شبكة الإلحاد العربيُ  

العودة   شبكة الإلحاد العربيُ > ملتقيات الفنون و الآداب > ساحة الشعر و الأدب المكتوب

إضافة رد
 
أدوات الموضوع اسلوب عرض الموضوع
قديم 06-14-2015, 04:22 AM شاهين غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [1]
شاهين
الأُدُباءْ
الصورة الرمزية شاهين
 

شاهين is on a distinguished road
افتراضي مختارات قصصية ! محمود شاهين !

شوربة عدس سبع نجوم !
قصة محمود شاهين
بعد آن ضاق الحال وتقطعت الأوصال وتحطمت الآمال في إيجاد سوق لبيع لوحة أو نشر مقال ،قررت أنا "عباس بن مثقال" أن أتقشف من الرأس لموضع الخلخال ، حتى أبعد شبح فوهة المسدس عن رأسي الكامن على زلزال ! وأن لا آكل إلا البصل والعدس ومسلوق الحنطة ، وأقاطع أكل اللحوم ما عدا الطحال ، حين تتحسن الاحوال ، وأن أمتنع عن شرب الخمروعصيرالبرتقال، وتدخين سجايرمنال،وأتوقف عن تناول القهوة والعسل والإكتفاء بعصير البصل !ونسيان المكسرات من فستق حلبي وجوز ولوز وكاجو وبندق وصنوبر، إلى أن يفرجها من إليه المآل خالق الإنس والجان والبغال ، ومكسب عباده في الحروب الأنفال ..
فهممت من وقتي إلى المطبخ وأنا أجاهد لأن أمنع عقلي في الموت والقتل في بلاد العرب يسرح ، وأحضرت العدس المجروش الذي ذكرني بأكل الحبوس ، ووضعت نصف طنجرة ماء على وقع ثغاء ، لا أدري من أين جاء ! أضفت العدس إلى الماء ووضعته على نار حمراء .
رحت أبحث عن البصل .. فالعدس يحب البصل كما تحب الحبلى العسل كما أو حى لي شيطاني " ناموس المنحوس ".. ما وجدت إلا بصلتين فهتفت يا غراب البين ! هاتان لا تكفيان ،وإذا بشيطاني" ناموس المنحوس" يهتف في دخيلتي كجاسوس: هناك في زاوية رف المطبخ كيس مليان بالبصل النفيس ! قلت ولك عم تحكي عن جد ؟ قال مد ايدك وشوف . مددت يدي وفتحت الكيس وإذ به بالبصل يهيص ! شكرت مثيلي ناموس المنحوس الشيطان وتعوذت من الإنس والجان ،وفرمت ستة رؤوس بصل فحول على أصول الأصول ، وأضفتها إلى طنجرة العدس المبشور ، الذي كان يفور ويخرج زبدا أبيض على طول ! فأوطأت النار ورحت أبحث عن الثوم الصيني المستورد وأنا لمحبته مستعبد ، فأخذت رأسا بل رأسين وإذا بناموس يهتف خذ ثلاثة رؤوس بل أربعة فالعدس يحب الثوم كما تحب الحبلى الطعن في النوم !! تعجبت من فقه شيطاني ،وافقته على رأيه وقطعت رؤوس الكتل من عقب ورأس وفرطتها ووضعتها في ماء مغلي ليسهل تخليصها من القشور ،وما أن بردت قليلا حتى فركتها في الماء وخلصتها من القشور وفرمتها وأضفتها إلى الطنجرة البتول !! وهممت لأضيف إليها بهارات وزيت وإذا بناموس يهمس لي : يا حبيبي عندك لحمة مفرومة في البراد أضف قطعة منها لتعطيها نكهة لحمية ، العدس يحب اللحمة كما تحب الحبلى الوحمة ! همست :حسبي الله عليك هل سنطبخ شوربة عدس أم شوربة لحمه ؟ ثم ألم تذكرني إلا الآن كان يجب أن نضعها من البداية : هتف المنحوس ناموس قال : هاي لحمة مفرومة وتستوي بسرعة معلومة ، قلت : لكنها مثلجة وفي البراد مجمدة ،ولن ينفع معها سكين . قال اغسلها بالماء الساخن واكشطها بسكين منشاريمشي معك الحال . حسبي الله عليك إذا ما رايح تجنني يامنحوس . قال بدنا نتقشف ،والله طالما أنت راكبني ما رايح أتقشف ولا أتنشف ! قال ولا يهمك رايح أغويلك الرئيس عباس وأذكره بأيام فقرك في دمشق يا ابن الناس وأنت تعمل معه في مكتب الدراسات وأذكره بالأيام الرايحات والجايات والإفلاس ، وأحنن قلبه عليك وأجعله بحفنة دولارات يفديك ويزيد الراتب من 300 دولار إلى ألف وخمسمية ، لتأكل خراف وفراريج محشية !! والله ما انت شاطر غير عليه أنا ، كنت من زمان إعملها .. صار لي ثلث سنين بطاحش ! وما ظل غير أرتكب الإثم والفواحش ! أو أروح إلى البرية أطاحش بلكي ألاقي قطيع أرعاه وأغمس غدائي بخبز مع حليب أرضعه من ضرع الشاة ، وفي الربيع أجلس إلى جانب نبتة زعتر وأخرج رغيف الخبز من جيبي الأيمن ورأس البصل من جيبي الأيسر ،أدق رأس البصل بقبضة يدي على الصخرة ، لأفلخه فلخ وأشلخه شلخ ، وأقطف من نبتة الزعتر خصلة أضعها في لقمة مع شقفة بصل، لآكل أكلة رعيان على مهل وأتنسم هواء نقي في الجبل والسهل كما كنت افعل في طفولتي في جبال القدس الشرقية .. أكلة ولا الخراف المحشية والكسكسي المغربية !
فتحت البراد . أخذت قطعة اللحم المفروم . غسلتها بماء ساخن ،وبشرت منها بصعوبة في طاجن،ما يقرب من وقية لحمة حبوبة،أضفتها إلى الشوربة . وتابع ناموس المنحوس صولاته وجولاته في إغوائي وتحويل طبخة شوربة العدس إلى شوربة سبع نجوم كما سبق وأن جعلني أحول طبخة المجدرة إلى طبخة برجوازية من خمس نجوم ! فأشار علي بالفلفل الأخضر الحار والبقدونس مدعيا أن العدس يحب الفلفل والبقدونس تماما كما تحبهما الحبلى والمومس ! هتفت يخرب بيتك شو عرفك ؟ قال إذا لم أعرف أنا فمن يعرف ؟ فأخرجت الفلفل والبقدونس وفرمتهما وأضفتهما . سألت ناموسي المنحوس إن كان قد بقي شيئا . قال :هناك مغلفان يحويان شوربة ماجي بالخضار في خزانة المونة أضفهما إلى الطبخة طالما أنك اعتزلت العشاء ما عدا الخضار لتتلافى التكرش ! فالعدس يحب الماجي كما تحب الحبلى الكباجي !! صرخت به دون أن أعرف ما هي الكباجي : ولك إلهي يوديك في داهية ،ما رايح تخلي في البيت إشي .
المشكلة أنني رغم غضبي منه لا أرفض ما يوحي إلي به أو يرغمني عليه .. فتحت مغلفي ماجي بالخضار وأضفتهما . قال أضف قليلا من الشعيرية . أضفت . قال أضف مربعي مسحوق ماجي أيضا للنكهة . أضفت . قال أضف زيت دوار الشمس. أضفت . قال أضف قطعة زبدة . أضفت وأنا أكاد أنفجرمن الغضب . قال أضف قليلا من زيت الزيتون . وهنا انفجرت صارخا وأنا أطبق بقبضتي يدي على رأسي " ولك حل عني جننتني جننتني ! قال : هدي أعصابك ، العدس بحب الزيت قد الحبلى ما بتحب الني..!! يخرب بيتك من وين جبتها هاي ؟ وشو عرفك أن الحبلى تحب الني.. ؟! قال أنا أدرى منك في هالمسائل لأني شيطان مش مثلك بعدك إنسان .. رد عليه وما تزعلني منك! طيب شو ظل ؟ شوف فيه حليب في البراد ؟ حليب ؟ أيه حليب ! قلت فيه ! قال فرغ لك علبة فوق الطبخة . أخرجت علبة حليب وأفرغتها فوق الطبخة ..قلت وغيره . قال حط ملح . حطيت . حط فلفل أحمر . حطيت . بهارات مشكلة . حطيت . قرنفل . قرتفل ؟! آه قرنفل ! حطيت . هيل إ هيل ولك هيه قهوة ؟! بقلك حط . حطيت .. جوزة الطيب . حطيت . قرفة ! قرفة ؟! أيه ! حطيت . نعنع ! لك نعنع مع العدس .! شو انته جنيت ! بقلك حط . حطيت . زنجبيل ! لأ هون وبس ما رايح أحط زنجبيل . يا حبيبي العدس بيحب الزنجبيل قد الحبلى ما بتحب .... الفيل ! الله يغضب عليك يا شيخ هلكتني بحب العدس والحبالى وغيره ..
قال: بعدين الزنجبيل بنشط خليه يصحصح معك !! ولك على شو بدي أنشطه عالحيطان ؟! وكل هلي خليتني أحطه ما رايح ينشطه ؟!قال : انته معند وميبس راسك كل يوم بطلع لك إحداهن أو إحداهنهم!! قلت شو احداهنهم هذا ؟! ما رد عليه واكتفى بهزة رأسه .. .. وهي حطيت زنجبيل انبسطت ؟... يعطيك العافية ! هلا فيك تقول أنه بفضلي طبخت شوربة عدس سبع نجوم !
" وهلا خلصنا " ؟
" طلع لك شقفة سمك فيليه من البراد "!
" أيه ! وإن شاء الله بدك أفرمها وأضيفها للعدس ؟! "
" لا شو شايفني هالقد متشيطن حتى أعملها؟ "
" كل هالشيطنة ،وبعدك ما متشيطن ؟1 "
" هاي الثلج يذوب عنها بسرعة . اقليها بقليل من الزبدة في المقلى وكلها إلى جانب العدس "
ولم أستطع مقاومة رغبات شيطاني ناموس المنحوس . أخرجت شقفة فليه ونظفتها بسرعة وبهرتها .. وقليتها على نار هادئة . حين ذقت العدس كان خرافيا بالفعل وبعد أن كنت أعتبره عدسا خمس نجوم فقط اعتبرته سبعا !
وضعنا المائدة وجلسنا لنأكل . هتف ناموس :
" ألن نعزم أحدا ليأكل معنا ؟ "
قلت " من تقصد ؟ "
قال " الله لعله يغفر لي عدم سجودي لآدم "
صرخت : ناموس ! كفى !!
********
17-4- 2015



  رد مع اقتباس
قديم 06-20-2015, 09:29 PM شاهين غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [2]
شاهين
الأُدُباءْ
الصورة الرمزية شاهين
 

شاهين is on a distinguished road
افتراضي

عشاء قط متسول !!
خرجت هذا المساء لأبتاع خمرا ، وحين عدت نازلا درج البناء الذي أسكنه إلى الطابق السفلي حيث أقيم ، واجهني عبر الظلام قط متوسط الحجم يصعد الدرج .. أبطأت سيري كي لا أخيف القط في صعوده وهو لم يكن صعودا إلا تخوفا وهربا مني . لكنه فوجىء بي أتمهل وأهتف : لا تخف ! تجاوزني القط بما لا يزيد على درجة أو درجتين . توقف وماء . التفت لأقول له : شو ؟ ماء مرة ثانية أشعرتني أن لديه مشكلة ما ،وتابعت سيري نزولا دون أن أفكر في مشكلته.. فوجئت به يتبعني . توقفت والتفت إليه لأهتف : لك حبيبيي ليش لحقتني روح . توقف وماء مواء لا يخلو من حزن . وحين أشرت له بيدي أن ينصرف ، ماء لمرة واحدة واستدار ببطء وسار في الإتجاه المعاكس على مهل. تابعت سيري .. فوجئت به يتبعني .. أشرت إليه أن ينصرف ففعل كما في المرة الأولى .. وأسرعت إلى الدخول من باب البناء لأطبقه خلفي حتى لا يتبعني .. ونزلت .. فتحت باب بيتي وأطبقته وقبل أن أغلقه بالمفتاح من الداخل . سمعت مواءه . ظننت أنه يموء في مدخل البناء بصوت عال . ففتحت الباب لأتأكد وإذ به يقف خلفه ويموء بتوسل .. لا أعرف كيف دخل ربما دفع الباب بجسده وفتحه . ورغم أنني أدركت أنه جائع جدا ولم يجد أحدا غيري يثق به ويتوسل إليه ، إلا أنني نهرته بلطف وأطبقت الباب وأغلقته بالمفتاح .
وضعت الخمور ودخلت إلى المطبخ لأعمل شايا .. لم أستطع أن أنسى القط . وثمة شعور بالذنب نزل على رأسي لم أستطع تلافيه . فكرت ماذا لدي في البراد . كان هناك بيض وأجبان ومرتديلا وفواكه وطبخة سبانخ وأرز . لم يكن هناك زبدة فقد نفدت ونسيت أن أشتري وإلا لدهنت له قطعة خبز بالزبدة . أخذت طبق كرتون ، وضعت عليه شريحة خبز، وضعت عليها قطعتي جبن أصفر وثلاث قطع جبن أبيض وقطعا صغيرة من المرتديلا.. أدركت أن هذه وجبة جيدة لقط .
خرجت من البيت . لم أجد القط . ناديت " لك وينك وين رحت "؟ ناديت مرة ثانية بصوت أعلى .. جاءني مواءه من فوق طابقين علويين .. يبدو أنه صعد يموء خلف الأبواب متسولا عشاء ما .. ناديت : تعال . سمعت مواءه نازلا الدرج نحوي .. وحين بلغني وهو يرفع رأسه نحو الطبق الذي بيدي .. أشرت إليه أن يتبعني إلى خارج البناء .. تبعني . وضعت له الطبق . هجم عليه بسرعة . تشممه وشرع يأكل بشراهة .. عدت إلى البيت . استلقيت على أريكة مرتاح الضمير وأنا آمل أن لا يترقب هذا القط خروجي وقدومي بعد اليوم ليتعلق بي ويحاول أن يتبعني أينما ذهبت كما حدث مع قطة دمشق . وهذه قصة أخرى ذكرتها في كتابي " رسائل حب إلى ميلينا " ضمن قصة " موتي وقط لوسيان "
م. ش . 6/3/015



  رد مع اقتباس
قديم 06-20-2015, 09:35 PM شاهين غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [3]
شاهين
الأُدُباءْ
الصورة الرمزية شاهين
 

شاهين is on a distinguished road
افتراضي

نار البراءة . قصة في خمسة فصول . تدور أحداثها في مجتمع عشائري .
موضوعها جنسي!

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=439738



  رد مع اقتباس
قديم 06-20-2015, 09:53 PM وائل غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [4]
وائل
عضو ذهبي
 

وائل is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شاهين مشاهدة المشاركة
نار البراءة . قصة في خمسة فصول . تدور أحداثها في مجتمع عشائري .
موضوعها جنسي!
ممتاز!

باركتك الطاقة



  رد مع اقتباس
قديم 06-21-2015, 11:40 PM شاهين غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [5]
شاهين
الأُدُباءْ
الصورة الرمزية شاهين
 

شاهين is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة وائل مشاهدة المشاركة
ممتاز!

باركتك الطاقة
تشكر عزيزي وائل



  رد مع اقتباس
قديم 06-25-2015, 01:33 AM شاهين غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [6]
شاهين
الأُدُباءْ
الصورة الرمزية شاهين
 

شاهين is on a distinguished road
افتراضي

ملاحظة : حين تدخلون على قصة لي منشورة في الحوار المتمدن . بالضغط على اسمي بالأزرق أول الصفحة تذهبون إلى موقعي هناك . وبالضغط على كتب ومؤلفات أسفل الصفحة تذهبون إلى كتبي , المواضيع يمكن تتبعها عبر الصفحات . الصفحة التالية فالتالية ألخ



  رد مع اقتباس
قديم 07-05-2015, 04:41 AM شاهين غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [7]
شاهين
الأُدُباءْ
الصورة الرمزية شاهين
 

شاهين is on a distinguished road
افتراضي

أهلا بكم في دمشق!
حين أدرك أن العوز قد ينقض عليه مشرعا أنيابه المخيفة
بعد أن غادر دمشق هربا إلى عمان ، أخذ بعض لوحاته
ووقف بها أمام المدرج الروماني لعله يبيع شيئا .
اقترب سائح منه ليلقي نظرة على اللوحات .. هتف مرحبا به بالإنكليزية
كما اعتاد أن يرحب بالسياح في معرضه في دمشق : ( أهلا بكم في دمشق )!!
فوجىء بالسائح يتوقف ويحدجه بدهشة مريبة ثم ينصرف متابعا طريقه بسرعه !
شعر أن السائح ارتاب منه فهرب . ( لكن لماذا ؟!)
جاءت سائحة أخرى . رحب بها ( ولكم إن دمسكس ) !! فوجيء بالسائحة تفتح فمها وتهتف بدهشة وهي تبتعد متسائلة ( إن دمسكس ) ؟!
( اوه ) وأدرك لحظتها السر في ريبة ودهشة السياح ..
أمضى قرابة ساعتين دون أن يبيع شيئا .. أعاد اللوحات إلى حقيبتها . وانصرف يجر شيخوخته وثقل أحزانه ولوحاته ، بخطى متهالكة ، وصوت يصرخ في دخيلته ( متى تدرك أنك مشرد في عمان ولم تعد في دمشق ، متى ؟!)

_________________



  رد مع اقتباس
قديم 07-05-2015, 04:46 AM شاهين غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [8]
شاهين
الأُدُباءْ
الصورة الرمزية شاهين
 

شاهين is on a distinguished road
افتراضي

أشرع الكلام سيوفه أمامي ومن خلفي وإلى جانبي ، ليحاصرني تماما ، طالبا إلي أن أكتب بعد أن سجنته في دخيلتي قرابة سبعة عشر عاما ، متمردا على كل كلام يخطر بمخيلتي أن تبوح به ، شعرا كان أم قصة أم رواية ،متتبعا أهواء اللون الذي سحرني بالعوالم التي قادني إليها . .
أدركت أن لا مفر هذه المرة ، فستنقض سيوف الكلام علي لتمزقني إربا إن لم أذعن . هتفت :
- حسنا أيها الكلام .. سأكتب ، لكن ابعد سيوفك عني فجسدي النحيل لن يحتمل كل هذه السيوف ؟
وأبعد الكلام سيوفه حين أدرك أنني سأكتب حقيقة لا قولا !
وهكذا قررت أن أبدأ سلسلة قصصية تحمل عنوان أبناء ألله .

أبناء ألله (1 ) صالحة والدكتور نبيل !

حين دخلت صالحة إلى المستشفى لإجراء عملية قلب مفتوح لم تعرف كيف يمكن أن
تتدبر ثمن العملية الباهظ ، وهي أمام خيارين لا ثالث لهما ، إما إجراء العملية وإما الموت .
وكل ما تملكه لا يكفي حتى لسداد عشر الأجرة .
أوكلت أمرها إلى ألله .
دخلت إلى غرفة العمليات وبدأ أطباء التخدير عملهم فيما شرعت الممرضات بوضع كمامات على الأنف والفم للتنفس .. وما أن أصبحت .شبه جاهزة لإجراء العملية حتى دخل طاقم الأطباء .. يقوده شاب في أواسط الثلاثينيات من عمره .
نظر الشاب إلى وجهها ثم خاطبها ليتأكد من أن التخدير قد أخذ مفعولة :
- كيفك يا خالة ؟
وأسبلت جفنيها لتشير إلى أنها ما تزال تسمعه .
أحس الطبيب أن هاتين العينين قد مرتا عليه في حياته ، وحاول أن يتذكرأ ين رآهما
ومتى وكيف ؟ دون جدوى ، فقد كان عقله منصبا على إجراء العملية بنجاح .
- كوني مطمئنة ياخالة فأنت بمثابة أمي ، وسأجري العملية لك وكأنني أجريها لأمي .
وبالكاد حتى حركت جفنيها .
شرع الطبيب في إجراء العملية بمساعدة كادره الطبي . استمرإجراء العملية تسع ساعات وكانت ناجحة تماما . لكن لا بد من التأكد وهذا لن يتم دون مرور يومين على الأقل .
بعد يومين جاء الطبيب لمعايدتها . كانوا قد رفعوا لها الكمامات .. وبدت وهي في حال جيدة في السرير .
- الحمد لله على سلامتك خاله ..
- ألله يسلمك يا بني .
- كيف حاسة ؟
- أحس أنني بخير. أشكرك يا بني .
- هذا واجبي يا خالتي ، فلا شكر على واجب ، وسعادتي هي أن أراك تعودين إلى الحياة بقلب سليم .
- يكثر أمثالك يا بني .
وفيما كان يتأمل وجهها أدرك تماما أنه عرف ماضي هذا الوجه يوما ما . لكن كيف وأين ومتى ؟ لا يذكر .
غير أن ما تأ كد منه ، أن لهذا الوجه دورا ما في حياته ، وما أكثر الوجوه التي لعبت دورا في حياته ، والتي عطفت عليه في طفولته ، حين كان مشردا بعد أن فقد أبويه في مجزرة دير ياسين في فلسطين عام 1948.
كان يبيع العلكة في شوارع دمشق بعد أن لجأ إليها مع آلاف الفلسطينيين . في الصباح يذهب إلى مدرسة وكالة الغوث وفي المساء والعطل يبيع العلكة ليعيل نفسه وأخته .
وفجأة حدق الطبيب إلى وجه المرأة وهو يتساءل في نفسه : هل يعقل أن تكون هذه هي المرأة التي ابتاعت لي ساندوتش فلافل وآوتني إلى بيتها وحممتني وأعطتني مصروف جيب وأرسلتني إلى رجل صالح ميسور ليساعدني على إكمال تعليمي . رباه هل يعقل أن تكون هذه هي المرأة التي لولا فضلها علي لما كنت طبيبا الآن ؟! لم أبع ولا قطعة علكة ذلك اليوم ، وكدت أموت من الجوع . وما كنت أملكه أعطيته لأختي لتشتري لنفسها شيئا حين تجوع ، إذا لم تتمكن من بيع شييء من العلكة هي الأخرى . كنت جالسا أبكي على الرصيف حين جاءت امرأة وراحت تربت على ظهري ثم قادتني إلى مطعم فلافل وابتاعت لي ساندويتش فلافل ، ثم اصطحبتني إلى بيتها وحممتني كابن لها . وحين عرفت أنني فلسطيني ولا أحد لدي . أعطتني مصروف جيب
واصطحبتني إلى أبي حسن الذي ساعدني أنا وأختي بقدر ما يستطيع إلى أن أصبحنا قادرين على العمل ومتابعة الدراسة إلى أن أنهينا دراستنا العليا , ورحل أبي حسن رحمه الله عن الدنيا منذ زمن ، دون أن يترك خلفه أي شيئ على الإطلاق .. فكل ما كان يملكه تقدم به لأعمال الخير .
لم يتمكن الدكتور نبيل من الجزم بالأمر ، ثم إن المرأة لم تبد ما يشير إلى أن وجهه يذكرها بشيئ . لكنه قرر أن يبقيها في المستشفى إلى أن تشفى تماما . وكانت المرأة تفكر بالفاتورة الباهظة وكيف تتدبر أمرها ، وهل سيسمحون لها بمغادرة المستشفى قبل دفع الفاتورة ؟ وكلما حاولت أن تقصر أيام بقائها في المستشفى ، كانوا يقولون لها أن الطبيب لم يسمح بمغادرتها بعد . إلى أن مضى شهر ، زارها الدكتور نبيل وسألها عن صحتها فأجابت أنها في أحسن حال . وسمح لها بالخروج .
ترددت قليلا قبل أن تنصرف ، أحست أن شيئا ما يدفعها لأن تبقي يدها في يده ، لكنها لا تعرف ما هو .
ثم هناك فاتورة المستشفى الباهظة ، هل تسأله أن يكفلها إلى أن تجمع مبلغ الفاتورة كله ؟ لم تجد لديها الجرأة للكلام . هتفت ومشاعر أمومة تجتاحها تجاهه ؟
- عاجزة عن شكرك يا ولدي . إلهي يحفظ شبابك ويبقيك لمحبيك ؟
- العفو يا خالة هذا واجبي.
وأطلقت يده . وانصرفت إلى إدارة المستشفى لتبحث أمر الفاتورة وكيفية دفعها .
جلست على كرسي في الإدارة فيما فتاة تقوم بنسخ الفاتورة على جهاز كومبيوتر .
وما لبثت الفتاة أن طبعت ورقة وناولتها لها . أخذتها المرأة بيدها . رفعتها أمام وجهها لضعف في بصرها .
ثمة ما يبدو رسالة وليس فاتورة حساب .
- نظرت إلى الفتاة متسائلة وهي تمد بالورقة نحوها دون أن تقرأ ما فيها :
- هذه تبدو رسالة يا آنسة وليست فاتورة حساب .
- أيه اقرأيها يا خالة .
وأعادت المرأة الورقة أمام وجهها لتتأ ملها جيدا وتقرأ::
الحساب مدفوع :
ساندوتش فلافل : وحمام ، ومصروف جيب !
مع أطيب تمنياتي بدوام الصحة والعافية .
الدكتور نبيل الفلسطيني
ظلت في حالة ذهول للحظات وما لبثت أن تذكرت ذاك الطفل الفلسطيني نبيل الذي ابتاعت له ساندويتش فلافل وحممته وأعطته مصروف جيب وعرفته على رجل محسن ميسور الحال .
انزلقت دمعتان على وجهها ونهضت خارجة من الإدارة وهي تهتف : نبيل نبيل حبيبي .
وكان الدكتور نبيل واقفا في الخارج ينتظر ليتأكد من أنها المرأة التي توقعها أم لا .
تلقاها بأحضانه وهو يهتف : فرقتنا الأيام يا أماه ولم أعرف كيف ألقاك .
محمود شاهين 14-9-011



  رد مع اقتباس
قديم 07-05-2015, 04:51 AM شاهين غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [9]
شاهين
الأُدُباءْ
الصورة الرمزية شاهين
 

شاهين is on a distinguished road
افتراضي

لقاء الحبيب
نهضت مبكرا لتذهب للقائه .. استحمت . سرحت تسريحة الشعر التي كان يحبها بأن أطلقت شعرها لينسدل على ظهرها وكتفيها .. وضعت القليل من أحمر الشفاه على شفتيها .. كحلت عينيها .. وردت خديها بلمسات من الحمرة .. طلت أظافر يديها وقدميها بالقليل من البنفسجي الذي يعشقه . ارتدت ثيابا محتشمة حسبما يحب أن يراها ، الفستان البنفسجي ( الكلوش ) الذي يعانق قدميها .تركت طوق الفستان مفتوحا ليبدو عنقها وبعض صدرها حسب رغبته ، وارتدت الطوق الذهبي الذي ابتاعه لها في حفل الزفاف والذي يسترسل على صدرها إلى أن يلامس منبع نهديها .وضعت في أصابعها ذبلة الخطوبة وخاتمي الزفاف .. ارتدت الحذاء البنفسجي.. مدت يدها إلى الحقيبة البنفسجية أيضا .
أخرجت زجاجة العطر المضوع بروح الياسمين .. رشت على شعرها وعنقها وصدرها وكتفيها .
خرجت من البيت .. كانت تمطر رهاما .. لم تكترث ، بل أحست أن الرذاذ فأل حسن . قصدت بائع الزهور . ابتاعت باقة من البنفسج والفل والجوري الأحمر . وسارت بخطوات متئدة إلى حيث ستلتقيه وهي تسترجع بعض لقاءاتهما وهو يضم رأسها إلى عنقه ويملس بيده على شعرها ، ويغمرها بحب مفعم بالحنان ، ويهمس إليها : أنت روحي التي تمدني بعشق الحياة يا أمل . فتهمس إليه : حبيبي ، هذه سلطات لا ترحم وأنت تصر على التصدي العنيد لها ، أنا خائفة عليك يا ثائر . فيهمس :لا تخافي يا حبيبتي ! حولونا إلى أرقام ، مجردة من المشاعر والعقول والحقوق ، لا تهتف إلا للقائد الإله ، ولا تفكر إلا حسبما يريد القائد الإله ، فإلى متى سنصبر على كل هذا الذل والهوان ؟!
توقف الرهام .اجتازت بوابة السور الذي يلف المكان . أحست برهبة هائلة اجتاحت جسدها من رأسها حتى أخمصي قدميها ، حاولت تجاوز الحالة بأن رسمت ابتسامة طفيفة على شفتيها لتبدد السكون الذي راح يلف وجهها ، والذي قد لا يبهج ثائر .
أبطأت من خطوها وهي تقترب من جدثه . كانوا قد اعتقلوه ليلة الزفاف ، وسلموه
جثة هامدة بعد قرابة شهر مدعين أنه مات بالسكتة القلبية ، لكن آثار التعذيب على جسده كشفت كذبهم وساديتهم .
وقفت إلى جانب الجدث . جثت على ركبتيها عند رأسه ، وضعت باقة الورد
بهدوء . ملست بيديها على التراب الرطب . أبت دمعتان إلا أن تنزلقا على وجنتيها لتعانقا ابتسامتها الطفيفة ، فيما كان عطرها الياسميني يتضوع في أرجاء المقبرة .

_________________



  رد مع اقتباس
قديم 07-05-2015, 04:56 AM شاهين غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [10]
شاهين
الأُدُباءْ
الصورة الرمزية شاهين
 

شاهين is on a distinguished road
افتراضي

هذه العاهرة!
لكثرة ما أشتاق إلى عناقها قررت أن أبقيها بعيدة عني في غرفة النوم ، حين أكون جالسا في الصالون أو في المكتبة أمام الكومبيوتر ، حتى أريح نفسي من وصالها لبعض الوقت ، نظرا لبعده القاتل الذي قد يودي بحتفي .
.طلقتها مرات كثيرة لكن ولعي بها كان يدفعني دائما لأن أعيدها إلى رحاب بيتي .
هذا الصباح وصلتها ثلاث مرات بحرارة شديدة إلى أن ملأ رحيقها جوانحي . كنت في كل وصال أمتص شفتها مرات عدة فيما هي تفعل المثل .
تجتاحني الرغبة إليها على غفلة ، لأجد نفسي أنظر نحو يميني تارة ونحو يساري تارة ، بحثا عنها ، وحين أتذكر أنني أرغمتها على البقاء في غرفة النوم ، أقتل الرغبة فيها وأعود لمزاولة عملي متجاهلا شبقي الجارف نحوها .
لا أعمل لأكثر من دقائق لأجد نفسي ناهضا دون أن أعرف لماذا . أمسح بيدي على فخذي
ثم على رأسي في محاولة للتذكر . أوه ! إنها هي العاهرة ! حتى في لا وعيي تلاحقني .
أعود لأجلس أمام الكومبيوتر ، لأنهي القصة التي أكتبها . حاولت التركيز بشكل جيد علني أنسى عاهرتي التي تناديني لوصالها بين فترة وأخرى دون أن تمل .
استغرقت في الكتابة . نسيتها لبعض الوقت . لكن ما أن أنهيت فقرة رضيت عنها ، حتى رحت أتلمس ما حولي بحثا عنها . أدركت أنني أبقيتها في غرفة النوم . هرعت إليها وشبق جارف يدفعني نحوها . سحبتها من مخدعها .. وأطبقت شفتي على شفتيها ، لكن أين الولاعة ؟ أين وضعت الولاعة ، وصالنا لا يكتمل إلا إذا اشتعل بالنار . آه ها هي .. اشتعلي يا حبيبتي .
فجري كل شبقك ، أعرف أنك ستقتلينني وأدرك أن وصالك شر لا بد منه لي .

_________________



  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدليلية (Tags)
محمود, مختارات, شاهين, قصصية


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
اسلوب عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
حوار هادىء مع محمود شاهين Naofal العقيدة الاسلامية ☪ 0 02-24-2019 03:39 PM
العجوز محمود شاهين شاهين ساحة الفنون و الموسيقى و الأعمال التصويرية 5 05-27-2018 07:30 AM
وزارة الثقافة الفلسطينية تكرم محمود شاهين شاهين ساحة الشعر و الأدب المكتوب 19 10-04-2016 01:56 PM
سلاما أيها الأزرق .عن محمود شاهين شاهين ساحة الفنون و الموسيقى و الأعمال التصويرية 1 04-13-2016 04:53 AM
أبناء الشيطان . رواية . محمود شاهين شاهين ساحة الشعر و الأدب المكتوب 18 07-05-2015 05:44 AM