شبكة الإلحاد العربيُ  

العودة   شبكة الإلحاد العربيُ > ملتقيات في نقد الإيمان و الأديان > العقيدة اليهودية ۞ و المسيحية ✟ و العقائد الأخرى

إضافة رد
 
أدوات الموضوع اسلوب عرض الموضوع
قديم 07-31-2014, 02:56 PM مُنْشقّ غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [1]
مُنْشقّ
عضو عامل
الصورة الرمزية مُنْشقّ
 

مُنْشقّ is on a distinguished road
افتراضي خلف خطى يسوع

خلف خطى يسوع،

للزميل الغريب بن ماء السماء.

يعتقد البعض أنّ الشخص الدينيّ هو شخص جاهل لا يستعمل عقله و أنّه يصدّق الخرافة. و هذا كلام غير صحيح، فكما يوجد دينيّ غبيّ يوجد لا دينيّ غبيّ، و كما يوجد لا دينيّ متفوّق و بلغ أعلى المراتب العلميّة فكذلك يوجد دينيّ متفوّق وبلغ أعلى المراتب.و هذا لا يكون فقط في الجوانب العلميّة أو الاجتماعيّة خارج الدين، بل داخله أيضا، فترى المسلم مثلا ينقد الدين المسيحيّ و يخرج له عيوبه و ينقده نقدا عقليّا و منهجيّا واضحا، و ترى أيضا المسيحيّ يرى عيوب الدين الإسلاميّ و ينقده بدلائل و إثباتات، فملكة النقد و التحليل موجودة و ليست غائبة، و لكن ما أن يتعلّق النقد بدين الشخص نفسه، ترى هذا العقل الفطن اللمّاح الذكيّ الذي كنت تستمع إليه منذ قليل ينقلب على عقبيه و لا يرى الخطأ في دينه هو.
إذن فإنّ العقل المبدع الذي رأيناه ينقد دين غيره نراه يتوقّف عن التفكير حين يصطدم بالدغمائيّة، دغمائيّة دينه، بل و يتعجّب من هؤلاء المكابرين الذين لا يرون الحقيقة الواضحة أمامهم. و لنا كمثال أحمد ديدات و زكريّا بطرس، فكلاهما لا يرى إلاّ عيوب غيره، و تلك هي المنظومة الدينيّة التي تغيّب عقل معتنقيها، لكن تجدر الإشارة إلى أنّ هذا التغييب لا يكون إلاّ فيما يخصّها، لكن يكون العقل متوثّبا في الديانات الأخرى و كذلك المجالات الأخرى من الحياة، و كلٌّ على حسب ثقّافته و معرفته.
المسلم: كيف تجعلون إلها يُصلب على الصليب، ما هذا الهبلْ؟
المسيحيّ: هذا لأنّك جاهل و لا تعرف الله و حبّه لنا
ثمّ
المسيحيّ: كيف ينشقّ القمر فهذا ضدّ قوانين الطبيعة، ما هذا الهَبَلْ؟
المسلم: هذا لأنّك لا تعرف الله، أيّها الجاهل، فهو قادر على كلّ شيء
إلخ.....

و قسْ على ذلك، فكلّ شخص لا يرى إلاّ الأساطير التي في دين غيره و يسخر منها، و هكذا دواليك، لكنّه لا يستطيع رؤية أساطيره لأنّ دغمائيّته تمنعه، فهي الحقّ، و ما سواها باطل، بل و يؤكّد أنّ إيمانه قائم على العقل.
سُقْت هذه المقدّمة لأنّ قصّة يسوع تتشابه في العديد من تفاصيلها مع قصّة محمّد، من حيث جمع القرآن في الإسلام و جمع الأناجيل في المسيحيّة، من حيث قصّة محمّد الحقيقيّة في الإسلام و المكتوبة من الذاكرة، و قصّة يسوع الحقيقيّة في المسيحيّة و المكتوبة من الذاكرة، و كلا الفريقين يصرّ [و هو مقتنع] على أصالة كتابه المقدّس و أحقّيّته و هيمنته، و لا يقتنع بما دون ذلك، بينما يقتنع [و فجأة!] إن طال النقد كتاب غيره.
و نحن هنا في هذا المقال الذي سنجعله على ثلاثة فصول [مع المقدّمة] ، سنعتمد الطرح العلميّ و لا شيء غير الطرح العلميّ، ونتناول كلّ المخطوطات القديمة و آخر الدراسات و آراء الباحثين و نجعلها كلّها على محكّ النقد و العقل.

من هو يسوع؟ هل وُجد حقّا؟ و متى عاش؟ و ما علاقته بالدين المسيحيّ؟ و ما وجاهة تعاليمه.هذا ما سنطرحه في هذا المقال.

الجزء الأوّل: عرض و قراءة كلّ الشهادات القديمة التي ذكرت يسوع في القرن الأوّل ميلادي.
الجزء الثاني: قراءة في الأناجيل القانونيّة و نشأة المسيحيّة.

يتبع...................



  رد مع اقتباس
قديم 07-31-2014, 03:00 PM مُنْشقّ غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [2]
مُنْشقّ
عضو عامل
الصورة الرمزية مُنْشقّ
 

مُنْشقّ is on a distinguished road
افتراضي

هل وجد شخص اسمه يسوع حقّا؟ و كان هو المسيح؟

ينقسم الباحثون المختصّون في تاريخ المسيحيّة إلى خمسة نظريّات، و كلّ نظريّة لها ما يدعّمها من الأدلّة:

1-النظرة التقليديّة: يسوع هو المسيح و هو ابن الله، و كتب سيرته أشخاص كانوا شهود عيان بإلهام من الروح القدس.
2-النظرة العلمانيّة: يسوع الموجود في الأناجيل يتشابه مع يسوع الحقيقيّ الذي عاش في بداية القرن الأوّل ميلادي، إلاّ من بعض الإضافات الأسطوريّة التي أدخلتها الأناجيل عليه، كولادته من عذراء و مشيه على الماء إلخ...
3-النظرة التأويليّة: يسوع وُجد فعلا، لكنّه ليس مطلقا الشخص الذي ذكرته لنا الأناجيل، بل كان يهوديّا ثائرا.
4-النظرة المتسامحة: يسوع وُجد فعلا، لكنّنا لا نستطيع أبدا معرفة ماذا فعل، حيث أنّ الأناجيل قدّمت لنا شخصا أسطوريّا.
5-النظرة الماديّة: يسوع لم يوجد، و كلّ الدلائل التاريخيّة التي تشير إلى وجوده ما هي إلاّ تأويلات خارج النصّ تزيد الأمر تعقيدا بدل حلّه.

قراءة و تحليل الشهادات التاريخيّة:

سنتعرّض للقصّة التي في الأناجيل في الفصل القادم، و سنركّز على الشهادات التي خارج الأناجيل.

1-يذكر Jules l'africain في بدايات القرن الثالث ميلادي أنّ Thalus كتب حوالي 52 ميلادي:[يوليوس الإفريقي يذكر هذه الشهادة اعتمادا على الكتاب الثالث في التاريخ لطاليس الذي لم يصلنا]

طاليس ذكر في كتابه الثالث في التاريخ أنّ الظلمة التي حدثت كانت بسبب كسوف الشمس.

النقد: لا شيء في هذه الشهادة يشير إلى يسوع و لا إلى حياته و لا إلى أيّ شيء، و إنّما هذه الشهادة تشير إلى حدوث ظلمة اعتبرها طاليس كسوفا للشمس، و إذ تذكر الأناجيل حدوث هذه الظلمة إثر صلب يسوع، و بسببه، فهذا ليس دليلا تاريخيّا على وجود يسوع فلا شيء يمنع أن يكون قد حدث كسوف في ذلك الوقت و قام كتبة الإنجيل بتركيبه على حياة يسوع و اعتبروه معجزة تدعّم كلامهم. تماما كأن أقول: لقد كان في أمريكا نبيّ في القرن العشرين و قام البعض بقتله فأرسل الله عليهم إعصار ’’كاترينا’’ ، ثمّ نجد مؤرّخا يحدّثنا أنّه حدث في إمريكا إعصار اسمه كاترينا منذ سنوات، فهل يحقّ لمن يعتقد في وجود هذا النبيّ أن يدعّم رأيه بأن يقول لنا: الدليل على وجوده هو حدوث هذا الإعصار؟
الشهادة هي: لقد حدث إعصار اسمه كاترينا.
و شهادة طاليس: لقد حدث كسوف للشمس. فقط لا غير.

2-Suétone عاش 69-125 ميلادي، كتب في ’’حياة كلود’’ : [ Suetone.Vie de Claude, XXV.11 ]

بما أنّ اليهود لم يتوقّفوا عن إثارة الفوضى بسبب تحريض من يُسمّى Chrestus فقد قام [أي كلود] بطردهم من روما.

النقد: ’’سيوتان’’ يتكلّم عن حادثة وقعت حوالي سنة 49 ميلادي، بينما يسوع مات حوالي سنة 30 ميلادي، لكن الأهمّ هو التالي: هناك فرق بين Chrestos و Christos فالأولى تعني المسيح أو ’’الممسوح’’ بينما الثانية [و التي يذكرها سيوتان هنا] تعني ’’الطيّب’’ بل و هناك من كان اسمه كذلك أيضا مثل نائب المحافظ Ulpien الذي كان اسمه Chrestus و هم اسم مشهور نراه بكثرة في النقوش الإغريقيّة، فلا شيء يمكّننا من استخلاص شيء عن يسوع من هذه الشهادة، و هي قابلة للتأويل.
كما أنّ سيوتان نفسه يذكر في ’’حياة نيرون’’ : [ Suetone. Vie de Néron, XVI.3]

قام [أي نيرون] بتعذيب المسيحيّين christiani و ذلك أنّهم جاؤوا بخرافة جديدة و خطيرة.

انظروا هنا كيف يذكر Christiani و ليس Chrestiani بعكس النصّ السابق و نفهم أنّه يقصد ’’المسيحيّين’’ لكن ما الذي يثبت أنّه يقصد المسيحيّين الذين يؤمنون بأنّ المسيح هو ابن الله و الله، و أنّه صلب على الصليب إلخ..؟ بل يمكننا أيضا أن نقول أنّه يقصد المسيحيّين بمعنى ’’المسيانيّين’’ و هم اليهود [كلّ اليهود] الذين ينتظرون المسيح و انبثقت منهم حركة مسيانيّة تتحدّث عن المسيح المحارب ملك اليهود و الذي سيعيد مجدهم، و هم ينتظرونه منذ فترة، لذلك هذه الحركة هي حركة ’’خطيرة’’ كما وصفها سيوتان.و على كلّ حال [و مهما تعدّد التأويل] فلا شيء نستخلصه عن يسوع المسيح و قصّة حياته و هي التي تهمّنا في هذا البحث، و كان يمكن لسيوتان مثلا أن يذكره لنا إن كان فعلا كما روته الأناجيل.

3- Mara Bar-Serapion مخطوط سرياني 73 ميلادي [ Manuscrit Syriaque n° 14658 du British Muséum ]

مالذي ربحه اليهود من قتل ملكهم الحكيم؟ و مملكتهم دُمّرتْ بعد فترة قليلة...

النقد: لا شيء عن يسوع و لا عن المسيح، و إنّما يتحدّث عن ملك اليهود الحكيم الذي قتلوه، و لا شيء ينفي أنّه يتحدّث عن أحداث وقعت قبل يسوع بعشرات أو مئات السنين، و أوّلها قتل Le maitre de justice الذي ذكرته لنا مخطوطات قمران عن الأسينيّين، كما أنّ المخطوط يشكو من تواريخ عديدة خاطئة، و لا أفهم كيف يستشهد به المسيحيون لإثبات وجود يسوع.

4-Cornélius Tacite كتب حوالي 115 ميلادي : [ Annales, 15.44 ]

لقد تمّ اشتقاق اسم المسيحيّين من المسيح Christos الذي حوكم أثناء حكم تيبريوس قيصر، بأمر من الحامي [النائب] بيلاطس.

النقد: لقد وضّح الباحثون أنّ هذا النصّ تمّ تدليسه و ليس أصليّا، و يرون أنّ كاتبه هو Pogge سنة 1429 ميلادي، و هذا الشخص معروف بأنّه من أكبر المدلّسين في المسيحيّة، كما أنّ النصّ فيه خطأ تاريخيّ و هو ذكره لبيلاطس بأنّه ’’الحامي’’ أو ’’النائب’’ procurateur بينما رتبة بيلاطس الحقيقيّة هي ’’المحافظ’’ كما أثبته النقش الذي نقشه على المعبد الذي بناه لشرف تيبريوس و كان فيه: [praef]ectus Juda[eae] أي محافظ منطقة اليهوديّة.كما أنّ هذا النصّ لم يقع اقتباسه من أيّ شخص من رجال الكنيسة قبل Pogge

5- كتب حوالي 112 ميلادي Pline le Jeune: [ Lettres et Panégyrique de Trajan : X/97 ]

النصّ طويل و يذكر أنّ بلين يطلب النصيحة من الإمبراطور كيفيّة معاملة المسيحيّين، و يذكر أنّهم يتّبعون المسيح و لكن ما نفهمه من هذا النصّ هو وجود أشخاص مسيحيّين يعتقدون في هذا الـ Khristo و لا توجد إشارة لا إلى ألوهيّته و لا حتّى إلى إسم يسوع و لا إلى صلبه و لا إلى أيّ شيء ممّا ترويه الأناجيل، كما أنّ بعض الباحثين شكّكوا في اصالة هذه الرسالة و لكنّنا لا نشكّك فيها، و سنشير فيما بعد لماذا نعتبر هذه الشهادة غير مهمّة إطلاقا في إثبات وجود يسوع من عدمه. و من يريد أن يقرأ النصّ كاملا باللاتينيّة و الفرنسيّة: http://agoraclass.fltr.ucl.ac.be/concor ... ure/10.htm

6- كتب Lucien de Samosate حوالي النصف الثاني من القرن الثاني ميلادي: [ Mort de Pérégrinus, paragraphe 11-13 ]

يذكر المسيحيّين و عبادتهم لشخص تمّ صلبه و أنّهم إخوة و مستعدّون للشهادة و أنّهم يتّبعون تعاليم هذا الحكيم إلخ...

النقد: هذا نصّ واضح و مباشر و يشير إلى المسيحيّة و الصليب لكنّه متأخّر في الزمن [بعد 150 ميلادي] و لا يصحّ الاستشهاد به [مثله مثل Celse الذي ذكره origene ] حيث أنّ المسيحيّة كانت قد تكوّنت كما سنشير فيما بعد.

7- التلمود:

يذكر يسوع و تعليقه ليلة الفصح، كما أنّ قصّة يسوع ابن ’’الزانية’’ اليهوديّة مريم من الجنديّ الرومانيّ Panthera ما هي إلاّ صورة كاريكاتوريّة من اليهود للسخريّة من الإنجيل، و على كلّ حال لا أدري كيف نعتبر كتابا من أواخر القرن الرابع ميلادي دليلا على وجود يسوع التاريخيّ الذي انتشرت قصّته فيما بعد بفضل الأناجيل فأخذها اليهود بطريقة ساخرة؟

8- Flavius Josèphe [تاريخ اليهود / الكتاب 18/ الفقرة 63 و 64 ] نهاية القرن الأوّل ميلادي:

في ذلك الوقت ظهر يسوع، رجل حكيم، إن كان يحقّ لنا أن ندعوه رجلا، لأنه كان يصنع العجائب وكان معلماً لمن كانوا يتقبلون الحق بسعادة. وجذب إليه الكثيرين من اليهود واليونانيّين على حد سواء. وكان هو المسيح.
وعندما أصدر بيلاطس الحكم عليه بالصلب، بإيعاز من رؤسائنا، لم يتركه أتباعه الذين أحبوه من البداية، إذ أنه ظهر لهم حياً مرة أخرى في اليوم الثالث، كما تنبأ أنبياء الله عن هذه الأشياء وعن آلاف الأشياء العجيبة بشأنه. وجماعة المسيحيين، الذين تسمّوا باسمه، مازالوا موجودين حتى هذا اليوم.

هذا النصّ هو الشهادة الحقيقيّة الوحيدة الواضحة ضمن كلّ ما سبق والتي تستحقّ التوقّف عندها.

