شبكة الإلحاد العربيُ  

العودة   شبكة الإلحاد العربيُ > ملتقيات الفنون و الآداب > ساحة الشعر و الأدب المكتوب

إضافة رد
 
أدوات الموضوع اسلوب عرض الموضوع
قديم 10-06-2017, 11:15 PM حكمت غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [11]
حكمت
الباحِثّين
 

حكمت is on a distinguished road
افتراضي مذكرات ملحد...نعمة العقل.....تابع(هكذا قررت الوقوف بين يدي الله)

أعتذر عن طول الغياب....ولكن للظروف الصعبة التي مررت بها...لنكمل:
.
.
جلست بمفردي وبدأت الأفكار تلطمني كمركب صغير في بحر هائج، لا أدري ما يجب علي فعله، أحسست وقتها أنه يجب علي فعل شيء ما، ولا يجب أن أبقى هكذا مكتوف الأيدي، مكبلا مصلوبا دون حراك، لا أستطيع فعل شيء سوى البكاء والشعور بالخوف، وقتها اتخذت قرارا غريبا، وبنفس الوقت مألوفا لدى من هم بمثل سني، ذاك القرار هو أنني يجب أن أصلي مثل والديّ وأخوتي، كانت مشاعري مختلطة لحظتها، ولكن قلت لنفسي: يجب أن أأمن عذاب ذاك الله بأي شكل من الأشكال، فلم أجد سوى الصلاة خلف أهلي علّ ذلك ينفعني في يوم من الأيام.
بدأت بمراقبتهم لحظة بلحظة، أنتظر فيها الدقيقة التي سيبدأ فيها أحدهم بالصلاة، كان قلبي يرجف بشدة من الخوف، ولكن رغم كل شيء، وبكل ما لدى الأطفال من إصرار وعناد، أغفلت كل ما أحس به، وتحينت اللحظة التي باشر أبي فيها بالصلاة، وانطلقت كالصاروخ لأقف بجانبه، واقلده في كل حركة يقوم بها.
أثناء الصلاة كنت ألتفت إليه لأرى ما يفعله، فأقوم أن بفعل نفس الشيء، فعندما كان ينحني للأمام (الركوع)، كنت أنحني مثله وعيناي لا تتزحزحان، ترنوان بثبات إليه، فإذا قام قمت معه، ثم يعود فيسجد، لأسجد أنا مثله، وهكذا حتى انقضت بضع ركعات لا أذكر عددها بالضبط، والتفت ابي الى اليمين وتمتم ببضع كلمات، ثم التفت إلى الجهة اليسرى وقام بفعل نفس الشيء...وهنا كانت اللحظة غير المتوقعة.
فبعد أن انتهى أبي من صلاته ورآني بجانبه، ارتسمت ضحكة عريضة على فمه، وشدني بيديه القويتين الخشنتين، وضمني إلى صدره بقوة...بغض النظر عن هذه الضمة المفعمة بالعاطفة والحنان، واللتين لم نعهدهما عند أبي قاسي الطبع الفظ بعض الشيء، إلا أنني شعرت بسعادة لا توصف، لا أدري فربما لأنها كانت إحدى أندر اللحظات التي أحسست فيها بأن أبي ليس قاسيا وشديدا، أم لأني استطعت أن ألفت انتباهه بالفعل الذي قمت به.
وسرعان ما انقلب هذا المشهد الرومانسي المليء بالعواطف إلى عرس شعبي، وبدأ أبي بالنداء على كل أفراد أسرتي: تعالوا جميعا، تعالي يا زوجتي، يا أولاد تعالوا وانظروا، أخوكم حكمت صلى بجانبي اليوم.
وبدأ أفراد العائلة بالتوافد إلى الغرفة التي كنا بداخلها أنا وأبي، وسيل من القبلات انهمر على خديّ، والمباركات لأبي ولأمي على وجود هذا الطفل الذي يبشر بأنه سيغدو رجلا تقيا في المستقبل، من عباد الله الصالحين. أما أنا فقد كنت أكثر الحاضرين ذهولا، من هول المفاجأة، لم أكن أتوقع للحظة واحدة أن صلاتي بجانب أبي سيكون لها هذا الصدى وهذا الوقع على عائلتي، ظننت بأن الأمر سيكون عاديا، بل أقل من ذلك، إلا أن صلاتي بجانب أبي كانت الحدث الأقوى في ذاك اليوم، بل ربما في الشهر كله.
يومها نسيت موضوع الله و جنته وناره، وكل ما يتعلق بهذا الموضوع، تذكرت فقط أن البيت كله سعيد، ويتراقص فرحا لذاك التصرف الذي بدر مني، فقررت منذ تلك اللحظة أن أحافظ على الصلاة، ليبقى البيت سعيدا، وتبقى الأفراح تصول وتجول في دارنا وقلوبنا، وبدأت منذ تلك المرحلة بالمواظبة على الصلاة، فكلما شاهدت ابي أو أمي أو أحد أفراد عائلتي يصلي، كنت التصق بجانبه، وأبدأ بتأدية دور المصلي، كان ذلك بعد تجاوزي لسن الخامسة، ودخولي في السنة السادسة من أشباه الحياة التي عشتها...ظننت أن مواظبتي على الصلاة، ستعمل على الحفاظ على أجواء المنزل مشحونة بالفرح، ولكن بعد مضي شهر أو أقل، بدأ موضوع صلاتي يفقد بريقه، والشمعة التي أضأتها بأول ركعة لي، بدأت تخبو وتنطفئ شيئا فشيئا، فما عاد أحد يهتم إذا رآني أصلي. وكأن الأمر أصبح عبارة عن مشهد روتيني يتكرر كل يوم، وكأي شيء روتيني، يفقد بهجته، ورونقه، ومعناه.
وبعد فترة وجيزة، بدأت الأوامر والنواهي بالانهمار فوق رأسي، فلم يكن موضوع الصلاة بالسهولة والبساطة التي تخيلتها، بل كان أكبر ممن ذلك بكثير، وبدأت المصطلحات الجديدة والأشياء غير المألوفة بالتوافد زلفا زلفا، فسمعت بمصطلحات كثيرة، منها الوضوء، والطهارة، والاستنجاء...الخ إلى ما هنالك من أمور يجب علي القيام بها قبل البدء بالصلاة، كما عرفت أنه من الواجب حفظ آيات من القرآن وقولها أثناء الصلاة، وكلمات أخرى لم أكن افهم معناها حينها، لا تصح الصلاة إلا بها.
وهنا بدأت جلسات تحفيظ القرآن لي من قبل أهلي، أخوتي وأبي الذين لم يكونوا يملكون أدنى وقت للتحدث معي أو استكشاف ما أريد وما أهوى وما أكره وما أحب أن أعرفه، فجأة أصبحوا متفرغين أغلب الوقت لتحفيظي بضع آيات من
القرآن، فأبي يعلمني الفاتحة، وأخي يعلمني المعوذتين، وأختي تعلمني سورة الإخلاص...كل هذا قبل أن أرتاد المدرسة، وأتعلم القراءة والكتابة، كنت عمدهم مثل الببغاء، يقرؤون السورة و يكررونها مرارا وتكرارا حتى أحفظها، والويل كل الويل لي إن أخطأت في قولها لاحقا، فسبحان من فرغ وقت أخوتي وأهلي لي، وجعلهم يتذكرونني صبح مساء.
لم أكن أعرف وقتها أني سأندم لاحقا على اللحظة التي قررت فيها الصلاة، فلم أكن أدري تبعات ذاك الموضوع، ظننت أن الأمر سينتهي بمجرد القيام ببضع حركات بسيطة، ولكن تبين لي في ما بعد، أن هذه الخطوة الحمقاء ستسبب لي الكثير من المتاعب لاحقا.
لكن من يدري بأن هذا سوف يحدث؟ تلك حماقات الطفولة التي تعود على صاحبها بالويلات. وفي هذه الفترة سعى الجميع ليشربوني حب الدين وواجباته في قلبي، وهذا الذي جرى فعلا، فقد نجحوا في هذه المهمة كما سنرى لاحقا، إلا أنهم بنفس الوقت عودوني على أهم شيء، هذا الشيء الذي أدى بي إلى ترك طريق الضلال الإلهي، وأعادني إلى جادة الصواب، إلى جادة العقل، نعمة العقل، وهذا ما سنكتشفه لاحقا.



:: توقيعي ::: طربت آهاً....فكنتِ المجد في طربي...
شآم ما المجد؟...أنت المجد لم يغبِ...
.
بغداد...والشعراء والصور
ذهب الزمان وضوعه العطر
يا ألف ليلة يا مكملة الأعراس
يغسل وجهك القمر...
****
أنا ضد الدين وتسلطه فقط، ولكني أحب كل المؤمنين المتنورين المجددين الرافضين لكل الهمجية والعبث، أحب كل من لا يكرهني بسبب أفكاري
  رد مع اقتباس
قديم 10-07-2017, 11:42 AM نوران غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [12]
نوران
الأُدُباءْ
الصورة الرمزية نوران
 

نوران is on a distinguished road
افتراضي

راقَ لي تشبيهك الله بالمُجسم ، حقيقة كان كذلك في فترة من فترات تفكيري الطويل بهِ

مُتابعة وعن قرب .
وفّقت.



:: توقيعي ::: ولِدتُ بقلب مثقوب
قال الطبيب لأمي : سينغلق من تلقاء نفسه عند البلوغ
أنا الآن على مشارف الأربعين .وكل الذين أحببتهم هربوا عبر ثقبٍ في قلبي.
- مزّمل آزادي
  رد مع اقتباس
قديم 10-13-2017, 09:10 PM   رقم الموضوع : [13]
فيصل
زائر
 
افتراضي

تحياتي

أبدعت في الموضوع زميلنا حكمت الفاضل

مذكرة رائعة تستحق المتابعة والقراءة ... فعلاً العقل نعمة لكن محفزات العقل تحتاج الى تضحية ومخاطرة للوصول الى كل ما ينعم ويعزز البشر والعقل


أنا أرى أن الحياة هي أجمل و أغرب مما نتصور فالحياة تجمع الاشياء ربما تسعدنا او تتعسنا وهذا من واقع التجارب و المراحل وكما ذكرت لنا ووصفت لنا في طرحك الشيق


أتمنى لك السعادة و التوفيق


دمت سالماً



  رد مع اقتباس
قديم 10-14-2017, 01:00 AM حكمت غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [14]
حكمت
الباحِثّين
 

حكمت is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فيصل مشاهدة المشاركة
تحياتي

أبدعت في الموضوع زميلنا حكمت الفاضل

مذكرة رائعة تستحق المتابعة والقراءة ... فعلاً العقل نعمة لكن محفزات العقل تحتاج الى تضحية ومخاطرة للوصول الى كل ما ينعم ويعزز البشر والعقل


أنا أرى أن الحياة هي أجمل و أغرب مما نتصور فالحياة تجمع الاشياء ربما تسعدنا او تتعسنا وهذا من واقع التجارب و المراحل وكما ذكرت لنا ووصفت لنا في طرحك الشيق


أتمنى لك السعادة و التوفيق


دمت سالماً
اهلا بفيصل المنتدى....هو فعلا كما ذكرت، لا تعرف نعمة العقل وحلاوته الا عندما تتذوقه
في الواقع هناك الكثير أيضا فهناك حوالى مئتين صفحة مكتوبة عندي تحت هذا العنوان كتاب كامل تقريبا سأضيفخا تدريجيا ولكن المشكلة عندي بالنقل من الورق إلى الحاسوب ففي هذه الفترة وقتي ضيق جدا بسبب انشغالي بعدة أمور، ولكن أعدك سأضيفها تباعا....تحياتي



التعديل الأخير تم بواسطة حكمت ; 10-14-2017 الساعة 01:20 AM.
:: توقيعي ::: طربت آهاً....فكنتِ المجد في طربي...
شآم ما المجد؟...أنت المجد لم يغبِ...
.
بغداد...والشعراء والصور
ذهب الزمان وضوعه العطر
يا ألف ليلة يا مكملة الأعراس
يغسل وجهك القمر...
****
أنا ضد الدين وتسلطه فقط، ولكني أحب كل المؤمنين المتنورين المجددين الرافضين لكل الهمجية والعبث، أحب كل من لا يكرهني بسبب أفكاري
  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدليلية (Tags)
ملحدنعمة, مذكرات, العقلمتسلسلة


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
اسلوب عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
من بقايا ذاكرة إنسان لاديني...نعمة العقل(7) حكمت ساحة التجارب الشخصـيـة ♟ 2 10-31-2018 03:32 PM
من بقايا ذاكرة إنسان لاديني...نعمة العقل(6) حكمت ساحة التجارب الشخصـيـة ♟ 0 09-22-2018 09:24 AM
من بقايا ذاكرة إنسان لاديني...نعمة العقل(5) حكمت ساحة التجارب الشخصـيـة ♟ 4 08-16-2018 08:15 AM
من بقايا ذاكرة إنسان لاديني...نعمة العقل(4) حكمت ساحة التجارب الشخصـيـة ♟ 0 01-02-2018 10:52 PM
متسلسلة العقل..سبب الوجود..العقل.......... Ash-raf حول الحِوارات الفلسفية ✎ 3 05-01-2016 10:25 PM