شبكة الإلحاد العربيُ  

العودة   شبكة الإلحاد العربيُ > ملتقيات في نقد الإيمان و الأديان > مقالات من مُختلف الُغات ☈

إضافة رد
 
أدوات الموضوع اسلوب عرض الموضوع
قديم 06-10-2014, 11:23 AM ترنيمه غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [1]
ترنيمه
عضو برونزي
الصورة الرمزية ترنيمه
 

ترنيمه is on a distinguished road
45t45 لماذا يعادون كل ماهو جميل وودود


سامى لبيب




الدين عندما ينتهك إنسانيتنا (41).

لى رؤية قدمتها كثيرا ً أن الإنسان ينجذب للدين كونه يلبى أبعاده النفسية بل أن الإيمان فى حد ذاته تعبير عن حاجات ورغبات نفسية تطلب الحضور والتحقيق بالرغم من خصومة الميثولوجيا الدينية والمنظومة الإيمانية لأى منطق .. لذا هذه الرؤية تستطيع تفسير المواقف المتزمتة والعنيدة للأصوليين لأقول أن النص لا يمارس سحراً على المؤمن بمعنى ليس كل من يقرأ نصاً سيندفع على الفور لممارسة الشدة والعنف ليكون إرهابيا بل كونه ذو تركيبة نفسية مضطربة تبحث عن تفريغ طاقة عنفها الداخلي سيلجأ للتراث كون النص هنا بمثابة المظلة الشرعية للمُحبطين وفاقدى البوصلة لممارسة العنف المكبوت بإرتياحية ولذة .

هذه الرؤية تستمد صحتها كون الإنسان ذو تركيبة نفسية تبحث عن التوازن وفقا لمفرداته المعرفية فلن يخطو نحو العنف مهما قرأ من آيات ونصوص تحثه على قتال وكراهية المخالفين , ولن يكون وديعاً مهما تلى آيات الصفح والتسامح .ولكن من الأهمية بمكان إدراك أن هذه الرؤية ليست متفردة ميكانيكية ذات مسار واحد بل هناك علاقة جدلية ما بين الثقافة والإنسان فبقدر ما يبدع الإنسان مفرداته الثقافية التى تتلائم مع مكنوناته الداخلية إلا أن الثقافة تمارس دورها الجدلى فى التأثير والتشكيل وتكوين الشخصية طالما هى ثقافة وحيدة متفردة فهنا يكون حضورها الساحر الطاغى لنرجع ونؤكد مرة ثانية كون هذه الثقافة مهيمنة فى غياب أى مفردات ثقافية أخرى لتقوم بتشكيل السلوك ورسم ملامحه .

لا يجب أن نستهين بالمناخ الثقافى السائد الآن فى تزايد هيمنة الثقافة الأصولية الإسلامية السلفية فهى تخترق وعى الجماهير وتؤثر على محتواه ومفرداته فى ظل غياب ثقافة مدنية معاصرة قوية ليتشوه الإنسان المسلم بالتشبع بمفردات سلوكية وفكرية لعصور قديمة كان لها ظرفها الموضوعى ليتم إسقاطها على واقع مغاير ضاربة بعرض الحائط تغير وتطور المجتمعات لنحظى على منظومة تنتهك إنسانيتنا وتقذف بنا بعيداً عن مضمار الإنسانية المعاصرة مُنتجة حالة من البداوة والشلل الحضارى , وتزداد الأمور صعوبة عندما يتم العلاج بما هو داء بمزيد من التمرغ فى الفكر التراثى والتحصن داخله .

هالنى فيديو قصير للشيخ أبو إسلام يعرب فيه عن أن عيد الأم باطل وينهى عن تعاطى المسلمين معه فهو عيد كنسى للكفرة الصليبين ..يخطئ الشيخ أبوإسلام فى إعتبار أن عيد الأم عيداً كنسياً فهو لا علاقة له بالمسيحية بل يمكن تصنيفه كعيد مدني من منجزات التحضر الإنساني مثل عيد العمال وعيد الثورة والإستقلال وماشابه ليكون زعم الرجل أنه كنسى صليبى لتنفير المسلمين منه إعتماداً على تراث هائل من التوجس والنبذ لكل ماهو مسيحى يهودى فى التراث الإسلامى .
http://www.youtube.com/watch?v=mPuLzOAtQJ4
هذا الفيديو بمثابة البداية لفتح الطريق نحو المزيد من البحث عن علاقة الثقافة الإسلامية بالآخر والعصر والحداثة وآفاق رؤيتها التى يتشكل منه وعى المسلم وسلوكه .

إمتعاضنا من تقبيح الشيخ أبو إسلام لعيد الأم والتنفير منه لا يمكن تعزيته كونه وجه جديد للسلفية باحث عن دور وحضور إعلامى فالإسلام الأصولى ينافس الآن المبدعين والفنانين فى الميديا الإعلامية لذا لا أعتبر الشيخ يُبدع شئ من جموحه المتطرف فهناك بالفعل تراث فقهى يتكأ عليه ليسطر فتواه هذه , ومن هنا كان بداية بحثنا بمواقع الإنترنت التى تتناول مواقف فقهية وفتاوى لأمور مستحدثة لأحظى على إجماع لكل ماهو متطرف ومتصلد وشاذ ليُنتهك أبسط القيم والرموز الجميلة فى حياتنا .

* عيد الأم
كان للكاتب على أمين فى النصف الأول من القرن الماضى السبق فى إقتراح تخصيص يوم للإحتفال بالأم تُقدم فيه لمسة وفاء وتقدير لها لتجد هذه الدعوة قبولاً رائعاً وسط المصريين ليقدموا لأمهاتهم كل ما يعبر عن مشاعرهم الجميلة .
الإنسان الطبيعى لن يجد غضاضة فى الإحتفال والإحتفاء بالأم لإبداء الحب والوفاء والإمتنان لها ولكن أئمة وعلماء المسلمين لهم رأى آخر فيرون هذا العيد بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة فى النار فإحتفال المسلمين بعيد الأم هو تقليد للكفار الصليبين !!
فعن اللجنة الدائمة للبحوث العلمية و الإفتاء السعودية "لا يجوز الاحتفال بما يسمى " عيد الأم " ولا نحوه من الأعياد المبتدعة لقول النبي صلى الله عليه وسلم " من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد " ، وليس الاحتفال بعيد الأم من عمله صلى الله عليه وسلم ولا من عمل أصحابه رضي الله عنهم ولا من عمل سلف الأمة ، وإنما هو بدعة وتشبه بالكفار ." فتاوى اللجنة الدائمة " ( 3 / 86 ) .
ويقول الشيخ عبدالعزيز بن باز " وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم التحذير من المحدثات في الدين وعن مشابهة أعداء الله من اليهود والنصارى وغيرهم من المشركين مثل قوله صلى الله عليه وسلم : { من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد } متفق عليه وفي لفظ لمسلم { من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد } والمعنى : فهو مردود على من أحدثه ، وكان صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته يوم الجمعة { أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة } أخرجه مسلم في صحيحه .

التراث الإسلامى يستقبح الإحتفال بالأم وتقديم أى مشاعر من الود والإمتنان والوفاء لها كون هذا تقليدا للغرب الكافر لتسأل عن عيب التقليد إذا كان طيباً ونبيلاً , وماذا سينال الإيمان الإسلامى من تقديم مشاعر حب وإمتنان للأم لتكون النتيجة نفور وإستهجان يصل بالأمور إلى حدود البدعة والضلالة .!!

* أعياد الميلاد .
ما رأيك فى الإحتفال بعيد ميلاد أطفالنا .. أليس هذا شئ رائع يجلب الفرح والسعادة فى نفوس الأطفال والآباء والأمهات .. ألا يجسد معنى وذكري ولمسة جميلة تشيع الفرح والبهجة فى النفوس مانحة الدفء والفرح فى قلوب الأطفال والكبار على السواء ولكن هذه الإحتفالية البسيطة الرائعة لا تجد مباركة من رجال التراث بل النبذ والتقبيح ومخالفة الإسلام فنجد نفس الموقف من عيد الأم فنحن أمام تقليد للكفار والمشركين .!
يقول الشيخ عبدالعزيز بن باز : لقد وقع ما أخبر به الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم من متابعة هذه الأمة إلا من شاء الله منها لمن كان قبلهم من اليهود والنصارى والمجوس وغيرهم من الكفرة في كثير من أخلاقهم وأعمالهم حتى استحكمت غربة الإسلام وصار هدي الكفار وما هم عليه من الأخلاق والأعمال أحسن عند الكثير من الناس مما جاء به الإسلام ، وحتى صار المعروف منكراً والمنكر معروفا ، والسنة بدعة والبدعة سنة ، عند أكثر الخلق؛ بسبب الجهل والإعراض عما جاء به الإسلام من الأخلاق الكريمة والأعمال الصالحة المستقيمة فإنا لله وإنا إليه راجعون ، ونسأل الله أن يوفق المسلمين للفقه في الدين وأن يصلح أحوالهم ويهدي قادتهم وأن يوفق علماءنا وكُتّابنا لنشر محاسن ديننا والتحذير من البدع والمحدثات التي تشوه سمعته وتنفر منه ، إنه على كل شيء قدير ، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه ومن سلك سبيله واتبع سنته إلى يوم الدين .

يا نهاااار .. عيد ميلاد طفل تقدم فيه الحلوى والهدايا والبالونات أصبح بدعة بل تحكم بغربة الإسلام .. لذا لا تحتفل بعيد ميلاد طفلك ولا تشيع الفرح والسعادة فى قلبه وقلبك وقلوب الأسرة فهذه بدعة تنال من إيمانك الإسلامى .. لا داعى لأى فرح وأحلام جميلة لهذا الطفل حتى لا يهتز الإسلام .!!

*عيد شم النسيم .
أتذكر فى السنه النهائية بالجامعة حينما كنا نناهض اتفاقية كامب دافيد أن الإخوان المسلمين والجماعة الإسلامية بعد أن تسيدوا المواقع القيادية فى الإتحادات الطلابية عزفوا عن المشاركة فى هذه القضية الحيوية لنجد كل غاياتهم هو إجهاض اليسار كما هو مخطط حينها ليكون المشهد الحالى من هيمنة الإسلام السياسى فى مصر هو تكرار لأيدلوجيتهم الراغبة فى إجهاض أى قوى مدنية .. المهم أُقدم للتحقيق بأنى أوزع منشورات تناهض نظام الحكم واتفاقية كامب دافيد فلم أجد حينها مخرج إلا بتوريطهم معى بتقديم منشور لهم يذكرون فيه أن عيد شم النسيم هو عيدا للكفار ومضيفاً أن رئيس الإتحاد أعلن فى حواره معى اننى كافر .
من هذا الحدث أدركت موقف الإسلاميين المتعنت من عيد شم النسيم الذى يحتفل به كل المصريين مسلمين وأقباط . فرجال التراث الإسلامى لديهم موقف حاد ومُنفر من الإحتفال بهذا العيد لنجد شحنة هائلة من الفتاوى تحرم الإحتفال به .!
الشيخ ابى اسحاق الحوينى يُحرم مشاركة الإحتفال بيوم شم النسيم فهذا يحرك ثوابت المسلمين , فالبيض والفسيخ سيقوض الإسلام ليستنكر قيام المنقبة التى غطوها بشكل مسخ لتستنشق الهواء فى الحدائق ولا يتوانى عن تحريم بيع البيض والفسيخ والرنجه فمن فعل ذلك فهو آثم وكسبه حرام .!
http://www.youtube.com/watch?v=OGmbAsv9XR4

نقول أن شم النسيم عيد للمصريين خارج عن أى طقوس وممارسات دينية منذ دخول المسيحية إلى مصر لتصبح تمظهرات تبحث عن الفرح والجمال والألفة فقط فلا تنال من إيمان المسيحى أو المسلم ... هل لنا أن نسأل ماهو هذا الإيمان الذى يتصور أن أكل البيض والملانه والفسيخ سيقوض أسس الإيمان ويبدد أركانه ليضل المؤمنين ويفسد إيمانهم بمجرد تناولهم شريحة من الفسيخ .. هل نقول هو تصور ساذج للإيمان الهش أم هو حرص على تحصين شرنقة الهوية من الإختلاط .

* تحريم تهنئة المسيحيين بأعيادهم .
تحريم الإسلام بتهنئة النصارى واليهود بأعيادهم حاد وواضح فى التراث الإسلامى ليجد سبيله مع تصاعد الهوس الإسلامى على يد السلفية الأصولية فبعد ان كان المصريون فى غياب المد الأصولى يهنئون بعضهم البعض بأعيادهم الإسلامية والمسيحية لتجد الزيارات والحلوى والتواد حاضراً بدأت تتقلص هذه الظاهرة بشكل غريب ليعتليها الإهمال والجفاء والبرود فقد سرى فى الجسد المصرى النعرة الطائفية والتوجس والتحفز فى أمر جميل كان يمارس بحب وجمال .

يرد الشيخ ابن عثيمين على عدة أسئلة عن حكم تهنئة النصارى بأعيادهم كالكريسماس وكيف نردّ عليهم إذا هنئونا به ؟وهل يجوز الذهاب إلى أماكن الحفلات التي يُقيمونها بهذه المناسبة ؟وهل يأثم الإنسان إذا فعل شيئا مما ذُكِر بغير قصد ؟ وإنما فعله إما مجاملة أو حياءً أو إحراجا أو غير ذلك من الأسباب ؟
وهل يجوز التّشبّه بهم في ذلك ؟
فيجيب الشيخ - :تهنئة الكفار بعيد (الكريسميس ) أو غيره من أعيادهم الدينية حرام بالاتفاق ، كما نقل ذلك ابن القيّم - رحمه الله – في كتابه أحكام أهل الذمة ، حيث قال : وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق ، مثل أن يُهنئهم بأعيادهم وصومهم ، فيقول : عيد مبارك عليك ، أو تهنأ بهذا العيد ونحوه فهذا إن سلِمَ قائله من الكفر فهو من المحرّمات ، وهو بمنزلة أن تُهنئة بسجوده للصليب بل ذلك أعظم إثماً عند الله ، وأشدّ مَـقتاً من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس وارتكاب الفرج الحرام ونحوه . وكثير ممن لا قدر للدِّين عنده يقع في ذلك ، ولا يدري قبح ما فعل ، فمن هنّـأ عبد بمعصية أو بدعة أو كـُـفْرٍ فقد تعرّض لِمقت الله وسخطه....وإنما كانت تهنئة الكفار بأعيادهم الدينية حراما وبهذه المثابة التي ذكرها ابن القيم لأن فيها إقراراً لما هم عليه من شعائر الكفر ، ورِضىً به لهم ، وإن كان هو لا يرضى بهذا الكفر لنفسه ، لكن يَحرم على المسلم أن يَرضى بشعائر الكفر أو يُهنئ بها غيره ؛ لأن الله تعالى لا يرضى بذلك . انتهى كلامه.

نسأل فى نهاية هذا المشهد ما الذى ينال من الإسلام والإيمان من تقديم المسلم التهنئة الودودة لجاره المسيحى هل يعنى هذا إنصرافه عن الإيمان الإسلامى .. هل لنا أن نسأل عن هذا الدين الذى يخشى من مجرد إبداء الود مع الآخر , هل هو الخشية من انهيار إيمان المسلم أم هو خلق حالة من البغض والنفور لبقاء الهوية والشرنقة بعيدة عن أى تماس .؟!

*حتى عيد الثورة والإستقلال .
لم تكتفى ظاهرة التأسلم السلفى من نبذ وتحريم الإحتفالات بعيد الأم وشم النسيم وأعياد الميلاد بدعوى أنها تقليد للكفار بل إستقبحت الإحتفال بأعياد وطنية كعيد الثورة او ذكرى الإستقلال من المحتل أو عيد تكريم العمال أو يوم النصر على العدو فكل هذه بدع وضلالات لا يجب للمسلم أن يتعاطى معها بإحتفالية أو إهتمام .!
أمامنا فتوى للجنة الدائمة بالمملكة العربية السعودية برئاسة الشيخ الامام / عبد العزيز بن باز حول حكم الاحتفال باليوم الوطني من كتاب " فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " من الطبعة الأولى لمكتبة المعارف بالرياض ورقم الفتوى : ( 9403 ) -الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله واله وصحبه .. وبعد :
أولا : العيد اسم لما يعود من الاجتماع على وجه معتاد إما بعود السنة أو الشهر أو الأسبوع أو نحو ذلك فالعيد يجمع أمورا منها : يوم عائد كيوم عيد الفطر ويوم الجمعة ، ومنها : الاجتماع في ذلك اليوم ، ومنها : الأعمال التي يقام بها في ذلك اليوم من عبادات وعادات .
ثانيا : ما كان من ذلك مقصودا به التنسك والتقرب او التعظيم كسبا للأجر ، أو كان فيه تشبه بأهل الجاهلية أو نحوهم من طوائف الكفار فهو بدعة محدثة ممنوعة داخلة في عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم " من احدث في امرنا هذا ما ليس منه فهو رد " رواه البخاري ومسلم ، مثال ذلك الاحتفال بعيد المولد وعيد الأم والعيد الوطني لما في الأول من إحداث عبادة لم يأذن بها الله ، وكما في ذلك التشبه بالنصارى ونحوهم من الكفرة ، ولما في الثاني والثالث من التشبه بالكفار ، وما كان المقصود منه تنظيم الأعمال مثلا لمصلحة الأمة وضبط أمورها كأسبوع المرور وتنظيم مواعيد الدراسة والاجتماع بالموظفين للعمل ونحو ذلك مما لا يفضي الى التقرب به والعبادة والتعظيم بالأصالة ، فهو من البدع العادية التي لا يشملها قوله صلى الله عليه وسلم :" من احدث في امرنا هذا ما ليس منه فهو رد " فلا حرج فيه بل يكون مشروعا .
ويلتحق بهذا التخصيص والابتداع ما يفعله كثير من الناس من الاحتفال بالموالد وذكرى استقلال البلاد أو الاعتلاء على عرش الملك وأشباه ذلك فإن هذه كلها من المحدثات التي قلد فيها كثير من المسلمين غيرهم من أعداء الله وغفلوا عما جاء به الشرع المطهر من التحذير من ذلك والنهي عنه وهذا مصداق الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال : " لتتبعن سَنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه"، قالوا : يا رسول الله اليهود والنصارى ؟ قال: "فمن!"،وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد واله وصحبه وسلم .

إذا كان هناك مبرر مصطنع وسخيف من لفظ أعياد الأم والميلاد كونها تقليد للغرب الكافر فما معنى إستقباح وتنفير الإحتفال بأعياد قومية ليس للغرب فيها شيئا فهى أعيادنا وتاريخنا .
هنا يمكن تلمس المشروع الإسلامى فى تصلده فهو لا يجد أى معنى للإنتماء للوطن وهذا يكشف أيدلوجية الإسلام السياسى الذى لا تفضحه مقولة مرشد الأخوان السابق " طز فى مصر " ليعتبرها الطيبون زلة لسان من مرشد أحمق بل نحن أننا أمام أيدلوجية تتنصل من الإنتماء الوطنى , ولعلنا نتطرق لهذا الامر فى مبحث آخر مفصل .

- إنهم يقتلون كل شئ جميل .
بعد عرض هذه المشاهد المُنفرة والمُستقبحة والمُحرمة للإحتفالية بعيد الأم وعيد ميلاد طفل وعيد شم النسيم حتى عيد وذكرى وطنية فماذا لنا أن نقول .. هل هو تزمت وضيق أفق أم معاداة لكل جميل وطيب داخل النفس الإنسانية .
بالطبع لا يوجد أى منطق محترم يبرر هذا التعنت والصلادة فى التعاطى مع إحتفاليات جميلة تمنح الفرح والسعادة والسلام فى النفوس .. فماذا يضير الإيمان الإسلامى من الإحتفالية بعيد الأم حيث يقدم الأبناء بعض الإمتنان والوفاء لها وبث إحساس بالفرح والسعادة فى قلبها .. ماذا سينتقص من الإيمان الإسلامى عندما نقلد الغرب بالإحتفال بذكرى ميلاد أطفالنا ومنحهم شحنة من البهجة والفرح والإهتمام .. ماذا ينال من الإيمان الإسلامى عندما يجتمع البشر للإحتفال فى الحدائق العامة ليكسروا حدة التلوث والقبح والكآبة فهم مازلوا على إسلامهم ولم يرتدوا إلى إيمان الفراعنه بشريحة من الفسيخ .. هل يتم إختراق الإيمان الإسلامى وتدهور أركانه لمجرد تهنئة ودودة من المسلم لجاره المسيحى .. هل ينهار الإسلام ويتداعى لمجرد الإحتفال والإعتناء بذكرى عيد ثورة أو نصر أو إستقلال وطنى .

ما معنى إستقباح وتحريم تقليد الكفار والمشركين والتى تتصدر دوما كل الفتاوى بالرغم أننا لو رصدنا حياتنا فسنجد أننا لا نقلد الغرب بل نرتمى تحت حذاءه نتسول العلم ومنجزاته التكنولوجية من الإبرة للصاروخ ليخيل لك أن الغرب لو مارس هذا الغباء والكراهية التى تعترينا وتعاطى معنا بعداء ليمنع كل منجزاته عنا فسنرتد حتما للصحراء فى وقت قريب .. إذا كن نستورد من الغرب كل منجزاته العصرية فما المشكلة أن نقلده فى نهجه الإنسانى عندما يحتفل ويشيع البهجة فى قلوب الأمهات والأطفال ... هل يعنى هذا إنصرافنا عن إيماننا الإسلامى .؟!

المتأمل بإنصاف وحيادية لهذه المشاهد المتعنته سينعتها بالصلف والتزمت والتعصب والكراهية التى لا مبرر لها وقد يعتبرها البعض نتاج رجال تراث أعداء لكل ماهو جميل وودود فى الحياة كونهم مغرمون بمعارك جهادية مع طواحين الهواء .
هذه الإنطباعات لتلك المشاهد المتعنته الصلدة هى غبية وقبيحة بالفعل لتصبغ الشخصية الإسلامية بالترصد والعدائية والتجهم فى مواجهة كل ماهو جميل وودود ولكننا بذلك لم ندرك الظروف الموضوعية التى أدت للوصول لهذه الحالة من القبح والبشاعة .

الإسلام لا يختلف شيئا عن التراث العبرانى سوى فى رغبته بالإنتشار بين الشعوب بينما تنصرف اليهودية عن هذا الهدف فهى لا تريد للغرباء أن يلتحقوا بها , ولكن وجه التشابه والتطابق هو ذلك النفور الشديد من الغرباء و الآخر بالتشرنق داخل الجماعة المؤمنة مع النبذ والنفور لكل من هو خارج الجماعة لخلق هوية محددة مُحفزة ومُتحفزة فكما كان السلوك اليهودى عدائياً للغرباء والأغيار شاهراً سيف النبذ والكراهية يأتى السلوك الإسلامى حاداً نابذاً وباغضاً للآخر .

يشترك التراثان فى تجييش المشاعر وعسكرة الإيمان لخلق حالة تمايزية حادة تعتنى بخلق الهوية فبدون شرنقة متينة لن يكون للهوية وجود ..لذا فمن الأهمية بمكان تصعيد فوبيا الآخر والتحذير منه كراصد ومتحفز للمسلم (ولن يرضى عنك اليهود والنصارى حتى تتبع ملتهم) وذك كضمانه لبقاء الهوية قوية ومتماسكة , وكلما تم تبغيض أى تمظهر للآخر حتى ولو كان طيباً فهذا يعنى شرنقة أكثر قوة ذات حالة إستقطابية حادة تأمل فى التحصن من الإختراق والتداعى لذا فالمواجهة الحادة المستقطبة على كافة الأصعدة يعطى المشروع الدينى حالة تمايزية ويؤسس للمزيد من القوة والإنصهار والقدرة على الإستمرار .
غاية التراث الإسلامى التشرنق والتحصين لذا تولدت حالة من الهوس ضد الآخر ترفع فيه إدعاءات ضخمة شاذة وغير منطقية عن خبث الآخر ورغبته فى تقويض ثوابت الإسلام ليزداد حجم الهوس كلما كان هذا الآخر متفوقاً وقوياً لتتولد الرغبة فى تصعيد الكراهية والنفور على أى تمظهر حتى ولو كان طيباً نبيلاً فلعل هذا التجييش يجدى فى الحفاظ على الشرنقة .

هذا النهج المتصلد فى التعاطى يأتى بحصاده المر فتزداد معدلات بشاعتنا و قبحنا لنحظى بمنظومة من البلادة والتبلد والجفاء والعداء الغير مبرر.. ففى سبيلنا نحو محاربة طواحين الهواء المتمثلة فى الآخر والغرب نخلق شرنقة صلدة صدأة لنحظى بالضرورة على حالة إنسانية تتسم بالتبلد والقبح لا تعتنى بالجمال والود والحياة فيكون القبح والبشاعة هى نصيبها.

لا يجب أن نستهين بهذه الرؤية المتحفزة الباغضة للآخر سواء أكانت بوعى أو بدون وعى , سواء أكانت متصاعدة أم متوارية فالمحصلة واحدة فى النهاية وهو تدمير كل ماهو جميل فى الداخل الإنسانى ليحل مكانه حالة من القبح والبشاعة ونفوس متحفزة نابذة ..لا يجب أن نهمل المشاعر الإنسانية الجميلة فى تطور الإنسان ورقيه , فالإنسان هو الكائن الوحيد الذى لا يحتاج للخبز فقط .

لا تسأل لماذا نحن شعوب متخلفة وغير حضارية ومُنتهكة , فالذى يقتل كل ماهو إنسانى وجميل فى داخله معتقداً أنه بالخبز والشرنقة وحدهما يحيا الإنسان نافياً الجمال والخير والحب فلا تأمل منه شيئاً .. المصيبة اننا لا ننتج حتى خبزنا بل نبدع فى إنتاج شرانق حديدية تمنحنا كل القبح والبشاعة .

دمتم بخير .
- "من كل حسب طاقته لكل حسب حاجته " حلم الإنسانية القادم فى عالم متحرر من الأنانية والظلم والجشع .



:: توقيعي ::: ( ذهبت إلى الغار .. غار حراء .. غار محمد وإلهه وملاكه .. إلى الغار العابس اليابس البائس اليائس ، ذهبت إليه استجابة للأوامر .
دخلت الغار ، دخلته .. صدمت .. ذهلت .. فجعت .. خجلت ، خجلت من نفسي وقومي وديني وتاريخي وإلهي ونبيي ومن قراءاتي ومحفوظاتي ..!
أهذ هو الغار.. غار حراء .. هو الذي لجأ واختبأ فيه الإله كل التاريخ !
  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدليلية (Tags)
لماذا, ماهو, يهدم, يعادون, وودود


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
اسلوب عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
ماهو المنطقي والخيالي msken حول الحِوارات الفلسفية ✎ 12 10-01-2017 02:36 AM
مشكلة الشر ووجود الله...كتاب جديد للباحث د. سامي عامري كرم شومان ساحة الكتب 8 06-06-2017 06:04 PM
اذا كان الله مطلق القدرة لماذا يلجأ لقوانين الفيزياء المادية leben العقيدة الاسلامية ☪ 7 03-26-2017 07:39 PM
ماهو اللامكان ؟ امير الملحدين حول المادّة و الطبيعة ✾ 6 12-03-2015 12:44 PM
ماهو الإيمان وماهو الإحسان المعلوي العقيدة الاسلامية ☪ 3 02-17-2015 07:59 PM