : " فاجتنبوا الرجس من الاوثان واجتنبوا قول الزور حنفاء لله غير مشركين به " أي اجتنبوا الرجس الذي هو الاوثان ، كما يجتنب الانجاس وكل افتراء وعن الصادق عليه السلام الرجس من الاوثان : الشطرنج ، وقول الزور : الغناء

وفي بحار الأنوار ج73/ باب 67 : جوامع مناهي النبي: الأمالي للصدوق : عن حمزة بن محمد العلوي ، عن عبدالعزيز بن محمد بن عيسى الابهري عن محمد بن زكريا الجوهري الغلابي عن شعيب بن واقد عن الحسين بن زيد عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن أمير المؤمنين عليه السلام قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن....إلخ.... ونهى عن اللعب بالنرد والشطرنج والكوبة والعرطبة وهي الطنبور والعود يعنى الطبل ونهى عن الغيبة والاستماع إليها ونهى عن النمية والاستماع إليها وقال : لا يدخل الجنة قتات يعني نماما ، ونهى عن إجابة الفاسقين إلى طعامهم ونهى عن اليمين الكاذبة وقال إنها تترك الديار بلاقع وقال : من حلف بيمين كاذبة صبرا ليقطع بها مال أمرء مسلم لقي الله عزوجل وهو عليه غضبان إلا أن يتوب ويرجع ونهى عن الجلوس على مائدة يشرب عليها الخمر ونهى أن يدخل الرجل حليلته إلى الحمام وقال : لا يدخلن أحدكم الحمام الابمئزر ونهى عن المحادثة التي تدعو إلى غير الله ونهى عن تصفيق الوجه ونهى عن الشرب في آنية الذهب والفضة ونهى عن لبس الحرير والديباج والقز للرجال ، فأما للنساء فلا بأس ونهى أن يباع الثمار حتى يزهو يعنى يصفر أو يحمر ، ونهى عن المحاقلة يعني بيع التمر بالرطب ، والعنب بالزبيب ، وما أشبه ذلك ، ونهى عن بيع النرد والشطرنج وقال : من فعل ذلك فهو كآكل لحم الخنزير....

كتاب زيد النرسى : عن أبي عبدالله عليه السلام قال : سأله بعض أصحابنا عن طلب الصيد وقال له : إني رجل ألهوبطلب الصيد وضرب الصوالج وألهو بلعب الشطرنج قال : فقال أبوعبدالله عليه السلام : أما الصيد فانه مبتغى باطل وإنما أحل الله الصيد لمن اضطر إلى الصيد فليس المضطر إلى طلبه سعيه فيه باطلا ويجب عليه التقصير في الصلاة والصيام جميعا إذا كان مضطرا إلى أكله وإن كان ممن يطلبه للتجارة وليست له حرفة إلا من طلب الصيد فان سعيه حق وعليه التمام في الصلاة والصيام لان ذلك تجارته فهو بمنزلة صاحب الدور الذي يدور الاسواق في طلب التجارة أو كالمكاري والملاح ومن طلبه لاهيا وأشرا وبطرا فان سعيه ذلك سعي باطل وسفر باطل وعليه التمام في الصلاة والصيام وإن المؤمن لفي شغل عن ذلك شغله طلب الآخرة عن الملاهي وأما الشطرنج فهي الذي قال الله عزوجل : " اجتنبوا الرجس من الاوثان واجتنبوا قول الزور " فقول الزور الغنا وإن المؤمن عن جميع ذلك لفي شغل ماله والملاهي ؟ فان الملاهي تورث قساوة القلب وتورث النفاق وأما ضربك بالصوالج فان الشيطان معك يركض والملائكة تنفر عنك وإن أصابك شئ لم توجر ومن عثربه دابته فمات دخل النار.
تفسير القمي: فأما الميسر فالنرد والشطرنج ، وكل قمار ميسر ، وأما الانصاب فالاوثان التي كان يعبدها المشركون ، وأما الازلام فالقداح التي كانتن هذا هو الاستقسام بالازلام ، وأما الميسر والقمار ، فلا يكون الا باللعب أى لعب كان ، فان القمار مصدر باب المفاعلة ولا يتحقق الا بين اثنين يلعبان بالنرد أو الشطرنج أو الكعاب وغير ذلك حتى الخاتم والجوز ، ومثل ذلك لفظ الميسر ، قال في المجمع : الميسر القمار ، اشتق من اليسر وهو وجوب الشئ لصاحبه من قولك يسر لى هذا الشئ ييسر يسرا وميسرا : اذا وجب لك ، والياسر ، الواجب بقداح وجب لك أو غيره

ومن الايات التى فسر بالنهى عن الشطرنج قوله تعالى في سورة الحج : 30 : " فاجتنبوا الرجس من الاوثان واجتنبوا قول الزور " قال الطبرسى [مجمع البيان]: " فاجتنبوا الرجس من الاوثان " من هنا للتبين ، والتقدير فاجتنبوا الرجس الذى هو الاوثان ، وروى أصحابنا أن اللعب بالشطرنج والنرد وسائر أنواع القمار من ذلك ، وقيل انهم كانوا يلطخون الاوثان بدماء قرابينهم ذلك حبسا .

وفي كتاب ثواب الأعمال: عن أبيه ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن الاهوازي ، عن ابن أبي عمير ، عن محمد بن الحكم أخي هشام ، عن عمر بن يزيد ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إن لله في كل ليلة من شهر رمضان عتقاء من النار إلا من أفطر على مسكر ، أو مشاحنا أو صاحب شاهَيِنِ. قال : قلت : وأي شئ صاحب الشاهين ؟ قال : الشطرنج.

معاني الأخبار : عن المظفر العلوى ، عن ابن العياشي ، عن أبيه ، عن الحسين بن إشكيب ، عن محمد بن السري ، عن الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير ، عن البطائني ، عن عبدالاعلى قال : سألت جعفر بن محمد عليه السلام عن قول الله عز وجل " فاجتنبوا الرجس من الاوثان واجتنبوا قول الزور " قال : الرجس من الاوثان الشطرنج ، وقول الزور الغناء .

فقه الرضا: نروي أنه من أبقى في بيته طنبورا أو عودا أو شيئا من الملاهي من المعزفة والشطرنج وأشباهه أربعين يوما فقد باء بغضب من الله ، فان مات في أربعين مات فاجرا فاسقا ومأواه النار وبئس المصير.

[فقه الرضا عليه السلام] اجتنبوا شم المسك والكافور و الزعفران و لا تقرب من الأنف و اجتنب المس و القبلة و النظر فإنها سهم من سهام إبليس و احذر السواك الرطب و إدخال الماء في فيك للتلذذ في غير وضوء فإندخل منه شي‏ء في حلقك فقد فطرك و عليك القضاء اجتنبوا الغيبة غيبة المؤمن و احذرالنميمة فإنهما يفطران الصائم و لا غيبة للفاجر و شارب الخمر و اللاعب بالشطرنج والقمار..إلخ

مشكاة الأنوار : 198 عن الباقر عليه السلام قال : لا تسلموا على اليهود والنصارى ولا على المجوس ولا على عبدة الاوثان ، ولا على موائد شراب الخمر ، ولا على صاحب الشطرنج والنرد ، ولا على المخنث ولا على الشاعر الذي يقذف المحصنات ، و لا على المصلي وذلك أن المصلي لا يستطيع أن يرد السلام ، لان التسليم من المسلم تطوع ، والرد عليه فريضة ، ولا على آكل الربا ، ولا على رجل جالس على غائط

مجالس الشيخ،أخبرنا الحسين بن عبيد الله عن أحمد بن محمد بن يحيى عن أبيه عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن ابن أبي عمير عن محمد بن الحكم أخي هشام عن عمر بن يزيدعن أبي عبد الله( ع ) قال إن لله في كل ليلة من شهر رمضان عتقاء من النار إلا من أفطر على مسكر أو مشاحن أو صاحب شاهين قال قلت و أي شي‏ء صاحب شاهَيْنِ قال الشطرنج .

صيام الاثنين والخميس من كل أسبوع في الإسلام

جاء في مسند أحمد:

(24508) 25013- حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ ، قَالَ حَدَّثَنَا الأَشْجَعِيُّ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ ثَوْرٍ ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، أَنَّهَا سُئِلَتْ عَنْ صَوْمِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَتْ : كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ ، وَيَتَحَرَّى الاِثْنَيْنِ وَالْخَمِيسَ. (6/80)

حديث صحيح ، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه ، خالد بن معدان لم يلق عائشة فيما قال أبو زرعة الرازي ، ونقله عنه ابن أبي حاتم في "المراسيل" ص53. بينهما ربيعة بن الغاز الجرشي كما سيرد في التخريج ، وهو الصحيح فيما ذكر المزي في "تهذيبه" (ترجمة خالد بن معدان) . وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين غير ثور ، وهو ابن يزيد الرَّحبي ، فمن رجال البخاري . الأشجعي : هو عبيد الله بن عبيد الرحمن ، وسفيان : هو الثوري .
وأخرجه إسحاق (1665) (مختصراً) - ومن طريقه النسائي في "المجتبى" 4 / 203 - وأبو نعيم في "الحلية" 7 / 123 من طريقين عن سفيان ، بهذا الإسناد .
وأخرجه الترمذي في "جامعه" (745) ، وفي "الشمائل" (297) ، والنَّسائي في "المجتبى" 4 / 153 و202 -203 ، وأبو يعلى (4751) من طريق عبد الله ابن داود ، وابن ماجه (1649) و (1739) وابن حبان (3643) ، والطبراني في "الأوسط" (3178) من طريق يحيى بن حمزة ، كلاهما عن ثور ، عن خالد بن معدان ، عن ربيعة بن الغاز الجرشي ، عن عائشة ، به . وقال الترمذي : حديث عائشة حديث حسن غريب من هذا الوجه .
وأخرجه النسائي في "المجتبى" 4 / 151 و203 من طريق أبي داود الحفري ، عن سفيان ، عن منصور ، عن خالد بن سعد ، عن عائشة .
قال أبو حاتم - فيما نقله ابنه في "العلل" 1 / 242 - : هذا خطأ ، ليس هذا من حديث منصور، إنما هو الثوري ، عن ثور ، عن خالد بن معدان ، عن ربيعة ابن الغاز ، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، كذا رواه الثوري ويحيى وجماعة عن ثور.
وسيرد بالأرقام (24509) و (24584) و (24748) . وانظر (24116) .

(24509) 25014- قَالَ عَبْد اللهِ بْنُ أَحْمَدَ : وَجَدْتُ هَذَا الْحَدِيثَ فِي كِتَابِ أَبِي بِخَطِّ يَدِهِ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ أَبُو سُفْيَانَ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، كَانَ يَتَحَرَّى صَوْمَ شَعْبَانَ ، وَصَوْمَ الاِثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ. (6/80)

(21753) 22096- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ ، حَدَّثَنَا ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ أَبُو غُصْنٍ ، حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيُّ ، حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ ، قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ الأَيَّامَ يَسْرُدُ حَتَّى يُقَالَ : لاَ يُفْطِرُ ، وَيُفْطِرُ الأَيَّامَ حَتَّى لاَ يَكَادَ أَنْ يَصُومَ إِلاَّ يَوْمَيْنِ مِنَ الْجُمُعَةِ ، إِنْ كَانَ فِي صِيَامِهِ ، وَإِلاَّ صَامَهُمَا ، وَلَمْ يَكُنْ يَصُومُ مِنْ شَهْرٍ مِنَ الشُّهُورِ مَا يَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنَّكَ تَصُومُ لاَ تَكَادُ أَنْ تُفْطِرَ ، وَتُفْطِرَ حَتَّى لاَ تَكَادَ أَنْ تَصُومَ إِلاَّ يَوْمَيْنِ إِنْ دَخَلاَ فِي صِيَامِكَ وَإِلاَّ صُمْتَهُمَا قَالَ : أَيُّ يَوْمَيْنِ ؟ قَالَ : قُلْتُ : يَوْمُ الاِثْنَيْنِ، وَيَوْمُ الْخَمِيسِ . قَالَ : ذَانِكَ يَوْمَانِ تُعْرَضُ فِيهِمَا الأَعْمَالُ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ ، وَأُحِبُّ أَنْ يُعْرَضَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ ، قَالَ : قُلْتُ : وَلَمْ أَرَكَ تَصُومُ مِنْ شَهْرٍ مِنَ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ قَالَ : ذَاكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ. (5/201)

إسناده حسن، ثابت بن قيس أبو غصن صدوق حسن الحديث، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين . أبو سعيد المقبري: اسمه كَيْسان .
وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" 9/18، والضياء في "المختارة" (1356) من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه، بهذا الإسناد .
وأخرجه البزار في "مسنده" (2617) ، والنسائي 4/201، وابن عدي في "الكامل" 2/915 من طريق عبد الرحمن بن مهدي، به . واقتصر ابن عدي على قصة صوم شعبان وفضله .
وأخرجه عبد الرزاق (7917) ، وابن أبي شيبة 3/103، وعثمان بن سعيد الدارمي في "الرد على الجهمية" ص 29، وأبو القاسم البغوي في "مسند أسامة" (48) و (49) ، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (771) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (3821) ، والضياء في "المختارة" (1319) و (1320) و (1358) من طرق عن ثابت بن قيس، به . وجاءت رواية الحديث عند البغوي في الموضع الثاني على الشك، فقال: عن أسامة أو عن أبي هريرة .
وزاد عبد الرزاق وابن أبي شيبة والبغوي في الموضع الأول وأبو نعيم والبيهقي والضياء في الموضع الأول والثاني: أبا هريرة بين أبي سعيد وأسامة، ولعل أبا سعيد سمعه منهما جميعاً، فالطريقان محفوظان، والله أعلم . واقتصر ابن أبي شيبة وعثمان الدارمي والبغوي في الموضع الثاني والضياء في الموضعين الأول والثاني على قصة صيام شعبان وفضله، واقتصر عبد الرزاق وأبو نعيم والضياء في الموضع الثالث على قصة صيام يومي الاثنين والخميس وفضلهما .
وسيأتي مختصراً عن زيد بن الحباب عن ثابت بن قيس برقم (21791) ، بلفظ: أن رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصوم الاثنين والخميس . وللشطر الأول انظر ما سلف برقم (21744) .
وفي باب صيام النبيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لشعبان ويومي الاثنين والخميس عن عائشة سيأتي 6/80، وإسناده صحيح .

(26460) 26992- حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادٌ ، يَعْنِي ابْنَ سَلَمَةَ ، عَنْ عَاصِمِ ابْنِ بَهْدَلَةَ ، عَنْ سَوَاءٍ الْخُزَاعِيِّ ، عَنْ حَفْصَةَ ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَصُومُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ : يَوْمَ الاِثْنَيْنِ ، وَيَوْمَ الْخَمِيسِ ، وَيَوْمَ الاِثْنَيْنِ مِنَ الْجُمُعَةِ الأُخْرَى. (6/287)

(26463) 26995- حَدَّثَنَا رَوْحٌ ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ ، عَنْ سَوَاءٍ الْخُزَاعِيِّ ، عَنِ حَفْصَةَ ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، كَانَ يَصُومُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ : الاِثْنَيْنِ ، وَالْخَمِيسَ ، وَالاِثْنَيْنِ مِنَ الْجُمُعَةِ الأُخْرَى.

(26464) 26996- حَدَّثَنَا عَفَّانُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ بَهْدَلَةَ ، عَنْ سَوَاءٍ الْخُزَاعِيِّ ، عَنْ حَفْصَةَ ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ ، اضْطَجَعَ عَلَى يَدِهِ الْيُمْنَى ، ثُمَّ قَالَ : رَبِّ قِنِي عَذَابَكَ يَوْمَ تَبْعَثُ عِبَادَكَ ثَلاَثَ مِرَارٍ ، وَكَانَ يَجْعَلُ يَمِينَهُ لأَكْلِهِ وَشُرْبِهِ ، وَوُضُوئِهِ وَثِيَابِهِ ، وَأَخْذِهِ وَعَطَائِهِ ، وَكان يَجْعَلُ شِمَالَهُ لِمَا سِوَى ذَلِكَ ، وَكَانَ يَصُومُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ : الاِثْنَيْنِ ، وَالْخَمِيسَ ، وَالاِثْنَيْنِ مِنَ الْجُمُعَةِ الأُخْرَى.

(26461) 26993- حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ ، عَنْ زَائِدَةَ ، عَنْ عَاصِمٍ ، عَنِ الْمُسَيَّبِ ، عَنْ حَفْصَةَ ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ : كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ ، وَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى تَحْتَ خَدِّهِ الأَيْمَنِ ، وَكَانَتْ يَمِينُهُ لِطَعَامِهِ وَطُهُورِهِ ، وَصَلاَتِهِ وَثِيَابِهِ ، وَكَانَتْ شِمَالُهُ لِمَا سِوَى ذَلِكَ ، وَكَانَ يَصُومُ الاِثْنَيْنِ وَالْخَمِيسَ.

أحاديث حفصة في الباب ضعيفة الإسناد، راجع تحقيقها وتخريجها في طبعة الرسالة لمسند أحمد- لؤي عشري

6880- حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ، قَالَ : دَخَلْتُ عَلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ دَارَهُ ، فَسَأَلَنِي ، وَهُوَ يَظُنُّ أَنِّي مِنْ بَنِي أُمِّ كُلْثُومٍ ابْنَةِ عُقْبَةَ ، فَقُلْتُ لَهُ : إِنَّمَا أَنَا لِلْكَلْبِيَّةِ ابْنَةِ الأَصْبَغِ ، وَقَدْ جِئْتُكَ لأَسْأَلَكَ عَمَّا كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهِدَ إِلَيْكَ ، أَوْ قَالَ لَكَ ؟ قَالَ : كُنْتُ أَقُولُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لأَقْرَأَنَّ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ، وَلأَصُومَنَّ الدَّهْرَ ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِّي ، فَجَاءَنِي ، فَدَخَلَ عَلَيَّ بَيْتِي ، فَقَالَ : أَلَمْ يَبْلُغْنِي يَا عَبْدَ اللهِ أَنَّكَ تَقُولُ : لأَصُومَنَّ الدَّهْرَ ، وَلأَقْرَأَنَّ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ؟ قَالَ : قُلْتُ : بَلَى ، قد قُلْتُ ذَاكَ يَا نَبِيَّ اللهِ ، قَالَ : فَلاَ تَفْعَلْ ، صُمْ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ ، قَالَ : فَقُلْتُ : إِنِّي أَقْوَى عَلَى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ ، قَالَ : فَصُمِ الاِثْنَيْنِ وَالْخَمِيسَ ، قَالَ : فَقُلْتُ : إِنِّي أَقْوَى عَلَى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ يَا نَبِيَّ اللهِ ، قَالَ : فَصُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمًا ، فَإِنَّهُ أَعْدَلُ الصِّيَامِ عِنْدَ اللهِ ، وَهُوَ صِيَامُ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ ، وَكَانَ لاَ يُخْلِفُ إِذَا وَعَدَ ، وَلاَ يَفِرُّ إِذَا لاَقَى ، وَاقْرَأِ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةً ، قَالَ : قُلْتُ : إِنِّي لأَقْوَى عَلَى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ يَا نَبِيَّ اللهِ ، قَالَ : فَاقْرَأْهُ فِي كُلِّ نِصْفِ شَهْرٍ مَرَّةً ، قَالَ : قُلْتُ : إِنِّي أَقْوَى عَلَى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ يَا نَبِيَّ اللهِ ، قَالَ : فَاقْرَأْهُ فِي كُلِّ سَبْعٍ لاَ تَزِيدَنَّ عَلَى ذَلِكَ ، ثُمَّ انْصَرَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

صحيح لغيره، محمد بن إسحاق -وإن عنعن- توبع، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين. محمد بن عبيد: هو الطنافسي، ومحمد بن إبراهيم: هو ابن الحارث التيمي.
وأخرجه بطوله النسائي في "المجتبى" 4/212، و"الكبرى" (2701) من طريق محمد بن سلمة، عن ابن إسحاق، بهذا الإسناد.
وقسم القراءة أخرجه أبو داود (1388) من طريق يحيى بن أبي كثير، عن محمد بن إبراهيم، به.
وأخرجه البخاري (5054) ، ومسلم (1159) (184) ، والبيهقي في "السنن" 2/396 من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن، به.
وقسم الصيام أخرجه أبو نُعيم في "الحلية" 1/284 من طريق يزيد بن الهاد، عن محمد بن إبراهيم، به.
وأورده بطوله الهيثمي في "المجمع" 4/167، وقال: هو في "الصحيح"، خلا قوله: "وكان لا يُخلف إذا وعد"، رواه أحمد، وفيه محمد بن إسحاق، وهو ثقة، ولكنه مدلس، وبقية رجاله رجال الصحيح.
وسلف برقم (6867) ، وسيأتي برقم (6878) و (6880) .
وهو قطعة من الحديث (6477) . وانظر (6873) و (6874) و (6877) .

(21781) 22124- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ ، يَعْنِي الدَّسْتُوَائِيَّ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ ثَوْبَانَ ، أَنَّ مَوْلَى قُدَامَةَ بْنِ مَظْعُونٍ حَدَّثَهُ أَنَّ مَوْلَى أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ ، حَدَّثَهُ أَنَّ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ ، كَانَ يَخْرُجُ فِي مَالٍ لَهُ بِوَادِي الْقُرَى فَيَصُومُ الاِثْنَيْنِ وَالْخَمِيسَ ، فَقُلْتُ لَهُ : لِمَ تَصُومُ فِي السَّفَرِ وَقَدْ كَبِرْتَ وَرَقَقْتَ ؟ فَقَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَصُومُ الاِثْنَيْنِ وَالْخَمِيسَ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، لِمَ تَصُومُ الاِثْنَيْنِ وَالْخَمِيسَ ؟ قَالَ : إِنَّ الأَعْمَالَ تُعْرَضُ يَوْمَ الاِثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ. (5/204)

إسناده ضعيف لجهالة مولى قدامة، وجهالة مولى أُسامة، والمرفوع منه صحيح بطرقه وشواهده كما سلف بيانه برقم (21744) . إسماعيل: هو ابن إبراهيم بن مقسم المعروف بابن عليَّة .
وأخرجه الطيالسي (632) ، وابن سعد 4/71، وابن أبي شيبة 3/42-43، والدارمي (1757) ، والنسائي في "الكبرى" (2781) و (2782) ، والبيهقي في "السنن" 4/293، وفي "فضائل الأوقات" (291) من طرق عن هشام الدستوائي، بهذا الإسناد
(21744) 22087- حَدَّثَنَا عَفَّانُ ، حَدَّثَنَا أَبَانُ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ ، حَدَّثَنِي عَمْرُ بْنُ الْحَكَمِ ، عَنْ مَوْلَى قُدَامَةَ بْنِ مَظْعُونٍ ، عَنْ مَوْلَى أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ ، أَنَّهُ انْطَلَقَ مَعَ أُسَامَةَ إِلَى وَادِي الْقُرَى يَطْلُبُ مَالاً لَهُ ، وَكَانَ يَصُومُ يَوْمَ الاِثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ ، فَقَالَ لَهُ مَوْلاَهُ : لِمَ تَصُومُ يَوْمَ الإِثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ ، وَأَنْتَ شَيْخٌ كَبِيرٌ قَدْ رَقَقْتَ ؟ قَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَصُومُ يَوْمَ الاِثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ ، فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ ، فَقَالَ : إِنَّ أَعْمَالَ النَّاسِ تُعْرَضُ يَوْمَ الاِثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ

إسناده ضعيف لجهالة مولى قدامة، وجهالة مولى أُسامة، والمرفوع منه صحيح بطرقه وشواهده . أبان: هو ابن يزيد العطَّار، وعمر بن أبي الحكم، ويقال: عمر بن الحكم: هو ابن ثوبان أبو حفص المدني .
وسيأتي بنحوه من غير هذا الطريق برقم (21753) ، وسنده حسن .
وأخرجه أبو داود (2436) عن موسى بن إسماعيل، عن أبان بن يزيد العطار، بهذا الإسناد .
وسيأتي مع طريق مولى أسامة برقم (21781) و (21816) ، والمرفوع منه سيأتي ضمن حديث آخر من طريق أبي سعيد المقبري برقم (21753) و (21791) ، كلاهما عن أسامة .
وأخرجه النسائي في "الكبرى" (2783) من طريق معاوية بن سلام بن أبي سلام، عن يحيى بن أبي كثير، عن مولى قدامة بن مظعون، به . ولم يذكر عمرَ بن الحكم بن ثوبان الواسطة بين يحيى بن أبي كثير، ومولى قدامة .
وأخرجه كذلك (2785) من طريق الوليد بن مسلم، عن أبي عمرو الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن مولى لأسامة، عن أسامة . بإسقاط عمر ابن الحكم ومولى قدامة بن مظعون، والوليد بن مسلم مدلس تدليس تسوية، ولعل هذا من فعله .
وأخرجه الطبراني في "الكبير" (409) من طريق موسى بن عُبيدة، عن عمر ابن الحكم، عن أُسامة بن زيد . وإسناده ضعيف لضعف موسى بن عبيدة .
وأخرجه ابن خزيمة (2119) من طريق عمر بن محمد، عن شرحبيل بن سعد، عن أسامة بن زيد . وإسناده ضعيف .
ويشهد للمرفوع منه حديث أبي هريرة سلف برقم (7639) و (8361) ، وهو في "الصحيح" .
وحديث عائشة، سيأتي 6/89، وحديث حفصة عند النسائي 4/203-204.

(9199) 9188- حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ ، قَالَ : قُرِئَ عَلَى مَالِكٍ ، عَنْ سُهَيْلٌ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : إِنَّ أَبْوَابَ الْجَنَّةِ تُفْتَحُ يَوْمَ الاِثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ ، فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لاَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا ، إِلاَّ رَجُلٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ ، فَيُقَالُ : أَنْظِرُوهُمَا حَتَّى يَصْطَلِحَا مَرَّتَيْنِ.

إسناده صحيح على شرط مسلم. وهو في "موطأ مالك" 2/908، ومن طريقه أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (411) ، ومسلم (2565) (35) ، وابن حبان (5666) و (5668) ، والبيهقي في "الشعب" (6626) ، وفي "الآداب" (281) ، والبغوي (3523) .

7639 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فِي كُلِّ اثْنَيْنِ وَخَمِيسٍ - قَالَ مَعْمَرٌ: وَقَالَ غَيْرُ سُهَيْلٍ - وَتُعْرَضُ الْأَعْمَالُ فِي كُلِّ اثْنَيْنِ وَخَمِيسٍ، فَيَغْفِرُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لِكُلِّ عَبْدٍ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، إِلَّا الْمُتَشَاحِنَيْنِ ، يَقُولُ اللهُ لِلْمَلَائِكَةِ: ذَرُوهُمَا حَتَّى يَصْطَلِحَا "

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين سوى سهيل بن أبي صالح، فمن رجال مسلم، وأخرج له البخاريُ مقروناً وتعليقاً.
وهو في "مصنف عبد الرزاق" (7914) و (20226) ، ومن طريقه أخرجه أبو يعلى (6684) ، وابن حبان (3644) .
وأخرجه مسلم (2565) ، وأبو داود (4916) ، والترمذي (2023) ، وأبو القاسم البغوي في "الجعديات" (3061) ، وابن حبان (5661) و (5663) ، والبيهقي في "السنن" 3/346، وفي "الشعب" (3861) ، وفي "فضائل الأوقات" (292) ، والخطيب في "تاريخ بغداد" 14/314 و364 من طرق عن سهيل بن أبي صالح، بهذا الإسناد.
وأخرجه مالك في "الموطأ" 2/909، وعبد الرزاق (7915) ، والحميدي (975) ، ومسلم (2565) (36) ، وابن خزيمة (2120) ، وابن حبان (5667) ، والبيهقي في "الشعب" (3860) و (6627) من طريق مسلم بن أبي مريم، عن أبي صالح، به. والحديث في "الموطأ" موقوف على أبي هريرة.
وأخرجه أبو محمد البغوي في "شرح السنة" (3524) من طريق أبي غسان محمد بن مطرف، عن داود بن فراهيج، عن أبي هريرة.
وسيأتي برقم (8361) و (9053) و (9199) و (10006) .

(10006) 10007- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ سُهَيْلٍ ، عَنِ أَبِيهِ ، عَنِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : تُفْتَحُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ يَوْمَ الْاثْنَيْنِ ، وَيَوْمَ الْخَمِيسِ ، فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لاَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا ، إِلاَّ رَجُلاً كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ ، فَيَقُولُ : أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا.

وروى مسلم في صحيحه:

[ 1159 ] حدثني أبو الطاهر قال سمعت عبد الله بن وهب يحدث عن يونس عن بن شهاب ح وحدثني حرملة بن يحيى أخبرنا بن وهب أخبرني يونس عن بن شهاب أخبرني سعيد بن المسيب وأبو سلمة بن عبد الرحمن أن عبد الله بن عمرو بن العاص قال أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يقول لأقومن الليل ولأصومن النهار ما عشت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنت الذي تقول ذلك فقلت له قد قلته يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنك لا تستطيع ذلك فصم وأفطر ونم وقم وصم من الشهر ثلاثة أيام فإن الحسنة بعشر أمثالها وذلك مثل صيام الدهر قال قلت فإني أطيق أفضل من ذلك قال صم يوما وأفطر يومين قال قلت فإني أطيق أفضل من ذلك يا رسول الله قال صم يوما وأفطر يوما وذلك صيام داود عليه السلام وهو أعدل الصيام قال قلت فإني أطيق أفضل من ذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا أفضل من ذلك قال عبد الله بن عمرو رضى الله تعالى عنهما لأن أكون قبلت الثلاثة الأيام التي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلي من أهلي ومالي

[ 2565 ] حدثنا قتيبة بن سعيد عن مالك بن أنس فيما قرئ عليه عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تفتح أبواب الجنة يوم الإثنين ويوم الخميس فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئا إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقال انظروا هذين حتى يصطلحا انظروا هذين حتى يصطلحا انظروا هذين حتى يصطلحا

على الأرجح أخذ محمد هذا من التقليد اليهودي، يقول العلامة الملحد السوري نبيل فيَّاض، في مقال له بعنوان (الأعراف الدينية اليهودية) :

صوم الحاخاميم يتضمّن الأيام التالية: الأيام العشرة بين رأس السنة ويوم كيبور؛ اليوم السابق على الفصح بذكرى تكريس أبكار اليهود الذين نجوا خلال الوباء العاشر في مصر؛ 7 آدار، ذكرى موت موسى؛ يوم كيبور الصغير، وهو آخر من كلّ شهر؛ أوّل إثنين وخميس من كلّ شهر، والإثنين الذي يعقب الفصح والسوكوت؛ أسابيع النحيب الثلاثة بين 17 و 9 آب؛ وثمانية أيام خميس من أشهر الشتاء في السنة الكبيسة.

في حين ذكرت أنا بباب المصادر الوثنية، في موسوعتي (القبر المحفور للإسلام) مصدرًا عربيًّأ وثنيًّا محتملًا أيضًا:

قارن مع ما ذكره محمد بن سعد في (الطبقات الكبير) ج1/ ذكر حضور رسول الله هدم قريش الكعبة وبناءها:

قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْهُذَلِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيْتُ قُرَيْشًا يَفْتَحُونَ الْبَيْتَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَوْمَ الاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ. فَكَانَ حُجَّابُهُ يَجْلِسُونَ عَلَى بَابِهِ. فَيَرْقَى الرَّجُلُ فَإِذَا كَانُوا لا يُرِيدُونَ دُخُولَهُ دُفِعَ فَطُرِحَ. فَرُبَّمَا عَطِبَ. وَكَانُوا لا يَدْخُلُونَ الْكَعْبَةَ بِحِذَاءٍ يُعَظِّمُونَ ذَلِكَ. يَضَعُونَ نِعَالَهُمْ تَحْتَ الدَّرَجِ.

وجاء في زاد المعاد:

وذكر ابن سعد فى "الطبقات" عن عثمان بن طلحة، قال: كنا نفتحُ الكعبةَ فى الجاهلية يومَ الاثنين، والخميس، فأقبلَ رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوماً يُريد أن يدخُلَ الكعبة مع الناس، فأغلظتُ له، ونِلتُ منه، فحلمَ عنِى، ثم قال: "يا عثمانُ؛ لعلَّك سترى هذا المِفتاح يوماً بيدى أضعهُ حيث شِئْتُ"، فقلتُ: لقد هلكت قريشٌ يومئذ وذلَّت، فقال: "بل عَمَرَتْ وعزَّتْ يومئذ"، ودخل الكعبة، فوقعت كلمتُه منى موقِعاً ظننتُ يومئذ أن الأمرَ سيصيرُ إلى ما قال، فلما كان يومُ الفتح، قال: يا عثمان؛ ائتنى بالمفتاح، فأتيتُه به، فأخذه منِّى، ثم دفعه إلىَّ وقال: "خُذُوها خَالِدَةً تَالِدَةً لا يَنْزِعُها مِنْكُم إلاَّ ظَالِمٌ، يا عُثمانُ؛ إنَّ اللهَ اسْتَأْمَنَكُم عَلَى بَيْتهِ، فَكُلُوا مِمَّا يَصِلُ إلَيْكُم مِنْ هذا البَيْت بالمَعْرُوف"، قال: فلما ولَّيتُ، نادانى، فرجَعْتُ إليه فقال: "أَلَمْ يَكُنِ الَّذى قُلْتُ لَكَ"؟ قال: فذكرتُ قوله لى بمكة قبل الهجرة: "لعلك سترى هذا المفتاح بيدى أضعه حيث شِئتُ"، فقلتُ: بلَى أَشْهَدُ أنَّكَ رَسُولُ الله.

لكن لم أجد الخبر في الطبقات.

وفي أخبار مكة للأزرقي:

حدثنا أبو الوليد قال: أخبرني محمد بن يحيى عن الواقدي عن عبد الله ابن يزيد عن سعيد بن عمرو الهذلي عن أبيه قال: رأيت قريشاً يفتحون البيت في الجاهلية يوم الاثنين والخميس وكان حجابه يجلسون عند بابه فيرتقي الرجل إذا كانوا لا يريدون دخوله فيدفع ويطرح وربما عطب وكانوا لا يدخلون الكعبة بحذاء يعظمون ذلك ويضعون نعالهم تحت الدرجة. أخبرني محمد بن يحيى عن الواقدي عن أشياخه قالوا: لما فرغت قريش من بناء الكعبة كان أول من خلع الخف والنعل فلم يدخلها بهما الوليد بن المغيرة إعظاماً لها فجرى ذلك سنة.

وفي تاريخ مكة لابن الضياء:
ويروى عَن عُثْمَان بن أبي طَلْحَة أَنه قَالَ: كُنَّا نفتح الْكَعْبَة يَوْم الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيس فجَاء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمًا يُرِيد أَن يدْخل مَعَ النَّاس فتكلمت بِشَيْء فحلم عني ثمَّ قَالَ: " يَا عُثْمَان لَعَلَّك سترى الْمِفْتَاح يَوْمًا سَهْما ضَعْهُ حَيْثُ شِئْت " فَقلت: لقد هَلَكت قُرَيْش يَوْمئِذٍ وذلت. فَقَالَ: " بل عزت ". وَدخل الْكَعْبَة وَوَقعت كَلمته مني موقعاً ظَنَنْت أَن الْأَمر سيصر إِلَى مَا قَالَ. فَأَرَدْت الْإِسْلَام فأخافوني بزبر ديني زبراً شَدِيدا فَلَمَّا دخل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَكَّة عَام الغصبة غير الله قلبِي ودخله الْإِسْلَام، وَلم يقدر لي أَن آتيه حَتَّى رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَة ثمَّ قدر لي الْخُرُوج إِلَيْهِ فأدلجت فَلَقِيت خَالِد بن الْوَلِيد فاصطحبنا فلقينا عَمْرو بن الْعَاصِ فاصطحبنا فقدمنا الْمَدِينَة، فَبَايَعته وأقمت مَعَه حَتَّى خرجت مَعَه فِي غَزْوَة الْفَتْح فَلَمَّا دخل مَكَّة قَالَ: " يَا عُثْمَان ائْتِ بالمفتاح ". فَأَتَيْته بِهِ فَأَخذه مني ثمَّ دَفعه إليّ فَقَالَ: " خذوها يَا بني طَلْحَة خالدة تالدة إِلَى يَوْم الْقِيَامَة لَا يَنْزِعهَا مِنْكُم إِلَّا ظَالِم ". وَفِي ذَلِك أنزل الله: " إِن الله يَأْمُركُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَات إِلَى أَهلهَا ". وَفِي الصَّحِيح، أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " كل مأثرة كَانَت فِي الْجَاهِلِيَّة فَهِيَ تَحت قدمي هَاتين إِلَّا سِقَايَة الْحَاج وسدانة الْبَيْت ".

فصل: ذكر الْوَقْت الَّذِي كَانُوا يفتحون فِيهِ الْكَعْبَة وَأول من خلع النَّعْل عِنْد دُخُولهَا
عَن عَمْرو الْهُذلِيّ قَالَ: رَأَيْت قُريْشًا يفتحون الْبَيْت فِي الْجَاهِلِيَّة يَوْم الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيس، وَكَانَ حجابه يَقْعُدُونَ عِنْد بَابه فيرتقي الرجل إِذا كَانُوا لَا يُرِيدُونَ دُخُوله فَيدْفَع ويطرح وَرُبمَا عطب، وَكَانُوا لَا يدْخلُونَ الْكَعْبَة بحذاء يعظمون ذَلِك ويضعون نعَالهمْ تَحت الدرجَة. وَأول من خلع الْخُف والنعل فَلم يدخلهَا بهما الْوَلِيد بن الْمُغيرَة؛ إعظاماً لَهَا فَجرى ذَلِك سنة.

أما المسيحيون فلديهم صيام الأربعاء والخميس من الأسبوع عند المتدينين والمتنسكين، فجاء في الدسقولية، نشرة مرقص داوود، ص 126 (الباب 18):

...وتقدم إلينا أن نصوم رابع السبوت [يعني يوم الأربعاء] ويوم الجمعة، أما ذلك فلأجل المؤامرة، وأما ذاك فلأجل فرض المخلِّصِ.

وهي في ص 654، من نشرة وليم سليمان قلادة، الباب أو الفصل 29، هكذا:

23- وأعطانا أن نصومَ الرابعَ من السبوتِ، والجمعةَ، فذاك لأجل المؤامرة، وهذه لأجل الألم المخلِّصِ.

وفي ص 160 من نشرة مرقس داوود (آخر الباب 31):

نأمركم أن تصوموا كل يوم أربعاء، وكل يوم جمعة، وما أمكنكم أكثر من هذا فصوموا وأعطُوُا الفقراءَ.

وهي في ترجمة وليم سليمان قلادة، ص 673، من الباب الثلاثين حسب ترقيمه ونسخه:

33- وبعد هذا الأسبوع الذي للصوم، نـأمركم أن تصوموا كل أربعاء، وكل جمعة. 34- والزائد الذي يكون لكم ن طعامكم إذا صمتم، مُرُوا به للمساكين.

وفي القوانين الرسولية ترجمة جورج منصور، ص 441:

69- إذا لم يَصُمْ الأسقفُ أو الكاهنُ أو الشمَّاسُ أو الرسائليُّ أو القارئُ أو المرتِّلُ صيامَ الأربعينَ المقدَّسَ، أو يومي الأربعاءِ والجمعةِ، فلْيُعزَل ما لمْ يكُنْ مريضًا. وإذا كان علمانيًّا فليُفصَلْ.

علمانيًّا: أي من العامة المدنيين، وهكذا معناها في كتب التقاليد المسيحية القديمة، منسوبون للعالَم.

وهذا القانون تجده في سرد ابن العسال للقوانين، في Patrologia Orientalis- Tomus Octavus Recueil de monographies part four، ص 185- 686، الباب التاسع والأربعون، بنحوه.
وجاء في الديداكي (الديداخي) أقدم هذه الأسفار كلها تقريبًا، ص 24 من ترجمة نشرتها مكتبة المنار، طبعة 2000م، مصر، 8/ 1:

لا تقيموا أصوامكم مع المرائين، فإنهم يصومون في اليوم الثاني والخامس من الأسبوع، أما أنتم فصوموا اليوم الرابع ويوم الاستعداد.

وهي في ترجمة البطريرك إلياس الرابع معوض في كتابه (الآباء الرسوليون)، ص 65: يوم الأربعاء ويوم الجمعة.

وفي قوانين البابا أثناسيوس بطريرك الإسكندرية – نشرة الراهب القس أثناسيوس المقاري نقرأ فيها ص 179:

القانون الحادي والثلاثون/ من أجل من يمضي إلى الحمام [العمومي] في الأربعين المقدسة

لا يمضي أحد من الكهنة إلى الحمام في الأربعين يومًا المقدسة، وصومَيْ الأربعاء والجمعة. وإذا وُجِدَ قد مضى بغير مرضٍ أو شدةٍ فليُخْرَجْ.

وفي ص 185، القانون التاسع والأربعون

(2) وكذلك في صومي الأربعاء والجمعة، يجب على الذين في المدينة أن يأتوا إلى البيعة في كل يوم [منهما].

كل شيء حتى الكائنات الغير عاقلة غير ذات الوعي تسبح الله

{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ (18)} الحج

{تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (44)} الإسراء

{الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ (5) وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ (6)} الرحمن

{وَلَقَدْ آَتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ (10)} سبأ

{اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ (17) إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ (18) وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ (19)} ص

{وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (49) يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (50)} النحل

ناقشنا هذه الفكرة في كتاب (أصول أساطير الإسلام من الهاجادة والأبوكريفا اليهودية) ومصادرها اليهودية، ولعلي نقدتها في باب (الخرافات والخزعبلات) من موسوعة القبر المحفور للإسلام، ووجدتُ الفكرة الخرافية مثلًا في كتاب التقليد الرسولي لهيبوليتوس، ترجمة الراهب القس أثناسيوس المقاري- إصدار 2005، ص47 (41 إلكتروني)- النص، و ص 191 (138 إلكتروني)،- النص التحليلي القسم الثالث:

11- فمن الضروري أن يُصلَّى في تلك الساعة، لأن الشيوخ الذين سلَّموا إلينا التقليد، علمونا هكذا، إنه في تلك الساعة، كلُّ خليقةٍ تهدأ لتسبح الرب، النجوم والكواكب تقف، والمياه تقف في تلك اللحظة، كل قوات الملائكة تخدم الله وتسبحه مع نفوس الأبرار.

أعتقد لو كان لي اطلاع أكثر على الأدبيات اليهودية والمسيحية، خاصةً لو لي علم بلغاتها الأصلية العتيقة، لاستخرجنا نفس هذه الفكرة الأسطورية وغيرها من أفكار دينية انتقلت للإسلام بعشرات أو مئات الأمثلة النصية دون مبالغة، لكن المثال الواحد الذي أجده بالصدفة في العربية وأحيانًا فيما أقرأ في بعض الإنجليزية يكفي كمثال ولمحة.

لؤي عشري 10-26-2018 05:47 PM

قصة افتراء امرأة حامل على راهب بدعوى أنه أبو رضيعها (جريج في الإسلام- أفرام ومكاريوس)
 
قصة افتراء امرأة حامل على راهب بدعوى أنه أبو رضيعها (جريج في الإسلام)

روى البخاري:

2482 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ رَجُلٌ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ يُقَالُ لَهُ جُرَيْجٌ يُصَلِّي فَجَاءَتْهُ أُمُّهُ فَدَعَتْهُ فَأَبَى أَنْ يُجِيبَهَا فَقَالَ أُجِيبُهَا أَوْ أُصَلِّي ثُمَّ أَتَتْهُ فَقَالَتْ اللَّهُمَّ لَا تُمِتْهُ حَتَّى تُرِيَهُ وُجُوهَ الْمُومِسَاتِ وَكَانَ جُرَيْجٌ فِي صَوْمَعَتِهِ فَقَالَتْ امْرَأَةٌ لَأَفْتِنَنَّ جُرَيْجًا فَتَعَرَّضَتْ لَهُ فَكَلَّمَتْهُ فَأَبَى فَأَتَتْ رَاعِيًا فَأَمْكَنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا فَوَلَدَتْ غُلَامًا فَقَالَتْ هُوَ مِنْ جُرَيْجٍ فَأَتَوْهُ وَكَسَرُوا صَوْمَعَتَهُ فَأَنْزَلُوهُ وَسَبُّوهُ فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى ثُمَّ أَتَى الْغُلَامَ فَقَالَ مَنْ أَبُوكَ يَا غُلَامُ قَالَ الرَّاعِي قَالُوا نَبْنِي صَوْمَعَتَكَ مِنْ ذَهَبٍ قَالَ لَا إِلَّا مِنْ طِينٍ

3436 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَمْ يَتَكَلَّمْ فِي الْمَهْدِ إِلَّا ثَلَاثَةٌ عِيسَى وَكَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ جُرَيْجٌ كَانَ يُصَلِّي جَاءَتْهُ أُمُّهُ فَدَعَتْهُ فَقَالَ أُجِيبُهَا أَوْ أُصَلِّي فَقَالَتْ اللَّهُمَّ لَا تُمِتْهُ حَتَّى تُرِيَهُ وُجُوهَ الْمُومِسَاتِ وَكَانَ جُرَيْجٌ فِي صَوْمَعَتِهِ فَتَعَرَّضَتْ لَهُ امْرَأَةٌ وَكَلَّمَتْهُ فَأَبَى فَأَتَتْ رَاعِيًا فَأَمْكَنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا فَوَلَدَتْ غُلَامًا فَقَالَتْ مِنْ جُرَيْجٍ فَأَتَوْهُ فَكَسَرُوا صَوْمَعَتَهُ وَأَنْزَلُوهُ وَسَبُّوهُ فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى ثُمَّ أَتَى الْغُلَامَ فَقَالَ مَنْ أَبُوكَ يَا غُلَامُ قَالَ الرَّاعِي قَالُوا نَبْنِي صَوْمَعَتَكَ مِنْ ذَهَبٍ قَالَ لَا إِلَّا مِنْ طِينٍ ....إلخ

والقصة أوردها المجلسي الشيعي الاثناعشري في بحار الأنوار ج 71 /ص 75 و76، في (باب 2: برّ الوالدين والأولاد، وحقوق بعضهم على بعض والمنع من العقوق)

قصص الأنبياء لقطب الدين الرواندي: بالإسناد إلى الصدوق عن أبيه، عن سعد، عن ابن عيسى، عن الوشاء، عن أبي جميلة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان في بني إسرائيل عابد يقال له جريح وكان يتعبد في صومعة فجاءته أمه وهو يصلي فدعته فلم يجبها فانصرفت، ثم أتته ودعته فلم يلتفت إليها فانصرفت ثم أتته ودعته فلم يجبها ولم يكلمها فانصرفت وهي تقول: أسأل إله بني إسرائيل أن يخذلك. فلما كان من الغد جاءت فاجرة وقعدت عند صومعته قد أخذها الطلق فادعت أن الولد من جريح ففشا في بني إسرائيل أن من كان يلوم الناس على الزنا قد زنى وأمر الملك بصلبه، فأقبلت أمه إليه فلطمَتْ وجهَها فقال لها: اسكتي ! إنما هذا لدعوتك. فقال الناس لما سمعوا ذلك منه: وكيف لنا بذلك ؟ قال: هاتوا الصبي فجاؤوا به فأخذه فقال: من أبوك؟ فقال فلان الراعي لبني فلان، فأكذب الله الذين قالوا ما قالوا في جريح فحلف جريح ألا يفارق أمه يخدمها.

النص في الأصل المنقول عنه (قصص الأنبياء) لقطب الدين الراوندي، هكذا:

207- وعن ابن بابويه، عن أبيه، حدّثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي، عن أبي جميلة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان في بني إسرائيل عابد يقال له: جريح وكان يعبد الله في صومعة، فجاءته أمّه وهو يصلّي، فدعته فلم يجبها ولم يكلّمها، فانصرفت وهي تقول: أسأل إله بني إسرائيل أن يخذلك، فلمّا كان من الغد جاءت فاجرة وقعدت عند صومعته قد أخذها الطّلق، فادّعت أنّ الولد من جريح، ففشا في بني إسرائيل أنّ من كان يلوم النّاس على الزّنا زنى، وأمر الملك بصلبه، فأقبلت أمّه إليه تلطم وجهها، فقال لها: اسكتي إنّما هذا لدعوتك، فقال النّاس لمّا سمعوا منه ذلك: وكيف لنا بذلك ؟ قال: هاتوا الصّبيّ، فجاؤوا به فأخذته، فقال: من أبوك ؟ فقال: فلان الرّاعي لبني فلان، فأكذب الله الّذين قالوا ما قالوا في جريح، فحلف جريح أن لا يفارق أمّه يخدمها.

وفي ص 37 و38 في (باب 2: برّ الوالدين والأولاد، وحقوق بعضهم على بعض والمنع من العقوق/ في حكم السفر لطلب العلم، وهل يشترط فيه إذن الوالدين أم لا)، في معرض نقاش فقهي عن بر الوالدين والسفر، لكن في كل نسخ الاسم يرد جريح بدل جريج فهو تصحيف وخطأ تنقيط.

الرابع: هل لهما منعه من الصلاة جماعة ؟ الأقرب أنه ليس لهما منعه مطلقا بل في بعض الاحيان لما يشق عليهما مخالفته كالسعي في ظلمة الليل إلى العشاء والصبح .

الخامس: لهما منعه من الجهاد مع عدم التعيين لما صح أن رجلا قال: يا رسول الله أبايعك على الهجرة والجهاد ؟ فقال: هل من والديك أحد ؟ قال: نعم كلاهما قال: أتبغي الاجر من الله ؟ فقال: نعم، قال: فارجع إلى والديك فأحسن صحبتهما .

السادس: الاقرب أن لهما منعه من فروض الكفاية إذا علم قيام العير أو ظن لانه حينئذ يكون كالجهاد الممنوع منه .
السابع: قال بعض العلماء: لو دعواه في صلاة النافلة قطعها لما صح عن رسول الله صلى الله عليه وآله أن امرأة نادت ابنها وهو في صلاته قالت: يا جريح ! قال: اللهم امي و صلاتي، قالت: يا جريح! فقال: اللهم امي وصلاتي فقالت: لا يموت حتى ينظر في وجوه المومسات...الحديث.

وفي بعض الروايات أنه صلى الله عليه وآله قال: لو كان جريح فقيها لعلم أن إجابة امه أفضل من صلاته، وهذا الحديث يدل على قطع النافلة لاجلها ويدل بطريق أولى على تحريم السفر لان غيبة الوجه فيه أكثر وأعظم وهي كانت تريد منه النظر إليها والاقبال عليها .

هذه القصة يُشَكُّ كثيرًا من وجهة نظري نسبتها لمحمد، ففيها من الحماقات والسخافة قدر غير عادي، كاستجابة الله المزعوم لدعوةٍ بحدوث تجني إنسان على آخر (بناءً على دعوة الأم على ابنها الراهب)، وفكرة تفضيل الصلاة على بر الأم عند الراهب، وقد بحثت طويلًا عما يشبهها بهذه الرواية فلم أجده في سير قديسي ورهبان المسيحية.

لكن لعل لهذا القصة أصل مسيحي قبطي ولكنها تعرضت لتشويش في النقل الإسلامي لها، ويوجد قصتان متشابهان مع هذه الأسطورة الإسلامية، هما أسطورة عن أفرام السرياني، وأخرى عن مقار (مكاريوس) الكبير المصري، ولعل الأقرب والمطابقة للقصة الإسلامية هي أسطورة الشماس أفرام السرياني الملفان (المعلم الأديب) حيث تدَّعي تكلم طفل رضيع، لكن قصة مكاريوس أو مقار هي التي فيها يتعرض الراهب للضرب والعنف في الأول.

قصة أسطورية عن أفرام السرياني وردت في بعض الكتب السريانية عنه
سيرتا أفرام السرياني الطويلة والقصيرة باللغة السريانية من العصور الوسطى- مجهولتا تاريخ الكتابة

نقل الراهب القمص سمعان السرياني، في كتابه سيرة وأقوال مار أفرام السرياني (القديس العظيم) قيثارة الروح، عن مجلة الكرازة سنة 1966 عدد 1، وجاء في كتاب قاموس آباء الكنيسة وقديسيها مع بعض شخصيات كنسية، للقمص تادرس يعقوب الملطي/ مادة: القديس مار أفرام السرياني الملفان، نقلًا عن مطبوعات دير السريان: ميمر الميلاد المجيد 1961م:

احتماله وصبره الكثير : تعرض القديس مار أفرآم لتجارب كثيرة فكان مثال الاحتمال والصبر والوداعة ونورد هنا أهم التجارب التي جاز بها في بلدة نصيبين بإيجاز:

حسده "الشيطان" على نموه الروحي، ومحبة الجميع له. فقد كان خادم الكنيسة الذي يدعى أفرآم أيضًا قد "أفسد عذراوية" بنت أحد رؤساء المدينة، ولقنها أن تقول متى كُشِفَ أمرها أن القديس مار أفرآم هو الذي أخطأ معها.

فلما ظهرت علامات الحمل وكُشف أمرها، وإذ سؤلت عمن ارتكب معها "الشر"، أشارت إلى القديس أفرام، فأسرع والدها إلى مار يعقوب الأسقف فأحضر القديس ووبخه أما هو فلم يدافع عن نفسه، بل قال في تذلل يا أبي اغفر لي.

ولما وضعت الصبية" ثمرة خطيتها"، حمله والدها للأسقف، فأحضر القديس مار أفرآم وقال في تذلل وانسحاق:" أخطأت يا أبي أسأل أن تغفر لي"، وأيضًا كان يبكي ويقول للشعب اطلبوا عني يا إخوتي لكي يغفر لي الرب. فدهش الشعب لهذا كثيرًا وتعثر جدًا، وحدثت بلبلة شديدة. وإذ تسلم أفرام الطفل ليربيه تعب الكثيرون بسببه، وبعد أيام رأى أن الشعب كله قد أُعثر بسببه، فلطب القديس بعد القداس الإلهي القديس إلى الأسقف أن يسمح له بالصعود إلى الأمفون [المنبر، الإنبل] Amvon بالكنيسة، فصرح له، وللحال رفع الأنبا أفرآم الطفل بيمينه إلى المذبح وصرخ بصوت عال وقال للطفل:" أيها الطفل، أناشدك أمام مذبح الله الحي، قل الحق من هو أبوك ؟ " فللحال فتح الطفل فمه وقال: أفرام قندلفت (المكلف بإضاءة قناديل الكنيسة)

فتعجب الأسقف والشعب، وكانوا يبكون ويطلبون أن يغفر لهم، ثم مات الطفل لوقته في تلك الساعة.

ويقول جوزيف إبراهيم في منتديات عنكاوا:

بيد أن هذا المتنسك لم يسلم من مكائد إبليس، فاتهمته إحدى الفتيات بأنها حبلت منه، لكنه لم ينكر واعترف أمام الجميع بذنب لم يقترفه حرصاً وخوفاً على سلامتها...إلخ

وأترجم لكم من (سلسلة آباء ما قبل وما بعد مجمع نيقية – السلسلة2 - ج13)، من ص 271، مواد عن سيرته
Nicene and Post-Nicene Fathers, Series II, Vol. XIII/ Materials for His Biography/ P.271

رغم ذلك فقط أقيمَت ضده تهمةٌ افترائية في شباب رجولته، التي كانت لتدمر سمعته، لولا الشفاعة الغير عادية التي مُنِحَتْ لصَلاتِه. فقد أغوى خادمٌ حافظٌ لغرفةِ المقدَّسات الخاصة بالكنيسة آنسةً من نسلٍ نبيلٍ، اسمه بالمثل أفرايم [أيضًا]. وعندما نتجَ [عن ذلك] حملُها واستبانَتْ "زَلَّتُها"، قامت بناءً على اقتراح عشيقها باتهام أفرام المسيحي التقي بأنه المسؤول عن "عارِها". عرضَ أبوها المسألةَ أمام الأسقف، الذي في حزنِ وذعرٍ كثيرٍ استدعى تلميذَهُ ليجيبَ عن الاتهام. استقبلَ [الاتهامَ] الشابُ في البدءِ باندهاشٍ صامتٍ، لكنه في النهايةِ أجابَ" :نعم. لقد أخطَأْتُ؛ لكني أتوسَّلُ إلى قداستِكَ أنْ تغفرَ لي". حتى بعد هذا الذي يبدو اعترافًا بالذنبِ، كانَ الأسقف غيرَ مقتنعٍ، وصلى بحرارةٍ لكي تُكْشَفَ له الحقيقةً، لكن بلا جدوى. لقد كانت تنتظر في الغيب تبرئةٌ أكثر دلالةً للشابِ المتواضعِ الذي بلا لومٍ. فعندما وُلِدَ ابنُ "العارِ"، وطالبَه أبو الفتاة "الخاطئة" بأن يتولَّى مسؤوليتَه، كرَّر ما يبدو كأنه اعترافه "بالذنب" للأسقف، وتلقَّى الرضيعَ بين ذراعيه، ودخل الكنيسة علنًا حاملًا إياه، وترجَّى تجمعَ المصلِّين بدموعٍ، قائلًا: "تضرَّعوا لي، يا إخواني، أن تُغْفَرَ لي هذه الخطيئةَ". وهكذا بعد تحمله لبضعة أيامٍ عبءَ التوبيخِ [التبكيتِ] الغيرَ مُستَحقٍّ، أدركَ الفضيحةَ الكبيرةَ التي سبَّبَها للشعبِ [لجمهور المسيحيين]، وبدأ يتفكر في أن قبوله الحليم للافتراء [لتشويه السمعة] يتسبب في الضرر. لذلك، في يوم الأحد التالي، بعد [خدمة] منح سر الأفخاريستا، اقترب من الأسقف في الكنيسة في حضور الناس، حاملًا الرضيعَ تحت عباءته [شملتِه]، وحصل على إذن بالدخولِ إلى البيما [منطقة حول المذبح خاصة برجال الدين وجوقة المرتلين، تكون عادةً مغلقة بدرابزين أو حبال] (وليس منبر الوعظ، بل صعدَ إلى المحرابِ حيث ينتصبُ المذبح). وأمام عيون جمعِ المصلين المدهوشين، أخرج الرضيعَ، حاملًا إياه بيده اليمنى، مواجهًا المذبحَ، وصاح بصوتٍ عالٍ: "أيها الطفل، إني أدعوكَ وأستحلفكَ بالله الحي، الذي صنعَ السماواتِ والأرضَ وكلَّ ما فيهما، أنْ تُقِرَّ وتخبرَني بالحق؛ من أبوكَ؟". ففتحَ الرضيعُ فمَهُ وقال: "أفرايم القندلفت [أو حافظ المقدسات، خادم الكنيسة]". وبعد تحدثه هكذا، ماتَ في نفس الساعة. تلقَّى الناس والأسقفُ هذه التبرئةَ الأعجوبيةَ للمتَّهَمِ بالباطلِ بدهشةٍ ودموعٍ، وسقط أبو الأم "الخاطئة" على ركبتيه وبكى طالبًا الغفرانَ؛ وهرَبَ شريكُ "خطيئتِها" الحقيقيُّ ولم يُرَ بعدُ في نصيبين؛ وذُهِل [بُهِتَ] الشيطانُ؛ واسْتُعِيدَ أفرام إلى ما هو أكثرُ من كلِّ التفضيلِ والمودة التي كان قد تمتَّعَ بها من قبلُ. بعد ذلك بفترة ليست طويلة، تلقَّى التلميذُ الشابُّ دليلًا فريدًا على التقدير العالي الذي كان يحمله له الأسقف. فعندما استُدْعِيَ مع الأساقفةِ الآخرين لمجمع نيقية العظيم (325م)، أخذ يعقوب النصيبيني أفرام معه كمرافقه أو كاتبه، وجلبَه إلى المجلس المقدَّس.

ننوه طبعًا لمخالفة القصة وقيمها للتقاليد الإلحادية الغربية الليبرالية فيما يتعلق بالحريات الفردية الجنسية لغير المتزوجين.

قصة مقار (مكاريوس) الكبير في السنسكار من التراث القبطي المصري

من السنكسار القبطي، سير شهداء وبطاركة الكنيسة الأرثوذكسية المصرية، كتاب سير وأساطير متواتر النقل، له أصول قديمة ويستمرون في إضافة سير العصور اللاحقة عليه، أقدم مخطوطة موجودة له من القرن العاشر الميلادي.
تأريخ السنكسار وتاريخه

جاء في مقال لشخص اسمه حكمت حنا عنه، في جريدة الوطن المصرية، الأربعاء 18-02-2015:

جاء قرار البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، بإدراج أسماء 21 قبطيا تعرضوا للذبح، على يد تنظيم "داعش"، الإرهابي، لكتاب السنكسار، والتي تعني: "سير القديسين"، لقتلهم بسبب إيمانهم المسيحي، مطمئنا لقلوب ذويهم، التي انفطرت حزنا على ذبح أبنائهم، ليتأكدوا أنهم أصبحوا شهداء لهم في السماء، التي شاهدت ذبحهم. "السنكسار" كلمة يونانية أصلها "سيناكساريون" وتعني "جامع"، أى جامع السير وأخبار الأنبياء، والرسل، والشهداء، كما يتضمن تذكارات الأعياد، وأيام الصوم، مرتبة حسب أيام السنة، ويُقرأ منه في الصلوات اليومية، وهو يستخدم التقويم القبطي، المكون من 13 شهرا، وهي توت وبابه وهاتور وكيهك، وطوبة، وأمشير، وبرمهات، وبرمودة، وبشنس، وبؤونه وأبيب، ومسرى، ونسئ. وسمى المصريون القدماء شهورهم بأسماء آلهتهم، التي كانوا ييعبدونها قديما، وتلك الأسماء تتفق مع فصول السنة ومواسم الزراعة وحالة الطقس، ويتضمن كتاب السنكسار، جدول بالتغيرات الجوية، ويقرأ السنكسار في الكنائس، أثناء القداس قبل قراءة الإنجيل.
ويعتبر القديس يوليوس الأقفهصي صاحب كتاب السنكسار، عندما كان يدون سير الشهداء في القرن الرابع الميلادي، وأكمله من بعده القديس يوحنا أسقف البرلس في القرن السابع، ثم أكمله القديس ميخائيل أسقف أتريب، ومن بعده القديس بطرس المُلقب بالجميل أسقف مليج. ولد يوليوس الأقفهصي، في النصف الثاني من القرن الثالث الميلادي، ببلدة أقفهص التي ما زالت محتفظة باسمها ومكانها حتى الآن، وهي قرية تابعة لمركز الفشن محافظة بني سويف، وكان له أخت تدعى أوخارستيا وابنان هما تادرس ويونياس. رحل الأقفهصي والأسرة إلى مدينة الإسكندرية قبل عصر الاضطهاد، وكان مستشارا للملوك، وهو كاتم أسرار سجلات السجن. ولم يطلب منه الولاه السجود أو التبخير للأوثان لمكانته الرفيعة وثقة الجميع فيه واستشارته فيما يختص بأمور الدول، يقتني 300 خادم، يستطيعون القراءة والكتابة، استخدمهم في نسخ سير الشهداء. ولعناية يوليوس بهذه الرسالة الموضوعة عليه كان يبعث برسله إلى جميع المدن المصرية، ليستعلموا عن الشهداء وعما لاقوه، وليعتنوا بأجسادهم بعد نيلهم إكليل الشهادة، ثم يقدموا تقارير عما شاهدوه وسمعوه. فكان يوليوس يكتب السير تبعًا للقصص التي يرويها له كتابه، ثم يعطيها لخدامه ليكتبوا منها عددًا من النسخ. كان الأقفهصي يزور المعترفين في سجونهم ويخفف آلامهم ويداوي جراحتهم ويقضي كل احتياجتهم ويدفن أجسادهم ويعاونه مساعدوه في تسجيل سير القديسين. وفي أوائل عهد الملك قسطنطين ظهر له السيد المسيح في رؤيا وأمره أن يمضي إلى أركانيوس، وإلى سمنود ويعترف بالسيد المسيح، وفي سمنود اعترف بالمسيح وتعرض للتعذيب، ثم اقتادوه إلى بربا (معبد وثني) لكي يضحي للآلهة، .....إلخ.... وفي طوه اجتمعوا بواليها ألكسندروس، وحاولوا إقناعه بالمسيح، ولم يرد أن يعذبهم، بل أرسلهم إلى والي الإسكندرية، لكنهم ألحوا عليه أن يعذبهم ويقتلهم على اسم المسيح، فكتب الوالي قضيتهم، وقطعت رؤوسهم بالسيف. كما استشهد في ذلك اليوم نحو 1700 على اسم السيد المسيح.. المسيح، وانضمت سيرته للكتاب الذي كان يسرد فيه سير جميع القديسين.
والسنكسار مثله مثل الكتاب المقدس لا يخفي عيوب الأشخاص، بل يذكر ضعفات أو خطايا البعض الآخر، وذلك بهدف معرفة حروب الشيطان، وكيفية الانتصار عليها. وتعد الكنيسة الأرثوذوكسية الأن، كتاب سنكسار جديد، يحوي سير القديسين، والشهداء الجدد، بداية من احداث الزاوية الحمراء، حتى أحداث مذبحة ليبيا، لتوثيق حياتهم، واستشهادهم لأجل مسيحيتهم.

وجاء في موقع البوابة القبطية:

«السنكسار».. أحد أهم الكتب الموجودة فى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، هو الكتاب الذى يحوى سير الآباء والأنبياء والشهداء والمعترفين والقديسين والأعياد الكنسية على مدار السنة، ويقرأ فى القداس الإلهي، وكتاب السنكسار كتاب قديم فى الكنيسة، وعليه تم ترتيب كتاب الدفنار الذى يحوى سير نفس الشهداء، ولكن بمزيد من المديح ويقرأ فى نهاية التسبحة.

وقد اجتازت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، شوطا كبيرا فى دراسة وبحث التراث المسيحى الأرثوذكسي، فكتاب السنكسار الموجود فى الكنائس، والذى يحتوى على سير القديسين والقراءات اليومية، مر بعدة مراحل فى كتابته وتنقيحه حتى وصل إلى نسخته الحالية الموجودة فى المكتبات والكنائس.

وجاء في الويكيبيديا الإنجليزية، تحت عنوان Synaxarium:

سيناكساريون أو سينِكساريون Synaxarion or Synexarion، وجمعها سيناكساريا أو سينِكساريا Synaxaria, Synexaria، من الجريكية (اليونانية) Συναξάριον من المصدر συνάγειν, synagein، ومعناه يجمع، يعني المجموع، وهو الاسم المعطى في الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية والكنائس الكاثوليكية الشرقية لكتاب أو تأليف سير القديسين المتوافق تقريبًا مع تواريخ شهداء الكنيسة الكاثوليكية الرومانية. وأصل الاسم منه اشتقت الكلمات الإنجليزية congregate ,synaxis , synagogue من اللاتينية Synaxarium, Synexarium، وفي القبطية CϫNa3aPION.

...أقدم سنسكاريا تأريخية تعود بوضوح إلى القرن العاشر الميلادي. هناك عدد كبير من السنسكارات القرون وسطية توجد في مخطوطات. إنها مهمة للتاريخ البيزنطي والكنسي. لقد ألف سير الحيوات القصيرة مؤلفون عديدون، أهمهم هو (the Metaphrast) Symeon Metaphrastes شمعون المترجم أو المنقِّح (عاش في منصف القرن العاشر الميلادي، وحسب مراجع فقد ولد في القسطنطينية 900م، وتوفي 987م). إن أهميتها التاريخية متنوعة متفاوتة. وقد أمر الامبراطور باسيل الثاني (976- 1025) بمراجعة وتنقيح السنكسار، ويمثل تنقيحه عنصرًا هامًّا في النسخة الرسمية الحالية.

ورد في السنكسار القبطي الخاص بالمسيحيين المصريين المتضمن لسير بطاركتهم وشهدائهم ومشاهيرهم، عن مقار[ة] الكبير أو مكاريوس (مقاريوس) هكذا:

نياحة القديس مكاريوس الكبير أب الرهبان (27 برمهات)

في مثل هذا اليوم من سنة 8 ش 1. (سنة 392 م.) تنيح الأب المغبوط سراج البرية أب جميع الرهبان القديس العظيم الأنبا مقاريوس. ولد هذا القديس في شبشير من أعمال منوف من أبوين صالحين بارين واسم أبيه القس إبراهيم ولم يكن له ولد فحدث في إحدى الليالي أن أبصر في رؤيا شخصا من قبل الرب يقول له: ان الله سيرزقه ولدا يكون ذكره شائعا في أقطار الأرض ويرزق بنينا روحانيين وبعد زمن رزق هذا القديس ولدا فسماه مقارة _أي: الطوباوي_ وكان مطيعا لوالديه وحلت عليه نعمة الله منذ صغره. ولما كبر زوجه والداه بغير أرادته فتظاهر بالمرض أياما ثم استسمج أباه أن يمضى إلى البرية لتبديل الهواء فسمح له، فمضى وصلى إلى الرب يسوع أن يساعده علي عمل ما يرضيه فلما صار في البرية أبصر رؤيا كأن كاروبا ذي أجنحة ثم أمسك بيده وأصعده على رأس الجبل وأراه كل البرية شرقا وغربا وشمالا وجنوبا وقال له أن الله قد أعطاك هذا الجبل ميراثا لك ولبنيك من بعدك ولما عاد من البرية وجد زوجته قد ماتت وهي بعد عذراء فشكر السيد المسيح كثيرا وبعد ذلك مات أبواه فوزع كل ما خلفاه له علي المساكين ورأى أهل شبشير طهره وعفافه فأخذوه إلى أسقف أشمون فرسمه قسا عليهم وبنوا له موضعا خارج البلد وكانوا يأتون إليه ويتقربون منه وعينوا له خادما ليبيع له شغل يديه وقضاء ما يحتاج إليه.

ولما رأى الشيطان سموه في الفضيلة جلب عليه تجربة شديدة وذلك أنه أوعز إلى فتاة كانت قد ارتكبت شرا مع شاب بأن تدعى أن القديس مقاريوس هو الذي أتى معها هذا الشر. فلما علم أهلها بذلك أهانوه وضربوه ضربا موجعا فتحمله وهو صامت. ولما داهم الطلق هذه الامرأة لتلد لبثت أربعة أيام معذبة ولم تلد حتى اعترفت بكذبها علي القديس وذكرت اسم الشاب الذي أغواها.

فلما رأى ذلك أهل الفتاة رجعوا إليه يستغفرونه عما حصل منهم له. فهرب منهم للابتعاد عن مجد العالم وكان له من العمر وقتئذ 30 عاما وإذْ فكر في نفسه ألا يعود إلى قريته ظهر له ملاك الرب وسار معه يومين حتى وصلا إلى وادي النطرون ثم قال له القديس: "حدد لي يا سيدي مكانا أسكن فيه". فأجابه: "لا لئلا تخرج عنه فيما بعد فتكون مخالفا لقول الرب. بل البرية كلها لك فأي موضع أردت أسكن فيه". فسكن في البرية الداخلية حيث الموضع الذي فيه دير القديسين مكسيموس ودوماديوس وهو المعروف الآن بدير البرموس.

1 ش: اختصار للشهداء، النيروز، م: من ميلاد المسيح.

ولدي نسخة قديمة أخرى للسنكسار حصلت عليها، بعنوان: مخطوط السنكسار القبطي اليعقوبي، سلسلة المخطوطات القبطية، ترجمة ونشر رينيه باسيه، 1929، مكتبة المحبة، مصر، معادة الطبع عام 2003 من جانب مكتبة المحبة، وفيها النص هكذا، ص 306، 27 برمهات:


نياحة القديس أبو مقار (مكاريوس الكبير المصري)

وأبصر في رؤيا كأن ملاكًا قد أخذه وأصعده على جبل وأراه كل البرية، وأن الرب قد أعطاها ميراثًا له ولبنيه (الرهبان).

ولما مرضت زوجته وماتت وهي عذراء، ومات أبواه، وزَّعَ كلَّ أملاكِه على المساكين. ولما رأى أهل قريته طهارَتَه جعلوه قسًّا. ثم أقاموا له شخصًا يخدمه، وسكن على أطراف القرية، وكان الناس يأتون إليه لحضور القداس والتناول.

وذات مرة حملت صبيةٌ بالدَنَسِ، واتَّهَمَتْ القديسَ كذبًا، ولم يفتح فاهُ. وعند الوضعِ تألَّمَتْ بشدةٍ، حتى اضطرت أن تعلن أن القديس مقار بريء.

فلما علم أن أهل القرية سوف يأتون إليه للاعتذار عما صدر منهم من إهاناتِ، هرب إلى البرية، وظل يجاهد في العبادة ليل ونهار.

ذكر الراوي الشيعي للطلق يجعلنا نستأنس بدرجةٍ ما إلى أننا عثرنا على مصدر آخر من مصادر القصة الإسلامية، لأنه عنصر مشترك بين الروايتين المسيحية والشيعية.

ننوه طبعًا لمخالفة القصة وقيمها للتقاليد الإلحادية الغربية الليبرالية فيما يتعلق بالحريات الفردية الجنسية لغير المتزوجين.

لؤي عشري 10-26-2018 05:49 PM

ابن إسحاق مؤلف السيرة المحمدية يقتبس من أعمال الرسل الأبوكريفية، وخاصة أعمال أندرواس
 
ابن إسحاق مؤلف السيرة المحمدية يقتبس من أعمال الرسل الأبوكريفية، وخاصة أعمال أندرواس ومتى (ماثياس)

جاء في السيرة لابن هشام عن ابن إسحاق:

قال ابن إسحاق: وكان من بعث عيسى ابن مريم عليه السلام من الحواريين والأتباع، الذين كانوا بعدهم في الأرض: بُطرس الحَواري ومعه بُولُس، وكان بُولُس من الأتباع ولم يكن من الحواريين إلى رُومية، وأندَرَائس ومَنْتَا إلى الأرض التي يأكل أهلُها الناس، وتُوماس إلى أرض بَابل، من أرض المشرق، وفيلبس إلى أرض قرطاجَنَّة وهى إفريقية، ويُحَنَّس، إلى أفسوس، قرية الفِتْية أصحابِ الكهف، ويعقُوبُس إلى أورشليم وهى إيلياء، قرية بيت المقدس، وابن ثَلْماء إلى الأعرابية، وهي أرض الحجاز، وسِيمُن إلى أرض البربر، ويهوذا، ولم يكن من الحواريين، جُعل مكان يُودِس.

كثيرًا ما نقلت الكتب الإسلامية سواء القرآن أو الأحاديث السنية والشيعية أو كتب التفاسير والقصص والوعظ من كتب الهاجادة والأبوكريفا، وما نقله ابن إسحاق هنا إنما هو من كتب أبوكريفا أعمال الرسل المرفوضة من الكنائس التقليدية لمسحتها الغنوسية المحرمة والكارهة للجنس، ومعظم أخبار الأماكن التي ذهب لها الرسل الاثناعشر تلاميذ يسوع الناصري إنما مصدرها أعمال الرسل الأبوكريفية بقصص بطولاتها الخرافية ومعجزاتها، وهي قصص كانت مصدرًا للخيال والوعظ عند جمهور المسيحيين في العصور الأولى والقرون الوسطى كذلك، ورغم تسربها للتقليد المسيحي والمأثورات، فهي بلا قيمة تاريخية عمومًا بل هي كتب خرافات لا تأريخية. وعلى سبيل المثال ما قاله ابن إسحاق عن ذهاب أندراوس ومتى (أو ماثياس بالنطق الجريكي) مصدره سفر أبوكريفي بعنوان (أعمال أندراوس ومتى في المدينة التي يأكل أهلها لحوم البشر أو في مدينة آكلي البشر) Acts of Andrew and Matthias in the country of the man-eaters or the land of the cannibals، ويتوفر نص عربي ربع بدوي الصيغة كأنه ترجمة متأخرة لرهبان الصحراء لأسفار أعمال الرسل الأبوكريفية وهي تفريغ وطبع عربي متقَن لمخطوطتين من دير السرياني ودير سانت كاترين المصريين، بعنوان ACTA MYTHOLOGICA APOSTOLORUM, By AGNES SMITH LEWIS M.R.A.S., C. J. CLAY AND SONS, CAMBRIDGE UNIVERSITY PRESS WAREHOUSE, 1904، وفيه ترجمة لأعمال أندراوس بعنوان (بشارة متْيَس)، ص 181 من المطبوع العربي فيه، وهي ترجمة ظريفة تصلح لاطلاع من لا يجيدون الإنجليزية لقراءة الترجمة الإنجليزية للنص الأصل.

لؤي عشري 10-30-2018 10:46 PM

جج
 
تحريم الربا بالمطلق في الأبوكريفا المسيحية وتقاليد آباء الكنيسة

الذي في سفر التثنية اليهودي (التثنية 23: 19 و20) تحريم التعامل بالربا بين اليهود وبعضهم فقط بشكل عنصري بغيض (لا تقرض أخاك بربىً في فضة أو طعام أو شيء آخر مما يُقْرَضُ بالربى. بل الأجنبيُّ إياه تُقْرِضً بالربى)، أما التراث المسيحي في سفر رؤيا بطرس الأبوكريفي، فحرم الربا تمامًا، فنقرأ في رؤيا بطرس قطعة أو شذرة أخميم اليونانية المصرية المحفوظة بالمتحف القبطي بالقاهرة ما ترجمته:

31- وفي بحيرةٍ عظيمةٍ أخرى مليئةٍ بالقَيْحِ والدم ووحلٍ مغليٍّ وقفَ رجالٌ ونساءٌ إلى ركبهم، وهؤلاء كانوا الذين أقرضوا المال وطلبوا رِبًا على رِبا.

أما في النص الإثيوبي لرؤيا بطرس، فنقرأ، ص 429 من الكتاب الذي بين أيديكم ما ترجمته:

وفي مكان آخر بجواره، مليءٍ بالقَذَرِ، يُلْقُونَ رجالًا ونساءً حتى ركبهم. هؤلاء الذين أقرضوا المال وأخذوا ربًا.

وقد اقتبست كتب الحديث الإسلامية هذه الأسطورة، كما قلت في دراستي المقارنة لرؤيا بطرس، مثلًا البخاري 1386 (....فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ مِنْ دَمٍ فِيهِ رَجُلٌ قَائِمٌ عَلَى وَسَطِ النَّهَرِ رَجُلٌ بَيْنَ يَدَيْهِ حِجَارَةٌ فَأَقْبَلَ الرَّجُلُ الَّذِي فِي النَّهَرِ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ رَمَى الرَّجُلُ بِحَجَرٍ فِي فِيهِ فَرَدَّهُ حَيْثُ كَانَ فَجَعَلَ كُلَّمَا جَاءَ لِيَخْرُجَ رَمَى فِي فِيهِ بِحَجَرٍ فَيَرْجِعُ كَمَا كَانَ فَقُلْتُ مَا هَذَا قَالَا انْطَلِقْ..... وَالَّذِي رَأَيْتَهُ فِي النَّهَرِ آكِلُوا الرِّبَا......)

وبالمثل ورد في القوانين الرسولية، الكتاب الثامن، القانون 44، وهو في ترجمة جورج منصور، ص 435:
44- الأسقف أو الكاهن الذي يطلب فائدةً (ربا) من المدينين، فليكُفَّ أو يُعْزَلْ.

وهو في ترجمة الأرشمنديت حنانيا كساب المنشورة في كتابه الضخم الموسوعي بعنوان مجموع الشرع الكنسي، ص 860: 44- أي أسقف أو قس أو شماس يأخذ ربا ممن يقرضه فَلْيَكُفَّ عن ذلك وإلا فَلْيَسْقُطْ.

وقانون تحريم التعامل بالربا مذكور في المجامع الأول رقم 17 والسادس 10 واللاذقية في فريجية 4 وقرطاجة 5 و6 و20 وقوانين باسيليوس 14

فورد في مجمع قرطاجة المكاني، المنعقد ما بين السنوات 256 و 258م، برئاسة ودعوة كبريانوس، القانون 5، ص 662 من ترجمة حنانيا كساب:

قال الأسقف أوريليوس: إن شهوة الطمع، وهي _كما لا يجهل أحد_ أم الشرور، يجب أن تُخمَدَ فلا يختلس أحدٌ حدودَ الغيرِ، ولا يتعدى أحدٌ الحدودَ التي وضعها الآباءُ طامعًا في الربحِ. إنه لا يجوز مطلقًا لأي إكليريكيٍّ أن يتناول ربًا من أيٍّ نوعٍ.

وفي القانون 16، ص 669 و670 من ترجمة حنانيا كساب:

في أن لا أسقف ولا شماس يجوز أن يكون مدير أملاك. وفي أن القراء يجب أن يتزوجوا. وفي أن الإكليريكي لا يجوز أن يأخذ رِبًا.

..... وأنه إذا أَقْرَضَ إكليريكيٌّ مالًا فليسترد ماله كما هو. وإذا أقرض متاعًا فيجب أن يسترد المتاع من النوع ذاته.

ونص قانون المجمع الكنسي المسكوني الأول (مجمع نيقية الأول سنة 325م)، رقم 17، ص 87 من ترجمة حنانيا كساب في كتاب مجموع الشرع الكنسي:

17- إن كل من يقبل ربا أو يستوفي مئة وخمسين بالمئة يُخلَعُ حسبَ شريعةِ الكنيسةِ.

والصيغة العربية له في ص 102 من ترجمة حنانيا كساب، حسب التقليد الشرقي العربي: 15- إن الإكليريكيين ورجال الكهنوت الذي يقرضون بالربى يجب إسقاطهم من درجاتهم.

وفي القانون 52 من هذه الصيغة العربية، ص 105: 52- لا يجوز لإكليريكي أن يرابي أو يتعاطى أي أسلوب دنيء في طلب الربح العالمي. كما لا يجوز له محادثة اليهود ومرافقتهم.

وورد في مجمع اللاذقية المكاني بفريجية (غير التي في سوريا) فيما بين السنوات 343 و381م، القانون رقم 4، من ترجمة حنانيا كساب، ص 196:

4- لا يجوز لرجال الكهنوت أن يقرضوا مالًا بالربى ولا بما كان يُدْعَى نصف المبلغ.

ونص قانون باسيليوس الكبير (وُلِد 329م) رقم 14 من رسالته الأولى إلى أمفيلوخيوس أسقف أيقونية، ص 885 من ترجمة الأرشمنديت حنانيا كساب في كتاب مجموع الشرع الكنسي، يقول:

14- إذا وزع من كان يتعاطى الربا أرباحَه غيرَ العادلةِ على الفقراءِ وهجَرَ محبةَ المالِ، يجوزُ قبولُهُ في الخدمة الإكليريكية.

وفي مجمع ترولو المعروف بالمجمع الخامس/ السادس أو المجمع القسطنطيني الثالث، سنة 680- 681م، قانون رقم 10، ص 549 من ترجمة حنانيا كساب:

10- فليسقط أي أسقف أو قس أو شماس يأخذ ربى أو ما يقال له فائدة مئوية ولا يمتنع.

ولا يمتنع: أي ولا يكف

وجاء في رسالة القديس جريجوريوس النيسي (غريغوريوس النيصي) (335- 395م) أخي باسيليوس الكبير، إلى ليتويس أسقف مالطة، ص 903 من ترجمة حنانيا كساب:

القانون 6- أظهر الآباء تساهلًا كبيرًا نحو شِرْكِ الذين يشتهون ما للغير فلم يفرضوا قصاص التوبة إلا على اللصوص الذين ينبشون القبور أو يختلسون المقدسات في في حين أن الربا والاعتصار _وإن جُعِلا تحت ستار اتفاقات_ ممنوعان في الكتاب المقدس

وثنية: شِرْك، خطيئة.
الاعتصار: الاستغلال.

وورد في المزمور 14(15): 5: لم يقرض فضته بالربا....

ومنه جاء تحريم القرآن للربا كما في سورة البقرة: 275- 276، وآل عمران: 131.

{الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (275) يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ (276)} البقرة

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافاً مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (130) وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (131)} آل عمران

تحريم الميسر أو القمار

لا يوجد تحريم للقمار في التوراة والتاناخ (كتاب اليهود المقدس)، بل توجد قصص لرهانات كرهان شمشون المذكور في سفر القضاة 14، أما التقاليد المسيحية فتحرم القمار رغم عدم ورود ذكر لذلك في كتاب العهد الجديد أو الإنجيل نفسه، وسبق أن أوردنا أعلاه تحريم اللعب بالنرد في هذا الباب في كتب التقاليد والقوانين الكنسية المسيحية، وهذا يشمل اللعب البريء واللعب الذي على مال. ومن الثابت في التقليد المسيحي عامةً تحريم القمار. والقرآن تبنى وقلَّدَ ذلكَ التعليمَ لانتشار القمار (الميسر) في مجتمع شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام.

ويقول أفرام السرياني في عظته الثلاثين للرهبان، بعنوان (في التواني، والفرق بين سيرة العابد وغيره)، من ترجمة صموئيل السرياني في كتابه (ميامر أو مواعظ مار أفرام السرياني):

...لا تضف ذوي مناظر خادعة مستعزة بل ضف الرجال الروحانیین، عِوَضَ لعبِ القمارِ الذي یقفر منازل ونفوس المتلاھین به...

لؤي عشري 12-18-2018 09:26 AM

نار عدو المسيح وهمية، بحسب الأنبا شنودة القبطي رئيس المتوحدين في عظة (أيضًا بسببِكَ يا رئيس الشر) بالقبطية

شنودة رئيس المتوحدين، أرشمنديت رئيس رهبان، وُلِدَ عام 333 (أو 347م)، ومات عام 451 (أو 465م) (انظر ص 14 وما بعدها من كتاب (الأنبا شنودة رئيس المتوحدين سيرته وعظاته وتعاليم، ج1، نشر مكتبة الباناريون- مصر) واستدلالات مؤلفه عالم القبطيات المترجِم د. صموئيل القس قزمان معوض. كان متطرفًا فرحَ بأمر الامبراطور الروماني بهدم معابد الوثنيين ومنع عباداتهم وشارك في هدم معابدهم في مصر واضطهادهم. والعظة مترجمة عن اللغة القبطية الأصلية باللهجة الصعيدية على يد د. صموئيل القس قزمان معوض، في كتابه المذكور، من المخطوطات القبطية لدير الأنبا شنودة المعروف بالدير الأبيض المبعثرة معظمها حول متاحف العالم، ويعود أغلبها إلى ما بين القرنين التاسع والثالث عشر.

وصلتنا هذه العظة (عظة أيضًا بسببِكَ يا رئيسَ الشرِّ) كاملة في المخطوطة XH التي نشرها Chassinat عام 1911م (ص 19- 38)، كما وصلتنا شذراتٌ منها في مخطوطتين أخريين (Emmel 2004a: 621, 811). وفي عامي 1961- 1962م قامَ Du Bourguet بنشر النص القبطي مرة أخرى مع ترجمة فرنسية (ص 17- 72).

جاء فيها تصور شنودة لكلامه ضد الشيطان ومعه مباشرةً كما يتخيل هو، كأسلوب وعظ غير مباشر للسامعين له، فيقول، حسب الترجمة العربية المنشورة من مكتبة باناريون، في ص 204 وما بعدها:

1- أيضًا بسببك، يا رئيس الشر، قد حدثَتْ كلُّ الأضاليلِ الشريرةِ، لأنَّه لولا أنك مُسْبَقًا قد عيَّنْتَ كلَّ شرٍّ مقابلَ كلِّ صلاحٍ، مفعِّلًا في البَشَرِ الكراهيةَ مقابلَ المحبةِ، والعداوةَ مقابلَ السلامِ، والدنس مقابلَ الطُهْرِ، والظلم مقابل العدل والقصاص، وكل الشرور الأخرى مقابلَ التقوى، لما ذهبَتْ كلُّ تلك الجموعِ للتهلُكَةِ. ....إلخ

4- لماذا تحوم حوالَيْهِم في خيالات الأحلام بأشكالٍ شتَّى؟ إذا كنتَ تريد القتال، فلا تتركْ أيَّ سلاحٍ تحاربُ به ضدَّ من يجعلُ اللهَ حقًّا في داخلِهِ، المتجرِّدِ من أدناسِكَ، المقاومِ لكَ، أيها المرتدُّ الذي صارَتْ به بواسطته الميوعة (التخنُّث)، والمهووسُ بالأدناسِ من كل نوع. أنت الذي بواسطتك يُتَمِّمُ الرجالُ والنساءُ شهواتِهِم، هؤلاء الذين بدَّلُوا ما يتعلَّقُ بطبيعتِهم إلى ما هو ضدَّ طبيعتِهم [يقصد المثليين جنسيًّا]، فأنت لستَ رجلًا ولا امرأةً، ولستَ ثورًا أو حصانًا أو حمارًا أو جملًا أو أيَّ حيوانٍ. وأنتَ أيضًا لستَ حيَّةً أو عقربًا أو أيًّا من الزواحفِ، ولستَ من البربرِ أو الجماعاتِ البشرية الشريرة، ولستَ منَ البربرِ أو الجماعات البشرية الشريرة، ولستَ بحرًا أو تجمعًا مائيًّا، ولستَ جُبًّا أو حُفرةً، ولستَ جبلًا أو ارضًا (مستويةً)، ولست غنيًّا أو شحاذًا؛ لأنك تنتحل هيئة هؤلاء ومَن هم أكثر من هؤلاء. ومع ذلك فأنت لا تُعَدَّ واحدًا منهم، فهيئتُكَ هي هي، وكذلك أنتَ هو أنتَ: الشيء الملتف تمامًا على بعضِهِ البعض ومِنْ بعضِه البعض، ولا تملُكُ لا أنتَ ولا شياطينُكَ نصيبًا ضئيلًا من عضوٍ في أيِّ أحدٍ، فكلُّ هيئةٍ تتلون بها هي غريبةٌ عنكَ، وكلها خيالاتٌ.

5- فما شأنُكَ أنتَ بالسماءِ والهواءِ والضياءِ حتى تتخِذَ هيئتَها؟ مثلما تتخذُ أيضًا مثالَ ما سيكونُ في النهايةِ من نارٍ وزلزالٍ وبخارٍ كثيفٍ ودخانٍ يتغلغلون في الأرض [انظر يوئيل 2: 30 وأعمال 2: 19]، كما لو أن كل المسكونة ستهلك من جراء الظلمة الكاذبة التي تعمُّ كلَّ العالمِ، وتتخذ هيئةَ الكثيرين من البشر ومن شياطينك، مهرولًا وصارخًا أنها النهاية، وتنزعج وتسقط وتقوم وتنطرح أرضًا. كل هذا حتى تُضِلَّ الذين يرَوْنَ خيالاتِكَ الشريرةَ في الأحلام. وهكذا تُبشِّر مِرارًا كثيرةَ، بدءًا من هذا الجيل، بواسطة الذين هم مُلْكٌ لكَ، أن هذه هي النهاية، ولكنها ليست هي. فهم يكذِبون بواسطتك، وأنت تكذب بواسطتهم، معتقدين أن ما يرونه من خلالِهِ [الحلمِ] هو ملاكُ نورٍ، أم كيفَ تهتمُّ بالإنسانِ؟ لأنكَ عندما تحثُّه قائلًا: "لا تخطئْ"، فأنت على العكس تتمنى موتَه بشدة، أيها المخادع جدًّا والسيل الجارف جدًّا.

6- كيف تكوُنُ ملِكًا أو جنديًّا أو صاحبَ سلطةٍ. لأنكَ تنتحلُ هيئتَهم حتى تُزْعِجَ الذين يُزعِجونكَ. ما لكَ واتِّخاذَ شكلِ الجحيمِ، كما لو أنكَ تقيِّد البشرَ وتُلقي بهم إلى النار، عندما (تتغطَّى) تتنكر في عالمك بنورٍ مزيَّفٍ، كما لو أنكَ أنتَ اللهُ والمسيحُ؟ فكلُّ ما هو متغيِّرٌ وكلُّ ما لن يحدثَ هو كل ما تملك. لأن الأشكال التي تتقمَّصُها لدى أتباعِكَ حالَ يقظتِهِم ليست هي التي تتقمَّصُها في أحلامِ المتَّكِلين على يسوع. لأنكَ إنْ ظهرتَ لأتباعِكَ كملاكٍ فلن يصدِّقوكَ؛ لأنهم لا يعرِفونَ شكلَ ملاكِ الربِّ، فهم يعرِفونكَ ككائنٍ شيطانيِّ. أما إذا ظهرتَ بأشكالِكَ الحقيقيةِ للمنتبِهين لكَ وهم متيقظون، فأنتَ تعلَمُ أنَّهم سيتعرَّفون عليكَ. فماذا تفعلُ؟ تتَّخِذُ أمامَهم هيئةً كما لملاكٍ نورانيٍّ، وفي هذا أيضًا يتَصَدَّوْنَ لكَ، فلا تستطيعُ أن تتخفَّى عنهم. لأنهم إنْ تصرَّفُوا كما لو أنهم يريدون أنْ يرفعُوا أياديَهم عليكَ، يكونونَ كمنْ ضربَ الريحَ.

7- لأن من كانت بصيرةُ اللهِ غيرَ بعيدةٍ عنهم في أي وقتٍ يميِّزُونَ الملاكَ الحقيقيَّ، وكلَّ رؤيا صادقة، وكل شيء حقيقي، وكل كلمة، وكل شخص حقيقي من كل ما تُجرِّبُ به البشرَ؛ لأن التجربةَ يتبَعُها رجاءٌ صالحٌ للذينَ يُمَيِّزون بين أرواحِ الحقِّ وأرواحِ الضلالِ [انظر رسالة يوحنا الأولى 4: 1].

مقصود شنودة بلفظة "تقيِّدُهم" يعني في الحلم وهمًا وخيالًا ككابوس، وفي الفقرة 16، يتكلم عن الكوابيس أيضًا:

....كما قد قلنا إنه إذا كنتَ قد استطعتَ أنْ تجذِبَهم وتُحْدِرَهم إلى نجاساتِكَ، فمالكَ ومحاربتهم بخيالاتٍ متعددةِ الأشكالِ حتى إنكَ لا تدعُهُم ينامون ويرَوْنَكَ وأنتَ متَّسِخٌ كلُّكَ وكلُّ اتساخٍ محيطٌ بك، وأنتَ تتحوَّلُ إلى أدناسِكَ وأدناسُكَ تتحوَّلُ إليكَ، حتى إنهم يتقيؤون وهم نائمون أو إذا استيقظوا.

ويبدو أن كوابيس وهلاوس الرهبان كانت تشغل حيزًا كبيرًا من انشغال عقولهم بهذه الترهات والوساوس النفسية العقلية، وكمثال جاء في كتاب (من الفيلوكاليا، أقوال القديس أوغريس الراهب والقديس أنطونيوس الكبير) ترجمة القمص إشعياء ميخائيل، قول أبا أوغريس Evagrius، ص 27، عن كيفية زرع الشيطان الخرافي للعداوة بين البشر من خلال الأحلام (وهو هنا يتكلم عن تحريضات العقل الباطن في الحقيقة وهو ما يسميه شيطانًا أو شياطين) :

6-....وأحيانًا يَزْرَعُ في النفسِ العداوةَ ويجعلُ في النفسِ الكابوسَ (أثناء النوم نحو الشخص الذي نكرهه)، يجعلنا في رعب الموت أو هجوم الوحوش أو سم الثعابين، وهذه الظواهر الثلاثة تصاحِب العداوةَ في مَبدَئِها [بدايتِها] وتجلب معها أفكارًا كثيرةً كما يلاحظها الكثيرون.

وفي كتاب (سلسلة إكثوس - ج005 - القديس إيڤاجريوس البنطي - مار أوغريس)- ترجمة أنطون فهمي جورج، ص 99:

95- احترس من أن يخدعك الشياطين الخبثاء ببعض الرى، بل كن منتبهًا، والجأ إلى الصلاة واددعُ الله، حتى يُنيرَكَ هو إذا كانت هذه الرؤيا منه، وإلا فيسرعَ ويطردَ المضلل عنك، وثق أن الكلاب (الشياطين) لن تستطيع الصمود إذا سلمتَ نفسَكَ لصلاة حارة، فإن قوة الله ستضربها وتطردها بعيدًا دون تأخُّرٍ، على نحوٍ غيرِ منظورٍ وبدونِ أنْ تُظْهِرَ ذاتَها.

99- إذا هدَّدَكَ الشياطينُ بالظهور لكَ فجأةً في الهواء وبطرحك أرضًا وسلب عقلك، فلا تهلع، ولا تُعِرْ هذه التهديداتِ أيَّ انتباهٍ، فهم يفزعونك ليرَوْا إن كنتَ حقيقةً تهتمُّ بهم، أم أنك توصلت لازدرائِهم تمامًا.

وحسب الخرافة الإسلامية أخذَتْ الأحاديثُ المنسوبة إلى محمدٍ هذا المعنى بصورة أكثرَ حَرْفيةً بحق المسيح الدجال، على أنه يحدث في الواقع وليس في حلم أو أحلام، على الأغلب يعود هذا لسوء فهم لما انتقل للمسلمين من عظات الرهبان الأقباط والسريان من مصادرهم التي نقلتها لهم ممن درسوا أو اقتبسوا منهم. روى البخاري:

3450 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ المَلِكِ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، قَالَ: قَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَمْرٍو، لِحُذَيْفَةَ: أَلاَ تُحَدِّثُنَا مَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «إِنَّ مَعَ الدَّجَّالِ إِذَا خَرَجَ مَاءً وَنَارًا، فَأَمَّا الَّذِي يَرَى النَّاسُ أَنَّهَا النَّارُ فَمَاءٌ بَارِدٌ، وَأَمَّا الَّذِي يَرَى النَّاسُ أَنَّهُ مَاءٌ بَارِدٌ فَنَارٌ تُحْرِقُ، فَمَنْ أَدْرَكَ مِنْكُمْ فَلْيَقَعْ فِي الَّذِي يَرَى أَنَّهَا نَارٌ، فَإِنَّهُ عَذْبٌ بَارِدٌ»

7130 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ حُذَيْفَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ فِي الدَّجَّالِ: «إِنَّ مَعَهُ مَاءً وَنَارًا، فَنَارُهُ مَاءٌ بَارِدٌ، وَمَاؤُهُ نَارٌ» قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ أَنَا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

وروى مسلم:

7475- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ ، عَنْ حُذَيْفَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لأَنَا أَعْلَمُ بِمَا مَعَ الدَّجَّالِ مِنْهُ ، مَعَهُ نَهْرَانِ يَجْرِيَانِ ، أَحَدُهُمَا رَأْيَ الْعَيْنِ ، مَاءٌ أَبْيَضُ ، وَالآخَرُ رَأْيَ الْعَيْنِ ، نَارٌ تَأَجَّجُ ، فَإِمَّا أَدْرَكَنَّ أَحَدٌ ، فَلْيَأْتِ النَّهْرَ الَّذِي يَرَاهُ نَارًا وَلْيُغَمِّضْ ، ثُمَّ لْيُطَأْطِئْ رَأْسَهُ فَيَشْرَبَ مِنْهُ ، فَإِنَّهُ مَاءٌ بَارِدٌ ، وَإِنَّ الدَّجَّالَ مَمْسُوحُ الْعَيْنِ ، عَلَيْهَا ظَفَرَةٌ غَلِيظَةٌ ، مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ ، يَقْرَؤُهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ ، كَاتِبٍ وَغَيْرِ كَاتِبٍ.

7475- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ ، عَنْ حُذَيْفَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لأَنَا أَعْلَمُ بِمَا مَعَ الدَّجَّالِ مِنْهُ ، مَعَهُ نَهْرَانِ يَجْرِيَانِ ، أَحَدُهُمَا رَأْيَ الْعَيْنِ ، مَاءٌ أَبْيَضُ ، وَالآخَرُ رَأْيَ الْعَيْنِ ، نَارٌ تَأَجَّجُ ، فَإِمَّا أَدْرَكَنَّ أَحَدٌ ، فَلْيَأْتِ النَّهْرَ الَّذِي يَرَاهُ نَارًا وَلْيُغَمِّضْ ، ثُمَّ لْيُطَأْطِئْ رَأْسَهُ فَيَشْرَبَ مِنْهُ ، فَإِنَّهُ مَاءٌ بَارِدٌ ، وَإِنَّ الدَّجَّالَ مَمْسُوحُ الْعَيْنِ ، عَلَيْهَا ظَفَرَةٌ غَلِيظَةٌ ، مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ ، يَقْرَؤُهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ ، كَاتِبٍ وَغَيْرِ كَاتِبٍ.

7474- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ إِسْحَاقُ : أَخْبَرَنَا ، وقَالَ الآخَرَانِ : حَدَّثَنَا ، أَبُو مُعَاوِيَةَ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ شَقِيقٍ ، عَنْ حُذَيْفَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : الدَّجَّالُ أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُسْرَى ، جُفَالُ الشَّعَرِ ، مَعَهُ جَنَّةٌ وَنَارٌ ، فَنَارُهُ جَنَّةٌ وَجَنَّتُهُ نَارٌ.

7476 و7477- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ (ح) وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، وَاللَّفْظُ لَهُ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ ، عَنْ حُذَيْفَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّهُ قَالَ فِي الدَّجَّالِ : إِنَّ مَعَهُ مَاءً وَنَارًا ، فَنَارُهُ مَاءٌ بَارِدٌ وَمَاؤُهُ نَارٌ ، فَلاَ تَهْلِكُوا.
قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ : وَأَنَا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

7480 و7481- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ السَّعْدِيُّ ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، وَاللَّفْظُ لاِبْنِ حُجْرٍ ، قَالَ إِسْحَاقُ : أَخْبَرَنَا ، وقَالَ ابْنُ حُجْرٍ : حَدَّثَنَا ، جَرِيرٌ ، عَنِ الْمُغِيرَةِ ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ ، قَالَ : اجْتَمَعَ حُذَيْفَةُ وَأَبُو مَسْعُودٍ ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ : لأَنَا بِمَا مَعَ الدَّجَّالِ أَعْلَمُ مِنْهُ ، إِنَّ مَعَهُ نَهْرًا مِنْ مَاءٍ وَنَهْرًا مِنْ نَارٍ ، فَأَمَّا الَّذِي تَرَوْنَ أَنَّهُ نَارٌ مَاءٌ ، وَأَمَّا الَّذِي تَرَوْنَ أَنَّهُ مَاءٌ نَارٌ ، فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَأَرَادَ الْمَاءَ فَلْيَشْرَبْ مِنَ الَّذِي يَرَاهُ أَنَّهُ نَارٌ ، فَإِنَّهُ سَيَجِدُهُ مَاءً.
قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ : هَكَذَا سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ.

ورواه أحمد بن حنبل: (21929) 22275 و (23250) و (23279) 23668و (23353) 3743 و (23383) 23775 و (23439) 23832

(وقد سرد الشيخ الشيعي الاثناعشري علي الكوراني العاملي هذه الأحاديث إنما نقلًا عن كتب مذهب السنة في كتابه معجم أحاديث المهدي في عدة مواضع في جزئيه)

قد يكون من نقل الكلام للمسلمين أو لمحمد مسيحيًّا أو راهبًا مسيحيًّا منغمسًا في قراءة كتابات الرهبان وهرائهم هذا، فنقل من كلام شنودة هذا أو من كلام آخر مشابه لبعض الرهبان والنساك المسيحيين، لكنْ أعتقد أننا عرفنا المصدر للاعتقاد الإسلامي في العموم.

وحسب السخافات والخرافات الإسلامية المشابهة للمسيحية، قد يتجسد الشياطين الخرافيون متنكرين في صورة كلب أسود، فروى مسلم:

[ 510 ] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا إسماعيل بن علية ح قال وحدثني زهير بن حرب حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن يونس عن حميد بن هلال عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام أحدكم يصلي فإنه يستره إذا كان بين يديه مثل آخرة الرحل فإذا لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل فإنه يقطع صلاته الحمار والمرأة والكلب الأسود قلت يا أبا ذر ما بال الكلب الأسود من الكلب الأحمر من الكلب الأصفر قال يا بن أخي سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سألتني فقال الكلب الأسود شيطان

وانظر أحمد بن حنبل (21323) 21649 و (21342) 21669 و (21378) 21706

أو شكل إنسان كما نرى في بعض التقاليد، مثلًا روى البخاري:

2311 - * وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ أَبُو عَمْرٍو حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ وَكَّلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ فَأَتَانِي آتٍ فَجَعَلَ يَحْثُو مِنْ الطَّعَامِ فَأَخَذْتُهُ وَقُلْتُ وَاللَّهِ لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنِّي مُحْتَاجٌ وَعَلَيَّ عِيَالٌ وَلِي حَاجَةٌ شَدِيدَةٌ قَالَ فَخَلَّيْتُ عَنْهُ فَأَصْبَحْتُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ الْبَارِحَةَ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ شَكَا حَاجَةً شَدِيدَةً وَعِيَالًا فَرَحِمْتُهُ فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ قَالَ أَمَا إِنَّهُ قَدْ كَذَبَكَ وَسَيَعُودُ فَعَرَفْتُ أَنَّهُ سَيَعُودُ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهُ سَيَعُودُ فَرَصَدْتُهُ فَجَاءَ يَحْثُو مِنْ الطَّعَامِ فَأَخَذْتُهُ فَقُلْتُ لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ دَعْنِي فَإِنِّي مُحْتَاجٌ وَعَلَيَّ عِيَالٌ لَا أَعُودُ فَرَحِمْتُهُ فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ فَأَصْبَحْتُ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ شَكَا حَاجَةً شَدِيدَةً وَعِيَالًا فَرَحِمْتُهُ فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ قَالَ أَمَا إِنَّهُ قَدْ كَذَبَكَ وَسَيَعُودُ فَرَصَدْتُهُ الثَّالِثَةَ فَجَاءَ يَحْثُو مِنْ الطَّعَامِ فَأَخَذْتُهُ فَقُلْتُ لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ وَهَذَا آخِرُ ثَلَاثِ مَرَّاتٍ أَنَّكَ تَزْعُمُ لَا تَعُودُ ثُمَّ تَعُودُ قَالَ دَعْنِي أُعَلِّمْكَ كَلِمَاتٍ يَنْفَعُكَ اللَّهُ بِهَا قُلْتُ مَا هُوَ قَالَ إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} حَتَّى تَخْتِمَ الْآيَةَ فَإِنَّكَ لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنْ اللَّهِ حَافِظٌ وَلَا يَقْرَبَنَّكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ فَأَصْبَحْتُ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ الْبَارِحَةَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ زَعَمَ أَنَّهُ يُعَلِّمُنِي كَلِمَاتٍ يَنْفَعُنِي اللَّهُ بِهَا فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ قَالَ مَا هِيَ قُلْتُ قَالَ لِي إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ مِنْ أَوَّلِهَا حَتَّى تَخْتِمَ الْآيَةَ {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} وَقَالَ لِي لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنْ اللَّهِ حَافِظٌ وَلَا يَقْرَبَكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ وَكَانُوا أَحْرَصَ شَيْءٍ عَلَى الْخَيْرِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَا إِنَّهُ قَدْ صَدَقَكَ ذتَعْلَمُ مَنْ تُخَاطِبُ مُنْذُ ثَلَاثِ لَيَالٍ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ لَا قَالَ ذَاكَ شَيْطَانٌ.

وانظر أحمد 23592 و23593 وفي الباب عن أبي بن كعب عند النسائي في "عمل اليوم والليلة" (960) ، وابن حبان (784) . وعن أبي هريرة عند البخاري تعليقاً (2311) ، ووصله النسائي في "عمل اليوم والليلة" (959). وانظر تتمة أحاديث الباب في "صحيح ابن حبان" (784)

وروى أحمد:

2510 - حدثني عبد الجبار بن محمد يعني الخطابي، حدثنا عبيد الله بن عمرو، عن عبد الكريم، عن عكرمة، عن ابن عباس: أن رجلا خرج فتبعه رجلان، ورجل يتلوهما، يقول: ارجعا، قال: فرجعا، قال: فقال له: إن هذين شيطانان، وإني لم أزل بهما حتى رددتهما، فإذا أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأقرئه السلام، وأعلمه أنا في جمع صدقاتنا، ولو كانت تصلح له، لأرسلنا بها إليه، قال: " فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم، عند ذلك عن الخلوة "

إسناده حسن، عبد الجبار بن محمد الخطابي روى عنه جماعة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، قال الحافظ في "التعجيل" ص 244: وإنما عرف بالخطابي، لأن عبد الحميد جده هو أبو عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب، وقد توبع، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين غير عكرمة، فمن رجال البخاري. عبيد الله بن عمرو: هو ابن أبي الوليد الجزري الرقي، وعبد الكريم: هو ابن مالك الجزري. وأخرجه أبو يعلى (2589) عن هاشم بن الحارث، والحاكم 2/102 من طريق عبد الله بن محمد النفيلي، كلاهما عن عبيد الله بن عمرو الرقي، بهذا الإسناد. وصححه الحاكم على شرط البخاري، ووافقه الذهبي. وسيأتي برقم (2719) عن زكريا بن عدي، عن عبيد الله بن عمرو، به. وأخرجه البزار (2022 - كشف الأستار) ، وأبو يعلى (2588) من طريق زكريا بن عدي، بهذا الإسناد.
قوله: "فقال له"، قال السندي: أي: فقال الذي تلاهما للخارج. وقال الشيخ أحمد شاكر: من الواضح أن الذي أمر الشيطانين بالرجوع كان من مؤمني الجن.

وروى عبد الرزاق من قول عمر:

9249 - عبد الرزاق عن الثوري عن الشيباني عن أسير بن عمرو قال ذكر عند عمر الغيلان فقال إنه لا يتحول شيء عن خلقه الذي خلق له ولكن فيهم سحرة من سحرتكم فإذا رأيتم من ذلك شيئا فأذنوا

ونسبوه إلى محمد:

9252 - عبد الرزاق عن بن جريج قال حدثت عن سعد بن أبي وقاص قال سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول إذا تغولت لكم الغيلان فأذنوا

أورده الهيثمي في المجمع10/ 134 وقال: رواه البزار ورجاله ثقات، إلا أن الحسن البصري لم يسمع من سعد فيما أحسب.

وقال البخاري قبل حديث رقم 3423 في تفسير النص القرآني عن قصة سليمان {وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ (34)} من سورة ص: {جَسَدًا} شَيْطَانًا.

وقد عرضتُ هذه القصة من أصولها اليهودية الهاجادية في كتابي الآخر عن الهاجادة. وهي قصة انتحال شيطان لشكل الملك سليمان واستيلائه حسب الأسطورة على عرشه لزمن. وقد أورد من الشيعة الاثناعشرية الطبرسي في تفسير القرآن والمجلسي في بحار الأنوار ج14/ باب 8 : تفسير قوله تعالى " فطفق مسحا بالسوق والأعناق " وقوله عز وجل: "وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب"، لكنْ نقلًا عن تفاسير السنة الذين سبقوهم في كتابة الأحاديث والتفاسير كالطبري والرازي، ومنها نقلهم للقصة الهاجادية بحذافيرها. راجعها في كتابي الآخر.

نار عدو المسيح وهمية، بحسب الأنبا شنودة القبطي رئيس المتوحدين في عظة (أيضًا بسببِكَ يا رئيس الشر) بالقبطية

شنودة رئيس المتوحدين، أرشمنديت رئيس رهبان، وُلِدَ عام 333 (أو 347م)، ومات عام 451 (أو 465م) (انظر ص 14 وما بعدها من كتاب (الأنبا شنودة رئيس المتوحدين سيرته وعظاته وتعاليم، ج1، نشر مكتبة الباناريون- مصر) واستدلالات مؤلفه عالم القبطيات المترجِم د. صموئيل القس قزمان معوض. كان متطرفًا فرحَ بأمر الامبراطور الروماني بهدم معابد الوثنيين ومنع عباداتهم وشارك في هدم معابدهم في مصر واضطهادهم. والعظة مترجمة عن اللغة القبطية الأصلية باللهجة الصعيدية على يد د. صموئيل القس قزمان معوض، في كتابه المذكور، من المخطوطات القبطية لدير الأنبا شنودة المعروف بالدير الأبيض المبعثرة معظمها حول متاحف العالم، ويعود أغلبها إلى ما بين القرنين التاسع والثالث عشر.

وصلتنا هذه العظة (عظة أيضًا بسببِكَ يا رئيسَ الشرِّ) كاملة في المخطوطة XH التي نشرها Chassinat عام 1911م (ص 19- 38)، كما وصلتنا شذراتٌ منها في مخطوطتين أخريين (Emmel 2004a: 621, 811). وفي عامي 1961- 1962م قامَ Du Bourguet بنشر النص القبطي مرة أخرى مع ترجمة فرنسية (ص 17- 72).

جاء فيها تصور شنودة لكلامه ضد الشيطان ومعه مباشرةً كما يتخيل هو، كأسلوب وعظ غير مباشر للسامعين له، فيقول، حسب الترجمة العربية المنشورة من مكتبة باناريون، في ص 204 وما بعدها:

1- أيضًا بسببك، يا رئيس الشر، قد حدثَتْ كلُّ الأضاليلِ الشريرةِ، لأنَّه لولا أنك مُسْبَقًا قد عيَّنْتَ كلَّ شرٍّ مقابلَ كلِّ صلاحٍ، مفعِّلًا في البَشَرِ الكراهيةَ مقابلَ المحبةِ، والعداوةَ مقابلَ السلامِ، والدنس مقابلَ الطُهْرِ، والظلم مقابل العدل والقصاص، وكل الشرور الأخرى مقابلَ التقوى، لما ذهبَتْ كلُّ تلك الجموعِ للتهلُكَةِ. ....إلخ

4- لماذا تحوم حوالَيْهِم في خيالات الأحلام بأشكالٍ شتَّى؟ إذا كنتَ تريد القتال، فلا تتركْ أيَّ سلاحٍ تحاربُ به ضدَّ من يجعلُ اللهَ حقًّا في داخلِهِ، المتجرِّدِ من أدناسِكَ، المقاومِ لكَ، أيها المرتدُّ الذي صارَتْ به بواسطته الميوعة (التخنُّث)، والمهووسُ بالأدناسِ من كل نوع. أنت الذي بواسطتك يُتَمِّمُ الرجالُ والنساءُ شهواتِهِم، هؤلاء الذين بدَّلُوا ما يتعلَّقُ بطبيعتِهم إلى ما هو ضدَّ طبيعتِهم [يقصد المثليين جنسيًّا]، فأنت لستَ رجلًا ولا امرأةً، ولستَ ثورًا أو حصانًا أو حمارًا أو جملًا أو أيَّ حيوانٍ. وأنتَ أيضًا لستَ حيَّةً أو عقربًا أو أيًّا من الزواحفِ، ولستَ من البربرِ أو الجماعاتِ البشرية الشريرة، ولستَ منَ البربرِ أو الجماعات البشرية الشريرة، ولستَ بحرًا أو تجمعًا مائيًّا، ولستَ جُبًّا أو حُفرةً، ولستَ جبلًا أو ارضًا (مستويةً)، ولست غنيًّا أو شحاذًا؛ لأنك تنتحل هيئة هؤلاء ومَن هم أكثر من هؤلاء. ومع ذلك فأنت لا تُعَدَّ واحدًا منهم، فهيئتُكَ هي هي، وكذلك أنتَ هو أنتَ: الشيء الملتف تمامًا على بعضِهِ البعض ومِنْ بعضِه البعض، ولا تملُكُ لا أنتَ ولا شياطينُكَ نصيبًا ضئيلًا من عضوٍ في أيِّ أحدٍ، فكلُّ هيئةٍ تتلون بها هي غريبةٌ عنكَ، وكلها خيالاتٌ.

5- فما شأنُكَ أنتَ بالسماءِ والهواءِ والضياءِ حتى تتخِذَ هيئتَها؟ مثلما تتخذُ أيضًا مثالَ ما سيكونُ في النهايةِ من نارٍ وزلزالٍ وبخارٍ كثيفٍ ودخانٍ يتغلغلون في الأرض [انظر يوئيل 2: 30 وأعمال 2: 19]، كما لو أن كل المسكونة ستهلك من جراء الظلمة الكاذبة التي تعمُّ كلَّ العالمِ، وتتخذ هيئةَ الكثيرين من البشر ومن شياطينك، مهرولًا وصارخًا أنها النهاية، وتنزعج وتسقط وتقوم وتنطرح أرضًا. كل هذا حتى تُضِلَّ الذين يرَوْنَ خيالاتِكَ الشريرةَ في الأحلام. وهكذا تُبشِّر مِرارًا كثيرةَ، بدءًا من هذا الجيل، بواسطة الذين هم مُلْكٌ لكَ، أن هذه هي النهاية، ولكنها ليست هي. فهم يكذِبون بواسطتك، وأنت تكذب بواسطتهم، معتقدين أن ما يرونه من خلالِهِ [الحلمِ] هو ملاكُ نورٍ، أم كيفَ تهتمُّ بالإنسانِ؟ لأنكَ عندما تحثُّه قائلًا: "لا تخطئْ"، فأنت على العكس تتمنى موتَه بشدة، أيها المخادع جدًّا والسيل الجارف جدًّا.

6- كيف تكوُنُ ملِكًا أو جنديًّا أو صاحبَ سلطةٍ. لأنكَ تنتحلُ هيئتَهم حتى تُزْعِجَ الذين يُزعِجونكَ. ما لكَ واتِّخاذَ شكلِ الجحيمِ، كما لو أنكَ تقيِّد البشرَ وتُلقي بهم إلى النار، عندما (تتغطَّى) تتنكر في عالمك بنورٍ مزيَّفٍ، كما لو أنكَ أنتَ اللهُ والمسيحُ؟ فكلُّ ما هو متغيِّرٌ وكلُّ ما لن يحدثَ هو كل ما تملك. لأن الأشكال التي تتقمَّصُها لدى أتباعِكَ حالَ يقظتِهِم ليست هي التي تتقمَّصُها في أحلامِ المتَّكِلين على يسوع. لأنكَ إنْ ظهرتَ لأتباعِكَ كملاكٍ فلن يصدِّقوكَ؛ لأنهم لا يعرِفونَ شكلَ ملاكِ الربِّ، فهم يعرِفونكَ ككائنٍ شيطانيِّ. أما إذا ظهرتَ بأشكالِكَ الحقيقيةِ للمنتبِهين لكَ وهم متيقظون، فأنتَ تعلَمُ أنَّهم سيتعرَّفون عليكَ. فماذا تفعلُ؟ تتَّخِذُ أمامَهم هيئةً كما لملاكٍ نورانيٍّ، وفي هذا أيضًا يتَصَدَّوْنَ لكَ، فلا تستطيعُ أن تتخفَّى عنهم. لأنهم إنْ تصرَّفُوا كما لو أنهم يريدون أنْ يرفعُوا أياديَهم عليكَ، يكونونَ كمنْ ضربَ الريحَ.

7- لأن من كانت بصيرةُ اللهِ غيرَ بعيدةٍ عنهم في أي وقتٍ يميِّزُونَ الملاكَ الحقيقيَّ، وكلَّ رؤيا صادقة، وكل شيء حقيقي، وكل كلمة، وكل شخص حقيقي من كل ما تُجرِّبُ به البشرَ؛ لأن التجربةَ يتبَعُها رجاءٌ صالحٌ للذينَ يُمَيِّزون بين أرواحِ الحقِّ وأرواحِ الضلالِ [انظر رسالة يوحنا الأولى 4: 1].

مقصود شنودة بلفظة "تقيِّدُهم" يعني في الحلم وهمًا وخيالًا ككابوس، وفي الفقرة 16، يتكلم عن الكوابيس أيضًا:

....كما قد قلنا إنه إذا كنتَ قد استطعتَ أنْ تجذِبَهم وتُحْدِرَهم إلى نجاساتِكَ، فمالكَ ومحاربتهم بخيالاتٍ متعددةِ الأشكالِ حتى إنكَ لا تدعُهُم ينامون ويرَوْنَكَ وأنتَ متَّسِخٌ كلُّكَ وكلُّ اتساخٍ محيطٌ بك، وأنتَ تتحوَّلُ إلى أدناسِكَ وأدناسُكَ تتحوَّلُ إليكَ، حتى إنهم يتقيؤون وهم نائمون أو إذا استيقظوا.

ويبدو أن كوابيس وهلاوس الرهبان كانت تشغل حيزًا كبيرًا من انشغال عقولهم بهذه الترهات والوساوس النفسية العقلية، وكمثال جاء في كتاب (من الفيلوكاليا، أقوال القديس أوغريس الراهب والقديس أنطونيوس الكبير) ترجمة القمص إشعياء ميخائيل، قول أبا أوغريس Evagrius، ص 27، عن كيفية زرع الشيطان الخرافي للعداوة بين البشر من خلال الأحلام (وهو هنا يتكلم عن تحريضات العقل الباطن في الحقيقة وهو ما يسميه شيطانًا أو شياطين) :

6-....وأحيانًا يَزْرَعُ في النفسِ العداوةَ ويجعلُ في النفسِ الكابوسَ (أثناء النوم نحو الشخص الذي نكرهه)، يجعلنا في رعب الموت أو هجوم الوحوش أو سم الثعابين، وهذه الظواهر الثلاثة تصاحِب العداوةَ في مَبدَئِها [بدايتِها] وتجلب معها أفكارًا كثيرةً كما يلاحظها الكثيرون.

وفي كتاب (سلسلة إكثوس - ج005 - القديس إيڤاجريوس البنطي - مار أوغريس)- ترجمة أنطون فهمي جورج، ص 99:

95- احترس من أن يخدعك الشياطين الخبثاء ببعض الرى، بل كن منتبهًا، والجأ إلى الصلاة واددعُ الله، حتى يُنيرَكَ هو إذا كانت هذه الرؤيا منه، وإلا فيسرعَ ويطردَ المضلل عنك، وثق أن الكلاب (الشياطين) لن تستطيع الصمود إذا سلمتَ نفسَكَ لصلاة حارة، فإن قوة الله ستضربها وتطردها بعيدًا دون تأخُّرٍ، على نحوٍ غيرِ منظورٍ وبدونِ أنْ تُظْهِرَ ذاتَها.

99- إذا هدَّدَكَ الشياطينُ بالظهور لكَ فجأةً في الهواء وبطرحك أرضًا وسلب عقلك، فلا تهلع، ولا تُعِرْ هذه التهديداتِ أيَّ انتباهٍ، فهم يفزعونك ليرَوْا إن كنتَ حقيقةً تهتمُّ بهم، أم أنك توصلت لازدرائِهم تمامًا.

وحسب الخرافة الإسلامية أخذَتْ الأحاديثُ المنسوبة إلى محمدٍ هذا المعنى بصورة أكثرَ حَرْفيةً بحق المسيح الدجال، على أنه يحدث في الواقع وليس في حلم أو أحلام، على الأغلب يعود هذا لسوء فهم لما انتقل للمسلمين من عظات الرهبان الأقباط والسريان من مصادرهم التي نقلتها لهم ممن درسوا أو اقتبسوا منهم. روى البخاري:

3450 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ المَلِكِ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، قَالَ: قَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَمْرٍو، لِحُذَيْفَةَ: أَلاَ تُحَدِّثُنَا مَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «إِنَّ مَعَ الدَّجَّالِ إِذَا خَرَجَ مَاءً وَنَارًا، فَأَمَّا الَّذِي يَرَى النَّاسُ أَنَّهَا النَّارُ فَمَاءٌ بَارِدٌ، وَأَمَّا الَّذِي يَرَى النَّاسُ أَنَّهُ مَاءٌ بَارِدٌ فَنَارٌ تُحْرِقُ، فَمَنْ أَدْرَكَ مِنْكُمْ فَلْيَقَعْ فِي الَّذِي يَرَى أَنَّهَا نَارٌ، فَإِنَّهُ عَذْبٌ بَارِدٌ»

7130 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ حُذَيْفَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ فِي الدَّجَّالِ: «إِنَّ مَعَهُ مَاءً وَنَارًا، فَنَارُهُ مَاءٌ بَارِدٌ، وَمَاؤُهُ نَارٌ» قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ أَنَا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

وروى مسلم:

7475- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ ، عَنْ حُذَيْفَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لأَنَا أَعْلَمُ بِمَا مَعَ الدَّجَّالِ مِنْهُ ، مَعَهُ نَهْرَانِ يَجْرِيَانِ ، أَحَدُهُمَا رَأْيَ الْعَيْنِ ، مَاءٌ أَبْيَضُ ، وَالآخَرُ رَأْيَ الْعَيْنِ ، نَارٌ تَأَجَّجُ ، فَإِمَّا أَدْرَكَنَّ أَحَدٌ ، فَلْيَأْتِ النَّهْرَ الَّذِي يَرَاهُ نَارًا وَلْيُغَمِّضْ ، ثُمَّ لْيُطَأْطِئْ رَأْسَهُ فَيَشْرَبَ مِنْهُ ، فَإِنَّهُ مَاءٌ بَارِدٌ ، وَإِنَّ الدَّجَّالَ مَمْسُوحُ الْعَيْنِ ، عَلَيْهَا ظَفَرَةٌ غَلِيظَةٌ ، مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ ، يَقْرَؤُهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ ، كَاتِبٍ وَغَيْرِ كَاتِبٍ.

7475- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ ، عَنْ حُذَيْفَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لأَنَا أَعْلَمُ بِمَا مَعَ الدَّجَّالِ مِنْهُ ، مَعَهُ نَهْرَانِ يَجْرِيَانِ ، أَحَدُهُمَا رَأْيَ الْعَيْنِ ، مَاءٌ أَبْيَضُ ، وَالآخَرُ رَأْيَ الْعَيْنِ ، نَارٌ تَأَجَّجُ ، فَإِمَّا أَدْرَكَنَّ أَحَدٌ ، فَلْيَأْتِ النَّهْرَ الَّذِي يَرَاهُ نَارًا وَلْيُغَمِّضْ ، ثُمَّ لْيُطَأْطِئْ رَأْسَهُ فَيَشْرَبَ مِنْهُ ، فَإِنَّهُ مَاءٌ بَارِدٌ ، وَإِنَّ الدَّجَّالَ مَمْسُوحُ الْعَيْنِ ، عَلَيْهَا ظَفَرَةٌ غَلِيظَةٌ ، مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ ، يَقْرَؤُهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ ، كَاتِبٍ وَغَيْرِ كَاتِبٍ.

7474- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ إِسْحَاقُ : أَخْبَرَنَا ، وقَالَ الآخَرَانِ : حَدَّثَنَا ، أَبُو مُعَاوِيَةَ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ شَقِيقٍ ، عَنْ حُذَيْفَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : الدَّجَّالُ أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُسْرَى ، جُفَالُ الشَّعَرِ ، مَعَهُ جَنَّةٌ وَنَارٌ ، فَنَارُهُ جَنَّةٌ وَجَنَّتُهُ نَارٌ.

7476 و7477- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ (ح) وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، وَاللَّفْظُ لَهُ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ ، عَنْ حُذَيْفَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّهُ قَالَ فِي الدَّجَّالِ : إِنَّ مَعَهُ مَاءً وَنَارًا ، فَنَارُهُ مَاءٌ بَارِدٌ وَمَاؤُهُ نَارٌ ، فَلاَ تَهْلِكُوا.
قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ : وَأَنَا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

7480 و7481- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ السَّعْدِيُّ ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، وَاللَّفْظُ لاِبْنِ حُجْرٍ ، قَالَ إِسْحَاقُ : أَخْبَرَنَا ، وقَالَ ابْنُ حُجْرٍ : حَدَّثَنَا ، جَرِيرٌ ، عَنِ الْمُغِيرَةِ ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ ، قَالَ : اجْتَمَعَ حُذَيْفَةُ وَأَبُو مَسْعُودٍ ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ : لأَنَا بِمَا مَعَ الدَّجَّالِ أَعْلَمُ مِنْهُ ، إِنَّ مَعَهُ نَهْرًا مِنْ مَاءٍ وَنَهْرًا مِنْ نَارٍ ، فَأَمَّا الَّذِي تَرَوْنَ أَنَّهُ نَارٌ مَاءٌ ، وَأَمَّا الَّذِي تَرَوْنَ أَنَّهُ مَاءٌ نَارٌ ، فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَأَرَادَ الْمَاءَ فَلْيَشْرَبْ مِنَ الَّذِي يَرَاهُ أَنَّهُ نَارٌ ، فَإِنَّهُ سَيَجِدُهُ مَاءً.
قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ : هَكَذَا سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ.

ورواه أحمد بن حنبل: (21929) 22275 و (23250) و (23279) 23668و (23353) 3743 و (23383) 23775 و (23439) 23832

(وقد سرد الشيخ الشيعي الاثناعشري علي الكوراني العاملي هذه الأحاديث إنما نقلًا عن كتب مذهب السنة في كتابه معجم أحاديث المهدي في عدة مواضع في جزئيه)

قد يكون من نقل الكلام للمسلمين أو لمحمد مسيحيًّا أو راهبًا مسيحيًّا منغمسًا في قراءة كتابات الرهبان وهرائهم هذا، فنقل من كلام شنودة هذا أو من كلام آخر مشابه لبعض الرهبان والنساك المسيحيين، لكنْ أعتقد أننا عرفنا المصدر للاعتقاد الإسلامي في العموم.

وحسب السخافات والخرافات الإسلامية المشابهة للمسيحية، قد يتجسد الشياطين الخرافيون متنكرين في صورة كلب أسود، فروى مسلم:

[ 510 ] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا إسماعيل بن علية ح قال وحدثني زهير بن حرب حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن يونس عن حميد بن هلال عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام أحدكم يصلي فإنه يستره إذا كان بين يديه مثل آخرة الرحل فإذا لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل فإنه يقطع صلاته الحمار والمرأة والكلب الأسود قلت يا أبا ذر ما بال الكلب الأسود من الكلب الأحمر من الكلب الأصفر قال يا بن أخي سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سألتني فقال الكلب الأسود شيطان

وانظر أحمد بن حنبل (21323) 21649 و (21342) 21669 و (21378) 21706

أو شكل إنسان كما نرى في بعض التقاليد، مثلًا روى البخاري:

2311 - * وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ أَبُو عَمْرٍو حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ وَكَّلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ فَأَتَانِي آتٍ فَجَعَلَ يَحْثُو مِنْ الطَّعَامِ فَأَخَذْتُهُ وَقُلْتُ وَاللَّهِ لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنِّي مُحْتَاجٌ وَعَلَيَّ عِيَالٌ وَلِي حَاجَةٌ شَدِيدَةٌ قَالَ فَخَلَّيْتُ عَنْهُ فَأَصْبَحْتُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ الْبَارِحَةَ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ شَكَا حَاجَةً شَدِيدَةً وَعِيَالًا فَرَحِمْتُهُ فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ قَالَ أَمَا إِنَّهُ قَدْ كَذَبَكَ وَسَيَعُودُ فَعَرَفْتُ أَنَّهُ سَيَعُودُ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهُ سَيَعُودُ فَرَصَدْتُهُ فَجَاءَ يَحْثُو مِنْ الطَّعَامِ فَأَخَذْتُهُ فَقُلْتُ لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ دَعْنِي فَإِنِّي مُحْتَاجٌ وَعَلَيَّ عِيَالٌ لَا أَعُودُ فَرَحِمْتُهُ فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ فَأَصْبَحْتُ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ شَكَا حَاجَةً شَدِيدَةً وَعِيَالًا فَرَحِمْتُهُ فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ قَالَ أَمَا إِنَّهُ قَدْ كَذَبَكَ وَسَيَعُودُ فَرَصَدْتُهُ الثَّالِثَةَ فَجَاءَ يَحْثُو مِنْ الطَّعَامِ فَأَخَذْتُهُ فَقُلْتُ لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ وَهَذَا آخِرُ ثَلَاثِ مَرَّاتٍ أَنَّكَ تَزْعُمُ لَا تَعُودُ ثُمَّ تَعُودُ قَالَ دَعْنِي أُعَلِّمْكَ كَلِمَاتٍ يَنْفَعُكَ اللَّهُ بِهَا قُلْتُ مَا هُوَ قَالَ إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} حَتَّى تَخْتِمَ الْآيَةَ فَإِنَّكَ لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنْ اللَّهِ حَافِظٌ وَلَا يَقْرَبَنَّكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ فَأَصْبَحْتُ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ الْبَارِحَةَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ زَعَمَ أَنَّهُ يُعَلِّمُنِي كَلِمَاتٍ يَنْفَعُنِي اللَّهُ بِهَا فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ قَالَ مَا هِيَ قُلْتُ قَالَ لِي إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ مِنْ أَوَّلِهَا حَتَّى تَخْتِمَ الْآيَةَ {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} وَقَالَ لِي لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنْ اللَّهِ حَافِظٌ وَلَا يَقْرَبَكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ وَكَانُوا أَحْرَصَ شَيْءٍ عَلَى الْخَيْرِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَا إِنَّهُ قَدْ صَدَقَكَ ذتَعْلَمُ مَنْ تُخَاطِبُ مُنْذُ ثَلَاثِ لَيَالٍ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ لَا قَالَ ذَاكَ شَيْطَانٌ.

وانظر أحمد 23592 و23593 وفي الباب عن أبي بن كعب عند النسائي في "عمل اليوم والليلة" (960) ، وابن حبان (784) . وعن أبي هريرة عند البخاري تعليقاً (2311) ، ووصله النسائي في "عمل اليوم والليلة" (959). وانظر تتمة أحاديث الباب في "صحيح ابن حبان" (784)

وروى أحمد:

2510 - حدثني عبد الجبار بن محمد يعني الخطابي، حدثنا عبيد الله بن عمرو، عن عبد الكريم، عن عكرمة، عن ابن عباس: أن رجلا خرج فتبعه رجلان، ورجل يتلوهما، يقول: ارجعا، قال: فرجعا، قال: فقال له: إن هذين شيطانان، وإني لم أزل بهما حتى رددتهما، فإذا أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأقرئه السلام، وأعلمه أنا في جمع صدقاتنا، ولو كانت تصلح له، لأرسلنا بها إليه، قال: " فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم، عند ذلك عن الخلوة "

إسناده حسن، عبد الجبار بن محمد الخطابي روى عنه جماعة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، قال الحافظ في "التعجيل" ص 244: وإنما عرف بالخطابي، لأن عبد الحميد جده هو أبو عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب، وقد توبع، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين غير عكرمة، فمن رجال البخاري. عبيد الله بن عمرو: هو ابن أبي الوليد الجزري الرقي، وعبد الكريم: هو ابن مالك الجزري. وأخرجه أبو يعلى (2589) عن هاشم بن الحارث، والحاكم 2/102 من طريق عبد الله بن محمد النفيلي، كلاهما عن عبيد الله بن عمرو الرقي، بهذا الإسناد. وصححه الحاكم على شرط البخاري، ووافقه الذهبي. وسيأتي برقم (2719) عن زكريا بن عدي، عن عبيد الله بن عمرو، به. وأخرجه البزار (2022 - كشف الأستار) ، وأبو يعلى (2588) من طريق زكريا بن عدي، بهذا الإسناد.
قوله: "فقال له"، قال السندي: أي: فقال الذي تلاهما للخارج. وقال الشيخ أحمد شاكر: من الواضح أن الذي أمر الشيطانين بالرجوع كان من مؤمني الجن.

وروى عبد الرزاق من قول عمر:

9249 - عبد الرزاق عن الثوري عن الشيباني عن أسير بن عمرو قال ذكر عند عمر الغيلان فقال إنه لا يتحول شيء عن خلقه الذي خلق له ولكن فيهم سحرة من سحرتكم فإذا رأيتم من ذلك شيئا فأذنوا

ونسبوه إلى محمد:

9252 - عبد الرزاق عن بن جريج قال حدثت عن سعد بن أبي وقاص قال سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول إذا تغولت لكم الغيلان فأذنوا

أورده الهيثمي في المجمع10/ 134 وقال: رواه البزار ورجاله ثقات، إلا أن الحسن البصري لم يسمع من سعد فيما أحسب.

وقال البخاري قبل حديث رقم 3423 في تفسير النص القرآني عن قصة سليمان {وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ (34)} من سورة ص: {جَسَدًا} شَيْطَانًا.

وقد عرضتُ هذه القصة من أصولها اليهودية الهاجادية في كتابي الآخر عن الهاجادة. وهي قصة انتحال شيطان لشكل الملك سليمان واستيلائه حسب الأسطورة على عرشه لزمن. وقد أورد من الشيعة الاثناعشرية الطبرسي في تفسير القرآن والمجلسي في بحار الأنوار ج14/ باب 8 : تفسير قوله تعالى " فطفق مسحا بالسوق والأعناق " وقوله عز وجل: "وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب"، لكنْ نقلًا عن تفاسير السنة الذين سبقوهم في كتابة الأحاديث والتفاسير كالطبري والرازي، ومنها نقلهم للقصة الهاجادية بحذافيرها. راجعها في كتابي الآخر.

لؤي عشري 12-18-2018 09:27 AM

نماذج لاقتباسات أو تشابهات نصوص القرآن والأحاديث في العقائد والتعاليم من أو مع بعض كتابات آباء المسيحية

أفرام السرياني والأنبا شنودة رئيس المتوحدين القبطي، وشذرات من كيرلس الأورشليمي ويوحنا السلمي (الدرجي) وإشعيا الإسقيطي وأوغريس (إيڤاجريوس)

نورهم يسعى بين أيديهم

{يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهمْ بَيْنَ أَيْدِيهمْ وَبِأَيْمَانِهمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِها الْأَنْهارُ خَالِدِينَ فِيها ذَلِكَ هوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آَمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهمْ بِسُورٍ لَه بَابٌ بَاطِنُه فِيه الرَّحْمَةُ وَظَاهرُه مِنْ قِبَلِه الْعَذَابُ (13) يُنَادُونَهمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّه وَغَرَّكُمْ بِاللَّه الْغَرُورُ (14)} الحديد

{يَا أَيُّها الَّذِينَ آَمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّه تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِها الْأَنْهارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّه النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَه نُورُهمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهمْ وَبِأَيْمَانِهمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (8)} التحريم

أصل الكتابات الآبائية التي اقتبس منها محمد هذا الكلام تعود إلى مثل العذارى العشر في إنجيل متى:
(1 ويُشبِه مَلكوتُ السَّماواتِ عَشرَ عَذارى حمَلْنَ مَصابـيحَهنَّ وخرَجْنَ لِلقاءِ العَريسِ. 2 وكانَ خَمسٌ مِنهنَّ جاهلاتٍ وخَمسٌ عاقِلاتٍ. 3 فحَمَلتِ الجاهلاتُ مَصابـيحَهنَّ، وما أخَذنَ معَهنَّ زَيتًا. 4 وأمَّا العاقِلاتُ، فأخَذْنَ معَ مَصابـيحِهنَّ زَيتًا في وِعاءٍ. 5 وأبطأَ العَريسُ، فنَعِسنَ جميعًا ونِمنَ. 6 وعِندَ نِصفِ اللَّيلِ عَلا الصِّياحُ: جاءَ العَريسُ، فاَخْرُجْنَ لِلقائِه! 7 فقامَتِ العَذارى العَشْرُ وهيَّأْنَ مَصابـيحَهنَّ. 8 فقالَتِ الجاهلاتُ لِلعاقِلاتِ: أعطينَنا من زَيْتِكُنَّ، لأنَّ مَصابـيحَنا تَنطفِـئُ. 9 فأجابَتِ العاقِلاتُ: رُبَّما لا يكفي لنا وَلكُنَّ، فاَذهبْنَ إلى البَــيّاعينَ واَشترِينَ حاجَتَكُنَّ. 10 وبَينَما هنَّ ذاهباتٌ ليَشترينَ، وصَلَ العَريسُ. فدَخلَتْ معَه المُستعِدّاتُ إلى مكانِ العُرسِ وأُغلقَ البابُ. 11 وبَعدَ حينٍ رجَعَتِ العَذارى الأُخَرُ فقُلنَ: يا سيِّدُ، يا سيِّدُ، اَفتَحْ لنا! 12 فأجابَهنَّ العريسُ: الحقَّ أقولُ لكُنَّ: أنا لا أعرِفُكُنَّ. 13 فاَسهروا، إذًا، لأنَّـكُم لا تَعرِفونَ اليومَ ولا السّاعَةَ.) متى 25: 1- 13

(14 أنتُم نورُ العالَمِ. لا تَخفَى مدينةٌ على جبَلٍ، 15 ولا يُوقَدُ سِراجٌ ويوضَعُ تَحتَ المِكيالِ، ولكِنْ على مكانٍ مُرتَفِـعٍ حتّى يُضيءَ لِجميعِ الّذينَ همْ في البَيتِ. 16 فلْيُضِىءْ نورُكُم هكذا قُدَّامَ النَّاسِ ليُشاهدوا أعمالَكُمُ الصّالِحةَ ويُمَجِّدوا أباكُمُ الّذي في السَّماواتِ.) متى 5: 14- 16

وجاء في الأمثال: (نور الصديقين يفرح وسراج الأشرار ينطفئ) 13: 9

وفي ترجمة أخرى: 9 نورُ الصِّدِّيقينَ فرَحٌ كُلُّهُ، وسِراج الأشرارِ يَنطَفئْ.

وعلى أساس مثل أو تشبيه العذارى العشر جاءت تأملات وتعبيرات آباء الكنيسة الأقدمين المجازية، فيقول أفرام السرياني مثلًا، كما ورد في المزامير الروحية، ترجمة د. عدنان طرابلسي، ص 52:

سيسطعُ يومُ الربِّ فجأةً لكل الخليقةِ وسيَخرُجُ الأبرارُ ويقابِلون الربَّ بمصابيحَ مشتعلةٍ؛ إنما أنا في الظلامِ، ولا يوجَدُ زيتٌ في مصباحي كيْ أقابِلَ العريسَ عندما يأتي.
وفي ص 222:

نورُ عينيكِ [النفسِ] سيَظْلِمُ ويتلاشى، وستُتْرَكينَ خارجًا مع العذراى الحمقاوات.

زوِّدي ذاتَكِ بالزيتِ، أيتُها النفسُ البائسةُ، طالما يوجَدُ وقتٌ لتبريرِ ذاتِكِ. التمسي مغفرةَ خطاياكِ سويةً مع الزانيةِ واشفي جروحَكِ بدموعِكِ.

وفي ص 262:

...لا تختطِفْني بدونِ أنْ أستعدَّ، لا تُمسِكْ بي أنا الذي لم أشعِلْ بعدُ مصباحي، لا تُبْعِدْنِي أنا الذي لا أملِكُ وشاحَ زفافِ؛ بلْ لأنكَ صالحٌ ومحبٌّ للبشرِ، ارحمْني.

وفي ميامر (مواعظ) مار أفرام السرياني وملخص سيرته - إعداد الراهب صموئيل السرياني، المقالة 4، الحض على التوبة:

حینئذ یصیر بغتة صوت ها الختن یجيء؛ ها السرور المنتظر یوافي، وها فخر الصدیقین، شمس العدل مقبل، هلَّ ملك المتملكین، واردٌ الذي لا انقضاء لملكه، ها القاضي العادل آتٍ الآن، اخرجوا لاستقباله سریعًا. وحینئذٍ یوافي الذین لهم مصابیح مضیئة وحُلَّتُهم منیرةٌ فیسمعون صوت الختن قائلاً ” :تعالوا یا مبارَكي أبي رثوا الملك المعد لكم من قَبلِ إنشاء العالم.“

فلما یصیر هذا الصراخ مسموعاً من الكل یخرج إلى استقباله الذین لهم مصابیح مضیئة بَهیة بدالَّةٍ جزیلة مبتهجین واثقین أن مصابیحهم لا تنطفئ. حینئذ إذا رأیت ذاتك في غم عظیم، في خیبة ردیئة وشدة غیر محتملة، وإذا عاینت مصباحك انطفأ تقول بخزي وخجل: "یا إخوتي أقرضوني زیتاً قلیلاً فقد انطفأ مصباحي.“ فیجیبونك قائلین: "لعله لا یكفینا وإیاك لكن أذهب إلى الذین یبیعون واشترِ لك.“ فتمضي بخزي وتوجُّع وتنهد مُرٍّ باكیاً فلا تجد ألبتة زیتاً تشتریه لأنه قد انحل موسم الحیاة وكل حیاتَهم ترتعد كالبحر. قد انصرف الفقراء الجالسون حول أبواب الكنائس الذین یبیعون الزیت هناك، فتضیق بك الأمور من كل جهة وتتحیر باكیاً منتحباً قائلاً: أمضي أقرعُ بابَ المسیحِ لكنْ منْ یعرفُ إنْ كانَ یَفتَحُ لي. فإذا جئت تقرع یجاوبك الختن من داخل: "حقاً أقول لك لستُ أعرفكَ، انصرف عني یا عامل الإثم، ما رَحمت فلا تُرحم، ما سمعت صوت الفقراء فلن أسمع أنا صوتك. كنت تسمع كتبي المقدسة وتضحك؛ فلهذا لا أسمح لك أن تدخل، نبذت أوامر أنبیائي ورسلي؛ فلهذا القول الذي قلته ذاك یدینك في هذا الیوم الأخیر، انصرف عني".

ومكرر في كتاب مختارات نسكية لإسبيرو جبور وأفرام كرياكوس، الميمر أي العظة الرابعة، حضٌّ على التوبةِ، ص 106 بترجمة بنحوه:

...وباختصارٍ هو يأتي ليكافئَ كلَّ واحدٍ بحسبِ أعمالِه (رسالة رومية 2: 6). فيخرج لاستقباله بدالَّةٍ أصحابُ المصابيحِ البهيَّةِ مبتهجين واثقين من أن مصابيحهم لا تنطفئ. حينئذ إذا رأيت ذاتك في غم وخيبة مرة وشدة لا تطاق وشاهدت مصباحك ينطفئ تقول: يا للخزي والخجل! يا إخوتي؛ أقرضوني قليلًا من الزيت فقد انطفأ مصباحي. فيجيبونك قائلين: لعله لا يكفي لنا ولك، فالأحرى أن تذهب إلى الباعة وتبتاع لك (متى 25: 9) فتنضي بحزن وتوجع وتنهد مر باكيًا فلا تجد أبدًا زيتًا لتشتري. لأن موسم الحياة قد انقضىـ وانصرف الفقراء الجالسون على أبواب الكنائس ليبيعوا الزيت هناك، فتتضايق متحيرًا وتقول باكيًا ومنتحبًا: أمضي فأقرع بابَ المسيحِ. ...إلخ [هنا يرد نص بصيغة أطول مما عند ترجمة صموئيل السرياني]

وفي مقالات كيرلس الأورشليمي لطالبي العماد، المقال 15، ترجمة تادرس يعقوب الملطي، الفقرة 26، فيها:

.... ابدأ فورًا بعملها، ولتثبت في الإيمان، لئلا تكون مثل العذارى الجاهلات اللواتي إذ أبطأن في شراء الزيت أغلق عليهن. لا تطمئن لمجرد امتلاكك المصباح، بل ليكن المصباح مشتعلاً، ليضيء نور أعمالكم الصالحة أمام الناس (متى 5: 16). لا تجعلوا اسم المسيح يجدف عليه بسببكم. البسوا ثوب عدم الفساد المتألق : بالأعمال الصالحة.

وفي ميامر وأقوال الأنبا أشعياء الإسقيطي - ط أبناء البابا كيرلس السادس، ص 116:

فإذ لنا ختم المعمودية المقدسة فلنبادر بترك خطايانا لكي نجد رحمة من الرب في ذلك اليوم. لأنه قريب، وسيأتي ويجلس على عرش مجده، وتجتمع جميع الشعوب قدامه، وكل واحد يُعْرَفُ من المصباح الذي بيده، كل من ليس له زيت ينطفئ مصباحه ويُلقَى في الظُلمة، أما الذي ينير مصباحه فيدخل إلى الملكوت.

فلنسرع يا أحبائي لنملأ آنيتنا بالزيت ما دمنا في الجسد، لكي تنير مصابيحَنا فندخلَ معه الملكوتَ. فالإناء يشير إلى التوبة والزيت الذي يحتويه هو ممارسة جميع الفضائل، والمصباح المضيء هو النفس الطاهرة. هكذا فالنفس الحاملة النور بواسطة أعمالها تدخل معه الملكوت، أما النفس التي صارت مظلمة من جراء الشر فتمضي إلى الظُلْمةِ.

وفي ص 219:

الويل لنا نحن الذين نشبه العذارى الجاهلات من أجل قساوة قلوبنا فلم نبتَعْ لنا في هذه الدنيا زيتًا ينير مصابيحَنا.

وفي كتاب (سيرة وأقوال الأنبا إشعيا الإسقيطي- للراهب القمص سمعان السرياني) ص 38، عظة تبكيت الذات:
أيتها النفس الشقية لا تنسي الموت وأضيئي لكِ مصباحًا تلتقي به سيدَكِ.

وفي كتاب (من الفيلوكاليا أقوال أوغريس الراهب وأنطونيوس الكبير) ترجمة القمص إشعياء ميخائيل، ص 68 قول أنطونيوس الكبير عن الرهبان والراهبات الغير منضبطين:

...وسيصير نصيبهم مع الخمس عذارى الجاهلات لأنهم أضاعوا كل وقتهم بلا مبرر ولم يضبطوا لسانهم ولم يحفظوا عيونهم طاهرة ولم يحموا أجسادهم من النجاسة وقلوبهم من الدنس والأشياء الأخرى. يجب أن ينوحوا من أجل دنسهم وهم راضون بملابسهم الكتانية التي هي رمز للبتولية. ولذلك هم محرومون من الزيت السمائي لكي يوقدوا مصابيحهم والعريس لن يفتح لهم باب غرفته، بل سوف يقول لهم كما قال للعذارى الجاهلات: "الحق أقول لكنَّ أني لا أعرفكنَّ" [متى 15: 12]....إلخ

....أما أولئك الذين لم يستعدوا بعد للاقتراب منه فأنا أتوسل إليهم ألا يصيروا مهملين ما دام يوجد وقت لئلا يجدوا أنفسَهم في ساعة الاحتياج بلا زيت ولا يجدون من يبيع لهم. وهذا ما حدق للخمس العذارى الجاهلات اللاتي لم يجدن من يشترون منه ....إلخ

وفي المقالة 21 من ميامر أفرام السرياني، إعداد صموئيل السرياني:

فلنشد أحقائنا بالحق، ومثل أناس وعبید حافظین منتظرین سیدهم، نوقد مصابیحنا، ونستفیق بشهامة، لأننا منتظرون أن نستقبل ربنا من السماوات مقبلاً، فلا نتناعس فیما بعد لئلا تنطفئ مصابیحنا. ها قد وافى النور، فولى اللیل وأتى النهار، یا بني النور بادروا إلى النور أخرجوا بفرح إلى استقبال ربكم.

....فاحذروا یا إخوتي إذا صار ذلك أن یوجد أحدكم ماسكاً مصباحه مظلماً لا زیت فیه، أو لابساً أطماراً بالیة متسخة فیدان، ویحكم علیه بالظلمة البرانیة، وبذلك العقاب الدهري الذي لا یفنى، حیث البكاء وتقعقع الأسنان. فلنحذِّر ذواتِنا یا أحبائي، فإننا لا نعلم متى یجيءُ ربنا، لأنه كالسارق في اللیل، ومثل الفخ یوافي ذلك الیوم، وكبرق حاد هكذا یكون حضور الرب. لأن البوق یضرب، فتتزعزع الأرض من أساساتِها، وترتعد السماوات.

وفي ترجمة صموئيل السرياني للموعظة 14، في رثاء النفس:

في بعض الأیام نَهضت في الدلج؛ وذهبت أنا واثنان من الأخوان إلى مدینة الرها المباركة؛ فرفعت عیني إلى فوق السماء فعاینت المدینة كامرأة صافٍ صقالها؛ تتلألأ على الأرض كالنجوم لامعة بمجد. فإذ تعجبت كثیراً قلت: إن كانت هذه البرایا تلمع بمجد هكذا كم أولى بالقدیسین والصدیقین الذین صنعوا مشیئة الإله القدوس؛ في تلك الساعة إذا جاء الرب أن یشرقوا أكثر بنورٍ لا ینعت؛ بنور مجد المخلص.

تقرؤها بنحوه في ترجمة سمعان السرياني، الفصل الخامس، تبكيت الذات.

وفي المقالة السادسة من ترجمة صموئيل السرياني، في الأمثال وفي المخافة الإلهية:

لا توجد حكمة ولا یكون عقل حیث لیس مخافة الرب، لأن رأس الحكمة مخافة الرب، فإنه قد كُتِبَ: ”النور للصدیقین كل حین وضوء الخطاة ینطفئ (الأمثال 13: 9).“

وفي المقال 33، في أن للرب الأرض وما فيها وإقامة الموتى، يعبر بتعابير واضحة المجازية:

امنحنا یا رب أن نسهر ونستیقظ لاستقبالك ممنطقین أحقاء أذهاننا ماسكین مصابیح نفسنا العقلية غیر مطفئة منتظرین إیاك
وفي ص 293 من المزامير الروحية:

لا، ليس لديكَ سببٌ لتتملَّقَ ذاتَكَ! فالأبرارُ والعفيفون والودعاء سيسيرون في نورٍ لا يُقترَبُ منه، أما الخاطئون والكسالى والمتكبِّرون والمتعالون والذين يعيشون بإهمالٍ لإشباعِهم مثلي، فإنهم سيجدونَ أنفسَهم في نارٍ أبديةٍ لا تُطفَأُ.

وفي ص 128 من المزامير الروحية، يبدو لنا مجاز المعنى:

أين هم الساهرون؟ أين هم اليقِظون؟ أين هم المتواضعون؟ أين هم الودعاء؟ أين هم الذين نذروا الصمت؟ أين هم المتقشِّفون؟ أين هم الذين نذروا الصمتَ؟ أين هم المتقشِّفون؟ أين هم الذين بقلبِ منسحِقٍ وقفوا أمام الربِّ في صلاةٍ كاملةِ، مثل ملائكةِ الله؟ لقد انطلقوا من هنا لينضموا إلى إلهنا القدُّوسِ بمصابيحِهِم المتوهجة باتقادٍ.

وفي ص 84 من المزامير الروحية:

انتَحِبْ أمامَ الربِّ إنْ قسا قلبُكَ، ليضيئَكَ الربُّ باستنارةِ المعرفةِ ويمُنَّ عليكَ بأنْ تُحْمَلَ إليه بقلبٍ متوهجٍ.

وفي ص 209:

مِثْلُ إنسانٍ يسيرُ بشمعدانٍ ويُعْطي نورًا للذين معَه، هكذا تفعَلُ الفضيلةُ، التي تَحْمِلُ دائمًا مجْدًا معها، وتعطي نورًا أيضًا.

وفي سيرة وأقوال مار أفرام السرياني قيثارة الروح-الراهب القمص سمعان السرياني، الفصل أو العظة (الميمر) السادس، الرجاء:

الطوبى للذين صاروا في طاعة هيكلًا للروح القدس، الطوبى للذين صلبوا ذواتهم، الطوبى للذين منطقوا أحقاءهم بالحق ولهم مصابيح معدة يتوقعون عريسهم. مغبوط المقتني أعينًا لمعاينة النصيب الأبدي.

وفي سيرة وأقوال مار أفرام، لسمعان السرياني، الفصل الحادي عشر، الجهاد الروحي:

منطق حقويك وأشعل مصباحك منتظرًا ومستعدًا لاستقبال سيدك.

وفي كتاب: القديس إفرام السرياني - مختارات نسكية وزهدية، لـ إسبيرو جبُّور والأب أفرام كرياكوس - مطرانية الروم الأرثوذكس باللاذقية، ص 55:

...توقَّعْ في كل يومٍ انفصالَكَ عن هذا العالَمِ ومثولَكَ أمامَ مِنْبَرِ الربِّ. هيِّءْ في كل يومٍ مشعَلَكَ، وكنْ مستعدًّا حاذقاً. لا تدَعْهُ ينطفئُ بلْ أوقِدْهُ دائمًا بالصلواتِ والدموعِ. ....إلخ

وفي ترجمة صموئيل السرياني، المقالة الخامسة، في النسك والخشوع:

ومن یحب أن یدخل الخدر ویبتهج فليأخذ مصباحاً بَهیاً وزیتاً في وعائه، ومن ینتظر أن یتكئ في ذلك العرس فلیقتنِ حلة منیرة. فإن مدینة الملك هي مملوءة سروراً وابتهاجاً، موعبة نوراً وحلاوة نابعة لذة وحیاة أبدیة للساكنین فیها.

.... فمنذ الآن عد إلى ذاتك، ولا تمقت نفسك، افتح عیني ذهنك وأبصر الذین معك كیف یجاهدون، كیف یحرصون وهم ماسكون مصابیحهم، وفمهم یسبح ویمجد الختن الذي لا یموت، وأعینهم تتأمل جماله، وأنفسهم نضرة بَهجة. تأمل أنه قد قرب ولا یبطئ، لأنه سیجيء ویفرح الذین ینتظرونه...

وفي المقال 11، في التوبة والدينونة:

فق أيها الإنسان قلیلاً؛ وعُد إلى ذاتك؛ وأعرف بما أنك فهیم أنه من أجلك أقبل الإله الأعلى من السماء لیرفعك من الأرض إلى السماء وقد دعیت إلى عرس الختن السمائي فلِمَ تتهاون؟ لِمَ تستصعب الأمر؟ قل لي كیف یمكنك أن تذهب إلى العرس ولیست لك حلة عرس فاخرة؟

وإن لم تمسك مصباحاً؛ فكیف یمكنك الدخول؟ وإن دخلت متهاونًا فتسمع في الحال صوت الختن: یا صاحب كیف دخلت متهاونًا إلى العرس ولیس علیك لباس عرس ملكي.

وفي المقال12، في الابتهال والتخشع:

وإذا اتجرت التجارة الحسنة في حقلك؛ أنال منك المدیح وأقول بدالة واستبشار قلب : إذا أقبلت یا رب لقد حصلت مغبوطاً لأنك جئت وألبستني لباساً لائقاً بعرس الختن الباقي.

وأوقد المصباح الذي وهبته لي بنعمتك وإطالة أناتك؛ وأخرج بفرح إلى استقبالك ممجداً ومبارك الختن الذي لا یموت، وأؤهَّل أن أصیر مشاركاً للصدیقین والقدیسین الذین أرضوك إلى الأبد.


وإن منكم إلا واردها

جاء في القرآن هكذا:

{وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (71) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا (72)} من سورة مريم

وروى مسلم وهو عند أحمد وغيره، واللفظ لمسلم:

[ 2496 ] حدثني هارون بن عبد الله حدثنا حجاج بن محمد قال قال بن جريج أخبرني أبو الزبير انه سمع جابر بن عبد الله يقول أخبرتني أم مبشر انها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول عند حفصة لا يدخل النار إن شاء الله من أصحاب الشجرة أحد الذين بايعوا تحتها قالت بلى يا رسول الله فانتهرها فقالت حفصة {وإن منكم إلا واردها} فقال النبي صلى الله عليه وسلم وقد قال الله عز وجل {ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا}

ورواه أحمد (26440) 26972

وروى البخاري:

1251 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَمُوتُ لِمُسْلِمٍ ثَلَاثَةٌ مِنْ الْوَلَدِ فَيَلِجَ النَّارَ إِلَّا تَحِلَّةَ الْقَسَمِ قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا}

وروى أحمد:

4128- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ : {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا}، قَالَ : يَدْخُلُونَهَا، أَوْ يَلِجُونَهَا، ثُمَّ يَصْدُرُونَ مِنْهَا بِأَعْمَالِهِمْ قُلْتُ لَهُ : إِسْرَائِيلُ، حَدَّثَهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ : نَعَمْ، هُوَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ كَلاَمًا هَذَا مَعْنَاهُ

4141- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ : {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا}، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَرِدُ النَّاسُ النَّارَ كُلُّهُمْ، ثُمَّ يَصْدُرُونَ عَنْهَا بِأَعْمَالِهِمْ.

وكنت ذكرتُ أصلًا زردشتيًّا فارسيًّا (بارْسيًّا) لهذه العقيدة الأخُروية التخويفية، في باب مصادر الإسلام من الزردشتية والصابئة والوثنية العربية:

هذا يعود أصله إلى أسطورة إسخاتولوجية [أخروية] زردشتية:

في ياسنا [هايتي] 51: 9، ص94 من الترجمة العربية للأﭬستا:

9- ما هو الجزاء الذي ستمنحه لكلا الطرفين بوساطة نارك الحمراء ومعدنك المنصهر، أعطنا إشارة عن ذلك في أرواحنا، ما يجلب الدمار للشرير، والبركات للصالح.

وفي ياسنا 32: 7، ص68

7-إنكَ المدركُ يا آهورامازاد ما يتركه هؤلاء المذنبون خلفهم. لا تدعْ نصيرًا لكَ يطلب المكافأة التي لن ينالها إنسانٌ إلا بعد اختبار المعدن المنصهر.

كما فسرتها التفاسير المتأخرة البهلوية وغيرها يخرج الصالحون من الجحيم سليمين وآمنين، حيث يكون الجحيم لهم كالخوض في لبنٍ دافئٍ.

وقد وردت هذه الفكرة في كتاب قيامة المسيح المنسوب لبرثولماوس بالقبطية الصعيدية، الذي ترجمتُ من شذرات مخطوطته نقلًا عن ترجمة العلامة والاس بدج عالم الآثار واللغات والأديان له في كتابه أبوكريفا قبطية باللهجة القبطية الصعيدية Coptic Apocrypha in the dialect of Upper Egypt, 1913)، فانظره في كتابي هذا الذي بين يديك، وفيه:

....وقف كل هؤلاء الملائكة حولي، وكانت وجوههم _مكللة بالابتسامة _ نحوي، وعمل ميخائيل على فمي باسم الآب، والابن، وروح القدس. حينذاك مباشرة انطلقت روحي خارج جسدي، وحطت على يد ميخائيل، ولفها بقماشة الكتان، وذهبوا معها إلى السماء،غنى الملائكة تسبيحة أمامي، آنذاك حين وصلنا إلى نهر النار، وضعني ميخائيل من يده، ودخلت النهر، وبدا كأنما إلى نهر ماء . وبعد نهر النار، يصح القول أن المكان الذي رأيته كان مشتعلًا بجمر نار، النهر الذي عبرناه........[حوالي سطرين شائهين].

لكني الآنَ وجدتُ أيضًا ما فسره بعض مفسري المسيحيين في رسالة بولس الأولى إلى كورنثوس على أنه يعني نفسَ هذه العقيدةِ، فحسب الترجمة العربية المشتركة (وتتوافق معها الترجمات الإنجليزية كـ The American Standard Translation 1901 و Darby و youngو New Revised Standard Version):

12فكُلُّ مَنْ بَنى على هذا الأساسِ بِناءً مِنْ ذَهَبٍ أو فِضَّةٍ أو حجارَةٍ كَريمَةٍ أو خَشَبٍ أو قَشٍّ أو تِبنٍ، 13فسَيَظهرُ عَملُهُ، ويومُ المَسيحِ يُعلِنُهُ لأنَّ النّار َ في ذلِكَ اليومِ تكشِفُهُ وتَمتَحِنُ قيمةَ عمَلِ كُلِّ واحدٍ.14فمَنْ بَقِيَ عَمَلُهُ الّذي بَناهُ نالَ أجرَهُ، 15ومَنِ احتَرَقَ عمَلُهُ خَسِرَ أجرَهُ. وأمَّا هوَ فيَخلُصُ، ولكِنْ كمَنْ يَنجو مِنْ خلالِ النّار ِ.

وفي ترجمة ڤانديك- وبستاني (وتتوافق معها مثلًا ترجمة الملك جيمس):

13فَعَمَلُ كُلِّ وَاحِدٍ سَيَصِيرُ ظَاهِرًا لأَنَّ الْيَوْمَ سَيُبَيِّنُهُ. لأَنَّهُ بِنَارٍ يُسْتَعْلَنُ، وَسَتَمْتَحِنُ النَّارُ عَمَلَ كُلِّ وَاحِدٍ مَا هُوَ. 14إِنْ بَقِيَ عَمَلُ أَحَدٍ قَدْ بَنَاهُ عَلَيْهِ فَسَيَأْخُذُ أُجْرَةً. 15إِنِ احْتَرَقَ عَمَلُ أَحَدٍ فَسَيَخْسَرُ، وَأَمَّا هُوَ فَسَيَخْلُصُ، وَلكِنْ كَمَا بِنَارٍ.

جاء في كتاب: أفرام السرياني- مختارات نسكية وزهدية، ص 99:

أما تخطر على بالك تلك النار التي أنت مزمَعٌ أنْ تعبُرَ فيها؟ فإذا عبرنا، إذن، في تلك النارِ وظهَرْنا أنقياءَ بلا معابِ فحينئذٍ نعرفُ ذاتَنا من نحنُ. فإن ذاكَ اليومَ سيُظهَر عملُ كلُّ واحدٍ على ما كُتِبَ: "وستمْتَحِنُ النارُ عملَ كلِّ واحدٍ ما هو (كورنثوس الأولى 3: 13).

البعض فهم المعنى حرفيًّا كإشارة للمَطْهَر، بينما فهمه البعض على أنه مجاز وتعبير عن الأخلاق والأفعال واختبارها. كلام أفرام السرياني يحتمل كلًّا من المجاز والحرفية. إن مفهوم أفرام لو أخذناه حرفيًّا مشابهٌ للمفهوم الزردشتي والقرآني الإسلام، ومختلفٌ عن الفهم الآخر للنص عند بعض آباء المسيحية القدماء والمفسرين الكاثوليكيين بأنه إشارة للمَطْهِر الذي يدخلُه الآثمون فقط حسبَ الاعتقادِ الكاثوليكيِّ.

ومما ورد في تفسير توماس الأكويني لرسالة كورنثوس الأولی مقاربًا لهذا الاعتقاد، بحسب الترجمة الإنجليزية في
Commentary On the First Epistle to the Corinthians by Saint Thomas Aquinas, Translated by Fabian Larcher, O.P. (987-1046 by Daniel Keating)

١٦٤۔ ثانيًا، أنَّه أظهَرَ الوسيلةَ التي سوف يُعْلَنُ بها، أي تحديدًا بالنار، بالتالي فهو يُكْمِلُ: "لأنه سوف يُعْلَنُ بالنارِ" أيْ تحديدًا يومُ الربِّ، لأنَّ يومَ الدينونةَ سيُكْشَفُ بالنارِ التي ستسبِقُ علی الدينونةِ (الحساب)، حارقةً وجهَ الأرضِ، مبتلعة (أو محيطةً بـ) الأشرار ومُطَّهِّرة الصالحين. يقولُ المزمورُ ٩٦ (97): ٣ عن هذا: النَّارُ تنطَلِقُ أمامَهُ وتحرِقُ مِنْ حَولِهِ خصومَهُ.

١٦٧- .......لأنه أيًّا ما ستكون منَ النيرانِ السالفةِ الذكرِ ستختَبِرُ الإنسانَ فسيصمُدُ عملُ التعاليمِ الصالحةِ كما يصمُدُ أيُّ فعلٍ خَيِّرٍ آخَرَ، لأنَّه عندما تأتي نارُ الابتلاءِ [المحنة الدنيوية]، لا يترُكُ الإنسانُ [المؤمنَ] تعاليمَه الصالحةَ أو أيَّ عملِ خيرٍ أو فضيلةً، بل بالأحری كلٌ منْ هؤلاء تصمُدُ وفقًا لاستحقاقِها [جدارتِها] سواءً في نارِ المَطْهَرِ وفي النارِ التي ستأتي قبلَ الدينونةِ.

وقال القديس يوحنا الذهبي الفم (من تفسير تادرس يعقوب الملطي):

راحة الإنسان الحقيقية هي في جهاده حيث يثبت (يسمِّر) عينيه على المكافأة الأبدية، فيجد عذوبة في تعبه. إن تذكّى عمل إنسان إلى النهاية يتسلّم أجرته. سيكون مثل الثلاثة أخوة في أتون النار (دانيال 1:3-10)، معينًا لاستلام الحياة السماوية والمجد كأجرة له.

ومما جاء في تفسير Haydock Catholic Bible Comment -by Haydock, George Leo، وهو من تفاسير مذهب الكاثوليك:
4- وبالنسبة للنار المذكورة ثلاث مرات، فإنْ أخَذْنا في الاعتبار ما يقولُه القديسُ بولس هنا عن النار، فيبدو أنه يستعملُ اللفظَ بمعانٍ مختلفةٍ، كما يفعل مع كلماتٍ أخرى أحيانًا كثيرةً. فأولًا، هو يخبرنا (الآية 13) أن يوم الربِّ...سوف يُعلَنُ، أو _كما في الأصل الجريكي (اليوناني)_ يُستعلَنُ فيه، أو بالنارِ. و"بالنار" كما تُفهَمُ على نحوٍ شائعٍ، أيْ: عقوبات الله العادلة القاسية، ممثَّلة مجاز تعبير النار. ثانيًا، فهو يُخبِرُنا في نفسِ الآيةِ أنَّ النارَ سوفَ تمتحنُ عملَ كل امرئٍ، ونوعيتَه. هذا قد يُفْهَمُ مرةً أخرى على أنه يعني اختبار وامتحان عقوبة الله، وقد تعود على البنَّائينَ، سواءً أكانوا المبشِّرين فقط أو كل المؤمنين. ثالثًا، فهو يُخبِرُنا (في الآيتين 14 و15) أن بعض أعمال الرجال تصمُدُ (أو تَثْبُتُ) أمامَ نارِ عقوبةِ (أو أحكامِ) اللهِ، فلنْ يستحقُّوا أيَّ عقابٍ، فهم مثلُ الذهبِ الصافي، الذي لا يتضرر من النار. أما أعمال بعض البشر فتحترق.....إلخ

ومن مرويات الشيعة الاثناعشرية

:مكارم الاخلاق: يقول مولاي أبي طول الله عمره الفضل بن الحسن هذه الاوراق من وصية رسول الله صلى الله عليه وآله لابي ذر الغفاري التي أخبرني بها الشيخ المفيد أبوالوفاء عبدالجبار بن عبدالله المقري الرازي ، والشيخ الاجل الحسن بن الحسين بن الحسن بن بابويه رحمه الله إجازة قالا أملا علينا الشيخ الاجل أبوجعفر محمد بن الحسن الطوسي ، وأخبرني بذلك الشيخ العالم الحسين بن الفتح الواعظ الجرجاني في مشهد الرضا عليه السلام ، قال : أخبرنا الشيخ الامام أبوعلي الحسن بن محمد الطوسي قال : حدثني أبي : الشيخ أبوجعفر رحمه الله قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل محمد بن عبدالله بن محمد بن المطلب الشيباني قال : حدثنا أبوالحسين رجاء بن يحيى العبرتائي الكاتب سنة أربع عشر وثلاثمائة وفيها مات قال : حدثنا محمد بن الحسن بن شمون قال : حدثني عبدالله بن عبدالرحمن الاصم ، عن الفضل بن يسار ، عن وهب بن عبدالله الهنائي قال : حدثني أبو حرب ابن أبي الاسود الديلي عن أبي الاسود قال : قدمت الربذة فدخلت على أبي ذر جندب بن جنادة رضي الله عنه فحدثني أبوذر،قال: دخلت ذات يوم في صدر نهاره على رسول الله صلى الله عليه وآله في مسجده فلم أر في المسجد أحدا من الناس إلا رسول الله صلى الله عليه وآله وعلي إلى جانبه جالس فاغتنمت خلوة المسجد فقلت : يا رسول الله بأبي أنت ، وامي أوصني بوصية ينفعني الله بها ، فقال : نعم وأكرم بك يا أباذر إنك منا أهل البيت وإني موصيك بوصية فاحفظها فإنها جامعة لطرق الخير وسبله ، فإنك إن حفظتها كان لك بها كفلان .
....يا أباذر الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر ، وما أصبح فيها مؤمن إلا حزينا فكيف لا يحزن المؤمن وقد أو عده الله جل ثناؤه أنه وارد جهنم ولم يعده أنه صادر عنها....

ومن النصوص الواردة عند الشيعة الاثناعشرية عن دخول المؤمنين العصاة لجهنم، والتي عرضنا أمثالها من كتب مذهب السنة، في بحث الهاجادة/ موضوع جهنم، ما رووه:

معاني الأخبار : المفسر ، عن أحمد بن الحسن الحسيني ، عن الحسن بن علي الناصري ، عن أبيه ، عن أبي جعفر الجواد ، عن آبائه عليهم السلام قال : قيل لأمير المؤمنين عليه السلام : صف لنا الموت ، فقال : على الخبير سقطتم ، هو أحد ثلاثة أمور يرد عليه : إما بشارة بنعيم الابد ، وإما بشارة بعذاب الأبد ، وإما تحزين وتهويل وأمره مبهم ، لا تدري من أي الفرق هو ، فأما ولينا المطيع لأمرنا فهو المبشر بنعيم الأبد ، وأما عدونا الخالف علينا فهو المبشر بعذاب الأبد ، وأما المبهم أمره الذي لا يدرى ما حاله فهو المؤمن المسرف على نفسه لا يدري ما يؤول إليه حاله ، يأتيه الخبر مبهما مخوفا ، ثم لن يسويه الله عز وجل بأعدائنا لكن يخرجه من النار بشفاعتنا ، فاعملوا وأطيعوا ولا تتكلوا ولا تستصغروا عقوبة الله عز وجل فإن من المسرفين من لا تلحقه شفاعتنا إلا بعد عذاب ثلاثمائة ألف سنة .

رَفَعَ السماواتِ بغير عمدٍ ترونها

جاء في مختارات نسكية وزهدية لسبيرو جبور وأفرام كرياكوس، ص ٣٨، من هجائه ضد تلميذ له تحول لمذهب مختلف أو هرطقة:

تركتَ العمودَ الأساسيَّ يحمِلُ السماواتِ وتتوطَّدُ عليه الأرضُ كلُّها، فاستندت علی قضيبٍ وتركتَ عصا الصليب الذي يُقَوِّي المرضی ويشفي أمراضَ النفوس والأجساد.

