شبكة الإلحاد العربيُ  

العودة   شبكة الإلحاد العربيُ > مقهى الإلحاد > ساحة التجارب الشخصـيـة ♟

إضافة رد
 
أدوات الموضوع اسلوب عرض الموضوع
قديم 12-03-2017, 03:03 PM حكمت غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [1]
حكمت
الباحِثّين
 

حكمت is on a distinguished road
افتراضي من بقايا ذاكرة إنسان لاديني...نعمة العقل(1)

كل ما مضى من حياتي قبل أن أبلغ سن العشرين، كان ملتصقا بالقدر والإله. لا أدري كيف خدعت طوال هذه الفترة، كيف قضيت عمري بين شيوخ الدجل والكذب، شيوخ ملء البطون وإطالة الذقون. رغم أني أجد نفسي الآن، من أشد الكارهين للتملق والتظاهر والنفاق، فكيف مرت علي كل تلك السنون، دون أن أنتبه لكل ذلك، لا أعرف.
تلك الطفولة الدينية التي كانت من أجمل لحظات حياتي في يوم من الأيام، لدرجة أني رأيت محمدا في منامي، تحولت فجأة إلى صورة سوداء في كراس ذكرياتي، أضحت جزءا من مشهد تعذيب سادي، يؤلمني كل ما مر في بالي مرور الكرام.
كانت أيام الشتاء بالنسبة لي شيئا لا يوصف من شدة الألم، مشهدا سورياليا بكل ما تحمله الكلمة من معنى، أستيقظ في ظلمات الليل لأصلي الفجر، برد شديد، وفراش يتشبث بك كي لا تترك دفئه، لكن ذاك الإله وذاك النبي لا يتركانك وشأنك، يظلان ورائك حتى تكل وتمل وتخرج من وكر الدفء ذاك، لتتوضأ، وإن لم تستيقظ، أو كان نداء فراشك لك أجدى وأكثر إقناعا وفائدة لك من نداء محمد والله، وابتليت بوالد مثل والدي، فإنه سيركلك بقدمه بقوة متوسطة كي تستيقظ ، فهو أكبر وأرقى من أن يمد يده لإيقاظك، بالنتيجة ستغادر فراشك على أمل أن تكون رحلتك (ذهاب إياب)،تذهب للحمام وتفتح الصنبور، لينسكب منه جليد سائل، وهذا هو الجزء الأصعب في ذاك المشهد التراجيدي، لا أدري لماذا أتذكر كل تلك اللحظات وكأنها بالأبيض والأسود فقط، إنارة خافتة جدا، وطفل يتلوى من الداخل، رغم ذلك فإن الدين، وكرمى لعيون الدين طبعا، قد صنع من ذاك الطفل تمثالا أو صنما متحركا، سيأتي عليه اليوم الذي لن يحس بشيء، لن يتألم، لن يشعر بالبرد، سيغدو ذاك الطفل بعد سنين قليلة، إنسانا مخدرا عقليا وجسديا، وهذا ما تستميت الأديان في الوصول إليه، تخدير البشروإفقادهم جميع الأحاسيس، وسلب كل آليات التفكير من عقولهم.
تمد يديك إلى الماء لتتوضأ، تتجمد ظاهريا، تذيقك عذاب الآخرة في الدنيا، تلسعك كسيل من الأشواك، مما يخلق لديك رغبة للصراخ بأعلى صوت فيوجه ذاك الإله السادي الذي يرى في مشاهد عذاب خلقه ومعاناتهم، أشد اللحظات إثارة وعظمة، يصنع لنفسه كيانا من ورق.
طبعا بعد كل هذه المعانة أبدأ بالتأقلم مع برودة المياه، أكمل وضوئي، ولا أجفف نفسي، فكما كان يحشى ويدك في رؤوسنا، بأن كل قطرة ماء تسيل منك بعد الوضوء، تمحو لك سيئة، ونحن كالمجانين نتحمل كل ذلك الشقاء، مقابل ازدياد الحسنات على حساب السيئات، لنمسي كجامعي الثروات، نطمع في المزيد، ولا ندري أين سنذهب بها بعد موتنا، وربما لن تنفعنا أصلا، فقد تداهم الرحمن نوبة المنتقم الجبار، فيجعلها هباءً منثورا.
طبعا من هم بمثل عقليتي ذاك الوقت، أيام الايمان المشؤومة، ليس من مستواهم الديني و (الحسناتي) أن يصلوا الفجر في بيوتهم، فلا بد لهم من الصلاة في المسجد، وما إن تفتح باب المنزل، حتى تنهال عليك صفعات رياح الشتاء القاسية من حيث لا تدري، فكلما التفت إلى اتجاه لتقي نفسك ووجهك تلك الصفعات، يزداد هجومها الشرس الذي من شبه المستحيل أن يقاوم، في تلك اللحظة ظننت أن تلك الرياح، قاسية الصفعات، المفعمة بالبرودة، التي تضرب ذات اليمين وذات الشمال وذات كل الاتجاهات؛ من أتباع الشيطان لعنه الله، تريد أن تصدني عن صلاة الفجر التي لو اجتمع فيها أعداد من البشر توازي أعداد من يأتون إلى صلاة الجمعة، لانتصرت الأمة الاسلامية، أو ربما قامت الساعة، لا أذكر بالضبط، لأني حاولت طمس كل معالم تلك الذكريات من عقلي، ولكن الذكريات الدينية من القوة بمكان، يجعلها تقاوم جميع أنواع الشطب والمسح الفكري، ولا تنفع معها أقوى مواقف الثمل والانتشاء، تأبى الرحيل من كل جزء منا...المهم بعد أن أصبحت لادينيا تأكدت أن تلك الرياح لم تكن من أتباع الشيطان، أساسا ليس هناك شيطان، ولكنها من أتباع العقل، تحاول ردعي عن ذهابي للمسجد، تحاول إفهامي بأن كل ذلك عبث ليس إلا، لكن المشكلة كانت في أسلوبها الركيك في ايصال الفكرة، فنتيجة أفعالها لم أعد أطيق مواجهتها، لدرجة أني رفضت بعتد فترة الذهاب للمسجد في هذا البرد، رغم إصرار والدي على ذلك، وضربه لي بعنف تطبيقا للحديث "النبوي" القائل: علموا أبنائكم الصلاة وهم ابناء سبع، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر...وليت أدري إذا كان هناك من سيأتي من المسلمين ليقول لي إن هذا الحديث ضعيف، أو أني نقلت أو ابتدعت شيئا على لسان محمد.
.
.
رابط الموضوع في الحوار المتمدن:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=579352
.
موقعي في الحوار المتمدن:
http://www.ahewar.org/m.asp?i=9478



