شبكة الإلحاد العربيُ  

العودة   شبكة الإلحاد العربيُ > ملتقيات في نقد الإيمان و الأديان > مقالات من مُختلف الُغات ☈

إضافة رد
 
أدوات الموضوع اسلوب عرض الموضوع
قديم 06-09-2014, 09:54 AM ترنيمه غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [1]
ترنيمه
عضو برونزي
الصورة الرمزية ترنيمه
 

ترنيمه is on a distinguished road
افتراضي إشكالية الفكر الإسلامى .



سامى لبيب



- لماذا نحن متخلفون (28) .

فى المقال السابق " ثقافة متصادمة منتفخة متقيحة" تناولت الكثير من الصور والتمظهرات للحالة المهترئة التى تعترى سلوك شرائح عريضة من المسلمين أصحاب حالة تصادمية إستعلائية تنحو نحو إزدواجية الفكر والمعايير والسلوك لأعزى هذا إلى ثقافة متعنتة تتعاطى مع الحياة بشكل إقصائى إزدواجى تصادمى .
لم أتعرض فى المقال السابق لماهية ومكونات هذه الثقافة ومدى تأثيرها فى تشكيل سلوكيات ونهج وطرق تفكير ليكون من الأهمية بمكان تناول هذا بشكل تحليلى ومنه نستطيع أن نأمل الوصول لأعتاب حل للإنعتاق من تلك الشرنقة الصلدة أو قل طريق للخروج من النفق المظلم نحو حياة إنسانية متحررة من كل التقيحات والخلل .

أرى الخلل الرئيسى والمحورى والوحيد لتداعى حال المسلمين يأتى من نسق تفكيرهم ونهجهم وسلوكياتهم المتعامل مع الواقع بإستعارة أسلوب ونهج الماضى وإسقاطه على الواقع ,فعلاقات ورؤى وتفاعلات الماضى صارت نسق ومنهج تفكير وتعامل وهذا شئ خطير للغاية كونه يبنى التفكير والسلوك والمواقف على منتجات وعى وفكر وتفاعلات إنسان قديم بكل ما إعتراه من وعى ورؤية ومعرفة محددة وحالة نفسية ومزاجية لها خصوصيتها.
الإشكالية الحقيقية لدى المسلم أن التاريخ بشخوصه ومواقفه وتفاعلاته أصبح نهج سلوك وتفكير وتعاطى ومواقف بعد أن تم تثبيت المشاهد عند زمنها القديم ومن هنا نجنى سلوكيات متصادمة متحفزة متعنتة نتاج ربط التاريخ والسياسة بفكرة القداسة لتكون مواقف النبى التاريخية السياسية دستور ونهج حياة .

الدين الإسلامى من أكثر الأديان وضوحاً وشفافية عند دراسته وقراءته قراءة عقلانية حيادية فنحن أمام دين يتشكل بكل ديناميكيته وحراكه على الأرض ليأتى معبراً فى كل لحظة عما يعتريه من مواقف سياسية إجتماعية بكل تفاعلاتها وبرجماتيها وفقا لمعادلات القوة والضعف , فالدين الإسلامى الوحيد بين الأديان الذى جاء فيه النص مواكباً للحدث معالجاً إياه بينما الأديان الاخرى تم تأليف مواقفها فى وقت لاحق عن الحدث لذا يبرز "أسباب التنزيل" كفقه إسلامى ذو دلالات مهمة لتمنح الوعى عند تأمله ,فهو يعتنى بتبيان الحدث الذى إستدعى نص ليعالجه أى أن الحدث ظهر ليشكل إشكالية وإلحاح للتعاطى معه فيتم إنتاج النص للتعامل معه لنجد الكثير من الآيات القرآنية على هذا النحو ماعدا قصص الأنبياء لتعالج حدث من خلال آيات ,ولتندهش أن الكثير من تلك الآيات جاءت لمشاهد بسيطة للغاية وليست نتاج قضية فكرية إيمانية ليدعو هذا كل من لديه قدر ضئيل من المصداقية والمنطق والعقل أن يتوقف ملياً أمام نصوص تمت كتابتها خصيصاً لحدث واجه محمد ولتأتى الإجابة والمعالجة من خلال نص فألا يعنى هذا أننا أمام فكرة بشرية الأديان وجهاً لوجه .!

* أسباب التنزيل .
ألقيت الضوء فى مقال سابق على فكرة أن أسباب التنزيل تعنى بشرية النص ولا مانع أن نقدم فى أجزاء أخرى أمثلة عديدة تصفع العقول الغافلة أو للدقة المتغافلة بأن الأمور لا تعدو سوى حالة بشرية واضحة الملامح تتفاعل لتُنتج نص ولكننا سنعتنى فى هذا البحث الى التوعية فقط ,فما يعتبرونه دستور ومنهج يجب إتباعه ماهى إلا مواقف سياسية فى ذلك الزمان ومن الخطأ بل قل من الخطورة أن تجد لها حضوراً فى واقعنا فهذا يعنى أننا نسقط مواقف قديمة بكل أحداثها وتفاعلاتها وانفعالاتها على واقع مغاير فى ملامحه ودوافعه ومواقفه لذا فعملية التعميم وتثبيت المشاهد والتشرنق داخل المواقف القديمة ستعطى نتائج وخيمة وهو ما أشرنا له برصد صور من السلوك التصادمى الإزدواجى الإستعلائى فى مقالنا السابق .
لتبيان اهمية أسباب التنزيل فى الفكر والثقافة نستعرض رأى قامات إسلامية من الراسخين فى العلم ليقول جلال الدين ألسيوطي في كتابه لباب النقول : "لمعرفة أسباب النزول فوائد ويخطأ من يقول لا فائدة له لجريانه مجرى ألتاريخ فمن فوائده الوقوف على المعنى أو إزالة الإشكال." - و يقول الواحدى فى كتابه أسباب التنزيل والذى نعتمد عليه فى إستحضار المصادر التراثية قوله : " لا يمكن معرفة تفسير الآية دون الوقوف على قصتها وبيان سبب نزولها " - وقال ابن دقيق العيد: "بيان سبب ألنزول طريق قوي في فهم معاني ألقرآن " - ويقول أبن تيمية: معرفة سبب النزول يساعد في فهم الآية وإن عِلْم للسبب يورث العِلَم بالمسائل، وقد أشكلَ على جماعة من السلف معاني آيات حتى وقفوا على أسباب نزولها فزال عنهم الإشكال."
فلنقدم بعض الآيات وأسباب تنزيلها ومدى تأثيرها وحضورها لنجد أنه من الخطورة بمكان تثبيت المواقف التاريخية لتصبح منهجية سلوك ونهج وتعامل ومواقف حاضرة وما سيجلبه هذا من تكوين شخصية إسلامية متصادمة متعنتة مخاصمة للتعايش السلمى ,وعذراً لن نتناول كل أسباب التنزيل فمن الصعوبة بمكان تناول التراث بأكمله لذا سنعتنى ببعض المشاهد .

- وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ [البقرة:120
هذه الأية تعتبر من الآيات التى تؤسس لحالة من التحفز والإستنفار للمسلم تجاه الآخر تنتهى بالتصادم ,وللأسف نجحت المؤسسات الدينية وعلى رأسها السلفية بكل أجنحتها وأطيافها فى إشاعتها بين المسلمين لتتكون ثقافة ورؤية المسلم تجاه الآخر , فاليهود والنصارى لن يرضوا عن المسلمين وفق هذه الآية ومن هنا نجد حالة التحفز لدى المسلم تجاه الغرب وتوهمه أن الغرب يعتنى بأن يزيحه عن إسلامه فتتولد فى داخله حالة من التوجس والنفور تدفعه للتصادم ولم يفكر أى مسلم يتبنى هذا الإعتقاد ولو لبرهة واحدة ما الذى يجعل اليهود والنصارى يعتنون بهذه القضية فى عالمنا المعاصر الغير معتنى بهذا الشأن فكل الإعتناء بلغة المصالح فقط بل اليهود والنصارى يندفعون نحو العلمانية واللادينية فلا تجد كنائسهم زوار يعتنون بها , بل خطأ هذه الآية أن اليهود على وجه الخصوص ليس لديهم أى رغبة فى أن ينضم أحد لملتهم فهم أصحاب دين لا يقبل الأغيار خارج نسل إسحاق ويعقوب .
نزلت آية " وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ " لمشهد محدد ذات خصوصية فكما جاء فى أسباب التنزيل للواحدى : إنهم كانوا يسألون النبي صلى الله عليه وسلم الهدنة ويطمعون أنه إذا هادنهم وأمهلهم اتبعوه ووافقوه فأنـزل الله تعالى هذه الآية. وقال ابن عباس: هذا في القبلة وذلك أن يهود المدينة ونصارى نجران كانوا يرجون أن يصلي النبيّ صلى الله عليه وسلم إلى قبلتهم فلما صرف الله القبلة إلى الكعبة شق ذلك عليهم، فيئسوا منه أن يوافقهم على دينهم، فأنـزل الله تعالى هذه الآية.
هذا يعنى أننا أمام حدث محدد فى زمانه يعتنى بإقتراح اليهود والنصارى بإتباع قبلتهم فلا معنى على الإطلاق أن يكون موقف اليهود والنصارى دائماً معتنياً بتلك القضية على مر الزمان والمكان فهذه الآية جاءت كرد فعل لحدث محدد بزمانه فما الذى يجعلها نهج فكر وسلوك دائم ,لأرى أن السبب تحذير نبى الإسلام من اليهود والنصارى هو خلق ملامح هوية إسلامية وتجذيرها وتسويرها بتجييش المشاعر ولكن يبقى أن التعاطى مع حدث تاريخى بقدسية ليتم نزعه من سياقه طالباً الحضور فى الواقع سيعطى نتائج وخيمة .

- "وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّىٰ-;- يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ-;- كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ."
قال ابن عباس فى أسباب التنزيل : نزلت في نفر من اليهود قالوا للمسلمين بعد وقعة بدر ألم تروا ما أصابكم فلو كنتم على الحقّ ما هُزمتم، فارجعوا إلى ديننا فهو خير لكم.
وفى موضع آخر عن الحسن بن محمد الفارسي قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن الفضل قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسن قال: حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا أبو اليمان قال: حدثنا شُعيب عن الزهريّ قال: أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، عن أبيه أن كعب بن الأشرف اليهودي، كان شاعرًا وكان يهجو النبيّ صلى الله عليه وسلم، ويحرّض عليه كفار قريش في شعره، وكان المشركون واليهود من أهل المدينة حين قدمها رسول الله صلى الله عليه وسلم يُؤْذُون النبي صلى الله عليه وسلم، وأصحابه أشدّ الأذى، فأمر الله تعالى نبيه بالصبر على ذلك والعفو عنهم وفيهم أنـزلت: وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إلى قوله: فَاعْفوا وَاصْفَحوا.
هذه آية أخرى تجد حضورها فى الفكر الإسلامى بأن اليهود والنصارى يأملون أن يردوا المسلمين عن إيمانهم لتجد التهيؤات بالمؤامرات الصليبية اليهودية قد تصاعدت وما سيصاحب هذه التهيؤات من كراهية وتوجس ونفور لتجد حضورها فى ذهنية المسلم بينما الآية تعتنى بمشهد محدد بل يمكن القول بأنه حدث تافه عن شاعر يهودى يهجو النبى أو كما قال ابن عباس فى نفر من اليهود يعايرون المسلمين بهزيمتهم فهل يعنى هذا أن نعمم هذه الرؤية على مدار الزمان ليتصور المسلم أن اليهود والنصارى يأملون أن يردوهم عن إيمانهم لتُنتج حالة من الإحتقان والعداوات من لا شئ وحتى لو سلمنا حتى بأن هذه الرغبة متواجدة دوماً فى اليهود والنصارى فهى ليست بذات قضية تستحق ,فالمسلمين يأملون أيضا أن يردوا اليهود والنصارى عن إيمانهم لتأتى الآية بغية تجييش المشاعر وتحصين الشرانق .

- "لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ "
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فى اسباب تنزيلها : كَانَ الْحَجَّاجُ بْنُ عَمْرٍو وَكَهْمَسُ بْنُ أَبِي الْحُقَيْقِ وَقَيْسِ بْنِ زَيْدٍ- وَهَؤُلَاءِ كَانُوا مِنَ الْيَهُودِ يُبَاطِنُونَ نَفَرًا مِنَ الْأَنْصَارِ لِيَفْتِنُوهُمْ عَنْ دِينِهِمْ- فَقَالَ رِفَاعَةُ ابن الْمُنْذِرِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جُبَيْرٍ وَسَعِيدُ بْنُ خَيْثَمَةَ لِأُولَئِكَ النَّفَرِ: اجْتَنِبُوا هَؤُلَاءِ الْيَهُودَ وَاحْذَرُوا لُزُومَهُمْ وَمُبَاطَنَتَهُمْ لَا يَفْتِنُوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ، فَأَبَى أُولَئِكَ النَّفَرُ إِلَّا مُبَاطَنَتَهُمْ وَمُلَازَمَتَهُمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ.
وَقَالَ الْكَلْبِيُّ نَزَلَتْ فِي الْمُنَافِقِينَ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ وَأَصْحَابِهِ، كَانُوا يَتَوَلَّوْنَ الْيَهُودَ وَالْمُشْرِكِينَ وَيَأْتُونَهُمْ بِالْأَخْبَارِ وَيَرْجُونَ أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الظَّفَرُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ، وَنَهَى الْمُؤْمِنِينَ عَنْ مِثْلِ فِعْلِهِمْ.
وَقَالَ جُوَيْبِرٌ عَنِ الضَّحَّاكِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: نَزَلَتْ فِي عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ الْأَنْصَارِيِّ وَكَانَ بَدْرِيًّا نَقِيبًا، وَكَانَ لَهُ حُلَفَاءُ مِنَ الْيَهُودِ، فَلَمَّا خَرَجَ النَّبِيُّ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْأَحْزَابِ. قَالَ عُبَادَةُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنَّ مَعِي خَمْسَمِائَةِ رَجُلٍ مِنَ الْيَهُودِ، وَقَدْ رَأَيْتُ أَنْ يَخْرُجُوا مَعِي فَأَسْتَظْهِرُ بِهِمْ عَلَى الْعَدُوِّ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:{لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ .
نجد روايات متقاربة لأسباب تنزيل آية " يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ" ولكن يجمعها عامل مشترك واحد أنها تعاطت مع حدث محدد بشخوصه وتفاعلاته فما المعنى والمبرر الذى يجعل هذه الآية تعبر عن موقف ونهج ثابت وذات رؤية سارية المفعول على مدار الزمان والمكان .

- يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ-;- أَوْلِيَاءَ ۘ-;- بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ-;- وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ-;- إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ – المائدة [51].
هذه الآية من الآيات المؤسسة لفقه البراء كما سنرى لاحقاً ولكن لها أسباب تنزيل أيضا فقال عطية العَوْفي: جاء عُبَادَة بن الصَّامت، فقال: يا رسول الله، إن لي موالي من اليهود، كثير عددهم، حاضرٌ نَصْرُهم، وإِني أبرأ إلى الله ورسوله من ولاية اليهود وآوي إلى الله ورسوله. فقال عبد الله بن أبيّ: ولا أبرأ من ولاية اليهود. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا الحباب ما بخلت به من ولاية يهود على عبادة بن الصامت فهو لك دونه،فقال: قد قبلت. فأنزل الله تعالى فيهما: يَأَيُّهَا ٱ-;-لَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ ٱ-;-لْيَهُودَ وَٱ-;-لنَّصَارَىٰ-;- أَوْلِيَآءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ إلى قوله تعالى فَتَرَى ٱ-;-لَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يعني: عبد الله بن أبيّ { يُسَارِعُونَ فِيهِمْ} في ولايتهم يَقُولُونَ نَخْشَىٰ-;- أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ.
ويذكر السدي: أنها نزلت في رجلين قال أحدهما لصاحبه بعد وقعة أحد: أما أنا فإني ذاهب إلى ذلك اليهودي فآوي إليه وأتهوّد معه، لعله ينفعني إذا وقع أمر أو حدث حادث، وقال الآخر: أما أنا فإني ذاهب إلى فلان النصراني بالشام فآوي إليه وأتنصر معه، فأنزل اللّه: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء . قال: قد قبلت، فأنزل اللّه عزّ وجلَّ: { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء.
نخلص من هذا أن تلك الآية التى تدعو إلى رفض أى ولاية لليهود والنصارى والكافرين هى خاصة بحدث ورواية محددة فجاء التعقيب عليها وفقا لها فلا يمكن أن نعتبرها رؤية فكرية لها إطلالتها بقدر ما هو موقف حازم جاء على أقوال بعض النفر حينها وإذا كانت موقف فكرى إيمانى فلم تكن تستدعى هؤلاء النفر لظهورها والحقيقة أن هذا حال معظم الإيات القرآنية ,ورغماً من ذلك فقد أصبحت تلك الآية حجر زاوية فيما يعرف بفقه البراء الذى يعتبر بالفعل السبب الرئيسى فى تدمير ذهنية المسلم وتخريبها لتنحو نحو التصادم والإقصاء والإستعلاء الأجوف .

- ( لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ) المائدة 82 - من الآيات الشهيرة التى تجد حضور هائل فى ذهنية المسلمين وقد تم إستثمارها دوما فى شحن الجماهير ضد العدو الإسرائيلى أو تلطيف أجواء التعصب كون النصارى يحملون مودة ولكن هذه الآية أسباب لتنزيلها بناء على مشهد محدد فيقول ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ بِمَكَّةَ يَخَافُ عَلَى أَصْحَابِهِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَبَعَثَ جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَابْنَ مَسْعُودٍ فِي رَهْطٍ مِنْ أَصْحَابِهِ إِلَى النَّجَاشِيِّ وَقَالَ إِنَّهُ مَلِكٌ صَالِحٌ لَا يَظْلِمُ وَلَا يُظْلَمُ عِنْدَهُ أَحَدٌ، فَاخْرُجُوا إِلَيْهِ حَتَّى يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْمُسْلِمِينَ فَرَجًا، فَلَمَّا وَرَدُوا عَلَيْهِ أَكْرَمَهُمْ وَقَالَ لَهُمْ: تَعْرِفُونَ شَيْئًا مِمَّا أُنْزِلَ عَلَيْكُمْ؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: اقْرَءُوا. فَقَرَءُوا وَحَوْلَهُ الْقِسِّيسُونَ وَالرُّهْبَانُ، فَكُلَّمَا قَرَءُوا آيَةً انْحَدَرَتْ دُمُوعُهُمْ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ} الْآيَةَ.
وفى رواية متطابقة يقول الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَارِسِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمْدُونَ بْنِ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ كَاتِبُ اللَّيْثِ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، وَعَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَغَيْرِهِمَا قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيَّ بِكِتَابٍ مَعَهُ إِلَى النَّجَاشِيِّ فَقَرَأَ كِتَابَ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ دَعَا جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَالْمُهَاجِرِينَ مَعَهُ، فَأَرْسَلَ إِلَى الرُّهْبَانِ وَالْقِسِّيسِينَ فَجَمَعَهُمْ، ثم أمر جعفر أَنْ يَقْرَأَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ فَقَرَأَ سُورَةَ [مَرْيَمَ] عَلَيْهَا السَّلَامُ فَآمَنُوا بِالْقُرْآنِ وَفَاضَتْ أَعْيُنُهُمْ مِنَ الدَّمْعِ، وَهُمُ الَّذِينَ أُنْزِلَ فِيهِمْ:{وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى} إِلَى قَوْلِهِ:{فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ.
إذن نحن لدينا قصة بشخوصها ومشاهدها وسيناريوهاتها لتأتى آية "لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا " لتكون موقف إزاء اليهود والنصارى بناء على السيناريو الحادث حينها بغض النظر أنه قلب الطاولة على النصارى بآيات أخرى ولكن لنا أن نتوقف أمام بديهيات الفكر فهل من الطبيعى أن نتصور أن اليهود سيكونوا أشد عداوة للمسلمين على مدار الزمان كشئ قدرى وهل من المتصور ان يظل النصارى وقسيسهم على المودة للمسلمين دوما ,فالمشاعر والمواقف والمصالح الإنسانية تتغير وتتبدل دوما ولتبقى لغة المصالح صاحبة الكلمة الأولى دوماً وهى متغيرة بالضرورة .

لا تعتبر الصور التى عرضناها من أسباب التنزيل حالة خاصة بل سنجد أن كل الآيات القرآنية التى تُصدر مواقف ايمانية ونهجية وسلوكية إرتبطت بحدث خاص له أصحابه وشخوصه وظرفه الخاص ,فالنص جاء لتلبية ومعالجة موقف بذاته ولولا هذا الحدث ما جاءت أى آية ,وهذا يفسر لنا التناقض فى النصوص القرآنية التى أثرنا بعضها فى أبحاث سابقة ويوجد الكثير لنضيفه ليكون مصدر التناقض هى تغير الأحداث والمشاهد ووضعية وحال المشروع الاسلامى لنخلص من هنا أنه من الخطأ بل من الخطورة التعاطى مع نصوص جاءت لحدث تاريخى محدد كمنهج فكر وسلوك ومواقف دائمة فلا يصح تثبيت المشاهد التاريخية والتماهى فيها لأنها ستستدعى بالضرورة نفس النهج والرؤية والفكر التصادمى المتعنت القديم بالرغم ان الظروف تغيرت تماما

* فقه البراء .
البراء فى الإسلام يعنى عدم موادة الكافر وتقديم الكراهية والبغض له لكونه كافر أى ان الموقف الإنفعالى الكاره ليس لكونه يسئ معاملة المسلم فهنا لن يكتفى المسلم ببغض الكافر بل بقتله كونه أصبح محارباً ,ولكن الكراهية والبغض والنهى عن المودة تأتى لكونه يحمل إيمان غير الإيمان الإسلامى فقط ليكون من واجب المسلم بغضه وعدم موادته .!
هناك إعتناء كبير من قبل الفكر الإسلامى الأصولى بفقه البراء والرغبة فى تأكيده وتأصيله وتجذيره فى الوعى ليجد حضوره فى المجتمع الاسلامى بشكل متفاوت وليس بصورة حادة بالضرورة وذلك فقا لدرجة الوعى به أو تصاعد وحضور الخطاب الإسلامى فى المجتمع لتتولد حالة من النبذ والنفور والإستقطاب والتصادم فى المجتمعات الإسلامية بل فى المجتمعات التى يعيش فيها المسلمون كجاليات فهم ممنوعون من تقديم الود والمحبة والمعاملة الإنسانية للغير بل نثر الكراهية والبغض وفق قدرة المسلم الإفصاح عن مشاعره المستنفرة بما تمليه موازين القوة لتكون التقية حاضرة فى حالة الضعف .

تأكيدا لفقه البراء وأهميته فى تأسيس الفكر الإسلامى يقول نبى الإسلام :( أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله ) [مسند أحمد 4/286] ، وقال أيضا : ( من أحب في الله وأبغض في الله وأعطى لله ومنع لله ، فقد استكمل الإيمان ( [أخرجه أحمد والنسائي والبيهقي وصححه العلامة الألباني ] ، وقال : (لا تصاحب إلا مؤمناً ، ولا يأكل طعامك إلا تقي ) رواه أبو داود وصححه الألبانى .. وليصرح القرآن فى مواضع عدة عن نهى المسلم موادة الغير مسلم ( لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) المجادلة 22 - فوفقا لفقه البراء الذى يعتنى به السلفية أشد الإعتناء فإعانة الكافر على المسلم ولو بالحق هو خروج من الدين وكفر و ردة والآيات التي بهذا الصدد كثيرة كقوله ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين) المائدة:51- و كذلك يُحرم إتخاذ اليهود والنصارى بطانة كالوزراء مثلا ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون) آل عمران:118- وليفيض التراث الإسلامى بالكثير من السلوكيات والمشاهد المُعلنة عن البغض والإضطهاد بل العنصرية لغير المسلمين حتى ولو لم ينالوا أى أذى منهم ليترجم هذا بصلف وسادية فى أن ينال المسلم الجزية من أهل الكتاب وهم فى الوضع صاغرون أى إذلاء مسحوقى الكرامة عند تقديمهم الجزية , فالبغض والإذلال فى فكر البراء هو للبغض فى حد ذاته. !

أرى فقه البراء هو أدلجة للمواقف السياسية والإجتماعية التاريخية فى عصر محمد لتصبح المواقف الخاصة التى جاءت فى سياق تاريخها منهجية فكر وتعامل وسلوك دائمة وإذا كان نبى الإسلام إعتنى بتأصيل البراء فيمكن ان ندرك حرصه على ذلك من منطلق تجييش المشاعر وتسويرها وتحصينها تجاه المناهضين لمشروعه فلا مكان للود لهم فالدولة الوليدة تتكون وتبغى التحصين والإستنفار .
من هنا تأتى خطورة فقه البراء فى تأصيله لمواقف وتعميقه لرؤى ماضوية من خلال أدلجة الفكرة لتؤسس فى شخصية للمسلم حالة استنفار وبُغض وتحفز دائم بلا مبرر فنحظى على ما نراه من صور عرضناها فى مقالنا السابق

*أسوة حسنة
تبقى دوما إشكالية الفكر الإسلامى بإنحساره فى التاريخ بشخوصه وأقواله وأفعاله ليمثل أقوال وأفعال ومواقف نبى الإسلام فاعلية تعادل القول الإلهى بل تزيد من حيث التأثير والإعتناء وهذا سنتطرق له فى بحث قادم عن تأليه النبى لذا إختلطت الأفكار لدى المسلم وغاب نهج تفكير متوازن وحيادى وعقلانى .
كل المشاهد والمواقف التى تَعرض لها محمد وواجهها بآية أو حديث كانت رد فعل لمشهد وحالة سياسية ومحاولة معالجته لها وفقاً لرؤيته لتصل الأمور إلى التعبير عنها بحالة إنفعالية ومشاعر مُحتقنة أحاطت بتلك اللحظة ليصيبها الشطط والتطرف حيناً. فمثلاً عندما نقرأ هذا الحديث الغريب الذى يعلن " من لم يكن عنده ما يتصدق به فليلعن اليهود فإنه له صدقة " الراوي: عائشة المحدث: يحيى بن معين -المصدر: تهذيب الكمال - الصفحة أو الرقم 20/453 - فماذا يمكن أن نعلق عليه سوى اننا أمام حالة كراهية حادة محتقنة فبدلاً من أن تحث على أن تكون الصدقة فى إماطة الأذى عن الطريق كما فى حديث سابق طيب أصدره ,أصبحت الكراهية واللعنات والمسبات صدقات لتقدم هذه الصورة مفردة قوية فى الوعى الإسلامى .!
حديث آخر يرسخ النظرة والتعامل الدونى للآخر ( لا تبدءوا اليهود والنصارى بالسلام ؛ فإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه) رواه مسلم- وهو حديث شهير يردده السلفيين بقوة لينتجوا كراهية وسموم فى المجتمع بإثارتهم مشاهد على شاكلته فلا يراعى هنا أن الحديث كان فى ظل حالة سياسية خاصة أحاطت بالنبى حينها بغض النظر عن تقييمنا لحسن تعامله معها أو قبحه .
(كنتم خير أمة أخرجت للناس) لها معنى آخر غاب عن أذهاننا فيقول أبي هريرة : كنتم خير أمة أخرجت للناس . قال : خير الناس للناس ، تأتون بهم في السلاسل في أعناقهم ، حتى يدخلوا في الإسلام .- الراوي: أبو حازم المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح -خلاصة الدرجة: [صحيح]
يأتون الناس بالسلاسل لينالوا لقب خير أمة أخرجتم للناس !! - فهل تسأل بعدها لماذا هى ثقافة متغطرسة متورمة إستعلائية تبث الكراهية والإستعلاء والدونية .
صلاة المسلم يقطعها الكلب والمرأة والحمار لتندد العقول الحرة بهذه المهانة التى تنال بالمرأة ولكن هناك حديث آخر يضيف النصرانى واليهودى والمجوسى للكلب والحمار والمرأة " يقطع الصلاة الكلب والحمار والمرأة واليهودي والنصراني والمجوسي والخنزير -الراوي: أبو هريرة المحدث: أبو زرعة الرازي - المصدر: العلل لابن أبي حاتم - الصفحة أو الرقم: 1/360
فماذا بعد كل هذا .. هل نتوسم فى ثقافة سلمية تتعايش مع الآخر أم تزرع كل الكراهية والنبذ والتحفز والعدائية والتصادم والاستعلاء المتغطرس الذى لا يوجد أى مسوغ منطقى لتواجده .

الطامة الكبرى فى الفكر الإسلامى أنه يتعاطى مع اللفظ ولا ينظر إلى خصوصية الحدث فعلماء الإسلام قرروا قاعدة متعلقة بأسباب النزول مُفادها أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب وتعني هذه القاعدة أن النص الشرعي إذا ورد بسبب واقعة معينة حصلت في عصر التنزيل فإن الحكم لا يكون مقتصراً على تلك الواقعة فحسب وإنما يكون حكماً عاماً في كل ما شابهها من وقائع ونوازل وذلك أن أحكام القرآن من حيث الأصل حسب رؤيتهم هي أحكام عامة لكل زمان ومكان وليست أحكاماً خاصة بأفراد معينين ومن هنا نجد الغرابة والجمود ,فالجمود يأتى من إعتبار المعالجة السياسية والتاريخية لمشهد حياتى ناموس ودستور حياة والغرابة أن الآيات جاءت لمعالجة لحدث بعينه ذا خصوصية ولن يتكرر ,وحتى من يريدون تقييم الأحداث وفقا للمتشابهات بالرغم أن هذا الأمر مستحيل كون القاعدة المنطقية البسيطة هى إستحالة أن نجد متشابهات ومتطابقات فالماء لا يسرى فى النهر مرتين فما بالنا بحراك بشر ,ولكن لو تغاضينا عن هذا فمن يحدد المتشابهات أليست هى تقديرات ورؤى بشرية .

لا يوجد خلاص من هذه الحالة المتدهورة من الأفكار والرؤى والسلوكيات إلا بالتعامل المنطقى مع التراث والتاريخ , فلا تقديس لمشاهد سياسية وإجتماعية وليدة زمانها بشخوصها وأحوالها وظروفها ومواقفها فهكذا كان تعاملهم لذا جاء تقديمى لنبذات من أسباب التنزيل لنتبين بجلاء خصوصية الحدث .
أرى جذر آخر فى إشكالية الفكر الإسلامى الغائب عن العيون المتمثل فى فقه البراء الذى ثبت عداوت ومواقف قديمة تجاه الآخر المتمثل فى الكافر واليهودى والنصرانى لتظل قائمة مستنفرة حاضرة بكل موروثها القديم .
كذلك التعاطى مع أقوال وفكر وسلوك محمد بإعتناء شديد يصل للتأليه فلا يمكن للمسلم أن يتجاوز أقوال النبى حتى ولو إحتوى مغالطات بشعة كما فى تفسيره لظواهر طبيعية ليبحث له عن أى إلتفافات وتلفيقات بالرغم أنهم يمكن أن يعفى نفسه عن هذا الحرج بإستحضار مقولة محمد "أنتم أدرى بشئون دنياكم " ولكن ماذا تفعل مع حالة تأليه النبى من قبل المسلمين.

لا خلاص للعقل والفكر والضمير الإسلامى إلا بفهم واعى حقيقى لتاريخية النص وأنه من الخطأ بل من الخطورة بمكان تثبيت المشاهد والمواقف القديمة ومحاولة إسقاطها على الواقع بنفس خطوطها ومواقفها وألوانها الإنفعالية .ومن هنا يمكن أن نفهم كل الصور التى دونتها فى مقالى " ثقافة متصادمة منتفخة متورمة" فلا سبيل للخروج منها إلا بوعى حقيقى بتاريخية وظرفية النص .
الإدراك والوعى والفهم بتاريخية النص وماضوية الحدث يمكن أن يمنحنا حل فورى وسريع لنبنى رؤية للحياة وفقا لقيمنا ووعينا وخبرتنا ومعارفنا وتجاربنا المستمدة من الواقع .

لا سبيل للنجاة إلا من خلال إتاحة أكبر قدر من الحريات الفكرية بلا خطوط حمراء لتتغربل الأفكار ويُفرز السمين منها عن الغث ,ولتصمد وتتألق وتتوهج الأفكار القوية ولتتوارى الأفكار الهشة وليكن هذا بشكل صدمات أى فتح النوافذ دفعة واحدة لتضع كل سوءاتنا وضعفنا وهشاشتنا على المحك لتفرز حالة صراعية ومراجعة لثقافتنا ونمط تفكيرنا لنبدأ المواجهة الحقيقة لأمراضنا وعللنا بكسر تلك الشرنقة الصلبة التى نوارى فيها ضعفنا وهشاشتنا وإزدواجيتنا ونواجه الحياة بعيون وعقول نظيفة .
هناك رؤية أخرى أراها فى ناجعة وأكيدة ولكنها تحتاج لنفس طويل أو قل معوقاتها أكبر من فتح نوافذ الحرية وتتمثل فى تطوير علاقات الإنتاج فى مجتمعاتنا العربية فمن خلال تطور علاقات وقوى الإنتاج ستبرز رغم أنف الجميع منظومة ثقافية جديدة تفرض ذاتها فلا يوجد تطور وتطوير دون مراجعة للمنظومة القديمة وإحلال منظومة ثقافية جديدة تكون بنت طبيعية للحالة الجديدة .

دمتم بخير وعذرا على الإطالة .
لو بطلنا نحلم نموت .. طب ليه ما نحلمش.



:: توقيعي ::: ( ذهبت إلى الغار .. غار حراء .. غار محمد وإلهه وملاكه .. إلى الغار العابس اليابس البائس اليائس ، ذهبت إليه استجابة للأوامر .
دخلت الغار ، دخلته .. صدمت .. ذهلت .. فجعت .. خجلت ، خجلت من نفسي وقومي وديني وتاريخي وإلهي ونبيي ومن قراءاتي ومحفوظاتي ..!
أهذ هو الغار.. غار حراء .. هو الذي لجأ واختبأ فيه الإله كل التاريخ !
  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدليلية (Tags)
إشكالية, الأسلامي, الفكر


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
إشكالية التوجه للقبلة عند المسلمين Deist العقيدة الاسلامية ☪ 19 03-26-2019 07:55 PM
خلف يوسف الصراع الإسلامي الإسلامي الأسطورة العقيدة الاسلامية ☪ 0 01-24-2019 11:53 PM
الفكر الإنساني إرتقى عالياً جداً فوق الفكر السماوي! Yan العقيدة الاسلامية ☪ 3 08-27-2017 11:37 AM
إشكالية قانونية: عندما يسرق البشر حق الحيوان؟ أفلاطون ساحـة الاعضاء الـعامة ☄ 4 03-20-2017 12:59 AM
الفكر الأسلامي المتشدد متملحد العقيدة الاسلامية ☪ 2 07-12-2015 04:24 PM