شبكة الإلحاد العربيُ  

العودة   شبكة الإلحاد العربيُ > ملتقيات في نقد الإيمان و الأديان > مقالات من مُختلف الُغات ☈

إضافة رد
 
أدوات الموضوع اسلوب عرض الموضوع
قديم 04-26-2017, 03:10 AM خلوووود غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [1]
خلوووود
عضو برونزي
الصورة الرمزية خلوووود
 

خلوووود is on a distinguished road
star تأملات فى معاناة وأسقام الفكر الإنسانى

سامى لبيب
الحوار المتمدن



- تأملات وخواطر إلحادية – جزء عشرون .
- نحو فهم الحياة والإنسان والوجود (60) .

أحب كتابة التأملات فهى ترجمة لأفكارى ورؤيتى ومواقفى فى سطور قليلة تصل للقارئ لتدفعه للتفكير والتأمل دون أن تغرقه فى كتابات طويلة توضيحية .. أعتبر كتابة التأملات وسيلة رائعة لتقديم رسائل سريعة تحث العقل على الحراك والفعل وإتخاذ مواقف لا تعرف التلكؤ والحشو .. كما أن التأملات وسيلتى للقبض على أفكارى وتدوينها قبل إنقضاء العمر .

- من أسباب بلاء الإنسانية وإنحطاطها وشراستها أننا إمتلكنا فكرة دوغمائية غبية تردد أننا نمتلك الحقيقة المطلقة ليتم نحرالبشر وسحقهم تحت ظلال هذه الفكرة المتعجرفة الإقصائية الدوغمائية .. لا يقتصر نقدى لفكرة الحقيقة المطلقة على فكرة الإله والدين بل كل أيدلوجية يمينية أو يسارية تتفرد بمفهوم الحقيقة .. لا توجد حقيقة حتى تكون هناك حقيقة مطلقة, فالحقيقة نسبية نتاج عقولنا وتقييماتها.

- فيروس الإنسانية الذى لم تتخلص منه هو الإذعان للعبودية وكأنه جين تعلق بشريط الدى ان إيه وماهو بجين .. لا تتصور أن مجتمع العبودية قد زال وإندثر بزوال علاقات إنتاجه فمازال عالقا فكرياً بالعقل البشرى بهذا الميل الغريب لعبودية فكرة أو أيدلوجية أو دوغما محددة لا تكتفى بالأديان وفكرة الإله وإن كانت عبوديتهما الأكثر إنتشاراً وحضوراً , فهناك عبوديات عديدة ينسحق أمامها الإنسان بطيب خاطر .. الإلحاد يحررك من العبودية لأنه ينهال على أكبر فكرة دوغمائية تُجسد وتًمجد نهج العبودية , لذا فمن السهل القضاء على أى أفكار صنمية أخرى .

- بماذا تفسر الحريات فى المجتمعات الرأسمالية.. هل هى نتاج تطور ووعى وتحضر مجتمع أم رؤية السادة للعبيد بعدما أدركوا أن العبيد ينتجون أكثر فى أجواء أقل من القهر .. للأسف هناك مجتمعات من التخلف والغباء لتمارس قهر العبيد بفجاجة .

- هناك فيروس آخر أصاب الإنسانية مبعثه كافة الأيدلوجيات الشمولية القاهرة عندما تقتل خاصية السؤال والشك فى العقل البشرى .. الشك دينامو ومصنع وآلية العقل لإنتاج الأفكار , فالفطرة الإنسانية تتعاطى مع أى مشهد حياتى بالشك والسؤال لتختبر المشهد والفكرة وتقلبها فإما تعتمدها أو تهملها أو تقصيها .. فماذا فعلت الأديلوجيات والثقافات الدوغمائية سوى بتر ووأد السؤال والشك فى الداخل الانسانى لتمر جبال الثوابت والمسلمات والخرافات بدون سؤال وشك ولتغلف دوغمائيتها وقهرها بإسم الحقيقة وليزداد تعنتها وغباءها بإدعاء الحقيقة المطلقة .