انقسم الباحثون إلى ثلاثة أقسام:
1-النصّ أصلي و قاله جوزيف.
2-النصّ أصلي لكن فيه مقاطع مزيّفة تمّت إضافتها فيما بعد.
3-النصّ مزيّف كلّه.

أغلب الباحثين اليوم يرجّحون الاحتمال الثاني و هو أنّ النصّ مزيّف في بعض الكلمات فقط، و سأضعها بالأزرق: [هناك بعض الاختلافات حول الكلمات الأخرى أيضا و لكن سنورد المتّفق عليه]

في ذلك الوقت ظهر يسوع، رجل حكيم، إن كان يحقّ لنا أن ندعوه رجلا، لأنه كان يصنع العجائب وكان معلماً لمن كانوا يتقبلون الحق بسعادة. وجذب إليه الكثيرين من اليهود واليونانيّين على حد سواء. وكان هو المسيح.
وعندما أصدر بيلاطس الحكم عليه بالصلب، بإيعاز من رؤسائنا، لم يتركه أتباعه الذين أحبوه من البداية، إذ أنه ظهر لهم حياً مرة أخرى في اليوم الثالث، كما تنبأ أنبياء الله عن هذه الأشياء وعن آلاف الأشياء العجيبة بشأنه. وجماعة المسيحيين، الذين تسمّوا باسمه، مازالوا موجودين حتى هذا اليوم.

الذين يميلون إلى فكرة التزييف الجزئي يعتمدون على مخطوطات جوزيف الأخرى و التي لا توجد فيها هذه الكلمات المُختلف حولها مثل تاريخ Georges Kédrénos [قرن 11 ميلادي] و تاريخ Agapios de Menbidj
حوالي [القرن 10 ميلادي باللغة العربيّة] حيث يقول:

في ذلك الوقت ظهر رجل حكيم اسمه يسوع، و كان صالحا، و عُرف بتقواه ، وجذب إليه الكثير من اليهود والأمم على حد سواء.وأصدر بيلاطس الحكم عليه بالصلب و الموت، لم يتركه أتباعه الذين أحبوه من البداية و قاموا بنشر دعوته، و يقولون أنّه ظهر لهم حيّاً مرة أخرى في اليوم الثالث، و كانوا [الذين اتّبعوه] يعتبرونه المسيح كما تنبأ أنبياء الله عن هذه الأشياء العجيبة بشأنه.

يرى الباحثون أنّ جوزيف يقول في هذه النسخة العربيّة : يقولون أنّه ظهر حيّا، و يعتبرون أتباعه أنّه المسيح، و ليس كما يبدو لنا في النصّ المزيّف حين يقول: إذ أنه ظهر لهم حياً مرة أخرى في اليوم الثالث، وكان هو المسيح، فجوزيف كيهوديّ ينتظر المسيح لا يمكن أن يعتبر يسوع هو المسيح دون أن يتّبعه. و لكن رغم ذلك فإنّ هذا الاختلاف في التعبير بين المخطوطات يؤكّد التزييف، و هذا لا يستثني النسخة العربيّة أيضا التي ذكرناها لأنّ كاتبها مسيحيّ أيضا، و لكن نلاحظ أنّ ما تتّفق فيه كلّ المخطوطات هو: في ذلك الوقت ظهر رجل حكيم اسمه يسوع، و كان صالحا، و عُرف بتقواه.و أنّه صُلب. أمّا البقيّة ففيها نظر.

تجدر الإشارة إلى أنّ أوّل اقتباس لهذا النصّ لجوزيف في كتابات رجال الكنيسة كان من طرف Eusèbe de Césarée في القرن الرابع ميلادي، و تمّ تجاهله تماما من كلّ رجال الكنيسة الأسبقين لمدّة ثلاثة قرون، و هو أمر يؤيّد قصّة التزييف.
و يشير الباحثون إلى أنّ Origène [توفّي في القرن الثالث ميلادي] في Contre Celse الكتاب الرابع، الفصل العاشر يستشهد بجوزيف حين يتحدّث عن يسوع لكنّه لا يستشهد بهذا النصّ بل بنصّ عن موسى، و كذلك و في موضع آخر لا يستشهد بهذا النصّ و كانّه لا يعرفه ممّا يزيد تأييد فكرة التزييف التي وقعت بعده.

و على كلّ حال و مهما كان النصّ أصيلا أم لا فهو مكتوب أواخر القرن الأوّل ميلادي، و لا شيء ينفي أنّ الفكرة المسيحيّة بدأت تتكوّن قبل ذلك الوقت [و هو ما سنطرحه في الفصل القادم]

قد يقول قائل [مسيحيّ] : لماذا لا نأخذ إلاّ الجانب المتشائم من النصوص، أي لماذا نذهب مباشرة إلى النفي و الشكّ و اعتبار النصوص مزوّرة ؟ لماذا لا نأخذ بعض النصوص السابقة التي تحتمل التأويل في صالح يسوع بدل أن نختار الرأي الآخر؟

و هذا سؤال وجيه، و لكن لنا وجاهتنا في الطرح و هي التالية:

لنفرض أنّه كان يوجد في زمن محمّد ثلاثة مؤرّخين معاصرين له، واحد في مكّة و واحد في المدينة و واحد في اليمامة مثلا، و قام هؤلاء المؤرّخون برواية كلّ الأحداث التي وقعت في تلك الفترة بوصفهم شهود عيان، لكن لم يذكر احد منهم اسم محمّد و لا غزواته و لا أيّ شيء عنه، رغم أنّه وصفوا لنا كلّ الذي كان يحدث.
ثمّ و بعدهم بسبعين سنة جاء مؤرّخ آخر و روى لنا أنّه كان يوجد شخص في تلك الفترة اسمه محمّد و أنّه كان نبيّا و قام بغزو القبائل و اتّبعه العديد من الناس.
ألن يصيبنا التعجّب و نتساءل لماذا لم يذكره المؤرّخون المعاصرون الثلاثة رغم اختلاف أماكنهم؟ ألن نذهب مباشرة إلى أنّ هذا المؤرّخ المتأخّر إمّا أنّه يدلّس أو أنّه صدّق قصّة خياليّة رواها له أحدهم أو أنّه ينوي إنشاء ديانة جديدة اعتمادا على تاريخ وهميّ أو أيّ شيء آخر؟ هذا ما سنفعله منطقيّا.

نعود إلى يسوع، كم كان يوجد من مؤرّخ و كاتب في عصره كشاهد عيان أو بعده مباشرة:

1- Perse حوالي 34 ميلادي [صمت مطبق]
2-Martial حوالي 70 ميلادي [صمت مطبق]
3-Sénèque بين 4 قبل الميلاد و 65 بعد الميلاد، أي معاصر تماما [صمت مطبق، هناك رسائل مزوّرة تمّت نسبتها له مع القدّيس بولس]
4-Plutarque حولي 70 ميلادي [صمت مطبق]
5-Juvénal حوالي 90 ميلادي [صمت مطبق]
6-Juste de Tibériade حوالي 60 ميلادي [صمت مطبق]
7-Pline l'Ancien حوالي 60 ميلادي [صمت مطبق رغم أنّه زار فلسطين و روى احداثها حتّى أنّه ذكر الأسينيّين]
8-Valerius Maximus معاصر ليسوع [صمت مطبق]
9-Lucain حوالي 60 ميلادي [صمت مطبق]
10-Dion Chrysostone حوالي 70 ميلادي [صمت مطبق]
11-Stace حوالي 70 ميلادي [صمت مطبق]
12-Silius Italicius مولود 25 ميلادي [صمت مطبق]
13-Flaccus حوالي 90 ميلادي [صمت مطبق]
14-Pétrone معاصر ليسوع [صمت مطبق]
15-Quintillien حوالي 80 ميلادي [صمت مطبق]

إلخ .... فالقائمة ما زالت تطول، لكن و ما يعتبره البعض ’’الضربة القاضية’’ أو الدليل القاصم هو عدم ذكر فيلون الإسكندري [13 قبل الميلاد-54 بعد الميلاد] أيّ كلمة عن يسوع رغم معاصرته له، بل أنّه لم يترك شيئا إلاّ و ذكره في فلسطين و كتب ما يزيد عن 50 رسالة منها واحدة تتحدّث عن عهد بيلاطس، حتّى أنّه يُسمّى بأفلوطين اليهوديّة، و رغم ذلك لم يذكر كلمة واحدة عن يسوع، و ما يزيد التعجّب أكثر هو أنّ فلسفته عن اللوجو Logos قريبة فيما بعد من فلسفة المسيحيّين الأوائل.

إذن ماذا حدث في تلك الفترة؟

يتبع............



  رد مع اقتباس
قديم 07-31-2014, 03:03 PM مُنْشقّ غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [3]
مُنْشقّ
عضو عامل
الصورة الرمزية مُنْشقّ
 

مُنْشقّ is on a distinguished road
افتراضي

مأساة الإنسان أنّه يولد طفلا
ديكارت



حسب ما رأينا من الشهادات غير المسيحيّة في القرن الأوّل فإنّنا لا نستطيع أن نستخلص شيئا عن يسوع المسيح أو إشارات عن حياته أو وجوده، بل لو وازنّا كلّ تلك الشهادات المقتضبة العامّة بعدد المؤرّخين الذين كانوا في عصره لراودنا الشكّ في وجود يسوع أصلا، و بالتالي فإنّنا سنعتمد على قراءة النصوص الإنجيليّة و محاولة تفكيكها علّنا ننزع عنها بعض الغبار و لنعرف أسس هذا التأليف.
الأربعة الأناجيل القانونيّة متكوّنة من إنجيل متّى و إنجيل مرقس و إنجيل لوقا و إنجيل يوحنّا.
الثلاثة أناجيل الأولى [أي متّى و لوقا و مرقس] تُسمّى الأناجيل السينوبتيّة synoptiques و هي كلمة مشتقّة من اليونانيّة : syn و تعني ’’المجموع’’ و opsis و تعني ’’نظرة’’، و ذلك لأنّ هذه الثلاثة أناجيل متشابهة و تشترك في كيفيّة و مضمون الرواية، بينما إنجيل يوحنّا مختلف عنها تماما في الشكل و المضمون.


و يرى الباحثون أنّ كتابة إنجيل يوحنّا متأخّرة و بعد الأناجيل الثلاثة، و بالتالي سنتوقّف عند متّى و لوقا و مرقس و نحاول تحليل هذه الأناجيل اعتمادا على نقاط التشابه و نقاط الاختلاف و منها نخلص إلى بعض الحقائق التاريخيّة المختفية هناك.
كانت الفكرة السائدة هي أنّ إنجيل متّى هو الأقدم [تسمّى هذه النظريّة نظريّة القدّيس أوغسطين لأنّه الأوّل الذي طرحها] و قد ظلّت هذه الفكرة سائدة في التعاليم الكنسيّة لكن الباحثون اليوم يرفضونها و يقترحون طرحا أكثر علميّة و منطقيّة.
النظريّة الحديثة تقول: [في الحقيقة هي ليست حديثة حيث طُرحتْ منذ القرن التاسع عشر] أنّ أقدم إنجيل هو إنجيل مرقس، ثمّ جاء بعده إنجيل متّى و لوقا، و وجاهة هذا الطرح هو:
-إنجيل مرقس هو أقصر الأناجيل ممّا يشير إلى أنّ لوقا و متّى اعتمداه أثناء الكتابة و قاما بإضافات و إسهابات في إنجيليهما.
-نكاد نجد كامل إنجيل مرقس مُعادة كتابته عند لوقا و متّى.
و هنا نتساؤل: إن كان لوقا و متّى نقلا عن مرقس فمن أين جاءا بالباقي في إنجيليهما؟
توجد نظريّة اسمها نظريّة المصدر Q و هي التالية:
1-لوقا و متّى نقلا عن مرقس
و أيضا
2-لوقا و متّى نقلا من مصدر آخر مشترك بينهما.[بالإضافة إلى مرقس]

سؤال: هل كان هذا المصدر المشترك شفويّا أم كتابيّا؟
الجواب: كان كتابيّا.
سؤال: بأيّ لغة كان هذا المصدر؟
الجواب: باليونانيّة
سؤال: كيف تأكّدنا من ذلك؟
الجواب: نشاهد أوّلا هذه الصورة:
متّى3/ 7-10 و لوقا/3 7-9

صورة

الذي بالأحمر هو عيّنة من التطابق الحرفيّ بين متّى و لوقا، فلو كان المصدر المشترك شفويّا لما كتبا بالطريقة نفسها حيث أنّ كلّ شخص سيروي الأحداث حسب قاموسه و ألفاظه، لذلك فالتطابق الحرفيّ يشير إلى أنّهما ينقلان من مصدر كتابيّ.
كما أنّه لو كان المصدر المشترك مكتوبا بلغة أخرى [العبريّة مثلا] و قاما بترجمته فمن الصعب جدّا أن يترجما بهذا التطابق التام، ممّا يشير إلى أنّهما ينقلان عن مصدر مشترك باليونانيّة.
طبعا تعدّدت الآراء حول هذا المصدر المشترك المسمّى المصدر Q و حاول البعض إعادة تركيبه حيث أخذوا فقط الآيات المتشابهة من هذين الإنجيلين و أعادوا تنسيقها، و الملفت للإنتباه و العجب في آن هو أنّ ’’هذا الإنجيل الجديد’’ لا يذكر شيئا عن ولادة يسوع من عذراء و لا قصّة صلبه و لا قيامته! أي بمعنى آخر فهذا المصدر المشترك Q يشبه إنجيل توما الذي يوجد فيه كلام يسوع فقط.

و هذا هو المصدر Q الافتراضيّ:

http://www.religiousstudies.uncc.edu/jdtabor/Qluke.html

إذن و للتلخيص: ’’1’’
1-الأوّل هو إنجيل مرقس.
2-ثمّ لوقا و متّى [و أثناء كتابة إنجيليهما] اعتمدا على:
- 76% من إنجيل مرقس+مصدر آخر Q
-متّى أضاف 20% غير مذكورة في الأنجيلين الآخرين و ذكر 10% من مرقس في إنجيله لم يذكرها لوقا.
-لوقا أضاف 35% غير مذكورة عند الآخرين و ذكر 1% من مرقس لم يذكرها متّى.

و هذا رسم توضيحيّ:[أرجو أن يكون رسمي للجدول و اختياري للألوان جيّدا :) ]

صورة

هذه جولة سريعة حول علاقة الأناجيل ببعضها البعض [دون إنجيل يوحنّا الذي يمثّل حالة خاصّة لوحده] و بالطبع توجد نظريّات أخرى و إنّما أطرح النظريّة التي تبدو لي منطقيّة و التي أتبنّاها و إلاّ فإنّا لن ننتهي أبدا!

و سنحاول القيام بأركيولوجيا كتابيّة لعلّنا نصل إلى يسوع.

إذا اختلف السارقان بانت الجريمة
مثل عاميّ


تاريخ الميلاد:

إنجيل مرقس لا يذكر التاريخ.

إنجيل متّى 2/ 1 يقول:

1 ولما ولد يسوع في بيت لحم اليهودية في ايام هيرودس الملك اذا مجوس من المشرق قد جاءوا الى اورشليم.

و كذلك نفهم في بداية إنجيل لوقا أيضا الأمر نفسه حيث أنّ مريم حبلت بعيسى ستّة أشهر بعد حبل أليصابات بيوحنّا في عهد هيرودس

إلى هنا الأمور جيّدا و متناسقة، لكن لوقا نفسه [هل هو حقّا لوقا نفسه؟] يذكر في الإصحاح الثاني:

إنجيل لوقا 2/ 1-5:

1 وفي تلك الايام صدر امر من اوغسطس قيصر بان يكتتب كل المسكونة. 2 وهذا الاكتتاب الاول جرى اذ كان كيرينيوس والي سورية. 3 فذهب الجميع ليكتتبوا كل واحد الى مدينته. 4 فصعد يوسف ايضا من الجليل من مدينة الناصرة الى اليهودية الى مدينة داود التي تدعى بيت لحم لكونه من بيت داود وعشيرته 5 ليكتتب مع مريم امرأته المخطوبة وهي حبلى.

متّى يقول أنّ يسوع ولد في عصر هيرودس، أي على أقصى تقدير سنة 4 قبل الميلاد، حيث نعلم تاريخيّا أنّ هيرودس توفّي في ذلك التاريخ.
بينما لوقا يقول أنّ يسوع ولد حين كان كيرينيوس والي سورية، و نحن نعرف -تاريخيّا- أنّ الأمر الأوّل الذي أصدره قيصر لكيرينيوس والي سورية لجمع الضرائب من منطقة اليهوديّة كان سنة 6 ميلادي.

يسوع مولود: 4 قبل الميلاد حسب متّى
يسوع مولود: 6 بعد الميلاد حسب لوقا
الفارق: 10 سنوات.

فمن أين جاء هذا الإختلاف؟ إمّا أنّ أحدهما مخطئ أو أنّهما مخطئان هما الإثنان.
طبعا حاول البعض القيام ببعض العمليّات البهلوانيّة لإيجاد مخرج لهذا التناقض من خلال القيام بحسابات فلكيّة عجيبة، و لكن يوجد تفسير مقنع و رصين قام به عالم الأسطورة Guy Fau و بيّن أسباب هذا الإختلاف في تاريخ الميلاد، و ذلك بالعودة إلى العقليّة في ذلك الزمن: ’’2’’

اليهود لم يكونوا فقط ينتظرون مجيء المسيح و إنّما كانوا يتنبّؤون أيضا بتاريخ ظهوره حسب نبوءات سابقة و يستطيعون تحديد أو فترة خروجه [...] يوسيفيوس فلافيوس أشار بحذر في كتابه حروب اليهود الفصل السادس، الفقرة الخامسة إلى أنّ الثورة التي حدثت سنة 67 ميلادي كانت إثر نبوءة قديمة فيقول: ’’الشيء الذي شجّع اليهود على [هذه] الحرب هو نبوءة موجودة في النصوص المقدّسة [اليهوديّة] تعلن أنّ رجلا سيخرج من هذه البلاد و سيصبح [لو خرج] ملك هذه البلاد’’ و الرومان كانوا يعرفون أيضا هذه النبوءة و يذكر سيوتان Suétone أنّه أراد تحويل تلك النبوءة لصالح الامبراطور فسبازيون Vespasianus و يشير إلى أنّ هذه النبوءة لا تناسب اليهود! و النبوءة هي: ’’ لا يزول صولجان [المُلْك]من يهوذا ولا عصا التشريع من بين رجليه حتى يأتي شيلوه وله يكون خضوع شعوب [سفر التكوين/49-10] ’’ يتّفق الباحثون كافّة أنّ ’’شيلوه’’ تعني المسيح، إذن [و حسب تفكيرهم في تلك الفترة] فوقت خروج المسيح يمكن تحديده بدقّة، فقضيب المُلْك ضاع من يهوذا سنة 40 قبل الميلاد إثر الإعتراف بهيرودس الكبير ملكا بدعم من الرومان مكان الحاكم الشرعيّ، و لكن تحت حكم هيرودس بقيت فلسطين -رغم ذلك- مستقلّة نسبيّا، أي أنّ صولجان المُلْك لم يخرج تماما من أيدي اليهود، و لكنّه ضاع تماما سنة 6 ميلادي حين جاء نائب رومانيّ جديد إلى فلسطين، إذن فالمسيح يجب أن يظهر إمّا سنة 4 قبل الميلاد [بما أنّه لم يحدث شيء في زمن هيرودس] و إمّا سنة 6 بعد الميلاد اثناء الإحصاء، و هذا هو السبب في اختلاف التاريخ، فمتّى يجعله مولودا في آخر حكم هيرودس 4 قبل الميلاد، و لوقا يجعله سنة 6 بعد الميلاد اثناء خروج الملك تماما، حيث أنّه لا يوجد تاريخ آخر تصحّ فيه النبوءة إلاّ هذان التاريخان. فتاريخ ولادة يسوع ليس قائما على حدث تاريخيّ صحيح و إنّما اعتمادا على نبوءة توراتيّة.

و سنلاحظ في مختلف مراحل البحث أنّ الأحداث التي حدثت مع يسوع [الإنجيليّ] مبنيّة على نبوءات توراتيّة و ليس لأنّها أحداث حقيقيّة، و ذلك باعتمادنا دائما على التناقضات و توضيح أسباب هذا التناقض، حيث أنّ النبوءات تحتمل التأويل و من هنا يأتي التناقض، ممّا يجعلنا نستنتج أنّ الذين يكتبون الإنجيل لا يكتبون قصّة بأحداث حقيقيّة حدثت بل يصنعون هذه الأحداث بناء على النبوءات.

يتبع.................................

1- http://www.ebior.org/bible/synopse-III.htm
2-Guy Fau - La Fable de Jésus-Christ. III.P 62-71



  رد مع اقتباس
قديم 07-31-2014, 03:08 PM مُنْشقّ غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [4]
مُنْشقّ
عضو عامل
الصورة الرمزية مُنْشقّ
 

مُنْشقّ is on a distinguished road
افتراضي

قام الباحث الإيطاليّ Luigi Cascioli برفع دعوى قضائيّة ضدّ الكنيسة، و سبب الشكوى هو أنّ كلّ الذي روته الأناجيل عن يسوع غير صحيح، و أنّها قدّمت لنا إلها وثنيّا يأكل المسيحيّون لحمه [رمزيّا] و يشربون دمه [رمزيّا] كلّ يوم أحد، و ذلك وفق الفصل 661 من القانون، حيث يمنع تقديم معلومات خاطئة و خداع العامة بالأكاذيب، و هذا - حسب رأيه- ما تقوم به الكنسية.

The Guardian (Angleterre) 4 janvier 2006
The Times (Angleterre) 3 janvier 2006
BBC (Espagnol) 3 janvier 2006
Hindustan Times (Inde) 3 janvier 2006


مكان الولادة:

مرقس 1-9

وفي تلك الأيام جاء يسوع من ناصرة الجليل واعتمد من يوحنا في الأردن

بينما لوقا و متّى يذكران أنّ يسوع ولد في قرية بيت لحم، و لكن لماذا نتعسّف على النصّ و نعتبر هذا تناقضا؟ فهل قال مرقس أنّ يسوع ولد في ’’الناصرة’’؟ بل قال جاء منها، و كما نعلم -حسب الإنجيل- فيسوع ولد في ’’بيت لحم’’ ثمّ سكن مع أهله في الناصرة بالجليل، إذن فلنعتبر أنّ هذا ليس تناقضا حتّى لا نُتّهم بعدم الحياديّة.

أوّلا قبل أن نذهب إلى بيت لحم، سنتوقّف قليلا مع الناصرة، هذه المدينة غير مذكورة في أيّ مصدر قبل نهاية القرن الثاني ميلادي، لا في العهد القديم و لا عند المؤرّخين القدامى -يهودا و أجانب- و لا في الخرائط الرومانيّة القديمة، فلماذا تمّت نسبة يسوع إلى هذه المدينة [التي من الممكن أن تكون وهميّة]؟
سأدخل في بعض الأمور التقنية التي تصيب بالصداع:

يمكننا أن نفهم هذا ’’اللغز’’ انطلاقا من الأناجيل نفسها، فمرقس يقول في 1-9:

وفي تلك الأيام جاء يسوع من ناصرة الجليل واعتمد من يوحنا في الأردن

ثمّ بعدها و في الآية 24 يقول:

قائلا: آه ما لنا ولك يا يسوع الناصري؟ أتيت لتهلكنا أنا أعرفك من أنت: قدوس الله

طبعا سيذهب في خلدنا مباشرة أنّ يسوع الناصري تعني أنّه من مدينة الناصرة، و هذا غير صحيح.

فالأولى باليونانيّة مكتوبة هكذا: ναζαρετ و ترجمتها Nazareth
و الثانية: ναζαρηνε و ترجمتها nazarene

لو أراد أن يقول الناصري نسبة إلى مدينة الناصرة لقال: Nazarethenos أو Nazarethanos أو Nazarethaios أي ναζαρετενος

إذا ما الذي يقصده بقوله: ναζαρηνε أو nazarene ؟

و بما أنّي أرجّح أنّ كتبة الإنجيل كانوا يكتبونه و عينهم على الترجمة السبعينيّة اليونانيّة للعهد القديم فأحسن شيء نفعله لفهمها هو أن نعود إلى هذه الترجمة و نرى أين وردت.

قضاة 13-5:

فها انك تحبلين وتلدين ابنا ولا يعل موسى رأسه لان الصبي يكون نذيرا لله من البطن وهو يبدأ يخلص اسرائيل من يد الفلسطينيين

كلمة نذير المستعملة هنا مكتوبة في الترجمة السبعينيّة: ναζιραῖον أي naziraion و تعني ’’النذير’’ أي الذي ينذر نذرا لله، و لكن هذه الكلمة لم تتوقّف عند هذا المعنى فتعني أيضا ’’القدّيس’’ إذا أخذنا السفر نفسه و تقدّمنا قليلا إلى إصحاح 16-آية 17: فكشف لها كل قلبه وقال لها لم يعل موسى راسي لاني نذير الله من بطن امي.فان حلقت تفارقني قوتي واضعف واصير كاحد الناس. فيمكن ترجمة ’’نذير الله’’ إلى ’’قدّيس الله’’ و لذلك نفهم لماذا كتب مرقس في تلك الآية السابقة:

قائلا: آه ما لنا ولك يا يسوع الناصري؟ أتيت لتهلكنا أنا أعرفك من أنت: قدوس الله

و كأنّه يفسّر -بطريقة غير مباشرة- معنى كلمة ’’الناصري’’ أي ’’قدوس الله’’ أي ’’النذير’’.
فالناصري لا تحيل على ’’الناصرة’’ بل على ’’الذي ينذر نذرا لله’’

و الذي ينذر هذا النذر عليه:

سفر العدد6:

1وكلم الرب موسى قائلا 2 كلم بني اسرائيل وقل لهم.اذا انفرز رجل او امرأة لينذر نذر النذير لينتذر للرب 3 فعن الخمر والمسكر يفترز ولا يشرب خل الخمر ولا خل المسكر ولا يشرب من نقيع العنب ولا ياكل عنبا رطبا ولا يابسا

-----------------------------------------------------------------
أفتح قوسا صغيرا بالمناسبة: الآية تقول:

فعن الخمر والمسكر يفترز ولا يشرب خل الخمر ولا خل المسكر ولا يشرب من نقيع العنب ولا ياكل عنبا رطبا ولا يابسا

هذه هي الآية بالعبريّة:

מיין ושכר יזיר חמץ יין וחמץ שכר לא ישתה וכל משרת ענבים לא ישתה וענבים לחים ויבשים לא יאכל׃

الكلمة التي بالأحمر تعني نقيع العنب أو بالأحرى’’النبيذ’’
أي بخلاصة: من ينتذر عليه ألاّ يشرب الخمر و لا النبيذ.

فماذا لو عرّبنا تلك الكلمة التي بالأحمر: משרת ؟

تكتب هكذا: ميشراه، و ترجمتها إلى العربيّة: ميسراه.
أي أنّ الآية بخلاصة تقول: لا تشرب الخمر و الميسراه

ألا تذكّرنا بقول القرآن: ’’يسالونك عن الخمر والميسر قل فيهما اثم كبير ومنافع للناس’’

فالقرآن هنا عرّب كلمة ’’ميسراه’’ العبريّة، و لاحظوا أنّها جاءت في السياق نفسه و مقرونة بالخمر، في التوراة و في القرآن، لكن و بما أنّ المفسّرين الأجلاّء القدامى لم يفهموا الكلمة فقالوا أنّ الميسر تعني القمار! [رغم أنّ جذر ’’يسر’’ لا علاقة له بالقمار أصلا]و قس على ذلك العديد من ألفاظ القرآن و التي ليس مقامها هنا.

------------------------------------------------------

إذن فإنّ الراجح - و بعد هذه الفذلكات اللغويّة المملّة - فإنّ يسوع الناصري مشتقّة من ’’النذير’’ و ليس من ’’الناصرة’’. و سنعود لاحقا إلى الفرق بين كلمة ’’مسيحيّ’’ و ’’نصرانيّ’’ لأنّ لها علاقة بهذا الجذر.

أمّا عن مولده في بيت لحم، فيجب أن يكون كذلك و إلاّ فماذا نفعل بهذه النبوءة؟:

سفر ميخا 5-2:

اما انت يا بيت لحم افراتة وانت صغيرة ان تكوني بين الوف يهوذا فمنك يخرج لي الذي يكون متسلطا على اسرائيل ومخارجه منذ القديم منذ ايام الازل.

فيجب على يسوع أن يولد في بيت لحم، و إلاّ لن يكون مكان الولادة مدعّما بنبوءة قديمة. و بالتالي إن وضعوا مكان ولادة آخر قد يأتي أحد الماكرين فيما بعد و يقول : لا يا جماعة، فالمسيح سيخرج من بيت لحم، و لذلك ’’فبيت لحم’’ هي المكان المناسب ليسوع المناسب.

هذا عن مكان الولادة ،أمّا عن ولادة يسوع في غار، فلن نبتعد كثيرا عن بيت لحم، فيوجد قربها الإله تمّوز الذي كان يحتفل بولادته الوثنيّون، و يا محاسن الصدف: فالإله تمّوز مولود في غار أو كهف، و كذلك صديقنا يسوع.

يتبع.....................



  رد مع اقتباس
قديم 07-31-2014, 03:09 PM مُنْشقّ غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [5]
مُنْشقّ
عضو عامل
الصورة الرمزية مُنْشقّ
 

مُنْشقّ is on a distinguished road
افتراضي

Jerusalem ترجمتها الحرفيّة هي أورشليم، و هذه التسمية قديمة قبل وجود اليهود مذكورة عند المصريّين القدامى منذ 4000 سنة : Urushalimu ، و تذهب الأغلبيّة من الباحثين إلى أنّ shalimu هو إله الخلق و غروب الشمس و Uru هي بلدته.
هذا عن الهيروغليفيّة.
أمّا أيتيمولوجيّتها الكلدانيّة: فأور تعني بلدة، و شليم تعني السلام، و التي بدورها انتقلت إلى العبريّة و العربيّة، فتعني مدينة السلام.



  رد مع اقتباس
قديم 07-31-2014, 03:11 PM مُنْشقّ غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [6]
مُنْشقّ
عضو عامل
الصورة الرمزية مُنْشقّ
 

مُنْشقّ is on a distinguished road
افتراضي

الحقيقة هو أنّ كلّ هذه الأحداث المزعومة ليست إلاّ اساطير صنعها معلّموكم و صنعتموها أنتم أيضا، و دون أن تقدروا حتّى أن تجعلوا أكاذيبكم مغلّفة ببعض الحقيقة، و العديد منكم قاموا بتدليس النصوص الإنجيليّة الأولى. على هواهم، ثلاث أو أربع مرّات و أكثر أيضا.
Celse/53-20، القرن الثاني ميلادي

والدا يسوع:

يسوع ولدته مريم العذراء التي كانت مخطوبة ليوسف، فيسوع هو ابن يوسف بالتبنّي.
نلاحظ في هذه النقطة مثلا أنّ الأناجيل تمّ الاشتغال عليها و الزيادة فيها و النقصان على عدّة عقود، بين القرن الأوّل و الثاني ميلادي.
فالمسيح - و حسب النبوءات- سيكون من نسل داود، و يوسف [والد يسوع بالتبنّي] هو من نسل داود -حسب الأناجيل- لكنّه ليس أبا يسوع الفيزيائيّ، فيسوع مولود من عذراء بلا أب، فكيف يكون من نسل داود؟
ربّما هذه الإشكاليّة التي تطعن في أنّ يسوع هو المسيح [لأنّه ليس ابن يوسف الفيزيائيّ الذي هو من نسل داود] دفعت كتبة الإنجيل إلى قصّة ’’اختلاق مريم العذراء’’ و هي قصّة غريبة تماما عن المجتمع اليهوديّ آنذاك بينما تجد صداها و بكلّ أريحيّة عند الحضارات المجاورة الذين يحفل موروثهم الثقّافيّ بمثل هذه الولادات الأسطوريّة، كحورس المولود من عذراء و آتيس و دينوسيوس و ميترا و غيرهم من الآلهة القدامى.
لكنّ اليهود لن يؤمنوا بطبيعة الحال بهذه الولادة الأسطوريّة و سيعتبرون يسوع ’’ابن زنا’’ و هو ما حدث فعلا، لذلك فإنّ متّى مثلا قام -بطريقة غير مباشرة- بتحويل هذه الإشكاليّة إلى صالح يسوع حيث يبدأ إنجيله هكذا:

متّى1:

1 كتاب ميلاد يسوع المسيح ابن داود ابن ابراهيم. 2 ابراهيم ولد اسحق.واسحق ولد يعقوب.ويعقوب ولد يهوذا واخوته. 3 ويهوذا ولد فارص وزارح من ثامار.وفارص ولد حصرون.وحصرون ولد ارام. 4 وارام ولد عميناداب.وعميناداب ولد نحشون.ونحشون ولد سلمون. 5 وسلمون ولد بوعز من راحاب.وبوعز ولد عوبيد من راعوث.وعوبيد ولد يسى. 6 ويسى ولد داود الملك.وداود الملك ولد سليمان من التي لأوريا. 7 وسليمان ولد رحبعام.ورحبعام ولد ابيا.وابيا ولد آسا. 8 وآسا ولد يهوشافاط.ويهوشافاط ولد يورام.ويورام ولد عزيا. 9 وعزيا ولد يوثام.ويوثام ولد آحاز.وآحاز ولد حزقيا. 10 وحزقيا ولد منسّى.ومنسّى ولد آمون.وآمون ولد يوشيا. 11 ويوشيا ولد يكنيا واخوته عند سبي بابل. 12 وبعد سبي بابل يكنيا ولد شألتيئيل.وشألتيئيل ولد زربابل. 13 وزربابل ولد ابيهود.وابيهود ولد الياقيم.والياقيم ولد عازور. 14 وعازور ولد صادوق.وصادوق ولد اخيم.واخيم ولد اليود. 15 واليود ولد أليعازر.وأليعازر ولد متان.ومتان ولد يعقوب. 16 ويعقوب ولد يوسف رجل مريم التي ولد منها يسوع الذي يدعى المسيح.

أقول حوّل هذه الإشكاليّة في صالحه لأنّ من عادة اليهود [و العرب] أيضا عدم ذكر النساء أثناء عرض النسب، لكن نلاحظ أنّ متّى ذكر أربع نساء:
ويهوذا ولد فارص وزارح من ثامار
وسلمون ولد بوعز من راحاب
وبوعز ولد عوبيد من راعوث
وداود الملك ولد سليمان من التي لأوريا

لم يذكر متّى هاته النساء الأربع اعتباطا بل الأسماء مختارة بدقّة.

الأولى: ثامار، و هي التي تنكّرت في شكل امرأة زانية.[تكوين، إصحاح38]
الثانية: راحاب، زانية محترفة: فارسل يشوع بن نون من شطّيم رجلين جاسوسين سرّا قائلا اذهبا انظرا الارض واريحا.فذهبا ودخلا بيت امرأة زانية اسمها راحاب واضطجعا هناك. [يوشع 2-1]
الثالثة: راعوث، التي أرادت إغواء بوعز، فهي الغانية التقيّة [راعوث،3]
الرابعة: التي لأوريا، و اسمها بتشبع، و هي عشيقة النبيّ داود [صامويل2، 12]

و كلّ هاته النساء يشتركن في أنّ لهنّ علاقة بالزنا، - مباشرة أو غير مباشرة- و رغم ذلك فهنّ محترمات في التقليد اليهوديّ، فثامار هي أبرّ من يهوذا [تكوين، 38-26] و راحاب بطلة قوميّة، و راعوث معروفة بوفائها، و بتشبع هي أمّ الملك و النبيّ سليمان، فما بالك لو كانت هذه العلاقة ’’غير العاديّة’’ حدثت بتدخّل مباشر من الله كما حدث مع مريم؟
على هذا الأساس قام متّى ببناء شجرة النسب أعلاه.

سنّ مريم:

لقد أوضحت أعلاه أنّ قصّة مريم ’’العذراء’’ قد تكون متأخّرة، و لكن هذا لا يعني أنّ مريم لم تكن عذراء، و علينا أن نفهم ماذا تعني كلمة عذراء في ذلك الوقت.
جاء في التصوفتا التي تعكس تعاليم ربّي أليعازر في نهاية القرن الأوّل ميلادي: ’’1’’

العذراء هي الفتاة التي لم تر الدم حتّى و لو كانت متزوّجة و عندها أطفال، فهي عذراء حتّى تأتيها العادة الشهريّة الأولى.

فالعذراء حسب التقليد اليهوديّ هي التي لم تصل إلى سنّ البلوغ بعد، ; و يشير Joachim Jeremias في Jerusalem in the Time of Jesus ’’2’’ إلى أنّ الفتاة في ذلك الوقت يمكن أن تتمّ خطبتها في سنّ الخامسة، و قد تظلّ في بيت أبويها إلى سنّ 12 أو 13 و حينها يكون لأبيها كلّ الحقّ في تزويجها أو بيعها، حيث تكون صالحة للزواج، كما جاء في التلمود: ’’نحصل على المرأة إمّا بالمال أو بعقد أو بعلاقة جنسيّة’’ أمّا [في حالتنا هذه أي مع مريم حيث تمّت خطبتها] فهي تظلّ سنة في بيت أبيها قبل أن تذهب إلى بيت زوجها، و يشير متّى إلى أنّ مريم كانت مخطوبة ليوسف و تعيش معه، فطوال هذه الفترة التحوّليّة أي الخطوبة، يتمّ تحريم كلّ علاقة جنسيّة، لكن مريم وجدتْ نفسها حبلى أثناء هذه الفترة، فهي طفلة صغيرة و لكنّها حبلى [هذا يذكّرنا بزواج محمّد من عائشة الطفلة، لذلك فإنّ نقد هذا العادات خارج سياقها الإجتماعيّ وقتها يُعتبر إسقاطا تاريخيّا غير موضوعيّ]

إذن فإنّ العذراء هي التي لم تأتها العادة الشهريّة، لكنّ قام كتبة الإنجيل بربط ’’عذراويّة مريم’’ بنبوءة من العهد القديم [كالعادة] حيث جاء في سفر إشعياء7:
14 ولكن يعطيكم السيد نفسه آية.ها العذراء تحبل وتلد ابنا وتدعو اسمه عمانوئيل.

و كما قلتُ سابقا فإنّهم يكتبون الإنجيل و عينهم على الترجمة السبعينيّة اليونانيّة للعهد القديم، لكن في هذه الآية بالذات يوجد خطأ في الترجمة فأصل الآية بالعبريّة هو:

לכן יתן אדני הוא לכם אות הנה העלמה הרה וילדת בן וקראת שמו עמנו אל׃

فترجموا העלמה في الترجمة السبعينيّة إلى παρθένος أي parthenos و تعني عذراء بينما الكلمة الأصليّة أي העלמה تعني الطفلة الصغيرة، و هو ما نراه في أمثال 30-19.
و على كلّ حال، فكلمة عذراء و طفلة صغيرة ليستا بعيدتين، و إنّما ما تجدر الإشارة إليه هو أخذ متّى لتلك الآية [المترجمة خطأً] و حوّلها إلى نبوءة عن يسوع، و غنيّ عن الذكر أنّ اليهود يرفضون تماما هذا التفسير و يرون أنّ لا علاقة لها بالمسيح.

و الإبن الذي يكون مجهول الأب هو محتقر في ذلك المجتمع، و يكون دوره ثانويّا في المجتمع و ليس من حقّه الزواج من يهوديّة حرّة، [لماذا لم يتزوّج يسوع؟] كما أنّ الأناجيل تعطينا بعض الفلاشات التي من الممكن أن تكون كلام يسوع نفسه، فهذه امرأة تقول له: طوبى للبطن الذي حملك والثديين اللذين رضعتهما. فإذا بيسوع يردّ قائلا: بل طوبى للذين يسمعون كلام الله ويحفظونه [لوقا11، 27-28] هل لم تكن مريم تسمع كلام الله و تحفظه؟ بل يكاد يسوع ينكر أهله قائلا: 31 فجاءت حينئذ اخوته وامه ووقفوا خارجا وارسلوا اليه يدعونه. 32 وكان الجمع جالسا حوله فقالوا له هوذا امك واخوتك خارجا يطلبونك. 33 فاجابهم قائلا من امي واخوتي. 34 ثم نظر حوله الى الجالسين وقال ها امي واخوتي. [مرقس 3، 31-34] و هو يتصرّف بطريقة عدائيّة مع أمّه : ولما فرغت الخمر قالت ام يسوع له ليس لهم خمر. 4 قال لها يسوع ما لي ولك يا امرأة.لم تأت ساعتي بعد [يوحنّا 2، 3-4] فمالي و مالك يا امرأة؟!
طبعا يقوم رجال الكنسية بتأويل هذا الكلام، تماما كما يؤوّل المسلمون زواج محمّد من زوجة ابنه بالتبنّي، و يحيطون الأمور بهالة من القدسيّة! و يقول اليهود مباشرة ليسوع أنّه ابن غير شرعيّ: فقالوا له اننا لم نولد من زنا.لنا اب واحد وهو الله. [يوحنّا8، 41]

و هذه القصّة عن يوسف و مريم و أنّها أصبحت حبلى من الله، تذكّرنا بالأسطورة الإغريقيّة عن نزول زيوس و تشبّهه في شكل رجل و دخوله بالمرأة Alcmène و حين يعود زوجها تخبره أنّها اعتقدت أنّه هو الذي دخل بها، و كان النبيّ Tiresias تنبّأ بمجيء هرقل حيث يقول لألسيمان: فقال لها لا تخافي لانك مباركة من زيوس. انت ولدت ابنا عظيما ’’3’’ و هذا يذكّرنا بقول لوقا: فقال لها الملاك لا تخافي يا مريم لانك قد وجدت نعمة عند الله. 31 وها انت ستحبلين وتلدين ابنا (..).32 هذا يكون عظيما و يُدعى ابن العليّ.

و متّى يقول أنّ يوسف هو ابن يعقوب
و لوقا يقول أنّ يوسف هو ابن هالي

و التناقض لا ينحصر على هذا الأمر فشجرة النسب التي يقدّمها لوقا مختلفة تماما عن شجرة النسب التي يقدّمها متّى، و يمكن أن نقول أنّ متّى يقدّم نسب يوسف، و لوقا يقدّم نسب مريم، لكنّ التناقض يكمن في أنّ عدد الأشخاص من يسوع إلى داود -عبر يوسف- هم 26 شخصا، بينما من يسوع إلى داود -عبر مريم- يكون عدد الأشخاص عند لوقا 42 شخصا. حيث يوجد فارق بـ 16 جيلا!
توجد الردود طبعا: و هي أنّ متّى لم يذكر كلّ الأسماء، ربّما!


يتبع......................

1-Gerard Mordillat/Jesus contre Jesus/ص 25 /Seuil/باريس/2008
2-المصدر السابق/ص 23
3-APOLLODORE d'Athène/Livre II/Ugo Bratelli, novembre 2001



  رد مع اقتباس
قديم 07-31-2014, 03:12 PM مُنْشقّ غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [7]
مُنْشقّ
عضو عامل
الصورة الرمزية مُنْشقّ
 

مُنْشقّ is on a distinguished road
افتراضي

قبل أو أواصل مع صديقنا العزيز يسوع، فإنّه من الجدير أن نقوم بجولة تاريخيّة حول الأناجيل و تاريخيّتها.

أقدم مخطوطات كاملة للكتاب المقدّس، هي ثلاث:
1- الأولى تعود إلى القرن الرابع ميلادي و هي تحت اسم: Codex vaticanus
2-الثانية تعود أيضا إلى القرن الرابع ميلادي و هي تحت اسم: Codex Sinaiticus
3-الثالثة تعود إلى القرن الخامس ميلادي و هي تحت اسم : Codex Alexandrinus

هذه هي أقدم مخطوطات كاملة وصلتنا و هي مكتوبة باليونانيّة، للعهد القديم و الجديد، و الملاحَظ أنّه توجد عديد الإختلافات بينها و بين الكتاب المقدّس الحاليّ، و ذلك و حسب تقديرات الخبراء يعود إلى أخطاء في النسخ، حيث إن أخطأ الناسخ في كلمة ما، ثمّ يأتي بعده ناسخ آخر و ينقل الكلمة الخاطئة ، ثمّ يخطئ هو أيضا في كلمة أخرى، ثمّ يأتي آخر و ينقل الخطأين و يخطئ في كلمة أخرى، و هكذا دواليك، فإنّه بعد ألف سنة سيصلنا كتاب مليء بالأخطاء.
و بغضّ النظر عن هذه الأخطاء في النسخ التي يمكن رؤيتها بسهولة حيث كان الناسخ يتفطّن أيضا إلى الخطأ، و لكنّه لا يغيّره، بل يكتب في هامش الصفحة الكلمة الصحيحة، فإنّه تمّ اكتشاف بعض التحريفات، مثل الآيات من 9 إلى 20 في الإصحاح 16 من إنجيل مرقس، و هي التالية:
وبعد ما قام باكرا في اول الاسبوع ظهر اولا لمريم المجدلية التي كان قد اخرج منها سبعة شياطين. 10 فذهبت هذه واخبرت الذين كانوا معه وهم ينوحون ويبكون. 11 فلما سمع اولئك انه حيّ وقد نظرته لم يصدقوا 12 وبعد ذلك ظهر بهيئة اخرى لاثنين منهم وهما يمشيان منطلقين الى البرية. 13 وذهب هذان واخبرا الباقين فلم يصدقوا ولا هذين 14 اخيرا ظهر للاحد عشر وهم متكئون ووبخ عدم ايمانهم وقساوة قلوبهم لانهم لم يصدقوا الذين نظروه قد قام. 15 وقال لهم اذهبوا الى العالم اجمع واكرزوا بالانجيل للخليقة كلها. 16 من آمن واعتمد خلص.ومن لم يؤمن يدن. 17 وهذه الآيات تتبع المؤمنين.يخرجون الشياطين باسمي ويتكلمون بألسنة جديدة. 18 يحملون حيّات وان شربوا شيئا مميتا لا يضرهم ويضعون ايديهم على المرضى فيبرأون 19 ثم ان الرب بعدما كلمهم ارتفع الى السماء وجلس عن يمين الله. 20 واما هم فخرجوا وكرزوا في كل مكان والرب يعمل معهم ويثبت الكلام بالآيات التابعة.آمين

هذا المقطع غير موجود في المخطوط السينائي و الفاتيكاني،رغم أنّ الناسخ ترك مكانا أبيض مكان هذه الآيات ممّا جعل الخبراء يرون أنّ الناسخ كان يعرفه لكنّه لم يكن يدري هل يضيفه أم لا، لذلك نجده موجودا بين قوسين في الطبعات الحديثة، وخاصّة الطبعة الإنجليزيّة المنقّحة.

هذه صورة من أقدم مخطوط المسمّى Vaticanus حيث ينتهي إنجيل مرقس عند الآية 8 :

صورة

و كذلك هذا المقطع في رسالة يوحنّا الرسول الأولى:[5، 7-8]:
7 فان الذين يشهدون في السماء هم ثلاثة الآب والكلمة والروح القدس وهؤلاء الثلاثة هم واحد. 8 والذين يشهدون في الارض هم ثلاثة الروح والماء والدم والثلاثة هم في الواحد.

هذا المقطع ليس أصليّا و يعتبر الباحثون أنّه تمّت إضافته بعد القرن 13 ميلادي، و هو غير موجود في الـ 250 مخطوطة يونانيّة قبل ذلك التاريخ، ’’1’’ و لم يقع ذكره من أيّ رجل من رجال الكنيسة قبل ذلك الوقت، و ليس موجودا في النقاشات المسيحيّة حول التثليث في روسيا و جورجيا و فارس و أرمينيا و سوريا و العربيّة و الحبشة و مصر.
هذا عن المقطع باليونانيّة، أمّا باللاتينيّة فهو موجود في مخطوط يعود إلى القرن 7 ميلادي، و يوجد أيضا في مخطوطات لاحقة بعد ذلك التاريخ [إلاّ في مخطوطة Alcuin التي تعتبر أصحّ المخطوطات باللاتينيّة، القرن 8 ميلادي، فهو غير موجود]لكنّهم يكتبونه بعد الآية رقم 8 ممّا يشير إلى أنّ التزوير وقع باللاتينيّة أثناء الترجمة و ليس باليونانيّة.
---------------------------------------------------------------------
و أودّ أن أفتح قوسا بالمناسبة عن كلمة ’’الفارقليط’’ التي يرى بعض المسلمين أنّها تبشّر بالنبيّ محمّد و أنّ المسيحيّين غيّروها. و منطقيّا أن يكون التغيير -إن حدث- بعد بعثة النبيّ محمّد و ليس قبله، و بالتالي نعود إلى Codex Sinaiticus في القرن 4 ميلادي لنرى كيف كانت مكتوبة هذه الكلمة، و هذه صورة لها:[جعلتُ دائرة بالأحمر حول الكلمة] : يو14، 26

صورة

و هذه الصورة بأكثر وضوح:
صورة

جعلتُ دائرة حول الكلمة، أمّا الذي بالأزرق فهو الفرق بين المخطوط و بين الإنجيل الحاليّ.

الكلمة مكتوبة هكذا: παρακλητος أي Parakletos و تعني المحامي أو المعزّي.

لكن البعض يقول أنّ اصل الكلمة هو هذا: περικλυτος

و تعني حرفيّا: الشخص الذي نثني عليه دائما، أي المحمود أو الأحمد .

لكن و كما رأينا فإنّه في أقدم مخطوط فإنّ الكلمة تعني المعزّي أو المحامي، فمن أين جاءت فكرة التحريف إذن؟

الراجح هو أنّ الفكرة جاءت من كتابة الأحرف بلا حروف مدّ، مثلا في الكتابة العربيّة القديمة لا نكتب بعض حروف المدّ و إنّما فقط الحروف الخام، مثل: كتب، و نعني بها: كتاب إلخ...

لذلك فإنّ الفرق بين الكلمتين Parakletos و Periklutos هو هذه الحروف، فلو كتبناها بالأحرف الخام بلا مدّ لكانت هكذا: Prklts
و أوّل من أوّل هذه الكلمة هو ابن إسحاق في السيرة، حيث ذكر الكلمة بلا حروف مدّ و أوّلها إلى ’’أحمد’’، و لكن هذا صحيح في حالة أنّ الكلمة لم تكن مكتوبة بحروف مدّ، لكنّها في الأصل واضحة و لا يمكن تغيير حروفها.[نلاحظ أنّ ابن إسحاق يجيد اليونانيّة و السريانيّة]
و اعتمد ابن إسحاق على ترجمتها إلى السريانيّة: منحمنا و قال تعني ’’محمّد’’، و هذا غير صحيح، لأنّ جذر ’’منحمنا’’ هو ’’نحم’’ بينما جذر محمّد هو ’’حمد’’
هذا الأمر دفع بعض المستشرقين ’’2’’ إلى اعتبار أنّ الآية في القرآن [و مبشّرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد] هي إضافة لاحقة و ليست أصليّة في القرآن، كما أنّ ’’أحمد’’ اقرب إلى معنى الكلمة باليونانيّة بلا احرف مدّ، من كلمة ’’محمّد’’ لذلك وضعوا ’’أحمد’’ ثمّ لعبوا على الجذر المشترك بينها و بين ’’محمّد’’ و قالوا ’’أحمد’’ تعني محمّد’’.

أُغلق القوس.
------------------------------------------------------
بالنسبة لمن يريد أن يطّلع على المخطوط السينائي، و يرى الفروق بينه و بين الكتاب المقدّس الحالي، يتبع هذا الرابط:

http://www.codexsinaiticus.org/en/manus ... omSlider=0

أمّا أقدم جزء من مخطوط فهو يعود إلى القرن الثاني ميلادي، و هو جزء صغير جدّا ليوحنّا:
و يمكن مطابقته مع يوحنا 18: 31-33
وجه المخطوط:
31... اليهود ... لنا ...
32 ليتم قول .... قاله مشيرا .... ان يموت
33 ... دخل بيلاطس... دار الولاية .... و قال .... اليهود
ظهر المخطوط:
يمكن مطابقته مع يوحنا 18: 37-38
37... السبب ولدت .... العالم لأشهد ... من الحق ...
38 قال له .... و ... هذا .... لا شيء ....

صورة المخطوط:Papyrus P52 في بريطانيا:

الظهر:
صورة

البطن: صورة

لكن لا يمكننا استخلاص شيء مهمّ منه لأنّه لا يمكن إلاّ قراءة بعض الكلمات المتفرّقة القليلة، و لا نعرف كيف كان الباقي، كما أنّ المخطوطات الكاملة التي اشرتُ إليها أعلاه تختلف في الكثير من الآيات عن الآيات الحاليّة.[لكن في المجمل تتوافق مع العقيدة المسيحيّة]

يتبع...................

1- http://www.bibliquest.org/Lortsch/Lorts ... ance-4.htm
2- راجع مثلا gallez/ Le Messie et son prophete/ ص 343 و ما بعدها/باريس/2005



  رد مع اقتباس
قديم 07-31-2014, 03:14 PM مُنْشقّ غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [8]
مُنْشقّ
عضو عامل
الصورة الرمزية مُنْشقّ
 

مُنْشقّ is on a distinguished road
افتراضي

هناك واحدة من المغالطات المنطقيّة المنتشرة عند البشر،و هي حين
نجد شخصا صادقا و صريحا فإنّنا نعتقد أنّه يملك و يقول الحقيقة
و بهذه الطريقة يعتقد الطفل في الأحكام التي يأمره بها والديه و بهذه
الطريقة يعتقد المسيحيون في الأحكام التي تأمرهم بها الكنيسة
فريدريك نيتشة/ إنساني..إنساني جدّا/1878


النبيّ المخلوع:

هناك شخصيّة مرتبطة بشخصيّة يسوع منذ البداية و هي شخصيّة يوحنّا المعمدان، ندّ يسوع و ليس بينهما في العمر سوى بضعة شهور.
يوحنّا المعمدان، شخصيّة تاريخيّة مؤكّدة، ذكرها يوسفيوس فلافيوس في كتابه تاريخ اليهود ’’1’’ و روى لنا قصّة موته التي تختلف عن رواية الأناجيل، و طبعا [عن قصّة وفاته] فنحن نصدّق فلافيوس الذي اختارته روما مؤرّخا رسميّا لها بسبب جديّته ودقّته، و قد اتّبع يوحنّا اليهود و اعتبروه نبيّا و كان يقوم بالتعميد.[كما تذكر الأناجيل أيضا]
و الراجح أنّ يوحنّا المعمدان [اسمه يحي في القرآن] كان من الأسينيّين، حيث نرى بعض الإشارات المتفرّقة عنه في الأناجيل التي تجعلنا نستنتج ’’أسينيّته’’، [لوقا 1، 80:أمّا الصبي فكان ينمو ويتقوى بالروح وكان في الصحراء الى يوم ظهوره لاسرائيل]و قد كانت اليهوديّة في ذلك الوقت منقسمة إلى ثلاثة مذاهب كبرى:
1-الفريسيّون: و تعني ’’المنشقّون’’ [ظهروا تقريبا سنة 150 قبل الميلاد ] و هم يعتقدون بوجوب تطبيق التوراة و تطبيق السنّة الشفويّة أيضا، [يشبهون تقريبا المذهب السنّي في الإسلام] و يؤمنون بالبعث و الحساب و الملائكة، و يسمّيهم يسوع - حسب الإنجيل- ’’المنافقون’’ : هكذا انتم ايضا تَبدون في الظاهر للناس ابرارا ولكنكم في دواخلكم مشحونون رياء واثما. [متّى 23، 28] و قد كانوا يطبّقون التعاليم التوراتيّة و السنّة بحذافيرها، حدّ التطرّف.
2-الصدوقيون: و تعني [على الأرجح]’’أبناء صادق’’ [ظهروا تقريبا بدايات القرن الثاني قبل الميلاد] و هم يعتقدون بوجوب تطبيق التوراة فقط و يرفضون التعاليم الشفويّة، و بالتالي فهم لا يؤمنون بالبعث و الحساب لأنّها غير موجودة في التوراة، و يرون أنّ الله يحاسب الإنسان في حياته و ليس بعد موته، و قد ذكرهم يوسفيوس فلافيوس [تاريخ اليهود، 13، 297 ] و على الراجح أنّ هذا المذهب هو الذي كان موجودا في يثرب، حيث نرى القرآن يدخل في جدال معهم حول البعث، إذ يقولون: وكانوا يقولون ائذا متنا وكنا ترابا وعظاما ائنا لمبعوثون ؟ [الواقعة، 47] و إن ذهب المفسّرون إلى أنّ الآيات التي تتحدّث عن منكري البعث تشير إلى مشركي مكّة، فإنّي استبعد هذا الأمر، حيث لا نملك دليلا على إنكار أهل مكّة للبعث، بينما من الراجح جدّا أن يكون القرآن يناظر هؤلاء الصدوقيّين.
3-الأسينيّون: و يمكن أن نسمّيهم تجاوزا ’’المعتزلة’’ [ظهروا في بدايات القرن 2 قبل الميلاد] حيث اعتزلوا الحياة الإجتماعيّة في فلسطين، و عاشوا في الصحراء عند قمران قرب البحر الميّت، و كانوا يطبّقون تعاليم التوراة بدقّة، و لهم جانب روحيّ متطوّر، و منهم يوحنّا العمدان [يحي] و قد ذكرهم فيلون الإسكندري، و بلين القديم، و يوسفيوس فلافيوس، و على الأغلب أنّهم كانوا يسمّون أيضا في زمن يسوع: ’’النصارى’’ أو ’’النصرانيّين’’ Nazarenes
-----------------------------------------------------------------
أفتح قوسا عن ’’النصارى’’:

المسيحيّون هم غير النصارى، رغم أنّ التسمية الإسلاميّة الحاليّة - اعتمادا على القرآن- تسمّي جميع المسيحيّين ’’النصارى’’، و النصارى مذكورون عند بلين القديم [في كتابه الخامس، التاريخ الطبيعي] و يشير إلى وجودهم سنة 50 قبل الميلاد في نواحي سوريا، كما أنّ Epiphane في القرن 4 ميلادي يشير إلى وجود النصارى قبل مجيء المسيحيّة، و يشير أيضا قائلا في كتابه ضدّ الهرطقات: المسيحيّون كانوا معروفين جميعا باسم النصارى، حيث يذكر التلمود المسيحيّين دائما بالنصارى ’’2’’
لكن فيما بعد تمّ فصل التسمية بين ’’المسيحيّين’’ [الذين بدؤوا عهدا جديدا] و بين ’’النصارى’’ [الذين ظلّوا محافظين على التعاليم اليهوديّة] ، و قد صار هذا الفصل واضحا و معروفا، كما نرى في نقش كارتر الفارسي الذي يعود إلى القرن الثالث ميلادي: أنا، كارتر، (...) طردت مذاهب أهرمان و الشياطين من المملكة، و قضيت على اليهود و البوذيّين و البراهمة و النصارى و المسيحيّين والمندائيّين و الزنادقة [الزنادقة=المانويّين] ’’3’’ [أهميّة هذا النقش تكمن في ذكره للديانات أو المذاهب المتواجدة وقتها]
من الواضح أنّ القرآن استعمل التسمية التلموديّة للمسيحيّين: ’’النصارى’’

أغلق القوس
------------------------------------------------------
و يوجد مذهب رابع يسمّى ’’الثائرون’’ و هو حركة سياسيّة أكثر منها دينيّة، و سنتعرّض له لاحقا لأنّ له علاقة وطيدة بيسوع.
إذن فإنّ يوحنّا المعمدان كان من الأسينيّين النصارى [النصارى من الجذر العبريّ: نذر أو حرس أو راقب]و كان يوحنّا يقوم بتعميد كلّ اليهود: حينئذ خرج اليه اورشليم وكل اليهودية وجميع الكورة المحيطة بالاردن. واعتمدوا منه في الاردن معترفين بخطاياهم [متّى3، 5-6] و قد جاء يسوع أيضا إلى يوحنّا ليقوم بتعميده: حينئذ جاء يسوع من الجليل الى الاردن الى يوحنا ليعتمد منه [متّى3، 13] و هذه مشكلة، فكيف ليسوع المسيح ابن الله، المولود من عذراء، الموجود منذ الأزل، أن يذهب ليتعمّد عند يوحنّا و يتخلّص من خطاياه؟ و هل للمسيح خطايا؟
لذلك قام كتبة الإنجيل بتقزيم يوحنّا المعمدان و تقويله كلاما يأنف من قوله، و يصبح يوحنّا ليس أهلا حتّى لحمل حذاء يسوع: انا اعمدكم بماء للتوبة.ولكن الذي يأتي بعدي هو اقوى مني الذي لست اهلا ان احمل حذاءه... [متّى3، 11] و يجعلونه يقول أيضا حين جاء يسوع يطلب التعميد: ولكن يوحنا منعه قائلا انا محتاج ان اعتمد منك وانت تأتي اليّ. [متّى3، 14] أي أنّ يوحنّا طلب من يسوع أن يقوم بتعميده و ليس العكس، و هذا الأمر أسقطهم في التناقض، فمن ناحية يقولون أنّ يوحنّا شهد ليسوع: فجاءوا الى يوحنا وقالوا له يا معلّم هو ذا الذي كان معك في عبر الاردن الذي انت قد شهدت له هو يعمد والجميع يأتون اليه.[يو3، 26] و أنّ يوحنّا لا شيء أمام يسوع، و أنّه اعترف به، و من ناحية أخرى يقولون: أمّا يوحنا فلمّا سمع في السجن باعمال المسيح ارسل اثنين من تلاميذه. وقال له انت هو الآتي أم ننتظر آخر.[متّى11، 2-3] فيوحنّا لم يكن يعرف من هو يسوع حتّى أنّه أرسل إليه بعض تلاميذه، فكيف شهد ليسوع من قبل، بل و أراد أن يعتمد هو نفسه بيد يسوع؟

العكس هو الذي حدث، فيسوع كان من تلاميذ يوحنّا الأسينيّ النصرانيّ، لذلك تمّت تسمية يسوع بالنصرانيّ أيضا من طرف اليهود، لأنّه يتبع مذهب يوحنّا، بل أنّ يسوع يكرّر كلام أستاذه، فيوحنّا يقول: توبوا لانه قد اقترب ملكوت السموات [متّى3، 2] فيقول يسوع أيضا في وقت لاحق: توبوا لانه قد اقترب ملكوت السموات [متّى4، 17] و يوحنّا يقول: فكل شجرة لا تصنع ثمرا جيدا تقطع وتلقى في النار. [متّى3، 10] فيقول يسوع أيضا في وقت لاحق: كل شجرة لا تصنع ثمرا جيدا تقطع وتلقى في النار [متّى7، 19] فيسوع كان من تلاميذ يوحنّا، و الذي لم يعترف به أنّه المسيح، لأنّ المسيح يجب أن يقدّمه النبيّ و يعلن عنه بأمر من الله، كما أعلن النبيّ صامويل عن داود الملك المسيح، و الملك داود المسيح هو: قال لي انت ابني.انا اليوم ولدتك اسألني فاعطيك الامم ميراثا لك واقاصي الارض ملكا لك.[مزمور2، 7] فالمسيح هو الذي سيعيد عرش و ملك داود و إسرائيل، و النبيّ في عصر يسوع هو يوحنّا، لكنّه لم يعلن عن يسوع، بل تساءل فقط، ممّا دفع يسوع إلى أن يشهد بنفسه على نفسه بأنّه المسيح [و هذا خارج التقاليد اليهوديّة] حيث قال: ثم كلمهم يسوع ايضا قائلا انا هو نور العالم.من يتبعني فلا يمشي في الظلمة بل يكون له نور الحياة. [يو8، 12] فأجابه اليهود قائلين: فقال له الفريسيون انت تشهد لنفسك شهادتك ليست حقّا [يو8، 13]
يوحنّا المعمدان تخلّى عن يسوع، لم يشهد له، لم يعلن أنّه المسيح، و من الممكن أنّ آخر كلمات قالها يسوع على الصليب: إيلي، إيلي، لم تركتني؟ يقصد إيليا أي يوحنّا المعمدان حيث أنّ بعض الحاضرين قالوا: ونحو الساعة التاسعة صرخ يسوع بصوت عظيم قائلا ايلي ايلي لما شبقتني اي الهي الهي لماذا تركتني. فقوم من الواقفين هناك لما سمعوا قالوا انه ينادي ايليا [متّى27، 46-47] و قد كتبها متّى هكذا: ηλι حيث ترجمها حرفيّا من الآراميّة [و هو الأمر الذي فهمه الحاضرون أنّه يتحدّث عن إيليا حين صرخ يسوع] أمّا إيليا النبيّ فهو يكتبه هكذا: ηλιας بصيغته اليونانيّة: إلياس:
متّى 11، 14: και ει θελετε δεξασθαι αυτος εστιν ηλιας ο μελλων ερχεσθαι
و في هذه الآية فيوحنّا هو نفسه إيليا بشهادة يسوع، حيث أنّ ترجمتها إلى العربيّة : وإن أردتم أن تقبلوا فهذا هو ايليا المزمع أن ياتي.

لقد اعترف يسوع بيوحنّا على أنّه إيليا، و أنّه النبيّ، لكنّ يوحنّا لم يعترف بيسوع على أنّه المسيح و الملك الذي سيعيد عرش إسرائيل، و كأنّي بالحزن بقي في قلبه، فكانت تلك آخر كلمات قالها قبل موته: يوحنّا، لماذا تركتني؟
و عند هذه النقطة، فلكي يقول يسوع هذا الكلام، و يعتبر نفسه المسيح، لا بدّ أن يكون من نسل داود حقيقة و ليس معنويّا كما تشير الأناجيل، و إلاّ ما جرؤ يسوع كيهوديّ على قولها، و هنا سنبحث عن رجل في تلك الفترة من نسل داود كان له 12 صاحبا و طالب بالملك، و تمّ صلبه، و هذا الشخص ذكرتْه المصادر التاريخيّة، و هو الذي سنتعرّض إليه في الفصل القادم.

يتبع......................

1-[ Antiquités judaïques, XVIII, V, 116-119]
2- [ Gerard Mordillat/Jesus contre Jesus/ص 25 /Seuil/باريس/2008 ]
3- Mani et la tradition manicheene/francois decret/ص 25/باريس/2005



  رد مع اقتباس
قديم 07-31-2014, 03:20 PM مُنْشقّ غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [9]
مُنْشقّ
عضو عامل
الصورة الرمزية مُنْشقّ
 

مُنْشقّ is on a distinguished road
افتراضي

أؤكّد، و أنا أزن كلماتي جيّدا، أنّ الديانة المسيحيّة
كما هي موجودة الآن في كنائسها، كانت و لا تزال
العدوّ الرئيسيّ للتقدّم الأخلاقيّ في العالم
Bertrand Russell/لماذا لست مسيحيّا/1927

من هو المسيح؟


شخصيّة المسيح في الكتابات اليهوديّة، تختلف اختلافا تامّا عمّا قدّمته المسيحيّة، فهو الملك الذي سيأتي و يجمع بني إسرائيل ويعيدها إلى الأرض المقدّسة، و يجعل اليهود تتّبع و تطبّق التوراة، و يحارب الذين يحاربون يهوه، و يعيد بناء الهيكل، ويعمّ السلام على الأرض. هذه الفكرة، و كما لا يخفى علينا، صنعها اليهود إثر سنوات السبي، و الاحتلال، حتّى يصنعوا بطلا قوميّا وهميّا يتشبّث به الشعب، تماما كالمهدي المنتظر عند المسلمين، و الذي سيفعل كذا و كذا، لكن المسيحيّة أخذت منعرجا آخر غير متوافق إطلاقا مع النصوص و النظرة اليهوديّة، فليس فقط أنّ يسوع لم يفعل شيئا و لم يطرد الرومان من فلسطين، بل و تمّ صلبه أيضا. و بالنسبة لليهود فمن المستحيل أن يُصلب أو يحدث شيء للمسيح الحقيقيّ قبل أن يتمّم النبوءة، ناهيك أن يدّعي يسوع [أو بالأحرى الذين قوّلوه] أنّه ابن الله. فاليهود موحّدون و يعتبرون الله ليس كمثله شيء [أي و بلا أطالة هم كالمسلمين تماما]، و التلمود يشير إلى أنّه إذا ادّعى شخص أنّه ابن الله، فهو شخص كاذب [تعانييت2،1]

إذن فهذه النبوءة عن المسيح، و التي كما أشرت هي أحلام قوميّة يهوديّة كتبها أشخاص في زمن كان يصدّق فيه الناس نبوءات الأنبياء [ عفوا، لا تزال الناس تصدّق إلى يومنا هذا، النبوءات، و كلّ حسب دينه] فتمّ تحويل هذه النبوءة بطريقة ’’الحواة’’و تأويل النصوص اليهوديّة [التي هي بدورها كلام فارغ] من طرف المسيحيّين لصالحهم، و اعتبروا أنّ المسيح قد جاء و أنّ السعادة و السلام رفرفت على الأرض، و من يتّبع يسوع فقد دخل في عصر النعمة.

و سأقوم بجولة سريعة قبل يسوع لتتوضّح لنا الرؤية أكثر و نفهم المنطلقات والدوافع.
قام اليهود [أو بعض الثوّار منهم] بالقيام بثورات بين الفينة و الأخرى، وحتّى لا نطيل نبدأ من حزقيا الجليليّ الجماليّ [من مدينة جمالة التي تطلّ على بحيرة طبريّة] و كان من نسل داود، معتبرا نفسه ممثّل البيت الداوديّ، و كان قوميّا متعصّبا و قام هيرودس الكبير بالقبض عليه و صلبه حوالي سنة 42 قبل الميلاد، فخلفه ابنه يهوذا الجليليّ و حرّض اليهود على الثورة و طالب بعرش أورشليم [بوصفه هو أيضا من نسل داود] و بعد أن قام ببعض المعارك ضدّ الرومان تمّ القبض عليه و قتله سنة 6 بعد الميلاد إثر الإضطرابات التي حدثت ضدّ دفع الضرائب [و كان يهوديّا متعصّبا و يرفض دفع الضرائب للغرباء أو للكلاب كما يسمّيهم يسوع] و خلّف بعد موته سبعة أولاد:
يوحنّا و سمعان و يعقوب الكبير و يهوذا و يعقوب الصغير و مناحيم و أليعازر.
الخمسة أسماء الأولى هي أسماء تلاميذ يسوع أيضا، و سنتعرّض إلى هذا لاحقا، و لنستمع إلى يوسفيوس فلافيوس:
يهوذا الذي تحدّثنا عنه آنفا [أي يهوذا الجليليّ أبو السبعة أولاد] كان هو مؤسّس هذا المذهب الرابع [يوسفيوس يقصد مذهب المتعصّبين أو الثوّار Zelotes ] و متّبعو هذا المذهب يتّفقون في الغالب مع مذهب الفريسيّين و لكن بهم حبّ عارم للحرّيّة، لأنّهم يعتقدون أنّ الله وحده هو السيّد و الربّ، [أي هم ضدّ الرومان] و لا يخافون من الموت مهما كانت طريقته، و لا بموت أهاليهم و لا أصدقائهم، و لا ينادون أحدا بلفظ السيّد.
كان هناك أناس كثيرون شاهدين على قدرة هؤلاء [أتباع يهوذا الجليليّ] على تحمّل المصاعب.لن أضيف شيئا آخر، لأنّي أخاف إن أضفت، ليس من أن تشكّوا فيما أقول، و لكن أخاف ألاّ أعطي فعلا الصورة الحقيقيّة عنهم و عن نظرتهم غير المبالية بالأوجاع و قدرتهم غير العاديّة على تحمّل الأوجاع. ’’1’’

فهل تكون ليسوع علاقة بيهوذا الجليليّ و أبنائه؟ ’’2’’ و هل ليسوع علاقة بهؤلاء الثوّار المتعصّبين الذين يريدون تحرير أورشليم من الرومان؟ و ما هي تعاليمه و هل هي نفسها التي في الأناجيل؟

في هذا الفصل سنرى ماذا قال المؤرّخون القدامى، [بالمناسبة، كلّ ما من شأنه أن يشير إلى حياة يسوع تمّت تصفيته من قبل الكنيسة إمّا بتزويره أو إتلافه ’’3’’ إثر اعتناق روما للمسيحيّة، و بدعم من روما، و لكن وصلتنا كتابات رجال الكنيسة الذين اقتبسوا بعضها، و أكرّر: بعضها، ليردّوا عليها في كتبهم، و هذا من حسن حظّنا حيث يمكننا أن نعرف تقريبا كيف كان يرى غير المسيحيّين حياة و قصّة يسوع، خارج المعلومات التي قدّمتها لنا الكنيسة]

فإنه ينبغي النظر في ما إذا كان يسوع بُعث بالهيئة نفسها بعد موته.
حتّى يكون ضروريّا إنقاذ ألوهيته أمام الجميع ، أو كان يستطيع
على الأقلّ الاختفاء فجأة من على الصليب.لكنّه كان خلال حياته
ظاهرا للجميع، و لكنّه حين مات ، ظهر متخفّيا و بسريّة لبعض
الأشخاص المعدودين.فأثناء إعدامه تولى عدد لا يحصى من الشهود
رؤيته، أمّا قيامته لم يرها إلاّ شخص واحد. كان ينبغي أن يحدث العكس
Marc Aurèle ou la fin du monde antique /Ernest Renan/p939


كتب سالس حوالي سنة 180 ميلادي كتابا ضدّ المسيحيّة سمّاه ’’الخطاب الحقيقيّ’’ ناقش فيه العقيدة المسيحيّة الناشئة و أشار إلى التحريفات التي وقعت و التزوير الذي تمّ في شخصيّة يسوع من طرف رجال الكنيسة حيث غيّروا الوقائع و جعلوه إلها، و للأسف فإنّ هذا الكتاب لم يصلنا [كغيره من الكتب المعاصرة لتلك الفترة للمؤرّخين غير المسيحيّين، و هذا بفضل روما التي قامت بغربلة كلّ الكتب الناقدة للمسيحيّة إمّا بحرقها تماما أو بتحريفها] و لكن وصلنا كتاب رجل الكنيسة أوريجنيوس الذي عنوانه ’’ضدّ سالس’’ و قد ألّفه سنة 250 ميلادي تقريبا ليردّ فيه على انتقادات سالس، و قام باقتباس العديد من كلامه، و ليس لنا حاليّا إلاّ هذه الإقتباسات.و هو من أهمّ الكتب التي نقدت المسيحيّة لقربها من الأحداث و معرفتها العميقة بنشأتها. ’’4’’:

يقول سالس:

لديّ الكثير لأقوله عن الأحداث التي جرت في حياة يسوع، والوقائع الحقيقية التي تختلف عمّا تمت كتابته من قبل أتباعه [يقصد بكلمة أتباعه: المسيحيّين]
Contre Celse/II/13

يقول Porphyre سنة 270 ميلادي تقريبا:


المسيحيّون هم الذين كتبوا، كاختلاق و ليس كتاريخ، الأشياء التي قاموا بروايتها عن يسوع
/Porphyre/fragment n° 15 de l'édition Harnack/La réaction païenne/Labriolle/ p. 279/Paris/1948

أمّا Fauste de Milève متوفّي تقريبا سنة 390 ميلادي:
فقد أشار إلى أنّ الأناجيل لم يكتبها يسوع، و لا حواريّيه، متّى و يوحنّا، و لا تلاميذ حواريّيه لوقا و مرقس، و لكن كتبها أناس فيما بعد و وقّعوا بأسماء الحواريّين لكي يدعّموا ما كتبوا، فكانت كتاباتهم [أي الأناجيل] مملوءة بالتناقض.

Augustin / Contra Faustum
Rougier, La critique biblique : Marcion et Fauste de Milève, C.E.R. n° 18, 1958

يقول Juge de Bithynie حوالي القرن الرابع ميلادي:

المسيح نفسه، و بعد طرده من قبل اليهود، جمع فرقة من تسع مائة رجل، و بدؤوا في قطع الطرق [أي الغزو و التحرّش]
/ Juge de Bithynie
Lactance/Institutiones divinæ, V, III, 4
CCER/Notice n214/Gys-Devic

يقول سالس، 180 ميلادي:


يسوع ارتبط بعشرة أو أحدى عشر رجلا [التلاميذ] من العشّارين و البحّارة البائسين جدّا، و فرّ معهم هنا و هناك، و يتسوّل رزقه بطريقة مخزية
Contre Celse., I, 62

بالتوازي مع رسالة برنابا حوالي 150 ميلادي:
يسوع اختار حواريّيه من رجال قادرين على القيام بأفضع الخطايا [الجرائم]
رسالة برنابا5، 9

يقول Caecilius في سنة 200 ميلادي تقريبا:

تقدّسون رجلا [أي يسوع] عوقب على الصليب، و تصنعون له معبدا [أي كنيسة] كان يجدر أن تجعلوها لقطّاع الطرق و المجرمين
Minucius Félix/Octavius/IX, 4

الشهادات الخارجيّة تقدّم لنا رجلا متعصّبا، ثائرا، خارجا عن القانون، قاطعا للطريق، أي بمعنى آخر يهوديّا ثائرا يريد حكم أورشليم، لذلك قام الرومان بصلبه، و الرومان لا تقوم بهذا الفعل إلاّ ضدّ المناهضين للنظام، كمن كان قبل يسوع، و من جاء بعده أيضا، و لا يتدخّل الرومان في الأمور العقائديّة لليهود حيث كان لهم أيضا حرسهم [حرس الهيكل] و يقومون بمعاقبة من يتجاوز أحكام التوراة بأنفسهم، فإن ادّعى شخص أنّه ابن الله فالقضاة اليهود من سيقوم برجمه، و لا تتدخّل روما إلاّ في حالة واحدة فقط: ضدّ الثوّار.
و قد بقي بعض الصدى من يسوع الحقيقيّ في الأناجيل:

قال يسوع:

من ليس معي فهو ضدّي [متّى12، 30]
اما اعدائي اولئك الذين لم يريدوا ان أملك عليهم فأتوا بهم الى هنا واذبحوهم قدامي [لو19، 27]
(..)من ليس له سيف، فليبع ثوبه ويشتر سيفا [لو22، 36]

قال الذين اتّهموه:
(...) إنّنا وجدنا هذا الرجل يحرّض الأمّة على الثورة، ويمنع ان تعطى الجزية لقيصر، قائلا انه هو مسيح ملك (...) إنّه يهيّج الشعب [لو23، 2-5]

قال يسوع:
لا تظنوا اني جئت لأحمل سلاما على الارض.ما جئت لأحمل سلاما بل سيفا [متى10، 34]
فاني جئت لأفرّق الانسان ضد أبيه والابنة ضد أمّها والكنّة ضدّ حماتها [متّى 10، 35]

فَعَلَ يسوع:
وكان فصح اليهود قريبا فصعد يسوع الى اورشليم. ووجد في الهيكل الذين كانوا يبيعون بقرا وغنما وحماما والصيارف جلوسا. فصنع سوطا من حبال وطرد الجميع من الهيكل.الغنم والبقر وكب دراهم الصيارف وقلب موائدهم. [يو2، 13-15]

أفتح قوسا عن هذه النقطة:

كيف دخل يسوع إلى المعبد و ضرب الناس بالسوط و قلب الموائد، وحده؟
يروي يوسيفيوس فلافيوس أنّ المعبد في أورشليم في ذلك الوقت كان طوله 460 مترا و عرضه 280 مترا، [تاريخ اليهود 8، 3 ] و قد كان حرس المعبد اليهود يقومون على رعايته، و الحفاظ على الأمن، و تزداد الحراسة في عيد الفصح حيث تأتي كتيبة من الجنود الرومان كتدعيم، لأنّ في تلك الأعياد كانت تحدث اضطرابات، بسبب كثرة الحجّاج، فيكون حرس المعبد و الجنود الرومان في أتمّ الاستعداد لحفظ النظام.
من المستحيل أن يفعل يسوع هذا الأمر وحده، خاصّة أنّه يحمل سوطا و يضرب الحاضرين، و المكان مملوء بآلاف الحجّاج، و قد ظلّ زمنا هناك، و لا بدّ أنّه كان معه كتيبة من الثوّار استطاعوا الاستيلاء على المعبد لفترة من الزمن. [لكن الأناجيل لا تروي لنا كلّ الحقيقة طبعا]
أغلق القوس.

هذا عن يسوع المتمرّد، فمن أين جاءت إذن كلمات الحبّ و المحبّة و السلام التي نجدها في الأناجيل؟
طبعا بغضّ النظر عن الإضافات التي تمّت إضافتها لاحقا لتوافق العقيدة البوليسيّة [نسبة إلى بولس الرسول] و كلمات المحبّة و غيرها، فالأناجيل بدورها تعتمد على بعض ممّا بقي من الذاكرة عن يسوع [و هو الشخص الثائر] و كذلك جمعت أو ركّبت سيرته من أماكن متفرّقة، مثلا:
يقول يسوع: [أو بالأحرى قوّلوه]:

طوبى للمساكين بالروح.لان لهم ملكوت السموات. 4 طوبى للحزانى.لانهم يتعزون. 5 طوبى للودعاء.لانهم يرثون الارض. 6 طوبى للجياع والعطاش الى البر.لانهم يشبعون. 7 طوبى للرحماء.لانهم يرحمون. 8 طوبى للانقياء القلب.لانهم يعاينون الله. 9 طوبى لصانعي السلام.لانهم ابناء الله يدعون. 10 طوبى للمطرودين من اجل البر.لان لهم ملكوت السموات. 11 طوبى لكم اذا عيّروكم وطردوكم وقالوا عليكم كل كلمة شريرة من اجلي كاذبين.[متّى5، 3-11]

هذا المقطع يكاد يكون منقولا حرفيّا من مخطوطة قمران’’5’’ رقم 4Q525 المكتوبة مائة سنة قبل يسوع، فكتبة الأناجيل جمعوا من هنا و هناك، و لنستمع ليوسيفيوس فلافيوس:

كان هناك شخص اسمه يسوع، ابن حنانيا، يعيش في ظروف جيّدة في الريف، و قبل الحرب بأربع سنوات، حيث كانت المدينة تعيش في سلام و كان الجميع يصنعون الخيام ليمجّدوا فيها الله، جاء [هذا الشخص الذي اسمه يسوع] و أخذ يصرخ فجأة في المعبد: صوت من المشرق، صوت من المغرب، صوت الرياح الأربعة، صوت ضدّ أورشليم و ضدّ المعبد، صوت ضدّ المتزوّجين الجدد و المتزوّجات، صوت ضدّ كلّ الشعب.
ثمّ أخذ يمشي و يصرخ ليلا و نهارا في كلّ الأزقّة، فنزعج بعض المواطنين النبلاء من كلامه المزعج، فقبضوا عليه، و عنّفوه و ضربوه، لكنّه لم يدافع عن نفسه بأيّة كلمة، و لم يترجّى الذين يضربونه، بل واصل صراخه المعتاد.
سمع القضاة بالأمر و اعتقدوا أنّ هستيريا الرجل فيها شيء غير عاديّ فحملوه إلى الحاكم الروماني، و هناك قام الجنود بتمزيق جسده بالسوط و قاموا بجلده حتّى بان عظمه، لكنّه لم يتوسّل و لم يبك و يقي يردّد: الخراب لأورشليم.
سأله الحاكم Albinus عن هويّته و من أين جاء و لماذا يقول هذا الكلام، لكن الرجل لم يجبه بأيّة كلمة إطلاقا، بل ظلّ يردّد كلامه السابق فرأى الحاكم أنّه مجنون فأطلق سراحه. ’’6’’

يقول يسوع:

يا اورشليم يا اورشليم يا قاتلة الانبياء وراجمة المرسلين اليها، كم مرة اردت ان اجمع اولادك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها ولم تريدوا. هوذا بيتكم يترك لكم خرابا. [متّى23، 37-38]

طبعا ليس يسوع هو المجنون و إنّما هناك خلط في الروايات، بين الشخصيّات من طرف كتبة الأناجيل.و لا ننسى احتمال يسوع لآلام السوط دون أن يتكلّم.

و لنستمع لفيلون الإسكندري المعاصر ليسوع:

كان في الإسكندريّة شخص مجنون، يسمّى كاراباس [سنعود لهذا الإسم في الفصل القادم لأنّه شخصيّة محوريّة]و لم يكن من المجانين المتوحّشين الذين يؤذون من يقترب منهم، بل كان هادئا و طيّبا.
هذا المجنون يتجاهل الحرّ و البرد، و يتجوّل في الأزقّة متعرّضا للمضايقات و التهكّمات من طرف الشباب و الأطفال.
فقام بعضهم بحمل هذا المجنون إلى ساحة الجمباز و وضعوه في مكان عالٍ ليراه الجميع، و وضعوا على رأسه ورقة كبيرة على شكل إكليل و على جسده حصيرة علة شكل معطف و في يده قطعة من القصب على شكل صولجان. و بعد أن ألبسوه هذه الأشياء كإشارة إلى الملوكيّة قام بعض الشباب بحمل عصيّ على أكتافهم و وقفوا بجانبه على شكا حرسه الشخصيّ، ثمّ يأتي البعض [ساخرين و متهكّمين] ليلقي عليه التحيّة، و آخرون يطلبون منه القضاء في بعض المظالم، و آخرون يطلبون منه النصيحة في بعض الشؤون العامّة، و أخذ الحشد المحيط به يهتف باسمه و يدعوه الأمير. ’’7’’

و لنستمع لرواية الإنجيل عن يسوع:
فاخذ عسكر الوالي يسوع الى دار الولاية وجمعوا عليه كل الكتيبة. فعروه والبسوه رداء قرمزيا. وضفروا اكليلا من شوك ووضعوه على راسه وقصبة في يمينه.وكانوا يجثون قدامه ويستهزئون به قائلين السلام يا ملك اليهود. [متّى27، 27-29]

هذه الرواية التي ترويها الأناجيل هي خلط في الروايات بين الشخصيّات أيضا.فهم يكتبون من الذاكرة و ربّما السبب الذي جعلهم يخلطون هو أنّ المجنون الأوّل اسمه يسوع، أمّا المجنون الثاني فاسمه كاراباس و هو تحريف لباراباس، الرجل الذي أطلقه بيلاطس مكان يسوع، لكن و يا محاسن الصدف فباراباس هو أيضا اسمه: يسوع.

و سنتعرّض، في الفصل القادم، لهذا الأمر و بقيّة التلاميذ و كيفيّة ربط الأحاث مع بعضها

يتبع....................


1-يوسيفيوس فلافيوس/تاريخ اليهود/الكتاب18/الفصل1، 6
2-كان أشار أرنست رينان * في القرن التاسع عشر -بطريقة غير مباشرة و عرضيّة- إلى إمكانيّة أن يكون يسوع هو ابن يهوذا الجليليّ، و أخذ بعده دانيال ماسي ** هذه الفكرة و اشتغل عليها لأكثر من عشرين سنة، ثمّ التقفها روبار أمبالان *** و غيره من الباحثين و زادوا في التعمّق فيها و ذلك اعتمادا على أقوال المؤرّخين و بعض الحقائق الأركيولوجيّة و طبعا الأناجيل.
*Marc Aurèle ou la fin du monde antique /Ernest Renan/1839
L'Enigme de Jésus-Christ/Daniel Massé/1920**
***Robert Ambelain/Jésus, ou le mortel secret des Templiers/1974

3-تاريخ روما / Paterculus من 19 قبل الميلاد إلى 31 بعد الميلاد= المخطوط منقوص في الفترة بين 29 و منتصف سنة 30 ميلادي [أي الفترة التي صُلب فيها يسوع حسب الأناجيل]
تاريخ Sénèque le rhéteur من 55 قبل الميلاد إلى 39 ب.م = مفقود
تاريخ نيرون Fabius Rusticus تقريبا 60 ب.م= مفقود
الامبراطور كلود Commentarium de vita sua تقريبا 54 ب.م= مفقود
تاريخ روما Servilius Nonianus تقريبا 35 ب.م= مفقود
تاريخ عام Aufiduius Bassus معاصر ليسوع= مفقود
إلخ....

4- http://assoc.pagespro-orange.fr/cercle. ... /Celse.htm
5-مخطوطات قمران/طبعة كاملة/Michael Wise/دار نشر Plon/ ص 549/باريس/2001
6-فلافيوس/حروب اليهود/الكتاب السادس/3، 288
7-فيلون الإسكندري/ Contre Flaccus/ الفصل 36



  رد مع اقتباس
قديم 07-31-2014, 03:22 PM مُنْشقّ غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [10]
مُنْشقّ
عضو عامل
الصورة الرمزية مُنْشقّ
 

مُنْشقّ is on a distinguished road
افتراضي

قبل أن أواصل هذا البحث فإنّه يجدر أن أقوم بتوضيح بعض المسائل.
قد يبدو للكثير ممّن يتابعونه، و خاصّة إثر إيرادي للشهادات الوثنيّة عن يسوع في الفصل السابق، أنّ هذا الأمر غير ممكن، و مستحيل، فكيف ليسوع المسيح الذي جاء بدين المحبّة و السلام يقولون عنه كان قاطع طريق، و متعصّب، إلخ...؟ لا بدّ [إذنْ] أنّهم قالوا ذلك بدافع الحقد أو الحسد، أن قالوه كعداء للمسيحيّة، ولابدّ أنّهم نقلوا عن اليهود الذين ’’يكرهون’’ المسيحيّة الصاعدة وقتها، فاليهود قالوا أنّ يسوع هو ابن ’’زنا’’، و هذا غير معقول، بينما الوثنيّون قالوا أنّه كان قاطع طريق، و هذا أيضا غير معقول.
للقارئ الحقّ في أن يفكّر مباشرة بهذه الطريقة [حتّى و لو كان ملحدا] لأنّ هناك ألفا سنة تعشّش في الذاكرة، 20 قرنا من البروباجاندا المسيحيّة، 24 ألف شهر من التعاليم الكنائسيّة التي نجحت في تقديم الصورة التي تريدها عن يسوع، رغم التاريخ الأسود من الحروب و محاكم التفتيش و سلطة الكنيسة،فقد ظلّت فكرة المحبّة و السلام في المسيحيّة مسيطرتين في الوعي الجماعيّ، وزادت هذه الفكرة رسوخا حينما تعلْمَنَتْ أوروبا و فصلت الدين عن الدولة و قلّمت مخالب المسيحيّة، أو كما قال Danièle Sallenave : حين تكون ديانة ما [يقصد الديانات الإبراهيميّة] ديانة معتدلة، فلأنّنا قصصنا جناحها العسكريّ، أو منعناها من استعماله، فالمسيحيّة صارت ديانة معتدلة في فرنسا، حينما وضع القانون حدّا لسلطة الكنيسة.
و هذه البروباجاندا الإشهاريّة للكنيسة و منذ 20 قرنا، تتأقلم مع الظروف، فمثلا كانت صورة يسوع أقلّ جمالا، أو بالأحرى حسب مقاييس الجمال في كلّ عصر، فتفنّن المتفنّون في رسم صور أخرى أكثر جاذبيّة، بشعر طويل و لحية مشذّبة و عينين زرقاوين و نظرة وسيمة إلخ.. و كأنّنا أمام أحد نجوم هوليود ولسنا أمام إله! نصنع صورة لإلهنا بالطريقة التي نميل إليها و نحبّذها، و نعلّق لوحته في غرفة النوم لنشعر بالاطمئنان و الهدوء، و كأنّي أتذكّر كلام Xénophane الذي قاله منذ 2500 سنة: الأثيوبيّون يصوّرون آلهتم على شكل آلهة سوداء، و التراقيّون [البلغاريّون] يصوّرونها بعيون واضحة و شعود مجعّدة، و لو كان للأبقار و الجياد و الأسود أياد، لصوّروا آلهتهم على شكل أبقار و جياد و أسود.
و لكي نستطيع الرؤية بأكثر وضوح علينا أن نتخلّص من ذاكرتنا، و نطبّق المنهج الديكارتيّ، [على أمل ألاّ نصل إلى النتيجة التي وصل إليها ديكارت طبعا :?? و إلاّ فيا خيبة المسعى] و ننظر إلى الأمر كما هو في عصره، فالمسيحيّة التي نعرفها اليوم ليست المسيحيّة نفسها منذ ألفي سنة، و من التعسّف أن نقرأ أحداثها و تكوينها بعيون حاضرنا، أو بما نعرفه حاليّا عن تعاليمها، بل علينا أن نقرأها بعيون معاصريها أو القريبين زمنيّا منها، فاليهود قالوا كذا من وجهة نظرهم، و الوثنيّون قالوا كذا من وجهة نظرهم، و النصوص الأبوكريفيّة قالت كذا من وجهة نظرها، و الأركيولوجيا قالت كذا، ثمّ: و المسيحيّون الأوائل قالوا كذا من وجهة نظرهم، فنجمع كلّ هذه النصوص [ التي تقدّم لنا زوايا مختلفة للمشهد وقتها] و نركّب وجهات النظر المختلفة و نقارنها ببعضها و نعيد رسم الأحداث التاريخيّة التي تبدو لنا أكثر منطقيّة. هذا هو -حسب رأي- المنهج الذي أراه جيّدا في قراءة تاريخ المسيحيّة.
و هناك نقطة كنت كرّرتها، و لن أملّ من تكرارها: النصوص التاريخيّة غير المسيحيّة التي تتحدّث عن المسيحيّة تمّ تزويرها، خاصّة بعد اعتناق روما لها، و لم يصلنا إلاّ ما أرادوا أن يصل لنا،أو لأنّهم اقتبسوا بعض الجمل للردّ عليها، و يكفي أن نقرأ أعمال يوسفيسوس فلافيوس لنعرف حجم التزوير، فكتابه حروب اليهود متكوّن من سبعة أجزاء، فالجزء الأوّل يعرض فيه الأحداث التي حصلت في 165 سنة قبل هيرودوس، ثمّ في الجزء الثاني [و هو الذي يجب أن يتحدّث فيه عن يسوع] تجد النصّ مملوءً بالتناقض، مشوّشا، و كأنّه تمّ قصّ و لصق فقرات في غير أماكنها، و المعنى غير مترابط، ثمّ في الكتب الخمسة المتبقّية تعود إلى فلافيوس قدرته المتفوّقة في عرض الأحداث، و التنظيم الدقيق، و المعاني المسترسلة. فهل يوجد دليل أكثر من هذا على تحريف نصّ فلافيوس، مؤرّخ روما الرسميّ، إذا قارنّا الكتاب الثاني و بقيّة كتبه؟ ثمّ إنّه معروف بثرثرته، فيتوسّع في عرض الحوادث و تحليلها، لكن حين يذكر المقطع الوحيد عن يسوع المسيح [و هو مقطع مزوّر مائة في المائة] لا يتجاوز ثلاثة أسطر؟
كنتُ قد ذكرت هذا النصّ في بداية البحث، و إنّما أعود إليه لأعطي عيّنة عن التدليس الذي قام به رجال الكنيسة لإخفاء الذي حدث فعلا في بداية الألفيّة الأولى، هذا النصّ عن يسوع لم يظهر إلاّ في القرن الرابع ميلادي، و لم يقتبسه، من قبْل، اكليمندس الاسكندري و لا جستينيوس النابلسي الشهيد، رغم أنّهما و في كتبهما و ردودهما على المعارضين و لإثبات يسوع أنّه المسيح، اقتبسا حتّى من بعض الكتابات الأبوكريفيّة، فكيف فاتهما هذا النصّ الذي كان يكفيهما مؤونة الجدال و بشهادة فلافيوس اليهوديّ نفسه؟
بل أنّ أوريجنيوس الذي اقتبس من كتابات فلافيوس أيضا في جدالاته، قال: لكنّه [أي فلافيوس] لم يعترف بأنّ يسوع هو المسيح ’’1’’ لا أدري إن كان يوجد ردّ أكثر وضوحا من هذا؟ بينما النصّ المزيّف، و الذي يستشهد به بعض المسيحيّين إلى اليوم يقول: وكان هو المسيح. ممّا دفع بفولتير أن يسخر ممّن ما زالوا يقتبسون هذا النصّ لإثبات تاريخيّة يسوع، و يتعجّب متهكّما كيف لم يذهب فلافيوس ركضا ليقوم بالتعميد.
طبعا، ليس الغرض من كلامي هو أنّ يسوع أسطورة و لو يوجد، بل أرى أنّه وجد فعلا و لكن كان شخصا آخر غير الذي صنعت صورته الكنيسة فيما بعد، و هو ما سنراه لاحقا، و إنّما الغرض هو للإشارة إلى التدليسات التي حصلتْ في النصوص التاريخيّة.و أوّل أو أكبر هؤلاء المدلّسين هو يوسبيوس القيصري في القرن الرابع ميلادي، الذي يسمّيه البعض: يوسابيوس المدلّس. و قد كتب قائلا: و قد تحدّث [أي فلافيوس] عن سيّدنا، و هكذا قال.. ’’2’’ ثمّ يضع هذا النصّ المدلّس!
و وصل به الأمر إلى أن يقتبس نصّا كاملا لفيلون الإسكندري يتحدّث عن الأسينيّين و غيّر في المعنى ليؤكّد أنّه يتحدّث عن المسيح، ’’3’’ هذا دون أن نذكر الاقتباسات الأخرى التي يذكرها عن فلافيوس و التي هي غير موجودة في أيّ مخطوط لفلافيوس موجود حاليّا ممّا يشير إلى أنّ النصّ تمّ الاشتغال عليه أيضا بعده!
و قد يطول الكلام عن باقي التدليسات و التزويرات التي قام بها رجال الكنيسة الأوائل في النصوص التاريخيّة، كي توافق تعاليمهم و رؤيتهم لقصّة يسوع، و إنّما أوردتُ عيّنة لأضع القارئ في الإطار.
بداية من الفصل القادم سأبدأ في رسم ملامح يسوع التاريخيّ المختفية تحت أطنان من الغبار.
---------------------------------------------------------------------------

1- Origene / Commentaire sur matthieu / ص 223/ Ed.Huet/ باريس/ 1963
2-Eusebe de Cesarée/ Histoires ecclésiastique/ 1/XI
3- Daniel Massé/L'enigme de Jesus Christ/Tome1/P130/Paris 1926
-----------------------------------------------------------------------------

حين تسأل المسيحيّ عن ولادة دينوسوس أو ميترا أو حورس من عذراء فسيجيبك أنّ هذه أساطير قديمة، لكنّه يؤمن بأنّ يسوع مولود من عذراء!
هناك احتمالان لا ثالث لهما: إمّا أنّ يسوع هو ابن مريم من زوجها يوسف أو هو ابنها من رجل آخر، و كما نعرف يتّفق الجميع [مسيحيّون و يهود و وثنيّون] أنّ يوسف ليس أبا يسوع، و بالتالي فهو ابن رجل آخر، فمن هو هذا الرجل؟
نبدأ من الإشاعة التي تقول أنّ يسوع هو ابن الجنديّ الرومانيّ Panthera:
ذهب بعض الباحثين المسيحيّين إلى أنّ Panthera هي تحريف لـ Parthenos أي العذراء، بمعنى أنّ يسوع هو ابن العذراء لكن العلاقة الإيتمولوجيّة بين الكلمتين غير صحيحة، و ذهب البعض الآخر إلى أنّها تحريف لـ Panthere في إشارة إلى مريم بوصفها لبؤة، و هذا أيضا غير صحيح.
و قد تمّ العثور على شاهد قبر لجنديّ رومانيّ مكتوب عليه: ’’1’’

Tib.Jul.Abdes.Pantera
Sidonia.ann LXII stipen
XXXX.miles.exs
coh I.sagitarrorium
h.s.e

و تعني:

TUBERUS JULIUS ABDES PANTERA
DE SIDON AGE DE 62 ANS
UN SOLDAT AVEC QUARANTE ANS DE SERVICE ACTIF
DE LA 1 ERE COHORTE D ARCHERS
REPOSE ICI

و ترجمتها:
طيبريوس يوليوس عبداس بانتارا
من صيدا، العمر 62 سنة
جنديّ قضّى أربعين سنة في خدمة متواصلة
من الفوج الأوّل للرماة
مدفون هنا

هذا النقش موجود الآن في متحف بألمانيا، و هو لجنديّ رومانيّ عاش في القرن الأوّل ميلادي في فلسطين، و أصله من صيدا و توفّي عن سنّ يناهز 62 سنة.
تحليل النقش:
الاسمان الأوّلان Tiberius Jelius هما cognomina أي لقبان و يشيران إلى أنّ هذا الجنديّ ليس رومانيّا بل هو عبد تمّ عتقه و التحق في خدمة الجيش الرومانيّ، و اسمه ’’عبداس’’ بمعنى ’’عبد الله’’ و لقبه Panthera و هو لقب ساميّ يحمله بعض اليهود في فلسطين حيث تمّ اكتشاف قبرا يهوديّا سنة 1891 في شمال القدس في الطريق إلى نابلس مكتوب عليه:Pantheros باليونانيّة و تحته باليونانيّة Josepos أي يوسف ابن بانتورا ’’2’’
الفوج الأوّل من الرماة الذي ينتمي إليه هذا الجنديّ تمّ إرساله إلى كرواتيا سنة 6 بعد الميلاد، ثمّ انتقل إلى ألمانيا بعد ثلاث سنوات للمشاركة في الحرب بين Rhin و La Nahe و توفّي هذا الجنديّ هناك حيث تمّ دفنه.
هل يكون هذا الجنديّ بانتورا هو أبو يسوع؟
الأركيولوجيّ James Tabor يتبنّى هذا الرأي و يدعّمه بما جاء في الأناجيل [مثلا: مرقس7، 24] حيث خرج يسوع من الجليل و ذهب إلى تخوم صور و صيدا و دخل هناك إلى بيت سرّا، و لم يرد أن يعرف أحد أنّه دخل هذا البيت، فهل ذهب إلى بيت أبيه بانتورا في صيدا؟ و لماذا ترك منطقة اليهوديّة ليذهب إلى منطقة الأمم بل و يدخل بيتا هناك؟ يشير جيمس تابور أنّه لم يستطع أحد تفسير هذه الآيات و كلّها ظنون، بينما حينما نعرف أنّ بانتورا هو من صيدا تتوضّح لنا أسباب زيارة يسوع لذلك المكان.

هذا الربط بين الأركيولوجيا و كلمة بانتورا و ما فعله يسوع هو فعلا ربط جيّد و علميّ، و لكن سيقفز أمامنا سؤال لا ندري كيف نجيب عليه في هذه الحالة، و هو: كيف يدّعي يسوع أنّه المسيح و هو يعلم و الجميع يعلم أنّه ليس من نسل داود فقط، بل من نسل عبد التحق كجنديّ مع الرومان؟
قد يقول قائل: لم يدّع يسوع أنّه المسيح، بل كان قاطع طريق مع عصابة معه و تمّ بناء الأسطورة المسيحيّة على شخصيّته، فصارت عصابته هم الحواريون الذين ينادون بالحبّ و الخير، و صار أبوه المجهول جبريل، و بقيت أمّه عذراء.
و لكن أتساءل: لماذا قام كتبة الإنجيل باختيار هذه الشخصيّة ليبنوا عليها دغمائيّتهم؟ لماذا لم يختاروا مثلا شخصيّة أخرى بلا مشاكل فيها؟ حيث يوجد من ادّعى أنّه المسيح قبله و بعده أيضا؟ و يوجد 3 أشخاص باسم يسوع في ذلك الوقت كانوا كهنة كبارا، فلماذا لم يبنوا على شخصيّاتهم؟
غنيّ عن القول أنّه لو كان الأمر كذلك، فالقصّة واضحة، و كلام سالس واضح حين يقول:لديّ الكثير لأقوله عن الأحداث التي جرت في حياة يسوع، والوقائع الحقيقية التي تختلف عمّا تمت كتابته من قبل أتباعه ، أو كما يقول كايسيليوس: تقدّسون رجلا [أي يسوع] عوقب على الصليب، و تصنعون له معبدا [أي كنيسة] كان يجدر أن تجعلوها لقطّاع الطرق و المجرمين [راجع الفصل السابق]
ربّما علينا أن نحفر أكثر، رغم وجاهة الكلام السابق خاصّة انّه يعتمد على الأركيولوجيا، و لكن لنتعمّق أكثر:
أوّل من ربط يسوع بالجنديّ الرومانيّ بانتورا هو سالس سنة 180 ميلادي تقريبا، حيث قال:
لقد قام النجّار [أي يوسف] بطرد أمّ يسوع التي كانت خطيبته، طردها لأنّها وقعتْ في الزنى و حبلتْ من جنديّ اسمه Panthera
[ C.C. I, 32/ 5 ]

و لننظرْ ماذا يقول التلمود: ’’3’’
سنهدرين 43 أ: و تمّ تعليق يسوع ليلة الفصح.
سنهدرين 67أ: و قاموا بتعليق ابن ستادا [ Ben Stada ة ] ليلة الفصح، ابن ستادا هو ابن بانتورا Panthera ...الزوج كان اسمه بافوس بن يهودا، العشيق اسمه بانتورا، و امّه اسمها ستادا، و هي مريم.
شبّات 104ب: ابن ستادا هو ابن بانتورا
و في تلمود أورشليم نقرأ:
شبات /الفصل 14: قام ثعبان بلدغ ربّي أليعازر بن دماح، فاقترح عليه يوسف من قرية سيماي مداواته باسم يسوع بانتورا.
أبوداه زاراه 40د: قام ابنه بابتلاع شيء [تسبّب في مرضه] فجاء شخص و أخذ يقرأ عليه باسم يسوع بن بانتورا، فشُفي الطفل.
مخطوطة جوسيبون، التي اقتبست تاريخ فلافيوس إلى العبريّة: و في ذلك اليوم كانت هناك معارك عديدة و كبيرة، في اليهوديّة، بين الفريسيّين، و قطّاع الطرق [البلطجيّة] الذين يتّبعون يسوع بن بانتورا النصرانيّ Nazoreen و قام بمعجزات عديدة أمام شعب إسرائيل، حتّى انتصر عليه الفريسيّون و علّقوه في عمود [أي صلبوه] manuscrit Hébr. 1280, fol. 123 v° de la B.N.F
المسيحيّون بدورهم ذكروا اسم بانتورا:
Epiphane سنة 375 ميلادي: يعقوب أبو يوسف و كليوباس كانت كنيته بانتورا Adv. hæreses 787/P.G. 42, 708 D ;
و أشار إليه يوحنّا الدمشقيّ ايضا بوصفه كنية و ليس اسما De fide orthodoxa, IV ; PG 94, 1156 D-1157 A

إذا و للتلخيص فإنّ ’’بانتورا’’ تارة يتسمّى به يسوع و تارة يتسمّى به جدّه، و بالتالي و كما يرى Gys Devic هو أنّ هذه الكنية أو الإسم موجودان و لكن تمّ تحريفها و تحويلهما إلى جنديّ رومانيّ، و يقترح التالي:
Panthera تحرّفت إلى اللاتينيّة و أصلها Panthora و هي كلمة مركّبة من مقطعين يوناني و عبري كما كان يتكلّمها اليهود في عصر يسوع:
Pan و تعني ’’كلّ’’ أو ’’جميع’’ باليونانيّة
Thora و تعني التوراة بالعبريّة، أي الشرع.
أي بانتورا تعني : كلّ الشرع.
يسوع بن بانتورا تعني يسوع بن كلّ الشرع.
و يربط بينها و بين قول يسوع في متّى: لا تظنوا اني جئت لانقض الناموس [الشرع=Thora ] او الانبياء ما جئت لانقض بل لاكمل، فاني الحق اقول لكم الى ان تزول السماء و الارض لا يزول حرف واحد او نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل [ كلّ=Pan ]متّى5، 17-18

هذه التخريجة لها وجاهتها أيضا، و لكن لماذا نعقّد الأمور؟ لماذا لا تكون بكلّ بساطة تحريفا لـ Patera اللاتينيّة أي ’’الأب’’ ؟\
خاصّة إذا عرفنا أنّ Barabbas [قاطع الطريق] الذي بادله بيلاطس بيسوع قبل صلبه، اسمه يسوع باراباس؟ [يتمّ ذكر اسم هذا الشخص في بعض المخطوطات القديمة مثل إنجيل متى بالسريانيّة القرن الرابع ميلادي، أو Codex Koridethi في القرن العاشر ميلادي، يذكرونه باسم يسوع باراباس، و يرى الباحثون أنّ الإسم الكامل الأصليّ هو كذلك، و أنّه تمّ محو اسم يسوع من باراباس في الأناجيل الحاليّة، ’’4’’ ]

و باراباس تعني:
بار=ابن
أبا= الأب
و السين هي الإضافة اليونانيّة لاسم العلم. ’’5’’

و كان لهم حينئذ اسير مشهور يسمى [يسوع] باراباس، ففيما هم مجتمعون قال لهم بيلاطس من تريدون ان اطلق لكم [يسوع] باراباس ام يسوع الذي يدعى المسيح؟ [متّى27، 16-17]
أي بمعنى آخر قال لهم بيلاطس: من أطلق لكم، يسوع بار أبّا، أم يسوع بار أبّا؟ [!] سنتعرّض لهذا الأمر لاحقا لأنّهما شخصيّة واحدة ، و هي شخصيّة يسوع المسيح، قام كتبة الإنجيل بجعليها شخصيّتين.

إذن و للتلخيص: إن كان بانتورا تعني الجنديّ الرومانيّ فالأمر واضح منذ الآن، و إن كانت تعني ابن الشرع فلا مشكلة هنا،[أي أنّ يسوع رجل حكيم و يعرف الشرع كلّه] و ان كانت تعني ابن الأب فهنا يوجد احتمالان: إمّا ابن الأب بمعنى مجهول الأب، و هذه تعيدنا إلى الجنديّ الرومانيّ، و إمّا ابن الأب أي ابن الله، لكن بمعنى القريب من الله الذي يعرف الشرع و هذه تحيلنا على ابن الشرع.
بعد كلّ هذه المتاهات:
في الحالة الأولى نكون قد عرفنا اسم أبي يسوع و هو بانتورا.
لكن في الحالة الثانية، أي أنّ يسوع هو ابن الشرع فمن يكون أبوه؟
هذا ما سنراه بعد الفاصل.

----------------------------------------------------

1-James Tabor/La veritable histoire de jesus/P82/Laffont/Paris/2007
2-المصدر السابق/ص 85
3- http://assoc.pagespro-orange.fr/cercle. ... /Celse.htm
4- Jesus contre Jesus/Gerard Mordillat/Seuil/2008/Paris
5- القرآن يقوم بهذه التخريجة اللغويّة، بين السين اليونانيّة و الإسم العبري، فيقول: وزكريا ويحيى وعيسى والياس كل من الصالحين [الأنعام، 85] فهو هنا يذكر اسم إلياس بصيغته العبريّة اليونانيّة أي : إليا [الإسم العبري]+ س [الإضافة اليونانيّة لاسم العلم] ، و لكنّه في موضع آخر [الصافات، 130] يقول: سلام على ال ياسين ، و هذه تخريجة لغويّة جميلة حيث ذكر الإسم العبري إيليا و أضاف حرف السين اليونانيّ منطوقا، أي إيليا + سين [أي حرف السين] فضرب عصفورين بحجر واحد: نطق الإسم بإضافة الحرف الأخير اليونانيّ منطوقا و حافظ على القافية.



  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدليلية (Tags)
خلف, يسوع, خطى


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
كتاب توراة هارون ممتاز جدا -ارجو تثبيته فى المنتدى مع مقال خلف خطى يسوع باحث_علمى العقيدة اليهودية ۞ و المسيحية ✟ و العقائد الأخرى 3 01-27-2019 06:29 PM
افضل شخص فى المنتدى يتكلم عن المسيح هو الاخ منشق .مقال خلف خطى يسوع باحث_علمى العقيدة اليهودية ۞ و المسيحية ✟ و العقائد الأخرى 11 01-16-2019 12:29 AM
فيديو جرائم الصحابة مع خلف يوسف ابو خلف LibyanAtheist العقيدة الاسلامية ☪ 2 10-19-2017 09:46 AM
مجموعة فتاوى تدفك للإنتحار ( عل خطى موضوع الأخ العقل الباطن ) GoldWin استراحة الأعضاء 8 02-28-2016 05:04 PM
البيدوفيليا على خطى محمد Lucifer العقيدة الاسلامية ☪ 1 02-18-2015 01:19 PM