:: توقيعي ::: طربت آهاً....فكنتِ المجد في طربي...
شآم ما المجد؟...أنت المجد لم يغبِ...
.
بغداد...والشعراء والصور
ذهب الزمان وضوعه العطر
يا ألف ليلة يا مكملة الأعراس
يغسل وجهك القمر...
****
أنا ضد الدين وتسلطه فقط، ولكني أحب كل المؤمنين المتنورين المجددين الرافضين لكل الهمجية والعبث، أحب كل من لا يكرهني بسبب أفكاري
  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدليلية (Tags)
إنسان, لادينينعمة, العقل1, بقايا, ذاكرة


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
اسلوب عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
من بقايا ذاكرة إنسان لاديني...نعمة العقل(7) حكمت ساحة التجارب الشخصـيـة ♟ 2 10-31-2018 03:32 PM
من بقايا ذاكرة إنسان لاديني...نعمة العقل(6) حكمت ساحة التجارب الشخصـيـة ♟ 0 09-22-2018 09:24 AM
من بقايا ذاكرة إنسان لاديني...نعمة العقل(5) حكمت ساحة التجارب الشخصـيـة ♟ 4 08-16-2018 08:15 AM
من بقايا ذاكرة إنسان لاديني...نعمة العقل(3) حكمت ساحة التجارب الشخصـيـة ♟ 0 12-11-2017 12:37 AM
من بقايا ذاكرة إنسان لاديني...نعمة العقل(2) حكمت ساحة التجارب الشخصـيـة ♟ 4 12-08-2017 12:13 AM