- أعتبر الموت أكبر مشكلة وجودية يعانى منها الإنسان ومنها جاء فهمه الخاطئ للحياة ليبدد حياته فداء التجهيز للعدم .. عندما ندرك أننا وحدة وجودية كأى وحدة وجودية أخرى تتواجد ثم تموت وتضمحل لتتواجد فى وحدات وجودية أخرى فحينئذ سنتحرر من كل الأوهام التى خلقناها كتابوهات وسننسف الأفكار الميتافزيقية دفعة واحدة وسندرك معنى وفلسفة الحياة .
الفكر الدينى يرسم حلم جميل بمنح الانسان الرغبة فى البقاء وكسر الموت لو وهماً , بالرغم أن الموت سمة وطبيعة وناموس الحياة ولكن هناك عامل نفسى قوى يسمح ببقاء الوهم ,فنحن نقر بالموت ولكن لا نتقبل تخيل حالنا ونحن ميتون ممدين فى القبور بلا حراك ..أن ندرك بأن هناك أحياء ونحن جثه هامدة فى مكان مظلم بارد يأكلنا الدود ومن هنا إنطلق الوهم .

- إذهب إلى المقابر وأنظر كيف تتعفن الجثث وتتحلل وتختفي وتذكر أننا لانجد رفات بشر من ألف سنه مثلا فأين ذهبت؟ وأنت تتأمل ذلك تجد من يفترض أنهم من الأجداث يبعثون ! أي أجداث هذه وأي بعث سخيف .
الإشكالية ليست فقط في إنبعاث الروح من جديد فلا وجود لروح ككيان مستقل حتى ينبعث أو يرحل بل الإشكالية في تجميع الذرات بعد أن يكون الجسد تحلل وذاب فى الأرض ليدخل فى مكونات التربة ليساهم فى تكوين نبات وحيوان وإنسان وحشرة ثم يقولوا من الأجداث يبعثون .
تخيل أن تشترك عشرة آلاف سمكة في أكل جيفة ما فيأكل العشرة ألاف سمكة عشرة ألاف أخرى ثم أخرى ودواليك لملايين السنين فمن أين سيتم دعوة كل هذه الذرات للتجمع من جديد لإعادة تكوين الجسد بتفاصيله وحيثياته بعد أن إشتركت الذرة الواحدة فى ملايين الوحدات الوجودية .. فكر بذلك ستجد أنه حلم البقاء لإنسان ضعيف خائف من الموت والفناء فإخترع حكاية البعث ومن الأجداث يبعثون كفكر مشبع بالجهل والغباء والغرور , فالجثث أمامنا تتحلل وتذوب فى الطبيعة .

- الخوف منتج طبيعى ملاصق لوجودنا منذ البدء فهو بمثابة مفردة أساسية فى جيناتنا الوارثية ألهمتنا الطبيعة والإنتخاب الطبيعى إياه كى نحافظ على وجودنا , ولكننا أسرفنا فى الخوف ليكون بمثابة فوبيا وهوس يتملكنا لننتج منه الخرافات كعلاج غبى للخوف .. فلننتصر على الخوف أو للدقة فلنقلل من منسوب الخوف فى عقولنا حتى نستطيع الإستمتاع بالحياة بعيون غير مثقلة بالخوف .

- الطريق لتقدم الإنسانية ليست الحرية فى نيل الحقوق فحسب بل تحرر الإنسان من وهم محوريته ومركزيته فى الوجود , ففى داخل كل منا ثقافة غبية تمنحنه إحساس بالأهمية لترتفع منسوبها عند البعض ليتوهموا أنهم محور الحياة وإهتمامها وإعتناءها لتجد هذه الحالة تصيب الحكام والمشهورون وأصحاب الإيمان الدينى .. عندما تعيش بداء المحورية فلا سبيل للتقدم فالأمور فى صالحك وعلى هوى أوهامك ولا تحتاج التغيير .

- مشكلة الإنسانية فى طريقة التعاطى مع العلم فقد صار العلم تقنية وتكنولوجيا للإستمتاع بالحياة ليغيب تماما فكرة وفلسفة المنهج العلمى عن التعاطى والتفكير .. لا يعنى المنهج العلمى أن يصير كل البشر علماء ومخترعين بل الوعى بمفهوم وفلسفة المنهج العلمى فى التعاطى والتفسير والإدراك .

- الإنسان تعامل مع الغموض من خلال منهجين فى التفكير , منهج ميتافزيقى أو بالأحرى منهج خيالى ليعزى الغموض إلى إنتاج كائنات خرافية كالإله والجن والعفاريت بلا دليل واحد على وجودها لذا فهو منهج يعتمد على التخيل والظن , وهناك منهج يعتمد على العلم ومادية المادة ليكشف الغموض عن أشياء كثيرة مع إتاحة الفرصة للتجربة والإستدلال والمعاينة .

