شبكة الإلحاد العربيُ  

العودة   شبكة الإلحاد العربيُ > ملتقيات في نقد الإيمان و الأديان > حول الإيمان والفكر الحُر ☮

إضافة رد
 
أدوات الموضوع اسلوب عرض الموضوع
قديم 02-19-2020, 09:33 AM المسعودي غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [1]
المسعودي
باحث ومشرف عام
الصورة الرمزية المسعودي
 

المسعودي is just really niceالمسعودي is just really niceالمسعودي is just really niceالمسعودي is just really nice
افتراضي الإيمان ضد العقل: صياغة جديدة " العقل خلاصنا"

1.
يمارس العرب (أميون وأساتذة جامعات!) طوال سنين حياتهم مهنة "الاعتقاد" بصدد الكثير من القضايا المتعلقة بحياتهم: من قصية "وجود الله " والإيمان به وممارسة طقوس الدين وحتى قيمة وجودنا ومروراً بمعنى وطبيعة وقيمة أنظمة الحكم التي نرزح تحتها، من غير أنْ تتم مراجعة هذا "الاعتقاد" ولا أنْ يتساءلوا، حتى ولو مرة واحدة، كيف حصل هذا "الاعتقاد" ذاته! بل حتى حين يصطدمون بجدار الحقائق المصنوع من "الخرسانة المسلحة" ويكتشفون وهمَ كل هذه الاعتقادات فإنَّ وفاءهم العميق لـ"معتقداتهم"، الذي لا تهزه لا صواعق السماء ولا زلازل الأرض، يجعلهم يفتحون أبواب مستودعات الوَهْم على مصراعيها بحثاً عن أسباب أخرى لآلامهم وجراحهم الدامية على الجدار الخرساني بعيداً .. بعيداً عن الأسباب الحقيقية!
2.
الحقائق عدوهم الأكبر!
إنَّها تحيُّرهم؛ تقلقهم؛ تشكك في "عقيدتهم"؛ تخرجهم عن طورهم؛ تدفعهم إلى المزيد من الأسئلة؛ تفتح أمامهم أنفاق البحث والتقصي عن هذا وذاك وتعرِّضهم لمهاوي اللاوضوح والتعقيد!
"قالَتِ الأعْرَابُ آمَنَّا قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وإن تُطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ"[1]؛
هذا هو مفتاح الوجود المزدوج: "الإيمان" و"الطاعة" ولا شيء آخر: إنها ملكوت السعادة!
"الإيمان" هو الدليل على الوجود والانتماء وهو ما يجعل الأشياء واضحة، بينة، سهلة القبول والاستهلاك، تريح العقل والضمير. أما "الطاعة" فتحررهم من قلقهم ومن حريتهم على حدٍّ سواء. فهي تحررهم من قلق المسؤولية وتقدم لهم حلولاً تُسَهِّل عليهم وجودهم السطحي!
الحرية عبءٌ يُثْقلُ كواهلهم ويورطهم بما لا رغبة لهم فيه: الاختيار!
3.
أنْ تختار، فهذا يعني أنْ تفضِّل وتمِّيز وتقارن وتناقش وتتحقق من حقيقة الأشياء والأقوال والأساطير التي حلت محل الوقائع. وهذا ما يفقدهم الثقة في موطأ أقدامهم.
لقد فقدوا نعمة التفكير وبدلاً من ذلك سلَّحوا أنفسهم بالبلاغة والتأويل الذي لا يعتدُّ لا بدلالات الكلمات ولا بحقائق الوجود المعبرة عنها.
إنهم ضحايا "عقائدهم" المصنوعة من أسمال تاريخ من أنصاف الحقائق والخرافات والأكاذيب الصريحة.
لا شيء يخيفهم أكثر من الحقائق المثيرة للأسئلة!
لا شيء يخيفهم إلى حدِّ الرعب أكثر من الغموض واللاوضوح، والحقائق المختلفة، والوقائع الملتبسة وتنائي الدلالة بعيداً عنهم!
لا شيء يخيفهم إلى حدِّ الجنون أكثر من التفكير!
فالتفكير يدفع إلى الاختلاف لا محالة، والاختلاف أشدُّ الخطايا: "وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ"[2] فـ"البينات" قد جاءت و"بانت"، و"رفعت الأقلام وجفت الصحف" وظهر نور الحق يضيء الكون والتاريخ، وعلاوة على إرادة الله فإنَّ "الحَشْرَ مع الناس عِيدٌ" كما يقول العراقيون. أنْ تكونَ مع الآخرين، مجرد قيمة تافهة من الكتلة الكبيرة، هو عيدٌ للروح وطمأنينة للخاطر. فالآخرون يدفعون عنك شرَّ وحدة التفكير ورجاحة العقل. فـ"الخلاف يهدم الرّأي"، كما يقول علي بن أبي طالب.
أنْ "تُحشر" مع الناس حشراً في نفق "الإيمان" و"الطاعة" هو الطريق المُعَبَّد إلى عبودية الدولة: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ"[3]!
أنْ "تُحشر" مع الناس حشراً، فالأمر لا يعني غير أن تكون عبداً لأوهامك من غير أغلال مرئية، تقف في طوابير "الجماهير" للحصول على بركة "القائد الأوحد" أو "المُحَرِّر" أو "الأمير الحكيم" أو "الرئيس الملهم" أو "حُماة الديار" أو "المجتهد الأعلى" وغيرها من ألقاب العتاة!
4.
من بين دروب الضلال التي يشير إليها الإسلام هو "العقل"، كما ينصُّ قولٌ مسندٌ، وهذه المرة أيضاَ إلى عليٍّ بن أبي طالب: "مَنْ اعْتَمَدَ عَلَى عَقْلِهِ ضَلَّ"!
وفي باب الوضوء (مسألة المسح على الخفين) يقول عليٌّ "أيضاً وأيضاً": " لو كانَ الدِّينُ بالرأي لكانَ أسفلُ الخَفِّ أوْلَى بالمَسْحِ من أعْلاه". ويقول هو أيضاً: "إياك أن تفسر القرآن برأيك، حتى تفقهه عن العلماء".
لا تفكرْ!
لا تعملْ الرأي فيما ترى أو تعتقد!
فالعقل ضَلال والإتباع نجاة!
هذه هي المعادلة الكيميائية المُثْلى للوجود الإنساني!
5.
إذن، هذا هو عدو الدين: العقل. ولكن ليس "العقل المعتزلي" الذي كانت وجهته "التوحيد" من غير تنازل، بل العقل العلمي، عقل التفكير واختبار التفكير والتجربة واختبار التجربة.
فرغم كل الافتراضات الممكنة وغير الممكنة، وإذا ما أردنا أن نزن الأشياء لا بمكيال الدين، بل بمكيال الواقع الذي نعيش فيه ونتنفس هواءه، ألا يقودنا التفكير والمعرفة إلى حلول تنقذنا من قيود الزمان والمكان وتوفر لنا دروب ما كنا نحلم بها؟
المشكلةُ لا أن نؤمن أو لا نؤمن. فليس الإيمان هو العقبة الصعبة، بل بأي شيء نؤمن وكيف؟
إن قضية القضايا ولا يجب أن ننساها أو "نتاناساها" هي أنَّ لا حياة لنا غير هذه الحياة؛ لم نعثر على امتداد تاريخنا البشري، ولن نعثر، على أتفه دليل على وجود عالم آخر من أي شكل كان: لا جنات تجري من تحته الأنهار ولا أشجار تضللنا ولا حياة خالدة!
لم نعثر، لا بالعقل ولا بالحواس ولا أحدَ عادَ من هناك (من وراء حدود القبر) لكي يخبرنا عن وجودٍ غير وجودنا وعن حياةٍ غير حياتنا!
لنتأمل قضية الموت:
6.
[ابن الـ . . . . . .]
في صالة الانتظار في المحطة المركزية للسكك الحديدة، في عاصمة أوربية، تعرفت على عربي لاجيء. جلس قربي هو وزوجته وطفلاه. كان قد تعدى الثلاثين بقليل لكن الشيب قد غزا شعر رأسه تماماً. أخبرته بأنني عربي ففرح جداً لأنه غير متأكد من التعرف على انطلاق القطار على لوحة المعلومات الإلكترونية. بعد ذلك حدثني على السنوات الصعبة التي مروا بها في المخيمات التركية ومخاطر مسيرة الهجرة حتى وصل إلى أوربا " أرض الميعاد". الآن ظروفه قد تحسنت وها هو يسافر لضيافة أخيه في مدينة أخرى. حينئذ قلت له:
ولا يهمك، لقد انتهت رحلة العذاب.
فوافقني على ذلك. لكنني لم استطع أن أواجه إغراء سؤال طالما طرحته على المسلمين"
- إنه امتحان من "الله"، أليس كذلك؟!
فأنفجر صاحبي غاضباً:
- لماذا هذا [ابن الـ . . . .] يمتحننا نحن فقط؟ ولماذا لا يمتحن أولئك [أخوات الــ . . .]؟ لماذا يجتازون الصفوف من غير امتحان؟ لماذا انهار البيت على أبي وأمي. هل هذا امتحان؟ والنتيجة، هل سيواصل[ابن الـ . . . .] امتحاننا؟
7.
وكان من الممكن أن يستمر صاحبي وهو يوجه اللعنات والشتائم على [ابن الـ . . . .] لولا لم أخبره بأن القطار قد وصل وعليهم الانطلاق إلى الممر المخصص.
إنه يكتشف بنفسه أن لا عدالة وأن [أخوات الــ . . .]، وهو يقصد شيوخ الدين، يجتازون "الصفوف" من غير امتحانات أو اختبارات. بل أنهم يعيشون بهناء العيش ورغد الحياة في ظلال "الأزهر" و"جامع الزيتونة" ومقرات "علماء" الدين في النجف وكربلاء وقُم ومَشْهَد وفي مقرات الإفتاء الخليجية وجوامعهم الفارهة المكيفة. إنهم مطمأنون في جناتهم النفطية من غير عناء. امتحانات [ابن الـ . . . .] للفقراء والمعدمين والضعفاء فقط.
أجل لقد اكتشف أن لا عدالة عند هذا [ابن الـ . . . .]، وعليه أن يكتشف الآن أن غياب العدالة يعني: غياب العادل!
8.
هل العقل ضالتنا؟
أعرف أن العقل ليس عصا سحرية، ولا هو مفتاح يفتح كل الأبواب، لكن وجودنا البشري لم يكتشف "وصفة" ناجعة أخرى غيرة لحل مشاكل هذا الوجود.
نستطيع أن نكون ما نشاء، وأن نؤمن بما نشاء، لكننا لم ولن نستطع أن نسقي الزرع بالصلاة، ولن نشفي مرضانا بالدعاء، ولن نمتلك ناصية السيطرة على الطبيعة بشعائر وطقوس الدين.
كل هذه المصائب والتحديات لا يمكن مواجهتها بدون نور العقل!
9.
وهذا هو "الغائب" الحقيقي!


------------------------------------------------------------------------------
[1] سورة الحجرات/الآية 14
[2] سورة آل عمران/ الآية 105
[3] سورة النساء/الآية 59



:: توقيعي ::: <a href=https://www.il7ad.org/vb/image.php?type=sigpic&userid=7185&dateline=1647430620 target=_blank>https://www.il7ad.org/vb/image.php?t...ine=1647430620</a>
  رد مع اقتباس
قديم 04-24-2020, 01:16 PM المسعودي غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [2]
المسعودي
باحث ومشرف عام
الصورة الرمزية المسعودي
 

المسعودي is just really niceالمسعودي is just really niceالمسعودي is just really niceالمسعودي is just really nice
افتراضي

للاسف وقعت سهواً بعض الأخطاء أرجو أن تأخذوا التصحيح التالي بعين الاعتبار:
وهذا ما يفقدهم الثقة في مواطئ أقدامهم.
إن قضية القضايا ولا يجب أن ننساها أو "نتناساها" هي أنَّ لا حياة لنا غير هذه الحياة
تعرفت على عربي لاجئ.
حتى وصلوا إلى أوربا " أرض الميعاد".
سؤال طالما طرحته على المسلمين:
لو لم أخبره بأن القطار قد وصل وعليهم الانطلاق إلى الممر المخصص.
إنهم مطمئنون في جناتهم
لكن وجودنا البشري لم يكتشف "وصفة" ناجعة غيره لحل مشاكل هذا الوجود.



:: توقيعي ::: <a href=https://www.il7ad.org/vb/image.php?type=sigpic&userid=7185&dateline=1647430620 target=_blank>https://www.il7ad.org/vb/image.php?t...ine=1647430620</a>
  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدليلية (Tags)
الإيمان ضد العقل، العقل هو الخلاص،, العقل خلاصنا


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع