شبكة الإلحاد العربيُ  

العودة   شبكة الإلحاد العربيُ > ملتقيات في نقد الإيمان و الأديان > حول الإيمان والفكر الحُر ☮

إضافة رد
 
أدوات الموضوع اسلوب عرض الموضوع
قديم 03-25-2019, 03:32 PM حكمت غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [1]
حكمت
الباحِثّين
 

حكمت is on a distinguished road
افتراضي صناعة الوهم والقدسية والشيطان...2

تحدثت في الموضوع السابق عن بعض الأسباب التي ساهمت في تشكيل الثالوث الديني، أي الوهم والقدسية والشيطان، واستطرادا يمكن أن أقول عن الدين، بأنه تلبية لحاجة ملحة لدى الانسان الأول، فكما رأينا سابقا أنها تجيب على العديد من الأسئلة، وتصنع عالما وهميا للإنسان، يرى نفسه من خلاله قد سبر أغوار الكون والحياة وأسرارها، محاولا بذلك إرضاء ذاته وعقله الباطن بأنه قد رسم صورة متكاملة عما يحيط به، لكن الفضول الذي يأبى أن يموت، جعل عملية الأديان عرضة للتطور والتغير سواء من ناحية الشكل أو من المعنى، والدلي على ذلك هو الكم الهائل من التيارات والمذاهب الدينية، ووجود الكثير من المذاهب داخل الدين الواحد، طبعا هذا الشيء لم ينتج من اللاشيء، لأن تقدم الحياة واستمرارها لفترات طويلة بالنسبة لمعظم الأفراد، أوجد ثغرات جديدة في منظومته الفكرية، وهذه الثغرات من شأنها أن تحطم الصورة النمطية الوهمية، والتي رسمها الانسان في مخيلته على أنه انتهى من الإجابة على محيط الأسئلة الذي يسبح فيه، بالإضافة إلى أن شخصية الأنبياء الذين ادعوا أنهم يحملون رسالة الآلهة لهم، كانت تشكل وزنا ثقيلا في هذا المجال، كونه صلة الوصل بين البشر والآلهة، أو تجسيدا للإله نفسه، ومع رحيل وموت هذا النبي، سيعاد خلط الأوراق من جديد ولكن في مرحلة فكرية متقدمة أكثر مما كانت عليه زمن الأنبياء، فغياب التواصل، واختفاء الحلقة الوسيطة بين الآلهة وخليقتها، سبب الكثير من الفوضى و التناحرات الفكرية، وفي الكثير من الحالات وصلت إلى حد الحروب الضارية وإراقة الدماء، كما أن وجود شخصية بمثل مواصفات الأنبياء، لها سطوتها على عقول وأجساد الكثيرين، حفزت الرغبة في السيطرة داخل الانسان، وأصبح كل شخص ينحو بدينه اتجاها مختلفا عن الآخر، في محاولة لخلق منطقة نفوذ سواء كانت جغرافية أو فكرية، فالنتيجة هي نوع من حب السيطرة و التسيد والشهرة والنجومية إن صح أن ننعتها بذلك.
تلك الأسباب أعلاه، هي ما أراها وفق منظوري، الأكثر تأثيرا وتحفيزا لتشكيل هذه المذاهب والتيارات الفكرية التابعة لكل دين، ومن هنا أود القول بأن هذه التيارات الدينية، ليست سوى فلسفة وأسلوب تفكير وتحليل معين، يرى صاحبها من خلالها المنظومة الدينية التي حصل عليها ذاتيا أو بالوراثة، وتعميما بشكل مبني على ما سبق، أرى بأن الأديان وفكرتها وأصولها، ليست سوى خلاصة فلسفية حياتية يراها أنبياؤها بأنها صحيحة، أما عملية تعميمها و إيصالها للبشر، وإعطاءها المكانة المعروفة لها اليوم، كانت مهمة من عاصر الأنبياء وعاش معهم، وهذا ما يبدو واضحا بشكل جلي، لدى مطالعتنا لتاريخ الأديان و أحداثها وما وقع فيها من أمور مهمة وغير مهمة، وإذا آمنا جدلا وافتراضا بوجود الخالق وصحة الأديان، فلا بد أن نجد ان طبيعة كل دين تم تحويرها بشكل فظيع من قبل الأتباع، مما أدى إلى تشويهها وانحرافها عن الطريق المفترض لتسير فيه، و هذا نتيجة نزعة الانسان للتسلط والسيطرة، إذ أنه يستند إلى مقدسات، ويضفي على تطبيقها شيئا من اللمسات والتوابل الخاصة به، كي يغدو علما مشهورا ذا شأن ومكانة أعلى ممن هم حوله، وهذا ما هو موجود فعلا في معظم الأديان حاليا، فجميع المذاهب والتيارات الفكرية في كل الأديان، تنسب لنفسها الصحة والدقة في تناول وطرح الدين، وأن المخالفين منحرفون عن الطريق القويم، ويصعب أن تجد دينا بلا مذاهب، لكونها أصيلة ومتجذرة بالدين نفسه، بالإضافة لأنها تضفي على ذات الانسان شعورا بالانتماء لفئة معينة، معززة بذلك الأمن والطمأنينة التي تضفيها الجماعة على الفرد، كون الانسان بغريزته لا يستطيع البقاء وحيدا للأبد.
قد يتساءل البعض عن جمود الأديان وعدم تطورها حاليا، أو عن سبب عدم ظهور دين جديد، يكسب ذات الشهرة التي اكتسبتها الأديان القديمة، ونضوب ينبوع الأديان، فآخر معتقد ديني أخذ رواجه الكبير هو الإسلام، وبغض النظر عن أنه انتشر بالسيف، إلا أنه كان ختام هذا الينبوع، وأخر قطرة خرجت من ذاك البئر، ويمكن أن ألخص الأسباب التي أدت إلى توقف مفرخة الأديان في النقاط التالية:
