شبكة الإلحاد العربيُ  

العودة   شبكة الإلحاد العربيُ > ملتقيات في نقد الإيمان و الأديان > حول الإيمان والفكر الحُر ☮

إضافة رد
 
أدوات الموضوع اسلوب عرض الموضوع
قديم 04-06-2020, 09:15 AM المسعودي غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [1]
المسعودي
باحث ومشرف عام
الصورة الرمزية المسعودي
 

المسعودي is just really niceالمسعودي is just really niceالمسعودي is just really niceالمسعودي is just really nice
افتراضي النقد البناء والنقد الهدام وأوهام الدين والكلام! - كاملاً

لأهمية الموضوع بحد ذاته ولعلاقته بمجموعة من المقالات المقبلة ارتأيتُ إعادة نشر الحلقات الخمس من هذا المقال في مقال واحد كامل.
* * *
من المفارقات المضحكة والمبكية، في آن واحد، هي أن يحلو للمسلمين الكلام عن النقد البناء والنقد الهدام!
ولكي أكون صادقاً معكم، فأنا لَمْ أضحكْ وَلَمْ أبكِ، فالأمر بالنسبة لي أقربُ إلى قلة الأدب منه إلى الضحك والبكاء!
فهذه الخزعبلات أعرفها، مثلما يعرفها الجميع، وهي تكاد تكون قديمة قِدَمُ عقيدتهم. لأنها تستند إلى قاعدة "الوعي المزيف" و"أوهام الحق" لا غير. أما الواقع فيقول لنا حقائق أخرى.
إنَّ إساءة الدين الإسلامي إلى اللغة العربية وصلت إلى حدٍ تحولت الأخيرة فيه إلى رهينة بيد اللاهوت الإسلامي.
ولماذا قلة أدب؟
لأنَّ الكلام عن "النقد البناء والهدام"، وإذا ما قرأناه وسمعناه بتأمل وإمعان سنجد أنه في جوهره شتائم سوقية مبطنة موجهة مباشرة (وحتى من غير ورقة التين للتستر) ضد الملحدين!
الأدلة؟
اصبروا فالحقيقة مع الصابرين!
* * *
لكل موقف أو مبدأ أو تصور إزاء العالم (والنفس ذاتها – وأقصد موقف المرء إلى ذاته) له منطلقات نظرية عامة (إذا كانت علمية في مجال البحث العلمي المختلفة) أو دينية ونجد مصدرها فيما يسمى بــ"الكتب المقدسة". وهذا ما يوفر علينا إلى حد ما مشقة تحليل هذا المواقف والتصورات. وكما يقول المثل الفرنسي الشائع في أوربا: ابحث عن المرأةcherche la femme ويعني أن ثمة امرأة دائماً وراء كل حدث، فإن هذا "القرآن" يختفي وراء جميع العقائد والتصورات وقواعد التفكير اليومية عند المسلم سواء وجدنا نصاً بعينه أو تم تأويله من قبل مفسري الإسلام.
فإذا ما تحدث المؤمن عن الفكر والنقد الهدامين مثلاً فابحث عنه في القرآن وسترى معناه الحقيقي:
حين يرفض المسلمون أيَّ دين آخر (الدين عند الله الإسلام والإسلام فقط)، فإن مكونات المفارقة تتضح والذي قرر الضحك لابد وأنه قد كفَّ الآن عن الضحك!
نحن فقط، على حق - يقول المسلمون!
وهذه هي الأدلة من هذا "الكِتَاب":
- " وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ [آل عمران:85]
- "إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ * فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ [آل عمران:19-20]
- "كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤمِنُونَ بِاللهِ [آل عمران: 110]
- وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِيِنَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِّنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً" [النور:55]
ما هي الفكرة الرئيسية والشاملة لمثل هذا الكلام؟
الفكرة الشاملة هي الآتي:
- نحن على حق شامل عقيدةً وفكراً وأخلاقاً!
- نحن خير البشر وخير الأديان وخير الأفكار!
- فكرنا هو فكر البناء وفكر الآخرين هو فكر الهدم!
- نقدنا بناء ونقد الآخرين هدام!
