شبكة الإلحاد العربيُ  

العودة   شبكة الإلحاد العربيُ > ملتقيات في الإلحاد > حول الحِوارات الفلسفية ✎ > الأرشيف

 
 
أدوات الموضوع اسلوب عرض الموضوع
قديم 08-30-2013, 11:47 PM السيد مطرقة11 غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [1]
السيد مطرقة11
█▌ الإدارة▌ ®█
الصورة الرمزية السيد مطرقة11
 

السيد مطرقة11 is on a distinguished road
افتراضي في جدل العلاقة بين "الذات" و"الموضوع"

تحية طيبة .....

من خلال "الممارَسة" فحسب يستطيع البشر (الأفراد والجماعات) التأثير في "الواقع"، وتغييره، فالفكر (وغيره من العوامل والقوى الذاتية والمثالية الإنسانية) في حدِّ ذاته، ومهما كانت قوَّته المنطقية، لا يمكنه أبدا أن يُحْدِثَ، أو يُحقِّق، أي تغيير في الواقع المادي في بُعْديه الطبيعي والاجتماعي ـ التاريخي.

نَعْلَمُ أنَّ للإنسان الحي نشاطا ذهنيا ونفسيا، وأنَّ "منتَجات" هذا النشاط ليست بـ "المادِّية"، في طبيعتها وماهيتها، وأنَّ هذه "المنتجَات" هي ما يتألَّف منها ما يسمَّى "الواقع الذاتي (أو المثالي)" للبشر. على أنَّ هذا النشاط، مع "منتجَاته (اللا مادية)"، ليس سوى ثمرة التفاعل المادي الخالص.. التفاعل بين الدماغ البشري، الذي هو عضو مادي لا ريب في ماديته، والواقع الموضوعي، أي كل مادة (في داخل جسم الإنسان وفي خارجه) يمكنها أن تؤثِّر في هذا الدماغ.

إنَّ التفاعل المادي في خارج هذا السياق، أي في خارج سياق العلاقة بين "الواقع الموضوعي" و"الدماغ البشري (الحي)"، يُنْتِجُ تغييرا ماديا خالصا، أي أنَّه لا يُنْتِج أبدا ما ينتمي إلى "الوعي"، في طبيعته وماهيته. الدماغ البشري فحسب هو الذي بتفاعله الحتمي مع الواقع الموضوعي يُنْتِج "منتجَات" ليس بـ "المادية"، في طبيعتها وماهيتها. يُنْتِجُ ما نسميه "الوعي".

"الوعي في حدِّ ذاته"، ومع أنَّه ثمرة تفاعل مادي خالص، لا يُنْتِج، وليس في مقدوره أبدا أن يُنتِجَ، أي تغيير مادي؛ لأنَّ "التغيير المادي"، كل تغيير مادي، لا تصنعه سوى قوى مادية خالصة.

والبشر (الأفراد والجماعات) لا يدركون الجانب الموضوعي من ممارستهم، على خير وجه، إلا في حال "الفشل"، فإذا هُمْ بدأوا الفعل، أو الممارسة، أو النشاط العملي الواقعي، "متوقِّعين" انتهاءه إلى "نتيجة معيَّنة"، وإذا ما ذهبت "النتيجة الفعلية" بـ "توقُّعهم" هذا، اشتدَّ المَيْل لديهم إلى القول بـ "وجود يدٍ خفيَّة" أفسَدَت نتائج عملهم، أي جعلت عملهم ينتهي إلى نتائج غير تلك (ومضادة لتلك) التي توقَّعوها، وأرادوها، ورغبوا فيها، وسعوا (عمليا) من أجل التوصُّل إليها. وهذه "اليد الخفيَّة" إنَّما هي يد "الواقع الموضوعي"، أو "القوانين الموضوعية". وإذا كان من قول يُعَبِّر عن هذه الظاهرة (ظاهرة فشل "التوقُّع") فهذا القول إنَّما هو "جرت الرياح بما لا تشتهي السُفُن".

"الفشل"، أي فشل "التوقُّع"، هو السبب الذي يَحْمِل البشر على القول بـ "اليد الخفيَّة"، فإذا هُمْ أحاطوا بها عِلْماً، أي وعوها علميا، نسبوها، أو صار ممكنا أن ينسبوها، إلى "القانون الموضوعي"، أمَّا إذا عجزوا عن ذلك فإنَّ نَسْبِها إلى "السماء"، وفَهْمها على أنَّها "يد القضاء والقدر"، يصبحان هما "الحل"، و"الجواب".

وعند "النجاح"، أي نجاح "التوقُّع"، قد يميلون إلى "تأليه" الإرادة.. إرادة الإنسان، وحرِّية الإرادة الإنسانية، فيتوهَّمون، ويوهِمون غيرهم، أنَّ كل شيء يتوقَّف على إرادة الإنسان، الذي بحسب هذه التفسير المثالي الذاتي يكفي أن يريد شيئاً حتى يتحقَّق.

ما معنى أن يباشِر الإنسان العمل، وأن يمضي فيه قُدُما؟ معناه إنَّما هو "إطلاق يد الواقع بقوانينه الموضوعية في العمل بما يتَّفِق أو يختلف مع ما يريده هذا الإنسان". بالعمل، وفي العمل، لا يفعل الإنسان (الفرد أو الجماعة) سوى ما يشبه "الإدارة"، أو السعي في "إدارة ما لا يملك" من قوى وقوانين مادية.

هذا الإنسان، ومهما بلغت قوَّته الفكرية والعلمية والحضارية والتكنولوجية، يستحيل عليه استحالة مُطْلَقةً أن "يَخْلِق" أو "يفني" القوانين المادِّية الموضوعية، فغاية عمله ونشاطه لا تتعدى "تسهيل" أو "إعاقة" عمل وفعل "القانون المادي الموضوعي". وكل النشاط المادي للإنسان لا يتعدى إعداد وتهيئة وتحضير الوسائل والأدوات والقوى (المادية) لـ "تسهيل"، أو "إعاقة"، عمل قانون موضوعي معيَّن بما يمكِّنه من التوصُّل إلى "النتيجة المادية" التي أرادها وتوقَّعها ورغب فيها.

عليه أوَّلاً أن يكتشف، وأن يعي هذا القانون المادي الموضوعي وعيا موضوعيا علميا، فإنْ هو استوفى هذا الشرط فلا بد له، عندئذٍ، أو بعد ذلك، من أن يُعِدَّ العُدَّة، أي أن يُعِدَّ الوسائل والأدوات والقوى (المادِّية) التي بفضلها، وعَبْرِها، يستطيع، أو قد يستطيع، تسهيل عمل قانون موضوعي معيَّن، أو (أو "و") إعاقة عمل قانون موضوعي آخر.

كيف يمكنكَ مثلا أن تحصل على مقدار من الجليد؟ هذا الجليد، أوَّلاً، إنَّما هو شيء أنْتَجَتْهُ "الطبيعة"، بـ "قوانينها الموضوعية"، من قبل، أي من قبل وجود البشر. لقد استوفى الماء "السائل" الشروط والأسباب الطبيعية لتجمُّده فتجمَّد. البشر، ومُذْ عرفوا "العمل"، شرعوا يحاولون إنتاج نوعين من المنتجَات: مُنْتَج له أصل في الطبيعة كـ "الجليد"، ومُنْتَج ليس له من أصل في الطبيعة، وإنْ جاءت مكوِّناته وعناصره الأولية من الطبيعة، كـ "الإناء المصنوع من الفخَّار". وفي إنتاجِكَ لهذا أو ذاك ليس من فَرْق لجهة التزامكَ، في العمل والممارَسة، "القانون الموضوعي".

إنتاجكَ لـ "الجليد" يبدأ، مثل كل عمل، بداية "مثالية"، ينبغي لنا أن نفهمها هي أيضا فهما مادِّيا. إنَّه يبدأ بـ "الفكرة"، و"التصوُّر"، و"الإرادة".. و"الرغبة في إنتاج هذا الشيء".
"العامِل المثالي الذاتي"، أي "الفكرة" و"التصوُّر" و"الإرادة"..، لن يتمكَّن أبدا، ومهما قوي، من أن يَجْعَل "زيت الزيتون" جليدا، أي ماءً صلباً. لو حاوَلْتَ لَفَشِلْتَ حتما؛ لأنَّ إرادتكَ، على قوَّتها، لا تستطيع الاتيان بشيء لا تسمح لكَ الطبيعة بالإتيان به، فالبشر لم يتمكَّنوا قط، ولن يتمكَّنوا أبدا، من جَعْلِ الزيت جليدا. الطبيعة إنَّما تقول لكَ: هذا الشيء من ذاك وليس من ذلك، فإذا أردته فاعمل بما يتَّفِق كل الاتِّفاق مع هذه الحقيقة الموضوعية.

بعد ذلك، ينبغي لكَ، إذا ما أردت جَعْلَ الماء جليدا، أن تسوفي، في عملكَ، شروطا مادية موضوعية أُخرى.. ينبغي لكَ أن تعمل بما يتَّفِق كل الاتِّفاق مع "قوانين مادية موضوعية معيَّنة"، فالماء، الذي تريد جعله جليدا، ينبغي لكَ تعريضه لتأثير أجسام وقوى مادية معيَّنة. ينبغي لكَ أن تهيِّئ من الوسائل والأدوات والقوى (المادية) ما يسمح للماء بأن يَفْقِد من مخزونه الحراري ما يؤدِّي، حتما، إلى تحويله إلى جليد. إذا كان هذا الماء عُرضة لتأثير قوى مضادة لهدف العمل.. قوى يمكنها أن تضاعف مخزونه الحراري فإنَّ عليك أن تملك من الوسائل المادية ما يمكِّنكَ من جعل هذا الماء بمنأى عن تأثير تلك القوى. وعليكَ، في الوقت نفسه، أن تجعله عُرضة لتأثير قوى البرودة، أي القوى التي يمكنها أن تُفْقِده من مخزونه الحراري ما يكفي لتحوُّله إلى جليد.

تخيَّل أنَّ لديكَ من الوعي، في هذا الصدد، ما يجعلكَ تتوقَّع أن يتحوَّل الماء إلى جليد إذا ما ألقيْتَ في إناء الماء "جمرة"، أو إذا ما أفْقَدَتَ الماء من مخزونه الحراري ما يجعل درجة حرارته خمس درجات مئوية.

هذا الوعي ليس من عاقبة عملية حتمية له سوى الفشل؛ ولسوف ترى من خلال التجربة أنَّ "النتيجة الفعلية (الموضوعية)" قد ذهبت بـ "توقُّعكَ"، فالماء تبخَّر بعضه أو كله في التجربة الأولى، وظل سائلا ولم يتحوَّل إلى جليد في التجربة الثانية.

"النتيجة التي توقَّعْت" لم تتحقَّق؛ لأنَّها لم تستوفِ الأسباب والشروط المادية الموضوعية لتحقٌّقها. أمَّا "النتيجة الفعلية"، التي لم تتوقَّعها، أو تريدها، أو ترغب فيها، فهي واقع مادي موضوعي جديد، استوفى الأسباب والشروط المادية الموضوعية لنشوئه فنشأ.

ما معنى هذا؟ معناه، الذي ينبغي لنا دائما إدراكه، هو أنَّ "الفشل"، أي ذهاب النتائج الفعلية بالتوقُّع، يشتمل، دائما، على "واقع مادي موضوعي جديد"، اجتمعت أسباب وشروط نشوئه فنشأ، فـ "القانون المادي الموضوعي" يعطي، دائما، من خلال العمل والممارَسة، "نتائج مادية ملموسة"، تُعطي لـ "توقُّعنا" معنى "الفشل" أو معنى "النجاح".

إذا رأيتَ الماء يتحوَّل إلى جليد فهذا إنَّما يعني أنَّ القانون المادي الموضوعي لهذا التحوُّل "يَعْمَل". وغني عن البيان أنَّ هذا القانون يؤكِّد ويُظْهِر "وجوده" عَبْر "عمله". أمَّا إذا رأيتَ أنَّ الماء ظلَّ سائلا، ولم يتحوَّل إلى جليد، فهذا إنَّما يعني أنَّ هذا القانون لم يستوفِ بَعْد شروط عمله وفعله، فهو موجود، لم يفنَ، ولكنَّ عمله وفعله قيد التعطيل (المؤقَّت).

النشاط العملي للإنسان (الفرد والجماعة) على الصعيد الاجتماعي والتاريخي لا يختلف، من حيث الجوهر والأساس، عن نشاطه العملي على الصعيد الطبيعي. الإنسان (الفرد أو الجماعة) يتوقَّع لنشاطه العملي أن يتمخَّض عن نتيجة (مادية) معيَّنة.

نشاطه هذا يجب أن يتمخَّض دائما عن "نتيجة مادية ملموسة"، فإذا أردْنا أن نزن تلك النتيجة بـ "ميزان النجاح أو الفشل في التوقُّع" فإنَّها، ومن حيث المبدأ، إمَّا أن تكون تأكيدا لـ "نجاح التوقُّع"، وإمَّا أن تكون تأكيدا لـ "فشله".

كل ما يأتي به النشاط البشري (الاجتماعي والتاريخي) العملي من نتائج مادية ملموسة إنَّما هو "واقع مادي موضوعي جديد"، استوفى الأسباب والشروط المادية الموضوعية لنشوئه فنشأ. وليس من نشاط كهذا لا يتمخَّض عن نتائج كتلك.

منسوب الموضوعية في التفكير والعمل نراه، ويجب أن نراه، قليلا عندما يريد الإنسان (الفرد أو الجماعة) شيئاً، فيسعى، فيتمخَّض عن سعيه شيء آخر.. شيء لم يُرِدْهُ ولم يرغب فيه؛ وقد يكون مضادا تماما للهدف الكامن في سعيه (العملي).



:: توقيعي :::


أهم شيء هو ألا تتوقف عن السؤال. أينشتاين

  رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدليلية (Tags)
العلاقة, الذات, بين, جدل, والموضوع


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
اسلوب عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
هل يدري " الاسلام " عن النظافة شيئا ؟ وهل المسلم حقا ... " نظيف " كما يدعي ؟؟ زند الحق العقيدة الاسلامية ☪ 15 12-27-2023 09:09 PM
العلاقة المشتركة بين تحية الإسلام "السلام عليكم" و الفلم الإباحي الذي عرض في 1997 كبير الزنادقة العقيدة الاسلامية ☪ 3 09-12-2021 05:13 PM
مشكلة """"""الثقة في من دون او كان مصدر لتندوين القران و السنة المنهج التجريبي العلمي العقيدة الاسلامية ☪ 20 09-13-2017 04:47 AM
بالصور المحكمة الدستورية العليا في "أمريكا" "تكتب اهداء" لسيدنا "محمد" عيسى العقيدة الاسلامية ☪ 67 03-29-2017 04:06 AM
في جدل العلاقة بين "الذات" و"الموضوع" السيد مطرقة11 الأرشيف 14 08-30-2013 05:15 AM