- كلما تضائل حضور المنهج العلمى كلما صار للمنهج الميتافزيقى حضور ولكن ألا تكفى إستدلالات ودلائل المنهج العلمى لإعتماده فقط فى التفسير لكافة الأمور التى نجهلها اليوم وغداً , فالمنهج الميتافزيقى لا يقدم شيئا بل يعتمد على جهلنا وكلما تماهيت فيه تناسل غموضاً .. حان الوقات أن نستفيق ونتخلص من حالة الوهم والتميع التى تعترينا ونحدد منهجنا فى الفهم .

- العقلانية ليست فهم وحساب المتاح من عوامل مؤثرة وثقل كل منها فحسب , بل العقلانية أن لا يكون المرء متأكد تماماً من الأشياء لذا يفتقد أصحاب اليقين والحقيقة المطلقة ألف باء عقلانية .

- لا يهم أن تكون نظرية التطور أو الإنفجار الكبير أو فيزياء الكم خاطئة بالرغم أنها علوم موثقة ولكن عندما تكون خاطئة فرضاً ستحل نظريات أخرى أكثر توثيقاً , فالذى يهم أننا نتكلم فى أمور ملموسة معاينة قابلة للتجربة والاستدلال .. قد يكون تفسيرنا العلمى للطبيعة خاطئ ولكن هذا أفضل حالاً بكثير من إعتماد تفسيرات غير مُحققة ولا مُعاينة .

- هناك مشكلة أصيلة فى الإنسان وهى بحثه عن الحلول السحرية وتظهر هذه المشكلة بوضوح فى الشعوب الغارقة فى إرثها الفكرى القديم .. نعم العلم يحدد أطر المعرفة ولا يعتنى بأطر الخيال , وهذه مشكلة العلم مع الانسان كون الإنسان يميل للخيال والحلول السحرية للتعاطى مع مادية الوجود بطريقته الخاصة ليخفف من وطأة وجود لا يقدم معنى ولا غاية .. لا بأس من التعامل مع التصورات السحرية كفنتازيا وحالة فنية ولكن لتتوقف الأمور عند هذا الحد .

- أتصور أن سبب إنتشار الخرافات والأفكار الخاطئة هو ثقافة وعقلية القطيع وهى عقلية تنشأ من طبيعة إنسانية تبدد خوفها وأرقها بالذوبان فى القطيع كثقة منها فى حُكم وأمان القطيع , فليس من المعقول أن القطيع خاطئ وأنا من يمتلك الوعى والحكمة .. نرى عقلية القطيع حاضرة منذ فجر التاريخ وحتى الآن فالإنسان يبدد خوفه وقلقه بالذوبان فى المجموع ليستمد منهم القوة والشجاعة والأمان .. نتلمس عقلية القطيع عندما يقول المسلم مثلا ليس من المعقول أن كل المسلمين على هراء وشكوكى هى الصحيحة .. ليس من المعقول أن العلماء والمتميزون على خطأ وأنا على صحة لتتقوى ثقافة القطيع وتزداد مناعة .

- عقلية القطيع أنتجت شعوب تحترم وتبجل وتقدر جلاديهم .. شعوب تتمرغ تحت نعال جلاديهم خوفاً أو حباً فى الغالب ليحفل التاريخ بل الحاضر على تلك المشاهد القميئة فى الإستبداد والديكتاتورية ليكون أبشعها عندما يتدنى الإنسان تحت نعل الجلاد عشقاً وإحتراماً وتقديساً .. هذه المشاعرالدونية نتاج ثقافة الإيمان بالإله فنحن نعظم المُذل الجَبار المُتكبر الضَار المُسئ .

- حان الوقت أن يتخلص الإنسان من القداسة أيا كانت هذه القداسة , فمفهوم القداسة لا تقتصر على دين أو معتقد أو إله بل كل أيدلوجية دوغمائية تطلب وتلح على قداستها لتدوس البشر تحت نعالها بقسوة .

- من المفيد لتطور الإنسان أن يقوم بطرح الأسئلة على أشياء يعتبرها مسلمات وبديهيات فإما يؤكدها أو يطرحها جانباً وفى كلتا الحالتين أنت فى حالة تطور وإرتقاء فهناك حراك عقل لم يتوقف ولم يستسلم لمن يريدون توقيفه وبرمجته .

- القلق الفكرى أسمى أشكال القلق لأنه تعبير عن ذهنية متقدة متفاعلة مؤثرة ومتأثرة .. عندما يُعبأ ذهنك بالكثير والكثير من المسلمات والثوابت والغيبيات مع عدم وجود أى دليل لهذه الأشياء فألا تتوقف قليلا .. عندما تجد سهام النقد موجهة نحو مسلماتك ومعتقداتك لتنال منها بسهولة فألا تجعلك تقلق .. عندما تفتقد أى حجة تدعم مسلماتك سوى أنها كده أو أنها حكمة وقدر ما فألا يجعلك تقف متأملا حجية إيمانك .. ألا تقلق عندما تجد أن كل منظومتك الفكرية مع عظمة وهول إدعاءاتها لا ترتكز على دليل ثبوتى واحد يؤكدها , فكل الامور لا تزيد عن ظنون تقبل فى الاتجاه المقابل ظنون واستنتاجات أخرى .. هل تستطيع أن تنمى حس القلق فى داخلك ولا تقتله على مذبح سخافة أفكار الاخرين .. إعتقادك بشئ معين بعد مخاض قلق سيكون أسمى وأشرف لك من الإنبطاح أمام فكرة تتشبث بها بدون أى سند .. هل تستطيع أن تجرب لذة وقسوة القلق .

- سر تقدم الإنسان وتطوره أن عقله لم يحظى على الأمان والسلام وكلما إرتكن للأمان فإعلم أنه فى سبيله للسكون والخمول فلا يوجد شئ يهدده , لتكون النتيجة قولبة وغيبوبة ونهاية عقل .. الإنسان يتطور من قلق العقل لينتج أفكار تتصارع لتنتج فى النهاية فكرة قوية تُهدأ من نفسه ولكن ما تلبث أن تظهر فكرة أخرى تتصارع مع القديمة فهكذا هى جدلية الحياة , لذا فالمشكلة هى الركون لفكرة والإستسلام لها .

- من عاهات الفكرالإنسانى إفتقاده للمصداقية مع ذاته قبل المصداقية مع الآخرين فعندما يفتقد الإنسان حالة الصدق والشفافية مع نفسه فلا تتوسم منه أى تطور وإرتقاء بل حالة دونية مزيفة نظراً لفقده بوصلة الحق والنقد والتقييم الصحيح .
لا أتجنى على الفكر الدينى إذا قلت أن الإيمان بفكرة الإله والأديان أنتجت الزيف واللامصداقية فى الفكر الإنسانى فأنت مُكلف أن تصلى وتصوم وتمارس الطقوس فلا يهم إذا أديتها بتركيز وورع أو بشرود وبآلية تنفذ ما تم برمجتها عليه لتتصور أن هذا الزيف مقبول ومٌعتمد .

- إشكالية الفكر الإنسانى أنه يتصور بأن الجمال والمعنى والقيمة والحق والخير فى كينونة الأشياء ليضل فى تفسيراته وتحليلاته عن حقيقة الأشياء , فالإنسان هو من يمنح الجمال والمعنى والقيمة والغاية والحق للأشياء ويمكنه أن يسلبها إياها .. أتصور هذا الجهل والتيه والزيغان عن حقيقته وحقيقة الأشياء جعلته يشيد أصنامه وأوثانه وفكرة الإله .

- المشكلة الحقيقية فى وعى الإنسان أنه نسى بأنه من ينتج الأفكار فهو مانح الأشياء المعنى والقيمة والغاية لينسى هذا الوعى فلن تجد معنى واحد ليس من إنتاج الإنسان ولكنه ينسى هذا أو قل يغيب هذا عن وعيه ليقف يسأل عمن منح الأشياء المعنى والقيمة والغاية .. عندما ندرك أننا الوحيدون المتفردون المحتكرون للمعنى والقيمة والغاية سنتحرر من أوهام كبيرة .

- مشكلة العالم أن الأغبياء والمتشددون والمتعصبون هم الذين يحكمون ويثقون فى أنفسهم وأفكارهم أشد الثقة بينما العقلاء والحكماء يملأهم الشك والتواضع .. الحرية والديمقراطية كفيلة بكبح جماح الأغبياء المتشنجون .

- كل مشاعرنا وأحاسيسنا تجاه الآخرين ليست خالصة لهم بل هى لإثبات وجودنا , فالآخر هو مرآة نتلمس فيه وجودنا وكلما تعددت المرايا كلما كان وجودنا قوياً وذو معنى وقيمة فى داخلنا وكلما تضاءلت المرايا وبهتت صوره كلما فقدنا الإحساس بوجودنا ومعنى الحياة واقتربنا من حافة الانتحار .

- الذين يضحون بحياتهم فداء قضية أو فكرة لا يفعلون ذلك إخلاصاً وإيماناً بصدق الفكرة بل رغبة فى إيجاد معنى وقضية فى حياة مادية لا تعطى المعنى والقيمة والغاية .. كما هى رغبة فى إثبات الوجود فى عالم يهمش وجودهم , ليبقى فى النهاية هؤلاء المضحين والشهداء أغبياء فلا توجد قناعات تجعل الإنسان يموت من أجلها فقد تكون تلك القناعات خاطئة .. إذا كان هناك من أهمية للإنتحار فى سبيل فكرة فلا يكون بالموت من أجلها بل من أجل حق القدرة على التعبير والبوح والصراخ .

- نسبة لا تذكر من البشر يولدون أذكياء ولكن كل الأغبياء نتاج تعليم وتربية منحطة متخلفة .. أطفالنا صفحة بيضاء نحن من نخط على صفحتهم مفاهيم ومنهجية التخلف أو الإرتقاء .

- الغباء أنواع فإما قصور عن الفهم العميق أو تعليم ونشأة متخلفة سدت مسام العقل ليصيرعقل نمطى فى أحسن أحواله ولكن يوجد غباء مُتعمد يقترب من الخبث الساذج وأتصور أنه يتم بشكل مناعى غير واعى فى الغالب كرغبة فى التغابى للهروب من حقيقة مؤلمة قاسية .

- هناك فلسفة يمارسها الكثير من البشر وهى الوقوع فى الحفرة ثم النضال للخروج منها لتجد أننا نمارس هذا السلوك بدرجة أو بأخرى بلا وعى فى الغالب .. قد يكون هذا النهج ما يبرره فنحن نعطى لحياتنا بعض الإثارة بل المتعة بتجربة الخطر حتى يكون الأمان ذو مذاق كحال من يتجرع الماء بعد ظما ويأكل بعد جوع ومن هنا إبتدع الإنسان فكرة الصوم .. لا غضاضة فى هذا النهج ولكن علينا أن لا نمارسه على مستوى الأفكار والمواقف فهذا يعتبر تميع .

- لا يوجد شئ اسمه حرية بهذا المفهوم المثالى العالق بالأذهان , فالحرية فى أفضل صورها هو إدراك الضرورة فيما متاح من مشاهد , أو هو حركة نقطة داخل شكل هندسى كل اضلاعه وزواياه تؤثر على مسار تلك النقطة .
حتى لا نصيب المرء بالإحباط واليأس من هذا المفهوم الذى يبدد معنى الحرية الجميل , فلنقل علينا بتوسيع الشكل الهندسى لتتعدد فيه الزوايا والأضلاع لتنتج رحابة فى حركة النقطة .. ولكن للأسف تعدد الأضلاع والزوايا ليس قرار الإنسان بل حظه من الطبيعة المادية .

- التحضر والإرتقاء الإنسانى لا يتم بتعاطى وإستهلاك التقنية والتكنولوجيا بل بتقليل منسوب القسوة فى داخلنا والتعاطى مع فكرة أن الإنسان ليس حراً فى إنتاج فكره وسلوكه , فالمجتمع والبيئة والمادة هى التى تشكل موزاييك أدماغتنا وتحدد سلوكياتنا , فلا داعى للإفراط فى القسوة والإنتقام من الآخر فهكذا حظه من الطبيعة والجفرافيا والزمان والمكان .

- عندما نجد الحيوان يفترس حال كان جائعاً بينما الانسان يفترس سواء جائعاً أو شبعان .. عندما نجد الانسان الكائن الوحيد الذى يخزن طعامه .. عندما نجد الإنسان هو الوحيد الذى يعذب غيره لأنه لايرضخ لفكره بينما فكرة التعذيب غائبة عن الحيوان .. عندما نجد مشاهد عديدة يتدنى فيها الإنسان عن الحيوان فحينها لابد أن نتوقف عند حال إنسانيتنا وتلك الثقافات والأيدلوجيات التى أنتهكتنا لنصير أدنى من الحيوانات .

- الإنسان واقع تحت تأثيرالواقع المادى لتشكل فكره وسلوكه ولكن الأقبح والأكثر سوءا هو برمجة العقول أى ممارسة المجتمعات والمنظومات السياسية والدينية والإقتصادية والإجتماعية برمجة وغسيل العقول ليتبنى البشر أيدلوجيات سخيفة متهافتة بل تصل برمجة العقول بتبنى حججها وتبريراتها ودفاعاتها ومناوراتها البائسة ليصل التماهى فى غسيل العقول إلى تبنى مشاريعها والتغنى بها .!
المبرمجون هم الرأسماليون والنخب والكهنه وأصحاب القامات لتبحث جهودهم عن تحقيق مجتمعات العبودية والسخرة والهيمنة لتمتلئ كروش وتتلذذ نفوس بالهيمنة كهدف وغاية .. أتصور أن مسئولية المفكرين والمثقفين الأحرار هو تحرير العقل وتحصينه من البرمجة والغسيل قبل التفكير فى نهضة علمية أو إصلاحات إقتصادية أو إجتماعية .

- فكرة التمايز سلاح ذو حدين فهو إما ينتج إرتقاء أو إنتهاك , فالإرتقاء عندما تنطلق مواهب الإنسان الفكرية والفنية ليستفيد المجتمع من هذا المتميز وليرضى المتميز بتميزه , أما التمايز المُنتهك الذى يطلب التميز على حساب الآخرين كالغنى الذى لن يجد المتعة فى تميزه إذا تساوى الجميع فى ثراءه بل سيسعى سعياً حثيثاً واعياً أو غير واعى بتجويع الآخرين وإفقارهم حتى يستمتع بتلذذه .. إياك أن تتصور بأن الفقراء نتاج مجتمعات إقتصادية فاشلة فحسب بل رغبة الأثرياء والشبعى فى التمايز بتجويع الآخرين .

- الإنسان إبتدع فكرة الإله ليعظمها ويجلها ويغرقها مدحاً وذماً لتستغرب من قولى ذماً , فما قولك عن إنسان يدرك أن الطبيعة هى المسئولة مسئولية كامله عن آلامه ومصائبه ثم يتجه للإله لوماً على هذه المآسى , فأليس هذا ذم الفكرة التى قدسها ولم يجد منها إلا القسوة أم هى محاكمة الإله وصلبه لذا لم يكن غريبا أن ننسج ميثولوجيا قصة صلب المسيح فلا تتصور أنه وسيلة خلاص البشرية بل تحمل فى أعماقها الرغبة فى إدانة الإله .

- ستنقشع وتتبدد فكرة الإله والدين وكل الأيدلوجيات الشمولية الدوغمائية عندما يدرك البشر إنهم المسئولون عن أفكارهم وأخلاقهم وسلوكهم قادرين أن يحكموا أنفسهم ويعالجوا أمورهم بشجاعة وفق محددات واقع مادى موضوعى , فلا يحتاجون للتعلق بوهم المُعتنى أو تميمة تجلب الحظ .

دمتم بخير .
- "من كل حسب طاقته لكل حسب حاجته " - أمل الإنسانية القادم فى عالم متحرر من الأنانية والظلم والجشع .



:: توقيعي ::: إن العقل الذي لا يتناقض هو العقل الذي قد مات.
عبد الله القصيمي
  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدليلية (Tags)
معاناة, الأنساني, الفكر, تأملات, وأسقام


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
اسلوب عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
مغالطات الخلقين عن المبدأ الأنساني Skeptic حول المادّة و الطبيعة ✾ 66 04-14-2021 04:10 PM
معاناة الخيال مع العالم العربى والاسلامى ديانا أحمد ساحة الشعر و الأدب المكتوب 2 05-27-2018 09:41 PM
الفكر الإنساني إرتقى عالياً جداً فوق الفكر السماوي! Yan العقيدة الاسلامية ☪ 3 08-27-2017 11:37 AM
معاناة الإلحاد العقل البلاستيكي حول الإيمان والفكر الحُر ☮ 5 01-20-2016 11:28 AM
معاناة الإنسان الحقيقية .. الورّاق حول الحِوارات الفلسفية ✎ 0 09-04-2014 07:01 PM