- كل نقد سلبي للإسلام والمسلمين هو نقد هدام وكل نقد إيجابي ومديح للإسلام والمسلمين هو نقد بناء!
إن منظومة الأفكار هذه ذات طابع متماسك ومتداخل سواء أدركها المسلم أم لم يدركها. فهي متجذرة في سيكولوجيته وفي طريقة تفكيره وهو لا يدرك الفرق ما بين الوهم والحقيقة. وعدم أدراك الحدود ما بين الوهم والحقيقة هو مرض سيكولوجي.
* * *
ولكي نتفهم اللوحة كاملة وبصورة أفضل و"أكثر أرضية" من "سماوية" القرآن معنى "النقد البناء والهدام" من وجهة نظر المسلمين (لا مجرد السفسطة الأخلاقية المزيفة التي يطلقها هذا وذاك في شبكة الملحدين) ينبغي أن نفهم ماذا يقصدون بكلمة "بَنَّاء" و"هَدَّام" وعلى أساس أدبياتهم هُمْ بالذات – أُكَرِّر: على أساس الأدبيات الإسلامية من غير تأويل ولا تفسير. ولضيق الوقت سأقوم بتحليل عدداً من الأمثلة النموذجية (ويمكن العثور على المئات مثلها) لكي نفهم ماذا تعني كلمتا "بناء" و"هدام" أولاً، ولكي تروا بأنفسكم الدليل على " الشتائم السوقية المبطنة " الموجهة ضد الملحدين.
[2]
في الجزء الأول أشرت إلى أن من المفارقات المضحكة والمبكية أن يحلو للمسلمين الكلام عن النقد البناء والنقد الهدام! وأشرت إلى أنَّ الكلام عن "النقد البناء والهدام"، وإذا ما دققنا فيه بتأمل وإمعان سنجد أنه في جوهره شتائم سوقية مبطنة موجهة مباشرة (وحتى من غير ورقة التين للتستر) ضد الملحدين!
كما أصبح واضحاً بأن كل موقف أو مبدأ أو تصور إزاء العالم (وموقف المرء إلى ذاته) له منطلقات نظرية عامة (إذا كانت علمية في مجال البحث العلمي المختلفة) أو دينية ونجد مصدرها فيما يسمى بــ"الكتب المقدسة". وهذا ما يوفر علينا إلى حد ما مشقة تحليل هذا المواقف والتصورات. ورأينا كيف يؤسس القرآن (من غير لف ودوران) فكرة شاملة تتعلق بالصحة المطلقة للدين الإسلامي وبالخير المطلق للمسلمين وإن كل نقد سلبي للإسلام والمسلمين هو نقد هدام وكل نقد إيجابي ومديح للإسلام والمسلمين هو نقد بناء!
وقد وعدتكم بالأدلة. وها أنا أفي بوعدي:
* * *
- في كتاب " قضايا وتجليات في رسائل النور" 2014 لمؤلفه الدكتور مأمون فريز جرار، نقرأ ما يلي:
"ونقرأ جوانب بعيدة المدى لإصلاح التعليم من خلال مدرسة الزهراء في نشر الفكر الإيجابي الذي ينشر السلام ويحارب الفكر الثوري الإلحادي الهدام" [ص68].
- " أيها القارئ في كل مكان، لا تدخل مع (ملحد) في سجال وأنت غير مهيأ لمثل هذه النقاشات، لأن هؤلاء (الشرذمة) من البشر (فراعنة)، كما قال فرعون عليه لعنة الله (وما رب العالمين) الشعراء 23.
في العصر الحالي اختلف الأمر، فهم اليوم مع وجود (الميديا) والتواصل الاجتماعي بدأوا يستغلون الشبكة العنكبوتية لنشر (مبادئهم الضالة المضلة الهدامة) وهي عملية تستوجب الوقفة من كل الأديان الرئيسية (الإسلام والمسيحية واليهودية)!
[يوسف عبد الرحمن، جريدة الأنباء الكويتية]
https://www.alanba.com.kw/kottab/you...9-زاد-الإلحاد/
- "أمَّا سبيل المواجهة لهذا الفكر الهدام فهو العلاج؛ علاج من وقع – بالفعل - في حمأة الإلحاد، وهو في الغالب أحد رجلين:
مسلمٌ عرضت له شبهة إلحادية فوقع في شك، غير أنه لا يدعو إليه، ولا يسخر من الشريعة.
وعلاج هذا بالمناصحة الإيمانية والعقلية، وأن يُسعى حثيثًا في اجتثاث هذا الفكر من نفسه بأسلوب هادئ حكيم، وهذا ما ينبغي أن يتصدى له داعية على علم، عنده باع في هذا الأمر، لا جاهلٌ يزيد الطين بلة.
ولا بد أن يستشعر هذا الداعية جانب الرحمة والشفقة بهذا المنصوح الذي احتالته الشياطين.
والآخر: متمرد يدعو إلى الإلحاد، ويقيم عليه الأدلة، ويسخر من الشريعة وأهلها؛ فهذا يجب أن يرد عليه ولا يجوز السكوت على باطله." [تهافت الملاحدة بقلم الدكتور عارف عوض الركابي]
- https://sudaneseonline.com/board/7/m...489502054.html
- "قال الدكتور عبد الله رشدي، الداعية الإسلامي، إن ضعف الخطاب الديني والدور الهدام لوسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي يقف وراء انتشار الموجة الإلحادية والانحلالية التي ضربت أجزاء من العالم الإسلامي خلال الفترة الأخيرة.
ووصف رشدي في حوار مع موقع www.amrkhaled.net، داعش و"التنويريين" والملاحدة بأنهم "وجهان لعملة واحدة".
[مقال هذه أسباب انتشار الإلحاد والحملة ضد ثوابت الإسلام]
https://amrkhaled.net/Story/1005136/...ام-الجزء-الأول
- وإن أي انحراف تسرب إلى الشباب إنما جاء نتيجة تسلل الأفكار الإباحية والنشاط الإلحادي الهدام" [مشاكل الشباب المعاصرة.. الوقاية والعلاج، علال البوزيدي، مجلة الأمن والحياة، العدد _169) 1417 ه]
* * *
الآن هل فَهِمَ الزملاء الفرق ما بين النقد البناء والنقد الهدام؟
إن الفكر الهدَّام (ولكل فكرٍ نقدٌ، وبالتالي هو نقدٌ هدامٌ) يرتبط، بالنسبة للمسلمين (ولا تصدقوا الذئاب المتلبسين بجلد الحمل)، بالإلحاد ولا شيء آخر. فالمعادلة بالنسبة لهم هي:
إنَّ الإسلام = (الفكر البناء)
الإلحاد = (الفكر الهدام).
وبالتالي:
النقد البناء = النقد الإسلامي
النقد الهدام = النقد الإلحادي
[3]
ولكن كيف ينظر المسلمون (إذا كانوا فعلاً مسلمين) إلى الإلحاد والملحدين؟
إن هذا سؤال في غاية الأهمية من وجهة النظر الجدالية. لأن طبيعة هذه النظرة سوف تحدد بداهة a priori طبيعة الموقف من آراء ونقد الملحدين.
* * *
من بين أسباب الألحاد، كما يعتقد بوثوق، صالح بن عبد العزيزي هي التالي:
"السبب الرابع [من أسباب الإلحاد]: حب الشهوات والرغبة الجامحة في الانفلات، أو ما يسمى بالحرية اللاأخلاقية؛ فهي تتناسب والإلحاد؛ فلا حلال ولا حرام في ظل مملكة الإلحاد، ولا رقيب ولا حساب ولا جزاء، ولا وجود لما يسمى باللسان المعاصر: "تأنيب الضمير"، أي النفس اللوامة التي تضرب المسلم بسياط الندم على اقتراف القبائح. ولذا فإن كثيراً ممن يميل إلى الإلحاد دافعهم الشهوة لا غير" [ص24]
" السبب السابع: وهو الأهم، وهو السبب الراجع إلى الملحد نفسه؛ فما ألحد أحدٌ ونكص على عقبيه إلا وقد أتي من قِبل كِبْر في نفسه [...]
وقد أدى هذا الكبر إلى ثمرات، منها:
أولا: أن يكذب بدين الله [...]
ثانياً: الإعراض ورفض الاستماع للحق [...]
ثالثاً" الفرح بما عنده من علوم كاسدة يعارض بها شرع الله [...]
رابعاً: تقليد أئمة الضلال [...]
وأخيراً: الزيغ" [ص26]
[الإلحاد وسائله وخطره وسبل مواجهته، د. صالح بن عبد العزيز بن عثمان سندي، 2013 بيروت]
ولنحدد مؤقتاً ما هي صفات الملحد:
"حب الشهوات والرغبة الجامحة في الانفلات، والحرية اللاأخلاقية ولا حلال ولا حرام في ظل مملكة الإلحاد ولا رقيب ولا حساب ولا جزاء ولا “تأنيب الضمير" ويكذبون بدين الله ويرفضون الاستماع إلى الحق ويقلدون أئمة الضلال ويتصفون بالزيغ"!
فهل هذا يكفي لكي نعرف كيف يفكر المسلمون (جميع المسلمين بدو استثناء) بصدد الإلحاد والملحدين؟!
* * *
أما عبد الرحمن الميداني فخياله أكثر جموحاً من الأول وهو يعتقد وبكل ثقة بأنه:
" لو عرف كثير من الملاحدة أن اليهود المقنعين يحرثون على أكتافهم وظهورهم مزارع سياستهم، ولا يدفعون لهم مقابل ذلك إلا الغرور بالنفس والأجر اليسير، والفحش الكثير، والخمر والحشيش، والمواعيد الكاذبة، والأوهام الخادعة، لاستقام تفكيرهم، وتيقظت بصائرهم، ولرجعوا إلى صفوف المؤمنين بالله، يكافحون الإلحاد ومن يغذيه أو يدفع إليه" [ص12]
[صراع مع الملاحدة حتى العظم، عبد الرحمن حسن حبنمة الميداني، بيروت 1992]
فها هي صفات جديدة للملحد:
"الملحدون ضحية لخداع وهم يتصفون بالغرور بالنفس والأجر اليسير والفحش الكثير والخمر والحشيش والمواعيد الكاذبة، والأوهام الخادعة"!

فهل هذا يكفي؟
* * *
لكن د. حسام الدين حامد أقل بربرة وثرثرة من الآخرين وأكثر ثقة بالنفس فهو يختار كلمة واحدة لا غير:
"ولو قيل لي اجمعْ الإلحاد في كلمة واحدة، لا يجاوز وصفُه رسمها، ولا تن حقيقته عن حرفها لقلت "التوهم"!" [ص8]
" إن هذا الخواء الروحي الذي يبتلع الألحاد، قد جعل منه مسخاً بأيدي أتباعه، فالملحد الذي هرب من الأديان، ذهب فنحت بيديه صنماً من الصلصال يعبده" [ص33]
[الإلحاد وثوقية التوهم وخواء العدم، د. حسام الدين حامد، 215 دار العصرية للنشر والتوزيع]
فبالإضافة إلى الخواء الروحي وتحول الملحد إلى مسخ، فأن "كلمة السر" بالنسبة له هي:
التَّوهم!
فهل هذا يكفي؟
* * *
ثم يأتينا "الدكتور" الآخر د. سعيد بن علي بنوهف القحطاني (لا أعرف أي نوع من العلوم قد درس هؤلاء "الدكاترة" حتى يصلون إلى هذا الحد من الإسفاف؟ من حسن حظي أنا لا أميل إلى وضع الدال أمام أسمي) فهو يضيف صفات جديدة لنا ولكم وهو باعتباره "دكتوراً" يقرر أن يضع تعريفاً أكثر دقة من الناحية الدينية:
"والإلحاد: هو الميل عن الحق، والانحراف عنه بشتى الاعتقادات، والتأويل الفاسد، والمنحرف عن صراط الله والمعاكس لحكمه يسمى ملحداً" [ص 5]
[كيفية دعوة الملحدين إلى الله تعالى في ضوء الكتاب والسنة، د. سعيد بن علي بنوهف القحطاني، سلسلة الرسائل الدعوية (6) بدون تاريخ ومكان الإصدار]
الله أكبر!
