الموضوع: مذكرات جبريل 0
عرض مشاركة واحدة
قديم 08-16-2017, 02:33 PM binbahis غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [1]
binbahis
الباحِثّين
الصورة الرمزية binbahis
 

binbahis is on a distinguished road
افتراضي مذكرات جبريل 0

1. الانفجار العظيم، عفوا أقصد الانفتاق العظيم

"ثلاثمئة وسبعة وسبعون، ثلاثمئة وثمانية وسبعون. آه اللعنة! لقد غلطت في العد مرة أخرى وعلي أن أبدأ من جديد".

أعتقد أني بدأت أشعر بالملل من عد أجنحتي، لأني سررت وشعرت بشيء من التغيير عندما قطعني صوت أحد زملائي وهو يناديني: "جبريل، أتيت لأخبرك أن الله يريد أن يراك فورا".

قبل أن أكمل دعوني أقدم لكم نفسي. اسمي هو جبريل، ملك ذو ستمئة جناح، وهو ما يعني أني ذو رتبة عالية بين الملائكة (معظم الملائكة لها ما لا يزيد على مئتي جناح فقط). وأما مهمتي فهي كتابة يوميات الله ومدوناته. ليس عملا سهلا ولكنها ضريبة ثقة الله بي. تاريخ اليوم هو الثامن والثلاثون من شهر شربيل من سنة 3546024 خلائقية (منذ خلق الله أول ما نعرفه في هذا الكون). لن تعثر على رقم سبعة في سنتنا أبدا لأننا نستعمل النظام السبعي (من واحد لستة فقط، فالله يحب الرقم سبعة وهو أمر ستتكرر الشواهد عليه كثيرا فيما بعد) وأما أشهر السنة لدينا فهي سبعة أشهر فقط في كل شهر من منها سبعة أسابيع بالضبط في كل منها سبعة أيام.

دخلت على الله فرأيته جالسا قبالة مسطحه يتأمله وهو يفكر مليا. لم أحدثكم بعد عن هذا المسطح الغريب الذي كان الشغل الشاغل لله مؤخرا، إذ خطر بباله منذ عدة أيام أن يخلق مسطحا رقيقا، وهو لا ينفك منذ ذلك الحين يزوره مرارا وهو يفكر ماذا يصنع به بعد ذلك، حتى إنه يجلس أحيانا وهو يكلم نفسه لساعات دون أن يخرج بنتيجة: "ربما إذا طعوجته قليلا عند الحواف وأضفت في المنتصف حائطا بزاوية قائمة.. لا لا هذا قبيح ولا فائدة منه. فلأفكر بالأمر أكثر..". ثم خطر لله وهو في حيرته ويأسه أن يخلق مسطحا آخر مشابها للأول تماما فلم يزده إلا حيرة إلى حيرته.

نظر الله إلي وقال: "لعنت جلالتي الساعة التي خلقت فيها هذا المجسم التافه! ماذا تقترح أن أفعل به يا جبريل؟".

لاحظت أن الله قد ألصق السطحين أحدهما بالآخر فصارا يبدوان للناظر وكأنهما مسطح واحد. كانت هذه خطوة للأمام. قلت: "المجسم الآن يا مولاي -إن صح أن نسميه مجسما أصلا- مسطح، ربما أردت أن تنفخ (بما أنك تحب النفخ وتستمتع به) بين السطحين في رفق كي يصنعا مجسما فعلا، شيئا ثلاثي الأبعاد يصلح لاستيعاب المزيد من المجسمات؟".

"ما هذه الفلسفات الغامضة جبريل، إنما دعوتك لتساعدني فرحت تعقد علي المشكلة أكثر! لحظة، لحظة، وجدتها! ربما إذا باعدت بين السطحين العلوي والسفلي و.. و "فتقتهما" هكذا..".

وبكلمة واحدة من الله أمر المسطح العلوي أن ينفتق عن السفلي من منتصفه فقام عليه كالقبة. وراح الله يتأمل إنجازه للحظات وهو مزهو بنفسه.

"رائع، رائع يا جبريل! صحيح أنك لم تفدني بأفكارك ولكني نجحت في نهاية الأمر. أولم يروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما! وعزتي وجلالي جملة قوية هذه لا تصدر إلا عن عظيم معجز بليغ. اكتبها جبريل، جملة الفتق هذه! قد نحتاجها فيما بعد".

هممت أن أبدأ بمشاركة الله في كيل المدائح والتبجيل لنفسه لولا أنه شغل بالأرض التي راحت تهتز اهتزازا عنيفا من صوته الجهوري المتحمس.

"هممم، يبدو أنها ليست ثابتة كفاية. آها، وجدتها. سأثبتها بالصخور الثقال. كوني يا جبال!".

فجأة ظهرت صخور ضخمة مدببة كالأوتاد وانغرزت في الأرض فثبتتها جيدا.

ونظر الله إلى إنجازه معجبا بنفسه بينما رحت أثني على ذكائه وقدرته، ثم ما لبث الله أن تثاءب وقال: "كفاني تسلية اليوم فقد مللت، أعود إلى هذا المخلوق فيما بعد".

(يتبع)



:: توقيعي ::: تعريف المؤمن المعتدل: هو المؤمن الذي يحاول إصلاح أخطاء الإله
  رد مع اقتباس