I. تطور البشرية بشكل ملحوظ نحو مستقبل وعالم يختلف بشكل جذري عن المقومات التي كانت في العصر القديم، والتي كان لها دور أساسي في نمو وترعرع الأفكار الدينية، وتتسم هذه المرحلة بأن العلم آخذ في التعاظم يوما بعد يوم، وانتشار هذه العلوم أدى إلى تحجيم فكرة الدين ووضعها داخل حدود ضيقة لا تستطيع المناورة فيها، إذ أن الأديان الكبرى المسيطرة على العالم، تكاد تقف عاجزة عن الوقوف في وجه المد العلمي، الذي أفضى إلى إفهامنا آلية عمل وأداء الكثير من الأشياء حولنا، وبات الكثير من الناس يصنفون ضمن اللاإكتراثيين، الذين لم يعودوا يهتموا بمثل هذه المواضيع، باستثناء أولئك الذين يرزحون تحت وطأة الاستبداد السلطوي، الذي غمرهم في مستنقع الجهل وتوجيه العلوم التطبيقية والإنسانية كي تدعم ما يصبو إليه. ورجال
II. عدم تبني هيئات سياسية أو حكومية رسمية لأي دين جديد مولود حديثا، لأنهم إن فعلوا ذلك، سيكتبون نهايتهم بأيديهم، سيؤلبون عليهم شعوبهم لأنهم كسروا القدسية التي توارثتها الأجيال لمعتقداتهم، إضافة إلى فقدان الثقة بين الشعب ورجال الدين المؤتمرين بأوامر الحكام بشكل مباشر أو غير مباشر، وبالتالي سيفقد أحد أهم عوامل السيطرة على القطيع، وستنقطع خيوط الدمي التي يمسكون بها الشعب ويقودونهم حيث يشاؤون، فالإسلام مثلا، ما كان لينتشر بهذا الشكل لولا وجود هيئة حاكمة قوية سياسيا واقتصاديا وعسكريا قامت بقيادة الأفراد على أساس الدين أن أعمالها مباركة دينية وواجبة، كذلك المسيحية لم تكن لتنتشر على هذا المدى لولا تبني الإمبراطورية الرومانية للمسيحية كدين لها، مما ساهم في انتشار أفكارها عبر هذه المسافات الشاسعة.
III. انعدام المعجزات في العصر الحالي، أو بالأصح عدم قدرة الدجالين على خداع البشر بأمور تبدو للعيان أنها خارقة ويستحيل أن تكون من صنع بشر، وذلك بفضل التقدم الفكري والعلمي أيضا، فلم يعد هناك شيء يمكن فعله وخداع الجميع به، ووجود شخص عادي لا ميزة له، هو نوع من السخافة للتصديق به، لذلك نرى أن كل التيارات الدينية الجديدة، تعتمد في أسسها على الأديان القديمة، وتقوم ببعض التغيرات الجوهرية وغير الجوهرية مظهرة نفسها على أساس أنها حركة اصلاحية وليست دينا جديدا.
IV. توفر مصادر المعرفة بسهولة وبكثرة وخصوصا على الانترنت، ويسعني هنا أن أقدم أسمى التحيات العطرة لتكنولوجيا المعلومات التي سمحت لنا بالوصول إلى المعارف والعلوم بسهولة ويسر، إذ أن القديمين كانوا بحاجة للسفر من بلاد لأخرى كي يحصلوا على كتاب أو مقالة، أو كان عليهم الانتظار لفترات طويلة قبل أن تصلهم أحدث الكتب والعلوم والتيارات الفلسفية والفكرية، مما أدى لتغيير جذري في عقلية البشر، وظهور مدارس فكرية جديدة تتخذ من بعدها عن الأديان مسلكا لكل تفاصيلها.
V. الوصول إلى الحدود القصوى تقريبا للخيال البشري في هذا المجال، ولم تعد المخيلة قادرة على انتاج أشياء موهومة أكثر من هذا الحد في هذا المجال، فهي بذلت أقصى جهد في نقل الآلهة إلى مكان لا نستطيع الوصول إليه ومعاينته، ولا أظن أن هناك خيالا أوسع من جعل الإله موجودا في اللامكان واللا زمان، إذ أنه لم يعد بالمقدور إبعاد الآلهة أكثر من ذلك، وأي دين جديد يأتي به أي شخص، لن يستطيع أن يكون ذا مكانة بين الناس، لأنه بشكل أو بآخر سيظل يراوح بين الخطوط العريضة التي رسمها القدماء.
ومما سبق، أستطيع أن أقول بأن الأمل مفقود تماما في وجود أي دين جديد، بل إن المستقبل يبشر بقرب انتهاء التسلط الديني على رقاب البشر في فترة ليست ببعيدة، وما الكفاح دفاعا عن الدين، والحملات التبشيرية التي تطلقها الأديان، إلا لفظ للأنفاس الأخيرة الدينية، ومسمار غليظ يدق في نعشها، وكما يقال بأن الصراخ على قدر الألم، وما نراه من تشابكات واشتباكات دينية، سواء كانت فكرية أو حربية، تعبر عن جسد يحتضر ويجاول استجرار أرواح كي يبقى على قيد الحياة مسيطرا، لأطول فترة ممكنة.
.
.
يتبع
.
.
رابط الموضوع في الحوار المتمدن:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=629451



:: توقيعي ::: طربت آهاً....فكنتِ المجد في طربي...
شآم ما المجد؟...أنت المجد لم يغبِ...
.
بغداد...والشعراء والصور
ذهب الزمان وضوعه العطر
يا ألف ليلة يا مكملة الأعراس
يغسل وجهك القمر...
****
أنا ضد الدين وتسلطه فقط، ولكني أحب كل المؤمنين المتنورين المجددين الرافضين لكل الهمجية والعبث، أحب كل من لا يكرهني بسبب أفكاري
  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدليلية (Tags)
الوهم, صناعة, والشيطان2, والقدسية


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
اسلوب عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
صناعة الوهم والقدسية والشيطان...3 حكمت حول الإيمان والفكر الحُر ☮ 1 02-27-2021 03:42 PM
صناعة الوهم والقدسية والشيطان...4 حكمت حول الإيمان والفكر الحُر ☮ 0 06-20-2019 09:57 PM
صناعة الوهم والقدسية والشيطان...1 حكمت حول الإيمان والفكر الحُر ☮ 0 03-01-2019 04:19 PM
هل الاسلام صناعة حبشية غراب العقيدة الاسلامية ☪ 15 07-10-2017 11:26 PM
صناعة اليأس soufyan2015 ساحة التجارب الشخصـيـة ♟ 0 04-02-2015 10:30 PM