فهل هذا يكفي؟
لا يكفي؟!
إذن:
لنتابع المقال..
[4]
كما لاحظنا لحد الآن نظرة المؤمنين (كل المؤمنين من غير استثناء) إلى الملحدين وقد حددوا صفاتهم هكذا:
"حب الشهوات والرغبة الجامحة في الانفلات، والحرية اللاأخلاقية ولا حلال ولا حرام في ظل مملكة الإلحاد ولا رقيب ولا حساب ولا جزاء ولا “تأنيب الضمير" ويكذبون بدين الله ويرفضون الاستماع إلى الحق ويقلدون أئمة الضلال ويتصفون بالزيغ. كما أن الملحدون ضحية لخداع وهم يتصفون بالغرور بالنفس والأجر اليسير والفحش الكثير والخمر والحشيش والمواعيد الكاذبة، والأوهام الخادعة"!
***
لكن اللوحة لم تكتمل بعد حتى نفهم جميعاً ماذا يقصد المؤمنون بالنقد البناء والنقد الهدام. فالمؤمنون الذين "يتعاطون" الكتابة لا يعنيهم الحديث عن "النقد" بذاته بل هدفهم هو ذم "الناقد". ولهذا وحين نتغلغل في "عقلهم الباطن" وكما سنرى (الخلاصات الأخيرة)، فإن هدفهم هو واحد لا غير:
الظهور بمظهر "الحمل" الذي يتحدث عن "النقد البنَّاء" وعن "النية الصادقة" و" سلامة القلب والضمير" ولا شيء آخر. ولهذا فهم يدعون الآخرين إلى عدم قول "الحقائق المُرَّة – التي يسمونها جارحة" وأن نتناقش بهدوء، والهدوء بالنسبة لهم هو مناقشة الأمور الثانوية وليس تلك التي تكشف عن الوجه البشع للدين ونظرتهم الدونية للآخرين.
هل قلتُ "الوجه البشع"؟
أنظروا الآن:
* * *
نقلاً عن مصطفى صادق الرافعي الذي يصف كمال أتاتورك يقول الدكتور سيد بن حسين العفاني (هو أيضا دكتور!) ما يلي:
" هذه طبيعة كل حاكم فاسق ملحد، يرى في نفسه رذائله عريانة، فلا يكون كلامه وعمله وفكره إلا فحشاً يتعرى، وإن في هذا الرجل غريزة فسق بهيمية متصلة بطور الحيوان الإنساني الأول؛ فما من ريب أن في جسمه خلية عصبية مهتاجة، ما زالت تَسبحُ بالوراثة في دماء الأحياء، متلفقة على خصائصها، حتى أسفرت في أعصاب هذا الفاسق، فانفجرت بكل تلك الخصائص"[389 ج5]
[زهرة البساتين من موقف العلماء والربانيين، جمع وترتيب الدكتور سيد بن حسين العفاني، دار العفاني/القاهرة، بدون تاريخ، 5 أجزاء]
***
هل تتصورن الآن صفات الملحد بكل عمقها وتفصيلاتها من وجهة نظر المسلمين "الأخيار" و"المهذبين" و"الدمثين"؟!
فالملحد كما يقوا الشيخ:
"فيه غريزة فسق بهيمية متصلة بطور الحيوان الإنساني الأول وهي متغلغلة في أعصابه!".
قد يسأل القراء: كيف عرف هذا "الفَطْحَل" وجود هذا النوع من الغرائز المتغلغلة والخلية العصبية المهتاجة؟
إن هذه الأسئلة لهي زائدة ولا معنى لها. فالملحد، كما يعتقد المؤمنون العباقرة، "بطور الحيوان الإنساني الأول".
ستقولون بأن هذا منافياً لأبسط المعارف العلمية والمنطقية والأخلاقية!
يا شيخ، وهل هذا أمر مُهِمٌ!
فدكاترة الإيمان (خريجوا الأزهر والمعاهد الدينية) هم "مؤمنون"، والمؤمن لا ينزعج من قول الخرافات!
فإيهما أثقل على العقل هذا الذي يقولونه عن الإلحاد أمْ إيمانهم بالجن والملائكة؟!
اكذب، اكذب، حتى يصدقك المؤمنون!
والمؤمنون جاهزون لتلقف "طَعْمَ" الكذب!
فهل هذا كل شيء؟
* * *
لحد الآن، وكما رأينا جميعاً، سعى المؤمنون إلى لصق ما تيسر لهم من الصفات والنعوت بالملحدين ووصمهم بأبشع الصفات العقلية وأسخف الصفات الأخلاقية. وكل هذا من غير أي تأمل بالكلمات وانعدام مطلق لصيغ "النقد البناء" التي يبشر بها بعض المجاهدين.
وإذا كنتم تعتقدون بأن خيال المسلمين قد نضب ونحن على وشك الانتهاء، فأنتم مخطئون!
ثمة كاتب اسمه مسعود صبري، وكما سترون، ينطلق كالصاروخ من جذابية اللغة وتاريخية المصطلحات ويأخذ بالهلوسة النظرية وكأنه يسحب الكلمات من "كيس الكلمات" بعيون مغمضة ولا يدرك العلاقة فيما بينها!
فها هو يكتب سعيداً بهلوسته:
"ومن المصطلحات المتشابهة التي تتشابه مع الإلحاد ما يلي:
أولاً- الردَّة: [...]
ثانياً-النفاق [...]
ثالثاً-الزندقة: [...]
رابعاً-الدهرية: [...]
والعلاقة بين الملحد وبين الزنديق والمنافق والدهري أن الملحد أوسع فُرق الكفر حداً، وهو أعمهم جميعاً، فهو الكافر مطلقاً، سواء تقدمه إسلامه أم لا، أظهر كفره أم أخفاه، فالملحد يشمل كل أوصاف السابقين".
[فقه الردة، مسعود صبري: إسلام أوين]
https://islamonline.net/14876

هل يحتاج الأمر إلى تعليق؟!
وهل هذا يكفي؟
* * *
كما يلاحظ القارئ فإن جل عباقرة "النقد البناء" في هذا العرض السريع كانوا من زماننا. أنهم "خلف" لكن بضاعتهم هذه هي بضاعة قديمة جداً، ولا بأس أن نشير في هذه العجالة إلى ما يقوله "السلف"، حتى تكتمل الصورة ونرى بأن "للنقد البناء" الإسلامي له تاريخ ولم يظهر من العدم.
في الجامع من ألفاظ الكفر (فأين نجد الإلحاد في غير هذا المكان؟) نقرأ التالي:
"416. من قال أنا ملحد – كفر [في الهامش: قال القاري: (لأن الملحد أقبح أنواع الكفرة) شرح الفقه الأكبر 277، قلت: الإلحاد هو الميل عن الحق، فالملحد له دركات فقد يكون فاسقاً، وقد يكون مبتدعاً، وقد يكون قبورياً مشركاً وقد يكون معطلاً جهمياً، وقد يكون ما تريدياً، أو أشعرياً، يعطل الصفات كلاً أو بعضاً، ويحرف نصوصها، فيلحد في أسماء الله وصفاته العليا؛ فلا يحكم بكفره قبل إتمام الحجة عليه. نعم إن قصد بقوله: (أنا ملحد): إنه كافر، فقد ارتد عن الإسلام.)
417. وفي المحيط والحاوي: لأن الملحد كافر".
[الجامع في ألفاظ الكفر: يشتمل على أربعة كتب، تحقيق: د. محمد بن عبد الرحمن الخميس، الكويت 1999]
والآن مسك الختام:
"لأنه يسمى فاسقاً لخروجه من الدين، يقال فسقت "الرطبة"، ولكن خُصص بالكافر كما يُخصص الملحد بالكافر، والحنيف بالمسلم وكل واحد منهما بمعنى الميل" [ص 449]
[المنحول في تعليقات الأصول، الغزالي، تحقيق: محمد حسن هيتو، بدون تاريخ ومكان الإصدار]
* * *
وها هي خلاصة الكلام: الملحد كافرٌ.
وهل يقول الكافر الحقيقة؟
ولأن الملحد كافرٌ فهل يمكن أن يكون نقد الكافر بَنَّاءً؟
[5]
الخلاصات:
المتابع للأجزاء الأربعة من هذا المقال يتذكر المقدمة التالية:
"من المفارقات المضحكة والمبكية، في آن واحد، هي أن يحلو للمسلمين الكلام عن النقد البناء والنقد الهدام!
ولكي أكون صادقاً معكم، فأنا لَمْ أضحكْ وَلَمْ أبكِ، فالأمر بالنسبة لي أقربُ إلى قلة الأدب منه إلى الضحك والبكاء!
فهذه الخزعبلات أعرفها، مثلما يعرفها الجميع، وهي تكاد تكون قديمة قِدَمُ عقيدتهم. لأنها تستند إلى قاعدة "الوعي المزيف" و"أوهام الحق" لا غير. أما الواقع فيقول لنا حقائق أخرى.
إنَّ إساءة الدين الإسلامي إلى اللغة العربية وصلت إلى حدٍ تحولت الأخيرة فيه إلى رهينة بيد اللاهوت الإسلامي.
ولماذا قلة أدب؟
لأنَّ الكلام عن "النقد البناء والهدام"، وإذا ما قرأناه وسمعناه بتأمل وإمعان سنجد أنه في جوهره شتائم سوقية مبطنة موجهة مباشرة (وحتى من غير ورقة التين للتستر) ضد الملحدين!
الأدلة؟
اصبروا فالحقيقة مع الصابرين!"
وكما يلاحظ القارئ من الحلقات الأربع ما هو موقف المسلمين (جميع المسلمين من غير استثناء) من الملحدين والإلحاد. وإن مثل هذا الموقف، وهذا الكلام للْعُقَّال فقط، لا يمكن أن يحتمل افتراضاً بأن يقدم الملحد نقداً بناء من وجهة نظرهم.
وها هي الخلاصات:
* * *
قبل البدء في الخلاصات لابد من تثبيت حقيقة جوهرية:
الإسلام السلفي هو الإسلام الوحيد المنسجم مع مضامين نصوص "القرآن" من غير لف ودوران! وأية قراءة أخرى للقرآن خارج القراءة السلفية هي قراءة مفتعلة ومصطنعة ومحاولة للهروب من المشاكل السياسية والاجتماعية والأخلاقية والثقافية التي تتضمنها هذه النصوص وتخلقها في كل عصر من العصور والتي لا يمكن تذليلها إلا بصناعة تأويلية مكشوفة وتنازلات محضة عن مبادئ "القرآن"!
الفكر السلفي (وتطبيقاته الصادقة في الوهابية والدولة الداعشية) هو الفكر الأكثر انسجاماً مع نصوص "القرآن" ولا يمكن العثور على أية تناقضات ما بين الاثنين. وإن أي فكر إسلامي يرفض الفكر السلفي هو فكر يرفض "القرآن"!
إن ما يردده الكثير من أنصار التيارات المختلفة عن "جوهر الإسلام الحنيف الوسطى المعتدل" هو خرافة يُحمدون عليها ويُشْكَرون بسببها لكنها خرافة تجعلهم يصنعون قرآناً جديداً (وأنا سعيد بذلك).
إذن، المسلم الحقيقي سلفي "بطبعه". ولهذا فإن أعداء "الفكر الهدام والنقد الهدام" هم سلفيون ويعنون الفكر الإلحادي والنقد الإلحادي.
والقرآن كان ولا يزال وسيبقى المصدر النقي للسلفية.
أما "أحاديث محمد" فهي التطبيقات الثقافية والسيكولوجية لهذا "القرآن"!
* * *
الخلاصة الأولى:
كما يقرر الكتاب المسلمون فإن صفات الإلحاد والملحدون (في شبكة الملحدين مثلاً) هي كالتالي:
"حب الشهوات والرغبة الجامحة في الانفلات، والحرية اللاأخلاقية ولا حلال ولا حرام في ظل مملكة الإلحاد ولا رقيب ولا حساب ولا جزاء ولا “تأنيب الضمير" ويكذبون بدين الله ويرفضون الاستماع إلى الحق ويقلدون أئمة الضلال ويتصفون بالزيغ. كما أن الملحدون ضحية لخداع وهم يتصفون بالغرور بالنفس والأجر اليسير والفحش الكثير والخمر والحشيش والمواعيد الكاذبة، والأوهام الخادعة"!
"والإلحاد: هو الميل عن الحق، والانحراف عنه بشتى الاعتقادات، والتأويل الفاسد، والمنحرف عن صراط الله والمعاكس لحكمه يسمى ملحداً"
"الملحدون ضحية لخداع وهم يتصفون بالغرور بالنفس والأجر اليسير والفحش الكثير والخمر والحشيش والمواعيد الكاذبة، والأوهام الخادعة"!
"فيه غريزة فسق بهيمية متصلة بطور الحيوان الإنساني الأول وهي متغلغلة في أعصابه!".
وأعتقد أن هذه التصورات كافية لكي توضح الموقف الخفي للمسلمين من الإلحاد والملحدين.
هذا هو موقف المسلمين من غير هوادة ومن غير مكياج ولا تسامح والمُضاد للفكر الإلحادي.
الخلاصة الثانية:
الملحد كافر وزنديق وحكم الكافر القتل.
في الفتوى المسجلة على الفيديو (فناة fatwaksa) يقول صالح الفوزان (عضو هيئة كبار العلماء في السعودية عام 2009) رداً على سائل حول حرية الاعتقاد في الإسلام وآية " لا إكراه في الدين" في فيديو تحت عنوان (في حكم قتل الكفار والمشركين واستباحة دمائهم إذا رفضوا الدخول الى الإسلام ومنع حرية الفكر والاعتقاد):
"هذا كذب على الله عز وجل. الإسلام لم يأت بحرية الاعتقاد. الإسلام جاء بمنع الشرك والكفر وقتال المشركين. فلو كان جاء بحرية الاعتقاد لما احتاج الناس إلى مجيء الرسل ونزول الكتب ولا احتاج الناس إلى جهاد والقتال في سبيل الله [...] الدين كله لله والذي يأبى أن يعبد الله يُقَاتَل ولا يُترك حتى يرجع إلى الدين أو يُقتل ...." إلخ
ملاحظة هامة: هذا الكلام في عام 2009 ميلادية!
https://www.youtube.com/watch?v=8UcdG2nXO3U
الخلاصة الثالثة:
ظهر بأن آية لا إكراه في الدين هي " كذب على الله عز وجل. الإسلام لم يأت بحرية الاعتقاد "
وإن حكم الكفار والمشركين (والملحد أشد كفراً) هو القتل واستباحة دمائهم إذا رفضوا الدخول الى الإسلام.
ولهذا فإن الموت يهدد حياة جميع الملحدين!
الخلاصة الرابعة:
فإذا كان الملحد هو ما تقوله الخلاصة الأولى وحكمه ما تقوله الخلاصة الثانية والثالثة:
فما هو الموقف من آراءه ونقده للإسلام؟
هل يَحُقُّ أن تكون له أراء بناءة؟
بلْ هل يَحُقُّ أن تكون له آراء؟
الجواب: واضح لا!
وبالتالي:
منْ هُم أصحاب النقد الهدام إذا لم يكونوا الملحدين؟
وما حُكْم أصحاب النقد الهدام؟
الجواب: القتل!
* * *

فهل اتضح موقفي بأن الكلام عن "النقد البناء والهدام" في جوهره شتائم سوقية مبطنة موجهة مباشرة ضد الملحدين؟
وهل يمكن استخلاص نتائج أخرى مما سردنا جزءاً ضئيلاً منه حول موقف المسلمين (جميع المسلمين من غير استثناء) من الملحدين والإلحاد؟
وهل ثمة ضرورة للمزيد من الأدلة لأدراك معنى النقد البناء والنقد الهدام من وجهة نظر المسلمين؟!



  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدليلية (Tags)
المياه, النقد, انتهاء, الخجل, كاملاً, وهم الحق، وهم الخير، وهم خير أمة، وهم خير دين، وهم النقد البناء, وأوهام, والنقد, والكلام


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
اسلوب عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع