شبكة الإلحاد العربيُ  

العودة   شبكة الإلحاد العربيُ > ملتقيات الفنون و الآداب > ساحة الشعر و الأدب المكتوب

إضافة رد
 
أدوات الموضوع اسلوب عرض الموضوع
قديم 03-06-2018, 01:31 PM شاهين غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [21]
شاهين
الأُدُباءْ
الصورة الرمزية شاهين
 

شاهين is on a distinguished road
افتراضي

عديقي اليهودي 20
* القتل لمجرد الرغبة في القتل !
أوغل جنود الإحتلال في التصدي لتظاهرات الشباب والفتية الفلسطينيين التي عمت مناطق عديدة في الضفة وغزة ، مستخدمين الرصاص الحي والمطاطي وقنابل الغاز . قتل شاب في غزة وطفلة في القدس . وأصيب العشرات بجراح مختلفة، كما اعتقل العشرات حتى من أطفال في حدود العاشرة من أعمارهم . لم تكن طفلة القدس تشارك في تظاهرة ، كانت عائدة من المدرسة حاملة حقيبة الكتب المدرسية على ظهرها ، ولم تكن تحمل بيديها أي شيء يمكن أن يشتبه به ، أي شيء على الإطلاق، ولا يمكن لعاقل أن يتصور أن الطفلة ستتوقف على مسافة تقارب ثلاثة أمتار من جندي ما متأهب لإطلاق النار، وتنزل الحقيبة عن ظهرها، وتفتحها، وتخرج منها سكينا ، تهجم به على الجندي لتطعنه ، والجندي يتفرج عليها . مسألة كهذه لا يمكن أن يتخيلها إلا جندي أحمق ، وطفلة حمقاء أيضا .. كانت الطفلة تمرعلى مسافة أمتار من بضعة جنود من الفصيل الذي يقوده شمعون سليمان ، مراعية أن لا تنظر إلى الجنود ، مدركة أن مجرد النظر إليهم قد يثير الشبهة وربما يردون بإطلاق النار . فوجئت الطفلة بأحد الجنود يصرخ بها أن تتوقف . التفتت نحو الجنود لتتأكد من أنها المقصودة بالتوقف . كرر الجندي أمره . توقفت الطفلة . اقترب الجندي خطوة واحدة من الطفلة مسددا بندقيته . رفعت الطفلة يديها لتريه أنها لا تحمل شيئا بهما . تابع الجندي صراخه مشيرا إلى ملابسها .. فكت أزرار مريولها لتريه أنها لا تخفي شيئا تحت حزام بنطالها. أشار الجندي إلى الحقيبة .. أنزلتها عن ظهرها وفتحتها موجهة بابها نحو الجندي ، فيما الجندي يتهيأ بحذر شديد واضعا اصبعه على زناد البندقية ، والجنود الآخرون ، يرقبون المشهد الدرامي ، إضافة إلى بعض المارة الذين استوقفهم الأمر . تابع الجندي صراخه . لم تعرف الطفلة ماذا يريد ، لم تجد إلا أن تقلب الحقيبة رأسا على عقب ، لتسقط الكتب وكل محتوياتها من أقلام ودفاتر ومسطرة على الأرض، ثم تلقي بالحقيبة نفسها فوق محتوياتها ، متسائلة بذعر عما يريده الجندي بعد ؟ وهنا بالضبط بدا أن رغبة الجندي في القتل قد خابت و لم تتحقق ، فالطفلة لا تحمل شيئا يستدعي القتل ولا حتى الإعتقال ، لكن الرغبة تأججت إلى حد فظيع، لم يعد في الإمكان السيطرة عليها ، ضغط الجندي على الزناد، لتنطلق قرابة خمس رصاصات اخترقت جسد الطفلة . خرت الطفلة صريعة على الأرض وجسدها يتلوى ويرتعش ، فيما صرخ الواقفون من أعماقهم هلعا وغضبا وقهرا ، ولم يبد على الجنود ما يثيرالقلق أو أي شيئ آخر، عدا واحدا لم يحتمل النظر إلى جسد الطفلة المحتضر، فانكفأ مديرا ظهره إلى المكان .
*****
أحد المتفرجين على الواقعة صوّرها بجهازهاتفه المحمول، وأرسلها إلى وكالات الأنباء . ملايين البشر في العالم شاهدوا الجريمة على شاشات التلفزة . جريمة واضحة وضوح الشمس، ليس في الإمكان غض الطرف عنها، يرتكبها جندي مهووس بالقتل، ولا يمكن اعتبارها غير ذلك .
حين عرفت سارة سليمان أن الجندي قاتل الطفلة هو أحد أفراد الفصيل الذي يقوده أخوها ، قذفته بشتيمة كبيره وانهالت على الدولة التي ترعاه وترعى القتلة أمثاله بسيل آخر من الشتائم .. اتصلت به مبدية غضبها ، مطالبة بأن يقدم الجندي إلى المحاكمة . كما اتصلت بيوئيلا التي توطدت علاقتها بها، وطلبت إليها أن تمارس الضغط على شمعون ليتوقف عن ممارسة البطش على الأطفال والشبان الفلسطينيين . وحاولت الإتصال ببعض أصدقائها من جماعة السلام الآن للقيام بتظاهره تشجب قتل الأطفال الفلسطينيين ، غير أن اتصالاتها لم تسفر عن شيء . واتصلت بعارف نذير الحق مبدية حزنها لمقتل الطفلة، وأسفها لما جرى ذلك اليوم في الضفة والقطاع . شكرها عارف مؤكدا أن لا جديد في الأمر، فالقتل والتعسف يجريان يوميا وعلى مدارالسنين من قبل قوات الإحتلال.
يعقوب سليمان لم يكن في حال أفضل . كان يتمنى أن يسير الواقع في اتجاه أحسن ، ليواجه (عديقه ) عارف نذير الحق بالتحدث عن احتلال رحيم، يمكن أن يتم التفاهم معه للوصول إلى سلام ما قد يدوم لبضع سنين ، وها هي الأمور تسير نحو الأسوأ .. فكر في اجتماع للعائلة يمكن أن يتم فيه النظر إلى الفلسطينيين كبشر وليس كأفاع وأوباش قذرين . رأته راحيل مهموما ، فتساءلت :
- تبدو مهموما كثيرا لمقتل هذه الفتاة ! هون عليك وانتبه لصحتك !
- فتاة ؟ تقولين فتاة ؟ ألم تري أنها قد لا تتجاوز العاشرة من عمرها ؟ حتى لو كانت فتاة ، هل رأيت ما يستوجب قتلها وبهذه الوحشية ؟ ماذا لو أن طفلة اسرائيلية قتلت بهذ ا الإجرام ، لأقامت اسرائيل الدنيا وأقعدتها .. هنا يقتل الأطفال والشباب الفلسطينيون كل يوم تقريبا والعالم يتفرج ، وإسرائيل تضرب عرض الحائط بمئات قرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة التي تدينها !
بدت راحيل في حالة ذهول وهي تستمع إلى لهجة جديدة لم يتحدث بها زوجها من قبل ولو بهذا الوضوح !
- يوه يوه يوه ! منذ متى تتحدث عن هؤلاء الأوباش القذرين بهذه اللغة جاكوب !؟ ما الذي يحدث معك ومع ساراي في طلعاتكما إلى البريّة ؟ لعلكما تلتقيان أوباشاً فلسطينيين استطاعوا غسل دماغيكما!؟
ولا يمكن لأحد أن يتصور مدى دهشة راحيل حين فوجئت بيعقوب يصرخ بها لأول مرة في حياته بهذا القدر من الإنفعال :
- نحن الأوباش ، ونحن أقذر البشر بين الأمم ، وعليك أن تدركي ذلك ، نعم التقينا أنا وسارة بإنسان فلسطيني مهذب ، سحرنا بتهذيبه وإنسانيته وثقافته، يعرف توراتنا أكثرمما نعرفها جميعنا ، حتى أكثر مما يعرفها ويفهمها حاخامات اسرائيل مروّجي خرافاتها وأساطيرها . هذا الرجل كان بإمكانه أن يقتلني ببندقيتي دون أن يعلم به أحد ، ومع ذلك لم يفعل ، لأن إنسانيته ارتقت به إلى أن يسمو بنفسه فوق القتل والكره والحقد ، حتى مع عدوه ومغتصب وطنه ، فأين نحن من هذا الإنسان ، أليس هذا المهووس قاتل الطفلة يكمن في كل فرد منّا، من أصغر طفل حتى نتنياهو.. وما ابنك الذي يقود فصيلا من القتلة، وجنديه المهووس إلّا النموذج الذي يجسد هذه الرغبة في القتل . أفيقي على نفسك يا راحيل وتذكري دائما أننا لسنا أكثر من محتلين ومغتصبين لبلاد لم تكن يوماً وطناً لنا !
ظلّت راحيل فاغرة فاها للحظات ، لا تصدّق أنّ جاكوب تغير إلى النقيض مما كان عليه ، فهل يعقل أن يكون هذا الفلسطيني الذي يتحدث عنه ساحرا ، ألقى بسحره عليه وعلى ساره ؟ ماذا يكون إن لم يكن كذلك ؟ فالتأثير إلى هذا الحد ليس أمرا طبيعيا .. تساءلت وهي تحاول جمع شتات عقلها :
- إذن قصة تخبئة بندقيتك في البريّة كانت كذبة ، هل استولى عليها هذا الفلسطيني في غفلة منك أم أنك أعرته إياها ليصطاد بها ؟!
حاول يعقوب أن يكبح غضبه قدر الإمكان :
- بندقيتي ليست هي المشكلة الآن . لا بد من إقناع ابنك بأن يخفف يده عن البطش بالأطفال الفلسطينيين ، طالما ليس بوسعنا أو بوسع أحد أن يضغط على حكومة نتنياهو لتغيّر سياسة البطش.
- شيمون ينفذ أوامر مسؤوليه ويتقيد بسياسة الدولة وليس في الإمكان أن يتراجع عن ذلك ؟
- وهل من سياسة الدولة أن تقتل طفلة لمجرد الرغبة في القتل ؟ ألم نرعهد التميمي تلكم جنديا دون أن يطلق عليها أحد النار، فلماذا لم ينفذ هؤلاء الجنود سياسة الدولة بالقتل واكتفوا باعتقال عهد ، بينما نرى أن ذاك الجندي قتل طفلة بريئة لمجرد الرغبة في القتل؟!
- ألم تقل أن الجندي القاتل مهووس ، أي خفيف العقل ، أو مجنون ؟
- وهل جميع القتلى والجرحى الفلسطينيين يقتلون ويجرحون من قبل مهووسين في جيش الدفاع ؟ ألم نرهم يطلقون النار حتى على الجرحى المحتضرين في الرمق الأخير من حياتهم ؟ إذا كان كل هؤلاء مهووسين فأي جيش هذا ، وكيف يبقي على أمثال هؤلاء في صفوفه ؟ المسألة تعود لضمير وأخلاق الجندي نفسه ، فإما أن يكون قاتلا متوحشا وإما أن يحتفظ بالحد الأدنى من إنسانيته، وإنه لأمر مؤسف أن ينتمي ابنك إلى النوع المتوحش من الجنود!
وهنا صرخت راحيل بانفعال في وجه يعقوب :
- جاكوب إنه ابنك فكيف تنعته بالوحشية ؟ حسب ما أعرف أنه لم يقتل في حياته إلا واحدا من رماة الحجارة ، ولم يطلق النار عليه إلا بعد أن أصابه بحجر في كتفه !
شرع يعقوب في قهقهة هستيرية ، ثم هتف بانفعال وسخرية :
- أصابه بحجر في كتفه ! قنبلة حجرية استدعت ابنك أن يطلق النار على الشاب ليرديه قتيلا . إن لم تكن هذه وحشية فماذا يمكن أن تكون أيتها النعجة ؟
ردت راحيل بانفعال أقرب إلى الصراخ :
- أنا نعجة يا جاكوب ؟ نعجة لأنني قبلت الزواج منك دون أن أحبك !
- لست من أسماك راحيل ، ويا ليتك تحملين وداعة النعجة ! قبلت الزواج منّي لأنك لم تجدي من يتزوجك ! فمن يتزوج من نعجة لا تجيد إلا حقن إبرالبنسلين !
- وما له حقن البنسلين يا عاقب !؟ هل أصبحت مهنة التمريض عارا يا عاقب؟
قرع جرس الباب . هرع يعقوب وفتحه . كانت سارة تحمل في يدها كيسا من النايلون . هتفت دون تحية :
- ماذا يجري باب صراخكما واصل إلى الخارج !
- قولي للنعجة أمك باب كيف تدافع عن ابنها القاتل !
- أف أف يبدو أن الوضع تأزم بينكما إلى حد كبير، وهو ابنك أيضا باب هل نسيت ذلك ؟
دخلا .. صافحت سارة أمها ودعتها إلى الهدوء . سارع يعقوب في الرد على سارة وهو يجلس على أريكة:
- لا لم أنس ساراي، لكني غيرت رأيي في ما يقوم به شيمون وأحاول أن أردعه عن القيام بذلك .
- إذن اصبر على مام إلى أن نقنعها بتغيير رأيها أيضا ! لماذا تتعجل الأمور ؟ وحينئذ قد نقنع شيمون بتغيير تعامله مع الشباب الفلسطينيين .
- أمك لن تقتنع وشيمون كذلك !
- أرجوك باب . لا تقفل الأبواب ولا تتشاءم . مام كانت ممرضة . والممرضات ملائكة رحمة كما نسميهن ، فكيف لا تكون رحيمة مع الأطفال ؟ أليس كذلك مام !
- قولي للعاقب أبوك !
- أوه مام كفى . ألن نخلص من هذا ؟
- هو الذي بدأ بنعتي بالنعجة !
- طيب مام حالة انفعالية طارئة وانتهت !
شرعت راحيل في البكاء :
- لا لم تنته . لقد سخر مني أيضا وادعى أنني لم أجد من يتزوجني غيره . وأنني لا أجيد في حياتي إلا حقن البنسلين .. هل هذا كلام يقال لي بعد كل هذا العمر ؟
اقتربت سارة من أمها وضمت رأسها إليها وراحت تربت على ظهرها .
- أوه مام حبيبتي . هوني عليك . سامحيه كانت لحظة انفعال ..
- لن أسامحه إلا إذا اعتذر لي !
- سيعتذر مام !
وأشارت بحركة من رأسها إلى أبيها أن يعتذر . اعتذر قائلا :
- عذرا راحيل !
- وقبل رأسها أيضا !
نهض يعقوب وقبل رأس راحيل ، فيما شرعت سارة بمسح دموع أمها بمنديل ورقي ناعم .
هتف يعقوب مخاطبا سارة بعد لحظات صمت عادت فيها راحيل إلى هدوئها:
- هل رأيت شيمون ؟
- اتصلت به ما أن سمعت بالأمر وأشبعته شتائم ثم التقيته أنا ويوئيلا فيما بعد . وعد بالعمل على تقديم الجندي إلى المحاكمة ..
- هذا جيد . وهل تم اعتقال الجندي ؟
- أظن أنه اعتقل لكني لم أتأكد !
- نأمل أن تكون المحاكمة عادلة وأن ينال الجندي عقابه ، وينال أهل الطفلة تعويضا من السلطات !
ضحكت سارة وهي تقول :
- لا تتفاءل باب قد تحكم عليه المحكمة بتغريمه شيكلا واحدا أو بضعة شواكل كما في بعض المحاكمات !
وتذكرت ما احضرته معها :
- لقد أحضرت لكما شاورما فلسطينية آمل أن لا تكونا قد تغديتما .
ونهضت سارة كما نهضت أمها لإعداد طعام الغداء .
*****



:: توقيعي ::: https://www.facebook.com/profile.php...6%3A1554662450
رابط موقعي في الحوار المتمدن
http://www.ahewar.org/m.asp?i=7683
وحين التقينا يا إلهي بعد كل هذا العناء من البحث عنك
وجدت نفسي أمام نفسي!
  رد مع اقتباس
قديم 03-11-2018, 03:06 PM شاهين غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [22]
شاهين
الأُدُباءْ
الصورة الرمزية شاهين
 

شاهين is on a distinguished road
افتراضي

عديقي اليهودي21
*موسى يبدأ حياته بقتل مصري تشاجر مع عبراني!
لم أصدق حين اتصلت سارة بي في المساء ليس للزيارة فحسب ، بل لتنام عندي أيضا إذا لا أمانع . ترددت للحظات . لم أستطع أن أحسم أمر النوم على الهاتف . قلت لها أن تحضر وسنفكر في أمر النوم لاحقا . وصفت لها عنوان البيت السهل جدا، وكنت قد اعطيتها عنه فكرة من قبل . جاءت . لم أرها منذ بضعة أيام ، منذ يوم الحب تحت المطر، وفي الكهف إلى جانب النارالمتقدة ، وعلى مرأى من أعين طيور الحجل المستكينة إلى نتوءات وكوى الكهف مستشعرة الدفء! تعانقنا بحرارة. فوجئت بأنها أحضرت معها من اللحوم والخضار والفواكه والحلويات والخموروالمكسرات ما يكفي لما يقرب من شهر .
- ماهذا يا مجنونة ؟
- أعرف أنك تعيش على أطراف البريّة وليس لديك سيارة لتحضر مؤونة . قلت أحضر بعض التموين لك ولي أيضا إذا ما نمت عندك !
- لكن سأدفع ثمنه !
حدقت في وجهي لتتساءل:
- نعم ؟ لماذا تريد أن تحرمني من هذا الفرح ؟
- طيب نتشارك !
- مستحيل !
- تخجلينني !
- أرجوك لا تقل ذلك ، ودعني أفعل ما يدخل السرور إلى قلبي !
أنزلنا التموين والخمور . ورحنا نضع كل شيء في مكانه في البيت . لحسن الحظ كان التموين قد أوشك على الإنتهاء ، فكان هناك متسع لكل شيء.
جلسنا متجاورين على أريكة في الصالون . ضمتني وبادلتني قبلة متمهلة كتعويض عن قبلات المصافحة السريعة والبريئة !
همست لها:
- هل تعلمين أنني فكرت في أشياء كثيرة لشيخوختي غير أنني لم أفكر على الإطلاق في أنني سأقع في الحب في هذا العمر. وممن ؟ ممن يفترض أنها عدوتي! مسألة أشبه بحلم سريالي . لا أكاد أصدق ما يجري معي !
وضمتني ثانية لنتبادل قبلة أعمق من الأولى، ولتنهض بعد ذلك لتتفرج عن قرب على عشرات اللوحات المعلقة على جدران البيت ، وعلى ما تحويه المكتبة .
سألتها ماذا تشرب ؟ أجابت: وسكي .
نهضت . حضّرت كأسين وجلست .
قالت وهي تتأمل إحدى اللوحات :
عوالمك أسطورية . رأيت فيها مردوخ وعشتار وآدم وحواء والأفعى والمسيح والعذراء ..إضافة إلى اللوحات التراثية كالصخرة، والنساء بالأزياء الشعبية المطرزة . وأيقونات لقديسات كما يبدو .. كيف لك صبر على هذا القدر من الزخرفة الدقيقة ورسم التطريز ؟
كنت. الآن أرسم دون هذا العناء حين أريد أن أرسم، لأن عيني تعبتا .
شربنا نخبنا.
- ما أخبار أبيك ؟
- متعب وخاصة بعد مقتل الطفلة من قبل الفصيل الذي يقوده أخي شمعون .
- سلمي عليه .
- الله يسلمك . الشاباك طلبوا إليه أن يحثك على إكمال محاضراتك عن التوراة.
- لعلهم عرفوا أنني أعرف أنّه يسجل المحاضرات.
- لا أظن .
- يستحسن أن لا يعرفوا ليزداد شعورهم بأنهم يقومون بعمل خارق !
- هل ستكمل مع أبي إن طلب ؟
- بالطريقة نفسها مستحيل . قراءة فصول الأسفار كلها أمر متعب . يمكن التطرق إلى بعض الفصول دون قراءتها كلها.. يمكن ايراد بعض الفقرات إن دعت الضرورة .
- هل تشعر أن أبي أصبح صديقا لك ، أم أنه كان وما يزال عديقاً؟
- أعتقد أن الكلمة معبرة عن حالنا!
- وأنا ؟
- أنت قطعت المراحل كلها لتسكني قلبي!
وألقت بنفسها علي .. ضممتها . أراحت رأسها على عنقي . قبلت شعرها ورحت أملس عليه . دخلنا للحظات في ما يشبه الحلم .. كبست زر المسجلة إلى جنبي لينطلق عزف ناي شجي ! ذهبنا بعيدا . حلّقنا في أبعد سماء تحف بنا نجوم صغيرة ، وشموع طائرة ، وورود محلقة ، ونوارس جميلة . بساطنا غيوم ، وأرائكنا غيوم . ووسائدنا غيوم . وصدح أغان يشدو من حولنا بسر الوجود . آهات عشاق . ترانيم ملائكة وقديسين. فرح آلهة .. قبلات متناثرة . تفوّح رائحة . ألوان متموّجة .. تغريد عصفور عاشق . ألحان حالمة .. ابتسامات ليل وديع تبعث نورا.. ينابيع رقراقة ! نوافير فسفورية .. حوريّات نائمات .. حنين نفوس . عرائس بحر. أمواج ناعسة .. زفّة عشاق !!
هل غفونا ؟ هل نمنا ؟ كم مرّعلى تحاضننا ؟ لا أعرف. كل ما هنالك أنني شعرت بالجوع . همست إلى سارة .:
- ألست جائعة حبيبتي ؟
قالت أجل، وشرعت في بكاء فريد، وراحت تحتويني بيديها وتلصق رأسها بعنقي وكأنها تريد أن تشقه لتدخل فيه . أدركت سر بكائها . احتويتها :
- أريدك قويّة يا حبيبتي لننتصرعلى الوضع الذي نحن فيه !
- أقسم أنّه ليس لي ذنب في الهجرة إلى وطنكم واحتلال أرضكم !
- أنا أدرك ذلك أكثر منك حبيبتي.
- لا أستطيع أن أنسى ذلك حبيبي .. أشعر بعقدة ذنب أتمنى لو أنها لم توجد ، لكان حبنا أجمل !
- بل هو جميل لأنّه كذلك ! حب غير عادي، تمرّد ، ثورة لكلينا ، صفعة لكل من لا يريد أن نعيش إنسانيتنا ، ليبقينا أعداء إلى الأبد . هيّا ، لننهض لأعمل لك أطيب عشاء .. استيك بالبهارات !
****
نهضنا .. سلقنا بعض الخضار، وعملنا سلطة ، وقلينا بطاطا، واللحمة تستوي على نار هادئة .
لم تنس سارة أنني لم أحسم أمري في مسألة نومها عندي حين خابرتني . سألتني بعد تناول العشاء إن كنت قد حسمت الأمر . قلت :
- وهل يصعب النوم في بيتي على من سكنت قلبي حبيبتي ؟ هيا انزعي ثيابك لنجلس براحة . هل أحضرت معك ملابس للنوم ؟
- معي في السيارة .
خرجنا معا إلى السيارة .. كان الطقس باردا قليلا . أخرجت حقيبة صغيرة من السيارة وعدنا إلى الداخل ..
لدي غرفتان للنوم، إحداهما للضيوف . ثمة سرير في كل غرفة ، مجهز بكل ما يلزم للنوم . أدخلتها إلى غرفة الضيوف.. قلت لها " اعتبري أن هذه غرفتك منذ اليوم " وخرجت إلى غرفتي . نزعت ملابسي وارتديت ملابس البيت . جاءت سارة مرتدية ملابس النوم أيضا . جلسنا .. قالت :
- حدثني ؟
- عن ماذا ؟
- عن أي شيء تحبه .
- ماذا تحبين أنت ؟
- كل ما أسمعه منك يروق لي !
- ما رأيك بالعودة إلى التوراة ؟
- سأكون سعيدة فانا لا أعرف إلا القليل جدا عن موسى وعن التوراة كلها كما تعلم ،حاولت أن أقرأها فلم أستطع . تصفحت بعض أسفارها مجرد تصفح !
- حسنا يا عزيزتي . لكن أرجو أن تسجلي على هاتفك فقد نحتاج للتسجيل ولو من أجل أبيك إذا ما لح على الأمر، ثم إننا لا نريد نوقف عمله، أكيد يدفع له الشاباك راتبا!
- غير معقول ! لا أحب أن أشعر أنني أتجسس عليك !
- تجسسي من أجلي ! إن لم تسجلي سأسجل أنا !
- أمري لمردوخ ! سأسجل !
في سفر الخروج نجد أنفسنا بعد قرابة أربعمائة عام من دخول يعقوب وأبنائه وأسرته إلى مصر . أي في الزمن الذي سيظهر فيه موسى الذي ما تزال شخصيته محيرة للمؤرخين والباحثين . وقبل أن ندخل في بعض تفاصيل هذه الشخصية المحيرة . سنتطرق قليلا إلى القرون الأربعة التي سبقت ظهورها .
كنا قد تركنا المصريين وقد تحولوا إلى عبيد عند يوسف وأخوته وفرعون مصر، لنفاجأ بعد أربعمائة عام أن العكس هو الذي حدث ، فقد أصبح بنو اسرائيل عبيدا عند المصريين ، وتكاثروا حتى أصبحوا قرابة ستمائة ألف، وسنتجاوز هذا التكاثرغير الممكن الذي جاء من سبعين فردا جاءوا مع يعقوب . كاتب التوراة يستخم تعابير مبالغ فيها كالعادة فيقول إنهم تكاثروا حتى ملأوا الأرض وبنوا مدناً للمصريين ، بل وأصبحوا أعظم من المصريين أنفسهم من حيث القوة والعدد ! المدونات المصرية التي لم تترك شيئا إلا وتحدثت عنه . لم تتطرق على الإطلاق إلى وجود هؤلاء القوم في مصر . كما أن التوراة لم تذكر ولو اسما واحدا من أسماء الملوك الفراعنة الذين حكموا مصر خلال أربعمائة عام !
يخشى الملك المصري من تكاثر العبرانيين ويطلب إلى قابلتين تقومان بالإشراف على ولادة العبرانيات أن يقتلا المواليد الذكور ويبقيا على الإناث !
لم تنفذ القابلتان الأمر، تذرعتا بأن العبرانيات يلدن قبل حضور القابلة ! فكافأهما الرب يهوه بأن بنى لهما بيوتا ، حسب ما تقول التوراة .
- ههه . لماذا لم يعد يهوة يبني بيوتا لأحد ؟
- يبدو أنه غاضب من بني اسرائيل المعاصرين !
في الفصل الثاني من سفر الخروج تلد امرأة عبرانية من بيت لاوي طفلا تحتفظ به سرّاً لثلاثة أشهر، ثم لم تعد قادرة على الإحتفاظ به خوفا من أن يكتشف أمره ، فيقتل ! العجيب في الأمر أن كاتب التوراة أخبرنا أن العبرانيين تكاثروا رغم الأمر الذي أصدره الملك للقابلتين بقتل الأطفال الذكور ، ولم تنفذا الأمر، فكيف عاد الخوف إلى الظهور بعد ولادة الطفل المفترض أنه سيصبح موسى ؟ وضعت المرأة اللاوية الطفل في سفط من البردى وألقت به بين الحلفاء على حافة النهر، ووقفت أخته ترقب ماذا سيحدث له .
والأغرب من ذلك أن التوراة نفسها تعتبر أن سبط لاوي ليس من الإسرائيليين وأن يهوه يحرم نسله من أي نصيب ، فكيف اختار أن يكون موسى ( النبي ) تحديدا من هذا السبط :
" أما سبط لاوي فلا تحسبه ولا تعده من بني إسرائيل " عدد 1 /49 وفي نص آخر " لا يكون لكهنة اللاويين – كل سبط اللاوي – قسم ولا نصيب مع إسرائيل ." تثنية 18 / 1، 2 وكذلك في نصوص تثنية 12 / 12 و 19 .
- عجيبة هذه التوراة !
- والأعجب أن تعتبر التوراة كتابا منزلا من السماء يا سارة ، تأخذ أمم بما جاء فيه !
- هل تعتقد أن المسيحية والإسلام كديانتين لعبتا دورا كبيرا في نشر التوراة باعتمادهما الأسس المعرفية التي قامت عليها؟
- بالتأكيد . رغم أنهما جهدتا لتقدما فكرا متطورا على فكرها ، غير أنهما لم تختلفا على الاسس التي قامت عليها .
- وماذا بعد ؟ ماذا جرى للطفل ؟
- نزلت ابنة الفرعون إلى النهر لتغتسل برفقة جواريها، فرأت السفط بين الحلفاءـ فأرسلت جاريتها لتأخذه .
حين فتحت ابنة الفرعون السفط ورأت الطفل وهو يبكي، أدركت أنه من أولاد العبرانيين فرقت له !
لاحظي سارة أن ابنة الفرعون رقة للطفل وستعمل على تربيته في بيت أبيها مع أن أباها الفرعون أمر بقتل المواليد العبرانيين !
اقترحت أخت الطفل على ابنة فرعون أن تحضر لها مرضعة من العبرانيات ،فوافقت . أحضرت الأخت أم الولد! الكاتب لا يقول أمها ، ولم يخبرنا إن كان الطفل أخ من امرأة ثانية ، كما أنه يستخدم كلمة ولد بدلا من طفل .
طلبت ابنة الفرعون إلى المرأة (الأم ) أن ترضع الطفل مقابل أجرة . أخذته وأرضعته إلى أن كبر، وجاءت به إلى ابنة الفرعون . فتبنته وأطلقت عليه اسم موسى .
واضح أن زمن الرضاعة استمر لفترة الفطام على الأكثر، وأن الطفل ظل دون اسم إلى أن تبنته ابنة الفرعون وأطلقت عليه اسما . المشكلة أن هذا المؤلف البائس يصرعلى أن موسى سيظل عبرانيا ويرى نفسه كذلك، رغم أنه تربى في بيت فرعون إلى أن أصبح رجلا ، وعرف أماً مصرية، فكيف عرف الحقيقة بعد أن بلغ سن الرشد . وهل معرفة الحقيقة تجعله ينقلب على البيت الذي ربّاه ورعاه ؟ المؤلف لا يخبرنا بذلك ، والمؤسف أنه لا يجيد التأليف ولا يجيد التلفيق والسرقة من التاريخ أيضا.
فقصة موسى كما يذكر الباحثون تتقاطع كثيرا مع قصة سرجون الأكادي ، وبعضهم اعتبره أخناتون مصر ، فيما اعتبره فرويد مصريا . وسرجون الأكادي حسب ما يذكر الباحث سامي المنصوري في مؤسسة الحوار المتمدن على شبكة النت ، هو :
"سرجون الآكادي، أي الملك الشرعي باللغة الآكادية ، (2350-2230 ق.م): اسمه الحقيقي "شاروكين.
(هذا الزمن يسبق زمن موسى المفترض بقرابة ألف عام )
وهو أول حاكم (سامي) حكم كل بلاد ما بين النهرين.
لا أتفق مع الباحث على تعبير (سامي) الذي يعود إلى التوراة أيضا)
كان من أصل وضيع حيث لم يعرف من هو أبوه. و كانت أمه من البغايا فولدته بالسر، ووضعته في صندوق ورمته في نهر الفرات ، فانتشله من النهر بستاني يدعى "أكاي" و رباه في مدينة "غيش" فنشأ و ترعرع فيها ، وأصبح ساقي للملك "أورزابابا" آخر ملوك "غيش"ومن ثم سياسياً داهية، وقائداً عسكريا محنكاً، تمكن من قلب السلطة و تسلم الحكم"
ويورد الباحث قصة سرجون كما هي مدونة في ملحمته في النقوش الأشورية:

أنا سارجون، ملك الأكاديين، ملك القوة
أمي قديسة، أبي لم أعرفه
أعمامي أحبوا التلال
مدينتي أزوبيرانو، الواقعة على ضفاف الفرات
أمي القديسة حملت بي، وولدتني في السر
وضعتني في سلة وغطت عيناي بالقار
وألقتني في النهر
التقطني "عكي" من النهر وهو يتناول إبريقه
اتخذني "عكي" ابنًا له ورباني
عينني بستانيًا لحديقته
وأنا بستاني، أحبتني عشتار
ومضت الأيام إلى أن سرت ملكًا
*****
ويورد الباحث معلومة أخرى عن موسى وعن بني اسرائيل ليس هناك ما يدعمها تاريخيا :
"مجرد قائد مصري فرعوني من متبعي ديانة اخناتون التوحيدية . كما تخبرنا المصادر المصرية الفرعونية . وأنه أرسل لقتال مملكة الحبشة، على رأس جيش من المصريين الفراعنة+الهكسوس، الذين ظلوا في مصر بعد أن غادرها معظمهم، بعد هزيمتهم وطردهم، وظل الباقون منهم كعبيد وعمال لدى المصريين، وأن أغلبهم امنوا بديانة التوحيد التي اتى بها أخناتون الذي كان لهم نصيرا .
وبعد موت أخناتون، كان لزاما على الهكسوس ، ذوي الأصول (السامية) ، والمؤمنين بديانة التوحيد ، من هكسوس بأغلبيتهم، أن يهربوا من مصر التي عادت لديانتها القديمة، متجهين الى سيناء، وهناك بدأ هذا الشعب الذي كان مستعبدا لفترة ، بعمليات النهب والقتل والسلب للقبائل (السامية) التي وقعت في طريقه، وارتكب هذا الشعب أسوأ المجازر التي لا يتبرأ منها حتى كتابهم المقدس وأصبحوا فجأة شعب الله المختار "
شرعت سارة في الضحك !
- يستخدم الكاتب مصطلح ( السامية ) وهو مصطلح توراتي أيضا مشكوك فيه ، ينسب إلى سام بن نوح . والباحث هنا يناقض نفسه معلوماتيا وثقافيا ، ففي الوقت الذي يعتبر فيه بني اسرائيل من الهكسوس وبعض المصريين المؤمنين بديانة أخناتون التوحيدية ،الذين جعلوا من أنفسهم شعبا مختارا لإله أوجدوه واخترعوا له اسما ، وكتبوا أسفار التوراة على ضوء تراث أمم أخرى وألصقوها به ، نراه يوظف ما هو توراتي، ربما دون معرفته لنقص فيها . فقد لا يعرف أن مصطلح (السامية) نسبة إلى سام بن نوح الذي ليس هناك أي اثبات تاريخي على وجوده ووجود اسرته ، غير كتاب التوراة المتخيل والأسطوري في معظم وقائعه، ولا يمكن اعتباره كتابا تاريخيا .
إن أول شيء قام به موسى بعد أن كبر، هو أنه قتل مصريا وطمره في الرمل، حين خرج من بيت فرعون ليتفقد أخوته ، فرأى مصريا يضرب عبرانيا فقتله . لم نعرف من قبل إن كان لموسى أخوة، ولا نعرف كيف عرفهم ، بغض النظر إن كانوا أخوة بالأبوّة أم بالإنتماء للعبرانيين. ثم هل يستدعي الرد على الضرب بالقتل؟ ومن قبل شخص يعتبر أنّه نبي أو سيكون نبيا ، فهل فعل القتل يؤهل الفاعل لأن يكون نبيا ؟
في اليوم التالي يكتشف موسى أن فعلته عرفت، حين أخبره أحد عبرانيين يقتتلان ، أنّه لن يقتله كما قتل المصري ! كما أن فرعون سمع بدوره بمقتل المصري ، فأمر بقتل موسى ، غير أن موسى هرب إلى أرض مديان. يفترض أن فرعون ينظر إلى موسى كإبن له كونه تربى في بيته على يد ابنته ، ولا يعقل أن لا يفكر في أمره ، فكيف عرف أنه عبراني ولم تؤثر التربية المصرية على انتمائه.
لم يخبرنا كاتب التوراة أين أرض مديان هذه التي هرب إليها موسى . يعتقد أنها في أرض السعودية اليوم . جلس موسى على بئر، جاء إليها سبع بنات أخوات هن بنات لكاهن مديان .
16 وكان لكاهن مديان سبع بنات، فأتين واستقين وملأن الأجران ليسقين غنم أبيهن
17 فأتى الرعاة وطردوهن . فنهض موسى وأنجدهن وسقى غنمهن
18 فلما أتين إلى رعوئيل أبيهن قال: ما بالكن أسرعتن في المجيء اليوم
19 فقلن: رجل مصري أنقذنا من أيدي الرعاة، وإنه استقى لنا أيضا وسقى الغنم
واضح أنه عرّف نفسه لبنات كاهن مديان السبع على أنه مصري وليس عبرانيا ! فهل فعل ذلك لإدراكه أن الكاهن يفضل المصريين على العبرانيين ؟
20 فقال لبناته: وأين هو ؟ لماذا تركتن الرجل ؟ ادعونه ليأكل طعاما
21 فارتضى موسى أن يسكن مع الرجل، فأعطى موسى صفورة ابنته
22 فولدت ابنا فدعا اسمه جرشوم، لأنه قال: كنت نزيلا في أرض غريبة
وجرشوم هذا لم يوجد له أي ظهور يذكر على مسرح التوراة .
23 وحدث في تلك الأيام الكثيرة أن ملك مصر مات. وتنهد بنو إسرائيل من العبودية وصرخوا، فصعد صراخهم إلى الله من أجل العبودية
24 فسمع الله أنينهم، فتذكر الله ميثاقه مع إبراهيم وإسحاق ويعقوب
يهوه الإله ينسى وفي حاجة إلى من يذكره بعشرات الوعود والمواثيق مع ابراهيم وإسحق ويعقوب .أمر جيد أنه سمع صراخ بني اسرائيل . واضح أنهم صرخوا من الفرح لموت الملك المصري .
في الفصل الثالث من سفر الخروج يظهر يهوه لموسى:
1 وأما موسى فكان يرعى غنم يثرون حميه كاهن مديان، فساق الغنم إلى وراء البرية وجاء إلى جبل الله حوريب
نسي المؤلف أنه أطلق على كاهن مديان ( حموه ) اسم رعوئيل . ليطلق عليه هنا اسما آخر ( يثرون )
2 وظهر له ملاك الرب بلهيب نار من وسط عليقة. فنظر وإذا العليقة تتوقد بالنار، والعليقة لم تكن تحترق
- هههه! طريف يهوه والله ! يظهر في لهيب نار من عليقة !!
- يهوه يقدر على كل شيء ساره !
3 فقال موسى: أميل الآن لأنظر هذا المنظر العظيم. لماذا لا تحترق العليقة
4 فلما رأى الرب أنه مال لينظر، ناداه الله من وسط العليقة وقال: موسى، موسى. فقال : هأنذا
5 فقال: لا تقترب إلى ههنا. اخلع حذاءك من رجليك، لأن الموضع الذي أنت واقف عليه أرض مقدسة
- أكيد طالما يهوه فيها بدها تكون مقدسة !
- سارة لو سمحت لا تعلقي على أفعال يهوه !
- لكنها أفعال يتخيلها المؤلف وليست أفعال إله !
- معك حق !
6 ثم قال: أنا إله أبيك، إله إبراهيم وإله إسحاق وإله يعقوب. فغطى موسى وجهه لأنه خاف أن ينظر إلى الله
- النظر إلى الله يخيف ؟ يفترض أنه يبهج القلب ويطمئن النفس . ألم يصارع يعقوب ليلا بكامله ! ثم لماذا ينسى يهوه البشرية الأخرى ولا يذكر أنه إله إلا للعائلة المباركة !
- اسألي المؤلف !
7 فقال الرب: إني قد رأيت مذلة شعبي الذي في مصر وسمعت صراخهم من أجل مسخريهم. إني علمت أوجاعهم
- غريب يهوه .. ألم يسمع صراخهم طوال السنين التي حولهم فيها المصريون إلى عبيد ؟
- واضح أنك مستمعة جيدة سارة ولا تنسين شيئا !
8 فنزلت لأنقذهم من أيدي المصريين، وأصعدهم من تلك الأرض إلى أرض جيدة وواسعة، إلى أرض تفيض لبنا وعسلا، إلى مكان الكنعانيين والحثيين والأموريين والفرزيين والحويين واليبوسيين
- ليس في مقدور يهوه أن ينقذ شعبه المختار من عليائه . هل ثمة ضرورة لنزوله ؟! وهل أصبحت الأرض المصرية فقيرة إلى حد عدمت اللبن والعسل ؟!
10 فالآن هلم فأرسلك إلى فرعون، وتخرج شعبي بني إسرائيل من مصر .
11 فقال موسى لله: من أنا حتى أذهب إلى فرعون، وحتى أخرج بني إسرائيل من مصر
موسى يعرف قوة المصريين جيدا ويدرك أن إخراج بني اسرائيل مسألة شبه مستحيلة .
12 فقال: إني أكون معك ، وهذه تكون لك العلامة أني أرسلتك: حينما تخرج الشعب من مصر، تعبدون الله على هذا الجبل
- يهوة قلق على مسألة عبادته !
13 فقال موسى لله: ها أنا آتي إلى بني إسرائيل وأقول لهم: إله آبائكم أرسلني إليكم. فإذا قالوا لي: ما اسمه ؟ فماذا أقول لهم
- ألم يكتفوا بأن يكون الله ، هل يجب أن يكون له اسم ؟
- هذا ما يريده المؤلف ويهوة أيضا كما يبدو !
14 فقال الله لموسى: أهيه الذي أهيه. وقال: هكذا تقول لبني إسرائيل: أهيه أرسلني إليكم
أهيه ؟ هذا اسم جديد ليهوه المولع بالأسماء. تفسير الكنيسة يقول :
(طبيعة موسى الضعيفة المتأثرة بالفشل السابق حين خرج متكلًا على ذراعه البشري جعلته يتردد في قبول الدعوة. وكان لا يجب أن يعتذر موسى بعد أن سمع الله يقول له "أني أكون معك" وكان أول سؤال لموسى عن اسم الله. والله في محبته أجاب موسى عن سؤاله. أهية ويهوه الاسمان بمعنى واحد في صيغتين مختلفتين من فعل الكينونة في العبرية هو أو هيا = To BE. فأهية هو صيغة المضارع للمتكلم الفرد أكون أو أنا هو = I AM. وبذلك يكون معنى أهية الذي أهية = أكون الذي أكون. كما أن يهوه هي صيغة المضارع للغائب = HE IS = يكون.)
ولا نعرف لماذا تخلى يهوه عن أسماء الله والرب وإلوهيم وإيل واختار أشهر أسمائه يهوه !
15 وقال الله أيضا لموسى: هكذا تقول لبني إسرائيل: يهوه إله آبائكم، إله إبراهيم وإله إسحاق وإله يعقوب أرسلني إليكم. هذا اسمي إلى الأبد وهذا ذكري إلى دور فدور
لقد حسم يهوه الأمر وقرر أن يكون اسمه يهوه إلى الأبد .
في الفصل الرابع يتخوف موسى من عدم إقناع قومه . يطلب إليه يهوه أن يلقي عصاه لتتحول إلى أفعى ثم يمد يده ويمسكها من ذنبها لتعود إلى عصا ! بذلك سيصدق القوم أن يهوه قد ظهر لموسى. كما يطلب إليه أن يدخل يده في عبه لتخرج برصاء ويعيدها لتعود كما هي. وإذا لم يصدقوا بعد هاتين المعجزتين ، على موسى أن يغترف من ماء النهر ويسكبه على الأرض ليتحوّل إلى دم . وهنا يخبر موسى يهوه أنّه ثقيل الفم واللسان . يخبره يهوه أنّه هو من يصنع الفم والخرس والصمم والبصروالعمى، دون أن يخبر موسى لماذا فعل ذلك به ، لكنه يخبره أنّه سيكون مع فمه ويعلمه ما سيتكلم به ! غير أن موسى لا يوافق ، مما يغضب يهوه ، فيطلب إليه أن يستعين بهارون أخيه ( الذي ظهرفجأة ودون مقدمات ) وأنه سيساعدهما على ما سيقولانه:
15 فتكلمه وتضع الكلمات في فمه، وأنا أكون مع فمك ومع فمه، وأعلمكما ماذا تصنعان
16 وهو يكلم الشعب عنك . وهو يكون لك فما، وأنت تكون له إلها
طريف يهوه ! سيجعل من موسى إلها ! لم يعد حريصا على ألوهيته! وفي الفصل السادس سنجد أن موسى أغلف ألشفتين أيضا ، فأي إله أو أي نبي أراده المؤلف أن يكون ؟
12 فتكلم موسى أمام الرب قائلا: هوذا بنو إسرائيل لم يسمعوا لي، فكيف يسمعني فرعون وأنا أغلف الشفتين
( أغلف الشفتين ) الأغلف هو المختون ، فهل كان موسى مقصوص الشفتين أم أن ثمة نقصا أو مشكلة فيهما؟ ثم ما هي الغاية من ذلك إن لم يكن المؤلف أوكتبة التوراة يستندون في خيالهم إلى شخصية تاريخية أو شخصية واقعية ؟! هل يمكن أن يأتي الأمر من باب الإقناع الواقعي التاريخي ؟ في هذه الحال ينبغي أن تتوضح الغاية التي أرادها يهوه من ذلك ؟
لنتابع :
17 وتأخذ في يدك هذه العصا التي تصنع بها الآيات
18 فمضى موسى ورجع إلى يثرون حميه وقال له: أنا أذهب وأرجع إلى إخوتي الذين في مصر لأرى هل هم بعد أحياء. فقال يثرون لموسى: اذهب بسلام
19 وقال الرب لموسى في مديان: اذهب ارجع إلى مصر، لأنه قد مات جميع القوم الذين كانوا يطلبون نفسك
20 فأخذ موسى امرأته وبنيه وأركبهم على الحمير ورجع إلى أرض مصر. وأخذ موسى عصا الله في يده
أصبح لموسى بنون !
يقتنع العبرانيون بما سمعوه من هارون وموسى وبما فعلا من معجزات أمامهم .
في الإصحاح الخامس لا يعترف الفرعون بيهوه ويرفض طلب موسى وهارون بإطلاق بني اسرائيل ، وينزل غضبه عليهم بأن لا يعطوا التبن لصنع اللبن ، فيجمعوا القش بدلا منه.. وهذا ما دفعهم إلى الإعتقاد بأن موسى وهارون هما من جلبا غضب فرعون عليهم .. اضطر موسى أن يعود إلى يهوه ليخبره بما جرى.. يبدأ يهوه في الفصل السابع بإنزال الكوارث على المصريين، بتوظيف عصا موسى من قبل هارون:
10 فدخل موسى وهارون إلى فرعون وفعلا هكذا كما أمر الرب. طرح هارون عصاه أمام فرعون وأمام عبيده فصارت ثعبانا
11 فدعا فرعون أيضا الحكماء والسحرة، ففعل عرافو مصر أيضا بسحرهم كذلك
يظهر المؤلف حكماء وسحرة مصرعلى أنهم قادرون على إحداث معجزات ، ليرينا أن معجزات يهوة تفوقها :
12 طرحوا كل واحد عصاه فصارت العصي ثعابين. ولكن عصا هارون ابتلعت عصيهم
13 فاشتد قلب فرعون فلم يسمع لهما، كما تكلم الرب
14 ثم قال الرب لموسى: قلب فرعون غليظ. قد أبى أن يطلق الشعب
15 اذهب إلى فرعون في الصباح. إنه يخرج إلى الماء، وقف للقائه على حافة النهر. والعصا التي تحولت حية تأخذها في يدك
وتقول له: الرب إله العبرانيين أرسلني إليك قائلا: أطلق شعبي ليعبدوني في البرية. وهوذا حتى الآن لم تسمع
17 هكذا يقول الرب: بهذا تعرف أني أنا الرب: ها أنا أضرب بالعصا التي في يدي على الماء الذي في النهر فيتحول دما
18 ويموت السمك الذي في النهر وينتن النهر. فيعاف المصريون أن يشربوا ماء من النهر
19 ثم قال الرب لموسى: قل لهارون: خذ عصاك ومد يدك على مياه المصريين، على أنهارهم وعلى سواقيهم، وعلى آجامهم، وعلى كل مجتمعات مياههم لتصير دما. فيكون دم في كل أرض مصر في الأخشاب وفي الأحجار
حتى في الخشب والحجر ؟ غريب أمر يهوه !
20 ففعل هكذا موسى وهارون كما أمر الرب. رفع العصا وضرب الماء الذي في النهر أمام عيني فرعون وأمام عيون عبيده، فتحول كل الماء الذي في النهر دما
21 ومات السمك الذي في النهر وأنتن النهر، فلم يقدر المصريون أن يشربوا ماء من النهر. وكان الدم في كل أرض مصر
22 وفعل عرافو مصر كذلك بسحرهم. فاشتد قلب فرعون فلم يسمع لهما، كما تكلم الرب
وهل يعقل أن يقدم عرافو مصرعلى الأمر نفسه ضد شعبهم؟ أصبحت المسألة مجرد مبارزة على المقدرة السحرية بين يهوة وعرافي مصر. وإذا كان النهر قد تحول إلى دم بعد فعل العصا اليهووية ، فهل أعاد يهوه النهر إلى حالته المائية لكي يجرب العرافون المصريون سحرهم عليه، أم أنهم أوجدوا نهراً آخر؟! وماذا حل بالمصريين ألم يموتوا من العطش قبل أن يجدوا ماء بديلا؟
- عجيب هذا المؤلف!
23 ثم انصرف فرعون ودخل بيته ولم يوجه قلبه إلى هذا أيضا
24 وحفر جميع المصريين حوالي النهر لأجل ماء ليشربوا، لأنهم لم يقدروا أن يشربوا من ماء النهر
لم يعد الأمر مجرد مبارزة تعود بعدها الأوضاع كما هي ، فقد بقيت مياه النهر على حالها الدموية ، ولا نعرف كيف عادت مياه النهر ( ولا شك أنه النيل ) إلى حالها المائية . ربما لم يجر الأمر على المنابع !!
في الفصل الثامن تبدأ المبارزة بالضفادع وهذا يعني أن مياه النهروالسواقي قد عادت إلى طبيعتها المائية ، غير أن المؤلف لا يذكر ذلك وإن تطرق إلى مرور سبعة أيام على مبارزة الدم !
6 فمد هارون يده على مياه مصر، فصعدت الضفادع وغطت أرض مصر
ويدخل العرافون المصريون ليقوموا بالفعل نفسه :
7 وفعل كذلك العرافون بسحرهم وأصعدوا الضفادع على أرض مصر
يختلط الأمر بين ما هو مبارزة سحرية وبين ما هو فعل يهووي حقيقي .. ثم هل يبقي العرافون المصريون على ضفاضعهم أيضا لأنهم لا يستطيعون إعادتها إلى المياه!
يستاء فرعون ويطلب مساعدة موسى معلنا أنه سيطلق بني اسرائيل ليذبحوا لربهم . يفعل موسى فتموت الضفادع على الأرض وفي البيوت والحقول :
14 وجمعوها كوما كثيرة حتى أنتنت الأرض
15- فلما رأى فرعون أنه قد حصل الفرج أغلظ قلبه ولم يسمع لهما، كما تكلم الرب
يقصد المؤلف أن تمنع فرعون يحدث بأمرالرب يهوه كما ذكر لموسى من قبل ، ولا نعرف ما هي غاية يهوه حين يجعل فرعون يغلظ قلبه ، لا نجد سوى رغبتة في أن يري المصريين معجزاته بإنزال الكوارث!
بدأت سارة بالتثاؤب معلنة أنها نعست .
توقفت عن متابعة القراءة والتحليل. أدخلت سارة إلى غرفتها . أودعتها في السرير وقبلتها، متمنيا لها نوما عميقا وأحلاما سعيدة .
*******



:: توقيعي ::: https://www.facebook.com/profile.php...6%3A1554662450
رابط موقعي في الحوار المتمدن
http://www.ahewar.org/m.asp?i=7683
وحين التقينا يا إلهي بعد كل هذا العناء من البحث عنك
وجدت نفسي أمام نفسي!
  رد مع اقتباس
قديم 03-13-2018, 06:53 PM شاهين غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [23]
شاهين
الأُدُباءْ
الصورة الرمزية شاهين
 

شاهين is on a distinguished road
افتراضي

عديقي اليهودي 22
* صباح بطعم القبل!
استيقظت في حدود التاسعة صباحا على قبلة عارف تنطبع على خدي. كنت مستيقظة في السرير لكني لم أنهض، وكأني كنت أنتظرعارف أن يدعوني للنهوض، حتى لا أقترف ما يعكّر صبيحته بنهوضي قبله . لا أذكر أنني نهضت من نومي على قبلة في حياتي. ولم أكن أعرف أن لقبلة المحب في الصباح ، فعل السحرفي الجسد، فقد شعرت بجسدي ينتعش ،وأنا أنهض من السريرماددا يدي نحو عارف لأضم رأسه وأقبله.
سألني ماذا أتناول بعد الإستيقاظ من النوم . قلت : أنا أتناول شاي بالحليب لكني أحب أن أتناول ما تتناوله أنت ! قال : أنا أتناول شاي الزعترمع العسل. فوجئت بهذا المشروب الذي لا أعرفه. قلت : سأتناوله معك .
غلى ماء على النار في ابريق معدني، وأضافه إلى ملعقتين صغيرتين من أوراق الزعترالمجفف، وضعت في ابريق آخر خزفي ، تركه مغلقا لما يقرب من عشر دقائق ، ثم أضاف إليه ثلاث ملاعق كبيرة من العسل وحرّكه . أحضرفنجانين خزفيين كبيرين وقام بسكب المشروب فيهما عبر مصفاة . تفوحت منه رائحة طيبة ، وكان لمذاقه نكهة مميزة ، أقرب إلى لسعة خفيفة . أطيب من الشاي. سألت عارف عن فوائده . قال :
- كثيرة حسبما يقولون .. وتتشابه مع أعشاب أخرى في فوائد كثيرة .. فهو يحتوي على خمسة وعشرين مادة ضرورية للجسم : كالحديد والكلس والزنك والصوديوم والبوتاسيوم والفسفوروالمغنيسيوم والبروتين والألياف والكربوهيدرات والدهون ، إضافة إلى ثمانية أنواع من الفيتامينات ، وغير ذلك . ومن فوائده الصحية : خفض نسبة الكوليسترول الضارفي الدم ، تنظيم ضعط الدم ، يقوي وظائف عضلات القلب وينظم نبضه . يحفز الجهاز المناعي على مقاومة الأمراض ، يحتوي على زيوت أساسية مضادة للفطريات والبكتيريا والفيروسات والبعوض ، يحسن المزاج ويعالج الإسهال وسرطان الثدي ، والأكزيما ، يحتوي على مضادات أكسدة قوية المفعول. ويعالج التهاب المفاصل ،وآلام البطن ، والغثيان، وألام الأذن ، ونزلات البرد ! يقوي الذاكرة وينشطها .. وهناك أشياء أخرى حسبما قرأت عنه .
- ياي ! هل كل هذه الفوائد في الزعتر؟
- هكذا يقولون ..
- سأضيفه إلى المشروبات التي أتناولها .
- ستكسبين ولن تخسري شيئاً.
فرغنا من تناول الزعتر. سألني عارف إن كنت أفضل تناول الفطور الآن أم فيما بعد، أم بعد السير لبعض الوقت في الطبيعة؟ قلت :
- بل بعد أن أجري في الطبيعة . أحب ذلك !
وهذا ماتم . ارتدينا ملابس رياضية وخرجنا . عارف يحب السير بخطى سريعة . وأنا أحب الجري. رحت أجري أمامه على أرض منبسطة وهو يتبعني بخطاه . ابتعدت عنه . سمعت صوته يناديني أن لا أبتعد وأغيب عن عينيه تخوّفا علي ، رغم أنني لم أر أحداً في المنطقة شبه الجرداء إلا من بعض شجيرات متناثرة هنا وهناك ، ولم يكن هناك بيوت . وكانت بعض الأعشاب بينها شقائق النعمان قد أخذت تنمو لتكسو البطاح بألوانها . عدت جرياً نحوه . رحت اخاطبه وأنا أراوح تقهقراً أمامه :
- هل هناك ما يدعو للقلق؟
- هذه المنطقة من هنا إلى البحر الميت تتبع للمنطقة (ج) حسب اتفاق اوسلو، ويمنع على العرب البناء والإقامة فيها . يسمح لهم بالرعي والفلاحة فقط ، لمن بقي له أرض لم تصادر. هي آمنة نسبيا لكن الحذر واجب .. لا تغيبي عن نظري . اسبقيني إلى أعلى تلك الهضبة التي تطل على مناطق شاسعة .
انطلقت أعدو أمام عارف .. صعدت الهضبة بخطى سريعة . لون التراب فيها شبه برتقالي . جلست على أعلى مكان فيها ورحت أرقب القدس غربا والضواحي المحيطة بها .
وصل عارف . جلس يلتقط أنفاسه وهو يردد بيتا من الشعر يصوّر حالته :
" ألا ليت الشباب يعود يوما / فأخبره بما فعل المشيبا "
قال : هل أعجبك المكان ؟
- جميل !
- ذاك جبل الزيتون أو الطور كما نسميه ، خلفه إلى اليسار القدس القديمة بأماكنها المقدسة ، إلى الجنوب منها جبل المكبر . تلك أسفل سفوح الطور هي العيزرية . أبوديس إلى جانبها ، ثم السواحرة الشرقية التي نحن الآن على أرضها. إلى الشرق من العيزرية هناك معاليه أدوميم وإلى الشرق منّا هناك كيدار . نسمي هذه الهضبة الصغيرة " ظهرة المغرة " لأن ألوان ترابها بلون المغرة . والمغرة هي طلاء برتقالي من الرمل نطلي به ظهور النعاج في فصل الصيف بعد أن نقص صوفها .
أمضينا قرابة ربع ساعة على الهضبة وعدنا .. سبقت عارف جرياً .
وضع شريط أغان لفيروز ، وهو يسألني إن كنت أحب أغانيها. أجبته بأنّي أعشقها ..
قال : هائل ! ثم ّ سألني ماذا أحب أن أفطر؟ قلت :
- كما تفطر أنت !
قال: أحب أن أدمج الفطورين :
- أتناول البيض المقلي بالزبدة مع قطعة خبز إضافة إلى شرحات من الخيار والبندورة والخس أحيانا ، مع كأس عصير برتقال .
قال :
- أنا أتناول اللبن والتمروالتفاح وأحيانا مع بيضة واحدة مسلوقة وبعض أوراق الجرجير !
- فطورك غريب . وهذا الجرجير لا أعرف ما هو ؟
نهضنا معا وحضرنا الفطورالمنوع .. لم يكن هناك إلا بقايا جرجير. كما عمل عارف شايا وغلى حليبا
وأضاف بعض شرحات من لحم الخنزير المجفف إلى البيض المقلي بناء على طلبي ! وهو ينعتني " أه يا كافرة تأكلين لحم الخنزير لتخالفي الشريعتين اليهودية والإسلامية " قلت مازحة :
- أنا من اتباع مردوخ ! وهو لم يحرّم علينا أكل أي شيئ !
ضحك عارف وهو يلمس مدى رغبتي في أن أرتبط بجذوري الحضارية الموغلة في عمق التاريخ ، مؤكدة انسلاخي عن حاضر فرض علي لأعيشه مع بشر ذوي انتماءات مختلفة وثقافات متعددة .
جلسنا.. سألني ونحن نتناول فطورنا الفريد على مهل :
- هل تعتقدين أن دولة اسرائيل ستنجح في إيجاد مجتمع متجانس ينتمي إلى ثقافة واحدة ؟
- أشك في الأمر. فمعظم هذه التجمعات المهاجرة إلى اسرائيل تنتمي إلى ثقافات مختلفة . وأشك في وجود ما يربط اليهودي اليمني باليهودي الألماني أو الروسي . بعض يهود اليمن أقرب إلى المسلمين بارتداء الحجاب لدى بعض النساء والتقيد بالصلوات والطقوس ، وهذه مسائل ليس لها وجود لدى اليهودي الأوروبي والأمريكي ، معظمهم يمقتونها. هذا عدا المتهوّد الذي اعتنق اليهودية ليعيش في اسرائيل دون أن يعطي الدين أية أهمية ، ناهيك عمن فرض التهوّد عليهم فرضا عبرالعقود . إضافة إلى جماعات لا تعترف بإسرائيل كجماعة ناطوري كارتا، إضافة إلى بعض اليهود الفلسطينيين الذين ينظرون إلى اسرائيل ككيان محتل لوطنهم !
أنهينا فطورنا .. نهضنا معا لجلي الأواني والصحون والكؤوس . شرعت أجلي بالصابون وعارف يغسل بالماء.
انتهينا . عدنا إلى الصالون . جلست إلى جانبه . بادلني قبلة خفيفة . كنت أكبح رغبتي في ممارسة الحب معه كلما خطرت لي ، لأعوّد نفسي على الحب العذري الذي يريده لنا . إنها تجربة فريدة أشك في مقدرتي على التقيّد بها . في هذه الحال هل سيسمح لي بين فترة وأخرى أن أضمه وأعانقه بشهوة كما فعلت في الكهف ؟ لا أعرف . لا أحب أن أفرض عليه ما لا يريده . ربما الأمر ليس مشكلة كبيرة لديه كونه مسنّاً.. أنا لست كذلك .. صحيح أنني عرفت أكثر من رجل في علاقات عابرة أو تدوم لبعض الوقت ، لكنها لن تغنيني عن ممارسة الحب ، ومع ذلك سأحاول .
تنبه عارف إلى ما أفكر فيه . ضمني . قبلني على جبيني ثم خدّي بضع قبلات . قبلات منحتني شعورا لم ألمسه حتى من أمي وأبي حين يقبلانني عند المصافحة ، أحيانا وليس دائماً . أحسست بحنان عارف يسري في شرايين جسدي وهو يعانقني ..إنّ ما أشعر به ليس إلا الحب العذري كما يبدو . إنّه حقاً أجمل من رعشة الجنس التي لا تدوم إلا لبضع ثوان. هنا نشوة الحياة ، رعشة الوجود . رحت ألصق جسدي بجسد عارف ، ليمنحني من جسده طاقة أخاذة وحيوية لا يمكن تصورها ، أشعرتني بحالة قدسية ، وكأنني في حضرة الله نفسه .
طال عناقنا وتحاضننا واسترخاؤنا وفيروز تحلق بنا بعيدا على أجنحة المحبة بكلمات وألحان أغانيها .
أمضينا يوما لم أعش أجمل منه في حياتي ، خارج قواعد يوم السبت ، التي لم أكن أكسرها إلا سرّا خوفا من الجيران المتدينيين . شوينا لحما على الغداء وتناولنا قليلا من البيرة .. ونمنا في القيلولة إلى ما بعد المساء . نمت على إحساس طاغ أنني بدأت أعيش في عالم أنتمي إليه وينتمي إلي ، وأنني حتى ذلك اليوم لم أكن أعيش في عالمي !
*****
في الهزيع الأول من الليل شرع عارف في إكمال قراءة وتحليل ما وصلنا إليه من سفر الخروج .
قال :
واصل يهوه إنزال كوارثه بالمصريين . ضرب هارون الأرض بعصا موسى ليتحول تراب مصر إلى بعوض راح يهجم على كل شيء، البهائم والبشر . ولم يفلح العرافون المصريون في صدّه . ثم أنزل الذباب على أرض المصريين دون أرض جاسان التي يقيم عليها العبرانيون . فامتلأ بيت فرعون وبيت عبيده ، وخربت الأرض من الذباب.. ولم يرفع إلا بصلاة من موسى ليهوة على أن يطلق فرعون العبرانيين ، غير أن فرعون تراجع ولم يفعل كما في كل مرّة . لتطول مسرحية الكوارث وتغدو مفتعلة إلى حد غير معقول .
في الفصل التاسع ينزل يهوة وباء يفتك بماشية المصريين دون ماشية بني اسرائيل . ثم أخذ موسى وهارون ملء أيديهما رمادا وذرّوه نحو السماء ، فامتلأت أرض مصر بالغبارنتج عنه ظهور دمامل على الناس وعلى المواشي والبهائم ، حتى أن العرافين أنفسهم لم يسلموا منها . كل ذلك والفرعون يعاند ولا يطلق سراح بني اسرائيل . فأنزل يهوه بردا عظيما لم يكن مثله في مصر ، مات من جرّائه بعض الناس والمواشي التي لم ينجح أصحابها في ادخالها إلى البيوت .
( تحول النص إلى ميلودراما مملة لا يمكن أن يتقبلها أسخف القراء على الكرة الأرضية . وقد أحسن القرآن حين تجاهل كل هذه التفاصيل، كما تجاهل معظم تفاصيل قصة الخلق التوراتية ومئات الصفحات من التوراة، ولم يغرق في هذه الميلودراما المقيتة )
في الفصل العاشريأتي يهوه بالجراد فيأكل الشجر والنباتات وكل عشب أرض مصر! ثم يأتي بالظلام فلا يبصرأحد أخاه طوال ثلاثة أيام .
في الفصل الحادي عشر، يعلن يهوه أنه سينزل ضربة أخيرة وقاضية بمصر، يطلق فرعون بعدها بني اسرائيل :
1 ثم قال الرب لموسى: ضربة واحدة أيضا أجلب على فرعون وعلى مصر. بعد ذلك يطلقكم من هنا . وعندما يطلقكم يطردكم طردا من هنا بالتمام
وطالب بسلب المصريين الذهب والفضة ليأخذوها معهم :
2 تكلم في مسامع الشعب أن يطلب كل رجل من صاحبه، وكل امرأة من صاحبتها أمتعة فضة وأمتعة ذهب
4 وقال موسى: هكذا يقول الرب: إني نحو نصف الليل أخرج في وسط مصر
5 فيموت كل بكر في أرض مصر، من بكر فرعون الجالس على كرسيه إلى بكر الجارية التي خلف الرحى، وكل بكر بهيمة
6 ويكون صراخ عظيم في كل أرض مصر لم يكن مثله ولا يكون مثله أيضا
( الضربة القاضية العظمى . ولا نعرف كيف عاش المصريون بعدها وبعد كل الكوارث السابقة، ولحقوا ببني اسرائيل، ليغرقهم يهوه في البحر) ؟!
في الفصل الثاني عشر، يطلب يهوه من بني اسرائيل أن يذبحوا شياها وخرافا وأن يشووا لحمها ويعلّموا أبواب بيوتهم بدم الذبائح ليعرفها ، لأنه سينزل كارثة جديدة بالمصريين .
( واضح أنه غير قادر على معرفة بيوت اليهود إلا بتمييزها بالدم ! غريب أمر هالرب )
23 فإن الرب يجتاز ليضرب المصريين. فحين يرى الدم على العتبة العليا والقائمتين يعبر الرب عن الباب ولا يدع المهلك يدخل بيوتكم ليضرب
( الغريب أن بعض العرب يفعلون الأمر نفسه حتى اليوم حين يبنون بيتا أو يفتتحون محلا ، فيطلون عتبة الباب والجدارين بدم الذبيحة التي تذبح للغرض نفسه )
29 فحدث في نصف الليل أن الرب ضرب كل بكر في أرض مصر، من بكر فرعون الجالس على كرسيه إلى بكر الأسير الذي في السجن، وكل بكر بهيمة
- حتى البهائم لم تسلم !
- هذا إذا بقي بهائم بعد كل هذه الكوارث !
30 فقام فرعون ليلا هو وكل عبيده وجميع المصريين. وكان صراخ عظيم في مصر، لأنه لم يكن بيت ليس فيه ميت
31 فدعا موسى وهارون ليلا وقال: قوموا اخرجوا من بين شعبي أنتما وبنو إسرائيل جميعا، واذهبوا اعبدوا الرب كما تكلمتم
32 خذوا غنمكم أيضا وبقركم كما تكلمتم واذهبوا. وباركوني أيضا
33 وألح المصريون على الشعب ليطلقوهم عاجلا من الأرض، لأنهم قالوا: جميعنا أموات
34 فحمل الشعب عجينهم قبل أن يختمر، ومعاجنهم مصرورة في ثيابهم على أكتافهم
35 وفعل بنو إسرائيل بحسب قول موسى. طلبوا من المصريين أمتعة فضة وأمتعة ذهب وثيابا
36 وأعطى الرب نعمة للشعب في عيون المصريين حتى أعاروهم. فسلبوا المصريين
37 فارتحل بنو إسرائيل من رعمسيس إلى سكوت، نحو ست مئة ألف ماش من الرجال عدا الأولاد
38 وصعد معهم لفيف كثير أيضا مع غنم وبقر، مواش وافرة جدا
39 وخبزوا العجين الذي أخرجوه من مصر خبز ملة فطيرا، إذ كان لم يختمر. لأنهم طردوا من مصر ولم يقدروا أن يتأخروا، فلم يصنعوا لأنفسهم زادا
40 وأما إقامة بني إسرائيل التي أقاموها في مصر فكانت أربع مئة وثلاثين سنة
41 وكان عند نهاية أربع مئة وثلاثين سنة، في ذلك اليوم عينه، أن جميع أجناد الرب خرجت من أرض مصر
وهكذا خرج العبرانيون من مصر ليلحق ما تبقى من المصريين بهم ليغرقهم يهوه في البحرالأحمر.. ولينقضي نسلهم أو معظمه على الأقل إلى الأبد .. فمصريو اليوم ربما بعث بهم إله آخر ! وعلى القارئ أن يصدق أن هذا هو تاريخ بني اسرائيل في مصر .. والمؤسف وربما المفجع أن هناك من يصدقون .
******
في الفصل الثالث عشر يهوه لم يهد بني اسرائيل إلى طريق أرض الفلسطينيين :
17 وكان لما أطلق فرعون الشعب أن الله لم يهدهم في طريق أرض الفلسطينيين مع أنها قريبة، لأن الله قال: لئلا يندم الشعب إذا رأوا حربا ويرجعوا إلى مصر
- هل هكذا يفكر الله ، حتى لو واجه بنو اسرائيل حربا على الأرض الفلسطينية يفترض أن ينصرهم يهوه موقع الكوارث بالمصريين !
- قولي للمؤلف يا سارة! فهو يتخبط في تقديم يهوه على مزاجه ! وربما يكون كاتب هذا الفصل غير المؤلف السابق!
18 فأدار الله الشعب في طريق برية بحر سوف. وصعد بنو إسرائيل متجهزين من أرض مصر
19 وأخذ موسى عظام يوسف معه، لأنه كان قد استحلف بني إسرائيل بحلف قائلا: إن الله سيفتقدكم فتصعدون عظامي من هنا معكم
20 وارتحلوا من سكوت ونزلوا في إيثام في طرف البرية
21 وكان الرب يسير أمامهم نهارا في عمود سحاب ليهديهم في الطريق، وليلا في عمود نار ليضيء لهم. لكي يمشوا نهارا وليلا
22 لم يبرح عمود السحاب نهارا وعمود النار ليلا من أمام الشعب
في الفصل الرابع عشر فرعون يلحق ببني اسرائيل على رأس جيش بعد أن ندم على إطلاق سراحهم :
7 وأخذ ست مئة مركبة منتخبة وسائر مركبات مصر وجنودا مركبية على جميعها
8 وشدد الرب قلب فرعون ملك مصر حتى سعى وراء بني إسرائيل، وبنو إسرائيل خارجون بيد رفيعة
9 فسعى المصريون وراءهم وأدركوهم. جميع خيل مركبات فرعون وفرسانه وجيشه، وهم نازلون عند البحر عند فم الحيروث، أمام بعل صفون
10 فلما اقترب فرعون رفع بنو إسرائيل عيونهم، وإذا المصريون راحلون وراءهم. ففزعوا جدا، وصرخ بنو إسرائيل إلى الرب
11 وقالوا لموسى: هل لأنه ليست قبور في مصر أخذتنا لنموت في البرية ؟ ماذا صنعت بنا حتى أخرجتنا من مصر
12 أليس هذا هو الكلام الذي كلمناك به في مصر قائلين: كف عنا فنخدم المصريين ؟ لأنه خير لنا أن نخدم المصريين من أن نموت في البرية
13 فقال موسى للشعب: لا تخافوا. قفوا وانظروا خلاص الرب الذي يصنعه لكم اليوم. فإنه كما رأيتم المصريين اليوم، لا تعودون ترونهم أيضا إلى الأبد
14 الرب يقاتل عنكم وأنتم تصمتون
15 فقال الرب لموسى: ما لك تصرخ إلي ؟ قل لبني إسرائيل أن يرحلوا
16 وارفع أنت عصاك ومد يدك على البحر وشقه، فيدخل بنو إسرائيل في وسط البحر على اليابسة
19 فانتقل ملاك الله السائر أمام عسكر إسرائيل وسار وراءهم، وانتقل عمود السحاب من أمامهم ووقف وراءهم
لم يعد يهوه هو السائر أمام العبرانيين بل ملاك !
20 فدخل بين عسكر المصريين وعسكر إسرائيل، وصار السحاب والظلام وأضاء الليل. فلم يقترب هذا إلى ذاك كل الليل
21 ومد موسى يده على البحر، فأجرى الرب البحر بريح شرقية شديدة كل الليل، وجعل البحر يابسة وانشق الماء
22 فدخل بنو إسرائيل في وسط البحر على اليابسة، والماء سور لهم عن يمينهم وعن يسارهم
23 وتبعهم المصريون ودخلوا وراءهم. جميع خيل فرعون ومركباته وفرسانه إلى وسط البحر
24 وكان في هزيع الصبح أن الرب أشرف على عسكر المصريين في عمود النار والسحاب، وأزعج عسكر المصريين
25 وخلع بكر مركباتهم حتى ساقوها بثقلة. فقال المصريون: نهرب من إسرائيل، لأن الرب يقاتل المصريين عنهم
26 فقال الرب لموسى: مد يدك على البحر ليرجع الماء على المصريين، على مركباتهم وفرسانهم
27 فمد موسى يده على البحر فرجع البحر عند إقبال الصبح إلى حاله الدائمة، والمصريون هاربون إلى لقائه. فدفع الرب المصريين في وسط البحر
28 فرجع الماء وغطى مركبات وفرسان جميع جيش فرعون الذي دخل وراءهم في البحر. لم يبق منهم ولاواحد
29 وأما بنو إسرائيل فمشوا على اليابسة في وسط البحر، والماء سور لهم عن يمينهم وعن يسارهم
30 فخلص الرب في ذلك اليوم إسرائيل من يد المصريين. ونظر إسرائيل المصريين أمواتا على شاطئ البحر
31 ورأى إسرائيل الفعل العظيم الذي صنعه الرب بالمصريين، فخاف الشعب الرب وآمنوا بالرب وبعبده موسى
******
- وهكذا أبيد المصريون وخرج بنو اسرائيل من مصر ليتيهوا في سيناء أربعين عاما حسب التوراة . وكل ذلك بأمر يهوه حبيبهم الذي سيبطش بهم كلما خالفوه ، ليقتل منهم الآلاف ، حتى أن ابني حبيبه هارون لم يسلما من البطش، لأنهما لم يقدما بخورا حسب الطقوس لتابوت يهوه، كما يرد في سفر اللاويين:
1 واخذ ابنا هرون ناداب وابيهو كل منهما مجمرته وجعلا فيهما نارا ووضعا عليها بخورا وقربا امام الرب نارا غريبة لم يامرهما بها.
2 فخرجت نار من عند الرب واكلتهما فماتا امام الرب.
3 فقال موسى لهرون هذا ما تكلم به الرب قائلا في القريبين مني اتقدس وامام جميع الشعب اتمجد. فصمت هرون.

- وهل يمكن للمصريين الذين دونوا كل شيء عن تاريخهم أن يتجاهلوا أحداثا كهذه لو أنها وقعت بالفعل ؟
- مستحيل سارة . كل هذا مجرد خيال فقير حتى بالتخيل ، أراد أن يخلق تاريخا وإلها لجماعة رعوية متنقلة ربما هاجرت من اليمن والجزيرة العربية . فأفاد من ديانة أخناتون التوحيدية ومن التراث الغني للعراق وبلاد الشام لينسج خيوط أساطيره !
كانت الساعة قد تجاوزت الواحدة ليلا .. شعرت بالنعاس. أودعني عارف السرير وقبلني، لأنام كما استيقظت على قبله . لا أعرف إن كنت في حلم أو أنني وجدت نفسي أخيرا!
*****



:: توقيعي ::: https://www.facebook.com/profile.php...6%3A1554662450
رابط موقعي في الحوار المتمدن
http://www.ahewar.org/m.asp?i=7683
وحين التقينا يا إلهي بعد كل هذا العناء من البحث عنك
وجدت نفسي أمام نفسي!
  رد مع اقتباس
قديم 03-16-2018, 01:17 AM شاهين غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [24]
شاهين
الأُدُباءْ
الصورة الرمزية شاهين
 

شاهين is on a distinguished road
افتراضي

عديقي اليهودي23
* الخالق العظيم !!
حفل اليوم الثاني للقاء عارف نذيرالحق وسارة سليمان بحوارات عميقة ومطولة حول الخلق والخالق والغاية من الوجود ، ما جعل سارة تعيد النظر في ثقافتها كلها ، التي كانت قائمة على معرفة تراوح بين أللاأدرية والإلحاد . سألته وهما يجلسان مسترخيين على أريكتين متجاورتين إلى إحدى زوايا الصالون ، بعد أن أمضيا يوما حافلا بالتجوال في مناطق البريّة ، اجتازا خلاله المناطق التي استولت عليها مستوطنة كيدار:
- حسب رأيك ما هي البداية التي يمكن أن يبدأ بها حوار حول الوجود؟
- لا بد أن يكون سؤالا وجودياً. من أوجدنا، وماهو، ومتى، ولماذا، وما هي غايته، ليس من وجودنا فحسب بل من الوجود برمته، وما علاقتنا به، وهل عرفناه فعلا حق المعرفة، وهل عملنا ونعمل حسب ما أراد هو، وهل حققنا ما يريد ، وهل عملنا منفصل عن عمله ، أم أنه مكمل له ؟ وهل أنجزت عملية الخلق وبلغت الكمال ؟ إلى آخر الأسئلة الوجودية التي يمكن أن تطرح .
- من أوجدنا حسب رأيك ؟
- أوجدنا قائم بالخلق يمكن أن أسميه الخالق أوالمبدع !
- لماذا ليس الله أو ما يقابلها في لغات أخرى ؟
- هذه مفردات لغوية أوجدها البشر بعد اختراع اللغات، منذ بضعة آلاف محدودة من الأعوام، بينما الخالق موجود منذ مليارات الأعوام ، وهو الأول الذي يفترض أنه ليس قبله شيء. ولا أظن أنه يعتبر نفسه إلهاً وخاصة بالمعاني المختلفة التي قصدها البشر.
- هل هو واحد أم أكثر؟
- هو واحد في كل هائل ومتعدد !
- من أوجده ؟
- أوجد نفسه بنفسه لنفسه !
- منذ متى ؟
- منذ الأزل
- بعد العدم ؟
- لم يكن هناك عدم ! الوجود موجود به منذ الأزل.
- وما هو من حيث ماهيته وجوهره ؟
- طاقة . طاقة تتجلى في مادة متعددة الأشكال والأحجام والفضاءات والحيوات ! والمادة بدورها تتحول إلى طاقة في مرحلة ما من وجودها أو عمرها . فالمادة ليست إلا طاقة متحولة . وما نرى أنّه كائن حي أو جماد ، ليس في حقيقته إلا طاقة متحولة.
- أليس له شكل محدد؟
- لا ! هذا من حيث البدء الأزلي فقط .
- ماذا تقصد ؟
- من حيث بدأ وجوده وليس من حيث ما انتهى إليه ؟
- هل هو ضمن زمان ومكان ؟
- لا . هو خارج حدود الزمان والمكان . أو بلا زمان ومكان ، من حيث البدء أيضاً!
- وماذا من حيث ما انتهى إليه أو بلغه ؟
- هو في كل مكان وخارج حدود المكان المحدد. وهو في كل زمان وخارج حدود الزمان المحدد . إنه المتجلي في كل شيء ، فليس في الوجود إلا هو . إنه الحقيقة المطلقة وليس هناك حقيقة مطلقة غيره .
- ما المقصود بالمكان والزمان المحددين ؟
- المكان والزمان اللذين يمكن أن يعرفهما الإنسان ويضع حدودا أو قياسا لهما.
- وماذا عن الشكل؟
- كل الأشكال واللاأشكال شكله دون أن يكون له شكل محدد بعينه .
- ماذا لو قلنا أنه يشبه الإنسان ؟
- مستحيل ! نكون قد حددنا شكله وأقصرناه على الإنسان وهو أكبر من كل الأشكال ، لكن ليس هناك ما هو منفصل عنه، من أصغرخليّة إلى أكبر مجرّة!
- هل هذا يعني أنه كل شيء وكل شيء هو ؟
- أجل !
- أي الوجود كله وما فيه ؟
- أجل !
- هل جاء الوجود كله منه ، أي من نفسه أم أنه أتى بشيء من خارجها؟
- بل من نفسه فلم يكن هناك شيء خارجه، ولم يكن هناك خارج أصلا ، لم يكن هناك إلا هو ، وهو وحده!
- إذن يمكن القول إضافة إلى ما قلته من قبل من أنه أوجد نفسه بنفسه لنفسه ، إنّه كان وما يزال يوجد ويطوّر نفسه بنفسه لنفسه !
- أجل
- أين يمكن أن نضع الإنسان في هذه الحال؟
- أرقى الأشكال الحيّة غيرالمكتملة التي تجلّى فيها الخالق .
- تجليه لنفسه !
- أجل تجليه لنفسه .
- لكن لماذا غير مكتملة ؟
- لأن هذا ما توصلت إليه عملية الخلق حتى اليوم !
- أي أن الخالق لم يتوصل إلى خلق مكتمل وأن قدرته غير مطلقة ؟
- أجل ! فقدرته ليست مطلقة ، وأشك في أن يكون لديه قدرة مطلقة ذات زمن ! كتلك القدرة اليهووية التي حدثنا عنها كتاب التوراة ! وحدثتنا عنها الكتب الدينية الأخرى..
- حتى قدرة يهوه لم تكن مطلقة في أحيان كثيرة .
- لأن كتبة التوراة لا يعرفون ما هي القدرة المطلقة بالضبط! والأمر نفسه ينطبق على معظم الكتب الدينية . ففي الوقت الذي نجد أنفسنا فيه أمام قدرة مطلقة لخالق ، نجده أحيانا غير قادر على فعل أشياء بسيطة جدا ، أو معرفة مكان ..
أطرقت سارة للحظات وأخذت نفسا عميقا وهي تحتضن رأسها بيديها .. قالت محاولة استيعاب فلسفة عارف:
- لكي أعرف أنني أفهمك ، هل يمكن القول في هذه الحال إن الخالق طاقة سارية في الخلق ومتجلية فيه ؟
- أجل !
- متجلية في كل شيء بحيث تصبح هي الوجود والوجود هي ، أي ليس هناك وجودان خالق ومخلوق!
- صحيح ، وحين نتحدث عن خلق ومخلوق نتحدث بشكل مجازي، فالخلق هو الخالق نفسه في تجلياته المختلفة وليس في الوجود غيره.
- وهويدرك وجوده كطاقة متجلية وملموسة وغيرمتجلية ، ويدرك أنه خالق؟ !
- منطقيا لا يمكن لطاقة تقوم بكل هذا الخلق العظيم أن لا تدرك وجودها وبالتالي لا تدرك أنها طاقة مبدعة وخالقة . إن العكس هو الصحيح ، فهي تدرك وجودها وتدرك أنها تقوم بعملية ابداع وخلق. فوعيها يشمل الوجود كلّه وما فيه ، كما تشمله طاقتها ، من أصغر خلية إلى أكبر مجرة كما أسلفنا .
- وهل لها غاية ؟
- منطقيا أيضا لا يمكن أن لا يكون لها غاية، وأنها تقوم بعملية خلق عشوائية عبثية ، حتى وإن بدأت العملية كذلك . إن كل ما نلمسه ونراه ليس إلا تحقق لغاية .
- ماذا تقصد بقولك وإن بدأت العملية كذلك ؟
- لم يكن للوجود البدئي غاية محددة . كطفل يلعب بالألوان دون أن يعرف أنه في مقدوره أن يعمل من الألوان ما هو جميل . الغاية ولدت لاحقا وبعد حقبة زمنية لا يمكن تحديدها .. وعلى الأغلب كان كل شيء يجري بشكل عشوائي إلى أن بدأ التوصل إلى ما هو منظم. العلوم لم تستطع حل ألغاز نشأة الحياة حتى اليوم . وما تم خلقه في مليارات الأعوام لا يمكن التوصل إلى حقائه في بضعة قرون .
****
شعرت سارة أن عارف يضعها أمام فكر معقد جدا، بقدر ما يبدو أنه سهل. إذ يفترض في من يبحثون في زمننا عن نشأة الحياة وتطوّرها، أنهم جزء من ذات الخالق نفسه حسب فلسفته ، فكيف يبحث الخالق عمّا خلقه ، ألم يعد يعرفه أم أنّه نسيه ؟ طرحت السؤال على عارف، فأجاب بما لا يتوقعه عقل على الإطلاق:
- أولا أشكرك حبيبتي على هذا السؤال المهم جدا. نحن نتحدث عن خالق غير مطلق القدرة، أوجد نفسه بنفسه لنفسه، وما زال يوجد ويطوّر نفسه بنفسه لنفسه ، وأنّه اكتشف بعلمه أنّ هذه العملية استغرقت معه قرابة أربعة عشر مليار سنة ، حين أراد أن يراجع حساباته وينظر في ما خلقه ، وكم استغرق معه ، على ضوء ما توصل إليه علمه ، وإلى أي حد نجح في مسائل وإلى أي حد أخطأ، ليدوّن المراحل التي مرّت بها عملية الخلق المديدة ، ليتلافى ولو قدرالإمكان أية أخطاء يمكن أن تحدث في المستقبل ، وليعرف إلى أي حد حقق شيئا من الغاية التي ينشدها من عملية الخلق برمتها !
فغرت سارة فاها وهي ترى أن عارف تحدث عن الفعل الإنساني المعرفي كفعل للخالق نفسه ولم يفصل بين الخالق والإنسان . قالت :
- هل تضرب لي مثلا يبسط المسألة ؟
- أظن أنني بسطتها . ومع ذلك يمكن أن تتخيلي روائيا وشاعرا في الوقت نفسه ، أمضى بضعة أعوام في كتابة مسوّدة نص أدبي ، وبعد عقدين أو ثلاثة عقود أراد أن يراجع المسوّدة ليفكر فيها ويدققها ليظهرها إلى النور . مع الفارق في المسألتين .
ضحكت سارة وهي تسأل :
- هل هذا يعني أن عملية الخلق حتى اليوم شبه مسوّدة ّوأنها لا تعبربإطلاق عما هو منشود !
- صحيح ، لأن الغاية المثلى المنشودة لم تتحق بعد ؟
- وما هي ؟
- تحقيق قيم الخير والعدل والمحبّة والجمال.
- ولماذا لم تتحقق؟
- لأن الإنسان لم يدرك وجوده !
- ماذا تقصد بما لا يدرك وجوده؟
- معرفة نفسه .
- لم أفهم ! هل الإنسان لا يعرف نفسه حتى اليوم ؟
- أكيد لا يعرفها ! ولو أنّه عرفها لما تعبد لإله توهم أنه أوجده ليعبده !
- ومتى يمكن للإنسان أن يعرف نفسه ؟
- حين يدرك أن وجوده غير منفصل عن الخالق ، وأن الخالق موجود فيه ، وأن لوجوده غاية ، هي المساهمة في عملية الخلق مع الخالق ، وتحقيق الغاية المثلى من الخلق !
- ألم يتحقق ذلك بشكل نسبي ؟
- طبعا تحقق بشكل نسبي ضئيل لدى بعض البشر، لكن القتل والإستغلال والهيمنة والتعصب والحقد والظلم والحروب والفقر والجشع، واضطهاد الشعوب، ومسائل أخرى كثيرة ما تزال قائمة . أي أن الحضارة الإنسانية ما تزال بعيدة المنال ، لأن الإنسان الكامل والخلق الكامل ، لم يوجدا بعد . وقيام دولة اسرائيل تحديدا وما تفعلة لهو أحد أهم النماذج على سوء عالم اليوم !
- هل يمكن القول : إن كمال الخلق من كمال الخالق !
- إلى حد ما ، لكن ليس بالمطلق !
- لم أفهم !
- لأن الخلق كله ليس بمستوى الكمال الذي بلغه الخالق بكليّته . فالخالق المتجلي في الكون بكواكبه ونجومه ومجراته ، بلغ كمالا اعجازيا أرقى بكثير من الكمال القائم من قبل الاحياء على كوكب الأرض ، والمتجلي في الإنسان مثلا .
- لماذا لم يضع الخالق كماله كله في الإنسان طالما أنه تجل له ؟
- العملية تخضع لقوانين أوجدها الخالق في الخلق ، ولا تخضع لأوامر، ورغم أن هذه القوانين أوجدت لدى الإنسان العقل المتفوق خلال ملايين السنين ، إلا أن الإنسان لم يوظف هذا العقل على أكمل وجه بعد .
- لكن الخالق هو مصدر هذا العقل، إن لم يكن العقل نفسه هو عقله، كونه غير منفصل عنه ، فلماذا لم يوظفه على أكمل وجه لتحقيق الغايات المنشودة ؟
- هذه إحدى أهم ميزات هذا العقل الكوني الكلّي الذي صدرت عنه العقول كلها ، وبشكل خاص العقل الإنساني ، لقد منح كل عقل جزئي متولد عنه في كل كائن انساني أن يفكر بشكل مستقل عن العقل الآخر، حتى عن العقل الكوني الكلي ، لتتنوع أشكال الوعي والتفكير، لإثراء مقدرة العقل الكوني ، وتكامل عملية الخلق بين الخالق وذاته المتجلية في الإنسان .
- تقصد لجعل الخالق يفكر ويعي بما لا يحصى من العقول لبلوغ ما هو أفضل وأرقى وأجمل لتحقيقه!
- صحيج. العقل هو أروع ما أبدعه الخالق خلال أربعة عشر مليار سنة من الخلق والإبداع، فجعله حرّاً في كل كائن ، من أصغر خلية إلى الإنسان، أرقى تجل وتجسد للخالق نفسه .
- لذلك يكون رقي الإنسان من رقي الخالق . والمؤسف أن من يدركون ذلك في الوجود هم قلائل جدا، فتوظيف العقل يسير في اتجاه غير الذي يطمح إليه الخالق .
- أحسنت عزيزتي . والمؤسف أكثر أن ثمة ملايين من البشرأصبحوا كالببغاوات ، لم يوظفوا عقولهم سوى للإقتناع بفكر ما وترديد مقولاته ليلا نهارا، ليغدوا كالببغاوات حقيقة لا وهما. ليجد هؤلاء أنفسهم خارج التاريخ ، بل خارج الزمن نفسه ، بل وخارج عملية الخلق نفسها ، ومصيرهم إلى الفناء ، لتفيد عملية الخلق من الطاقة التي ستنتج عن مواد أجسادهم.
- لا أعرف أين ذهبت بي يا عارف ، لقد شعرت أنك وضعتني خارج فكر فلاسفة كثيرين عرفتهم ، رغم أن فكرك يلامس بعض أفكارهم بشكل أو آخر .
- فكري ليس معزولا عن الفكر البشري عزيزتي ، حتى بعض الديني منه ، وإن اجتهدت قدرالإمكان لأن تكون لي خصوصيتي. فكري ينتمي إلى مذهب وحدة الوجود ، لكن ليس كما يفهمها ابن عربي وسبينوزا وغيرهما ..أنا أسميها "وحدة الوجود الحديثة " وهي عندي فلسفة مادية روحية ، تقوم على العلم أوّلا، والمنطق ثانيا ، والتأمل والإجتهاد ثالثا .
- المؤسف أن الناس في زمننا لم يعودوا يهتمون بالفكر، واستكانوا إلى العقائد التي آمنوا بها .
- الأمر الذي لا يصدق أن الناس يتعلمون شيئا ويؤمنون بشيء آخر، فعلى سبيل المثال، تعلموا في المدرسة أن الأرض تدورحول نفسها وحول الشمس، وأنها لا تغرب ولا تشرق ، وحين يواجهون بذلك لا يعترفون بما تعلموه ويصرون على حقيقة ما أوردته كتبهم الدينية !
- لماذا برأيك ؟
- ربما لتخوفهم من عذاب جهنم . تصوري هذا الخطأ البسيط في تقديم البخور، الذي دفع يهوه لأن يحرق ابني هارون ! ألا يجعل هذا الأمر اليهودي المتدين يؤمن بدين يهوه ، شاء أم أبى خوفا من انتقامه الفظيع .
- صحيح فإذا كان هذا انتقام يهوه من خطأ غير متعمد ، فكيف سيكون انتقامه من خطأ أكبر ؟
- لقد انتقم كثيرا وأودى بحياة مئات الآلاف حين تراجعوا عن عبادته . حتى سليمان نفسه تراجع عن عبادته .
بدأت تتثاءبين..
- صحيح نعست .. مع أنني أطمح في الإستماع إليك أكثر .
- ستسمعين إلى أن تملّي !
- تصبح على خير ..
قبّل عارف سارة وأودعها السرير لتنام على طعم القبل كما نهضت ! لم تجهد كثيرا لطرد الرغبة الجنسية من مخيلتها حين راودتها للحظات .. وجدت أن الأمر ليس في غاية الصعوبة ، حين تخيلت نفسها تنام بين أحضان عارف، الذي لم تسأله حتى حينه لماذا لا ينام معها في سرير واحد . خاصة وأن السريرين اللذين في بيته مزدوجين!
***



:: توقيعي ::: https://www.facebook.com/profile.php...6%3A1554662450
رابط موقعي في الحوار المتمدن
http://www.ahewar.org/m.asp?i=7683
وحين التقينا يا إلهي بعد كل هذا العناء من البحث عنك
وجدت نفسي أمام نفسي!
  رد مع اقتباس
قديم 03-18-2018, 06:47 AM شاهين غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [25]
شاهين
الأُدُباءْ
الصورة الرمزية شاهين
 

شاهين is on a distinguished road
افتراضي

عديقي اليهودي 24
* حب وقلق وشواء وحجل وشاباك !!
خرجت أنا وسارة هذا اليوم إلى البريّة منذ الصباح .. اجتزنا الأراضي التي استولت عليها مستوطنة كيدار، وهي من أخصب الأراضي في السواحرة الشرقية وربما في برية القدس كلها : مرج الخلايل . شعب الميرمية . ظهرة بئر جميع .. عرقوب الهدرة.. ظهرة العبد، أم البق، دمنة هلال ! وكلما مررنا من منطقة ذكرت اسمها لها ، وهي لا تصدق أنني أكاد أعرف اسم كل دونم من الأرض . كانت فرحة كطفل عثرعلى كنز، تعدو أمامي كمهرة وشعرها يلوح على ظهرها وكتفيها، وحين أخاف عليها وأصرخ مناديا أن لا تبتعد، تعود جريا إلى أن تقترب لبضعة أمتارمني وتشرع في التراجع تقهقرا وهي تصرخ بأعلى صوتها " أحبك يا عارف ، أحبك أيها الفلسطيني، أحبك ولن أحب غيرك ما حييت ، سأحبك في حياتك ، وسأحبك بعد رحيلك إن رحلت عن الدنيا قبلي ، وسأظل مخلصة لحبك " أرد عليها دون صراخ " مجنونة ، شيخوختي لا تستحق أن تضحي بشبابك من أجلها ، يجب أن تعيشي الحياة ، فقد تكون الأيام القادمة أجمل " ترد صارخة " لن تكون هناك أيام أجمل من أيامي معك ، عرفت من الأوباش ما يكفي لأن أبحث عن حياة مختلفة وجدتها معك "
أتركها على هواها، لن أكون حجر عثرة في طريق سعادتها .. لعلها تمل مني يوما ما عكس ما تشعر به الآن . كان بعض الرعاة يسرحون بقطعانهم على السفوح والهضاب. بعضهم يعزفون على النايات أو الأراغيل ليتردد رجع صدى ألحانهم من الأودية. اقتربنا عشرات الأمتار من قطيع علي ابن اخي. أخبرتها بذلك . سبقتني لتصافح علي بحرارة ،ومن ثم تحاول الإمساك بسخل صغير. هرب السخل ولم تتمكن من الإمساك به . أمسكه علي وقدمه لها . حملته وضمته إلى حضنها وراحت تقبله على رأسه وهي تردد " ما أجمله "
أصر علي أن يدعونا على شواء . شكرته معتذرا دون أن أتخلى عن الأمر لفرصة أخرى ، لأنني أحمل في الجعبة التي على ظهري غداءنا لهذا اليوم .
تابعنا تجوالنا . عثرت ونحن نسير على حلزون معسل . لم تصدق سارة حين رفعت غطاء فوهة الحلزونة برأس سكين وأخرجت العسل وقدمته لها .. تذوقي هذا عسل برّي مختلف ، ليس كالعسل المصنّع، لكنه عسل ! استطيبته . لم أعثر إلا على القليل في المكان .. سألتني عن هذا الحلزون الصغير الذي يعمل نوع من النحل العسل داخله . قلت هذا حلزون انقضى أجل الحياة فيه وتلاشى منذ زمن . ولم يبق غيرقوقعته ، فتلجأ نحلة ما إلى عمل عسلها فيه !
استرحنا في البطين المواجه لعزبتنا حيث كنا يوم المطر. تقلبت سارة على العشب ما طاب لها .. نهضت أبحث عن فطر برّي ونباتات أخرى لغدائنا .. نهضت سارة تبحث معي بعد أن تذوقت الفطر .. لم تصدق حين جمعنا خلال ما يقرب من ساعة كمية من الفطر والكماة والخرفيش والعكوب والقعفران والزعتر والحويره والخبيزة ، والبانونج ، لنأكل بعضها ونأخذ الباقي إلى البيت . أكثر ما أدهشهها الحفرفي الأرض عن الثمارالتي تنمو تحتها وخاصة الكماة ، أوالبلبسون كما نسميها.. تساءلت إن كانت هذه بطاطا بريّة ؟ أجبتها بأنها ليست كذلك وهي أطيب ، بعض الناس يفضلونها على اللحم !
لم تفاجأ بأنها لا تعرف شيئا عمّا تنبته هذه الأرض غير ما هو معروف للناس كفواكه وخضار وبقول وحبوب يزرعونها . سألتني :
- هل تنبت الأرض أشياء غير هذه !
ضحكت ..
- يا حبيبتي هناك عشرات الأعشاب والنباتات والزهور الأخرى . منها ما يؤكل ومنها ما يتناول كشاي، ومنها ما يستخدم كدواء لعلاج أمراض وجروح : اذكر منها : الحميض . العرقد أو التوت البري . الزعرور . السيسعة أو البريذعة . تفاح المجانين . الإجاص البري . الزعموط. الخروب. اللوف . الميرمية . الحلبة . اكليل الجبل . حصى البان . عدا عشرات الأنواع من الورود التي تستخدم زهورها لعمل مشروب صحي !
أبدت سارة دهشتها لمعرفتي وتذكري لكل هذه النباتات .
قلت لها لا تتفاجأي فمعظم ما يتعلق منها بالمشروب كالبابونج موجود في بيتي وأتناوله بين فترة وأخرى كما تناولنا الزعتر !
أخذتها إلى بئرنا حيث يسقي علي قطيعه .. قلت لها هذه البئر لنا . اسمها بئر امدسيس . لا أعرف من أين جاءت هذه التسمية ، تبدو وكأنها يونانية او تتعلق بدسيسة ما . أخرجت ماء بدلو كان على البئر .. غسلنا النباتات وذهبنا إلى عزبتنا ..
فتحت باب مغارتنا وأخرجت منقلا للشواء وفحما وسفافيد وشبك .. أشعلت نارا في المنقل . أخرجت أفخاذ الفروج المتبل الذي كنت أحمله معي في جعبة الظهر . فردته على الشبك الخاص بالشواء ووضعته على النار.. نظمت بضع حبات بندورة وبصل وكماة وعكوب وقعفران في سفافيد ووضعتها إلى جانبي الفروج على النار . شرعت سارة في التقاط صور للشواء ولنا ..
افتقدت سارة طيور الحجل . سألتني :
- أين اختفى أحبتك الطيور ؟
وقبل أن أجيبها كان سرب الحجل يقدم محلّقا في فضاء الوادي ليحط على جدران العزبة .. تأوهت سارة بصوت عال مبدية دهشة لا تصدّق .. مددت يدي نحو السرب ليطيرأربع حجلات منه وتحط على أكتافنا ..
لم تتسع الدنيا لفرح سارة وهي تمد يديها لتملس على ظهري الحجلتين على كتفيها . همست :
- الأساطير معك تتحول إلى حقائق حبيبي، أي قديس أنت ؟
- أنا إنسان حبيبتي ولست قديسا .. وهذه الطيورلا تفعل إلا الإخلاص لمن رباها في صغرها بعد أن فقدت أمها وأباها وربما ببندقية أبيك ، فتعبر عن حبها له !
- يا إلهي ! أرجو أن لا تعرف الطيور عنّي ذلك !
- اطمئني لن تعرف ! وربما لم يكن القاتل أباك !
دفعت حجلة بلطف عن كتفي لتطير عائدة إلى الجدار، تتبعها باقي الحجلات..
قلّبت الشبك والسفافيد على النار.. أخرجت خبزا وزجاجة عصير وكأسين من الجعبة .. سكبت العصير .
استوى الشواء.. أخرجت طبقا من الكهف ووضعته عليه .. وشرعنا في تناول الغداء . مرت طائرة استكشاف على مقربة من سمائنا .. حتى أنها حلقت فوقنا لدورة واحدة وتابعت طيرانها نحو الشرق.
لم يخطر ببالنا أنها تراقبنا .. كل ما اعتقدناه أنها ربما تستطلع الأماكن بحثا عما يشتبه به ، أو لأخذ صور لها للحاجة .
*****
كنا مستلقيين على ظهورنا في حالة استرخاء بعد الغداء حين رن هاتف سارة . سمعتها تقول بالعبرية أهلا باب ! وسمعتها تقول ما معناه "سلمك الله" ثم سمعتها تتساءل عن شيء ما. لم أفهم ما تقول .. وما لبثت أن استندت جالسة وهي تصرخ بصوت عال متسائلة "ماذا" ؟ ثم نطقت اسم الشاباك بدهشة وتساؤل ، وشرعت تشتمه مع إسرائيل ، وقد امتقع وجهها وراحت تصرخ شاتمة بصوت عال ، وما لبثت أن قذفت بالهاتف بعيدا ، وخرّت ببكاء فظيع .. كنت قد جلست بدوري فضممتها إلى حضني ورحت أربت على ظهرها وقد أدركت أن الشاباك قد عرف أننا نلتقي وأنها ربما تحت المراقبة معي الآن ..
رحت أمسح دموعها بمنديل ..وأطلب إليها أن تهدأ وقد أدركت بعض الحقيقة من أن عملاء الشاباك في بلدتنا قد أخبروا الشاباك بقدومها إلي وإقامتها في بيتي .. ولا شك أنهم تحدثوا عن علاقة غرامية تربطها بي ، وخروجها معي في نزهات إلى البريّة .
سألتها بعد أن هدأت :
- ما الأمر يا حبيبتي ؟
- ابي يسلم عليك حبيبي . فوجئت بأنه عرف من الشاباك أنني ألتقي بك وعلى علاقة معك ، وأقيم منذ ثلاثة أيام في بيتك . استدعوه ليسألوه عن الأمرلاعتقادهم أنه يعرف. لا أعرف ماذا قال لهم ، لم يحب أن يتحدث على الهاتف أكثر تخوفا من أن يكون هاتفانا مراقبين .. تكلم بإيجاز.
- توقعت ذلك حبيبتي . وآمل أن يكون قد قال لهم أنه كلفك بالتجسس علي لإكمال المهمة المكلف بها .
هتفتْ بانفعال :
- لا أرجوك . لا تقل هذا ؟
- إنه الحقيقة يا حبيبتي ، فجميعنا نشترك في لعبة تجسس مكشوفة وأنا أوافق عليها . ولا نعرف من سيفوز في النهاية ومن سيجني الثمار !
وراحت تضرب بقبضتها على صدري وهي تردد ثانية :
- أرجوك حبيبي أكره أن أتذكر هذا !
عادت الطائرة لتحلق فوق موقعنا على ارتفاع منخفض . أشرعت سارة يدها اليمنى مطلقة اصبعها الوسطى على مداها مرددة أسفل الكلمات !
- أنت هكذا تفسدين خطتنا وتقولين لهم أننا نعرف كل شيء !
- ليذهبوا إلى الجحيم !
- وماذا إن استدعوك وعرضوا صورنا وأنت تشهرين اصبعتك وتشتمينهم!
- سأقول لهم تبا لكم كان عارف يعرف أننا نتجسس عليه منذ أن كلفتم أبي بذلك !
- يا مجنونة ستفسدين كل شيء !
- ماذا سأقول إذن ؟
- قولي وهل تريدون أن يكشف عارف أنني وأبي جاسوسان لكم ؟ تقتضي المهنة أن أظهر عدائي للشاباك لأحصل من عارف على تريدونه منه !
قالت بعد أن أطلقت قهقهة عالية :
- وكأنك خبير في أعمال المخابرات حبيبي !
- ليست المسألة في حاجة إلى خبرة . فكل عملاء المخابرات يظهرون هكذا !
أقلعت الطائرة عائدة نحو القدس .. ودعتها سارة بآخر اصبع نكاحية !!
قلت لها .. هيا سنعود إلى البيت !
رن هاتفها في المكان الذي قذفته إليه . فوجئنا أنه لن ينكسر. وقع بين أعشاب . هرعت سارة والتقطته لتجيب . هتفت بعد لحظة : أبي يسألك متى ستلبي دعوة الغداء ؟
- قولي له قريبا إن شاء السيد يهوه !
***



:: توقيعي ::: https://www.facebook.com/profile.php...6%3A1554662450
رابط موقعي في الحوار المتمدن
http://www.ahewar.org/m.asp?i=7683
وحين التقينا يا إلهي بعد كل هذا العناء من البحث عنك
وجدت نفسي أمام نفسي!
  رد مع اقتباس
قديم 03-21-2018, 05:32 AM شاهين غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [26]
شاهين
الأُدُباءْ
الصورة الرمزية شاهين
 

شاهين is on a distinguished road
افتراضي

عديقي اليهودي 25
* شائعات عن جمال سارة وعلاقتها بعارف!
* فيضان سيل وادي أبوهندي!
انتهت إجازة سارة .. ودّعت عارف بقبلات حارة، وعادت إلى بيتها في القدس الغربية . قالت إنّها لن تغيب عنه كثيرا، وستحاول أن تقضي معظم أيام السبت والعطل معه ، وربما تأتي حتى خلال الأيام التي يكون فيها العمل قليلا لتنام وتذهب في الصباح إلى الكليّة . عادت إلى التدريس لتقارع الفلسفة بعقل مختلف نسبياً عمّا قبل مع طلابها ، داعية الطلاب إلى التفكير في صحة ما تحويه الكتب، والمقارنة بين مختلف الأفكار، دون اعتبار ما يقرأونه حقائق ، بل مجرد اجتهادات لعقول تبحث عن الحقيقة بالمنطق والإستدلال والتأمل والإجتهاد ، مضيفة إلى وعيهم رؤى جديدة استلهمتها من فلسفة عارف.
في البلدة انتشرت شائعات كثيرة عن جمالها وعلاقتها بعارف نذيرالحق. فعن جمالها قيلت الأوصاف المتداولة والمعروفة لدى الناس عن الجمال الأنثوي ، فثمة من قال إنها قمر ! وآخر قال إن الماء يرى من روحها ! يقصد رقبتها! وآخر رأى أنها كالشمس في كمالها، وثمة من شبهوها بما هو أكثر واقعية ، فقالوا إنها ظبية، وهي كريم الفلا حين تركض في الجبال . أما بعض اللغويين فاطلقوا عليها أوصافا لغوية ، فقيل إنّها حوراء ، وقيل لمياء ، وآخر قال بثنة فرد آخربل بثينة فخالفهما آخر بأنها بثين ! ليخرج آخرعلى الجميع معلنا أنها أسيل أو أسيلة لنعومة خديّها . وكان جميع هؤلاء يأسفون لكون الفتاة يهودية ، ووقعت في حب أحد أهم مثقفي البلدة ووقع هو في حبّها. وتمنوا لو أن هذا الجمال كان لفتاة مسلمة وليست على دين الكفّار .. الطريف أن أيا من هؤلاء لم ير سارة عن قرب ، أو لم يرها على الإطلاق . وثمة من أطلقوا أوصافا مغايرة قبيحة وخاصة من النساء ، فأشعن ولو بدافع الغيرة، أن أنفها أفطس ، وأنها عوراء ردّاً على من قالوا أنها حوراء، هذاعدا عن كونها كافرة وزنديقة . أمّا عن العلاقة فحدث ولا حرج ، فلم تمر سوى بضعة أيّام حت عمّت الإشاعات البلدة من أطراف القدس إلى أبعد نقطة مسكونة ، حتى أنها وصلت إلى جامعة القدس وبعض أحياء أبوديس والعيزرية والعيسوية شمالا ، وصورباهر والعبيدية والتعامرة جنوبا ! وقد ساعدت وسائل الإتصال الإجتماعية على الشبكة العنكبوتية بنقلها بسرعة فائقة لتعم العالم، عبر تغريدات غامضة في البداية على تويتر وبوستات على الفيس بوك وغيرهما لأسماء رمزية ، بدأت تتحدث عن : ملحد فلسطيني يقع في حب كافرة يهودية ! مثقف فلسطيني يغرم بفتاة اسرائيلية تصغره بعقود! اسرائيلية تأسر قلب مفكر وأديب فلسطيني عجوز ! وراحت التعليقات تتكهن بمن يكون الشخص المذكور ، ومن أي بلد في فلسطين ، ولم يحسم الأمر سوى الشائعات التي كانت تدور في السواحرة ، وتسربت إلى خارج حدود أراضيهم ، مؤكدة أن الشخص المذكور ليس إلا عارف نذير الحق . حينئذ راح بعض المثقفين يدافعون عن عارف مشيرين إلى أنه ليس من حق أحد التدخل في حياته الشخصية . غير أن الشائعات لم تأبه للأمر ولم تتوقف ، فمنها ما أكد على أن عارف تزوج من الفتاة سراًعلى سنة الله ورسوله، ومنها ما قال أنه زواج مدني دون شهود ، ومنها ما قال أنها علاقة غرامية دون قيود ، ومنها ما قال أنها زنى على رؤوس الأشهاد بين ملحد وملحدة ! ولم يقل أحد على الإطلاق إنها مجرد صداقة لا غير، لفتاة لا يعرف أحد كيف تعرف عارف إليها ، وإن تطرقت بعض الشائعات إلى زيارات سرية يقوم بها عارف إلى مثقفين يهود أصدقاء له يقيمون في مستوطنتي كيدار ومعاليه أدوميم ! ولا شك أنه تعرف على الفتاة هناك ! وشائعات أخرى تحدثت عن تعرّفه إلى الفتاة عبر لقاءاته مع أصدقاء له في القدس الغربية يزورهم بين فترة وأخرى، خاصة وأن الفتاة كما يقال مثقفة وتحمل شهادة الماجستير في علم الإجتماع والدكتوراة في الفلسفة !
عارف سمع بالشائعات بل ورأى بعضها على الفيس وتويتر . تجاهل الأمر ولم يعطه أية أهمية . وحين اتصل به صحفي مستفسرا عن الأمر أجاب بأنها صديقه واكتفى بذلك .
*******
ادلهمت السماء فوق جبال القدس ورام الله والرملة ونابلس وبيت لحم والخليل وصفد وحيفا والناصرة وعكا وطبريا وتل أبيب ويافا وبئر سبع وغزة بغيوم داكنة مظلمة، غطت السماء الغربية من أقصاها إلى أقصاها. وتاق ماء للإنعتاق من أسرالغيوم فاضطرب في غيهب الظلمات السماوية، واصطدمت شحنات سلبية بأُخَرٍ موجبات ، فالتمعت أبراق شقت أعنان الفضاء ، ودوت رعود زلزلت جدران البيوت ، منذرة بهول القادم من آيات !
وهو يرقب السماء الغربية من أمام بيته على مقربة من قهوة حجازي توقع عارف نذيرالحق هطول أمطار غزيرة وهبوب عواصف ينتج عنها سيول وفيضانات .. كثيرا ما شاهد في طفولته مجرى وادي أبو هندي وهو يتحول إلى نهر يفيض على جانبي المجرى في الأيام العاصفة .. ارتدى من الملابس ما يقيه الأمطار الغزيرة ونزل إلى الوادي ليتمتع برؤية مجراه وقد تحوّل إلى نهر ..
في المنطقة الواقعة بين مستوطنتي كيدار ومعاليه أدوميم في الوادي، كان قرابة مائة طفل من المستوطنتين يقومون برحلة في الطبيعة برفقة معلمة من معلماتهم، ويبحثون في مجرى الوادي عن حجارة ملساء صقلتها المياه على مر السنين وأحالت بعضها إلى أشكال فنيّة جميلة ..
يفصل وادي أبو هندي بين أراضي الديسة والسواحرة ، فجنوبه للسواحرة وشماله للديسة ، مع بعض التجاوزات في هذه القسمة للديسة، تجعلهم يمتلكون أرضا جنوبه .. وكثيرا ما شهد هذا الوادي مشاجرات على الأرض بين الطرفين في أوائل القرن العشرين ، خاضها المئات من أبناء البلدتين ، ونظمت في ذلك قصائد شعبية من قبل شعراء في البلدتين ، إلى أن انتهت بأكبر المشاجرات على منطقة تدعة الزرّاعة، حيث تم تقاسم أرضها .
يبلغ مجرى الوادي قرابة ثلاثة أمتارعرضا في معظم المناطق ، وقرابة مترين عمقا في معظم الأماكن . ويبلغ فضاء الودي بين سلسلتين من الهضاب، قرابة ألف وخمسمائة متر في معظم الأماكن، وإن كانت تنفرج أكثر أوتضيق في أماكن أخرى. ويمتد لمساحة تزيد على خمسة عشر كيلو مترا ، يلتقي بعدها مع وادي الدكاكين شرقا لينتهيا إلى واد أكبر يصب مجراه في البحر الميت .. تنحدر إلى الوادي من الهضاب سفوح وأودية كثيرة على الجانبين، تبدأ من العيزرية وأبوديس والسواحرة الشرقية وتمتد على طول الوادي..
خاطب عارف المعلمة محذرا وهو يسيرعلى الطريق المحاذي للمجرى، طالبا إليها أن تخرج الأطفال من مجرى الوادي ، فالغيوم المزدحمة في الغرب والأبراق والرعود تشير إلى أن أمطارا غزيرة تهطل هناك ، وقد تحدث عنها سيول عارمة تتدفق عبرالأودية ، قد تدهم الأطفال فجأة ، لا يعرف ماذا ينتج عنها . لم تأبه المعلمة لكلام عارف ، غير مصدّقة لما يقوله .. وفي تلك اللحظة تلقى عارف مكالمة من سارة :
- حبيبي أين أنت ؟
- أنا في وادي أبو هندي، أنتظر العواصف والسيول . ليتك معي لتري سيل وادي أبو هندي حين يتدفق في العواصف المطريّة .
- أنا في كلية هداسا لعمل يتعلق بالتدريس. انتبه لنفسك حبيبي ..
- هناك أطفال في رحلة يبحثون عن الحجارة والحصى في مجرى الوادي وأتخوف عليهم من أن يداهمهم السيل، أنذرت مرافقتهم لكنها لم تأبه لكلامي..
- هذه الحمقاء . ألح عليها حبيبي. أرى من النافذة المطر يهطل بغزارة لم أشهدها من قبل. ربما سيبلغكم بعد قليل . ابتعد عن مجرى الوادي حبيبي.
- لا تخافي علي حبيبتي . كل خوفي على الأطفال . أرى الغيوم فوق أبوديس والسواحرة .
- الهطول يزداد حبيبي ، وكأن أنهارا تنصبّ من السماء . ابتعد عن مجرى الوادي.
- أسمع الآن صوت خرير مياه قويأً قادما عبر منعطفات الوادي . سأحاول اخراج الأطفال من المجرى. إلى اللقاء حبيبتي .
قفز عارف إلى المجرى وراح يصرخ بالأطفال والمعلمة بالعبرية طالبا إليهم الخروج منه ، فيما صوت سارة يتردد عبر هاتفه الذي ظل مفتوحاً بعد أن وضعه في جيبه . خرج بعض الأطفال بينما لم يأبه آخرون ، بل وراحوا ينتظرون قدوم السيل بفرح إذا كان ثمة سيل سيأتي كما يزعم هذا العربي. ولم تمر سوى لحظات حين أقبل السيل مندفعا . كانت مقدمته تقارب نصف عمق المجرى.. غير انها كانت تزداد باستمرار .. راح بعض الأطفال يتقافزون إلى خارج المجرى. نجح بعضهم، غيرأن بعضهم لم يتمكنوا لأن الجدران كانت قرابة ضعف قاماتهم ، شرع عارف في حمل كل من تطاله يداه من الأطفال وإلقائه خارج المجرى .. داهم السيل كل من في المجرى بارتفاع أعلى من بعض قاماتهم ، وقع بعض الأطفال ليجرفهم الماء المتدفق .. راح عارف يلقي بنفسه على أقرب الأطفال إليه ويلقي به خارجا، وتمكنت المعلمة من إنقاذ بعض الأطفال أيضا ، قبل أن تنقذ نفسها بمساعدة عارف، حين وجدت أنه لن يكون بمقدورها أن تفعل أكثر مما فعلت، ولم يبق أمامها إلا أن تنقذ نفسها. تشبثت بحافة جدارالمجرى دون أن تتمكن من الصعود ،فسارع عارف إلى رفعها ودفعها إلى خارج المجرى وتابع إنقاذ الأطفال ..
أقبل السيل عارما متلاطما مندفعا هادرا محملا بجذوع أشجار وأغصان ونفايات ومواش وقد فاض على جانبي المجرى في بعض الأماكن ليغطي الطرق والأراضي على الجانبين، فيما كانت السماء تهطل مدرارا ، والأبراق تتوالى والرعود تقصف مجلجلة ، والعواصف تهب مزمجرة . راح الأطفال يتخبطون في السيل والتيّار يتقاذفهم في لجّة الماء .. صرخ عارف مستنجدا بإلهه !! " كن معي يا إلهي " وهو يندفع بقوة لينتزع طفلين معاً من التيار ويلقيهما خارج المجرى ، فيما صراخ المعلمة والأطفال خارج المجرى يعلو ليختلط بإيقاع المطر والعواصف ولجلجة الرعود ، ليبدو النهار وكأن يوم القيامة قد انبثق فيه .. شعرعارف بقوّة خارقة تنبعث في جسده بحيث أصبح في مقدوره أن يجاري السيل المتدفق ، وحتى أن يسبقه ، اندفع خلف مجموعة من الأطفال والطفلات يتقاذفهم السيل، وألقى بنفسه بينهم وهو يصرخ بهم اصعدوا على ظهري ، وتشبثوا برجليْ ، واندفع في الماء ليأخذ طفلين بيديه ، فأنقذ بذلك خمسة أطفال، كان اثنان قد تشبثا برجليه وأخر صعد على ظهره وتمدد عليه متشبثا بكتفيه. تابع عارف اندفاعه في الماء كدلفين ، إلى أن أنقذ جميع الأطفال ما عدا طفلة قذفها السيل في لجته لتبتعد . صمم عارف على اللحاق بها .. أدركها في أول السيل ، حملها بيديه وضمها إلى حضنه، وانطلق بها بضع خطوات على الأرض أمام السيل ، إلى أن عثر على مكان منخفض صعد منه إلى اليابسة ، وهو يتمنى في نفسه أن لا تكون الطفلة قد فارقت الحياة . مدد الطفلة على الأرض وراح ينفخ نفسا من فمه إلى فمها .. نفخ بضع أنفاس ، لتبدأ الحياة تدب في جسد الطفلة .
أخذ عارف نفسا عميقا ثم انحنى على الأرض يقبلها ، وما لبث أن شخص إلى السماء وراح يهتف من أعماق جوانحه " شكرا يا إلهي ،شكرا يأإلهي " وعيناه تغرورقان بالدموع، دون أن يتنبه إلى جراح كثيرة كانت تنزف دما، قد أصيب بها دون أن يشعر، فيما ظهرت ثلاث طائرات هيلوكبتر محلقة في الجو، قادمة نحو المنطقة ..
كانت سارة قد أدركت حين لم يعد عارف يرد على الهاتف . بل وحين لم يعد الهاتف يرن، أن أمرا فظيعا قد حدث . فسارعت إلى الإتصال بالإسعاف لتخبرعما يكون قد حدث. كما تلقى الإسعاف مكالمات من بعض أهالي الأطفال ، الذين شاهدوا فيضان الوادي من أعالي السفوح .
حطت الطائرات على الأرض وشرع المسعفون في انقاذ من يحتاج إلى انقاذ من بين الأطفال الذين أصيبوا بجراح من جراء ارتطامهم بالصخور أو بجذوع الأشجارأو بالنفايات والسلع المختلفة التي كان السيل يتقاذفها .. وكان من بين الذين أنقذوا عارف والطفلة التي كان يضمها إلى حضنه، حيث أقلتهما طائرة مع بعض الأطفال إلى مستشفى هداسا .
*****



:: توقيعي ::: https://www.facebook.com/profile.php...6%3A1554662450
رابط موقعي في الحوار المتمدن
http://www.ahewar.org/m.asp?i=7683
وحين التقينا يا إلهي بعد كل هذا العناء من البحث عنك
وجدت نفسي أمام نفسي!
  رد مع اقتباس
قديم 03-24-2018, 08:17 AM شاهين غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [27]
شاهين
الأُدُباءْ
الصورة الرمزية شاهين
 

شاهين is on a distinguished road
افتراضي

عديقي اليهودي 26
*عارف نذيرالحق يرفض استقبال ممثلي السلطة الإسرائلية .
استنفرعشرات الأطباء والممرضون والممرضات لإجراء اسعافات عاجلة للأطفال ، فبعضهم كان قد ابتلع ماء اختلط بالتراب والنفايات ولابد من اجراء غسيل معدة لهم .عدا أن معظمهم قد أصيبوا برضوض وكدمات وجروح وصدمات، من جراء ارتطام أجسادهم بصخور وجذوع أشجاروصفائح مختلفة وعلب مواد غذائية فارغة وأخشاب، كان السيل يجرفها معه . عدا أن معظمهم كانوا يعانون من اضطرابات نفسية .
كان عارف نذيرالحق من أكثر المصابين بالجروح والرضوض والصدمات والكدمات في رأسه ومعظم أنحاء جسده . ولم يعرف أحد إلا الخالق نفسه كيف احتمل الألم إلى أن أنقذ جميع الأطفال دون أن يغمى عليه . ولاحظ الأطباء أنه يغيب عن الوعي للحظات وتهرب منه الكلمات، ولا يستطيع الإجابة عن بعض أسئلة الطبيب المشرف على علاجه، مما قد يشير إلى أنّه تلقى صدمة شديدة في رأسه. نزعت ملابسه ونظّف جسده بمواد مطهرة. وشرع أطباء وممرضات بتضميد الجراح التي في رأسه ووجهه ويديه وصدره وظهره ورجليه .
هرعت سارة إلى المستشفى . لم يسمح لها بالدخول إلى غرفة عارف في البداية ، لكن حين عرف الطبيب المشرف على العلاج أنها صديقة عارف سمح لها بالدخول ليرى إلى أي حد يمكن لعارف أن يتعرف إليها ..اندفعت إلى السرير . كان عارف يتنفس ببطء وكان خدّه الأيسر ورأسه مضمدين.
انحنت عليه وملست بيدها على خده الأيمن وهي تردد "عارف حبيبي ..عارف حبيبي " لم يبد على عارف ما يشير إلى أنه سمع من يخاطبه. كبحت سارة صرخة هائلة في دخيلتها وتابعت ترديد كلماتها "عارف حبيبي أنا سارة . عارف حبيبي أنا سارة" انتظرت قليلا.. بدأعارف يرفع جفنيه ويغمضهما ببطء شديد ، وما لبث أن رفعهما ولم يغلقهما، وهو يرنو إلى وجه سارة على مقربة من وجهه . ارتسم على شفتيه طيف ابتسامة . انفرجت شفتاه وهو يهتف بصوت منخفض متقطّع " س.ار.ة. " ولم يقل غيرذلك . أطبق شفتيه وأغلق عينيه .
ألقت سارة رأسها على طرف السرير وشرعت في البكاء .. وضعت ممرضة يديها على كتفيها وأنهضتها بلطف ، فيما الطبيب يحاول طمأنتها بأن حالة عارف ليست خطيرة طالما تعرف إليها .. ربما صدمة أثرت قليلا على الدماغ . اطمئني .
*****
انتشرت الأخبارعبر الإذاعات وقنوات التلفزة لتعم العالم، وتتصدر عناوين الصحافة في اليوم التالي. الإعلام الإسرائلي وحسب ما ادعى أنه نقلا عن مواطنين من مستوطنة كيدار ومعاليه أدوميم، وعن بعض الأطفال والمعلمة الذين تم التحدث إليهم في المستشفى ، تصدرته عناوين مثل : عربي يشارك في انقاذ عشرات الأطفال الإسرائيليين من فيضان سيل وادي كيدار ! وهكذا أصبح عارف نذير الحق مشاركا وليس منقذا رئيسا إن لم يكن المنقذ الوحيد ، فالمعلمة لم تنقذ إلا بعض الأطفال قبل أن يتكاثر ماء السيل ، ولم تستطع انقاذ نفسها إلا بمساعدة عارف . وأصبح وادي أبو هندي يحمل اسم وادي كيدار، نسبة إلى الإسم الذي أطلق على المستوطنة التي أقيمت على أراضي السواحرة . وتحدثت بعض الصحف عن شجاعة المعلمة التي لم تخرج من السيل الهادرإلا بعد أن تم انقاذ جميع الأطفال.
الإعلام الفلسطيني تصدرته عناوين متشابه تقول: المفكر والأديب الفلسطيني عارف نذيرالحق ينقذ عشرات الأطفال الإسرائيليين من فيضان سيل وادي أبو هندي ! وتطرقت بعض وسائل الإعلام المختلفة إلى التعريف بعارف نذيرالحق وعمق فكره الفلسفي الإنساني، الذي يجتهد في تقديم فهم منطقي وعلماني للخالق والخلق والغاية من الوجود، بعيدا عن التعصب لفكرالأديان وأساطيرها. وأنه ينظر إلى جميع الأديان والمعتقدات بمنظور واحد، وأنه لا يميز بين معتقد ومعتقد إلى بمدى عمق الفكرالإنساني فيه . وتطرقت بعض الصحف إلى ما أدلى به أحد المسعفين قائلا إنّ سيدة اسرائيلية تدعى سارة سليمان هي من قامت بإبلاغ الإسعاف والجهات المعنية بما يحدث، لأنها كانت على اتصال مع عارف خلال العواصف لتطمئن عليه. والمؤسف أن سرعة السيل كانت أقوى من سرعة الإسعاف الذي لم يصل إلا بعد أن تم انقاذ جميع الأطفال من مجرى السيل. وتحدثت الصحف عن الحال الصحية السيئة لعارف وغيابه عن الوعي، وعدم تمكن الصحفيين من التحدث إليه . وأشارت الصحف إلى ثناء الرئيس محمود عباس على العمل الإنساني العظيم الذي قام به عارف ، وأصدر قرارا بأن يتكفل مكتب الرئيس بكل نفقات علاج عارف وفترة نقاهته بعد الشفاء.
في اليوم الثالث فضحت المعلمة التي كانت تعاني من صدمة نفسية خلال اليومين السابقين ، لم تتح لها التحدث إلى أحد، وسائل الإعلام الإسرائيلية التي شوهت الحقيقة، مؤكدة في حوارعلى قناة تلفزيونية خاصة أنها لم تجر مقابلات مع أحد ، وأن الفضل يعود للرجل الفلسطيني الذي قام بإنقاذ جميع الأطفال وإنقاذها هي أيضا ، وأن الرجل رغم كبر سنّه كان يتمتع بقوّة خارقة غيرآبه بكل ما يتقاذفه السيل الجارف من مواد مختلفة ، رغم أنها كانت تصطدم به أو تعيق عملية الإنقاذ التي يقوم بها، ووصفت كيف انقض على طفلين كان السيل يتقاذفهما معا لينقذهما، تاركا خلفه طفل أكبر كان يتشبث بجذع شجرة، تاركا إياه إلى ما بعد انقاذ مجموعة من الأطفال ، لأنه كان مطمئنا عليه لتشبثه بجذع الشجرة . وقالت إنها تألمت حين شاهدت صفيحة وهي تصطدم بجسد الرجل بقوة من الخلف وهو يسعف طفلا ، ويندفع في الماء كحوت ليسابق التيار المتدفق بقوة ليسبقه، وليلحق بجميع الأطفال ويينقذهم جميعا، واحدا واحدا أو اثنين اثنين أو ثلاثة وأكثر ! وقالت إن ما كانت تراه هو معجزة بكل معنى الكلمة. وحين سئلت عن سرالقوة والشجاعة اللتين رأتهما في الرجل ، قالت إنها هبة من الله للرجل ، وأنه لولاها لما تم إنقاذ قرابة سبعين طفلا ، بل مائة لأن بعض الأطفال الذين أنقذوا في البداية أنقذوا أنفسهم بفعل تحذير الرجل . وأخيرا أبدت المعلمه ندمها وأسفها واعتذارها لأنها لم تمتثل لإنذار عارف لها بإخراج الأطفال من مجرى الوادي لأن سيلا سيأتي.
معظم الأطفال كانوا مصابين باضطرابات نفسية ، أشفي معظمهم منها ، وما زال آخرون يعانون لهول ما شاهدوه .. أحدهم كان يصرخ بشكل فظيع كلما تذكر الفيضان . وآخر كان ما يزال يستنجد بأمه بين فترة وأخرى . وحالات أخرى راوحت بين الرجفة والذهول والصمت والسرحان والرعب والهلع والدهشة .
مقالات أخرى في صحف فلسطينية في الايام اللاحقة حملت أراء مختلفة في الأمر، منها ما جاء تحت عنوان : ننقذ أطفالهم بينما هم يقتلون أطفالنا ! وآخر حمل عنوان : لماذا لم يقف عارف متفرّجا ، تمنى كاتبه لو أن عارف بقي متفرجا، ولم تدفعه إنسانيته لإنقاذ الأطفال! مقالات أخرى تحدثت عن إنسانية عارف وتفانيه في انقاذ الأطفال حتى لو كلفه ذلك حياته ، وأخرى ضربت به مثلا للفسطيني الإنسان الذي يعبر عن إنسانية الفلسطيني بشكل عام . مقالات أخرى وضعت عارف في مكانة سامية لا يرقى إليها إلا العظماء .
******
سارة سليمان أخذت إجازة بدون راتب من الكلية، وأقٌنعت إدارة المستشفى بأن تبقى إلى جانب سريرعارف ليلا نهارا، إلى أن يشفى تماما. كانت تمضي وقتها جالسة على كرسي وتقرأ في أحد كتب عارف التي أهداها إليها، أوالتي ابتاعتها من مكتبة في القدس. وحين كانت تتعب من الجلوس كانت تتمدد على السجاد إلى جانب السرير وتغفو لبعض الوقت ثم تستيقظ . في اليوم الثالث لعلاجه في المستشفى ، فتح عارف عينيه وتلفظ باسمها وكأنه يبحث عنها، هبّت عن المقعد وهي تهتف " حبيبي" اتكأت على حافة السرير وهي تردد " أنا معك حبيبي" مد عارف يده ببطء وملس على خدها، فشرعت هي في تقبيل أصابع يده ودمعتان تنزلقان على وجنتيها . وما لبثت أن أعادت يده إلى وضعها إلى جانبه حين رأته يغمض جفنيه ، وملامح ابتسامة بالكاد ترتسم على شفتيه وكأنه يعبرعن اطمئنانه على وجودها إلى جانبه أو وجوده إلى جانبها أو وجودهما معا .
شائعات كثيرة انتشرت في المستشفى عن علاقة الحب التي تربط سارة بعارف ، ومدى عمقها ، ومدى إخلاص سارة لحب هذا الكهل الذي يكبرها بثلاثة عقود على الأقل، وقد شبه بعضهم هذا الحب بحب روميو وجولييت وآخرون اعتبروه حبأ أفلاطونيا . وقد انتشرت قصة الحب في كافة أنحاء اسرائيل بالقدر نفسه الذي انتشرت فيه قصة انقاذ الأطفال، حتى أنها بلغت أسماع العاملين في الشاباك والموساد وآمان و مختلف قطاعات الجيش .. وكتب بعض الكتاب والمثقفين الإسرائيليين مقالات تمجّد بطولة عارف وتشيد بثقافته الإنسانية الرفيعة ، وتمنت على كل فرد من الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني أن يرتقي ولو إلى الحد الأدنى من المحبة التي يحملها كل من عارف وسارة للأخر، ليودع الشعبان التعصب إلى الأبد ، ويعيشا بمحبة ووئام وبحقوق مواطنة كاملة لكل منهما .
صورالأشعة التي أخذت لجمجمة عارف أظهرت وجود نقطة دم على جزء صغير في مؤخرة دماغه ، وأنه في حاجة إلى عملية في الدماغ لإزالتها. غير أن سارة أصرت على عدم القيام بالعملية إلا بموافقة شخصية من عارف وهو بكامل وعيه في حالة يقظة تامّة. أذعنت إدارة المستشفى للأمر ووافقت على طلبها.
وحين بدا عارف بكامل وعيه في اليوم الخامس ، وأخبرته سارة بالأمر، قال بثقة مطلقة أنه ليس في حاجة إلى عملية وأن الله سيشفيه ! ما جعل الطبيب الجرّاح المختص بجراحة الدماغ يستدعي سارة، ليسألها كطبيب علماني، أقرب إلى الإلحاد منه إلى الإعتقاد بوجود خالق، لم يتوصل العلم بالمطلق إلى معرفة ماهيته: عن ماهية هذا الإله الذي قصده عارف بثقة، بقوله إن الله سيشفيه ! فهل هو يهوة أم الله أم يسوع المسيح ؟ وهو يدرك أن عارف فيلسوف علماني قد لا يختلف عنه في شيئ! فوجئ الطبيب بما قالته ساره " إنه ليس أي واحد من هؤلاء، إنه الخالق العظيم القائم بالخلق كما يتصوّره عارف" ولم يكن هناك قوة في الأرض قادرة على أن تقنع الطبيب بذلك ، حتى حين أعلن عارف في اليوم السابع، أنه شفي تماما من كل ما أصابه من جروح وصدمات، وأنه لم يعد هناك نقطة دم على دماغه ، لكن، وحين تم إعادة تصوير الدماغ وتبين ان نقطة الدم قد اختفت فعلا ، صمم الطبيب على الإيمان بهذا الخالق وقراءة كتب عارف عنه . فأمضى ليلته في قراءة كتاب يحمل عنوان " الخالق . الخلق . الغاية ." أعارته له سارة . ولم يكن هناك من هو قادرعلى تصور دهشته ، حين وجد أن هذا الخالق موجود فيه ، وأن وجوده غير منفصل عن الوجود الكلي الكوني لهذا الخالق ، آمن إيماناً مطلقا به ، وأعلن ذلك على الملأ ، وتحدث عنه في مؤتمر صحفي ، وعن قصة شفاء عارف التي كانت حافزه لهذا الإيمان المختلف، لتنتشر بذلك قصة الشفاء كمعجزة إلهية تنسب إلى خالق مختلف عن الآلهة جميعا .
****
بإيعاز من رئاسة مكتب رئيس السلطة الفلسطينية، أفرد جناح خاص لعارف لاستقبال المهنئين بشفائه ، وما أن أعلنت إدارة المستشفى في اليوم التاسع أن عارف قد أصبح في حال جيده تتيح له استقبال المهنئين بشفائه، حتى غصت غرفته والجناح وردهات المستشفى وقاعة الإستقبال بمئات باقات الورد. أحضرت سارة إلى عارف ملابس جديدة وأشرفت بمساعدة ممرضتين على تنظيم دخول المهنئين. فكان أول من أدخلتهم عشرة أطفال من الذكور والإناث يمثلون جميع الأطفال الذين أنقذهم عارف ، كانوا بمرافقة امهاتهم وآبائهم إضافة إلى المعلمة، و كانت آخر طفلة أنقذها عارف من بينهم .. تبادل عارف مع الأطفال القبل وحمل الطفلة وسألها عن اسمها ، فقالت " رفقة " فقال عارف " أحلى أمورة ورفيقة " وضمها إلى حضنه وقبلها . ثم تقبّل تهاني المعلمة وشكرها وامتنانها وعذرها بعدم الإمتثال إليه من البداية ، ثم تهاني وشكر أهالي الأطفال .. وكانت الدفعة الثانية من المهنئين بعض ذوي عارف من اخوته وأخواته وبعض ابنائهم وبناتهم بينهم الراعي علي.. أمّا الدفعة الثالثة فكانت من رجل وسيدة وشابة ، هم يعقوب سليمان وزوجته راحيل ويوئيلا خطيبة شمعون . ولأول مرة لم يتردد عارف في مخاطبة يعقوب كصديق وليس كعديق ، حين فتح يديه على وسعهما قائلا " أهلا يا صديقي " ليلقي يعقوب نفسه عليه ليتحاضنا ويتعانقا بحرارة ..
الدفعة الرابعة من المهنئين كانت من ممثل رئيس السلطة الفلسطينية وممثل عن رئيس الوزراء وبعض القياديين الفلسطينيين .
الدفعة الخامسة رفض عارف نذير الحق استقبالها ، وكانت من ممثلين عن رئيس الوزراء ورئيس الدولة ، وقال لسارة أن تخبر هذين الممثلين أن تهنئته من قبل السلطة الإسرائيلية ليست أقل من إطلاق سراح السجناء الفلسطينيين ، والتوقف عن إقامة المستوطنات ، والشروع في مفاوضات سلام حقيقية . أما عن الشعب الإسرائلي فقد تلقى التهنئة من الأطفال وذويهم .
الدفعة السادسة كانت من بعض السفراء العرب والأجانب لدى السلطة الفلسطينية من بينهم سفراء الأردن والنرويج والسويد واليابان .
الدفعة السابعة كانت من الكتاب والصحفيين والمفكرين الفلسطينيين بينهم رئيس اتحاد الكتاب ورئيس اتحاد الصحفيين .
الدفعة الثامنة كانت من الفنانين الفلسطينيين بكافة فئاتهم .
الدفعة التاسعة كانت من اتحاد المرأة الفلسطينية ممثلة برئيسة الإتحاد وبعض النساء.
الدفعة العاشرة كانت من بعض الكتاب والمثقفين الإسرائيليين .
وانتهى بذلك استقبال المهنئين وخرج عارف من المستشفى برفقة سارة .
****



