شبكة الإلحاد العربيُ  

العودة   شبكة الإلحاد العربيُ > ملتقيات الفنون و الآداب > ساحة الكتب

إضافة رد
 
أدوات الموضوع اسلوب عرض الموضوع
قديم 09-10-2017, 07:23 PM Dadi غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [1]
Dadi
عضو برونزي
 

Dadi is on a distinguished road
افتراضي لطيفة باقا- ما الذي نفعله؟

http://uemnet.free.fr/livres/l_baka/latifabaqa.pdf
الكاتبة..


لطيفة باقـا -ما الذي نفعله؟
(حائزة على جائزة الأدباء الشباب في القصـة لاتحاد كتاب المغرب برسم دورة 1992)




القصة الأولى
اقتباس:
ديدان معويـة


تنادي على الطفلة من داخل المرحاض، تقول أن بها "الحنيشات"، أتفحص جيدا غائطها: كانت هناك ديدان معوية. أعود لأتم كتابة الطلب الذي لم أستطع الجلوس إليه إلا قبل دقائق.

" أنهي إلى علمكم أنني من جنسية... " الجنس... الجنسية، الجنسوية أمر مسل تحديد المفاهيم هذا... حتى لا يقع خلط. فالجنس مثلا، وهو لفظ قصير – يقصد به تلك العملية التي تمارسها كل المخلوقات بما في ذلك النوع البشري، قيل للمحافظة على النوع- لا شك أن هذا صحيح لكن هناك نتيجة حتمية لهذه العملية وهي هذا العدد الهائل من العاطلين الذين ينتشرون كالجراد في أزقة ومقاهي المدينة... هذه المخلوقات العجيبة التي تتميز بكونها تفكر باستمرار أحيانا في وجودها الذي بلا مبرر... وأحيانا في قضايا أكثر خطورة.

أسمع الطفلة تنادي ثانية. هذه المرة كي أقوم بتنظيفها (!) – يا له من عمل! ألاحظ أن مؤخرتها الصغيرة تشبه تفاحة صفراء طازجة... أظل أقلب هذه الملاحظة في رأسي. أنتبه إليها: كانت تحدثني عن الديدان المعوية.

تقول أمي إننا – أنا وأختي سلمى – كنا أيضا نعاني في صغرنا من هذه الديدان الدقيقة جدا وهذا كان يفسر لماذا كنا نشبه قطتين شريدتين كما كان يحلو لأبي أن يدعونا، وفي إحدى تلك الليالي الفيبرايرية البادرة عاد أبي ورائحة النبيذ تتقدمه على بعد متر، في كامل نشوته، وكان يخفي في كيس دراجته النارية الخلفي "طرونبة" (" مفرغة الجهاز الهضمي " ستصحح سلمى وتنفجر ضاحكة)، ملأها بالملح والماء وألفى بنا – أنا وهي- على بطنينا بعد أن أزال سراويلنا ثم أخذ في إفراغها فينا عبر جهازنا الشرجي.

تحكي أمي أننا مكثنا طريحتي الفراش مدة أسبوع كامل وأنه كان يردد بعد أن أتم العملية: - الملح.. الملح وحده يستطيع أن يقتلها.

أعتقد اليوم أن وصفة أبي الطبية الخاصة كانت ناجعة والدليل أن واحدة منا لم تشك في اليوم من داء الديدان المعوية.

أفكر أن أكتب لها... سأخبرها أنني لم أعد أشكو من داء المعدة وأنني أنوي قضاء العيد عندها..

-كيخصك شي طرونبة وشوية دلملح وتموت ليك الحنيشات.

لم تسمعني الطفلة التي كانت تتربص بحشرة أبو دلع تعدو فوق السجاد أسرعت إلى فردة حذاء... وخبطت الحشرة.. ظل بعض منها عالقا بالحذاء. أخذت الصغيرة تنظر إلى معجون الحشرة وتضحك سعيدة...!

أفكر في كل هذه الطلبات فتصعد غصة إلى حلقي. لكم يؤلمني شعوري بأن لهذه الغصة طابعا أبديا.. ويؤلمني أكثر أن أكتشف إلى أي حد لم أعد أستطيع تصور وضع مخالف لهذا الذي أحياه..

ياه.. كم هي عبثية هذه الحياة (يبدو أنني أصبحت أنضم تدريجيا إلى طابور ضحايا وهم معنى الحياة). أتحسن الفطر الذي قذفت به الحمى هذا الصباح أسفل شفتي.. لا بد أنني أهذي.. ومع ذلك تبدو الأشياء عبثية تماما.. وبشكل عنيف.. عنيف جدا..

أطوي الطلب وأضعه داخل الظرف ثم آخذ ورقة أخرى..

سلمى:

أنوي أن أرسل طلبا إلى شركة النسيج في الضاحية كما اقترحت على آخر مرة.. أما بخصوص المباراة فلم يصلني بعد الجواب، على العموم لا أترك نفسي تمضي خلف أوهام أنا في حاجة الآن لتحرر منها. أفكر أن أقضي عندك عطلة العيد. أقول "عطلة" لأني اكتسبت هذه العادة التي بواسطتها يفرق الناس "النشيطون" بين أيام العمل وأيام الراحة.. نعم كما تقولين سأحاول أن أنسجم مع وضعي الحالي... سأحاول قدر الإمكان. أعتقد أنه يلزمني وقت كي أقرر في بعض الأمور الخاصة. أتدرين.. أشاهد خلال نومي في الأيام الأخيرة أحلاما مفزعة. هل لا زلت تؤمنين بالأشباح؟

الأشباح! لماذا أتذكر أنها كانت تؤمن بالأشباح؟ كل الأطفال يؤمنون بالأشباح. كنت أعود من المدرسة في فترة المساء في سنوات الدراسة الأولى وأظل أسفل العمارة أنادي على أمي بكل صوتي كي تنزل إلي وترافقني إلى شقتنا التي كانت توجد في الطابق الرابع...

دائما الأشباح.. هل تعتقد فيها أيضا هذه الصغيرة الناعمة كقطة؟ تبتدع الأسئلة وتفسدها بالصراخ. آخذها إلى صدري. أحاول أن أهدئ من روعها.. أفتعل حكاية مبعثرة ثم أهمس لها أننا سنظل هادئين حتى تعود "الماما" لنذهب جميعا إلى حديقة الحيوان. تسأل عن ذلك.. "الأسد والنعامة والنمر والعصافير الملونة. لماذا تزقزق العصافير؟ هل تنام؟ هل صحيح أنها تتحدث مع بعضها.. قولي هل هذا صحيح؟ ".

وأصلح أيضا مربية وحاضنة للأطفال (هل أضيف هذا في طلبي؟) وكاتبة وقارئة رسائل للجيران الأميين ومعلمة أطفال من كل المستويات – منزلية طبعا – غير مأجورة لأنهم الأقارب أو لأنهم الجيران. أتذكر أنني كتبت في أحد تلك الطلبات القديمة وكان الأمر يتعلق بالعمل في شركة للتصبير.. كتبت أن شرطي الأول والأخير أن يكون أجرى في مستوى عملي، أي بكلمة واحدة أنني أبيع قوة عملي وينبغي أن يكون الأجر مناسبا … (أين قرأت مثل هذا الكلام؟). الطفلة تريد تفصيلا في موضوع حديقة الحيوان. أنظر في عينيها السوداوين الصغيرتين، أفكر أنهما تشبهان عيني كلب صغير.. ضال، يبدو أنها تنسى حكاية "الحنيشات"، لو أن أبي كان موجودا الآن لأفرغ في جهازها الشرجي، الذي يتوسط التفاحة الصفراء الطازجة، كيسا من الملح ثم عاد إلى مكانه بركن الحجرة واضعا القنينة السوداء بين رجليه كالعادة.. عادة قديمة ربما تعود إلى مرحلة السكر في سيارة "الإدارة" عادة بلا مبرر … لماذا تبدو الأمور غريبة عن أسبابها؟ هل هناك من يستطيع أن يبرر هذا الهوس السريالي الذي يتملكني منذ سنتين في كتابة الطلبات والتقدم للمباريات الميؤوس منها سلفا؟!

لكن رغم ذلك أتذكر أنني كنت أسأله وسط نشوته التي كانت عدواها إلينا ودفاتر الطفولة فوق ركبتينا.. كنت أسأله عن هذه العادة وأضحك.. فيتجاهل أسئلتي، كما أفعل الآن مع الطفلة.. كان يقول وأتذكر ذلك كأنه اليوم – والمطر ينقر زجاج النافذة فوق رأسنا:

- إذا ما مت يا طفلتي فلتدلقا على قبري عند كل زيارة قنينة من "الروج" هذه كل وصيتي... لا تنسيا ذلك.

" لكن هناك حلم واحد يلاحقني كل ليلة. أرى فيه أبي سعيدا كما لم يكن أبدا... يجري خلفنا، يضاحكنا، يعانقنا ويشدك من شعرك... ونحن صغيرتان كما كنت بضفيرتيك الطويلتين الناعمتين وكما كنت بشعري القصير كصبي.

نضحك جميعا. نلعب الاستغماية. يختبئ خلف الأشجار.. نعدو في كل الاتجاهات نبحث عنه... هناك غرفة مهجورة تشبه تلك التي كنا نرتاح فيها في طريقنا إلى "الجنان" في الريف رفقة نجية الجبلية، أتذكرين تلك الغرفة؟ أنا أتذكرها، لا يمكن أن أنساها. كانت نجية تقول أن فتيانا يصحبون فتيات إليها ويفتضون بكاراتهن … فجأة نتوقف. ندرك أنه غير موجود.. لا يوجد في أي مكان.. نقترب من الغرفة – يبدو أن أبي أوصنا ألا ندخلها – أقترح أن نبحث عنه بالداخل..تمانعين، تقبضين بطرف ثوبي.. أتملص منك، أدفعك عني.. وأدخل أشباح بيضاء صغيرة.. خفافيش … وأستيقظ مذعورة! ".

لماذا أتذكره ثانية؟

كان يعلم أن نهايته موشكة.. لم يكن يبدو أن ذلك يحزنه – كان يشرب، لم يستطع كل هذا العمر من الشرب أن يطفئ ظمأه. كان دائما في حالة عطش حتى مات مخمورا!. ظل يشرب حتى آخر لحظة في حياته حين اعتقده "فيدور" الحانة مسطولا، هزه بعنف ليلقي به إلى الخارج … وفي لحظة واحدة.. لحظة لن ينساها "الفيدور". أفترض ذلك على الأقل – وهو يهزه مشمئزا من هذه الجثة النتنة.. ثم إنها فعلا جثة.. جثة حقيقية. لقد مات.. أيعقل ذلك؟ أخبرتنا "البارميت" فيما بعد أنه لم يتم كأسه.. الأخيرة.

هل كانت نهاية تراجيدية؟ الأكيد أنه ما كان ليأمل نهاية "أجمل" أبدا..

"سلمى هل يحصل لك أحيانا أن تفكري فيه؟ هل ترينه في أحلامك"

ستقول سلمى تلك العبارة التي طالما رددتها وهي لرسامة ألمانية "هل يكون العيد أكثر جمالا إذا طالت مدته"

عبد! وحدها القنينات السوداء – التي كان يخفيها في جيب معطفه الداخلي عند عودته ليلا.. كانت سبيله في مراوغة قدره الوجودي. ياه كم تصعد الذكرى واضحة كأنها اليوم.. كان يأخذ آلته الموسيقية الصغيرة "لارمونيكا" ويشرع في الإنشاد. أغاني فرنسية وأمريكية قديمة مزكومة بالماضي والحنين حفظناها مع الوقت وأصبحنا - أنا وأختي – نرافقه في الإنشاد... وكانت لتلك اللحظات رائحة.

هل تتذكرين يا سلمى.. هل تذكرين عينيه اللامعتين من النشوة؟ وصوته … هل تذكرين صوت أبينا؟ كم أعشق هذا الرجل …".

كنت أعشق فوضاه.. كان يخفي كل تلك الفوضى خلف نظام مفتعل فاشل.

" كان رائعا أن نشهد معا حياة رجل مثله.. في كل حالاته الفانطاسية ".

كان دائما متوطئا معنا ضد أمنا المسكينة.. متوطئا معنا ضد أطفال الجيران، ألا زلت تذكرين يوم ضربتك "شادية" بنت أمي حبيبة بحجر فصعدت إلى البيت تبكين، كان هو يصنع لنا كرسيين من الخشب.. أتذكرين كيف أخذ قطعة طويلة من الخشب وناولك إياها وهو يقول: "إذهبي وكسلي مع يماها" هل تضحكين؟.. لكن لماذا يحضرني بهذا الشكل؟".

