|
|
أدوات الموضوع | اسلوب عرض الموضوع |
02-16-2020, 03:32 PM | رقم الموضوع : [1] |
الأُدُباءْ
|
عديقي اليهودي رواية فكرية تاريخية سياسية لمحمود شاهين بقلم رائد الحواري
عديقي اليهودي رواية فكرية تاريخية سياسية لمحمود شاهين بقلم رائد الحواري لكن عالم الرواية يختلف عن طبيعة الكتب البحثية أو الفكرية، وهذا يستدعي وجود خبرة ووعي من السارد، لكيفية تقديم مادته البحثية/الفكرية بقالب روائي،وهنا يكمن ابداع السارد، تقديم مادة بحثيه وفكرية بقالب روائي مقنع وممتع في ذات الوقت، وسنأتي على تفصيل النهج الروائي المستخدم لاحقا، لكن أيضا، تقديم المادة الفكرية/البحثية لها أسس ومعايير ليقتنع المتلقي بها، وهذا يعتمد على طريقة وشكل المقدم للمادة، من هنا تكمن أهمية الرواية، فالمجهود الفكري لا يقل أهمية عن الشكل الروائي، وهو مجهود ينم عن معرفة الباحث وسعة ثقافته واطلاعه وتنوع ثقافته، وهذا يجعل "عديقي اليهودي" رواية، ومادة فكرية دينية في ذات الوقت. اسماء الشخصيات المكان القدس الفلسطيني والاحتلال الفلسطيني الحضاري ـ بل سأكون حزينا، وربما حزينا جدا، فأنا لا أتصور نفسي قاتلا مهما كان نوع ضحيتي، وكثيرا ما أتمنى بيني وبين نفسي أن أكون قتيلا لا قاتلا" ص22، بهذا الحوار يحسم "عارف" تفوقه الثقافي والعملي على المستوطن "يعقوب" فلا مجال للمقارنة بين إنسانية عارف ووحشية يعقوب. وإذا ما توقفنا عند هذا الحوار يمكننا القول أن السارد أراد أن يشير ـ بطريقة غير مباشرة ـ إلى الهوة التي تفصل الفلسطيني عن المستوطن، الأول، رغم أنه محتل ومعتدى عليه، إلا أنه لا يقدم على القتل، بينما المستوطن، رغم أنه قوي ومحمي إلا أنه يقوم بالقتل من باب وهم الدفاع عن نفس ودون وجود مبرر لذلك. ولم تقتصر ثقافة"عارف" الفلسطيني على حق الحياة للبشر فحسب، بل تعدتها لبقية المخلوقات: "...أن طيور الحجل لم تغير عادتها في عدم الخوف مني، رغم أنني أحمل البندقية التي طالما رأتها كثيرا تفتك بأخواتها على يد يعقوب، كانت تفر بضعة أمتار على سطح الأرض، ثم تتابع درجها أو تتوقف إلى أن أمر، على مقربة أقدام منها، إلى حد أنني شعرت أن بإمكاني أن أمد يدي لأمسك إحداها"ص58، رغم (التغييرات) في هيئة "عارف" (يحمل بندقية الصيد) إلا أن طيور الحجل لم تفر منه، واستمرت بالتعامل معه كجزء من الطبيعة، من الوادي، وهذا ما أثار المستوطن "يعقوب" الصياد، الذي يخرج بالبندقة ليصطاد كل ما يشاهده من حياة: "ما هذا بحق السماء هل تعرفك الطيور؟ ـ لماذا لا تعرفني طالما أتجول كثيرا في بطاحها دون أؤذيها، وأقدم لها المساعدة إلى من يحتاج منها إليها. ـ وتحبك أيضا؟ ـ إنها طيور بلادي يا يعقوب، تعرفني وأعرفها، ولست غريبا عليها مثلك، ولا أسعى لقتلها كما تفعل أنت، فلماذا لا تحبني؟!" ص61، يحاول "عارف" أن يثبت وجوده وحقه في الحياة هو وما على هذه الأرض من كائنات، وأيضا أن (يغير) من فهم المستوطن، بأن الحياة حق لكل المخلوقات، وعندما قال "طيور بلادي" أراد بها أن يشير إلى أن الاحتلال يزيل ويغير ويشوه كل ما هو على الأرض، من بشر وطيور وأشجار معالم. الفلسطيني واليهودي اللقاء بين "عارف" ويعقوب كان في برية القدس، فالفلسطيني كما رأينا تعامل بإنسانية مع المستوطن "يعقوب" بمعنى أنه نظر إليه كيهودي، وليس كعدو يجب قتله، وهذا ما أثر ـ لاحقا ـ إيجابيا على يعقوب، فأخذ ينظر إلى "عارف" كإنسان وليس كعدو، الثقافة التي يتمتع بها "عارف" جعلته يذهل المستوطن: "ممكن أن يأتي قريبا هذا ونكون عديقين!!، ضحك للكلمة التي لم يسمع بها من قبل، تساءل مستوضحا: ـ ماذا تقصد بالضبط؟ ـ أقصد أن نكون عدوين في جلد صديقين أو العكس!"ص20، بهذا الثقافة اللغوية استطاع "عارف" أن يثبت تفوقه الثقافي على عدوه، فاستخدم مصطلح "عديقين" بمعنى عدوي وصديقي، فأراد بهذا اللفظ أن يبين تفوق الفلسطيني لغويا، من خلال اشتقاق لفظ متشابك "عديقي" وثقافيا، نظرته للحياة وللطبيعة والصراع، وسلوكيا، بعدم قتله لعدوه، وحتى أنه ـ لاحقا ـ أعاد له البندقية. يبدأ "يعقوب" بالتأثر بثقافة "عارف" ونهجه في الحياة، فلم يعد يصطاد الطيور أو الحيوانات: " سددت البندقية نحو الحجلة الواقفة، وهممت للضغط على الزناد، وإذا بصوت عارف يصيح في مخيلتي: إياك! لم أضغط على الزناد، وظلت الحجلة واقفة وكأنها تدرك أنني لن أطلق النار عليها" ص79، فتغير السلوك ليس بالأمر السهل، لكن شخصية "عارف" المنسجمة بين ما تقول وما تفعل، جعلت "يعقوب" يتغير ويتحول في سلوكه وطريقة تفكيره ليكون إنسانيا، ينظر إل الحياة والطبيعة نظرة جديدة، غير تلك التي تشربها من مؤسسات ومدارس الاحتلال. ونجد أثر عارف ينتقل إلى الألفاظ والتعابير التي يستخدمها "يعقوب": "ـ عارف لا يحب الصيد، ولا يرغب في مشاهدتي أفتك بطيور وحيوانات بلاده، فقد طلب إلي أن لا أفعل ذلك ولو أمامه. أذعنت له" ص132، اللافت أن يعقوب استخدم "طيور وحيوانات بلاده" ولم يستخدم "الطيور"بمعنى أنه أصبح يقر بأن فلسطين أرض وبلاد عارف، وليست أرض يعقوب أو المستوطنين، من هنا يمكننا القول أن هناك خلق جديد "ليعقوب" قد تم بفضل "عارف"، وهنا يكون عارف قد أكمل مهمته الحضارية والثقافية، والتي تتمثل بتحويل الغزاة والدخلاء إلى مواطنين أسوياء يحملون ثقافة وأفكار المنطقة الحضرية والإنسانية. ولم يقتصر أثر عارف على "يعقوب" فحسب، بل طال أيضا ابنته "سارة"التي اقامت علاقة روحية معه، فكانت تنام في بيته كصديقة وكحبيبة وكتلميذة: " استيقظت في حدود التاسعة صباحا على قبلة عارف تنطبع على خدي، كنت مستيقظة في السرير لكني لم أنهض، وكأني كنت أنتظر عارف أن يدعوني للنهوض، حتى لا أقترف ما يعكر صبيحته بنهوضي قبله، لا أذكر أنني نهضت من نومي على قبلة في حياتي، ولم أكن أعرف أن لقبلة المحب في الصباح، فعل السحر في الجسد" ص357، بهذا يكون "عارف" قد غير سلوك وتفكير الأب والإبنة معا، بمعنى أنه أوقف التأثير الصهيوني على الجيل المتصهين "يعقوب" وعلى الجيل الجديد "سارة". |
|
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الكلمات الدليلية (Tags) |
لليهود, اليهودى, الحواري, تاريخية, بقلم, رائد, رواية, شاهين, سياسية, عديقي, فكرية |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
اسلوب عرض الموضوع | |
|
|
Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
diamond