شبكة الإلحاد العربيُ  

العودة   شبكة الإلحاد العربيُ > ملتقيات في نقد الإيمان و الأديان > ساحة النقد الساخر ☺

إضافة رد
 
أدوات الموضوع اسلوب عرض الموضوع
قديم 03-05-2020, 11:12 AM المسعودي غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [1]
المسعودي
باحث ومشرف عام
الصورة الرمزية المسعودي
 

المسعودي is just really niceالمسعودي is just really niceالمسعودي is just really niceالمسعودي is just really nice
افتراضي حكاية الحمار الذي تجرأ على الذات الإلهية [الحلقة الخامسة]

[تنويه للقراء: هذه الحكاية "تقريباً" من وحي الخيال ولا علاقة لها بالوضع في الشرق الأوسط ولا بالعلاقات الصومالية الألمانية ولا العربية الأسترالية، وأي تشابه مع أحداث أو أسماء فعلية هو "تقريباً" محض صدفة]



على صعيد آخر (كما يقول مذيعو الأخبار) وبعد يومين طويلين من المباحثات والتداول مع مستشاريه قرر الرئيس عقد مؤتمر صحفي مرتجل على الطريقة الأمريكية "briefing" حتى يقول للناس رأيه في موضوع الحمار (وسائل الأعلام الرسمية لا تذكر اسم الحمار. إذ غالباً ما تكون صياغة الخبر كالتالي: "رأيه في الموضوع". والحرُّ تكفيه الإشارة!). كانت القاعة المخصصة للمؤتمرات تغص بكاميرات وميكروفونات محطات الإذاعة والتلفزيون المحلية والعربية والعالمية ووكالة أنباء كوريا الشمالية ومراسل جزر القمر وممثل عن المركز الصحفي لقرية الحمار " Donkey village"، أما الصحفيون فقد كانوا يترقبون ظهور الرئيس وهم يرتجفون من الخوف!
كان الجو متوتراً ومشحوناً بالكثير من الأسئلة التي رفض الكثير من المسؤولين الإجابة عليها. حتى "الحاج" وزير الأوقاف قد اعتذر عن الإجابة على أسئلة الإعلام الرسمي، المهتمين بنقل الحقائق المُرْضية للحكومة، متحججاً بأنه قد عاد لتوه من العُمرة وهو في حاجة إلى التعرف على "حيثيات" القضية. فقد ظل يردد " يا سادة، الحيثيات مهمة، بدون حيثيات لا يوجد أي شيء، الحيثيات، الحيثيات أهم شيء). أما هيئة الإفتاء وبعد صمت دام أكثر من أسبوع قررت الكلام ممثلة بالشيخ المَفْتُون (هكذا كان اسمه، ولا أحد يعرف بمن هو مَفْتُوٌن!)، وهو مسؤول الإعلام الخارجي (هل يوجد مسؤول للإعلام الداخلي؟)، الذي قرأ أمام الصحفيين وبصوت كئيب خال من أية حياة (من المؤكد قد تدرب عليه طويلاً) بياناً رسمياً مقتضباً ما يلي نصه:
"الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء محمد، وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يوم الدين. أما بعد:
فبناء على قرار من سماحة رئيس الهيئة رقم ( ن ح ف3525809788967634476628090262) وبتاريخ14/10/2009 وبناءً على مستجدات أمور الدين سيتم عقد دورة طارئة لمجلس هيئة كبار العلماء في موضوع الحمار.
وقد أعدت اللجنة الدائمة بحثاً في ذلك يتضمن أمرين:
الأول: تعريف وبيان أسس وأنواع وأركان الآذان، وحكم المؤذن من غير جنس البشر سواء كان حماراً داجناً أو وحشياً، والاطلاع على الحكم عليه بالإباحة أو المنع.
الثاني: ذكر خلاف الباحثين في حكمه وأدلة كل فريق منهم مع المناقشة.
وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وآله وصحبه".
* * * * *
في قاعة المؤتمرات طال انتظار الصحفيين وفي لحظة ما بدى وكأن المؤتمر الصحفي قد تم إلغاءه وقرر البعض مغادرة القاعة سمع الجميع جلبة قادمة من مكان ما ثم ظهر أفراد الحماية الذين تجاوز عددهم عدد الصحفيين المتواجدين في القاعة وسرعان ما ظهر وزير الداخلية مغموماً متثاقلاً يزحف على الأرض زحفاً، وقد أرسله رئيس الجمهورية حتى يورطه. فلعل لسانه يزلُّ ويجد حجة لإقالته. لأنه هو السبب لكل هذه الضجة. إذ كان عليه أن يلقي القبض على الحمار قبل أن تستفحل الأمور ويعرف جميع أولياء الأمور!
وقف وزير الداخلية خلف المنصة (ولم يظهر إلا رأسه وأوداجه المنتفخة) وبعد أن جال بنظره في أرجاء القاعة بنظرات لا معنى لها ولا هدف قرر الكلام قائلاً:
"بسم الله الرحيم. باختصار، الكل يعرف قضية ... هذا، المؤذن ... . المهم. هذا الحمار، أو أي شيء آخر، الموضوع واضح جداً. الدولة في الوقت الحاضر لا تستطيع التدخل في الموضوع. لحد الآن ليست لدينا أدلة عقلية ولا حسية. . . ما علاقتنا بالموضوع؟ اتصل سيادة الرئيس بسماحة رئيس هيئة الإفتاء وشرحنا موقفنا بالقضية ورجا سيادته سماحته بالتفضل بإبداء الرأي. وقد وعده خيراً. فـ .. فهذا، أنتم تعرفون للحمار تاريخ ملتبس وعليه الكثير من علامات الاستفهام، هو مؤذن في جامع صغير، ولا أعرف لماذا عملتم ضجة؟ سوف نتدخل إذا طلبت المرجعية ذلك. هذا واضح للجميع. فالحمار، لا أعرف ما اسمه، قام بحماقة كبيرة، كما قلت هذه ليست أول حماقة، له سوابق، عنده آراء عجيبة غريبة، هل هو حمار أم فقيه؟ إذا تحول الحمير إلى فقهاء فماذا نفعل إذن بالفقهاء؟! لماذا لا يتناول علفه ويحمد الله على توفر العلف بدلاً من الكلام حول موضوعات لا تخصه؟ لا أعرف. نحن ننتظر مجريات الأحداث. هذا كل ما عندي".
فأخذ الصحفيون يتصايحون ويتسابقون للحصول على أسبقية طرح السؤال الأول. فأشار الوزير إلى ممثل التلفزيون الرسمي (طبعاً).
- سيادة الوزير، الموضوع جِديٌّ . .
فقاطعه الوزير بعصبية:
- وأنت من أين تعرف بأنه جِديٌّ؟ هل أنت تفهم أحسن من الحكومة؟
- لا، سيادة الوزير. ولكن صرح عَالِمٌ مسلمٌ بأن آذان الحمار هو السبب في سقوط مركبة فضائية على القمر!
سأل الصحفي مرتبكاً. فرفع الوزير يده لإسكات الصحفيين الذين أخذوا يتصايحون طالبين طرح الأسئلة:
-"هذه مبالغة مُغْرضة، أكيد نشرتها CNN . كيف وصل صوت الحمار إلى القمر؟ هل هذا معقول؟ هل سمعه أحد هناك؟ هذه مبالغة لا معنى لها. سوف تقوم اللجنة العلمية التابعة للحكومة بدراسة الموضوع بالتفصيل. وبعد ذلك سننظر بقضية هذا الحمار. و ما اسمه؟ لا أقصد الحمار الأول، بل العَالِم المسلم؟ لماذا لا يتفرغ للصلاة كما يفعل جميع المسلمين؟ سنرى قضيته فيما بعد".
ثم غادر مثلما جاء محاطاً بعشرات من رجال الحماية و شرب الصحفيون ماء بارداً كما يقول المثل!
أما ما يتعلق بمراسلي محطة CNN فقد قرروا مغادرة القاعة والبلاد والشرق الأوسط وآسيا على عجل!
* * * * *
ازدادت الأحداث في بيت الحمار توتراً ودرامية.
فبينما كان المؤتمر الصحفي لرئيس الجمهورية (الذي مثله وزير الداخلية) لا يزال جارياً داهمت مجموعة من أفراد الشرطة والقوات الخاصة وفصيل الصاعقة ووحدة مكافحة الإرهاب وقوات المشاة وهيئة العمل بالمعروف والحرس الجمهوري والقطة المرقطة (في الحقيقة هي تسللت بصورة غير قانونية) بيت الحمار وقاموا بتفتيش جميع أنحاء البيت، بل وحتى في علف الحمار. الأمر الغريب هو أنهم لم يكونوا يبحثون عن الحمار. فقد كان حضرته في المعلف يراقب أفراد الشرطة بمشاعر خليطة من الاستغراب واللا أبالية. وكما يبدو فإن أفرد الشرطة كانوا يبحثون عن شيء آخر أكثر أهمية من الحمار، وثائق ومستندات سرية أو منشورات سياسية أو أدبيات أجنبية تنادي بالإطاحة بالحكومة. لكنهم لم يعثروا على شيء من هذا القبيل. كل ما عثروا عليه هو غلاف مجلة أسبوعية قديمة تظهر عليه فتاة جميلة تأكل وجبة طعام ماكدونالد. طبعاً، لا أحد يعرف لماذا يحتفظ الحمار بغلاف المجلة هذا - هل من أجل صورة الفتاة أم من أجل سندويش المكدونالد، الله أعلم! ومع ذلك فقد قرر أفراد الشرطة مصادرة غلاف المجلة لغرض التحقيقات وكمستندات فوتوغرافية مادية وكبراهين حسية على الانحلال الخلقي والإغتراب الروحي ومخالفة الشرع وتقاليد المجتمع للحمار.
كانت زوجة الحمار قد وصلت لتوها من اجتماع القرية بصحبة الحمار الجميل وحالما رأت قوات الشرطة أخذت تولول (لا أعرف كيف تولول الأتان، هذا ما قالته لي القطة المرقطة) وتبكي ولا تعرف ماذا تفعل. فالشرطة لم تعتقل الحمار، بل حتى لم يسأل أحد عنه. وظل صاحبنا يجلس في "غرفة العلف" مطأطئاً رأسه وعندما سأل أحد أفراد الشرطة زوجة الحمار "هل هذا هو الحمار المعني" أجابت وهي تنحب:
- وهل ترى حماراً آخر غيره!
غادر أفراد الشرطة البيت تاركين المسكينة (زوجة الحمار) تبكي وتنحب نادبة حظها النحس.
* * * * *

في المعلف واصل الحمار تأمله وهو يراقب الضوء المتسلل من ثقب في السقف. الآن أخذ شعاع الضوء يسقط تماماً على رأس الحمار. فكان النور يشكل هالة حول رأسه فيبدو الحمار مهيباً وجميلاً. بل حتى كأنه لم يكن حماراً في يوم ما! فرغم علامات القلق والإجهاد الفكري، فأن ملامح كاريزمية مؤثرة كانت تظهر على وجهه الكريم!
كان يتأمل ويفكر، لكنه لم يكن خائفاً قطُّ. اقتربت منه زوجته بوجل ومازالت الدموع تنهمر من عينيها وسألته بشيء من الرجاء والحسرة:
- لماذا فعلت هذا يا "رجل"! أرجوك أخبرني لعلي أستطيع مساعدتك؟
- لم يكن أمامي حلٌّ آخر!
- هل أنت تمزح؟ كيف؟ أمامك آلاف الحلول ولم تختر إلا هذا الحل؟
- أنا لم أختره، لقد فرضه الله عليَّ ولم يعد أمامي غير التحدي!
رد الحمار بصوت الواثق من قضيته. حينئذ مسحت زوجته دموعها بأكمام جلبابها المتهرئ وانفجرت صارخة:
- هل حصل شيء في دماغك يا حمار يا ابن الحمار؟ بل هل عندك دماغ؟ هل تفهم ماذا تخرف؟ هل تريد أن تتحدى ربك؟
- هو الذي بدأ "والبادي أظلم"! لقد هدر كرامتنا لا لسبب إلا لكي يضرب بنا الأمثال!
رد الحمار بهدوء.
- وهل تعرف إلى أين ستأخذنا كرامتك المهدورة؟ إلى جنهم مباشرة. بل أن جهنم هي الآن هنا وسوف "تنخبط" على رأسك ورأس أبيك، هل تفهم كلامي يا "رجل"!؟ نحن حمير وأصواتنا قبيحة فهل تغيرت الأحوال بآذانك؟
قالت زوجته منفعلة وهي تنظر إلى حمارها (أو زوجها، لا فرق).
- هذا موقف! العين بالعين و"الآذان" بــ"الآذان"!
قال الحمار وهو يبتسم لأول مرة وقد عجبته فكرة "العين بالعين والآذان بالآذان" وظهرت أسنانه البيضاء من تأثير التبن.
- هل أنت تُخرِّف؟
أطلقت زوجته صرخة مدوية، وهي تلطمه على رأسه بكل ما تملك من قوة.
- ها أنت قد فقدت ذرة العقل الوحيدة التي كانت في رأسك؟ هل تعرف المصير الذي ينتظرك؟ أنت قد فَتَلْتَ الحبل الذي سيعلقونك به على نفس العمود الذي يعلق عليه القصاب ذبائحه الفاسدة في مركز القرية وستظل معلقاً عليها حتى تتعفن جثتك ويدب فيها الدُّود! إنهم لا يعرفون الله فهل تريد أن يعرفونك؟!
- هذا موقفي! لا أحد يستطيع الهروب من مواقفه!
فقررت المرأة تركه هو ومواقفه المبدأية والجحيم الذاهب إليه وأخذت بعض المتاع والملابس وَنادتْ حميرها الصغار وغادرت المنزل متجهة إلى معلف حمار الجيران الوسيم.
أما حمارنا فقد ظل وحيداً كما ولدَ في معلفه منتظراً نهايته المتوقعة وهو ينظر عبر النافذة بحثاً عن الأمل.
في وقت ما بعد الغروب سمع طرقات متواصلة على الباب وصوت جلبة وصياح، ثم سمع صوت تهشم خشب الباب الخارجي ووقع أقدام وهرولة في باحة البيت.
- ها قَدْ حانتِ السَّاعةُ، ليس في الأمر كذب أو إشَاعَة، أنها شناعة الشناعة، وعلي أن أحتمي بالشجاعة !
ردد الحمار مع نفيه.
وفجأة حلَّ الظلام . . .

البقية في الأسبوع القادم!
---------------------------------------------------------------------------------------
- هل قرأت الحلقات الأولى والثانية والثالثة والرابعة؟
- لا؟
- إذن، أنصحكم بعدم قراءتهما!
إما إذا غيرتم رأيكم وقررتم قراءتها فهذا هو الرابط:
حكاية الحمار الذي تجرأ على الذات الإلهية [الحلقة الأولى]
حكاية الحمار الذي تجرأ على الذات الإلهية [الحلقة الثانية]
حكاية الحمار الذي تجرأ على الذات الإلهية [الحلقة الثالثة]
حكاية الحمار الذي تجرأ على الذات الإلهية [الحلقة الرابعة]



  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدليلية (Tags)
الإلهية, الحمار, الحمار الذي تجرأ على الذات الإلهية، حكاية، موقف،, الحلقة, الخامسة, الذات, الذي, تجرؤ, حكاية, على


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
اسلوب عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع