شبكة الإلحاد العربيُ  

العودة   شبكة الإلحاد العربيُ > ملتقيات الفنون و الآداب > ساحة الشعر و الأدب المكتوب

إضافة رد
 
أدوات الموضوع اسلوب عرض الموضوع
قديم 02-24-2020, 09:46 PM شاهين غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [1]
شاهين
الأُدُباءْ
الصورة الرمزية شاهين
 

شاهين is on a distinguished road
افتراضي نقد التوراة في رواية " عديقي اليهودي" لمحمود شاهين


رائد الحواري
(3)
"الخلق"
الفكرة الرئيسة في الرواية هي التوراة وما جاء فيها، تبدأ عمليه تحليلها من الفصل الأول الذي يتحدث عن الخلق الكون، وحتى الثاني والعشرين الذي يتحدث عن خروج اليهود من مصر على يد موسى، أعتقد أن الهدف من وراء ذلك ليس إبراز نباهة السارد وقدرته المعرفية، بل نسف الأسس الفكرية والدينية التي قامت عليها الحركة الصهيونية، أرض الميعاد وشعب الله المختار، فهو يفند أن أرض فلسطين ليست أرض الميعاد، وأن شعب الله المختار فكرة مخترعة من البشر وليس الله، ومتناولا أن العديد من القصص التوراتية إذا ما توقفنا عند تحليلها عقليا، وقارنا كيفية سرد الأحداث فيها، سنجدها تتنافى مع العقل والمنطق، فهناك أكثر من كاتب/سارد لهذه الأحداث، من هنا نجد فيها التباين وحتى التناقض.
جاء في التوراة عن عملية الخلق: "11:1وقال الله لتنبت الأرض عشبا وبقلا يبزر بزرا وشجرا ذا ثمريعمل ثمراً كجنسه برزه فيه على الأرض وكان كذلك.
12:1 فأخرجت الأرض عشبا وبقلا يبزر بزرا كجنسه وشجرا يعمل ثمرا بزره فيه كجنسه ورأى الله ذلك أنه حسن.
مسكين هذا المؤلف كم ظلم الله، فهو لم يكن يعرف ضرورة الشمس والضوء لعملية الخالق، فخلق النباتات والأشجار قبل أن يخلق الشمس، بالتأكيد لم يكن يعرف بعملية التمثيل الضوئي والطاقة والكهرومغناطيسية ومختلف التفاعلات التي تجري بين الضوء وعملية نمو النباتات" ص68، من يقرأ العهد القديم لا يتوقف عند هذا الأمر، كيف يتم ذكر خلق النباتات ونموها، قبل خلق النورين"الشمس والقمر؟، لكن عارف نذير الحق، يجلنا نعيد النظر في صحة ما نقرأه، ونتوقف عنده، متسائلين، كيف مرت علينا هذا الآيات دون أن نتأملها ونفكر فيها، علما بأننا قرأناها أكثر من مرة، لكن يبدو هيبة (المقدس) تجعل عقلنا مستكينا ومستسلما، بحيث يفقد القدرة على التفكير.
هابيل وقابيل
أما في مسألة النزاع بين هابيل وقابيل، "لم تمر سوى أيام على عملهما حتى قاما بتقديم قرابين إلى الله: "3وحدث من بعد أيام أن قايين قدم من ثمارالارض قربانا للرب،4وقدم هابيل ايضا من ابكار غنمه ومن سمانها. فنظر الرب الى هابيل وقربانه،5ولكن الى قايين وقربانه لم ينظر. فاغتاظ قايين جدا وسقط وجهه." لا أعرف لماذا يحتاج الله إلى قرابين، وكيف عرف قابيل وهابيل ذلك، غير أن التفكير في النص قد يقودنا إلى أن الله أشبه بالإنسان وأنه يحتاج إلى طعام وشراب بل من يخدمه... فالكاتب بدوي يحب الشواء والإله الذي تخيله، كان بدويا على شاكلته حتى أنه جرده من إنسانيته، فما بالك بألوهيته، " ص91-93، أيضا نحن لا نتوقف عند فكرة الصراع بين الأخوين، هابيل وقابيل، ونمر عليها مرور الكرام، لماذا يتقبل الله الأغنام ولا يتقبل الخضار والفاكهة؟، ولماذا لم يتم أبداء أسباب أخلاقية/دينية تحول دون تقبل قربان قابيل، فتكون مقبولة للقارئ، لكن يبدو، كما قال "عارف نذير الحق" أن من كتب النص هو بدوي بامتياز.
"17وعرف قايين امراته فحبلت وولدت حنوك. وكان يبني مدينة، فدعا اسم المدينة كاسم ابنه حنوك. لا نعرف من أين جاء قايين بامرأته ومتى تزوج، .. والطريف أن يبني مدينة لأسرة لا يزيد أفرادها عن ثلاثة، ولا نعرف كيف سيبنيها ومن ماذا، يبدو أن الحضارة بدأت تأتي إلى أسرة آدم بسرعات هائلة." ص96، بهذا التحليل يتبين للقارئ الأخطاء التي وقع فيها من كتب العهد القديم، فهو يكتب دون أن يتفكر فيما يكتبه، أو أنه كتبه متسرعا فسقطت أحداث وشخصيات، ما جعل النص مشوها وناقصا.
"في الإصحاح الخامس من سفر التكوين يا يعقوب، نجد أنفسنا أمام كاتب آخر غير السابق الذي قص علينا قصة الخلق، فهذا الكاتب يخبرنا أن آدم أنجب أبنا اسمه شيت، ولم يتطرق لا إلى قابيل ولا إلى هابيل ولا إلى قصتهما. 1هذا كتاب مواليد ادم، يوم خلق الله الانسان. على شبه الله عمله. 2ذكرا وانثى خلقه، وباركه ودعا اسمه ادم يوم خلق. 3وعاش ادم مئة وثلاثين سنة، وولد ولدا على شبهه كصورته ودعا اسمه شيثا.
يتضح هنا أن آدم حمل ذاتيا دون امرأة، بإرجاع الولادة إليه. ...وإذا كان هابيل قد قتل قبل أن ينجب، فلماذا لم يذكر هذا الكاتب ذلك، ولماذا لم يتطرق إلى قايين (قابيل) الذي أنجب قبائل وأمما وبنى مدينة؟ واضح أن هذا الكاتب لا يعترف بوجود حواء وقابيل وهابيل، فلديه تصور مختلف" 109و110، من فينا كان ينتبه أو يتوقف عند هذا الأمر؟، فقد كنا نقرأ العهد القديم بقدسية أو بقراءة عادية ودون أن ننتبه إلى هذه الخروقات والتناقضات، لكن عارف نذير الحق يكشف لنا ضحالة قراءتنا وضحالة ما نقرأ.
نوح والطوفان
وبخصوص الطوفان، يقتبس "عارف" نص من ملحمة جلجامش الذي يتحدث عن الطوفان، مؤكدا أنه يسبق العهد القديم بما يزيد عن ألف وخمسمئة عام، ثم يحلل حالة الكائنات التي خرجت من السفينة بعد انحسار الطوفان: "فخرج نوح وبنوه وامرأته ونساء بنيه معه. 19وكل الحيوانات، كل الدبابات، وكل الطيور، كل ما يدب على الارض، كأنواعها خرجت من الفلك. المؤسف أن نوحا وأسرته والكائنات الأخرى لن يجدوا ما يقتاتون عليه بعد فعلة الله، فكل شيء قد أبيد خلال ما يقارب من نصف عام من الطوفان" ص130، أيضا نجد خلل في حبكة قصة الطوفان، ولو أن القصة جاءت بشكل أسطوري، لكنا أوجدنا مبررا/تحليلا يساعدنا على فهم الخلل في النص الأسطوري ـ لكن أن يأتي الخلل في كتاب مقدس، فهذه جريمة بحق المؤمنين.
وقصة نوح التوراتية فيها العديد من الهفوات والتجاوزات: "18وكان بنو نوح الذين خرجوا من الفلك ساما وحاما ويافث. وحام هو ابو كنعان. ولا نعرف أين كان كنعان هذا ولماذا ذكره الكاتب هنا؟...21وشرب من الخمر فسكر وتعرى داخل خبائه. وأصبح لديه خمر أيضا؟ عجيب هذا المؤلف، بهذه السرعة يغرس نوح كرما ويثمر ليصنع من الثمر خمرا ويسكر ويتعرى... 22فابصر حام ابو كنعان عورة ابيه، واخبر اخويه خارجا.
لاحظ التركيز على اسم كنعان االذي ظهر فجأة ولم يكن له وجود من قبل.. ولماذا يركز المؤلف على العورة؟ ثم هل تستدعي هذه الحادثة ذكرها في كتاب يفترض أنه مقدس؟ ... 25فقال: «ملعون كنعان! عبد العبيد يكون لاخوته». عجيب أمر الكاتب! اختلق كنعان ليصب نقمته عليه مع أن أباه هو الذي رأى العورة!" ص137-139، لو قارنا قصة نوح في العهد القديم بتلك التي جاءت في ملحمة جلجامش، لوجدنا الحبكة والخيال وطريقة التقديم أفضل بكثير مما جاءت في العهد القديم، يكفي أنها اقتصرت على الخلاف بين البشر والآلهة، ولم يتم المساس أخلاقيا بشخصية "أوبشتيم"، ولم يتم تناول أولاده بأي سوء.
إبراهيم وأرض الميعاد
قصة الوعد الإلهي بأرض الميعاد، عليها الكثير من النقاط، فقد تم تطوير وتكبير الوعد بشكل تدريجي، فبدت القصة وكأنه كلما جاء شخص جديد أضاف أرض جديدة للوعد الإلهي، يبدأ الوعد بهذا الشكل: "15لان جميع الارض التي انت ترى لك اعطيها ولنسلك الى الابد.
الوعد هنا يتعلق فقط بما يستطيع إبراهيم أن يراه بعينيه من الأرض الكنعانية، وليس الأرض الكنعانية كلها، وهذه المساحة من الأرض لا تكاد تذكر مع البلاد الشاسعة من النيل إلى الفرات" ص155، تحليل منطقي ويتفق مع العقل، فالأرض التي يمكن أن يراها أي إنسان في أي موقع من فلسطين، لا يمكن إلا أن يشاهد جزء صغير منها، خاصة إذا عرفنا أن تضاريس وطبيعة فلسطين لا تسمح لأي مشاهد أن يحيط بها مجتمعة.
والنقلة النوعية في قصة إبراهيم التوراتية ذهابه إلى دمشق "2فقال ابرام: «ايها السيد الرب، ماذا تعطيني وانا ماض عقيما، ومالك بيتي هو اليعازر الدمشقي؟» لا نعرف أين ذهبت ثروة إبراهيم الهائلة ومئات غلمانه بحيث أصبح يسكن في بيت لدمشقي، ولا نعرف من أين جاء هذا الآخر، وكيف ظهر على المسرح" ص157، القفزات البعيدة هي من تؤكد على أن النص كتبه أكثر من كاتب، فالفجوات في الأحداث غير متسلسلة ولا متنامية بشكل منطقي، بل تأتي فجأة، وعلى القارئ أن يتقبلها، لأنها نصوص مقدسة!!.
"8واعطي لك ولنسلك من بعدك ارض غربتك، كل ارض كنعان ملكا ابديا. واكون الههم». يبدو أن أرض كنعان أصبحت الكرة الأرضية كلها، ففي كل وعد تختلف الأرض، ويختار يهوه أن يكون إلها لنسل إبراهيم، المؤسف أنه ليس للنسل كله، لأنه سيتحول إلى نسل يعقوب الذي سيغير اسمه إلى إسرائيل" ص162، بدأت مساحة الأرض الموعودة تتوسع، فشملت كل أرض كنعان، لكن هل يكتفي من كتب التوراة بأرض كنعان، أم أنه يريد مزيدا من الأرض؟.
للإجابة لابد من أيجاد (سلالة) تتكاثر وتنتشر لتقدر أن تهيمن على الأرض، وهنا يأخذنا السارد إلى الحديث عن نسل إبراهيم: "23فأخذ ابراهيم اسماعيل ابنه، وجميع ولدان بيته، وجميع المبتاعين بفضته، كل ذكر من اهل بيت ابراهيم، وختن لحم غرلتهم في ذلك اليوم عينه كما كلمه الله. لم يمر معنا أن إبراهيم ابتاع أطفالا، 24وكان ابراهيم ابن تسع وتسعين سنة حين ختن في لحم غرلته. غريب كيف يعرف الكاتب الأعمار بدقة متناهية، ولا نعرف هل هو نفسه الذي كتب عن خلق آدم وحواء، أم الكاتب الذي تحدث عن خلق ذاتي من آدم، أم غيرهما" ص165، أيضا يتم اختلاق ناس/جماعة دون أية مقدمات، أليس إبراهيم من اختاره الله ليعطيه الأرض؟، فلا داعي لأي تفسير أو تبرير، فبما أن الكتاب مقدس، فلا يجوز لنا البحث فيه ولا في المعلومات أو الأحداث التي تقدم!!.
ومن المفارقات في قصة إبراهيم هذا الحدث: "20وقال الرب: «ان صراخ سدوم وعمورة قد كثر، وخطيتهم قد عظمت جدا. 21فقد نسي المؤلف الصورة الأولى ويريد أن يقدم يهوه هنا كرب رحيم وعادل! أو أننا هنا أمام مؤلف آخر" ص172، إذا ما قارنا هذه القصة مع الطوفان سنجد فروقات كبيرة بينهما، فهنا الله يعفو ويتجاوز عن الخطايا، حتى أنه يقبل أن يناقش: "ربما نقص الخمسون بارا خمسة. اتهلك كل المدينة بالخمسة؟» فقال: «لا اهلك ان وجدت هناك خمسة واربعين». 29فعاد يكلمه ايضا وقال: «عسى ان يوجد هناك اربعون». فقال: «لا افعل من اجل الاربعين». 30فقال: «لا يسخط المولى فاتكلم. عسى ان يوجد هناك ثلاثون». فقال: «لا افعل ان وجدت هناك ثلاثين». 31فقال: «اني قد شرعت اكلم المولى. عسى ان يوجد هناك عشرون». فقال: «لا اهلك من اجل العشرين». 32فقال: «لا يسخط المولى فأتكلم هذه المرة فقط. عسى ان يوجد هناك عشرة». فقال: «لا اهلك من اجل العشرة». " ص 173، يبدو وكأننا أمام عملية بيع بالمزاد العلني، ويظهر النص أن إبراهيم أكثر رحمة من الله، كما أن طول الحوار وطريقة تقديمه تشير إلى تواضع الكاتب، كل هذا يجعلنا نقول أن القصص التوراتة ضعيفة البناء والحبكة.
"2وقال ابراهيم عن سارة امراته: «هي اختي». فارسل ابيمالك ملك جرار واخذ سارة. يبدو أن الكاتب أعاد سارة إلى الصبا بضعة عقود إلى الوراء، ونسي أنها أصبحت عجوزا غير قابلة للزواج. 3فجاء الله الى ابيمالك في حلم الليل وقال له: «ها انت ميت من اجل المراة التي اخذتها، فانها متزوجة ببعل»إبراهيم يرتب الخطأ والله يعاقب الضحية! منطق عجيب، والعقاب تهديد بالموت هذه المرة، يلاحظ أن النص التوراتي يستخدم مفردة (أبيمالك) كما ترد هنا في كافة المواضيع" ص180، انحياز الله إلى إبراهيم بهذا الشكل، يشير إلى عدم عدالته، فمن المفترض أن تكون العدالة الإلهية عدالة مطلقة، فما بالنا عندما تكون ظلم وجور؟.
"3فاستحلفك بالرب اله السماء واله الارض ان لا تاخذ زوجة لابني من بنات الكنعانيين الذين انا ساكن بينهم،... والأغرب أن لا يرغب إبراهيم في تزويج اسحق من بنات الكنعانيين الذين استضافوه وأكرموه!،4بل الى ارضي والى عشيرتي تذهب وتاخذ زوجة لابني اسحاق». المفترض أن أرض إبراهيم وعشيرته في أور الكلدانية وليس في حاران آرام كما سنرى" ص196، يبدو أن تيه اليهود لم يكن في سيناء فقط، بل سبقة تيه جغرافي يتمثل في تحديد وطن إبراهيم، كما أن النص التوراتي يشوه صورة النبي والإنسان معا في إبراهيم، فبعد كرم الضيافة نجده يوصي ابنه بعدم الزواج من الكنعانيين، رغم ما أبدوه من أخلاق وعطاء.
ويعقوب
يعقوب هو المؤسس لبني إسرائيل، حتى أنهم نسبوا له، فهو بعد أن تصارع مع الله حتى بزوغ الفجر أصبح اسمه إسرائيل وليس يعقوب، لكن العهد القديم تقدم لنا هذا النبي المؤسس بصورة مشوهة، تصور أنه يسرق البركة من أخيه "عيسو" وحادثة سرقة البركة لا تطال يعقوب فحسب، بل تشوة أيضا اسحاق، الذي لا يملك إلا بركة واحدة فقط، ورغم شكه في صاحب اليد التي يتحسسها إلا أنه يعطي البركة ليعقوب، ليهيم "عيسو" على وجهه.
"30وحدث عندما فرغ اسحاق من بركة يعقوب، ويعقوب قد خرج من لدن اسحاق ابيه، ان عيسو اخاه اتى من صيده،31فصنع هو ايضا اطعمة ودخل بها الى ابيه وقال لابيه: «ليقم ابي وياكل من صيد ابنه حتى تباركني نفسك» ... 32فقال له اسحاق ابوه: «من انت؟» فقال: «انا ابنك بكرك عيسو». 33فارتعد اسحاق ارتعادا عظيما جدا وقال: «فمن هو الذي اصطاد صيدا واتى به الي فاكلت من الكل قبل ان تجيء، وباركته؟ نعم، ويكون مباركا». 34فعندما سمع عيسو كلام ابيه صرخ صرخة عظيمة جدا، وقال لابيه: «باركني انا ايضا يا ابي». 35فقال: «قد جاء اخوك بمكر واخذ بركتك»وماذا يحدث لو أنه بارك عيسو أيضا؟ هل ستنقلب الدنيا؟ ...يفترض أن الباكورة للإثنين كونهما ولدا معا حتى أن يعقوب كان ممسكا بعقب عيسو .فهل كون عيسو نزل من الرحم أولا، يكون بكرا، ولا يكون يعقوب ذلك.. هل هذا منطق المؤلف أم منطق الأبوين أم منطق يهوه؟" ص216، لو توقف أي إنسان عند هذه القصة لن يصدق أنها مقدسة، وأنها متعلقة بأنبياء، وحتى بأشخاص أسوياء، فكيف تقرأ إذن على أنها مقدسة؟.
أما مسألة التسمية بإسرائيل، فهي أيضا تبدو مضحكة: "26وقال: «اطلقني، لأنه قد طلع الفجر». فقال: «لا اطلقك ان لم تباركني»وماذا يعني لو طلع الفجر؟ هل يخاف يهوه طلوع الفج أم أن لديه موعدا ما؟!، ثم أنه كإله كان بمقدوره أن يؤخر طلوع الفجر" ص242، ولم تقتصر عملية التشويه على قدرة يهوه الجسدية، بل طالت قدرته المعرفية: "27فقال له: «ما اسمك؟» فقال: «يعقوب» عجيب أمر يهوه لا يعرف أن من يصارعه هو يعقوب فيسأله عن اسمه" ص243، اعتقد أن هذا القدر يكفي، ليجعل أي قارئ يعيد قراءة العهد القديم، ليكون هو الحكم على قدسيته أو خرافته.
تقنية السرد
المادة الفكرية كثيرة ومتنوعة، وتخل في تفاصيل التفاصيل، لهذا كان لا بد من وجود وسيلة تخف على القارئ من (نشاف) المادة الدينية، فكان الترطيب يأتي من خلال تعدد الروايات في الرواية، حتى أننا نجد في بعض الفصول أكثر من راو، وأحيانا كان يخلي عارف أو يعقوب أو سارة المجال للسارد الرئيس، ليقوم بعملية السرد، لكن هذا الإخلاء لم يأتي فجأة، بل على مراحل، ففي الفصول الأخيرة، وقُبيل مقتل عارف وسارة، وجدنا حضور للسارد (الخارجي) الذي أخذ يروي الأحداث بعد قتل "عارف وسارة".
ولكن السارد لم يكتف بهذا الأمر، بل نجده كان يُسمعنا تعليق عارف أو يعقوب أو سارة على تحليله للعهد القديم، وبما أن التعليقات كانت أحيانا كثيرة تأتي بشكل ساخر، فإن هذا أسهم كثيرا في قبول القارئ للمادة التحليلية المطروحة في الرواية، وجعلته يتقدم منها باندفاع ورغبة لمعرفة المزيد.
وإذا أضفنا إلى ما سبق، نهاية وبداية كل فصل، والتي جاءت قريبة من طريقة تقديم حكايات ألف ليلة وليلة، يتأكد لنا عبقرية السارد الذي استطاع أن يقدم مادة فكرية بشكل روائي، وبما أن ما يقارب من ربع الرواية، أكثر مائة صفحة تتحدث عن أحداث روائية، بعيدا عن التحليل والمادة التاريخية، يتأكد، أننا أمام رواية تمتلك كل مقومات الرواية.
بين زمن الخراب وعديقي اليهودي :
اللافت أن السارد يتحدث عن شخصية "عارف" كما تحدث عن شخصية "محمود أبو الجدايل" في رواية " زمن الحراب"، فكلاهما تجاوز الستين، كما أن كلا من "لمى وسارة" وهما فتاتان ترغبان في ممارسة الحب، رغم فارق العمرالكبير.. حتى أننا نجد (طقوس) الجلسة الرومنسية ، فهناك المكسرات والفاكهة والمشروبات، وأيضا نجد عين فكرة الخلق والخالق في الروايتين، حتى أننا نجد قصيدة الخلق والخالق والوجود في كلتا الروايتين، كل هذا يجعلنا نقول أن "محمود شاهين" يسعى ليقدم أفكاره عن الوجود بأعماله الروائية، متجاوزا روايات الأحداث فقط، فهو يركز على الفكر وعلى أن يقدم للقارئ طروحات جديدة، حتى لو اختلفت وتباينت مع معتقداته.
الرواية من منشورات مكتبة كل شيء، حيفا، الطبعة الأولى 2018.















:: توقيعي ::: https://www.facebook.com/profile.php...6%3A1554662450
رابط موقعي في الحوار المتمدن
http://www.ahewar.org/m.asp?i=7683
وحين التقينا يا إلهي بعد كل هذا العناء من البحث عنك
وجدت نفسي أمام نفسي!
  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدليلية (Tags)
لليهود, نقد, الثوراث, رواية, شاهين, عديقي اليهودي


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
اسلوب عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع