شبكة الإلحاد العربيُ  

العودة   شبكة الإلحاد العربيُ > ملتقيات في نقد الإيمان و الأديان > ساحة النقد الساخر ☺

إضافة رد
 
أدوات الموضوع اسلوب عرض الموضوع
قديم 03-14-2020, 01:08 PM المسعودي غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [1]
المسعودي
باحث ومشرف عام
الصورة الرمزية المسعودي
 

المسعودي is just really niceالمسعودي is just really niceالمسعودي is just really niceالمسعودي is just really nice
افتراضي حكاية الحمار الذي تجرأ على الذات الإلهية [الحلقة السادسة]

[تنويه للقراء: هذه الحكاية "تقريباً" من وحي الخيال ولا علاقة لها بالوضع في الشرق الأوسط ولا بالعلاقات الصومالية الألمانية ولا العربية الأسترالية، وأي تشابه مع أحداث أو أسماء فعلية هو "تقريباً" محض صدفة]

بعد سماع تهشم الباب الخارجي وتدفق أصوات عشرات الأقدام، ظهر أمامه رجال قوات الصاعقة وقوات العمليات الخاصة وقوات مكافحة الإرهاب وعشرات من أفراد الشرطة وقوات المشاة والجميع مدججون بالرشاشات ومدافع الهاون وهم يصرخون:
- أين حمار الدار. . الحمار . . أين الحمار!
- أنا الحمارّ.
رد صاحبنا بهدوء وهو يحاول أن ينهض من معلفه.
- ما القضية يا أخوة!
- لسنا أخوتك يا ابن الكلب! هيا تعال معنا!
- إلى أين يا أخوة؟
- لنأكل بقلاوة؟
قال أحد المسلحين الملثمين بسخرية ثم تقدموا نحوه وقيدوا يديه (هل هي يداه أم حافراه؟) ورأسه وجرجروه من المعلف باتجاه باحة البيت.
- إلى أين ستأخذونني يا أخوة؟
- أنت فعلاً حمار! لسنا أخوتك!
- لا تخف. كل شيء على ما يرام. إجراءات روتينية فقط. سوف نتحدث معك عند المختار وستعود إلى البيت بعد ساعة أو ساعتين إن شاء الله!
قال آخر مبتسماً.
* * * * *
لكنه لم يرجع لا بعد ساعة ولا ساعتين.
صاحبنا راح من غير صياح ونياح ولن يعود مهما طالت العهود!
فالرتل العسكري الذي تجاوز العشرات من المركبات العسكرية المدرعة اخترق ساحة القرية باتجاه الطريق السريع المؤدي إلى المدينة. وفي لحظات معدودة اختفى الرتل عن الأنظار وكأن شيئاً لم يكن. وعندما سألوا المختار عن الموضوع أجاب كالأهبل:
- أي موضوع؟
- قوات الصاعقة والقوات الخاصة وقوات مكافحة الإرهاب؟
- هل أنتم تخرفون؟ هذي أضغاث أحلام يا مهابيل؟ هذا من تأثير مشاهدة الأفلام الأمريكية! سوف أقطع البث التلفزيوني حتى تتعلموا معنى الكلام! عودوا إلى بيوتكم ولا تتناقلوا الإشاعات!
وهذا هو كل ما حدث: مجرد أوهام تحت تأثير مشاهدة الأفلام الأمريكية!
* * * * *
رغم قرارات الدولة وما بذلته من مساع كبيرة جداً )بل جبَّارة وهي مشكورة على ذلك) للتستر على "عملية" اعتقال الحمار التي شاركت فيها الكثير من أجهزة الدولة الأمنية كالشرطة وقوات الصاعقة وقوات مكافحة الإرهاب والبوليس السري والحرس الجمهوري وقد حضره قائد القوات الشمالية ورئيس محطة التعبئة الغازية ورئيس هيئة النزاهة في البرلمان وغيرهم، فإن العديد من محطات التلفزيون والصحف الأوربية والأمريكية والمنظمات اللاحكومية والبث المباشر لمحطة الصومال الفضائية و "DW" و" CNN" و"BBC" وإذاعة صوت القرآن كانت تعرف بما حدث وتمَّ نشر العديد من الصور التي تكشف عن تواجد هذه القوات في قرية الحمار (لصعوبة لفظ اسم القرية الحقيقي فقد أُطلق على القرية في وسائل الإعلام العالمية، وخاصة في الإنترنت، اسم " Donkey village").
بل تسربت الكثير من التفصيلات عن وقائع الاعتقال التي رفضت وسائل الإعلام الرسمية أن تأخذها "مأخذ الجد" واعتبرتها جزءاً من "الحملة الشرسة" على الأمة العربية والإسلام والتقدم الحضاري والإنجازات العظيمة!
واستناداً إلى هذه المعلومات "المسربة" اتضح بأنه قد عُقد اجتماعاً سرياً للغاية "!" في إحدى القصور الحكومية حضره كل من: رئيس الجمهورية ووزير الدفاع ورئيس هيئة الإفتاء ووزير الداخلية وقائد القوات المسلحة وقائد قوات الصاعقة وقائد قوات مكافحة الإرهاب وممثلين عن الإدارات المحلية لوزارة الداخلية ووزير الشباب واللجنة الأولمبية ومحافظ المدينة وأئمة الجوامع المحلية ومختار قرية الحمار Donkey village وبائع الحلويات في القرية وصاحب مطاعم "السعادة" في العاصمة ومدير المجاري العامة ورئيس مستشفى المجانين المركزي ومدير الإذاعة والتلفزيون وممثلين عن الهيئات والإدارات الحكومية ذات العلاقة!
كما وتسربت معلومات هامة عن مجريات الاجتماع "السري". إذ تشير هذه المعلومات بأنه قد حدثت مناقشات حامية و"ذات طابع علمي رصين" وطُرحت "مقترحات معاصرة ومتطورة" تتعلق بقضية الحمار وكيفية اعتقاله بدون إثارة وسائل الإعلام العالمية والبث المباشر لمحطة تلفزيون جزر القمر الفضائية.
كما طُلب من رئيس هيئة الإفتاء رأيه الفقهي بالموضوع وخصوصاً بما يتعلق بالسؤال التالي: هل يمكن شرعاً اعتقال حمار؟ وهل يمكن سجنه؟
وتشير المعلومات "المتسربة" (والعهدة على القطة المرقطة) أن رئيس هيئة الإفتاء وبعد مقدمة فقهية طويلة و"عميقة" جداً، مما دفع البعض إلى" الغرقِ" في قِعْر غفوة لذيذة، عرض فيها الكثير من المستجدات في عالم الفقه والتفقه وقرر بأن ما قام به الحمار هو "بدعة" ما بعدها بدعة وإذا لم يُتخذ موقف حاسم وحازم وحالٍ وحاد (وصفات كثيرة تبدأ بحرف الحاء) فإن الأبواب ستفتح على مصراعيها أمام بدع أخطر وأسوء، من شأنها أن تشكل خطراً على الدولة والعقيدة والإصلاح الزراعي. إذ ليس من البعيد أن تطالب القطط بحقوق دينية مثلاً!
إلا أن الجواب المتعلق بالموقف من الحمار كان من أعقد الموضوعات الفقهية "في العالم!" Super answer، فقد أشار الفقيه إلى "أن أبدان الحمير والبغال طاهرة وهذا يعني بأنه لا حرج في أن تتواجد بيننا. كما اتفقت كل المذاهب على أنه لا يجوز قتل الحيوانات عمداً وبدون سبب. وهذا هو فصل الكلام: السبب يا جماعة! ولأنَّ السبب متوفر في حالة الحمار، وهو تشويه سمعة الدين وتعريض العقيدة لمخاطر كبيرة فإنه يجوز معاقبته حتى يكون عبرة لمن لم يعتبر"!
وكما يظهر من المعلومات المسربة بأن الحاضرين لم يناقشوا موضوعاً آخر غير موضوع الحمار. وفي نهاية الاجتماع تم إقرار الخطة المفصلة لاعتقال الحمار بصورة "سرية للغاية" ومن غير إثارة الرأي العام العالمي ومنظمات الرفق بالحيوان ومنظمة الطاقة الدولية. أو كما عبر عنه مدير الإذاعة والتلفزيون (وهو خريج معهد الفقه) بقوله: يجب اعتقاله بصورة "دَمِثَة" (ملاحظة من الكاتب: الدَّمَاثَة هي اللُطْفُ والرِّقَة)!
وقد ختم رئيس الجمهورية كالعادة، الاجتماع السري بقولة:
"أيها السادة، لا نريد حماراً يُصبح شهيداً"!
وقد أجمع الحضور على أهمية هذا الموقف. فهو يعبر عن سياسة راشدة وحكيمة، فمن يريد حماراً شهيداً؟
* * * * *
وكما اتضح فيما بعد وللجميع فإنه لم يبق من الاجتماع شيئاً سرياَ ولا كان اعتقال الحمار هو الآخر سرياً "أو دَمِثَاً". فقد شاعت أخبار الاجتماع والاعتقال ما بين الداني والقاصي. بل حتى القطة المرقطة من قرية الحمار التي تحدثنا عنها في يوم اجتماع القرية في الساحة المركزية كانت على اطلاع واسع بالموضوع وهي كانت من مصادر معلوماتي الرئيسية في كتابة وقائع قصة الحمار هذه (وقد بعثت لي Message)، بالمعلومات المستجدة. طبعاً كان لديها اعتراض على عنوان الحكاية. ففي رأيها أنه كان من الأفضل أن يكون العنوان: حكاية الحمار والقطة المرقطة وأشياء أخرى! على أية حال، هذا موضوع جانبي ولا علاقة له بحكايتنا!
في اليوم التالي من تاريخ الاعتقال ساد في القرية جواً كئيباً وأصْبَحَ سكان القرية صبحهم، بشراً وكلاباً وقططاً وحميراً، بمزاج سوداوي جداً. فقد ظلت الدكاكين والمقاهي مغلقة. ولم يذهب المزارعون كعادتهم إلى مزارعهم. ولم تظهر زوجة المختار الصبية على عادتها على الشرفة المطلة على ساحة القرية الرئيسية. بل لم ير أحد قطة أو كلباً يتمشى في شوارع القرية أو تتجمع أمام الدكاكين ومحلات القصابين لمناقشة أخبار القرية.
أما الحمير فقد أضْرَبَتْ عن الطعام والكلام وعادة الاستماع إلى الراديو.
باختصار: كانت القرية في حزن جماعي شامل. لكن ما هو مثير للمؤرخ أو كاتب السير مثلي هو أنَّ لا أحد يعرف السبب الذي يختفي وراء هذا الإحساس الكئيب.
قد يتبادر إلى الذهن، لأول وهلة، بأن السبب هو اعتقال الحمار. ولكن لم يخطر الحمار مطلقاً على بالِ أحد من القرية. فهي (أقصد القرية Donkey village)، ولله الحمد، مليئة بالحمير. حتى أن نسبة الحمير إلى عدد السكان قد يصل إلى 1.03% لكل واحد من سكان القرية. وهذا يعني بأن العائلة التي تتكون من خمسة أفراد تمتلك 5.15 من الحمير! وهذا أمر غريب جداً. إذ أن زيادة الحمير على عدد السكان يجعل من القرية فعلاً وقولاً قرية الحمير Donkey village.
فما هو سبب هذا الحزن إذن؟
بعد أن رفض الجميع التعاون معي على حل هذا اللغز حتى القطة الصغيرة رمقتني بنظرة غريبة قائلة:
- ها أنت جاد!
ثم اختفت بلمح البصر.
وهكذا كان علي أن أتأمل الوقائع التي حصلت في قرية الحمار والقرى الأخرى وأن أربط ما بينها وبين النتائج الممكن حدوثها (استناداً إلى معرفتي بديمقراطية النظام) كما علي أن "أغربل" المعلومات التي وفرتها لي القطة المرقطة وأدرس نتائجها، لكي أخرج بنتيجة هي أقرب إلى الواقع من مجرد فرضية محتملة.
ففي تلك المرحلة حدثت الكثير من الأحداث الغامضة:
اختفاء أكثر من شخص من سكان القرى الأخرى، لأنهم رفضوا الصلاة في جوامع الدولة؛ تعذيب إحدى القطط المتدينة لأنها صلت وحدها "صلاة الجمعة". وقد اعتبر أحد أئمة الجوامع هذا التصرف مخالفاً للدين. لأن صلاة الجمعة، كما قال، هي صلاة جماعة، فكيف تصلي القطة وحدها؟!؛
وعندما نشر أحد الصحفيين "المغررين" من قبل أمريكا وإسرائيل وشبكة الملحدين العرب وقائع تعذيب القطة في صفحته على الإنترنت، اختفى المسكين وتم إغلاق الصفحة بالشمع الأحمر (يوجد لون أحمر على الصفحة الفارغة) !؛
قبل أسبوعين من اعتقال الحمار وقعت أحداث أخرى أكثر غرابة، فقد ادعت الحكومة بأن سكان القرى كما يبدو أخذوا يتعاطون الكحول ويجب معاقبة المخالفين لشرع الله. والأحداث الغريبة هذه هو اختفاء إحدى القرى المجاورة!
بالضبط، لا يوجد خطأ مطبعي: اختفاء قرية بكاملها من المكان الذي كانت تتواجد فيه. فهناك من ادعى بأنهم قد سافروا للسياحة! ومنهم من قال بأن الدولة منحتهم شققاً في بناية جديدة! وتسربت أخبار، ما تزال غير موثقة، بأنَّ أهل القرية راحوا "في خَبَرِ كانَ"! وعندما سألت القطة المرقطة حول الموضوع، هزت برأسها كالعادة وعلى طريقة أبطال الأفلام الهندية قائلة: هل أنتَ من سكان المريخ يا أخي؟ وعندما سألتها ماذا تقصد ردت عليَّ كسياسي "محنك": بدون تعليق!
فما هو سبب هذا الوضع النفسي التي تمر به قرية الحمار Donkey village ، وكما يبدو القرى الأخرى أيضاً؟
إنه الخوف من اقتراب الساعة!
لا، لا أقصد تلك "الساعة"، أقصد "ساعتهم" الأرضية. فسكان القرية، ككل البشر على الأرض، لهم ذاكرتهم القروية التاريخية. وإن ذاكرتهم التاريخية وتجاربهم تقول لهم أن المصائب تبدأ هكذا: تعذيب قطة هنا، واختفاء حمار هناك، ثم اختفاء قرية بأكملها!
فمتى سيأتي دورهم يا ترى؟!
* * * * *
تقول آخر المعلومات (من مطلعين على مجريات الأمور في البلاد رفضوا أن أذكر أسماءهم) إن الحمار قد اقتيد إلى معتقل سري يقع في المنطقة الصناعية من المدينة لا يعرف أحد حتى من سكان تلك المنطقة بوجوده. وعادة ما تقتاد الدولة إلى هناك المعتقلين الذين لا عودة لهم بعد اعتقالهم!
المسكين، الحمار، راح ضحية الدفاع عن حقوقه المدنية ضد الإرادة الإلهية! كان عليه أن يعرف أنَّه في مملكة الظلام، والحديث في مملكة الظلام عن الحرية جريمة ما بعدها جريمة.
أما أخر ما كتبه الحمار في الإنستغرام فهي الجملة التالية:
نحن اليوم هنا وغداً هناك!
وقد أثارت الكثير من التعليقات والتأويلات والتخمينات والتفسيرات في وسائل التواصل الاجتماعي، ولكن، للأسف، لم يحصل إجماعاً حول الدلالات العميقة التي تختفي خلف هذه الجملة!
فأين يا تُرى يقبع الآن حمارنا؟
البقية في الأسبوع القادم (بعونه تعالى)!

---------------------------------------------------------------------------------------
- هل قرأتم الحلقات الأولى والثانية والثالثة والرابعة والخامسة؟
- لا؟
- إذن، أنصحكم بعدم قراءتهما!
أما إذا غيرتم رأيكم وقررتم قراءتها فهذا هو الرابط:
حكاية الحمار الذي تجرأ على الذات الإلهية [الحلقة الأولى]
حكاية الحمار الذي تجرأ على الذات الإلهية [الحلقة الثانية]
حكاية الحمار الذي تجرأ على الذات الإلهية [الحلقة الثالثة]
حكاية الحمار الذي تجرأ على الذات الإلهية [الحلقة الرابعة]
حكاية الحمار الذي تجرأ على الذات الإلهية [الحلقة الخامسة]



  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدليلية (Tags)
الإلهية, الحمار, الحمار، تجرأ، على اذات الإلهية، تمرد الحمار، اعتقال الحمار, الحلقة, السادسة, الذات, الذي, تجرؤ, حكاية, على


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
اسلوب عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع