شبكة الإلحاد العربيُ  

العودة   شبكة الإلحاد العربيُ > ملتقيات النقاش العلميّ و المواضيع السياسيّة > ســاحـــة السـيـاســة ▩

إضافة رد
 
أدوات الموضوع اسلوب عرض الموضوع
قديم 04-05-2015, 06:10 PM مُنْشقّ غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [1]
مُنْشقّ
عضو عامل
الصورة الرمزية مُنْشقّ
 

مُنْشقّ is on a distinguished road
افتراضي متى تتحرر المرأة من - يوم المرأة العالمي -؟! ...جواد البشيتي

إنَّ أكْرَهَ الأيَّام إلى نفسي هي «الأيَّام العالمية»، الكثيرة المتكاثرة، كيوم المرأة العالمي، ويوم العمَّال العالمي، فالاحتفال السنوي بها فَقَدَ جاذبيته، ومعناه، وأهميته، وأصبح شبيهاً بالتأكيد الذي يفيد النفي، أو كظلٍّ فَقَد جسمه.
دَعُونا من عبارات المجامَلة للمرأة، في يومها العالمي، ومن خُطَب التكريم والتعظيم الزائفين لها، ومن بيانات العزاء التي مجَّتها أسماع الواقع (الاجتماعي والإنساني للمرأة) والتي تتكرَّر فيها، سنوياً، الجُمَل البليغة ذاتها، كَجُمَل «المرأة هي الأُمُّ والأخت والزوجة وشريكة الحياة للرجل»، و»المرأة هي نِصْفنا الآخر نحن معشر الرجال»، و»المرأة التي تهز السرير بيمينها تهز العالم بيسارها»، و»المرأة هي نصف المجتمع».
وإنِّي لأعْتَرِض كثيراً على الجُمْلَة الأخيرة؛ لأنَّها، ولجهة معناها، هي الأكثر منافاةً للواقع والحقيقة، في عالمنا العربي، فالمرأة عندنا هي نصف المجتمع من الوجهة الديمغرافية؛ ولكنَّها «أقلية (من الوجهة الاجتماعية والثقافية والسياسية..)»؛ والمرأة، في معانيها السياسية السلبية، ليست نصف مجتمعنا العربي؛ لأنِّنا (وبالمعنى السياسي أيضاً، أو في المقام الأوَّل) في زمن انقراض الرجال، ومعهم الرجولة.
ضدَّ «التحرير»، يُحدِّثوننا عن «التكريم»، فالمرأة عندنا مُكرَّمة معزَّزة؛ و»التحرير»، أي «تحريرها»، إنَّما هو آخر شيء يمكن أن تحتاج إليه؛ ولقد صَدَق من قال إنَّ المرأة هي «المعبودة ـ المُسْتَعْبَدة»، فالرجل يَعْبُدها ما ظلَّت له عَبْدة مُسْتَعْبَدة، فإنْ هي سوَّلت لها نفسها «الأمَّارة بالسوء» أنْ تَطْلُبَ لنفسها شيئاً من الحرِّية (التي يَنْعم بها معشر الرجال) أو أن تسعى إلى أن تكون على قدم المساواة مع الرجل في الحقوق، كَفَر بها الرجل، وأصبحت في نظره الشيطان الرجيم، تَسْتَحق اللعنة والرَّجم.
إنَّ «التحرير» هو و»الاستعباد» الواحد وقد ازدوج، فلا يتحرَّر إلاَّ المُسْتَعْبَد؛ ولا تنمو الحرِّية إلاَّ من اضمحلال العبودية.
وهذا إنَّما يعني أنَّ الدعوة إلى تحرير المرأة، أو إلى حرِّية المرأة، أو إلى المرأة الحرَّة، لا معنى ولا أهمية لها إنْ لم تكن إقراراً ضمنياً (من أصحابها) بأنَّ المرأة في واقعٍ، وفي حالٍ، من العبودية، أو الاستعباد.
أمَّا «التحرير» نفسه فلا معنى ولا أهمية له إنْ لم يكن «تَحَرُّراً»، فتحرير المرأة إنَّما هو أن تُحرِّر المرأة نفسها بنفسها، غير منتظرة أن يسبغ عليها الرجل نعمة الحرِّية، فإنَّ حرِّية المرأة لا تأتي من الرجال، وإنَّما من صراع المرأة نفسها ضدَّ «مملكة الرجل»، التي ابتناها الرجال لأنفسهم من الحجارة المتأتية من هدم وتدمير حقوق النساء؛ كما أنَّ فاقِد الشيء لا يعطيه، فكيف لمعشر الرجال، في بلادنا، أن يُحرِّروا نساءهم، وهُمْ الذين في غالبيتهم العظمى لا يَعْرِفون من الحرِّية السياسية إلاَّ ما يَعْدِل ما تتمتَّع به المرأة من حرِّية في «بيت زوجها»؟!
ذات مرَّة، أفتى مفتي مصر علي جمعة في مسألة «تولِّي المرأة رئاسة الدولة»، فأكَّد في فتواه، التي وُصِفَت بأنَّها «فتوى رسمية»، ونشرتها صحيفة «الأهرام» الحكومية، أنَّ هذا الأمر غير جائز شرعا؛ «لأنَّ من سلطات رئيس الدولة إمامة المسلمين في الصلاة شرعا، وهي (أي تلك الإمامة) لا تكون إلا للرجال».
المفتي، حتى يُسْمَع، أبدى شيئا من «المرونة الحضارية»، فقال في فتواه «الرسمية»: «إذا كانت الحقوق السياسية، بمفهومها الشائع، تشمل حق الانتخاب والترشيح وتولِّي الوظائف العامة، فإنَّ مبادئ الشريعة لا تمانع في أن تتمتع المرأة بحق الانتخاب والترشيح، وفي أن تتولَّى الوظائف العامة ما عدا وظيفة رئيس الدولة».
وعليه أجاز المفتي، إذ أجازت له مبادئ الشريعة، التي لا مصلحة له في تأويلها (حتى الآن) إلا كما أوَّلها في فتواه، للمرأة أن تصبح قاضية.
ولمَّا كان «الرجال» في مجلسي «البرلمان»، أي مجلس الشورى ومجلس الشعب، لا يملكون من سلطة القرار (السياسي) إلا ما يقل عمَّا تملكه المرأة من «سلطة» في «بيت زوجها»، أو في «بيت أبيها»، أجاز المفتي للمرأة الترشيح في الانتخابات لعضوية هذا المجلس أو ذاك، «على أن» تُوَفِّق بين عملها العام هذا وبين حق زوجها وأولادها.. عليها؛ وعلى أن تبتعد عن السفور، والتبرُّج، و»الخلوة غير الشرعية (مع الرجال)».
ما أعلمه علم اليقين أنَّ ما كان يتحدى المفتي على أن يفتي فيه، وتحتاج «الرعية» إلى سماع رأيه (أو رأي الشرع عَبْر رأيه) فيه، هو مسألتا «الرئيس الأبدي» ولو تأبَّد حكمه بفضل «نظام ولاية تِلْوَ الولاية»، و»حق الابن في أن تكون رئاسة الدولة، أو الوظيفة العامة العليا، جزءا ممَّا يَرِث عن أبيه».
إنَّني، و»انحيازاً إلى الرجل»، أدعو، متمنِّياً ألاَّ تكون دعوتي كدعاء كاهِن، إلى أن تُحرِّر المرأة نفسها بنفسها، أي إلى أن تنتزع حرِّيتها انتزاعاً، فإنَّ الرجال لا يمكن أن يكونوا أحراراً ما استمروا على استعبادهم لنسائهم؛ والمجتمع نفسه، وكله، لا يمكن أن يكون حُرَّاً ما بقيت نساؤه مُسْتَعْبَدات، فإنَّ منسوب حرِّيته يتناسب طرداً مع منسوب حرِّية المرأة، التي في واقعها تتركَّز عبودية المجتمع؛ وإنَّني لمؤمِن بأنَّ المجتمع الحر لن يظهر إلى الوجود عندنا إلاَّ عندما يتغيَّر في «واقعه الموضوعي»، بما يَحْمِل الرجال فيه على أن يُحِبُّوا لنسائهم ما يُحِبُّونه لأنفسهم، وأن يجيزوا لهن ما يجيزونه لأنفسهم.




:: توقيعي ::: الدينُ أفيون الشعوب.

“What can be said at all can be said clearly; and whereof one cannot speak thereof one must be silent”
  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدليلية (Tags)
أبي, المرأة, البشيتي, العالمي, تتحرر, حول, جواد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
اسلوب عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
قصة المرأة في الإسلام.. بمناسبة يوم المرأة العالمي يهوذا الأسخريوطي العقيدة الاسلامية ☪ 0 03-08-2019 09:14 PM
بمناسبة يوم المرأة العالمي من قلبي أهنئ كل العزيزات الصديقات هنا في منتدانا الجميل غيورغي ساحـة الاعضاء الـعامة ☄ 1 03-09-2018 01:22 AM
كيف ظلم الله المرأة؟ وكيف المرأة المسلمة ناقصة عقل حقاااا عدو الاسلام العقيدة الاسلامية ☪ 30 07-26-2016 01:43 AM
حول المرأة . Phoenix حول الحِوارات الفلسفية ✎ 14 07-03-2016 09:10 AM
يوم المرأة العالمي ابن دجلة الخير ساحـة الاعضاء الـعامة ☄ 5 03-08-2016 06:38 PM