شبكة الإلحاد العربيُ  

العودة   شبكة الإلحاد العربيُ > ملتقيات الفنون و الآداب > ساحة الشعر و الأدب المكتوب

إضافة رد
 
أدوات الموضوع اسلوب عرض الموضوع
قديم 11-22-2018, 10:24 PM يهوذا الأسخريوطي غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [11]
يهوذا الأسخريوطي
عميد اللادينيين العرب
الصورة الرمزية يهوذا الأسخريوطي
 

يهوذا الأسخريوطي will become famous soon enoughيهوذا الأسخريوطي will become famous soon enough
افتراضي

نلتقي بعد مدة مع القصة التالية والأخيرة: احتراق الشمعة (العجائب خدع)

تحياتي..



  رد مع اقتباس
قديم 11-23-2018, 01:29 PM حكمت غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [12]
حكمت
الباحِثّين
 

حكمت is on a distinguished road
افتراضي

بانتظار البقية
لو أنك تضيف الجديد ولا تنهيها، فهي رائعة
تحياتي



:: توقيعي ::: طربت آهاً....فكنتِ المجد في طربي...
شآم ما المجد؟...أنت المجد لم يغبِ...
.
بغداد...والشعراء والصور
ذهب الزمان وضوعه العطر
يا ألف ليلة يا مكملة الأعراس
يغسل وجهك القمر...
****
أنا ضد الدين وتسلطه فقط، ولكني أحب كل المؤمنين المتنورين المجددين الرافضين لكل الهمجية والعبث، أحب كل من لا يكرهني بسبب أفكاري
  رد مع اقتباس
قديم 11-27-2018, 09:29 PM يهوذا الأسخريوطي غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [13]
يهوذا الأسخريوطي
عميد اللادينيين العرب
الصورة الرمزية يهوذا الأسخريوطي
 

يهوذا الأسخريوطي will become famous soon enoughيهوذا الأسخريوطي will become famous soon enough
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حكمت مشاهدة المشاركة
بانتظار البقية
لو أنك تضيف الجديد ولا تنهيها، فهي رائعة
تحياتي
شكراً لمتابعتك لسلسلة القصص.. ويؤسفني أنني مرغم على إنهاءها لأني كنت قد ألفتها حين كنت يافعاً وأنهيتها حينها بالقصة التالية.. والآن تشغلني مشاغل أخرى غير تأليف القصص..
ولكن شكراً لك على الإقتراح..
تحياتي



:: توقيعي :::
إذا قابلت إيلاً يوم حشرٍ.. فقل للثور ألحدني العميدُ..
رابط لكل الروابط
يهوذا الأسخريوطي
عميد اللادينيين العرب
رابط لأهم مواضيعي في المنتدى:
https://www.il7ad.org/vb/showpost.ph...5&postcount=11

للحصول على كتبي المطبوعة أو الألكترونية:
https://www.neelwafurat.com/locate.a...88%D8%B7%D9%8A
  رد مع اقتباس
قديم 11-27-2018, 09:32 PM يهوذا الأسخريوطي غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [14]
يهوذا الأسخريوطي
عميد اللادينيين العرب
الصورة الرمزية يهوذا الأسخريوطي
 

يهوذا الأسخريوطي will become famous soon enoughيهوذا الأسخريوطي will become famous soon enough
افتراضي احتراق الشمعة (العجائب خدع)

احتراق الشمعة
(العجائب خدع)

كان مستلقياً على سريره في ظلام دامس لا يضيئه سوى نور خفي في عقله ولمعة المكر في عينيه.. أفكار شيطانية كانت تدور في رأسه.. خطط وأساليب لتنفيذها.. حيل وألعاب ذكاء.. كل ذلك تأييداً لأفكاره ورغبة منه بإقناع أصدقائه بها.. ومن ثم تكتمل الخطة.. خطة لا يمكن أن ينفذ الحظ من خلالها ليفسدها.. خطة مدروسة من كل الجوانب.. من ثم، وبعد تفكيره بالحبكة بدأ بتخيّل الموقف الذي سيضع فيه أصدقائه، وكيف سيلعب لعبته عليهم، تخيّل كل شيء ومنذ البداية..
{{ باتصال هاتفي سيطلب من الصديقين المقربين إليه المجيء لزيارته في تلك الليلة.. صديقين كانا مَن بدأ ببث أفكاره في رأسيهما.. وكادا أن يصدقانها ويقتنعا بها.. وهما ليسا بحاجة سوى للضربة القاضية ليصبحا من أتباعه وكخاتمين في إصبعه.. يأتيان مساءاً ويدخلوا ثلاثتهم إلى غرفته.. يبدأ حديثهم السري المعتاد، ونقاشاتهم الحادة حول تلك الأفكار.. حديث في غرفة ضيقة مُضاءة بإنارة صفراء خافتة تصدرها ثلاثة مصابيح كهربائية.. كانت أصوات همساتهم التي تعلوا قليلاً عند احتداد النقاش ترتد على جدران الغرفة التي ترفض سماعها خوفاً ورعباً.. جدران حاولت أن تكتم سر هذا الحديث المرعب بأن تسد آذانها عن الإصغاء.. إنه حديث يخشاه الجميع خوفاً ورعباً من المجهول.. أو من الله.. إنه حديث حول حقيقة وجود الله.. قد كان صديقاه أصغر سناً منه.. وأقل ممارسة في مثل هذه النقاشات.. كانا متمسكين بحقيقة وجود الله التي كان يرفضها ويحاول إقناعهم برفضها بعينين تكادان تشتعلان ناراً.. بعد احتدام في النقاش حول العجائب والأسئلة غير المجاب عيها سوى في علم الله، ارتفعت وتيرة النقاشات وبدأت العيون تلمع منذرة بشرّ قريب، أو خوف داخلي شديد مما هو آت.. وهنا وقف بينهما مخاطباً إياهما بحزم، موجهاً كلامه نحوهما وفي نفس الوقت نحو سقف الغرفة سعياً لوصوله إلى الله ذاته.. وقال :
- " إذا لم تقتنعا بكلامي وأنا لم أقتنع من كلامكما.. فلا بد لنا من برهان قاطع نطلبه من الله.. إذا كان موجوداً حقاً كما تدعيان.. "
يقولا : - " استغفر الله.. !!!.. "
هو : - " اسكتا.. لو كان فعلاً موجود فيحق لنا عليه أن يبرهن لنا الآن وببرهان قاطع على وجوده.. إن لم يكن من أجلكما فمن أجلي.. أنا أعيش في حالة القناعة بعدم وجوده، أفلا يحق لي عليه – إن كان موجوداً – أن يريني الدليل على وجوده الآن وفي هذه اللحظة.. ؟!.. لماذا صنع العجائب أمام الأقوام الأقدمين ليقنعهم بوجوده حين كان المبشرون الأوائل يتحدثون عنه، ولا يصنعها الآن أمامي ليبرهن لي على ذلك.. ؟!.. لقد شق البحر أمام شعب موسى ليريهم عظمته – وأنا أشك في ذلك – ومن ثم عادوا ينكروه ! لينكروا وجوده !! فأنزل عليهم المن في الصحراء – وأنا أشك في ذلك – ثم عادوا لينكروا وجوده !!! فأنزل عليهم طيور السلوى ليأكلوها – وأنا أشك في ذلك – وبعد هذا فقد أنكروا وجوده وعاودوا عبادة العجل الذهبي حين صعد موسى إلى الجبل.. إلى سيناء.. حين عاد ردهم إلى عبادة الله بعجائب لا تحصى – وأنا أنكر حدوثها – أفلا يريني الله الآن عجيبة أراها بأم عيني لأقتنع بها !!!.. لا أسمعها وقد تناقلتها الشفاه حتى تغيرت وتحولت.. عجيبة واحدة كما فعل مع "جدعون" مرتين حين طلب منه أن يبرهن له على نصرته على أعدائه بقوة الله.. فبرهن له بعجيبتين كان قد فرضهما "جدعون" نفسه.. تدوران حول قطعة قماش.. أما أنا الآن فلست مطالباً بمعرفة نصرتي أو هزيمتي.. فأنا لست بمشككاً بقدرة الله على نصرتي.. وإنما أريد برهاناً على وجوده حقاً.. أفلا يعطيني إياه !؟.. وأنتما.. إذا أعطاكما البرهان الآن أفلا تخران ساجدين أمام عظمته تطلبان غفرانه عن تشكيكما بوجوده ؟!.. ستفعلان طبعاً وستصومان سنة كاملة عن الطعام طلباً لمغفرته لاعتمار الشك - ولو للحظة – عقليكما حول حقيقة وجوده.. أنا سأفعل أكثر من ذلك لو أنه يقنعني فقط ببرهان أراه أمامي الآن يدلني على سماعه لصوتي.. برهان أراه بعينيّ الاثنتين ! . "
يسود الصمت فجأة !!.. ماذا جرى ؟.. لم يعد أحد يسمع سوى أصوات أنفاسه وهدير أنفاس صديقيه.. أنفاس رعب.. صراخ بصمت ودموع بدأت تنهمر.. أصوات صرير الأسنان.. والأيدي لا تتلمس سوى العرق.. أما العيون فبأوسع حالاتها، ومع ذلك فهي لا ترى شيء.. الأجسام تحجرت رغم العرق الذي يسيل عليها.. في خارج كان الضوء ما يزال مضاءً.. عتم أصاب ثلاثة مصابيح في الغرفة فأطفأها.. البيت ما يزال مضاءً أما الغرفة فمظلمة.. صامتة.. ترتجف.. بدأت الكلمات تصدر من فاهيهما المرتجفين : - " أستغفر الله.. أستغفر الله.. "
أما هو فلم يكن قادراً على الكلام.. عينيه جاحظتين تسمرتا في مكانهما.. نظر صديقيه إليه وهما يرتجفان والآيات تخرج من فاهيهما.. العرق في جميع أنحاء جسميهما.. وبضوء ضعيف يأتي من خارج الغرفة شاهدا تيبّس جسمه، برودة لحمه وجحوظ عينيه.. لم تكن الأنفاس قادرة على الخروج من فمه ..

أمسكاه من يديه.. جراه خارج الغرفة وهما يتلوان كلمات بتسبيح الله واستغفاره.. وفي ضوء غرفة الجلوس أجلساه وهما يحاولان إعادته إلى وعيه.. آيات وآيات بدأت تعج في المكان.. شيئاً فشيئاً بدأت عينيه بالذبول، دمه بالدوران وحرارة جسده تعود إلى حالتها الطبيعية.. أنفاسه أعادت روحه إلى حالها.. دقائق تأمل أعادت عقله إلى التفكير السليم.. ثم عاودت الابتسامة الخبيثة طريقها إلى وجهه.. وعلت أصوات وصدى قهقهته في الغرفة.. بينما عاود صديقيه فتح عيونهما حتى آخرها.. : - " لقد جنّ.. استغفر الله.. أنت الغفور الرحيم.. "
لكنه لم يتوقف عن الضحك.. لم يعد يبدو مصدوماً.. وإنما فالسعادة قد بدت واضحة على عينيه ودموعه وهي التي تسبب بريقاً شيطانياً في تلك العينين الحمراوين.. استلقى على الأرض يقهقه.. علامات العجب والرعب بدت على صديقيه.. ومن ثم تمالك نفسه ووقف بينهما والابتسامة ما تزال ظاهرة على قسمات وجهه رغم النظرة الجدية التي رماهما بها.. أمسكهما بحزم من يديهما وجرهما نحو الغرفة المظلمة التي أقسما ألا يدخلاها ثانية.. بعنف منه وخوف منهما رماهما على أرض الغرفة المعتمة وأشعل المصابيح الكهربائية الثلاثة بكبسة زر كانت على الحائط وهاهي تشير إلى الإطفاء.. رغم الإضاءة.. لم يفهما شيئاً.. لكنه وقف بينهما وعاود حديثه : - " الآن سنعود إلى الجد.. "
- " أي جد هذا ! ألم تقتنع بعد.. أستغفر الله منك.. "
- " اخرس واسمع.. قلتُ سنعود إلى الجد.. لأن ما جرى لم يكن كذلك.. لو كنتُ أنا دجالاً كما كان يفعل الأذكياء من قبلي.. لأبقيتُ على الأمر سراً وأقنعتكما بتنفيذ التعهد الذي قطعتماه على نفسيكما بالصيام لمدة عام كامل.. بل لكنت فعلتُ أكثر من هذا.. فكنتما ولغبائكما ستصدقان ما جرى قبل قليل أمامكما وسترويانه لأحفادكما.. ستقولان بأن الله أراكما الدليل على وجوده وبأم عينيكما.. ولكنني لن أفعل ذلك ولن أترككما في غبائكما لتفعلان ذلك.. أنا بدأت هذه الجلسة بقناعة.. ولن أغيرها قبل أن أقنعكما بها.. قناعة بأن الله غير موجود.. "
- " أستغفر الله.. أبعد كل ما جرى تقول هذا !!!.. "
- " نعم.. ولكن أرجو منكما أن تخرسا لأبرهن كما على ذلك.. أنتما قبل قليل رأيتما عجيبة لم تجدا لها تفسيراً.. فأنا وأنتما كنا بعيدين عن مفتاح المصابيح، ورغم ذلك انطفأت ودون أن يتغير موضع المفتاح الذي يشير إلى الإنارة.. أليس كذلك.. ؟.. "
- " نعم.. سبحان الله.. "
- " والآن نحضر ورقة ونكتب.. "
يُحضر ورقة وقلم وهما يراقباه.. ثم يجلس بينهما.. يبدأ بالكتابة والكلام في آن واحد: - " إن ما جعل البشر القدامى منذ 1400 سنة أو منذ 2000 سنة أو منذ 3000 سنة يؤمنون بكلام الأنبياء عن وجود الله هي مجموعة من الأشياء يمكننا أن نوجزها ونلخصها نعدها في أسباب هي :
1 – العجائب ..
2 – وجود أسئلة في أذهانهم لم يجدوا لها جواباً سوى في كلام هؤلاء الأنبياء : مثل أسباب الموت وماذا يجري بعد الموت.. وكيف خُلق الإنسان.. كيف تكونت الأرض والشمس والسماء.. كيف تنظمت هذه الدنيا بهذا الترتيب الهائل.. ومن ثم عدد كبير من الأسئلة المستعصية على العقل البشري في وقتها ..
3 – الخوف : وهو الخوف من صحة كلام الأنبياء حول الجنة والنار والله وعقاب الكفار بالنار.. والحرق.. هذا الخوف ولّد في نفوسهم حالة خضوع هروباً من العذاب الأليم..
والآن.. بعد تحديد هذه الدوافع الثلاثة التي أوصلت الناس في السابق للإيمان سندرك أنها ليست فقط ثلاثة.. وإنما هناك اثنين آخرين ستستنتجاهما الآن.. "

يقف بينهما وهما ينظران إليه من الأسفل.. رفعهما من ياقتي قميصيهما وأجلسهما على الكنبة التي كانا قد جلسا عليها سابقاً.. أقعدهما في نفس المكان الذي جلسا فيه قبل العجيبة.. ومن ثم وقف في نفس المكان الذي كان يقف فيه عند حدوث الأعجوبة، وقال :
- " الآن انظرا إلى يداي.. "
وبحركة خاطفة من يديه.. أصدر صوت صفقة.. لم تكن سوى صوت ارتطام باطن يده بالأخرى.. ولكن ما الذي حدث.. أصيب الاثنين برعشة.. فلا ضوء في الغرفة الآن.. وبصوت صفقة أخرى قفز معها قلبيهما عاد الضوء إلى الغرفة.. وعادا ليبصراه واقفاً في مكانه بعينين تقدحان شرراً.. من ثم بصفقة أخرى انطفأت المصابيح الثلاثة.. وبرابعة عاودت تلك المصابيح للإضاءة.. لم يدركا الأمر بعد.. لكنه تبسّم أمامهما وانحنى على الأرض لينزع السجادة عن البلاط.. فينكشف المستور.. إنه سلك يمتد من مفتاح المصابيح ليسير على الأرض فيصل إلى زر آخر مثبت بالبلاط.. كان كل ذلك مخفي تحت السجادة وتحت فطنة وذكاء ذلك المتبسم في الغرفة.. وعاد الضحك إلى فمه ليُسمع ارتداد صداه على الجدران..

عاد الصمت فجأة حين داس بقدمه على المفتاح.. فأُطفأت الأنوار ومن ثم عاودت للإضاءة.. عتم.. نور.. عتم ونور.. استخدمهما ببراعة ليضيء وهج عينيه..
- " غبيان.. هل أدركتما ما أنتما الآن.. مجرد غبيان.. وهل تنكران ذلك..؟!.. "
ساد الصمت في الغرفة.. ومن ثم أمسك القلم وكتب وصوته يصدح في الغرفة :
- " 4 – غباء الناس في ذلك العصر.. "
ومن ثم عاود الوقوف على قدميه وبنظرة اعتلاء قال :
- " غبائهم وحده لا يكفي لحدوث العجيبة.. فغبائكما لم يكن قادراً على جعل هذه العجيبة تحدث، لولا شيء آخر .."
وبيد تكتب وصوت يصدح :
- " 5 - ذكاء الأنبياء.. "
وتوقفت أصوات أنفاسهما عن الصدور، إما خوفاً منه.. أو احتراماً لذكائه.. أو هولاً من الصدمة.. أو إدراكاً حالة الغباء التي كانا فيها.. بدأت عيونهما بالإدماع وأيديهما بالارتعاش.. وجسميهما بالتعرّق.. إلى أن تجرأ أحدهما بالقول :
- " وما شأن هذا.. بوجود الله.. ؟! "
- " أنت سألت.. وأخيراً بدأت تستعمل هذا العقل الذي تحمله بين كتفيك.. اسمعا وانظرا.. "
وبحركة سريعة من يديه رفع الورقة في وجهيهما وبدأ يمررها أمام عينيهما.. وكأنها دليل ذلهما أمامه.. وقال :
- " نحن توصلنا إلى الأسباب الخمسة الأساسية لاقتناع الناس بوجود الله.. فإذا استطعت الآن أن ألغيها أو أن أُبطل مفعولها وأثبت خطأها.. أفلا أكون قد برهنت على عدم وجوده ولو بقليل من الشك ؟.. ستجيبان بنعم فأنتما الغبيان وأنا الذكي الآن.. فلنبدأ مع السبب الأول: 1 – العجائب.. ولا أعتقد الآن أنكما غبيان لدرجة ألا تكتشفا بأن هذه العجائب التي رآها الأقدمون وكانت بأم أعينهم لم تكن سوى خدع ذكية أجراها أمامهم أناس أذكياء.. فأدخلوا في عقول هؤلاء الأغبياء الأفكار التي يريدونها، ودون أن يكشفوا سر هذه الخدع كما فعلتُ أنا بأن كشفت السر أمامكم.. هذا السر قد مات مع الأذكياء وأصبح من الصعب علينا الآن حله بسبب التحوير الذي أصاب القصة من جراء تناقلها عبر الألسنة ومضي مئات السنين على حدوثها.. إذاً فالعجائب تظل عجائب كما هو حال انطفاء المصابيح الثلاثة إلى أن يكشف سرها كما فعلتُ أمامكم.. أما استحالة كشف السر لتغيّر مضمون القصة أو خفاء حقائق ضاعت مع الزمن فهذا لا يجعل من العجيبة عجيبة.. وإنما يبقيها - في نظر الأذكياء – خدعة ضاع مفتاح حلها..
2 – الأسئلة الغامضة التي لا حل لها في عقول الأغبياء.. لقد مضى على تلك الأسئلة مئات السنين، خلالها أصبح الإنسان أكثر ذكاءً، عدى اثنين أراهما أمامي الآن.. يرفضان أن يكونا ذكيين.. إن الإنسان قد أصبح أذكى، ووجد – عن طريق العلم – أجوبة أغلب تلك الأسئلة.. فأصلنا كبشر هو القردة وليس آدم وحواء.. والكون جاء نتيجة انفجار أولي ونتيجة تفاعل الذرات مع بعضها وليس بقوة الله.. والموت هو تحلل كيميائي وليس حياة بعد هذه الحياة.. والدنيا منظمة بقوانين علمية هي قوانين نيوتن والنسبية والكوانتم.. والتطور وليس بقدرة الله.. الأرض كروية يا صديقي وليست منبسطة !.. هل فهمتما ؟.. كروية، كروية !!! العلم يوجد الأجوبة المنطقية القابلة للتصديق والتحقق والفهم من قبل الأذكياء.. والأذكياء فقط.. وأما ما لم يجد العلم له جواب بعد فإنه يعد الإنسان بإيجاد جوابه بعد مدة من الزمن نتيجة التفكير العلمي وليس الحدس والتوقع والتبصر والأساطير.. والآن لنترك السبب الثالث للآخر ولنقفز إلى السبب الربع.. ولكن بعد أن أشرب قطرة ماء.. "
وبنظرات مشدوهة يتبادلاها تركهما ينظران إلى نفسيهما وإليه وهو يشرب الماء وشعور العظمة يتملكه ..

- " والآن إلى سبب الرابع والذي تشعران به تمام الشعور الآن..
4 – غباء الناس في ذلك العصر.. وأشدد على كلمة ذلك العصر.. لأننا الآن كبشر.. أو لأقول أغلبنا.. قد تخطينا ذلك الغباء.. وأصبحنا نملك معلومات تجعلنا قادرين على اكتشاف الخداع والتدجيل وتقدير الصحيح والمنطقي مما هو ليس كذلك.. وأصر على كلمة أغلب وليس الكل.. وتعلمان قصدي من ذلك.. أليس كذلك ؟!.. ستقولان نعم، لا حاجة للإجابة، فأنا أدرك حالتكما من الشعور بالصدمة.. ومن ثم سننطلق إلى السبب الخامس 5 – ذكاء الأنبياء.. وهو سبب ما يزال موجوداً، فما يزال في المجتمع أناس أذكياء أكثر من بقية الناس، ولكنهم الآن يسعون إلى استغلال ذكائهم باتجاه العلم والمنطق بعد أن أدركوا أخطاء الأولين وأفكارهم وعدم منطقيتها.. هؤلاء الأذكياء الآن باتوا يحاولون إبطال الأخطاء التي خلفها ورائهم الأذكياء السابقون بتغيير نظرة الأغبياء من الناس نحو الواقع الصحيح كما أفعل أنا الآن في حديثي معكما.. وذلك بالعلم.. وأما الآن فلم يبقَ لدينا سوى سبب وحيد موجود في قلوب جميع الأغبياء.. فوجود ثغرات في عقولهم وأسئلة بحاجة لأجوبة تدفع تلك الثغرات للامتلاء بالخوف.. الخوف من كلام الأذكياء السابقين.. فماذا لو كان كلامهم صحيح ؟!.. ماذا لو كان الله فعلاً موجوداً ؟!.. يبدأ العرق بالانهمار منهم ويبدأ قلبهم بالخوف والاتجاه إلى الإيمان الخائف والخاطئ.. فلو كان الله فعلاً موجوداً فهو لن يقبل الناس الذين يطيعوه خوفاً من العقاب.. بل إنه يفضل عليهم من يطيعوه إيماناً به وبوجوده.. فهذا الخوف إذاً لم يعد سبباً للإيمان لأنه إيمان ضعيف قائم على الخوف لا على القناعة.. وبهذه الحالة إن آمنتم بالله وبوجوده ولهذا السبب الوحيد وهو الخوف.. فإنه وكما قيل عنه لن يرضَ على إيمانكم وطاعتكم لأنها مبنية على الخوف لا على القناعة.. وفي النهاية فإنه حين سيحاسبكم لعدم إيمانكم – إن كان موجوداً حقاً – فإنه لن يتمكن من وضعكما في النار لأنه لم يعطيكما الدليل والبرهان على وجوده لتؤمنان به عن قناعة.. فأنا وبهذه الحالة مرتاح نفسياً، فأنا أعرف أنه لو جاء الله ليحاسبني فإنني لن أعاقب بالحرق لأنني لم أجد أي سبب يقنعني بالإيمان به، وهو يدرك ذلك ويقع اللوم على عاتقه لأنه لم يوجد لي هذا السبب المقنع أو البرهان القاطع أو الأعجوبة.. وأنا بانتظارها.. "
وهكذا سكت عن الكلام ولم ينبس أحدهما ببنت شفه.. كانا غارقين في التفكير.. هل صحيح أنه استطاع أن يحطم كل تلك القناعات التي يملكوها والتي ولدوا وترعرعوا وربوا على أساسها.. كانت الدموع تنهمر حزناً على هذا الحطام.. في تلك الغرفة الصغيرة.. أيدي ترتجف.. وأفكار تأتي وتذهب بهياج هائل.. لقد كانوا من طلاب العلم، ولم يكن بإمكانهما أيضاً أن يتخليا لأجل أفكارهما الدينية عن علمهما ومنطقهما.. وها هما الآن يجدان المنطق والعلم قد قضيا على ذلك الدين واعتبراه تدجيلاً.. تفكير وسكوت أطالا من زمن الاجتماع السري.. بدأت حيطان الغرفة تفرض صمتها..
ومن ثم بدأت أفكار الرأس المدبر تأتي وتذهب.. فماذا بعد هذا الصمت.. وهل سيحالفه الحظ دوماً في هذا الحوار ؟!.. فماذا لو أن مشاكل بدأت تولد.. بل ماذا لو أن الحظ عاكسه الآن وبعد ذلك الصمت الرهيب.. وما هو الأسوأ الذي قد يحدث في هذه اللحظات أو الدقائق أو الساعات من الصمت الطويل ؟ أسوأ من انقطاع الكهرباء فعلياً.. لقد حدث ذلك وأمام مرأى من عينيه وعيونهما.. فانعدام الرؤية والنظر والضوء لم يكن في تلك اللحظات الأولى سوى صدمة هائلة لهؤلاء الثلاثة.. المصابيح الثلاثة انطفأت وأطفأت معها أنوار المنزل كلها بل وأنوار الشارع بكامله.. لا يمكن أن يكون هذا من فعله.. فعل ذلك الذكي الجالس بينهما.. إنه من فعل الله.. هذا ما دار في رأسيهما.. لقد طلب هذا المتعجرف الدليل على وجود الله، وها هو يعطيه ذلك الدليل.. وعادت ابتسامة الخوف إلى شفاههما بينما تسمّر هو لا يدري ماذا يقول أو يفعل.. ألم يفكر بحظ يحالفه هكذا.. أو أنه لم يكن حظاً بل الله فعلاً.. بدأت أوصال الجميع بالارتعاد.. فها هو الله يحرمهم النور.. ليضيء نوره في قلوبهم.. لقد ضاع كل كلام ذلك الكافر في الظلام.. وكسجين مُنع عن الكلام زمن ثم أُطلق لسانه.. بدأت الآيات والصلوات وطلبات الاسترحام تخرج من الأفواه.. في حين وقف هو بينهما مشدوهاً بالذي حصل.. وعيناه لا تكادان تصدقان سوى السواد الحالك الذي أحاطهم.. هل هو العمى ؟!.. لا، فضوء القمر في الخارج بدأ ينثر هدوءه على الأشياء والأجسام المتجمدة الموجودة في الغرفة.. أناس صامتون، لا حراك في أجسادهم، أو لنقول شخص صامت والآخرين يسبحان بمجد الله.. ماذا جرى أيها العبقري ؟!.. ألم تتوقع وجوده فعلاً ؟!.. ألم تكن خطتك محبوكة من كل الجهات ؟!.. وكيف يأتيك الفشل أو برهان الله، وبنفس الأسلوب الذي حاولتَ فيه فرض عجيبتك السابقة ؟!..
وها هي ابتسامة في الظلام بدت على قسمات وجهه، وبريق القمر في عينيه كانا ينذران بأنه لم يهزم بعد ..