كان أبي يفضلني، ولم يكن هذا مزعجا تماما بالنسبة لسلمى لأن أمي كانت تفضلها.. كان يصر على قص شعري كي أبدو كولد، الولد الذي لم ينجبه.. كنت ولد أبي المفضل، لكن عندما اكتشف ذات عشية أن صدري بدأ ينتفخ وكنت أرتدي قميصا ضيقا فخورة بثديي الجديدين.. ضحك وجرني من شعري ثم طبع قبلة على عنقي.. كنت أفهم أنه سعيد بولده الذي أصبح فتاة …

هكذا كان يقبلني أبي حتى عندما كبرت وأصبحت أتجاوز ياقة قميصه.. كان ممتعا أن أرافقه إلي السوق وهو يقبضني من رقبتي.. حين أصبحت أطول من أن يقبضني بطريقته المفضلة تلك كف عن أن يصحبني معه إلى السوق. إذاك فقط لم أعد متواطئة معه ضد أمي كما في الطفولة. كانت نقاشاتنا الحامية تنتهي دائما يتبادل السباب ولطم الأبواب.. بل إنه هددني في إحدى المرات – التي تصاعد فيها العراك إلى مستوى تكسير الصحون – بالطرد من "منزله" بدأ كل شيء عندما اكتشفت ذات يوم أن أمي لا تبارح المطبخ.. كانت بروليتارية من نوع خاص جدا.. وكان هذا هو "الطبيعي".. نحن نعيش وهي تصنع لنا ظروف ذلك يوما.. دون أن تصاب الآلة بعطب أبدا. أخذ هذا الاكتشاف بعد ذلك شكل وعي شقي... حدثته في البداية في الأمر بهدوء مدهش. لكنه كان يستطيع أن يشكك في عذرية مريم أما "طبيعة الأشياء" امرأة مساوية للرجل ف "هضرة خاوية".

يا لتلك المرأة.. كنت أهدد بسببها الطرد من المنزل وكانت هي تأتي وتقف بحضورها الهادئ عندما تشعر أن النقاش سيتحول إلى عراك.. وبكل برودة ولا مبالاة تضعني عند قدم الجدار – كما يقول الفرنسيون – " ماشي شغلك " بغيتي تغيري العالم؟" كي لا يتغير العالم، كانت تضع قدمتها الصغيرة المتعبة في كفته لأنه زوجها.. لأنه رائع حتى في نذالته.. فيضحك.. ويشدني كما في الماضي الجميل من رقبتي ويجرني نحوه وهو يهزني.. ويضحك.. " أنت أيتها المعزة العفريته ستكونين شيئا ما.. أولا شيس على الإطلاق ".

" سلمى.. أنا خائفة.. ووحيدة، أتظنين أن نبوءة أبي قد تحققت؟ ".











اكمل الباقي على الرابط فوق.



:: توقيعي :::
Your whole argument is >muh westrin valus

There's no God But ALLAH
رَدك جيدٌ؟ سأرد عليه.
  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدليلية (Tags)
نفعله؟, لطيفة, الذي, باقا


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
اسلوب عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
موت الإنسانية - عذابات الشيخة لطيفة إبسلون ساحـة الاعضاء الـعامة ☄ 0 03-14-2018 05:21 AM
اعمال العقل الذي ينادي به المسلم الذي يكذب النظريات العلمية Lilith1988 العقيدة الاسلامية ☪ 21 01-27-2018 07:45 PM
من الذي اشترى ومن الذي باع يوسف ؟ سجاح العقيدة الاسلامية ☪ 0 06-27-2015 10:16 AM
- ما هو الإسلام الذي لم يطبق اليوم ، و الذي اذا طبقناه سوف نرتقي ؟ وما دليل ذلك ؟ المنهج التجريبي العلمي العقيدة الاسلامية ☪ 11 04-10-2015 06:46 PM
معلومة لطيفة أستنتجتها من خلال تصفحي للشبكة القرد المترقي ساحـة الاعضاء الـعامة ☄ 6 09-15-2014 01:28 PM