وجاء في ديوان أمية بن أبي الصلت- طبعة منشورات مكتبة الحياة- بيروت، لبنان، ص 9:

إله العالَمين وكل أرضٍ ورب الراسياتِ من الجبالِ
بناها وابتنى سبعًا شدادًا بلا عَمَدٍ يُرَيْنَ ولا رجال
وسوَّاها وزيَّنها بنورٍ من الشمس المضيئةِ والهلال
وشَقَّ الأرضَ فانبجسَت عيونًا وأنهارًا من العذْبِ الزُلال

وتزعم كتب السيرة المحمدية والأحاديث أن أمية بن أبي الصلت كان من الحنفاء الذين هم تقريبًا كانوا لادينيين ربوبيين، وأعتقد أنه زعمٌ باطلٌ والأرجحُ أنه كان مسيحيًّا.
قارن مع القرآن:

{اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ (2) وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (3)} الرعد

{خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ (10)} لقمان

نزع واستقبال الملائكة الخرافيين للأرواح الخرافية، وتحيات المؤمنين والملائكة للمؤمنين الآخَرين

جاء في المزامير الروحية لأفرام السرياني، ص ٤٠:

المسيح يدعوهم قائلًا: تعالوا يا من تعبتم باسمي، ادخلوا المسكنَ الذي لا يخرج منه المدعوون.

...الملكوت السماوي ينتظر الذين أحرزوا النصر في المعركة ونالوا بالتالي المجد.
...فالأرواح تندفع لملاقاة المنتصرين. إنها تدعوهم مُطَوَّبينَ (مبارَكين) وتقول: تعالوا أيها المضطربون وارتاحوا من أتعابكم، لقد قهرتُم الشريرَ (الشيطان) بصبرِكم في الآلام. .الفردوس يفتح أبوابَه لهم، إنهم يسكنون في مساكنِ النورِ وهناك يجدونَ السكينةَ.
وفي ص ١٩١ قال:

اقبلنا، كما وَعدْتَ، حتی يبتهجَ بنا الملائكةُ الحارسون ورؤساءُ الملائكةِ. أنتَ يا مَن قبِلتَ توبةَ سمعانَ، اقبل أيضًا توبةَ عبيدِكَ وارحمْنا.

وفي ص ٣٠٢، قال:

الويل للذي يعرف ما هو صالح ولكنه يقدِّمُ اليدَ للشرير، لأنه في يوم خروجِه ستأخذُه الملائكةُ الأشرارُ. الويل للذي بأعماله الشريرة يدفع جارَه إلی الإثم، لأنه في يوم الدينونة سيُقدِّمُ حسابًا عن كلِّ خطإٍ قد أغرَی الآخرينَ علی ارتكابِه بطرقه الشريرة.

وقال الأنبا شنودة في عظة بلا عنوان برقم A26، مترجمة عن الأصل القبطي في كتاب (الأنبا شنودة رئيس المتوحدين، سيرته وتعاليمه وقوانينه) الجزء الأول، ترجمة د. صموئيل القس قزمان معوض، عن القبطية الأصلية، نشر مكتبة باناريون، ص 269 إلی ٢٧٧، والحقُّ أنَّ عنوان ”مقالة أو عظة عن الموت والحساب” يناسبها تمامًا:

٦- إن نفْسَكَ ترتعدُ من الخوف. يفتح الإنسانُ فمَهُ، ويُسْلِمُ الروحَ هكذا ببطءٍ بين يدي الواقفين حوله. فإنْ كانَ إنسانًا بارًّا، فسوف يُبصِرُهم وهو مبتهِجٌ، وهم أيضًا سيبتهجون معه؛ لأنهم سيسلمونه لحضن إبراهيم كما هو مكتوب [لوقا 16: 22]. أما إذا كان إنسانًا خاطئًا، فسوف يُبصِرُهم وهو مكروبٌ. وهم أيضًا سيمتلؤون غضبًا، لأنه سيُلْقَى إلى النار التي لا تُطْفَأُ، كما هو مكتوبٌ [متى 3: 12، مرقس 9: 43، لوقا 3: 17].

٧- لماذا لم تنظر لهذه الناحية وتلك، لكي تنظر إن كنتَ تستطيع أنْ تهربَ من الموتِ، كما كنتَ تفعلُ لكي تعملَ الشر؟ أيها الإنسانُ. لماذا سقَطْتَ؟ من الذي دَحَرَكَ؟ لماذا لم تصارعْ الحُمَّى المتَّقِدة التي تحرقكَ من الداخل والخارج؟ لماذا لم تقاوم الذين أتَوْا لِيَحْمِلوكَ، في حينِ أنكَّ لا تريدُ أن تفارقَ أباكَ وأمكَ وزوجتكَ وأولادكَ وإخوتكَ وأصدقاءكَ، ولا تريد أن تتركَ ذهبك وفضتك ومخازنك المكدسة؟ لما لم تنتزع أملاكك وتذهب لكورة بعيدة؟ فلعلك (بهذا) تهرب من الموت، فلا ترحل وتترك مخازنك لآخرين، قبل أن تَشبَعَ منها. لماذا لم تختبئ في مخدعك، أو يخبؤك أحدٌ آخرُ، ويكذبُ لأجلِكَ، قائلًا إنك لستَ هنا؟ لماذا لم تبذِلْ كلَّ ثرواتكَ حتى تَنْجُوَ؟ ألم تفعلْ ذلكَ مِرارًا حتى تتغلَّبَ على الذين يقاومونكَ؟

٨- إن الذين يلاحقونك (الآنَ) ليسوا حكَّامًا ظالمين حتى ترشوهم بأموالكَ فيرحمونك، فلا يأخذون نَفْسَكَ منكَ وقتَ موتِكَ. إن الذين قد أُرْسِلوا وراءكَ لا يعوزُهم ذهبٌ، ولا يحتاجون فضةً، فيأخذونها ويتركونك، ولا يستطيعون كذلك أن يعصوا أمر ملكهم يسوع حتى ترْشُوَهَم بالمال. إن الذين يلاحقونَك لا تراهم، حتی لا تخرَّ وتسجدَ لهم، وتتوسل إليهم ليعتقوك من سكَْرة الموتِ الموضوعة عليك، عندما سيرتعد كل كيانك من جرَّاء العذاب الذي أنت فيه، حتی تُسلِمَ الروحَ.

١١- ...لم يعد يهتم بمخازنه الممتلئة. وهو يتنهد علی خطاياه، ومغتمٌ لأنه لم يفعلْ الصالحَ. تغرورق عيناه بالدموع، ويحزن لأجل منظر وجوه الذين يراهم قد أتَوْا إليه. فهم لم يأتو إليه هكذا ببساطة مثل بشر يشبهونه، لكي يوقِفوه أمامَ قاضٍ لا يختلف عنه في المظهر، بل أولئك الذين حضروا إليه هم ملائكة يختلفون عنه -لأنه مخيف ومرعب النظر إليهم- لكي يوقفوه أمام الله الذي سيُدينه، أمام الله الذي لن يقدر أن يكذب أو يمكر في حضرته، ولن يقدر أن يرشوَه بذهب وفضة، ولن يقدر أن يهرب من يديه، يمكر ويكذب ويتطاول ويقسم كذبًا ويستخدم المحامين ويرشو القضاةَ، حتی يفلتَ من العقاب.

١٤- مرعبٌ أنْ يَری الإنسانُ الملائكةَ الذين يحضرون إليه وهو يموت، وأكثر رعبًا أنْ يری الإنسانُ الربَّ الجالسَ علی عرشِ مجدِهِ سائلًا كلَّ واحدٍ عن كل ما صَنَعَ. ....إلخ

٢١- من هم الطوباويون [=المبارَكون] ومن هم البؤساء في يومِ المَمات؟ هل هم الأبرار الذين سيرُونَ بفرحٍ الملائكةَ الذين سيقغون عندهم، الذين حضروا إليهم من لدن الله ليأخذوهم إلی حضن أورشليم السماوية، أمهم الحقيقية، إلی الأبد، من أجل صالح أعمالهم؟ أم هم الأثمة الذين سينظرون في حزنٍ الملائكةَ الواقفين عندهم، الذين حضروا إليهم من لدن الله ليُحْدِروهم إلی الجحيم من أجل شر أعمالِهم؟ .....إلخ

وفي ص ٢٩١:

٦٠- أما عن الموت الفظيع الذي سبق وتكلمنا عنه، فنحن لا نقول أنه فظيع بالنسبة للبار، لأنه "كريمٌ عِندَ الربِّ موتُ قدِّيسيه" [مزمور١١٦: ١٥]. ولكني أقصد أنه فظيعٌ بالنسبة للخطاة، وأكثرُ فظاعةً لهم مما من عدوٍّ، كما هو مكتوبٌ: "سيءٌ هو موتُ الأشرارِ" [مزمور ٣٤: ٢١ حسب الترجمة القبطية الصعيدية]

وفي مختارات نسكية وزهدية لأفرام السرياني قال في ص ٢٧:

....نفدَ زيتُ المصباح الأرضي ووصل إلينا رجالُ إبحارِ المركَبِ......ها قد أحاطَ الرجالُ بي، القضاةُ المتشدِّدون، ليجعلوا الطوقَ الثقيلَ علی عنقي كما لو كنتُ لصًّا. ماذا أفعلُ؟ أأبكي؟ لا أحدَ يُصغي إليَّ. أأصرخ؟ مَنْ الذي يسمعني...إلخ

لنا هنا ملاحظتان: الأولی أن أفرام السرياني من أكثر الواعظين الآباء اقتباسًا من الأبوكريفا بحرية في شعره وعظاته، وأن التقليد المسيحي أخذ القليل من عقائد وأساطير الأبوكريفا، وذلك مثلما أخذت الهاجادة أو الهاجاديَّات (الهاجادوت) اليهودية الربينية من الأبوكريفا، فهي مجموعات أخوات بالاستعارة من التعبير العلمي البيولوجي.

الملاحظة الثانية: من درسَ كتابات أفرام سيفهم أنه كان يدَّعي الآثامَ علی نفسه كتواضعٍ وكسر للافتخار وكأسلوب غير مباشر للوعظ.

وقال في الصفحات ٣٣- ٣٥:

...لقد جاءَ القاضي ومعه الرجالُ الذين سوف يقيِّدونني بحبائلَ ثقيلةٍ ويجرُّونني إلی أرض الأموات، إلی بلدةٍ لا أعرفُها....لا تدفنوني بين قبوركم لأن هذا لن يخلصني من أيدي الذين يأسرونني. لقد وعدتُ اللهَ أنْ أكونَ دائمًا بين الغرباء....دعْ -يا أفرام- مثلَ هذه الصلاةِ. إن هذا ما يقوله لي الملاكُ الذي سوف يتسلَّمُني؛ لن تفيدك تنهداتِكَ المستمرة لأن القضاة المرسلين ليُسلِّموكَ لا تستعطفُهم الهدايا....

وفي الصفحات ٥٣- ٥٤:

طوبی للذي يقتني دالَّةً في ساعة انتقاله من هذا العالم عندما تنفصل النفسُ بخوفٍ ووجعٍ، لأن الملائكة تأتي وتفصل النفس عن الجسدِ، فَتَمْثُلُ أمامَ المنبرِ الرهيب الأزلي.

في ساعة الموت سوف يعترينا خوفٌ شديدٌ عندما تنفصل النفس بخوف ورِعدة. لأن في ساعة الانفصال هذه تُكْشَف أمام النفس أعمالُها كلُّها، التي عملتها في الليل والنهار، الصالحة والرديئة، والملائكة يُسْرِعون لإخراجِها من الجسد. لكن النفس تنظر إلی أعمالها هذه وتخشی الخروج. إن نفس الخاطئ تخرج بخوف من الجسد، وتذهب برعدة للمثول أمام منبر الحاكم الرهيب. وعندما تضطر للخروج من الجسد وتشاهد أعمالها تقول بخوف: "أعطوني مجالًا، ساعةً واحدةً، قبلَ أنْ أغادرَ الجسدَ". ولكن أعمالها تجيب: "أنتِ فَعَلْتِنا، لنرحَلْ إذن معكِ إلی اللهِ"

....ولا تجد وقتًا للتوبة والمغفرة. ماذا تقول للموت، يا أخي، في ساعة الانفصال؟ آنذاك لن يسمح لك بلحظة واحدة. لقد اعتقد الكثيرون أنهم سوف يعيشون طويلًا علی الأرض، فوفد الموتُ بغتةً، فوجد رجلًا خاطئًا غنيًّا يحسَبُ أنه سوف يعيشُ طويلٌا، وفي راحةٍ لسنينَ كثيرةٍ، فيعدُّ ثروتََه بالأناملِ معتبرًا إياها كافيةً لسنين طوالٍ. أتی الموتُ في لحظة واحدة واختفی كل حساب، كل غِنَیً، وكل اهتمامٍ بالزمن الباطل.
من جهةٍ أخری، جاء الموت فوجد رجلًا صالحًا يجمعُ كنزًا جيدًا سماويًّا بالصلاة والصوم وهو يتطلع إلی الموت دائمًا أمامَ عينَيْهِ، لا يخافُ من مجيئِهِ ومن انفصالِ الجسدِ.

وجاءت في ترجمة صموئيل السرياني، المقالة ٢٢، في الرحيل من هذا العالم

الطوبى لمن یتذكر دائما یوم انصرافه ویحرص أن یوجد في تلك الساعة وافر النشاط وبلا خوف، الطوبى لمن وجد دالة في ساعة الفراق إذا فارقت النفس الجسم بخوف وأوجاع لأن الملائكة یجیئون یأخذون النفس ویفرقونها من جسدها ویقفون بها ً أمام موقف الختن الذي لا یموت والقاضي المرهوب جدا، خوف عظیم في ساعة الموت إذا فارقت النفس الجسم بخوف ونحیب لأن النفس في ساعة الفراق تقف أمامها أعمالها التي عملتها في النهار واللیل الصالحة والطالحة، والملائكة متسارعون أن یخرجوها من الجسد فإذا رأت النفس أعمالها تجزع من الخروج، تفارق نفس الخاطئ بخوف وجزع الجسد وتمضي مرتعدة لتقف في مجلس القضاء الذي لا ینقضي فیقتسرونها أن تخرج من الجسد فإذا أبصرت أعمالها كلها تقول لهم بخوف “ أعطوني مهلة ساعة واحدة حتى أخرج “ فتجیب النفس أعمالها كلها: أنتِ صنعتِنا فمعكِ نمضي إلى حضرة القاضي

وفي المقال 18، في استعداد العابد للأجَل:

كیف نزمع أن نكون إذا سلم علینا الصدیقون وصافحونا؟ هناك يقبِّلك إبراهيم وإسحق ویعقوب، وموسى وداود وباقي الأنبیاء، والرسل والشهداء وجماعة القدیسین الذین أرضوا الله في حیاة أجسادِهم، وجماعة الذین سمعت هنا سيرتَهم وتعجبت منها وكنت ترید أن تعاينَهم، هم یجیئون إلیك هناك فيُقَبِّلونَكَ ویسلمون علیك مبتَهِجين بخلاصك.

فلنلاحظ تقارب أو اقتباس هذه العظات لأفرام السرياني من أسفار أبوكريفية مثل رؤيا أو صعود بولس، والسفر القبطي المسمى كتاب قيامة المسيح الذي كتبه برثولماوس الرسول، الذي ترجمه والاس بدج عالم المصريات واللغات، وغيرهما، ويوجد ما يشبهها في أساطير التراث الهاجادي اليهودي.

وفي سيرة وأقوال مار أفرام السرياني للقمص الراهب سمعان السرياني ص٧٠ من الفصل أو العظة الثالثة:

إذْ أنَّ مثلَ تلكَ النفسِ لا يكونُ لها محبةٌ لشيءٍ آخرَ غيرِها [للفضيلة]. وهكذا تنمو أكثر وتتكلل وتنجح لدی الله دائمًا بل ويتباهی جمالُها وإذا خرجَتْ من الجسد يبتهج بها الملائكةُ ويُدْخِلُونَها إلی أبي الأنوار إله المجد المتعطف وحدَهُ.

وجاءت في ترجمة صموئيل السرياني، المقالة الخامسة، في النسك والخشوع:

...فبمثل هذه المقدم ذكرها تنمو أكثر وتكلل، وتنجح لدى الله دائما ویتباهى جمالها، فالموت نفسه لا یستطیع أن یشینها، وإذا خرجت من الجسم تقبلها مبتهجة الملائكة منَ السماوات ویدخلونها إلى أبي الأنوار. المجد والجلالة للإله المتعطف وحده.

ونقرأ من العظة الرابعة في ترجمة سمعان السرياني وعنوانها في التخشع والدموع في ص ٧٥:

الحكيم يحفظ [يلتزم بـ] وصايا المسيحِ....وفي يوم وفاته يجد دالَّةً ونعمةً وملائكةً ترشدُهُ....
وفي ترجمة صموئيل السرياني، المقال ١٥، في التوبة والدينونة:

لأنـهم تاقوا إلى المسیح وأكرموه إكراما كثیرا، وتعروا من الأشیاء البالیة؛ فلذلك هم مبتهجون كل حین بالله، ومستضیئون بالمسیح؛ ومسرورون بالروح القدس دائما، والثالوث الأقدس یبتهج بهم، وتستبشر بـهم الملائكة ورؤساء الملائكة، ویتباهى بهم فردوس النعیم.

بالحقیقة هؤلاء هم الممدوحون المشرفون المغبوطون، كل وقت یطوبهم الملائكة والناس لأنهم أكرموا محبة الله إكراما فوق العالم أجمع؛ فوهب لهم الإله القدوس المحق ملكوته؛ وأعطاهم مجدا أعظم أن یبصروه بسرور مع الملائكة القدیسین كل حین.

وفي المقال ١٥، في ذكر الآباء المتوفين:

....فلذلك یطوِّب الملائكة القدیسین؛ ویقولون لهم: مغبوطون أنتم الذین من أجل شوق المسیح دبرتم مركبكم تدبیرا سدیدا في الأرض بفطنتكم؛ وبغزارة صبركم، وقومتم وصایا المسیح السید الصالح بحق. فلذلك وصلتم إلى المیناء الصاحي واتخذتم المسیح الذي تقتم إلیه، نسر معكم أیها المغبوطون لأنكم نجوتم من فخاخ العدو؛ وجئتم إلى المسیح الذي كلَّلكم وصرتم وارثین ملكَه...

وفي المقالة ١٧، في عناية الله ومحبته للبشر:

حینئذ یشاهد كل واحد ذاته في النور، ویتأمل بذاته مجدا لا یقاس قدره، فیتعجب متفكرا في ذاته قائلا: أترى أنا هو، فكیف وجدت هكذا أنا الحقیر مستحقاً
وحینئذ تتقدم الملائكة بسرور یشرفون القدیسین ویمجدونهم ویشرحون ویصفون لهم سیرتهم، وهي النسك، الحمیة، السهر، الصلاة، الفقر الاختياري، هجر القنیة الكامل، الصبر في العطش، الثبات في الجوع، الدوام في الصلاة، الفرح في العري من أجل المحبة التامة التي للمسیح.
تقول هذه الملائكة للصدیقین بفرح، فیجیبهم الصدیقون قائلین: یوما واحدا من أيامنا على الأرض لم نصنع فیه تقویما حسنا
فتذكرهم الملائكة أیضا بالموضع والوقت، فإذا تعجبوا في ذاتهم یمجدون الله ناظرین أجسام القدیسین ألمع من النور، لأنهم حزنوا على الأرض باختیارهم، .....

وفي المقالة ٣٢، في الصبر والتخشع:

إن آثرت أن تفتخر فلیكن افتخارك بالرب وإن كان لك غنی فأكنز لذاتك بحسن الصنیع كنزا في السموات لأنك إن كنزتَ إلی أن یجئ الموت وجاءت الملائكة فتخلف الغناء وربما لمن لا تؤثره، لا تخف أن تضع أسا لسیرة صالحة فإنك إن ذقت حلاوة الروح القدس فیستضئ عقلك بدراسة الأشیاء التي لا تبلى. فلذلك یقول الروح القدس ذوقوا وانظروا إن الرب طیب مغبوط من یوجد في ساعة الوفاة ذبیحة قدسیة مرضیا للرب فإنه یفارق بفرح جزیل الجسد وهذا العالم الباطل. وإذا أبصرته جنود الملائكة في السماء یمدحونه كما یلیق بنظیرهم في العبودیة للرب.

قارن مع القرآن:

{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آَيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ (93) وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (94)} الأنعام

{وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (50)} الأنفال

{إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (97)} النساء

{فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ (27) ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (28)} محمد

{الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (32)} النحل

{لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (103)} الأنبياء

{وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ (71) قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (72) وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ (73) وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (74) وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (75)} الزمر

{إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (9) دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآَخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (10)} يونس

{جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آَبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (24)} الرعد
{وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ (23)} إبراهيم

{لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا (25) إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا (26)} الواقعة

{تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا (44)} الأحزاب

{لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ (57) سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ (58)} يس

{إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30)} السجدة

وروى مسلم:

[ 2872 ] حدثني عبيد الله بن عمر القواريري حدثنا حماد بن زيد حدثنا بديل عن عبد الله بن شقيق عن أبي هريرة قال إذا خرجت روح المؤمن تلقاها ملكان يصعدانها قال حماد فذكر من طيب ريحها وذكر المسك قال ويقول أهل السماء روح طيبة جاءت من قبل الأرض صلى الله عليك وعلى جسد كنت تعمرينه فينطلق به إلى ربه عز وجل ثم يقول انطلقوا به إلى آخر الأجل قال وإن الكافر إذا خرجت روحه قال حماد وذكر من نتنها وذكر لعنا ويقول أهل السماء روح خبيثة جاءت من قبل الأرض قال فيقال انطلقوا به إلى آخر الأجل قال أبو هريرة فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم ريطة كانت عليه على أنفه هكذا

[ 2870 ] حدثنا عبد بن حميد حدثنا يونس بن محمد حدثنا شيبان بن عبد الرحمن عن قتادة حدثنا أنس بن مالك قال قال نبي الله صلى الله عليه وسلم إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه إنه ليسمع قرع نعالهم قال يأتيه ملكان فيقعدانه فيقولان له ما كنت تقول في هذا الرجل قال فأما المؤمن فيقول أشهد أنه عبد الله ورسوله قال فيقال له انظر إلى مقعدك من النار قد أبدلك الله به مقعدا من الجنة قال نبي الله صلى الله عليه وسلم فيراهما جميعا قال قتادة وذكر لنا أنه يفسح له في قبره سبعون ذراعا ويملأ عليه خضرا إلى يوم يبعثون

[ 2870 ] وحدثنا محمد بن منهال الضرير حدثنا يزيد بن زريع حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الميت إذا وضع في قبره إنه ليسمع خفق نعالهم إذا انصرفوا

[ 2871 ] حدثنا محمد بن بشار بن عثمان العبدي حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن علقمة بن مرثد عن سعد بن عبيدة عن البراء بن عازب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت } قال نزلت في عذاب القبر فيقال له من ربك فيقول ربي الله ونبي محمد صلى الله عليه وسلم فذلك قوله عز وجل { يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحيوة الدنيا وفي الآخرة

[ 2871 ] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن المثنى وأبو بكر بن نافع قالوا حدثنا عبد الرحمن يعنون بن مهدي عن سفيان عن أبيه عن خيثمة عن البراء بن عازب { يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحيوة الدنيا وفي الآخرة } قال نزلت في عذاب القبر

[ 2866 ] حدثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك عن نافع عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة وإن كان من أهل النار فمن أهل النار يقال هذا مقعدك حتى يبعثك الله إليه يوم القيامة

[ 2866 ] حدثنا عبد بن حميد أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن سالم عن بن عمر قال قال النبي صلى الله عليه وسلم إذا مات الرجل عرض عليه مقعده بالغداة والعشي إن كان من أهل الجنة فالجنة وإن كان من أهل النار فالنار قال ثم يقال هذا مقعدك الذي تبعث إليه يوم القيامة

وروى أحمد بن حنبل:

(18534) 18733- حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، قَالَ : حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ مِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ زَاذَانَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ : خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي جِنَازَةِ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ، فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَبْرِ، وَلَمَّا يُلْحَدْ، فَجَلَسَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ، كَأَنَّ عَلَى رُؤُوسِنَا الطَّيْرَ، وَفِي يَدِهِ عُودٌ يَنْكُتُ فِي الأَرْضِ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَالَ : اسْتَعِيذُوا بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ مَرَّتَيْنِ، أَوْ ثَلاَثًا، ثُمَّ قَالَ : إِنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنَ الدُّنْيَا وَإِقْبَالٍ مِنَ الآخِرَةِ، نَزَلَ إِلَيْهِ مَلاَئِكَةٌ مِنَ السَّمَاءِ بِيضُ الْوُجُوهِ، كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ الشَّمْسُ، مَعَهُمْ كَفَنٌ مِنْ أَكْفَانِ الْجَنَّةِ، وَحَنُوطٌ مِنْ حَنُوطِ الْجَنَّةِ، حَتَّى يَجْلِسُوا مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ، ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ الْمَوْتِ، عَلَيْهِ السَّلاَمُ، حَتَّى يَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَيَقُولُ : أَيَّتُهَا النَّفْسُ الطَّيِّبَةُ، اخْرُجِي إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنَ اللهِ وَرِضْوَانٍ , قَالَ : فَتَخْرُجُ تَسِيلُ كَمَا تَسِيلُ الْقَطْرَةُ مِنْ فِي السِّقَاءِ، فَيَأْخُذُهَا، فَإِذَا أَخَذَهَا لَمْ يَدَعُوهَا فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ حَتَّى يَأْخُذُوهَا، فَيَجْعَلُوهَا فِي ذَلِكَ الْكَفَنِ، وَفِي ذَلِكَ الْحَنُوطِ، وَيَخْرُجُ مِنْهَا كَأَطْيَبِ نَفْحَةِ مِسْكٍ وُجِدَتْ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ قَالَ : فَيَصْعَدُونَ بِهَا، فَلاَ يَمُرُّونَ، يَعْنِي بِهَا، عَلَى مَلَإٍ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ، إِلاَّ قَالُوا : مَا هَذَا الرُّوحُ الطَّيِّبُ؟ فَيَقُولُونَ : فُلاَنُ بْنُ فُلاَنٍ، بِأَحْسَنِ أَسْمَائِهِ الَّتِي كَانُوا يُسَمُّونَهُ بِهَا فِي الدُّنْيَا، حَتَّى يَنْتَهُوا بِهَا إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَسْتَفْتِحُونَ لَهُ، فَيُفْتَحُ لَهُمْ فَيُشَيِّعُهُ مِنْ كُلِّ سَمَاءٍ مُقَرَّبُوهَا إِلَى السَّمَاءِ الَّتِي تَلِيهَا، حَتَّى يُنْتَهَى بِهِ إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : اكْتُبُوا كِتَابَ عَبْدِي فِي عِلِّيِّينَ، وَأَعِيدُوهُ إِلَى الأَرْضِ، فَإِنِّي مِنْهَا خَلَقْتُهُمْ، وَفِيهَا أُعِيدُهُمْ، وَمِنْهَا أُخْرِجُهُمْ تَارَةً أُخْرَى , قَالَ : فَتُعَادُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ، فَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ، فَيُجْلِسَانِهِ، فَيَقُولاَنِ لَهُ : مَنْ رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ : رَبِّيَ اللَّهُ، فَيَقُولاَنِ لَهُ : مَا دِينُكَ؟ فَيَقُولُ : دِينِيَ الإِسْلاَمُ، فَيَقُولاَنِ لَهُ : مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ؟ فَيَقُولُ : هُوَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَقُولاَنِ لَهُ : وَمَا عِلْمُكَ؟ فَيَقُولُ : قَرَأْتُ كِتَابَ اللهِ، فَآمَنْتُ بِهِ وَصَدَّقْتُ، فَيُنَادِي مُنَادٍ فِي السَّمَاءِ : أَنْ صَدَقَ عَبْدِي، فَأَفْرِشُوهُ مِنَ الْجَنَّةِ، وَأَلْبِسُوهُ مِنَ الْجَنَّةِ، وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى الْجَنَّةِ , قَالَ : فَيَأْتِيهِ مِنْ رَوْحِهَا، وَطِيبِهَا، وَيُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ مَدَّ بَصَرِهِ . قَالَ : وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ حَسَنُ الْوَجْهِ، حَسَنُ الثِّيَابِ، طَيِّبُ الرِّيحِ، فَيَقُولُ : أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُرُّكَ، هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ، فَيَقُولُ لَهُ : مَنْ أَنْتَ؟ فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يَجِيءُ بِالْخَيْرِ، فَيَقُولُ : أَنَا عَمَلُكَ الصَّالِحُ، فَيَقُولُ : رَبِّ أَقِمِ السَّاعَةَ حَتَّى أَرْجِعَ إِلَى أَهْلِي، وَمَالِي . قَالَ : وَإِنَّ الْعَبْدَ الْكَافِرَ إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنَ الدُّنْيَا وَإِقْبَالٍ مِنَ الآخِرَةِ، نَزَلَ إِلَيْهِ مِنَ السَّمَاءِ مَلاَئِكَةٌ سُودُ الْوُجُوهِ، مَعَهُمُ الْمُسُوحُ، فَيَجْلِسُونَ مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ، ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ الْمَوْتِ، حَتَّى يَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَيَقُولُ : أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْخَبِيثَةُ، اخْرُجِي إِلَى سَخَطٍ مِنَ اللهِ وَغَضَبٍ , قَالَ : فَتُفَرَّقُ فِي جَسَدِهِ، فَيَنْتَزِعُهَا كَمَا يُنْتَزَعُ السَّفُّودُ مِنَ الصُّوفِ الْمَبْلُولِ، فَيَأْخُذُهَا، فَإِذَا أَخَذَهَا لَمْ يَدَعُوهَا فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ حَتَّى يَجْعَلُوهَا فِي تِلْكَ الْمُسُوحِ، وَيَخْرُجُ مِنْهَا كَأَنْتَنِ رِيحِ جِيفَةٍ وُجِدَتْ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ، فَيَصْعَدُونَ بِهَا، فَلاَ يَمُرُّونَ بِهَا عَلَى مَلأٍَ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ، إِلاَّ قَالُوا : مَا هَذَا الرُّوحُ الْخَبِيثُ؟ فَيَقُولُونَ : فُلاَنُ بْنُ فُلاَنٍ بِأَقْبَحِ أَسْمَائِهِ الَّتِي كَانَ يُسَمَّى بِهَا فِي الدُّنْيَا، حَتَّى يُنْتَهَى بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيُسْتَفْتَحُ لَهُ، فَلاَ يُفْتَحُ لَهُ، ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : {لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : اكْتُبُوا كِتَابَهُ فِي سِجِّينٍ فِي الأَرْضِ السُّفْلَى، فَتُطْرَحُ رُوحُهُ طَرْحًا . ثُمَّ قَرَأَ : {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ، فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ، أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} فَتُعَادُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ، وَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ، فَيُجْلِسَانِهِ، فَيَقُولاَنِ لَهُ : مَنْ رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ : هَاهْ هَاهْ لاَ أَدْرِي، فَيَقُولاَنِ لَهُ : مَا دِينُكَ؟ فَيَقُولُ : هَاهْ هَاهْ لاَ أَدْرِي، فَيَقُولاَنِ لَهُ : مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ؟ فَيَقُولُ : هَاهْ هَاهْ لاَ أَدْرِي، فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ أَنْ كَذَبَ، فَافْرِشُوا لَهُ مِنَ النَّارِ، وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى النَّارِ، فَيَأْتِيهِ مِنْ حَرِّهَا، وَسَمُومِهَا، وَيُضَيَّقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ حَتَّى تَخْتَلِفَ فِيهِ أَضْلاَعُهُ، وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ قَبِيحُ الْوَجْهِ، قَبِيحُ الثِّيَابِ، مُنْتِنُ الرِّيحِ، فَيَقُولُ : أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُوءُكَ، هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ، فَيَقُولُ : مَنْ أَنْتَ؟ فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يَجِيءُ بِالشَّرِّ، فَيَقُولُ : أَنَا عَمَلُكَ الْخَبِيثُ، فَيَقُولُ : رَبِّ لاَ تُقِمِ السَّاعَةَ. (4/287).

وعرضنا نصًّا مهمًّا في ترجمتي لرؤيا بولس، ونصوصًا مهمة في بحث الهاجادة والأبوكريفا اليهودية.

حياة البرزخ بعد الموت وقبل القيامة الخرافية

تناولنا هذا الموضوع في بحث الهاجادة، باب الأخرويات/ البرزخ وعذاب القبر ونعيمه، وجاء في المزامير الروحية لأفرام السرياني، ص ١٩٩:

ارحمنا يا رب، أرِحْ أقاربَنا الذين رَقَدُوا وجميعَ الذين ماتوا واعترفوا بك وآمنوا بك....إلخ

وفي ص١٨٤:

تعطَّفْ عليَّ با ربُّ بالرقاد المبارَكِ الذي أعددتَه لجميع القديسين.

وفي ص ٤٠:

...فالأرواح تندفع لملاقاة المنتصرين. إنها تدعوهم مُطَوَّبينَ (مبارَكين) وتقول: تعالوا أيها المضطربون وارتاحوا من أتعابكم، لقد قهرتُم الشريرَ (الشيطان) بصبرِكم في الآلام. .

وجاء في مختارات نسكية وزهدية لأفرام، ص ٣٥:

اقتربوا مني إذن -يا أخوتي- لأن نفسي قد فنيت بالكلية. واصلوا تقدمات صلواتكم من أجل حقارتي! وبعد ثلاثين يومًا قدموا لي تذكارًا لأن الأموات يفخرون ويستريحون بصلوات التذكارات التي يقدمها الأحياء القديسون.
وورد في كتاب الأنبا شنودة رئيس المتوحدين سيرته وتعاليمه وقوانينه، ص٢٧٩:

٣٠- [....] سأقول بغضبٍ: "ملعونٌ هو الفكر الشرير الذي للشيطان الذي يُقحِمُهُ في قلبِ الإنسانِ، لأن بسببه يبكي الآن الذين في الجحيم، وسيبكي أيضًا الذين سينحدرون إلبه في كل زمن....إلخ

وسبق واستعرضت في كتاب (أصول أساطير الإسلام من الهاجادة وأبوكريفا العهد القديم) الأسفار اليهودية واليهومسيحية الأبوكريفية التي ذكرت فكرة البرزخ أو حياة الأرواح الخرافية قبل البعث الخرافي.

ورد ذكر حياة الأرواح في البرزخ الخرافي في القرآن، وليس عذاب القبر، مثلًا في قولِهِ:

{وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (50)} الأنفال

{فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآَلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ (45) النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آَلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (46)} غافر

{الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (32)} النحل

وأوردنا أحاديث الشيعة والسنة عن عذاب القبر وأصله من تراث الهاجادة اليهودي، في كتابي (أصول أساطير الإسلام من الهاجادة والأبوكريفا اليهودية).


يومَ يفرُّ المرءُ من أخيه

جاء في مزامير داوود في الكتاب المكدس، المزمور 49:

(7الأَخُ لَنْ يَفْدِيَ الإِنْسَانَ فِدَاءً، وَلاَ يُعْطِيَ اللهَ كَفَّارَةً عَنْهُ. 8وَكَرِيمَةٌ هِيَ فِدْيَةُ نُفُوسِهِمْ، فَغَلِقَتْ إِلَى الدَّهْرِ. 9حَتَّى يَحْيَا إِلَى الأَبَدِ فَلاَ يَرَى الْقَبْرَ. 10بَلْ يَرَاهُ! الْحُكَمَاءُ يَمُوتُونَ. كَذلِكَ الْجَاهِلُ وَالْبَلِيدُ يَهْلِكَانِ، وَيَتْرُكَانِ ثَرْوَتَهُمَا لآخَرِينَ. 11بَاطِنُهُمْ أَنَّ بُيُوتَهُمْ إِلَى الأَبَدِ، مَسَاكِنَهُمْ إِلَى دَوْرٍ فَدَوْرٍ. يُنَادُونَ بِأَسْمَائِهِمْ فِي الأَرَاضِي. 12وَالإِنْسَانُ فِي كَرَامَةٍ لاَ يَبِيتُ. يُشْبِهُ الْبَهَائِمَ الَّتِي تُبَادُ.)

ومن حزقيال 14:

(12وَكَانَتْ إِلَيَّ كَلِمَةُ الرَّبِّ قَائِلَةً: 13«يَا ابْنَ آدَمَ، إِنْ أَخْطَأَتْ إِلَيَّ أَرْضٌ وَخَانَتْ خِيَانَةً، فَمَدَدْتُ يَدِي عَلَيْهَا وَكَسَرْتُ لَهَا قِوَامَ الْخُبْزِ، وَأَرْسَلْتُ عَلَيْهَا الْجُوعَ، وَقَطَعْتُ مِنْهَا الإِنْسَانَ وَالْحَيَوَانَ، 14وَكَانَ فِيهَا هؤُلاَءِ الرِّجَالُ الثَّلاَثَةُ: نُوحٌ وَدَانِيآلُ وَأَيُّوبُ، فَإِنَّهُمْ إِنَّمَا يُخَلِّصُونَ أَنْفُسَهُمْ بِبِرِّهِمْ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ. 15إِنْ عَبَّرْتُ فِي الأَرْضِ وُحُوشًا رَدِيئَةً فَأَثْكَلُوهَا وَصَارَتْ خَرَابًا بِلاَ عَابِرٍ بِسَبَبِ الْوُحُوشِ، 16وَفِي وَسْطِهَا هؤُلاَءِ الرِّجَالُ الثَّلاَثَةُ، فَحَيٌّ أَنَا، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ، إِنَّهُمْ لاَ يُخَلِّصُونَ بَنِينَ وَلاَ بَنَاتٍ. هُمْ وَحْدَهُمْ يَخْلُصُونَ وَالأَرْضُ تَصِيرُ خَرِبَةً. 17أَوْ إِنْ جَلَبْتُ سَيْفًا عَلَى تِلْكَ الأَرْضِ وَقُلْتُ: يَا سَيْفُ اعْبُرْ فِي الأَرْضِ، وَقَطَعْتُ مِنْهَا الإِنْسَانَ وَالْحَيَوَانَ، 18وَفِي وَسْطِهَا هؤُلاَءِ الرِّجَالُ الثَّلاَثَةُ، فَحَيٌّ أَنَا، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ، إِنَّهُمْ لاَ يُخَلِّصُونَ بَنِينَ وَلاَ بَنَاتٍ، بَلْ هُمْ وَحْدَهُمْ يَخْلُصُونَ. 19أَوْ إِنْ أَرْسَلْتُ وَبَأً عَلَى تِلْكَ الأَرْضِ، وَسَكَبْتُ غَضَبِي عَلَيْهَا بِالدَّمِ لأَقْطَعَ مِنْهَا الإِنْسَانَ وَالْحَيَوَانَ، 20وَفِي وَسْطِهَا نُوحٌ وَدَانِيآلُ وَأَيُّوبُ، فَحَيٌّ أَنَا، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ، إِنَّهُمْ لاَ يُخَلِّصُونَ ابْنًا وَلاَ ابْنَةً. إِنَّمَا يُخَلِّصُونَ أَنْفُسَهُمْ بِبِرِّهِمْ.)

واضح أن الحديث في هذين النصين السابقين عن الموت، لأن أغلب أسفار الكتاب المكدس في كتاب اليهود (التاناخ) لا ذكر فيها للحياة الأخرى والبعث ما خلا القليل في إشعيا ودانيال مثلًا، لكن الكتبة المسيحيين المبكرين والوعاظ تبنوا تفسيرًا هاجادي الطابع لنصوص كهذه كما نرى، يعني أسلوب التعسف في التفسيرات واستخراج معانٍ يريدونها لا توجد في فحوى النص في الأصل.

في كتاب الأنبا شنودة رئيس المتوحدين سيرته وتعاليمه وقوانينه، ج1، مترجمًا عن نصوص المخطوطات القبطية الأصلية العتيقة، ص 346، و347 (والفراغات بين قوسين هي ثقوب وتلفيات في المخطوطة الأصيلة القديمة):

الفقرتان 199 و200: ....مثلما قال: "الأرض التي ستخطئُ إليَّ وتَعثُرُ سأمُدُّ يدي عليها وأكسر قوام خبزها، وأرسل عليها الجوع، وأقطع منها الإنسان والحيوان. وإن كان في وسطها هؤلاء الرجال الثلاثة: نوح ودانيال وأيوب، فحيٌّ أنا، يقول الرب، إنهم لا يُخلِّصُونَ بنينًا ولا بناتٍ ".

ليس النبي وحده هو الذي يشهد لنا بهذا، بل الله أيضًا يقول في سفر إرميا: "وإنْ وقفَ موسى وصموئيل أمامي لا أصفح عنهم" [إرميا 15: 1]، وكما صار كلام الرب إلى حزقيال: ما لكم أنتم تضربون هذا المثل بين بني إسرائيل، قائلين: الآباء أكلوا العنب الحامض وأسنان الأبناء ضرست؟ [حَيٌّ أَنَا، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ، لاَ يَكُونُ لَكُمْ مِنْ بَعْدُ أَنْ تَضْرِبُوا] ذلك المثل بين بني إسرائيل [حزقيال 8: 2]، هكذا أيضًا في سفر إرميا: "وفي تلك الأيام لا يقولون: الآباء أكلوا العنبَ الحامض وأسنان الآباء ضرست، بل كل واحد يموت بذنبه. كل إنسان سيأكل العنب الحامض ستضرس أسنانُهُ" [إرميا 31: 29- 30 حسب نص العظة] [...] سبق وأخبر الجميع بواسطة موسى النبي أنه لا يموت الأبناء عن الآباء ولا يموت الآباء عن أبنائهم [انظر التثنية 24: 16] [....] كل إنسان، رجلًا كان أو امرأة لن يكون له كلمة (حُجَّة) ليقولَها، حتى لا يتكِلَ ابنٌ شريرٌ على أبٍ بارٍّ [...] أو يتكل أبٌ خاطئٌ على ابنٍ بارٍّ ليُخَلَّصَ بواسطته، أو أي إنسان آخر [.....] أمرًا كهذا إن بقي في خطاياه، مخادعًا نفسَهُ. كذلك قال في موضوع آخر" لن يقدر أخٌ أن يفدي أخًا، ولن [يقدر أو يُسمَح لـ؟؟؟] إنسانٌ [أنْ؟؟؟] يعطي عوضًا وفديةً عن نفسِهِ [انظر المزمور 49: 6]. لذلك ليس فقط الرسل والأنبياء وكافة القديسين، بل وكل الآباء [أبرياء؟؟] من دم كل عاصٍ.

وجاء في المزامير الروحية لأفرام السرياني ص ١٩٨:

عندما لا يستطيع صديقٌ ولا قريبٌ أنْ يُخَلِّصَ إنسانًا، ويُحْضَرُ كلُّ إنسانٍ عاريًا إلی الحسابِ عن نفسِهِ؛ عندئذٍ كنْ يا رب شفيعي لأني وضعتُ رجائي فيك.

وفي ص ٢١٩:
في وقتٍ قصير سنعبر عبر أماكن مخيفة ومرعبة، ولن يوجد واحد هناك لكي يرافقنا ويساعدنا؛ لا والدان ولا أخوة ولا أصدقاء ولا أقارب ولا ثروة، ولا أي شيء آخر كهذا.

وفي ص٢٢٨:

تُری ألعلَّ الأمرَ هو كونُكِ لا تخافين اليومَ عندما ستُكشَفُ قروحُكِ وأسرارُكِ؟ مَنْ سيدافعُ عنكِ في ذلكِ المكانِ حيث سيكونُ كلُّ إنسانٍ منشغلًا بدينونتِهِ؟
لذا، أرجوكم أيها الأحباء أن تُفضِّلوا تعليمَ المسيحِ فلا تضعوني مع القديسين لأني خاطئ وهزيل وأخشی أنْ أقتربَ منهم مصحوبًا بحقارتي وجهالتي. فإن المادة الجافة حينما تقترب وتتحد بالنار تحترق كلها وتفنی. أقول هذا كله، لا لأني لا أريد أن أجثو معهم، بل لأني أری خطاياي فأرتعد وأخاف. أسمع النبيَّ حزقيال يقول: "حتی لو صرتم نوح وأيوب ودانيال فلن يخلُصَ أبناؤكم ولا بناتكم" [نصه مختلف عن حزقيال 14: 19- 20]. أما داوود فيقول: الأخ لا يفتدي أخاه. الإنسان لا يفتدي أخاه الإنسان". [مزمور 49: 7]. وسليمان أيضًا [قال]: "ولا جيحزي يتجرد من بَرَصِهِ".
ملاحظة: طلبُ أفرام جاء بسبب تواضعه واتضاعه وتحقيره لذاته، وهو الذي رفض مناصب كنسية رفيعة تليق به وكان يمكنه أن يصل للأسقفية، لكنه آثر أن يظل شماسًا خادمًا للكنيسة، وبعد موته نفذ الناس وصيته فدفنوه في مقبرة للغرباء، لكن بعدها بسنين نقلوا رفاتِه لمقبرة الأساقفة في بلده باعتبارها تليق بمكانته الفكرية والأدبية الدينية.

وجاء في ترجمة سمعان السرياني لعظات أو ميامر أفرام السرياني، الفصل أو العظة الثالثة:

إن الذهب والفضة لن تنقذنا من النار الرهيبة، والثيـاب والتنعم يكون لدينونتنا، الأخ لن يفدي أخاه، والأب لن يفدي ابنه، بل كل أحد يقف في موضعه في الحياة أو في النار.

ومن الفصل أو العظة الرابعة فيها:

لقد أوغلت في طلب المال فإذ به يبقی في الـدنی، وتعشقت المال فإذ به يفنی في الهاوية، وتلمـست الأخـوة والأحباء فلم يجدوني نفعاً فها إني أساق إلی الدينونة حيـث لا يخلص الأخ أخاه. فيا ربي نجِني من جهنم فـإن مـرد ذكـره يزعجني.

وفي الفصل الثامن:

لنهتم بوقت الانتقال ونمقت الأمور الأرضية التي لن تنفعنا بشيء وقتئذ إذ لا يسافر الأب مع ابنه ولا الأم مع ابنتها. بـل عمل كل واحد. فلنقدم أعمالًا صالحة حتی يـستقبلونا بها في مدينة القديسين.

وفي ترجمة صموئيل السرياني، المقال 26، في من سقط بسبب الغفلة:
...فلذلك أيها الأخوة لنهتم بخلاصنا، لنهتم بساعة الوفاة، ولنمقت الأمور الأرضیة لأن هذه كلها تبقى هنا، هذه لا تنفعنا في ساعة شدتنا حین نتضرع أن نترك ولیس من یستجیب. ویلي ویلي ما هي ساعة الموت حین لا یسافر الأب مع ولده، ولا الأم ترافق ابنتها، ولا المرأة رجلَها، ولا الأخ یرافق أخاه، سوى عمل كل واحد مهما عمل إن صالحاً وإن خبیثاً، فمنذ الآن فلنتقدم فنرسل أعمالاً صالحة حتى إذا انصرفنا یستقبلنا في مدینة القدیسین.

وفي الفصل التاسع من ترجمة سمعان السرياني:

المحبة الحقيقية التي تحب بها الله تقطع كسيف ذي حدين كل محبة أخرى للعالم ولن يستطيع أي شيء من هذه الأرضـيات أن يمسك تلك النفس، لا شرف ولا شهوة ولا ثروة ولا ربـاط بشري. فالنفس التي تحب الله وحده لا تحب معه شيئاً آخر من هذا العالم. فمحبتها كلها متعلقة بمشيئة الله وحده التي تغلب كل محبة أخرى.

وفي ص 230 من الأنبا شنودة رئيس المتوحدين سيرته وتعاليمه وعظاته، ج1، مكتبة باناريون:

160- ألم تسمعْ هذا: "أرسِلْ لعازر ليبلَّ طرفَ إصبعِهِ بماءٍ ويبرِّدْ لساني، لأني مُعذَّبٌ جدًّا في هذا اللهيب [لوقا 16: 24]؟ أليس هو بشرًا مثلَكَ؟ ألا يجب علينا جميعًا أن نتعلم من هذه الكلمات البائسة التي تفوَّهَ بها هذا التعس؟ لو كان هو الآن سيدًا على كل الأرض، أو أن كل الأشياء قد اجتمعت لديه هناك، وسيؤخَذُ شيءٌ منها، ألم يكن ليبذلَها جميعًا ولا يُبقي منها شيئًا حتى الفِلْسِ الأخيرِ حتى يجدَ رحمةً في اللهيبِ الذي يحرقُهُ؟

قارن مع القرآن:

{فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ (33) يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (37) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ (38) ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ (39) وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ (40) تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ (41) أُولَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ (42)} عبس

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (33)} لقمان

{إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ (40) يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (41)} الدخان
{مِنْ وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ وَلَا يُغْنِي عَنْهُمْ مَا كَسَبُوا شَيْئًا وَلَا مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (10)} الجاثية

{وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ (47)} الزمر

{وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى (11)} الليل

{يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ (8) وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ (9) وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا (10) يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ (11) وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ (12) وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ (13) وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنْجِيهِ} المعارج

{فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (15)} الحديد

{وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (48)} البقرة

{وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (123)} البقرة

الميزان ووزن الأعمال

ورد ذكر ميزان الأعمال في سفر وصية إبراهيم من أسفار الأبوكريفا، وكما نلاحظ، وكما علَّق العالم المسيحي كلير تسدل فهذه الأسطورة لها أصل في وزن القلوب والأعمال في كتب اعتقادات المصريين القدماء، كتب العلامة كلير تسدل:

...فإذا بحثنا عن أصل هذه القصة نجد أنها مأخوذة من كتاب »عهد إبراهيم« الذي أُلف في مصر أولاً ثم ترجم إلى اللغة اليونانية والعربية، فنرى في هذا الكتاب ما يشبه ما ذكره القرآن بخصوص وزن الأعمال الصالحة والطالحة. فقد ورد فيه أنه لما شرع ملاك الموت بأمر الله في القبض على روح إبراهيم، طلب منه خليل الله أن يعاين غرائب السماء والأرض قبل أن يموت. فلما أُذِن له عرج إلى السماء وشاهد كل شيء، وبعد هنيهة دخل السماء الثانية ونظر الميزان يزن فيه أحد الملائكة أعمال الناس. ونص تلك العبارة »إن كرسياً كان موضوعاً في وسط البابين، وكان جالساً عليه رجل عجيب، وأمامه مائدة تشبه البلور وكلها من ذهب وكتان رفيع. وعلى المائدة كتاب سُمكه ست أذرع وعرضه عشر أذرع. وعلى يمينها ويسارها ملاكان يمسكان بورقة وحبر وقلم. وأمام المائدة ملاكٌ يشبه النور يمسك ميزاناً بيده. وعلى اليسار ملاك من نار عليه علامات القسوة والفظاظة والغلظة يمسك بوقاً فيه نار آكلة، لامتحان الخطاة. وكان الرجل العجيب الجالس على الكرسي يدين ويمتحن الأرواح، والملاكان اللذان عن اليمين واليسار يكتبان ويسجّلان أعمال الناس. فكان الملاك الذي على اليمين يكتب ويسجّل الأعمال الصالحة، والملاك الذي على اليسار يكتب الخطايا. أما الملاك الذي أمام المائدة والممسك الميزان فكان يزن الأرواح، والملاك الناري الممسك بالنار كان يمتحن الأرواح. فاستفهم إبراهيم من ميخائيل رئيس الملائكة: ما هذه الأشياء التي نشاهدها؟ فقال له رئيس الملائكة: إن ما تراه أيها الفاضل إبراهيم هو الحساب والعقاب والثواب« (كتاب »عهد إبراهيم« صورة 1 فصل 1). وذكر بعد هذا أن إبراهيم رأى أن الروح التي تكون أعمالها الصالحة والطالحة متساوية لا تُحسب من المخلَّصين ولا من الهالكين، ولكنها تقيم في موضع وسط بين الاثنين«. وهذا المذهب يشبه ما ورد في سورة الأعراف 7: 46 »وبينهما حجاب، وعلى الأعراف رجال«.

فيتَّضح مما تقدم أن محمداً اقتبس مسألة الميزان الذي ذكره في القرآن من هذا الكتاب الموضوع الذي أُلف في مصر....إلخ

ملاحظة: مما ورد في راجع كتابات ما بين العهدين ج3 لموسى ديب الخوري، فإن أقدم نسخة مخطوطة مكتشَفة لها هي النسخة القصيرة بالقبطية الصعيدية من القرن الخامس الميلادي، ويقدر زمن كتابة النسخة القصيرة بالنصف الثاني من القرن الميلادي الأول، أما النص الطويل فنتج عن تعديل لاحق من القرن الثاني الميلادي أو ربما بداية القرن الثالث الميلادي.

ونظرًا لأن هذه العقيدة لا ذكر لها في أسفار الكتاب المكدس، فواضح جدًّا أن أفرام السرياني اقتبسها ضمن اقتباساته الكثيرة من أسفار الأبوكريفا، فجاء في المزامير الروحية، ص 179:

عادلٌ هو القاضي وعادلة هي دينونة الحق؛ فعندئذٍ ستوزَنُ أعمالُ كلِّ إنسانٍ ويُجازَى بحسبِ فضائلِه. في ذلك اليوم، سيتعذَّب بالندم الذين فعلوا الإثم، والذين تعبوا في الفضيلة سيشتركون في الفرح في تلك الأرض.

قد يُفْهَم كلام أفرام هنا حرفيًّا أو مجازيًّا.
قارن مع القرآن:

{وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (8) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآَيَاتِنَا يَظْلِمُونَ (9)} الأعراف

{أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا (105) ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آَيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا (106)} الكهف

{وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ (47)} الأنبياء

{فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (102) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ (103) تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ (104)} المؤمنون

{فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ (6) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (7) وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ (8) فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ (9) وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ (10) نَارٌ حَامِيَةٌ (11)} القارعة

إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابًا موقوتًا – والذين هم في صلاتهم خاشعون- والذين هم على صلواتهم يحافظون

{فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا (103)} النساء

إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا (142)} النساء

{ فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5) الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ (6) وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ (7)} الماعون

قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2)} المؤمنون

{قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2)} المؤمنون

{فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى (31) وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (32) ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى (33) أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (34) ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (35)} القيامة

{آَخِذِينَ مَا آَتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ (16) كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (18)} الذاريات

{تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (16)} السجدة

{يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلًا (4) إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (5) إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا (6)} المزمل

جاء في المزامير الروحية لأفرام السرياني، ص 166:

عندما أصلي، يثير فيَّ فكرَ متعةٍ تافهةٍ ما، ومعها يُقَيِّدُ ذهني كما بسلسلة نحاسية. ذهني لا يستطيع حل القيد، ولا محاولة الفرار.

وفي ص ١٥٩ و١٦٠:

امنحني يا ربُّ استنارةً لأميِّزَ مخاصِمِي، الكارهِ لكلِّ صلاحٍ؛ لأنه يضع في طريقي كثرةً لا عددَ لها من المُغوِيات والشِراكِ: ...الجبن في الأتعاب النسكية والكسل في الصلاة ونوم الجسدِ وراحتِهِ خلالَ ترتيلِ المزاميرِ.

وبنحوه في ص ٢٧٩:

مَيِّزْ حيلَ عدوِّنا، المخاصمِ الذي يكرهُ كلَّ صلاحٍ، الذي يضعُ في طريقِنا الأشراكَ والإغراءاتِ والقنية [حب الامتلاك] المهلِكة ومديحَ هذا الدهرِ واللذةَ الجسديةَ، بالإضافةِ إلی توقُّعِ ديمومةِ هذه الحياةِ طويلًا، والخوف من الجهادات النسكيَّة وموقفًا كسولًا من الصلاة والنعاسَ عندَ ترتيلِ المزاميرِ والراحةَ الجسديةَ.

وجاء في كتاب مُختارات نسكية وزهدية من أقوال أفرام، ص ٦١:

...الذي يتهاونُ في وقتِ الصلاةِ والتراتيلِ ولا ينتبه يُغضِبُ اللهَ. أما الذي يسعی بحماسٍ واجتهادٍ إلی التراتيلِ فهو شريكُ روحِ القدُس.

وفي تجميعة سمعان السرياني، في الفصل ١٣، تعاليم متنوعة:

من يصلِّ بيقظةٍ فإنه يبدد الشياطينَ، ومن يصلِّ متهاونًا فهو يُغْلَبُ منهم.

إذا قمت لتسبح الله فردد قول كتاب الله أرتل لإلهي ما دمتُ موجـوداً لئلا تأتيَك أفكارٌ غريبة تزعج ذهنك، لكن رتل بالروح ورتـل بالذهن. الدموع في الصلاة موهبة عظيمة .. وقلب ينشغل عن السمائيات يربطه الشياطين بالأرضيات. إذا تهاونتَ بالفانيات تأخذ الباقيات.

وفي آخر الفصل ١٣:

في الصلاة لا تكن قائماً بجسدك، وعقلك يفكر في أمر عالمي(دنيوي) فتصلي قائماً أمام الله بلا شيء. ومن يصلِّ بجسده دون عقله فهو يهين اللهَ لأنه قرب له أدنی ما عنده مثل قايين، ولم يقرب له أفضل ماله مثل هابيل.

وجاء في تجميعة صموئيل السرياني، في المقالة الخامسة:

فلنفهم يا إخوتي بین یدي من نحن ماثلون، لأنه كما أن الملائكة واقفون برعب كثیر یقضون التسبیح للباري؛ هكذا یجب علینا نحن أن نقف بجهاد في أوان الترتیل، وأن لا تكون أجسامنا واقفة وذهننا یتخیل ویتصور أمور العالم، فلنستجمع أفكارنا لیكون لنا فخر عند إلهنا ونصطبر على تجارب عدونا لنشرف.
وفي المقالة السادسة:

إذا دخلنا إلى بیت الله فلا یكن ذهننا طموحًا یتنزه بل فلیشتغل إنساننا الباطن بنظر الله والصلة، وإذا صلینا وقلنا یا أبانا الذي في السماوات فلنتحرز أن تخطر لنا الأفكار شیئاً آخر فتزعج ذهننا وتكدره.
وإذا وقفت في الصلاة فاعرف بین یدي من أنت ماثل ولتكن نفسك وقلبك كله ناظراً إليه.

تفهم ما أقوله: إذا أخذ إنسانا بیده صرة دراهم ومضى إلى الموسم لیبتاع بقرا هل یتأمل الخنازیر؟ وإن أراد أن یبتاع حمیرا، هل یتفرس في الكلاب؟ ألیس كل فكره يكون منصبًّا علی الأشیاء التي یشتهیها لئلا یسخر به فیضیع الذي بیده باطلًا

...الغني إذا تكلم یصمت الكل ویرفعون كلامه إلى السحب؛ والله یخاطبنا بالكتب المقدسة فلا نرید أن نسكت ونسمع، بل واحد یتكلم وآخر یتناعس وآخر تجول أفكاره خارجًا، فماذا يقول الكتاب؟ “من یَرُدّ مسامعَه لئلا یسمعَ شرائعَ العليِّ فصلاته تُرْفَضُ.

وفي المقالة أو العظة التاسعة:

... لا تكونوا في الخصومة أقویاء وفي الترنیم ضعفاء. لا تكونوا منتبهین إلى مناجاةِ الأفكار وناظرین مثل وحوش، وفي الصلاة متناعسین وتغمضون عیونكم، لا تكونوا في الحدیث الباطل أقویاء كالثیران وفي هذیذ تمجید الله ضعفاء كالثعالب، لا تكونوا في حجج الخصومة غیر مغلوبین وفي القوال الروحانیة تتثاءبون. لا تكونوا في اللعب أصحاء وإذا وعظتم تقطبون، لا تكونوا في النهار معافین بنهم البطن وفي الصلاة اللیلیة متمارضین....

وفي المقالة السابعة بعنوان حكم:

اهتم بالصنعة الباطنة ولا تزین حائطا لا ینفع لأن زخرفة القلایة [الصومعة] لن تمنح لك صبرًا، فلنطلب الأمور الكافیة لحاجتنا فإن الأشیاء الزائدة والمسببة لنا تجاذب الذهن غیر نافعة...

....المصلي بتیقظٍ یحرقُ الشیاطینَ، ومن یصلِّ متنزها متلفتًا فهو مغلوبٌ منهم.

وهذا التعليم المهووس له مثيل في الأحاديث المنسوبة إلی محمد، فروی البخاري:

5959 - حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَانَ قِرَامٌ لِعَائِشَةَ سَتَرَتْ بِهِ جَانِبَ بَيْتِهَا فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمِيطِي عَنِّي فَإِنَّهُ لَا تَزَالُ تَصَاوِيرُهُ تَعْرِضُ لِي فِي صَلَاتِي

وفي المقالة ٢٧، في التوبة، قال عن الشيطان الخرافي الوهمي، في إطار وعظ بنسب الخطايا لنفسه كتواضع منه وهو أسلوب لرهبان منهم إشعياء الإسقيطي أيضًا:

علَّمَني أن أكون متكبرا وغضوبا وسخوطا، وجعلني شرها وسكیرا ومحبا للذة، خسارات نفسي جعلها عندي مثل فوائد، صیرني متذمرا وعاجزا ومهذارا، جعلني ردئ العادة ومشارا، علمني أن أتنزه في القراءة والترتیل وأصلي ول أعرف ما أقول.

وجاء في ميامر وأقوال الأنبا أشعياء الإسقيطي - ط أبناء البابا كيرلس السادس، ص 18:

إذا وقفتَ في قلايتِكَ (صومعتك) لتصليَ ساعاتِكَ فلا تفعلْ ذلك بتهاونٍ وكسلٍ لأنكَ بذلك تُغْضِبُ اللهَ بدلًا من أنْ تُكرِمَه، لكنْ قف بخوفِ الله.

وفي ص 160:

وما هي خدمة الله سوى أن لا يوجد شيء غريب في قلبِهِ حينما يُسَبِّحُ، أو فكرُ نجاسةٍ حينما يُصلِّي، أو أي خبثٍ حينما يرتل الأبصلمودية، أو كراهية حينما يسجد، أو أي حسد رديء يعوقنا عن الحديث مع الله أو شهوة مخزية في الأعضاء حينما نتذكره، لأن هذه الأمور جميعها هي متاريس الظُلْمة التي تحوط بالنفس البائسة، فلا يمكنُها أنْ تخدِمَ [تتعبَّدَ] بالطهارة ما دامت هذه الأمور داخلها لأنها تعوقها في الهواء، ولا تدعها تذهب لملاقاة الله أو تسبحه في الخفاء، أو تصلي له بحلاوة الحب ومسرة القلب ونية مقدسة لكي تصير مستنيرة بواسطته. ولهذا تبقى النفس مظلمةً على الدوام ولا تستطيع أن تتقدم بحسب الله لأنها لم تهتم أن تقطع عنها هذه الأمور بمعرفة، ولن يكون لها قوة لتهتم بقطعها ما لم تتخلص من الاهتمام بأمور هذا الدهر.

وفي كتاب (سيرة وأقوال الأنبا إشعيا الإسقيطي- للراهب القمص سمعان السرياني) ص 15:

إن صليت ولم يرد على فكرك شيء من الشر فقد صرت حرًّا

وفي كتاب (من الفيلوكاليا أقوال أوغريس الراهب وأنطونيوس الكبير) ترجمة القمص إشعياء ميخائيل، ص 15، من مقولات أوغريس [إيڤاجريوس]:

23- حينما يبدأ الإنسان في الصلاة بلا تشتت فإنه يجاهد طول الليل والنهار ضد الجزء الشهواني في النفس.
26- يصير العقل قويًّا حينما لا يتخيل أي شيء عالمي أثناء الصلاة.

29- إنه شيء عظيم أن تصلي بلا تشتتِ فكرٍ، ولكنْ أنْ تسبِّحَ اللهَ بلا تشتتٍ يعتبَر شيئًا أعظمَ

وفي كتاب (سلسلة إكثوس - ج005 - القديس إيڤاجريوس البنطي - مار أوغريس)- ترجمة أنطون فهمي جورج، ص 85 وما بعدها، عن الصلاة:

2- النفس المتطهرة بجميع الفضائل تُثَبِّتُ الذهنَ، مؤهِّلةً إياه لنوال الحالة التي ينشد.

4- إذا كان موسى النبي قد مُنِع من الاقتراب من العليقة المشتعلة حتى خلع نعليه من رجليه، فكيف أنت، الذي تطلب معاينة ما هو فوق كل فكر وكل شعور، لا تنزع عنك كل فكر وهوى؟!

9- قف بشجاعة وصلِّ بعزمٍ، ابعد الاهتمامات والأفكار التي تعرض لك، لأنها تقلقك لتوهن قوتَكَ.

10- عندما يراك الشياطين راغبًا بحرارة في الصلاة الحقيقية يوحون لك أفكارًا عن أشياء يصورونها لك ضرورية، وبعد مدة يحركون فيك ذكر هذه الأشياء دافعين العقل للبحث عنها، وإذ لا يجدها يتكدر ويغتم، ثم يعودون وقت الصلاة فيذكرونه بما كان يبحث عنه لكي يسترخي بسبب هذه الاضطرابات فلا يحصل على الصلاة المثمرة.

11- اجتهد أن تجعل عقلك أصم وأبكم أثناء الصلاة، وهكذا تقدر أن تصلي.

28- لا تصلِّ بالحركات الخارجية فقط، بل ادفع ذهنك إلى الإحساس بالصلاة الروحية بخوف عظيم.

44- متى صليت، راقب ذاكرتك كل المراقبة، لكي تحملك على صلاتك بدلًا من أن تورد لك ذكرياتها الشهوانية، لأن للذهن ميلًا شديدًا للذاكرة أثناء الصلاة.

45- عندما تصلي تحضر لك الذاكرة صور الماضي أو همومًا جديدة أو وجهَ مَنْ أحزنَكَ.

46- إن الشيطان يحسد كثيرًا من يصلي، ويستخدم كافة الوسائل لإحباط مسعاه، لذا فهو لا يكف عن إضرام تفكيره بالأشياء بواسطة الذاكرة، وإيقاظ كل الأهواء فيه بواسطة الجسد، كي يوقِفَ سعيَه البَهِيَّ، وانطلاقَه نحو الله.

ومن ص 90 إلى 105:

34- الصلاة الخالية من الشرود هي أرقى أعمال العقل.

42- سمة الصلاة (الحقيقية) هي الخشوع بمهابة والمصحوب بنخس الندامة، مع وجع النفس المعترفة بخطاياها بأنات خفية.

43- إن كان ذهنُكَ لا يزال يشرد وقتَ الصلاة، فهذا لأنه لا يصلي بعدُ كراهبٍ، بل لا يزال منَ العالَمِ منشغِلًا بتزيينِ الخيمة الخارجية.

61- عندما يبتدئ ذهنُك _في حب مضطرم لله_ في الخروج تدريجيًّا من الجسد _إذا جاز القول_ وفي إبعاد كل الأفكار التي تأتي من الحواسِّ أو الذاكرة أو المزاج، ممتلِئًا في الوقتِ ذاتِه بالخشوع والفرح، عندئذٍ يمكنكَ اعتبارُ نفسِكَ قريبًا منْ حدودِ الصلاة.

70- لن تستطيع اقتناء الصلاة النقية إذا كنتَ مرتبِكًا بأمور مادية ومضطرِبًا بهموم مستمرة، فالصلاة هي طرح الأفكار.

117- سأقول فكرة خاصة بي سبق أن قلتها في موضع آخر: مغبوطٌ هو الذهنُ الذي بلغَ إلى التحرر من كل تحديد أثناء الصلاة.

118- مغبوطٌ هو الذهن الذي _في صلاة خالية من التشتيت_ يحصُل دومًا على مزيدٍ منَ الحبِّ للهٍ.

119- مغبوطٌ هو الذهن الذي _إبانَ الصلاةِ_ يصبح مجردًا وعاريًا من كل شيء.

120- مغبوطٌ هو الذهن الذي _أثناء الصلاة_ يحصُلُ على فقدان حسي كامل.

148- لا تكن مهذارًا (كثير الكلام) ولا متفاخرًا، وإلا سيحرث الخطاة ليس على ظهرك بل على جبينك (مزمور 129: 3) وستكون لهم لعبةً وقتَ الصلاةِ، وسيصطادونك ويحملونك إلى أفكار منحرفة شتى.

وفي ص 72 في كلامه عن "شياطين الأفكار والوساوس":

....وبسبب إزعاج تلك القوات، يسقط العقل في الزنا أو الشجار العقلي، ولا يستطيع أن يحفظ نفسَه بعدُ في فكرِ اللهِ معطي الوصية، لأن مثل هذا الإشراقِ (أيْ: الفكر الذي في الله بلا اضطراب) يظهر في العقل الحر القوي، فقط بشرط أن الأفكار التي تجول بين الأشياء تُقْطَعُ أثناءَ الصلاةِ.

وفي ص 84:

....الشياطين لا يعرفون قلوبنا، على عكس ما يعتقد بعض الناس، لأن ذاك الذي هو رقيب الناس (أيوب 7: 20) والمصور قلوبهم جميعًا (المزمور 33: 15) هو وحدَه يعرف قلوب الناس، لكن الشياطين تعرف الكثير عن الحركات الحادثة في القلب من الكلمات التي تُقال أو من حركات الجسد.

مثلًا افترض أننا في حديث ما أَدَنَّا هؤلاء الذين يتحدثون بالشر عنا، فمن هذه الكلمات يستنتج الشياطين أننا نتخذ موقفًا عدائيًّا نحو هؤلاء الناس، ويستخدمون ذلك كفرصة ليُدْخِلوا فينا أفكارًا شريرة ضدهم، وبعد أن نقبلها نسقط تحت نير شيطان الكراهية الذي _بناء على ذلك_ يهيج فينا دومَا أفكارًا انتقامية ضدهم. لذلك يُبكِّتُنا روحُ القدس قائلًا: "تجلس تتكلم على أخيك، لابن أمك تضع معثرة" [مزمور 50: 20] أي أنك أنت الذي فتحت الباب لأفكار الكراهية وأزعجتَ ذهنَكَ أثناء الصلاة متخيِّلًا باستمرار وجهَ عدوِّكَ وهكذا صار لك كإله، لأن ما ينظر إليه العقل دومًا أثناء الصلاة يجب أن يُعترَفَ به أنه إله هذا العقل بحق، لذلك، لنهرب من مرض الكلام الحاقد هذا، ولا نحمل أي ذكرى شريرة ضد أحد، ولا نعبر عن سخرياتنا بحركات الوجه عند ذكر أي أخ، لأن الشياطين الأشرار يراقبون بلهفة حركاتِنا كلَّها، ولا يتركون أي شيء يمكن أن يستخدموه ضدنا إلا ويفحصونه ويكتشفونه سواء جلوسنا أو قيامنا أو وقوفنا أو حديثنا أو كلماتنا أو نظراتنا، فهم يراقبون ويهتمون و (اليوم كله يلهجون بالغش) [مزمور 38: 12] لكي يَخْزُوا العقلَ المتواضعَ أثناءَ الصلاة ويطفؤون نورَه المبارَكَ.

وروى مسلم:
[ 2203 ] حدثنا يحيى بن خلف الباهلي حدثنا عبد الأعلى عن سعيد الجريري عن أبي العلاء أن عثمان بن أبي العاص أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها علي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذاك شيطان يقال له خنزب فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه واتفل على يسارك ثلاثا قال ففعلت ذلك فأذهبه الله عني

وروى أحمد:

(17897) 18057- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ ، عَنْ أَبِي الْعَلاَءِ بْنِ الشِّخِّيرِ ، أَنَّ عُثْمَانَ قَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ حَالَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ صَلاَتِي ، وَبَيْنَ قِرَاءَتِي ، قَالَ : ذَاكَ شَيْطَانٌ يُقَالُ لَهُ : خَنْزَبٌ ، فَإِذَا أَنْتَ حَسَسْتَهُ ، فَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْهُ ، وَاتْفُلْ عَنْ يَسَارِكَ ثَلاَثًا ، قَالَ : فَفَعَلْتُ ذَاكَ ، فَأَذْهَبَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنِّي. (4/216).

وعند الشيعة الاثناعشرية، بحار الأنوار للمجلسي ج 21، باب 35 : قدوم الوفود على رسول الله صلى الله عليه وآله وساير ما جرى إلى حجة الوداع:

إعلام الورى : قال بعد ذكر نزول براءة : ثم قدم على رسول الله صلى الله عليه واله عروة بن مسعود الثقفي مسلما ، واستأذن رسول الله صلى الله عليه واله في الرجوع إلى قومه ، فقال : إني أخاف أن يقتلوك ، فقال : إن وجدوني نائما ما أيقظوي ، فأذن له رسول الله صلى الله عليه واله فرجع إلى الطائف ودعاهم إلى الاسلام ونصح لهم فعصوه ، وأسمعوه الاذى حتى إذا طلع الفجر قام في غرفة من داره فأذن وتشهد ، فرماه رجل بسهم فقتله ، وأقبل بعد قتله من وفد ثقيف بعضة عشر رجلا هم أشراف ثقيف فأسلموا ، فأكرمهم رسول الله صلى الله عليه واله وحباهم وأمر عليهم عثمان بن أبي العاص بن بشر وقد كان تعلم سورا " من القرآن ، وقد ورد في الخبر عنه أنه قال : قلت يا رسول الله : إن الشيطان قد حال بين صلاتي وقراءتي قال : ذاك شيطان يقال له : خنزب ، فإذا خشيت فتعوذ بالله منه ، واتفل عن يسارك ثلاثا ، قال : ففعلت فأذهب الله عني ، رواه مسلم في الصحيح .....إلخ

بيان : في النهاية في حديث الصلاة : ذلك شيطان يقال له خنزب ، قال أبوعمرو هو لقب له ، والخنزب : قطعة لحم منتنة ، ويروى بالكسر والضم قوله : خالني أمر ، من المحالة وهي المحبة الخالصة ، وأم ملدم كنية الحمى ، ولعل الترديد من الراوي أو المراد نوع منها .

مكارم الأخلاق (نقلًا عن بحار الأنوار ج92/ باب 98): وعن عثمان بن أبي العاص قلت يا رسول الله حال الشيطان بين صلاتي وقراءتي قال ذلك شيطان يقال له خيزب فإذا أحسست به فتعوذ بالله منه واتفل عن يسارك ثلاثا.

طب، [طب الأئمة عليهم السلام] أبو القاسم التفليسي عن حماد بن عيسى عن حريز بن عبد الله السجستاني عن أبي عبد الله الصادق ع قال قلت يا ابن رسول الله إني أجد بلابل في صدري و وساوس في فؤادي حتى لربما قطع صلاتي و شوش علي قراءتي قال و أين أنت من عوذة أمير المؤمنين ( ع ) قلت يا ابن رسول الله علمني قال إذا أحسست بشي‏ء من ذلك فضع يدك عليه و قل بسم الله و بالله اللهم مننت علي بالإيمان و أودعتني القرآن و رزقتني صيام شهر رمضان فامنن علي بالرحمة و الرضوان و الرأفة و الغفران و تمام ما أوليتني من النعم و الإحسان يا حنان يا منان يا دائم يا رحمان سبحانك و ليس لي أحد سواك سبحانك أعوذ بك بعد هذه الكرامات من الهوان و أسألك أن تجلي عن قلبي الأحزان تقولها ثلاثا فإنك تعافى منها بعون الله تعالى ثم تصلي على النبي و السلام عليهم و رحمة الله .

بيان (للمجلسي): قوله ( ع ) فضع يدك عليه أي على الفؤاد كما يظهر من الخبر الآتي أيضا و لما كان الصدر محلا للفؤاد فينبغي وضع اليد على الصدر .

[طب الأئمة عليهم السلام] علي بن ماهان عن سراج مولى الرضا ( ع ) عن جعفر بن ديلم عن إبراهيم بن عبد الحميد عن الحلبي قال قال رجل لأبي عبد الله الصادق ( ع ) إني إذا خلوت بنفسي تداخلني وحشة و هم و إذا خالطت الناس لا أحس بشي‏ء من ذلك فقال ضع يدك على فؤادك و قل بسم الله بسم الله بسم الله ثم امسح يدك على فؤادك و قل أعوذ بعزة الله و أعوذ بقدرة الله و أعوذ بجلال الله و أعوذ بعظمة الله و أعوذ بجمع الله و أعوذ برسول الله و أعوذ بأسماء الله من شر ما أحذر و من شر ما أخاف على نفسي تقول ذلك سبع مرات قال ففعلت ذلك فأذهب الله عني الوحشة و أبدلني الأنس و الأمن .

وإن بعض كلام الشافعي وعلي بن أبي طالب في فضل العزلة لشبيه بهوس وحب الرهبان للعزلة والانفراد والتوحد، ففي شرح ابن أبي حديد المعتزلي لنهج البلاغة يقول:

.... واعلم أن كلام أمير المؤمنين رضي الله عنه تختلف مناهجه، فقد رجح العزلة في هذا الفصل على المخالطة، ونهى عن العزلة في موضع آخر سيأتي ذكره في الفصل الذي أوله "أنه دخل على العلاء بن زياد الحارثي عائداً"، ويجب أن يحمل ذلك على أن من الناس من العزلة خير له من المخالطة، ومنهم من هو بالضد من ذلك، وقد قال الشافعي قريباً من ذلك، قال ليونس بن عبد الأعلى صاحبه: يا يونس، الانقباض عن الناس مكسبة للعداوة، والانبساط إليهم مجلبة لقرناء السوء، فكن بين المنقبض والمنبسط. فإذا أردت العزلة فينبغي للمعتزل أن ينوي بعزلته كف شره عن الناس أولاً، ثم طلب السلامة من شر الأشرار ثانياً، ثم الخلاص من آفة القصور عن القيام بحقوق المسلمين ثالثاً، ثم التجرد بكنه الهمة بعبادة الله تعالى رابعاً، فهذه آداب نيته. ثم ليكن في خلوته مواظباً على العلم والعمل، والذكر والفكر، ليجتني ثمرة العزلة. ويجب أن يمنع الناس عن أن يكثروا غشيانه وزيارته ، فيتشوش وقته، وأن يكف نفسه عن السؤال عن أخبارهم وأحوالهم، وعن الإصغاء إلى أراجيف الناس وما الناس مشغولون به، فإن كل ذلك ينغرس في القلب حتى ينبعث على الخاطر والبال وقت الصلاة ووقت الحاجة إلى إحضار القلب، فإن وقوع الأخبار في السمع كوقوع البذر في الأرض، لا بد أن ينبت وتتفرع عروقه وأغصانه، وإحدى مهمات المعتزل قطع الوساوس الصارفة عن ذكر الله، ولا ريب أن الأخبار ينابيع الوساوس وأصولها.
ويجب أن يقنع باليسير من المعيشة، وإلا اضطره التوسع إلى الناس، واحتاج إلى مخالطتهم. وليكن صبوراً على ما يلقاه من أذى الجيران إذ يسد سمعه عن الإصغاء إلى ما يقول فيه من أثنى عليه بالعزلة، وقدح فيه بترك المخالطة، فإن ذلك لا بد أن يؤثر في القلب، ولو مدة يسيرة، وحال اشتغال القلب به لا بد أن يكون واقفاً عن سيره في طريق الآخرة، فإن السير فيها إما يكون بالمواظبة على ورد أو ذكر مع حضور قلب، وإما بالفكر في جلال الله وصفاته وأفعاله وملكوت سماواته، وإما بالتأمل في دقائق الأعمال ومفسدات القلب وطلب طرق التخلص منها، وكل ذلك يستدعي الفراغ، ولا ريب أن الإصغاء إلى ما ذكرناه يشوش القلب.

... ومن تجرد للأمور بالمعروف ندم عليه في الأكثر، كجدار مائل يريد الإنسان أن يقيمه وحده، فيوشك أن يقع عليه، فإذا سقط قال: يا ليتني تركته مائلاً! نعم لو وجد الأعوان حتى يحكم ذلك الحائط ويدعمه استقام، ولكنك لا تجد القوم أعواناً على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فدع الناس وانج بنفسك.

لؤي عشري 12-18-2018 09:29 AM

خائنة الأعين

{ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ (19)} غافر

جاء في المزامير الروحية لأفرام السرياني، ص ١٠٥:

أيُّ خوفٍ شديدٍ سيكون في يوم الدينونة عندما يؤدِّي كلُّ إنسانٍ عرْضًا عن أعمالِهِ وأفكارِهِ وحتی عن كلِّ وقتٍ أومَأَ فيه بعينيه.


الملائكة يكتبون أعمال البشر

تصور البشرُ اللهَ الخرافيَّ علی شاكلتِهم وشاكلة ملوكِهم ووزاراتِهم ودواوينِهم يحتاج أسفارًا لتسجيل أعمال البشر وحسابهم، وقد ورد ذكر أسفار الأعمال في كتب قانونية كسفري دانيال ورؤيا بوحنا. أما كتابة الملائكة للأعمال فوردت بوضوح أكثر في الهاجاديات والأبوكريفا اليهودية والمسيحية واليهومسيحية وكتابات وعظات الآباء المسيحيين، ومنها انتقلت إلی قرآن محمد. وسبق وعرضنا النصوص المتعلقة في ذلك في ترجمتي لموضوع الملائكة من الموسوعة اليهودية، في كتاب (أصول أساطير الإسلام من الهاجادة والأبوكريفا اليهودية).

وجاء في كتاب مختارات نسكية وزهدية لأفرام السرياني، ص ١٠٥، قوله للرهبان:

....لقد رفضنا الشيطانَ ووافقنا المسيحَ بحضورِ شهودٍ كثيرين. فانظر إلی من وافقتَ وعاهَدْتَ، ولا تستَهِنْ به. واعرِفْ أنَّ ملائكةً دوَّنُوا في تلك الساعةِ أقوالَكَ وعهودَكَ وخضوعَكَ، وخبَّؤوها في السماوات إلی يوم الدينونة الرهيب. أما تخشی وترتعِد لذلك؟ إذْ سيُحْضِرُ الملائكةُ في يومِ الدينونةِ الصكَّ الذي عليكَ وكلماتِ فمِكَ أمام المقامِ الرهيبِ حيث يقفُ الملائكةُ مرتعِدين.

وفي ترجمة سمعان السرياني أو تجميعته لنفس النص، ص٦٥:

....قد جحدتَ الشيطانَ وملائكتَه دفعةً ووقفتَ أمامَ المسيحِ بحضرةِ شهودٍ كثيرين. فانظرْ أمامَ من وقفتَ وتعهدتَ ولا تستهِنْ به واعلم هذا: أنه في تلكَ الساعة كتَبَ ملائكةٌ أقوالَكَ وتعهداتِكَ وخضوعَكَ وخبؤوها في السماوات إلی يوم الدينونة الرهيب. في ذلك اليوم يُحضِر الملائكةُ كتابَ الوثيقةِ التي عليكَ وكلماتِ فمكَ يومَ المقامِ المرهوبِ حيثُ يقفُ الملائكةُ مرتعِدين....
وقال يوحنا السُلَّمِيُّ (الدَرَجي) في كتاب السلم إلى الله، ص 42، فقرة 12، بعدما يحكي قصة من قصص رئيس دير يبجله كثيرًا وهو مريض نفسي يقوم بإذلال الرهبان بطريقة مريضة مقززة، ويحكي هنا مثلًا عن شخص أراد التبرهن معترفًا أنه كان لصًّا وتاب، فأذله بتقييده بشكل رمزي واقتياده من بعض الرهبان قائلًا له لست أهلًا للرهبنة فامكث مكانك، ثم أمر بقص شعره (طقس بداية دخول سلك الرهبنة) وأحصاه في عداد الرهبان، ثم يقول:

12- فعجبتُ لحكمة ذاك البار وسألتُهُ على انفرادٍ: لماذا صنعتَ به هذا الأمر الغريب؟ فأجابني ذلك الطبيبُ الحقيقي قائلًا: لغرضين اثنين، أولهما لكي أخلصه من الخزي الآتي بواسطة الخزي الحاضر، وهذا ما تم فعلًا، لأنه بالحقيقة _يا أخي يوحنا_ ما أنْ نهَضَ عن الأرضِ حتى كان قد حَظِيَ بالصَفْحِ عن خطاياه كلها. لا تشكَّ بصحةِ ذلك فإنَّ أحدَ الإخوةِ الحاضرين أَسَرَّ لي بأنَّه قد رأى شخصًا رهيبًا يُمْسِكُ ورقةً مكتوبةً وقلمًا، فكانَ يشطُبُ بقلمِهِ على كل خطيئةٍ يُقِرُّ الطريحُ بها. وهذا بعدلٍ وإنصافٍ، لأنه قيلَ: "قلتُ أعترفُ للربِّ بذنبي وأنتَ صفحْتَ عن خباثةِ قلبي" [المزمور 31: 5] ......

الملائكة الحفظة

{سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ (10) لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ (11)} الرعد

وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ (2) النَّجْمُ الثَّاقِبُ (3) إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ (4)} الطارق

{وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ (61)} الأنعام

استعرضت المصادر الهاجادية لهذه الأسطورة في بحث الهاجادة، موضوع ترجمة مقال المعتقدات عن الملائكة من الموسوعة اليهودية ومقارنته بنصوص الإسلام.

وجاء في تجميعة سمعان السرياني، ص ٧٨:

ويلي يا نفسي إذْ بأفعالِكِ الدنسةِ قد أحزَنْتِ الملائكةَ القدِّيسين الذين يحفظونكِ.

وتجدها بنحوه في تجميعة أو ترجمة صموئيل السرياني لنفس العظة، وهي عنده المقالة العشرون.

رفع الملائكةِ الخرافيين أعمالَ البشرِ إلی اللهِ الخرافي

جاء في مختارات نسكية وزهدية لأفرام السرياني، ص 149:

صرْ بكليِّتِكَ ملاكًا سماويًّا في أوانِ الصلاة، وجاهدْ لكي تكون صلاتك مقدسة ونقية بلا دنس ولا عيب حتی إذا شاهدها الملائكة ورؤساء الملائكة يستقبلونها جميعًا فرِحين، ويقربونها إلی عرش السيد الطاهر الأقدس.

وفي تجميعة صموئيل السرياني، المقال ١٩:
یا أخي الحبیب إن كنت قد عملت شیئا صالحا في هذا العالم الذي سكنته، إن كنت قد احتملت الحزن والتعییر من أجل الرب، وصنعت الفضائل التي ترضيه، تصعدها الملائكة مرفوقة بفرح عظیم إلى السماوات.

تشبيه العمل الصالح بالتجارة الرابحة

{إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ (29)} فاطر

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (11) يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12)} الصف

يعود هذا إلى نصوص الأناجيل كما في إنجيل متى:

14«وَكَأَنَّمَا إِنْسَانٌ مُسَافِرٌ دَعَا عَبِيدَهُ وَسَلَّمَهُمْ أَمْوَالَهُ، 15فَأَعْطَى وَاحِدًا خَمْسَ وَزَنَاتٍ، وَآخَرَ وَزْنَتَيْنِ، وَآخَرَ وَزْنَةً. كُلَّ وَاحِدٍ عَلَى قَدْرِ طَاقَتِهِ. وَسَافَرَ لِلْوَقْتِ. 16فَمَضَى الَّذِي أَخَذَ الْخَمْسَ وَزَنَاتٍ وَتَاجَرَ بِهَا، فَرَبحَ خَمْسَ وَزَنَاتٍ أُخَرَ. 17وَهكَذَا الَّذِي أَخَذَ الْوَزْنَتَيْنِ، رَبِحَ أَيْضًا وَزْنَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ. 18وَأَمَّا الَّذِي أَخَذَ الْوَزْنَةَ فَمَضَى وَحَفَرَ فِي الأَرْضِ وَأَخْفَى فِضَّةَ سَيِّدِهِ. 19وَبَعْدَ زَمَانٍ طَوِيل أَتَى سَيِّدُ أُولئِكَ الْعَبِيدِ وَحَاسَبَهُمْ. 20فَجَاءَ الَّذِي أَخَذَ الْخَمْسَ وَزَنَاتٍ وَقَدَّمَ خَمْسَ وَزَنَاتٍ أُخَرَ قَائِلاً: يَا سَيِّدُ، خَمْسَ وَزَنَاتٍ سَلَّمْتَنِي. هُوَذَا خَمْسُ وَزَنَاتٍ أُخَرُ رَبِحْتُهَا فَوْقَهَا. 21فَقَالَ لَهُ سَيِّدُهُ: نِعِمَّا أَيُّهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ وَالأَمِينُ! كُنْتَ أَمِينًا فِي الْقَلِيلِ فَأُقِيمُكَ عَلَى الْكَثِيرِ. اُدْخُلْ إِلَى فَرَحِ سَيِّدِكَ. 22ثُمَّ جَاءَ الَّذِي أَخَذَ الْوَزْنَتَيْنِ وَقَالَ: يَا سَيِّدُ، وَزْنَتَيْنِ سَلَّمْتَنِي. هُوَذَا وَزْنَتَانِ أُخْرَيَانِ رَبِحْتُهُمَا فَوْقَهُمَا. 23قَالَ لَهُ سَيِّدُهُ: نِعِمَّا أَيُّهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ الأَمِينُ! كُنْتَ أَمِينًا فِي الْقَلِيلِ فَأُقِيمُكَ عَلَى الْكَثِيرِ. اُدْخُلْ إِلَى فَرَحِ سَيِّدِكَ. 24ثُمَّ جَاءَ أَيْضًا الَّذِي أَخَذَ الْوَزْنَةَ الْوَاحِدَةَ وَقَالَ: يَا سَيِّدُ، عَرَفْتُ أَنَّكَ إِنْسَانٌ قَاسٍ، تَحْصُدُ حَيْثُ لَمْ تَزْرَعْ، وَتَجْمَعُ مِنْ حَيْثُ لَمْ تَبْذُرْ. 25فَخِفْتُ وَمَضَيْتُ وَأَخْفَيْتُ وَزْنَتَكَ فِي الأَرْضِ. هُوَذَا الَّذِي لَكَ. 26فَأَجَابَ سَيِّدُهُ وَقَالَ لَهُ: أَيُّهَا الْعَبْدُ الشِّرِّيرُ وَالْكَسْلاَنُ، عَرَفْتَ أَنِّي أَحْصُدُ حَيْثُ لَمْ أَزْرَعْ، وَأَجْمَعُ مِنْ حَيْثُ لَمْ أَبْذُرْ، 27فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَضَعَ فِضَّتِي عِنْدَ الصَّيَارِفَةِ، فَعِنْدَ مَجِيئِي كُنْتُ آخُذُ الَّذِي لِي مَعَ رِبًا. 28فَخُذُوا مِنْهُ الْوَزْنَةَ وَأَعْطُوهَا لِلَّذِي لَهُ الْعَشْرُ وَزَنَاتٍ. 29لأَنَّ كُلَّ مَنْ لَهُ يُعْطَى فَيَزْدَادُ، وَمَنْ لَيْسَ لَهُ فَالَّذِي عِنْدَهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ. 30وَالْعَبْدُ الْبَطَّالُ اطْرَحُوهُ إِلَى الظُّلْمَةِ الْخَارِجِيَّةِ، هُنَاكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ.) متى 25

(44 ويُشبِهُ مَلكوتُ السَّماواتِ كَنزًا مدفونًا في حَقلٍ، وجَدَهُ رجُلٌ فَخبّأهُ، ومِنْ فرَحِهِ مَضى فباعَ كُلَّ ما يَملِكُ واَشتَرى ذلِكَ الحَقلَ.45 ويُشبِهُ مَلكوتُ السَّماواتِ تاجِرًا كانَ يبحَثُ عَنْ لُؤلُؤٍ. ثَمينٍ. 46 فلمّا وجَدَ لُؤلُؤةً ثَمينَةً، مضى وباعَ كُلَّ ما يَملِكُ واَشتَراها.) متى 13

وفي مقالات كيرلس الأورشليمي لطالبي العماد، ترجمة القمص تادرس يعقوب الملطي، المقال 15:

ما يوكلك الله عليه تاجر فيه بربح! هل استؤمنت على ثروات؟ وزعها حسنًا!
هل استؤمنت على كلمة تعليم؟ كن وكيلاً صالحًا.
هل تستطيع أن تصل إلى أرواح السامعين؟ اصنع هذا باجتهاد.
توجد أبواب كثيرة للوكالة الصالحة. ليته لا يدان أحد منا ويطرد خارجًا حتى نستطيع أن نقابل المسيح الملك الأبدي بدالة، هذا الذي يحكم إلى الأبد، هذا الذي يدين الأحياء والأموات، إذ مات من أجل الأحياء والأموات. وكما يقول بولس: "لأنه لهذا مات المسيح وقام وعاش، لكي يسود على الأحياء والأموات)روما 14: 9)

وجاء في المزامير الروحية ص٢٩٩:
زمان حياتي أفل، واُنفِقَ في اهتماماتٍ باطلةٍ وأفكار مُخزية. حياتي قد بلغتُ الساعةَ الحاديةَ عشرةَ. وَجِّهْ يا ربُّ سفينتي بحمولتها، وَهَبْ فهمًا لهذا التاجرِ العاجزِ، حتی أتأملَ صفقتي طالما لديَّ وقتٌ.

وفي سيرة وأقوال أفرام السرياني لسمعان السرياني، ص ٤٤، الفصل أو المقال الأول:

...تعالوا اسمعوا قولًا يُخَلِّص نفوسكم. هلموا نتجُر ما دامَ الموسم قائمًا. تعالوا نجد الحياة الأبدية. هلموا نتبع خلاصًا لنفوسنا. املؤوا عيونكم دموعًا فللوقت تتفتح عيونُ أذهانِكم. تعالوا جميعًا أغنياء وفقراء، رؤساء ومرؤوسين، شيوخًا وشبابًا، بنين وبناتً؛ كل من يريد أن ينجُوَ من العذاب الدهري ويرث المُلْك الأبدي.... (مكرر في المقال الرابع من تجميعة صموئيل السرياني).

وفي ص ٦٩، الفصل الثالث:

أيها الحبيب، تأمل في كل صباح ومساء كيفَ تَتْجُرُ، وفي كل عَشِيَّة اسأل في قلبكَ، أتراني أغضبتُ اللهَ في شيءٍ؟ أتراني تكلمتُ كلمةً باطلةً؟ أتراني أغَظْتُ أخي؟...إلخ

وفي الفصل السادس:

الطوبی لمن ينظر إلی تلك الساعة الرهيبة دائماً، الطوبی لمن صار على الأرض بلا أوجاع [شهوات] ليصير كالملائكة ويتفطن أسـرار العلي وينطق بها ويعمل ويتجر ويربح غيرَ مهـتم باللـذات والشهوات

وفي ترجمة صموئيل السرياني، المقال الخامس:

نحن یا إخوتي تجار روحانیون طالبوا الجوهرة الجزیلة قيمتها التى هي المسیح مخلصنا، الفخر والكنز الذي لا یُسلب فلهذا فلنقتنه بحرص كثیر فمغبوط ومثلث السعادة من قد حرص أن یقتنیه، شقي من توانى أن یقتنيَ صانعَ الكل.

.... فالذین هم تجار حاذقون وحكماء مستعدون، وتجارتِهم بأیديهم منتظرين هبوب الریاح لیسیروا ویبلغوا إلى میناء الحیاة، وأنا ومن يشابِهني نتنزه بلا كسب ولا فائدة. لیس لنا شيء موضوع فى ذهننا لنعبر به هذا البحر ونخشى أن تَهُبَّ الریاحُ بغتة، ونوجد غیر مستعدین فیقیدونا ویرمونا من المركب، وسنبكى هناك على وِنْیَتِنا (تقاعسِنا، تهاوُنِنا) ناظرین إلى آخرین مبتهجين مسرورین ونحن فى وجع وحزن لأن فى تلك المیناء یفتخر كل أحد بتجارته وثروته.

أيها الإخوة نحن تجار روحانیون فلنتشبه بالتجار العالمیین [الدنيويين]، فالتاجر یحسب كل یوم ربحه وخسارته، فإن خسر یحرص ويهتم كیف تُرد خسارته. كذلك أنت أيها الحبیب في كل صباح ومساء وغدوه تأمل بمبالغة كیف تتجر تجارتك، وفي كل عشیة أدخل إلى قلبك، وتفكر وقل في ذاتك أتراني أغضبت الله في شيء؛ أو تكلمت كلمة بطالة أو جدفت.
أتراني أغضبت أخي، أو اغتبت أحداً؛ أتراني تخیل ذهني الأمور التي في العالم، أم ترى جاءت إليَّ شهوة بشریة فقبلتها بتلذذ وانغلبت للهموم الأرضیة أم خسرت في هذه الدنیا.

وفي المقال 12:

فقد بقى لي من زمان حیاتي الساعة الحادیة عشر، دبر مركب تجارتي بوصایاك؛ وأعطي التاجر الحقیر فهماً؛ لكي ما أتجر بتجارتي ما دام لي وقت؛ فإن سیر المركب قد وصل إلى نَهایته؛ والوقت یدعوني أنا المتنزه والمتعظم قائلاً: أیها الكسلان هلم؛ فأین تجارة زمان حیاتك؟

....وإذا اتَّجَرْتُ التجارة الحسنة في حقلك؛ أنال منك المدیح وأقول بدالة واستبشار قلب : إذا أقبلت یا رب لقد حصلت مغبوطاً لأنك جئت وألبستني لباساً لائقاً بعرس الختن الباقي.

وفي المقالة 15، في ذكر الآباء المتوفِّين:

فحینما سمعوا صوت الراعي عرفوا في الحین سيدهم الصالح، كانوا تجاراً قد خرجوا یلتمسون الدرة النفیسة، كانوا مجتهِدين مختبَرین في جهاد العبادة الحسنى.

وفي المقالة 33:

امنحنا أن نوجد كأرض جیدة صالحة لكي ذا قبلنا بذارك نثمر مائة وستین وثلاثین، أعطینا یا رب أن نتجر الفضة التي أعطیتنا إياها لكي ما إذا عشَّرْنا تضعیف المن الواحد نقرب إلیك ثمر العدل فنؤهَّل أن نرأس العشر مدن، امنحنا یا رب أن نسهرَ ونستیقظ لاستقبالك ممنطقین أحقاء أذهاننا ماسكین مصابیح نفسنا العقلیة غیر مطفئة منتظرین إیاك یا إلهنا ومخلِّصَنا یسوع المسیح....

وجاء في ميامر وأقوال الأنبا أشعياء الإسقيطي - ط أبناء البابا كيرلس السادس، ص 78:

دومًا تفكر في الموت واستعد له وحاسب نفسك في كل يوم مثل التاجر الذي يحاسب نفسه في كل عشية ماذا ربح وماذا خسر، واعلم ما الذي يبعدك عن الله فتتجنبَه....إلخ

وفي ص 180:

فلنفهم ما جاء في هذه الأقوال: التاجر الذي أوسق سفينته لم يَضَع فيها بضاعتَه فقط، بل وكل ما يعرف أنه سيعود عليه بالربح. وإذا رأى شخصًا تكبد خسارةً فهو لا يحسده، بل يغار بالأحرى من الذين اغتنَوْا وركَنُوُا إلى الراحة في بيوتهم، يرفض كل صفقة خاسرة، ويقبل كل ما هو مربح إلى أن يقتني منه مكسبًا، شغله الشاغل أن يشتري مرة أخرى من البضاعة التي اقتنى [كسب] منها ربحًا ولا يسأل الذين يحسدونه، بل الذين اغتنَوْا وركنوا إلى الراحة في بيوتهم، قائلًا: بكم بعتم هذا؟ وبكم اشتريتموه؟

تلك هي النفس التي تبتغي ملاقاة الله بغير عثرة، فهي لا تكتفي بعمل واحد، بل تنشغل بكل الأعمال النافعة. أما إذا أدركت أن عملا ما فيه خسارة فهي تتحاشاه لكي لا يصيبها منه أذية.

وأنت يا أخي، يا من تُدْعَى تاجرًا ليسوع انتبه لأن تجارة ذلك الملِكِ بعيدة عن كل الأعمال المخسِّرة. وهذه هي الأمور التي تسبب الخسارة: تمجيد الناس، الكبرياء، تزكية الذات، الازدراء بالآخرين، الأقوال المثيرة للغضب، محبة الترف، الزهو، محبة اللعب، فجميع هذه الأمور مخسِّرةٌ لتُجَّارِ يسوع وليسَ بمقدورِهم أن يُرْضُوه إذا اقتنوها داخلَهم.

وفي ص 198:

....وكلَّ مرةٍ تتذكرُ قيها الذين أحزنوكَ صلِّ من أجلهم بكل نفسك بالحق كما لو كانوا أناسًا أحرزوا لك ربحًا عظيمًا، ولا تتذمَّرْ عليهم قط

وفي كتاب (سيرة وأقوال الأنبا إشعيا الإسقيطي- للراهب القمص سمعان السرياني) ص 29:

النفس التي تريد أن تقف أمام الله بغير خطية لتحرص أن تكون كالتاجر الذي يصنع الأرباح ويهرب من الخسائر، وخسائر تجار المسيح هي: طلب مجد الناس، الكبرياء، تزكية الذات، التكلم بما يغضب الآخرين، محبة الأخذ.

فلا يستطيع أحد أن يرضي الله وهذه كلها في خزائن قلبه....إلخ

درجات الفردوس

جاء في تجميعة صموئيل السرياني لعظات أفرام السرياني، في المقالة الخامسة، في النسك والتعزية:

فأطلب إلیكم یا أحبائي أن تسكبوا عليَّ تحننكم، وتشفعوا عني ساجدین لابن الله الوحید الصالح العطوف لیصنع معي رحمة وینجیني من غزارة مآثمي ویسكنني حول مساكنكم في ساحات الفردوس المبارك الوارثین إیاه حتى أصیر جاركم. لأنكم أنتم الأولاد المحبوبون وأنا كالكلب المرفوض، انفضوا لي فتات موائدكم فیتمَّ عليَّ الفصل المكتوب: ”والكلاب تشبع من فتات المائدة المتساقط.“

الطوبى لمن استحق أنْ یرى تلك الساعةَ كیفَ بمجدٍ یُخْطَف فى السُحُبِ لاستقبال الخِتْن الذى لا یموت؛ وكافة الذین أحبوه وحرصوا أن یتمموا مشيئته، بقدر ما قد عظَّم كلُّ واحدٍ جناحَه ههنا هكذا یطیر إلى شواهق الأعالي، بمقدار ما نظَّف كلُّ واحدٍ ذهنَهُ وصفَّاه هكذا یبصر مجد الله. وبقدر ما اشتاق الإنسان إليه هكذا یتملَّى شبعًا من محبته...

وجاء في ميامر وأقوال الأنبا أشعياء الإسقيطي - ط أبناء البابا كيرلس السادس، ص 145:

إن الرب يسوع رحيم، لذلك يمنح الراحة لكل واحد بقدر جهاده. العظيم على قدر عظمته والصغير على قدر صغره، بحسب القول: "في بيت أبي منازل كثيرة"، لأنه وإن كان لا يوجد غير ملكوت واحد، إلا أن كل واحد يجد فيه مكانَه ورتبتَه.

طعام الفردوس

من الأمور التي تصورها كاتب سفر رؤيا بطرس، وتتطابق مع رؤية بعض أحبار اليهود (الرابيين)، وبالمثل تصور من تصوري أفرام السرياني كما رأينا في دراستي لمنظومة الفردوس له، وفي تجميعة سمعان السرياني لعظات له، ص ٧٠، الفصل الثالث:

طوبی للذين عطشوا وجاعوا فإنهم هناك سيشبعون وويـل للشباعى فإنهم هناك سيجوعون ويعطشون. طوبی لمن افتقروا وبكوا فإنهم هناك يتعزون وويل للذين يضحكون الآن فإنهم هناك سينوحون ويبكون بلا فتور.....

وفي الفصل أو العظة السادسة، الرجاء، ص ١٠٢:

من يجُعْ فليصبُرْ لأنَ مائدة الملكوت تنتظره، ومن يعطَشْ فليثبت فها نعيم الفردوس قد اُعِدَّ له. (مكررة في تجميعة صموئيل السرياني، العظة ٢١ في المجيء الثاني ليسوع)

وهو مطابق للتصور القرآني ومن قبلهم رأي بعض أحبار اليهود وهراطقة الألِكْسين، وعلی العكس منه في المسيحية نری رأيًا للأغلبية يقول بجنة متعة روحية فقط، اعتمادًا علی نصوص مثل:

(13فَلاَ نُحَاكِمْ أَيْضًا بَعْضُنَا بَعْضًا، بَلْ بِالْحَرِيِّ احْكُمُوا بِهذَا: أَنْ لاَ يُوضَعَ لِلأَخِ مَصْدَمَةٌ أَوْ مَعْثَرَةٌ. 14إِنِّي عَالِمٌ وَمُتَيَقِّنٌ فِي الرَّبِّ يَسُوعَ أَنْ لَيْسَ شَيْءٌ نَجِسًا بِذَاتِهِ، إِلاَّ مَنْ يَحْسِبُ شَيْئًا نَجِسًا، فَلَهُ هُوَ نَجِسٌ. 15فَإِنْ كَانَ أَخُوكَ بِسَبَبِ طَعَامِكَ يُحْزَنُ، فَلَسْتَ تَسْلُكُ بَعْدُ حَسَبَ الْمَحَبَّةِ. لاَ تُهْلِكْ بِطَعَامِكَ ذلِكَ الَّذِي مَاتَ الْمَسِيحُ لأَجْلِهِ. 16فَلاَ يُفْتَرَ عَلَى صَلاَحِكُمْ، 17لأَنْ لَيْسَ مَلَكُوتُ اللهِ أَكْلاً وَشُرْبًا، بَلْ هُوَ بِرٌّ وَسَلاَمٌ وَفَرَحٌ فِي الرُّوحِ الْقُدُسِ.) رسالة رومية أو روما 14

(23فِي ذلِكَ الْيَوْمِ جَاءَ إِلَيْهِ صَدُّوقِيُّونَ، الَّذِينَ يَقُولُونَ لَيْسَ قِيَامَةٌ، فَسَأَلُوهُ 24قَائِلِينَ: «يَا مُعَلِّمُ، قَالَ مُوسَى: إِنْ مَاتَ أَحَدٌ وَلَيْسَ لَهُ أَوْلاَدٌ، يَتَزَوَّجْ أَخُوهُ بِامْرَأَتِهِ وَيُقِمْ نَسْلاً لأَخِيهِ. 25فَكَانَ عِنْدَنَا سَبْعَةُ إِخْوَةٍ، وَتَزَوَّجَ الأَوَّلُ وَمَاتَ. وَإِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَسْلٌ تَرَكَ امْرَأَتَهُ لأَخِيهِ. 26وَكَذلِكَ الثَّانِي وَالثَّالِثُ إِلَى السَّبْعَةِ. 27وَآخِرَ الْكُلِّ مَاتَتِ الْمَرْأَةُ أَيْضًا. 28فَفِي الْقِيَامَةِ لِمَنْ مِنَ السَّبْعَةِ تَكُونُ زَوْجَةً؟ فَإِنَّهَا كَانَتْ لِلْجَمِيعِ!» 29فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ:«تَضِلُّونَ إِذْ لاَ تَعْرِفُونَ الْكُتُبَ وَلاَ قُوَّةَ اللهِ. 30لأَنَّهُمْ فِي الْقِيَامَةِ لاَ يُزَوِّجُونَ وَلاَ يَتَزَوَّجُونَ، بَلْ يَكُونُونَ كَمَلاَئِكَةِ اللهِ فِي السَّمَاءِ. 31وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ قِيَامَةِ الأَمْوَاتِ، أَفَمَا قَرَأْتُمْ مَا قِيلَ لَكُمْ مِنْ قِبَلِ اللهِ الْقَائِلِ: 32أَنَا إِلهُ إِبْرَاهِيمَ وَإِلهُ إِسْحَاقَ وَإِلهُ يَعْقُوبَ؟ لَيْسَ اللهُ إِلهَ أَمْوَاتٍ بَلْ إِلهُ أَحْيَاءٍ». 33فَلَمَّا سَمِعَ الْجُمُوعُ بُهِتُوا مِنْ تَعْلِيمِهِ.) متى 22

ومن الأغلبية الساحقة التي قالت بذلك شنودة رئيس المتوحدين، فنقرأ في كتاب (الأنبا شنودة رئيس المتوحدين، سيرته وتعاليمه وقوانينه) ج١، مكتبة الباناريون، مصر، ص٣٢١- ٣٢٢، عظة A26، وهو مترجم عن الأصول القبطية من المخطوطات:

١٤٠- فيجب علينا الآن ألا نتردد في أن نملك بواسطة أعمال حسنة، كما هو مكتوبٌ: "من يشتغل بحقلِهِ يشبَعْ خُبزا ويُعَلِّي كدسَهُ" [أمثال ١٢: ١١ و٢٨: ١٩، سيراخ ٢٠: ٣٠]. هكذا كل من يشتغل في جسده سوف يعلِّي كدسه بالصلوات والأصوام وكل أعمال الرحمة والبر، وسيشبعون من الخبز الحقيقي، يسوع المسيح. إن كانَ كثيرون قد شبعوا من كل أنواع الأطعمة الموجودة في بيوت الأثرياء، فلنسرع نحن أيضًا لنشبعَ من الخيرات الموجودة في بيت يسوع الغني بالرحمة، لأننا نحن بيته (العبرانيين ٣: ٦)، لكي نلهج بمسرة قلب، لأننا سنشبع من الخيرات في بيتك. هيكلك مقدس عجيب في البِرِّ. فبيته نحن والكنيسة من أقاصي الأرض إلی أقصاها. وطوبی لكل من سيشبع من الخيرات التي فيها، التي هي كل كلمات أسفار الله المقدسة.

١٤١- إن كنا نتعجب من الآلات الذهبية والفضيات عندما نری ثروات الغني، فلنُعِدَّ لأنفسنا أيضًا أشياءً كهذه، لكي يتعجب الملائكة الذين سيرون سلوكنا، من كل فضيلة من فضائلنا....

وفي ص٣٦١، من عظة "ما أحسنَ وقتَ انطلاقِ السفينةِ للإبحارِ":

٣٧- فمنذ هذه اللحظة لن يكون ثقل جسد ولا ضعف، ولن تكون أيضًا خطيةٌ، لأنكَ ستقوم جسمًا روحانيّا [كورنثوس الأولی ١٥: ٤٤] لأنه منذ ذلك الحين لن يوجد زوان علی الأرض، ولا عطن في بئر، أي لن تعاندك الخطية في القلب، ولن تشتعل الشهوة في الجسد، ولن تحملق العين في امرأةٍ، ولن تفكر في شيء شرير؛ لأنَّ هناك لن يوجد رجل أو امرأة، لا عبد ولا حر.....إلخ

ونزعنا ما في قلوبهم من غل

جاء في تجميعة سمعان السرياني، العظة أو الفصل الثالث، ص ٦٨:

....ويفرِّحُكم في ملكوتِهِ بالحياةِ حيثُ يهرُبُ الوجَعُ والحزنُ والتنهد، وحيث لا يحتاج أحدُ دموعًا ولا توبةً، وحيثُ لا رعدةَ ولا خوفَ، وحيث لا يوجد المحارِب والمعانِد، حيث لا خصام ولا سخط، بل الفرح والسرور الدائم والمائدة الروحانية التي أعدها الله للذين يحبونه...

تجاور الجنة والنار وتقابلهما

جاء في إنجيل لوقا ١٦:

(19«كَانَ إِنْسَانٌ غَنِيٌّ وَكَانَ يَلْبَسُ الأَرْجُوانَ وَالْبَزَّ وَهُوَ يَتَنَعَّمُ كُلَّ يَوْمٍ مُتَرَفِّهًا. 20وَكَانَ مِسْكِينٌ اسْمُهُ لِعَازَرُ، الَّذِي طُرِحَ عِنْدَ بَابِهِ مَضْرُوبًا بِالْقُرُوحِ، 21وَيَشْتَهِي أَنْ يَشْبَعَ مِنَ الْفُتَاتِ السَّاقِطِ مِنْ مَائِدَةِ الْغَنِيِّ، بَلْ كَانَتِ الْكِلاَبُ تَأْتِي وَتَلْحَسُ قُرُوحَهُ. 22فَمَاتَ الْمِسْكِينُ وَحَمَلَتْهُ الْمَلاَئِكَةُ إِلَى حِضْنِ إِبْرَاهِيمَ. وَمَاتَ الْغَنِيُّ أَيْضًا وَدُفِنَ، 23فَرَفَعَ عَيْنَيْهِ فِي الجَحِيمِ وَهُوَ فِي الْعَذَابِ، وَرَأَى إِبْرَاهِيمَ مِنْ بَعِيدٍ وَلِعَازَرَ فِي حِضْنِهِ، 24فَنَادَى وَقَالَ: يَا أَبِي إِبْرَاهِيمَ، ارْحَمْنِي، وَأَرْسِلْ لِعَازَرَ لِيَبُلَّ طَرَفَ إِصْبَِعِهِ بِمَاءٍ وَيُبَرِّدَ لِسَانِي، لأَنِّي مُعَذَّبٌ فِي هذَا اللَّهِيبِ. 25فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: يَا ابْنِي، اذْكُرْ أَنَّكَ اسْتَوْفَيْتَ خَيْرَاتِكَ فِي حَيَاتِكَ، وَكَذلِكَ لِعَازَرُ الْبَلاَيَا. وَالآنَ هُوَ يَتَعَزَّى وَأَنْتَ تَتَعَذَّبُ. 26وَفَوْقَ هذَا كُلِّهِ، بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ هُوَّةٌ عَظِيمَةٌ قَدْ أُثْبِتَتْ، حَتَّى إِنَّ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْعُبُورَ مِنْ ههُنَا إِلَيْكُمْ لاَ يَقْدِرُونَ، وَلاَ الَّذِينَ مِنْ هُنَاكَ يَجْتَازُونَ إِلَيْنَا. 27فَقَالَ: أَسْأَلُكَ إِذًا، يَا أَبَتِ، أَنْ تُرْسِلَهُ إِلَى بَيْتِ أَبِي، 28لأَنَّ لِي خَمْسَةَ إِخْوَةٍ، حَتَّى يَشْهَدَ لَهُمْ لِكَيْلاَ يَأْتُوا هُمْ أَيْضًا إِلَى مَوْضِعِ الْعَذَابِ هذَا. 29قَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ: عِنْدَهُمْ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءُ، لِيَسْمَعُوا مِنْهُمْ. 30فَقَالَ: لاَ، يَا أَبِي إِبْرَاهِيمَ، بَلْ إِذَا مَضَى إِلَيْهِمْ وَاحِدٌ مِنَ الأَمْوَاتِ يَتُوبُونَ. 31فَقَالَ لَهُ: إِنْ كَانُوا لاَ يَسْمَعُونَ مِنْ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ، وَلاَ إِنْ قَامَ وَاحِدٌ مِنَ الأَمْوَاتِ يُصَدِّقُونَ».)

وجاء في مختارات نسكية وزهدية لأفرام السرياني، ص ١٤٩:

...وهذا عينه يجري في يوم المجازاة. فالمسترخون الخطأة إذ يشاهدون القديسين والأبرار في فرح عظيم بالفردوس، ويشاهدون أنفسهم في النار التي لا تُطفَأُ والظلمة الحالكة، تحيط بهم ندامة عظيمة مرهِبة.

وجاء في كتاب (الأنبا شنودة رئيس المتوحدين، سيرته وتعاليمه وقوانينه) ج١، ص ٢٧٥، عظة A26:
١٦- والآن، كيف سيستطيع الذين في الجحيم أن يكتسبوا لأنفسهم رباطة جأش، أو أن يقنعوا أنفسهم أن يظلوا في وسط لهيب النار، وهم يرَوْنَ المستحقين يدخلون المساكن التي في الفردوس.

وفي ص٢٦٩:

٧٥- في ذلك المكان وذلك اليوم سوف يخزی أغنياء كثيرون خطاة أمام أغنياء كثيرين أتقياء، وحكام كثيرون خطاة أمام حكام كثيرين مؤمنين، وملوك كثيرون أثَمَة أمامَ ملوك كثيرين أبرار، وجنود كثيرون خطاة أمام كهنة كثيرين أتقياء، ورهبان كثيرون خطاة أمام رهبان كثيرين قديسين، وعلمانيون (=مدنيون) كثيرون خطاة أمام علمانيين كثيرين أتقياء، وفقراء كثيرون خطاة أمام فقراء كثيرين أبرار، وشبان كثيرون خطاة أمام شبان مستقيمين، ووثنيون كثيرون راسخون في [الوثنية؟] سيُخزيهم اللهُ وابنُه يسوع أمام وثنيين كثيرين قد آمنوا بالرب وصاروا أتقياء، ويهود كثيرون قد آمنوا بالرب وصاروا أتقياء، ويهود كثيرون أشرار خطاة ثابتون علی عدم إيمانهم وتجديفهم علی الرب يسوع سيخزون أمام يهود كثيرين فضلاء، ومسيحيون كثيرون وهراطقة كثيرون، وباختصار كل إنسان خاطئ، كل واحد حسب حالته، سوف يخزی أمام كل إنسان بار قد مارس البر، في اليوم الذي فيه مزمع أن يدين الرب يسوع كل المسكونة.

(قارن قول أفرام السرياني في مختارات نسكية وزهدية ص 78، عن الفصل بين فئات الأخيار والأشرار وإن كان في النص المشار إليه لا يشير لتجاور الجنة والنار، لكنه أشار إلى ذلك في نصوص أخرى له كمنظومة الفردوس وما نورده هنا)

وفي ص ٣٠٧:

١٠١- الغني العديم الرحمة الذي يرفل في النعيم والترف من حيث الشبع من الخبز وأصناف الأطعمة الكثيرة المتنوعة والخمور المختلفة، سيعتاز عاجلًا للطعام والماء دفعةً واحدة، وكلِّ ما اعتيدَ أنْ يؤكَلَ أو يُشرَبَ، غيرَ أنه سينظر الفقراءَ المؤمنين والأغنياءَ الأبرارَ في ملكوتِ السماوات، صائرين له دينونةً إلی الأبد.

وفي ص ٣٢٧:

١٥٣- أيها الفقير، أنتَ تتعجب من مجد الغني علی الأرض الذي سيزول سريعًا. فليتعجب هو أيضًا وهو يراكَ في ملكوت الله، ويری مجدَكَ الذي سيدومُ أبدَ الدهرِ. فبينما هو قصير الوقت الذي قضيتَهُ وأنتَ تشاهدُهُ علی الأرضِ في خيراتِهِ، في حينِ كنتَ أنتَ تعاني، فأبديٌّ هو الزمنُ الذي سيقضيه وهو يشاهدُكَ وأنتَ في ملكوتِ السماواتِ في الخيرات، في حين هو في الضيق الكرب. هو لم يعطك لتأكلَ علی الأرض مثل أخيك لعازر، كذلك لن يعطيه أحدٌ أحدٌ ليذوقَ مثلَ أخيه (نظيرِه) نينوي، لأنه هو الذي اقتنی لنفسِهِ كراهيتَهُ للبشر.

١٥٥- أما هو فسوف يغتمُّ في الجحيم، ويصير في هيئة مفزعة، ويكون قذرًا بسببِ دَنَسِ خطاياه وظلمه، وسوف يُحْرَقُ في نار جهنم، لأنه عَيَّرَ اللهَ متهكِّمًا علی فقرِكَ. لأنه مكتوبٌ: "المستهزئ بالفقير يُعَيِّرُ خالقَهُ". [إمثال ١٧: ٥]. سوف يشاهدُكَ وينظر جمالَ جسدِكَ وهو لامعٌ مثل الشمسِ في ملكوتِ اللهِ، مشابِهًا جسدَ الربِّ يسوع، كما قيل: "الذي سيغير شكل جسد تواضعنا ليكون علی صورة جسد مجده" [فيلمون ٣: ٢١] وأيضًا: "حينئذٍ يضيءُ الأبرارُ كالشمسِ في ملكوتِ أبيهم" [متی ١٣: ٤٣].

لا يكلمهم الله

جاء في إنجيل متی ٢٥: ٤٦

جاء في كتاب الأنبا شنودة سيرته وتعاليمه ص ٣٢٩، الفقرة ١٥٨، يقول مخاطبًا الأغنياءَ وعْظًا:

إنْ كان الويلُ لعبدكَ إذا أعطيتَه وديعةً فلم يحافظ عليها بإخلاص، بل ضيعها عبثًا، فكم يكون الويل لك من الله في اليوم الذي سيسائلك فيه؛ لأنه أعطاك الغِنی فضيعتَه في الخلاعة. ولأنك خبأته في الأرض، في المخازن، فقد مضيتَ إليه خاليَ الوفاض وتركتَه (الغِنی)، حتی إن الله سيخفيك من أمامه، حتی لا يسمعكَ في ذلك اليوم أو يرحمك. لأنك أنت أيضًا قد خبَّأتَ غِناك حتی لا تسمعَ الفقيرَ علی الأرض وترحمَه.

وفي المزامير الروحية لأفرام السرياني ص٢٨٥:

كما لو كنتُ أمام عرشك الرهيب يا رب، أنا المدين، أری أعمالي مكشوفة والدينونة التي ستطلقها علي أنا البائس وهي تُبعِدُني عن وجهك القدوس، وتطرحني في عذاب لا يُطاق....إلخ

وفي مختارات نسكية وزهدية لأفرام السرياني، ص ٢٩:

...وإنْ كنتُ قد أبعدتُ روحَ القدسِ عن الله فَلْأظلم ولا أرَ وجَهُ...

وفي ص ٧٨:

...هناك كلمنا اللهُ بواسطة الكتب فلم نُعطِها أي اهتمام. الآن نحن نصرخ وهو يصرف وجهه عنا.

وفي ص ٧٦:

...وكذلك يقول للذين عن يساره: ”اذهبوا عني أيها الملاعين والمحتقَرينَ لأنكم لم تَرْحَموا، بل ازدريتم الإخوة والمسيح. لم ترحموا الفقراء، لذلك لن تُرْحَموا. لم تريدوا سماعَ أقوال الإنجيل وتلاميذي لذا لن أسمعَكم. لقد عشتم في الخلاعة وتمتعتم بملذات الحياة، بينما أنا أنادي كل يوم عبر الكتب المقدسة. سمعتم كل ذلك وضحكتم وأنا أذكركم به. لذلك أقولُ لكم الآن: لا أعرفكم. اذهبوا عني يا ملاعين إلی النار الأبدية التي أُعِدَّتْ للشيطانِ وملائكتِهِ”. فيذهب هؤلاء إلی الهلاك الأبدي. [إعادة صياغة وعظية بلاغية لمتَّی ٢٥: ٤٦].

واستعرضتُ من قبلُ في دراسة كتاب الهاجادة/ موضوع جهنم، وهنا في هذا الكتاب في دراسة منظومة الفردوس لأفرام السرياني ونصوص من كتاب والاس بدج عن الأبوكريفا القبطية باللهجة القبطية الصعيدية، نصوصًا أبوكريفية ورعوية آبائية عن هذا الاعتقاد، وأكرر أدناه نصوصًا من القرآن عن تقابل الجنة والنار:

{وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (44) الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُمْ بِالْآَخِرَةِ كَافِرُونَ (45) وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ (46) وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ قَالُوا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (47) وَنَادَى أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ رِجَالًا يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ قَالُوا مَا أَغْنَى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ (48) أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لَا يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ (49) وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ (50) الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُوا بِآَيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (51)} الأعراف

{كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (38) إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ (39) فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ (40) عَنِ الْمُجْرِمِينَ (41) مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (44) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (45) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (46) حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ (47)} المدثر

{فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (50) قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ (51) يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ (52) أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَدِينُونَ (53) قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ (54) فَاطَّلَعَ فَرَآَهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ (55) قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ (56) وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (57) أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ (58) إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (59) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (60)} الصافات

ذق، إنك أنت العزيز

في القرآن:

{خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ (47) ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ (48) ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ (49) إِنَّ هَذَا مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ (50)} الدخان

جاء في المزامير الروحية وهي مختارات من شعر أفرام السرياني، ص ٢٨٦، حيث يتخيل بخيال مريض قول الملائكة الخرافيين لغير المؤمنين:

....اذهب ونل المجازاة المريرة والقاسية علی أعمالك. احترق بالألسنة مثل مادة نجسة تزوِّد بالوقود نار جهنم التي لا تُطفَأ. تمتَّعْ، لأنك ابن الظلمة وتحب الظلام الأبدي. حدِّق نظرَكَ في الأشباح السوداء نتيجةً لازدرائك النورَ الأبدي، وابتهج.
وجاء في تجميعة صموئيل السرياني، في المقالة ١٨:

ما أصعب تلك الظلمة البرانیة، كیف الملائكة الموكلون بعذاب الغیر رحومین یعیِّرون ویقرِّعون بجفاوة، یزعق المعذبون بدوام ولیس من یخلصهم، والرب لا یستجیب لهم.

إنها تصورات مريضة مستوحاة من أساليب تعذيب البشر القذرة في قرون الظلام والاستبداد والهمجية في السجون والحروب.

{يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ (30)} ق

من التصورات المريضة في فكرة جهنم الخاصة بمتوهمي الأوهام النفسية الخطيرة، قول شنودة رئيس المتوحدين، في كتاب الأنبا شنودة رئيس المتوحدين سيرته وتعاليمه ج١، مكتبة الباناريون، مصر، ص ٢٠٨، من عظته أو خطبته ”أيضًا بسببك يا رئيس الشر”، قوله للشيطان الخرافي وللأشرار والجشعين والذين يصنفهم معهم من غير مؤمنين:

١٣- والذي لا يشبَعُ سيَبْتَلِعُ مَنْ لا يَشْبَعُ، أقصدُ الجحيمَ الذي ستهبطُ إليهِ. أنتَ لم تشبَعْ مِنْ قتلِ البشرِ، وهو لن يشبَعَ من قتلك. وعدم شبعه ليس أقلَّ هولًا من الذي لكَ، بل هو أشدُّ كثيرًا. كم سَتُقْهَرُ فيه إلی دهر الدهور، أنت والذين أكملوا شهواتِهم معك وأنتَ معهم فيما هو ضدَّ الطبيعةِ؟!

وكما ترجمتُ في بحث الهاجادة اليهودية، فقد جاء في التلمود، في عبودا زراراه ١٧أ:

جيهنَّا (جَهَنَّم) تصيحُ: ”أعطِني المهرطِقين والقوةَ الآثمةَ [أيْ: الروم]“.
قارن مع نص القرآن:

{يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ (30)} ق

”فضح الكفار”

جاء في المزامير الروحية لأفرام السرياني، ص ٢٠٩:

سيأتي وقت مملوء بالخوف والرعدة، عندما سيُكْشَفُ جميعُ ما فعلَه كلُّ شخصٍ في السر وفي الظلام؛ الويل للنفس التي ليس لديها الربُّ مُعِينًا لها.

قارن مع القرآن:

{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أُولَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (18)} هود

{ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُخْزِيهِمْ وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ قَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِينَ (27) الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (28) فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (29)} النحل

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ (35)} التوبة

حديث أهل النار مع بعضهم البعض ومع المؤمنين ومع الملائكة حسبَ الخرافات

جاء في مختارات نسكية وزهدية لأفرام السرياني ص ٧٤:

عندئذٍ أيها الأخوة تقف الإنسانية كلها بين الملكوت والقضاء (الفردوس والدينونة، جهنم)، بين الحياة والموت، بين الفرح والعَوَزِ، سوف ينظرون كلهم إلی أسفل. سنقف حول المنبر الرهيب نُسْأَل ونُفْحَصُ بدقة كبيرة وبخاصة منا أولئك الذين عاشوا في التواني.

عندما يری الناسُ كلَّ ذلك، ويتذكرون أعمالهم ويبوحون بها أمام الله، حينئذ أولئك الذين لم يتوبوا سوف يبكون قائلين: لماذا نحن الأشقياءَ لمْ نتعَبْ قليلًا بل أضعنا وقتنا في اللعب؟ لماذا لم نسهر (نتهجد) ولم نساعد الفقراء، لماذا كرهنا أخانا، وتشبثنا بالجسد؟ نعم لقد فعلنا كل ذلك، ولكن لماذا لم نتب طالما كان لنا وقت للتوبة؟ بل ضحكنا وتسلينا وصرفنا عمرنا بلا معنی؟ ماذا نفعل الآن وقد جاءت الساعة الرهيبة؟ سمعنا عنها من الناسِ إخوتِنا واستهزأنا بكلامهم. ماذا نعمل الآن نحن الأشقياءَ عندما تُفتَحُ كتبُ أعمالِنا ونُحاكَم علی كل شيء؟

وفي ص٧٨:

...ولن يكون لهم رجاء (أمل) في العودة. لذا يَبْكون ويُضْرَبُون قائلينَ: كم من الوقت خسرنا لأننا عشنا في الكسل والتواني؟ كم ضحك منا هذا العيشُ الباطلُ! بينما شاهَدْنا الآخرين يجاهدون الجهادَ الحَسَنَ رفَضْنَا نحنُ الجهادَ، كنا نسمع قراءة الكتب المقدسة ونستهزئ بها. هناك كلَّمَنا اللهُ بواسطة الكتب فلم نولِها أيَّ اهتمامٍ. الآنَ نحن نصرخ وهو يصرف وجهَهُ عنَّا.

وفي ص١٠٧:

وأثناء وقوفك هناك يبلغ مسامعَكَ صوتُ الفرحِ والابتهاجِ وتعرِفُ أصواتَ رفقائِكَ فردًا فردًا. حينذاك تتنهد باستمرار قائلًا: ويلي أنا الشقي كيف عُدِمْتُ هذا المجدَ ومُيِّزْتُ من رفقائي؟ لقد كنتُ معهم طيلةَ حياتي، والآن قد انفصلتُ عنهم. في الحقيقة لقد أصابني ذلك بعدل لأن أولئك كانوا يُحْرَمون من الأغذيةِ وغيرِها وأنا كنتُ أُسٔرِعُ إلی الأغذية والأعشبة. أولئك كانوا يرنمون وأنا كنتُ أصمُتُ، ويصلُّون وأنا أتنزَّه، يضعون ذواتِهم وأنا أتكبَّر، ويستهينون بذواتِهم وأنا أتزيَّن، ويبكون وأنا أضحك. فلهذا هم يبتهجون، والآن أنا أنتحب، ويُسَرُّون وأنا أبكي. يملكون مع المسيح إلی الدهور التي لا نهاية لها وأنا أُرْسَلُ معَ معاندي المسيحِ إلی النارِ الخالدة.

وجاء في تجميعة سمعان السرياني، ص٦٠، العظة الثالثة، تذكر الموت والدينونة:

إنهم يقولون معترفين في ذلك الوقت إننا سمعنا بهذا ولم نرجع عن أعمالنا الرديئة ولا ينتفعون شيئًا بقولِهم هذا.

وفي تجميعة صموئيل السرياني، المقالة أو العظة ١٨ في استعداد العابد للأجل، وهي ترجمة أو تنقيح آخر لنفس العظة:

حینئذ یعرفون ذواتهم، والأفعال التي فعلوها، ویعترفون أن حكومة الله مقسطة قائلین: إننا سمعنا بهذا، ولم نشَأْ أن نرجع عن أعمالنا الخبیثة. فلا ینتفعون من هذه إذا قالوها.

قارن:

كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (38) إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ (39) فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ (40) عَنِ الْمُجْرِمِينَ (41) مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (44) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (45) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (46) حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ (47) فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ (48)} المدثر

{بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنَا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيرًا (11) إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا (12) وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا (13) لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا (14)} الفرقان

{وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ (10) فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا (11) وَيَصْلَى سَعِيرًا (12)} الانشقاق

{فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ يَنْظُرُونَ (19) وَقَالُوا يَا وَيْلَنَا هَذَا يَوْمُ الدِّينِ (20) هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (21) احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ (22) مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ (23) وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ (24) مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ (25) بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ (26) وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (27) قَالُوا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ (28) قَالُوا بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (29) وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بَلْ كُنْتُمْ قَوْمًا طَاغِينَ (30) فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَا إِنَّا لَذَائِقُونَ (31) فَأَغْوَيْنَاكُمْ إِنَّا كُنَّا غَاوِينَ (32) فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ (33) إِنَّا كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ (34) إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ (35)} الصافات
{وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ (21) وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (22) وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ (23)} إبراهيم

{وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ (12)} السجدة

{الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (65)} يس

تعود هذه الأسطورة/ العقيدة إلی ما جاء في الكتابات الهاجادية اليهودية، فقد جاء في كتاب (الیهودیة والإسلام) للعالم اليهودي الجرماني أبراهام جیجر، ص ٥٥ و ٥٦، ما ترجمته:

جاء في حجیجة ١٦ وتعنیث ١١ أ: ١5 Chagiga 16& Ta'anith 11a: 15 ستشهد أعضاء الإنسان أنفسها ضده، لأنه قد قیل: (12أَنَا أَخْبَرْتُ وَخَلَّصْتُ وَأَعْلَمْتُ وَلَيْسَ بَيْنَكُمْ غَرِيبٌ. وَأَنْتُمْ شُهُودِي، يَقُولُ الرَّبُّ، وَأَنَا اللهُ.) إشعياء 43: 12

also in Aseret ha-Dibrot 79, Sifre D 307, Midrash Tannaim 187, Tan.B1: 21

وبنحو ذلك جاء في ميامر وأقوال الأنبا إشعيا الإسقيطي، طبع من يلقبون أنفسهم بأبناء البابا كيرلس السادس، ص ١٥١ و١٥٢:

لاحِظْ فكرَكَ؛ هل أنت أمام الله؟ إنك لن تستطيع أن تخفي شيئًا في تلك الساعة، فما سيقوله الإنسان لن يقوله كما يريد، بل حينَذاكَ في القيامةِ يقومُ كلُّ إنسانٍ متسربِلًا بسيرتِهِ الخاصةِ مثل ثوبٍ، سواء كانت بارةً أو أثيمةً، فالأفعالُ نفسُها هي التي ستتكلم ومنها يَعْرِفُ كلُّ واحدٍ موضعَهُ [مكانَه] هناك.

حكمة أحيقار السرياني/ لقمان العربي

تعود شخصية لقمان العربية في أصلها ومقولاتها الحكمية إلى شخصية أسطورية سريانية هي (أحيقار)، وتقول الأسطورة السريانية الأصلية أنه كان وزير ومستشار الملك سنحاريب الآشوري وله قصة طويلة يمكن مراجعتها في الكتب، وبمكتبتي عدة كتب عنه ونصوص القصة والحكم الأصلية مثل: حكمة أحيقار وأثرها في الكتاب المقدس للأب سهيل قاشا، أحيقار حكيم من الشرق القديم لأنيس فريحة، وThe Story of Ahikar, by F.C. Conybeare, J. Rendel Harris, & Agnes Smith، والكتاب الأخير به نصوص بلغاتها الأصلية منها العربية والسريانية، ويعتقد أنه مصدر حكم شخصية أيسوب[وس] اليونانية، أما أن العرب سمّوه لقمان، وجعلوه ممن حكموا عادًا الصغرى، وهي غير عاد وثمود، وأنه كان من الحكماء في حكمه وأحكامه، ويحكون عنه أساطير كثيرة متناثرة بكتب التراث ومعجم لسان العرب [جرب مثلا البحث عن كلمة لقمان وستجد عشرات الأمثلة والقصص المستمدة من شخصيته وأسطورته مثل حظية من حظيات لقمان يعني سقطة نادرة لشخص ماهر] وكتاب التيجان في ملوك حمير لابن وهب، لعل أهمها وأكثرها أصالة قصة مطوَّلة عن تخيير الله له بين أن يعيش عمر سبع بقرات أو سبع نسور، فاختار النسور، وتصوره القصة نبيًّا يكلمه الله في هذا الموقف، وكان آخرها كما تقول الأسطورة الذي سمَّاه لقمان لُبَد، أي دهر. ويحتمل أن الأسطورة العربية هي عن شخص آخر غير أحيقار لكنها استمدت من شخصية أحيقار الكثير من مقولاته الحكمية.
ومن حكم أحيقار ص14 من كتاب حكمة أحيقار وأثرها في الكتاب المقدّس، ونفس المحتوى في الكتاب الآخر لأنيس فريحة ص68 وبعده (مع اختلاف الأخير فقط في ترقيم الوصايا):

8- يا بنيّ، طأطئ عينيك إلى الأسفل، واخفض صوتك، وانظر إلى تحت باحتشام، لأن لو كان المرء يستطيع أن يبني بيتًا بالصوت العالي المرتفع لبنى الحمارُ بيتين في يوم واحد. ولو أن القوة الشديدة وحدها هي التي تجرّ المحراثَ لما فارق النِيِر منكبَ الجمل.

21- يا بني إن الأثيم يسقط ولا ينهض، والبار لا يتزعزع لأن الله معه.

26- يا بني، لا تجلب عليك لعنة أبيك وأمك، لئلا تُحرَم الفرحَ بنعمِ بنيك.

30- يا بني، لا تحسب نفسك حكيمًا عاقلًا في حين لا يحسبك الناس كذلك.

63- يا بني إذا صرت كاهنا لله فاحترس واتقه، وقف بحضرته طارهًا نقيًّا، ولا تنصرف من أمام وجهه.

ومن النادر أن نعرف بالضبط اسم الشخص الذي كان مصدرًا لمعلومة لمحمد، وهو سويد بن الصامت، كما في القصة التالية من السيرة لابن هشام:

... فتصدى له رسول اللّه صلى الله عليه وسلم حين سمع به، فدعاه إلى اللّه وإلى الإسلام، فقال له سُوَيد: فلعل الذي معك مثل الذي معي، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: وما الذي معك؟ قال: مجلة لُقمان- يعنى حكمة لقمان - فقال له رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: أعرضها علي، فعرضها عليه، فقال له: إن هذا لكلام حسن، والذي معي أفضل من هذا، قرآن أنزله اللّه تعالى علىَّ، هو هُدى ونور، فتلا عليه رسول اللّه صلى الله عليه وسلم القرآن، ودعاه إلى الإسلام، فلم يَبْعُد منه، وقال: إن هذا لقول حسن،

قال سامي أنور جاهين في تحقيقه لسيرة ابن هشام نقلًا عن العلماء أن إسناده صحيح وورد في دلائل النبوة للبيهقي والبداية والنهاية لابن كثير من طريقه.

بالتالي نتيقَّن أن محمدًا اطلّع على سفر من أسفار حكمة لقمان كنسخة معرَّبة من بعض حكم أحيقار وغيرها واقتبسها في قرآنه حيث واتباعًا للتقاليد العربية والقصص جعله نبيًّا غير رسول ممن أوحى الله إليهم بالحكمة:

{وَلَقَدْ آَتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (12) وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (13) وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14) وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (15) يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (16) يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (17) وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (18) وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ (19)} لقمان

تقول القصة السريانية أن أحيقار لم يكن ينجب فأوحى له الله بأن يتبنى نادان ابن أخته ولما كبر أحيقار في السن ترك المنصب والمال لابن أخته فأساء لاسم الأسرة فنزع ذلك منه، فتآمر ابن أخته بمؤامرة ليوهم الملك سنحاريب أن أحيقار متآمر على الدولة ويريد تسليمها للمصريين والفرس فيأمر بقتله، لكن الجلّاد كان مدينًا لأحيقار بحياته فخبّأه..إلخ القصة وفيها يتحدى ملك مصر أحيقار بالرد على معضلات من نوع الأحاجي والأحازير لكي لا يحتل آشور كبناء قصر في الهواء وعمل سلم من النور ويحلها بطرق طريفة....إلخ.

أما عن شخصية لقمان العربية فنقتبس القليل من كتاب التيجان لوهب بن منبه:

...فلما مات شداد بن عاد صار الأمر إلى أخيه لقمان بن عاد وكان أعطى الله لقمان ما لم يعط غيره من الناس في زمانه أعطاه حاسة مئة رجل وكان طويلاً لا يقاربه أهل زمانه.
قال وهب: وكان لقمان بن عاد يدعو قبل كل صلاة ويقول:

اللهم يا رب البحار الخضر ... والأرض ذات النبت بعد القطر
أسألك عمرا فوق كل عمر

فنودي قد أجيبت دعوتك وأعطيت سؤالك ولا سبيل إلى الخلود واختر إن شئت بقاء سبع بقرات عفر في جبل وعر ولا يمسهن ذغر، وان شئت بقاء سبع نوايات من تمر - مستودعات في صخر لا يمسهن ندى ولا قطر وإن شئت بقاء سبعة نسور كلما هلك نسر عقب بعده نسر. قال: فكان ذلك إنه اختار سبعة نسور.
قال وهب: فيذكر إنه عاش ألفي سنة وأربعمئة سنة وهو صاحب لبد.
قال وهب: وكان لقمان يأخذ فرخ النسر من وكره فيربيه حتى يموت وهو يطير مع النسور ويرجع إليه.

..... وقد ذكر لقمان والنسور كثير من الشعراء فقال تيم اللات بعده:
رأيت الفتى ينسى من الدهر حقه ... حذار لريب الدهر والدهر آكله
ولو عاش ما عاشت للقمان انسر ... لصرف الليالي بعد ذلك يأكله

قال النابغة يصف لبداً:
أمست خلاء وأمسى أهلها احتملوا ... أخنى عليها الذي أخنى على لبد

وقال لبيد بن ربيعة فذكر لقمان وقصته ولبداً وقصته:
لله نافلة الأجل إلا فضل ... وله العلى واثبت كل موصل
لا يستطيع الناس محو كتابه ... أنىَّ وليس قضاؤه بمبدل
سوى فاعدل دون عزة عرشه ... سبعاً طباقاً فوق فرع المنقل
والأرض تحتهم مهاداً راسياً ... نبتت جنباتهم بصم الجندل
بل كان سعيك في حياتك باطل ... وإذا مضى شيء كأن لم يفعل
لو كان شيء خالد لتواءلت ... عصماء مؤلفة ضواحي مأقل
بظلوفها ورق البشام ودونها ... طود يزل سراته بالاجدل
أو ذو زوائد لا يطاف بأرضه ... يغشى المهجهج كالذنوب المرسل
في نابه عوج يجاوز شدقه ... ويخالف الأعلى وراء الأسف
فأصابه ريب الزمان فأصبحا ... أنيابه مثل الزجاج النصل
ولقد رأى صبح سواد خليله ... ما بين قائم سيفه والمحمل
صبحن صبحاً حين حق حذاره ... أصبحن صبحاً قائماً لم يعقل
لقد جرى لب فأدرك جريه ... ريب الزمان وكان غير مثقل
ولقد رأى لبد النسور تطايرت ... رفع القوادم كالفقير الأعزل
من تحت لقمان يرجو سعيه ... ولقد رأى لقمان ألا ياتلى
غلب الليالي بعد آل محرق ... وكما فعلن بتبع وبهرقل

من ديوان طرفة بن العبد:

فَكيفَ يُرجّي المرءُ دَهراً مُخلَّداً ... وأعمالُهُ عَمّا قَلِيلٍ، تُحاسِبُهْ
ألم تَرَ لُقمانَ بنَ عادٍ تَتابَعتْ ... عليه النّسورُ، ثمّ غابتْ كواكبه؟
وللصّعبِ أسبابٌ تَجُلُّ خُطوبُها ... أقامَ زماناً، ثمّ بانَتْ مَطالِبُه
إذا الصّعْبُ ذو القَرنَينِ أرخى لواءَهُ ... إلى مالكٍ ساماهُ، قامَتْ نَوادُبه
يَسيرُ بوجهِ الحَتْفِ والعَيشُ جَمعُهُ ... وتَمضي على وَجْهِ البِلادِ كَتائِبُه
__________
(1) لقمان بن عاد: شخص زعمت العرب أنه عمَّر حياة سبعة أنسر ثم مات والمعنى: أن ما من إنسان يعيش على هذه الأرض إلى الأبد.
(2) الخطوب: واحدها الخطب وهو الأمر العظيم. بانت: ابتعدت.
(3) ذو القرنين: الإسكندر الأكبر. اللواء: الجند. مالك: ابن عم الشاعر. طلب منه طرفة أن يرد عليه إبلاً أخذها أناس من بني مُضَر فلامه مالك في ذلك وقال له: ((فرطت فيها، ثم أقبلت تتعب في طلبها)). ساماه: وازاه في السمو وارتفع فوقه.
(4) الحتف: الموت. الكتائب: مفردها الكتيبة وهي الفرقة من الجيش.

ومن شعر زهير بن أبي سلمى وبه ذكر لقمان وأحد أبناء عاد الذين يردون في قصص الوثنيين، ولم يذكرهم الإسلام، من كتاب مختارات شعراء العرب لابن الشجري:

بدا لي أني عشتُ تسعين حجةً ... تباعاً وعشراً عشتها وثمانيا
بدا لي أن الله حقٌ فزادني ... إلى الحق تقوى اللهِ ما قد بدا ليا
بدا لي أني لست مدرك ما مضى ... ولا سابقاً شياً إذا كان جائيا
وما إنْ أرى نفسي تقيها كريمتي ... وما أن ْتقي نفسي كريمةَ ماليا
ألا لا أرى على الحوادثِ باقياً ... ولا خالداً إلا الجبالَ الرواسيا
وإلاَّ السماَء والبلادَ وربنا ... وأيامنا معدودةً واللياليا
ألم ترَ أن الله أهلك تبعاً ... وأهلكَ لقمانَ بن عادٍ وعاديا هو عادياءٌ - ممدود: اسم رجل من عاد، ولكنه قصره ضرورة.
وأهلكَ ذا القرنينِ من قبلِ ما ترى ... وفرعونَ أردى جنده والنجاشيا
ألا لا أرى ذا إمةٍ أصبحتْ به ... فنتركهُ الأيامُ وهيَ كما هيا
ألم تر للنعمان كان بنجوةٍ ... من الشرِّ لو أن امرأً كان نجيا النجوة: المرتفع من الأرض.
فغير عنه رشد عشرين حجةً ... من الدهرِ يومٌ واحدٌ كان غاويا
فلم أرَ مسلوباً له مثلُ قرضِه ... أقلَّ صديقا معطياً أو مؤاسيا
فأينَ الذينَ كان يعطي جياده ... بأرسانهنَّ والحسانَ الحواليا
وأين الذين كان يعطيهم القرى ... بغلاتهن والمئينَ الغواليا
وأينَ الذين يحضرونَ جفانهُ ... إذا قدمتْ ألقوا عليها المراسيا
رأيتهم لم يشركوا بنفوسهم ... منيتهُ لما رأوا أنها هيا

ومن شعر النابغة:

أضْحَتْ خَلاءً وأَضْحَى أَهْلُها احْتُمِلوا أَخْنَى عليها الذي أَخْنَى على لُبَد

وفي التعاليم المسيحية، وخاصة تعاليم الرهبان، كالتي قرأتها عند أفرام السرياني ويوحنا السلمي الدرجي والأنبا شنودة رئيس المتوحدين كلام كثير عن التواضع أو الاتّضاع وتحقير الذات والطاعة العمياء للقادة الدينيين مثل رؤساء الأديرة. وجاء في ميامر وأقوال الأنبا إشعيا الإسقيطي، طبع من يلقبون أنفسهم بأبناء البابا كيرلس السادس، من المقالة ٢٨، ص ١٩٨ و١٩٩:

احترِزْ واحفظْ نفسَكَ جيدًا أنْ تفتش ذاتك بكل وسيلةٍ من أجل خطاياك، وتجتهد قدر ما تستطيع -بالفكر والقول والأفعال وفي طريقة مشيك- أنْ تتواضعَ في كل شيء وتتذلل كجالسٍ علی مزبلةٍ. وتتأكد من أعماق نفسك وبالحق أنك مثل التراب والرماد. معتبِرًا نفسَكَ آخرَ الكلِّ، وخاطئًا أكثرَ منْ جميعِ المسيحيين.

الجحيم له درجات أو أقسام أو دركات

وهذا تعليم واعتقاد ربيني الأصل، نقلتُه بمصادره في ترجمة مادة الجحيم من الموسوعة اليهودية في كتاب أصول أساطير الإسلام من الهاجادة، وقد ذكرتُ هناك آية {إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار} وأيضًا ما يشبهه من أحاديث كتب مذهب السنة، وجاء في كتاب مختارات نسكية وزهدية لأفرام السرياني، ص ٧٦ و٧٧، من عظة عن المجيء الثاني للمسيح والدينونة:

الآن سوف أكشف لكم يا أخوتي عن أمكنة العذاب المختلفة كما يصفها الإنجيل: هناك الظلمة الخارجية (متی٨: ١٢)، وهناك جهنم النار (متی٥: ٢٢)، وهناك صريف الأسنان المختلف عن الأول، وهناك الدود الذي لا يموت (إشعيا 66: 24 ومرقس٩: ٤٤)، وهناك النهر الناري (دانيال ٧: ٩). يُوَزَّعُ الخطاةُ علی أماكنِ العذابِ المختلفةِ هذه، كل واحدٍ حسَبَ فداحةِ وكميةِ خطاياه.كما يوجد خطايا مختلفة، هناك أيضًا عقوباتٌ مختلفةٌ، أيْ أنَّ "الزانيَ" يُعاقَبُ علی نحوٍ يختلفُ عن القاتل والسارق والسِكِّير.



تعبير ظلمتم أنفسكم، ظلموا أنفسهم

لكون محمد في قرآنه أستاذًا في لي وتحريف معاني الكلمات والألفاظ المعروفة المعنی، فقد افترضت أن هذا التعبير اختراع بحت له أيضًا لم يسبقه له أحدٌ. فالظلم هو إيذاء الآخرين من البشر والكائنات بلا ذنب أو إضرار لك منهم أو أكل حقوق الآخرين، وبالتالي لا يصح إطلاقه علی ذات الفاعل الظالم علی أنه هو الفاعل والمفعول به، إلا مجازًا أدبيًّا كقولنا لمن يضحي لأجل الآخرين بأنه ظلم نفسَه، أما استعمال التعبير كإدانة أخلاقية فأمر غير مقبول منطقيًّا ولا وفق معاني الكلمات. لكن اتضح لي أنه ربما كان تعبيرًا وعظيٍّا سقيمًا غيرَ منطقيٍّ استعملَه خطباء ووعاظ المسيحية القدماء في خطبهم التخويفية المشوِّهة لعقول ووعي الناس، مثلهم كشيوخ الإسلام، كقول شنودة كما في كتاب الأنبا شنودة سيرته وتعاليمه وقوانينه، ج١، مكتبة الباناريون، ص٢٨٣، من العظة أ٢٦، فقرة ٤٢:

هل ظلمتَ الفقيرَ، وقهرتَ اليتيمَ والأرملةَ والغريبَ؟ إذن فقد ظلمتَ نفسَكَ بنفسِكَ دونَ أن تدريَ، وجعلتَ نفسَكَ الآن علی الأرضِ غريبًا عن رحمةِ اللهِ، وأَسَأْتَ لنفسِكَ بنفسِكَ في ذلك اليوم في أتونِ النارِ المشتعل [...] بواسطة حنق غضب الله الذي يزيد لهبَ النارِ اشتعالا.

إنها تعاليم صالحة ومبادئ أخلاقية سليمة طيبة، لكن أسلوب الحث والنهي باستعمال التخويف بخرافات كالجحيم هو الخطإ. يجب القيام بالسلوكيات الأخلاقية والخير وعدم فعل الشرور علی أساس الاقتناع بالأخلاق نفسها، وليس خوفًا من جحيم خرافي أو طمعًا في فردوسٍ خرافي. لأن هذا أساس ضعيف رديء للأخلاق، فمتی ما اهتز إيمان الشخص بالخرافة خالف الأخلاق والقوانين، لأنه ليس مقتنِعًا مؤمنًا بالأخلاق نفسها.



{...وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ (12)} الحجرات

هذا التشبيه مأخوذ من تراث مسيحي آبائي مؤكد الأصالة والقدم، ومن خارج الكتاب المكدس. فجاء في تجميعة صموئيل السرياني لمقالات لأفرام السرياني، في المقالة السادسة:

إذا جلست على المائدة فكل خبزا ولا تغتبْ قریبك لئلا تأكل لحم أخیك بالاغتیاب. لأنه قد كتب: “الذین یأكلون شعبي في اغنذاء الخبز ولم یدعوا الرب.”

بصرف النظر عن غرابة استشهاد أفرام السرياني بما في نص المزمور ١٤ و ٥٣، الذي يتكلم عن البابليين وأعداء اليهود الوثننين من وجهة نظر الرابي شلومو يتسحاقي، أو قد نفهمه بحيث يتضمن مستغلي الشعب اليهودي من تجاره وحكامه أيضًا، فإن أصالة التشبيه في مقولات آباء المسيحية مؤكدة.

ومن مقولات آباء المسيحيين وجدت فيما كتبوه في كتبهم عن حكمهم ومقولاتهم، قول باسيليوس الكبير قديس المسيحية (توفي في يناير ٣٧٩م في قيصرية كبادوكيا في تركيا الحالية)، في عظة بعنوان الصوم:

احذر أن تصوم فقط عن اللحم وتظن أن هذا هو ما يُطْلَبُ منكَ، إن الصومَ الحقيقيَّ هو الامتناعُ عن كل رذيلة. إنك ربما لا تأكل لحمًا لكنكَ تنهشُ لحمَ أخيكَ، إنك تمتنع عن شرب الخمر ولكنك لا تلجم الشهواتِ الحمراءَ التي تلتهبُ في نفسِكَ.

...ففي الصوم أنت لا تأكل لحمًا ولكنْ -ويا للأسف- تأكل لحم أخيك. أنت لا تشرب خمرًا ولكنك لا تلجم لسانك عن الشتائم. وعلی الرغم من أنك تنتظر حلول المساء لتتناولَ الطعامَ، إلا أنكَ تقضي نهارَكَ في المحاكمِ.

لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ

جاء في كتاب مختارات نسكية وزهدية لأفرام السرياني، ص٣٨:

أما نحن فنمجِّدُ اللهَ المتعاليَ الذي لا يستطيعُ خلفاءُ الرسلِ أنْ يقتربوا منه، لأنه لو استطاع الخطأةُ أنْ يجدوا سبيلًا للصعود إلی السماء لانقسموا علی أنفسِهِم وتشتَّتُوا في بيت الله، في المساكن السماوية كما جری قديما مع أجدادِهم أصحابِ البرجِ الذين تنطَّحوا بنشاطٍ نحوَ السماءِ فسقطوا من النعمة الإلهية لأن ألسنتَهم قد تبلبلت. إلخ

قارن مع القرآن:

{كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (12) لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ (13) وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (14) لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ (15)} الحِجْر

هناك تشابهٌ إلی حدٍّ ما، قد يكون تشابهًا صدفويًّا ظاهريًّا، أو أن هذا النص كان في ذهن محمد حينما قالَ عبارتَه في القرآن، وأن شخصًا ما نقلَهُ له شفويًّا.

لا تفتح لهم أبواب السماوات

في المسيحية وبعض التراث اليهودي الهاجادي، تأثرًا بالهاديس وإلهه في تراث الجريكيين والرومانيين، قالوا بأن أرواح ونفوس العصاة والغير مؤمنين يتسلمها الشياطين بعد اختبارهم لها من جهة ارتكابها لآثام لتعذيبها في حياة البرزخ في جهنم قبل بعث الأجساد وبعده، كما في رؤيا وصعود بولس، وكتاب قيامة المسيح المنسوب لبرثولماوس المكتوب بالقبطية الصعيدية الذي نشره والاس بدج مثلًا. وفي بعض التراث الهاجادي تجلی ذلك في شخصية الشيطان سامائيل (انظر ترجمتي في كتاب الهاجادة لقصة موسی والشيطان سامائيل أو موسی وملاك الموت، وقد أشار العهد الجديد المسيحي لها، في رسالة يهوذا 1: 9).

أما ما ترجمتهُ عن سؤال الملائكة خدام الله الخرافي -وليس الشياطين- للميت في قبره وفقَ خرافات اليهود فهذا أقرب لخرافة الحياة في القبر عذابًا أو نعيمًا والتي انتقلت للإسلام.

وفي ويكيبيديا الإنجليزية، تحت عنوان ”الجبايات الأثيرية أو نقاط المرور السماوية” Arial toll house
(مع ترجمة واقتباس لؤي عشري من مراجع أخری مذكورة)

الجبّايات أو بوابات المرور مصطلح يشير إلی التعليم الذي اعتقده بعض قديسي ومسيحيي الأرثوذكس الشرقيين بخصوص الوضع المتوسط للروح بعد الموت. والتي تقول بأنَّ بعد موت الشخص تغادر الروحُ الجسدَ، ويرافقه الملائكةُ إلی اللهِ. خلال هذه الرحلة تمر الروحُ عبرَ مملكةٍ أثيرية تسكنُها الأرواحُ الشريرةُ (قارن مع أفسس ٦: ١٢ فإن مصارعتنا ليست مع دم ولحم بل مع الرؤساء مع السلاطين مع ولاة العالَم علی ظُلْمةِ هذا الدهر مع أجناد الشر الروحية في السماوات). تواجهُ الروحُ هؤلاءِ الشياطينَ عند نقاط عديدة يشار إليها باسم بوابات أو نقاط المرور أو الجبَّايات حيثُ يحاولُ الشياطينُ حينذاك اتهامها بأنواع عديدة من الخطايا ولو أمكنَهم يسحبونه إلی الجحيم.
لقد عُلِّمَ هذا التعليمُ في بعض صيغه في بعض سير القديسين ونصوص روحية نسكية أخری من وقت مبكر للغاية في تاريخ الكنيسة، لكنه لم يصدُرْ عن أي مجمَعٍ مسكونيٍّ رسميًّا قط. لقد اعتنقه عددٌ من القديسين الأرثوذكس وبعض آبائهم ولاهوتييهم المعاصرين بوضوح، لكن بعض اللاهوتيين والأساقفة بدءًا من القرن الماضي أدانوه كاعتقاد ذي منشإٍ هرطقي وغنوسي. إن محتوی هذا الاعتقاد شبيهٌ إلی حدٍّ ما للفكرة التي طرحها يوِحنا السُلَّميُّ او الدَرَجِيُّ في كتابِه السلم إلی الله عن الترقي في مراتب الفضائل. بعض المعارضين يقولون أنه بالنظر إلی كم الرعب الذي تتسبب به هذه العقيدة أو التعليم، فإن حب المسيح يصير مُساءً فهمُه ومنسيًّا، بينما جادل آخرون [مناصرون] بأن الخوفَ طبيعيٌّ تمامًا وخَلاصيًّ للمسيحيين الأرثوذكس.

التعليم

بعض الأقوال المقتبسة من مراجع (آباء) الأرثوذكس في الفيلوكاليا -وهو كتاب مختارات نسكية مرجعي- من القديسين والزهاد من الألفية الميلادية الأولی علَّموا عقيدةَ بوابات المرور. كمثال، القديس ثيودوروس

لؤي عشري 12-18-2018 09:31 AM

بعض الأقوال المقتبسة من مراجع (آباء) الأرثوذكس في الفيلوكاليا -وهو كتاب مختارات نسكية مرجعي- من القديسين والزهاد من الألفية الميلادية الأولی علَّموا عقيدةَ بوابات المرور. كمثال، القديس ثيودوروس الزاهد الكبير St. Theodoros the great ascetic يعلِّمُنا التالي، كما في الفيلوكاليا ج٢ Pilokalia, volume 2, page 25-26, paragraph 57, translated by G.E.H Palmer, Philip Sherraed, and Kallistos Ware

“عند جلوسك في صومعتك، لا تتصرف بطريقة غير متفكرة ومتهاونة. فقد قيل أن السفر بلا جهة جهدٌ ضائٌع. بدلًا من ذلك اعمل علی نحوٍ هادفٍ، ركِّز فكرَكَ واجعل أمام عينيك دائمًا آخرَ ساعةٍ قبلَ الموت. تذكر هباءَ (لا جدوی) العالم وكم هو خادع وكم هو سقيم وبلا قيمة، تفكر في الحساب المروع الآتي، وكيف سيأتي حراس بوابات المرور الفظِّين (القساة) أمام كل أحدٍ تلوَ الآخرِ الكلماتِ والأفعالَ والأفكار التي اقترحوها (وسوسوا بها) لكننا نحن قبلناها وجعلناها خاصة بنا”

[ويقول إشعيا الإسقيطي (٣٣٧- ٤٤٧م، توفي عن عمر ١١٠ أعوام) في خطبة له بعنوان ”إلی متی أظل ثملًا”، منشورة في كتاب عربي بعنوان من مخطوطات الأديرة القبطية، ميامر وأقوال الأنبا إشعياء الإسقيطي، المقالة السادسة عشرة ص ٩٧ من طبعة من سموا أنفسهم بلقب أبناء البابا كيرلس، من مخطوطات الأديرة القبطية:

الويل لي الويل لي، لأنني لم اتحرر بعد مما هو لجهنم، إن الذين يجتذبونني ما زال لهم ثمارهم داخلي وجميع اعمالهم تتحرك في قلبي، والذين يطرحونني في النار ما زالوا يشاغبون في جسدي آملين ان يصنعوا ثماراً، لم أتيقن بعد إلی اي جهة يقودونني، والطريق اليميني لم يعد لي بعد، إلی الآن لم اتحرر من القوات التي تمسكني في الهواء طالبة أن تحتجزني لسبب الأعمال الشريرة التي لهم فيّ، إلی الآن لم أعاين مجيء لفادي ليخلصني منهم...

وجاء في عظة له في نفس الكتاب، المقال الاول، ص٧، ونفس النص مترجمًا من الجريكية إلی الإنجليزية في كتاب بعنوان معناه أبا إشعيا الإسقيطي، عظات أو خطب زهدية واخر بعنوان التسعة وعشرين عظة او خطبة لابينا القديس اشعيا
Ascetic Abba Isaiah of Scetis - Ascetic Discourses. 2002. Cistercian Studies (Book 150). 2002. Cistercian Studies (Book 150),
And The twenty-nine discourses of our holy father Isaiah. 1962

اجعل الموت أمام عينيكَ، واهتمّ بالكيفية التي ستغادر بها هذا الجسد، لتتجاوزَ قواتِ الظلامِ التي ستقابِلُكَ في الهواء، لتلتقي الله بلا عائق، وكيف ستُجيب أمامَ الله، ولتتأمل في يوم دينونته ومكافأتِه لنا علی كل أعمالنا وكلماتنا وأفكارنا. فكل شيء عارٍ ومكشوفٌ أمامَ مَنْ سوف نُحاسَبُ لديهِ.

وقال في المقال الثالث عشر عن الكمال، ص٨٤ من الترجمة العربية المذكورة:
في هذه الأشياء يا إخوة لا بد أن نتفكر ونسأل عنها، ولا نتهاون عن شفاء أنفسنا ونؤجل توبتنا. لأن أعداءنا الأشرار مترصدون كلامَنا وأفكارنا وأفعالنا حتی إذا خرجَتْ النفسُ من الجسد تعلقوا بها وأظهروا كل خطية قد فعلتها. فإن كان لها توبة وأعمال صالحة أفلتت من أيديهم وصعدت مع ملاكها إلی السماء حتی تصنع مطانية قدام المسيح له المجد فيأمر حينئذٍ ملاكَها أن يَذهَبَ بها إلی موضع القديسين في السماء، ومن لم تكن له توبة وأعمال وحسنات يتركْهُ في أيدي أعدائه الشياطين الأشرار. فيأخذون تلك النفسَ بعنف وشدة صعبة مهولة وينزلونها إلی الجحيم السفلي إلی أن تقوم القيامة. فإذا أمر الرب يسوع المسيح بقيامة الخلائق يذهب أصحاب الجحيم إلی عذاب أبدي وأصحاب الحسنات إلی ملكوت لا يفنی.....

وفي المقال ١٣، ص ٧١ من الترجمة العربية المذكورة:

...ننقي قلوبنا وأجسادنا من الشهوة الردية لكيما نخلص من النجاسة، هذه كلها تحيط بالنفس إذا هي خرجَتْ من الجسد، فإنْ كانت النفس قد اقتنت الصلاح فهو يخلصها من المشتكي علی جنس البشر.

وفي المقالة ١٨، ص١٠٣:

فعند خروجه من هذا العالم تتقدمه أعمالُه ويفرح معه الملائكةُ إذْ يرَوْنَ أنه قد تخلص من قواتِ الظُلْمة. لأنه عندما تخرج النفسُ من الجسد يأتي الملائكةُ ليمضوا معها، حينئذٍ تَخرُجُ جميعُ قواتِ الظُلمة لملاقاتِها يريدون أن يضبطوها ويفحصوها إنْ كان فيها يخصُّهم. عند ذلك لا يحارِبُ الملائكةُ عنها، بل الأعمالُ التي صَنَعَتْها هي التي تَحفَظُها وتقيها من أن يقتربوا منها. فإنْ فازَتْ بالغَلَبةِ يتقدمُها الملائكةُ بالتسبيح إلی أنْ تلتقيَ باللهِ بالفرح والابتهاج، وفي تلك الساعة تنسی جميعَ أعمالِ هذا العالَمِ وكلَّ تعبِهِ.

فلنجاهد إذن قدرَ استطاعتنا أن نعمل الصلاح في هذا الزمان القليل ليكون عملنا سالمًا من جميع الشرور لكي نستطيع أنْ نَخْلُصَ من أيدي الرؤساء الذين يتقدموننا، لأنهم أشرار ولا شفقة عندهم. طوبی لمن لا يجدون فيه شيئًا مما يخصهم لأن فرحه وبهجته وراحته وإكليله يفوق القياسَ. ......إلخ

فلنجاهد يا إخوتي بكل قوتنا قدام الله بالدموع، لعل صلاحه يدركنا برحمته ويرسل لنا قوة الغلبة التي بها نواجه قواتِ الشر الذين يبادرون إلی ملاقاتنا. ......

.....ولنحب رحمة المساكين، لأنها تخلصنا من محبة الفضة عندما تخرج لملاقاتنا.

لنحب السلام مع الكل؛ الصغار والكبار، لأنه يحفظنا من البغضة حين تخرج لملاقاتنا.

لنقتنِ الصبر في كل شيء، فهو يحفظنا من صغر النفس حين يخرج لملاقاتنا.

لنحب جميع إخواننا ولا نحتفظ في قلبنا ببغضٍ لأحد ولا نكافئ أحدًا شرًّا لأن هذا يحفظنا من الغيرة عندما تخرج للقائنا.

فلنحب الاتضاع في كل شيء ونحتمل كلمة القريب إن كانت تجريحًا أو تعييرًا فهذا يخلِّصنا من العظمة عندما تخرج لملاقاتنا.

فلنقتن طول الروح في كل شيء فهو يخلصنا من الضجر عندما يخرج للقائنا.

فلنطلب كرامة قريبنا ولا نسئ لأي إنسان بالملامة، فإن هذا يخلصنا من النميمة عندما تخرج لملاقاتنا.

لنرذل استعمال هذا العالم وجميع كراماته لكي نخلص من الحسد عندما يخرج لملاقاتنا....

ولنطهِّر أجسادنا وقلوبنا من الشهوة لكي نخلُصَ من النجاسة عندما تخرج للقاٖئنا.

جميع هذه الأوجاع (=الشهوات) والشرور تفحص النفسَ عندما تخرج من الجسد، وأما الفضائل فتعينها إن كانت اقتنتها.

وفي المقال ٣٥، ص ٢٣٦ ذكر من صفات الراهب:

...يحزن إذا ذكَرَ ساعةَ موتِهِ وصعودِ نفسِهِ لئلّا يَخُرُجُ الشياطين الذين تقاتلوا معه ويمنعوه من دخول الفردوس...

وفي قوله التالي يتبدَّی اعتقاده بحياة برزخية للأرواح الخرافية ونعيم خرافي يسبق علی نعيم الفردوس الخرافي:

...فإني أعرف بالحقيقة أنه إذا ما خرجت نفسي من الجسد يعوقها الشياطين من دخول الفردوس الذي هو عربون ملكوت السماوات.]

[وورد في صلاة أو ترنيمة (أكانثس) أرثوذكسية للملاك الحارس أو الحافظ Akathist to the Guardian Angel, trans. I. E. Lambertsen, 1992, p. 7:

في ساعة الموت المروِّعة لا تهجرْني، يا حارسي الصالح، بل قدني بعيدًا عن شياطين الظلام الذين سيسعون لإرعاب روحي المرتعشة، دافعْ عني ضد مطاردتهم عندما يجب بالضرورة أن أمُرَّ عبر بوابات المرور الأثيرية، لكي بحفظك لي غيرَ مضرورٍ أنالَ الفردوسَ التي أرغبُ فيها.

وفي ترنيمة تُغَنَّی لـ"والدة الإله" خلال عيد أو ذكری القديس يوحنّاس كريسوستوم يرد، كما في
Menaion, January 27, Canon of matins, ode 5, tone 8 96
امنحني أن أمر غيرَ مضايَقٍ من خلال حشد الحكام والكتيبة الطاغية الخاصة بالهواء السفلي في ساعة مغادرتي.]

ويمكن العثور علی صلوات أشارت للمتَّهِمين الأثيريين في النصوص الطقسية وكتب الصلوات الأرثوذكسية الرسمية، [فمثلًا في صلاة النوم الصغری (نقلًا عن النص العربي المنشور كترجمة) بعد التضرع إلی الله والمسيح، تضرع إلی "والدة الإله" عند الأرثوذكس (دليل طقسي أو ليتورجي):

...وأما في وقت خروج نفسي الشقية، فأحدقي بي مطيفةً حولي، ولقتام مناظر الشياطين أقصي عني بعيدًا...إلخ.]

ومثلًا في كتاب الاحتياجات الكبير من التراث السلافي الأرثوذكسي الطقسي أي الليتورجي
the great book of needs, St. Tikhon s monastery press

أبعِدْني عن آمر جامعي بوابات المرور القساة وعن حاكم الأرض....يا ثيوتوكُسْ القديس. النشيد أو الترنيمة ٨- الطربراوية ٣

وفي الترنيمة ٧ منه:

يا كل الملائكة القدوسين الخاصين بالله القدير، ليكن لكم رحمةٌ عليَّ واحفظوني من كل بوابات المرور [الجبَّايات] الشريرة.

وفي الأدعية في ذلك الكتاب لمغادرة الروح، في الترتيلة ٤، ص٧٧:

اعتبرني مستحِقًّا للعبور، غيرَ معرقَلٍ من قِبَلِ المضطهِد، أمير الهواء، الطاغية، الذي يقف حارسًا في الطرق المرعبة، ومن اتهامه الباطل عندما أغادر الأرضَ.

وفي الترنيمة ٨، ص ٨١:

اعتبرني مستحقًّا للإفلاتِ من حشود الهمج العديمي الأجساد والنهوض عبر الأعماق الهوائية ودخول الفردوس.

ويمكن العثور علی إشارات لها في ترانيم الكنيسة وفي قصص سير وحيوات بعض القديسين (كمثال، حياة القديس أنطونيوس الكبير، التي كتبها أثناسيوس السكندري، وفي حياة باسيل الصغير وثيودورا التي كتبها كيرلس السكندري. Ephesi praedicata depoito Nestorio, ACO. 14، وفي عظات إشعيا الإسقيطي وأفرام السرياني وفي الفيلوكاليا وفي السلم إلی الله ليوحنا السلمي، وفي ترانيم كنسية. مثلًا في الباراكليتيك parakletike في صلاة المساء:

عندما توشك روحي علی المغادرة بعنف من أعضاء الجسد، فتعال حينذاك يا عريس الله لعوني؛ بعثر مشورات الأعداء عديمي الأجساد وحطم رحاهم التي يريدون بها إهلاكي بلا رحمة، لكي اعبر بلا عرقلة من خلال حكام الظلام الواقفين في الهواء.

أكثر رواية تفصيلية عن بوابات المرور الأثيرية توجد في قصة القديسة ثيودورا تلميذة القديس باسيل الصغير (منتصف القرن العاشر الميلادي، بالتالي لا تهمنا في المقارنة كثيرًا مع الإسلام-المترجم لؤي عشري) في سيرة حياته في كتاب حيوات القديسين، يوم ٢٦ مارس حسب التقويم الأرثوذكسي. وفقا لتلك القصة طلب جريجوري وهو رجل علماني قديس تقي وصلی لله أن يعرفهم بما حدث لثيودورا بعد موتها. فاستجاب الله لصلواته بإرسال ثيودورا نفسها له فأخبرته بتفصيل كبير عن رحلتها عبر بوابات المرور. فقالت أن كل مسيحي له شيطان يحاول أن يغويه. ويحتفظ كلٌّ من هؤلاء الشياطين بسجل لكل خطيئة خاصة بفكرة أو فعل نجح في محاولته جعل الشخص يرتكبه، عدا أن الآثام المُتاب عنها تُمْحی من سجلات الشياطين. في اليوم الثالث بعد مفارقة الروح للجسد يحملها الملائكة نحو السماوات. في الطريق يجب أن تمر الروح مجتازة عشرين بوابة مرور. كل واحدة منها يسكنها شياطين متخصصون في خطايا معيَّنة. عند كل بوابة مرور أو جبَّاية، يطلب الشياطين من الروح أن تدفع عن خطاياها برواية أفعال تعويضية خيرة قامت بها، فلو لم تستطع الروح المعادلة (التعويض) عن خطيئة، يأخذها الشياطينُ إلی الجحيم. اهـ مترجمًا من ويكيبديا مع نصوص آبائية أضفتُها.

ونستعرض هنا بعض نصوص أفرام السرياني المستوحاة من التراث والفكر المسيحي القانوني متمثلًا في العهد الجديد ومعه الغير قانوني الأبوكريفي. فجاء في المزامير الروحية ص ٦٤:

امنَح مرورًا يسيرًا عبْرَ الجبَّايات [بوابات رسوم العبور] ومغفرةً في الدينونة. بقوةٍ أمجِّدُكَ يا رب، يا من اعتبرتَ تواضعي ولم تُسلِّمني إلی أيدي أعدائي، وخلَّصْتَ نفسي من الفاقةِ. فلتسترني يدُكَ الآنَ، يا سيد، ولتَحُلَّ رحمتُكَ عليَ، لأن نفسي مضطربةٌ وتحزن جدًّا بسبب كون يد المخاصم (العدو) الماكرة قد تجد نفسي، عندما تترك هذا الجسد الفقير، فتحفظها وراءَها في الظلام بسبب الخطايا التي ارتكبتها في هذه الحياة، بمعرفة وجهل معًا. كن رحيمًا بي يا سيد الكل، كي لا تری نفسي ومضةَ الشياطين الماكرين الشنيعة، بل كي يستلمَها ملائكتُكَ الأطهارُ والمشعُّون.

وجاء في الهامش: الجبايات : toll-houses تذكر بعض المصادر الآبائية وجود مراحل ستمرُّ فيها النفسُ بعدَ الموت مباشرةً، في طريقِها إلی السماء، حيث ستتعرض لتجارب وامتحانات من الشياطين التي ستختَبِر النفسَ في كل الخطايا. راجع Father Seraphim Rose, The soul after death. St. Herman of Alaska brotherhood, 1993.

وعلی حسب قوله في الهامش: ولا أساس لها في الكتاب المقدس.

وفي ص ١٢٩:

لقد خطئتِ يا نفسي، فتوبي، لأن أيامنا تمضي كظل. سنرحل عبر أماكنَ مرعبةٍ ومخيفةٍ.

وفي ص ٢٠٨:

واحسرتاه، لقد أخطأتِ يا نفسي. توبي، لأن أيامنا تمضي كظل. في هنيهة يسيرة سترحلين من هنا. ستعبُرِين أماكنَ مخيفةً يا نفسي. لا تؤجِّلي الرجوعَ إلی الربِّ يومًا بعد يوم.
وفي ص١٤٤ من صلاة للعذراء:

لا تتركيني في ساعة الموت المرعبة يا سيدتي، بل سارعي إلی معونتي. أنقذيني من عذابات الشيطان المريرة.

وفي ص ٢١٩:

رهيبٌ هو العبورُ عبْرَ الجبَّايات؛ ارْحَضْني [طَهِّرْني] هنا، يا رب. في وقت قصير سنعبر عبر أماكن مخيفة ومرعبة، ولن يوجد هنا من يمكنه تجنب السيرَ في هذا الطريق. لن يوجد واحد هناك لكي يرافقنا ويساعدنا؛ لا والدان ولا أخوة ولا أصدقاء ولا أقارب ولا ثروة، ولا أي شيء آخر كهذا.

إذا وجدنا أنفسنا في تلك الساعة بالذات مجرَّدين من حماية الله، فإن أمراء الظلام سيكبحوننا حتمًا. إنهم قساةٌ ومجرَّدون من الرحمة؛ إنهم لا يخافون ملوكًا ولا يحترمون سادةً؛ لا يكرِّمون الصغار ولا الكبار. إنهم لا ينسحبون بخوفٍ إلا من الذين يعيشون بتقوی، سامحين لهم بالمرور بحرية.

أتخيل ماذا ستكون عليه هذه الساعة وأجثو عليه أمام صلاحك يا رب؛ لا تسلمني لهؤلاء الذين يهينونني، حتی لا يتباهی أعداؤك بأنهم قد أخذوا عبدَكَ، أيها الرب الصالح. فلا يصرفون بأسنانهم ويُرعِبون نفسي الخاطئة، قائلين: لقد سقطتَ في أيدينا، لقد سُلِّمْتَ إلينا.هذا هو اليوم الذي كنا ننتظره.

وفي ص٣١١:

صلاة إلی والدة الإله، للمعونة في الحياة والموت وبعد الموت: .....في أوان رحيل نفسي الوضيعة من جسدي، عندما -الويل لي- سأضطر إلی الكلام مع الأعداء خارج الأبواب؛ عندئذ أيتها السيدة اذكريني بعينِكَ الرحيمة؛ حرِّريني من كل المعذِّبين الذين لا يرحمون ومن مراقبي أمير هذا الدهر المرعِبين، كوني محاميتي واتلفي كل سجل لخطاياي.

وفي مختارات نسكية وزهدية لأفرام السرياني، ص١٠٩:

الويل للمرائي فإن الراعيّ سيُنْكِرُه والذئب سيخطفه

وفي ميامر وأقوال افرام السرياني لسمعان السرياني، ص٧٨، من المقال أو الفصل الرابع:

يا أخوتي بعد وقت قصير لا بد أن نعبر إلی أماكن مخيفة، وليس أحد مِنْ هاهنا يرافقُنا، لا والدين ولا أخوة ولا آصدقاء.

وفي تجميعة صموئيل السرياني، المقال ٢٠:

يا نفسُ قد أخطَأْتِ فتوبي، فإنَّ أيامَنا تعبُرُ عبورَ الظلِّ بعدَ قليلٍ أيضًا وننصرف من هنا، يا نفس أنتِ عازمةٌ أنْ تعبُرِي أماكنَ مخيفةً، فلا تُسَوِّفي يومًا تلوَ يومٍ أنْ تعودِي إلی الربِّ

.....يا إخوتي نحن مُزْمِعون ليسَ بعدَ حينٍ طويلٍ أنْ نعبُرَ أماكنَ مخيفةً، وغيرُ ممكنٍ ألّا نعبر تلكَ الطريق، وليس احدٌ هاهُنا يرافقُنا للمعونة، لا والدان ولا إخوة ولا أصدقاء ولا جنس ولا غنیً ولا شيءٌ من نظائر هذه.
....لك وحدك أجثو ساجدا متضرعا، أنا المستوجب كل عذاب، أنا المستحق كل عقاب. إلیك أيها الفادي أبتهل متوسلا ألا یدركني المضاد في الانقضاء....

أما الأقرب لذلك من التراث الإسلامي فهو ما رواه أحمد بن حنبل:

(18534) 18733- حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ ، عَنْ مِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو ، عَنْ زَاذَانَ ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ ، قَالَ : خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فِي جِنَازَةِ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ ، فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَبْرِ ، وَلَمَّا يُلْحَدْ ، فَجَلَسَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ ، كَأَنَّ عَلَى رُؤُوسِنَا الطَّيْرَ ، وَفِي يَدِهِ عُودٌ يَنْكُتُ فِي الأَرْضِ ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ ، فَقَالَ : اسْتَعِيذُوا بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ مَرَّتَيْنِ ، أَوْ ثَلاَثًا ، ثُمَّ قَالَ : إِنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنَ الدُّنْيَا وَإِقْبَالٍ مِنَ الآخِرَةِ ، نَزَلَ إِلَيْهِ مَلاَئِكَةٌ مِنَ السَّمَاءِ بِيضُ الْوُجُوهِ ، كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ الشَّمْسُ ، مَعَهُمْ كَفَنٌ مِنْ أَكْفَانِ الْجَنَّةِ ، وَحَنُوطٌ مِنْ حَنُوطِ الْجَنَّةِ ، حَتَّى يَجْلِسُوا مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ ، ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ الْمَوْتِ ، عَلَيْهِ السَّلاَمُ ، حَتَّى يَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ ، فَيَقُولُ : أَيَّتُهَا النَّفْسُ الطَّيِّبَةُ ، اخْرُجِي إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنَ اللهِ وَرِضْوَانٍ , قَالَ : فَتَخْرُجُ تَسِيلُ كَمَا تَسِيلُ الْقَطْرَةُ مِنْ فِي السِّقَاءِ ، فَيَأْخُذُهَا ، فَإِذَا أَخَذَهَا لَمْ يَدَعُوهَا فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ حَتَّى يَأْخُذُوهَا ، فَيَجْعَلُوهَا فِي ذَلِكَ الْكَفَنِ ، وَفِي ذَلِكَ الْحَنُوطِ ، وَيَخْرُجُ مِنْهَا كَأَطْيَبِ نَفْحَةِ مِسْكٍ وُجِدَتْ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ قَالَ : فَيَصْعَدُونَ بِهَا ، فَلاَ يَمُرُّونَ ، يَعْنِي بِهَا ، عَلَى مَلَإٍ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ ، إِلاَّ قَالُوا : مَا هَذَا الرُّوحُ الطَّيِّبُ ؟ فَيَقُولُونَ : فُلاَنُ بْنُ فُلاَنٍ ، بِأَحْسَنِ أَسْمَائِهِ الَّتِي كَانُوا يُسَمُّونَهُ بِهَا فِي الدُّنْيَا ، حَتَّى يَنْتَهُوا بِهَا إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا ، فَيَسْتَفْتِحُونَ لَهُ ، فَيُفْتَحُ لَهُمْ فَيُشَيِّعُهُ مِنْ كُلِّ سَمَاءٍ مُقَرَّبُوهَا إِلَى السَّمَاءِ الَّتِي تَلِيهَا ، حَتَّى يُنْتَهَى بِهِ إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ ، فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : اكْتُبُوا كِتَابَ عَبْدِي فِي عِلِّيِّينَ ، وَأَعِيدُوهُ إِلَى الأَرْضِ ، فَإِنِّي مِنْهَا خَلَقْتُهُمْ ، وَفِيهَا أُعِيدُهُمْ ، وَمِنْهَا أُخْرِجُهُمْ تَارَةً أُخْرَى , قَالَ : فَتُعَادُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ ، فَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ ، فَيُجْلِسَانِهِ ، فَيَقُولاَنِ لَهُ : مَنْ رَبُّكَ ؟ فَيَقُولُ : رَبِّيَ اللَّهُ ، فَيَقُولاَنِ لَهُ : مَا دِينُكَ ؟ فَيَقُولُ : دِينِيَ الإِِسْلاَمُ ، فَيَقُولاَنِ لَهُ : مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ ؟ فَيَقُولُ : هُوَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَيَقُولاَنِ لَهُ : وَمَا عِلْمُكَ ؟ فَيَقُولُ : قَرَأْتُ كِتَابَ اللهِ ، فَآمَنْتُ بِهِ وَصَدَّقْتُ ، فَيُنَادِي مُنَادٍ فِي السَّمَاءِ : أَنْ صَدَقَ عَبْدِي ، فَأَفْرِشُوهُ مِنَ الْجَنَّةِ ، وَأَلْبِسُوهُ مِنَ الْجَنَّةِ ، وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى الْجَنَّةِ , قَالَ : فَيَأْتِيهِ مِنْ رَوْحِهَا ، وَطِيبِهَا ، وَيُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ مَدَّ بَصَرِهِ . قَالَ : وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ حَسَنُ الْوَجْهِ ، حَسَنُ الثِّيَابِ ، طَيِّبُ الرِّيحِ ، فَيَقُولُ : أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُرُّكَ ، هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ ، فَيَقُولُ لَهُ : مَنْ أَنْتَ ؟ فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يَجِيءُ بِالْخَيْرِ ، فَيَقُولُ : أَنَا عَمَلُكَ الصَّالِحُ ، فَيَقُولُ : رَبِّ أَقِمِ السَّاعَةَ حَتَّى أَرْجِعَ إِلَى أَهْلِي ، وَمَالِي . قَالَ : وَإِنَّ الْعَبْدَ الْكَافِرَ إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنَ الدُّنْيَا وَإِقْبَالٍ مِنَ الآخِرَةِ ، نَزَلَ إِلَيْهِ مِنَ السَّمَاءِ مَلاَئِكَةٌ سُودُ الْوُجُوهِ ، مَعَهُمُ الْمُسُوحُ ، فَيَجْلِسُونَ مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ ، ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ الْمَوْتِ ، حَتَّى يَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ ، فَيَقُولُ : أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْخَبِيثَةُ ، اخْرُجِي إِلَى سَخَطٍ مِنَ اللهِ وَغَضَبٍ , قَالَ : فَتُفَرَّقُ فِي جَسَدِهِ ، فَيَنْتَزِعُهَا كَمَا يُنْتَزَعُ السَّفُّودُ مِنَ الصُّوفِ الْمَبْلُولِ ، فَيَأْخُذُهَا ، فَإِذَا أَخَذَهَا لَمْ يَدَعُوهَا فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ حَتَّى يَجْعَلُوهَا فِي تِلْكَ الْمُسُوحِ ، وَيَخْرُجُ مِنْهَا كَأَنْتَنِ رِيحِ جِيفَةٍ وُجِدَتْ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ ، فَيَصْعَدُونَ بِهَا ، فَلاَ يَمُرُّونَ بِهَا عَلَى مَلأٍ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ ، إِلاَّ قَالُوا : مَا هَذَا الرُّوحُ الْخَبِيثُ ؟ فَيَقُولُونَ : فُلاَنُ بْنُ فُلاَنٍ بِأَقْبَحِ أَسْمَائِهِ الَّتِي كَانَ يُسَمَّى بِهَا فِي الدُّنْيَا ، حَتَّى يُنْتَهَى بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا ، فَيُسْتَفْتَحُ لَهُ ، فَلاَ يُفْتَحُ لَهُ ، ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : {لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : اكْتُبُوا كِتَابَهُ فِي سِجِّينٍ فِي الأَرْضِ السُّفْلَى ، فَتُطْرَحُ رُوحُهُ طَرْحًا . ثُمَّ قَرَأَ : {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ ، فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ ، أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} فَتُعَادُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ ، وَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ ، فَيُجْلِسَانِهِ ، فَيَقُولاَنِ لَهُ : مَنْ رَبُّكَ ؟ فَيَقُولُ : هَاهْ هَاهْ لاَ أَدْرِي ، فَيَقُولاَنِ لَهُ : مَا دِينُكَ ؟ فَيَقُولُ : هَاهْ هَاهْ لاَ أَدْرِي ، فَيَقُولاَنِ لَهُ : مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ ؟ فَيَقُولُ : هَاهْ هَاهْ لاَ أَدْرِي ، فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ أَنْ كَذَبَ ، فَافْرِشُوا لَهُ مِنَ النَّارِ ، وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى النَّارِ ، فَيَأْتِيهِ مِنْ حَرِّهَا ، وَسَمُومِهَا ، وَيُضَيَّقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ حَتَّى تَخْتَلِفَ فِيهِ أَضْلاَعُهُ ، وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ قَبِيحُ الْوَجْهِ ، قَبِيحُ الثِّيَابِ ، مُنْتِنُ الرِّيحِ ، فَيَقُولُ : أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُوءُكَ ، هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ ، فَيَقُولُ : مَنْ أَنْتَ ؟ فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يَجِيءُ بِالشَّرِّ ، فَيَقُولُ : أَنَا عَمَلُكَ الْخَبِيثُ ، فَيَقُولُ : رَبِّ لاَ تُقِمِ السَّاعَةَ. (4/287).

(8769) 8754- حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّهُ قَالَ : إِنَّ الْمَيِّتَ تَحْضُرُهُ الْمَلاَئِكَةُ ، فَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ الصَّالِحُ ، قَالُوا : اخْرُجِي أَيَّتُهَا النَّفْسُ الطَّيِّبَةُ ، كَانَتْ فِي الْجَسَدِ الطَّيِّبِ ، اخْرُجِي حَمِيدَةً ، وَأَبْشِرِي بِرَوْحٍ ، وَرَيْحَانٍ ، وَرَبٍّ غَيْرِ غَضْبَانَ ، قَالَ : فَلاَ يَزَالُ يُقَالُ ذَلِكَ حَتَّى تَخْرُجَ ، ثُمَّ يُعْرَجَ بِهَا إِلَى السَّمَاءِ ، فَيُسْتَفْتَحُ لَهَا ، فَيُقَالُ : مَنْ هَذَا ؟ فَيُقَالُ : فُلاَنٌ ، فَيَقُولُونَ : مَرْحَبًا بِالنَّفْسِ الطَّيِّبَةِ ، كَانَتْ فِي الْجَسَدِ الطَّيِّبِ ، ادْخُلِي حَمِيدَةً ، وَأَبْشِرِي بِرَوْحٍ ، وَرَيْحَانٍ ، وَرَبٍّ غَيْرِ غَضْبَانَ قَالَ : فَلاَ يَزَالُ يُقَالُ لَهَا حَتَّى يُنْتَهَى بِهَا إِلَى السَّمَاءِ الَّتِي فِيهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، (2/364) وَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ السَّوْءُ ، قَالُوا : اخْرُجِي أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْخَبِيثَةُ ، كَانَتْ فِي الْجَسَدِ الْخَبِيثِ ، اخْرُجِي ذَمِيمَةً ، وأَبْشِرِي بِحَمِيمٍ وَغَسَّاقٍ ، وَآخَرَ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٍ ، فَلاَ تَزَالُ تَخْرُجُ ، ثُمَّ يُعْرَجَ بِهَا إِلَى السَّمَاءِ ، فَيُسْتَفْتَحُ لَهَا ، فَيُقَالُ : مَنْ هَذَا ؟ فَيُقَالُ : فُلاَنٌ ، فَيُقَالُ : لاَ مَرْحَبًا بِالنَّفْسِ الْخَبِيثَةِ ، كَانَتْ فِي الْجَسَدِ الْخَبِيثِ ، ارْجِعِي ذَمِيمَةً ، فَإِنَّهُ لاَ يُفْتَحُ لَكِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ ، فَتُرْسَلُ مِنَ السَّمَاءِ ، ثُمَّ تَصِيرُ إِلَى الْقَبْرِ ، فَيُجْلَسُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ ، فَيُقَالُ لَهُ : مِثْلُ مَا قِيلَ لَهُ فِي الْحَدِيثِ الأَوَّلِ ، وَيُجْلَسُ الرَّجُلُ السَّوْءُ ، فَيُقَالُ لَهُ مِثْلُ مَا قِيلَ لَهُ فِي الْحَدِيثِ الأَوَّلِ. (2/364).

(25089) 25602- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ ، عَنْ ذَكْوَانَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : جَاءَتْ يَهُودِيَّةٌ ، فَاسْتَطْعَمَتْ عَلَى بَابِي ، فَقَالَتْ : أَطْعِمُونِي ، أَعَاذَكُمُ اللَّهُ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ ، وَمِنْ فِتْنَةِ عَذَابِ الْقَبْرِ . قَالَتْ : فَلَمْ أَزَلْ أَحْبِسُهَا حَتَّى جَاءَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، مَا تَقُولُ هَذِهِ الْيَهُودِيَّةُ ؟ قَالَ : وَمَا تَقُولُ ؟ قُلْتُ : تَقُولُ : أَعَاذَكُمُ اللَّهُ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ ، وَمِنْ فِتْنَةِ عَذَابِ الْقَبْرِ قَالَتْ عَائِشَةُ : فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَرَفَعَ يَدَيْهِ مَدًّا يَسْتَعِيذُ بِاللَّهِ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ ، وَمِنْ فِتْنَةِ عَذَابِ الْقَبْرِ ، ثُمَّ قَالَ : أَمَّا فِتْنَةُ الدَّجَّالِ : فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ إِلاَّ قَدْ حَذَّرَ أُمَّتَهُ ، وَسَأُحَذِّرُكُمُوهُ تَحْذِيرًا لَمْ يُحَذِّرْهُ نَبِيٌّ أُمَّتَهُ ، إِنَّهُ أَعْوَرُ ، وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَيْسَ بِأَعْوَرَ ، مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ ، يَقْرَؤُهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ ، فَأَمَّا فِتْنَةُ الْقَبْرِ : فَبِي تُفْتَنُونَ ، وَعَنِّي تُسْأَلُونَ ، فَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ الصَّالِحُ ، أُجْلِسَ فِي قَبْرِهِ غَيْرَ فَزِعٍ ، وَلاَ مَشْعُوفٍ ، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ : فِيمَ كُنْتَ ؟ فَيَقُولُ : فِي الإِِسْلاَمِ ؟ فَيُقَالُ : مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي كَانَ فِيكُمْ ؟ فَيَقُولُ : مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ عِنْدِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ، فَصَدَّقْنَاهُ ، فَيُفْرَجُ لَهُ فُرْجَةٌ قِبَلَ النَّارِ ، فَيَنْظُرُ إِلَيْهَا يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا ، فَيُقَالُ لَهُ : انْظُرْ إِلَى مَا وَقَاكَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، ثُمَّ يُفْرَجُ لَهُ فُرْجَةٌ إِلَى الْجَنَّةِ ، فَيَنْظُرُ إِلَى زَهْرَتِهَا وَمَا فِيهَا ، فَيُقَالُ لَهُ : هَذَا مَقْعَدُكَ مِنْهَا ، وَيُقَالُ : عَلَى الْيَقِينِ كُنْتَ ، وَعَلَيْهِ مِتَّ ، وَعَلَيْهِ تُبْعَثُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، وَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ السَّوْءُ ، أُجْلِسَ فِي قَبْرِهِ فَزِعًا مَشْعُوفًا ، فَيُقَالُ لَهُ : فِيمَ كُنْتَ ؟ فَيَقُولُ : لاَ أَدْرِي ، فَيُقَالُ : مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي كَانَ فِيكُمْ ؟ فَيَقُولُ : سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ قَوْلاً ، فَقُلْتُ كَمَا قَالُوا ، فَتُفْرَجُ لَهُ فُرْجَةٌ قِبَلَ الْجَنَّةِ ، فَيَنْظُرُ إِلَى زَهْرَتِهَا وَمَا فِيهَا ، فَيُقَالُ لَهُ : انْظُرْ إِلَى مَا صَرَفَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْكَ ، ثُمَّ يُفْرَجُ لَهُ فُرْجَةٌ قِبَلَ النَّارِ ، فَيَنْظُرُ إِلَيْهَا يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا ، وَيُقَالُ لَهُ : هَذَا مَقْعَدُكَ مِنْهَا ، كُنْتَ عَلَى الشَّكِّ ، وَعَلَيْهِ مِتَّ ، وَعَلَيْهِ تُبْعَثُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، ثُمَّ يُعَذَّبُ. (6/139)

(25090) 25603- قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو : فَحَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ يَسَارٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : إِنَّ الْمَيِّتَ تَحْضُرُهُ الْمَلاَئِكَةُ ، فَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ الصَّالِحُ ، قَالُوا : اخْرُجِي أَيَّتُهَا النَّفْسُ الطَّيِّبَةُ ، كَانَتْ فِي الْجَسَدِ الطَّيِّبِ ، وَاخْرُجِي حَمِيدَةً ، وَأَبْشِرِي بِرَوْحٍ وَرَيْحَانٍ ، وَرَبٍّ غَيْرِ غَضْبَانَ . فَلاَ يَزَالُ يُقَالُ لَهَا ذَلِكَ حَتَّى تَخْرُجَ ، ثُمَّ يُعْرَجُ بِهَا إِلَى السَّمَاءِ ، فَيُسْتَفْتَحُ لَهُ ، فَيُقَالُ : مَنْ هَذَا ؟ فَيُقَالُ : فُلاَنٌ ، فَيُقَالُ : مَرْحَبًا بِالنَّفْسِ الطَّيِّبَةِ كَانَتْ فِي الْجَسَدِ الطَّيِّبِ ، ادْخُلِي حَمِيدَةً ، وَأَبْشِرِي بِرَوْحٍ وَرَيْحَانٍ وَرَبٍّ غَيْرِ غَضْبَانَ ، فَلاَ يَزَالُ يُقَالُ لَهَا ذَلِكَ حَتَّى يُنْتَهَى بِهَا إِلَى السَّمَاءِ الَّتِي فِيهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، فَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ السَّوْءُ ، قَالُوا : اخْرُجِي أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْخَبِيثَةُ ، كَانَتْ فِي الْجَسَدِ الْخَبِيثِ ، اخْرُجِي مِنْهُ ذَمِيمَةً ، وَأَبْشِرِي بِحَمِيمٍ وَغَسَّاقٍ ، {وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ} . فَمَا يَزَالُ يُقَالُ لَهَا ذَلِكَ حَتَّى تَخْرُجَ ثُمَّ يُعْرَجُ بِهَا إِلَى السَّمَاءِ فَيُسْتَفْتَحُ لَهَا ، فَيُقَالُ : مَنْ هَذَا ؟ فَيُقَالُ : فُلاَنٌ ، فَيُقَالُ : لاَ مَرْحَبًا بِالنَّفْسِ الْخَبِيثَةِ ، كَانَتْ فِي الْجَسَدِ الْخَبِيثِ ، ارْجِعِي ذَمِيمَةً ، فَإِنَّهُ لاَ يُفْتَحُ لَكِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ . فَتُرْسَلُ مِنَ السَّمَاءِ ، ثُمَّ تَصِيرُ إِلَى الْقَبْرِ.
فَيُجْلَسُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ ، فَيُقَالُ لَهُ ... ، وَيَرُدُّ مِثْلَ مَا فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ ، سَوَاءً ، وَيَجْلِسُ الرَّجُلُ السُّوءُ ، فَيُقَالُ لَهُ ... ، وَيَرُدُّ مِثْلَ مَا فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ ، سَوَاءً. (6/140)

وروى مسلم:

[ 2872 ] حدثني عبيد الله بن عمر القواريري حدثنا حماد بن زيد حدثنا بديل عن عبد الله بن شقيق عن أبي هريرة قال إذا خرجت روح المؤمن تلقاها ملكان يصعدانها قال حماد فذكر من طيب ريحها وذكر المسك قال ويقول أهل السماء روح طيبة جاءت من قبل الأرض صلى الله عليك وعلى جسد كنت تعمرينه فينطلق به إلى ربه عز وجل ثم يقول انطلقوا به إلى آخر الأجل قال وإن الكافر إذا خرجت روحه قال حماد وذكر من نتنها وذكر لعنا ويقول أهل السماء روح خبيثة جاءت من قبل الأرض قال فيقال انطلقوا به إلى آخر الأجل قال أبو هريرة فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم ريطة كانت عليه على أنفه هكذا

وروى ابن أبي شيبة:

12187- حدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ ، عَنْ زَائِدَةَ ، عَنْ عَاصِمٍ ، عَنْ شَقِيقٍ ، عَنْ أَبِي مُوسَى ، قَالَ تَخْرُجُ نَفْسُ الْمُؤْمِنِ وَهِيَ أَطْيَبُ رِيحًا مِنَ الْمِسْكِ ، قَالَ فَتَصْعَدُ بِهَا الْمَلاَئِكَةُ الَّذِينَ يَتَوَفَّوْنَهَا فَتَلْقَاهُمْ مَلاَئِكَةٌ دُونَ الْمَاءِ فَيَقُولُونَ مَنْ هَذَا مَعَكُمْ فَيَقُولُونَ فُلاَنُ بْنُ فُلاَنٍ وَيَذْكُرُونَهُ بِأَحْسَنِ عَمَلِهِ فَيَقُولُونَ حَيَّاكُمُ اللَّهُ وَحَيَّا مَنْ مَعَكُمْ ، قَالَ فَتُفْتَحُ لَهُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ ، قَالَ فَيُشْرِقُ وَجْهُهُ ، قَالَ فَيَأْتِي الرَّبَّ وَلِوَجْهِهِ بُرْهَانٌ مِثْلُ الشَّمْسِ ، قَالَ وَأَمَّا الآخِرُ فَتَخْرُجُ نَفْسُهُ وَهِيَ أَنْتَنُ مِنَ الْجِيفَةِ فَيَصْعَدُ بِهَا الَّذِينَ يَتَوَفَّوْنَهَا ، قَالَ فَتَلْقَاهُمَ مَلاَئِكَةُ دُونَ السَّمَاءِ فَيَقُولُونَ مَنْ هَذَا مَعَكُمْ فَيَقُولُونَ هَذَا فُلاَنٌ وَيَذْكُرُونَهُ بِأَسْوَإِ عَمَلِهِ ، قَالَ فَيَقُولُونَ رُدُّوهُ فَمَا ظْلَمَهُ اللَّهُ شَيْئًا وَقَرَأَ أَبُو مُوسَى ، {وَلاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلَ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ}. (3/383).

35963- حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ ، عَنْ زَائِدَةَ ، عَنْ عَاصِمٍ ، عَنْ شَقِيقٍ ، عَنْ أَبِي مُوسَى ، قَالَ : تَخْرُجُ نَفْسُ الْمُؤْمِنِ وَهِيَ أَطْيَبُ رِيحًا مِنَ الْمِسْكِ ، قَالَ : فَيَصْعَدُ بِهَا الْمَلاَئِكَةُ الَّذِينَ يَتَوَفَّوْنَهَا فَتَلَقَّاهُمْ مَلاَئِكَةٌ دُونَ السَّمَاءِ فَيَقُولُونَ : مَنْ هَذَا مَعَكُمْ ؟ فَيَقُولُونَ : فُلاَنٌ وَيَذْكُرُونَهُ بِأَحْسَنِ عَمَلِهِ ، فَيَقُولُونَ : حَيَّاكُمُ اللَّهُ وَحَيَّا مَنْ مَعَكُمْ ، قَالَ : فَتُفْتَحُ لَهُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ ، قَالَ : فَيُشْرِقُ وَجْهُهُ فَيَأْتِي الرَّبَّ وَلِوَجْهِهِ بُرْهَانٌ مِثْلُ الشَّمْسِ ، قَالَ : وَأَمَّا الآخَرُ فَتَخْرُجُ نَفْسُهُ وَهِيَ أَنْتَنُ مِنَ الْجِيفَةِ ، فَيَصْعَدُ بِهَا الْمَلاَئِكَةُ الَّذِينَ يَتَوَفَّوْنَهَا فَتَلَقَّاهُمْ مَلاَئِكَةٌ دُونَ السَّمَاءِ فَيَقُولُونَ : مَنْ هَذَا ؟ فَيَقُولُونَ : فُلاَنٌ , وَيَذْكُرُونَهُ بِأَسْوَءِ عَمَلِهِ ، قَالَ : فَيَقُولُونَ : رُدُّوهُ فَمَا ظَلَمَهُ اللَّهُ شَيْئًا ، قَالَ : وَقَرَأَ أَبُو مُوسَى : {وَلاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ}. (13/384)

وعند الشيعة الاثناعشرية:

الكافي: علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن الهيثم بن واقد ، عن رجل ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : دخل رسول الله صلى الله عليه واله على رجل من أصحابه وهو يجود بنفسه فقال : ياملك الموت ارفق بصاحبي فإنه مؤمن ، فقال : أبشر يا محمد فإني بكل مؤمن رفيق ، واعلم يا محمد إني أقبض روح ابن آدم فيجزع أهله فأقوم في ناحية من دارهم فأقول : ما هذا الجزع فوالله ما تعجلناه قبل أجله ، وماكان لنا في قبضه من ذنب ، فإن تحتسبوه وتصبروا تؤجروا ، وإن تجزعوا تأثموا وتوزروا ، واعلموا أن لنا فيكم عودة ثم عودة ، فالحذر الحذر ! إنه ليس في شرقها ولا في غربها أهل بيت مدر ولا وبر إلا وأنا أتصفحهم في كل يوم خمس مرات ، ولانا أعلم بصغيرهم و كبيرهم منهم بأنفسهم ، ولو أردت قبض روح بعوضة ما قدرت عليها حتى يأمرني ربي بها .
فقال رسول الله صلى الله عليه واله : إنما يتصفحهم في مواقيت الصلاة ، فإن كان ممن يواظب عليها عند مواقيتها لقنه شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، ونحى عنه ملك الموت إبليس .

دعوات الراوندي : روي بأن المحتضر يحضره صف من الملائكة عن يمينه عليهم ثياب خضر ، وصف عن يساره عليهم ثياب سود ، ينتظر كل واحد من الفريقين في قبض روحه ، والمريض ينظر إلى هؤلاء مرة وإلى هؤلاء اخرى ، ويبعث الله ملكا إلى المؤمن يبشره ، ويأمر ملك الموت أن يتراءى له في أحسن صورة ، فإذا أخذ في قبض روحه وارتقى إلى ركبتيه شفع إلى جبرئيل وقد أمره الله أن ينزل إلى عبده أن يرخص له في توديع أهله وولده ، فيقول له : أنت مخير بين أن أمسح عليك جناحي ، أو تنظر إلى ميكائيل ، فيقول : أين ميكائيل ؟ فإذا به وقد نزل في جوق من الملائكة فينظر إليه ويسلم عليه ، فإذا بلغت الروح إلى بطنه وسرته شفع إلى ميكائيل أن يمهله فيقول له : أنت مخير بين أن أمسح عليك جناحي ، أو تنطر إلى الجنة ، فيختار النظر إلى الجنة فيتضاحك ، ويأمر الله ملك الموت أن يرفق به ، فإذا فارقته روحه تبعاه الملكان اللذان كانا موكلين به يبكيان ويترحمان عليه ، ويقولان : رحم الله هذا العبد كم أسمعنا الخير ، وكم أشهدنا على الصالحات ، وقالا : يا ربنا إنا كنا موكلين به وقد نقلته إلى جوارك فما تأمرنا ؟ فيقول تعالى : تلزمان قبره وتترحمان عليه وتستغفران له إلى يوم القيامة ، فإذا كان يوم القيامة أتياه بمركب فأركباه ومشيا بين يديه إلى الجنة وخدماه في الجنة .
الأمالي للصدوق : بإسناده عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله : من صام من رجب أربعة وعشرين يوما فإذا نزل به ملك الموت تراءى له في صورة شاب ، عليه حلة من ديباج أخضر ، على فرس من أفراس الجنان ، وبيده حرير أخضر ممسك بالمسك الاذفر ، وبيده قدح من ذهب مملوء من شراب الجنان ، فسقاه إياه عند خروج نفسه يهون عليه سكرات الموت ، ثم يأخذ روحه في تلك الحرير فيفوح منها رائحة يستنشقها أهل سبع سماوات فيظل في قبره ريان حتى يرد حوض النبي صلى الله عليه واله .

أمالي الشيخ المفيد: المفيد ، عن ابن قولويه ، عن أبيه ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن حنان بن سدير ، عن أبيه ، قال : كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فذكر عنده المؤمن وما يجب من حقه ، فالتفت إلي أبوعبد الله عليه السلام فقال لي : يا أبا الفضل ألا أحدثك بحال المؤمن عند الله ؟ فقلت : بلى فحدثني جعلت فداك ، فقال : إذا قبض الله روح المؤمن صعد ملكاه إلى السماء فقالا : يارب عبدك ونعم العبد ، كان سريعا إلى طاعتك ، بطيئا عن معصيتك ، وقد قبضته إليك ، فما تأمرنا من بعده ؟ فيقول الجليل الجبار : اهبطا إلى الدنيا وكونا عند قبر عبدي ومجداني وسبحاني وهللاني وكبراني واكتبا ذلك لعبدي حتى أبعثه من قبره .

أمالي الشيخ المفيد: الغضائري ، عن علي بن محمد العلوي ، عن الحسن بن علي بن صالح الصوفي ، عن أحمد بن الحسن الحسيني ، عن الحسن بن علي ، عن أبيه ، عن محمد بن علي بن موسى ، عن أبيه ، عن جده عليهم السلام قال : قيل للصادق جعفر بن محمد عليه السلام : صف لنا الموت ، قال : للمؤمن كأطيب طيب يشمه فينعس لطيبه وينقطع التعب والالم عنه ، والكافر كلسع الافاعي ولدغ العقارب وأشد .

الكافي : علي ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال ، إن أمير المؤمنين صلوات الله عليه اشتكى عينه فعاده النبي صلى الله عليه واله فإذا هو يصيح ، فقال له النبي أجزعا أم وجعا ؟ فقال : يا رسول الله ما وجعت وجعا قط أشد منه ! فقال : يا علي إن ملك الموت إذا نزل لقبض روح الكافر نزل معه سفود من نار فنزع روحه به فتصيح جهنم ، فاستوى علي عليه السلام جالسا فقال : يارسول الله أعد علي حديثك فقد أنساني وجعي ما قلت ، ثم قال : هل يصيب ذلك أحدا من امتك ؟ قال : نعم حاكم جائر ، وآكل مال اليتيم ظلما ، وشاهد زور .
أمالي الشيخ المفيد: المفيد ، عن عمرو بن محمد الصيرفي ، عن محمد بن همام ، عن الفزاري ، عن سعيد بن عمر ، عن الحسن بن ضوء ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قال علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام : قال الله عز وجل : ما من شئ أتردد عنه ترددي عن قبض روح المؤمن، يكره الموت وأنا أكره مساءته ، فإذا حضره أجله الذي لا يؤخر فيه بعثت إليه بريحانتين من الجنة ، تسمى إحداهما المسخية ، والاخرى المنسية ، فأما المسخية فتسخيه عن ماله، وأما المنسية فتنسيه أمر الدنيا .

عيون أخبار الرضا : المفسر ، عن أحمد بن الحسن الحسيني ، عن أبي محمد العسكري ، عن آبائه عليهم السلام قال : قيل للصادق عليه السلام : صف لنا الموت ، قال عليه السلام : للمؤمن كأطيب ريح يشمه فينعس لطيبه وينقطع التعب والالم كله عنه، وللكافر كلسع الافاعي ولدغ العقارب أو أشد .
قيل : فإن قوما يقولون : إنه أشد من نشر بالمناشير! وقرض بالمقاريض ! ورضخ بالاحجار! وتدوير قطب الارحية على الاحداق ، قال : كذلك هو على بعض الكافرين والفاجرين ، ألا ترون منهم من يعاين تلك الشدائد ؟ فذلكم الذي هو أشد من هذا لا من عذاب الآخرة فإنه أشد من عذاب الدنيا ، قيل : فما بالنا نرى كافرا يسهل عليه النزع فينطفئ وهو يحدث ويضحك ويتكلم ، وفي المؤمنين أيضا من يكون كذلك ، وفي المؤمنين والكافرين من يقاسي عند سكرات الموت هذه الشدائد ؟ فقال ما كان من راحة للمؤمن هناك فهو عاجل ثوابه ، وما كان من شديدة فتمحيصه من ذنوبه ليرد الآخرة نقيا ، نظيفا ، مستحقا لثواب الابد ، لا مانع له دونه ، وما كان من سهولة هناك على الكافر فليوفى أجر حسناته في الدنيا ليرد الآخرة وليس له إلا ما يوجب عليه العذاب ، وما كان من شدة على الكافر هناك فهو ابتداء عذاب الله له بعد نفاد حسناته، ذلكم بأن الله عدل لا يجور .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 1 ) في المصدر : اتردد فيه مثل ترددى عند قبض روح المؤمن .
( 2 ) في المصدر : لا تاخير فيه .
( 3 ) كأنه من سخوت نفسى عن الشئ اى تركته ولم تنازعنى إليه نفسى .
( 4 ) أى تأخذه فترة في حواسه فقارب النوم .
( 5) جمع المنشار وهى آلة ذات أسنان ينشر بها الخشب ونحوه .

علل الشرائع ، معاني الأخبار: المفسر ، عن أحمد بن الحسن الحسيني ، عن الحسن بن علي الناصري ، عن أبيه ، عن أبي جعفر الثاني ، عن أبيه ، عن جده ، عن الصادق عليهم السلام مثله .

تفسير الإمام: إن المؤمن الموالي لمحمد وآله الطيبين ، والمتخذ لعلي بعد محمد إمامه الذي يحتذي مثاله ، وسيده الذي يصدق أقواله ويصوب أفعاله ويطعيه بطاعته من يندبه من أطائب ذريته لامور الدين وسياسته ، إذا حضره من أمر الله تعالى ما لا يرد ونزل به من قضائه ما لا يصد ، وحضره ملك الموت وأعوانه وجد عند رأسه محمدا رسول الله ، ومن جانب آخر عليا سيد الوصيين ، وعند رجليه من جانب الحسن سبط سيد النبيين ، ومن جانب آخر الحسين سيد الشهداء أجمعين ، وحواليه بعدهم خيار خواصهم ومحبيهم ، الذين هم سادة هذه الامة بعد ساداتهم من آل محمد ، ينظر العليل المؤمن إليهم فيخاطبهم - بحيث يحجب الله صوته عن آذان حاضريه كما يحجب رؤيتنا أهل البيت ورؤية خواصنا عن أعينهم ليكون إيمانهم بذلك أعظم ثوابا لشدة المحنة عليهم.
فيقول المؤمن : بأبي أنت وامي يا رسول رب العزة ، بأبي أنت وامي ياوصي رسول رب الرحمة ، بأبي أنتما وامي يا شبلي محمد وضرغاميه ، يا ولديه ، وسبطيه ، يا سيدى شباب أهل الجنة المقربين من الرحمة والرضوان، مرحبا بكم معاشر خيار أصحاب محمد وعلي وولديهما ، ما كان أعظم شوقي إليكم ! وما أشد سروري الآن بلقائكم ! يا رسول الله هذا ملك الموت قد حضرني ولا أشك في جلالتي في صدره لمكانك ومكان أخيك .
فيقول رسول الله صلى الله عليه واله : كذلك هو ، فأقبل رسول الله صلى الله عليه واله على ملك الموت فيقول ياملك الموت استوص بوصية الله في الاحسان إلى مولانا وخادمنا ومحبنا ومؤثرنا ، فيقول له ملك الموت : يارسول الله مره أن ينظر إلى ما أعد الله له في الجنان فيقول له رسول الله صلى الله عليه واله : انظر ، فينظر إلى العلو وينظر إلى ما لا يحيط به الالباب، ولا يأتى عليه العدد والحساب .
فيقول ملك الموت : كيف لا أرفق بمن ذلك ثوابه ، وهذا محمد وأعزته زواره ؟ يارسول الله لولا أن الله جعل الموت عقبة ( 2 ) لا يصل إلى تلك الجنان إلا من قطعها لما تناولت روحه ، ولكن لخادمك ومحبك هذا اسوة ( 3 ) بك وبسائر أنبياء الله ورسله و أوليائه الذين اذيقوا الموت لحكم الله تعالى .
ثم يقول محمد : يا ملك الموت هاك أخانا قد سلمناه إليك فاستوص به خيرا ، ثم يرتفع هو ومن معه إلى روض الجنان وقد كشف من الغطاء والحجاب لعين ذلك المؤمن العليل فيراهم المؤمن هناك بعد ما كانوا حول فراشه فيقول : يا ملك الموت الوحى الوحى ، ( 4 ) تناول روحي ولا تلبثني ههنا ، فلا صبر لي عن محمد وأعزته ، وألحقني بهم ، فعند ذلك يتناول ملك الموت روحه فيسلها كما يسل الشعرة من الدقيق ، وإن كنتم ترون أنه في شدة فليس هو في شدة بل هو في رخاء ولذة ، فإذا ادخل قبره وجد جماعتنا هناك .
وإذا جاءه منكر ونكير قال أحدهما للآخر : هذا محمد وعلي والحسن والحسين وخيار صحابتهم بحضرة صاحبنا فلنتضع لهما فيأتيان فيسلمان على محمد سلاما مفردا ، ثم يسلمان على علي سلاما مفردا ، ثم يسلمان على الحسنين سلاما يجمعانهما فيه ، ثم يسلمان على سائر من معنا من أصحابنا ، ثم يقولون : قد علمنا يا رسول الله زيارتك في خاصتك لخادمك ومولاك ، ولولا أن الله يريد إظهار فضله لمن بهذه الحضرة من الملائكه ومن يسمعنا من ملائكته بعدهم لما سألناه ، ولكن أمر الله لابد من امتثاله ، ثم يسألانه فيقولان : من ربك ؟ وما دينك ؟ ومن نبيك ؟ ومن إمامك ؟ وما قبلتك ؟ ومن شيعتك ؟ ومن إخوانك ؟ فيقول : الله ربى ، ومحمد نبيي ، وعلي وصي محمد إمامي ، والكعبة قبلتي ، و المؤمنون الموالون لمحمد وعلي وآلهما وأوليائهما المعادون لاعدائهما إخواني ، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، وأن أخاه عليا ولي الله ، وأن من نصبهم للامامة من أطائب عترته وخيار ذريته خلفاء الامة وولاة الحق والقوامون بالصدق ، فيقولان : على هذا حييت ، وعلى هذا مت ، وعلى هذا تبعث إن شاء الله تعالى ، وتكون مع من تتولاه في دار كرامة الله ومستقر رحمته .
قال رسول الله صلى الله وعليه واله : وإن كان لاوليائنا معاديا ولاعدائنا مواليا ولاضدادنا بألقابنا ملقبا فإذا جاءه ملك الموت لنزع روحه مثل الله عز وجل لذلك الفاجر سادته الذين اتخذهم أربابا من دون الله ، عليهم من أنواع العذاب ما يكاد نظره إليهم يهلكه ولا يزال يصل إليه من حر عذابهم ما لا طاقة له به ، فيقول له ملك الموت : ياأيها الفاجر الكافر تركت أولياء الله إلى أعدائه ، فاليوم لا يغنون عنك شيئا ، ولا تجد إلى مناص ( 5 ) سبيلا ، فيرد عليه من العذاب ما لو قسم أدناه على أهل الدنيا لاهلكهم ، ثم إذا دلي في قبره رأى بابا من الجنة مفتوحا إلى قبره يرى منه خيراتها ، فيقول له منكر ونكير : انظر إلى ما حرمت من تلك الخيرات ، ثم يفتح له في قبره باب من النار يدخل عليه منه من عذابها فيقول : رب لا تقم الساعة يارب لا تقم الساعة .
-----------

( 2 ) العقبة : المرقى الصعب من الجبال .
( 3 ) الاسوة بضم الهمزة وكسرها وسكون السين : القدوة .
( 4 ) كلمة تقال في الاستعجال والمعنى : البدار البدار .
( 5 ) المناص : الملجأ والمفر .
بيان : الضرغام بالكسر الاسد .

تفسير علي بن إبراهيم القمي : أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن سنان ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ما يموت موال لنا مبغض لاعدائنا إلا ويحضره رسول الله صلى الله عليه واله وأمير المؤمنين والحسن والحسين صلوات الله عليهم فيرونه ويبشرونه ، وإن كان غير موال لنا يراهم بحيث يسؤوه والدليل على ذلك قول أمير المؤمنين عليه السلام لحارث الهمداني ياحار همدان من يمت يرني * من مؤمن أو منافق قبلا .

المحاسن والأضداد : محمد بن علي ، عن محمد بن أسلم ، عن الخطاب الكوفي ، ومصعب الكوفي ، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال لسدير : والذي بعث محمدا بالنبوة وعجل روحه إلى الجنة ما بين أحدكم وبين أن يغتبط ويرى السرور أو تبين له الندامة والحسرة إلا أن يعاين ما قال الله عز وجل في كتابه : " عن اليمين وعن الشمال قعيد " وأتاه ملك الموت يقبض روحه فينادي روحه فتخرج من جسده ، فأما المؤمن فما يحس بخروجها ، وذلك قول الله سبحانه وتعالى : " يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتى " ثم قال : ذلك لمن كان ورعا مواسيا لاخوانه ، وصولا لهم، وإن كان غير ورع ولا وصول لاخوانه قيل له : ما منعك من الورع والمواساة لاخوانك ؟ أنت ممن انتحل المحبة بلسانه ولم يصدق ذلك بفعل وإذا لقى رسول الله صلى الله عليه واله وأميرالمؤمنين عليه السلام لقاهما معرضين ، مقطبين في وجهه ، غير شافعين له ، قال سدير : من جدع الله أنفه ، قال أبوعبد الله عليه السلام : فهو ذاك .

بيان جدع الانف أي قطعه ، كناية عن المذلة ، أي من أذله الله يكون كذلك ، ويحتمل أن يكون " من " استفهاما ، أي من يكون كذلك ؟ فقوله : جدع الله أنفه جملة دعائية فأجاب عليه السلام بأنه هو الذي ذكرت لك سابقا .

معاني الأخبار: وقال محمد بن علي عليه السلام : قيل لعلي بن الحسين عليه السلام : ما الموت ؟ قال : للمؤمن كنزع ثياب وسخة قملة ، وفك قيود وأغلال ثقيلة ، والاستبدال بأفخر الثياب وأطيبها روائح ، وأوطئ المراكب ، وآنس المنازل ، وللكافر كخلع ثياب فاخرة ، والنقل عن منازل أنيسة ، والاستبدال بأوسخ الثياب وأخشنها ، وأوحش المنازل وأعظم العذاب .

جامع الأخبار: قال رسول الله صلى الله عليه واله : فوالذي نفس محمد بيده لو يرون مكانه و يسمعون كلامه لذهلوا عن ميتهم ولبكوا على نفوسهم ، حتى إذا حمل الميت على نعشه رفرف روحه فوق النعش ، وهو ينادي : يا أهلي ويا ولدي لا تلعبن بكم الدنيا كما لعبت بي فجمعت المال من حله وغير حله ، ثم خلفته لغيري فالمهنأ له والتبعة علي ، فاحذروا مثل ما حل بي .

وقيل : ما من ميت يموت حتى يتراءى له ملكان الكاتبان عمله فإن كان مطيعا قالا له : جزاك الله عنا خيرا ، فرب مجلس صدق أجلستنا ، وعمل صالح قد أحضرتنا ، وإن كان فاجرا قالا : لا جزاك الله عنا خيرا فرب مجلس سوء قد أجلستنا ، وعمل غير صالح قد أحضرتنا ، وكلام قبيح قد أسمعتنا .

وقال النبي صلى الله عليه واله : إذا رضي الله عن عبد قال : يا ملك الموت اذهب إلى فلان فأتني بروحه ، حسبي من عمله ، قد بلوته فوجدته حيث أحب ، فينزل ملك الموت و معه خمسمائة من الملائكة معهم قضبان الرياحين وأصول الزعفران ، كل واحد منهم يبشره ببشارة سوى بشارة صاحبه ، ويقوم الملائكة صفين لخروج روحه ، معهم الريحان فإذا نظر إليهم إبليس وضع يده على رأسه ثم صرخ ، فيقول له جنوده : مالك يا سيدنا ؟ فيقول : أما ترون ما أعطي هذا العبد من الكرامة ؟ أين كنتم عن هذا ؟ قالوا : جهدنا به فلم يطعنا .
كنز جامع الفوائد، وتأويل الآيات الظاهرة: أبو طاهر المقلد بن غالب ، عن رجاله بإسناده المتصل إلى علي بن أبي طالب عليه السلام : وهوساجد يبكي علا نحيبه وارتفع صوته بالبكاء ، فقلنا : يا أمير المؤمنين لقد أمرضنا بكاؤك وأمضنا وشجانا ، وما رأيناك قد فعلت مثل هذا الفعل قط ، فقال : كنت ساجدا أدعوا ربي بدعاء الخيرات في سجدتي فغلبني عيني فرأيت رؤيا هالتني وأقلقتني ، رأيت رسول الله صلى الله عليه واله قائما وهو يقول : يا أبا الحسن طالت غيبتك فقد اشتقت إلى رؤياك ، وقد أنجز لي ربي ما وعدني فيك .
فقلت يا رسول الله وما الذي أنجز لك في ؟ قال : أنجز لي فيك وفي زوجتك وابنيك وذريتك في الدرجات العلى في عليين ، قلت : بأبي أنت وأمي يا رسول الله فشيعتنا ؟ قال : شيعتنا معنا ، وقصورهم بحذاء قصورنا ، ومنازلهم مقابل منازلنا ، قلت : يا رسول الله فما لشيعتنا في الدنيا ؟ قال : الامن والعافية ، قلت : فما لهم عند الموت ؟ قال : يحكم الرجل في نفسه ويؤمر ملك الموت بطاعته ، قلت : فما لذلك حد يعرف ؟ قال : بلى ، إن أشد شيعتنا لنا حبا يكون خروج نفسه كشرب أحدكم في يوم الصيف الماء البارد الذي ينتقع به القلوب وإن سائرهم ليموت كما يغبط أحدكم على فراشه كأقر ما كانت عينه بموته .

تفسير فرات ابن إبراهيم: أبو القاسم العلوي معنعنا عن أبي بصير قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام جعلت فداك يستكره المؤمن على خروج نفسه ؟ قال : فقال : لا والله ، قال : قلت : وكيف ذاك ، قال : إن المؤمن إذا حضرته الوفاة حضر رسول الله صلى الله عليه واله وأهل بيته : أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين وجميع الأئمة عليهم الصلاة والسلام ، - ولكن أكنوا عن اسم فاطمة - ويحضره جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل ملَك الموت عليهم السلام ، قال : فيقول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام : يارسول الله إنه كان ممن يحبينا ويتولانا فأحبه ، قال فيقول رسول الله صلى الله عليه واله : يا جبرئيل إنه ممن كان يحب عليا وذريته فأحبه ، وقال جبرئيل لميكائيل وإسرافيل عليهم السلام مثل ذلك ، ثم يقولون جميعا لملك الموت : إنه ممن كان يحب محمدا وآله ويتولى عليا وذريته فارفق به قال فيقول ملك الموت : والذي اختاركم وكرمكم واصطفى محمدا صلى الله عليه واله بالنبوة ، وخصه بالرسالة لانا أرفق به من والد رفيق ، وأشفق عليه من أخ شفيق ، ثم قام إليه ملك الموت فيقول : يا عبد الله أخذت فكاك رقبتك ؟ أخذت رهان أمانك ؟ فيقول : نعم ، فيقول الملك : فبماذا ؟ فيقول : بحبي محمدا وآله ، وبولايتي علي بن أبي طالب وذريته ، فيقول : أما ما كنت تحذر فقد آمنك الله منه ، وأما ما كنت ترحو فقد أتاك الله به ، افتح عينيك فانظر إلى ما عندك ، قال : فيفتح عينيه فينظر إليهم واحدا واحدا ، ويفتح له باب إلى الجنة فينظر إليها ، فيقول له : هذا ما أعد الله لك ، وهؤلاء رفقاؤك ، أفتحب اللحاق بهم أو الرجوع إلى الدنيا ؟ قال : فقال أبوعبد الله عليه السلام : أما رأيت شخوصه ( 1 ) ورفع حاجبيه إلى فوق من قوله : لا حاجة لي إلى الدنيا ولا الرجوع إليها ؟ ويناديه مناد من بطنان العرش يسمعه ويسمع من بحضرته : يا أيتها النفس المطمئنة إلى محمد ووصية والائمة من بعده ارجعي إلى ربك راضية بالولاية ، مرضية بالثواب ، فادخلي في عبادي مع محمد وأهل بيته وادخلي جنتى غير مشوبة .

بيان : قوله عليه السلام : ولكن أكنوا عن اسم فاطمة أي لا تصرحوا باسمها عليها السلام لئلا يصير سببا لانكار الضعفاء من الناس .

الكافي: العدة ، عن سهل ، عن محمد بن الفضيل ، عن أ بي حمزة قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : إن آية المؤمن إذا حضره الموت يبيض وجهه أشد من بياض لونه ، ويرشح جبينه ، ويسيل من عينيه كهيئة الدموع فيكون ذلك خروج نفسه ، وإن الكافر تخرج نفسه سيلا من شدقه، كزبد البعير ، أو كما تخرج نفس البعير .

تفسير القمي : في قوله تعالى : " إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا " أي على ولاية أمير المؤمينين عليه السلام " نتنزل عليهم الملائكة " قال : عند الموت " ألا تخافوا ولا تحزنوا و أبشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا " قال : كنا نحرسكم من الشياطين " وفي الآخرة " أي عند الموت " ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون " يعني في الجنة " نزلا من غفور رحيم " .

حشر البشر عراة، أو حشر وتعذيب "العاصين الغير مؤمنين" فقط عراة

روى البخاري:

3349 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ النُّعْمَانِ قَالَ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا ثُمَّ قَرَأَ {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} وَأَوَّلُ مَنْ يُكْسَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِبْرَاهِيمُ وَإِنَّ أُنَاسًا مِنْ أَصْحَابِي يُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ فَأَقُولُ أَصْحَابِي أَصْحَابِي فَيَقُولُ إِنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ فَأَقُولُ كَمَا قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي إِلَى قَوْلِهِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}

6524 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ عَمْرٌو سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّكُمْ مُلَاقُو اللَّهِ حُفَاةً عُرَاةً مُشَاةً غُرْلًا قَالَ سُفْيَانُ هَذَا مِمَّا نَعُدُّ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ سَمِعَهُ مِنْ النَّبِيِّ

6525 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ إِنَّكُمْ مُلَاقُو اللَّهِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا

6527 - حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ أَبِي صَغِيرَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُحْشَرُونَ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا قَالَتْ عَائِشَةُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ فَقَالَ الْأَمْرُ أَشَدُّ مِنْ أَنْ يُهِمَّهُمْ ذَاكِ

1386 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا صَلَّى صَلَاةً أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ فَقَالَ مَنْ رَأَى مِنْكُمْ اللَّيْلَةَ رُؤْيَا قَالَ فَإِنْ رَأَى أَحَدٌ قَصَّهَا فَيَقُولُ مَا شَاءَ اللَّهُ فَسَأَلَنَا يَوْمًا فَقَالَ هَلْ رَأَى أَحَدٌ مِنْكُمْ رُؤْيَا قُلْنَا لَا قَالَ لَكِنِّي رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أَتَيَانِي فَأَخَذَا بِيَدِي فَأَخْرَجَانِي إِلَى الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ فَإِذَا رَجُلٌ جَالِسٌ وَرَجُلٌ قَائِمٌ بِيَدِهِ كَلُّوبٌ مِنْ حَدِيدٍ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ مُوسَى أنَّهُ يُدْخِلُ ذَلِكَ الْكَلُّوبَ فِي شِدْقِهِ حَتَّى يَبْلُغَ قَفَاهُ ثُمَّ يَفْعَلُ بِشِدْقِهِ الْآخَرِ مِثْلَ ذَلِكَ وَيَلْتَئِمُ شِدْقُهُ هَذَا فَيَعُودُ فَيَصْنَعُ مِثْلَهُ قُلْتُ مَا هَذَا قَالَا انْطَلِقْ فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُضْطَجِعٍ عَلَى قَفَاهُ وَرَجُلٌ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِهِ بِفِهْرٍ أَوْ صَخْرَةٍ فَيَشْدَخُ بِهِ رَأْسَهُ فَإِذَا ضَرَبَهُ تَدَهْدَهَ الْحَجَرُ فَانْطَلَقَ إِلَيْهِ لِيَأْخُذَهُ فَلَا يَرْجِعُ إِلَى هَذَا حَتَّى يَلْتَئِمَ رَأْسُهُ وَعَادَ رَأْسُهُ كَمَا هُوَ فَعَادَ إِلَيْهِ فَضَرَبَهُ قُلْتُ مَنْ هَذَا قَالَا انْطَلِقْ فَانْطَلَقْنَا إِلَى ثَقْبٍ مِثْلِ التَّنُّورِ أَعْلَاهُ ضَيِّقٌ وَأَسْفَلُهُ وَاسِعٌ يَتَوَقَّدُ تَحْتَهُ نَارًا فَإِذَا اقْتَرَبَ ارْتَفَعُوا حَتَّى كَادَ أَنْ يَخْرُجُوا فَإِذَا خَمَدَتْ رَجَعُوا فِيهَا وَفِيهَا رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ فَقُلْتُ مَنْ هَذَا قَالَا انْطَلِقْ فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ مِنْ دَمٍ فِيهِ رَجُلٌ قَائِمٌ عَلَى وَسَطِ النَّهَرِ رَجُلٌ بَيْنَ يَدَيْهِ حِجَارَةٌ فَأَقْبَلَ الرَّجُلُ الَّذِي فِي النَّهَرِ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ رَمَى الرَّجُلُ بِحَجَرٍ فِي فِيهِ فَرَدَّهُ حَيْثُ كَانَ فَجَعَلَ كُلَّمَا جَاءَ لِيَخْرُجَ رَمَى فِي فِيهِ بِحَجَرٍ فَيَرْجِعُ كَمَا كَانَ فَقُلْتُ مَا هَذَا قَالَا انْطَلِقْ فَانْطَلَقْنَا حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى رَوْضَةٍ خَضْرَاءَ فِيهَا شَجَرَةٌ عَظِيمَةٌ وَفِي أَصْلِهَا شَيْخٌ وَصِبْيَانٌ وَإِذَا رَجُلٌ قَرِيبٌ مِنْ الشَّجَرَةِ بَيْنَ يَدَيْهِ نَارٌ يُوقِدُهَا فَصَعِدَا بِي فِي الشَّجَرَةِ وَأَدْخَلَانِي دَارًا لَمْ أَرَ قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهَا فِيهَا رِجَالٌ شُيُوخٌ وَشَبَابٌ وَنِسَاءٌ وَصِبْيَانٌ ثُمَّ أَخْرَجَانِي مِنْهَا فَصَعِدَا بِي الشَّجَرَةَ فَأَدْخَلَانِي دَارًا هِيَ أَحْسَنُ وَأَفْضَلُ فِيهَا شُيُوخٌ وَشَبَابٌ قُلْتُ طَوَّفْتُمَانِي اللَّيْلَةَ فَأَخْبِرَانِي عَمَّا رَأَيْتُ قَالَا نَعَمْ أَمَّا الَّذِي رَأَيْتَهُ يُشَقُّ شِدْقُهُ فَكَذَّابٌ يُحَدِّثُ بِالْكَذْبَةِ فَتُحْمَلُ عَنْهُ حَتَّى تَبْلُغَ الْآفَاقَ فَيُصْنَعُ بِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَالَّذِي رَأَيْتَهُ يُشْدَخُ رَأْسُهُ فَرَجُلٌ عَلَّمَهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ فَنَامَ عَنْهُ بِاللَّيْلِ وَلَمْ يَعْمَلْ فِيهِ بِالنَّهَارِ يُفْعَلُ بِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَالَّذِي رَأَيْتَهُ فِي الثَّقْبِ فَهُمْ الزُّنَاةُ وَالَّذِي رَأَيْتَهُ فِي النَّهَرِ آكِلُوا الرِّبَا وَالشَّيْخُ فِي أَصْلِ الشَّجَرَةِ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَام وَالصِّبْيَانُ حَوْلَهُ فَأَوْلَادُ النَّاسِ

وَالَّذِي يُوقِدُ النَّارَ مَالِكٌ خَازِنُ النَّارِ وَالدَّارُ الْأُولَى الَّتِي دَخَلْتَ دَارُ عَامَّةِ الْمُؤْمِنِينَ وَأَمَّا هَذِهِ الدَّارُ فَدَارُ الشُّهَدَاءِ وَأَنَا جِبْرِيلُ وَهَذَا مِيكَائِيلُ فَارْفَعْ رَأْسَكَ فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَإِذَا فَوْقِي مِثْلُ السَّحَابِ قَالَا ذَاكَ مَنْزِلُكَ قُلْتُ دَعَانِي أَدْخُلْ مَنْزِلِي قَالَا إِنَّهُ بَقِيَ لَكَ عُمُرٌ لَمْ تَسْتَكْمِلْهُ فَلَوْ اسْتَكْمَلْتَ أَتَيْتَ مَنْزِلَكَ

ومن كتب الشيعة الاثناعشرية، ما ورد فيه حشر البشر كلهم أو العصاة فقط غير الشيعة من منظورهم عراة:

تفسير العياشي : عن خيثمة الجعفي قال : كنت عند جعفر بن محمد عليهما السلام انار ومفضل ابن عمر ليلا ليس عنده أحد غيرنا ، فقال له مفضل الجعفي : جعلت فداك حدثنا حديثا نسربه ، قال : نعم إذا كان يوم القيامة حشر الله الخلائق في صعيد واحد حفاة عراة غرلا ، قال : فقلت : جعلت فداك ما الغرل؟ قال : كما خلقوا أول مرة ، فيقفون حتى يلجمهم العرق فيقولون : ليت الله يحكم بيننا ولو إلى النار - يرون أن في النار راحة فيما هم فيه - ثم يأتون آدم فيقولون : أنت أبونا وأنت نبي فاسأل ربك يحكم بيننا ولو إلى النار ، فيقول آدم : لست بصاحبكم ، خلقني ربي بيده ، وحملني على عرشه ، وأسجد لي ملائكته ، ثم أمرني فعصيته....إلخ

أمالي الشيخ المفيد: عن المفيد ، عن ابن قولويه ، عن محمد بن الحسين بن محمد بن عامر ، عن المعلى بن محمد ، عن محمد بن جمهور ، عن ابن محبوب ، عن أبي محمد الوابشي ، عن أبي الورد قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : إذا كان يوم القيامة جمع الله الناس في صعيد واحد من الاولين والاخرين ، عراة حفاة ، فيوقفون على طريق المحشر حتى يعرقوا عرقا شديدا وتشتد أنفاسهم ، فيمكثون كذلك ما شاء الله ، وذلك قوله تعالى " فلا تسمع إلا همسا "

كشف الغمة: عن كفاية الطالب ، عن ابن جبير ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إنكم محشورون حفاة عراة غرلا ثم قرأ " كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين " ألا وإن أول من يكسى إبراهيم عليه السلام ألا وإن ناسا من أصحابى يؤخذ بهم ذات الشمال فأقول " أصيحابي أصيحابي ، قال : فيقال : إنهم لم يزالوا مرتد ين على أعقابهم مذ فارقتهم ، فأقول كما قال العبد الصالح عيسى عليه السلام " وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم " إلى قوله : " العزيز الحكيم "، قلت (الكلام للكنجي) : هذا حديث صحيح متفق على صحته من حديث المغيرة بن النعمان، رواه البخاري في صحيحه عن محمد بن كثير ، عن سفيان ، ورواه مسلم في صحيحه عن محمد بن بشار بن بندار ، عن محمد بن جعفر غندر عن شعبة ، ورزقناه بحمد الله عاليا من هذا الطريق.

بيان : الغرل بضم الغين المعجمة ثم الراء المهملة جمع الاغرل وهو الاغلف .

تحف العقول ، نهج البلاغة من خطبة له (لعلي) في وصف الدنيا : قال أمير المؤمنين عليه السلام : إني أحذركم الدنيا ، فانها حلوة خضرة حفت بالشهوات ، وتحببت بالعاجلة ، وعمرت بالآمال ، وتزينت بالغرور ، لا تدوم حبرتها ، ولا تؤمن فجعتها ، غرارة ضرارة ، زائلة نافدة ، أكالة غوالة ، لا تعدو إذا هي تناهت إلى أمنية أهل الرغبة فيها والرضى بها أن تكون كما قال الله سبحانه " كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الارض فاصبح هشيما تذروه الرياح وكان الله على كل شئ مقتدرا " ( الكهف: 45 ) .
مع أن امرء لم يكن منها في حبرة إلا أعقبته عبرة ، ولم يلق من سرائها بطنا إلا منحته من ضرائها ظهرا ، ولم تظله فيها ديمة رخاء إلا هتنت عليه مزنة بلاء ، إذا هي اصبحت منتصرة [ لم تأمن ] أن تمسي له متنكرة ، وإن جانب منها اعذوذب لا مرئ واحلولا امر عليه جابن منها فأوبى ( 1 ) وما امسى امرؤ منها في جناح أمن إلا اصبح في أخوف خوف ، غرارة غرور ما فيها ، فانية فان من عليها ، لا خير في شئ من زادها إلا التقوى ، من أقل منها استكثر مما يؤمنه ومن استكثر منها لم يدم له وزال عما قليل عنه .
كم من واثق بها قد فجعته ، وذي طمأنينة إليها قد صرعته ، وذي حذر قد خدعته ، وكم ذي أبهة فيها قد صيرته حقيرا ، وذي نخوة قد ردته خائفا فقيرا ، وكم ذي تاج قد أكبته لليدين والفم ، سلطانها ذل ، وعيشها رنق ، وعذبها أجاج وحلوها صبر ، حيها بعرض موت ، وصحيحها بعرض سقم ، ومنيعها بعرض اهتضام وملكها مسلوب ، وعزيزها مغلوب ، وأمنها منكوب ، وجارها محروب ، ومن وراء ذلك سكرات الموت وزفراته ، وهول المطلع ، والوقوف بين يدي الحاكم العدل ليجزي الذين اساؤا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى .
الستم في مساكن من كان اطول منكم أعمارا ، وأبين آثارا ، وأعد منكم عديدا ، وأكثف منكم جنودا ، واشد منكم عنودا تعبدوا للدنيا أي تعبد وآثروها اي إيثار ، ثم ظعنوا عنها بالصغار أبهذه تؤثرون ؟ أم على هذه تحرصون ؟ أم إليها تطمئنون ؟ يقول الله : " من كان يريد الحيوة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون * أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون " فبئست الدار لمن لم يتهيئها ، ولم يكن فيها على وجل .
واعلموا وأنتم تعلمون أنكم تاركوها ، لا بد وإنما هي كما نعت الله " لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الاموال والاولاد ".
فاتعظوا فيها بالذين كانوا [ يبنون ] بكل ريع آية يعبثون ، ويتخذون مصانع لعلهم يخلدون ، وبالذين قالوا مناشد منا قوة ، واتعظوا بمن رأيتم من إخوانكم كيف حملوا إلى قبورهم ، ولا يدعون ركبانا ، وأنزلوا ولا يدعون ضيفانا وجعل لهم من الضريح أكنانا ، ومن التراب أكفانا ، ومن الرفات جيرانا فهم جيرة لا يجيبون داعيا ولا يمنعون ضيما ، لا يزورون ولا يزارون حلماء قد بادت اضغانهم جهلاء قد ذهبت أحقادهم ، لا تخشى فجعتهم ، ولا يرجى دفعهم ، وهم كمن لم يكن وكما قال الله سبحانه " فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلا قليلا وكنا نحن الوارثين ".
استبدلوا بظهر الارض بطنا ، وبالسعة ضيقا ، وبالاهل غربة ، وبالنور ظلمه، جاؤها كما فارقوها ، حفاة عراة ، قد ظعنوا منها بأعمالهم إلى الحياة الدائمة ، وإلى خلود أبد ، يقول الله تبارك وتعالى " كمابدأنا أول خلق نعيده وعدا عليناإنا كنا فاعلين ".
__________________________________________________
( 1 ) هتنت : صبت ، وأوبى : صار ذا وباء ، وسيأتي شرح مشكلاتها وغريبها عند نقلها من النهج .

الفضائل ، و كتاب الروضة : لما ماتت فاطمة بنت أسد أقبل علي بن أبي طالب عليه السلام باكيا فقال له النبي صلى الله عليه وآله : ما يبكيك لا أبكى الله عينك ؟ قال : توفيت والدتي يا رسول الله فقال له النبي صلى الله عليه وآله : بل ووالدتي يا علي فلقد كانت تجوع أولادها وتشبعني وتشعث أولادها وتدهنني ، والله لقد كان في دار أبي طالب نخلة فكانت تسابق إليها من الغداة لتلتقط ثم تجنيه رضي الله عنها وإذا خرجوا بنو عمي تناولني ذلك .
ثم نهض صلى الله عليه وآله فأخذ في جهازها وكفنها بقميصه، وكان في حال تشييع جنازتها يرفع قدما ويتأني في رفع الآخر وهو حافي القدم ، فلما صلى عليها كبر سبعين تكبيرة ، ثم لحدها في قبرها بيده الكريمة بعد أن نام في قبرها ، ولقنها الشهادة ، فلما اهيل عليها التراب وأراد الناس الانصراف جعل رسول الله صلى الله عليه وآله يقول لها ، ابنك ابنك لا جعفر ولا عقيل ، ابنك ابنك علي بن أبي طالب ، قالوا : يا رسول الله فعلت فعلا ما رأينا مثله قط : مشيك حافي القدم ، وكبرت سبعين تكبيرة ، ونومك في لحدها وجعل قميصك كفنها.
وقولك لها ابنك ابنك لا جعفر ولا عقيل ، فقال صلى الله عليه وآله : أم التأني في وضع أقدامي ورفعها في حال التشييع للجنازة فكلثرة ازدحام الملائكة ، وأما تكبيري سبعين تكبيرة فإنها صلى عليها سبعون صفا من الملائكة ، وأما نومي في لحدها فإني ذكرت في حال حياتها ضغطة القبر فقالت : واضعفاه ! فنمت في لحدها لاجل ذلك حتى كفيتها ذلك ، وأما تكفيني لها بقميصي فإني ذكرت لها [ في حياتها القيامة و ] حشر الناس عراة فقالت : واسو أتاه ! فكفنتها بها لتقوم يوم القيامة مستورة ،....إلخ

أمالي المفيد: ابن مسرور ، عن محمد الحميري ، عن أبيه ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن خلف بن حماد ، عن أبي الحسن العبدي ، عن الاعمش ، عن عباية بن ربعي ، عن عبد الله ابن عباس قال : أقبل علي بن أبي طالب عليه السلام ذات يوم إلى النبي صلى الله عليه وآله باكيا وهو يقول : ( إنا لله وإنا إليه راجعون ) فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله : مه يا علي ؟ فقال علي : يا رسول الله ماتت امي فاطمة بنت أسد ، قال : فبكى النبي صلى الله عليه وآله ثم قال : رحم الله امك يا علي ، أما إنها إن كانت لك اما فقد كانت لي اما ، خذ عمامتي هذه وخذ ثوبي ، هذين فكفنها فيهما ومر النساء فليحسن غسلها ، ولا تخرجها حتى أجئ فإلي أمرها .
قال : وأقبل النبي صلى الله عليه وآله بعد ساعة واخرجت فاطمة ام علي عليه السلام فصلى عليها النبي صلى الله عليه وآله صلاة لم يصل على أحد قبلها مثل تلك الصلاة ، ثم كبر عليها أربعين تكبيرة ثم دخل إلى القبر فتمدد فيه ، فلم يسمع له أنين ولا حركة ، ثم قال : يا علي ادخل يا حسن ادخل ، فدخلا القبر ، فلما فرغ مما احتاج إليه قال له : يا علي اخرج يا حسن اخرج ، فخرجا ثم زحف النبي صلى الله عليه وآله حتى صار عند رأسها ، ثم قال : يا فاطمة أنا محمد سيد ولد آدم ولا فخر ، فإن أتاك منكر ونكير فسألاك من ربك ؟ فقولي : الله ربي ، ومحمد نبيي ، والاسلام ديني ، والقرآن كتابي ، وابنئ امامي ووليي ، ثم قال : اللهم ثبت فاطمة بالقول الثابت ، ثم خرج من قبرها وحثا عليها حثيات ( 3 ) ، ثم ضرب بيده اليمنى على اليسرى فنفضهما ، ثم قال : والذي نفس محمد ببده لقد سمعت فاطمة تصفيق يميني على شمالي .
فقام إليه عمار بن ياسر فقال : فداك أبي وامي يا رسول الله صليت عليها صلاة لم تصل على أحد قبلها مثل تلك الصلاة ، فقال : يا أبا اليقظان وأهل ذلك هي مني ، لقد كان لها من أبي طالب ولد كثير ولقد كان خيرهم كثيرا وكان خيرنا قليلا ، فكانت تشبعني وتجيعهم ، وتكسوني وتعريهم ، وتدهنني وتشعثهم ، قال : فلم كبرت عليها أربعين تكبيرة يا رسول الله ؟ قال : نعم يا عمر التفت عن يميني فنظرت إلى أربعين صفا من الملائكة فكبرت لكل صف تكبيرة ، قال : فتمد دك في القبر ولم يسمع لك أنين ولا حركة ؟ قال : إن الناس يحشرون يوم القيامة عراة ولم أزل أطلب إلى ربي عز وجل أن يبعثها ستيرة ، والذي نفس محمد بيده ما خرجت من قبرها حتى رأيت مصباحين من نور عند رأسها ومصباحين من نور عند يديها ومصباحين من نور عند رجليها ، وملكيها الموكلين بقبرها ، يستغفر ان لها إلى أن تقوم الساعة.

انظر أمالى الصدوق ص 189 190 .

روضة الواعظين : عن ابن عباس مثله ، قال : وروي في خبر آخر طويل أن النبي صلى الله عليه وآله قال : يا عمار إن الملائكة قد ملات الافق ، وفتح لها باب من الجنة ، ومهدلها مهاد من مهاد الجنة ، وبعث إليها بريحان من رياحين الجنة ، فهي في روح وريحان وجنة ونعيم ، و قبرها روضة من رياض الجنة.

بيان : الزحف : العدو، والاشعث : المغبر الرأس .

البصائر والدرجات : إبراهيم بن هاشم ، عن علي بن أسباط ، عن بكربن جناح ، عن رجل ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : لما ماتت فاطمة بنت أسد أم أميرالمؤمنين عليه السلام جاء علي إلى النبي صلى الله عليه وآله ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله : يا أبا الحسن مالك ؟ قال : امي ماتت ، قال : فقال النبي صلى الله عليه وآله : وامي والله ، ثم بكى وقال : واماه ، ثم قال : لعلي عليه السلام : هذا قميصي فكفنها فيه ، وهذا ردائي فكفنها فيه ، فإذا فرغتم فأذنوني ، فلما اخرجت صلى عليها النبي صلى الله عليه وآله صلاة لم يصل قبلها ولا بعدها على أحد مثلها ، ثم نزل على قبرها فاضطجع فيه ، ثم قال لها : يا فاطمة ، قالت : لبيك يا رسول الله ، فقال : فهل وجدت ما وعد ربك حقا ؟ قالت : نعم فجزاك الله خير جزاء ، وطالت مناجاته في القبر ، فلما خرج قيل : يا رسول الله لقد صنعت بها شيئا في تكفينك إياها ثيابك ودخولك في قبرها وطول مناجاتك وطول صلاتك ما رأيناك صنعته بأحد قبلها ، قال : أما تكفيني إياها فإني لما قلت لها : يعرض الناس عراة يوم يحشرون من قبورهم ، فصاحت وقالت : واسو أتاه ! فألبستها ثيابي ، وسألت الله في صلاتى عليها أن لايبلي أكفانها حتى تدخل الجنة ، فأجابني إلى ذلك ، وأما دخولي في قبرها فإني قلت لها يوما : إن الميت إذا أدخل قبره وانصرف الناس عنه ، دخل عليه ملكان : منكر ونكير فيسألانه ، فقالت : واغوثاه بالله ، فمازلت أسأل ربي في قبرها حتى فتح لها روضة من قبرها إلى الجنة ، وروضة من رياض الجنة.

وذكر صاحب مصباح الواعظ وجمهور أصحابنا عن الحارث الاعور ، وزيد وصعصعة ابني صوحان ، والبراء بن سبرة ، والاصبغ بن نباتة ، وجابر بن شرجيل ومحمود بن الكواء أنه قال عليه السلام : يقول : سبحان الله حقا حقا ، إن المولى صمد يبقى ، يحلم عنا رفقا رفقا ، لو لا حلمه كنا نشقى ، حقا حقا صدقا صدقا ، إن المولى يسائلنا ويوافقنا ويحاسبنا ، يا مولانا لا تهلكنا وتداركنا ، واستخدمنا واستخلصنا ، حلمك عنا فد جرأنا ، يا مولانا عفوك عنا ، إن الدنيا قد غرتنا ، واشتغلتنا واستهوتنا ، واستلهتنا واستغوتنا ، يا ابن الدنيا جمعا جمعا ، يا ابن الدنيا مهلا مهلا ، يا ابن الدنيا دقا دقا ، وزنا وزنا ، تفنى الدنيا قرنا قرنا ، ما من يوم يمضي عنا ، إلا تهوي مناركنا ، قد ضيعنا دارا تبقى واستوطنا دارا تفنى ، تفنى الدنيا قرنا قرنا قرنا قرنا ، كلا موتا كلا موتا كلا موتا كلا دفنا كلا فيها موتا ، نقلا نقلا دفنا دفنا ، يا ابن الدنيا مهلا مهلا ، زن ما يأتي وزنا وزنا ، لو لاجهلي ما إن كانت عندي الدنيا إلا سجنا خيرا خيرا ، شرا شرا ، شيئا شيئا ، حزنا حزنا ، ماذا من ذاكم ذا أم ذاهذا اسنا ، ترجو تنجو تخشى تردى ، عجل قبل الموت الوزنا ، ما من يوم يمضي عنا إلا أوهن مناركنا إن المولى قد أنذرنا ، إنا نحشر غرلا بهما

تفسير الفرات : سليمان بن محمد معنعنا عن ابن عباس قال : سمعت أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام [ يقول ] دخل رسول الله صلى الله عليه واله ذات يوم على فاطمة عليها السلام وهي حزينة فقال لها : ما حزنك يا بنية ؟ قالت : يا أبه ذكرت المحشر ووقوف الناس عراة يوم القيامة قال : يا بنية إنه ليوم عظيم ولكن قد أخبرني جبرئيل عن الله عز وجل أنه قال : أول من تنشق عنه الارض يوم القيامة أنا ثم أبي إبراهيم ثم بعلك علي بن أبي طالب عليه السلام .
ثم يبعث الله إليك جبرئيل في سبعين ألف ملك فيضرب على قبرك سبع قباب من نور ثم يأتيك إسرافيل بثلاث حلل من نور فيقف عند رأسك فينادينك يا فاطمة بنت محمد ! قومي إلى محشرك ، فتقومين آمنة روعتك ، مستورة عورتك ، فيناولك إسرافيل الحلل فتلبسينها ويأتيك زوقائيل بنجيبة من نور ، زمامها من لؤلؤ رطب عليها محفة من ذهب ، فتركبينها ويقود زوقائيل بزمامها ، وبين يديك سبعون ألف ملك بأيديهم ألوية التسبيح . فإذا جد بك السير استقبلتك سبعون ألف حوراء ، يستبشرون بالنظر إليك بيد كل واحدة منهن مجمرة من نور يسطع منها ريح العود من غير نار ، وعليهن أكاليل الجوهر المرصع بالزبرجد الاخضر ، فيسرن عن يمينك ، فاذاسرت مثل الذي سرت من قبرك إلى أن لقينك ، استقبلتك مريم بنت عمران ، في مثل من معك من الحور فتسلم عليك وتسير هي ومن معها عن يسارك .
ثم تستقبلك امك خديجة بنت خويلد أول المؤمنات بالله ورسوله ، ومعها سبعون ألف ملك بأيديهم ألويه التكبير فاذا قربت من الجمع استقبلتك حواء في سبعين ألف حوراء ومعها آسية بنت مزاحم فتسير هي ومن معها معك . فإذا توسطت الجمع وذلك أن الله يجمع الخلائق في صعيد واحد ، فيستوي بهم الاقدام ثم ينادي مناد من تحت العرش يسمع الخلائق : غضوا أبصاركم حتى تجوز فاطمة الصديقة بنت محمد ومن معها ، فلا ينظر إليك يومئذ إلا إبراهيم خليل الرحمن صلوات الله وسلامه عليه وعلي بن أبي طالب ، ويطلب آدم حوا فيراها مع امك خديجة أمامك . ثم ينصب لك منبر من النور فيه سبع مراقي بين المرقاة إلى المرقاة صفوف الملائكة ، بأيديهم ألويه النور ، ويصطف الحور العين عن يمين المنبر وعن يساره وأقرب النساء معك عن يسارك حواء وآسية فاذا صرت في أعلى المنبر أتاك جبرئيل عليه السلام فيقول لك : يا فاطمة سلي حاجتك ، فتقولين : يارب أرني الحسن والحسين فيأتيانك وأوداج الحسين تشخب دما ، وهو يقول : يارب خذ لي اليوم حقي ممن ظلمني . فيغضب عند ذلك الجليل ، ويغضب لغضبه جهنم والملائكة أجمعون ، فتزفر جهنم عند ذلك زفرة ثم يخرج فوج من النار ويلتقط قتلة الحسين وأبناءهم وأبناء أبنائهم ويقولون : يارب إنا لم نحضر الحسين ، فيقول الله لزبانية جهنم : خذوهم بسيماهم بزرقة الاعين وسواد الوجود ، خذوا بنواصيهم فألقوهم في الدرك الاسفل من النار فانهم كانوا أشد على أولياء الحسين من آبائهم الذين حاربوا الحسين فقتلوه .
ثم يقول جبرئيل عليه السلام : يا فاطمة سلي حاجتك فتقولين : يا رب شيعتي ، فيقول الله عز وجل : قد غفرت لهم فتقولين يارب شيعة ولدي فيقول الله قد غفرت لهم فتقولين : يا رب شيعة شيعتى فيقول الله : انطلقي فمن اعتصم بك فهو معك في الجنة ، فعند ذلك يود الخلائق أنهم كانوا فاطميين فتسيرين ومعك شيعتك ، وشيعة ولدك ، وشيعة أميرالمؤمنين آمنة روعاتهم ، مستورة عوراتهم ، قد ذهبت عنهم الشدائد ، وسهلت لهم الموارد ، يخاف الناس وهم لا يخافون ، ويظمأ الناس وهم لا يظمأون .
فاذا بلغت باب الجنة ، تلقتك اثنتا عشر ألف حوراء ، لم يلتقين أحدا قبلك ولا يتلقين أحدا كان بعدك ، بأيديهم حراب من نور ، على نجائب من نور رحائلها من الذهب الاصفر والياقوت ، أزمتها من لؤلؤ رطب ، على كل نجيب نمرقة من سندس منضود .
فاذا دخلت الجنة تباشربك أهلها ، ووضع لشيعتك موائد من جوهر على أعمدة من نور ، فيأكلون منها والناس في الحساب ، وهم فيما اشتهت أنفسهم خالدون وإذا استقر أولياء الله في الجنة زارك آدم ومن دونه النبيين وإن في بطنان الفردوس لؤلوء تان من عرق واحد لؤلوءة بيضاء ولؤلوءة صفراء فيهما قصور ودور في كل واحدة سبعون ألف دار فالبيضاء منازل لنا ولشيعتنا ، والصفراء منازل لابراهيم وآل إبراهيم صلوات الله عليهم أجمعين .
قالت : يا أبه فما كنت احب أن أرى يومك ولا أبقى بعدك ، قال : يا ابنتي لقد أخبرني جبرئيل عن الله عز وجل أنك أول من تلحقني من أهل بيتي فالويل كله لمن ظلمك ، والفوز العظيم لمن نصرك .
قال عطاء : كان ابن عباس إذا ذكر هذا الحديث تلاهذه الاية " والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بايمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شئ كل امرئ بما كسب رهين " (الطور : 21 .) .

بيان : وما ألتناهم أي وما نقصناهم .


بحار الأنوار ج57: باب 37 : مسائل عبد الله بن سلام

أقول : وجدت في بعض الكتب القديمة هذه الرواية ، فأوردتها بلفظها ، ووجدتها أيضا في كتاب " ذكر الاقاليم والبلدان والجبال والأنهار والاشجار " مع اختلاف يسير في المضمون وتباين كثير في الا لفاظ أشرت إلى بعضها في سياق الرواية ، وهي هذه : مسائل عبد الله بن سلام وكان اسمه " اسماويل " فسماه النبي صلى الله عليه وآله عبد الله ، عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال : لما بعث النبي صلى الله عليه وآله أمر عليا أن يكتب كتابا إلى الكفار وإلى النصارى وإلى اليهود ، فكتب كتابا أملاه جبرئيل على النبي صلى الله عليه وآله فكتب : " بسم الله الرحمن الرحيم " من رسول الله إلى يهود خيبر أما بعد فإن الارض لله والعاقبة للمتقين والسلام على من اتبع الهدى ولاحول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم " .........قال : صدقت يا محمد ، فأخبرني كيف يقوم الخلائق يوم القيامة من القبور ؟ قال : يا ابن سلام ، يقومون عراة حفاة أبدانهم خالية بطونهم ، مظلمة أبصارهم ، وجلة ! قال: الرجال ينظرون إلى النساء والنساء ينظرون إلى الرجال ؟ قال : هيهات يا ابن سلام ! لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه من شدة هول القيامة .....إلخ


فر : عن جعفر بن محمد الفزاري معنعنا ، عن أبي جعفر عليه السلام قال إذا كان يوم القيامة جمع الله الناس من صعيد واحد من الاولين والاخرين عراة حفاة ، فيقفون على طريق المحشر ، حتى يعرقوا عرقا شديدا ، وتشتد أنفاسهم فيمكثون بذلك مقدار خمسين عاما قال : فقال أبوجعفر عليه السلام : فثم قول الله تعالى " فلا تسمع إلا همسا ". قال : ثم ينادي مناد من تلقاء العرش أين النبي الامي قال : فيقول الناس : قد أسمعت فسم باسمه ، قال : فينادي : أين نبي الرحمة محمد بن عبد الله الامي ؟ قال : فيقدم رسول الله أمام الناس كلهم حتى ينتهي إلى الحوض طوله ما بين ابلة إلى صنعاء فيقف عليه ثم ينادي بصاحبكم فيتقدم أمام الناس فيقف معه ، ثم يؤذن للناس ويمرون .
قال أبوجعفر عليه السلام : فبين وارد يومئذ وبين مصروف عنه من محبينا فاذا رأى رسول الله صلى الله عليه وآله ذلك بكا وقال يا رب شيعة علي أراهم قد صرفوا تلقاء أصحاب النار ومنعوا عن الحوض ، قال : فيقول له الملك : إن الله يقول لك قد وهبتهم لك يا محمد وصفحت لك عن ذنوبهم ، وألحقتهم بك وبمن كانوا يقولون ، وجعلتهم في زمرتك وأوردتهم على حوضك ، فقال أبوجعفر عليه السلام : فكم من باك يومئذ وباكية ينادي يا محمداه إذا رأوا ذلك قال : فلا يبقى أحد يومئذ كان محبنا ويتولانا ويتبرأ من عدونا ويبغضهم إلا كان في حيزنا وورد حوضنا

كتاب المسلسلات : حدثنا محمد بن علي بن الحسين قال : حدثني أحمد بن زياد بن جعفر قال : حدثني أبوالقاسم جعفر بن محمد العلوي العريضي قال : قال أبوعبد الله أحمد بن محمد بن خليل : قال : أخبرني علي بن محمد بن جعفر الاهوازي قال : حدثني بكر بن أحنف قال : حدثتنا فاطمة بنت علي بن موسى الرضا عليه السلام قالت : حدثتني فاطمة وزينب وأم كلثوم بنات موسى بن جعفر عليهما السلام قلن حدثتنا فاطمة بنت جعفر بن محمد عليهما السلام قالت : حدثتني فاطمة بنت محمد بن علي عليهما السلام قالت : حدثتني فاطمة بنت علي بن الحسين عليهما السلام قالت : حدثتني فاطمة وسكينة ابنتا الحسين بن علي عليهما السلام عن أم كلثوم بنت علي عليه السلام عن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : لما اسري بي إلى السماء دخلت الجنة فإذا أنا بقصر من درة بيضاء مجوفة ، وعليها باب مكلل بالدر و الياقوت ، وعلى الباب ستر فرفعت رأسي فإذا مكتوب على الباب " لا إله إلا الله محمد رسول الله علي ولي القوم " وإذا مكتوب على الستر بخ بخ من مثل شيعة علي ؟ فدخلته فاذا أنا بقصر من عقيق أحرم مجوف ، وعليه باب من فضة مكلل بالزبرجد الاخضر ، وإذا على الباب ستر ، فرفعت رأسي فاذا مكتوب على الباب " محمد رسول الله علي وصي المصطفى " وإذا على الستر مكتوب : " بشر شيعة علي بطيب المولد " . فدخلته فإذا أنا بقصر من زمرد أخضر مجوف لم أر أحسن منه ، وعليه باب من ياقوتة حمراء مكللة باللؤلوء وعلى الباب ستر فرفعت رأسي فإذا مكتوب على الستر شيعة علي هم الفائزون ، فقلت : حبيبي جبرئيل لمن هذا ؟ فقال : يامحمد لابن عمك ووصيك علي بن أبي طالب عليه السلام يحشر الناس كلهم يوم القيامة حفاة عراة إلا شيعة على ويدعى الناس بأسماء امهاتهم ما خلا شيعة علي عليه السلام فانهم يدعون بأسماء آبائهم فقلت : حبيبي جبرئيل وكيف ذاك ؟ قال : لانهم أحبوا عليا فطاب مولدهم .

بيان : " فطاب مولدهم " لعل المعنى أنه لما علم الله من أرواحهم أنهم يحبون عليا وأقروا في الميثاق بولايته طيب مولد أجسادهم .

أمالي الشيخ المفيد: عن الحسين بن عبيد الله ، عن علي بن محمد بن محمد العلوي ، عن محمد بن موسى الرقي ، عن علي بن محمد بن أبي القاسم ، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن عبدالعظيم بن عبد الله الحسني ، عن أبيه ، عن أبان مولى زيد بن علي ، عن عاصم ابن بهدلة ، عن شريح القاضي قال : أمير المؤمنين عليه السلام لاصحابه يوما وهو يعظم : ترصدوا مواعيد الاجال ، وباشروها بمحاسن الاعمال ، ولا تركنوا إلى ذخائر ( 2 ) الاموال فتخليكم خدائع الامال إن الدنيا خداعة صراعة مكارة غرارة سحارة أنهارها لامعة وثمراتها يانعة ( 3 ) ظاهرها سرور وباطنها غرور ، تأكلكم بأضراس المنايا ، وتبيركم ( 4 ) باتلاف الرزايا ، لهم بها أولاد الموت وآثروا زينتها وفطلبوا رتبتها .
جهل الرجل ومن ذلك الرجل المولع بلذتها ، والساكن إلى فرحتها والامن لغدرتها ، دارت عليكم بصروفها ، ورمتكم بسهام حتوفها ( 5 ) فهي تنزع أرواحكم نزعا وأنتم تجمعون لها جمعا للموت تولدون ، وإلى القبور تنقلون ، وعلى التراب تتوسدون ( 6 ) وإلى الدود تسلمون وإلى الحساب تبعثون ، يا ذوي الحبل والاراء والفقه والابناء ، اذكروا مصارع الاباء فكأنكم بالنفوس قد سلبت ، و بالابدان قد عريت ، وبالمواريث قد قسمت ، فتصير يا ذا الدلال والهيبة ( 7 ) والجمال إلى منزلة شعثاء ، ومحلة غبراء ، فتنوم على خدك في لحدك في منزل قل زواره ومل عماله ، حتى تشق عن القبور ، وتبعث إلى النشور . فان ختم لك بالسعادة صرت إلى الحبور ( 1 ) وأنت ملك مطاع وآمن لا تراع يطوف عليكم ولدان كأنهم الجمان ( 2 ) بكأس من معين ، بيضاء لذة للشاربين أهل الجنة فيها يتنعمون ، وأهل النار فيها يعذبون ، هؤلاء في السندس والحرير يتبخترون ، وهؤلاء في الجحيم والسعير يتقلبون ، هؤلاء تحشا جماجمهم بمسك الجنان وهؤلاء يضربون بمقامع النيران ، هؤلاء يعانقون الحور في الحجال ، وهؤلاء يطوقون أطواقا في النار بالاغلال في قلبه فزع قد أعيى الاطباء ، وبه داء لا يقبل الدواء .
يا من يسلم إلى الدود ويهدى إليه اعتبر بما تسمع وترى وقل لعينيك تجفو لذة الكرى وتفيض من الدموع بعد الدموع تترى ( 3 ) ، بيتك القبر بيت الاهوال والبلى ، وغايتك الموت .
يا قليل الحياء ، اسمع يا ذا الغفلة والتصريف من ذي الوعظ والتعريف ، جعل يوم الحشر يوم العرض والسؤال ، والحبال والنكال ، يوم تقلب إليه أعمال الانام ، وتحصى فيه جميع الاثام ، يوم تذوب من النفوس أحداق عيونها وتضع الحوامل ما في بطونها . ويفرق بين كل نفس وحبيبها ، ويحار في تلك الاهوال عقل لبيبها ، إذا تنكرت الارض بعد حسن عمارتها ، وتبدلت بالخلق بعد أنيق زهرتها ( 4 ) أخرجت من معادن الغيب أثقالها ، ونفضت إلى الله أحمالها يوم لا ينفع الجد ( 5 ) إذا عاينوا الهول الشديد فاستكانوا ، وعرف المجرمون بسيماهم فاستبانوا فانشقت القبور بعد طول انطباقها ، واستسلمت النفوس إلى الله بأسبابها ، كشف عن الاخرة غطاؤها ، وظهر للخلق أبناؤها ، فدكت الارض دكا دكا ( 6 ) ، ومدت لامر يراد بها مدا مدا ، واشتد المثارون إلى الله شدا شدا ، وتزاحفت الخلايق إلى المحشر زحفا زحفا ورد المجرمون على الاعقاب ردا ردا ، وجد الامر ويحك يا إنسان جدا جدا ، وقربوا للحساب فردا فردا ، وجاء ربك و الملك صفا صفا ، يسألهم عما عملوا حرفا حرفا ، فجئ بهم عراة الابدان ، خشعا أبصارهم ، أمامهم الحساب ، ومن ورائهم جهنم يسمعون زفيرها ويرون سعيرها ، فلم يجدوا ناصرا ولا وليا يجيرهم من الذل ، فهم يعدون سراعا إلى مواقف الحشر يساقون سوقا فالسموات مطويات بيمينه كطي السجل للكتب ، والعباد على الصراط وجلت قلوبهم ، يظنون أنهم لا يسلمون ، ولا يؤذن لهم فيتكلمون ، ولا يقبل منهم فيعتذرون ، قد ختم على أفواهم ، واستنطقت أيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون .
يالها من ساعة ما أشجى مواقعها من القلوب ، حين ميز بين الفريقين فريق في الجنة وفريق في السعير . من مثل هذا فليهرب الهاربون ، إذا كانت الدار الاخرة لها يعمل العاملون .
__________________________________________________ __
( 1 ) الامالى ج 2 ص 266 .
( 2 ) الركون : الميل والاعتماد .
( 3 ) ينع الثمرة : أدرك وطاب وحان قطافه فهو يانع .
( 4 ) المنايا جمع منية وهى الموت .
وأباره أى أهلكه .
( 5 ) الحتف : الموت جمعه حتوف .
( 6 ) في بعض النسخ " على التراب ينومون " .
( 7 ) الدلال - بالفتح - : الوقار والتغنج .
( 1 ) الحبور : السرور .
وراعه الامر : أفزعه .
( 2 ) الجمان ، الؤلؤ .
( 3 ) جفا صاحبة أعرض عنه .
والكرى : النعاس .
وتترى أى متواليا .
( 4 ) الانيق : الحسن المعجب .
( 5 ) في المصدر " لا ينفع الحذر " .
( 6 ) دكت الارض أى سوى صعودها وهبوطها .

قال المجلسي في بحار الأنوار في ج71، نقلًا عن المناقب لابن جوزي من مذهب السنة، نقلًا عن حلية الأولياء لأبي نعيم:

أقول : وجدت في مناقب ابن الجوزي ( 7 ) فصلا في كلام أميرالمؤمنين عليه السلام فأحببت إيراده..... وقال أبونعيم : حدثنا أبي ، حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن قال : كتب إلي أحمد بن إبراهيم بن هشام الدمشقي حدثنا أبوصفوان القاسم بن يزيد بن عوانة ، عن ابن حرث ، عن ابن عجلان ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده عليهم السلام قال : شيع أمير المؤمنين عليه السلام جنازة فلما وضعت في لحدها عج أهلها ( 1 ) وبكوا فقال : ما تبكون ؟ أما والله لوعاينوا ما عاين ميتهم لاذهلهم ذلك عن البكاء عليه أما والله إن له إليهم لعودة ، ثم عودة ، حتى لا يبقي منهم أحدا ، ثم قام فيهم فقال : اوصيكم عباد الله بتقوى الله الذي ضرب لكم الامثال ، ووقت لكم الاجال ، وجعل لكم أسماعا تعي ما عناها [ وأبصارا لتجلوا عن غشاها ] وأفئدة تفهم مادها ها [ في تركيب صورها وما أعمرها ] فإن الله لم يخلقكم عبثا ، ولم يضرب عنكم الذكر صفحا ، بل أكرمكم بالنعم السوابغ [ وأرفدكم بأوفر الروافغ ، وأحاط بكم الاحصاء ، وأرصد لكم الجزاء في السراء والضراء ] .
فاتقوا الله عباد الله ، وجدوا في الطلب ، وبادروا بالعمل قبل [ مقطع النهمات ( 2 ) و ] هاذم اللذات ( 3 ) ومفرق الجماعات ، فإن الدنيا لا يدوم نعيمها ولا تؤمن فجائعها ، غرور حائل [ وشبح فائل ( 4 ) ] ، وسناد مائل ، ونعيم زائل . وجيد عاطل .
فاتعظوا عباد الله بالعبر [ واعتبروا بالايات والاثر ] وازدجروا بالنذر [ وانتفعوا بالمواعظ ] فكأن قد علقتكم مخالب المنية [ وأحاطت بكم البلية وضمكم بيت التراب ] ودهمتكم مفظعات الامور بنفخة الصور ، وبعثرة القبور وسياقة المحشر ، وموقف الحساب في المنشر ، وبرز الخلائق حفاة عراة ، وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد ، ونوقش الناس على القليل والكثير ، والفتيل والنقير ( 1 ) وأشرقت الارض بنور ربها ، ووضع الكتاب وجئ بالنبيين والشهداء وقضى بينهم بالحق وهم لا يظلمون " فارتجت ( 2 ) لذلك اليوم البلاد ، وخشع العباد وناد المناد من مكان قريب ، وحشرت الوحوش ، وزوجت النفوس [ مكان مواطن الحشر ، وبدت الاسرار ، وهلكت الاشرار ، وارتجت الافئدة ، فنزلت بأهل النار من الله سطوة مجيحة ، وعقوبة منيحة ( 3 ) ] وبرزت الجحيم ، لها كلب ولجب ، وقصيف رعد ( 4 ) وتغيظ ووعيد ، قد تأجج جحيمها ( 5 ) وغلا حميمها .

فاتقوا الله عباد الله تقية [ من كنع فخنع ] ( 6 ) وجل و [ رحل ] وحذر فأبصر وازدجر ، فاحتث طلبا ( 7 ) ونجا هربا ، وقدم للمعاد ، واستظهر من الزاد وكفى بالله منتقما ، وبالكتاب خصيما [ وحجيجا ] ، وبالجنة ثوابا [ ونعيما ] وبالنار وبالا وعقابا ، وأستغفر الله لي ولكم .
-----------------
( 1 ) عج يعج عجا : صاح ورفع صوته .
( 2 ) النهمة : بلوغ الهمة والشهوة في الشئ ، يقال " له في هذا الامر نهمة " أى شهوة و " قضى منه نهمته " أى شهوته .
( 3 ) الهاذم بالذال المعجمة بمعنى الهادى ويستعمل مع الموت .
( 4 ) الشبح : الشخص . وما ينظر بالعين من ابل وغنم وبناء .
والفائل - فاعل عن فال يفيل رأيه : أخطأ وضعف .
( 1 ) النقير: النكتة في ظهر النواة . وهو كناية عن القليل .
( 2 ) ارتج البحر : اضطراب .
( 3 ) المجيحة : المهلكة والمستأصلة - والمنيحة أى الشديدة المحرقة .
( 4 ) الكلب : الشدة ، واللجب : صوت الهياج واضطراب الامواج .
وقصيف الرعد : شدة صوته .
( 5 ) التأجج : التلهب والاضطرام .
( 6 ) كنع أى جبن وهرب .
وخنع أى خضع وذل .
وجل أى خرج من بلده .
( 7 ) احتث على الامر واحتثه : حضه ونشطه على فعله .

الطرائف، العمدة : بإسنادهما إلى صحيحى البخاري، وسلم والجمع بين الصحيحين باسنادهم إلى ابن عباس قال : خطب رسول الله صلى الله عليه وآله فقال : يا أيها الناس إنكم محشورون إلى الله عراة حفاتا غرلا ثم تلا " كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين" ثم قال : ألا وإن أول الخلايق يكسى يوم القيامة إبراهيم ، وإنه يجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال ، فأقول : يا رب أصحابي ، فيقال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك ، فأقول كما قال العبد الصالح : " وكنت عليهم شهيدا مادمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شئ شهيد " فيقال : إن هؤلاء لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم .
قال مسلم : وفي حديث وكيع ومعاذ : فيقال إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك

يبدو أن هذه الأسطورة مستوحاة مما جاء في رسالة يعقوب تلميذ المسيح من الحواريين في الإنجيل القانوني ٥: ١- ٦

(1هَلُمَّ الآنَ أَيُّهَا الأَغْنِيَاءُ، ابْكُوا مُوَلْوِلِينَ عَلَى شَقَاوَتِكُمُ الْقَادِمَةِ. 2غِنَاكُمْ قَدْ تَهَرَّأَ، وَثِيَابُكُمْ قَدْ أَكَلَهَا الْعُثُّ. 3ذَهَبُكُمْ وَفِضَّتُكُمْ قَدْ صَدِئَا، وَصَدَأُهُمَا يَكُونُ شَهَادَةً عَلَيْكُمْ، وَيَأْكُلُ لُحُومَكُمْ كَنَارٍ! قَدْ كَنَزْتُمْ فِي الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ. 4هُوَذَا أُجْرَةُ الْفَعَلَةِ الَّذِينَ حَصَدُوا حُقُولَكُمُ، الْمَبْخُوسَةُ مِنْكُمْ تَصْرُخُ، وَصِيَاحُ الْحَصَّادِينَ قَدْ دَخَلَ إِلَى أُذْنَيْ رَبِّ الْجُنُودِ. 5قَدْ تَرَفَّهْتُمْ عَلَى الأَرْضِ، وَتَنَعَّمْتُمْ وَرَبَّيْتُمْ قُلُوبَكُمْ، كَمَا فِي يَوْمِ الذَّبْحِ. 6حَكَمْتُمْ عَلَى الْبَارِّ. قَتَلْتُمُوهُ. لاَ يُقَاوِمُكُمْ!).

وجاء في ديوان أمية بن أبي صلت، طبعة دار مكتبة الحياة، ص١٢:

وسيق المجرمون وهم عُراةٌ إلی ذاتِ المقامعِ والنَكَالِ
فليسوا بميتين فيستريحوا وكله بِحرِّ النارِ صالِ
وَحَلَّ المتقون بدارِ صدقٍ وعيشٍ ناعمٍ تحتَ الظِلال

هذا مطابقٌ لما جاء في رؤيا بطرس التي ترجمناها من أن أهل الجحيم يُعذَّبون في جهنم عراة، وهو تصور مقزز وحشي مستوحی من أساليب التعذيب والسجون في عصور الظلام والاستبداد بالتأكيد.

رجال ونساء آخرون سيقفون عاليهم عراة، ويقف أطفالهم بخلافهم في مكان البهجة، ويتنهدون ويصرخون بسبب آبائهم، قائلين: هؤلاء من احتقروا ولعنوا وانتهكوا أوامرك وأسلمونا إلى الموت،....إلخ

ويقتبس منه كاتب رؤيا يوحنا الأبوكريفية اللاتينية، فيقول:

...وكل جنس البشر [الأشرار] وكل روح شرير سوياً مع عدو المسيح، وسيوضعون كلهم أمامي عراة، ومغلولي الرقاب.

أما كتابات الآباء، فبعض النصوص قالت أن الغير مؤمنين فقط هم من سيحشَرون عراةً، وبعض النصوص قالت ذلك بالمعنی الحرفي وأخری بالمعنی المجازي يعني عراة من الفضائل وأعمال الخير والإحسان والعبادات...وبعضها وهي الأكثر تطرفًا قالت أن كل البشر مؤمنين وغيرَ مؤمنين سيُحْشَرُون عراةً.

وجاء في المزامير الروحية لأفرام السرياني، مما قد يوحي بمجازية المعنی أو حرفيته، ص ١٠٥:

ستتعذَّب قلوبنا وتتألم بشدة حينما يُستعْرَضُ كلُّ شيءٍ قد أثارَ شهوتَنا، حينما يقفُ كلُّ إنسانٍ عاريًا ويُطالَبُ بالإجابةِ عن نفسِهِ.

وفي ص ١٩٨:

عندما لا يستطيع صديق ولا قريب أن يخلِّص إنسانًا، ويُحْضَرُ كلُّ إنسانٍ عاريًا إلی الحساب عن نفسه؛ عندئذٍ كنْ يا ربُّ شفيعي، لأني وضَعْتُ رجائي فيكَ.

وفي ص ٢٦٢:

أعطني وقتًا للتوبة، ولا تضع نفسي معرَّاةً أمامَ عرشِكَ الرهيبِ والراسخِ كمشهدِ عارٍ يُرْثَی له.

ومما يوحي بمجازية المعنی، قوله في ص ٢٦٣:

...كما أني تعسٌ، تعرَّيْتُ بكسلي لأني أغرِِّبُ ذاتي عن الذي يقفون ساهرين ويُصَلُّون.

وفي ص ٢٣٨:

الويل لي -يا نفسُ- لأنَّكِ لا ترتعِدين، ولا تفكرين في يوم الدينونة الرهيب، عندما ستُزال كل قوی السماء بخوف، ولا تفكرين كيف ستمثُلِينَ أمامَ وجهِ اللهِ، وأنتِ مرتديةٌ رداءَ خزيٍ ونجاسة

وفي مختارات نسكية وزهدية لأفرام السرياني، ص ٣٠، مما يُفهَم حرفيًّا بوضوحٍ:

قد وُلِدْنا عراةً وسوف ننهضُ عراةً لِنُعْطِيَ جوابًا عما فعلناه في حياتِنا الحاضرة حينما نمثُلُ أمامَ محكمة المسيح.

وفي ص٧١:

في تلك الساعةِ إنْ تذكَّرَ أحدُهُم أيةَ طريقةٍ سوف يلتقي بها القاضي، إنْ تفكَّرَ بخطاياه، فسوف يقفُ عريانًا مكشوفَ الرأسِ منتظِرًا إصدارَ الحكم.

وفي ص ١٠٤ يقول عن غير المؤمنين أو عصاة تعاليم الدين الخرافية في أغلبها بما قد يُفهَم مجازًا او حرفيًّا:

ولا نُحِبَّنَّ هذا الدهرَ فإنه يعرقِلُ سيرَ الذين يحبونه. يُطْرِبُ (يُفْرِحُ) ساعةً واحدة ثم يرسِلُ الإنسانَ إلی العذابِ عاريًا.

وفي تجميعة صموئيل السرياني لميامر أفرام السرياني، في ص 59، من الفصل الثالث:

ويلي ثم ويلي، كيف سبيلنا أن ندخل عراةً ونَمْثُلَ أمامَ هذا الموقفِ الرهيبِ؟

وفي المقال 17:

الویل لنا، كیف سبیلنا أن نكون حین نمثل عراة بادیة أعناقنا ؛ مزمعین أن ندخل إلى الموقف المرهوب، أفِّ أین حینئذ شجاعة البشرة ؟ أین الجمال المزور الغیر نافع ؟ أین التذاذ الناس بالآلام ؟

وفي المقال ٣٤، مما يُفهَم حرفيًّا كعُريٍ لكل البشر:

فلنهتم إذن أیها الابن بما نزمع أن نظهر به من الدالة قدام ملك المجد، ولنحرص أنْ نضع أنفسنا في تعطُّفه لیعضِّدَ ضعفنا ولا سیما حین نتعرى من كل لباس إنساني لأنه لابد أننا سنترك كل شيء ونذهب إلی هناك...

وفي كتاب الأنبا شنودة سيرته وتعاليمه وقوانينه، ج١، مكتبة الباناريون، ص٣٠٥، من العظة أ ٢٦، عن الموت والحساب، من الفقرة ٩٩، مما يُفهَم حرفيًّا بوضوحٍ وفي حقِّ غير المؤمنين فقط:

....أنا لن أكُفَّ عن التنهُّدِ من أجلِكَ أيها الغني الذي يملك العديدَ من الثياب المختلفة، بعضها للصيف والأخری للشتاء. سيصير عريانًا في وسط الصقيع الكثير، المكان الذي قالَ عنه الربُّ: "حيثُ يكونُ البكاءُ وصرير الأسنان".

ومن فقرة ٩٨:

...أليس بالفعل بؤسًا أنْ يصيرَ الفقيرُ الخاطئُ من فقرٍ (في الدنيا) إلی فقرٍ (في الأخرة)، ومن جوعٍ إلی جوعٍ، ومن عريٍ إلی عريٍ، ومن عَوَزٍ إلی عوزٍ....إلخ

وفي ص٣٣٥، الفقرة ١٧٤:

أي ألمٍ لن يجدَهُ الخاطئُ في أسفلِ الجحيمِ إذا ماتَ في خطاياه؟ إنه مع الشيطان وملائكتِه في أتونِ النارِ، المملوءِ بالصقيعِ والعُريِ، بالتنهد والحزن، بالازدراء والخزي والعار....إلخ

وفي ميامر وأقوال الأنبا أشعياء الإسقيطي - طبعة أبناء البابا كيرلس، ص ٢٠٥، في حق غير المؤمنين فقط، وبمعنی مجازي:

أما الذين يريدون تكميلَ مشيئاتِهم الجسديةَ وقد رفضوا أنْ يُداوُوا نفوسَهم بدواءِ التوبةِ المقدسة لكي يصيروا أطهارًا فهؤلاء يوجَدُون ساعةَ الضيقةِ عراةً ليس عليهم ثوبُ الفضائلِ فيُطرَحُونَ في الظلمةِ الخارجية، الموضعِ الذي يجدون فيه الشيطانَ لابسًا حلةَ الأوجاعِ (الشهوات) التي هي "الزنا" والشهوة ومحبة الفضة والحسد والمجد الباطل والتعظم.....إلخ

لؤي عشري 12-18-2018 09:33 AM

نار تحشر الناس

روى البخاري:
3329 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ أَخْبَرَنَا الْفَزَارِيُّ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ بَلَغَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ مَقْدَمُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ فَأَتَاهُ فَقَالَ إِنِّي سَائِلُكَ عَنْ ثَلَاثٍ لَا يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا نَبِيٌّ قَالَ مَا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ وَمَا أَوَّلُ طَعَامٍ يَأْكُلُهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ وَمِنْ أَيِّ شَيْءٍ يَنْزِعُ الْوَلَدُ إِلَى أَبِيهِ وَمِنْ أَيِّ شَيْءٍ يَنْزِعُ إِلَى أَخْوَالِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَّرَنِي بِهِنَّ آنِفًا جِبْرِيلُ قَالَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ ذَاكَ عَدُوُّ الْيَهُودِ مِنْ الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَّا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ فَنَارٌ تَحْشُرُ النَّاسَ مِنْ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ ...إلخ

7118 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَخْبَرَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَخْرُجَ نَارٌ مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ تُضِيءُ أَعْنَاقَ الْإِبِلِ بِبُصْرَى

وروى مسلم:

[ 2861 ] حدثني زهير بن حرب حدثنا أحمد بن إسحاق ح وحدثني محمد بن حاتم حدثنا بهز قالا جميعا حدثنا وهيب حدثنا عبد الله بن طاوس عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يحشر الناس على ثلاث طرائق راغبين راهبين واثنان على بعير وثلاثة على بعير وأربعة على بعير وعشرة على بعير وتحشر بقيتهم النار تبيت معهم حيث باتوا وتقيل معهم حيث قالوا وتصبح معهم حيث أصبحوا وتمسي معهم حيث أمسوا

وعند الشيعة الاثناعشرية:

علل الشرائع : (باب 85 - علة النسيان والذكر، وعلة شبه الرجل بأعمامه وأخواله)
1 - حدثنا أبى رضى الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن احمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن علي بن أبي حمزة، عن أبى بصير، قال: سألت أبا عبد الله " ع " فقلت له: ان الرجل ربما أشبه أخواله وربما أشبه أباه وربما أشبه عمومته، فقال: ان نطفة الرجل بيضاء غليظة ونطفة المرأة صفراء رقيقة، فان غلبت نطفة الرجل نطفة المرأة شبه الرجل أباه وعمومته، وان غلبت نطفة المرأة نطفة الرجل اشبه الرجل أخواله. 2 - أخبرني علي بن حاتم رضى الله عنه، فيما كتب إلي قال: أخبرني القاسم ابن محمد، عن حمدان بن الحسين، عن الحسين بن الوليد، عن ابن بكير، عن عبد الله بن سنان، عن أبى عبد الله " ع " قال: قلت له، المولود يشبه أباه وعمه قال: إذا سبق ماء الرجل ماء المرأة، فالولد يشبه أباه وعمه، وإذا سبق ماء المرأة ماء الرجل يشبه الرجل أمه وخاله. 3 - حدثنا أبو العباس محمد بن إبراهيم بن اسحاق الطالقاني رضى الله عنه قال: حدثنا محمد بن يوسف الخلال قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن الخليل المخرمى قال: حدثنا عبد الله بن بكر السهمى قال: حدثنا حميد الطويل، عن أنس بن مالك قال: سمع عبد الله بن سلام بقدوم رسول الله صلى الله عليه وآله وهو في أرض يحترث فاتى النبي فقال: انى سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبي ووصي نبي؟ ما أول أشراط الساعة، وما أول طعام أهل الجنة، وما ينزع الولد إلى أبيه أو إلى أمه؟ قال صلى الله عليه وآله أخبرني بهن جبرئيل " ع " آنفا، فقال: هل أخبرك جبرئيل؟ قال: نعم، قال ذلك عدو اليهود من الملائكة، قال ثم قرأ هذه الآية: (قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك باذن الله) أما أول إشراط الساعة: فنار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب، ....إلخ

وهي خرافة وردت في سفر رؤيا بطرس، كما في النص الإثيوبي:

وهذا سيأتي يومَ الدينونة على الذين سقطوا عن الإيمان بالرب والذين ارتكبوا الإثم : طوافين نارٍ ستُطلَق، وظلام وظلمة سيصعد ويغلف ويحجب كل العالم. وستغير المياه وتحول إلى فحم ناري وكل ما فيها سيحترق، وسيصير البحر ناراً.

تحت السماء ستكون نار شديدة لا يمكن أن تطفَأ وتتدفق لتنفيذ دينونة الغضب . وستتطاير النجوم إلى قطع بألسنة النيران، كما لو كن لم يخلقن وقوات السماء (السماوات) ستزول لافتقاد الماء وستصرن كما لو لم يكن.

ستتحول السماء إلى بروق وستخيف البروق كلَّ العالم. وأرواح الموتى ستصير مثلهم (السماوات أو البروق؟) وسيصرن ناراً بأمر الرب.
وما أن يزول كل الخلق، حتى يهرب البشر الذين في الشرق إلى الغرب، [ومن في الغرب] إلى الشرق، ومن في الجنوب سيهربون إلى الجنوب إلى الشمال، ومن في الجنوب [إلى الشمال]ز وفي كل المواضع سيلحقهم غضب نارٍ مخيفة وسيقودهم لهب غير قابل للإخماد جالباً إياهم إلى دينونة الغضب، إلى النار الغير قابلة للإخماد المتدفق، مشتعلاً بالنار، وعندما ستفصل أمواجه كل واحدة نفسها عن الأخرى، محرقة، سيكون هناك صرير أسنانٍ عظيم بين بني البشر.

وجاء في رؤيا يوحنا الأبوكريفية اللاتينية:

ومجدداً سألت: "يا رب، وبعد ذلك ماذا سوف تفعل؟" وسمعت صوتاً يقول لي: "اسمع أيها الصالح يوحنا. ثم سوف أرسل ملائكتي على وجه كل الأرض، وسيحرقون الأرض إلى ثمانية آلاف وخمسمئة ذراع [مخطوطتان تذكران هذا الرقم، أما الأربعة الأخريات ففيهن،٣٠،١٨٠٠،٥٠٠، 100]، وستحرق الجبال، وستذوب الصخور وستصير كالتراب، وستحرق كل شجرة، وكل وحش، وكل شيء زاحف يزحف على الأرض، وكل شيء يتحرك على وجه الأرض، وكل شيء يطير في الهواء، ولن يعود هناك على وجه كل الأرض أي شيء يتحرك بعد، وستصير الأرض بلا حركة."

وراجع باقي هذا النص ص 513 من كتابي هذا الذي بين يديك.

وجاء في تجميعة صموئيل السرياني لعظات أي ميامر أفرام السرياني، العظة أو المقالة الخامسة:

...والأرض تتموج كلها كالبحر مرتعدة من مجده. لأن نارا مرهبة يتقدم سعیرها أمامه تنظف الأرض من الآثام التي دنَّسَتْها....

وفي العظة ١٨:
حین یظهر ابن الله وینحدر من السماوات إلى الأرض، وقوات السماوات تضطرب حین یتسارع إحضار الملائكة، وتتواتر أصوات الأصوار، وقدامه نار محرقة جارية عَدْوًا تنظِّف المسكونة، وحوله زوبعة شدیدة حین تحدث زلازل مرهبة، وبروق لم تحدث ولن تحدث أبدًا إلا في ذلك الیوم، حتى قوات السماوات یشملهم الرعب والرعدة.

قارن أيضًا ما رواه البخاري:

6520 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ خَالِدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَكُونُ الْأَرْضُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ خُبْزَةً وَاحِدَةً يَتَكَفَّؤُهَا الْجَبَّارُ بِيَدِهِ كَمَا يَكْفَأُ أَحَدُكُمْ خُبْزَتَهُ فِي السَّفَرِ نُزُلًا لِأَهْلِ الْجَنَّةِ فَأَتَى رَجُلٌ مِنْ الْيَهُودِ فَقَالَ بَارَكَ الرَّحْمَنُ عَلَيْكَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ أَلَا أُخْبِرُكَ بِنُزُلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ بَلَى قَالَ تَكُونُ الْأَرْضُ خُبْزَةً وَاحِدَةً كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَظَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْنَا ثُمَّ ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ ثُمَّ قَالَ أَلَا أُخْبِرُكَ بِإِدَامِهِمْ قَالَ إِدَامُهُمْ بَالَامٌ وَنُونٌ قَالُوا وَمَا هَذَا قَالَ ثَوْرٌ وَنُونٌ يَأْكُلُ مِنْ زَائِدَةِ كَبِدِهِمَا سَبْعُونَ أَلْفًا

رواه مسلم 2792، وروى مسلم أيضًا:

[ 2928 ] حدثنا نصر بن علي الجهضمي حدثنا بشر يعني بن مفضل عن أبي مسلمة عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لابن صائد ما تربة الجنة قال درمكة بيضاء مسك يا أبا القاسم قال صدقت

[ 2928 ] وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو أسامة عن الجريري عن أبي نضرة عن أبي سعيد أن صياد سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن تربة الجنة فقال درمكة بيضاء مسك خالص
وروى أحمد بن حنبل:

11002 - حَدَّثَنَا رَوْحٌ ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ ، حَدَّثَنَا الْجُرَيْرِيُّ ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَ ابْنَ صَائِدٍ عَنْ تُرْبَةِ الْجَنَّةِ ، فَقَالَ : دَرْمَكَةٌ بَيْضَاءُ ، مِسْكٌ خَالِصٌ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " صَدَقَ ".

رجاله ثقات رجال الصحيح، لكن الجريري -واسمه سعيد بن إياس- قد اختلط، وحماد بن سلمة روى عنه قبل الاختلاط وبعده، ويرجح في هذه الرواية أنه مما رواه عنه بعد الاختلاط، فإن الرواية الثانية التي تنص على أن السائل هو ابن صائد، والمسئول هو النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أظهر وأقرب إلى الصواب، فقد رواها عن الجريري أبو أسامة حماد بن أسامة، -وهي في صحيح مسلم- وهو أوثق من حماد بن سلمة.
وأخرجه عبد بن حميد في "المنتخب" (876) عن روح بن عبادة، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو يعلى (1218) من طريق روح بن أسلم، عن حماد بن سلمة، به
وأخرجه ابن أبي شيبة 13/96، ومن طريقه مسلم (2928) (93) ، وأبو نعيم في "صفة الجنة" (158) ، والبيهقي في "البعث والنشور" (285) من طريق أبي أسامة، عن الجريري، به. وفيه: أن ابن صائد هو الذي سأل النبى-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن تربة الجنة؟ فقال: "درمكة بيضاء، مسك خالص" . وذكر النووي في "شرحه" 18/52 عن القاضي عياض قوله: قال بعض أهل النظر: الرواية الثانية (يعني هذه) أظهر.
وأخرجه مسلم (2928) (92) ، والبيهقي في "البعث والنشور" (287) عن نصر بن علي الجهضمي، حدثنا بشر بن المفضل، عن أبي سلمة، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لابن صائد: ما تربة الجنة... قال الأبي في "شرح مسلم" : وحديث ابن أبي شيبة ومسلم وغيرهما الذي فيه أن السائل هو ابن صياد أظهر عند بعض أهل النظر من حديث نصر بن علي هذا.
وسيأتي برقم (11193) و (11194) و (11389) .
وفي الباب عن جابر بن عبد الله، سيرد 3/361.
قال السندي: قوله: "درمكة بيضاء" ، هو الدقيق الحوارى، من "النهاية" . يريد أنها في البياض والنعومة درمكةً، وفي الطيْب مسْك.

(14883) 14944- حَدَّثَنَا عَلِيٌّ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ مُجَالِدٍ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْيَهُودِ : إِنِّي سَائِلُهُمْ عَنْ تُرْبَةِ الْجَنَّةِ ، وَهِيَ دَرْمَكَةٌ بَيْضَاءُ ، فَسَأَلَهُمْ ، فَقَالَوا : هِيَ خُبْزَةٌ يَا أَبَا الْقَاسِمِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : الْخُبْزُ مِنَ الدَّرْمَكِ.(3/361).

حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف مجالد: وهو ابن سعيد.
علي: هو ابن عبد الله المديني، وسفيان: هو ابن عيينة، والشعبي: هو عامر بن شراحيل.
وأخرجه الترمذي (3327) عن ابن أبي عمر، وأبو نعيم في "صفة الجنة" (159) من طريق محمد بن أبي خلف، كلاهما عن سفيان، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو نعيم (152) من طريق ابن أبي نجيح، عن الزبير بن موسى، عن أبيه، عن جابر، بنحوه. وموسى- وهو ابن ميناء- والد الزبير لا يعرف.
وأخرجه أبو نعيم (153) من طريق محمد بن أبي السري، عن سفيان، بهذا الإسناد. موقوفاً، مختصراً بدون قصة.
وأخرجه أبو نعيم (156) من طريق ابن أبي نجيح، عن جابر. موقوفاً.
وإسناده معضل.
ويشهد له حديث أبي سعيد الخدري في مسند أحمد بن حنبل برقم (11002) .



ذكر منبر بدل عرش لله في عظات بعض الآباء ومنابر للصالحين في أحاديث الإسلام بدل العروش

روى مسلم، كمثال:

[ 1827 ] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب وابن نمير قالوا حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو يعني بن دينار عن عمرو بن أوس عن عبد الله بن عمرو قال بن نمير وأبو بكر يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم وفي حديث زهير قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن عز وجل وكلتا يديه يمين الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا

ورواه أحمد 6485 و 6492 و 6897

وروى أحمد:

(22064) 22414- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي مَرْزُوقٍ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ ، عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلاَنِيِّ قَالَ : أَتَيْتُ مَسْجِدَ أَهْلِ دِمَشْقَ ، فَإِذَا حَلْقَةٌ فِيهَا كُهُولٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَإِذَا شَابٌّ فِيهِمْ أَكْحَلُ الْعَيْنِ بَرَّاقُ الثَّنَايَا كُلَّمَا اخْتَلَفُوا فِي شَيْءٍ رَدُّوهُ إِلَى الْفَتَى ، فَتًى شَابٌّ ، قَالَ : قُلْتُ لِجَلِيسٍ لِي : مَنْ هَذَا ؟ قَالَ : هَذَا مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ قَالَ : فَجِئْتُ مِنَ الْعَشِيِّ فَلَمْ يَحْضُرُوا . قَالَ : فَغَدَوْتُ مِنَ الْغَدِ . قَالَ : فَلَمْ يَجِيئُوا فَرُحْتُ فَإِذَا أَنَا بِالشَّابِّ يُصَلِّي إِلَى سَارِيَةٍ ، فَرَكَعْتُ ، ثُمَّ تَحَوَّلْتُ إِلَيْهِ . قَالَ : فَسَلَّمَ فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَقُلْتُ : إِنِّي لأُحِبُّكَ فِي اللهِ . قَالَ : فَمَدَّنِي إِلَيْهِ . قَالَ : كَيْفَ قُلْتَ ؟ قُلْتُ : إِنِّي لأُحِبُّكَ فِي اللهِ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : الْمُتَحَابُّونَ فِي اللهِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ فِي ظِلِّ الْعَرْشِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ . قَالَ : فَخَرَجْتُ حَتَّى لَقِيتُ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ فَذَكَرْتُ لَهُ حَدِيثَ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ فَقَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْكِي عَنْ رَبِّهِ يَقُولُ : حَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فِيَّ ، وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَبَاذِلِينَ فِيَّ ، وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَزَاوِرِينَ فِيَّ ، وَالْمُتَحَابُّونَ فِي اللهِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ فِي ظِلِّ الْعَرْشِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ. (5/236)

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح غير حبيب بن أبي مرزوق، فقد روى له الترمذي والنسائي، وهو ثقة . أبو مسلم الخولاني: هو عبد الله بن ثُوَب .
وأخرجه الطبراني في "الكبير" 20/ (167) ، والمزي في ترجمة أبي مسلم الخولاني من "تهذيب الكمال" 34/292-293 من طريق عبد الله بن أحمد، عن أبيه أحمد بن حنبل، بهذا الإسناد - واقتصر على حديث معاذ .
وأخرجه مختصراً ابن أبي شيبة 13/145، ومن طريقه الطبراني 20/ (167)
عن وكيع به .
وأخرجه الشاشي في "مسنده" (1236) و (1237) من طريق كثير بن هشام، عن جعفر بن برقان، به - والموضع الثاني عنده مختصر .
وانظر ما سلف برقم (22002)


(22080) 22431- حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ ، حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ ، يَعْنِي ابْنَ بُرْقَانَ ، حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِي مَرْزُوقٍ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ ، عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلاَنِيِّ قَالَ : دَخَلْتُ مَسْجِدَ حِمْصَ فَإِذَا فِيهِ نَحْوٌ مِنْ ثَلاَثِينَ كَهْلاً مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَإِذَا فِيهِمْ شَابٌّ أَكْحَلُ الْعَيْنَيْنِ ، بَرَّاقُ الثَّنَايَا سَاكِتٌ ، فَإِذَا امْتَرَى الْقَوْمُ فِي شَيْءٍ أَقْبَلُوا عَلَيْهِ فَسَأَلُوهُ . فَقُلْتُ : لِجَلِيسٍ لِي مَنْ هَذَا ؟ قَالَ : هَذَا مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ فَوَقَعَ لَهُ فِي نَفْسِي حُبٌّ ، فَكُنْتُ مَعَهُمْ حَتَّى تَفَرَّقُوا ، ثُمَّ هَجَّرْتُ إِلَى الْمَسْجِدِ ، فَإِذَا مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ قَائِمٌ يُصَلِّي إِلَى سَارِيَةٍ ، فَسَكَتَ لاَ يُكَلِّمُنِي فَصَلَّيْتُ ، ثُمَّ جَلَسْتُ فَاحْتَبَيْتُ بِرِدَائِي ، ثُمَّ جَلَسَ فَسَكَتَ لاَ يُكَلِّمُنِي ، وَسَكَتُّ لاَ أُكَلِّمُهُ ، ثُمَّ قُلْتُ : وَاللَّهِ إِنِّي لأُحِبُّكَ . قَالَ : فِيمَ تُحِبُّنِي ؟ قَالَ : قُلْتُ : فِي اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَأَخَذَ بِحُبْوَتِي فَجَرَّنِي إِلَيْهِ هُنَيَّةً ، ثُمَّ قَالَ : أَبْشِرْ إِنْ كُنْتَ صَادِقًا سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : الْمُتَحَابُّونَ فِي جَلاَلِي لَهُمْ مَنَابِرُ مِنْ نُورٍ يَغْبِطُهُمُ النَّبِيُّونَ وَالشُّهَدَاءُ ، قَالَ : فَخَرَجْتُ فَلَقِيتُ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ فَقُلْتُ : يَا أَبَا الْوَلِيدِ لاَ أُحَدِّثُكَ بِمَا حَدَّثَنِي مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ فِي الْمُتَحَابِّينَ . قَالَ : فَأَنَا أُحَدِّثُكَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْفَعُهُ إِلَى الرَّبِّ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ : حَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فِيَّ وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَزَاوِرِينَ فِيَّ ، وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَبَاذِلِينَ فِيَّ ، وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَوَاصِلِينَ فِيَّ. (5/239)

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح غير حبيب بن أبي مرزوق، فقد روى له الترمذي والنسائي، وهو ثقة . أبو مسلم الخولاني: هو عبد الله بن ثُوَب .
وأخرجه الترمذي (2390) ، والشاشي في "مسنده" (1385) من طريق كثير ابن هشام، بهذا الإسناد . واقتصرت رواية الترمذي على حديث معاذ بن جبل .
وانظر أحمد بن حنبل برقم (22002) .

وعند الشيعة الاثناعشرية ذكر كثير لمنابر الصالحين أيضًا:

الكافي: باب الحب في الله والبغض في الله: 4 الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن علي ابن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: سمعته يقول: إن المتحابين في الله يوم القيامة على منابر من نور قد أضاء نور وجوهم ونور أجساد هم ونور منابر هم كل شئ حتى يعرفوا به، فيقال: هؤلاء المتحابون في الله.

تفسير الفرات : سليمان بن محمد معنعنا عن ابن عباس قال : سمعت أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام [ يقول ] دخل رسول الله صلى الله عليه واله ذات يوم على فاطمة عليها السلام وهي حزينة فقال لها : ما حزنك يا بنية ؟ قالت : يا أبه ذكرت المحشر ووقوف الناس عراة يوم القيامة قال : يا بنية إنه ليوم عظيم ولكن قد أخبرني جبرئيل عن الله عز وجل أنه قال : أول من تنشق عنه الارض يوم القيامة أنا ثم أبي إبراهيم ثم بعلك علي بن أبي طالب عليه السلام .
ثم يبعث الله إليك جبرئيل في سبعين ألف ملك فيضرب على قبرك سبع قباب من نور ثم يأتيك إسرافيل بثلاث حلل من نور فيقف عند رأسك فينادينك يا فاطمة بنت محمد ! قومي إلى محشرك ، فتقومين آمنة روعتك ، مستورة عورتك ، فيناولك إسرافيل الحلل فتلبسينها ويأتيك زوقائيل بنجيبة من نور ، زمامها من لؤلؤ رطب عليها محفة من ذهب ، فتركبينها ويقود زوقائيل بزمامها ، وبين يديك سبعون ألف ملك بأيديهم ألوية التسبيح . فإذا جد بك السير استقبلتك سبعون ألف حوراء ، يستبشرون بالنظر إليك بيد كل واحدة منهن مجمرة من نور يسطع منها ريح العود من غير نار ، وعليهن أكاليل الجوهر المرصع بالزبرجد الاخضر ، فيسرن عن يمينك ، فاذاسرت مثل الذي سرت من قبرك إلى أن لقينك ، استقبلتك مريم بنت عمران ، في مثل من معك من الحور فتسلم عليك وتسير هي ومن معها عن يسارك .
ثم تستقبلك امك خديجة بنت خويلد أول المؤمنات بالله ورسوله ، ومعها سبعون ألف ملك بأيديهم ألويه التكبير فاذا قربت من الجمع استقبلتك حواء في سبعين ألف حوراء ومعها آسية بنت مزاحم فتسير هي ومن معها معك . فإذا توسطت الجمع وذلك أن الله يجمع الخلائق في صعيد واحد ، فيستوي بهم الاقدام ثم ينادي مناد من تحت العرش يسمع الخلائق : غضوا أبصاركم حتى تجوز فاطمة الصديقة بنت محمد ومن معها ، فلا ينظر إليك يومئذ إلا إبراهيم خليل الرحمن صلوات الله وسلامه عليه وعلي بن أبي طالب ، ويطلب آدم حوا فيراها مع امك خديجة أمامك . ثم ينصب لك منبر من النور فيه سبع مراقي بين المرقاة إلى المرقاة صفوف الملائكة ، بأيديهم ألويه النور ، ويصطف الحور العين عن يمين المنبر وعن يساره وأقرب النساء معك عن يسارك حواء وآسية فاذا صرت في أعلي المنبر أتاك جبرئيل عليه السلام فيقول لك : يا فاطمة سلي حاجتك ، فتقولين : يارب أرني الحسن والحسين فيأتيانك وأوداج الحسين تشخب دما ، وهو يقول : يارب خذ لي اليوم حقي ممن ظلمني . فيغضب عند ذلك الجليل ، ويغضب لغضبه جهنم والملائكة أجمعون ، فتزفر جهنم عند ذلك زفرة ثم يخرج فوج من النار ويلتقط قتلة الحسين وأبناءهم وأبناء أبنائهم ويقولون : يارب إنا لم نحضر الحسين ، فيقول الله لزبانية جهنم : خذوهم بسيماهم بزرقة الاعين وسواد الوجود ، خذوا بنواصيهم فألقوهم في الدرك الاسفل من النار فانهم كانوا أشد على أولياء الحسين من آبائهم الذين حاربوا الحسين فقتلوه .

اتضح لي أن فكرة منابر القديسين والشهداء في الأحاديث الإسلامية -بدلًا من العروش كما في سفر رؤيا يوحنا من الإنجيل مثلًا- يعود أصلُه إلی استعمال للفظ المنبر والمنابر بدل العرش والعروش في كتابات بعض الآباء، ولعل أصل هذا مأخوذ من منابر القضاة والحكام.

فجاء في الأنبا شنودة رئيس المتوحدين، سيرته وتعاليمه وقوانينه، ج ١، في ص ٣٤٨، من العظة 26a، وهي خطبة عظة عن الموت والحساب، في جزء تالف من المخطوطة جمله غير تامة، لكن فيه ورد:

...عن وقوف الناس أمام منبر الرب، عن وقت الموت والعذابات التي في....

وفي ص ٣٨٣، من عظة ١٤أ، مفقودة العنوان والمخطوطة سيئة الحال نوعًا، لكن المترجم اقترح لها بناءً علی محتواها عنوان "عظة التوبة"، مما ورد فيها في الفقرة ٨:

ولو سُقْتَ خصمَكَ إلی المحكمةِ لأنكَ لم تتراضَ معه، وسلَّمَهُ القاضي للشرطيَّ وأُلْقِيَ به في السجن، فربما يقوم آخرُ بإعطائِهِ ما لكَ عليه، فيعطيك إياه ويخرج من السجن [أفسس ٤: ٣٠].لكنْ إذا اشتكَتْ عليكَ كلمةُ اللهِ -التي أنت مدينٌ لها بعدم الخطية والطهارةوالبِرِّ وكلِّ صلاحٍ- أمامَ مِنبَرِ يسوع؛ لأنها لم ترضَ عنك، فسلَّمَكَ الربُّ إلی يدِ الملاك فألقاكَ إلی الجحيم، فمَن سيقدرُ أنْ يجذبَكَ من ذلك المكان؟ لأنه كما أنه طوبی لمن سيطيع الكلمة التي قالها الرب في الإنجيل أن يتراضی مع خصمِهِ، فكذلك الويلُ لمن لم يتراضَ مع خصمه فيعطيَه الفرصةَ للتفاهمِ معه.

وبخلاف ذلك، يذكر في مواضع أخری كرسيًّا أو عرشًا، مثلًا في ص ٣٨٥، من فقرة ١١:

...لأنهم إذا كانوا سيُدينون جارَهم من أجلِ مالٍ، أو إذا كان قد أخطأ عليهم مرةً واحدةً، وليس سبع مراتٍ أو سبعين مرةً، فكيف ستنجون -أنتم الذين تلهَجُون في تلك الكلمات المُرَّة- فلا يُحكَمُ عليكم أو تدانون أمامَ كرسي القاضي الحقيقي، يسوع؟

وجاء في أقوال وميامر الأنبا إشعيا الإسقيطي- طبع من لقَّبوا أنفسَهم بأبناء البابا كيرلس السادس، ص ٥٧:

...فالإنسان إذا سقط مرة يصير تحت التوبة، ولا يكون في مأمنٍ طالما لم يعرِفْ إذا كان قد وُهِبَ الغفرانُ. فالخطيةُ قد ارتُكِبَتْ بالفعل، أما الرحمة فهي من اختصاصِ اللهِ وحدَه. لذلك فقلبُكَ لا يقدِرُ أنْ يصرِفَ عنه الاهتمامَ إلی أنْ نقِفَ أمامَ منبرِ الله.

وفي ص ٢٣٦ يذكر من صفات الراهب المتوحد:

...يحزنُ إذا ذَكَرَ ساعةَ موتِهِ وقيامَهُ قُدَّامَ مِنبَرِ المسيحِ.

وجاء في كتاب مختارات نسكية وزهدية لأفرام السرياني، ص ٥٤ ورد:

...إنَّ نفسَ الخاطئِ تَخرُجُ بخوفٍ منَ الجسدِ، وتذهب برِعدةٍ للمثولِ أمامَ منبرِ الحاكمِ الرهيبِ...إلخ.

وفي ص ٥٥:

...توقع في كل يوم انفصالَكَ عن هذا العالم ومثولَكَ أمام منبر الرب....

وفي ص ٢٨:

...الويلُ لكَ -يا أفرام- من جراء يوم الدين إذا ما وقفتَ أمامَ منبرِ ابنِ اللهِ حينَ يحيطُ بي الجميعُ فآنذاك سأخجل منْ أفعالي....

وفي ص٧٤:

عندئذٍ أيها الأخوة الأحباء تقف الإنسانيةُ كلُّها بين الملكوت والقضاء، بين الحياة والموت، بين الفرح والعوز، سوف يتطلعون كلهم إلی أسفل. سنقف حول المنبر الرهيب نُسْأَلُ ونُفْحَصُ بدقةٍ كبيرةٍ وبخاصةٍ منا أولئك الذين عاشوا في التقاعس (الإهمال).

وفي ص ٧٧:

الويل للذين سوف يكونون إلی اليسار لأنهم سوف يغمی عليهم ويرتعدون ويصرفون علی أسنانهم عندما يسمعون هذه العبارة: "لا أعرفكم". عندها سوف يُطْرَدون من أمام المنبر الرهيب ويُسَلَّمون بخوفٍ كبيرٍ إلی يدي الموت ليرعاهم.

وفي ص ١٠٩:

...ليكُنْ حديثُنا عن الدينونة وعن اعتذارنا أمام منبر الرب.

وفي ص ١٦٥:

فلهذا أتضرع إلی محبتكم جميعًا يا مبارَكي المسيحِ ومشارِكي الفردوسِ أنْ تحرِصُوا جميعُكم علی استرضاءِ المسيحِ الذي جنَّدَكم لخدمتِهِ فلا يُطرَحُ أحدكم كمن قد تهاون أو تقاعس يا من هم تحت نير الله، احذروا أنْ تعمَلوا مشيئاتِ الجسد، لكي لا تكونوا بلا أعذارٍ أمامَ ذلكَ المِنبرِ الرهيبِ حيث تكون مجازاة كل أحدٍ علی ما فعل من عمل صالح أو طالح.

وفي تجميعة صموئيل السرياني لمقالات أفرام السرياني، المقال ١٤:

أرثِ یارب، أیها المتحنن، المسیح المخلص؛ الابن الوحید؛ لعبدك العاطل لئلا أوجد هناك قدام المنبر واقفا بخوف وخزي عظيم، وعارًا للمشاهِدين؛ أي: الملائكة والناس.

وفي المقال ١٧:

ولنزینها بالصلوات والأصوام والأسهار والدموع، حتى تجد النفس دالة یسیرة أمام منبر المسیح المرهوب، حیث تقف النفوس كلها بخوف، حیث یصیر تمییز المختارین من الخطاة، ویقف الخراف عن الیمین، والجداء عن الیسار.

وفي المقال ٢٥ ذكر المنبر بدل العرش كخاصية للملوك:

إذا جاهدتَ أشدَّ الجهادِ فستعرفُ حينئذٍ مواهبَ الملكِ وتعلَمُ موقنًا وقتَئذٍ أن وصايا الرب وحفظها والصبر له حسن نافع صالح. حينَئذٍ تحسُّ بالأوجاعِ [الشهات] كمنامٍ، صائرةً لكَ كتاجِ الملكِ علی رأسِهِ جالسًا علی منبرِهِ...إلخ

وفي المقال العشرين ورد ذكر العرش وليس منبرًا كالقاضي:

ونجني من كل عمل خبیث، وألمع في یارب یسوع المسیح مخلص العالم محبتك الكاملة، واكتب اسم عبدك في سفر الحیاة، وهب لي نهایة صالحة، لكي أرفع راية الظفر، وأسجد بلا خجل أمام عرش ملكك مع كافة القدیسین. إنه بك یلیق المجد إلى الدهور .آمین.

وإنْ أتاني يمشي أتَيْتُهُ هَرْوَلَةً

روى مسلم:

[ 2675 ] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب واللفظ لأبي كريب قالا حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الله عز وجل أنا عند ظن عبدي وأنا معه حين يذكرني فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وإن ذكرني في ملإ ذكرته في ملإ خير منه وإن اقترب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا وإن اقترب إلي ذراعا اقتربت إليه باعا وإن أتاني يمشي أتيته هرولة

[ 2687 ] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا وكيع حدثنا الأعمش عن المعرور بن سويد عن أبي ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الله عز وجل من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها وأزيد ومن جاء بالسيئة فجزاؤه سيئة مثلها أو أغفر ومن تقرب مني شبرا تقربت منه ذراعا ومن تقرب منى ذراعا تقربت منه باعا ومن أتاني يمشي أتيته هرولة ومن لقيني بقراب الأرض خطيئة لا يشرك بي شيئا لقيته بمثلها مغفرة قال إبراهيم حدثنا الحسن بن بشر حدثنا وكيع بهذا الحديث

وجاءَ في المزامير الروحية لأفرام السرياني، ص ٢٦٧:

...اجثُ أمامَ سيدِكَ الرحيمِ واعترِفْ بخطاياك. لكنْ قبلَ أنْ تقولَ أيَّ شيءٍ هو يعرِفُ سلفًا ماذا تنوي أنْ تقولَ. قبلَ أنْ تفتحَ شفتيْكَ، سيری ما في قلبِكَ. لن تقدرَ أنْ تقولَ "قد خطِئْتُ" قبلَ أن تراهُ يمدُّ يديه ليستقبِلَكَ ويُعانِقَكَ.

وجاء في تجميعة سمعان السرياني لعظات أفرام السرياني، في الفصل الرابع:

إنه إله صالح، قبل أن تهطُلَ الدموعُ يسكبُ كنوزَه وقبل أن تتضرع إليه يصالحك، وقبل أن تبتهل إليه تنال الرحمة. لأن محبة الله هكذا تشتاق إلی كل من يقبل إليه. إذ لا يبطئ عـن الاستماع ولا يطالبك بالزمان الذي قد مضى إنما يطلب أن يُخضَع له في تواضع بدموع إذ يغفر تماماً كافة الآثام والخطايا بـل وكل الهفوات، ويأمر في الحال بإحضار الحلة الأولی ويعمل خاتماً في يده اليمنی ويأمر الملائكة أن تـسر معه برجـوع هـذا الخاطئ [لوقا ١٥: ٢٢- ٢٤]).

وفي تجميعة صموئيل السرياني، المقال ١١:

یشفي الجراحات ویهب الحیاة بلا حسد، لأنه صالح یقبل بسهولة كافة الذین یخرون ساجدین لأنه هو الإله الأعظم وسابقٌ علمُه، یعرف سائر رؤیتنا وأفكارنا؛ یبرئ الإنسان إذا تقدم إليه، لأنه يعاين قلبه وكافة نشاطه إذا دنا إليه مؤمنًا بفكرٍ غيرِ متنقِلٍ.فالإله الصالح بخیریته موجود للذین یبتغونه؛ ومن قبل أن یرفع الإنسان نظره إلیه یقول له: قد حضرت. وقبل أن یدنو منه یفتح له كنزه، وقبل أن یهمل دموعه یسكب كنوزه، وقبل أن یتضرع إلیه یصالحه، وقبل أن یبتهل إلیه ینال الرحمة لأن محبة الله بخلوص تشتاق هكذا. والذین یقبلون إلیه لا یبطئ عن الاستماع لهم، لا یشكو من یقبل إليه قائلا لم خدمت العدو مثل هذا الزمان وتهاونت بي عمداَ. لا یطلب كمیة الزمان السالف، إنما یطلب السید أن یُسْكَب أمامه تواضعٌ ودموع وتنهد.

لأن إلهنا وجابلنا هو سابق العلم؛ فیغفر في الحین كافة مآثمه؛ وكل هفوات أفكاره جماعة ً وأفعاله ویأمر بإحضار الحلة الأولى، ویجعل خاتما في یده الیمنى، ویأمر الملائكة أن یسروا معا بوجود نفس الخاطئ فمغبوطون نحن الناس أجمع؛ فإن لنا سیدًا حلوًا غیرَ حقودٍ صالحًا.

وفي المقال ١٦:

إن محبتك تائقة لخلاصنا، فأمر بها إلینا لكي ما إذا مجدناها نتعظم وننال مجداً، لأنني موقن أن محبة نعمتك تعتنق وتقبل المقبلین إلیها.

وبما أنك لم تزل عالما بعلم سابق؛ فتتقدم وتعرف قلب المقبل إلیك إن كان خلع العالم بالكلیة؛ فقبل أن یصل إلى الباب تفتح له، وقبل أن یجثو ساجدا تناوله یدا، وقبل أن یفیض دموعا تقطر علیه رأفاتك، وقبل أن یعترف بجرائمه تعطیه الغفران. ولا تقول له كیف أجزت زمانك؟ أین أفنیت وقتك؟ ولا تطلب كتاب خطایاه، ولا تتذكر إغاظة توانیه، ولا تعیر إنكاره إحساناتك. لكنك تتقدم فتبصر التواضع والبكاء وسجیة القلب؛ وتهتف أخرجوا الحلة الأولى وألبسوه إیاها، اذبحوا العجل المسمن للفرح والسرور؛ لیحضر الملائكة ویفرحوا معنا بوجود الابن الضال؛ وعودة الوارث الضائع؛ وبمنزلة تاجر عائد من سفره بغنى جزیل.
مكان المؤمن في جهنم كافر أي: غير مؤمن

وهي فكرة سبق وعرضتها من كتابات الهاجادة الربينية اليهودية، واقتبستها الأحاديث الإسلامية.
وجاء في تجميعة صموئيل السرياني لعظات أفرام السرياني، المقالة الثامنة:

تذكر یا حبیبي عرش الإله المرهوب كل حین؛ فیكونَ لك ثباتًا، ویعاقبَ عوضَكَ المغتالين لنفسك.

وروى البخاري:

1338 - حَدَّثَنَا عَيَّاشٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا سَعِيدٌ قَالَ وَقَالَ لِي خَلِيفَةُ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْعَبْدُ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ وَتُوُلِّيَ وَذَهَبَ أَصْحَابُهُ حَتَّى إِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ أَتَاهُ مَلَكَانِ فَأَقْعَدَاهُ فَيَقُولَانِ لَهُ مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَقُولُ أَشْهَدُ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ فَيُقَالُ انْظُرْ إِلَى مَقْعَدِكَ مِنْ النَّارِ أَبْدَلَكَ اللَّهُ بِهِ مَقْعَدًا مِنْ الْجَنَّةِ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَرَاهُمَا جَمِيعًا وَأَمَّا الْكَافِرُ أَوْ الْمُنَافِقُ فَيَقُولُ لَا أَدْرِي كُنْتُ أَقُولُ مَا يَقُولُ النَّاسُ فَيُقَالُ لَا دَرَيْتَ وَلَا تَلَيْتَ ثُمَّ يُضْرَبُ بِمِطْرَقَةٍ مِنْ حَدِيدٍ ضَرْبَةً بَيْنَ أُذُنَيْهِ فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهَا مَنْ يَلِيهِ إِلَّا الثَّقَلَيْنِ

6569 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَدْخُلُ أَحَدٌ الْجَنَّةَ إِلَّا أُرِيَ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ لَوْ أَسَاءَ لِيَزْدَادَ شُكْرًا وَلَا يَدْخُلُ النَّارَ أَحَدٌ إِلَّا أُرِيَ مَقْعَدَهُ مِنْ الْجَنَّةِ لَوْ أَحْسَنَ لِيَكُونَ عَلَيْهِ حَسْرَةً

وروى أحمد بن حنبل:
(10652) 10660- حَدَّثَنَا أَسْوَدُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كُلُّ أَهْلِ النَّارِ يَرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ ، فَيَقُولُ : لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي . فَيَكُونُ عَلَيْهِ حَسْرَةً قَالَ : وَكُلُّ أَهْلِ الْجَنَّةِ يَرَى مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ ، فَيَقُولُ : لَوْلاَ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي . قَالَ : فَيَكُونُ لَهُ شُكْرًا.

(10980) 10993- حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ الأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : لاَ يَدْخُلُ أَحَدٌ النَّارَ إِلاَّ أُرِيَ مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ ، لَوْ أَحْسَنَ لِيَكُونَ عَلَيْهِ حَسْرَةً ، وَلاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ أَحَدٌ إِلاَّ أُرِيَ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ لَوْ أَسَاءَ لِيَزْدَادَ شُكْرًا. (2/541).

(12271) 12296- حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، (ح) وَيُونُسُ ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ ، أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ ، وَتَوَلَّى عَنْهُ أَصْحَابُهُ حَتَّى إِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ ، أَتَاهُ مَلَكَانِ فَيُقْعِدَانِهِ ، فَيَقُولاَنِ لَهُ : مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ ، لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ فَيَقُولُ : أَشْهَدُ أَنَّهُ عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ ، فَيُقَالُ : انْظُرْ إِلَى مَقْعَدِكَ مِنَ النَّارِ ، فَقَدْ أَبْدَلَكَ اللَّهُ بِهِ مَقْعَدًا فِي الْجَنَّةِ ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَيَرَاهُمَا جَمِيعًا قَالَ رَوْحٌ فِي حَدِيثِهِ : قَالَ قَتَادَةُ : فَذَكَرَ لَنَا أَنَّهُ يُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ سَبْعُونَ ذِرَاعًا ، وَيُمْلأُ عَلَيْهِ خُضْرًا إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : وَأَمَّا الْكَافِرُ وَالْمُنَافِقُ ، فَيُقَالُ لَهُ : مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ ؟ فَيَقُولُ لاَ أَدْرِي . كُنْتُ أَقُولُ مَا يَقُولُ النَّاسُ ، فَيُقَالُ لَهُ : لاَ دَرَيْتَ وَلاَ تَلَيْتَ ، ثُمَّ يُضْرَبُ بِمِطْرَاقٍ مِنْ حَدِيدٍ ضَرْبَةً بَيْنَ أُذُنَيْهِ ، فَيَصِيحُ صَيْحَةً فَيَسْمَعُهَا مَنْ يَلِيهِ غَيْرُ الثَّقَلَيْنِ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : يَضِيقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ ، حَتَّى تَخْتَلِفَ أَضْلاَعُهُ. (3/126).

وروى مسلم:

[ 2767 ] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو أسامة عن طلحة بن يحيى عن أبي بردة عن أبي موسى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم القيامة دفع الله عز وجل إلى كل مسلم يهوديا أو نصرانيا فيقول هذا فكاكك من النار

[ 2767 ] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عفان بن مسلم حدثنا همام حدثنا قتادة أن عونا وسعيد بن أبي بردة حدثاه أنهما شهدا أبا بردة يحدث عمر بن عبد العزيز عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يموت رجل مسلم إلا أدخل الله مكانه النار يهوديا أو نصرانيا قال فاستحلفه عمر بن عبد العزيز بالله الذي لا إله إلا هو ثلاث مرات أن أباه حدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فحلف له قال فلم يحدثني سعيد أنه أستحلفه ولم ينكر على عون قوله

[ 2767 ] حدثنا إسحاق بن إبراهيم ومحمد بن المثنى جميعا عن عبد الصمد بن عبد الوارث أخبرنا همام حدثنا قتادة بهذا الإسناد نحو حديث عفان وقال عون بن عتبة

[ 2767 ] حدثنا محمد بن عمرو بن عباد بن جبلة بن أبي رواد حدثنا حرمي بن عمارة حدثنا شداد أبو طلحة الراسبي عن غيلان بن جرير عن أبي بردة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يجئ يوم القيامة ناس من المسلمين بذنوب أمثال الجبال فيغفرها الله لهم ويضعها على اليهود والنصارى فيما أحسب أنا قال أبو روح لا أدرى ممن الشك قال أبو بردة فحدثت به عمر بن عبد العزيز فقال أبوك حدثك هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم قلت نعم

عدم تزكية أو مديح أحد

روی البخاري:

7003 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ أُمَّ الْعَلَاءِ امْرَأَةً مِنْ الْأَنْصَارِ بَايَعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهُمْ اقْتَسَمُوا الْمُهَاجِرِينَ قُرْعَةً قَالَتْ فَطَارَ لَنَا عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ وَأَنْزَلْنَاهُ فِي أَبْيَاتِنَا فَوَجِعَ وَجَعَهُ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ فَلَمَّا تُوُفِّيَ غُسِّلَ وَكُفِّنَ فِي أَثْوَابِهِ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْكَ أَبَا السَّائِبِ فَشَهَادَتِي عَلَيْكَ لَقَدْ أَكْرَمَكَ اللَّهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا يُدْرِيكِ أَنَّ اللَّهَ أَكْرَمَهُ فَقُلْتُ بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَنْ يُكْرِمُهُ اللَّهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَّا هُوَ فَوَاللَّهِ لَقَدْ جَاءَهُ الْيَقِينُ وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو لَهُ الْخَيْرَ وَ وَاللَّهِ مَا أَدْرِي وَأَنَا رَسُولُ اللَّهِ مَاذَا يُفْعَلُ بِي فَقَالَتْ وَاللَّهِ لَا أُزَكِّي بَعْدَهُ أَحَدًا أَبَدًا حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ بِهَذَا وَقَالَ مَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِهِ قَالَتْ وَأَحْزَنَنِي فَنِمْتُ فَرَأَيْتُ لِعُثْمَانَ عَيْنًا تَجْرِي فَأَخْبَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ ذَلِكَ عَمَلُهُ

2662 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَثْنَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ وَيْلَكَ قَطَعْتَ عُنُقَ صَاحِبِكَ قَطَعْتَ عُنُقَ صَاحِبِكَ مِرَارًا ثُمَّ قَالَ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَادِحًا أَخَاهُ لَا مَحَالَةَ فَلْيَقُلْ أَحْسِبُ فُلَانًا وَاللَّهُ حَسِيبُهُ وَلَا أُزَكِّي عَلَى اللَّهِ أَحَدًا أَحْسِبُهُ كَذَا وَكَذَا إِنْ كَانَ يَعْلَمُ ذَلِكَ مِنْهُ

2663 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَبَّاحٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ حَدَّثَنَا بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا يُثْنِي عَلَى رَجُلٍ وَيُطْرِيهِ فِي مَدْحِهِ فَقَالَ أَهْلَكْتُمْ أَوْ قَطَعْتُمْ ظَهَرَ الرَّجُلِ

جاء في ميامر وأقوال الأنبا أشعياء الإسقيطي - طبع أبناء البابا كيرلس السادس، ص ٨٧:

إن قال أحدٌ عن آخَرَ أنَّهُ صالحٌ أو رديٌ، فذلكَ خزيٌ له لأنه يقطعُ بيقينٍ أنَّ الآخرَ أكثرُ ردءةً منه. .....إذا مجَّدَكَ أحدٌ وقَبِلْتَ ذلك، فالنوحُ غائبٌ عنكَ...

وفي ص١٩٨:

أما إذا مدحَك إنسانٌ أو كرَّمَكَ فاحزنْ وصلِّ لكي يُرْفَعَ عنكَ هذا الحملُ الثقيل.
.....احترز واحفظ نفسك جيدًا لكي تقتنيَ هلَعًا وبغضةً تامة -كما للموت العظيم وهلاك النفس والعذاب الأبدي- لمحبة الرئاسة والعظمة واشتهاء المجد والكرامات والمديح من جانب الناس والظن بأنك شيء وأنك غني في الفضيلة أو أفضل من آخَرَ.

وفي ص٢٣٦:

...إنْ قبلتَ شيئًا من السَبحِ الباطلِ ابتعدَ عنكَ النوحُ، إنْ تكلمتَ وقلتَ إن فلانًا صالحٌ أو شريرٌ فهو خزيٌ لكَ، لأنكَ بذلكَ تكونُ أشرَّ منه.....إن مدحَكَ إنسانٌ وقبلتَ منه فليسَ فيكَ نوحٌ...

وكلام كل الآباء الرهبان عن السبح الباطل أو مديح الناس الباطل كثير جدًّا ومتكرر ولم أجمعْه.

تحريم التثاؤب والفم مفتوح

جاء في ميامر وأقوال الأنبا إشعيا الإسقيطي، ط أبناء البابا كيرلس، ص١٥:

لا تتمطَأْ علی مرأی من أحد، وإذا جاءَكَ التثاؤبُ فلا تفتحْ فمَكَ فيذهبُ....

هذا مماثل للتعليم المنسوب إلی محمد، فقد روی البخاري:
3289 - حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ التَّثَاؤُبُ مِنْ الشَّيْطَانِ فَإِذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَرُدَّهُ مَا اسْتَطَاعَ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَالَ هَا ضَحِكَ الشَّيْطَانُ

6223 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعُطَاسَ وَيَكْرَهُ التَّثَاؤُبَ فَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ فَحَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ سَمِعَهُ أَنْ يُشَمِّتَهُ وَأَمَّا التَّثَاؤُبُ فَإِنَّمَا هُوَ مِنْ الشَّيْطَانِ فَلْيَرُدَّهُ مَا اسْتَطَاعَ فَإِذَا قَالَ هَا ضَحِكَ مِنْهُ الشَّيْطَانُ

وروى أحمد بن حنبل:

(9530) 9526- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ ، حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ ، وَحَجَّاجٌ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُحِبُّ الْعُطَاسَ ، وَيَكْرَهُ التَّثَاؤُبَ ، فَمَنْ عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ ، فَحَقٌّ عَلَى مَنْ سَمِعَهُ أَنْ يَقُولَ : يَرْحَمُكَ اللَّهُ ، وَإِذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ ، فَلْيَرْدُدْهُ مَا اسْتَطَاعَ ، وَلاَ يَقُلْ : آهْ آهْ ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا فَتَحَ فَاهُ ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَضْحَكُ مِنْهُ ، أَوْ بِهِ ، قَالَ : حَجَّاجٌ فِي حَدِيثِهِ : وَأَمَّا التَّثَاؤُبُ فَإِنَّمَا هُوَ مِنَ الشَّيْطَانِ. (2/428).

وروى الشيعة الاثناعشرية:

مكارم الأخلاق: عن أبي عبد الله عليه السلام قال : من عطس في مرضه كان له أمان من الموت ، في تلك العلة وقال : التثاؤب من الشيطان ، والعطاس من الله عز وجل .

دعائم الإسلام ج1: وعن علي عليه السلام قال : قال لنا رسول الله صلى الله عليه وآله : إياكم وشدة التثاؤب في الصلاة، فإنها عوة الشيطان .

وعن جعفر بن محمد عليهما السلام أنه كره التثاؤب والتمطي في الصلاة.

قال المؤلف : وذلك لان هذا إنما يعتري من الكسل فهو منهي عنه أن يعتمد أو يستعمل ، والتثاؤب شئ يعتري على غير تعمد ، فمن اعتراه ولم يملكه فليمسك يده على فيه ولا يثنه ولايمده.
وقد روينا عن علي عليه السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان إذا تثاءب في الصلاة ردها بيمينه.

علل الشرائع : عن محمد بن علي ماجيلويه ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد ، عن حريز ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : عليك بالإقبال على صلاتك فإنما يحسب لك منها ما أقبلت عليه منها بقلبك ، ولا تعبث فيها بيديك ولا برأسك ولا بلحيتك ، ولا تحدث نفسك ، ولا تتثاءب ، ولا تتمطأ ولا تكفر ، فإنما يفعل ذلك المجوس ، ولا تقولن إذا فرغت من قراءتك " آمين " فان شئت قلت : " الحمد لله رب العالمين ". وقلت : لا تلثم ولا تحتفز ، ولا تقع على قدميك ، ولا تفترش ذراعيك ، ولا تفرقع أصابعك ، فان ذلك كله نقصان في الصلاة ، وقال : لا تقم إلى الصلاة متكاسلا ولا متناعسا ولا متثاقلا ، فإنها من خلال النفاق ، وقد نهى الله عز وجل المؤمنين أن يقوموا إلى الصلاة وهم سكارى يعني من النوم ، وقال للمنافقين " وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراؤون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا ".

توضيح : قال في النهاية : فيه التثاؤب من الشيطان : التثاؤب معروف وهو مصدر تثاءبت ، والاسم الثوباء وإنما جعله من الشيطان كراهية له ، لانه إنما يكون مع ثقل البدن وامتلائه واسترخائه وميله إلى الكسل والنوم ، وأضافه إلى الشيطان لانه الذي يدعو إلى إعطاء النفس شهوتها ، وأراد به التحذير من السبب الذي يتولد منه ، وهو التوسع في المطعم والشبع ، فيثقل عن الطاعات ، ويكسل عن الخيرات انتهى .

وقال الكرماني في شرح البخاري فيما رواه عن النبي صلى الله عليه وآله " إذا تثاءب أحدكم في الصلاة فليكظم ما استطاع ولا يقل : " هآ " فانما ذلكم من الشيطان يضحك منه " هو بالهمزة على الاصح ، وقيل بالواو وهو تنفس ينفتح منه الفم من الامتلاء وكدورة الحواس وأمر برده بوضع اليد على الفم أو بتطبيق السن لئلا يبلغ الشيطان مراده من ضحكه وتشويه صورته ، ودخوله في فمه. وهي جالبة للنوم الذي هو من حبائل الشيطان فانه يدخل على المصلي ويخرجه عن صلاته ، ولذا جعله سببا لدخول الشيطان ، والكظم المنع والامساك " ولا يقل : " هآ " بل يدفعه باليد للامر بالكظم ، وضحك الشيطان عبارة عن رضاه بتلك الفعلة انتهى .

والتمطي معروف وقيل أصله من التمطط وهو التمدد ، وهما نهيان بصيغة الخبر ، وفي بعض النسخ ولا تتمط فيكونان بصيغة النهي والمشهور بين الاصحاب كراهتهما هذا مع الامكان ، أو المراد رفع مايوجبهما قبل الصلاة قال في المنتهى : يكره التثاؤب في الصلاة لانه استراحة في الصلاة ، ومغير لهيئتها المشروعة ، وكذا يكره التمطى أيضا لهذه العلة ، ويؤيد ذلك ما رواه الشيخ في الحسن عن الحلبي (في التهذيب ج 1 ص 228)، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : سألته عن الرجل يتثاءب في الصلاة ويتمطا قال : هو من الشيطان ولن تملكه ، ثم قال : وفي ذلك دلالة على رجحان الترك مع الامكان ، وقال : يكره العبث في الصلاة بالاجماع لانه يذهب بخشوعها ، ويكره التنخم والبصاق وفرقعة الاصابع لما فيها من التشاغل عن الخضوع انتهى .
والتكفير وضع اليمين على الشمال ، وسيأتي حكمه وحكم قول آمين والتحميد واللثام .

ومن حديث طويل سخيف: الغيبة للنعماني : ابن عقدة عن حميد بن زياد ، عن جعفربن إسماعيل ، عن ابن أبي نجران ، عن إسماعيل بن علي البصري ، عن أبي أيوب المؤدب ، عن أبيه - وكان مؤدبا لبعض ولد جعفر بن محمد عليمها السلام - قال : لما توفي رسول الله صلى الله عليه وآله دخل المدينة رجل من ولد داود على دين اليهودية فرأى السكك خالية ، فقال لبعض أهل المدينة : ما حالكم ؟ فقيل له : توفي رسول الله صلى الله عليه وآله فقال الداودي : أما إنه توفي اليوم الذي هو في كتابنا ثم قال : فأين الناس ؟ فقيل له : في المسجد ، فأتى المسجد فإذا أبو بكر وعمر وعثمان وعبد الرحمن عوف و أبو عبيدة بن الجراح والناس قد غص المسجد بهم فقال : أوسعوا حتى أدخل ، وأرشدوني إلى الذي خلفه نبيكم ، فأرشدوه إلى أبي بكر فقال له : إنني من ولد داود على دين اليهودية ، وقد جئت لا سأل عن أربعة أحرف ، فإن خبرت بها أسلمت ، فقالوا له : انتظر قيلا ، وأقبل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام من بعض أبواب المسجد .
فقالوا له : عليك بالفتى فقام إليه فلما دنا منه قال له : أنت علي بن أبي طالب ؟ فقال له علي عليه السلام : أنت فلان بن داود ؟ قال : نعم ، فأخذ على يده وجاء به إلى أبي بكر فقال له اليهودي : إني سألت هؤلاء عن أربعة أحرف فأرشدوني إليك لأسألك قال : اسأل....... ولئن زعمت أن عيسى عليه السلام أبرأ ذوي العاهات من عاهاتهم فإن محمدا صلى الله عليه وآله بينما هو في بعض أصحابه إذا هو بامرأة فقالت : يا رسول الله إن ابني قد أشرف على حياض الموت ، كلما أتيته بطعام وقع عليه التثاؤب فقام النبي صلى الله عليه وآله وقمنا معه فلما أتيناه قال له : جانب يا عدو الله ولي الله فأنا رسول الله ، فجانبه الشيطان فقام صحيحا وهو معنا في عسكرنا......

تفسير الإمام: قال : أبو يعقوب : قلت للإمام عليه السلام: هل كان لرسول الله صلى الله عليه وآله ولأمير المؤمنين عليه السلام آيات تضاهي آيات موسى عليه السلام ؟ فقال عليه السلام : علي نفس رسول الله صلى الله عليه وآله وآيات رسول الله آيات علي عليه السلام ، وآيات علي آيات رسول الله صلى الله عليه وآله ، وما آية أعطاها الله موسى عليه السلام ولا غيره من الأنبياء إلا وقد أعطى الله محمدا مثلها أو أعظم منها..... وأتته امرأة فقالت : يا رسول الله إن ابني قد أشرف على حياض الموت ، كلما أتيته بطعام وقع عليه التثاؤب، فقام وقمنا معه ، فلما أتيناه قال له : جانب يا عدو الله ولي الله ، فأنا رسول الله ، فجانبه الشيطان ، فقام صحيحا.....

مناقب ابن شهر آشوب: ......وأتته امرأة فقالت : يا رسول الله إن ابني قد أشرف على حياض الموت ، كلما أتيته بطعام وقع عليه التثاؤب، فقام وقمنا معه ، فلما أتيناه قال له : جانب يا عدو الله ولي الله ، فأنا رسول الله ، فجانبه الشيطان ، فقام صحيحا....

وكثيرة هي كتابات الآباء الرهبان ضد كسل أو تواني أو تهاون أو تقاعس المنخرطين في الترهبن سواءً في التعبد أو الأشغال اليدوية الدنيوية الخاصة بالأديرة أو العناية بالدير ونظافته...إلخ، ولم أجمعْها لكنها كثيرة للغاية، وورد ذم الكسل أو التهاون في سفر عهد الرب الأبوكريفي أيضًا. وفي القرآن

عدم اللغو في المُتَعَبَّدِ (الكنيسة، المسجد)

روی البخاري:

934 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَنْصِتْ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَقَدْ لَغَوْتَ

ورواه مسلم 851

وروى الشيعة الاثناعشرية:

الأمالي للصدوق : عن حمزة بن محمد العلوي ، عن عبدالعزيز بن محمد بن عيسى الابهري عن محمد بن زكريا الجوهري الغلابي عن شعيب بن واقد عن الحسين بن زيد عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: ..... ونهى عن الكلام يوم الجمعة والامام يخطب ، فمن فعل ذلك فقد لغى ومن لغى فلا جمعة له.....

العروس: عن الاصبغ بن نباته ، عن علي عليه السلام قال : إذا قال الرجل يوم الجمعة صه ! فلا صلاة له .
ومنه : عن الصادق عليه السلام قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن الكلام يوم الجمعة والامام يخطب ، فمن فعل ذلك فقد لغى ، ومن لغى فلا جمعة له .

أمالي الصدوق 255 : بالاسناد المتقدم في مناهي النبى صلى الله عليه وآله أنه نهى عن الكلام يوم الجمعة والامام يخطب ، فمن فعل ذلك فقد لغى ، ومن لغى فلا جمعة له.

قرب الاسناد 91: عن السندي بن محمد ، عن أبي البختري ، عن جعفر عن أبيه ، أن عليا عليه السلام كان يكره رد السلام والامام يخطب

قرب الإسناد 92: ومنه : بهذا الاسناد عن علي عليه السلام قال : يكره الكلام يوم الجمعة والامام يخطب ، وفي الفطر والاضحى والاستسقاء

بيان : كراهة رد السلام لعله محمول على التقية ، إذ لايكون حكمها أشد من الصلاة (راجع في ذلك بحار الأنوار راجع ج 84 ص 269) ويمكن حمله على ما إذا رد غيره ، قال العلامة في النهاية : ويجوز رد السلام بل يجب لانه كذلك في الصلاة ، وفي الخطبة أولى ، وكذا يجوز تسميت العاطس وهل يستحب ؟ يحتمل ذلك لعموم الامر به ، والعدم لان الانصات أهم ، فانه واجب على الاقوى انهى ، والكراهة الواردة في الكلام غير صريح في الكراهة المطلحة لما عرفت مرارا. وظاهره شمول الحكم لمن لم يسمع الخطبة أيضا ، قال العلامة في النهاية : و هل يجب الانصات على من لم يسمع الخطبة ؟ الاولى المنع ، لان غايته الاستماع فله أن يشتغل بذكر وتلاوة ، ويحتمل الوجوب لئلا يرتفع اللغط ، ولايتداعى إلى منع السامعين عن السماع .

إذا وجد الاثناعشرية تناقضًا في النصوص ادعوا أن ما يخالف عملهم ومذهبهم قاله الأئمة على سبيل التقية، كأن أئمتهم يخافون على حيواتهم ويضحون بشرائع وشعائر الدين الصحيح بزعمهم ويبيعون مبادئهم لذلك.

وجاء في تجميعة صموئيل السرياني لعظات أفرام السرياني، من المقال أو العظة السادسة:

الغني إذا تكلم یصمت الكل ویرفعون كلامه إلى السحب؛ والله یخاطبنا بالكتب المقدسة فلا نرید أن نسكت ونسمع، بل واحد یتكلم وآخر یتناعس وآخر تجول أفكاره خارجًا، فماذا يقول الكتاب؟ “من یَرُدّ مسامعَه لئلا یسمعَ شرائعَ العليِّ فصلاته تُرْفَضُ.

ومن العظة ١٩:

من لا یقدم اختبار الوقوف في الصلاة الجامعة بثبات، یخسر فوائد كثیرة، ومن یقف بتورع وصبر، یُستجَب له.

من یتكلم كلامًا باطلًا في أوان الصلاة الجامعة یحصل له لوم مضاعف، لأنه يُبْطِلُ من الصلاة والترتیل بالكلام.

وجاء في كتاب السلم إلی الله، ليوحنا السلمي أو الدَرَجِيِّ، ترجمة دير مار جرجس الحرف، ص ٤٩، فقرة ٣٧:

هذا وقد تذكرتُ فضيلةً مفيدةً من فوائدِ هؤلاء المغبوطين النابعة كأنما من فردوس، سأوردها قبل أن أعود إلی أشواك أقوالي وقحطها العادم النضارة والنفع. فقد لاحظَ الراعي بعضَ الإخوةِ يتحادَثون مرارًا وقتَ الصلاة الجماعية فأمرَهُم بالوقوفِ علی بابِ الكنيسةِ أسبوعًا كاملًا والسجودِ لكلٍّ من الداخلين والخارجين رغمَ أنهم كانوا من الإكليريكيين بل من الكهنةِ.

نماذج من نصوص تحريم الفن والضحك والموسيقى والرقص والملابس الفاخرة وكل متع الحياة

سبق واستعرضتُ للقراء الكرام أمثالَ ذلك من كتب القوانين الكنسية المسماة بقوانين الرسل والدسقولية وغيرها، أي ما يسمى بالتقليد الرسولي عمومًا كما زعموا ونسبوه لتلاميذ المسيح. واستعرضت في موسوعة القبر المحفور أشباه ذلك في باب التشريعات الشاذة، وهي من قباحات وشنائع تشريعات الإسلام في الأحاديث.

وجاء في كتاب الأنبا شنودة سيرته وتعاليمه وقوانينه، ج1، عظة a 26، ص 315:

126- لنعد إلى ما كنا نقوله عن الغني عديم الرحمة، الذي شُبِّهَ بالبهائم عديمة الفهم وماثَلَهُم، لأنه بلا مشاعر، ويتعب نفسه بلا طائل، في حين أنه لا يبقى شيء من ذلك في يديه. لأن الزناة والمخنثين ومضاجعي الذكور والمغنِّين والراقصين والمشتكين وكل إنسان نجس، رجلًأ كان أو امرأة، من الذين لذلك الكافر، يأكلون ويشربون ويتزايدون في كل هذه [الأشياء] التي جمعها هو بواسطة النهب والظلم، دينونةً له ولعنةً أبديةً.

وفي ص 326، أنقل للقراء جزءًا من الفقرة 150:

150- ......لأن هذا هو الغِنى الحقيقي الذي يحصلون عليه منه [من الشيطان]؛ سيجعلهم أغنياء في الشر، وغرباء عن الله الذي خلقهم. لذلك يوجد في بيوت مثل هؤلاء أغاني سفيهة ورقص وكل فعل خليع.

وفي السلم إلى الله ليوحنا السلمي أو الدرجي، ص 74، من المقالة السابعة:
8- إن كان لا يلائم التواضعَ شيءٌ كالنوحِ، فلا شيءَ أيضًا ينافيه كالضحك.

14- إن من ينوح حينًأ ويتنعم ويضحك حينًا آخرَ يشبه من يطرد كلب اللذة بكشرة خبز، فهو يطرده شكلًا ولكنه يستدعيه فعلًا,

وفي تجميعة صموئيل السرياني لمقالات أفرام السرياني، من المقال السابعة:

اهتمْ بالصنعة الباطنة ولا تزین حائطاً لا ینفع لأن زخرفة القلایة لا تمنح لك صبراً، فلنطلب الأمور الكافیة حاجتنا فإن الأشیاء الزائدة والمسببة لنا تجاذب الذهن غیر نافعة، العاجز یحتج ویقول: أنا الیوم ساكن هنا وغداً أنتقل ولماذا أتعب.

وفي ميامر وأقوال الأنبا أشعياء الإسقيطي - أبناء البابا كيرلس السادس، ص15: إذا اضطررت إلى الضحك فلا تفتح فمك واسعًا لأن هذا علامة عدم المخافة...إن عملاَ لكَ مُجَلَّدًا فلا تُزَيِّنْه [تزخرفه] فإن في ذلك عثرة.

قارن مع روايات البخاري:

5954 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْقَاسِمِ وَمَا بِالْمَدِينَةِ يَوْمَئِذٍ أَفْضَلُ مِنْهُ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي قَالَ سَمِعْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ سَفَرٍ وَقَدْ سَتَرْتُ بِقِرَامٍ لِي عَلَى سَهْوَةٍ لِي فِيهَا تَمَاثِيلُ فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَتَكَهُ وَقَالَ أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الَّذِينَ يُضَاهُونَ بِخَلْقِ اللَّهِ قَالَتْ فَجَعَلْنَاهُ وِسَادَةً أَوْ وِسَادَتَيْنِ

5955 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ سَفَرٍ وَعَلَّقْتُ دُرْنُوكًا فِيهِ تَمَاثِيلُ فَأَمَرَنِي أَنْ أَنْزِعَهُ فَنَزَعْتُهُ وَكُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ

373 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي خَمِيصَةٍ لَهَا أَعْلَامٌ فَنَظَرَ إِلَى أَعْلَامِهَا نَظْرَةً فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ اذْهَبُوا بِخَمِيصَتِي هَذِهِ إِلَى أَبِي جَهْمٍ وَأْتُونِي بِأَنْبِجَانِيَّةِ أَبِي جَهْمٍ فَإِنَّهَا أَلْهَتْنِي آنِفًا عَنْ صَلَاتِي وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُنْتُ أَنْظُرُ إِلَى عَلَمِهَا وَأَنَا فِي الصَّلَاةِ فَأَخَافُ أَنْ تَفْتِنَنِي

وأحمد 24087 و24190 و25734 و25635 و25445و25734 والبخاري 752 و373 و5817 ومسلم 556
والأعلام هي الرقم والخطوط في طرف الثوب، والأنبجانية كساء غليظ لا خطوط فيه.

374 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسٍ كَانَ قِرَامٌ لِعَائِشَةَ سَتَرَتْ بِهِ جَانِبَ بَيْتِهَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمِيطِي عَنَّا قِرَامَكِ هَذَا فَإِنَّهُ لَا تَزَالُ تَصَاوِيرُهُ تَعْرِضُ فِي صَلَاتِي

5958 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ بُكَيْرٍ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِي طَلْحَةَ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ الصُّورَةُ قَالَ بُسْرٌ ثُمَّ اشْتَكَى زَيْدٌ فَعُدْنَاهُ فَإِذَا عَلَى بَابِهِ سِتْرٌ فِيهِ صُورَةٌ فَقُلْتُ لِعُبَيْدِ اللَّهِ رَبِيبِ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَمْ يُخْبِرْنَا زَيْدٌ عَنْ الصُّوَرِ يَوْمَ الْأَوَّلِ فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ أَلَمْ تَسْمَعْهُ حِينَ قَالَ إِلَّا رَقْمًا فِي ثَوْبٍ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنَا عَمْرٌو هُوَ ابْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَهُ بُكَيْرٌ حَدَّثَهُ بُسْرٌ حَدَّثَهُ زَيْدٌ حَدَّثَهُ أَبُو طَلْحَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

5959 - حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَانَ قِرَامٌ لِعَائِشَةَ سَتَرَتْ بِهِ جَانِبَ بَيْتِهَا فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمِيطِي عَنِّي فَإِنَّهُ لَا تَزَالُ تَصَاوِيرُهُ تَعْرِضُ لِي فِي صَلَاتِي

(قارن كذلك أحمد 26090 مع 26103 و24081 و24 718 و25392، نصوص تبيح الوسائد والستار المرسوم عليها، والأخرى تحرمها بالتناقض)

5957 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا اشْتَرَتْ نُمْرُقَةً فِيهَا تَصَاوِيرُ فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْبَابِ فَلَمْ يَدْخُلْ فَقُلْتُ أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مِمَّا أَذْنَبْتُ قَالَ مَا هَذِهِ النُّمْرُقَةُ قُلْتُ لِتَجْلِسَ عَلَيْهَا وَتَوَسَّدَهَا قَالَ إِنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الصُّوَرِ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُقَالُ لَهُمْ أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ الصُّورَةُ

5963 - حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا سَعِيدٌ قَالَ سَمِعْتُ النَّضْرَ بْنَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ يُحَدِّثُ قَتَادَةَ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَهُمْ يَسْأَلُونَهُ وَلَا يَذْكُرُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى سُئِلَ فَقَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ صَوَّرَ صُورَةً فِي الدُّنْيَا كُلِّفَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنْ يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ وَلَيْسَ بِنَافِخٍ

وفي كتب الشيعة الاثناعشرية نصوص مماثلة ظلامية عفنة في تحريم الفنون والرسم والنحت ولعن الفنانين والموسيقى والغناء والشطرنج وغيرها، لكنها لم تصل إلى درجة تحريم الرسوم النباتية على قماشة أو ستارة أو وسادة. ومن ذلك ما جاء في الكافي للكليني، باب تزويق البيوت:

(12956 1) محمد بن يحيى، عن أحمدبن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد، والحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد الجوهري، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه آله: أتاني جبرئيل وقال: يا محمد إن ربك يقرئك السلام وينهى عن تزويق البيوت، قال أبو بصير: فقلت: ما تزويق البيوت؟ فقال: تصاوير التماثيل.
(12957 2) أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن محمد بن مروان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن جبرئيل عليه السلام أتاني فقال: إنا معاشر الملائكة لا ندخل بيتا فيه كلب ولا تمثال جسد ولا إناء يبال فيه.
(12958 3) محمد بن يحيى، عن عبد الله بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن جبرئيل عليه السلام قال: إنا لا ندخل بيتا فيه صورة ولا كلب يعني صورة الإنسان ولا بيتا فيه تماثيل.
(12959 4) علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن رجل، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من مثل تمثالا كلف يوم القيامة أن ينفخ فيه الروح.
(12960 5) علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن المثنى، عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن عليا عليه السلام كره الصورة في البيوت.
(12961 6) عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن الوسادة والبساط يكون فيه التماثيل فقال: لا بأس به، يكون في البيت، قلت: التماثيل؟ فقال: كل شئ يوطأ فلا بأس به.
(12962 7) محمد بن يحيى، عن أحمد وعبد الله ابني محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن أبي العباس، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: " يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل(سبأ: 12) " فقال: والله ما هي تماثيل الرجال والنساء ولكنها الشجر وشبهه.
(12963 8) علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج، عن زراة بن أعين، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لا بأس بأن يكون التماثيل في البيوت إذا غيرت رؤوسها منها وترك ما سوى ذلك.
(12964 9) محمد بن يحيى، عن العمركي بن علي، عن علي بن جعفر، عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن الدار والحجرة فيها التماثيل أيصلى فيها؟ فقال: لا تصل فيها وفيها شئ يستقبلك إلا أن لاتجد بدا فتقطع رؤوسها وإلا فلا تصل فيها.
(12965 10) أبوعلي الاشعري، عن أحمدبن محمد، وحميد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة جميعا، عن أحمد بن الحسن الميثمي، عن أبان بن عثمان، عن الحسين بن المنذر قال: قال أبوعبد الله عليه السلام: ثلاثة معذبون يوم القيامة رجل كذب في رؤياه يكلف أن يعقد بين شعيرتين وليس بعاقد بينهما، ورجل صور تماثيل يكلف أن ينفخ فيها وليس بنافخ.
(12966 11) عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد الاشعري، عن ابن القداح عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال أميرالمؤمنين عليه السلام بعثني رسول الله صلى الله عليه وآله في هدم القبور وكسر الصور.
(12967 12) حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن غير واحد، عن أبان بن عثمان، عن عمرو بن خالد، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال جبرئيل عليه السلام: يا رسول الله، إنا لا ندخل بيتا فيه صورة إنسان، ولا بيتا يبال فيه، ولا بيتا فيه كلب.
(1312968) أبوعلي الاشعري، عن محمد بن سالم، عن أحمدبن النضر، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن عبد الله بن يحيى الكندي، عن أبيه وكان صاحب مطهرة أمير المؤمنين عليه السلا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: قال جبرئيل عليه السلام إنا لاندخل بيتا فيه تمثال لا يوطأ الحديث مختصر.
(12969 14) علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: بعثني رسول الله صلى الله عليه وآله إلى المدينة فقال: لا تدع صورة إلا محوتها، ولا قبر إلا سويته، ولا كلبا إلا قتلته.

وجاء في المزامير الروحية لأفرام السرياني ص 116:

نوحوا عليَّ يا من أحبَبْتُم النواحَ وكرهْتُم الضحككَ، أنا الذي أحبَبْتُ الضحكَ وكرهتُ النواحَ.

وفي ص 131:

...إني أكنُّ أفكارًا خبيثةً، إني أحبُّ الثيابَ الفاخرةَ...إلخ.

وفي كتاب مختارات نسكية وزهدية لأفرام السرياني، ص66:

لنكرِّمْ إذن أعيادَ الربِّ بهذه الطريقةِ وليس بروحٍ عالميٍّ، بل بما يفوقُ العالَمياتِ. فلا نزينَنَّ أبوابَنا، بل لنهربْ من الأغاني الصاخبة، ولا نُجَمِّلَنَّ وجوهَنا، ولا نُلَطِّفَنَّ سمعَنا بآلاتِ الموسيقى، ولا نَلْبِسَنَّ الألبسةَ الناعمةَ الفاخرةَ، ولا نسْتَعْمِلَنَّ الحليَّ الذهبيةَ.

وفي ص 75 يقول في حديثه عن التعهد المسيحي عند التعمد أو المعمودية للداخلين في المسيحية _وهو نفس نذر الرهبان_ برفض الشيطان وكل أعماله:

لقد رفضتَ بكلمةٍ واحدةٍ كلَّ عملٍ شيطانيٍّ قبيح، كل خطيئة أي الزنى والدعارة والقتل وعدم الطهارة والكذب والحسد والسرقة والغضب والكراهية والعداوة والخصام والثرثرة والتكبر والضحك والموسيقى والأغانيَ المُطْرِبةَ والترفَ.....إلخ

لقد رفض المسيحي هذه الشرور كلها لما نال المعمودية في البِرْكةِ المقدسة. إلخ

وفي ص 92:

يا محبِّي النوح ومقصي الضحكِ، ابكُوُا على محب الضحك ومبغض النوح.

وفي ص 104:

فلا نَتُقْ إلى مثلِ هذه الرذائل، ولا نُطْرِبْ بمطرِبات العالم، ولا نشتهِ غنى هذا العالم. أَبْغِضْ الشبابَ المتنعِّمَ والزيناتِ والوِشاءَ [الزخارفَ]. أَمْقِتْ التلويناتِ بالأصباغِ والتصفيق والتزيين والتبختر والأغاني الشيطانية والمعازف والصفارات وتحلية [تحنية] الأيدي والأصوات غير المنظمة والوحشية. إن هذه كلها بذار الشيطان. إلخ

وفي تجميعة صموئيل السرياني لعظات أفرام السرياني، في المقالة السادسة:

آخرون یفرحون بالأصوات والأغاني الموسیقیة ؛ فأفرح أنت بالترنم والتهلیل وبالتمجید للرب.

وفي المقالة 26:

فمنذ الآن أهرب من الدالة والضحك فإنهما لا یوافقان نفسك، وكذلك شره البطن أقمعه بالحمیة، ومحبة الفضة بالنسك والزهد في القنیة...إلخ

وفي تجميعة سمعان السرياني لعظات أفرام السرياني، ص 59، من الفصل الثالث:
أين حينئذٍ ذلك الجمال الزائف وغير النافع؟ أين تلذذ الناس بالخطايا؟ أين الدالة الفاقدة الحياء؟ أين التزين بالثياب؟ أين لذة الخطية النجسة؟ أين الذين كانوا يشربون الخمرَ على الأغانيِّ ولم يعاينوا أعمالَ الربِّ؟

وفي الفصل الثامن:

يوجد أناس كتروا لهم أموالًا، أما أنت فاكتر لك صلوات وصدقات. البعض يفرح بالأغاني الموسيقية، أم أنت فافرح بالترنيم والتسبيح للرب. آخرون يسرون بالبطر والسكر، أما أنت فتمسك بالنسك والقداسة. وآخرون يبتهجون باللذات، أما أنت فافرح إذا صنعت مشيئة الرب...إلخ

وفي آخر الفصل السادس:

التجِأْ إلى الله فهو ملجأ لك، ولا يستحيل أو يتغير، اضبط الضحك بالآلام واضبط محبة اللهو بالحزن.

ظاهرة المنافقين والنفاق في المسيحية وفي الإسلام

هنا نعرض لجانب من جوانب تاريخ الأديان المقارَن، وليس اقتباساتٍ، فما أن يسود دين ويصير يتبعه الأغبية حتى يرتبط اعتناقه بالاندماج بمجتمع الخرافة الشمولي وتسهيل الحصول على الأعمال والمناصب فيه بذلك، وقد يرتبط النفاق الديني والتظاهر باعتناق دينٍ بحركات الاضطهاد والإبادة والعنصرية ومحو ثقافات ووجود أتباع الأديان الأخرى، وهذا ما حدث للوثنية على يد المسيحيين، والوثنية العربية وقدر كبير من يهودية العرب على يد المسلمين ومحمد. ومما قالته كتابات الآباء عن النفاق والمنافقين بصورة تذكرنا بحكم ناموس التاريخ بكلام القرآن عن "الكفار والمنافقين"، قول أفرام السرياني في تجميعة صموئيل السرياني، في المقال 35:
هكذا یصیب بالأغنیاء الحزن المذكور بمفارقة الغنى ولا سیما إذا رأى أحدهم ذاته مائلاً إلي الشیخوخة فینسكب حزناً مضغوطاً كأنه من ضغط الحدید والسجن الضیق إذ لا یجد حیلة واحدة یدفع بِها ورود الشیخوخة وإن ظن أنه یدفع ذكر الموت بالزمور والطبول وبباقي الآلة الموسیقیة فبما یحتال من هذه یشعر أنه بلا محال سیعدم مثل ذلك السرور وتسكن التصفیقات والألعاب وصوت الأصوار(الأبواق ( المستلذ والحزن یعصر قلبه ویأكل أحشاءه باطناً ولا یستقر ذلك أن طرب الغني الموسیقى بالخرافات وأخبار الحروب یتنعم دائماً بالموت والقتل فلو كان إذاً یذكر الموت لكانت خشیة العقاب المنتظر تنقل بلا مراء حاله إلي عمل الصلاح لأنه قیل مَنْ مِنْ الكفار والمنافقین یذكر الموت فلا یستغرب هذا لأن كل إنسان مقترن به ذكر الموت وأما الكفار فیستعملون هذا الذكر استعمالاً ردیئاً منتحبین علي مقارفة الملاذ
فقط. وأما المؤمنون فیستعملون ذكر الموت دواء وشربه یزیل الآلام النجسة وكلنا قد تیقنا إننا منصوبون للموت المؤمنون والكافرون...إلخ

... وأما المنافقون الخطاة فذكر الموت عندهم هو شئ ساذج مجرد لأنَهم لا یجتهدون خائفین من الأمور الصائرة بعد الموت بل ینتحبون علي فقدهم الملاذ ومفارقتها فإن صار لأحدهم الذكر الذي یصیب الصدیقین فحینئذ ینصرف الحزن الأول ویضمحل ولا یعود موافقاً رأي القائلین نأكل ونشرب فإننا غداً نموت ولا یعتقد أن یكثر الأشیاء التي لا نفع ویجمع بیدیه ما لا ثمر له سوى العذاب بل یشتمله الاهتمام كما یلیق بالإنسان الحكیم مهتماً باشتهاء الأشیاء النفیسة هارباً من اهتمام المنافقین.

وفي المقال 38:

فلِمَ تستعجب من الوقتیات وتغبط ما یسرع بمنزلة المد الجاري، وماذا تنفع المقابر البھیة والقبر المصقول بیاضة والمدائح الباطلة الرجل العائش بالنفاق الذي لا ینال راحة ولا نیاحاً، بماذا ینتفع الموضوع في الموضع المذھب سقفھ الجمیل الحیطان إذا حصل معذباً من الآلام، وإذا نَھشھ الثعبان باطناً وأكل جسده، لأن ماذا ینفع النفس المفارقة الجسد إن لم یكن لھا المدحة من الرب في الكنیسة العظمى.
وفي المقال 33:
فقد كتب أن الصدیق یكون مؤیداً ولا یخشى من سماع السوء، فما ھو سماع السوء ؟ أظن أنھ فلیخلع المنافق لئلا یعاین مجد الرب وشدوا یدیھ ورجلیھ وألقوا العبد البطال في الظلمة القصوى وتنحوا عني یا ملاعین إلي النار الأبدیة المعدة للمحال ورسلھ، وعوض ھذه یسمع الصدیق: حسناً أیھا العبد الصالح الأمین إذ كنت علي الحظوظ القلیلة أمینا فسأقیمك علي الجزیلة أدخل إلي سرور ربك.

وفي المقال 40:

الصالحون یكونون قاطني الأرض وأھل الدعة یبقون فیھا، وطرق المنافقین تبید من الأرض وأعداء الناموس یقصون منھا، یا ابني لا تنسى شرائعي ولیحفظ كلماتي قلبك فإن المجد للھ إلى الدھور. آمین.

وفي المقال 11:

.... فمغبوطون نحن الناس أجمع ؛ فإن لنا سیداً حلواً غیر حقود صالحاً رؤوفاً متحنناً طویل المهل، غافر كل حین نفاقنا عندما نشاء، فها هو یعزي ویتمهل، هوذا یمنحنا كل خیراته في هذا الدهر وهناك إن شئنا.

وفي ميامر وأقوال الأنبا أشعياء الإسقيطي – ط أبناء البابا كيرلس السادس، ص 117، من المقال 18:

...إنه لن يبطِئَ، سوف يأتي ربنا يسوع وأجرته معهم، والمنافقون يطرحهم في النار الأبدية، أما خاصته فيعطيهم الأجرة ويدخلون معه وينعمون بالراحة في ملكوته إلى أبد الآبدين، آمين.

وفي في كتاب (الأنبا شنودة رئيس المتوحدين، سيرته وتعاليمه وقوانينه) الجزء الأول، ترجمة د. صموئيل القس قزمان معوض، عن القبطية الأصلية، نشر مكتبة باناريون، ص 298، من خطبة رقم a26:
81 إن الله الذي لا يأخذ بالوجوه، كما هو مكتوب ، لن يرحم أحدًا منا بسبب لقب أو زي، إذا نحن متنا في خطايانا، سواء كان ملكًا أو حاكمًا أو غنيًّا أو كاهنًا لله أو راهبًا أو أيَّ إنسانٍ يُدْعَى مسيحيًّا بالباطلِ، وكل مَنْ هو ذو منصبٍ، ولكنه سيرحَمُ الكلَّ معًا، إنْ ابتعَدْنا عن خطايانا وعملنا الصالح.

82 من سيقدر أن يقنع الرب في ذلك اليوم لكي يعدِل عن المحاكمة العادلة التي سيُديننا فيها، كما هو مكتوب2؟ هم يعرفونَ الآنَ على الأرضِ قضاةً منافقين ورشاوى حتى يُعَوِّجوا القضاءَ ضدَّ الفقيرِ والمسكين...إلخ

قارن:

{يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهمْ بَيْنَ أَيْدِيهمْ وَبِأَيْمَانِهمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِها الْأَنْهارُ خَالِدِينَ فِيها ذَلِكَ هوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آَمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهمْ بِسُورٍ لَه بَابٌ بَاطِنُه فِيه الرَّحْمَةُ وَظَاهرُه مِنْ قِبَلِه الْعَذَابُ (13) يُنَادُونَهمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّه وَغَرَّكُمْ بِاللَّه الْغَرُورُ (14)} الحديد

{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (73)} التوبة

{فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا (88) وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (89) إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا (90) سَتَجِدُونَ آَخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُولَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُبِينًا (91)} النساء

{الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا (141) إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا (142) مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا (143)} النساء

وغيرها من نصوص القرآن والأحاديث، وقد درست موضوع المنافقين بالتفصيل وحيرة محمد معهم كرجل متعصب لا يستطيع معرفة ما في عقول الناس وضمائرهم مهما كان سيفعل في باب تعاليم العنف وفي كتاب حروب محمد الإجرامية من موسوعتي القبر المحفور للإسلام، ومنه قتل بعضهم ممن عبَّروا عن رأيهم ضد الإسلام وأفكاره ونتائجه ومحمد وأفعاله وأخلاقياته الردئية ممن لم ينافقوا.

ملاحظة على كثرة اقتباسات أفرام السرياني من الأسفار الأبوكريفية

ويلاحظ الدارس لمنظومة أو ديوان الفردوس لأفرام السرياني كثرة اقتباساته من الأبوكريفا، وللأسف أني لم أحصرها في قراءتي ودراستي ، فهي كثيرة جدًّا هناك يلاحظها كل دارس يعرف الفرق بين ما ورد في الكتاب المكدس القانوني وما جاء في الأبوكريفا. ونجد في كتاب مختارات نسكية وزهدية ص 32 ذكره لأسطورة الملك أبجر مع المسيح من الأبوكريفا.

لؤي عشري 12-18-2018 06:03 PM

النصوص المسيحية الأصلية لأسطورة أهل الكهف

بقلم وترجمة سامي المنصوري – مع ترجمتين إضافيتين وتعديلات للؤي عشري

الأبحاث الأثريّة:

اكتشف العالمان Miltner Franz و J. Keil بين سنوات 1923 و 1937 موقع الكهف الاصطناعي المزاري التذكاري grotto وفيه ما زعم القدماء أنها القبور السبعة وذلك قرب إفسوس (مدينة Selçuk الحالية) في تركيا الحالية على جبل بيون المعروف بجبل سيليون Mount Pion (Mount Coelian)، ويعرف حاليًّا بالاسم التركي Panayir Dagi. وهو بقايا معبد كهف اصطناعي مزاري grotto استطاعوا أن يحدّدوا تاريخ بنائه تقريبا سنة 450 ميلادي، أو بما بين القرنين الخامس والسادس حسب تقديراتٍ أخرى، ويعتقد أن أسطورة فتيان إفسوس السبعة النيام بدأت وانطلقت وشاعت من مدينة إفسوس، وحول المكان مئات المقابر الأثرية المكتشَفة لأن المسيحيين كانوا يحبون أن يُدفَنوا بجوار هذا المكان المنسوب له الأسطورة.

مخطوطات الأسطورة المسيحية

المخطوطات المتوفّرة (1) والتي تتحدّث عن قصّة أهل الكهف تنقسم كالتالي: (كلّها مكتوبة بين القرن التاسع و الثالث عشر ميلادي)


-104 مخطوطة باللاتينيّة.

-40 مخطوطة يونانيّة (منها عشر روايات مختلفة)

-33 مخطوطة عربيّة (منها 8 مسيحيّة في 6 روايات مختلفة)

-17 مخطوطة سريانيّة(8 روايات مختلفة)

-6 مخطوطات أثيوبيّة/حبشيّة (3 روايات مختلفة)

-5 مخطوطات قبطيّة.

-مخطوطتان أرمنيّتان.

-مخطوطة إيرلنديّة.


أهم مؤرخين رويا الأسطورة

بيد أنّ أهمّ المؤرّخين الذين كتبوا الأسطورة في كتبهم هم كالتالي كما يقر الباحثون، وقد وصلتنا عن غيرهم أيضًا:


(2) GREGOIRE DE TOURS كتبها باللاتينيّة الأسقف

-كتبها بالسريانية الأسقف يعقوب السروجي (3)

أصل القصّة


-الباحث HUBER يرى أنّها كتبت باليونانيّة ثمّ نقلت إلى اليونانيّة ثمّ السريانيّة.(4)

-الباحثون DE GOJE و RYSSEL و GUIDI و PEETERS و HONIGMANN يرون أنّ الأصل يونانيّ (5)

-الباحثون NOLBEKE و HELLER و ALLGEIER يرون أنّ الأصل سرياني (6)


وجهة النظر التي يتبنّاها العلماء الآن هي أنّ القصّة كتبت في البداية باليونانيّة ثمّ نقلت إلى اللغات الأخرى و ينسبونها إلى القدّيس إتيان في القرن الخامس ميلادي.(7)


واعتمادا على أهمّ مصدرين وأكملهما لهذه القصّة وهما جرِجْوَار دي تور (جريجوري دي تور) 587 ميلادي باللاتينيّة و يعقوب السروجي 520 ميلادي بالسريانيّة فإنّنا سنترجمهما و من ثمّة نقابلهما بالنصّ القرآني لنتبيّن حقيقة الأمر.


سنبدأ بالنصّ السرياني، ثمّ النصّ اللاتيني.


النص السرياني – قصيدة يعقوب السروجي (1)

ترجمة لؤي عشري لترجمة إنجليزية للقصيدة السريانية نقلًا عن
Seven Sleepers of Ephesus, by Jacob of Seruqh, translated from Syrian by Wikisource

The Seven Sleepers form the subject of a homily in verse by the Edessan poet-theologian Jacob of Serugh (died 521), which was published in the Acta Sanctorum. Another sixth-century version, in a Syrian manuscript in the British Museum (Cat. Syr. Mss, p. 1090), gives eight sleepers. There are considerable variations as to their names.

توجد مخطوطتان لقصيدة يعقوب السروجي الرهاوي (توفي 521م) عن أسطورة فتيان أفسس النائمين، أحدهما نُشِرَتْ في كتاب Acta Sanctorum والأخرى مخطوطة نسخة سريانية تعود إلى القرن السادس محفوظة في المتحف البريطاني. وهناك اختلاف معتبَر بين المخطوطات حول عدد فتيان الكهف الأسطوريين.

نص القصيدة:



ابن الله، يا من بابه مفتوح لمن يدعوه

افتح بابَكَ لي [تقبَّلْني]، حتى أؤلف ترنيمة عن أبناء النور [أهل الكهف]

من يختار قطيعَه لنفسِهِ هو الراعي الصالح،

وهو من يجعل الذين ينتصرون يجتمعون معه في المساكن السامية [السماوية]

مبارك هو الزارع [المسيح]، الذي يختار البذورَ لقمحِهِ من بين الزؤان

ويبذرها في حقل السماوات الحيّ الذي هو في الملكوت
كلامي عن فتية إفسوس، أبناء النبلاء، يجب أن يقالَ لناسٍ يُصغُونَ.

استمعوا لي أيّها العاملون وغنوا أيها البنون تسبيحة عرسهم [استشهادهم] [أهل الكهف]

ترك الامبراطورُ دسيوس مكانَه وارتحل من مكان إلى آخر، ليطلع على مدن وقرى امبراطوريّته. وإذ دخل إفسوس، تسبب لها بخوف كبير، وأقام احتفالًا بزيوس و أبولو وأرتميس

وكتب رسالةً لأمراء امبراطوريته، بأن كلّ الناس يجب أن تأتي لتحرق البخور للآلهة. فاحتشد القادة والشيوخ والشباب والأطفال، وقدموا البخور للأصنام الخرساء المصنوعة بالأيدي


و كان هناك فتية محبوبون، أبناءُ نبلاءَ رفضوا شريعته ولكي لا يرافقوا هؤلاء الناس
تواضعوا وبعدما دخلوا بيت يشوع [اهتدوا]، اختبؤوا عن هذا السخط لكي لا تدنسهم الرائحة النتنة للبخور النجس

فرآهم رفاقهم ورفعوا وشايةً ضدهم إلى الامبراطور:

"انظر هناك فتيانٌ يقاومون أمرَكَ".

سمع الملك هذا واضطرم بالغضب ضد النبلاء، وأمر بجلب الفتيان عنده ليراهم

راحت الذئاب تركض وقبضت على الخراف من وسط القطيع

و بسرعة جلبوهم إلى بصر الملك

رأى الملك نُبلَهم فقال لهم بطريقة مُغْوِيةٍ:
قولوا لي، أيها الفتيان، لماذا عصيتم أمري؟ اقتربوا وقدّموا قربانَكم وسأجعلكم من النبلاء

قال ابن الوالي [أو الضابط، والعدد معه يصبح ثمانية] ومعه أصحابه السبعة:

نحن لا نعبد أصناما صمّاء من صنع أيدي الإنسان
ربّ السماوات موجود وسوف يعيننا

إننا نعبده ونقدّم له طهارةَ قلوبنا

وأنت آلهتك بالتأكيد هم أبولو و زيوس و أرتميس

أما نحن فلدينا الأب والابن وروح القدس

أمر الملك بضربهم بالعُصِيِّ، ثمّ من جديد أمر بصرفهم لحين عودته

الملك كان مستعجِلًا لرؤية باقي مدن وقرى مملكته

لذلك السببِ، خرج من إفسوس لأعمالِه على أن يعودَ

أما الفتيان المحبوبون فتشاوروا فيما بينهم:

فلنغادر ونهرب من مدينة الأفسوسيين [الإِفْسِيِّين]

قبل أن يعود الملك الملعون ويعذِّبَنا

كان هناك في المنطقة كهف ذو تجويف داخلي على جرفٍ على قمة جبل
وقرر الفتيان المحبوبون الاختباء فيه.

لقد أخذوا معهم بعضَ أموال آبائهم، ليُحبَسوا في ذلك المكان ويُمَجَّدوا.
لم يحملوا معهم ثيابًا قيَّمةً بل قديمةً، حيث لم يكن هناك حاجةٌ للثياب الفاخرة، كما ارتَأَوْا.
وحملوا معهم بعض عملات الامبراطور الوثنية الفضية، لأن من لا يحمل عملات معدنية تحمل العلامة قد يُعتقَل ويُسْجَن.

لقد تسلقوا الجبلَ وبعدما دخلوا الكهفَ قضَوْا هناكَ الليلةَ، ودَعَوْا اللهَ بصوتٍ مُتَأوِّهٍ وتحدثوا هكذا:

"نصلّي لك أيّها الراعي الصالحُ، يا من اخترتَ خرافَكَ، احمِ قطيعَكَ من ذلك الذئب المتعطّش لدمائنا".

رأى الربُّ إيمانَ حِملانِه الحبيبةِ وجاءَ ليكافئَهم مكافأةً صالحةً

أخذ أرواحهم ورفعها إلى السماء

وترك هناك ملاكًا يحرس أطرافَهم

عاد الامبراطور وبعدما دخل إفسوس، سأل:

"أين الفتيان الذين تمردوا على الأمر؟"

فأجابوه، قائلين: "انظر، إنّهم يختبؤون على قمّة الجبل، في كهف".

فأمَرَ بمجيء الرجال المحترفين بآلاتهم، ودحرجوا الصخور بآلات الحصار الخاصة بهم ووضعوها على المدخل [الخاص بالكهف].

وكان هناك حكيمان [فيلسوفان] ابنا نبيلين

مقتنعان بأنّ الربّ سيبعثهم مرّة أخرى

فصنعا ألواحا من الرصاص وجعلاها بجانبهم

كتبا عليها أسماء أبناء النور وسبب دخول الفتيان الكهفَ واختبائهم، وزمن اختبائهم لفترة من أمام دِسيُس.

مرّ عصر الملوكِ الوثنيينَ وانتهى حكمُهم

وأراد الربّ أن يوقظ أبناء النور

وكان هناك في نفس المكان رجلٌ غنيٌّ في إفسوس، والذي أراد أن يبني حظيرة لقطيعه على قمة الجبل، فجمع [عمالُه] الصخور وبنوا سورًا في ذلك المكان لقطيعه، ورأوا الصخور المقطوعة [الضخمة] وحرَّكوها.

دخلَ النورُ وأيقظَ أبناءَ النورِ، فنَفَضُوا النومَ عن أنفسِهِم وجلسوا علی الأرض وشرع الفتيان المحبوبون في التشاور فيما بينهم: "والآنَ من سينزل ويری ما إذا كان الامبراطور قد عاد، ويعلَمُ ما هو أمرُه بخصوصِنا، وما إذا كان افتَقَدَنا أم لا، ويرُدُّ لنا خبرًا؟”. قال واحدٌ من بينِهِم يُدْعَی إيامليخُس: "سأنزل وأكتشف، وفي هيئة شحاذٍ سأدخلُ القصرَ وسأعلم ما قد أمر به بخصوصنا". أجابوه قائلين: "خذ مالًا واجلبْ معكَ بعضَ الخبزِ؛ لأننا منذُ ليلةٍ ليس لدينا خُبزٌ ولم نأكُلْ".

أسرع الفتی النزولَ منَ الجبلِ، وذهَبَ إلی المدينةِ، ودعا اللهَ بتأوُّهٍ، قائلًا: ”نسألك -أيها الراعي الصالحُ- يا من اخترتَ خرافَكَ، احمِ قطيعَكَ من الذئبِ المتعطش لدمائِنا". وعندما رفع عينيه رأی الصليبِ فوق بوابة المدينة، فأدارَ رأسَه وبجَّلَه ببكاءٍ، وبدأَ في النظرِ حولَهُ، لكي لا يراه بالصدفةِ أحدُ الوثنيين. وبدأَ يفكِّرُ محدِّثًا نفسَهُ: "ما هذا الذي بالأعلی؟ لأن في المساء كان الصليبُ يُخَبَّأُ منَ الوثنيين، وانظُرْ! اليومَ يوضَعُ علنًا علی البوابة؟". مضی الفتی وذهَبَ إلی بوابةٍ أخری، ورفع عينيه فرأی أيضًا صليبًا فوقَ تلك البوابة، وبدأ يقول [لنفسِهِ]: "لقد فقدتُ عقلي، لقد جُنِنْتُ وصرتُ غيرَ عاقلٍ. أتعتقدُ أن هذه هي مدينة أفسوس تلك التي نشأتُ بها؟". وأبصرَ رجلًا جالسًا في الميدان، فاقترب منه وسأله: "قل لي -أيها السيدُ الكريمُ- ما هذه المدينة؟". فأجابَ: "هذه المدينة تُسَمَّی إفسوس". لكنه وقف مدهوشًا مفكِّرًا في عقلِهِ فيما حدث للمدينةِ. فاستمر في الركض عبر الطرقات ولم يحِد عن المسارِ، حتی وصل إلی القصرِ ووجدَ أنَّ البواباتِ مغلقةٌ أمامَه. فاستدارَ إلی المَيْدانِ [السوق] ليتمكن من شراءِ بعضِ الخبزِ ويعودَ بهِ. فأعطی المالَ الذي أخرجَهُ من كيسِ نقودِهِ. فأخَذَهُ الرجلُ الذي كان يبيع الخبزَ ونظَرَ إليه عن قربٍ [بتملٍّ ]، وأومأَ إلی رفيقِه لكي يأتي ويراه. ومضی المالُ بينَ أيدي خمسةِ رجالٍ، وبعدما تأمَّلُوهُ، بدأوا في الهمهمة فيما بينهم بصدِدِه. ورآهم الفتی يهمهمون فيما بينهم، فقال مجيبًا: "أعطِني الخبزَ، إن كنتَ ستُعْطِيه، وإلا فسأرحل". اقترب الرجلُ الذي كانَ يبيعُ الخبزَ وأمسَكَ به، قائلًا: "قل لي -يا فتی- من أينَ أنتَ، وما وطنُكَ، وسلِّمْنا الكنزَ الدفينِ الذي قد وجدتَهُ لكي نتقاسم كلُّنا حصةً منه. أمَّا لو رفضتَ إخباري فسوفَ أجعلُكَ يُقبَضُ عليكَ". فأجابَ الفتی: "أنا لم أرَ أيَّ كنزٍ قط، ولا أعلمُ أيَّ شيءٍ عنه علی الإطلاقِ". امتلأ سوق الإفسِيِّين بصخَبٍ منَ الأصواتِ، لأنهم قالوا: "انظر، لقد وجَدَ الصبيُّ كنزًا" وأمسَكُوا به فورًا. وصل الخبرُ إلی الكنيسةِ المقدسةِ؛ إلی الأسقفِ، فأرسلَ أنَّهم يجب أن يأخذوه [الصبيَّ] بأيديهم، واستجوبه [قائلًا]: "قلْ لي -أيها الفتی- منْ أينَ أنتَ، وما وطنُكَ، وأين مسكنُكَ، وأين ذخيرةُ الكنزِ الذي يقولونَ أنكَ وجدتَهُ؟". فأجابَ الفتی: "أنا من إفسوس نفسِها، وأنا ابن روفوس المختارِ، الذي هو أحدُ النبلاءِ". وبدأَ إيامليخُس ينظرُ حولَهُ في الحشدِ، ليری إن كانَ قد يتعرَّفُ إلی أحدٍ من بيته أو أسرته أو إخوته او قريب له أو ناسًا ممن عرفهم من الذين يزورون أباه، والذين قد يأخذونَه منْ بينِ أيديهم. وعندما لم يرَ أحدًا منْ عشيرتِهِ ولا أسرتِهِ تدفقَّتْ الدموعُ منْ عينيه وبدأَ في البكاء.

وكان هناكَ حكيمٌ موجودٌ في الكنيسةِ المقدسةِ والذي جذَبَ الفتی وسألَه بحكمةٍ: "قلْ لي الحقيقةَ -يا بني- اكشف لي ووضح لي من أين أنت، ولا تخبئْ عني". فقال الفتی: "سأخبرك الحقيقة، لكنْ اكشفْ لي ووضِّحْ لي الأشياء التي أسألُكَ عنها بصدقٍ. أجِبْني وقلْ لي: أينَ الامبراطور دِسْيُسْ؟ وبحقٍّ بعد ذلك سأكشفُ لكَ أموري بدوري". عند سماعِهِ هذا، تعجبَ الحكيمُ بشدةٍ واغتاظَ من الفتی الذي كشفَ له أشياءً عظيمةً، فقال له: "يا عديم القيمة، يا غير مستحقٍ للذِكر، إنكَ تستحقُّ الموتَ، أتسخَرُ مني؟ هل أبدو لك كصبيٍّ عمره سنتان؟ إنَّ الرجلَ الذي تتكلم عنه مات منذ زمنٍ طويلٍ للغاية، ووفقًا لعدِّ وحسابِ الجريكيين [اليونانيين]۠ يُعتَقَدُ أنه قد مرت ٣٧٢ سنةً منذُ عصرِ ذلكَ الامبراطورَ".فقالَ الصبيُّ: "بالتأكيدِ أني ورفاقي قد هربنا منْ ذلكَ الامبراطورِ، وانظرْ لقد نمتُ علی قمةِ الجبلِ كما فعلَ رفاقي".

اجتمَعَ الأرستقراطيون والشيوخُ والنبلاءُ وحتی الصبيانُ ليصْعَدُوا ويَرَوْا كنزَ الحياةِ الذي كُشِفَ لهم. وانتشر النداءُ في كاملِ أرجاءِ مدينةِ الإفسيِّينَ وما جاورَها، قائلًا: "تعالوا وشاهدوا الكنزَ الذي قد كُشِفَ لنا".سمِعَ الفِتيانُ الذينَ في الكهفِ، وتحركوا خائفين، معتقِدين أنَّ الامبراطورَ قد أرسلَ مُتَعَقِّبينَ [أو أتباعًا] للقبضِ عليهم. فطمآَنَهم ابنُ الضابطِ، قائلًا لهم: "انهضوا واطمئِنُوُا وضعوا درعَ الإيمانِ، ولنثِقْ في اللهِ، لأنه يساعدُنا ويُقَوِّينا ويُرْشِدُنا وفقًا لمشيئتِهِ". وبينما كان يشجعهم، دخَلَ الفتی ووقفَ في وسطِهم، وجاءَ الأسقفُ والأرستقراطيون معه في نفس الوقت، فرَأَوْا الفتيانَ جالِسِينَ علی الأرض، فحيوهم، قائلين: "السلامُ لكم". وكتبوا رسالةً فورًا إلی الامبراطورِ ثيودوسيوس، قالوا فيها: تعالَ وشاهِدْ كنزَ الحياةِ الذي كُشِفَ لنا". فأسرعَ الامبراطورُ وجاء ورآهم وحيَّاهم، قائلًا: "السلام لكم". ثم أخذَ لوحًا من رصاصٍ وشرَعَ يكتُبُ روايةً عن سبب دخولِ الفتيانِ الكهفَ وإغلاقِهِ عليهم. ثم دعاهم الامبراطورُ للنزولِ معه إلی إفسوس، لأنه كانَ يُخَطِّطُ لبناءِ معبدٍ علی مكانِهم. فأجابوا، قائلين: "سنظلُّ في هذا المكان، لأننا نحبُّ هذا الموقعَ. لقد أمرَنا راعي قطيعِه نفسُهُ أنْ نكونَ في هذا المكانِ. ولأجلِكَ -انظر- أيقظَنا ربُّنا المسيحُ، كما تری، وأقامَ دليلًا علی أن القيامةَ ستحدثُ حقّا [....تلف في المخطوطة، وفي الترجمة الفرنسية التي ترجمها سامي منصوري: نزع الملك (......)[الكلمة ناقصة و يراها المحقّقون :رداءه] و غطّاهم به ليتمّوا نومهم]، وتركَهُم، وارتاحوا في ذلك النومِ الأبديِّ. تباركَ الراعي الذي يفصل قطيعَه الخاصَّ بهِ، ويجعلهم وراثي الزواج [السماوي] والفردوس والملكوتِ الأبديِّ.


النص السرياني – قصيدة يعقوب السروجي (2)

ترجمة سامي المنصوري للقصيدة نقلًا عن ترجمة فرنسية للأصل السرياني


ابن الله، يا من تفتح بابك للطارقين

تقبّلني عندك، حتى أنشد صفاء أبناء النور [أهل الكهف]

الراعي[المسيح] اختار خرفانا من بين القطيع

جمّعهم في الحظيرة السماويّة ليكونوا معه

مبارك هو الفلاح[المسيح]، الذي يختار القمح من بين الهشيم

و يزرعه في حقل السماوات الحيّ

أقصّ عليكم قصّة أبناء نبلاء إفسوس

استمعوا لي أيّها العاملون و سبّحوا من أجل أبناء القيامة[أهل الكهف]

الملك دسوس يجوب المناطق و القرى

يزور ممالك امبراطوريّته العظيمة
وإذ يدخل إفسوس، تنتشر الفتنة

راح يحتفل بزيوس و أبولون و أيضا أرتميس

و يسنّ شريعته: كلّ الناس تأتي تضع عطورها [إحراق البخور] أمام الآلهة

جمّع النبلاء والشيوخ والأطفال

يضعون العطور لأصنام صمّاء من عمل الإنسان

وكان هناك فتية محبوبون نبلاء

رفضوا شريعته و اعتزلوا في بيت يسوع

كي لا تدنّسهم رائحة عطور الشرك

وشى بهم أصحابهم إلى الملك:

هناك فِتيان يرفضون شريعتك

غضب الملك و أمر بجلب هؤلاء الأطهار ليراهم

راحت الذئاب تركض و قبضت على الخرفان من وسيط القطيع

وبسرعة وعجلة حملوهم إلى الملك

كانوا خائفين فقال الملك ليسحرهم:

لماذا عصيتم أمري؟ اقتربوا، قدّموا عطوركم و سأجعلكم من النبلاء

قال ابن الوالي [العدد معه يصبح ثمانية] و معه أصحابه السبعة:

نحن لا نعبد أصناما صمّاء من صنع الإنسان

معنا ربّ السماء الذي سيعيننا

إنّه من نعبد، و من نقدّم له عطور قلوبنا
آلهتك هم أبولون و زيوس و أرتميس

آلهتنا هم الأب و الإبن و الروح القدس

أمر الملك بضربهم بعصا، ثمّ من جديد أمر بتركهم لحين عودته

الملك كان متشوّقا لزيارة باقي مملكته

فخرج من إفسوس على أن يعود

تحدّث الفِتيان الأطهار فيما بينهم:

لنخرج، لنهرب من مكان الأفسوسيين

قبل أن يعود الملك الملعون ليحاكمنا

حملوا معهم أموال آبائهم و اختفوا في كهف في قمّة الجبل

ليصيروا محلّ شكّ و فخر لآبائهم

لم يحملوا معهم ثيابا ذات قيمة

في الليل، في قمّة الجبل ،في عمق الكهف، قالوا:

نصلّي لك أيّها الراعي الطيّب

احمنا من ظلم هذا الذئب المتعطّش لدمنا

و كي يجازيهم الربّ على إيمانهم

أخذ أرواحهم و صعد بها حتى السماء

و ظلّ هناك ملاك يحرس [يحرّك] أطرافهم

عاد الملك إلى إفسوس و سأل:

أين الفِتيان الذين كانوا خارجين عن القانون؟
قيل:إنّهم هناك في قمّة جبل، في كهف مختبئون

قرّر الملك اللعين قتلهم

أمر بقطع الأحجار و وضعها أمام الكهف لإغلاقه
لكن كان هناك حكيمان [فيلسوفان] إبنا نبيلين

مقتنعين بأنّ الربّ سيبعثهم مرّة أخرى

صنعا ألواحا من الرصاص و جعلاها بجانبهم

كتبا عليها أسماء أبناء النور و أسباب اختفائهم و زمنه.

مرّ عصر الملوك المشركين و فنت ممالكهم

أراد الربّ أن يوقظ أبناء النور

فأعثر عليهم أحد الأغنياء الذي أراد بناء حظيرة في ذلك المكان

دخل النور إلى الكهف فاستيقظوا

جلسوا على الأرض يتساءلون بينهم:

من يذهب إلى المدينة ليخبرنا بقرار الملك؟

قال إيامبليكوس: أنا آتيكم بالخبر اليقين

قالوا: خذ بعض المال و ائتنا ببعض الخبز في طريقك

ذهب الإبن راكضا إلى المدينة و هو يصلّي من الخوف

و حين رأى الصليب معلّقا على الأبواب تعجّب

سأل أحد المارة و حين أجابه بأنّها إفسوس ازداد عجبه

دخل إلى متجر ليشتري الخبز و أعطى قطعة نقديّة

التاجر راح يفحص العملة و أعطاها لزميله الذي بدوره فحصها و أعطاها لآخر

مرّت القطعة بين أيدي خمسة أشخاص

أخذوا يتحدّثون في شأنه، فقال الإبن:

أعطوني خبزا إن أردتم [إن كنتم مانحين] و إلاّ سأذهب.

قبض عليه البائع وانتشر الخبر في المدينة عن وجود كنز

وصل الأمر للأسقف فأخذ القطعة و سأل إيامبليكوس:

من أين أنت؟ من أبواك؟ و كيف وجدت الكنز و أين؟

قال الإبن:أنا من إفسوس و ابن رفينيسوس من النبلاء

نظر الإبن إلى وجوه الحاضرين علّه يعرف أحدا و لكنّهم كانوا كلّهم غرباء فشعر بالحزن و راح يبكي

سأله أحد الحكماء الحاضرين قل الحقيقة يا بنيّ و لا تخش شيئا

فقال الإبن، أجبني أوّلا أين الملك ديسوس؟

فقال الحكيم، أتسخر من فقير قريب من الموت مثلي و عمرك لا يتجاوز اثني عشرة سنة بينما الملك الذي تتحدّث عنه مات منذ زمن بعيد

و بالحساب و حسب طريقة اليونانيين في حسابهم فعمر الملك الآن 377 سنة.

قال الإبن:تعالوا أدلّكم أين اختفيت البارحة من الملك ديسوس مع أصحابي

اجتمع كلّ أهل افسوس ليروا الكنز الحيّ

الكنز الذي أرسله الرب كآية لهم

كان الفتية في الكهف خائفين و يصلون:

إنّ الربّ معنا و يهدينا حسب إرادته

دخل الأسقف و النبلاء إلى الكهف فرأوا الفِتيان جالسين على الأرض

سلّموا عليهم قائلين:السلام عليكم [أو السلام معكم]

وصل الملك تيودوس بعد أن سمع الخبر و سلّم عليهم ثمّ قرأ قصّتهم من اللوح الرصاص

ترجّاهم أن يأتوا معه إلى إفسوس ليبني لهم مسجدا [معبدا]

أجابوه أنّهم يريدون البقاء في مكانهم، فالراعي[المسيح] الذي حملنا إلى هنا هو أعلم بنا

لأجلكم بعثنا المسيح ربّنا لتعلموا أنّ البعث حقّ

نزع الملك (......)[الكلمة ناقصة و يراها المحقّقون :رداءه] و غطّاهم به ليتمّوا نومهم المؤقّت

مبارك هو الراعي الذي اختار خرفانه من بين القطيع

مبارك إذ أورثهم الجنّة، و الحديقة و ملكوت السماء.


النصّ اللاتيني الطويل، مترجمًا عن مقال "المعاناة الصابرة المتحمسة للسبعة النيام الإفسيّين" لجريجوري دي تور

ترجمة لؤي عشري

Gregory of Tours, The Patient Impassioned Suffering of the Seven Sleepers of Ephesus (Passio sanctorum martyrum)

1- مع اضطهادات المسيحيين وعبادة الأصنام عبر العالم، كان سبعةُ رجالٍ نبلاءَ في قصر الملك والذين شعروا اتجاه آثامه الخسيسة التافهة بأمره بعبادة الله من خلال صور غير حية بتأنيب الضمير الإلهي واهتدوا [تحولوا إلى المسيحية]؛ حيث تعمَّدوا وغيِّروا أسماءَهم. عندما جاءَ دِسْيُسْ (دقيانوس) إلى إفسس، أمر باضطهاد المسيحيين حتى القضاء على دينهم إن أمكن. لقد أحرقهم وسط استرحاماتهم وخوفهم. لقد أحرقوا الضحايا وأظلمَتْ كلُّ المدينةِ بالأدخنةِ. خرَّ السبعة الأبطال الخاصون بالمسيح باكين واضعين التراب فوقَ رؤوسهم، متوسلين لشفقة الله أن تنظر إلى الأسفل من السماوات لكي لا يترك شعبه يموت هكذا، لكونه [الملك] غازيًا [فاتحًا].

2- عندما اكتُشِف هذا، ذهبَ أعداءُ الاسمِ المسيحيِّ وأبلغوا الملكَ: "لقد مضى أمرُكَ _أيها الملكُ_ عبْرَ العالَمِ ولم يجرؤْ أحدٌ على مضادَّةِ حكمِكَ، فالكل يقدِّمُ قربانًا يوميًّا للآلهة الخالدين، ما عدا سبعةَ رجالٍ والذين أنت محبٌّ ومعجَبٌ بهم على نحوٍ خاصٍّ". فقال القائد الامبراطوري: "ومن هم هؤلاء؟" فأجابوا: "ماكسيميان؛ ابن حاكمٍ محليٍّ، ورفاقه". سخطَ الامبراطورُ وأُحْضِرَ الرجالُ في السلاسلِ أمامَه بمناظر تثير الدموعَ الله [نسخة عربية: وأعينهم تسيل بالدموع] وتراب فوق رؤوسهم كما كانوا عندما صلوا أمام عيني. رآهم الامبراطورُ وقال: "هل سيطرت مثلك تلك الخيانة العظيمة الخاصة بعقولكم المذنِبة عليكم لدرجة أن تتجرؤوا على تحدي مشيئتِنا ولا تُقدِّموا القربانَ الواجبَ لللآلهةِ الخالدين؟ إني أخاطبكم _بمجدي_ وإننا نعلم طرقًا مختلفة من التعذيب". فأجاب الرجال: "الله وحدَه خلقَ السماءَ والأرضَ والبحرَ، له نقدم قربانًا كلَّ يومٍ بالتسبيحِ ولأجْلِ اسمِهِ نحن مستعدونَ للموتِ. أما القوى التي تحثُّنا [أو تجادلنا] على أننا يجب أن نعبدَها باسم آلهة [على أنها آلهة]، فإننا نعلم أنها لا وجودَ لها على الإطلاق. لأن تماثيل الفسق _بما أنها يزينها فن الفنانين_ لا يمكنها أن تفيدَ من يتعبدون لها، وهكذا فالذين يحبونها يُدانونَ بنفس الشرعِ الإلهيِّ، لأن صانعيها مثل المتعبدين لها لأنهم محبوهم". [إشعيا 45: 16 ؟]

3- ثم قال لهم الامبراطورُ بغضبٍ وهم مذهولون: "انطلقوا أيها الأوغاد! حتى تدفعوا ثمن هذه الإهانة في قصرنا وتستميلكم شفقة الآلهة، استمتعوا بزهرة الشباب. لأنه من الخطإ إيقاع التعذيب بمثل ذلك الجمال الجسدي الباهر؟ وبأغلال الحديد التي في رقابهم، أمر بمغادرتهم كرجال أحرار حتى يعودَ هو نفسُه إلى إفسُس. وهكذا، بهذا الاستثناء الممنوح لهم كامتياز عند مغادرته، مضى الرجال السبعة (بينما يمضي الامبراطور إلى مدينة أخرى) إلى بيوتهم حيث كان يراقبهم حارس، فأخذوا ذهبهم وفضتهم وملابسهم وكل أثاثاتهم وأعطوها للفقراء. وبعد ذلك انصرفوا إلى كهفٍ فوقَ جبل سيليون، حاملين القليل من المال لأجل ضرورات الحياة واختاروا مالْخُس للذهاب سرًّا إلى المدينةِ لشراء الطعامِ وسماع ما قرره الامبراطورُ بخصوص مرسومه اليومي بصدد المسيحيين.

4- ومع حبس [باقي] القديسين في حراسة في السجون كلهم، استمر أشر الأباطرة في الحديث باستمرار إلى التافهة [الأصنام]، وعاد إلى إفسس ومع كون المسيحيين مقبوضًا عليهم كالمعتاد لاستجوابهم، سأل عن ماكسيميانُس وعائلته. قال والداه أنهم أغلقوا على أنفسهم في كهف فوق جبل سيليون، والذي يمكن الحفر لإخراجهم منه بسهولة لو أصدر الامبراطور أمرًا ملكيًّا بذلك. عندما علم الرجال [الستة] بذلك لأن مالْخُس قال لهم، كانوا مرتعبين للغاية ورموا أنفسهم على الأرض وصاحوا بدموع إلى الله، باعتباره حاميهم في الإيمان ليحفظهم عن أن يراهم أظلمُ الأباطرة. عندما قالوا هذا، علم اللهُ مسبقًا أنهم في حاجةٍ للمساعدة، فاستجاب لصلاتهم وقبضَ أرواحَهم فاضطجعوا على الأرض نائمين في هدوء.

5- ثم صاح الامبراطور الغاضب برجاله: "تعالوا وأغلقوا فتحة المغارة لكي لا يكون للمتمردين بعدم طاعة الآلهة أي طريق للمغادرة!"؟ ومضى مسيحيان؛ ثيودور و رأوبين سابقين على الرجال الذين يزمع أن يسدُّوا فتحةَ الكهفِ وصلَّيا سرًّا للمسيحِ بخصوصِ تهديداتِ الامبراطورِ. كتبَ هذا الرجلان على بعض الصخور الثقيلة كاملَ تاريخ القديسين، واضعين إياه داخلَ مدخلِ الكهفِ تمامًا بدون علمِ أحدٍ وقالا: "متى ما أراد اللهُ أن يُظْهِر للشعوبِ الرائحةَ المقدسة لأبطاله الأقوياء الخاصين به لكي يعلموا هذه الأشياءَ التي عانَوْها لأجل اسمِهِ". وعند وصول الذين أُرْسِلوا دحرجوا أحجارًا كبيرةً وأغلقوا مدخلَ الكهفِ وغادروا قائلين: "فليموتوا هنا من الجوع وليأكل بعضهم بعضًا كطعامٍ لهم، هؤلاء الذين رفضوا أن يسكبُوا لآلهتنا القرابين الشعائرية اللائقة".

6- بعد ذلك، بعدما مات دِسْيُسْ [دقيانوس]، خلال الأجيال التالية، مُنِحَتْ السلطة الامبراطورية العليا لثيودوسيوس، ابن أركاديوس، والذي أرادت طائفة منكري القيامة القذرة في عهده إزالة رجاء القيامة، (مبررين ادعاءهم) بقولهم "لأن الميت لا ينهض مجددًا", كان الشيخان ثيودور و جايُسْ _كرئيسين لهذه الهرطقة_ قد أرادا أن يشاركهم الامبراطورُ نفسَه في هذا الكفر. ولهذا ابتُلِيَ الامبراطورُ وخرَّ راكعًا إلى الأرض، وترجَّى اللهَ أن يَظْهَرَ أيٌّ ما كان ما يجب اتباعُه كما يستحق هو. ثم كان هناك راعٍ اسمه داليوس [في المصادر السريانية أدونيس] في إفسس والذي امتلك قطيعًا كبيرًا من الأغنام التي كان يرعاها على جبل سيليون وأمر عماله الخدام: "أعدُّوا حظيرةً لأجلِ خرافِنا، لأن هذا مكان جيد حقًّا لرعي قطعاننا". لكنه لم يكن يعلم بما يجري في الكهف. بينما كان الفتيان يقومون بمهامهم ويدحرجون الصخور الضخمة، وصلوا إلى مدخل الكهف ووجدوا حجارة كبيرة هائلة أزاحوها وصنعوا منها سورًا، لكنهم لم يدخلوا في الكهف.

7- ثم أمرَ اللهُ أرواحَ الحياة بالعودة إلى أجساد القديسين فنهضوا وحيوا بعضهم البعض كالعادة، ظانين أنهم ناموا ليلة واحدة كاملة، ونهضوا بمعنويات جيدة وقوة. وليس فقط أجسادهم كانت رائعة وبهية، بل وحتى ثيابهم كانت سليمة تمامًا كما كانت منذ سنين طوال قبل أن يضطجعوا فيها. التفتوا إلى مالْخُس وقالوا: "قل لنا يا أخانا ماذا قال الامبراطورُ الليلةَ؟ هل نحن يُبْحَثُ عنَّا؟ قلْ، لكي نعلَمَ". فقالَ لهم: "أنتم يُبْحَثُ عنكم ومطلوبٌ منكم أنْ تقدموا القرابين للآلهة. فقال لهم ماكسيميانُس: "نحن كلنا مستعدون للموت لأجل المسيح. لكنْ خذ مالَنا واذهبْ اشترِ لنا بعض الطعام واستمع بعناية. واجلب لنا الأخبار التي تسمعُها." فأخذ المال وغادر مع العملات الفضية المنقوش عليها اسم دِسْيُسْ. وعندما جاء إلى قرب بوابة المدينة، رأى علامةَ الصليب فوقها فخرس من الدهشة، قائلًا لنفسِهِ: "لكنْ كيفَ _منذُ الأمسِ بعد مغيبِ الشمسِ عندما غادرْتُ المدينةَ_ تغيَّرَ قلبُ دِسْيُسْ، لدرجة أنه قوَّى البوابةَ بعلامةِ الصليب؟". فدخلَ المدينةَ، وسع الناسَ يُعلِنونَ [يُقسمِون بـ] اسم يسوع ورأى كنيسةً وقساوسةً يمضون في المدينة، ورأى الحيطان مبنية من جديد بناء قويًّا، وبدهشةٍ أكثر تكلم مع نفسه: "أتعتقد أنك دخلت مدينة أخرى؟". وتجول عبْرَ السوقِ الذي يُعقَدُ كلَّ تسعةِ أيامٍ، وأخرج عملاتِه الفضيةَ، مصلِّيًا أنْ يُعْطَى له طعامٌ.

8- لكنْ عندما رأَوْا العملاتِ المعدنيةَ قالوا: "لقد وجدَ هذا الرجلُ كنزًا قديمًا من المال، وقد حصل على الفضة التي من زمن دِسْيُسْ!". وحينما سمع مالخُسْ هذا، قلَّبَ الأفكارَ في قلبِهِ، قائلًا: "لأيِّ سببٍ يعتبرون هذه الأشياءَ قديمةً ويرغبون فيها هكذا؟ هل يمكن أني أشاهد حلمًا؟"؟ لكنَّ بعضَ الرجال جذبوه وساقوه إلى الأسقف مارينُس وإلى رئيس شرطة (حاكم، والي) المدينة. فقالوا له: "من أينَ أنتَ، أو من أيِّ منقطةٍ جئتَ؟" فأجابَ: "من إِفْسُسْ، لكنْ أليسَتْ هذه مدينةَ الإفسيين التي أتذكر أني شاهدتُها بالأمس؟". فقاله له الحاكم: "العملات الفضية التي تحوزُها؛ من أينَ حصُلْتَ عليها؟". فأجاب: "حصُلْتُ عليها من بيت أبي"؟ فقال الحاكم: "وأين أبوك؟". فذكر اسمي أبويه، لكنْ لم يعرفْهما أيُّ أحدٍ. فقال له الحاكم: "قل لنا من أين حصلت على هذه العملات الفضية، فإنها من زمن دِسْيُسْ، وقد مات منذ سنين طوال. بالتأكيد [جئت بها] من مكانٍ ما، بما أنك قد أقدمتَ على أن تخدَعَ حكماءَ إفْسُسْ، فسوف تعاني التعذيبَ حتى تكشِفَ الحقيقةَ. فخاف مالخُس حتى صمتَ، ثم قال وسط عَبَرَاتِه [دموعِهِ]: "أترجاكم أن أُظْهِر برهانًا واحدًا، إذا تعتقدون أن الأمر يستحق: الامبراطور دِسْيُس _الذي اضطهدَ المسيحيين في المدينة_ أين هو؟". فأجابَ الأسقف مارينُس: "لم يعد في المدينة، يا بني، إنَّ الأحبَّ لي هو رجل يتذكر من جديد أزمنة دِسْيُسْ، لأنه هلك منذ سنين كثيرة".

9- حينما سمع هذا، قال مالخُس مفكِّرًا لنفسه وقائلًا للأسقف: "لقد اعتقدتُ أني نمتُ مع إخواني ليلةً واحدةً فقط، لكن كما اكتشفتُ الآنَ فإن السماء جعلت سنين كثيرة جدًّا تمرُّ على نومِنا. والآنَ عيَّنَني الربُّ أنا وإخوتي لكي نُعلِّمَ كلَّ جيلٍ، لأن بعثَ الموتى قد حدث. لذلك، اتبعوني، سأريكم إخوتي الذين بُعِثُوا معي". وبينما كان مالخُس يقول لإخوته ما حدثَ له في المدينةِ، دخلَ الأسقفَ فوجدَ صندوقًا مختومًا بعلامتين فضيتين؛ فخرج ونادى جموعَ المدينةِ والحاكم [الوالي]، وفتح الختمين ووجد لوحي كتابة من معدن الرصاص كُتِبَ عليهما كامل قصة معاناتِهم تمامًا كما قالها مالخُس من قَبْلُ سابقًا؛ لأن هذه الأشياء كانت حقيقية، أقَرُّوا بصحة ما قاله مالخُس لهم.

10- ثم وجدوا حقًّا الشهداءَ المبارَكين جالسين في ركنٍ من الكهف ووجوهم متورِّدة حمراء ووضيئة كالشمس لصلاحهم، حيث لم يكن قد هلك شيءٌ، لا ثيابُهم ولا شيءٌ من أجسادِهم. علاوةً على ذلك، خرَّ الأسقفُ مارينُس أمامَ أقدامِهم هو والحاكمُ وكرَّموهم ومجَّدَ كلُّ الحشدِ اللهَ، الذي هو أهلٌ لأنْ يُظْهِر معجزةً مبارَكةُ كتلكَ لعبادِهِ. وروى القديسون بالصدق للأسقف وكل الجمع ما قد حدث في عصر دِسْيُس. وأرسَلَ الأسقفُ والحاكمُ رسلًا لإخبار الامبراطورِ ثيودوسْيُس: "ابتهِج الآنَ! يمكنك إن شئتَ أن ترى معجزةً لا تُصدَّقُ كشفَها اللهُ مقدِّمًا إياها لأجيالك في وقتها المحدَّد. فلو جئتَ، ستعرف أن رجاء القيامة ممكن الحدوث حقًّا، كما ضمنَ ذلكَ وعدُ كهنتِهِ.

11- سمع الامبراطورُ ثيودوسيُس هذا وطفَرَ [قفزَ] فرَحًا، وقال _رافعًا يديه إلى الله_: "أشكركَ أيها الربُّ يسوعُ المسيح، يا ابن العدل [الحق] يا من أنت كفؤٌ لأنْ تنير ظلمات الموتى بنور حقيقتك، أقدم لك التشكرات، يا من لم تسمح لنور مصباحَ شكري لك بالتسبيح بالزوال من الأراضي بسبب ظلال الكلام المتشكك. وبينما يقول هذا الكلام، استُحِثَّتْ خيولُه وذهب بأسرعِ عَجَلَةٍ إلى إفسُس. لكن الأسقف والحاكم وكل السكان خرجوا لمقابلة الامبراطور، وبينما كانوا يصعدون خرج الشهداء القديسون إلى طريق الامباررطور وصارت وجوهم مثل الشرق في إشراقها بفضيلتهم، فخر الامبراطوار على الأرض وعظَّمَهم ممجِّدًا اللهَ ونهضَ، وقبَّلَهم وبكى على أكتافِهم، وقال: "إنى أرى وجوهَم كأني أرى وجهَ المسيح، ربي الذي أقامَ لعازر من القبرِ، أقدِم له تشكراتٍ لا نهائيةً لأنه لم يُضِلَّني عن الرجال في الحياة الأبدية.

12- ثم أجابَ ماكسيميانُس: "أيها الامبراطورُ، رجاءً اعلَمْ أن الربَّ أمرَنا بالنهوضِ من جديد لتقويةِ إيمانِكَ. لذا فعليك الإيمان به دائمًا، لأن قيامةَ الموتى سوف تحدُثُ كما أنك ترانا، فاشْهَدْ على بعثِنا أمامَكَ واحكِ أعمالَ اللهِ العظيمةَ". وقالَ الملكُ والناسُ أشياءً عديدةً أخرى، لكنهم [القديسين] اضطجعوا من جديد وناموا على الأرض، مسلِّمين أرواحهم للملك الخالدِ كليِّ القدرةِ. رأى الامبراطورُ هذه الأمورَ، فخرَّ فوقَهم وبكى وقبَّلَهم، وجلبَ أثوابَهُ ووضعَها فوقَ هؤلاء القدِّيسين وأمرَ بعملِ توابيتَ ذهبيةٍ لكي يوضَعُوا فيها. لكنْ في تلكَ الليلةٍ ظهرَ له القدِّيسون وقالوا [له]: "لا تفعل ذلك، اتركْنا فوقَ الأرضِ بدلًا من ذلك، فمنها سوف يُقيمُنا اللهُ في اليوم العظيم لقيامة كل ما من هو لحْمٌ. ثم أقامَ الامبراطورُ له قاعةً كنسيةً رائعةً وعملَ فيها مأوىً للمحتاجين والفقراء، آمِرًا بأنْ يُطْعَموا من المخزونِ العامِّ. وعندما استُدْعِيَ الأساقفةُ معًا، احتَفَلَ [الملكُ] بيوم مقدَّسٍ مجيدٍ للقديسين وعبَدَ كل امرئٍ الربَّ الذي مجدُه بلا عيبٍ في الثالوث والرحمة على مر قرونِ الأجيال. آمين [=حقًّا].


من كتاب مجد الشهداء لجريجوري دي تور
ترجمة لؤي عشري

Gregory of Tours, De gloria martyrum (Glory of the Martyrs)

ملاحظة: هنا القصة مختصرة مما ورد في النص أعلاه، فلا تضيف جديدًا مختلفًا، فسأترجم الجزء الذي يضيف القليل من المعلومات لنا، ومنها أنه ترجم القصة عن نقلٍ من رجل سوريٍّ سريانيٍّ.

.....جاء الامبراطورُ وكرَّمَهم بالجُثِيِّ [الركوعِ] على الأرضِ. فتحدَّث السبعةُ رجالٍ إلى الامبراطورِ بهذا الكلامِ: "لقد انتشَرَتْ هرطقةٌ _أيها الامبراطورُ المجيدُ_ تحاولُ إضلالَ الشعبَ المسيحيَّ عن وعودِ اللهِ بالقولِ بأنه ليس هناك قيامةٌ للموتى. لذلك لأننا _كما تعلم_ سنُعتَبَر مسؤولين أمامَ محكمة [كرسي قضاء، منبر] المسيح وفقًا لما كتبَهُ بولس الرسولُ [كورنثوس الثانية 5: 10]، فقد أمرَنا الربُّ أنْ ننهضَ لنقولَ هذه الأشياءَ لكَ. احترِسْ لكي لا تُغْوَى وتُقْصَى من ملكوتِ اللهِ". استمَعَ الامبراطورُ ومجَّدً [سَبَّحَ] اللهَ الذي لم يسمَحْ بهلاكِ شعبِهِ. لكنَّ الرجال اضطجعوا من جديد على الأرض وخرُّوا نيامًا. عندما أراد الامبراطورُ ثيودوسيوس بناءَ مقابرَ ذهبيةٍ في تلك البقعةِ، حُذِّر في رؤيا بألَّا يفعلَ ذلك. وحتى اليومِ يضطجعُ هؤلاءِ الرجالُ نائمين في تلك البقعةِ، مُغَطَّيْنَ بعباءات مصنوعةٍ من حريرٍ أو كِتَّانٍ. إن تقريرَ معاناتِهم [جهادِهم] _والذي ترجمتُه بمساعدة سريانيٍّ إلى اللاتينية_ يعطي روايةً أكملَ.
________________________________________
المراجع:

1-لويس ماسينيون، مجلّة مينورا 1951 ، بحث في مخطوطات قصّة الرقود السبعة

-2-جريجوري دي تور (539-594) ميلادي -أسقف و مؤرخ كنسي لاتيني

-3-يعقوب السروجي (451-521) ميلادي -أسقف سرياني معروف بأشعاره و أناشيده

4-فرنسوا جوردون، قصة الرقود السبعة/طبعة 2001

5- Seven Sleepers of Ephesus, by Jacob of Seruqh, translated from Syrian by Wikisource

6- Gregory of Tours, The Patient Impassioned Suffering of the Seven Sleepers of Ephesus (Passio sanctorum martyrum)

7- Gregory of Tours, De gloria martyrum (Glory of the Martyrs)


وكتب سامي المنصوري (نقلًا عن باحثين ملحدين أقدم كمحمد النجار وأثير العاني وفراس السواح الأستاذ الكبير المعروف) :


اعتمادا على ما تقدّم و لتأطير النصّ تاريخيّا نرى ما يلي:

راوي القصّة إتيان الإفسوسي سنة 448

دُوِّنَتْ باليونانيّة تقريبا سنة 449

نقلها يعقوب السروجي إلى السريانيّة سنة 490 تقريبا

نقلها يوحنا الإفسوسي إلى السريانية سنة 570 تقريبا

نقلها عنه جرِجْوَار دي تور إلى اللاتينية سنة 580 تقريبا

يختلف الرواة في عددهم (المخطوطات الأثيوبيّة و السريانية تختلف عددا عن اللاتينيّة)

اختلاف في مدّة مكثهم في الكهف بين 190 سنة إلى 377 سنة

كلهم يتّفقون على أنّ أحداث هروبهم حدثت مع الملك دِسْيُسْ و هنا سنتوقّف قليلا لنقرأ ما يكتبه المؤرّخون و نحاول معرفة هل أنّ هذه القصّة حدثت قبله أو في حكمه أو بعده.

النصّ القرآني:

الآيات من سورة الكهف معروفة و لكنّنا سنبيّن فقط نقاط الاختلاف و الائتلاف بينها و بين النصّ السرياني:

..................القرآن.......................... ........................يعقوب السروجي

عددهم:خمسة أو ستّة أو سبعة....................................ثمانية

المدّة:309 سنة............................................... ..........377 سنة

معهم كلبهم............................................. ...................بلا كلب

دينهم:التوحيد..................................... .........................التثليث

خرجوا هاربين............................................ ...........خرجوا هاربين

نلاحظ أنّ النصّين يتوافقان في كيفيّة سرد القصّة حيث يسردان تعريفا شاملا في البداية ثمّ يعودان و يدخلان في التفاصيل على اختلافها:

المقدّمة:

القرآن:

{أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آَيَاتِنَا عَجَبًا (9) إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آَتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا (10) فَضَرَبْنَا عَلَى آَذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا (11) ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا (12)} من سورة الكهف

ثمّ يعيد القصّ مرّة أخرى بالتفاصيل.


يعقوب السروجي:

ابن الله، يا من تفتح بابك للطارقين

تقبّلني عندك، حتى أنشد صفاء أبناء النور [أهل الكهف]

الراعي[المسيح] اختار خرفانا من بين القطيع

جمّعهم في الحظيرة السماويّة ليكونوا معه

مبارك هو الفلاح[المسيح]، الذي يختار القمح من بين الهشيم

و يزرعه في حقل السماوات الحيّ

ثمّ يدخل في التفاصيل.


اعتمادا على النصّ القرآني فإنّنا لو طرحنا 309 سنة من عام استيقاظهم 449 ميلادي لوجدنا سنة 140 ميلادي و هي توافق حكم الامبراطور أنطونيوس التقيّ (138-161 ميلادي) و هو من الحكام المصلحين في روما و تميّز عهده بالاستقرار نسبيّا.و هو ما ينفي احتمال وجودهم في عصره.


[إضافة من لؤي عشري: وقال يعقوب السروجي في قصيدته:

أخذ أرواحهم و صعد بها حتى السماء

و ظلّ هناك ملاك يحرس أطرافهم


قارن مع القرآن:


{وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا (18)} الكهف: 18


و نلاحظ في النصّ اللاتيني أنّ العمليّة تكاد تكون مفبركة بين الحاكم تيودوس و الأسقف إتيان إذ نقرأ هنا:
"و في السنة الثلاثين من حكم الإمبراطور تيودوس انتشر مذهب مسيحيّ ينكر البعث فحزن الإمبراطور كثيرا لأنّه كان مؤمنا به فأخذ يبكي ليل نهار و يدعو الربّ أن يتدخّل و يهدي هؤلاء القوم، "

فما الذي يمنع أن يتّفقا (الحاكم و الأسقف) و ربّما الأسقف وحده مع سبعة أشخاص على الذهاب إلى كهف ما و يعطوهم قطعة نقديّة من أرشيف الخزانة تعود إلى الحاكم دِسْيُسْ و يحملان معهم لوحا فيه قصّتهم ثمّ يأتي أحدهم كما لو أنّه استيقظ بعد مئات السنين؟

و هكذا يتأتّى للأسقف ما يريد و هو إيمان الناس بالبعث.

و هو ما نراه في :

"فكّر الأسقف و قال للقنصل:

-إنّها رؤيا يريد الربّ أن يرينها عبر هذا الفتى.

و حين وصلوا إلى الكهف و وجدوا قدّيسي الربّ جالسين راح الأسقف يمجّد الربّ و يقبّلهم و يبكي قائلا إنّي أراكم كما أرى الربّ يبعث إليعازر.

فقال ماكسيميانُس:

-صدّقونا، فمن أجلكم بعثنا الربّ قبل يوم البعث الأعظم حتى تؤمنوا يقينا بالبعث، ألا ترون أنّنا أحياء؟"


وهكذا يؤمن الناس و تنتشر القصّة.

نلاحظ فيما سبق أنّ القرآن [ربما] يتحدّث عن أصحاب كهف آخرين غير قصّة الرقود السبعة السريانيّة، [أو ينقل من تنقيح آخر للقصة، أو ربما أضاف محمد بعضَ المنماتِ الصغيرة].

بل يزيد القرآن في إعطاء تفاصيل لا نجدها في النص السابق الذي كما قلت هناك إمكانيّة أن تكون القصّة ملفّقة من طرف الحاكم تيودوس لكي يؤمن الناس بالبعث.

يقول القرآن في البداية :أصحاب الكهف و الرقيم و الرقيمُ لغة هو اللوح الذي نضع الأرقام فيه أو نكتب فيه و هو ما يحيلنا إلى أنّ هناك من كان يرقّم مدّة نوم أهل الكهف و يدعّم رأينا هذا قوله تعالى في مقدّمة القصّة أو تلخيصها في البداية"لنعلم أيّ الحزبين أحصى لما لبثوا أمدا" و كذلك قوله "سنين عددا" أي هناك من يعدّ سنة فسنة.

ثمّ بعد هذه المقدّمة يدخل القرآن في التفاصيل:

-هناك حزبان يحصيان المدّة

-يذكر الكهف بالتعريف و ليس "كهفا"

-يقولون: هؤلاء قومنا اتّخذوا من دونه آلهة، و كأنّهم فرّوا من مجتمع كامل وثنيّ

-وصف الشمس:حسب وصف القرآن لحركة الشمس فإنّنا نلاحظ أنّ فتحة الكهف متوجّهة نحو الشمال المائل قليلا نحو الغرب بينما الفتحة في كهف افسوس في النصّ السرياني متوجّهة نحو الجنوب.

-الكهف مفتوح بدلالة قوله "لو اطّلعت عليهم، أو و تحسبهم أيقاظا" و ليس مغلقا بالحجارة كالنصّ السرياني

-عقاب الرجم "في قوله: "إن يظهروا عليكم يرجموكم أو يعيدوكم في ملّتهم" و هو مخالف لعقاب الرومان ممّا يجعلنا نتأكّد أنّ القرآن لا يتحدّث عن الحادثة نفسها

[تعليق لؤي عشري: قد يكون هذا كعادة محمد في إسقاط أجزاء من أحداث حياته على قصص أساطير الأنبياء، وقد نسب محمد في القرآن قول أبي إبراهيم لإبراهيم: {قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آَلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا (46)} سورة مريم: 46، وهذا لا وجود له أيضًا في التوراة والمصادر الهاجادية والأبوكريفية، فواضح أنه من إسقاطات محمد على الأسطورة من أحداث حياته ودعوته هو]

-بناء معبد عليهم:" قال الذين غلبوا على أمرهم لنتّخذنّ عليهم مسجدا" و هو ما نفهم منه أنّه كان هناك نقاش وخصومة بين حزبين في خصوص أهل الكهف.

[قد يتعلق الأمر بإضافة من محمد لكرهه إقامة الكنائس المكرسة للقديسين والعذراء حيث اعتبرها نوعًا الشرك والإيمان بتعدد الآلهة، روى البخاري:

434 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ، ذَكَرَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَنِيسَةً رَأَتْهَا بِأَرْضِ الحَبَشَةِ يُقَالُ لَهَا مَارِيَةُ، فَذَكَرَتْ لَهُ مَا رَأَتْ فِيهَا مِنَ الصُّوَرِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أُولَئِكَ قَوْمٌ إِذَا مَاتَ فِيهِمُ العَبْدُ الصَّالِحُ، أَوِ الرَّجُلُ الصَّالِحُ، بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا، وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّوَرَ، أُولَئِكَ شِرَارُ الخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ»


نلاحظ أنّ هذه القصّة كانت متداولة في التراث الشفويّ -لا ندري قبل أو بعد حادثة إفسوس و إن كان أغلبها كما يبدو تمّ استنباطها منها- بل و نجد قبور أهل الكهف و فوق كهفهم أو حذوه مكان عبادة، في أكثر من أربعين بلدا:(1)

-بلجيكيا- سويسرا –ألمانيا -تركيا-السودان-إسبانيا-النمسا-أوكرانيا-فرنسا-إيطاليا-روسيا-الجزائر-تونس-مصر-جزر القمور-سوريا-أفغانستان-المغرب-الأردن إلخ...!

و أغلب هذه القصص الشفاهيّة مستمدّة من القصّة الأصليّة مع اختلاف طفيف في التفاصيل ،و هو ما بيّن لنا مدى نجاحها و انتشارها قديما.

[ملاحظة: بولس الشماس Paul the Deacon اللومباردي الإيطالي المتأخر زمنيًّا في كتابه تاريخ اللومبارديين لكونه من أصل لومباردي إسكندنافي جرماني زعم أن قبور الفتية النيام تقع على حدود جرمانيا (ألمانيا) بدلًا من إفسوس في الأسطورة الأشهر- لؤي عشري]
....................

1-فرنسوا جوردون/الرقود السبعة/ طبعة 1983

2-برينو كولان/تاريخ العملة/ طبعة 2004

________________________________________
تعدّدت الأقوال و تضاربت حول موقع أو قبور أهل الكهف [الخرافيين المزعومين]:

يرى المستشرق "كلارمون جانو" أنّ كهف الرجيب بالأردن هو كهف أهل الكهف.

-أخذها عنه الباحث "محمّد تيسير ظبيان" و أضاف لها بعض الأدلّة (1) حيث وجد عملة نحاسيّة تعود إلى عصر الامبراطور تراجان و وجد سبع جماجم و بقايا عظام حيوانات.
-ترى الأحمديّة أنّه في روما في سراديب الكتاكومب

-يرى الدكتور عبد المنعم عبد الحليم سيّد بكلّية الاسكندريّة أنّ المكان هو مدينة البتراء حيث وجد كلمة "رقمو" بالنبطيّة محفورة على الصخر بمدخل المدينة و في الكهف نقش باليونانيّة على الجدار يعود إلى سنة 446 ميلاديّة.

و هكذا فإنّ الكهف يطير شمالا و جنوبا و كلّ كهف فيه ستّة أو سبعة قبور! و هناك من يرى أنّه في اسكندنافيا و آخرون في نينوى و آخرون في دمشق و آخرون وصلوا حتّى إلى بريطانيا!


نص عربي مترجم عن نص سرياني متأخر آخر عن السبعة النيام الإفسِيِّين

نشر سامي منصوري في الحوار المتمدن بعنوان (أهل الكهف عند السريانيين)


في عهد الأمبراطور الأثيم (هادريان) الامبراطور الروماني (117م -138 م) عندما زار مدينة افسس، أصدر أمره على أمراؤها ونبلائها بنحر ذبائح أصنام، وأمر بقتل المسيحيين الذين لم يخضعوا لأمره، فقتل عدد كبير منهم وألقيت بجثثهم للغربان والنسور والعقبان وسائر الجوارح، وحاول حاكم مدينة افسس الملك دقيانوس بالوعد والوعيد إقناع سبعة شبان من أبناء النبلاء، وشى بهم إليه، أن ينكروا مسيحيتهم، ويقدموا الذبائح للأوثان فرفضوا، فنزع من على أكتافهم شارات الحرير (أي رتبهم في الجيش - وفصلهم من العمل في الجيش) وطردهم من امامه، وأعطاهم فرصة ليفكروا حتى يعدلوا عن

ولما لم يعثر عليهم الملك في المدينة أستقدم ذويهم، فأخبروه بأن الفتية السبعة قد هربوا إلى كهف في جبل (أنكيليوس) فأمر الملك بسد باب الكهف بالحجارة ليموتوا، فيصير الكهف قبراً لهم، غير عالم أن الرب الإله فصل أرواحهم عن جسدهم لقصد ربانى أعلن بعد سنين بأعجوبة باهرة.

وكان أنتودورس وأريوس خادما الملك مسيحيين تقيين، وقد اخفيا عقيدتهما خوفاً منه فتشاوروا معاً وكتبا صورة هؤلاء المعترفين بصحائف من رصاص، ووضعا في صندوق من نحاس، وختمت ودست في البنيان عند مدخل الكهف.

وهلك هادريان ودقيانوس وخلفه على العرش الرومانى اباطرة كثيرون، حتى جلس في دست الحكم الامبراطور المؤمن ثيودسيوس الصغير (408 م - 450 م) وظهرت في عهده ردع عديدة حتى بعضهم أنكر قيامة الموتى، وتبلبلت افكار الملك، وشقه الحزن، فإتشح بالمسوح، وأفترش الرماد، وطلب من الرب أن يضئ أمامه سبيل الإيمان.

وألقى الرب الإله في نفس أدونيس صاحب المرعى الذي يقع فيه الكهف حيث رقد المعترفون وبدأ في أن يشيد حظيرة هناك، فنزع العمال الحجارة عن باب الكهف (لينتفعوا بحجارته في بناء الحظيرة كما نزعوا مداخل قبور أخرى في المنطقة) ولما انفتح، أمر الإله أن يبعث الفتية السبعة الراقدون أحياء، فعادت ارواحهم إلى اجسادهم وأستيقضوا، وسلم بعضهم على بعض كعادتهم صباح كل يوم ولم تظهر عليهم علامات الموت، ولم تتغير هيئتهم ولا ألبستهم التي كانوا متشحين بها منذ رقادهم، فظنوا وكأنما ناموا مساء وأستيقظوا صباحاً.

ونهض تمليخا كعادته صباح كل يوم، وأخذ فضة وخرج من الكهف متجهاً نحو المدينة ليشترى طعاماً، وعندما أقترب من بابها دهش حين رأى علامة الصليب منحوته في أعلاه، فتحول إلى باب آخر من أبوابها فرأى المنظر ذاته، ودخل المدينة فلم يعرفها إذ شاهد فيها أبنية جديدة تنكرت له، وسمع الناس تقسم باسم السيد المسيح وبمريم العذراء، فسأل أحد المارين عن اسم المدينة، فأجابه اسمها افسس فزاد مليخا حيرة وقال في نفسه : لعمرى لا أعلم ما جرى لى، ألعلى فقدت عقلى وغاب عنى صوابى ؟ الأفضل أن اسرع بالخروج من هذه المدينة قبل أن يمسنى الجنون فأهلك.

وإذ بتمليخا مسرعا ليترك المدينة، تقدم بزيه كشحاذ لأحد الخبازين وأخرج دراهم من جيبه وأعطاه إياها فأخذ هذا يتأملها فرآها كبيرة الحجم، وتختلف ضرب طابعها عن طابع الدراهم المتداولة في عصرهم، فتعجب جداً، وناولها لزملائه، فتطلعوا إلى تمليخا وقالوا : " أنه عثر على كنز من زمن طويل، فألقوا القبض عليه وأخذوا يسألونه قائلين : من اين انت يا هذا ؟ لقد اصبت كنزاً من كنوز الملوك الأولين، وتألب الناس حوله، ،اتهمه البعض بالجنون.

وأخيراً جاؤوا به إلى اسقف المدينة، وكان يزوره وقتئذ والى أفسس فقد شائت العناية الإلهية الربانية أن يجمعهما في ساعة واحدة معا ليظهر على ايديهما للشعوب كلها كنز بعث الموتى، فأصر يمليخا أمامهما بأنه رجل من أهل أفسس، وأنه لم يعثر على كنز، وقد اشترى بمثلها قبل يوم واحد فقط خبزاً، فقال له الوالى : أن صورة الدراهم تشير إلى أنها ضربت قبل عهد هادريان الامبراطور بسنين، فهل وجدت يا هذا قبل أجيال عديدة وأنت لا تزال شاباً ؟

فعندما سمع تمليخا ذلك ذلك سجد امامهم وقال : اجيبونى أيها السادة عن سؤال وأنا أكشف لكم عن مكنون قلبى، أنبؤونى عن الملك دقيانوس الذي كان عشية امس في هذه المدينة، اين هو الآن ؟ أجابه ألسقف قائلاً : ان الملك دقيانوس مات قبل أجيال، فقال تمليخا : أن خبرى أصعب من أن يصدقه أحد من الناس، هلم معى إلى الكهف في جبل (أنكليوس) لأريكم اصحابى، وسنعرف منهم جميعاً الأمر الأكيد، أما أنا فأعرف أمراً واحداً هو أننا هربنا منذ ايام من الملك دقيانوس، وعشية أمس رايت دقيانوس يدخل مدينة افسس ولا اعلم الآن إذا كانت المدينة افسس أم لا.

فإنشغل بال الأسقف عند سماعه قول تمليخا، وبعد تفكير عميق قال : أنها لرؤيا يظهرا الرب الإله لنا اليوم على يد هذا الشاب، فهلم بنا ننطلق معه لنرى واقع ألمر : قال هذا ونهض الوالى وجمهور الناس معه، وعندما بلغوا الكهف عثروا في الجهة اليمنى من بابه على صندوق من نحاس عليه ختمان من فضة، فتناول السقف، ووقف أمام مدخل الكهف، ودعا رجال المدينة وفى مقدمة الوالى، ورفع أمامهم الختام، وفتح الصندوق، فوجد لوحين من رصاص، وقرأ ما كتب عليهما : " لقد هرب إلى هذا الكهف من أمام وجه دقيانوس الملك المعترفون مكسيمليانوس أبن الوالى وتمليخا ومرتينيانوس ويونيسيوس، ويؤنس، وسرافيوس، وقسطنطنوس، وأنطونيوس، وقد سد الكهف عليهم بالحجارة، وكتب أيضاً في سطور اللوحين الأخيرة صورة إيمان المعترفين وعندما قرئت هذه الكتابة، تعجب السامعون، ودخلوا الكهف فشاهدوا المعترفين جالسين بجلال ووجوههم مشرقه كالورد النضر، فكلموهم، وسمعوا منهم أخبار الحوادث الذي جرت على عهد دقيانوس.

وأرسل فوراً الامبراطور ثيودوسيوس يريد مكتوب، مضمونه تتسرع جلالتك وتأتى لترى ما اظهره العلى على عهدك الميمون من العجائب الباهرات، فقد أشرق من الرتاب نور موعد الحياة وسطعت من ظلمات القبور آشعة قيامة الموتى وإنبعاث أجساد القديسين الطاهرة.
ولما بلغ ثيودوسيوس الملك هذا النبأ، وهو في القسطنطينية، نهض عن الرماد الذي كان قد أفترشه وشكر الرب الإله، وجاء والأساقفة وعظماء الشعب، إلى أفسس وصعدوا جميعاً إلى الكهف الذي ضم المعترفين في جبل أنكيليوس فرآهم، وعانقهم الملك، وجلس معهم على التراب، وحدثهم.

ثم ودع المعترفون الملك، والأساقفة والشعب، وأسلموا الروح إلى يد القدير، فأمر الملك أن يصنع لهم توابيت من ذهب، فاتركنا في كهفنا على التراب.

وأقر مجمع الأساقفة عيداً لهؤلاء المعترفين، وأطلق سراح الأساقفة المأسورين في المنفى وعاد ومعه الأساقفة إلى القسطنطينية مغمورين بفرحة إيمان الملك ممجدين الرب على ما جرى...

وقد ظهرت قصة أصحاب الكهف الأول مرة في الشرق في كتاب سرياني يرجع تاريخه إلى القرن الخامس، ذكرها دنيس. ووردت عند الغربيين في كتاب تيودسيوس عن الأرض المقدسة. وأسماء الفتية في هذه المصادر أسماء يونانية لأنها تنتهى بمقاطع (وس) التي ينتهى بها أسماء اليونانيون حتى هذا اليوم، وليس هناك اتفاق على ما إذا كانت الرواية التي ذكرها دنيس قد نقلت عن اليونانية أم أنها كتبت بالسريانية من أول الأمر.


القصة في تفسير الطبري للقرآن:

وقد اختلف أهل العلم في سبب مصير هؤلاء الفِتية إلى الكهف الذي ذكره الله في كتابه، فقال بعضهم: كان سبب ذلك، أنهم كانوا مسلمين على دين عيسى، وكان لهم ملك عابد وَثَن، دعاهم إلى عبادة الأصنام، فهربوا بدينهم منه خشية أن يفتنهم عن دينهم، أو يقتلهم، فاستخفوا منه في الكهف.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا الحكم بن بشير، قال: ثنا عمرو في قوله: (أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ) كانت الفِتية على دين عيسى على الإسلام، وكان ملكهم كافرا، وقد أخرج لهم صنما، فأبَوا، وقالوا: (رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا) قال: فاعتزلوا عن قومهم لعبادة الله، فقال أحدهم: إنه كان لأبي كهف يأوي فيه غنمه، فانطلقوا بنا نكن فيه، فدخلوه، وفُقدوا في ذلك الزمان فطُلبوا، فقيل: دخلوا هذا الكهف، فقال قومهم: لا نريد لهم عقوبة ولا عذابا أشدّ من أن نردم عليهم هذا الكهف، فبنوه عليهم ثم ردموه، ثم إن الله بعث عليهم ملكا على دين عيسى، ورفع ذلك البناء الذي كان ردم عليهم، فقال بعضهم لبعض: (كَمْ لَبِثْتُمْ) ؟ ف (قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم ... ) حتى بلغ (فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ) وكان ورق ذلك الزمان كبارا، فأرسلوا أحدهم يأتيهم بطعام وشراب، فلما ذهب ليخرج، رأى على باب الكهف شيئا أنكره، فأراد أن يرجع، ثم مضى حتى دخل المدينة، فأنكر ما رأى، ثم أخرج درهما، فنظروا إليه فأنكروه، وأنكروا الدرهم، وقالوا: من أين لك هذا، هذا من ورِق غير هذا الزمان، واجتمعوا عليه يسألونه، فلم يزالوا به حتى انطلقوا به إلى ملكهم ، وكان لقومهم لوح يكتبون فيه ما يكون، فنظروا في ذلك اللوح، وسأله الملك، فأخبره بأمره، ونظروا في الكتاب متى فقد، فاستبشروا به وبأصحابه، وقيل له: انطلق بنا فأرنا أصحابك، فانطلق وانطلقوا معه، ليريهم، فدخل قبل القوم، فضرب على آذانهم، فقال الذين غلبوا على أمرهم: (لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا) .

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: مَرِج أمر أهل الإنجيل وعظُمت فيهم الخطايا وطغت فيهم الملوك، حتى عبدوا الأصنام وذبحوا للطواغيت، وفيهم على ذلك بقايا على أمر عيسى ابن مريم، متمسكون بعبادة الله وتوحيده، فكان ممن فعل ذلك من ملوكهم، ملك من الروم يقال له: دَقْيَنوس، كان قد عبد الأصنام، وذبح للطواغيت، وقتل من خالفه في ذلك ممن أقام على دين عيسى ابن مريم، كان ينزل في قرى الروم، فلا يترك في قرية ينزلها أحدا ممن يدين بدين عيسى ابن مريم إلا قتله، حتى يعبد الأصنام، ويذبح للطواغيت، حتى نزل دقينوس مدينة الفِتية أصحاب الكهف، فلما نزلها دقينوس كبر ذلك على أهل الإيمان، فاستخْفُوا منه وهربوا في كلّ وجه. وكان دقينوس قد أمر حين قدمها أن يتبع أهل الإيمان فيُجمعوا له، واتخذ شُرَطا من الكفَّار من أهلها، فجعلوا يتبعون أهل الإيمان في أماكنهم التي يستخفون فيها، فيستخرجونهم إلى دقينوس، فقدمهم إلى المجامع التي يذبح فيها للطواغيت فيخيرهم بين القتل، وبين عبادة الأوثان والذبح للطواغيت، فمنهم من يرغب في الحياة ويُفْظَع بالقتل فيَفتِتن. ومنهم من يأبى أن يعبد غير الله فيقتل، فلما رأى ذلك أهل الصلابة من أهل الإيمان بالله، جعلوا يُسْلمون أنفسهم للعذاب والقتل، فيقتلون ويقطعون، ثم يربط ما قطع من أجسادهم، فيعلَّق على سور المدينة من نواحيها كلها، وعلى كلّ باب من أبوابها، حتى عظمت الفتنة على أهل الإيمان، فمنهم من كفر فتُرك، ومنهم من صُلب على دينه فقُتل، فلما رأى ذلك الفِتية أصحاب الكهف، حزنوا حزنا شديدا، حتى تغيرت ألوانهم، ونَحِلت أجسامهم، واستعانوا بالصلاة والصيام والصدقة، والتحميد، والتسبيح، والتهليل، والتكبير، والبكاء، والتضرّع إلى الله، وكانوا فتية أحداثا أحرارا من أبناء أشراف الروم.
فحدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن عبد الله بن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: لقد حُدّثت أنه كان على بعضهم من حداثة أسنانه وضح الورق، قال ابن عباس: فكانوا كذلك في عبادة الله ليلهم ونهارهم، يبكون إلى الله، ويستغيثونه، وكانوا ثمانية نفر: مَكْسِلمينا، وكان أكبرهم، وهو الذي كلم الملك عنهم، ومُحْسيميلنينا، وَيمليخا، ومَرْطوس، وكشوطوش، وبيرونس، ودينموس، ويطونس قالوس (1) فلما أجمع دقينوس أن يجمع أهل القرية لعبادة الأصنام، والذبح للطواغيت، بكوا إلى الله وتضرعوا إليه، وجعلوا يقولون: اللهم رب السماوات والأرض، لن ندعو من دونك إلها (لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا) اكشف عن عبادك المؤمنين هذه الفتنة وادفع عنهم البلاء وأنعم على عبادك الذين آمنوا بك، ومُنِعوا عبادتك إلا سرّا، مستخفين بذلك، حتى يعبدوك علانية، فبينما هم على ذلك، عرفهم عُرفاؤهم من الكفار، ممن كان يجمع أهل المدينة لعبادة الأصنام، والذبح للطواغيت، وذكروا أمرهم، وكانوا قد خَلوا في مُصَلّى لهم يعبدون الله فيه، ويتضرّعون إليه، ويتوقَّعون أن يُذْكَروا لدقينوس، فانطلق أولئك الكفرة حتى دخلوا عليهم مُصلاهم، فوجدوهم سجودا على وجوههم يتضرّعون، ويبكون، ويرغبون إلى الله أن ينجيهم من دقينوس وفتنته، فلما رآهم أولئك الكفرة من عُرفائهم قالوا لهم: ما خَلَّفكم عن أمر الملك؟ انطلقوا إليه! ثم خرجوا من عندهم، فرفعوا أمرهم إلى دقينوس، وقالوا: تجمع الناس للذبح لآلهتك، وهؤلاء فِتية من أهل بيتك، يسخَرون منك، ويستهزئون بك، ويعصون أمرك، ويتركون آلهتك، يَعمِدون إلى مُصَلّى لهم ولأصحاب عيسى ابن مريم يصلون فيه، ويتضرّعون إلى إلههم وإله عيسى وأصحاب عيسى، فلم تتركهم يصنعون هذا وهم بين ظَهراني سلطانك ومُلكك، وهم ثمانية نفر: رئيسهم مكسلمينا، وهم أبناء عظماء المدينة؟ فلما قالوا ذلك لدقينوس، بعث إليهم، فأتي بهم من المصلَّى الذي كانوا فيه تفيض أعينهم من الدموع مُعَفرة وجوههم في التراب، فقال لهم: ما منعكم أن تشهدوا الذبح لآلهتنا التي تعبد في الأرض، وأن تجعلوا أنفسكم أُسْوة لسَراة أهل مدينتكم، ولمن حضر منَّا من الناس؟ اختاروا مني: إما أن تذبحوا لآلهتنا كما ذبح الناس، وإما أن أقتلكم! فقال مكسلمينا: إن لنا إلها نعبده ملأ السموات والأرض عظَمتُه، لن ندعو من دونه إلها أبدا، ولن نقر بهذا الذي تدعونا إليه أبدا، ولكنا نعبد الله ربنا، له الحمد والتكبير والتسبيح من أنفسنا خالصا أبدا، إياه نعبد، وإياه نسأل النجاة والخير. فأما الطواغيت وعبادتها، فلن نقرّ بَها أبدا، ولسنا بكائنين عُبَّادا للشياطين، ولا جاعلي أنفسنا وأجسادنا عُبادا لها، بعد إذ هدانا الله له رهبتَك، أو فَرَقا من عبودتك، اصنع بنا ما بدا لك، ثم قال أصحاب مكسلمينا لدقينوس مثل ما قال، قال: فلما قالوا ذلك له، أمر بهم فنزع عنهم لبوس كان عليهم من لبوس عظمائهم، ثم قال: أما إذ فعلتم ما فعلتم فإني سأؤخركم أن تكونوا من أهل مملكتي وبطانتي، وأهل بلادي، وسأفرُغ لكم، فأنجز لكم ما وعدتكم من العقوبة، وما يمنعني أن أعجِّل ذلك لكم إلا أني أراكم فتيانا حديثة أسنانُكم، ولا أحبُّ أن أهلككم حتى أستأنّي بكم، وأنا جاعل لكم أجلا تَذكرون فيه، وتراجعون عقولكم، ثم أمر بحلية كانت عليهم من ذهب وفضة، فنزعت عنهم، ثم أمر بهم فأخرجوا من عنده، وانطلق دقينوس مكانه إلى مدينة سوى مدينتهم التي هم بها قريبا منها لبعض ما يريد من أمره.

فلما رأى الفتية دقينوس قد خرج من مدينتهم بادروا قدومه، وخافوا إذا قدم مدينتهم أن يذكر بهم، فأتمروا بينهم أن يأخذ كلّ واحد منهم نفقة من بيت أبيه، فيتصدّقوا منها، ويتزوّدوا بما بقي، ثم ينطلقوا إلى كهف قريب من المدينة في جبل يقال له: بنجلوس فيمكثوا فيه، ويعبدوا الله حتى إذا رجع دقينوس أتوه فقاموا بين يديه، فيصنع بهم ما شاء، فلما قال ذلك بعضهم لبعض، عمد كلّ فتى منهم، فأخذ من بيت أبيه نفقة، فتصدّق منها، وانطلقوا بما بقي معهم من نفقتهم، واتبعهم كلْب لهم، حتى أتوا ذلك الكهف، الذي في ذلك الجبل، فلبثوا فيه ليس لهم عمل إلا الصلاة والصيام والتسبيح والتكبير والتحميد، ابتغاء وجه الله تعالى، والحياة التي لا تنقطع، وجعلوا نفقتهم إلى فتى منهم يقال له يمليخا، فكان على طعامهم، يبتاع لهم أرزاقهم من المدينة سرا من أهلها، وذلك أنه كان من أجملهم وأجلدهم، فكان يمليخا يصنع ذلك، فإذا دخل المدينة يضع ثيابا كانت عليه حسانا، ويأخذ ثيابا كثياب المساكين الذين يستطعمون فيها، ثم يأخذ ورقه، فينطلق إلى المدينة فيشتري لهم طعاما وشرابا، ويتسمَّع ويتجسَّس لهم الخبر، هل ذكر هو وأصحابه بشيء في ملإ المدينة، ثم يرجع إلى أصحابه بطعامهم وشرابهم، ويخبرهم بما سمع من أخبار الناس، فلبثوا بذلك ما لبثوا، ثم قدم دقينوس الجبَّار المدينة التي منها خرج إلى مدينته، وهي مدينة أفَمْوس، فأمر عظماء أهلها، فذبحوا للطواغيت، ففزع في ذلك أهل الإيمان، فتخبئوا في كل مخبأ، وكان يمليخا بالمدينة يشتري لأصحابه طعامهم وشرابهم ببعض نفقتهم، فرجع إلى أصحابه وهو يبكي ومعه طعام قليل، فأخبرهم أن الجبار دقينوس قد دخل المدينة، وأنهم قد ذكروا وافتقدوا والتمسوا مع عظماء أهل المدينة ليذبحوا للطواغيت، فلما أخبرهم بذلك، فزعوا فزعا شديدا، ووقعوا سجودا على وجوههم يدعون الله، ويتضرّعون إليه، ويتعوّذون به من الفتنة، ثم إن يمليخا قال لهم: يا إخوتاه، ارفعوا رؤوسكم، فاطعَموا من هذا الطعام الذي جئتكم به، وتوكلوا على ربكم، فرفعوا رؤوسهم، وأعينهم تفيض من الدمع حذرا وتخوّفا على أنفسهم، فطعموا منه، وذلك مع غروب الشمس، ثم جلسوا يتحدثون ويتدارسون، ويذكر بعضهم بعضا على حزن منهم، مشفقين مما أتاهم به صاحبهم من الخبر، فبينا هم على ذلك، إذ ضرب الله على آذانهم في الكهف سنين عددا، وكلبهم باسط ذراعيه بباب الكهف، فأصابهم ما أصابهم وهم مؤمنون مُوقنون، مصدّقون بالوعد، ونفقتهم موضوعة عندهم، فلما كان الغد فقدهم دقينوس، فالتمسهم فلم يجدهم، فقال لعظماء أهل المدينة: لقد ساءني شأن هؤلاء الفتية الذين ذهبوا، لقد كانوا يظنون أن بي غضبا عليهم فيما صنعوا في أوّل شأنهم، لجهلهم ما جهلوا من أمري، ما كنت لأجهل عليهم في نفسي، ولا أؤاخذ أحدا منهم بشيء إن هم تابوا وعبدوا آلهتي، ولو فعلوا لتركتهم، وما عاقبتهم بشيء سلف منهم، فقال له عظماء أهل المدينة: ما أنت بحقيق أن ترحم قوما فجرة مَردة عُصاة، مقيمين على ظلمهم ومعصيتهم، وقد كنتَ أجَّلتهم أجلا وأخَّرتهم عن العقوبة التي أصبت بها غيرهم، ولو شاؤوا لرجعوا في ذلك الأجل، ولكنهم لم يتوبوا ولم ينزعوا ولم يندموا على ما فعلوا، وكانوا منذ انطلقت يبذرون أموالهم بالمدينة، فلما علموا بقدومك فرّوا فلم يُروا بعد، فإن أحببت أن تُؤْتَى بهم، فأرسل إلى آبائهم فامتحنهم، واشدُد عليهم يدُلوك عليهم، فإنهم مختبئون منك، فلما قالوا ذلك لدقينوس الجبار، غضب غضبا شديدا. ثم أرسل إلى آبائهم، فأتي بهم فسألهم عنهم وقال: أخبروني عن أبنائكم المردة الذين عصوا أمري، وتركوا آلهتي، ائتوني بهم، وأنبئوني بمكانهم، فقال له آباؤهم: أما نحن فلم نعص أمرك ولم نخالفك، قد عبدنا آلهتك وذبحنا لهم، فلم تقتلنا في قوم مردة، قد ذهبوا بأموالنا فبذّروها وأهلكوها في أسواق المدينة، ثم انطلقوا، فارتقوا في جبل يدعى بنجلوس، وبينه وبين المدينة أرض بعيدة هرَبا منك، فلما قالوا ذلك خلَّى سبيلهم، وجعل يأتمر ماذا يصنع بالفتية، فألقى الله عز وجل في نفسه أن يأمر بالكهف فيُسدّ عليهم كرامة من الله، أراد أن يكرمهم، ويكرم أجساد الفتية، فلا يجول، ولا يطوف بها شيء، وأراد أن يحييهم، ويجعلهم آية لأمة تُستخلف من بعدهم، وأن يبين لهم أن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور. فأمر دقينوس بالكهف أن يسدّ عليهم، وقال: دعوا هؤلاء الفتية المَرَدة الذين تركوا آلهتي فليموتوا كما هم في الكهف عطشا وجوعا، وليكن كهفهم الذي اختاروا لأنفسهم قبرا لهم، ففعل بهم ذلك عدوّ الله، وهو يظن أنهم أيقاظ يعلمون ما يصنع بهم، وقد تَوَفّى الله أرواحهم وفاة النوم، وكلبهم باسط ذراعيه بباب الكهف، قد غَشَّاه الله ما غشاهم، يُقلَّبون ذات اليمين وذات الشمال، ثم إن رجلين مؤمنين كانا في بيت الملك دقينوس يكتمان إيمانهما: اسم أحدهما بيدروس، واسم الآخر: روناس، فأتمرا أن يكتبا شأن الفتية أصحاب الكهف، أنسابهم وأسماءهم وأسماء آبائهم، وقصة خبرهم في لوحين من رَصاص، ثم يصنعا له تابوتا من نحاس، ثم يجعلا اللوحين فيه، ثم يكتبا عليه في فم الكهف بين ظهراني البنيان، ويختما على التابوت بخاتمهما، وقالا لعل الله أن يُظْهر على هؤلاء الفتية قوما مؤمنين قبل يوم القيامة، فيعلم من فتح عليهم حين يقرأ هذا الكتاب خبرهم، ففعلا ثم بنيا عليه في البنيان، فبقي دقينوس وقرنه الذين كانوا منهم ما شاء الله أن يبقوا، ثم هلك دقينوس والقرن الذي كانوا معه، وقرون بعده كثيرة، وخلفت الخلوف بعد الخلوف.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن عبد الله بن كثير، عن مجاهد، قال: كان أصحاب الكهف أبناء عظماء مدينتهم، وأهل شرفهم، فخرجوا فاجتمعوا وراء المدينة على غير ميعاد، فقال رجل منهم هو أسنهم: إني لأجد في نفسي شيئا ما أظنُّ أن أحدا يجده، قالوا: ماذا تجد؟ قال: أجد في نفسي أن ربي ربّ السماوات والأرض، وقالوا: نحن نجد، فقاموا جميعا، فقالوا: (رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا) فاجتمعوا أن يدخلوا الكهف، وعلى مدينتهم إذ ذاك جبار يقال له دقينوس، فلبثوا في الكهف ثلاث مئة سنين وازدادوا تسعا رقدا.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن عبد العزيز بن أبي روّاد، عن عبد الله بن عبيد بن عمير، قال: كان أصحاب الكهف فتيانا ملوكا مُطَوّقين مُسَوّرين ذوي ذوائب، وكان معهم كلب صيدهم، فخرجوا في عيد لهم عظيم في زيّ وموكب، وأخرجوا معهم آلهتم التي يعبدون، وقذف الله في قلوب الفتية الإيمان فآمنوا، وأخفى كلّ واحد منهم الإيمان عن صاحبه، فقالوا في أنفسهم من غير أن يظهر إيمان بعضهم لبعض: نخرج من بين أظهر هؤلاء القوم لا يصيبنا عقاب بجرمهم، فخرج شاب منهم حتى انتهى إلى ظلّ شجرة، فجلس فيه، ثم خرج آخر فرآه جالسا وحده، فرجا أن يكون على مثل أمره من غير أن يظهر منه، فجاء حتى جلس إليه، ثم خرج الآخرون، فجاؤوا حتى جلسوا إليهما، فاجتمعوا، فقال بعضهم: ما جمعكم؟ وقال آخر: بل ما جمعكم؟ وكل يكتم إيمانه من صاحبه مخافة على نفسه، ثم قالوا: ليخرج منكم فَتَيان، فيخْلُوَا، فيتواثقا أن لا يفشيَ واحد منهما على صاحبه، ثم يفشي كل واحد منهما لصاحبه أمره، فإنا نرجو أن نكون على أمر واحد، فخرج فتيان منهم فتواثقا، ثم تكلما، فذكر كل واحد منهما أمره لصاحبه، فأقبلا مستبشرَين إلى أصحابهما قد اتفقا على أمر واحد، فإذا هم جميعا على الإيمان، وإذا كهف في الجبل قريب منهم، فقال بعضهم لبعض: ائتوا إلى الكهف (يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقًا) فدخلوا الكهف، ومعهم كلب صيدهم فناموا، فجعله الله عليهم رقدة واحدة، فناموا ثلاث مئة سنين وازدادوا تسعا، قال: وفقدهم قومُهم فطلبوهم وبعثوا البرد، فعمى الله عليهم آثارهم وكهفهم، فلما لم يقدروا عليهم كتبوا أسماءهم وأنسابهم في لوح: فلان ابن فلان، وفلان ابن فلان أبناء ملوكنا، فَقَدناهم في عيد كذا وكذا في شهر كذا وكذا في سنة كذا وكذا، في مملكة فلان ابن فلان، ورفعوا اللوح في الخزانة، فمات ذلك الملك وغلب عليهم ملك مسلم مع المسلمين، وجاء قرن بعد قرن، فلبثوا في كهفهم ثلاث مئة سنين وازدادوا تسعا.
______________________


الخطأ التاريخي في أسطورة أهل الكهف

سامي المنصوري

أصحاب الكهف هم الذين آمنوا بالله وتركوا عبادة قومهم عبادة الأوثان وعبدوا الله وحده هكذا يطلق عليهم عند المسلمون ويطلق عليهم عند المسيحيين السبعة النائمون الذين عاشوا في عهد اضطهاد المسيحيين وكان ذلك في ظل حكم ديقيانوس.

1- القصة عند المسلمين

انه توجد قرية مشركة،ضل ملكها وأهلها عن الطريق المستقيم، وعبدوا مع الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم. عبدوهم من غير أي دليل على ألوهيتهم. ومع ذلك كانوا يدافعون عن هذه الآلهة المزعومة، ولا يرضون أن يمسها أحد بسوء. ويؤذون كل من يكفر بها، ولا يعبدها.
في هذا المجتمع الفاسد، ظهرت مجموعة من الشباب العقلاء. ثلة قليلة حكّمت عقلها، ورفضت السجود لغير خالقها، الله .ثم قرروا النجاة بدينهم وبأنفسهم بالهجرة من القرية لمكان آمن يعبدون الله فيه. فالقرية فاسدة، وأهلها ضالون. عزم الفتية على الخروج من القرية، والتوجه لكهف مهجور ليكون ملاذا لهم. خرجوا ومعهم كلبهم من المدينة الواسعة، للكهف الضيق. تركوا وراءهم منازلهم المريحة، ليسكنوا كهفا موحشا.
وهنا حدثت معجزة إلاهية. لقد نام الفتية ثلاثمئة وتسع سنوات. وخلال هذه المدة، كانت الشمس تشرق عن يمين كهفهم وتغرب عن شماله، فلا تصيبهم أشعتها في أول ولا آخر النهار.
وكانوا يتقلبون أثناء نومهم، حتى لا تهترئ أجاسدهم. فكان الناظر إليهم يحس بالرعب. يحس بالرعب لأنهم نائمون ولكنهم كالمستيقظين من كثرة تقلّبهم. بعد هذه المئات الثلاث، بعثهم الله مرة أخرى. استيقضوا من سباتهم الطويل، لكنهم لم يدركوا كم مضى عليهم من الوقت في نومهم.

القصة في القرآن

> (سورة الكهف)

غرابة سبب النزول:

تفسير الرازي (مفاتيح الغيب) لسورة الكهف الآية 9 .

لقد كان النضر بن الحارث معاديا لمحمد ويقول بأن أحاديثه أحسن من كلام محمد ، خصوصا أن علمه غزير ، فهو طبيب ابن طبيب وعالم تعلم من علوم اليونان وعرف تاريخ الفرس وغيره ، فبعثه أهل قريش مع عقبة بن أبي معيط إلي أحبار اليهود يسألوهم أن يعطوهم أسئلة يمتحنون بها محمدا ، {فقال أحبار اليهود : سلوه عن ثلاث : عن فتية ذهبوا في الدهر الأول ما كان من أمرهم فإن حديثهم عجب ، وعن رجل طواف قد بلغ مشارق الأرض ومغاربها ، ما كان نبؤه ، وسلوه عن الروح وما هو؟ فإن أخبركم فهو نبي وإلا فهو متقول ، فلما قدم النضر وصاحبه مكة قالا : قد جئناكم بفصل ما بيننا وبين محمد ، وأخبروا بما قاله اليهود فجاءوا رسول الله صلعم وسألوه فقال رسول الله صلعم : {أخبركم بما سألتم عنه غدا {ولم يستثن ، فانصرفوا عنه ومكث رسول الله صلعم فيما يذكرون خمس عشرة ليلة حتى أرجف أهل مكة به ، وقالوا : وعدنا محمد غدا واليوم خمس عشرة ليلة فشق عليه ذلك ، ثم جاءه جبريل من عند الله بسورة أصحاب الكهف وفيها معاتبة الله إياه على حزنه عليهم ، وفيها خبر أولئك الفتية ، وخبر الرجل الطواف}.

صحيح البخاري » كتاب الإيمان » باب علامة المنافق:
{آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا اؤتمن خان} كما ذكر البخاري أن عدم الوفاء بالوعد من آيات المنافق كما قال محمد نفسه ؟ فلماذا انتظر محمد خمسة عشر يوما حزينا وخلف وعده بأن يجيب في يوم واحد سؤالا عن فتية ذهبوا في الدهر الأول وعن الرجل الطواف ، لماذا خلف وعده وانتظر كل هذا الآنتظار ؟ ألم يستطع الله أن يحفظ ماء وجه نبيه حتى لا يخلف وعده خصوصا؟!

لؤي عشري 12-18-2018 06:16 PM

من هم أصحاب الكهف؟

تفسير ابن كثير للكهف 13

{كانوا من أبناء ملوك الروم وسادتهم ، وأنهم خرجوا يوما في بعض أعياد قومهم ، وكان لهم مجتمع في السنة يجتمعون فيه في ظاهر البلد ، وكانوا يعبدون الأصنام والطواغيت ، ويذبحون لها ، وكان لهم ملك جبار عنيد يقال له : دقيانوس ، وكان يأمر الناس بذلك ، ويحثهم عليه ، ويدعوهم إليه ، فلما خرج الناس لمجتمعهم ذلك ، وخرج هؤلاء الفتية مع آبائهم وقومهم ، ونظروا إلي ما يصنع قومهم بعين بصيرتهم ، عرفوا أن هذا الذي يصنعه قومهم من السجود لأصنامهم والذبح لها لا ينبغي إلا الله الذي خلق السموات والأرض ، فجعل كل واحد منهم يتخلص من قومه ، وينحاز منهم ، ويتبرز عنهم ناحية} .

تفسير الرازي لسورة الكهف آية 13

{إنهم قاموا بين يدي ملكهم دقيانوس الجبار ، وقالوا : ربنا رب السموات والأرض ، وذلك لآنه كان يدعو الناس إلي عبادة الطواغيت ، فثبت الله هؤلاء الفتية ، وعصمهم حتى عصوا ذلك الجبار ، وأقروا بربوبية الله ، وصرحوا بالبراءة عن الشركاء والآنداد}.

كم عد السنين التي لبثوا فيها داخل الكهف:

تفسير ابن كثير للكهف 19 - 20 :

يقول تعالى : وكما أرقدناهم بعثناهم صحيحة أبدانهم وأشعارهم وأبشارهم ، لم يفقدوا من أحوالهم وهيئاتهم شيئا ، وذلك بعد ثلاثمائة سنة وتسع سنين ؛ ولهذا تساءلوا بينهم : ( كم لبثتم ) ؟ أي : كم رقدتم ؟ ( قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم ) كان دخولهم إلى الكهف في أول نهار ، واستيقاظهم كان في آخر نهار ؛ ولهذا استدركوا فقالوا : ( أو بعض يوم قالوا ربكم أعلم بما لبثتم ) أي : الله أعلم بأمركم ،

تفسير الطبري للكهف 19 - 20 :

قال : هذه ورقنا وورق أهل بلادنا ، فقال : هيهات هذه الورق من ضرب فلان بن فلان منذ ثلاث مائة وتسع سنين ، أنت أصبت كنزا ، ولست بتاركك حتى أرفعك إلى الملك ، فرفعه إلى الملك ، وإذا الملك مسلم وأصحابه مسلمون ، ففرح واستبشر ، وأظهر لهم أمره ، وأخبرهم خبر أصحابه.
تعليق :

كيف لبثوا في الكهف ثلاثمائة وتسع سنين ؟؟
كم كان عدد الفتية في الكهف ؟

تفسير الطبري للكهف :

وذلك أنهم اختلفوا في عدد أهل الكهف هذا الاختلاف المنصوص . وقيل : المراد به النصارى -;- فإن قوما منهم حضروا النبي - صلى الله عليه وسلم - من نجران فجرى ذكر أصحاب الكهف فقالت اليعقوبية : كانوا ثلاثة رابعهم كلبهم . وقالت النسطورية : كانوا خمسة سادسهم كلبهم . وقال المسلمون : كانوا سبعة ثامنهم كلبهم.

تعليق :

لماذا لم يُبلغ الله النبي بعدد الفتية بدل من التخبط في العدد ؟؟


2- القصة عند المسيحيين

لا يستطيع أحد الجزم بصدق قصة أهل الكهف ، وبالرغم من أنها جاءت في مصادر مسيحية في مخطوطاتها الأثرية في الكنيسة اليونانية ، والكنيسة السورية الأنطاكية ، والكنيسة القبطية ، ومنتشرة انتشارا" شعبيا وعلي نطاق واسع في مساحة واسعة من الأرض من أوروبا شمالا حتى مصر جنوبا ، وذلك قبل ظهور الإسلام بزمن طويل يقدر بأكثر من 150 سنة (ذكرها أرسطو في كتابه الفيزياء الجزء الرابع وهو من القرن الرابع قبل الميلاد) ويقول عنها أنها أسطورة منسوبة لمدينة ساردس ، وقد ذكرها يعقوب السروجي (الشاعر اللاهوتي المسيحي السرياني وهو من القرن الخامس - السادس الميلادي) ، وترجمها غروغوريوس إلي اللغة اللاتينية من السريانية ووضعها في كتاب مجد الشهداء (وهو أيضا من القرن السادس الميلادي).

ويقول البعض أنها رويت لتظهر وتمجد قوة الإيمان المسيحي، وقصة أصحاب الكهف مشهورة ذائعة في الآداب الشرقية والغربية علي حد سواء.
وتعرف القصة اليونانية بقصة النيام السبعة وهي تحكي : إنه لما كان {دِكْيُس} أو دِسْيُس، دِشْيُس، أي ترايانوس ديكيوس أو دقيانوس إمبراطور روما يضطهد المسيحيين بغاية القسوة ليمحو حتى اسمهم من أذهان الناس ، هرب سبعة شبان من سكان مدينة أفسس (التي لا تزال أطلالها باقية إلي الآن في تركيا) واختبئوا في كهف قريب من تلك المدينة ، فناموا نحو 200 سنة تقريبا ، لآنهم دخلوا الكهف في عهد {دِسْيُسْ} (بين سنة 249و251م) ولم يخرجوا منه ثانية إلا سنة 447م في ولاية الملك ثيودوسيوس الثاني . فلما استيقظوا ورأوا أن المسيحية قد انتشرت انتشارا عظيما في تلك المدة ذهلوا ، لآنهم لما ناموا كان الناس يعتبرون الصليب علامة احتقار وعار، ولما استيقظوا رأوه يتلألأ علي تاج الإمبراطور وعلي أعلام مملكته ، وأن جميع رعايا المملكة الرومانية قد دانوا بالمسيحية ، وأن هذه الديانة كادت تزيل غيرها من الأديان.

والنيام السبعة تحتفل بهم الكنيسة البيزنطية في 4 أغسطس وأيضا في 22 أكتوبر وفي المارتولوجي الروماني يتذكرون القديسين ماكسيميانُس MAXIMIANUS، مالْخُس MALCHUS، مرتينيانُس MARTINIANUS، ديونيسيُس DIONYSIUS، يوحناس JOANNES، سرابيون SERAPION، قسطنطينس CONSTANTINUS، في يوم 27 يوليو.(مأخوذة عن الموسوعة الكاثوليكية.)

السؤال الذي يطرح نفسه هو : لماذا يمدح القرآن إيمان أشخاص مسيحيين يؤلهون المسيح ويعبدونه مع أنه ينعت من يفعل ذلك بالكفر والشرك؟ سيقول قائل إن هؤلاء الأشخاص لم يكونوا مسيحيين بالمعني الذي نعرفه اليوم بل كانوا مسيحيين (علي النحو الإسلامي) ولم يكونوا يؤلهون المسيح . لكن هل يستطيع أصحاب هذا الرأي أن يقولوا لنا أي إنجيل كان منتشرا في التاريخ المزعوم لهذه القصة (ما بين 249 م و447 م) ؟ ألم تكن المسيحية (المعروفة اليوم) هي التي كانت منتشرة آنذاك بنفس العقائد وبنفس أسس الإيمان ؟ ألم تكن هي نفس المسيحية المضطهدة آنذاك والتي من المفروض أن النيام السبعة (أهل الكهف) من معتنقيها ؟ التاريخ يؤكد بأن المسيحية الحالية هي التي كانت مضطهدة آنذاك . هذا إذا افترضنا صحة القصة ، أما كونها مجرد حكاية كان المقصود منها رمزيا هو تشجيع المؤمنين علي تحمل الاضطهاد ووعدهم بغد مشرق للكنيسة ، فإنه يجعل القرآن يخطئ مرة أخري في تبني قصص دون التأكد من مصداقيتها التاريخية ، وأنه وقع في ورطة ما بعدها ورطة ، خصوصا وأن هذه القصة قد ذكرتها ثقافات كثيرة قبل المسيحية وقبل الإسلام .

دراسات عن أصحاب الكهف

أما بالنسبة للمكان الذي كان يعيش فيه أصحاب الكهف, فإن الآراء تتعدد وتتباين, ولكن أكثر هذه الآراء اعتدالاً هو مدينتى إفسوس وطرسوس.
ويمكن القول أن جميع المصادر المسيحية على وجه التقريب تعتبر مدينة "إفسوس" هي مكان الكهف الذي التجأ إليه هؤلاء الفتية المؤمنين. *ويتفق بعض الباحثين المسلمين ومفسري القرآن مع المسيحيين على أن "إفسوس" هي المكان,كما أوضح آخرون بشئ من التفصيل أن مكان الكهف ليس "إفسوس" وعليه فقد حاولوا أن يثبتوا أن الحدث وقع في مدين "طرسوس" ومع هذا, فإن هؤلاء الباحثين والمفسرين جميعهم, بما فيهم المسيحيون, أتفقوا أن الحدث وقع في عهد الإمبراطور الرومانى "دِقيوس", ويقال له أيضاُ "دِقيانوس", وكان ذلك في حوالى عام 250 ميلادية.

و يعتبر "دقيوس", إلى جانب "نيرو", هو الإمبراطور الرومانى الذي نكل بالمسيحيين تنكيلاً شديداً. وأثناء فترة حكمه القصيرة, أجبر "دِقيوس" كل من يخضع لحكمه أن يقدم القرابين للآلهة، بل وأن يأتي بما يثبت أنه فعل ذلك ويعرضه على كبار الدولة. ومن لم يستجب منهم, كان يأمر بقتله.
تنص المصادر المسيحية على أن الغالبية العظمى من المسيحيين رفضوا ممارسة تلك الأفعال الوثنية، وهموا بالفرار من مدينة إلى أخرى, أو الاختباء في أماكن نائية. ومن المرجح أن أصحاب الكهف كانوا من ضمن هؤلاء المسيحيون الأوائل.

فيما يتعلق بالمدينة التي عاش فيها الفتية والكهف الذي أووا إليه, فتشير المصادر إلى عدة أماكن. ويرجع ذلك إلى سببين :

الأول :رغبة الناس في الاعتقاد بأن مثل هؤلاء الفتية الشجعان كانوا يعيشون في مدينتهم.

والثاني : الشبه الكبير بين الكهوف في تلك المنطقة ؛حيث أنه في جميع الأماكن تقريباً, يوجد مكان للعبادة يقال انه بُنى فوق الكهوف. و كما هو معروف فإن المسيحيون اتفقوا على أن تكون "إفسوس" هي المكان المقدس؛ حيث يوجد في تلك المدينة منزلاً يُقال إنه للسيدة مريم العذراء, وقد أصبح فيما بعد كنيسة. لذلك فإنه من المرجح أن يكون أصحاب الكهف قد أقاموا في واحد من تلك الأماكن المقدسة. علاوة على ذلك, فإن بعض المصادر المسيحية تؤكد أن "إفسوس"هي المكان.

و يعد القديس السورى "جيمز" (وُلد 452 ميلادية) أقدم المصادر في ذلك الصدد, واستشهد "جيبون" المؤرخ الشهير في كتابه " تدهور وسقوط الدولة الرومانية" بالكثير من دراسة "جيمز". ووفقاً لما جاء في هذا الكتاب, فإن الإمبراطور الذي عذَب الفتية السبعة المسيحيين المؤمنين هو "دِقيوس". وقد حكم "دقيوس" الإمبراطورية الرومانية في الفترة ما بين 249 و251 ميلادية.واشتهرت فترة حكمه بألوان العذاب التي مارسها ضد أتباع يسوع.

ويرى المفسرون المسلمون أن المكان الذي وقع فيه الحدث هو إما "أفسوس" أو "أفسُس", في حين يرى "جيبون" أنه "إفسوس." ولأن تلك المدينة تقع على الساحل الغربي لبلاد الأناضول, فإنها تعد من أكبر موانئ ومدن الإمبراطورية الرومانية. واليوم يُعرف حطام تلك المدينة باسم"مدينة إفسوس العتيقة".واليوم يشاهد العديد من المباني الدينية وقد بنيت فوق هذه الحجارة والقبور، أظهرت الحفريات التي قام بها المعهد الأسترالي الأثري عام 1926 أن الآثار التي ظهرت على سفح جبل بيون تعود إلى بناء تم تشييده تكريماً لأصحاب الكهف في منتصف القرن السابع (خلال حكم ثيودوسيوس الثاني).
قصة أهل الكهف تؤكد أن القرآن يخطئ مرة أخري في تبني قصص دون التأكد من مصداقيتها التاريخية ، وأنه وقع في ورطة ما بعدها ورطة.





3- الباحث فراس السواح والمتخصص في الميثولوجيا وتأريخ الأديان

لا يوجد في كتاب العهد القديم أو في كتاب العهد الجديد خبرٌ عن أصحاب الكهف. فهذه قصة مسيحية متأخّرة جرى تداولها في العصر الذي صارت فيه المسيحية ديناً رسمياً للإمبراطورية الرومانية، بعد تحوّل الإمبراطور قسطنطين (306-337م) إلى الدين المسيحي. وأوّل نصّ مدوّن لهذه القصّة هو نصّ سريانيّ يعود بتأريخه إلى أواخر القرن الخامس الميلادي. ويبدو أنه قد اعتمد مرويات شفهية متداولة أكثر قدماً.

ثم يتحدث الباحث عن "مناسبة نزول الوحي" بالقصة على نبي الإسلام وينقل مما قاله ابن كثير في تفسيره ومنه أن نبي الإسلام قد سُئِل عن خبر أصحاب الكهف حيث أجاب محمد بعد تأخره خمسة عشر يوما عن الموعد الذي وضعه لنفسه بنص يشتمل على شكل معين لقصتهم ومن ضمنه نهي محمد عن قوله "سأخبركم عنها غدا" دون أن يستثني، وهو قوله "إلا أن يشاء الله".


4- الأسطورة في كتاب أرسطو

الفيلسوف اليوناني أرسطو (أرسطوطاليس) الذي عاش في القرن الرابع قبل المسيح تناول هذه القصة وكان يسميها أسطورة النيام السبعة الساردينيين the Sardinian long-sleepers في كتابه الجزء الرابع (الفيزياء) أو (Physics ) / الفصل 11/ 218 b 21، ولا يمكن معرفة تفاصيل الأسطورة التي أشار إليها, ويقول في كتابه أن هذه الأسطورة كانت منتشرة إنتشار كبير بين الوثنيين اليونانيين.

وحكى ديوجينس اللايرتي Diogenes Laertios المؤرخ اليوناني من القرن الثالث الميلادي وماكسيمُس التيري Maximus of Tyre (القرن الثاني الميلادي) وبليني الأكبر Pliny The Elder (توفي 79م، الذي رواها بشك فيها واعتبرها خرافة) أن الشاعر إبيمنيدس الكريتي Epimenides of Crete وقع نائمًا في كهف Diktaian Zeus منذ كان صبيًّا وزارته في أحلامه آلهة العدل والحق، حتى وصل لسن تراوحت الروايات فيه أنه 40 إلى 75 عامًا فاستيقظ واجدًا نفسَه مكتسبًا كل الحكمة، وهي خرافة غير معقولة بدورها. وحكوا عنه أنه كان قادرًا على التنبؤ وقالوا أن ذلك بقدرة روحه على الخروج من جسده لبعض الوقت.

مراجع حول هذه المعلومات:

Ariaden's Thread, a guide to international tales found in classical literature

Curious myths of the middle ages, by Sabine Baring-Gould

Studies in Ancient Judaism and early Christianity, by Pieter W. Van Der Host
Pious Long-Sleepers in Greek, Jewish, and Christian Antiquity, , by Pieter W. Van Der Host

وفي التراث اليهودي الربيني توجد مثلًا قصة حوني صانع الدائرة وقصة عبد ملك الكوشي (التي وردت في سفر مراثي إرميا الأبوكريفي أيضًا)، راجع كتاب أصول أساطير الإسلام من الأبوكريفا اليهودية والهاجادة.


* والباحث جون كوخ جون يقول أن الهنود لديهم نفس الأسطورة والصينيين الوثنيين كذلك.


خلاصة البحث

- القصة القرآنية فيها شبه كبير جدا من قصة النيام السبعة.
- قصة النيام السبعة أقدم من النص القرآني.
- لا يمكن تبرير التشابه بأن الإسلام جاء مصدقا لما قبله من الكتب المدعوة بـ"السماوية" فقصة النيام السبعة ليست مذكورة في العهد الجديد ولا القديم، بل هي قصة مسيحية متأخرة وأحداثها تدور في زمن ما بعد المسيح.
- إن القرآن اعتبر أهل الكهف وقصتهم حقيقة ولم يشِر إلى أنها قصة اسطورية.
والأسئلة هي:
- هل يجوز أن يقتبس الإله قصة اسطورية كتبها البشر أم إن اقتباس هذه القصة من فعل محمد؟
- إذا كان القرآن قد اقتبس قصة اسطورية، ألم يكن عليه أن يوضح أنها كذلك وليست حقيقة؟، وإلا فقد صدق قول بعض مخالفي محمد "إن هذا إلا أساطير الأولين" واتضح أن القرآن كتاب لا يصح الوثوق به كونه لا يفرق بين الأساطير والقصص الحقيقية!
- وإذا كان القرآن قد اقتبس تلك القصة، ألم يكن عليه أن يشير إلى الكاتب أو الكتـّاب الأصليين لها؟
أليس نقل قصة إلى كتاب لك دون ذكر كاتبها الأصلي سرقة أدبية؟!
__________________________________________________ _______________

المراجع /

1- كتاب إعجاز القرآن - رشيد مغربي
2-http://atheerkt.blogspot.com/2011/08/blog-post.html
3-http://ar.wikisource.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%81%D8%AD%D8%A9_%D8%A7%D9%84% D8%B1%D8%A6%D9%8A%D8%B3%D9%8A%D8%A9
4-الموسوعة الحرة ويكيبيديا قصة أصحاب الكهف
________________________________


مقالات إضافية
فتية الكهف ، أم فتية دانيال

[رأي خاص بسامي المنصوري، وأخالفه كلؤي عشري فيه]

[ملاحظة من لؤي عشري: أعتقد شخصيًّا أن من سألوا محمدًا تلك الأسئلة كانوا مسيحيين وهذا واضح من كونها متعلقة بالتراث المسيحي الشرقي: أهل الكهف والإسكندر الأكبر المقدوني والأهم من ذلك السؤال عن ماهية روح القدس، وإنما وقع خطأ من رواة السيرة والأحاديث في قولهم أن السائلين كانوا يهودًا، ولنترك المجال لسامي المنصوري ليقول أطروحته الأخرى ولو أني لا أتفق معه].

تحدثنا في الاجزاء السابقة من هذا البحث عن كل ما دار بين اهل مكة ومحمد من حوارات ونقاشات بعد ادعاء محمد للنبوة وفشله في أن يأتي بأية كما طلب منه أهل مكة وانتهى الحوار بينهما الى أن ارسل أهل مكة وفدا الى يهود يثرب يستشيرونهم في أمر محمد فعاد الوفد القريشي من يثرب بأختبار رائع من احبار اليهود يختبرون به محمدا ، فنتج عن ذلك ما يسمى في القرأن بسورة الكهف فسورة الكهف هي نتاج لهذا الاختبار .

وفي هذا الجزء سنبحث السؤال الاول في الاختبار اليهودي وكان عن ( فتية ذهبوا في الدهر الاول ) وسنرى كيف كانت اجابة محمد عن هذا السؤال ، وكيف سقط فيه سقوطا مريعا وفشل فيه فشلا ذريعا ، فأرجو التركيز وقرأءة هذا البحث بعناية ، لأن الامر في غاية الخطورة ، فبعد هذا البحث سيكتشف كل باحث عن الحق ، حقيقة محمد وكيف خدع الناس جيلا من بعد جيل ، وستنجلي الحقيقة وتظهر لكل من ارادها بصدق ، وبحث عنها بجد ، بعيدا عن التعنت والتزمت والعناد الذي لن يجلب لصاحبه سوى مزيدا من القيود المحمدية الوهمية التي استمرت تسيطر على العقول لمدة زادت عن 1400 سنة فخربتها وجعلت منها عقول بليدة ومتخلفة وخربة .
والملاحظة الاهم في هذا الامر والتي لا يجب أن نتناساها ولا أن نتجاهلها هي أن السؤال كان يهوديا وبناء على ذلك يجب أن تكون الاجابة يهودية ايضا بغض النظر عن كون القصة اليهودية صحيحة ام لا لأني أعتقد ان كل التراث اليهودي من توراة وتلمود وغيرها ما هي الا اساطير بابلية وسومرية ولم تكن وحيا الهيا كما يزعم اليهود ويزعم محمد والمسلمون من بعدهم .

ولكن بما أن السؤال كان من جعبة احبار اليهود فلابد أن الاجابة ستكون وفقا لما يراه اولئك الاحبار ، وبمعنى اخر ، بما أن الاسئلة كانت من التراث اليهودي فلزاما ستكون الاجابة ايضا من التراث اليهودي .

أما الخطأ الكبير الذي وقع فيه محمد هو أنه اختار قصة مسيحية اسطورية لتكون ردا على ذلك السؤال اليهودي ، فسقط سقطة لا تغتفر ، ووقع في فخ الاختبار اليهودي ، ولذلك عرف اليهود انه لا يمكن ان يكون صادقا ولا يمكن ان يكون نبيا ، لأن اليهود لا يؤمنون بالمسيح ولا يتبنون المعتقدات والافكار المسيحية الاساسية ، فما بالك بالاساطير المسيحية المتروكة حتى من المسيحيين انفسهم ، ولا يمكن أن تحتوي كتب اليهود واسفارهم المقدسة على اساطير مسيحية حدثت بعد عصر المسيح .

وبما أن هذه القصة حدثت في مكة قبل أن يهاجر محمد الى يثرب فمعنى ذلك أن محمد كان قليل الخبرة باليهودية والمسيحية فلم يستطع التفريق بين ما هو يهودي وما هو مسيحي وخلط بينهما خلطا غريبا ويتسم بالطرافة ويتناسب مع امكانياته الفكرية المتواضعة واميته المعروفة .
ولفك الاشتباك بين السؤال اليهودي والجواب المحمدي المسيحي الاسطوري ، يجب علينا اولا التعرف على الجواب الحقيقي عن السؤال اليهودي ثم نتعرف بعد ذلك على الجواب المحمدي .
فالسؤال اليهودي كما ورد في المصادر الاسلامية يقول : سلوه عن فتية ذهبوا في الدهر الأول ما كان من أمرهم ؟
الاجابة عن السؤال اليهودي
لا شك عندي اطلاقا في أن الذي وضع هذا السؤال كان مطلعا جيدا على سفر دانيال الذي سنجد فيه ايضا الاجابة عن السؤال الثاني عن ذي القرنين التي سنتحدث عنها لاحقا ، علما بأن سفر دانيال من اهم الاسفار المقدسة عند اليهود ودانيال من اهم انبياءهم .
والقصة تتحدث عن 3 فتية هم ( شدرخ ، ميشخ ، عبدنغو) رفضو السجود لتمثال من الذهب صنعه الملك الشهير ( نبوخذ ناصر ) وأصدر أمرا للجميع بأن يسجدو للتمثال بعد سماعهم لاصوات الالات الموسيقية وكل من يرفض السجود سيلقى في فرن النار ، فسجد الجميع الا هولاء الفتية فوشى البعض بالفتية لدى الملك فامر بأحضارهم ثم امرهم بالسجود للتمثال فرفضو قائلين بأنهم لا يسجدون الا لله ، فأمر بالقاءهم في فرن النار ولينظر أن كان الله قادرا على حمايتهم ، ففوجئ الجميع بأن الفتية لم يحترقو ولم تحترق ملابسهم ولم يتغير شعرهم ، فأمر نبوخذ ناصر بعد ذلك الجميع باحترام اله شدرخ وميشخ وعبدنغو .
هذه هي القصة باختصار من سفر دانيال 3 ، وهولاء هم الفتية الذين سأل عنهم احبار اليهود ، ولا علاقة لهم اطلاقا بالاجابة التي اجابها محمد الذي ظن ان الفتية الذين سأل عنهم اليهود هم اهل الكهف ، ومن المستحيل أن يسأل اليهود عن فتية الكهف لأن قصة اهل الكهف و ببساطة شديدة غير موجودة عند اليهود ولا يوجد احد من اليهود في العالم قديما ولا حديثا يؤمن بقصة اصحاب الكهف التي ذكرها محمد .
فهل من المعقول أن يسأل احبار اليهود عن قصة غير موجودة في كتبهم ولا يعرفونها ولا يؤمنون بها ؟ وهل من المعقول أن تكون اجابة محمد عن السؤال اليهودي بقصة مسيحية اسطورية متأخرة ؟ اليست هذه سقطة محمدية كبرى تدل دلالة واضحة وقاطعة وحاسمة على انه اخترع هذا الدين اختراعا ، وليس لذلك علاقة لا بالله ولا بجبريل كما يزعم محمد .
لكن السؤال الذي يفرض نفسه الان من هم اصحاب الكهف الذين ذكرهم محمد ؟ هذا ما سنجيب عليه في الجزء القادم ،،، فانتظرونا ، وتابعونا .

والان مع قصة الفتية الذين سأل عنهم اليهود كاملة من سفر دانيال 3 ( مع الاخذ في الاعتبار انها قد تكون قصة غير حقيقية )

سفر دانيال 3 منسوخ كاملا :

1 وَصَنَعَ نَبُوخَذْناصَّرُ تِمثالاً مِنَ الذَّهَبِ طُولُهُ سِتُّونَ ذِراعاً، [a] وَعَرضُهُ سِتُّ أذرُعٍ. وَنَصَبَهُ فِي وادِي دُورا فِي مُقاطَعَةِ بابِلَ. 2 وَأصدَرَ نَبُوخَذْناصَّرُ أمراً بِأنْ يَأتِيَ جَميعُ الوُلاةِ وَكِبارِ المَسؤُولِينَ وَالحُكّامِ وَالمُستَشارِينَ وَأُمَناءِ الخَزنَةِ وَالقُضاةِ وَضُبّاطِ الشُرطَةِ وَجَمِيعُ مُوَظَفِي المُقاطَعَةِ لِتَدشِينِ تِمثالِ الذَّهَبِ الَّذِي كانَ المَلِكُ قَد أمَرَ بِإقامَتِهِ.
3 فَاجتَمَعَ كُلُّ الوُلاةِ وَكِبارِ المَسؤُولِينَ وَالحُكّامِ وَالمُستَشارِينَ وَأُمَناءِ الخَزنَةِ وَالقُضاةِ وَضُبّاطِ الشُرطَةِ وَكُلُّ مُوَظَفِيِّ المُقاطَعَةِ الآخَرِينَ لأجلِ تَدشِينِ التِّمثالِ الَّذِي أمَرَ المَلِكُ نَبُوخَذْناصَّرُ بِإقامَتِهِ، وَوَقَفُوا أمامَ التِّمثالِ. 4 ثُمَّ أعلَنَ مُنادٍ بِصَوتٍ مُرتَفِعٍ وَقالَ: «أيَّتُها الشُّعُوبُ وَالأُمَمُ مِنْ جَميعِ اللُّغاتِ، 5 حِينَ تَسمَعُونَ أصْواتَ البُوقِ وَالنّايِ وَالقِيثارَةِ وَالرَّبابَةِ وَالقانُونِ وَالقِرْبَةِ وَغَيرِها مِنَ الآلاتِ، تَسجُدُونَ لِتِمثالِ الذَّهَبِ الَّذِي نَصَبَهُ نَبُوخَذْناصَّرُ. 6 وَمَن لا يَسجُدُ لَهُ، سَيُقبَضُ عَلَيهِ فَوراً وَيُطرَحُ فِي فُرنٍ مُشتَعِلٍ.»

7 وَكانَ هُناكَ أُناسٌ مِنْ كُلِّ الشُّعُوبِ وَالأُمَمِ وَاللُّغاتِ، فَلَمّا سَمِعُوا صَوتَ البُوقِ وَالنّايِ وَالقانُونِ وَالقِيثاراتِ الكَبِيرَةِ وَالصَّغِيرَةِ وَالمِزمارِ وَأصواتِ الآلاتِ المُوسِيقِيَّةِ الأُخرَى، سَجَدُوا أمامَ تِمثالِ الذَّهَبِ الَّذِي نَصَبَهُ نَبُوخَذْناصَّرُ.

8 فَذَهَبَ رِجالٌ كَلْدانِيُّونَ إلَى المَلِكِ وَاشتَكُوا عَلَى اليَهُودِ. 9 وَقالُوا لِنَبُوخَذْناصَّرَ المَلِكِ: «أيُّها المَلِكُ، فَلتَعِشْ إلَى الأبَدِ! 10 أيُّها المَلِكُ، أنتَ أصدَرتَ أمراً بِأنَّ كُلَّ مَنْ يَسمَعُ صَوتَ البُوقِ وَالنّايِ وَالقانُونِ وَالقِيثاراتِ الكَبِيرَةِ وَالصَّغِيرَةِ وَالمِزمارِ وَالآلاتِ المُوسِيقِيَّةِ الأُخرَى، يَنبَغِي أنْ يَسجُدَ أمامَ تِمثالِ الذَّهَبِ. 11 وَأنَّ كُلَّ مَنْ لا يَسجُدُ سَيُلقَى بِهِ إلَى فُرنٍ مُشتَعِلٍ. 12 لَكِنْ هُناكَ رِجالٌ يَهُودٌ عَيَّنْتَهُمْ فِي مَراكِزَ عُلْيا فِي مُقاطَعَةِ بابِلَ، هُمْ شَدْرَخُ وَمِيشَخُ وَعَبْدُنَغُو، وَهُمْ يَتَجاهَلُونَ أمرَكَ وَلا يَعبُدُونَ إلَهَكَ، إذْ لَمْ يَسجُدُوا لِتِمثالِ الذَّهَبِ الَّذِي أمَرْتُ بِإقامَتِهِ.»

13 فَاغتاظَ نَبُوخَذْناصَّرُ عِندَما سَمِعَ ذَلِكَ وَقالَ غاضِباً: «أحضِرُوا شَدْرَخَ وَمِيشَخَ وَعَبْدَنَغُوَ إلَيَّ.» فَأحضَرُوا هَؤلاءِ الرِّجالَ أمامَ المَلِكِ. 14 فَقالَ نَبُوخَذْناصَّرُ: «يا شَدْرَخُ وَمِيشَخُ وَعَبْدَنَغُو، هَلْ صَحِيحٌ أنَّكُمْ لَمْ تُشارِكُوا فِي العِبادَةِ وَالسُّجُودِ لِتِمثالِ الذَّهَبِ الَّذِي نَصَبتُهُ؟ 15 اسْتَعِدُّوا للِسُّجُودِ لِذَلِكَ التِّمثالِ فَورَ سَماعِ أصْواتِ البُوقِ وَالنّايِ وَالقِيثارَةِ وَالرَّبابَةِ وَالقانُونِ وَالقِرْبَةِ وَغَيرِها مِنَ الآلاتِ. فَإنْ لَمْ تَسجُدُوا، سَتُلقَوْنَ إلَى الفُرنِ المُشتَعِلِ! وَمَن هُوَ الإلَهُ الَّذِي يَستَطِيعُ أنْ يُنقِذَكُمْ مِنْ يَدَيَّ؟»16 فَأجابَ شَدْرَخُ وَمِيشَخُ وَعَبْدَنَغُو المَلِكَ وَقالُوا: «يا نَبُوخَذْناصَّرُ، لا نَحتاجُ أنْ نُجِيبَكَ عَنْ هَذا الأمرِ، 17 لأنَّ الإلَهَ الَّذِي نَعْبُدُهُ يَستَطِيعُ أنْ يُنقِذَنا مِنكَ أيُّها المَلِكُ وَمِنَ الفُرنِ المُشتَعِلِ. 18 لَكِنْ حَتَّى إنْ لَمْ يُنقِذْنا، فَليَكُنْ مَعلُوماً لَدَيكَ أيُّها المَلِكُ بِأنَّنا لَنْ نَعْبُدَ آلِهَتَكَ ساجِدِينَ لِتِمثالِ الذَّهَبَ الَّذِي نَصَبتَهُ.»
19 فَغَضِبَ نَبُوخَذْناصَّرُ غَضَباً شَدِيداً، وَعَبَسَ وَجهُهُ أمامَ شَدْرَخَ وَمِيشَخَ وَعَبْدَنَغُوَ، وَأمَرَ بِأنْ يُحَمَّى الفُرْنُ سَبعَةَ أضعافٍ. 20 وَأمَرَ بَعضَ الجُنُودِ فِي جَيشِهِ بِأنْ يَربِطُوا شَدْرَخَ وَمِيشَخَ وَعَبْدَنَغُوَ وَيُلقُوهُمْ إلَى الفُرنِ المُشتَعِلِ. 21 فَرَبَطُوهُمْ وَهُمْ مُرتَدُونَ قُمصانَهُمْ وَسَراوِيلَهُمْ وَعَمائِمَهُمْ وَثِيابَهُمْ كامِلَةً، وَألقَوْا بِهِمْ إلَى الفُرنِ المُشتَعِلِ. 22 وَلِضَرورَةِ الإسراعِ بِتَنفِيذِ أمرِ المَلِكِ وَلأنَّ الفُرنَ حُمِّيَ سَبعَةَ أضعافٍ عَنِ المُعتادِ، فَإنَّ الجُنُودَ الَّذيِنَ ألقَوْا شَدْرَخَ وَمِيشَخَ وَعَبْدَنَغُوَ إلَى الفُرنِ احتَرَقُوا حَتَّى المَوتِ مِنْ لَهَبِ النّارِ. 23 وَسَقَطَ الرِّجالُ الثَّلاثَةُ – شَدرَخُ وَمِيشَخُ وَعَبْدَنَغُو – مُوثَقِينَ فِي الفُرنِ.

24 حِينَئِذٍ، اندَهَشَ نَبُوخَذْناصَّرُ وَقَفَزَ مُسرِعاً وَقالَ لِمُرافِقِيهِ: «ألَمْ نُلقِ ثَلاثَةَ رِجالٍ مُوثَقِينَ إلَى الفُرنِ؟» فَأجابُوا: «نَعَمْ، هُوَ كَذَلِكَ أيُّها المَلِكُ.»25 فَقالَ المَلِكُ: «فَلِماذا أرَى أربَعَةَ رِجالٍ مَحلُولِينَ يَتَمَشُّونَ فِي النّارِ دُونَ أنْ يُصِيبَهُمْ أذَىً؟ وَكَذَلِكَ يَظهَرُ الرّابِعُ شَبِيهاً بِابنِ الآلِهَةِ.» [b]

26 ثُمَّ تَقَدَّمَ نَبُوخَذْناصَّرُ إلَى بَوّابَةِ الفُرنِ المُشتَعِلِ وَقالَ: «يا شَدْرَخُ وَمِيشَخُ وَعَبْدَنَغُو، يا عَبِيدَ اللهِ العَلِيِّ، اخرُجُوا.» فَخَرَجَ شَدْرَخُ وَمِيشَخُ وَعَبْدَنَغُو مِنَ النّارِ.

27 حِينَئِذٍ، اجتَمَعَ كُلُّ الوُلاةِ وَكِبارِ المَسؤُولِينَ وَالحُكّامِ وَمُرافِقِي المَلِكِ حَولَهُمْ، وَرَأَوْا أنَّهُ لَمْ يَكُنْ للِنّارِ أثَرٌ عَلَى أجسادِهِمْ، حَتَّى إنَّ شَعرَ رُؤوسِهِمْ لَمْ يَحتَرِقْ، وَثِيابَهُمْ لَمْ تَتَأثَّرْ، بَلْ إنَّ رائِحَةَ النّارِ لَمْ تَعلَقْ بِثِيابِهِمْ.

28 حِينَئِذٍ، قالَ نَبُوخَذْناصَّرُ: «مُبارَكٌ إلَهُ شَدْرَخَ وَمِيشَخَ وَعَبْدَنَغُوَ الَّذِي أرسَلَ مَلاكَهُ لِيُنقِذَ خُدّامَهُ الَّذِينَ يَثِقُونَ بِهِ، وَالَّذِينَ هَزِئُوا بِمَرسُومِ المَلِكِ مُخاطِرِينَ بِحَياتِهِمْ لِئَلّا يَعبُدُوا أوْ يَسجُدُوا لِأيِّ إلَهٍ آخَرَ غَيرِ إلَهِهِمْ. 29 وَالآنَ أنا آمُرُ بِأنَّ أيَّ إنْسانٍ مِنْ أيِّ شَعْبٍ أوْ أُمَّةٍ أوْ لُغَةٍ يَتَكَلَّمُ بِسُوءٍ عَنْ إلَهِ شَدْرَخَ وَمِيشَخَ وَعَبْدَنَغُوَ، سَيُمَزَّقُ تَمزِيقاً، وَسَيُصادَرُ بَيتُهُ وَيُحَوَّلُ إلَى مَزبَلَةٍ، لأنَّهُ لا يُوجَدُ إلَهٌ آخَرُ يَستَطِيعُ أنْ يُنقِذَ شَعبَهُ هَكَذا.»

30 وَهَكَذا رَفَعَ المَلِكُ مِنْ مَقامِ شَدْرَخَ وَمِيشَخَ وَعَبْدَنَغُوَ فِي مُقاطَعَةِ بابِلَ


في الحقيقة كان لي زميل مسيحي، انجيلي متدين، وكنا نتحدث عن الأديان، وكنت أعتبر قصة أهل الكهف من أشد القصص سذاجة، وأعتقد بأنها موجودة في المسيحية، فذكرتها له، كيف تؤمن بتلك القصة الساذجة، فكانت المفاجئة، لا يوجد في المسيحية او اليهودية قصة اهل الكهف، القصة قامت الروم بتأليفه من أجل نشر الديانة المسيحية وعقيدة البعث، وتبرأت منها الدولة الرومانية لسذاجتها، وتخلت عنها، واعترفت بتأليفها....

اقتباس و تلخيص وتجميع المواضيع من بطون الكتب والابحاث والمدونات بحياديه لا تنتمي لدين او مذهب لكوني ليست يهودياً ولا مسيحياً ولا مسلماً ولا ديني - كاتب و باحث و محلل في تاريخ ألاديان













أهل الكهف، اقتباس قرآني لأسطورة النيام السبعة

أثير العاني
26/ 8/ 2011
"النيام السبعة في أفسس" كما تذكر الموسوعة البريطانية هم أبطال اسطورة (Legend) وعددهم سبعة (أو ثمانية) من المسيحيين الذين اختبؤوا في كهف واغلق عليهم قرب مدينتهم في أفسس وذلك خلال اضطهاد المسيحيين عام 250 م خلال حكم الامبراطور الروماني ديكيوس، وكانت معجزة نومهم في ذلك الكهف لفترة طويلة.[1]

واختلفت روايات الاسطورة في مدة نومهم، لكنها تقول أنهم استيقظوا في عهد ثيودوسيوس الثاني (حكم بين عامي 408 و450 م)، حيث أصبحت المدينة مسيحية.[2]
وكان الشباب قد فروا من تقديم الذبائح الوثنية [1] حيث أمر بذلك الامبراطور ديسيوس (250 – 251 م)، ثم استيقظوا عام 448 م. [3] وبذلك تكون مدة نومهم حوالي 197 سنة.

والقصة كما ترون شبيهة جدا بقصة الكهف القرآنية مع اختلافات بسيطة في النسخة القرآنية من القصة منها مدة نومهم وعدم علم محمد عدد اولئك الشباب الذين أضاف القرآن إليهم كلبا، وستأتي المقارنة بين الرواية القرآنية والرواية السريانية في الموضوع.

وسأجمع في هذا الموضوع بعض المعلومات عن هذه القصة مما كتبه باحثون وكتـّاب بالعربية ومن بعض المصادر الأجنبية مع التركيز على تأريخ قصة النيام السبعة وإشكالية اقتباس القرآن منها.
ولنبدأ بما ذكره عن هذه القصة الباحث فراس السواح والمتخصص في الميثولوجيا وتأريخ الأديان حيث يقول : [4]
"لا يوجد في كتاب العهد القديم أو في كتاب العهد الجديد خبرٌ عن أصحاب الكهف. فهذه قصة مسيحية متأخّرة جرى تداولها في العصر الذي صارت فيه المسيحية ديناً رسمياً للإمبراطورية الرومانية، بعد تحوّل الإمبراطور قسطنطين (306-337م) إلى الدين المسيحي. وأوّل نصّ مدوّن لهذه القصّة هو نصّ سريانيّ يعود بتأريخه إلى أواخر القرن الخامس الميلادي. ويبدو أنه قد اعتمد مرويات شفهية متدالة أكثر قدماً."
ثم يتحدث الباحث عن "مناسبة نزول الوحي" بالقصة على نبي الإسلام وينقل مما قاله ابن كثير في تفسيره ومنه أن نبي الإسلام قد سُئِل عن خبر أصحاب الكهف حيث أجاب محمد بعد تأخره خمسة عشر يوما عن الموعد الذي وضعه لنفسه بنص يشتمل على شكل معين لقصتهم ومن ضمنه نهي محمد عن قوله "سأخبركم عنها غدا" دون أن يستثن، وهو قوله "إلا أن يشاء الله".

أدناه المقاطع ذات العلاقة من سورة الكهف:
أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آَيَاتِنَا عَجَبًا (9) إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آَتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا (10) فَضَرَبْنَا عَلَى آَذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا (11) ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا (12) نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آَمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى (13) وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَاْ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا (14) هَؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا (15) وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقًا (16) وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا (17) وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا (18) وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا (19) إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا (20) وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا (21) سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا (22) وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (23) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا (24) وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِاْئَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا (25) قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا (26)

ويبدو من النص القرآني أنه يريد إقناعنا أن الإله المزعوم كان مصمما تماما على عدم ضم محمد إلى "القليل" من الناس الذين يعرفون عدد أهل الكهف بإخباره بتلك المعلومة البسيطة، لكن هذا يجعلنا نسأل عن سر هذا التخبط حيث يُفترض من الإله أن يكون مستعدا لتزويد نبيه المزعوم بالتفاصيل التي يُسأل عنها وبما يحتاجه من آيات قبل أن يقرر إرساله للناس وإلا فيجب عليه من حيث الحكمة التوقف عن إرسال أنبياء إذا لم يكن لديه الوقت أو الرغبة في تزويدهم بما يلزم..

ونقرأ عن قصة "النيام السبعة في أفسس" في الموسوعة الكاثوليكية الآتي: [5]
"القصة هي واحدة من أمثلة عديدة للاسطورة التي تتحدث عن رجل ينام لسنين ثم يصحوا بعد ذلك ليجد العالم قد تغير. قد تم سردها باليونانية بواسطة Symeon Metaphrastes في كتابه Lives of the Saints، ونقلها Gregory of Tours إلى اللاتينية، وهناك نسخة سريانية بواسطة James of Sarug (ت 521 م)، والتي منها نقلت النسخ باللغات الشرقية."
وتذكر المقالة في الموسوعة نسخا اُخرى وتقول إنها جميعا تبدو مأخوذة عن الشكل الاغريقي للقصة والذي هو الأساس أيضا لـ Symeon Metaphrastes.

وفي موقع قنطرة نقرأ أنه "في الشرق المسيحيّ الذي تتركّز فيه الحياة الروحيّة على الفصح، نقل قصّتهم ثانيةً باللغة السريانيّة الأسقف جاك دو ساروغ Jacques de Saroug " والذي عاش بين 451 و521.[3]


وكتب الزميل محمد النجار في منتدى اللادينيين العرب ما نقتبس منه الآتي: [6]

"أصل القصة ...
-الباحثون DE GOJE و RYSSEL و GUIDI و PEETERS و HONIGMANN يرون أنّ الأصل يونانيّ
-الباحثون NOLBEKE و HELLER و ALLGEIER يرون أنّ الأصل سرياني

وجهة النظر التي يتبنّاها العلماء الآن هي أنّ القصّة كتبت في البداية باليونانيّة ثمّ نقلت إلى اللغات الأخرى و ينسبونها إلى القدّيس إتيان في القرن الخامس ميلادي" [7]

ثم يقول متحدثا عن رواية النص وتدوينه: [6]

"-راوي القصّة إتيان الإفسوسي سنة 448
-تمّ تدوينها باليونانيّة تقريبا سنة 449
-نقلها يعقوب السروجي إلى السريانيّة سنة 490 تقريبا
-نقلها يوحنا الإفسوسي إلى السريانية سنة 570 تقريبا
-نقلها عنه قرقوار دي تور إلى اللاتينية سنة 580 تقريبا"

ويشير الكاتب إلى أننا لو طرحنا مدة نوم الفتية حسب النسخة القرآنية (والتي يبدو لي أنها 300 سنة شمسية -309 سنة قمرية-) من عام استيقاظهم 449 م (أو 448 م [3]) لوجدنا أن العام الناتج يوافق زمن الامبراطور أنطونيوس التقيّ Antoninus Pius والذي حكم بين عامي 138 و161م "وهو من الحكام المصلحين في روما و تميّز عهده بالاستقرار نسبيّا.و هو ما ينفي احتمال وجودهم في عصره." [6]

وحسب تسدل في كتابه مصادر الإسلام فإن الشباب المسيحيين قد ناموا حسب القصة 196 عاما، وأن هذه القصة قد وردت في كتاب لـ Gregory of Tours وتحديدا De Gloria Martyrum, cap. 95، كما يتحدث عن مخطوطة سريانية موجودة في المتحف البريطاني (Cat. Syr. Mss, p. 1090) تعود إلى القرن السادس، وتذكر القصة بثمانية أشخاص.[8]

وسننقل أدناه الملخّص الذي كتبه الباحث فراس السواح للنص السرياني للقصة ومقارنته لها مع القصة القرآنية: [4]

""في جولة له خارج عاصمته جاء الإمبراطور ديكيوس إلى إفسوس وفي مدينة عريقة في آسيا الصغرى، ووصلته أخبار انتشار المسيحية فيها. فحاول التضييق على المسيحيين وأمرهم جميعاً بتقديم القرابين إلى الآلهة الرومانية، فرضخ فريق منهم وفعل ذلك تحت التهديد، ورفض فريق قليل آخر مفضلاً الألم والعذاب على ترك المعتقد.
ومن هؤلاء سبعة فتية (وبعض الروايات تقول ثمانية) قُدمت أسماؤهم إلى الإمبراطور ليتّخذ قراره فيهم، فأعطاهم مهلة للتفكير في العدول عن موقفهم هذا ثم غادر المدينة. فترك الفتية المدينة ولجؤوا إلى جبل أنخليوس خارج إفسوس حيث اختبئوا في كهف. وعندما نفذت مؤونتهم أرسلوا واحداً منهم إلى المدينة ليشتري لهم طعاماً، وهناك علم أنّ الإمبراطور قد عاد إلى إفسوس وهو يطلبهم. اضطرب الفتية لسماع هذه الأنباء، وبعد تناولهم طعامهم ألقى عليهم الربّ سباتاً عميقاً، وأغلق عليهم مدخل الكهف بصخرة عظيمة. فتّش جنود الإمبراطور عن الفتية ولم يعثروا لهم على أثر في المدينة، فجاؤوا إلى أهلهم وانتزعوا منهم تحت التهديد بالقتل مكان اختباء الفتية. ولكنهم عندما وصلوا إلى الكهف وجدوه مغلقاً بتلك الصخرة العظيمة، وتأكّد لهم أن الفتية قد لقوا حتفهم في داخله، فغادروا وأخبروا الإمبراطور.
دام سبات الفتية ثلاثمئة وسبع سنين. وكانت الدولة قد تحوّلت إلى الدين المسيحيّ منذ أمد بعيد، وآلت السلطة إلى الإمبراطور ثيودوسيوس الثاني. وفي عصر هذا الإمبراطور دار جدال في الأوساط المسيحية حول مسألة بعث الأموات، ووقف أحد الأساقفة المدعو ثيودور في صفّ من ينكر البعث، الأمر الذي أرَّق الإمبراطور. في هذه الأثناء أراد مالك الحقل الذي يقع فيه الكهف بناء حظيرة لغنمه، فراح يقتلع من صخرة المدخل حجارة لاستخدامها في رفع الجدران، وذلك حتى انكشف مدخل الكهف. ولكن الرجل لم يدخل ولم يلحظ وجود أحد هناك.
ثم إن الله أيقظ الفتية من سباتهم، وظن كل واحد منهم أنه لم ينم إلا ليلة واحدة، وراحوا يشجّعون بعضهم على النزول إلى المدينة لاستقصاء الأخبار وشراء الطعام. وأخيراً وقع الاختيار على المدعو ديوميديوس الذي نزل في المرّة الأولى، فحمل فضته ومضى. عندما وصل ديوميديوس إلى بوابة المدينة رأى صليباً كبيراً معلقاً عليها، فتعجب وتبلبلت خواطره ولم يجد لذلك تفسيراً. ثم إنه دخل وتجول ووقف أخيراً عند أحد الباعة ليشتري طعاماً، وعندما أخرج نقوده المعدنية رأى البائع عليها صورة الإمبراطور ديكيوس، الذي اختفى الفتية في عهده، منقوشة على العملة، فظنّ أنّ الفتى قد عثر على كنز قديم مدفون في الأرض، فراح يضغط على الفتى لمعرفة مكان الكنز وتجمّع حولهما أهل السوق.
ثم إنّ الخبر شاع بسرعة ووصل إلى أسقف المدينة وإلى الحاكم، فجيء بالفتى إليهما وقصّ عليهما القصّة كاملة، وطلب منهما مصاحبته إلى الكهف للتأكّد من صحّة كلامه. وخلال تفحّصهما لمدخل الكهف عثرا على رقيمين معدنيين نُقشت عليهما كتابة تحكي قصة الفتية زمن احتباسهم، ووُضع الرقيمان تحت صخرة المدخل. وبذلك تمّ التأكد من صحّة روايتهم. ثم إنّ الإمبراطور نفسه جاء إلى المكان واستمع إليهم، فقال له واحد منهم إنّ الله قد أنامهم هذه المدة الطويلة ثم أيقظهم، لكي يثبت للمتشكّكين حقيقة البعث في يوم الحساب، وقدرة الله عليه. عند ذلك أمر الإمبراطور ببناء مقام دينيّ في موضع الكهف تذكاراً للفتية." [9]

الرواية السريانية----الرواية القرآنية [4]

— عدد الفتية سبعة أو ثمانية تبعاً للروايات المختلفة المتداولة - سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم، ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجماً بالغيب، ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم. قل ربّي أعلم بعدتهم.
— الفتية يرفضون السجود للآلهة الوثنية، ويفضّلون العذاب على التخلي عن معتقدهم. - فتية آمنوا بربّهم وزدناهم هدى، وربطنا على قلوبهم إذ قاموا فقالوا: ربّنا ربّ السماوات والأرض ولن ندعو من دونه إلهاً.
— الفتية يلجؤون إلى جبل خارج مدينة إفسوس ويأوون إلى كهف . - وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله، فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته ويهيئ لكم من أمركم مرفقاً.
— الإمبراطور يرسل من يأتي إليه بالفتية، ولكن الله يلقي عليهم سباتاً وييسر لهم من يسد بابه بصخرة. - إذ آوى الفتية إلى الكهف فقالوا: ربّنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشداً.
— دام سبات الفتية ثلاثمئة وسبع سنين. وكانت المملكة خلال ذلك قد تحولت إلى المسيحية. - ولبثوا في كهفهم ثلاثمائة سنين وزادوا تسعاً. والله أعلم بما لبثوا.
— الله يوقظ الفتية، فظن كل منهم أنه لم ينم إلا ليلة واحدة. - وكذلك بعثناهم ليتساءلوا بينهم. قال قائل منهم: كم لبثتم ؟ قالوا: لبثنا يوماً أو بعض يوم.
— الفتية يرسلون واحداً منهم بفضّته للاستطلاع وشراء الطعام . - فابعثوا أحدكم بوَرَقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيُّها أزكى طعاماً فليأتكم برزق منه.
— النقود القديمة تكشف أمر الفتية فيأتي الحاكم والأسقف إلى الكهف ليجدوا رقيمين دوّن عليهما خبر الفتية. -ترد الإشارة إلى هذين الرقيمين في مطلع القصة: أم حسبت أن أهل الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجباً؟
— يأتي الإمبراطور نفسه إلى الموقع، ويقول له الفتية بأن الله فعل بهم ذلك ليؤكد للمتشككين حقيقة البعث والحساب. - وكذلك أعثرنا عليهم ليعلموا أن وعد الله حق، وأن الساعة لا ريب فيها.
— الإمبراطور يأمر ببناء مقام ديني في موقع الكهف. - فقالوا: ابنوا عليهم بنياناً. قال الذين غَلبوا على أمرهم: لنتخذن عليهم مسجداً.".. انتهى كلام الباحث فراس السواح

وننهي الموضوع بطرح ملخص للملاحظات في الموضوع مع بعض الأسئلة:

- القصة القرآنية فيها شبه كبير جدا من قصة النيام السبعة

- قصة النيام السبعة أقدم من النص القرآني

- لا يمكن تبرير التشابه بأن الإسلام جاء مصدقا لما قبله من الكتب المدعوة بـ"السماوية" فقصة النيام السبعة ليست مذكورة في العهد الجديد ولا القديم، بل هي قصة مسيحية متأخرة وأحداثها تدور في زمن ما بعد المسيح.

- إن القرآن اعتبر أهل الكهف وقصتهم حقيقة ولم يشِر إلى أنها قصة اسطورية

والأسئلة هي:

- هل يجوز أن يقتبس الإله قصة اسطورية كتبها البشر أم إن اقتباس هذه القصة من فعل محمد؟

- إذا كان القرآن قد اقتبس قصة اسطورية، ألم يكن عليه أن يوضح أنها كذلك وليست حقيقة؟، وإلا فقد صدق قول بعض مخالفي محمد "إن هذا إلا أساطير الأولين" واتضح أن القرآن كتاب لا يصح الوثوق به كونه لا يفرق بين الأساطير والقصص الحقيقية!

- وإذا كان القرآن قد اقتبس تلك القصة، ألم يكن عليه أن يشير إلى الكاتب أو الكتـّاب الأصليين لها؟، أليس نقل قصة إلى كتاب لك دون ذكر كاتبها الأصلي سرقة أدبية؟!


الهوامش

[1] الموسوعة البريطانية - Seven Sleepers of Ephesus
http://www.britannica.com/EBchecked/...ers-of-Ephesus

[2] http://en.wikipedia.org/wiki/Seven_Sleepers

[3] النيام السبعة في أفسس- موقع قنطرة
http://www.qantara-med.org/qantara4/...d=1404&lang=ar

[4] "أهل الكهف بين الأدب السرياني والقرآن"، فراس السواح، موقع الأوان

[5] الموسوعة الكاثوليكية- The Seven Sleepers of Ephesus
http://www.newadvent.org/cathen/05496a.htm

[6] "حقيقة قصّة أهل الكهف"، محمد النجار، منتدى اللادينيين العرب
http://www.ladeenyon.org/forum/viewt...p?f=11&t=25574

[7] فرنسوا جوردون، قصة الرقود السبعة/طبعة 2001،
نقلا عن محمد النجار [6]

[8] كلير تسدل، مصادر الإسلام، الفصل الرابع

[9] K.Sanadiki , Legends and Narratives of Islam , Kasi publications , Chicaco , 2000 . pp . 286-288 . citing : James Hasting , Incyclopedia of Religion and
نقلا عن فراس السواح [4].


الساعة الآن 01:36 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd diamond

 .::♡جميع المشاركات والمواضيع المكتوبة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ,, ولاتعبر عن وجهة نظر إدارة المنتدى ♡::.


Powered by vBulletin Copyright © 2015 vBulletin Solutions, Inc.