تركهما في الغرفة وخرج بخطوات واثقة لم يتوقعا أن يرياها منه بعد الذي حصل.. تركهما في الظلام وهما يتأملان بعضهما ويرتجفان خوفاً من قدرة الله العظيمة.. ومن ثم بدأا يسمعان أصوات نعليه وهما يطرقان على الأرض أثناء سيره في الظلمة.. لم يسمعا سوى هذه الأصوات المنتظمة وهي تعلوا وتقترب منهما.. وشيئاً فشيئاً كان ضوءاً خافتاً يدنو من الغرفة الصامتة.. ضوء أصفر لاهب يضيء قسمات وجه حازم أصبح على مرأى من الجالسَيْن.. إنه يحمل الشموع المشتعلة بين يديه.. ثلاث شموع كانت كافية لتضيء عينيه الواسعتين بلون أحمر قلما يُرى في العيون إلا بعد البكاء، أو عند الثقة العمياء بالنفس.. وصل إلى الغرفة ممزقاً ذلك الظلام بشموعه الثلاثة وممزقاً ذلك الصمت بضحكة عالية النبرات.. هل جن ؟!.. في المرة السابقة لم يكن مجنوناً، فهل هو كذلك الآن ؟!.. صمتا خوفاً منه ومن عينيه ولم ينطقا سوى بكلمات الخوف من الله واسترحامه ..
جلس أمامهما في وسط الغرفة وأخذ يحدق في عينيهما دون كلام.. لقد استطاع بعينيه فقط أن يُسكت أفواههما التي تجمدت عن ذكر الله.. ومن ثم لم يتكلم هو الآخر.. فقط عينيه كانت تنطق بما لا يُفهم.. أهو الجنون، أم الاحتقار ؟!.. وقف وتوجه إلى المكتبة التي تنتصب صامتة في الغرفة وعيونهما تلاحقه بترقب.. توقف أمام المكتبة وبيده شمعة وأخذ يمررها أمام الكتب ليقرأ أسمائها.. كان يبدو عارفاً بالكتاب الذي يبحث عنه وبمكانه.. وبسرعة مرت الشمعة أمام الكتب إلى أن أوقفتها يده بثبات أمام كتاب سميك.. وما كان من يده الأخرى إلا أن أخرجت الكتاب برؤوس أصابعها ومررته أمام الجالسَيْن بهدوء، وها هو يجلس أمامهما ويرفع الكتاب في وجهيهما وبين أضواء الشموع يدركا أنه كتاب من الكتب السماوية.. أمسك بالكتاب من طرفه ملوحاً به أمام أعينهما لتتباعد صفحات الكتاب مصدرة نسمات سببت رعشة لأضواء الشموع.. وفجأة سقطت ورقة من بين الأوراق.. لم تكن من أوراق الكتاب، فهي ورقة وُضعت عمداً فيه لتسقط عند الحاجة.. وضع الكتاب جانباً وأمسك الورقة برؤوس أصابعه.. فتحها ومن ثم جلس بينهما تماماً.. جاعلاً أحدهما عن يمينه والآخر عن يساره وقال :
- " سأقرأ ما هو مكتوب على هذه الورقة وتحت مرأى من عينيكما، وإن أخطأت بالقراءة.. فصححوا كلامي.. "
وعلى ضوء الشموع بدأت قراءته بصوتٍ عالٍ ومتابعتهما للأسطر بعيون وآذان في أوسع حالاتها.. وقرأ :
- " أنا الموقع أدناه.. أتنبأ وبكامل عظمتي بحدوث انقطاع في التيار الكهربائي على المنطقة.. وهو تحت سيطرتي الشخصية وبقدراتي الذكائية.. وأنا أعلم أن هذا سيسبب انذهالكما أنتما الاثنين الغبيين.. ولكنه هدفي من هذا الانقطاع.. هو انقطاع أثبت لكما من خلاله أنني أذكى منكما بكثير.. وأنكما غبيان لدرجة أن مثل هذه الخدعة قد انطلت عليكما مرة ثانية رغم أن هذه العجيبة من صنعي وليست من صنع الله.. ملاحظة : الحمار لا يستوعب الحفرة إلا إذا وقع فيها مرتين..
التوقيع :.. "

وهكذا قام بطي الورقة أمام عينيهما المذهولتين.. وقد أثبت لهما أنه قد علم بحدوث هذا الانقطاع قبل أوانه.. إنها لأعجوبة.. ولكنه يقول لهما بأنها خدعة قد انطلت عليهما للمرة الثانية.. ويخرج السؤال من فم أحدهما :
- " وما الذي يثبت لنا أنك أنت من فعلها ؟!.. "
- " أحسنت باستعمال ذكائك.. ولكن هذه الورقة كفيلة بأن تظهر لك أنني من توقع وأصاب بتوقعه لحدوث هذا الانقطاع.. فلو لم أكن أنا من سببه وقد حدث فجأة دون علمي وبإرادة الله لما وجدت هذه الورقة المكتوبة أمام عينيك الآن.. "
- " ولكن كيف فعلتها ؟!.. "
- " أنا قادر على أن أجيبك عن كيفية فعلي لهذا الانقطاع ولكن ليس الآن وإنما سأجيبكما على هذا السؤال غدا في الجامعة.. مع ملاحظة أنني لست قادراً على إعادة التيار الكهربائي الآن لأن طريقة تنفيذ هذه الحيلة غير قابلة لإعادتها حالياً، وإنما هو خاضع لشخص آخر في وزارة الكهرباء وهو من يقوم بالإعادة.. أما أنا فيكفيني التنبؤ بهذه الأعجوبة.. سأعطيكما حلها غداً على شرط ألا تناما اليوم.. بل ابقيا مستيقظين وأنتما تفكران في الحديث والبراهين التي وضعتها أمامكما.. لتكون قناعتكما تامة غداً بعدم وجود الله.. وإن غداً لناظره قريب.. "
وبصمت يخيم على المكان كما كان الظلام يفعل خرج ظلان من الغرفة ثم من باب المنزل وعلى ضوء شموع كان يحملها شخص لم يدركا أنه شديد العظمة والدهاء لهذه الدرجة ..

بعيون أرهقها السهر كانا ينتظرانه في الجامعة.. عيون تحدق بحثاً عنه تتساءل عن كيفية قيامه بقطع التيار الكهربائي عن شارع كامل في المدينة.. والأجوبة تتصارع والحلول تتعارض.. فهل يعرف شخصاً يمكنه قطع التيار عن حي كامل لأجل خاطره !.. هذا صعب جداً.. فعلاً لو أنه لم يقول لهما بأنه الفاعل وأثبت لهم ذلك بتلك الورقة لكانا الآن مقتنعين بأنها عجيبة أجراها الله لأجلهم.. ولكن، إن كان هو من فعلها فكيف فعل ذلك ؟!.. الانتظار طال إلى أن رأياه يسير في رواق الكلية وهو يحيي كل من يراه وهم يبادلونه التحية.. لقد كان محبوباً ومعروفاً بذكائه وبراعته بالإقناع والحوار.. توجها نحوه والأسئلة بادية في أعينهما.. بينما كان رده عليهما بادياً بابتسامة مكر ظهرت على شفاهه الباردة.. تبعاه بصمت ورعب من نظرات الطلاب من حولهم.. فقد كانا يشعران بعار الغباء والظلام الذي كانا تائهين فيه قبل أن يأتي إليهما وينير عقليهما بحديثه وأفكاره وحقائقه في ليلة البارحة.. لقد استطاع حقاً أن يشككهما بأكبر العجائب التي سمعا عنها أو قرأا حكاياتها في الكتب.. فإنها لم تحدث أمام عينيهما كما جرى البارحة، ورغم حدوث اثنتين البارحة كان قادراً وبذكاء أن يريهما طريقة الخداع التي وقعا فيها.. أو إنه الآن سيريهما طريقة الخداع التي لعبها عليهما في الأعجوبة أو الخدعة الثانية.. حين وصلوا إلى مكان يجلسون فيه بعيداً عن عيون الناس وبعيداً عن آذانهم، توقف وأجلسهما قبله ومن ثم جلس أمامهما كأصدقاء وليس كمخدوعين.. وبدأ بحوار جعلهما معه يحسان بأنهما ليسا أقل قدراً منه، بل إنهم متساوين حتى بالذكاء والعقل :
- " أنا لست أذكى منكما كما أشعرتكما البارحة.. وإنما وُجدتُ في ظروف ومعطيات أوصلتني إلى الحقيقة التي كانت صعبة الوصول إليكما.. وأنا الآن أعتقد أنكما قد بدأتما بإدراكها.. صديقَي.. أنا آسف للتجريح الذي أصبتكما به البارحة، ولكنه كان هاماً كصفعة الخد التي توقظ الغائب عن الوعي أو النائم في أحلامه.. لقد كانت تلك الصدمة والإهانات ضرورية لجعلكما تدركان حالكما وتتيقظان عليها.. فالواقع أليم.. لا يأتي دوماً كما نشاء.. وأهم خطوة لتحويله حسب رغباتنا هي إدراكه على حقيقته.. ستحزنون الآن لمعرفتكم بعدم وجود الله، ولكن هذا لا يمنع كونها الحقيقة التي يجب أن ندركها ومن ثم نتعامل معها.. أما بالنسبة لعجيبة أو خدعة البارحة فهي بسيطة.. لقد كنتُ أعرف أن انقطاع التيار الكهربائي سيحصل.. فقد تم إعلام كل سكان الحي بهذا الانقطاع لأسباب تقنية.. أتانا الإخطار أول البارحة.. ولكن الموعد لم يكن دقيقاً لذا فقد كان يكفيني أن أعلم أنه سيتم الانقطاع حتى أتنبأ به في الورقة.. انقطاع حوالي ساعة محددة، هي فترة من الزمن أستطيع قبلها أن أتمم الأعجوبة الأولى.. وأهيئ الجو الثانية.. ريثما تتم.. حوار وأعاجيب كانت محضرة سلفاً كنتُ مدركاً أنها كفيلة بإقناعكما بالحقيقة وفتح عينيكما عليها.. كقطرات الماء التي توقظ النائم ليدرك حاله التعيسة.. ويتناسى الأحلام.. قطرات ماء كانت مدروسة لتسقط فوق رأسيكما فتقدسهما وتعطيها الحكمة.. كما تفعل المياه المقدسة عند الديانات التي أصبحت الآن جزء من ماضيكما وأحلامكما أو كوابيسكما.. والواقع بانتظار حلول وقوانين أخرى علينا نحن أن ننظمها.. لنحوّل هذا الواقع إلى واقع أشبه بالحلم السعيد الذي نتمناه في الجنة.. "
وهكذا بدأت أو ستبدأ الأسئلة والأجوبة الغير متناهية بين هؤلاء الثلاثة.. ثلاثة شموع ستنير في الظلام عوضاً عن المصابيح الكهربائية الثلاثة التي أُطفئت.. أو أطفأها ذلك العظيم بكبسة من قدمه.. فها هو النور الإلهي قد أُطفِئ واستُعيضَ عنه بضوء شموع أشعلها بعقله ونقلها لزملائه ليضيئوا بأنفسهم هذا الظلام في هذه الحياة.. }}

لم يكن هذا الذي مر سوى الفكرة أو الخطة التي رسمها في عقله ذلك الجالس في ظلام غرفته.. تخيّلٌ كامل للأحداث التي ستجري.. لم يحدث شيء حتى الآن.. فلا أعاجيب حدثت ولا قناعة أو أفكار قد بُدلت.. وإنما مجرد إخطار بقطع التيار الكهربائي عن الحي قد تم استلامه البارحة.. ومجرد خطة محبوكة لا يمكن أن تفشل أو أن يعاكسها الحظ قد تم رسمها.. لن تفشل.. لن تفشل.. أو أنه هكذا كان قد أقنع نفسه.. وبسعادة بالغة قفز من سريره صباحاً واتجه نحو المكتبة ليبدأ بتنفيذ خطته وتجهيز مستلزماتها.. فها هو الكتاب السماوي.. وها هي الورقة والقلم تكتبان التنبؤ بالأعجوبة الثانية.. ويوضع الكتاب بما فيه من تنبؤ في مكانه.. بخطوات سريعة سعيدة بعبقريته توجه نحو الهاتف ليدعو صديقيه للقدوم لزيارته اليوم مساءاً.. ليبدأ حديثهم السري.. الاتصالات قد تمت.. ولم يبق سوى تجهيز الشموع.. ومن ثم إحضار الأسلاك لتمديد مفتاح آخر للمصابيح الثلاثة نحو الأرض.. وبمفك بدأ العمل السعيد.. ولكن.. ما هذه الرعشة في جسده ؟!.. ما هذا الجحوظ الذي أصاب عينيه ؟؟!!.. حدقاته توسعت وبياض عينيه تحوّل إلى احمرار.. وعرق يديه أخذ ينبض.. تيار كهربائي كان المفروض أنه يضيء المصابيح الثلاثة أضاء عقله.. حتى أحرقه !!!.. حين جاء صديقاه مساءاً لم يجداه سوى كتلة سوداء مُلقاة على الأرض.. تحت ضوء مصابيح ثلاثة لم تُطفأ بعد..

تمت



:: توقيعي :::
إذا قابلت إيلاً يوم حشرٍ.. فقل للثور ألحدني العميدُ..
رابط لكل الروابط
يهوذا الأسخريوطي
عميد اللادينيين العرب
رابط لأهم مواضيعي في المنتدى:
https://www.il7ad.org/vb/showpost.ph...5&postcount=11

للحصول على كتبي المطبوعة أو الألكترونية:
https://www.neelwafurat.com/locate.a...88%D8%B7%D9%8A
  رد مع اقتباس
قديم 11-27-2018, 09:35 PM يهوذا الأسخريوطي غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [15]
يهوذا الأسخريوطي
عميد اللادينيين العرب
الصورة الرمزية يهوذا الأسخريوطي
 

يهوذا الأسخريوطي will become famous soon enoughيهوذا الأسخريوطي will become famous soon enough
افتراضي

تمت سلسلة قصص "الواحد + واحد في الإلحاد"

مع تحياتي..



:: توقيعي :::
إذا قابلت إيلاً يوم حشرٍ.. فقل للثور ألحدني العميدُ..
رابط لكل الروابط
يهوذا الأسخريوطي
عميد اللادينيين العرب
رابط لأهم مواضيعي في المنتدى:
https://www.il7ad.org/vb/showpost.ph...5&postcount=11

للحصول على كتبي المطبوعة أو الألكترونية:
https://www.neelwafurat.com/locate.a...88%D8%B7%D9%8A
  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدليلية (Tags)
الإلحاد, الإلحاد، قصص, الواحد, واحد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
اسلوب عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
دين واحد ،، معتقد واحد ،، هو من شوه كل شيء لـآ تسألوني عنه ! المنهج التجريبي العلمي مواضيع مُثبتةْ 2482 02-14-2020 06:59 PM
الاكتشافات العلمية في القرن الواحد والعشرين الأسطورة العلوم و الاختراعات و الاكتشافات العلمية 0 01-25-2019 12:34 AM
نظرية الكترون الواحد امير الملحدين حول المادّة و الطبيعة ✾ 10 12-14-2015 05:59 PM
دين واحد ،، معتقد واحد ،، هو من شوه كل شيء لـآ تسألوني عنه ! المنهج التجريبي العلمي العقيدة الاسلامية ☪ 581 09-21-2014 09:38 PM