:: توقيعي ::: https://www.facebook.com/profile.php...6%3A1554662450
رابط موقعي في الحوار المتمدن
http://www.ahewar.org/m.asp?i=7683
وحين التقينا يا إلهي بعد كل هذا العناء من البحث عنك
وجدت نفسي أمام نفسي!
  رد مع اقتباس
قديم 03-27-2018, 05:37 AM شاهين غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [28]
شاهين
الأُدُباءْ
الصورة الرمزية شاهين
 

شاهين is on a distinguished road
افتراضي

عديقي اليهودي 27
* عارف يرفض وسام دولة اسرائيل ويتقبل وسام دولة فلسطين !
* كل قبلة تلقيتها من طفل اسرائيلي هي بمثابة وسام لي.
امتلأ البيت والساحة أمامه بعشرات باقات الورود التي أحضرتها سارة والأقارب من المستشفى. ولم يسترح عارف نذيرالحق إلا ليوم واحد حتى توافد المهنئون من أبناء القدس والسواحرة وأبوديس والعيزرية على بيته . لم يكن هناك مكان يتسع للمهنئين ، فكان معظمهم ينصرفون ليقفوا في الخارج لبعض الوقت أو يغادرون ، بعد مصافحة عارف وتناول القهوة المرّة التي كان يقدمها أحد أبناء أخوة عارف ، ليسمحوا لآخرين بالدخول . سارة ارهقت إلى حد كبير رغم مساعدة شقيقة علي ( ثريا) لها في تنظيم دخول الوافدين ، حتى لا يأخذ وفد دور وفد آخر. كانت سارة قد أحضرت هاتفا جديدا لعارف بدلا من الهاتف الذي أتلفته مياه الفيضان، وتولت هي الرد على المكالمات . وحين اتصل أحد أصدقائها من حركة السلام الآن للقدوم مع وفد لتهنئة عارف ، استشارت عارف، قال لها" حددي لهم وقتا بعد الساعة الثانية ظهرا، واخبريهم أنهم سيتناولون الغداء معنا ، ولا تنسي أن تتصلي بأبيك وأمك ليحضرا ايضا "
أحس عارف بتعبها . نادى ثريا " أين بنات أعمامك وعماتك يا عمو. سارة تعبت ويكفيها الرد على الهواتف "
- حاضر عمو
وسارعت إلى الإتصال باثنتين من بنات أعمامها .
لم تمر سوى دقائق حتى حضرت خمس فتيات .. وأحضر أبناء آخرون كراس ومناضد ووضعوها في الساحة أمام البيت لمن يود البقاء من المهنئين .
جلست سارة في مكتب عارف لتتولى الرد على المكالمات وتنظيم قدوم المهنئين . رن الهاتف.. كان عارف يتحدث إلى وفد يمثل الطوائف المسيحية في القدس وفلسطين . لم تعتذر سارة كما في معظم المرات ، مؤكدة أنه ليس في مقدور الأستاذ عارف أن يرد الآن على مكالمات . لكن بإمكانكم أن تقولوا ماذا تريدون؟"
فوجئت حين هتف الطالب مؤكدا :
" معك مدير مكتب رئيس دولة اسرائيل . يجب التحدث إلى بروفيسور! عارف "
نهضت سارة وخطت إلى أن وقفت بباب الصالون : " عفوا "
كان عارف يتحدث إلى الوفد عن المحبة الإنسانية التي أتى بها رسول المحبة " يسوع المسيح " في زمن أقرب إلى زمننا كثر فيه الغزاة وعمت الحروب وانتشر القتل ، دون أن تتحقق رسالة المسيح في المحبة والسلام حتى يومنا .
اعتذر عارف من الوفد ليرى ما الأمر . نظر إلى سارة .
- ما الأمر؟
- مدير مكتب رئيس دولة اسرائيل على الخط ويصر على التحدث إليك !
فكّر عارف للحظات وما لبث أن تكلم :
- قولي له أنني لن أتكلم معه ، فإما أن يتكلم معك وإما لا !
خاطبت سارة مدير المكتب بعبرية فصيحة مترجمة ما قاله عارف.
قال الآخر بعد لحظات :
" لقد قررت دولة اسرائيل منح وسام الدولة للبروفيسورعارف نذيرالحق تكريما له لما أبداه من تضحية بنفسه لإنقاذ الأطفال الإسرائيليين "
ترجمت سارة لعارف.
أطرق عارف للحظات وما لبث أن هتف لتترجم سارة ما يقوله حرفيا :
" لن أسمح لدولة تقتل الأطفال بأن تسلب القبل التي تلقيتها من الأطفال الإسرائيليين . إن كل قبلة تلقيتها منهم هي بمثابة وسام شرف أعتز به .. إن كنتم جادين حقاً في اقامة وطن يسوده السلام ، فتوقفوا عن قتل الأطفال الفلسطينيين وهدم البيوت ، وارفعوا الظلم عن الفلسطينيين ، واهدموا جدار الفصل العنصري البغيض الذي بنيتموه، واطلقوا سراح السجناء الفلسطينيين ، وأوقفوا بناء المستوطنات ، واشرعوا في مفاوضات جديّة وحقيقية من أجل سلام دائم ، وليس من أجل إدارة صراع إلى الأبد ، لنظل نعيش في عصر يوشع قاتل سكان أريحا ، وعصر داود وجليّات ، وعصر شمشون ، تلك العصورالتي كانت وما تزال تمتد فينا على أيدي دولتكم "
وأشار عارف إلى سارة أن تقفل الخط ، وراح يعتذر من وفد الطوائف المسيحية ، الذي أثنى على ما سمعه من رد على مدير مكتب رئيس الدولة .
استقبل عارف بعد ذلك وفدا من كتاب البلدة ، وفيما كان يتحدث إلى الوفد مشيدا بما أبدعه الكتاب والأدباء
مشيرا إلى ضرورة تعميق الرؤية في كتاباتهم لتشمل كافة مناحي الحياة الاجتماعية ، دخلت سارة مستأذنة :
" مدير مكتب الرئيس الفلسطيني على الخط "
اعتذر عارف من وفد الأدباء ليأخذ الهاتف ويجيب:
- أهلا عزيزي .
- سيادة الرئيس قرر منحكم وسام دولة فلسطين إكراما لما قمتم به من عمل انساني عظيم ، ولدوركم الرائد في الثقافة الفلسطينية .
- جزيل شكري وامتناني للسيد الرئيس ولكم.
- سنخبركم لا حقا بموعد اللقاء بالسيد الرئيس وتقلد الوسام .
- تشكر عزيزي
شرع وفد الكتاب في تقديم التهاني ما أن عرف بالأمر .
كان وفد الكتاب آخر المهنئين بسلامة عارف . استرخى عارف في الأريكة ماددا رجليه على طولهما . سارة استرخت بدورها .. كانت ثريا تقف بباب الصالون .. سألها :
- كم بقي من الناس في الخارج يا عمو ؟
- قرابة مائة وخمسين !
- أمل أن يكون علي قد فعل ما طلبت إليه !
- ذبح عشرة خراف يا عمو وتقوم بعض نساء العائلة بالطهي والخبز .
- يعطيهن العافية يا عمو .
****
أعلنت ثريا عن وصول رجل يدعى يعقوب ترافقه سيدتان !
- ليتفضلوا يا عمو.
هتف عارف ونهض هو وسارة لاستقبالهم .
عانق عارف يعقوب بحرارة ، ثم قدّم يعقوب راحيل ويوئيلا . صافحهما عارف. عانقت سارة أبويها ويوئيلا. وما أن جلسوا حتى تحدث يعقوب :
- أعتذر لأنني أتيت بيوئيلا دون اذن منكم !
- أنت تمون يا عزيزي !
- يوئيلا خطيبة شيمون ، وأهم ما فيها أنها تحب أصلها كمصرية ، وآخر انجاز لها أنها ساعدتنا بالضغط على شيمون ليعامل فصيله المتظاهرين الفلسطينيين بمنتهى اللطف والأدب ، ونجحت في ذلك .
- هذا انجاز عظيم !
عقب عارف.
- وهذه زوجتي راحيل . راحيل اليوم ليست راحيل ما قبل الفيضان ، حتى بعد أن عرفت بعلاقة سارة بكم ، فلم تكن راضية عنها ، أما بعد الفيضان فقد انقلب موقفها إلى نقيضة .
- أهلا بك سيدة راحيل . ونأمل أن ننال أنا وسارة رضاك !
تدخل يعقواب قائلا :
- أنا واثق من أنها راضية ولم يبق أمامها إلا أن تبارككما !
- باب ألا ترى أنك تصادر حق مام في التكلم عن نفسها !
- أعرف أنها خجولة ساراي !
- ليس إلى الحد الذي تتصوره . تفضلي مام . أريد مباركتك لي ولعارف ، علما أنني كنت المبادرة إلى هذه العلاقة التي تحولت إلى حب غير قابل للإنفصام مهما حدث ، ويمكن القول أنني فرضت الأمر عليه ، لكنه اشترط أن يكون حبنا عذريا ! ونحن كذلك الآن !
- أعرف يا ابنتي أننا أنشأناكما أنت وشيمون على الحريّة رغم قيود الدين الكثيرة . ولم نتدخل في حياتكما منذ أن أنهيتما دراستكما. ليبارككما الرب مهما كان نوع حبكما .
نهضت سارة وعانقت أمها بحرارة . ونهض عارف ليعانق راحيل بدوره . وأعلن يعقوب بدوره عن مباركته لهما ، فعانقاه .
قدمت ثريا للإعلان عن وصول وفد حركة السلام الآن ، عشرة شباب وعشر نساء. نهض عارف وسارة لاستقبالهم .. كانت سارة تعرفهم جميعا لمشاركتها معهم من قبل في نشاطات سياسية مؤيدة للفلسطينيين ، فراحت تقدمهم إلى عارف، ليعانقوه جميعا ..
ما أن جلسوا حتى شرع رئيس الوفد في الكلام :
- إنه لمن دواعي سرورنا أن نقدم لكم باسم مئات الآلاف من أعضاء حركة السلام ومؤيديهم، أحر التهاني بشفائكم ، والثناء على ما قمتم به من تضحية عظيمة ومعجزة لإنقاذ عشرات الأطفال الإسرائيليين ، من الغرق والموت .
إنّ الزلال الذي أحدثتموه في المجتمع الإسرائيلي دفع عشرات الآلاف إلى الإنضمام لحركة السلام الآن ، أو التعاطف معها أو انتهاج نهجها، وهو ما لم تستطع حركة السلام تحقيقه خلال ما يقرب من أربعين عاما من عمرها .. وأنه لأمر مؤسف أن يزداد اليمين توسعا وهيمنة على الدولة والمجتمع ، دون أن يتحقق ولو الحد الأدنى مما تطمح إليه شالوم أخشاف.
سنحاول تنظيم أكبر تظاهرة في تاريخ اسرائيل خلال الأيام القادمة ، ترفع شعارات السلام والدخول في مفاوضات جديّة لتحقيقه ، ووقف الإستيطان وهدم البيوت وإلغاء تقسيم المناطق وما إلى ذلك . عدا عن اللافتات التي سترفع بوحي من عملكم الإنساني ، داعية إلى المحبة والتسامح وإقامة السلام بين الشعبين.
ونود أن نلفت انتباهكم إلى أنه بقدرما أسفرت عنه تضحيتكم بأنفسكم لإنقاذ الأطفال من إيجاد مئات آلاف المؤيدين للسلام ، أوجدت بالقدر نفسه مئات الآلاف من المعادين للسلام ، والحرية ، بما في ذلك حريّة الفكر والمعتقد والرأي . إن حياة سيادتكم معرضة اليوم للخطر أكثر من أي وقت مضى ، ومن قبل الطرفين المتخاصمين ومن يقدم لهم الدعم والتأييد، وإن كان الخطرفي الجانب الإسرائلي قد يكون أكثر منه في الجانب العربي . فتنبهوا لأنفسكم يا سيدي .. مع تمنياتنا لكم بالسلامة وطول العمر، ودمتم للمحبة والسلام والفكروالمعرفة .
وقام عارف بالرد على كلمة رئيس الوفد قائلا :
- أشكر سيادتكم وكافة أعضاء حركة السلام الآن لهذه الحفاوة البالغة التي أحطتموني بها ، وإنني لأنتهز هذه الفرصة ، لأتقدم من كل عضو وعضوة في حركة السلام بخالص تحياتي ومحبتي ، داعيا إياهم إلى عدم اليأس مهما واجهتهم صعاب وعقبات .. وإني لأكاد أرى رايات السلام تخفق في أعالي روابي بلادنا . إن زمن الظلم لن يدوم . انظروا إلى شعب جنوب افريقيا كيف تصالح وحقق وحدته وسلامه بعد طول قهر وتعسف . فهل نحن أقل منه ثقافة، وطموحا إلى التصالح وإقامة السلام فيما بيننا ، لتعيش الأجيال بعدنا في عالم تسوده المحبة والتعاون بدلا من نزعات الشر والتعصب والعدوانية .
أما فيما يتعلق بالخطر المحدق بي أيها الأصدقاء.. فلا أظن إن نجح الخصوم في قتلي أن ينجحوا في إطفاء الشعلة التي أججت اتقادها .. وما أعتقده أنها ستتأجج أكثر، وعليكم أنتم تزيدوا من هذا التأجج ليصبح جحيما قد تلتهم كل من يقف في طريقها. وفقنا الخالق العظيم ووفق البشرية، وأرشدها طرق الصّواب ، لتحقيق قيم الخير والعدل والمحبة والجمال، وبناء الحضارة الإنسانية ، جلّ ما يطمح إليه الخالق .
شرع الحاضرون والمتجمهرون خلف الباب وفي الخارج بالتصفيق . وأعلنت ثريا أن طعام الغداء قد أصبح جاهزا.
أحضرثلاثون شابا وشابة ثلاثين منسفا من اللحم والأرز والثريد ، كانوا يحملونها على رؤوسهم . فردوها على موائد كثيرة في الساحة ، ودعا عارف جميع الحضور إلى طعام الغداء .
****



:: توقيعي ::: https://www.facebook.com/profile.php...6%3A1554662450
رابط موقعي في الحوار المتمدن
http://www.ahewar.org/m.asp?i=7683
وحين التقينا يا إلهي بعد كل هذا العناء من البحث عنك
وجدت نفسي أمام نفسي!
  رد مع اقتباس
قديم 04-02-2018, 05:27 PM شاهين غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [29]
شاهين
الأُدُباءْ
الصورة الرمزية شاهين
 

شاهين is on a distinguished road
افتراضي

عديقي اليهودي 28
* أبطال تراجيديون ، من جليّات إلى ياسر عرفات إلى عارف نذير الحق.
محمود شاهين
وهي تلتقط أنفاسها من جراء جريها جنوبا وشمالا على هضبة المغرة لممارسة الرياضة ، هتفت سارة وهي تقف إلى جوار عارف الذي كان جالسا يفكر في أمر ما :
- أين وصلت يا حبيبي؟
- لا أعرف ! كلما فكرت في أمر خطر لي آخر . ماذا سأقول في حضرة الرئيس حين يقلدني الوسام غدا ؟ وما الذي ستنتهي إليه القضية بعد أن أقفلت الطرق كلها أمام الفلسطينيين ، هل سيقبلون بما سيفرض عليهم ؟ وماذا عن الرئيس نفسه ، هل سيسعى اليمين الإسرائيلي إلى اغتياله ، بعد أن اختار مواجهة المشاريع التصفوية ؟ وماذا عنّي أنا وحتى عنك أنت ، أليس هناك من يسعى إلى اغتيالنا ؟
احتضنت سارة رأس عارف وقبلته وهي تجلس إلى جانبه :
- ألم نتفق على الراحة هذا اليوم يا حبيبي؟
- ها نحن مرتاحين ، وهذا لا يمنعنا من أن نفكر في حاضرنا ومستقبلنا ؟
- هل أثرفيك ما أشار إليه رئيس وفد السلام الآن من أن حياتك في خطر ؟
- حياتي في خطر منذ عقود يا حبيبتي ، وقبل أن أنتهج فكرا مختلفا لفهم الخلق والخالق والغاية من الوجود..وهذا ما يجر علي عداء المتعصبين للديانات بكافة فئاتهم .. وإذا ما أضفنا إلى ذلك مواقفي السياسية ، والزلزال الذي أحدثته في المجتمع الإسرائيلي بإنقاذ الأطفال الإسرائيليين، والزلزال الآخر الذي أحدثته أنتِ بحبك لي، وقبولي لهذا الحب، سأجد نفسي أمام أعداء كثر، وإن كانت عداوة بدرجات متفاوتة حسب نوع الأعداء ومن أي فئة هم ؟
ضمت سارة عارف إليها وقد أدركت أبعاد الخطر المحدق به:
- حبيبي! إن قتلوك سأقتل نفسي بعدك . لا أستطيع تصوّر حياتي دونك .
- بل ينبغي عليك أن تعيشي حياتك ، رغم أنها مهددة هي الأخرى، وإن بخطورة أقل .
- لا أظن أنني سأكون قادرة على التعايش مع جرح اغتيالك الذي سيرافقني ما دمت حيّة !
- عوّدي نفسك على النسيان وستعتادين .
- أشك في الأمر.
- لنخرج من هذا الأمر إلى غيره .
- لا أستطيع أن أتجاهل الأمر منذ الآن يا حبيبي ، بدأت أشعر بما تشعر به أنت .
- تجاهلي يا حبيبتي ! ما رأيك بدولة فلسطينية في غزة وجزء من سيناء !؟
- هل هذا ما يتداوله الناس عن صفقة القرن الترامبيّة !
- أجل !
- إنها جنون !
- بل جنون الجنون ! إنها النهاية ! وآمل أن لا يستيقظ سكان الضفة يوما على أمر يدعوهم للهجرة إلى سيناء !
- لن يهاجر أحد !
- وسيبدأ العنف الإسرائيلي ليواجه بأي عنف يمكن أن يقدر عليه الفلسطيني.
- وماذا بعد ؟
- آمل أن لا تحدث مجازر كما حدث عام ثمانية وأربعين !
- لماذا لم تتضمن اتفاقية اوسلو ضمانات دولية لتطبيقها خلال فترة معينة ؟
- حتى لو كان هناك ضمانات تحت البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة لما نفذتها اسرائيل ! اسرائيل الوحيدة في العالم فوق القانون والقرارات والمواثيق الدولية ، وتدعمها أمريكا بشكل مطلق في ذلك .
- هل يعقل هذا ؟
- طبعا يعقل ! لأن الغاية من وجود اسرائيل حسب ما عرف من الوثائق الدولية منذ عام 1907 لم تتغير حتى اليوم ! وإن كان البادئ بالأمر هو بريطانيا كونها كانت صاحبة المصلحة الاولى في ذلك الزمن.
هذه المنطقة المسماة عربية لها أهمية خاصة في استقرار العالم ، خاصة وأن هناك من ما زال يحلم بإقامة امبراطورية عربية كتلك التي أقيمت في الماضي .
- ما هو الحل إذن ؟
- أن يضمن العالم مصالحه بما فيها الأمن، هذا إذا كان جادا في التخلص من فكرة الهيمنة والسعي بجديّة نحو سلم عالمي.
- وهل هو جاد ؟
- أشك ، خاصة وأن الظروف ما تزال بعيدة جدا عن هذا الحلم إذا كان يراود بعض الأمم القوية والمستقرة .
- إذا كان هذا الحلم ما يزال بعيد المنال، فكيف بأحلامك الساعية إلى وحدة أمم كوكب الأرض، على قاعدة الخير والمحبة والعدل والجمال وبناء الحضارة الإنسانية ، وفهم منطقي للخالق ، والغاية من الوجود؟
- اعتقد أن هذه المسألة تحتاج إلى ما يقل عن خمسة قرون إذا وجدت من سيسعى إلى تحقيقها ..
- أنت تعتقد أن الخير لا بد وأن ينتصرفي النهاية !
- أجل حبيبتي ، وما أجمل أن تعيش البشرية على هذا الأمل . التاريخ يسير إلى المستقبل ولا يتقهقر إلى الماضي ، وإن كان لترسبات الماضي في ثراث الشعوب وثقافاتها ما يشكل عائقا لأحقاب زمنية في صيرورة التاريخ وتحولاتها .
- هل تقصد العقيدة اليهووية مثلا ؟
- أجل حبيبتي . العقيدة اليهووية وما نجم عنها ، من تأثير في العقائد اللاحقة ! والأمر نفسه ينطبق بنسب متفاوتة على العقائد الأخرى وما أفرزته من ثقافات ..
- هل ترى أن ثمة امكانية لأن تسود عقيدة واحدة العالم ذات يوم ؟
- أجل حبيبتي . وهذه العقيدة ستكون من نتاج العلم والمنطق ، بحيث لا يستطيع أحد أن يعارضها ، لأنه سيجد نفسه يحيا في خضمها ، لأنها تفسر له وجوده والغاية منه !
- أنت تفكر انطلاقا من فلسفتك حبيبي ، القائلة بوحدة الوجود ، بحيث لا يكون فيها وجودان ، خالق ومخلوق ، بل خالق ، وخالق فقط ، خلق نفسه بنفسه لنفسه ، وما يزال يخلق نفسه بنفسه لنفسه !
- صحيح حبيبتي . أشكرك لأنك تفهمين فلسفتي جيدا! أعطني قبلة !
- الحقيقة حبيبي أنني لم أفهم إلا المبدأ الذي تقوم عليه و بعض ما يتفرع عنه ، لكن التعمق في التفاصيل ، والإلمام بالرؤية الشاملة لكافة مناحي الحياة قد يحتاج إلى زمن طويل .
- يمكنك أن تسألي حبيبتي ؟
- أين نضع الحروب وما ينجم عنها من قتل ودمارضمن هذه الرؤية ؟ فهل المنتصر والمهزوم ، والقاتل والقتيل ، هما الخالق نفسه !
- ما يصعب الإجابة على المرء حين يطرح أسئلة من هذا النوع على نفسه ، هو تصوره الخطأ لوجود خالق مستقل عن الخلق ، فهل يعقل أن يكون الخالق قاتلا ، ويكون القتيل في الوقت نفسه ؟
- وما الذي يجب أن يتصوره ؟
- يتصور الوجود نفسه بكليته ، وما يجري فيه هو صراع جزئي ومحدود فيه ، فيكون القاتل والقتيل في هذه الحال لا يشكلان أكثر من نقطة صغيرة في محيطه .. أو لنتصور جسم الإنسان مثلا ونعتبر أنه يمثل الوجود ، ففي هذا الجسم توجد خلايا مناعية للحفاظ عليه ، وفي الوقت نفسه توجد أو تنشأ خلايا عدوانية ، والصراع بين الخلايا هو صراع لبقاء الإنسان ، فالخلايا المنتصرة هي جزء من ذات الإنسان ، والخلايا المهزومة هي جزء من ذاته أيضا . لكن الإنسان يبقى ولو إلى حين .
- ماذا لو نظرنا إلى الوجود من زاوية البقاء المؤقت الذي تطرحه . هل يعني هذا أن الوجود سيبقى إلى حين فقط ؟
- نعم . هذا ممكن ! فقد يكون للوجود عمر ، كما للإنسان مثلا . لكنه ليس نهاية الوجود بالمطلق ، فقد يكون مرحلة في دورة كونية، ينشأ عنها حياة جديدة ، وكون جديد ، وكائنات مختلفة ، وإنسان مختلف بالمطلق عن الإنسان الحالي ، تماما كما موت الإنسان الحالي ، الذي لا يعتبر نهاية مطلقة له ، فما هو إلا مرحلة ضرورية لإثراء المادة وإنتاج الطاقة ، ولولا ذلك الفناء المنظور( التمرحل ) للكائنات والأشياء لانتهى كل شيء ودمر الكون . مثلا لا يمكن تصور ما الذي سينشأ عن استغلال ثروات الأرض من قبل الإنسان، لصنع كم هائل من الأسلحة المختلفة وغيرها، مما يؤدي إلى افقار الأرض بالمواد الضرورية للحياة، وإنتاج المادة والطاقة ، فقد يأتي على الإنسان يوم يأكل فيه أسوأ أنواع الخضار والفواكه وحتى اللحوم ، لفقر التربة في انتاج ما هو جيد !!
- ترى هل يشعر الإنسان بعد الموت ، بوجوده المادي الطاقوي ؟
- يفترض أنه سيصبح جزءا من الذات الكونية ومتحدا بها ، فيشعر بما تشعربه ، ويرى ما تراه ، ويحدث له ما يحدث فيها !
- كيف ترى ؟
- بعيونها في مليارات العيون الموجودة في الكائنات . من عين أصغر كائن مرورا بعين الإنسان وانتهاء بعين الحوت ! فكل العيون عيونها!
- حبيبي فلسفتك تجنن !
- ههههههه . الجنون ضرورة للنظر إلى الوجود بعقل مختلف !
- هل رؤيتي لك ورؤيتك لي ورؤيتانا لما حولنا وما نراه ، هي جزء من رؤية الذات الكونية ؟
- أجل حبيبتي ، كما هو وجودنا ، وما نفكر فيه ، وما نفعله ! ليس هنك وجود خارج وجود الذات الكونية ، وليس هناك فعل إلا من فعل الذات الكونية !
- والذات الكونية في مفهومك لا تحتاج إلى عبادة !
- أية عبادة ؟ هي ستعبد نفسها إن تعبدت ! هي القوة الفاعلة والمنفعلة في الوجود في الوقت نفسه ! القوة التي لا تفنى ولا تزول ! القوة المتجددة دائما إلى ما لانهاية !
- ألن يكون لها نهاية ما ؟
- يكون لها حالة من الرقي في التطور أقرب إلى الكمال ، قد يطول عمرها ، لكنها لن تكون النهاية !
- كيف يمكنك أن تتصور هذه الحالة ؟
- المسألة ليست سهلة ، لكن يمكن القول ، إنها الحالة التي يشعر فيها المرء أن جسده جزء من جسد الخالق ، كما هو كل جسد لإنسان آخر ، وكائن آخر !
- هل يمكنني أن أطلب إليك طلبا !
- أكيد ! أحب أن استمع إليك تقرأ قصيدتك في مذهب وحدة الوجود . قلت لي أنك تحفظها !
- ليكن يا حبيبتي ..شعرت أنني سألاقي خالقي حين ظهر ورم في لثتي ذات يوم ، فواجهت الخالق بهذه القصيدة ، حتى لا أرحل عن الدنيا دون أن أقول كلمتي في الخالق والخلق والوجود :
إما أنت أو لا أحد !!

أحسست بدنو الأمد
وأنا الوحيد دون أحد
هتفت باسمه من عمق الجراح
مثل لي بجلال مقتصد
همست: هل لي ببوح يعتمد؟!
قال : قل ما لم يسمعه أحد !
وأكمل رسالتك
فلن تعيش إلى الأبد .
قلت : أشهد أن لا إله إلا أنت
إنك " الواحد الأحد "
وإنك " الله الصمد "
وإنك " لم تولد ولم تلد "
" ولم يكن لك كفوا أحد "
***************
قال: لقد قيل هذا من قبل !
أضفت : وأشهد أنك الطاقة
السارية في الخلق
فإما أنت أو لا أحد !
وأن الإنسانية حبيبتك
وإنها إليك تستند
وأنت عليها تعتمد !
عشق الأحبة متبادل
بنبض القلوب
وآهات الروح
ورعشة الجسد
لا يكتمل الحبيب إلا بالحبيب
فلا اكتمال بحب منفرد
سعي الخلائق إلى الكمال
بسعي الخالق يتحد
فإما كمال يعم الخليقة
وإما انتهاء إلى الأبد !!
*******
قال: أحسنت إذ اجتهدت
فالإجتهاد حق معتمد
فانا في الهي والنحن والهم كنت
والهي والنحن والهم والكل
في أناي تتحد
فلا معزل لفرد عن كل
ولا معزل لكل عن فرد
تنزهت باسمي " الله "
ولا تنزيه غير ذلك يعتمد
********
انا في الهيولى البدئية كنت
دون أن يكونني أحد
أوجدت نفسي بنفسي لنفسي
دون أن أدري ما الغاية
وما القصد ؟!
وبقيت دهورا كامنا
لا أدري إن كنت أدري
ما اريد ، وما لم أرد
كجنين في رحم أم
غافل عما يستجد
*******
إلى أن ضاق بي الكمون
وضقت به فانفجرت
محطما جدران الهيولى
التي عنها انبثقت
لأنتشر في كون شاسع
حدوده لا تحد
ولينبثق معي الخلق
كائنا من رحم المهد
فكل كائن كان في
وفي كل كائن كنت
فانا الكينونة دون حد
وآفاقي لا تحد
فليس للحد مني حد
ولا حد حيث كنت
انا " الله " أل بلا حد
لا غنى للخليقة عني
ولا غنى لي عن الخليقة
فنحن الواحد في الكل
والكل في الواحد يتحد !
*********
صفقت سارة وهي تردد: رائع !
عقب عارف قائلا:
- ولا رائع ولا شي! القصيدة قديمة ، وقبل أن تتبلور أفكاري في مذهب وحدة الوجود . ولو خطر لي أن أعيد كتابتها لأغنيتها كثيرا ، بما ليس فيها ، وربما سأشطب فقرة ما أوأعيد كتابتها.
- ألم تحاول ؟
- لا ! لأنني وضحت ذلك في أكثر من سبعين وثلاثمئة وألف مقالة ومقولة حتى اليوم .
- أنت توظف مفردة " الله " هنا بدلا من الخالق .
- ربما لأن المفردة أقرب وأحب إلى وعي الإنسان . المؤسف أن وجود آلهة كثر وبمفاهيم مختلفة ، أساء إلى المفردة !
صمتا للحظات . تساءل عارف .
- حسب رأيك ماذا سأقول في حضرة الرئيس غدا بعد تقليد الوسام ؟
- أعتقد أن وقت الرئيس ضيق . ويستحسن أن تكتفي بالشكر .
- سأحاول .
- وماذا عن الرئيس نفسه ، ألا ترين أن حياته في خطر بعد أن اختار الرفض في مواجهة المشاريع التصفوية ، التي ستدق المسمار الأخير في نعش القضية الفلسطينية ؟
- ممكن ، فالأمر ليس جديدا على اسرائيل .
- ألا يمكن لكبر سنه أن يجعل اسرائيل تتلافى الأمر ، ولا تضيف إلى تاريخها في اغتيالات الزعماء الفلسطينيين اغتيالا جديدا ؟
- ممكن وغير ممكن أيضا ، لأن اسرائيل يهمها أن تظهر للجميع بأن ما تريده هو الذي سينفذ ، فقد تقدم على اغتيال محمود عباس كما اغتالت ياسر عرفات حين اختار الرفض ، لتقول للرئيس الفلسطيني القادم ، ينبغي عليك أن تعمل وفق ما نريد !
- أمر فظيع ! البطل الفلسطيني بطل تراجيدي يحقق انجازات لكنه لا ينتصر، وهو يدرك ذلك ولا يهرب من قدره . ويبدو لي أن هذا القدر محقق في الواقعين التاريخي والمتخيل ، بدءا من قتل جليات بحجر من مقلاع داود ، مرورا حتى بيسوع المسيح ،في التاريخ القديم ، وانتهاء بعبد القادر الحسيني وياسر عرفات في الزمن الحاضر .
- ما العمل إذن ؟
- المواجهة الشعبية السلمية هي الممكن الوحيد في الحاضر، إلى أن تتبلورالأمور ! رغم أن اسرائيل ستحاول الحد من هذه المواجهة ولو بقتل وجرح آلاف المتظاهرين الفلسطينيين . فكل شيء يزعج اسرائيل ، حتى النضال السلمي ، لأنه يضعها في مواجهة أناس عزل ، حتى دون سكاكين ، وفي هذه الحال ستفقد عذر الإرهاب الذي تتذرع به أمام العالم . لأن من تواجههم هم أناس عزّل من كل شيء إلا من أعلام فلسطين وحناجرهم الصارخة بحقوقهم والرافضة للمحتل !
*****



:: توقيعي ::: https://www.facebook.com/profile.php...6%3A1554662450
رابط موقعي في الحوار المتمدن
http://www.ahewar.org/m.asp?i=7683
وحين التقينا يا إلهي بعد كل هذا العناء من البحث عنك
وجدت نفسي أمام نفسي!
  رد مع اقتباس
قديم 04-04-2018, 05:19 AM شاهين غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [30]
شاهين
الأُدُباءْ
الصورة الرمزية شاهين
 

شاهين is on a distinguished road
افتراضي

عديقي اليهودي 29
* مبروك يا عارف !
- هل تصحبني معك لأحضر تقليدك الوسام من قبل الرئيس حبيبي !
تنهد عارف للحظات :
- يسعدني ذلك حبيبتي لكني لم أطلب اذنا باصطحابك ، رغم اعتقادي أن الرئيس سيسر لحضورك . ثم إنني لم ألتق الرئيس منذ 36 عاما وربما نسيني في خضم عمله .
- هل التقيت به من قبل ؟
- كثيرا . وأجريت معه لقاءات صحفية .. وعملت معه في مكتب دراسات كان يرأسه . وكتبت رواية عن هجرة اليهود بتكليف من المكتب . وكنت سأعمل معه في مشروع سياسي حينذاك ، لولا أنني تركت المكتب لخلاف مع مديره . وكان آخر اجتماع معه بحضور الرئيس عرفات حول ذلك المشروع . لم أره بعد ذلك إلا يوم حفل افتتاح مهرجان ثقافي فلسطيني أقيم في المركز الثقافي السوفياتي حينها .. كان ذلك في دمشق أواخرعام 1981.
- ولم تلتقيا بعد ذلك !
- لا أذكر . حدثت حرب 1982 . ثم الخروج من لبنان .. وأحداث كثيرة جرت ، و لم أذهب إلى تونس لظروفي الخاصة وليس لسبب سياسي.
- هل كنت مع اتفاقية اوسلو أم كنت ضدها .
- سياسيا كنت معها لأنه لم يكن هناك غيرها أمام الفلسطينيين نتيجة للظروف السياسية والموضوعية التي كانت سائدة حينذاك . بل ورأيت أن فيها حكمة ما للخروج من الوضع الذي وصلنا إليه . المشكلة أن أحدا لم يتصورما كان يفكر فيه بعض زعماء اسرائيل ، كنا نظن أن الدولة الفلسطينية ستقوم بعد خمس سنوات ، بينما يفكر بعض الإسرائيليين في عدم قيام دولة فلسطينية حتى بعد 25 سنة !
- ألا ترى أن لاغتيال رابين دورا ما في هذه المسألة !
- بل الدور كله ، والأمر نفسه ينطبق على اغتيال ياسر عرفات . وآمل أن لا يلجأ اليمين إلى الأمر نفسه في هذه المرحلة ويقدم على اغتيال أبي مازن .
- آمل ذلك . مع انني لا أثق باليمين الإسرائيلي بمختلف اتجاهاته .
- والفلسطينيون مختلفون ومنقسمون ، والمرحلة تتطلب وحدتهم وتضامنهم مع قيادتهم ، ممثلة بالرئيس عباس ، وكل ما هو غير ذلك خطأ حسب رأيي . التحرك الجماهيري السلمي الذي بدأ منذ قرار ترامب ويتصاعد اليوم أمر جيد .
قالت سارة بعد إطراقه :
- اوكيه حبيبي . لا أريد أن أكركبك في الذهاب معك . أتمنى لك لقاء سعيدا مع السيد الرئيس.
******
كان اللقاء حارا مع السيد الرئيس .. حضرعارف نذير الحق بصحبة وفد من مكتب الرئاسة اصطحبه لتقليد الوسام . عانق الرئيس بحرارة ، وفوجئ عارف بأنه ما يزال يذكره جيدا رغم كل هذه العقود المنصرمة. وذكره بكتبه الأخيرة التي وصلت مهداة إليه ، وسأله عن أحواله وصحته ، ثم قام بتقليده وسط حشد من المسؤولين ورجال الإعلام، وسام دولة فلسطين من رتبة " فارس فلسطين " ومما جاء في ديباجته " نظرا لبطولته الفذة في انقاذ عشرات الأطفال الإسرائيليين من الغرق ، ولدوره الرائد في الثقافة الوطنية الفلسطينية الإنسانية الهادفة إلى إقامة السلام بين الأمم ، وتحقيق قيم المحبة والخير والعدل والجمال ، وبناء الحضارة الإنسانية " وقام عارف بشكر السيد الرئيس قائلا :
" جزيل شكري سيادة الرئيس ، لهذا الشرف العظيم الذي أحطتموني به ، والذي سيهبني المزيد من العزيمة ، لمواصلة عملي الإنساني في خدمة شعبي ، والعمل الدؤوب لإقامة السلام بين الأمم ، متمنيا لكم دوام الصحة والعافية "
******
عاد عارف إلى البيت فرحا منشرح الصدر، ليتلقى مباركة سارة.. عانقها وقبلها كثيرا كما لم يقبلها من قبل . لم يترك جزءا من وجهها وشعرها وعنقها إلا وأمطره بالقبل وهو يحاضنها ويدور بجسدها على أرض الصالون.. وما أن جلسا حتى فاجأته قائلة :
- اتصل أبي يريد موافقتك على حضور حفل على شرفك يقيمه أطفال كيدار ومعاليه أدوميم ، بمشاركة أهلهم ومعلمي ومعلمات الأطفال ..
" اوه ! " ردد عارف بدهشة وأطرق مفكرا في الأمر ، وما لبث أن هتف :
- فكرة مدهشة أن يكون هناك حالة مناقضة للقتل والإجرام وإزهاق الأرواح وإدماء الأجساد، واعتقال الشباب والأطفال ، على مدار الأيام في الضفة وغزة من قبل سلطات الإحتلال ، لعلها تشكل نموذجا إيجابيا للتأسيس لعلاقات مختلفة بين الشعبين تسود في المستقبل . وإن كنت متخوفا من اتهامي بالعمالة والتطبيع مع الإحتلال ، وربما قتلي من قبل القوى المتطرفة لدى الشعبين . ما رأيك أنت ؟
- إنه أمر محير حبيبي.. فإن تقبّل بعض المتطرفين واقعة إنقاذك للأطفال ، فلن يتقبلوا أن تشارك أهلهم ومعلميهم في حفلات. ففي الجانب الفلسطيني سينظر إليها كخدمة للإحتلال والقبول به والتعايش معه، وفي الجانب الإسرائيلي ستعتبر تعايشا مع الفلسطينيين الذين ينبغي أن يطردوا من أرض اسرائيل التي وعدهم الله بها !
- كم هو فظيع هذا الوعد الأسطوري الذي يصدقه اليهود بعد أكثر من ثلاثة آلاف عام على حدوثه ، بينما لا يصدقون وجود شعب ما يزال متمسكا بوطنه المغتصب بعد سبعين عاما على اغتصابه .
- أعتقد أنها أكبر مهزلة من مهازل التاريخ حبيبي !
- والمؤسف أن العالم يقبل بها ، ولا يسعى إلى نقضها !
- والآن ماذا سأقول لأبي ، هل ستوافق على إقامة الحفل ؟
- لا أعرف حبيبتي . لم أحسم الأمر بعد . قد أستشير الرئيس في الأمر ؟
- وأبي ما يزال متمسكا بدعوته الخاصة أيضا !
- للأسف الظروف لا تساعد .. هذه قد نعملها في وقت مناسب دون إعلام ودون معرفة آخرين . اعلام الإحتلال يجيّر كل عمل لصالح سلطة الإحتلال . وحفل كحفل الأطفال سيكون مادة عظيمة للترويج لنموذج التعايش الذي ينبغي أن يسود اليوم . وهذا ما حاولت سلطات الإحتلال أن تفرضه على واقع اوسلو !
- حبيبي ! طالما أننا نسعى إلى مستقبل أفضل للشعبين ، هل لك أن تقدّم لي تصوّرك لهذا المستقبل ؟
- لقد سبق وأن تحدثت باختصار مع أبيك عن هذا الأمر. مرحليا لا بد من إقامة دولتين ، دولة فلسطينية على حدود 64 عاصمتها القدس إلى جانب دولة اسرائيل. ومستقبلا قد تتحد الدولتان في دولة واحدة ..وإن شئت المدى الأبعد ، قد تتحول مع الأردن ومن ثم بلاد الشام كلها إلى دول متحدة . والمدى الأبعد منه ، قد يحدث هناك اتحاد يجمع الدول العربية كلها على غرار الإتحاد الأوروبي. العالم اليوم يتجمع في تكتلات ، ولن تكون هذه المنطقة من العالم بعيدة عن هذه الرؤية . وآمل أن يؤدي ذلك إلى وحدة أمم الأرض ذات يوم حسب ما أحلم !
- حبيبي دعنا الآن في أمر الدولتين . كيف ستحل مشكلة اللاجئين والمستوطنات مثلا .. هل سنزيل المستوطنات ليقيم فيها لاجئون فلسطينيون ؟!
- يمكن أن تبقى ، مقابل أن يعود بعض اللاجئين إلى بيوتهم وأراضيهم التي تركوها منذ عام 48 ، وأن تقام تجمعات سكانية لآخرين في اسرائيل .. وهكذا يكون استيطان مقابل استيطان إذا جاز لنا أن نسميه كذلك ، رغم أن عودة اللاجئين ليست استيطانا كون الأرض كانت لهم .
- وهل سيقبل الإسرائيليون الذين سكنوا بيوتا فلسطينية بإخلائها ؟
- يجب أن يقبلوا ، فهي ليست بيوتهم .
- وماذا عن اللاجئين الذين لن يعودوا ..
- لا بد من تعويض مادي يشمل الجميع ، من العائدين وغير العائدين ، لأنهم قضوا عقودا مشردين . يمكن أن يكون تعويض من يعود إلى بيته وأرضه أقل من تعويض الذي لا يعود .
- والتجمعات السكنية هل سيسمح بإقامتها للفلسطينيين في اسرائيل ؟
- ولماذا لا ؟ فالأرض أساسا هي فلسطينية رغم التلفيق الأسطوري الذي يستند إلى التوراة ، وينبغي أن يكوت للفلسطيني الحق في أن يقيم في أي مكان فيها .
- وكيف سيعامل المقيمون في الجانبين .
- يخضعون لقوانين الدولة الحاكمة .
- وهل سيقبل الإسرائيلي أن يخضع لقانون فلسطيني ؟
- الأمر يتعلق بالأحوال المدنية غير الدينية .
- وماذا عن الدين ؟
- حرية االمعتقد تكون من حق الجميع ، من اليهووية إلى الإلحاد . بما في ذلك حرية الرأي والفكر.
- وماذا عن الجنسية .
- يمكن لمن يريد الإحتفاظ بجنسيته أن يحتفظ بها ويمكن لمن يريد أن يحمل جنسية الدولة التي يعيش فيها أن يحصل عليها !
- أليس هناك من حل غير هذا ، كأن يخلي المستوطنون جميع المستوطنات ليسكنها فلسطينيون ؟
- لن يكون الأمر سهلا على المستوطنين إلا بإرغامهم على القبول ، لكن المشاكل التي قد تنجم عن هذا الحل قد تكون اكثر مما سينجم عن الحل الأول . مع أن هذه الحلول ترقيعية حسب وجهة نظري . والحل المنطقي هو دولة واحدة للجميع كأن تحمل اسم " دولة فلسطين " أو " دولة فلسطين واسرائيل "
- ولماذا ليس دولة اسرائيل فقط ؟
- لأن الإسم دخيل ومصطنع ولا يعبر عن حقيقة تاريخية .
- مشكلة الدولة الواحدة قد تؤدي إلى أن يفوز الفلسطينيون بحكمها ، وهذا لن يرضي الإسرائيليين أو اليهود ..
- يجب أن يرضوا .. فالقبول بالدولة الواحدة يشير إلى ذلك ، خاصة وأن العرب سيصبحون أكثرية ، وربما أكثرية مطلقة في زمن قريب ، ويفوزون بحكم البلاد دائما ..
- مسألة معقدة !
- لم يعقدها إلا أصحاب النوايا الشاذة والعدوانية .
- ماذا عن استبدال أرض مستوطنة بأرض مستوطنة في اسرائيل ، حسب بعض ما يطرح ؟
- الأمر يتعلق بنوع ومساحة الأرض . ولن يكون هناك تكافؤ بين الأرضين ، فالأرض التي احتلتها المستوطنات الإسرائيلية في الأرض الفلسطينية ، أرض مختارة بعناية شديدة ، وهذا ما لن يتاح للفلسطينيين ليختاروه من الارض الواقعة تحت حكم اسرائيل منذ عام 48 .
- أف! قد نحتاج إلى معجزة لحل قضيتنا !
- نحتاج فقط إلى نوايا جادة للتوصل إلى سلام يضمن الحد الأدنى من حقوق الفلسطينيين ، أما عن اسرائيل فيفترض أنه ليس لها أية حقوق في أرض ليست لها . ومع ذلك قبل الفلسطينيون بالأمر الواقع . وهذا ما يصر الإسرائيليون على تجاهله ، والتمادي في الهيمنة والتوسع على حساب الفلسطينيين .
- الحق معك حبيبي. ألن تتغدى ، لقد طهوت وجبة خرافية !
- ما هي ؟
- فخذ خروف في الفرن !
- فانتاستك ! هيا إلى الغداء . سنعمل سلطة !
****



:: توقيعي ::: https://www.facebook.com/profile.php...6%3A1554662450
رابط موقعي في الحوار المتمدن
http://www.ahewar.org/m.asp?i=7683
وحين التقينا يا إلهي بعد كل هذا العناء من البحث عنك
وجدت نفسي أمام نفسي!
  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدليلية (Tags)
محمود, اليهودى, رواية فكرية سياسية, شاهين, عديقي


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
اسلوب عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
رواية " عديقي اليهودي" نص يعري الفكر الصهيوني من جذوره التوراتية ! شاهين ساحة الكتب 2 04-22-2019 02:41 AM
الأديب الكبير محمود شقير يكتب عن رواية " عديقي اليهودي " شاهين ساحة الكتب 0 04-21-2019 03:22 PM
" عديقي اليهودي" .. فانتازيا واقعية ترجمتها للعالمية ضرورة وطنية وقومية ..! محمد زح شاهين ساحة الشعر و الأدب المكتوب 0 08-31-2018 04:53 PM
صدور " عديقي اليهودي " و " أيوب التوراتي " عن مكتبة كل شيء في حيفا شاهين ساحة الشعر و الأدب المكتوب 4 05-13-2018 04:07 AM
" غوايات شيطانية " للروائي الفلسطيني محمود شاهين . شاهين ساحة الشعر و الأدب المكتوب 1 08-03-2017 08:47 PM